loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

في الاختصاص المحلى :

1- استعاض المشروع في المادة 53 عن إصلاح محل افتتاح التركة بإصلاح آخر موطن للمتوفى لأنه أبلغ في البيان .

2- جاءت المادة 55 من المشروع الخاصة بالمنازعات التجارية أوسع في نطاقها من المادة 62 من القانون القائم فأصبح حكمها يشمل تنفيذ الاتفاق جزئياً أو كلياً بالنسبة لاختصاص المحكمة التي تم في دائرتها هذا الاتفاق .

3- وبالنسبة للمنازعات المتعلقة بالتوريدات والأشغال وأجور المساكن والعمال والصناع تعقد المادة 63 من القانون القائم الاختصاص للمحكمة التي في دائرتها تم الاتفاق أو نفذ بشرط أن يكون فيها موطن أحد الخصوم وقد رای المشروع أن يستبدل في المادة 56 منه بذلك الشرط شرطاً أخر هو أن يكون فيها موطن المدعي بعد أن صدر المادة بالنص على أن الاختصاص بهذه المنازعات ينعقد لمحكمة موطن المدعى عليه .

كما استبدل المشروع لفظ المقاولات بلفظ الأشغال ضبطاً للعبارة ويلاحظ أن عبارة التوريدات والمقاولات لا تنصرف في هذه المادة إلى عقود التوريد والمقاولات العامة وإنما تنصرف إلى التوريدات والمقاولات الفردية .

4- وفي الدعاوى المتعلقة بالنفقات حذف المشروع في المادة 57 منه عبارة المقررة التي وصفت بها النفقات في المادة 64 من القانون القائم بحيث تشمل جميع النفقات المقررة منها والمؤقتة وهذه الدعاوى تشمل كافة الدعاوى التي ترفع من مستحق النفقة سواء بطلب تقريرها او زيادتها باعتبار الزيادة صورة من صور المطالبة بالنفقات أما دعاوی إسقاط النفقة أو تخفيضها فلا يجرى عليها هذا الحكم الخاص وإنما تخضع للقاعدة العامة .

5- استحدث المشروع نصاً في المادة 62 يقضي بأنه إذا اتفق على اختصاص محكمة معينة يكون الاختصاص لهذه المحكمة او للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه ذلك أن الاختصاص الأخير هو اختصاص أصيل قائم لا يعطله النص على اختصاص محاكم أخرى فيما عدا الحالات التي يرى المشرع فيها النص على منع الجمع على أنه في الحالات التي ينص فيها القانون على تخويل الاختصاص لمحكمة غير محكمة موطن المدعى عليه لم يجز المشروع الاتفاق مقدماً على ما يخالف هذا الاختصاص ذلك أن المشروع إنما يستهدف في هذه الحالات أغراضاً معينة لا تتحقق مع اتفاق الخصوم مقدماً على مخالفتها هذا فضلاً عن أن في منع الاتفاق مقدماً حماية للطرف الضعيف في الاتفاق .

 

 

 

الأحكام

أن البين من استقراء نصوص قانون المرافعات المنظمة لقواعد وضوابط الإعلانات والاختصاص المحلى أن الأصل أن كل مكان يصح إعلان المدعى عليه فيه قانوناً يعد موطناً يجوز رفع الدعوى أمام المحكمة التى يقع بدائرتها هذا الموطن سواء كان الموطن العام أو القانونى أو موطن الأعمال أو الموطن المختار ، ومن ثم فإنه يجوز للمدعى أن يرفع الدعوى على الدولة والأشخاص الاعتبارية العامة أمام المحكمة التى يقع بدائرتها موطن المدعى عليه أو أقرب محكمة إلى موطنه يقع بدائرتها مقر أحد فروع هيئة قضايا الدولة ، وهو ما يتفق مع نهج المشرع فى المواد 56 ، 57 ، 58 من قانون المرافعات فى تحديد الاختصاص المحلى للمحكمة القريبة من موطن المدعى متى كان فى مركز أضعف من مركز المدعى عليه بما يجعله أولى بالرعاية . إذ كان الثابت الذى لا خلاف عليه أن الدعوى الراهنة ضد وزير الداخلية قد رفعت إلى محكمة أسيوط الابتدائية التى يقع بدائرتها فرع هيئة قضايا الدولة فى أسيوط الذى يعد موطناً للطاعن بصفته كما أن هذه المحكمة هى أقرب محكمة لموطن المطعون ضده فإن الدعوى تكون قد رفعت إلى محكمة مختصة محليا ، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم اختصاص محكمة أسيوط الابتدائية محليا بنظر الدعوى فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة التى تتفق وصحيح القانون فإن النعى على تقريراته القانونية فى هذا الخصوص يكون غير منتج ولا جدوى منه ومن ثم غير مقبول .

