الدعاوى الجزئية التى ترفع على الشخص الاعتبارى العام : إذا رفعت دعوى جزئية على الحكومة أو إحدى وحدات الإدارة العامة كالمحافظة أو إحدى الهيئات العامة أو المؤسسات العامة، فإن المحكمة المختصة محلياً ليست هي المحكمة الجزئية المختصة وفقاً للقاعدة العامة بل هي المحكمة الجزئية التي يقع في دائرتها مقر المحافظة . (مادة 51 مرافعات) . وعلى هذا إذا رفعت دعوى جزئية شخصية على مجلس مدينة منيا القمح، فإن المحكمة المختصة هي محكمة بندر الزقازيق الجزئية . وإذا رفعت هذه الدعوى على محافظة القاهرة، فإن المحكمة المختصة هي محكمة الدرب الأحمر الجزئية (إذ تقع المحافظة في دائرتها) . والعلة في هذه القاعدة هو تيسير العمل على من يتولى أمر الدفاع عن الشخص الاعتبارى العام بتركيز الدعاوى الجزئية التى ترفع عليه - في نطاق محافظة معينة - فی محكمة جزئية واحدة بها تقع في عاصمة المحافظة. وينطبق النص على الدعاوى الجزئية دون الدعاوى الابتدائية.
ويكفي لانطباق هذه القاعدة الخاصة أن ترفع الدعوى الجزئية على الشخص الاعتبارى العام، سواء رفعت عليه وحده أو مع آخرين . ففي هذه الحالة الأخيرة إذا أراد المدعي اختصام المدعى عليهم أمام محكمة الشخص الاعتباري فيجب اختصامهم أمام المحكمة الجزئية التي يقع في دائرتها مقر المحافظة . ويكون الأمر كذلك، ولو قضت المحكمة - لعدم توافر الصفة السلبية في الشخص الاعتباري - بإخراجه من الخصومة . على أنه يلاحظ :
(أ) أن هذه القاعدة الخاصة لا تنطبق :
1- إذا كان الشخص الاعتباري هو المدعي وليس المدعى عليه، لصراحة النص ولأن مصلحة المدعى عليه أولى بالرعاية.
2- إذا أريد إدخال الشخص الاعتبارى في خصومة قائمة أو أريد رفع دعوى فرعية على الشخص الاعتبارى في الخصومة التي بدأها .
فمع أنه يعتبر مدعياً عليه فيها إلا أنه يمكن إدخاله أو رفع الدعوى الفرعية ضده أمام المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية، وقد تكون محكمة جزئية غير التي تقررها تلك القاعدة. ونفس الأمر إذا أراد الشخص الاعتباري التدخل في الخصومة. على أن الأمر يختلف إذا حدث أثناء الخصومة إن أصبح الشخص الاعتباري هو المدعى عليه الوحيد في الخصومة .
3- على الدعاوى التي تختص بها محكمة معينة بسبب وظيفتها . فهذه تبقى من اختصاص هذه المحكمة، ولو كانت غير تلك المختصة وفقاً لتلك القاعدة . ولهذا فالتظلم من أمر أداء يقدم إلى القاضي الجزئي مصدر الأمر أياً كان هذا القاضى ولو كان التظلم مرفوعاً ضد الحكومة وكذلك الأمر بالنسبة لاختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم بطلب تفسيره.
(ب) أن هذه القاعدة الخاصة تنطبق مع مراعاة بعض القواعد الأخرى : فوفقاً للمادة 51 مرافعات تطبق القاعدة الخاصة مع مراعاة القواعد المتقدمة . وهذه هي التي تنص عليها المادتان 49، 50 مرافعات . وأهمها قاعدة أنه إذا تعدد المدعى عليهم، كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم، وقاعدة أنه بالنسبة للدعوى العينية العقارية يكون الاختصاص لمحكمة موقع العقار.
وقد اختلف الفقه حول تفسير هذا القيد، فذهب البعض في مصر إلى أن المقصود هو مراعاة القواعد المتقدمة دون قاعدة المادة 51 وهو ما يعني أنه إذا رفعت دعوى عينية عقارية جزئية ضد محافظة القاهرة بشأن عقار يقع في مدينة بلبيس، فإن المحكمة المختصة تكون محكمة بلبيس الجزئية ولكن الرأي الذي نرجحه والذي يأخذ به الفقه في مجموعة في إيطاليا، والبعض في مصر، أن المقصود أن تراعى قاعدة المادة 51 بعد مراعاة القواعد المتقدمة . ونتيجة لهذا فإنه لتحديد المحكمة الجزئية المختصة يجب القيام بعمليتين متتابعتين : الأولى تطبيق القواعد المتقدمة لتحديد أي محكمة جزئية مختصة وفقا لها . الثانية : تطبيق المادة 51 لتحديد المحكمة المختصة بالدعوى . وهكذا بالنسبة للمثال المتقدم تحدد أولاً المحكمة المختصة وفقاً «للقواعد المتقدمة»، فتكون محكمة بلبيس الجزئية ثم نطبق قاعدة المادة 51 فتكون المحكمة المختصة بالدعوى هي المحكمة الجزئية التي بها مقر المحافظة أي محكمة بندر الزقازيق الجزئية، وليست محكمة بلبيس الجزئية وهذا التفسير هو وحده الذي يتفق مع نص المادة 51 مع مراعاة القواعد المتقدمة كما أنه هو وحده الذي يتفق مع الحكمة من القاعدة التي تنص عليها هذه المادة. ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الأول ، الصفحة : 585 )
الاختصاص المحلى بالدعاوى التى ترفع على الحكومة وما فى حكمها : تنص المادة 51 من قانون المرافعات على أن الدعاوى الجزئية التي ترفع على الحكومة أو وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائراتها مقر المحافظة ، ويبين من هذا النص أن المشرع ألحق مقر المحافظة بدائرة المحكمة الجزئية ولم يلحق هذه المحكمة بمقر المحافظة، مما مفاده أنه يتعين عقد الاختصاص بالدعاوى سالفة البيان للمحكمة الجزئية التي يقع في دائرتها ديوان المحافظة باعتبار أن الديوان هو مقرها دون أن يعتد في هذا الصدد بمقر الجهة المدعى عليها، ففي محافظة الإسكندرية مثلاً تتعدد دوائر المحاكم الجزئية الموضوعية بينما تعتبر الإسكندرية كلها دائرة واحدة بالنسبة للدعاوى المستعجلة، ويقع مقر المحافظة بدائرة محكمة العطارين الجزئية، ومن ثم ينعقد الاختصاص المحلي لهذه المحكمة بالدعاوى الجزئية التى ترفع على أي من الجهات المنوه عنها بالنص ولو كان مقر الجهة المدعى عليها يقع في محكمة جزئية أخرى، فالدعوى التي ترفع على هيئة ميناء الإسكندرية تختص بنظرها محلياً محكمة العطارين الجزئية وليس محكمة الميناء الجزئية، أما الدعاوى المستعجلة التي ترفع على أي من الجهات المشار إليها بالنص فيختص محلياً بنظرها قاضي الأمور المستعجلة باعتبار أن مقر المحافظة يقع بدائرة اختصاصه عملا بالمادة (45) من قانون المرافعات.
