loading

موسوعة قانون المرافعات

الأحكام

إذ كانت الدعوى التى صدر فيها الحكم المستأنف هو دعوى بطلان بيع العقار الصادر من الشركة المفلسة باعتبار هذا التصرف ضاراًّ بأموال جماعة الدائنين ، فإنها – وعلى هذا النحو- لا تتصل بإجراء وقتى أو تحفظى وإنما تتعلق بأصل الحق بما تكون بمنأى عن المواد المستعجلة التى تخضع فى ميعاد استئناف الحكم الصادر فيها للفقرة الثانية من المادة 227 من قانون المرافعات سالفة الإشارة ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر إذ قضى بقبول الاستئناف شكلاً ، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ولا يعيبه عدم الرد صراحة على هذا الدفع باعتباره دفاعاً ظاهر الفساد ، ويضحى النعى على الحكم فى هذا الخصوص على غير أساس . (الطعن رقم 14742 لسنة 76 جلسة 2013/06/13)

شرح خبراء القانون

الدعاوى الوقتية المستعجلة :

يتنوع الاختصاص المحلي بالدعوى الوقتية على النحو التالي :

(أ) إذا رفعت الدعوى الوقتية كدعوى فرعية تبعاً لدعوى موضوعية، كانت المحكمة المختصة بالدعوى الموضوعية - أياً كان أساس اختصاصها - مختصة أيضاً بالدعوى الوقتية.

(ب) إذا رفعت الدعوى الوقتية كدعوى أصلية فإنه يجب التفرقة بين نوعين منها:

1- الدعاوى المتعلقة بالتنفيذ الجبري. وهذه تختص بها المحكمة التي تختص بإجراء التنفيذ التي ترفع الدعوى الوقتية متعلقة به واختصاص محكمة التنفيذ بمنازعاته يعتبر اختصاصاً متصلاً بوظيفة المحكمة ولذلك فهي تختص بها دون غيرها من المحاكم، فلا تختص بها محكمة موطن المدعى عليه إن كانت مختلفة.

2- الدعاوى الوقتية غير المتعلقة بالتنفيذ الجبري، ومثالها دعوى إثبات الحالة. وهذه يكون للمدعي الخيار بين رفعها إما وفقاً للقاعدة العامة أمام المحكمة التي يتبعها موطن المدعى عليه، أو أمام المحكمة المطلوب حصول الإجراء الوقتي في دائرتها (مادة 59 مرافعات) . وجعل الاختصاص لهذه المحكمة يدعو إليه أن الإجراء المطلوب لا يمكن أن يتم بالسرعة المطلوبة إلا من المحكمة القريبة من المكان المطلوب اتخاذه فيه.

ووفقاً للقرار بقانون رقم 50 لسنة 1970 الذي قسم محكمة القاهرة الابتدائية إلى محكمة جنوب القاهرة ومحكمة شمال القاهرة، يختص قضاة محكمة جنوب القاهرة بنظر كافة المنازعات التي يختص بها قاضي الأمور المستعجلة التي تدخل في نطاق الاختصاص المحلى لكل من المحكمتين.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الأول ،  الصفحة : 604)

 

الاختصاص المحلي باتخاذ إجراء وقتي:

إذا تضمنت الدعوى طلباً باتخاذ إجراء وقتي إلى جانب الطلب الأصلي، انعقد الاختصاص المحلي بالدعوى برمتها للمحكمة المختصة بالطلب الأصلي. مثال ذلك، الدعوى التي تتضمن طلباً أصلياً بتثبيت الوصي المختار على التركة أو تعيين مصف لها، فإن الاختصاص المحلي بها ينعقد للمحكمة الابتدائية التي كان بها آخر موطن للمورث، وهي التي تختص محلياً أيضاً بطلب اتخاذ الإجراء الوقتي الذي تضمنته هذه الدعوى كوضع الأختام بصفة مؤقتة على متجر المورث أو خزينة أمواله لحين تثبيت الوصي المختار أو تعيين المصفي، وكذلك الطلب الوقتي بجرد التركة للمحافظة عليها لحين تثبيت الوصي المختار أو تعيين المصفي حتى يتمكن من استلامها قبل العبث بها، ومتى أمرت المحكمة بهذا الإجراء الوقتي وجب تنفيذه ولو أدى ذلك إلى الانتقال لدائرة محكمة أخرى، ولو قضت في الطلب الأصلي لم يصبح هناك محل لاتخاذ الإجراء الوقتي إذ تبدأ بصدوره مهمة الوصي أو المصفي في المحافظة على مفردات التركة. ومثال ذلك أيضاً دعوى الاستحقاق التي تتضمن طلباً بتعيين حارس قضائي.