(الطعن رقم 3338 لسنة 76 جلسة 2015/02/02 س 66 ص 54 ق 9)

شرح خبراء القانون

الدعاوى المتعلقة بالتوريدات والمقاولات الخاصة وأجرة المساكن وأجور العمال والصناع والإجراء :

 وفقاً للمادة 55 مرافعات يكون المدعي الخيار بالنسبة لهذه الدعاوى بین محكمتين :

1- محكمة موطن المدعى عليه.

2- محكمة موطن المدعى بشرط أن يكون الاتفاق الذي تعلق به الدعوى قد تم أو نفذ في دائرة هذه المحكمة. ويكفي لاختصاص محكمة المدعى تمام الاتفاق أو تنفيذه في دائرته، فلا يشترط توافر الأمرين في نفس المحل. ومن ناحية أخرى، إذا لم يتم الاتفاق في دائرة محكمة المدعى، فلا يكفي لاختصاصها أن تكون المحكمة التي يجب تنفيذ الاتفاق في دائرتها ما دام هذا التنفيذ لم يتم. ويصلق هنا ما سبق بيانه في البند السابق حول معنی تمام الاتفاق أو التنفيذ.

وعلة هذا النص هي مواجهة وضع الغرباء الذين تقدم لهم خدمات من موردى المأكل أو الملبس أو من صغار المقاولين كالسباك أو الكهربائي أو من العمال أو الأجراء أو من أصحاب المساكن، ثم يغادرون المكان عائدين إلى بلادهم التي قد تكون بعيدة. فيكون من غير العدالة إلزام من قدم لهم تلك الخدمات برفع الدعاوى المتعلقة بها أمام محكمة موطن المدعى عليه خاصة أن قيمة الدعوى تكون عادة ضئيلة على أن هذه العلة لا تقيد النص فينطبق على الدعاوى الواردة به أياً كان المبلغ المطالب به، أو الظروف التي يتم فيها الاتفاق ولأن الأمر يتعلق بقاعدة خاصة بدعاوى معينة، فلا يمتد النص إلى غيرها. وتطبيقاً لهذا من المقرر أن اختصاص محكمة موطن المدعي بدعاوي الأجور يقتصر على الدعاوى التي يكون موضوعها المطالبة بالأجر دون تلك التي تتعلق بالمعاش أو المكافأة.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الأول ،  الصفحة : 601)

الاختصاص المحلي بدعاوى التوريدات والمقاولات والأجرة والأجور:

تنصرف التوريدات إلى البيع لأجل الذي يتم بين المستهلك وتجار التجزئة کالبقالين والقصابين وأصحاب محال السجائر والمخابز وغيرهم، أما المقاولات فتنصرف إلى الأعمال التي يقوم بها صاحب الحرفة كالسباك والتجار والنقاش والبناء وكل صاحب حرفة أخرى. كما يقصد بأجرة المساكن الأجرة التي يلتزم بها المستأجر للعين المؤجرة بقصد السكن سواء كانت خاضعة للقانون المدني كالشقق المفروشة أو الوحدات التي تؤجر خالية وفقاً للقانون رقم 4 لسنة 1996 أو لقانون إيجار الأماكن، وإن كان القانون الأخير قد نص على تحديد الاختصاص المحلي فيما يتعلق بدعاوى المطالبة بالأجرة، فإن هذا القانون لا يكون قد ألغى نص المادة (56) من قانون المرافعات وإنما جاء بحكم استثنائي يعمل به طالما ظل هذا الاستثناء قائماً بسريان قانون إيجار الأماكن باعتباره قانوناً استثنائياً، بحيث إذا ألغي عاد لنص المادة (56) قوته باعتباره نصاً عاماً كان قد قيد بالنص الاستثنائي. ويقصد بأجور العمال والصناع والإجراء، الأجر الذي يستحقه أي من هؤلاء والذي يترتب له في ذمة رب العمل، ويراعي ما أوضحناه بالمادة (43) فيما يتعلق بالاختصاص النوعي لمحكمة شئون العمال بالقاهرة والإسكندرية واختصاص كل منها بالدعوى العمالية.  

