loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

في الاختصاص المحلى :

1- استعاض المشروع في المادة 53 عن إصلاح محل افتتاح التركة بإصلاح آخر موطن للمتوفى لأنه أبلغ في البيان .

2- جاءت المادة 55 من المشروع الخاصة بالمنازعات التجارية أوسع في نطاقها من المادة 62 من القانون القائم فأصبح حكمها يشمل تنفيذ الاتفاق جزئياً أو كلياً بالنسبة لاختصاص المحكمة التي تم في دائرتها هذا الاتفاق .

3- وبالنسبة للمنازعات المتعلقة بالتوريدات والأشغال وأجور المساكن والعمال والصناع تعقد المادة 63 من القانون القائم الاختصاص للمحكمة التي في دائرتها تم الاتفاق أو نفذ بشرط أن يكون فيها موطن أحد الخصوم وقد رای المشروع أن يستبدل في المادة 56 منه بذلك الشرط شرطاً أخر هو أن يكون فيها موطن المدعي بعد أن صدر المادة بالنص على أن الاختصاص بهذه المنازعات ينعقد لمحكمة موطن المدعى عليه .

كما استبدل المشروع لفظ المقاولات بلفظ الأشغال ضبطاً للعبارة ويلاحظ أن عبارة التوريدات والمقاولات لا تنصرف في هذه المادة إلى عقود التوريد والمقاولات العامة وإنما تنصرف إلى التوريدات والمقاولات الفردية .

4- وفي الدعاوى المتعلقة بالنفقات حذف المشروع في المادة 57 منه عبارة المقررة التي وصفت بها النفقات في المادة 64 من القانون القائم بحيث تشمل جميع النفقات المقررة منها والمؤقتة وهذه الدعاوى تشمل كافة الدعاوى التي ترفع من مستحق النفقة سواء بطلب تقريرها او زيادتها باعتبار الزيادة صورة من صور المطالبة بالنفقات أما دعاوی إسقاط النفقة أو تخفيضها فلا يجرى عليها هذا الحكم الخاص وإنما تخضع للقاعدة العامة .

5- استحدث المشروع نصاً في المادة 62 يقضي بأنه إذا اتفق على اختصاص محكمة معينة يكون الاختصاص لهذه المحكمة او للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه ذلك أن الاختصاص الأخير هو اختصاص أصيل قائم لا يعطله النص على اختصاص محاكم أخرى فيما عدا الحالات التي يرى المشرع فيها النص على منع الجمع على أنه في الحالات التي ينص فيها القانون على تخويل الاختصاص لمحكمة غير محكمة موطن المدعى عليه لم يجز المشروع الاتفاق مقدماً على ما يخالف هذا الاختصاص ذلك أن المشروع إنما يستهدف في هذه الحالات أغراضاً معينة لا تتحقق مع اتفاق الخصوم مقدماً على مخالفتها هذا فضلاً عن أن في منع الاتفاق مقدماً حماية للطرف الضعيف في الاتفاق .

 

 

