(الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009)
وعلى الوسيط أن يبذل مساعيه للتوفيق بين طرفي النزاع ، فإذا لم يتمكن كان عليه أن يقدم للطرفين كتابة توصياته ومقترحاته لحل النزاع (المادة 176)
(الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الرابع)
استلزم المشروع أن يرفق بالإخطار الأوراق الخاصة بالنزاع المه وألزم الوسيط أن ينتهي من مهمته خلال المهلة المحدودة له من قبل الجهة الإدارية المختصة.
وعليه في سبيل حل النزاع أن يبذل مساعيه للتقريب بين وجهات نظر طرفي النزاع فإذا لم يوفق في ذلك كان عليه أن يتقدم بالمقترحات التي يراها لحل النزاع في شكل توصيات.
هذا النص مستحدث وليس له مثيل في تشريعات العمل السابقة والوسيط يبذل محاولات للتوفيق tentative de conciliation بين طرفي النزاع وصولاً إلى حل يرتضيانه وهو ما يتطلب منه المواءمة بين وجهات نظرهما والتقريب بينهما في ذلك .
فإذا فشل في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة يقترح الوسيط ما يراه من واقع المستندات والأوراق التي أطلع عليها من واقع المناقشات التي دارت وظروف النزاع في إطار من العدالة والحل الذي يقدمه الوسيط يكون في شكل توصية recommandution puerment morale وهي أدبية بحتة وغير ملزمة وتعتمد على قيمتها الذاتية وتقدم التوصية لطرفي النزاع مكتوبة كما تبلغ الجهة الإدارية المختصة بهذه التوصية من التقرير الذي يعده الوسيط طبقاً لحكم المادة (178) (راجع الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الثالث، صفحة 142)
وجدير بالذكر أن مرحلة الوساطة التي أشارت إليها هذه المواد جاءت بدلاً من النظام الذي كان معمولاً به من قبل وهو اللجوء إلى لجنة تسوية المنازعات المحلية بالمحافظة والتي كانت تشكل برئاسة مدير مديرية القوى العاملة المختص بالمحافظة وعضوية مدير مكتب علاقات العمل وصاحب العمل أو من يمثله ويمثل المنظمة النقابية المختصة وممثلي المحافظ وكان على هذه اللجنة أن تقوم بتسوية النزاع خلال ثلاثة أسابيع من تاريخ تقديم الطلب لها وإلا عليها أن تحيل النزاع خلال الأسبوع الرابع إلى المجلس المركزي لتسوية المنازعات بتقرير مفصل بنتيجة سعيها ونقاط الاتفاق والخلاف مصحوبة بالمستندات فإذا لم يتمكن المجلس المركزي من تسوية النزاع خلال مدة أقصاها ستون يوماً من تاريخ تقديم الطلب للجنة المحلية وجب إحالة النزاع إلى هيئة التحكيم .
وفي تقديري أن النظام الذي كان معمولاً به أفضل من نظام الوساطة للأسباب الآتية :
1- قیام مكتب علاقات العمل المختص بإعداد تقرير واف عن النزاع وأسبابه يعرض على لجنة تسوية المنازعات والتي كانت تهيئ للأطراف المتنازعة حرية الحوار والمناقشة برعاية الحكومة التي تعمل من خلال الحوار على تقرير وجهتي النظر بينهما حتى يتمكن من الاتفاق على أسس التسوية التي تصاغ في اتفاق جماعي ، وينتهي النزاع في هذه الحالة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الطلب إلى اللجنة.
2- وفي حالة تمسك أحد الأطراف بمطالبة وإخفاق اللجنة المحلية كان يحال الموضوع إلى المجلس المركزي لتسوية النزاع الذي عليه خلال مدة أقصاها ستون يوماً من تاريخ تقديم الطلب إلى اللجنة المحلية البت في النزاع ، وإلا يحال النزاع إلى التحكيم في حالة إخفاقه وعليه فكلا النظامين ينتهي في حالة الإخفاق إلى التحكيم .
ولكن النظام الذي كان معمولاً به كان يتيح للحكومة بإعتبارها أحد أطراف العمل وهمها الإستقرار الإجتماعي للحوار مع الأطراف المتنازعة للتقريب بين وجهات نظرهم وكذا ما كانت تنجح في ذلك ، وبالنظر إلى المدد الزمنية التي حددها القانون الملغي والقانون الحالي فكانت 60 يوماً في القانون الملغي حتى يتم الإحالة للتحكيم بينما في القانون الحالي تصل إلى 103 يوم - حتى يحال الموضوع إلى التحكيم ، هذا فضلاً عما كان يحققه النظام السابق من حيدة تامة طوال مراحل بحث النزاع ، ومن ثم قد تلاحظ اختزال دور الحكومة كأحد أطراف العمل الثلاثة في هذه المرحلة .
إضافة إلى ما سبق وكان النزاع يتعلق بفريق العمال داخل المنشأة ولم يكن في هذه المنشأة لجنة نقابية وتولت النقابة العامة المفاوضة مع صاحب العمل وانتهت المفاوضة إلى الفشل ، ولكن النقابة العامة لسبب ما تقاعست عن طلبها من الجهة الإدارية تحريك إجراءات الوساطة أو في ختام تقديم تقرير الوساطة تقاعست عن طلبها من الجهة الإدارية إحالة ملف النزاع إلى التحكيم .. فهل يحرم هذا الفريق من العاملين من حق اللجوء للتقاضي للحصول على حقوقهم؟
بكل أسف نقول إن هذا وارد .. حيث قد ترى بعض النقابات العامة أن إحالة النزاع إلى الوسيط أو التحكيم قد يضر بمصالح القائمين عليها مع السلطات المختصة وكان يجب أن يتضمن التشريع آلية تعطي الحق لمن ينوب عن هذا الفريق بوكالة قانونية حق مخاطبة الجهة الإدارية لتحريك إجراءات الوساطة أو الإحالة إلى التحكيم ، وأما وأن هذه الآلية التشريعية غير موجودة فلا يمكن حرمان هذا الفريق من حق دستوري وقانوني وهو (مع عدم الإخلال بحق التقاضي الوارد في المادة 168) ، وعليه يمكن لهذا الفريق اللجوء إلى القضاء شريطة أن يكون فريق العال قد اتبع إجراءات التفاوض ، حيث إن المنظمة النقابية حينها تمارس المفاوضة نيابة عن فريق العمال الذين لا توجد لديهم منظمة نقابية ، فإنها تمارسها کوکيل عن العمال أو فريق منهم ، وإذا تقاعس الوكيل عن أداء دوره في الدفاع عن حقوق العمال ورفض إخطار الجهة الإدارية لتحريك إجراءات الوساطة فإنه يكون قد خرج عن حدود الوكالة القانونية ، ويحق للعاملين الإعتصام بالقضاء بعد إعذار النقابة وصاحب العمل والجهة الإدارية . (راجع الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009، الصفحة 495)