وينعقد الاختصاص المحلي بالدعاوى سالفة البيان للمحكمة التي يقع بدائرتها موطن المدعى عليه أو للمحكمة التي تم الاتفاق أو نفذ في دائرتها بشرط أن يكون موطن المدعي يقع بدائرتها، فإن كان يقع بدائرة محكمة أخرى، كانت محكمة موطن المدعى عليه هي المختصة محلياً بنظر الدعوى .(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء الثاني / الصفحة 175)

الاختصاص المحلي بالدعاوى المتعلقة بالتوريدات والمقاولات وأجور المساكن وأجور الصناع والعمال والأجراء :

ينعقد الاختصاص بهذه الدعاوى لإحدى محكمتين الحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعي عليه، أو المحكمة التي تم الاتفاق أو نفذ في دائرتها متى كان فيها موطن المدعي وذلك وفقاً للمادة 56 مرافعات – محل التعليق.

واختصاص المحكمة الأولى بتفق والقاعدة العامة، إذ هي محكمة موطن المدعى عليه، أما اختصاص المحكمة الثانية فهو استثناء من هذه القاعدة وهذا الاستثناء مشروط بشرطين :

الشرط الأول أن يكون قد تم في دائرة هذه المحكمة الاتفاق على التوريد أو المقاولة أو الإيجار أو العمل أو يكون قد نفذ حتى ولو كان الاتفاق قد تم في دائرة محكمة أخرى، والشرط الثاني أن يكون في دائرة هذه المحكمة موطن المدعي، ويجب توافر هذين الشرطين معاً، فإذا لم يتوافر أحدهما فلا ينبغي الأخذ بهذا الاستثناء، بل يجب الرجوع إلى القاعدة العامة، وهي رفع الدعوى أمام المحكمة الكائن بدائرتها موطن المدعى عليه.

وعلة هذا الاستثناء هي التيسير على من قام بالتوريد أو المقاولة أو مؤجر السكن أو العامل أو الأجير (رمزی سيف - بند 258 ص 305 أحمد أبو الوفا - المرافعات - بند 342 مكرراً - ص 459)، حتى لا يضطر إلى رفع الدعوى أمام محكمة موطن المدعى عليه للمطالبة بما هو مستحق له، وقد تكون هذه المحكمة بعيدة عن أن قيمة المطالبة ضئيل، فالمدعي في هذه الدعاوى هو الطرف الضعيف أو الأجق بالرعاية، ولذلك فقد أراد المشروع التيسير عليه.

ويلاحظ أنه لتطبيق هذا الاستثناء بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالتوريدات والمقاولات، يجب أن تكون هذه التوريدات والمقاولات خاصة لا عامة (المذكرة الإيضاحية للقانون).

ويقصد بالمنازعات المتعلقة بالتوريدات تلك التي تنشأ نتيجة التعامل بين المستهلكين والموردين كالبقالين" والخبازين وأصحاب المحال العامة ومن إليهم (محمد وعبد الوهاب العشماوي – ج1 - بند 400 ص 515)، ويقصد بالمنازعات المتعلقة بالمقاولات، أي ما يتصل بمزاولة حرفة تقتضي اشتغال صاحبها بإصلاح أدوات أو أجهزة أو مبان وغير ذلك، وبالنسبة للمنازعات المتعلقة بأجرة المساكن، فإن النص يطيق سواء أكان المسكن مقاماً بالطوب أو الأخشاب أو بأية مادة إلخ ..، وكل ما يشترط أن يكون المطلوب هو أجر التعويض عن فسخ، وأن يكون هذا الأجر عن الإقامة في مسكن وليس  أجراً عن وضع سيارة أو خزن بضائع أو زراعة أرض إلخ، ويتعين مراعاة قواعد الاختصاص النوعي على وفق ما قررته المادة 46 (أحمد أبو الوفا - التعليق ص 355)، وبالنسبة لأجور العمال والصناع، فإنه يشترط لإعمال النص أن يكون المطلوب هو أجر عامل أو صانع وليس بتعويض عن الفصل أو غير ذلك، وأن يكون مطلوب المدعى مترتبة على عقد إجارة أشخاص، كالخادم والعامل، أما ما يستحقه الطبيب أو المحامي أو المقاول من أجر فلا يسري عليه هذا النص (أحمد أبو الوفا - التعليق ص 335).

