المادة 21 فتتناول بيان قاعدة مستقرة في الفقه والقضاء مؤداها أن البطلان لا يتمسك به إلا من شرع لمصلحته ولا يجوز أن يتمسك به من تسبب فيه ويستوي أن یکون من تسبب في البطلان هو الخصم نفسه أو شخص أخر يعمل بإسمه كما انه لا يشترط أن يكون قد صدر من الخصم غش أو خطأ بل تكفي مجرد الواقعة التي تؤكد نسبة البطلان إلى الخصم أو من يعمل بإسمه. ومن ناحية أخرى فإنه لا يقصد بعبارة من تسبب أن يكون فعل الخصم هو السبب الرئيسي أو السبب الوحيد أو السبب العادي لوجود العيب في الإجراء كما لا يشترط أن يكون هو السبب المباشر .
وقد حرصت المادة ذاتها على استثناء البطلان المتعلق بالنظام العام إذ أن هذا البطلان لا يقتصر التمسك به على من شرع لمصلحته ويجوز التمسك به حتى من الخصم الذي تسبب فيه رعاية للمصلحة العامة التي تعلو أي إعتبار آخر .
1 ـ إذا كانت المادة 21 من قانون المرافعات تنص على أنه ‘‘ لا يجوز أن يتمسك بالبطلان إلا من شرع البطلان لمصلحته ، و لا يجوز التمسك بالبطلان من الخصم الذى تسبب فيه و ذلك كله فيما عدا الحالات التى يتعلق فيها البطلان بالنظام العام ’’ و كان بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب فى الإعلان هو بطلان نسبى مقرر لمصلحة من شرع لحماتيه و ليس متعلقاً بالنظام العام ، فإنه لا يقبل من الطاعنة ما تثيره بشأن إعلان المطعون عليه الثانى بصحيفة الدعوى الإبتدائية أياً كان وجه الرأى فيه .
(الطعن رقم 33 لسنة 43 جلسة 1976/06/02 س 27 ع 1 ص 1266 ق 241)
2 ـلا تجيز الفقرة الأولى من المادة 21 من قانون المرافعات التمسك بالبطلان إلا لمن شرع لمصلحته ، و إذ كان الثابت من محضر جلسة التحقيق أمام محكمة أول درجة أن الطاعن الثانى لم يتمسك بعدم إعلانه بحكم الإحالة للتحقيق . و إنما أبداه غيره ، فإن تحديه بذلك يعتبر سبباً جديداً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
(الطعن رقم 2 لسنة 43 جلسة 1976/03/10 س 27 ع 1 ص 592 ق 118)
3 ـ مفاد الفقرة الثانية من المادة 21 من قانون المرافعات - و على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - أن البطلان لا يجوز أن يتمسك به من تسبب فيه ، و يستوى أن يكون من تسبب فى البطلان هو الخصم نفسه أو شخص آخر بإسمه كما أنه لا يشترط أن يكون قد صدر من الخصم غش أو خطأ ، بل تكفى مجرد الواقعة التى تؤكد نسبة البطلان إلى الخصم أو من يعمل بإسمه ، و كان البين من الأوراق أن المطعون ضدهما أوضحا فى صحيفة افتتاح الدعوى الابتدائية المرفوعة منهما ضد الهيئة الطاعنة و فى ورقة إعادة الإعلان الخاص بهذه الدعوى أنهما يقيمان فى الشارع ... ... ... و لما وجهت الهيئة إليهما الإعلان بصحيفة الاستئناف على هذا العنوان أثبت المحضر المكلف بإجرائه أنهما غير مقيمين به بل إن محل إقامتهما كائن ... ... ... فوجهت إليهما الإعلان بتلك الصحيفة فى هذا العنوان الأخير ، لكن المحضر أثبت فيه أنه لم يستدل عليهما و لا يوجد لهما أى موطن به ، كما أن الهيئة الطاعنة استعانت بضابط الشرطة المختص للتحرى عن محل إقامة المطعون ضدهما فأخطرها بذات بيانات المحضر الواردة فى الإعلان المشار إليهما ، مما أدى إلى إعلانها المطعون ضدهما بصحيفة الاستئناف - المودعة قلم الكتاب بتاريخ 5 من أغسطس سنة 1971 - فى مواجهة النيابة العامة يوم 30 من سبتمبر سنة 1971 ، فدفع المطعون ضدهمان بإعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانهما بصحيفته إعلاناً صحيحاً خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعهما قلم الكتاب ، بمقولة أن محل إقامتهما بمصنع البساتين لتصدر الأثاث التى تلتزم الهيئة بإعلانهما فيه بتلك الصحيفة ، لما كان ذلك ، و كان الحكم المطعون فيه قد قضى بقبول ذلك الدفع و اعتبار الاستئناف كأن لم يكن تأسيساً على بطلان إعلان المطعون ضدهما فى مواجهة النيابة العامة بغير الرد على دفاع الهيئة الطاعنة الذى أبدته أمام المحكمة الاستئنافية بعدم أحقيتها فى التمسك بهذا البطلان بالتطبيق للفقرة الثانية من المادة21 من قانون المرافعات ، حالة أنه دفاع جوهرى قد يتغير به وجه الرأى فى الإستئناف، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور فى التسبيب .
(الطعن رقم 842 لسنة 45 جلسة 1980/05/31 س 31 ع 2 ص 1619 ق 302)
4 ـ عدم جواز التمسك ببطلان الإجراء من الخصم الذى تسبب فيه - وفقاً لنص المادة 21 من قانون المرافعات - قاصر على حالة بطلان الإجراء غير المتعلق بالنظام العام ، أما إذا كان بطلان الإجراء متعلقاً بالنظام العام أو كان الإجراء معدوماً فإنه لا يرتب أثراً و يجوز لهذا الخصم التمسك بإنعدام آثاره فى جميع الأحوال . و لما كان إعلان صحيفة أفتتاح الدعوى الحالية قد وجه إلى إدارة قضايا الحكومة و هى لا تنوب عن الشركة الطاعنة فإن هذا الإعلان يعتبر معدوماً و يكون الحكم الصادر بناء عليه معدوماً هو الآخر .
(الطعن رقم 823 لسنة 47 جلسة 1978/04/24 س 29 ع 1 ص 1088 ق 214)
5 ـ متى كان الأصل فى الإجراءات أن تكون قد روعيت ، فإن محكمة الإستئناف تكون قد تحققت من أن سند الوكالة - الصادر لمحامى الطاعنين الذى مثل بالجلسة بعد إعادة الدعوى للمرافعة - كان صادراً من كل الطاعنين ، و لما كان الطاعنون لم يقدمواً دليلاً على أن هذا التوكيل لم يصدر عنهم . و كان لا مصلحة لهم فى التمسك بالبطلان لعدم إعلان من لم يحضر من المطعون عليهم - بإعادة الدعوى للمرافعة - إذ لا يجوز أن يتملك بالبطلان إلا من شرع البطلان لمصلحته عملاً بما تقضى به المادة 21 من قانون المرافعات ، لما كان ذلك فإن النعى على الحكم بالبطلان يكون فى غير محله.