الأحكام

1 ـ المقرر طبقاً لنص المادة 245 من قانون التجارة البحرية الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1990 أن " ترفع الدعاوى الناشئة عن عقد نقل البضائع بالبحر أمام المحكمة المختصة وفقاً لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية ويجوز أيضاً حسب اختيار المدعى أن ترفع الدعاوى المذكورة إلى المحكمة التى يقع فى دائرتها ميناء الشحن أو التفريغ أو الميناء الذى حجز فيه على السفينة ، ويقع باطلاً كل اتفاق سابق على قيام النزاع يقضى بسلب المدعى الحق من هذا الاختيار أو تقييده " ، إذ كان ذلك ، وكانت المادة 55 من قانون المرافعات المدنية والتجارية قد نصت على أنه " فى المواد التجارية يكون الاختصاص لمحكمة المدعى عليه أو للمحكمة التى تم الإتفاق ونفذ كله أو بعضه فى دائرتها أو للمحكمة التى يجب تنفيذ الاتفاق فى دائرتها " . لما كان ذلك ، وكانت الدعوى رقم .... لسنة 1997 تجارى بورسعيد الابتدائية متعلقة بعقد النقل البحرى المبرم بين المطعون ضدها الثانية وبين المطعون ضده الثامن بشأن نقل صائدة الألغام الساحلية رقم "3" من ميناء نيو أورليانز بالولايات المتحدة الأمريكية إلى ميناء بورسعيد على ظهر السفينة " .... " فإنه يجوز رفع الدعوى أمام محكمة بورسعيد الابتدائية باعتبارها المحكمة التى كان يجب تنفيذ الاتفاق من دائرتها ، فلا على الحكم المطعون فيه إن أغفله أو لم يعن بتحقيقه لأنه دفاع فاسد لا يستند على أساس قانونى صحيح ، ومن ثم يكون النعى غير مقبول .

(الطعن رقم 655 لسنة 70 جلسة 2010/02/09 س 61 ص 191 ق 32)

2 ـ مفاد النص فى المادة 194 و 55 و 49 من قانون المرافعات أن قاضى الأمور الوقتية المختص محلياً بإصدار الأمر هو قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة محلياً بنظر الدعوى ، و هى محكمة موطن المدعى عليه ، و عند تعدد المدعى عليهم يكون الاختصاص لأية محكمة يقع فى دائرتها موطن أحدهم ، و يشترط لتطبيق هذه القاعدة أن يكون تعدد المدعى عليهم حقيقياً لا صورياً.

(الطعن رقم 1914 لسنة 50 جلسة 1985/03/12 س 36 ع 1 ص 380 ق 83)

شرح خبراء القانون

اختصاص محكمة أخرى إلى جانب القاعدة العامة:

ينص القانون أحياناً على اختصاص أكثر من محكمة بالدعوى الواحدة. وليس معنى هذا إمكانية رفع الدعوى أمام محكمتين في نفس الوقت، ولكن معناه رفع الدعوى أمام أي منهما. ويكون الخيار للمدعي، فإلى جانب إمكانية رفع الدعوى أمام محكمة موطن المدعى عليه تطبيقاً للقاعدة العامة، يمكن رفعها أمام محكمة أخرى يحددها القانون. وذلك على التفصيل التالي :

محكمة الموطن الخاص أو الموطن المختار أو الفرع :

(أ) إذا كان للمدعى عليه موطن خاص لمباشرة تجارة أو حرفة أو مهنة معينة (41 مدني)، يقع في دائرة محكمة غير المحكمة التي يتبعها موطنه الأصلي، فإن للمدعي الخيار في أن يرفع الدعوى المتعلقة بهذه التجارة أو الحرفة أو المهنة أمام أي من المحكمتين.

(ب) وفقاً للمادة 2 / 43 مدني يجوز اتخاذ موطن مختار لتنفيذ عمل قانوني معين. ويكون هذا الموطن المختار «هو الموطن بالنسبة إلى كل ما يتعلق بهذا العمل بما في ذلك إجراءات التنفيذ الجبري» وهو ما يفهم منه أن مؤدي هذا الاختيار أن تكون المحكمة المختصة بالدعوى المتعلقة بهذا العمل في المحكمة التي يتبعها هذا الموطن. ووفقاً للمادة 92 مرافعات «إذا اتفق على اختصاص محكمة معينة يكون الاختصاص لهذه المحكمة أو للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه». ولما كان اختيار موطن التنفيذ يعتبر اتفاقاً ضمنياً على اختصاص المحكمة التي يتبعها هذا الموطن فيحكمه ما تنص عليه المادة 62 مرافعات بصفة عامة بالنسبة للاتفاق على اختصاص محلى لمحكمة معينة. ويكون للمدعى رفع الدعوى إما أمام محكمة موطن المدعى عليه أو أمام محكمة الموطن المختار. وذلك سواء تعلق الأمر بدعوى لتنفيذ العقد، أو بدعوى الفسخ لعدم التنفيذ.