وينبغي ملاحظة أنه بالنسبة للمنازعات المتعلقة بأجور المساكن والصناع والعمال والأجراء، لا ينطبق هذا الاستثناء الوارد بالمادة 56 - محل التعليق - بالنسبة لهذه المنازعات، إلا إذا كانت متعلقة فقط بالأجور كما مضت الإشارة، أما إذا تعلقت هذه المنازعات بأمور أخرى غير الأجور، فإن هذا الاستثناء لا ينطبق، وينبغي إعمال القاعدة العامة أي عقد الاختصاص لمحكمة موطن المدعى عليه.(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة،  الجزء / الثاني، الصفحة : 286)

تختص بهذه الدعاوي إحدى محكمتين المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه، أو المحكمة التي تم الاتفاق أو نفذ في دائرتها متى كان فيها موطن المدعي، واختصاص المحكمة الأولى إعمالاً للقاعدة العامة في الاختصاص المحلي، أما اختصاص المحكمة الثانية فمشروط بشرطين الأول أن يكون قد تم في دائرتها الاتفاق على التوريد أو المقاولة أو الإيجار أو العمل أو يكون قد نفذ فيها ولو كان قد تم الاتفاق في دائرة محكمة أخرى، والثاني أن يكون فيها موطن المدعي . ( مرافعات رمزي سيف ص 314).

ويشترط لإعمال النص بالنسبة للعمال والصناع أن يكون المطلوب هو أجر عامل أو صانع وأن يكون مطلوب المدعي مترتب على عقد إجارة أشخاص كالخادم والعامل.

كما يشترط ألا تكون هناك محكمة عمالية جزئية صدر بإنشائها قرار من وزير العدل .

أما ما يستحقه الطبيب أو المحامي أو المقاول من أجر فلا يسري عليه هذا النص ( التعليق على المرافعات لأبو الوفا الطبعة الخامسة ص 355).

وقد ذكرنا أن الاختصاص بهذه الدعاوي ينعقد المحكمة التي يقع بدائرتها موطن المدعي عليه أو للمحكمة التي يقع بدائرتها موطن المدعي إلا أنه يشترط في الحالة الأخيرة أن يكون الاتفاق الذي تتعلق به الدعوى قد نفذ أو تم بدائرة هذه المحكمة ولو لم ينفذ فيها، أو أن يكون هذا الاتفاق قد نفذ بدائرتها ولو كان الاتفاق تم خارجها، ولا يكفي أن يكون التنفيذ واجباً تنفيذه فيها وإنما يتعين أن يكون قد تم بالفعل بدائرتها. ( مرافعات كمال عبد العزيز الجزء الأول الطبعة الثالثة ص 422) .(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء الثاني ، الصفحة : 749)

 

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الرابع والأربعون ، الصفحة / 56

وَطَن

التَّعْرِيفُ:

الْوَطَنُ- بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالطَّاءِ- فِي اللُّغَةِ: مَنْزِلُ الإْقَامَةِ، أَوْ مَكَانُ الإْنْسَانِ  وَمَقَرُّهُ، وَيُقَالُ لِمَرْبِضِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالإِبِلِ: وَطَنٌ، وَهُوَ مُفْرَدٌ، جَمْعُهُ أَوْطَانٌ، وَمِثْلُ الْوَطَنِ الْمَوْطِنُ، وَجَمْعُهُ مَوَاطِنُ، وَأَوْطَنَ: أَقَامَ، وَأَوْطَنَهُ وَوَطَّنَهُ وَاسْتَوْطَنَهُ: اتَّخَذَهُ وَطَنًا، وَمَوَاطِنُ مَكَّةَ: مَوَاقِفُهَا .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ الْوَطَنُ: هُوَ مَنْزِلُ إِقَامَةِ الإْنْسَانِ  وَمَقَرُّهُ، وُلِدَ بِهِ أَوْ لَمْ يُولَدْ .

الأْلْفَاظُ  ذَاتُ الصِّلَةِ:

الْمَحَلَّةُ:

الْمَحَلَّةُ فِي اللُّغَةِ: مَنْزِلُ الْقَوْمِ، وَالْجَمْعُ مَحَالُّ .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هِيَ مَنْزِلُ قَوْمِ إِنْسَانٍ وَلَوْ تَفَرَّقَتْ بُيُوتُهُمْ حَيْثُ جَمَعَهُمُ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمَحَلَّةِ وَالْوَطَنِ أَنَّ الْوَطَنَ أَعَمُّ مِنَ الْمَحَلَّةِ.