(الطعن رقم 403 لسنة 40 جلسة 1976/11/23 س 27 ع 2 ص 1627 ق 302)
6 ـ إدعاء المطعون ضده بأن الإخطار بتسليم صورة إعلان صحيفة الإستئناف لجهة الإدارة - باطل لعدم إشتمال الكتاب المسجل على موطنه ، و أنه لم يتسلمه ، و هو ما أثاره بمذكرتة المقدمة رداً على سبب الطعن و تأيد بالشهادتين الصادرتين من هيئة البريد و قلم محضرى المحكمة و المقدمتين لمحكمة النقض ، مردود بأن بطلان إجراءات الإعلان لا يتعلق بالنظام العام فلا يجوز للمطعون ضده أن يتحدى بهذا الدفاع الذى يخالطه واقع لأول مرة أمام محكمة النقض .
(الطعن رقم 504 لسنة 42 جلسة 1979/11/27 س 30 ع 3 ص 68 ق 350)
7 ـ ما هو مقرر من أن المحكمة يجب عليها أن تقضى بالبطلان من تلقاء نفسها فى حالة عدم حضور المطعون عليه يقتضى أن يثبت البطلان للمحكمة من أصل ورقة إعلان الخصم الغائب المقدمة إليها إذ إنه متى كان لا يجوز لغير الخصم أن يتمسك بالبطلان المترتب على وجود عيب فى الصورة المسلمة إليه فإنه لا يصح بالتالى للمحكمة أن تقضى بالبطلان إستناداً إلى وجود عيب فى هذه الصورة خلا منه الأصل المقدم إليها ما دام أن صاحب هذه الصورة لم يحضر ولم يقدمها متمسكاً بالبطلان لهذا السبب .
(الطعن رقم 331 لسنة 30 جلسة 1965/10/26 س 16 ع 3 ص 902 ق 142)
8 ـ إذ كان هدف الشارع من تدخل النيابة فى القضايا الخاصة بالقصر إنما هو رعاية مصلحتهم فإن البطلان المترتب على إغفال كاتب المحكمة إخبار النيابة بهذه القضايا يكون بطلاناً نسبياً مقرراً لمصلحة القصر و من ثم يتعين عليهم التمسك به أمام محكمة الموضوع فإذا فاتهم ذلك فلا يجوز لهم التحدى به أمام محكمة النقض .
(الطعن رقم 310 لسنة 31 جلسة 1967/05/25 س 18 ع 2 ص 1102 ق 165)
9 ـ البطلان المترتب على عدم إعلان أحد الخصوم بمنطوق حكم التحقيق مقرر لمصلحته وله وحده التمسك به .
(الطعن رقم 5 لسنة 33 جلسة 1967/01/05 س 18 ع 1 ص 92 ق 14)
أحكام البطلان
تمهيد : استبعاد فكرة الانعدام :
قبل بيان الأحكام التي يخضع لها بطلان العمل الإجرائي ، يجب أن نحل مسألة أولية هي البحث في تمييز البطلان عما يسمى بالانعدام . ورغم أن فكرة الانعدام لم تعد تجد إقبالاً كبيراً لدى فقهاء القانون المدني حيث نشأت ، فإنها لا تزال تقابل رواجاً لدى كثير من الفقهاء بالنسبة للأعمال الإجرائية . وتقوم الفكرة على أساس أن العمل القانوني لكي يتصف بالصحة أو بالبطلان يجب أن يوجد ، فإذا لم يوجد فإنه لا يمكن منطقياً أن نطلق أحد هذين التكييفين عليه . فالقانون قبل أن يرتب آثاره على عمل ما أو يحرم هذا العمل من إنتاج هذه الآثار يفترض وجوده. ومن هنا وجوب التفرقة بين ما يلزم لوجود العمل ، وما يلزم لانتاج آثاره أي لصحته ، وبالتالى التفرقة بين عدم الوجود والبطلان .
وقد اختلف أنصار فكرة الانعدام حول تحديدها . فقد ذهب البعض إلى أن العمل يعتبر منعدماً إذا تخلف أحد عناصره التي بغيرها لا يتصور وجوده منطقياً ، ولكن الرأي الغالب أن القانون - لا المنطق - هو الذي يحدد عناصر الوجود التي إذا تخلف أحدها يعتبر العمل منعدماً.
ولكن ما الفائدة من تمييز الانعدام عن البطلان ؟ يرى أنصار الفكرة أن هذا التمييز يرتب النتائج التالية :
(أ) الانعدام لا يحتاج إلى نص القانون عليه ، فلا يسرى بالنسبة له مبدأ لا بطلان بغير نص .
(ب) الإنعدام لا يحتاج إلى قرار به من القاضي . فالمنعدم ليس بحاجة إلى من يعدمه .
(ج) لكل ذي مصلحة التمسك بالإنعدام ، وعلى القاضي أن يقرر الإنعدام من تلقاء نفسه .
(د) لا يرد التصحيح على الانعدام . فلا الإرادة ولا مضي المدة ولا تحقيق الغاية يمكن أن يصحح العمل المنعدم .
(هـ) إذا كانت صحيفة الدعوى منعدمة ، فإنها لا تنشىء إلتزاماً على القاضي بنظرها ولو للقضاء ببطلانها ، وإذا أهملها فإنه لا يعتبر منكراً للعدالة ، ويستطيع رافعها أن ينزل عنها دون موافقة المدعى عليه . ويمكن له - ولو قبل النزول عنها - رفع نفس الدعوى أمام نفس المحكمة أو أمام محكمة أخرى.
وقد لاقت فكرة الإنعدام تأييداً لها في كثير من أحكام القضاء في كل من فرنسا وإيطاليا . ورغم هذا التأييد الذي لقيته فكرة الإنعدام ، فإننا، وإن كنا نسلم بمعظم النتائج المترتبة عليها ، إلا أننا لا نوافق عليها من الناحية الفنية ، وذلك لما يلى :
(أ) إن القانون ينظم البطلان . ويقصد بالعمل الباطل العمل الذي لا تتوافر فيه المقتضيات التي يتطلبها القانون في عمل معين مما يؤدي إلى عدم إنتاج آثاره القانونية . ولا يمكن أن يقصد بالانعدام غير هذا.
(ب) من الخطأ الأخذ بفكرة الانعدام المنطقى ، ذلك أن العمل الذي خالف نموذجه القانوني يعتبر باطلاً . والنموذج القانوني يحدده القانون لا المنطق.
والقول بالانعدام جزاء مخالفة المنطق يؤدي إلى حلول شخصية ، إذ المنطق يختلف من شخص إلى آخر .
(جـ) كما أن من الخطأ الكلام عن إنعدام قانوني مختلف عن البطلان . والمشكلة هي وضع فارق واضح بين الفكرتين وهو ما لم ينجح فيه الفقه حتى الآن.
(د) وأخيراً فهي فكرة غير مفيدة . والنتائج التي يرتبها أنصارها عليها بعضها محل شك ، وبعضها الآخر يمكن أن يترتب على فكرة البطلان : فمن ناحية ، يجب التقرير القضائي دائماً . وإذا كانت هناك حالات لا يلجأ فيها إلى المحكمة فلأن الحاجة العملية لا تتطلب الإلتجاء إليها لظهور عيب العمل إلى درجة عدم منازعة أحد في تعيبه . ومن ناحية أخرى ، فإن باقي النتائج يمكن ترتيبها على فكرة البطلان . فيمكن القول أن هناك بطلاناً يقبل التصحيح بواقعة معينة وبطلاناً لا يقبل التصحيح بهذه الواقعة . فليس هناك أي مبرر فني للقول بالإنعدام لنصل إلى هذه النتائج .