ويسرى النص على كافة الدعاوى سواء كانت عينية عقارية أو شخصية عقارية أو منقولة طالما كانت المحكمة الجزئية مختصة قيمياً بنظرها أو كان الاختصاص منعقدا لها بصفة استثنائية.
والمقرر أن الاختصاص المحلي غير متعلق بالنظام العام في جميع المسائل حتى لو نص عليه في قانون استثنائي له اتصال بالنظام العام، ومن ثم إذا رفعت الدعوى أمام محكمة جزئية غير مختصة محليا بنظرها ولم يدفع الحاضر عن الجهة المدعى عليها بعدم الاختصاص وتصدى للموضوع سقط حقه في الدفع.
ومثل الإسكندرية ، المحافظات التي تتعدد المحاكم الجزئية بالمدينة التي بها مقر المحافظة، وفي القاهرة ينعقد الاختصاص بالدعاوى الجزئية الموضوعية لمحكمة عابدين الجزئية، ولقاضي الأمور المستعجلة بالدعاوى المستعجلة.
أما المحافظات التي بها بندر ومراكز، فإن الاختصاص ينعقد لمحكمة البندر إذ يقع في دائرتها مقر المحافظة دون اعتداد بمقر الجهة المدعى عليها، فالدعوى الجزئية التي ترفع على وحدة الإدارة المحلية بكفر الدوار تختص بنظرها محلياً محكمة بندر دمنهور إذ يقع في دائرتها مقر محافظة البحيرة.
الدعاوى الفرعية التي ترفع على الحكومة وما في حكمها : إذا كانت الدعوى مرفوعة أمام المحكمة الابتدائية من إحدى هذه الجهات ووجه المدعى عليه دعوى فرعية مما يختص بها القاضي الجزئي، ظل الاختصاص منعقدا للمحكمة الابتدائية بالدعويين الأصلية والفرعية رغم أن الدعوى الفرعية لو كانت رفعت على استقلال لا ينعقد الاختصاص بنظرها للمحكمة الجزئية سالفة البيان.
كذلك الحال إذا كانت الدعوى مرفوعة من إحدى هذه الجهات على المدعى عليه أمام المحكمة الجزئية ووجه الأخير إليها دعوی فرعية ما لا تختص بها المحكمة الجزئية قيما، فإنها تكون قد خرجت عن نطاق اختصاصها القيمي، وتعين عليها أن تقضي بعدم اختصاصها بالدعوى الفرعية وتحيل الدعوى برمتها للمحكمة الابتدائية التي يقع بدائرتها موطن أي من المدعى عليهم إذا رأت أن حسن سير العدالة يتطلب ذلك، وإلا فصلت في الدعوى الأصلية وقضت بعدم اختصاصها قيمياً بالدعوى الفرعية وأمرت بإحالتها إلى المحكمة الابتدائية، وذلك عملاً بنص المادة (46) من قانون المرافعات.
الدعاوى التي ترفعها الحكومة والدعاوى الكلية : يخرج عن نطاق نص المادة (51) الدعاوى الجزئية التي ترفعها الحكومة أو إحدى الجهات التي تضمنها النص، ومن ثم يجب رفعها أمام المحكمة الجزئية التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه، ويظل الاختصاص منعقداً لها حتى لو وجه الأخير دعوى فرعية للجهة المدعية مما تختص بها المحكمة الجزئية .
كما يخرج عن هذا النطاق الدعاوى الكلية التي ترفع من الحكومة أو عليها وينعقد الاختصاص المحلي بها للقواعد العامة.
أثر تعدد المدعى عليهم مع الحكومة : إذا تعدد المدعى عليهم، جاز رفع الدعوى أمام المحكمة التي بها موطن أحدهم، فإن كانت الحكومة أو إحدى الجهات المشار إليها بالنص من بين المدعى عليهم، تعين رفع الدعوى ابتداء أمام المحكمة الجزئية التي يقع في دائرتها مقر المحافظة التزاما بنص المادة (51) من قانون المرافعات التي عقدت الاختصاص لها وحالت بين المدعي والخيار الذي كان مقرراً له بموجب المادة ( 49 / 3 ) من ذات القانون.