(ج) إذا كان المدعى عليه شخصاً معنوياً وكانت له عدة فروع، فإن كل فرع من هذه الفروع يعتبر موطناً مختاراً له بالنسبة لنشاط هذا الفرع. ولهذا فإنه يمكن رفع الدعوى على الشخص المعنوي بخصوص نشاط فرع معين إما أمام المحكمة التي يتبعها مركز الإدارة الرئيسي (باعتباره موطناً أصلياً) أو أمام المحكمة التي يتبعها هذا الفرع (باعتباره موطناً مختاراً للشخص المعنوي) . (أنظر المادة 2 / 52 مرافعات).

ويشترط لاختصاص محكمة الفرع أن يكون موضوع الدعوى متعلقاً بالفرع أو ناشئاً عن أعماله أو عن حوادث وقعت بدائرته، وأن يكون الفرع فرع حقيقية يمارس أعمال المركز الرئيسي وينوب عنه في التعاقد مع الغير.

كما أنه يجب ملاحظة أن رفع الدعوى أمام محكمة الفرع لا يؤثر في وجوب رفع الدعوى على الشخص المعنوي وإعلان صحيفتها في مركز إدارته الرئيسي.

الدعاوى الشخصية العقارية والدعاوى المختلطة :

وفقاً للمادة 50/2 يكون الاختصاص بالدعاوى الشخصية العقارية - خلافاً للقاعدة العامة - للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو لمحكمة موطن المدعى عليه ويقيس الفقه عليها الدعاوى المختلطة.

الدعاوى التجارية :

للمدعي في الدعاوى التجارية الخيار بين ثلاثة محاكم (مادة 55 مرافعات). وعلة هذه الخيار هي تيسير الأمر على المدعي وهو خيار مقرر فقط بالنسبة للدعاوى التجارية فإذا كان العمل مختلطاً، فإن المادة تنطبق إذا كان يعتبر تجارية بالنسبة للمدعى عليه والعبرة بطبيعة العمل ولو كان المدعى عليه من غير التجار)، وسواء كانت الدعوى من اختصاص محكمة مدنية أو تجارية، أو محكمة اقتصادية . على أن الأمر يقتصر على الدعاوى المتعلقة باتفاق، أي بعقد. فلا ينطبق إذا لم يتعلق بعقد). ويستوي أن يكون العقد عقد بيع أو أي عقد آخر، كما يستوي أن تكون الدعوى دعوى تقريرية، أو دعوى إلزام، أو دعوى منشئه، فينطبق الخيار على دعوى تقرير صحة العقد أو بطلانه، أو دعوى المطالبة بتنفيذ أحد الالتزامات الواردة فيه أو المطالبة بالتنفيذ بمقابل أو دعوى فسخ العقد، هذا ولو كانت الدعوى متعلقة بعقار.

ونص المادة 55 يعطى للمدعي الخيار بين :

1- محكمة المدعى عليه : ويمكن عندئذ رفع الدعوى أمام محكمة الموطن الخاص بالتجارة وفقاً للمادة 41 مدني سالفة الذكر.

2- المحكمة التي تم الاتفاق ونفذ كله أو بعضه في دائرتها، وهو ما يفترض أن يكون الاتفاق والتنفيذ قد حدثاً في دائرة نفس المحكمة. فمحل الاتفاق وحده أو محل التنفيذ وحده لا يكفي. ويقصد بمحل الاتفاق المحل الذي تم فيه الاتفاق نهائياً فلا يكفي المحل الذي حصلت فيه المفاوضات التمهيدية للاتفاق ويرجع في تحديد محل العقد إلى القواعد المقررة في القانون المدنية وإذا تعددت الالتزامات، فيكفي أن يتم تنفيذ إحداها في دائرة محكمة محل إبرام العقد لتختص محكمة هذا المحل.