أنواع البطلان :
ينقسم بطلان العمل الإجرائي أساساً - وفقاً للقانون المصرى - إلى بطلان متعلق بالنظام العام وبطلان متعلق بالمصلحة الخاصة (أنظر المادتين 21 ، 22 من قانون المرافعات) . فالبطلان المقرر جزاءاً لمخالفة قاعدة من القواعد التي تتعلق بالنظام العام يتميز بخصائص تختلف عن خصائص البطلان المقرر جزاءاً لمخالفة قاعدة لا تتعلق بهذا النظام .
وتعبر فكرة النظام العام عن ضرورة حماية المصلحة العليا للمجتمع . ولما كانت القواعد الأساسية في مجتمع ما متغيرة ، فمن المقرر أن تحديد ما يتصل مباشرة بالنظام العام يخرج عن نطاق المشرع الذي يجب أن تتوافر في قواعده الثبات ، ليدخل في نشاط القاضي . ولهذا لم يحاول أي مشرع أن يحدد مقدماً الحالات التي يعتبر فيها البطلان متعلق بالنظام العام . وحتى في الحالات التي ينص فيها القانون على البطلان ، فقد يتعلق ببطلان يتعلق بالمصلحة الخاصة. على أن القانون قد نص في بعض الحالات على تعلق البطلان بالنظام العام . وهو يفعل هذا عادة بالنص على أن على القاضي أن يحكم بالبطلان من تلقاء نفسه . وقد يشير على العكس إلى أن البطلان لا يتعلق بالنظام العام ، وذلك بالنص على أن البطلان يزول بنزول من له التمسك به ، فإذا لم يوجد نص تشریعی ، ترك الأمر للقاضي . وعلى القاضي أن يضع نصب عينيه نوع المصلحة التي يرمي المشرع إلى حمايتها بالقاعدة المخالفة.
ويمكن القول أن قواعد التنظيم القضائي تتعلق بالنظام العام ، إذ هي تنظم مرفقاً عاماً من مرافق الدولة هو مرفق القضاء. ولهذا فإن الحكم الذي يصدر من محكمة مشكلة تشكيلاً غير صحيح أو من شخص ليس لديه ولاية القضاء يكون باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام . كذلك إذا صدر حكم من قاض في حالة لا يكون فيها صالحاً لنظر الدعوى .
ويعتبر متعلقاً بالنظام العام أيضاً قواعد الأهلية والتمثيل القانوني . ولهذا فإن على القاضي أن يتحقق - من تلقاء نفسه - من توافر أهلية الخصوم وصحة تمثيلهم ، وإذا تبين له نقص أهلية أحد الخصوم أو عدم صحة تمثيله ، فعليه أن يقضي بالبطلان من تلقاء نفسه في أية حالة كانت عليها الخصومة.
ومن البطلان لعيب شكلي أيضاً ما يتعلق بالنظام العام . وفي هذا المجال تبدو الصعوبة في أن نعرف مقدماً ما يتعلق بالنظام العام وما يتعلق بالمصلحة الخاصة . ويمكن القول أن غالبية الأشكال تتعلق برعاية مصلحة خاصة، غير أن التطور الذي أدى إلى اعتبار الخصومة نظاماً من القانون العام أدى إلى إعتبار أشكال كثيرة متعلقة بالنظام العام . فيعتبر متعلقة بالنظام العام جميع الأشكال التي ترمي إلى ضمان حسن سير القضاء . ومثالها وجوب أن تكون الجلسة علنية وأن يصدر الحكم علناً في الجلسة. كذلك يتعلق حق الدفاع بالنظام العام ، ولهذا فإن بطلان العمل الإجرائي يتعلق بالنظام العام إذا كانت مخالفة الشكل من شأنها عدم تمكين الخصم من الدفاع. ومن المواعيد ما يتعلق بالنظام العام وهي المواعيد التي تتصل بالتنظيم العام للخصومة والتي ترمي إلى وضع حد للنزاع . ومثالها مواعيد الطعن في الأحكام.
وإلى جانب تقسيم البطلان إلى بطلان يتعلق بالنظام العام وبطلان يتعلق بالمصلحة الخاصة ، يمكن تقسيم البطلان تقسيمات أخرى ، يفيد كل تقسيم في تطبيق بعض قواعد البطلان . وأهم هذه التقسيمات : 1- بطلان يقبل التصحيح ، وبطلان لا يقبل التصحيح : ويتفرع إلى تقسيمات فرعية حسب الواقعة المصححة . 2- بطلان کلی وبطلان جزئی . وذلك بالنظر إلى آثار البطلان . وسنتعرض إلى كل منهما فيما بعد.
من له التمسك بالبطلان :
1- إذا كان البطلان متعلقاً بالمصلحة الخاصة أي مقرراً كجزاء لمقتضى مقرر لحماية المصلحة الخاصة لشخص أو أشخاص معينين ، فإن لهذا الشخص أو هؤلاء الأشخاص وحدهم التمسك بالبطلان (مادة 21/ 1 مرافعات) . فليس لغيرهم ولا للنيابة العامة التمسك بالبطلان . كما أن القاضي لا يستطيع أن يقضي بالبطلان من تلقاء نفسه . ويرجع لمعرفة من الذي قرر القانون المقتضى المخالف لمصلحته إلى إرادة المشرع . ويتبع فى الكشف عن هذه الإرادة القواعد العامة في التفسير . وتطبيقاً لهذا المبدأ ، حكم بأن بطلان الإجراءات التي تتخذ بعد إنقطاع سير الخصومة قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لمصلحتهم . فليس لغيرهم التمسك به، وأن البطلان المترتب على عدم إعلان أحد الخصوم بمنطوق الحكم بإجراء التحقيق مقرر لمصلحته فله وحده التمسك به، وأنه ليس للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها ببطلان ورقة التكليف بالحضور لعيب في الإعلان ، وأن البطلان المترتب على إعلان الإستئناف في غير موطن المستأنف عليه مقرر لمصلحته فليس لغيره من المستأنفين التمسك به .
وليس لغير من تقرر المقتضي لمصلحته التمسك بهذا البطلان ، ولو كان له مصلحة في الحكم به . وتطبيقاً لهذا حكم بأنه إذا تعدد المطعون ضدهم ، وكان إعلان أحدهم معيباً فليس للمطعون ضده الأخر التمسك بهذا البطلان رغم توافر المصلحة لديه إذ الحكم ببطلان الطعن بالنسبة للأول يؤدى قانوناً إلى بطلان الطعن برمته لصدور الحكم المطعون فيه في دعوى يوجب القانون فيها تعدداً إجبارياً . ومن ناحية أخرى ، ليس لغير من تقرر البطلان لمصلحته التمسك به ، مهما كانت صفته أو صلته بالخصم الذي له هذا الحق ، مادام ليس ممثلاً له في الخصومة .