أما إذا تعدد المدعى عليهم بإدخال الحكومة أو إحدى الجهات سالفة الذكر خصوماً في الدعوى، أدى ذلك إلى إعمال المادة (51) إذا دفع الحاضر عن الحكومة أو إحدى الجهات المشار إليها بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى، فإن لم يدفع ظل الاختصاص منعقداً للمحكمة الجزئية التي رفعت إليها الدعوى ابتداء. ( المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الثاني / الصفحة : 161 )
الاختصاص بالدعاوى الجزئية التي ترفع على الشخص الاعتباري العام الحكومة أو وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة : قررت المادة 51 محل التعليق أنه في الدعاوى الجزئية التي ترفع على الحكومة أو وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها مقر المحافظة، مع مراعاة القواعد المتقدمة، أي القواعد المنصوص عليها في المادتين 49 و50 من قانون المرافعات، والتي أوضحناها آنفا.
فالمحكمة المختصة بالدعاوى الجزئية التي ترفع على الشخص الاعتباري العام، في المحكمة الكائن بدائرتها مقر المحافظة، وحكمة هذا النص تكمن في التيسير على من يتولي أمر الدفاع عن الشخص الاعتباري العام (فتحى والى - مبادئ بند 167 ص 245 ، عبد الباسط جمیعی - ص 85، محمد عبدالخالق عمر - ص 175، رمزى سيف - بند 253 ص 296)، وذلك بتركيز الدعاوى الجزئية التى ترفع على الشخص الاعتباري العام في محكمة جزئية واحدة، هي المحكمة الكائن بدائرتها مقر المحافظة.
ويشترط لإعمال المادة 51 - محل التعليق - أن تكون الدعوى المرفوعة على الشخص الاعتباري العام دعوى جزئية، أي تدخل في اختصاص المحكمة الجزئية قيمياً أو نوعياً فإذا كانت الدعوى تدخل في اختصاص المحكمة الابتدائية، فإن الاختصاص لا ينعقد للمحكمة الكائن بدائرتها مقر المحافظة طبقاً للنص السالف الذكر، بل يتبع في ذلك القواعد العامة.
كما يشترط أن يكون الشخص الاعتبارى مدعى عليه فإذا رفع الشخص الاعتباري المعنى فإن الاختصاص لا ينعقد للمحكمة الكائن بدائرتها مقر المحافظة لأن مصلحة المدعى عليه في هذه الحالة تكون أجدر بالرعاية، كما أن تم المادة 51 صريح في هذا الصدد .
فيشترط لإعمال نص المادة 51 - محل التعليق - أن تكون الدعوى مرفوعة على الحكومة أو إحدى الهيئات أو المؤسسات العامة، والمقصود بالهيئات العامة تلك التي ينظمها القانون رقم 61 لسنة 1962 والهيئة العامة شخص إداري عام يدير مرفقاً عاماً يقوم على مصلحة أو خدمة عامة، ويتمتع بالشخصية الاعتبارية، وله ميزانية خاصة تعد على نمط ميزانية الدولة وتلحق بميزانية الجهة الإدارية التي يتبعها كالجامعات وما إليها والمقصود بالمؤسسات العامة لا يقف عند المؤسسات العامة التي ينظمها القانون 32 لسنة 1966، وهي التي تمارس نشاطاً صناعياً أو تجارياً أو زراعياً أو مالياً أو تعاونياً، بل تضم معها النقابات المهنية التي تعتبر مؤسسات عامة في الفقه الإداري (كمال عبدالعزيز ص 171).
أما شركات القطاع العام التي تشرف عليها المؤسسات العامة فلا يسرى عليها النص، أما الدعاوى التي ترفعها الحكومة فتطبق بصددها القواعد العامة.
كذلك يشترط لتطبيق المادة 51 مرافعات - محل التعليق أن يختصم الشخص الاعتباري العام بصفة أصلية في الدعوى الجزئية، أی أن ترفع الدعوى أصلاً عليه، فإذا أدخل الشخص الاعتباري العام بطلب عارض في خصومة أصلية قائمة أمام محكمة أخرى، فلا يطبق النص السالف الذكر رغم اعتبار الحكومة مدعى عليها (أحمد أبو الوفا - المرافعات - بند 338 ص 455، رمزی سيف - بند 253 ص 296، إبراهيم نجيب سعد - بند 194 ص 283، أحمد مسلم - أصول المرافعات - بند 252، ص 274)، كذلك إذا تدخل الشخص الاعتباري العام في دعوى قائمة احمد مسلم - بند 252 ص 274، فتحي والى - مبادئ - بند 167 ص 246، إبراهيم سعد بند 194 ص 483)، من تلقاء نفسه لينضم إلى المدعى عليه الأصلي، فإن نص المادة 51 لا ينطبق على هذه الحالة أيضاً .
ويستوي التطبيق المادة 51 - محل التعليق - أن تكون الدعوى من اختصاص القاضي الجزئي العادي أو الاستثنائي، كمايستوي أن تكون الدعوى موضوعية أو مستعجلة، ويستوي أن تكون الدعوى الجزئية المرفوعة على الحكومة عينية عقارية أو شخصية عقارية أو مختلطة او منقولة، أو يصعب تكييفها (أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 355) .
وينبغي ملاحظة أن نص المادة 51 مرافعات السالف الذكر، لايمنع من تطبيق القواعد التي نص عليها قانون المرافعات في المادتين 49 و50 رمزي سيف - بند 253 ص 297، محمد عبدالخالق عمر ص175 وذلك فيما يتعلق بتعدد المدعى عليهم، وفيما يتعلق بالدعاوى العقارية ولقد أشارت إلى ذلك المادة 51 بقولها مع مراعاة القواعد المتقدمة ولذلك رفعت دعوى على الشخص الاعتباري العام، وعلى مدعى عليه آخر، فإنه يجوز رفع الدعوى أمام المحكمة الكائن بدائرتها موطن المدعي عليه الآخر، ولو لم تكن هذه الحكمة من المحاكم التي يجوز رفع الدعوى على الشخص الاعتباري العام أمامها، كذلك فإنه إذا رفعت دعوى عينية عقارية على شخص اعتباري عام، وكان العقار يقع في دائرة محكمة أخرى، فإن الاختصاص يكون للمحكمة الكائن بدائرتها العقار، وليس للمحكمة الكائن بدائرتها مقر المحافظة التي نصت عليها المادة 51 مرافعات، لأن المشرع قيد العمل بهذه المادة بضرورة مراعاة القواعد السابقة عليها.
ومع ذلك يرى البعض أن نص المادة 51 مرافعات يمنع تطبيق المادة 49/2 ، والتي تنص على أنه «إذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم»،فإذا كان الشخص الاعتباري العام أحد المدعى عليهم المتعددين، وكان خصماً حقيقياً وأصلي في الدعوى فإنه يجب أن ترفع الدعوى أمام المحكمة التي يقع في دائرتها مقر المحافظة وفقاً للمادة 51 ويختصم باقي المدعى عليهم أمام تلك المحكمة، ولا يجوز اختصام الشخص الاعتبارى العام أمام محكمة موطن أحد المدعى عليهم الآخرين، لأن ذلك يتعارض مع الحكمة من نص المادة 51 ، وهي تخفيف العبء على إدارة قضايا الحكومة التي تتولى الدفاع عن الأشخاص المعنوية العامة، ولأنه سوف يؤدي إلى إمكان التحايل على هذا النص بإدخال خصم مع الشخص الاعتباري العام، ورفع الدعوى أمام محكمة ذلك الخصم (عبدالباسط جمیعی ج ص 87 وص 88؛ ومن هذا الرأي أيضاً أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 348، حيث يرى أنه يجب احترام نص المادة 51، ولو عند تعدد المدعى عليهم وأنه لا محل على وجه الإطلاق لإهداره بسبب تعدد المدعى عليهم، ومن هذا الرأي أيضاً محمد وعبدالوهاب العشماوى -ج 1- بند 379 ص 489 .(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الثاني ، الصفحة : 263)
يشترط لإعمال هذا النص أن تكون الدعوى مرفوعة على الحكومة أو أحدي الهيئات أو المؤسسات العامة والمقصود بالهيئات العامة تلك التي ينظمها القانون رقم 61 سنة 1963. والهيئة العامة شخص إداري عام يدير مرفقاً عاماً يقوم علي مصلحة أو خدمة عامة ويتمتع بالشخصية الاعتبارية وله ميزانية خاصة تعد على نمط ميزانية الدولة وتلحق بميزانية الجهة الإدارية التي يتبعها كالجامعات وما إليها. والمقصود بالمؤسسات العامة لا يقف عند المؤسسات العامة التي ينظمها القانون 3 سنة 1966 وهي التي تمارس نشاطاً صناعياً أو تجارياً أو زراعياً أو مالياً أو تعاونياً بل تضم معها النقابات المهنية التي تعتبر مؤسسات عامة في الفقه الإداري. (كمال عبد العزيز الطبعة الثالثة الجزء الأول ص 416) .
أما شركات القطاع العام التي تشرف عليها المؤسسات العامة فلا يسري عليها النص . أما الدعاوي التي ترفعها الحكومة فتطبق بصددها القواعد العامة كما لا تطبق القاعدة المتقدمة إذا أدخلت الحكومة أو إحدى الهيئات العامة طلب عارض في دعوى أصلية قائمة أمام محكمة أخرى وهذه القاعدة خاصة بالمحاكم الجزئية أما الدعوي التي ترفع على الحكومة أمام المحاكم الابتدائية فتطبق بشأنها القواعد العامة في الاختصاص المحلي ( مرافعات أبو الوفا ص 489).
ويري الدكتور رمزي سيف أنه إذا رفعت الدعوى على الحكومة وشخص أخر جاز رفع الدعوى على المدعى عليهما أمام المحكمة المختصة بالنسبة للحكومة أو أمام المحكمة المختصة بالنسبة للمدعي عليه الأخر لأن القاعدة في الاختصاص المحلي بالنسبة للدعاوي التي ترفع على الحكومة التي نص عليها المشرع في المادة 51 لا تمنع من تطبيق القاعدة في حالة تعدد المدعى عليهم التي نص عليها المشرع في الفقرة الثانية من المادة 49 .( وسيط المرافعات للدكتور رمزي سیف الطبعة الثامنة ص 287).
إلا أننا نرى أن الدعوى إذا رفعت على الحكومة ومدعي عليه أخر فلا تختص بالنسبة للحكومة إلا المحكمة التي حددها القانون على أساس أن الحكمة التي من أجلها وضع المشرع قاعدة مخصوصة بالنسبة للدعاوى الجزئية التي ترفع على الحكومة متوفرة أيضاً في حالة تعدد المدعى عليهم ( من هذا الرأي العشماوي الجزء الأول ص 489 والدكتور أبو الوفا في التعليق على المرافعات الطبعة الخامسة ص 348).
ويستوي لتطبيق هذه المادة أن تكون الدعوى من اختصاص القاضي الجزئي العادي والاستثنائي كما يستوي أن تكون الدعوي موضوعية أو مستعجلة ويستوي أن تكون الدعوى الجزئية المرفوعة على الحكومة عينية عقارية أو شخصية عقارية أو مختلطة أو منقولة، أو يصعب تكييفها. ( التعليق على المرافعات لأبو الوفا ص 348).
وهناك رأي أخذت به بعض المحاكم وهو أن الاختصاص المنصوص عليه في المادة 51 وإن كان اختصاصاً محلياً إلا أنه متعلق بالنظام العام لأنه متصل بمصلحة عامة هي مصلحة الدولة.