وقد ترفع الدعوى أصلياً باتخاذ الإجراء الوقتي، كالدعوى المستعجلة التي ترفع بإثبات الحالة فينعقد الاختصاص المحلي بنظرها للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه أو المحكمة المطلوب إثبات الحالة أي حصول الإجراء بدائرتها، وهي محكمة الأمور المستعجلة لانحصار الدعوى في طلب الإجراء الوقتي. أما إذا رفعت الدعوى بطلب موضوعي وتضمنت طلباً بإجراء وقتي يتمثل في إثبات حالة الشيء المتنازع عليه، انعقد الاختصاص المحلي للمحكمة، التي تختص بنظر الطلب الأصلي على التفصيل المتقدم .

 الاختصاص المحلي بإشكالات التنفيذ الوقتية:

في المنازعات المستعجلة المتعلقة بتنفيذ الأحكام والسندات، يكون الاختصاص المحلي بنظرها للمحكمة التي يجري في دائرتها التنفيذ، ووفقاً للمادة (276) من قانون المرافعات يكون الاختصاص عند التنفيذ على المنقول لدى المدين لمحكمة التنفيذ التي يوجد المنقول بدائرتها. أما في حجز ما للمدين لدى الغير فيكون الاختصاص لمحكمة موطن المحجوز لديه ومن ثم تختص هذه المحكمة محلياً بنظر إشكالات التنفيذ التي تتعلق بذلك. وعند التنفيذ على العقار يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع العقار في دائرتها فإذا تناول التنفيذ عقارات تقع في دوائر محاکم متعددة كان الاختصاص، لإحداها، ومن ثم ينعقد الاختصاص المحلي في المنازعات المستعجلة المتعلقة بالتنفيذ على العقار للمحكمة التي يقع العقار في دائرتها أو لإحدى المحاكم في حالة وقوع العقارات في دوائرها.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء الثاني / الصفحة 181)

الاختصاص المحلي بالدعاوى المستعجلة وإشكالات التنفيذ :

يكون الاختصاص في الدعاوى المستعجلة أي الوقتية أي المتضمنة طلب اتخاذ إجراء وقتي، كدعاوی إثبات الحالة أو جرد الأموال أو وضع الأختام، للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه أو المحكمة المطلوب حصول الإجراء في دائرتها مادة 59/1 مرافعات، به محل التعليق - وعلة جعل الاختصاص لهذه المحكمة الأخيرة، إنها أقرب المحاكم إلى المكان المراد اتخاذ الإجراء فيه (أحمد أبو الوفا - المرافعات - بند 345 ص 461)، ومن ثم يمكن تحقيق السرعة التي يقتضيها هذا الإجراء.

وينعقد الاختصاص بإشكالات التنفيذ أي المنازعات المستعجلة المتعلقة بتنفيذ الأحكام والسندات، للمحكمة التي يجري في دائرتها التنفيذ ومادة 59/2 مرافعات، - محل التعليق، ولا اختصاص بهذه المنازعات المحكمة موطن المدعى عليه.

ويلاحظ أن المحكمة المختصة بإجراء التنفيذ تختلف حسب طريق التنفيذ (فتحى والى - مبادئ - بند 177 ص 257 هامش رقم 1)، فوفقاً للمادة 276 مرافعات يكون الاختصاص بالنسبة لحجز المنقول لدى المدين المحكمة التنفيذ التي يقع المنقول في دائرتها، وبالنسبة لحجز ما للمدين لدى الغير يكون الاختصاص لمحكمة موطن المحجوز لديه، وعند التنفيذ على العقار يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع العقار في دائرتها، وإذا تناول التنفيذ عقارات تقع في دوائر محاكم متعددة كان الاختصاص لإحداها.