وإلى جانب من تقرر البطلان لمصلحته ، فإن لدائن هذا الشخص أن يستعمل حقه في التمسك ببطلان العمل الإجرائي . وتنطبق هنا شروط الدعوى غير المباشرة . على أنه يلاحظ أن الحق في التمسك بالبطلان لا يمكن اعتباره في ذاته متعلقاً بشخص المدين أو غير متعلق به ، وإنما ينظر لتحديد هذا إلى الحق المطلوب حمايته في الخصومة.
وينتقل حق التمسك بالبطلان إلى الخلف عاماً أو خاصاً . وتطبيقاً لهذا حكم أن لورثة المعتوه المحجوز عليه أن يتمسكوا ببطلان إجراءات نزع الملكية التي إتخذت في مواجهته .
على أنه ليس لمن كان سبباً في بطلان العمل الإجرائي أن يتمسك بهذا البطلان (مادة 21 مرافعات) ، ولو كانت القاعدة المخالفة مقررة لمصلحته . وهو مبدأ مسلم به في الفقه الفرنسي دون نص . ذلك أنه كقاعدة ليس الشخص أن يدعي ضد فعله. وتفترض هذه القاعدة أن العمل قد تم ولكنه مشوب بالبطلان ، ولهذا حكم بأنها لا تنطبق على إعلان لصحيفة دعوى لم يحدث .
ويستوي أن يكون من تسبب في البطلان هو الخصم نفسه أو شخص آخر يعمل بإسمه ، ولهذا فإن الخصم الذي يعمل المحامي أو المحضر المتسبب في البطلان بإسمه ليس له التمسك بالبطلان . كذلك الأمر إذا كان من تسبب في البطلان ولى الخصم أو وصيه أو ممثل الشخص المعنوي. ولا يجب أن يكون قد صدر من الخصم غش أو خطأ بل تكفي مجرد الواقعة التي تؤكد نسبة البطلان إلى الخصم أو من يعمل بإسمه ، فالمعيار هنا معيار موضوعي. والشرط الوحيد هو توافر رابطة السببية بين فعل الخصم أو من يعمل بإسمه وبين العيب . وتوجد هذه الرابطة إذا كان هذا الفعل شرطاً لازماً لوجود العيب . ولا يشترط أن يكون هو السبب الوحيد أو السبب الرئيسي أو السبب العادي. وتطبيقا لهذا المبدأ ، حكم بأنه لا يجوز التمسك ببطلان شهادة شاهد لعدم أهليته للشهادة من الخصم الذي طلب سماع شهادته . وبأنه لا يجوز للدائن الذي أنذر مدينه بالوفاء أن يتمسك ببطلان الانذار لعدم توقيع المحضر عليه. وبأن الخصم الذي تسبب بأعماله في تأجيل التحقيق ليس له التمسك ببطلان إجراء التحقيق لفوات ميعاد إجرائه .
2- أما إذا كان البطلان مقرراً كجزاء لمخالفة قاعدة مقررة للمصلحة العامة فإن مما يتعلق بالنظام العام أن يحكم بالبطلان . ولهذا فإن المحكمة تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها ، وللنيابة العامة ولكل ذي مصلحة أن ينبه المحكمة إلى القضاء بالبطلان على التفصيل التالي :
أ- تقضي المحكمة بالبطلان من تلقاء نفسها ، وذلك صيانة للنظام العام الذي تعتبر مخالفة القاعدة المعينة انتهاكاً لمبادئه . وقد ينص القانون صراحة على إعطاء المحكمة هذه السلطة ، وهو ما يعني تعلق البطلان بالنظام العام . على أن للمحكمة سلطة الحكم بالبطلان في كل مرة يتعلق فيها البطلان بالنظام العام دون حاجة لنص صريح. ولهذا ، فإن المحكمة تقضي من تلقاء نفسها ببطلان الحكم الذي حضر تلاوته ووقع مسودته قاض لم يكن من القضاة الذين سمعوا المرافعات، وببطلان صحيفة الاستئناف التي لا يوقعها محام مقبول أمامها، أو التي ترفع بعد ميعاد الاستئناف. على أنه إذا كانت المحكمة تلتزم عند تعلق البطلان بالنظام العام بالحكم به من تلقاء نفسها ، فإن هذا لا يعني الخصم من عبء الإثبات . فالمسألة التي يمكن القضاء فيها من تلقاء نفس القاضي لا يمكن أن يثيرها القاضي ويحكم فيها إذا تبين له ضرورة القيام ببحث واقعة لا يجد في الأوراق والأقوال التي أبديت أمامه عناصرها اللازمة التي كان يجب على الخصم تقديمها ولم يفعل.
ب- للنيابة العامة التمسك بالبطلان ، وليس في الأمر صعوبة إذا كانت مدعية أو مدعى عليها أو طاعنة في حكم أو مطعون ضدها . إذ هي عندئذ تتمسك بالبطلان المقرر لها كطرف ، كما يكون لها التمسك بالبطلان المتعلق بالنظام العام ، أما إذا مثلت في الخصومة بطريق التدخل ، فليس لها التمسك بالبطلان المقرر لمصلحة أي من الخصمين فيها ؛ وإنما يكون عليها واجب التمسك بالبطلان المقرر جزاءاً لقاعدة تتعلق بالنظام العام ولو لم يتمسك به أحد الخصوم.
جـ- لكل ذي مصلحة التمسك بالبطلان المتعلق بالنظام العام ، أي أن كل من يكون في مركز قانوني يتأثر ببطلان العمل الإجرائي يكون له حق التمسك بهذا البطلان . ويكون له هذا سواء كان طرفاً أصلياً أم طرفاً متدخلاً ، وسواء كان هو الذي قام بالعمل الباطل أو تسبب في البطلان . أو كان من تم العمل ضده . ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الأول ، الصفحة : 881 )
التمسك بالبطلان المطلق :
يترتب بطلان الإجراء إعمالاً لنص المادة 19 ولا يقضى به رغم توافر شروطه إذا تحققت الغاية منه عملاً بالمادة 20 ووفقاً للمعايير التي أوضحناها بها ويستوى في شأنها البطلان النسبي والبطلان المتعلق بالنظام العام، وإن كان البطلان الأخير إذا تحقق موجبه لا تتحقق غالباً الغاية منه لتعلقه بأشكال أوجبها القانون بحيث إن تخلف شكل الإجراء كان الإجراء باطلاً ذلك لأن الغاية التي يعتد بها وتحول دون تقرير البطلان هي التي تتحقق وفقاً للشكل الذي حدده القانون، وإذا تخلف هذا الشكل إستحال تحقق الغاية من الإجراء أمثال ذلك أوراق المحضرين ككل، فإن الذي يسبغ عليها هذا الوصف هو توقيع المحضر والإجراء الذي يتم بموجبها كورقة محضرين متعلق بالنظام العام، فإذا تم هذا الإجراء بإعلان الورقة دون أن يوقع عليها المحضر أو تمت عن غير طريق المحضرين كانت باطلة بطلاناً متعلقاً بالنظام العام، لتخلف الشكل الذي حدده القانون لهذه الأوراق وتظل باطلة حتى لو تحققت الغاية منها بإخبار المعلن إليه بمضمونها، ومثل ذلك أيضاً الحكم القضائي إذ أوجب القانون له شكلاً خاصاً بإصداره من محكمة ذات ولاية وأن يوقع قضائها على مسودته ويوقع رئيسها على النسخة الأصلية منه، فإذا خولف هذا الشكل كان الإجراء باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام ويظل باطلاً حتى لو تحققت الغاية منه بالتصدي للنزاع، وفضلاً عن ذلك فإن إنعدام الإجراء يجعله متصلاً بالنظام العام.