ويتعين مراعاة قواعد الاختصاص المحلي أي مراعاة ما إذا كانت الدعوي منقولة أو عقارية فإذا رفعت على إحدى المصالح الحكومية الواقعة بدائرة محكمة الدلنجات كان الاختصاص لمحكمة بندر دمنهور باعتبارها المحكمة التي تقع بدائرتها مقر المحافظة. أما إذا رفعت علي هذه المصلحة دعوي عينية عقارية متعلقة بعقار يقع في المنصورة. فإنه ترفع أمام محكمة بندر المنصورة (كمال عبد العزيز الطبعة الثالثة الجزء الأول ص 417 ). ( التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثاني ، الصفحة : 739 )
إختصاص محكمة أخرى على خلاف القاعدة العامة :
الدعاوى العينية العقارية : تختص بهذه الدعاوى المحكمة التي يوجد في دائرتها محل العقار . وتنطبق هذه القاعدة على الدعوى العينية العقارية دون الدعوى العينية المنقولة أو الدعوى الشخصية . ويستوي أن ترمي الدعوى إلى حماية حق عيني عقاري سواء كان حق الملكية أو الإنتفاع أو الإرتفاق أو الرهن أو حق الإختصاص أو أن ترمي إلى حماية الحيازة (مادة 50 مرافعات). وقاعدة إختصاص محل المال يبررها أن القاضي القريب إلى هذا المحل أقدر من غيره على الفصل في الدعوى لما قد يقتضيه من معاينة المال . وقد بدأ الأخذ بهذه القاعدة في أواخر عهد القانون الروماني، وكانت تنطبق على المال عقاراً أو منقولاً ، كما أنها كانت إختيارية إذ كان للمدعى أن يختار بينها وبين القاعدة العامة. ولكنها في القانون الحديث أصبحت قاصرة على العقارات ، وأصبحت إلزامية .
ولكن ما الحل في حالة وقوع العقار في دائرة أكثر من محكمة ؟ تذهب بعض التشريعات إلى جعل الإختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها الجزء من العقار الأكثر قيمة ( أنظر المادة 21 مرافعات إيطالي ) . ولكن المشرع المصري - تفادياً للصعوبات العملية لهذا الحل - قرر جعل الإختصاص لأية محكمة يقع في دائرتها جزء من العقار (مادة 50/ 1 مرافعات) أياً كانت مساحته أو قيمته .
ولا يكفي لإختصاص محكمة محل العقار أن تتعلق الدعوى بعقار ، بل يجب أن تتعلق بحق عيني على عقار. ولهذا لا تخضع لهذه القاعدة دعوی المطالبة بأجرة عقار أو دعوى بطلان أو فسخ أو صورية عقد بيع عقار، أو دعوى المستأجر بإلزام المؤجر بتسليمه العقار المؤجر . ذلك أن المشرع لا يتكلم عن دعوى متعلقة بعقار بل عن دعوى عينية عقارية (المادة 50/ 1 مرافعات) .
وقد ثار الخلاف حول تطبيق هذه القاعدة على الدعوى التقريرية المتعلقة بحق عيني عقاري . وقد ذهب البعض إلى عدم إنطباقها وذلك استناداً إلى أن هذه القاعدة من الناحية التاريخية نشأت بالنظر إلى تنفيذ الحكم على أساس أن الحكم الصادر في الدعوى إنما ينفذ في محل المال مما أدى إلى إعطاء الإختصاص أيضاً في مرحلة الدعوى السابقة على التنفيذ إلى القاضي الذي يتبعه محل المال ، ولما كانت الدعوى التقريرية لا تنتهي بحكم يمكن تنفيذه جبراً ، فإن علة إعطاء قاضي المحل الإختصاص لا تتوافر بالنسبة لهذه الدعوى. على أننا نرى ، مع البعض الآخر من الفقهاء ، أنه أياً كان أساس القاعدة عند نشأتها فإنها الآن تنطبق على جميع الدعاوى العينية العقارية، ومنها الدعوى التقريرية المتعلقة بحق عيني عقاري. ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الأول ، الصفحة : 583 )
الإختصاص بالدعاوى العينية العقارية :
يبين من نص المادة (83) من القانون المدني أن يعتبر مالاً عقارياً كل دعوى تتعلق بحق عيني على عقار، كما تنص المادة (50) من قانون المرافعات على أنه في الدعاوى العينية العقارية ودعاوى الحيازة - دعوى منع التعرض ودعوى استرداد الحيازة ودعوى وقف الأعمال الجديدة - يكون الإختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو أحد أجزائه - مهما صغر - إذا كان واقعاً في دائرة محاكم متعددة.
والدعوى تعتبر عينية عقارية ، إذا تعلقت بحق عيني أصلي أو حق عيني تبعي على عقار، سواء تعلقت بتقرير هذا الحق أو إنكاره، ومن ثم تعتبر دعوى عينية عقارية، دعوی ثبوت الملكية ودعوى الإستحقاق ودعوى الإنتفاع ودعوى الاستعمال ودعوى السكني ودعوى الحكر ودعوى الإرتفاق الإيجابي بتقرير حق إرتفاق ودعوى الإرتفاق السلبي بنفي هذا الحق. كما تعتبر الدعوى المتعلقة بالحقوق العينية التبعية من الدعاوى العينية العقارية، كالدعاوى المتعلقة بالرهن الرسمي والرهن الحيازي العقاري وحق الإختصاص وحق الامتياز الوارد على عقار، سواء رفعت من حائز العقار أو عليه طالما تعلقت بتأكيد الحق العيني التبعي أو نفيه.
وتخضع الدعوى العينية العقارية من حيث تقدير قيمتها لنص الفقرات 1, 2 ، 3 ، 4 من المادة (37) من قانون المرافعات.
كذلك تعتبر دعوى الشفعة، من الدعاوى العينية العقارية إذ يقصد الشفيع من ورائها إلى تقرير حق عيني أصلي له على العقار المشفوع فيه، إذ يترتب على تسجيل حكم الشفعة انتقال ملكية العقار المشفوع فيه إليه.
كان يمكن تأصيل هذا المبدأ على سند من نص المادة (38) من القانون المدني باعتبار دعوى الشفعة دعوى عينية عقارية ثم تقدير قيمتها وفقاً للمادة (37) من قانون المرافعات».
وثار الخلف حول الدعاوى المتعلقة بانحلال العقود الواردة على عقار کدعاوى الفسخ والإبطال والتقایل، فذهب رأي إلى إعتبارها دعاوی منقولة بينما ذهب رأي آخر إلى إعتبارها دعاوی عقارية. ونرى أن العبرة بتحديد طبيعية هذه الدعاوى ، ووفقاً للمعيار المتقدم، تكون بالنظر إلى صلتها بالحق العيني، فإن كانت هذه الصلة مباشرة كانت الدعوى عقارية أما إن كانت الصلة غير مباشرة كانت الدعوى منقولة وبناء على ذلك ، إذا كان العقد المراد فسخه أو إبطاله أو تقرير التقايل في شأنه مسجلاً كانت الصلة مباشرة بين الدعوى والحق العيني فتكون الدعوى عقارية أما إن لم يكن مسجلاً كانت الصلة غير مباشرة فتكون الدعوى منقولة وحينئذ يمكن تحديد الاختصاص المحلي.
الإختصاص بالدعاوى الشخصية العقارية :
أوضحنا فيما تقدم أن الدعوى العقارية تتعلق بعين معينة وهي ذات صلة مباشرة بهذه العين العقارية ومنبتة الصلة بشخص المدعى عليه فلا يراد بها إلزامه بالقيام بعمل من شأنه وصول المدعى للحق العيني المراد اقتضاؤه.
وعلى خلاف ما تقدم، نجد أن الدعوى الشخصية العقارية منبتة الصلة المباشرة بالحق العيني الوارد على العقار والمراد إقتضاؤه، فلا تصل إليه إلا بطريق غير مباشر وذلك بإلزام شخص بالقيام بعمل من شأنه أن يؤدي إلى إقتضاء الحق العيني العقاري ، ومن ثم تكون الدعوى شخصية عقارية، مثال ذلك دعوى صحة ونفاذ عقد البيع الوارد على حق عيني عقاري ، إذ المراد منها نقل هذا الحق للمشتري ، وهذا لا يتحقق إلا بتدخل البائع بقيامه بالتصديق على توقيعه أمام الشهر العقاري لإمكان تسجيل العقد ونقل الملكية بموجب ذلك، فإن أمتنع البائع عن التصديق، لجأ المشتري لدعوى صحة ونفاذ عقد البيع ليقوم الحكم الصادر فيها مقام تصديق البائع وهذا هو البديل لتنفيذ البائع لإلتزامه الشخصي.
الإختصاص بالدعاوى الشخصية (المنقولة) :
الدعوى الشخصية هي التي يرجع الدائن بها على مدينه لإلزامه بتنفيذ إلتزامه الشخصي سواء كان هذا الإلتزام ينصرف إلى القيام بعمل أو الإمتناع عن عمل، فترد دائماً على علاقة دائنية، وهي من الدعاوى المنقولة التي ينعقد الاختصاص بنظرها لمحكمة موطن المدعى عليه، وتظل الدعوى شخصية ولو كان تنفيذ الإلتزام ذات صلة بعقار طالما لم تنصرف الطلبات فيها إلى تقرير حق عيني على العقار أو إنكار هذا الحق أو طالما لم يؤسس الطلب على ثبوت الحق العيني ، مثال ذلك دعوى المشتري بإلزام البائع بتسليم العقار استناداً إلى عقد بيع إبتدائي ودعوى المشتري بعقد ابتدائي بطرد الغاصب من العقار المبيع ودعوى تكملة الثمن ودعوى عقد الإيجار بتسليم العقار المؤجر أو بإخلائه ودعوى عقد المقاولة الوارد على عقار، فكل هذه الدعاوى ، دعاوی شخصية لورودها على تنفيذ التزامات شخصية وعدم مساسها بالحق العيني المتعلق بالعقار.
الإختصاص بدعاوى تسليم العقارات :
كان الإختصاص بدعاوى تسليم العقارات يخضع للقواعد العامة في الإختصاص النوعي، وبموجب الفقرة الثالثة المضافة للمادة (50) من قانون المرافعات ، انعقد هذا الإختصاص للمحكمة الجزئية الواقع بدائرتها العقار مهما كانت قيمة الدعوى.
وينحصر هذا الإختصاص في الدعاوى الأصلية التي ترفع إبتداء بطلب تسليم العقار، طالما كان طلباً قائماً بذاته، أما إن كان مندمجاً مع طلبات أخرى، فإن الإختصاص يتحدد بالنظر إلى كل هذه الطلبات مجتمعة، فالدعوى التي ترفع بصحة ونفاذ عقد البيع والتسليم، ينعقد الإختصاص بها وفقاً لقيمة المبيع، فإن كانت لا تتجاوز أربعين ألف جنيه، إنعقد الإختصاص بها للمحكمة الجزئية أما إن جاوزتها، إنعقد الإختصاص للمحكمة الابتدائية فتتصدى لطلب صحة ونفاذ العقد وطلب التسليم معاً .
أما إن كان المدعي قد طلب الحكم بصحة ونفاذ العقد، وأغفل طلب التسليم، فإن طلبه يتم بموجب طلب عارض إن لم يكن قد صدر الحكم بصحة ونفاذ العقد ، يقدم إلى نفس المحكمة التي تنظر الدعوى، سواء كانت هي المحكمة الجزئية أو الإبتدائية.