3- المحكمة التي يجب تنفيذ الاتفاق في دائرتها، أي التي يتبعها المحل الذي اتفق على الوفاء فيه بالالتزام، سواء تم التنفيذ أم لم يتم . وإذا حدث وتم التنفيذ في غير المحل المتفق على التنفيذ فيه فالعبرة بالمحل الأخير، إلا إذا كان قد تم التنفيذ في نفس محل العقد فعندئذ يكون للمدعي الخيار بين المحكمتين (إلى جانب محكمة موطن المدعى عليه). ويستوي أن يكون محل الالتزام مبلغاً من النقود أم لا . ويكفي هذا المحل ولو كان غير المحل الذي تم فيه العقد. فإذا تضمن الاتفاق أكثر من التزام اتفق على تنفيذ كل منها في محل يتبع محكمة مختلفة، فالاختصاص يكون لكل منها، بالنظر إلى الدعوى المتعلقة بالالتزام المتفق على تنفيذه في دائرتها وإذا كانت الدعوى بطلب التنفيذ بمقابل، فالعبرة بالمكان الذي يجب الوفاء فيه بالالتزام الأصلي، وليس بالمكان الذي يجب أن يكون فيه التنفيذ بمقابل وإذا كانت الدعوى هي دعوى فسخ العقد، فإن الاختصاص يكون إما للمحكمة المختصة وفقا القواعد العامة، أو للمحكمة التي كان يجب التنفيذ في دائرتها.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الأول ،  الصفحة : 597)

 

الاختصاص المحلي في المواد التجارية :

تتحدد المواد التجارية بطبيعة العمل في ذاته بصرف النظر عن الشخص الذي قام به. فالأوراق التجارية تعتبر أعمالاً تجارياً وتخضع لنص المادة (55) الماثلة ولو كان من حررها غير تاجر ولو كان موظفاً، بحيث إن أخل بالتزامه الوارد بها رفعت الدعوى عليه أمام المحكمة التي حددتها المادة المشار إليها، وقد يبرم التاجر تصرفاً ومع ذلك لا يعتبر عملاً تجارياً كما إذا اشترى عقاراً لسكناه أو استأجره وحينئذ لا يخضع النزاع الناشئ عنه للنص المتقدم.

وقد يعتبر العمل مختلطاً، فيكون تجارياً بالنسبة لطرف ومدنياً بالنسبة للطرف الآخر، كتاجر يشتري من مزارع، فإن هذا العمل يعتبر تجارياً بالنسبة للتاجر ومدنيا بالنسبة للمزارع. وفي هذه الحالة يسري نص المادة (55) إذا رفعت الدعوى على التاجر إذ تكون متعلقة بمادة تجارية، أما إذا رفعها التاجر على المزارع، فإن الاختصاص المحلي يتحدد وفقاً للقواعد العامة.

ومتى تحددت طبيعة العمل بالنظر إلى المدعى عليه، وكان تجارياً، كما في المثال المتقدم، كان للمدعى الحق في رفع دعواه على النحو التالي:

أولاً : أمام المحكمة التي يقع بدائرتها الموطن التجاري للمدعى عليه، وللمدعى رفعها أمام المحكمة التجارية أو المدنية وفقاً لاختياره.

ثانياً : إذا كان الاتفاق قد أبرم و تم تنفيذه كلياً أو جزئياً في دائرة محكمة معينة، انعقد الاختصاص المحلي لها بالدعاوى الناشئة عن هذا الاتفاق، ويكفي تنفيذ أي من المتعاقدين لالتزامه ، فإن سلم البائع بعض المبيع بدائرة المحكمة التي تم فيها الاتفاق، اختصت محلياً بدعوى المطالبة بالثمن أو الفسخ والتعويض، وأيضاً إذا دفع المشتري الثمن أو جزء منه وقت الاتفاق أو بعده، كان له رفع دعوى التسليم أمام المحكمة التي تم الاتفاق والوفاء بدائرتها، ويظل الاختصاص المحلي منعقداً لها حتى لو نفذ باقي الالتزام بدائرة محكمة أخرى (قارن أبو الوفا في التعليق ویری اختصاص المحكمتين).

أما إذا تم الاتفاق في دائرة محكمة معينة، بينما تم التنفيذ بدائرة محكمة أخرى، فإن الاختصاص المحلي بالمنازعات الناشئة عن الاتفاق ينعقد لمحكمة موطن المدعى عليه.

ثالثاً: إذا تم الاتفاق في دائرة محكمة معينة ويتضمن أنه ينفذ في دائرة محكمة أخرى، فإن الاختصاص المحلي ينعقد للمحكمة التي اتفق على تنفيذ الاتفاق بدائرتها، مثال ذلك أن يبرم الاتفاق في القاهرة على أن يتم تسليم البضاعة ودفع الثمن بالإسكندرية. ففي هذه الحالة ينعقد الاختصاص المحلي لمحكمة الإسكندرية يرفعها المدعى أمام إحدى دوائرها المدنية أو التجارية ما لم يكن هو بدوره تاجراً فترفع أمام الدائرة التجارية. فإذا تضمن الاتفاق تنفيذه في كل من القاهرة بدفع الثمن وفي الإسكندرية بالتسليم، انعقد الاختصاص المحلي لأي من محكمتي القاهرة أو الإسكندرية سواء تم التنفيذ أو لم يتم، وإذا تعددت أماكن التنفيذ كان لمحكمة كل منها اختصاص بالدعوى التي ترفع وسواء كان التنفيذ عيناً أو بمقابل.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء الثاني / الصفحة 173)

 

الاختصاص المحلي بالدعاوى التجارية : 

واضح من نص المادة 55 - محل التعليق - إن للمدعي في المواد التجارية الخيار في رفع دعواه أمام إحدى محاكم ثلاث : 

الأولى محكمة المدعى عليه أي المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه، وذلك وفقاً للقاعدة العامة في الاختصاص، وينبغي ملاحظة أن التاجر فضلاً عن موطنه العادي موطناً خاصاً، وهو المكان الذي يباشر فيه تجارية ومادة 41 من القانون المدني، ومن ثم فإنه يجوز للمدعى أن يرفع دعواه أمام المحكمة التي يقع بدائرتها موطن التاجر الخاص (أحمد مسلم - أصول المرافعات - بند  254 ص 278، فتحی والی - مبادي - بند 173 ص 257، إبراهيم سعد - ج 1 - بند 200 ص 496 وص 497) أي الذي يباشر فيه تجارته. 

الثانية  المحكمة التي تم الاتفاق ونفذ كله أو بعضه في دائرتها:

فاختصاص هذه المحكمة مشروط بأن يكون الاتفاق وتنفيذه تنفيذاً كلياً أو جزئياً قد تما في دائرتها، أما إذا حصل الاتفاق في دائرة محكمة والتنفيذ الكلى أو الجزئي له في دارة محكمة أخرى فلا ينعقد الاختصاص لأي من المحكمتين (محمد وعبد الوهاب العشماوي - قواعد المرافعات - بند 398 من 513، رمزي سيف - بند 257 ص 303، إبراهيم سعد - الإشارة السابقة)، لمخالفة ذلك لصريح نص المادة 55 السالفة الذكر.

الثالثة المحكمة التي يجب تنفيذ الاتفاق في دائرتها : ولا يشترط في هذه الحالة تنفيذ الاتفاق فعلاً كلياً أو جزئياً، بل لا عبرة بمكان التنفيذ الفعلي للاتفاق، فقد يحصل التنفيذ في غير المكان الذي كان يجب التنفيذ فيه (رمزی سیف بند 257 ص 303)، وإذا اتفق على تنفيذ الاتفاق في دائرة محكمتين كانت كلاهما مختصة (عبد الباسط جميعي - مبادئ - ص 90 ، رمزي سیف - بند 257 ص 304)، فمثلا قد يتفق في عقد بيع على تسليم البضاعة في مكان وعلى دفع الثمن في مكان آخر، ففي هذه الحالة ينعقد الاختصاص المحكمة التي يقع بدائرتها مكان تسليم البضاعة، وينعقد الاختصاص أيضاً للمحكمة التي يقع في دائرتها مكان دفع الثمن، ويكون للمدعي الخيار في رفع دعواه أمام أي منهما.

ومن ذلك يتضح لنا أن المشرع يفرق بين حالة تنفيذ الاتفاق جزئياً أو کلیاً وبين حالة عدم تنفيذ الإتفاق، فبينما يشترط في الحالة الأولى أن تكون محكمة محل التنفيذ هي نفسها محكمة محل إبرام الاتفاق، فإنه لايشترط ذلك في الحالة الثانية ويعقد الاختصاص للمحكمة التي يجب تنفيذ الاتفاق بها دون الاهتمام بمحل إبرام الاتفاق.

وينتقد البعض - بحق - هذه التفرقة ( عبد الباسط جميعى - ص 90 وص 91)، على أساس أنه كان يجب «تشريعياً» التسوية بين حالة تنفيذ الإتفاق فعلاً وحالة عدم تنفيذه، فإما أن يتقدم الاختصاص لمحكمة محل التنفيذ ولو لم تكن هي محكمة محل إبرام الاتفاق، سواء كان الاتفاق قد نفذ أو كان لم ينفذ، وإنما اتفق على تنفيذه في محل معين، وأما أن يشترط لانعقاد الاختصاص لمحكمة محل التنفيذ أن تكون هي محكمة محل إبرام الاتفاق أيضاً، وذلك في حالة تنفيذ الاتفاق أو في حالة تنفيذه، أما اشتراط اقتران محل الابرام بمحل التنفيذ في حالة حصول التنفيذ فعلاً، وعدم اشتراط هذا الاقتران عند حصول  التنفيذ، فهو حكم غريب يدل على عدم التجانس في التشريع، وكان من الأفضل من الناحية التشريعية التسوية بين حالة التنفيذ وحالة عدم التنفيذ.

ويلاحظ أنه لايشترط لتطبيق نص المادة 55 أن تكون الدعوى مرفوعة من أو على تاجر، وإنما يشترط لتطبيق هذا الذي أن يكون العمل الذي ثار بصدده النزاع عملاً تجارياً (أحمد أبو الوفا - المرافعات - بند 342 ص 458 هامش رقم 1، فتحی والی - بند 173 ص 253، إبراهيم سعد -ج 1 بند 200 ص 495، أحمد مسلم - بند 254 ص 278 )، كذلك يقتصر تطبيق هذا النص على الدعاوى المتعلقة باتفاق أي بعقد، فلا ينطبق هذا النص إذا لم يتعلق الأمر بعقد (فتحي والي - مبادئ - بند 173 ص 253، إبراهيم سعد - ج 1 - بند 200 ص 496)، كما لو تعلق بالتزام نشأ عن عمل غير مشروع.

كما يلاحظ أيضاً أن نص هذه المادة والتي تقابل المادة 62 من القانون السابق كما ذكرنا، منقول عن المادة 420 من القانون الفرنسي، وهذه بدورها منقولة عن الأمر الصادر سنة 1673، وهو مستمد من تقليد قديم جرى عليه العمل في فرنسا بأن تنشئ محاكم في الأسواق الكبرى تختص فقط بالقضايا التي تخلقها المعاملات التجارية في حدود ما هو وارد بالنص، وإذن هذا النص مقرر لتيسير التجارة وما تقتضيه من مرونة وسرعة لإنماء المعاملات التجارية (موريل - المرافعات - بند 266، أحمد أبو الوفا - التعليق ص 353).

وقد مضت الإشارة إلى أنه لا محل عند إعماله لاشتراط أن تكون الدعوى مرفوعة على تاجر، بل يكتفي أن تكون تجارية، وأساس ذلك أن القانون المصرى (وكذلك القانون الفرنسي) يأخذ بالنظرية المادية ويجعل العبرة بطبيعة العمل وكونه في ذاته تجارياً بصرف النظر عن الشخص الذي قام به، وهو يعتبر العمل تجارياً ولو قام به غير تاجر کموظف مثلاً، يعتبر العمل غیر تجاری - إذا كانت طبيعتة على هذا النحو - ولو قام به تاجر (أحمد أبو الوفا - الإشارة السابقة).

ومن كل ما سبق يتضح أنه يشترط لإعمال المادة 55 - محل التعليق - ثلاثة شروط :

الشرط الأول : أن يكون العمل تجارياً بالنسبة إلى من ترفع عليه الدعوي ويستوى أن ترفع الدعوى إلى محكمة تجارية أو مدنية.

الشرط الثاني أن يكون موضوع النزاع بتصل بعقد أو اتفاق أياً كان نوعه كبيع أو إيجار أو فتح اعتماد لتاجر في أحد البنوك أو عقد وكالة بالعمولة، أو عقد تأمين أو غير ذلك.

الشرط الثالث أن يكون الاتفاق وتسليم البضاعة - أو تنفيذ العقد كله أو بعضه - قد تم في دائرة اختصاص محكمة واحدة، فإذا تم الاتفاق في دائرة محكمة معينة والتسليم في دائرة محكمة أخرى، فلا اختصاص لكلتا المحكمتين بنظر النزاع الثاني (أحمد أبو الوفا- التعليق ص 354، محمد وعبد الوهاب العشماوي - ج 1 - بند 398 ).(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء / الثاني  ، الصفحة : 282) 

1- محكمة المدعى عليه هي المحكمة الكائن في دائرتها موطن المدعي عليه باعتبارها المحكمة المختصة طبقا للقواعد العامة في الاختصاص المحلي .

2- اختصاص المحكمة التي تم الاتفاق ونفذ في دائرتها مشروط بأن يكون قد تم الاتفاق ونفذ كله أو جزء منه في دائرتها أي أن يكون الاتفاق والتنفيذ الجزئي أو الكلي قد تم في دائرة محكمة واحدة فإن كان كل منهما تم في دائرة محكمة مختلفة عن المحكمة التي تم في دائرتها الآخر فلا اختصاص لأي من المحكمتين .

3- المحكمة التي يجب تنفيذ الاتفاق في دائرتها هي تلك المحكمة التي يجب تنفيذ الاتفاق في دائرتها بمقتضى العقد أو بحكم القانون سواء كان الاتفاق نفذ أو لم ينفذ وإذا اتفق على تنفيذ الاتفاق في أكثر من مكان كما إذا اتفق في عقد بيع على تسليم البضاعة في مكان وعلى دفع الثمن في مكان آخر فيكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها كل من المكانين لأن كل منهما يجب تنفيذ الاتفاق فيه . ( الوسيط لرمزي سیف الطبعة الثامنة ص 303).

ولا يشترط تمام التنفيذ بل يكفي أن يكون التنفيذ واجباً في دائرة المحكمة ولو لم يتم بالفعل، كما لا يشترط أن يكون المدعي عليه تاجر بل يشترط فقط أن يكون العمل تجارياً.

4- ومن المقرر أن المدعي بالخيار بين المحاكم الثلاث فله أن يرفع الدعوى أمام أي منها. (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء الثاني ، الصفحة : 747)