ومما هو جدير بالذكر أن هذه المادة لا تسرى على الطلب المستعجل الذي يرفع أمام محكمة الموضوع بالتبع للدعوى الأصلية، كما لا تسرى على الدعاوى العمالية المستعجلة في البلاد التي صدر قرار وزير العدل بتخصيص محكمة جزئية عمالية لنظرها، ولا تسری بطبيعة الحال إذا نص القانون صراحة على ما يخالفها.

ويلاحظ أنه بالنسبة للدعاوى المستعجلة يعتبر مركز إدارة الشركة أو الجمعية بمثابة موطنها في حكم المادة 59/1 - محل التعليق - وبعبارة أخرى ليس ثمة تعارض بين المادة 52 وما يليها وبين حكم المادة 59 فللأولى (وما في حكمها) مجالها الخاص، وللمادة 59 مجالها الخاص، أيضاً، لأن الأخيرة تتصل بتحديد الاختصاص المحلي للدعاوى المستعجلة ولاشكالات التنفيذ الوقتية، بينما المواد الأولى تتصل بتحديد الاختصاص في الدعاوى الموضوعية أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 358 ) .(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء / الثاني  ، الصفحة : 295)

يستفاد من نص المادة أنها تفرق بين طائفتين من الدعاوى المستعجلة النوع الأول خاص بالدعاوي المتضمنة اتخاذ إجراء وقتي وتختص بها المحكمة الكائن بدائرتها موطن المدعي عليه عملاً بالقاعدة العامة كما تختص بها المحكمة المطلوب حصول الإجراء في دائرتها ومثل هذه الدعاوى الدعوى بطلب تعيين حارس على عين أو إثبات حالتها والنوع الثاني وهو المنازعات المستعجلة المتعلقة بتنفيذ الأحكام والسندات وتختص بها المحكمة التي يقع في دائرتها التنفيذ والمقصود بهذه المنازعات إشكالات التنفيذ الوقتية التي أصبح المختص بنظرها قاضي التنفيذ . ( الوسيط في المرافعات للدكتور رمزي سيف ص 308).

ولا تسري هذه المادة على الطلب المستعجل الذي يرفع أمام محكمة الموضوع بالتبع للدعوى الأصلية كما لا يسري على الدعاوى العمالية المستعجلة في البلاد التي صدر قرار وزير العدل بتخصيص محكمة جزئية عمالية لنظرها. (راجع مؤلفنا في القضاء المستعجل وقضاء التنفيذ الطبعة الخامسة ص 752) .(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء الثاني ، الصفحة : 755)

 

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الرابع عشر ، الصفحة / 71

تَنْفِيذٌ

التَّعْرِيفُ:

التَّنْفِيذُ فِي اللُّغَةِ: جَعْلُ الشَّيْءِ يُجَاوِزُ مَحَلَّهُ.

يُقَالُ: نَفَذَ السَّهْمُ فِي الرَّمِيَّةِ تَنْفِيذًا: أَخْرَجَ طَرَفَهُ مِنَ الشِّقِّ الآْخَرِ. وَنَفَذَ الْكِتَابُ أَرْسَلَهُ: وَنَفَذَ الْحَاكِمُ الأْمْرَ أَجْرَاهُ وَقَضَاهُ.

وَالاِصْطِلاَحُ الشَّرْعِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَالنَّفَاذُ تَرَتُّبُ الآْثَارِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْحُكْمِ.

وَقَدْ يُطْلَقُ لَفْظُ «تَنْفِيذٍ» عَلَى إحَاطَةِ الْحَاكِمِ عِلْمًا بِحُكْمٍ أَصْدَرَهُ حَاكِمٌ آخَرُ عَلَى وَجْهِ التَّسْلِيمِ، وَيُسَمَّى اتِّصَالاً. وَيُتَجَوَّزُ بِذِكْرِ (الثُّبُوتِ) (وَالتَّنْفِيذِ) قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ عَلَيْهِ فِي زَمَانِنَا هَذَا غَالِبًا.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَفَاذِ الْحُكْمِ أَوِ الْعَقْدِ وَتَنْفِيذِهِمَا هُوَ: أَنَّ النَّفَاذَ صِحَّةُ الْعَقْدِ أَوِ الْحُكْمِ وَتَرَتُّبُ آثَارِهِ الْخَاصَّةِ مِنْهُ، كَوُجُوبِ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَانْتِقَالُ مِلْكِيَّةِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَالثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ. أَمَّا التَّنْفِيذُ فَهُوَ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ أَوِ الْحُكْمِ وَإِمْضَاؤُهُ بِتَنْفِيذِ عُقُوبَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي، وَالثَّمَنِ لِلْبَائِعِ مِنَ الْعَاقِدِ طَوْعًا أَوْ بِإِلْزَامٍ مِنَ الْحَاكِمِ. قَالَ الْفُقَهَاءُ: إنَّ التَّنْفِيذَ لَيْسَ بِحُكْمٍ، إنَّمَا هُوَ عَمَلٌ بِحُكْمٍ سَابِقٍ وَإِجَازَةٌ لِلْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ.

وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ الْحُكْمَ بِالْمَحْكُومِ بِهِ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

الْقَضَاءُ:

الْقَضَاءُ فِي اللُّغَةِ: الْحُكْمُ وَمِنْهُ  قوله تعالى (وَقَضَى رَبُّك أَلاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاهُ).

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالتَّنْفِيذِ أَنَّ التَّنْفِيذَ يَأْتِي بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَالْقَضَاءُ سَبَبٌ لَهُ

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

يَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ، أَوِ الْوَرَثَةِ تَنْفِيذُ وَصَايَا الْمَيِّتِ بِشُرُوطِهَا، وَعَلَى الْحَاكِمِ، أَوْ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ تَنْفِيذُ الْعُقُوبَاتِ عَلَى مَنْ حُكِمَ عَلَيْهِ، وَعَلَى مَنِ الْتَزَمَ حُقُوقًا مَالِيَّةً بِاخْتِيَارِهِ، أَوْ أَلْزَمَهُ الشَّارِعُ حَقًّا تَنْفِيذُ مَا لَزِمَهُ مِنْ حُقُوقٍ، وَعَلَى الْحَاكِمِ التَّنْفِيذُ جَبْرًا عَلَى مَنِ امْتَنَعَ عَنِ التَّنْفِيذِ طَوْعًا إذَا طَلَبَ صَاحِبُ الْحَقِّ حَقَّهُ.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الرابع والأربعون ، الصفحة / 56

وَطَن

التَّعْرِيفُ:

الْوَطَنُ- بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالطَّاءِ- فِي اللُّغَةِ: مَنْزِلُ الإْقَامَةِ، أَوْ مَكَانُ الإْنْسَانِ  وَمَقَرُّهُ، وَيُقَالُ لِمَرْبِضِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالإِبِلِ: وَطَنٌ، وَهُوَ مُفْرَدٌ، جَمْعُهُ أَوْطَانٌ، وَمِثْلُ الْوَطَنِ الْمَوْطِنُ، وَجَمْعُهُ مَوَاطِنُ، وَأَوْطَنَ: أَقَامَ، وَأَوْطَنَهُ وَوَطَّنَهُ وَاسْتَوْطَنَهُ: اتَّخَذَهُ وَطَنًا، وَمَوَاطِنُ مَكَّةَ: مَوَاقِفُهَا .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ الْوَطَنُ: هُوَ مَنْزِلُ إِقَامَةِ الإْنْسَانِ  وَمَقَرُّهُ، وُلِدَ بِهِ أَوْ لَمْ يُولَدْ .

الأْلْفَاظُ  ذَاتُ الصِّلَةِ:

الْمَحَلَّةُ:

الْمَحَلَّةُ فِي اللُّغَةِ: مَنْزِلُ الْقَوْمِ، وَالْجَمْعُ مَحَالُّ .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هِيَ مَنْزِلُ قَوْمِ إِنْسَانٍ وَلَوْ تَفَرَّقَتْ بُيُوتُهُمْ حَيْثُ جَمَعَهُمُ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمَحَلَّةِ وَالْوَطَنِ أَنَّ الْوَطَنَ أَعَمُّ مِنَ الْمَحَلَّةِ.