فإن كان الحكم قد صدر بصحة ونفاذ العقد، فإن الاختصاص بطلب التسليم ينعقد للمحكمة الجزئية الواقع بدائرتها العقار حتى لو كان الحكم صادراً من المحكمة الإبتدائية الواقع بدائرتها موطن المدعى عليه، وحينئذ لا يقبل الدفع بعدم الإختصاص المحلي.
ويختلف التسليم عن الرد ومن ثم فإن طلب التسليم يختص به القاضي الجزئي أياً كانت قيمته ، أما طلب الرد، فإن الإختصاص به يتقرر وفقاً لقيمة العين محل الطلب.
ذلك أن طلب الرد يستند إلى زوال التزام طالب الرد بموجب حكم نهائي بعد أن كان قد سلم نفس العين لخصمه بموجب التزام لم يتحقق سببه أو زال سببه بعد أن تحقق وكان التسليم قد استوفي شروطه.
وعملاً بالمادة (43) يكون الحكم الصادر بالتسليم انتهائياً إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز خمسة آلاف جنيه، كما يجب إخطار ذوي الشأن عملاً بذات المادة. ( المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الثاني , الصفحة : 155 )
الإختصاص بالدعاوى العينية العقارية ودعاوى الحيازة : وفقاً للفقرة الأولى من المادة 50 - محل التعليق - ينعقد الإختصاص بالدعاوى العينية العقارية، ودعاوى الحيازة للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار، وحكمة ذلك أن هذه المحكمة في الأقدر على الفصل في هذه الدعاوى نظراً لقربها من العقار، إذ أن قرب المحكمة من العقار يجعلها أكثر قدرة على الإحاطة بعناصر النزاع (سوليس وبيرو - ج 2 بند 326 ص 377)، وقد يستلزم الفصل في الدعوى الإنتقال إلى العقار لمعاينته أو ندب خبير لذلك، ولو كان الاختصاص في هذه الحالة لمحكمة موطن المدعى عليه لأدى ذلك إلى تعويق الفصل في الدعوى ( عبدالباسط جمیعی - ص 67 )، وذلك عندما يكون العقار واقعاً في منطقة أخرى غير المنطقة التي بها موطن المدعى عليه، إذ يتكبد القاضي في هذه الحالة مشقة الإنتقال إلى موقع العقار لمعاينته، ولذلك فإنه من الأفضل عقد الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار .
ويشترط لإختصاص محكمة محل العقار أن تتعلق الدعوى بحق عینی على عقار، فلا يكفي أن تتعلق الدعوى بعقار، ولذلك لا ينعقد الاختصاص لمحكمة محل العقار في حالة دعوى المطالبة بأجرة عقار أو دعوى بطلان أو فسخ عقد بيع عقار، أو دعوي المستاجر بإلزام المؤجر بتسليمه العقار المؤجر، بل يجب أن تتعلق الدعوى بحق عيني على عقار، دعوى الملكية أيضاً، وغيرها من الدعاوى المتعلقة بحق عيني على العقار، وتأخذ دعوی الحيازة حكم هذه الدعاوى أيضاً ، وإذا كان العقار واقعاً في دوائر محاكم متعددة، فإنه يجوز رفع الدعوى أمام أية محكمة يقع في دائرتها أحد أجزاء العقار (مادة 50 مرافعات ) بصرف النظر عن مساحة هذا الجزء أو قيمته، فكل محكمة يقع في دائرتها جزء من العقار تكون مختصة حتى لو كان هذا الجزء هو أصغر الأجزاء قيمة أو مساحة، فلا يشترط أن يكون الجزء الواقع بدائرة المحكمة هو الجزء الأكبر من العقار حتى ينعقد الإختصاص لهذه المحكمة، إذ لا عبرة بمساحة أو قيمة أجزاء العقار.
إذن طبقاً للفقرة الأولى من المادة 50 مرافعات - محل التعليق۔ استثنى المشرع الدعاوى العينية العقارية - وهي الدعاوى التي تنصب فيها المنازعة على حق عيني على عقار - کدعوی ثبوت ملكية عقار او حق إرتفاق او حق مرور، وما إلى ذلك من الدعاوى العينية كالمنازعة في أي حق من الحقوق العينية التبعية كالرهن الرسمي أو الرهن الحيازی المنصب على عقار - ودعاوى الحيازة من الخضوع للقاعدة العامة في الاختصاص، وأوجب رفعها أمام المحكمة التي يقع في دائرتها العقار وإذا تعلقت الدعوى بعقار ومنقول تبع الأصل الفرع، فالمطالبة بملكية العقار وريعه، أو ما عليه من منقولات ترفع إلى محكمة موقع العقار .
ويلاحظ أن دعاوى الحيازة في الدعاوى التي تحمي حيازة الحق العيني العقاري، وهي عينية لأن حيازة الحق قرينة على تملكه، فالدعوى التي تحمي حيازته هي عينية كالدعاوى التي تحمي الحق نفسه، وهي عقارية لأن الحق العيني الذي يحمي حيازته يتعلق بالعقار.
الإختصاص بالدعاوى الشخصية العقارية والدعاوی المختلطة : طبقاً للفقرة الثانية من المادة 50 مرافعات محل التعليق - ينعقد الإختصاص بالنظر في الدعاوى الشخصية العقارية للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو موطن المدعى عليه، والدعاوى الشخصية العقارية هي التي تستند إلى حق شخصی بحت، ويطلب بها تقرير حق عيني على عقار أو إكتساب هذا الحق، ومن أمثلة هذه الدعاوى الدعوى التي يرفعها مشترى العقار بعقد غير مسجل، ويطلب فيها الحكم على البايع بصحة التعاقد، واعتبار الحكم ناقلاً للملكية من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى ( المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق رقم 17 لسنة 1949 فيما يتعلق بالمادة 56 منه ) ، ويتعين ملاحظة أن القانون المدني الحالي لايعتبر من الدعاوى العقارية إلا تلك المتعلقة بحق عینی على عقار، وإنما ما أشار إليه المشرع في قانون المرافعات بصدد الدعاوی الشخصية العقارية قد قصد منه مجرد التيسير، دون أن يرتب أي أثر آخر على هذا التعريف ( احمد ابوالوفا - التعليق ص 345 ) .
ويقيس الفقه على الدعاوى الشخصية العقارية الدعاوى المختلطة ( رمزی سیف - الوسیط - بند 252 - ص 295، فتحي والي - مباديء - بند 172 ص 252، أحمد أبوالوفا - المرافعات - بند 337 ص 453 ۔ عبدالباسط جمیعی ص 71 و ص 72 ) ، فينعقد الإختصاص بنظر هذه الدعاوى أيضاً للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو موطن المدعي عليه، والدعاوى المختلطة هي التي تستند إلى حقين، أحدهما شخصي والآخر عینی، وتوجه إلى المدعى عليه باعتباره مديناً بالأول، وملزماً في الوقت نفسه باحترام الثاني باعتباره نتيجة لثبوت الحق الأول، ومن أمثلة هذه الدعاوی دعوى المشتري على البائع بتسليم العقار المبيع تنفيذاً لعقد البيع، ودعوى البائع على المشتري بفسخ البيع ورد العقار إليه، ودعوي الواهب على الموهوب له بالرجوع عن الهبة ورد العقار إليه.
ويلاحظ أن الدعوى المتعلقة بحق رهن عقاري إذا وجهت إلى المدين فالمدعي فيها الخيار إن شاء أتبع القاعدة العامة في دعاوى الحقوق الشخصية فيرفعها أمام محكمة موطن المدعى عليهم وإن شاء اتبع حكم الإختصاص الكلى بالنسبة للعقار فيرفعها أمام المحكمة التي يقع العقار في دائرتها فإذا تعددت المحاكم التي يقع بدائراتها أي جزء من أجزاء العقار جاز رفعها أمام المحكمة التي يقع بدائرتها أي جزء من أجزاء العقار وذلك طبقاً للقاعدة التي أوردها المشرع بالنسبة للدعوى المتعلقة بالعقار ( محمد، وعبد الوهاب العشماوي - ج 1 - ص 494 وما بعدها ).
اختصاص المحكمة الجزئية بدعاوى تسليم العقارات التى تقع فى دائرتها :
طبقاً لتعديل المادة 50 بالقانون 76 لسنة 2007 بإضافة فقرة ثالثة لها تختص المحكمة الجزئية الواقع فى دائرتها العقار دون غيرها بدعاوى تسليم العقارات وذلك بطريق الاستثناء من حكم المادة 108 من ذات القانون كى يكون الاختصاص المحلى بتلك الدعاوى من النظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها . ( المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 76 لسنة 2007 ) .( الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الثاني ، الصفحة : 257 )
استثني المشرع الدعاوى العينية العقارية - وهي الدعاوى التي تنصب فيها المنازعة على حق عيني على عقار - کدعوي ثبوت الملكية عقار أو حق ارتفاق أو حق مرور وما إذا ذلك من الدعاوى العينية كالمنازعة في أي حق من الحقوق العينية التبعية كالرهن الرسمي أو الرهن الحيازي المنصب على عقار - ودعاوي الحيازة من الخضوع للقاعدة العامة في الإختصاص وأوجب رفعها أمام المحكمة التي يقع في دائرتها العقار فإذا كان العقار واقعاً في دائرة محاكم متعددة كان الاختصاص للمحكمة التي يقع فيها أحد أجزاء صغر هذا الجزء أو كبر وإذا تعلقت الدعوى بعقار ومنقول تبع الأصل الفرع، فالمطالبة بملكية العقار وريعه ، أو ما عليه من منقولات ، ترفع إلى محكمة مركز العقار.
كما استثني المشرع الدعاوى الشخصية العقارية وهي تلك التي تستند إلي حق شخصي بحت ، ويطلب بها تقرير عيني علي عقار ، أو اكتساب هذا الحق، كالدعاوي التي يرفعها المشتري لعقار بعقد غير مسجل ويطلب بها الحكم على البائع بصحة التعاقد ويسري ذات الحكم علي الدعاوى المختلطة ، أي تلك التي تستند إلي إلتزام شخصي ، وحق عيني عقاري ، وتوجه إلي المدعي عليه باعتباره مديناً بالالتزام الأول وملزماً في الوقت ذاته باحترام الثاني ، باعتباره نتيجة لثبوت الحق الأول ومن أمثلة هذا النوع دعوى المشتري علي البائع بتسليم العقار المبيع تنفيذاً لعقد البيع ودعوي البائع أو الواهب أو على المشتري أو الموهوب له بفسخ البيع أو إلغاؤه أو الرجوع عن الهبة ورد العقار إليه. والدعوي المتعلقة بحق رهن عقاري إذا وجهت إلي المدين فجعل المشرع المدعي فيها بالخيار إن شاء اتبع القاعدة العامة في دعاوى الحقوق الشخصية فيرفعها أمام محكمة موطن المدعى عليهم وإن شاء أتبع حكم الإختصاص المحلي بالنسبة للعقار فيرفعها أمام المحكمة التي يقع العقار في دائرتها فإذا تعددت المحاكم التي يقع بدائرتها أي جزء من أجزاء العقار وذلك تطبيقاً للقاعدة التي أوردها المشرع بالنسبة للدعوي المتعلقة بالعقار . ( مرافعات العشماوي الجزء الأول ص 494 وما بعدها ) . ( التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار الطبوعات الجامعية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 736 )