ومتی تعلق البطلان بالنظام العام، كان بطلاناً مطلقاً، فيطلق التمسك به لكل ذي مصلحة متى كان ممثلاً في الدعوى، وللخصم الذي تسبب فيه التمسك به، وعلى المحكمة أن تتصدى له من تلقاء نفسها ولكن إذا كانت الآثار المترتبة عليه ليست من النظام العام امتنع عليها التصدي لها ما لم يتمسك الخصم بها، مثال ذلك إذا تم إعلان الدعوى بإجراء مخالف للنظام العام لعدم التوقيع عليه من المحضر، فإن الدعوى لا تكون قد أعلنت، فإذا إنقضى على إيداع الصحيفة قلم الكتاب ثلاثة أشهر دون تكليف المدعى عليه بالحضور جاز للأخير أن يطلب إعتبار الدعوى كأن لم تكن لانعدام الإعلان وليس للمحكمة التصدي لهذا الأثر من تلقاء نفسها لعدم تعلقه بالنظام العام، فإن لم يتمسك المدعى عليه بهذا الدفع كان عليها التأجيل لإعلانه إعلاناً صحيحاً عملاً بالمادة 85 .
وإذا كانت النيابة العامة ممثلة في الدعوى كخصم أصيل أو منضم لأحد الخصوم، كان لها التمسك ببطلان الإجراء.
ومتى كان الإجراء منعدم كما في المثالين سالفي البيان، فلا يصحح بأي عمل لاحق ولا يكتسب حجية مهما انقضى عليه من وقت فيجوز التمسك بإنعدامه في أي وقت وفي أية مرحلة كانت عليها الدعوى ليقضى ببطلانه وببطلان كافة الإجراءات التي بنيت عليه ويعتبر التمسك ببطلانه منطوياً على التمسك ببطلان كل ما بني عليه ومن ثم فإذا قضت المحكمة بقبول الدفع ببطلان الإجراء ثم ترتب على ذلك بطلان الإجراءات التي بنيت عليه لا تكون قد فصلت فيما لم يطلبه الخصوم ، فإن كان للإجراءات التالية ذاتية مستقلة عن الإجراء الباطل منبتة الصلة به، ظلت على وضعها من حيث الصحة والبطلان.
التمسك بالبطلان النسبي :
قد يقرر القانون البطلان بالنسبة لأحد الخصوم، فيكون بطلاناً نسبياً لا يجوز أن يتمسك به إلا الخصم الذي تقرر البطلان لمصلحته لأن الشائبة التي لحقت بالإجراء من شأنها أن تؤدي إلى الإضرار به دون سواه ومن ثم كان له وحده أن يدرأ ذلك بإهدار كل أثر للإجراء . فإن تمسك بالبطلان غير من تقرر لمصلحته تعين عدم قبول هذا الدفع لإنتفاء المصلحة، ذلك لأن إنتفاء المصلحة في الدعوى أو الطعن أو الدفع يؤدي إلى عدم القبول بينما انتفاؤها في إجراءات المرافعات يؤدي إلى بطلان الإجراء مثال ذلك إعلان الحكم من غير المحكوم له يؤدي إلى بطلان الإعلان فلا يترتب على هذا الإعلان أي أثر وإن كان ميعاد الطعن فيه يبدأ بالإعلان فلا يترتب على الإعلان هذا الأثر، وقد لا يرتب القانون هذا الأثر رغم صحة الإعلان الموجه من غير المحكوم له كإعلان الحكم بمعرفة قلم الكتاب للمطالبة بالمصاريف.
والتمسك بالبطلان النسبي يتم في صورة دفع شكلي أو طلب يجب إبداؤه قبل التكلم في الموضوع، ولا يجوز التمسك بهذا البطلان من الخصم الذي تسبب فيه أو من يعمل باسمه. .
ولمن يقوم مقام من تقرر البطلان لمصلحته التمسك به كالنائب القانوني أو الاتفاقي وطالما أن بطلان إجراءات المرافعات لا تتصل بشخص صاحب الحق في البطلان ومن ثم جاز لدائنه التمسك به عن طريق الدعوى غير المباشرة وله أن يتدخل في الدعوى منضماً لمدينة للتمسك ببطلان الإجراء . ( المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الأول ، الصفحة : 414 )
أنواع البطلان بطلان نسبى مقرر لمصلحة خاصة وبطلان مطلق متعلق بالنظام العام ينقسم البطلان إلى بطلان نسبي يتعلق بالمصلحة الخاصة للأفراد، أي بطلان مقرر لمخالفة شرط نص عليه القانون لحماية مصلحة خاصة، وبطلان مطلق متعلق بالنظام العام أی بطلان مقرر كجزاء لمخالفة قاعدة يقصد بها حماية مصلحة عامة.
ويلاحظ أن فكرة النظام العام تعبر عن ضرورة حماية المصلحة العليا للمجتمع ولما كانت القواعد الأساسية في مجتمع ما متغيرة، فمن المقرر أن تحديد ما يتصل مباشرة بالنظام العام يخرج عن نطاق نشاط المشرع الذي يجب أن تتوافر في قواعده الثبات، ليدخل في سلطة القاضي، وحتى في الحالات التي ينص فيها القانون على البطلان، فقد يتصل ببطلان يتعلق بالمصلحة الخاصة ( فتحی والی - بند 250 ص 408 و ص 409 ) علي أن القانون قد نص في بعض الحالات على تعلق البطلان بالنظام العام وهو يفعل هذا عادة بالنص على أن القاضي أن يحكم بالبطلان من تلقاء نفسه وقد يشير على العكس إلى أن البطلان لا يتعلق بالنظام العام وذلك بالنص على أن البطلان يزول بنزول من له التمسك به فإذا لم يوجد نص تشریعی ، ترك الأمر للقاضي وعلى القاضي أن يضع نصب عينيه نوع المصلحة التي يرمي المشرع إلى حمايتها بالقاعدة المخالفة ( جارسونيه جزء ثان بند 42 ص 79 - 80 ، فتحی والی - بند 250 ص 409 ) .
ويمكن القول أن قواعد التنظيم القضائي تتعلق بالنظام العام إذ هي تنظم مرفقاً عاماً من مرافق الدولة هو مرفق القضاء ولهذا فإن الحكم الذي يصدر من محكمة مشكلة تشكيلاً غير صحيح أو من شخص ليس لديه ولاية القضاء يكون باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام كذلك إذا صدر حكم من قاض في حالة يكون فيها صالحاً لنظر الدعوى وتعتبر متعلقة بالنظام العام أيضاً قواعد الأهلية والتمثيل القانوني ولهذا فإن على القاضي أن يتحقق - من تلقاء نفسه - من توافر أهلية الخصوم وصحة تمثيلهم وإذا تبين له نقص أهلية أحد الخصوم أو عدم صحة تمثيله ، فعليه أن يقضي بالبطلان من تلقاء نفسه في أية حالة كانت عليها الخصومة ( فتحى والی - نظرية البطلان ص 489 – 492 ) على أنه إذا لم يتمسك الخصم بانعدام صفة ممثل خصمه في الدعوى فلا يجوز لها إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ، ( نقض 29/11/1981 في الطعن رقم 177 لسنة 44 ق ) .ومن البطلان لعيب شكلي أيضاً ما يتعلق بالنظام العام ويمكن القول أن غالبية الأشكال تتعلق برعاية مصلحة خاصة ( موريل بند 411 ص 329- 330 ، فتحی والی - ص 409 ) غير أن التطور الذي أدى إلى اعتبار الخصومة نظاماً من القانون العام أدى إلى اعتبار أشكال كثيرة متعلقة بالنظام العام فيتعير متعلقاً بالنظام العام جميع الأشكال التي ترمي إلى ضمان حسن سير القضاء كمرفق عام ومثالها وجوب أن تكون الجلسة علنية وأن يصدر الحكم علناً في الجلسة، كذلك يتعلق حق الدفاع بالنظام العام ولهذا فإن بطلان العمل الإجرائي يتعلق بالنظام العام إذا كانت مخالفة الشكل من شأنها عدم تمكين الخصم من الدفاع ومن المواعيد ما يتعلق بالنظام العام وهي المواعيد التي تتصل بالتنظيم العام للخصومة والتي ترمي إلى وضع حد للنزاع ومثالها مواعيد الطعن في الأحكام .
من له التمسك بالبطلان النسبي المقرر لمصلحة خاصة إذا كان البطلان نسبياً أي مقرراً لمخالفة شرط تقرر لحماية مصلحة خاصة ، فإنه وفقاً للمادة 21 مرافعات - محل التعليق - تحكم هذا البطلان النسبي قاعدتان أساسيتان بالنسبة للتمسك به أولا القاعدة الأولى أن الحق في التمسك بالبطلان يقتصر على من شرع البطلان لمصلحته إذا لصاحب هذه المصلحة وحده حق التمسك بالبطلان ، فإن لم يتمسك به هذا الشخص فليس لغيره من الأشخاص التمسك به، كما أنه ليس للنيابة العامة التمسك به كما لا يكون للقاضي إثارته من تلقاء نفسه وهو ماجرى عليه القضاء ( نقض 5/1/1967 سنة 18 ص 92 و 25/5/1967 سنة 18 ص 1102 ، نقض 31/5/1956 سنة 7 ص 622 ) .
ولمعرفة من الذي قرر القانون البطلان لمصلحته يجب الرجوع إلى إرادة المشرع ( فتحى والى - الوسط - بند 251 ص 410 ) ويتبع في الكشف عن هذه الإرادة القواعد العامة في التفسير.
ويرى البعض أنه يجوز للدائن أن يتمسك ببطلان إجراء موجه إلى مدينه على اعتبار أن حق التمسك بالبطلان لا يعد متعلقاً بشخص المدين، بشرط ألا يكون الحق المرفوعة به الدعوى متصلاً بشخصه ( أحمد أبو الوفا - التعليق ص 172 ) .
ثانيا القاعدة الثانية إنه ليس لمن كان سبباً في بطلان العمل الإجرائي أن يتمسك ببطلانه سواء كان هو الذي تسبب فيه بنفسه أو كان الذي تسبب فيه شخص يعمل باسمه كالمحامي أو المحضر أو النائب القانوني أو النائب الاتفاقي وقد أوضحت المذكرة الايضاحية أنه لا يشترط لذلك أن يقع من الشخص غش أو خطأ، أو أن يكون فعله هو السبب الرئيسي أو الوحيد أو العادي أو المباشر وإنما يكفي أن تقوم بين عمله وبين العيب الذي لحق الإجراء رابطة سببية وهي تقوم إذا كان العمل لازماً لوجود العيب فتتوافر من ثم الرابطة ولو كان فعله هو الذي أدى إلى وقوع الخصم في خطأ أدى إلى بطلان إجراء قام به هذا الأخير .
ووفقاً للمادة 21 مرافعات - محل التعليق - ليس لمن كان سبباً في بطلان العمل الإجرائي أن يتمسك بهذا البطلان، حتى ولو كانت القاعدة المخالفة مقررة لمصلحته، وعلة ذلك أنه ليس لشخص أن يدعى ضد فعله ( فتحى والي - نظرية بطلان - بند 274 ص 500 - 506 ) ، وتفترض هذه القاعدة أن العمل قد تم ولكنه مشوب بالبطلان، ولهذا فإنها لا تنطبق إذا كان إعلان صحيفة الدعوى لم يحدث، إذ يكون الإعلان منعدماً ( نقض 6/12/1981 في الطعن رقم 930 لسنة 44 ق ) فلا يجوز للخصم أن يستفيد من خطأ ارتكبه أو مخالفة أسهم فيها كما سبق أن ذكرنا فيما نقدم ويستوي أن يكون من تسبب في البطلان هو الخصم نفسه أو شخص آخر يعمل باسمه كما ذكرنا، ولهذا فإن الخصم الذي يعمل المحامي أو المحضر الذي قام بالعمل باسمه ليس له التمسك بالبطلان كذلك الأمر إذا كان من تسبب في البطلان ولى الخصم أو الوصي عليه أو ممثل الشخص المعنوي ولا يجب أن يكون قد صدر من الخصم غش أو خطأ، بل تكفي مجرد الواقعة التي تؤكد نسبة البطلان إلى الخصم أو من يعمل باسمه، فالمعيار هنا معیار موضوعي ( فتحي والى - الوسيط - بند 251 ص 410، و ص 411 ) والشرط الوحيد هو توافر رابطة السببية بين فعل الخصم أو من يعمل باسمه وبين العيب، وتوجد هذه الرابطة إذا كان هذا الفعل شرطاً لازماً لوجود العيب ولا يشترط أن يكون هو السبب الوحيد أو السبب الرئيسي أو السبب العادي.
من له التمسك بالبطلان المتعلق بالنظام العام إذا كان البطلان مقرراً كجزاء لمخالفة قاعدة مقررة للمصلحة العامة، فإن مما يتعلق بالنظام العام أن يحكم بالبطلان ورعاية المصلحة العامة تعلو على أي اعتبار آخر، ويترتب على ذلك ما يلي :
ا- إن للمحكمة أن تحكم بالبطلان من تلقاء نفسها، وذلك صيانة للنظام العام الذي يعتبر مخالفة القاعدة المعينة إنتهاكاً لمبادئه، وقد ينص القانون صراحة على إعطاء المحكمة هذه السلطة، على أن للمحكمة سلطة الحكم بالبطلان في كل مرة يتعلق فيها البطلان بالنظام العام دون حاجة لنص صريح ( فتحی والی - بند 251 ص 411 ) ولهذا، فإن المحكمة تقضي من تلقاء نفسها ببطلان الحكم الذي حضر تلاوته ووقع مسودته قاض لم يكن من القضاة الذين سمعوا المرافعات ( نقض 18/4/1962 سنة 13 ص 478 ) ، وببطلان صحيفة الاستئناف التي لم يوقعها محام مقبول أمام الاستئناف ( استئناف مصر 29/10/1946 ، المجموعة الرسمية سنة 48 ص 1350 بند 61 ، نقض 16/4/1970 - س 21 ص 646 ) ، أو التي رفعت بعد ميعاد الاستئناف ( استئناف مختلط 27/6/1945 - بلتان - 57 - 191 ) على أنه إذا كانت المحكمة تلتزم عند تعلق البطلان بالنظام العام بالحكم به من تلقاء نفسها، فإن هذا لا يعفي الخصم من عبء الإثبات فالمسألة التي يمكن القضاء فيها من تلقاء نفس القاضي لا يمكن أن يثيرها القاضي ويحكم فيها إذا تبين له ضرورة القيام ببحث واقعة لا يجد في الأوراق والأقوال التي أبديت أمامه عناصرها اللازمة التي كان يجب على الخصم تقديمها، ولم يفعل ( فتحی والی - ص 411 و ص 412 ) .
وعلى المحكمة قبل الحكم بالبطلان أن تتأكد من وقوع المخالفة بمعنی أنه لا يكفي وجود عيب في شكل جوهري أو مخالفة لقاعدة تتعلق بالنظام العام، وإنما يشترط الإخلال بالمصلحة العامة التي شرعت هذه القاعدة لحمايتها وبعبارة أخرى يجب على المحكمة أن تتأكد قبل الحكم بالبطلان من عدم تحقق الغاية من الإجراء، ولو كان العيب يتصل بشرط تقتضيه رعاية المصلحة العامة مادام لم يترتب عليه أي مساس بالغاية التي نظم الشكل من أجلها ( إبراهيم سعد - بند 301 ص 754 وص 755 ) .
ويصعب تحديد فكرة البطلان المتعلق بالنظام العام الذي يجيز للمحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها، وكما ذكرنا فيما مضى، يمكن القول أن جميع القواعد المتعلقة بالتنظيم القضائي تتعلق بالنظام العام ( جارسونيه وسيزار برو جزء ثان - ص 79 - 80 - رقم 42 ، فنسان ص 427 - رقم 426، فتحي والي ص 806- رقم 318، إبراهيم سعد - بند 301 ص 755 ) . والقواعد التي تتصل بالمقتضيات الموضوعية للعلم الإجرائی ( سوليس وبيرو جزء أول - ص 387 - رقم 418 ، إبراهيم سعد - الإشارة السابقة ) كوجود الخصوم وأهليتهم وصحة تمثيلهم كما تعتبر متعلقة بالنظام العام كل الأشكال التي ترمي إلى ضمان حسن سير القضاء كمرفق عام أو تتصل بالتنظيم العام للخصومة، كتقرير بعض المواعيد التي من شأنها وضع حد للنزاع أو احترام حقوق الدفاع ( فتحی والی نظرية البطلان - ص 507 وما يليها - رقم 276 وما يليه ) وإن كان المشرع ينص في بعض الحالات على تعلق القاعدة بالنظام العام، مما يستتبع بطلان الإجراء الذي جاء مخالفاً لها، إلا أنه حتى في حالة عدم النص يجب على القاضي أن يقدر المصلحة التي شرعت القاعدة لرعايتها ( إبراهيم سعد - ص 755 ) .
ب - للنيابة العامة التمسك بالبطلان : فالنيابة مكلفة بالدفاع عن المصالح العامة، وعلى ذلك إذا تدخلت في الخصومة لإبداء الرأي كان لها التمسك بالبطلان المقرر جزاء لقاعدة شرعت لحماية مصلحة عامة، أي قاعدة تتعلق بالنظام العام، وإذا كانت طرفاً في الدعوى يكون لها ما للخصوم من سلطات قانونية، فيجوز لها التمسك بالبطلان المتعلق بالنظام العام وبالبطلان النسبي المقرر لمصلحتها .
إذن للنيابة العامة التمسك بالبطلان، وليس في الأمر صعوبة إذا كانت مدعية أو مدعى عليها أو طاعنة في حكم أو مطعوناً ضدها، إذ هي عندئذ تتمسك بالبطلان المقرر لها كطرف، كما يكون لها التمسك بالبطلان المتعلق بالنظام العام أما إذا كانت في الخصومة بطريق التدخل، فليس لها التمسك بالبطلان المقرر لمصلحة أي من الخصمين فيها، وإنما يكون عليها واجب التمسك بالبطلان المقرر جزاء لقاعدة تتعلق بالنظام العام، ولو لم يتمسك به أحد الخصوم ( جارسونيه - ج 2 بند 56 ص 104 فتحی والی - بند 251 ص 412 ) .
ج - لكل ذي مصلحة التمسك بالبطلان المتعلق بالنظام العام : أي أن كل من يكون في مركز قانونی بتأثر ببطلان العمل الإجرائي يكون له حق التمسك بهذا البطلان ويكون له هذا سواء كان طرفاً أصلياً أم متدخلاً، وسواء كان هو الذي قام بالعمل الباطل أو تسبب في البطلان ( نقض 6/12/1981 في الطعن رقم 940 لسنة 44 قضائية، وأيضاً جلاسون - المرافعات - ج 2 بند 442 ص 344، فتحی والی - بند 251 ص 412 ، أو كان من تم العمل ضده ) .
إذن البطلان المتعلق بالنظام العام يجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك به، سواء كان من قام بالإجراء أو الموجه إليه الإجراء، فهذا النوع من البطلان لا يقتصر التمسك به على من شرع لمصلحته، ويجوز التمسك به حتى من الخصم الذي تسبب فيه كما ذكرنا آنفا ، ولا يجوز التنازل عنه إذ أنه يتعلق برعاية مصلحة عامة لا تدخل في سلطة الخصم أن يتنازل عن العيب الذي يهدر أو يمس هذه المصلحة ( إبراهيم سعد - بند 301 ص 756 ) .
ويلاحظ بالنسبة إلى البطلان المتعلق بالنظام العام التفرقة بين حكم المادة 21 - محل التعليق - وحكم الفقرة الأخيرة من المادة 20 التي تمنع عند تحقق الغاية الحكم بالبطلان ولو كان متعلقاً بالنظام العام، إذ في هذه الحالة الأخيرة يكون تحقق الغاية دليلاً على عدم المساس بالنظام العام، وبمعنى آخر فإن إعمال المادة 21 يفترض قيام موجب البطلان وعدم تحقق الغاية لأنه إذا تحققت الغاية امتنع الحكم بالبطلان، سواء كان متعلقاً بالنظام العام أو غیر متعلق به ( فتحی والی ص 799 ، كمال عبد العزيز - ص 109 ) .
التمسك بالبطلان في أحوال التضامن : إذا كان البطلان مقرراً لمصلحة جميع المتضامنين وتمسك به أحدهم أفاد الباقين وإذا كان البطلان مقرراً ضد هؤلاء فإن التمسك به أمام أحدهم لا يمتد إلى الباقين وإذا كان البطلان مقرراً لمصلحة جميع المتضامنين وأسقط أحدهم الحق في التمسك به، فإن هذا الأثر لا يمتد إلى الباقين.
وإذا كان البطلان مقرراً لمصلحة أحد المتضامنين فللباقين التمسك به نيابة عنه، وإذا كان البطلان مقرراً ضد أحد المتضامنين فلا يمكن التمسك به إلا في مواجهته دون الباقين . ( أحمد أبوالوفا - التعليق ص 200 ) .
كيفية التمسك بالبطلان : لا يترتب البطلان بحكم القانون وإنما يجب أن تقضى به المحكمة ( جارسونيه وسيزار برو المرافعات جزء ثان - ص 106 - رقم 56، إبراهيم سعد - بند 302 ص 756 ) ، سواء من تلقاء نفسها - أو تعلق بالنظام العام - أو بناء على طلب النيابة العامة أو أحد الخصوم وبعبارة أخرى يبقى العمل صحيحاً حتى يحكم ببطلانه أياً كان نوع البطلان ولكن لا تحكم المحكمة بالبطلان إلا إذا كان التمسك به بالطريق المناسب، وفي الميعاد المناسب، ويختلف طريق التمسك بالبطلان باختلاف الأعمال الإجرائية والأعمال القضائية، وذلك على التفصيل الآتي :
اولاً : إذا كان الإجراء المطلوب إبطاله إجراء من إجراءات الخصومة فيختلف طريق التمسك به باختلاف ما إذا كان العمل يتصل بورقة من أوراق التكليف بالحضور أو صحيفة الدعوى، أو كان إجراء من آخر من إجراءات الخصومة .
أ- فأوراق التكليف بالحضور وصحف الدعاوى يحصل التمسك ببطلانها بدفع شكلي يسمى بالدفع ببطلان أوراق التكليف بالحضور، ويجب أيضاً في بعض الحالات التخلف عن الحضور أمام المحكمة للتمسك بالبطلان .
ب - ويتم التمسك ببطلان إجراءات الخصومة الأخرى في صورة دفع شكلى تراعى فيه قواعد الدفوع الشكلية .
ثانياً : إذا كان البطلان واردا على حكم من الأحكام - وهو عمل قضائي - فالتمسك بالبطلان يكون بالطعن في الحكم بطرق الطعن المقررة في القانون عملاً بالقاعدة أنه لا يجوز رفع دعوى أصلية ببطلان الحكم ( إبراهيم سعد - بند 302 ص 757، فتحي والي نظرية البطلان - ص 595 وما يليها - رقم 327 وما يليه، ونقض مدنی 7/3/1972 - مجموعة أحكام النقض - س 23 - ص 311 ) فإن لم يطعن في الحكم بطريق الطعن المناسب، وفي الميعاد الذي حدده القانون - كما سیلی بیان ذلك - يعتبر الحكم صحيحاً مهما شابه من أوجه بطلان وجدير بالإشارة أنه إذا أصبح الحكم غير جائز الطعن فيه بأي طريق - سواء لاستنفاد طرق الطعن أو بانقضاء مواعيد الطعن - ترتب على ذلك تصحيح البطلان الذي يشوب الحكم، أو الذي يشوب الإجراءات السابقة عليه، وبعبارة أخرى فالعيب في العمل الإجرائي لا يظل دائماً ، وإنما يصحح عندما يصبح الحكم غير قابل للطعن فيه ( جابيو - المرافعات - بند 50 ص 41، إبراهيم سعد بند 302 ص 757 و ص 758 ) ، وذلك ضماناً لاستقرار المراكز القانونية وحفاظاً على حجية الأحكام .
ثالثاً : إذا كان البطلان وارداً على إجراء من إجراءات التنفيذ كان التمسك به في صورة إشكالات التنفيذ ( إبراهيم سعد بند 302- ص 755 - 758 ) . ( الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الأول ، الصفحة : 691 )
يلاحظ بالنسبة إلى البطلان المتعلق بالنظام العام التفرقة بين حكم هذه المادة وحكم الفقرة الأخيرة من المادة 20 التي تمنع عند تحقق الغاية الحكم بالبطلان ولو كان متعلقاً بالنظام العام إذ في هذه الحالة الأخيرة يكون تحقق الغاية دليلاً على عدم المساس بالنظام العام ، وبمعنى آخر فإن إعمال المادة 21 يفترض قيام موجب البطلان وعدم تحقق الغاية لأنه إذا تحققت الغاية أمتع الحكم بالبطلان سواء كان متعلقاً بالنظام العام أو غیر متعلق به . ( المرافعات لكمال عبد العزيز الطبعة الثالثة الجزء الأول ص 254 ووالي في نظرية البطلان ص 799 والتعليق لأبو الوفا الطبعة الخامسة ص 193 ) .
ومن المقرر أن البطلان الذي لا يتصل بالنظام العام مقيد بقيدين أولهما أن التمسك به قاصر على من شرع لمصلحته فلا يجوز لغيره من الخصوم التمسك به ومن ثم فلا يجوز لمن صح إعلانهم من الخصوم الدفع ببطلان إعلان غيرهم ولو كان الموضوع غير قابل للتجزئة وثانيهما أنه لا يجوز لمن كان سبباً في بطلان الإجراء أن يتمسك به في مواجهة خصمه سواء كان هو الذي تسبب فيه بنفسه أو كان الذي تسبب فيه يعمل لحسابه كمحاميه أو المحضر أو وكيله ، وبديهي أن ذلك لا يسري على الإجراء المعدوم أو الباطل بطلاناً متعلق بالنظام العام إذ أنه لا يرتب أثراً ويجوز التمسك به لمن تسبب فيه ، والدفع ببطلان الإجراء الذي لا يتعلق بالنظام العام يخضع لحكم المادة 108 مرافعات فيجب التمسك به قبل التعرض للموضوع أو إبداء الدفع بعدم القبول وإلا سقط الحق فيه وإذا تعددت الدفوع التي يجوز التمسك بها وجب التمسك بها جميعها وإلا سقط الحق في التمسك بالوجه الذي أغفل الخصم التمسك به وإذا كان البطلان . متعلقاً بدعوى طعن على الحكم الصادر فيها فيجب التمسك بالدفع في صحيفة الطعن وإلا سقط الحق فيه.
وغني عن البيان أنه يجوز للنيابة العامة التمسك بالبطلان المتعلق بالنظام العام سواء كانت طرفاً أصلياً أو منضماً وإذا كان قضاء النقض قد استقر على أنه يجوز للمحكمة أن تقضي بالبطلان المتعلق بالنظام العام من تلقاء نفسها إلا أن حقها في التصدي للبطلان في هذه الحالة قاصر على بطلان الإجراء المتعلق بالنظام العام دون ما يترتب على ذلك من آثار إلا إذا كان بدوره متعلقاً بالنظام العام ، فإذا كان الإعلان باطلاً لعدم توقيع المحضر علي ورقة الإعلان كان للمحكمة من تلقاء نفسها أن تقضى ببطلانه ، بيد أنه لا يجوز لها أن تتعرض من تلقاء نفسها لما قد يترتب علي ذلك من اعتبار الدعوى كأن لم تكن عملاً بالمادة 70 مرافعات لعدم إعلان الصحيفة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها قلم الكتاب لأن هذا الإجراء غير متعلق بالنظام ( مرافعات كمال عبد العزيز الطبعة الثالثة ص 254 ) . ( التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية ، الجزء : الأول ، الصفحة : 375 )