أَنْوَاعُ الْوَطَنِ:

يُقَسِّمُ الْفُقَهَاءُ الْوَطَنَ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الأْحْكَامِ  الشَّرْعِيَّةِ بِهِ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ: وَطَنٌ أَصْلِيٌّ، وَوَطَنُ إِقَامَةٍ، وَوَطَنُ سُكْنَى، كَمَا يَلِي:

أ- الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ:

قَالَ الْحَنَفِيَّةُ هُوَ: مَوْطِنُ وِلاَدَةِ الإْنْسَانِ  أَوْ تَأَهُّلِهِ أَوْ تَوَطُّنِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ، وَيُسَمَّى بِالأْهْلِيِّ، وَوَطَنُ الْفِطْرَةِ، وَالْقَرَارِ، وَمَعْنَى تَأَهُّلِهِ أَيْ تَزَوُّجِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ بِبَلْدَتَيْنِ فَأَيُّهُمَا دَخَلَهَا صَارَ مُقِيمًا، فَإِنْ مَاتَتْ زَوْجَتُهُ فِي إِحْدَاهُمَا وَبَقِيَ لَهُ فِيهَا دُورٌ وَعَقَارٌ، قِيلَ: لاَ يَبْقَى وَطَنًا، إِذِ الْمُعْتَبَرُ الأْهْلُ  دُونَ الدَّارِ، وَقِيلَ: تَبْقَى، وَمَعْنَى تَوَطُّنِهِ أَيْ عَزْمِهِ عَلَى الْقَرَارِ فِيهِ وَعَدَمِ الاِرْتِحَالِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَتَأَهَّلْ فِيهِ .

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: الْوَطَنُ هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يُقِيمُ فِيهِ الشَّخْصُ لاَ يَرْحَلُ عَنْهُ صَيْفًا وَلاَ شِتَاءً إِلاَّ لِحَاجَةٍ كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ .

وَيَلْحَقُ بِهِ الْقَرْيَةُ الْخَرِبَةُ الَّتِي انْهَدَمَتْ دُورُهَا وَعَزَمَ أَهْلُهَا عَلَى إِصْلاَحِهَا وَالإْقَامَةِ بِهَا صَيْفًا وَشِتَاءً .

كَمَا يَلْحَقُ بِهِ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ الْبَلَدُ الَّذِي فِيهِ امْرَأَةٌ لَهُ أَوْ تَزَوَّجَ فِيهِ، لِحَدِيثِ عُثْمَانَ رضي الله عنه  قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  يَقُولُ: «مَنْ تَأَهَّلَ فِي بَلَدٍ فَلْيُصَلِّ صَلاَةَ الْمُقِيمِ» .

قَالَ الرُّحَيْبَانِيُّ: وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ بَعْدَ فِرَاقِ الزَّوْجَةِ .

وَيُؤْخَذُ مِمَّا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْوَطَنِ الْبَلَدُ الَّذِي لِلشَّخْصِ فِيهِ أَهْلٌ أَوْ مَاشِيَةٌ، وَقِيلَ: أَوْ مَالٌ .

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: الْوَطَنُ هُوَ مَحَلُّ سُكْنَى الشَّخْصِ بِنِيَّةِ التَّأْبِيدِ، وَمَوْضِعُ الزَّوْجَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ سُكْنَاهُ عِنْدَهَا، فَمَنْ كَانَ لَهُ بِقَرْيَةٍ وَلَدٌ فَقَطْ أَوْ مَالٌ فَإِنَّهَا لاَ تَكُونُ وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ .

ب- وَطَنُ الإْقَامَةِ:

قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَطَنُ الإْقَامَةِ هُوَ مَا خَرَجَ إِلَيْهِ الإْنْسَانُ بِنِيَّةِ إِقَامَةِ مُدَّةٍ قَاطِعَةٍ لِحُكْمِ السَّفَرِ، وَيُسَمَّى بِالْوَطَنِ الْمُسْتَعَارِ أَوْ بِالْوَطَنِ الْحَادِثِ.

وَبَقِيَّةُ الْفُقَهَاءِ يَتَّفِقُونَ مَعَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى مَعَ اخْتِلاَفِهِمْ فِي الْمُدَّةِ الْقَاطِعَةِ لِحُكْمِ السَّفَرِ .

ج- وَطَنُ السُّكْنَى:

قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَطَنُ السُّكْنَى هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يَقْصِدُ الإْنْسَانُ الْمُقَامَ بِهِ أَقَلَّ مِنَ الْمُدَّةِ الْقَاطِعَةِ لِلسَّفَرِ .

(ر: صَلاَةِ الْمُسَافِرِ ف3 – 8)

شُرُوطُ الْوَطَنِ:

لاَ يُسَمَّى الْمَكَانُ الَّذِي يُقِيمُ فِيهِ الإْنْسَانُ وَطَنًا لَهُ تُنَاطُ بِهِ أَحْكَامُ الْوَطَنِ إِلاَّ إِذَا تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطٌ.

وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ كَوْنِهِ وَطَنًا أَصْلِيًّا، أَوْ وَطَنَ إِقَامَةٍ، أَوْ وَطَنَ سُكْنَى.

ثُمَّ إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الشُّرُوطِ مِمَّا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ وَبَعْضَهَا مِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:

شُرُوطُ الْوَطَنِ الأْصْلِيِّ:

أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا بِنَاءً مُسْتَقِرًّا بِمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِالْبِنَاءِ بِهِ، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ حَيْثُ عَرَّفُوا الْوَطَنَ فِي مَعْرِضِ الْكَلاَمِ عَنْ شُرُوطِ إِقَامَةِ صَلاَةِ الْجُمْعَةِ بِأَنَّهَا الْقَرْيَةُ الْمَبْنِيَّةُ بِمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِبِنَائِهَا بِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ طِينٍ أَوْ لَبِنٍ أَوْ قَصَبٍ أَوْ شَجَرٍ وَنَحْوِهِ، وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ أَنْ تَكُونَ مُجْتَمِعَةَ الْبِنَاءِ بِمَا جَرَتِ الْعَادَةُ فِي الْقَرْيَةِ الْوَاحِدَةِ .

وَالْحَنَفِيَّةُ كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ يَعْتَبِرُونَ الْمَكَانَ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ الشَّخْصُ أَوْ تَأَهَّلَ فِيهِ أَوْ تَوَطَّنَ فِيهِ وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ .

ب -شُرُوطُ وَطَنِ الإْقَامَةِ:

تُشْتَرَطُ لاِتِّخَاذِ مَكَانٍ وَطَنًا لِلإْقَامَةِ  شُرُوطٌ، مِنْهَا: نِيَّةُ الإْقَامَةِ، وَمُدَّةُ الإْقَامَةِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَاتِّخَاذُ مَكَانِ الإْقَامَةِ، وَصَلاَحِيَّةُ الْمَكَانِ لِلإْقَامَةِ، وَأَلاَّ يَكُونَ الْمَكَانُ وَطَنًا أَصْلِيًّا لِلْمُقِيمِ.

وَلِلتَّفْصِيلِ فِي هَذِهِ الشُّرُوطِ وَمَعْرِفَةِ آرَاءِ الْفُقَهَاءِ فِيهَا (ر: صَلاَة الْمُسَافِرِ ف26 - 29)

شُرُوطُ وَطَنِ السُّكْنَى:

لَيْسَ لِوَطَنِ السُّكْنَى إِلاَّ شَرْطَانِ، وَهُمَا: عَدَمُ نِيَّةِ الإْقَامَةِ فِيهِ، وَعَدَمُ الإْقَامَةِ فِيهِ فِعْلاً الْمُدَّةَ الْقَاطِعَةَ لِلسَّفَرِ- بِحَسَبِ اخْتِلاَفِ الْفُقَهَاءِ- وَأَنْ لاَ يَكُونَ وَطَنًا أَصْلِيًّا لِلْمُقِيمِ فِيهِ.