أَنْوَاعُ الْوَطَنِ:

يُقَسِّمُ الْفُقَهَاءُ الْوَطَنَ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الأْحْكَامِ  الشَّرْعِيَّةِ بِهِ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ: وَطَنٌ أَصْلِيٌّ، وَوَطَنُ إِقَامَةٍ، وَوَطَنُ سُكْنَى، كَمَا يَلِي:

أ- الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ:

قَالَ الْحَنَفِيَّةُ هُوَ: مَوْطِنُ وِلاَدَةِ الإْنْسَانِ  أَوْ تَأَهُّلِهِ أَوْ تَوَطُّنِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ، وَيُسَمَّى بِالأْهْلِيِّ، وَوَطَنُ الْفِطْرَةِ، وَالْقَرَارِ، وَمَعْنَى تَأَهُّلِهِ أَيْ تَزَوُّجِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ بِبَلْدَتَيْنِ فَأَيُّهُمَا دَخَلَهَا صَارَ مُقِيمًا، فَإِنْ مَاتَتْ زَوْجَتُهُ فِي إِحْدَاهُمَا وَبَقِيَ لَهُ فِيهَا دُورٌ وَعَقَارٌ، قِيلَ: لاَ يَبْقَى وَطَنًا، إِذِ الْمُعْتَبَرُ الأْهْلُ  دُونَ الدَّارِ، وَقِيلَ: تَبْقَى، وَمَعْنَى تَوَطُّنِهِ أَيْ عَزْمِهِ عَلَى الْقَرَارِ فِيهِ وَعَدَمِ الاِرْتِحَالِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَتَأَهَّلْ فِيهِ .

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: الْوَطَنُ هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يُقِيمُ فِيهِ الشَّخْصُ لاَ يَرْحَلُ عَنْهُ صَيْفًا وَلاَ شِتَاءً إِلاَّ لِحَاجَةٍ كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ .

وَيَلْحَقُ بِهِ الْقَرْيَةُ الْخَرِبَةُ الَّتِي انْهَدَمَتْ دُورُهَا وَعَزَمَ أَهْلُهَا عَلَى إِصْلاَحِهَا وَالإْقَامَةِ بِهَا صَيْفًا وَشِتَاءً .

كَمَا يَلْحَقُ بِهِ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ الْبَلَدُ الَّذِي فِيهِ امْرَأَةٌ لَهُ أَوْ تَزَوَّجَ فِيهِ، لِحَدِيثِ عُثْمَانَ رضي الله عنه  قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  يَقُولُ: «مَنْ تَأَهَّلَ فِي بَلَدٍ فَلْيُصَلِّ صَلاَةَ الْمُقِيمِ» .

قَالَ الرُّحَيْبَانِيُّ: وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ بَعْدَ فِرَاقِ الزَّوْجَةِ .

وَيُؤْخَذُ مِمَّا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْوَطَنِ الْبَلَدُ الَّذِي لِلشَّخْصِ فِيهِ أَهْلٌ أَوْ مَاشِيَةٌ، وَقِيلَ: أَوْ مَالٌ .

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: الْوَطَنُ هُوَ مَحَلُّ سُكْنَى الشَّخْصِ بِنِيَّةِ التَّأْبِيدِ، وَمَوْضِعُ الزَّوْجَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ سُكْنَاهُ عِنْدَهَا، فَمَنْ كَانَ لَهُ بِقَرْيَةٍ وَلَدٌ فَقَطْ أَوْ مَالٌ فَإِنَّهَا لاَ تَكُونُ وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ .

ب- وَطَنُ الإْقَامَةِ:

قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَطَنُ الإْقَامَةِ هُوَ مَا خَرَجَ إِلَيْهِ الإْنْسَانُ بِنِيَّةِ إِقَامَةِ مُدَّةٍ قَاطِعَةٍ لِحُكْمِ السَّفَرِ، وَيُسَمَّى بِالْوَطَنِ الْمُسْتَعَارِ أَوْ بِالْوَطَنِ الْحَادِثِ.

وَبَقِيَّةُ الْفُقَهَاءِ يَتَّفِقُونَ مَعَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى مَعَ اخْتِلاَفِهِمْ فِي الْمُدَّةِ الْقَاطِعَةِ لِحُكْمِ السَّفَرِ .

ج- وَطَنُ السُّكْنَى:

قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَطَنُ السُّكْنَى هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يَقْصِدُ الإْنْسَانُ الْمُقَامَ بِهِ أَقَلَّ مِنَ الْمُدَّةِ الْقَاطِعَةِ لِلسَّفَرِ .

(ر: صَلاَةِ الْمُسَافِرِ ف3 – 8)

شُرُوطُ الْوَطَنِ:

لاَ يُسَمَّى الْمَكَانُ الَّذِي يُقِيمُ فِيهِ الإْنْسَانُ وَطَنًا لَهُ تُنَاطُ بِهِ أَحْكَامُ الْوَطَنِ إِلاَّ إِذَا تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطٌ.

وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ كَوْنِهِ وَطَنًا أَصْلِيًّا، أَوْ وَطَنَ إِقَامَةٍ، أَوْ وَطَنَ سُكْنَى.

ثُمَّ إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الشُّرُوطِ مِمَّا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ وَبَعْضَهَا مِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:

شُرُوطُ الْوَطَنِ الأْصْلِيِّ:

أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا بِنَاءً مُسْتَقِرًّا بِمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِالْبِنَاءِ بِهِ، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ حَيْثُ عَرَّفُوا الْوَطَنَ فِي مَعْرِضِ الْكَلاَمِ عَنْ شُرُوطِ إِقَامَةِ صَلاَةِ الْجُمْعَةِ بِأَنَّهَا الْقَرْيَةُ الْمَبْنِيَّةُ بِمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِبِنَائِهَا بِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ طِينٍ أَوْ لَبِنٍ أَوْ قَصَبٍ أَوْ شَجَرٍ وَنَحْوِهِ، وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ أَنْ تَكُونَ مُجْتَمِعَةَ الْبِنَاءِ بِمَا جَرَتِ الْعَادَةُ فِي الْقَرْيَةِ الْوَاحِدَةِ .

وَالْحَنَفِيَّةُ كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ يَعْتَبِرُونَ الْمَكَانَ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ الشَّخْصُ أَوْ تَأَهَّلَ فِيهِ أَوْ تَوَطَّنَ فِيهِ وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ .

ب -شُرُوطُ وَطَنِ الإْقَامَةِ:

تُشْتَرَطُ لاِتِّخَاذِ مَكَانٍ وَطَنًا لِلإْقَامَةِ  شُرُوطٌ، مِنْهَا: نِيَّةُ الإْقَامَةِ، وَمُدَّةُ الإْقَامَةِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَاتِّخَاذُ مَكَانِ الإْقَامَةِ، وَصَلاَحِيَّةُ الْمَكَانِ لِلإْقَامَةِ، وَأَلاَّ يَكُونَ الْمَكَانُ وَطَنًا أَصْلِيًّا لِلْمُقِيمِ.

وَلِلتَّفْصِيلِ فِي هَذِهِ الشُّرُوطِ وَمَعْرِفَةِ آرَاءِ الْفُقَهَاءِ فِيهَا (ر: صَلاَة الْمُسَافِرِ ف26 - 29)

شُرُوطُ وَطَنِ السُّكْنَى:

لَيْسَ لِوَطَنِ السُّكْنَى إِلاَّ شَرْطَانِ، وَهُمَا: عَدَمُ نِيَّةِ الإْقَامَةِ فِيهِ، وَعَدَمُ الإْقَامَةِ فِيهِ فِعْلاً الْمُدَّةَ الْقَاطِعَةَ لِلسَّفَرِ- بِحَسَبِ اخْتِلاَفِ الْفُقَهَاءِ- وَأَنْ لاَ يَكُونَ وَطَنًا أَصْلِيًّا لِلْمُقِيمِ فِيهِ.

(ر: صَلاَة الْمُسَافِرِ ف8)

مَا يَنْتَقِضُ بِهِ الْوَطَنُ:

قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ لاَ يَنْتَقِضُ إِلاَّ بِالاِنْتِقَالِ مِنْهُ إِلَى مِثْلِهِ، بِشَرْطِ نَقْلِ الأْهْلِ  مِنْهُ، وَتَرْكِ السُّكْنَى فِيهِ، فَإِذَا هَجَرَ الإْنْسَانُ  وَطَنَهُ الأْصْلِيَّ ، وَانْتَقَلَ عَنْهُ بِأَهْلِهِ إِلَى وَطَنٍ أَصْلِيٍّ آخَرَ، بِشُرُوطِهِ لَمْ يَبْقَ الْمَكَانُ الأْوَّلُ وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ، فَإِذَا دَخَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُسَافِرًا، بَقِيَ مُسَافِرًا عَلَى حَالِهِ، مَا لَمْ يَنْوِ فِيهِ الإْقَامَةَ، أَوْ مَا لَمْ يُقِمْ فِيهِ فِعْلاً الْمُدَّةَ الْقَاطِعَةَ لِلسَّفَرِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُقِيمًا، وَيَكُونُ الْمَكَانُ لَهُ وَطَنَ إِقَامَةٍ بِحَسَبِ مَا تَقَدَّمَ .

وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْوَطَنَ الأْصْلِيَّ  لاَ يَنْتَقِضُ بِاتِّخَاذِ وَطَنٍ أَصْلِيٍّ آخَرَ. قَالَ الرُّحَيْبَانِيُّ: لاَ يَقْصُرُ مَنْ مَرَّ بِوَطَنِهِ سَوَاءٌ كَانَ وَطَنَهُ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْمَاضِي، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بِهِ حَاجَةٌ غَيْرَ أَنَّهُ طَرِيقُهُ إِلَى بَلَدٍ يَطْلُبُهُ .

وَمَنِ اسْتَوْطَنَ وَطَنًا آخَرَ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ وَطَنِهِ الأْوَّلِ، كَأَنْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ مَثَلاً: الأْولَى فِي وَطَنِهِ الأْوَّلِ، وَالثَّانِيَةُ فِي وَطَنٍ آخَرَ جَدِيدٍ، كَانَ الْمَكَانُ الآْخَرُ وَطَنًا لَهُ بِشُرُوطِهِ، وَلَمْ يَنْتَقِضِ الْوَطَنُ الأْوَّلُ بِذَلِكَ، لِعَدَمِ التَّحَوُّلِ عَنْهُ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ لِلإْنْسَانِ زَوْجَتَانِ فِي بَلَدَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يُعَدَّانِ وَطَنَيْنِ أَصْلِيَّيْنِ لَهُ، فَأَيُّهُمَا دَخَلَهَا عُدَّ مُقِيمًا فِيهَا مُنْذُ دُخُولِهِ مُطْلَقًا، وَبِهَذَا يَقُولُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ .

وَلاَ يَنْتَقِضُ الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ بِوَطَنِ الإْقَامَةِ، وَلاَ بِوَطَنِ السُّكْنَى؛  لأِنَّهُ أَعْلَى مِنْهُمَا، فَلاَ يَنْتَقِضُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ وَطَنِهِ الأْصْلِيِّ مُسَافِرًا إِلَى بَلَدٍ، وَأَقَامَ فِيهَا الْمُدَّةَ الْقَاطِعَةَ لِلسَّفَرِ، أَوْ نَوَى ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، لَمْ يَنْتَقِضْ بِذَلِكَ وَطَنُهُ الأْصْلِيُّ، فَلَوْ عَادَ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ عُدَّ مُقِيمًا بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ إِلَيْهِ مُطْلَقًا.

أَمَّا وَطَنُ الإْقَامَةِ، فَيَنْتَقِضُ بِالْوَطَنِ الأْصْلِيِّ؛  لأِنَّهُ فَوْقَهُ، وَبِوَطَنِ الإْقَامَةِ أَيْضًا؛  لأِنَّهُ مِثْلُهُ، كَمَا يَنْتَقِضُ بِالسَّفَرِ، وَلاَ يَنْتَقِضُ وَطَنُ الإْقَامَةِ بِوَطَنِ السُّكْنَى؛  لأِنَّهُ دُونَهُ.

أَمَّا وَطَنُ السُّكْنَى، فَإِنَّهُ يَنْتَقِضُ بِالْوَطَنِ الأْصْلِيِّ، وَبِوَطَنِ الإْقَامَةِ، وَبِوَطَنِ السُّكْنَى أَيْضًا، أَمَّا الأْوَّلاَنِ  فَلأِنَّهُمَا فَوْقَهُ، وَأَمَّا الآْخِرُ فَ لأِنَّهُ مِثْلُهُ، وَالشَّيْءُ يَنْتَقِضُ بِمِثْلِهِ وَبِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ.