اختصاص محكمة الطلب الأصلى بالطلب العارض أو المرتبط :
وفقاً للمادة 60 مرافعات والواردة في الفصل الخاص بالاختصاص المحلي تختص المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية بالفصل في الطلب العارض، ولو كانت تختص به محكمة أخرى إذا رفع كطلب أصلي. وذلك أياً كان أساس اختصاصها بالطلب الأصلي، وسواء كان هذا لأنها محكمة موطن المدعى عليه أو لأنها محكمة موقع العقار أو موطن المدعي، أو غير ذلك. ويستوي أن يكون الطلب العارض مقدماً من المدعي أو من المدعي عليه أو من الغير .
وهذا النص الذي يتعلق بالطلب العارض ليس له مقابل في التشريع المصرى بالنسبة للطلب الأصلي المرتبط. ومع هذا فإن من المتفق عليه.
رغم هذا الإغفال، أن الارتباط بين طلبين أصليين يبرر الخروج على قواعد، الاختصاص المحلى. ويكون الأمر كذلك سواء رفع الطلبان بصحيفتين أمام نفس المحكمة، أو رفعا إلى محكمتين مختلفتين.
على أنه استثناء من قاعدة اختصاص محكمة الطلب الأصلي بالطلب العارض محلية، إذا كان الطلب العارض يتضمن دعوى ضمان فرعية واتضح أن الطلب الأصلي لم يقدم إلا بقصد جلب الضامن إلى محكمة غير محكمته، فإن محكمة الطلب الأصلي لا تكون مختصة بطلب الضمان (مادة 60 مرافعات) . مثال : (أ) وموطنه القاهرة مدين لـ (ب) وموطنه الاسكندرية . أحال (ب) حقه إلى (ج). رفع (ج) دعوى على (ب) أمام محكمة الاسكندرية، فأدخل (ب) (أ) كضامن . فإذا أثبت (أ) أن (ب) قد اختصم لادخال (أ) أمام محكمة غير محكمته، فإن له أن ينفع بعدم الاختصاص المحلى وإحالة الدعوى إلى محكمته أي إلى محكمة القاهرة.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الأول ، الصفحة : 621)
وتنص المادة (60) على الاختصاص المحلي بنظر هذه الطلبات ويجري نصها على اختصاص المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية بالفصل في الطلبات العارضة، دون اعتداد بالاختصاص المحلي بنظرها لو أنها رفعت كطلبات أصلية وذلك لحسن سير العدالة حتى يجمع شتات الدعوى أمام محكمة واحدة، سواء كان الطلب العارض مقدماً من المدعى أو المدعى عليه أو الغير الذي يتدخل هجومياً في الدعوى. وقد لا يتدخل الغير في الدعوى ويرفع دعوى أصلية بطلبات تتعارض مع الطلبات في دعوى منظورة، وحينئذ يتوافر الارتباط بينهما ويتعين ضمهما ليصدر فيهما حكم واحد ولو أدى الضم إلى مخالفة قواعد الاختصاص المحلي بالنسبة لإحدى الدعويين، مثال ذلك أن يرفع المشتري دعوى ضد البائع بصحة ونفاذ عقد البيع، ويرفع الغير على البائع دعوى باستحقاق العقار المبيع، وتكون الدعوى الأولى قد رفعت المحكمة موطن البائع وبينما تكون الثانية قد رفعت لمحكمة موقع العقار ويتضح التعارض من أن الحكم الصادر باستحقاق العقار ضد البائع يحاج به الأخير وبالتالي المشتري منه طالما أن عقده مازال غير مشهر.
وإذا تمثل الطلب العارض في دعوى ضمان فرعية لم يقصد بها جلب المدعى عليه فيها - الضامن - إلى محكمة غير مختصة بأن كانت الدعوى الأصلية رفعت فعلاً على المدين أمام محكمة تختص محلياً بنظر الدعوى، فإن هذه المحكمة تكون مختصة بنظر دعوى الضمان الفرعية ولو لم تكن مختصة بها إذا رفعت دعوى أصلية.
أما إذا أثبت المدعى عليه في دعوى الضمان أن الدعوى الأصلية لم تقم إلا بقصد جلبه أمام محكمة غير مختصة محلياً بنظر دعوى الضمان كان له أن يتمسك بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى. مثال ذلك أن ترفع الدعوى الأصلية على شخص غير مسئول عن الالتزام فيقوم الأخير بإدخال المسئول ضامناً في الدعوى ويترتب على ذلك جلب المسئول أمام محكمة غير محكمته لو أن الدعوى رفعت عليه مباشرة كما لو كان موطنه في القاهرة ورفعت دعوى الضمان عليه بالإسكندرية.
فإن لم ينصرف الطلب العارض إلى دعوى الضمان الفرعية فإن المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية، تختص بنظره، فإن كانت الدعوى الأخيرة تختص بها محكمة المواد الجزئية، وكان الطلب العارض يخرج عن اختصاصها القيمي، فإنها تلتزم بقواعد الاختصاص المحلي عند قضائها بعدم اختصاصها بالطلب العارض، ومن ثم يجب عليها إحالتها إلى المحكمة المختصة محلياً بنظره.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الثاني / الصفحة 183)
الاختصاص المحلي بالطلبات العارضة والمرتبطة وفقاً للمادة – 60/1 مرافعات - محل التعليق - تختص المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية بالفصل في الطلبات العارضة، والطلبات العارضة هي التي تبدی أثناء خصومة قائمة وتتناول بالتغيير أو بالزيادة أو بالنقص أو بالإضافة ذات الخصومة القائمة من جهة موضوعها أو سببها أو أطرافها، وقد مضت الإشارة إلى ذلك عند تعليقنا على المادة 46 مرافعات، ومن أمثلة الطلبات العارضة الطلب الذي يقدمه المدعي في أثناء نظر الدعوى باتخاذ إجراء تحفظي أو وقتی، ودعوى المدعى عليه التي يقدمها رداً على دعوى المدعي وطلب الضمان الذي يدخل به أحد الخصوم في الدعوى شخصاً آخر ضامناً فيها .
واختصاص المحكمة التي تنظر النزاع الأصلى بالفصل في الطلب العارض، هو تطبيق للمبدأ القائل بأن قاضي الأصل هو قاضي الفرع عبد الباسط جمیعی - ص 92)، إذ يقضي حسن سير العدالة جمع شتات النزاع الواحد أمام محكمة واحدة، ولذلك فإن المحكمة المختصة بنظر النزاع الأصلي تختص أيضاً بالفصل في الطلبات العارضة حتى ولو كانت هذه الطلبات تخرج من اختصاص هذه المحكمة لو أنها رفعت إليها بصفة أصلية، إذ رأی المشرع الاعتبارات التي تبرز قبول الطلبات بصفة عارضة تعلو عن تلك التي تقوم عليها قواعد الاختصاص المحلى، ولهذا أجاز مخالفة هذه القواعد الأخيرة أياً كان نوع الطلب العارض، أي أياً كان مقدمه أحمد أبو الوفا - التعليق ص 358 ) .
ولكن ينبغي أن يكون الطلب العارض نازلاً حقيقة من الطلب الأصلي منزلة الفرع من الأصل، وإلا كان في الأمر تحايل على الاختصاص أو قلب للأوضاع، ولذلك نجد المشرع يبيح للمدعى عليه في دعوى الضمان الفرعية أن يتمسك بعدم اختصاص المحكمة، إذا ثبت أن الدعوى الأصلية لم تقم إلا بقصد جلبة أمام محكمة غير محكمته «مادة 60/2 مرافعات» - محل التعليق - ومثال ذلك أن يرفع مشتری منقول دعوى على الوسيط الذي تم البيع بواسطته بقصد فسخ عقد البيع، فيطلب الوسيط إدخال البائع ضامناً فإذا ثبت أن الوسيط لا شأن له بالنزاع، وإنما رفعت الدعوى عليه بقصد جلب البائع أمام محكمة غير محكمته، فللأخير أن يدفع بعدم اختصاص المحكمة اختصاصاً محلياً.
ويجب عدم الخلط بين الطلبات العارضة المشار إليها في المادة وبين المسائل التي تعرض للخصومة، كالدفوع والمنازعات المتعلقة بإجراءات الإثبات وانقطاع الخصومة ووقفها وطلب الحكم بسقوطها أحمد أبو الوفا - التعليق - طبعة خامسة ص 359، محمد وعبد الوهاب العشماوي ج 1 ص 511 وما بعدها) .
ويلاحظ أنه إذا زالت الخصومة في الطلب الأصلي لأي سبب من الأسباب سواء بسبب عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى أو بسبب بطلان صحيفتها، وكان الطلب العارض له كيان مستقل بذاته، وكان قد قدم إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعاوي، فهنا يشترط حتى يستبقى الطلب العارض أمام المحكمة أن تكون مختصة به من جميع الوجوه - ومن ثم يتعين أن تراعى بصدده قواعد الاختصاص المحلى، فالطلب العارض في هذه الحالة تكون له صفة الطلب الأصلى بصورة احتياطية، وذلك إذا زالت عنه صفته كطلب عارض (أحمد أبو الوفا ۔ التعليق - ص 359).
ورغم أن المشرع لم ينص صراحة على اختصاص المحكمة التي تنظر الدعوى بالفصل في الطلبات المرتبطة فإن الفقه يطبق عليها نفس حكم الطلبات العارضة (محمد عبد الخالق عمر - ص 178، إبراهيم سعد - ج 1- بند 206 ص 504، أحمد مسلم - بند 261 ص 289، فتحی والی - مبادي - بند 179 ص 260)، وذلك لتوافر نفس الحكمة وهي عدم الإخلال بحسن سير العدالة بتجزئة النزاع الواحد أمام محاكم متعددة والطلب المرتبط هو طلب يتصل بطلب آخر برابطة نجعل من مصلحة العدالة جمعهما، والفصل فيها أمام محكمة واحدة، إنه الارتباط بين طلبين شأنه شأن الطلبات العارضة يبرر مخالفة قواعد الاختصاص المحلى والاختصاص النوعي وإذا كان من الجائز إبداء طلبه مرتبط أمام محكمة مختصة أحياناً، فإنه يجوز من باب أولى إحالة دعوى مرفوعة أمام محكمة إلى محكمة أخرى مرفوعة إليها دعوی متصلة بها بصلة ارتباط ولو أدى ذلك إلى مخالفة قواعد الاختصاص المحلي أو الاختصاص النوعي (رمزی سیف - الوسيط - الطبعة الثامنة ص 330).
فرغم إغفال النص على الطلبات المرتبطة مع النص عليها في المادتين 46، 47 في شأن الاختصاص القيمي والنوعي، فإنه من المتفق عليه كما ذكرنا آنفاً أن الارتباط بين الطلبات الأصلية يبرر الخروج على قواعد الاختصاص المحلى سواء رفعا بصحيفتين أمام نفس المحكمة ام رفعا إلى محكمتين مختلفتين، ولا يهم أن يجمع الطلبان أمام محكمة موطن المدعى عليه (فتحى والى - مبادئ - بند 227، رمزي سيف - بند 340، كمال عبد العزير ص 179، احمد مسلم بند 261).(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الثاني ، الصفحة : 297)
1- الطلبات العارضة هي الطلبات التي تبدي في أثناء نظر الدعوى فيكون من شأنها أن تغير في نطاق الخصومة سواء من حيث موضوعها أو من حيث الخصوم فيها ومثلها الطلب الذي يقدمه المدعي في أثناء نظر الدعوى باتخاذ إجراء تحفظي أو وقتي ودعوى المدعي عليه التي يقدمها رد على دعوى المدعي وطلب الضمان الذي يدخل فيه أحد الخصوم في الدعوى شخصاً آخر ضامناً فيها ومبنى هذا الاستثناء أن الصلة التي تربط بين الطلب العارض وبين الدعوى الأصلية تبرر رفع الطلب العارض إلى المحكمة المطروحة عليها الدعوى الأصلية ولو كان في ذلك مخالفة للقاعدة العامة في الاختصاص المحلي.
2- ولكن القاعدة المتقدمة لا تمنع المدعي عليه في طلب الضمان من التمسك بعدم اختصاص محكمة الدعوى الأصلية إذا أثبت أن الدعوى الأصلية لم تقم إلا بقصد جلبه أمام محكمة غير محكمته كأن يرفع مشتري منقول دعوى على الوسيط الذي تم البيع بواسطته بقصد فسخ عقد البيع فيطلب الوسيط إدخال البائع ضامناً. فإذا ثبت أن الوسيط لا شأن له بالنزاع وإنما رفعت الدعوى عليه بقصد جلب البائع أمام محكمة غير محكمته فللأخير أن يدفع بعدم اختصاصا المحكمة اختصاصاً محلياً .
هذا وننبه إلى أنه يتعين عدم الخلط بين الطلبات العارضة المشار إليها في تلك المادة وبين المسائل التي تعرض للخصومة كالدفوع والمنازعات المتعلقة بإجراءات الإثبات وانقطاع الخصومة ووقفها وطلب الحكم بسقوطها (مرافعات العشماوي الجزء الأول ص 511 وما بعدها والتعليق للدكتور أبو الوفا الطبعة الخامسة ص 359).
والطلب المرتبط طلب يتصل بطلب آخر رابطة تجعل بين المصلحة جمعها والفصل فيهما أمام محكمة واحدة إذ الارتباط بين طلبين شأنه شأن الطلبات العارضة يبرر مخالفة قواعد الاختصاص المحلي والاختصاص النوعي . وإذا كان من الجائز إبداء طلب مرتبط أمام محكمة مختصة أحياناً فإنه يجوز من باب أولى إحالة دعوى مرفوعة أمام محكمة إلى محكمة أخرى مرفوعة إليها دعوی متصلة بها بصلة ارتباط ولو أدى ذلك إلى مخلفة قواعد الاختصاص المحلي أو الاختصاص النوعي ( وسيط المرافعات لرمزي سیف الطبعة الثامنة ص 330 ).(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثاني ، الصفحة : 756)