(ر: صَلاَة الْمُسَافِرِ ف8)

مَا يَنْتَقِضُ بِهِ الْوَطَنُ:

قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ لاَ يَنْتَقِضُ إِلاَّ بِالاِنْتِقَالِ مِنْهُ إِلَى مِثْلِهِ، بِشَرْطِ نَقْلِ الأْهْلِ  مِنْهُ، وَتَرْكِ السُّكْنَى فِيهِ، فَإِذَا هَجَرَ الإْنْسَانُ  وَطَنَهُ الأْصْلِيَّ ، وَانْتَقَلَ عَنْهُ بِأَهْلِهِ إِلَى وَطَنٍ أَصْلِيٍّ آخَرَ، بِشُرُوطِهِ لَمْ يَبْقَ الْمَكَانُ الأْوَّلُ وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ، فَإِذَا دَخَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُسَافِرًا، بَقِيَ مُسَافِرًا عَلَى حَالِهِ، مَا لَمْ يَنْوِ فِيهِ الإْقَامَةَ، أَوْ مَا لَمْ يُقِمْ فِيهِ فِعْلاً الْمُدَّةَ الْقَاطِعَةَ لِلسَّفَرِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُقِيمًا، وَيَكُونُ الْمَكَانُ لَهُ وَطَنَ إِقَامَةٍ بِحَسَبِ مَا تَقَدَّمَ .

وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْوَطَنَ الأْصْلِيَّ  لاَ يَنْتَقِضُ بِاتِّخَاذِ وَطَنٍ أَصْلِيٍّ آخَرَ. قَالَ الرُّحَيْبَانِيُّ: لاَ يَقْصُرُ مَنْ مَرَّ بِوَطَنِهِ سَوَاءٌ كَانَ وَطَنَهُ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْمَاضِي، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بِهِ حَاجَةٌ غَيْرَ أَنَّهُ طَرِيقُهُ إِلَى بَلَدٍ يَطْلُبُهُ .

وَمَنِ اسْتَوْطَنَ وَطَنًا آخَرَ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ وَطَنِهِ الأْوَّلِ، كَأَنْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ مَثَلاً: الأْولَى فِي وَطَنِهِ الأْوَّلِ، وَالثَّانِيَةُ فِي وَطَنٍ آخَرَ جَدِيدٍ، كَانَ الْمَكَانُ الآْخَرُ وَطَنًا لَهُ بِشُرُوطِهِ، وَلَمْ يَنْتَقِضِ الْوَطَنُ الأْوَّلُ بِذَلِكَ، لِعَدَمِ التَّحَوُّلِ عَنْهُ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ لِلإْنْسَانِ زَوْجَتَانِ فِي بَلَدَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يُعَدَّانِ وَطَنَيْنِ أَصْلِيَّيْنِ لَهُ، فَأَيُّهُمَا دَخَلَهَا عُدَّ مُقِيمًا فِيهَا مُنْذُ دُخُولِهِ مُطْلَقًا، وَبِهَذَا يَقُولُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ .

وَلاَ يَنْتَقِضُ الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ بِوَطَنِ الإْقَامَةِ، وَلاَ بِوَطَنِ السُّكْنَى؛  لأِنَّهُ أَعْلَى مِنْهُمَا، فَلاَ يَنْتَقِضُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ وَطَنِهِ الأْصْلِيِّ مُسَافِرًا إِلَى بَلَدٍ، وَأَقَامَ فِيهَا الْمُدَّةَ الْقَاطِعَةَ لِلسَّفَرِ، أَوْ نَوَى ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، لَمْ يَنْتَقِضْ بِذَلِكَ وَطَنُهُ الأْصْلِيُّ، فَلَوْ عَادَ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ عُدَّ مُقِيمًا بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ إِلَيْهِ مُطْلَقًا.

أَمَّا وَطَنُ الإْقَامَةِ، فَيَنْتَقِضُ بِالْوَطَنِ الأْصْلِيِّ؛  لأِنَّهُ فَوْقَهُ، وَبِوَطَنِ الإْقَامَةِ أَيْضًا؛  لأِنَّهُ مِثْلُهُ، كَمَا يَنْتَقِضُ بِالسَّفَرِ، وَلاَ يَنْتَقِضُ وَطَنُ الإْقَامَةِ بِوَطَنِ السُّكْنَى؛  لأِنَّهُ دُونَهُ.

أَمَّا وَطَنُ السُّكْنَى، فَإِنَّهُ يَنْتَقِضُ بِالْوَطَنِ الأْصْلِيِّ، وَبِوَطَنِ الإْقَامَةِ، وَبِوَطَنِ السُّكْنَى أَيْضًا، أَمَّا الأْوَّلاَنِ  فَلأِنَّهُمَا فَوْقَهُ، وَأَمَّا الآْخِرُ فَ لأِنَّهُ مِثْلُهُ، وَالشَّيْءُ يَنْتَقِضُ بِمِثْلِهِ وَبِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ.