توحيد رفع الدعوى والطعن :
رأی المشروع توحيد الطريق الذي يسلكه المتقاضي في رفع الدعاوى والطعون واختار في هذا الشأن إعتبار الدعوى أو الطعن مرفوعاً بمجرد إيداع الصحيفة قلم الكتاب الذي يتولى بعد أداء الرسوم المقررة قيد الدعوى او الطعن وإعلانه عن طريق قلم المحضرين وذلك تقديراً من المشروع بأن الفرد في المجتمع الاشتراكي ينبغي ألا يتجشم في سبيل إقتضاء حقه أكثر من تقديم طلبه إلى سلطة القضاء فتتولى عنه الأجهزة المختصة بعد ذلك إعداد دعواه للفصل فيها وفضلاً عن أن هذا المسلك ييسر على المتقاضين فإنه يجنبهم إخطار البطلان التي تتعرض لها الإجراءات نتيجة إضطرابهم في إختيار الطريق المناسب لرفع الدعوى او الطعن او بسبب أخطاء المحضرين (المواد 63 ، 230 ، 243 ، 253 من المشروع).
أما في ظل القانون القائم فان رفع الدعوى يكون أصلاً بطريق التكليف بالحضور ما لم ينص القانون على طريق خاص لرفع الدعاوی أما بالنسبة للطعون فإن الإستئناف يرفع بتكليف بالحضور بينما يرفع الطعن بالنقض بتقرير في قلم كتاب المحكمة .
تضمنت المادة 63 من المشروع طريقة رفع الدعوى فنصت على أن الدعوى ترفع بإيداع صحيفتها قلم کتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك وبهذا أدخل المشروع تعديلاً جوهرياً فيه الكثير من التيسير على رافعي الدعوى .
وغني عن البيان أن الآثار التي تترتب على إيداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب هي الآثار التي يرتبها قانون المرافعات على رفع الدعوى أما المراكز القانونية الأخرى التي تنص عليها قوانين أخرى فإنه يتعين النظر في تحديد الإجراء الذي يرتبها إلى نصوص تلك القوانين التي تنظمها فإن كانت ترتبها على مجرد رفع الدعوى او المطالبة القضائية كما هو الشأن في قطع التقادم المادة 383 من القانون المدني وسريان الفوائد المادة 226 من القانون المدني والتزام من تسلم غير المستحق برد الفوائد والثمرات ولو كان حسن النية المادة 185 من القانون المدني ترتبت هدم الآثار من وقت إيداع المدعي لصحيفة دعواه قلم الكتاب وإن كانت النصوص القانونية التي تنظم تلك المراكز القانونية تنيط ترتيبها على إعلان صحيفة الدعوى كما هو الشأن في تحديد الوقت الذي يزول فيه حسن نية الحائز المادة 966 من القانون المدني لم تترتب هذه الآثار إلا بتمام إعلان صحيفة الدعوى الى من يحتج عليه بها فلا يكفي في تحققها مجرد إيداع الصحيفة قلم الكتاب .
والتزم المشروع في الحالات التي رأى فيها الاحالة إلى أحكام الباب الثاني من الكتاب الأول الخاص برفع الدعوى وقيدها أن يعبر عن مراده بعبارة وفقاً للأوضاع المعتادة لرفع الدعوى وهو يقصد بذلك أن تترتب آثار الإجراء بمجرد إيداع الصحيفة قلم الكتاب وأن يقوم هذا الأخير بإعلان الصحيفة عن طريق قلم المحضرين على النحو الوارد بمواد ذلك الباب أما في الحالات التي رأی فيها المشروع الإعتبارات قدرها الخروج عن القاعدة التي أخذ بها في رفع الدعوى فقد الملتزم في التعبير عن مراده عبارة بصحيفة تعلن للخصم أو عبارة بتكليف بالحضور وهو يقصد بذلك أن يتولى طالب الإجراء مباشرة إعلانه عن طريق قلم المحضرين إلى خصمه ولا تترتب آثار الإجراء إلا من تاريخ تمام إعلانه للخصم وذلك كما فعل المشروع في المواد 117 ، 119 ، 123 ، 129.
ولما كان المشروع قد اعتبر الدعوى مرفوعة من يوم تقديم صحيفتها الى قلم الكتاب فإنه لم يعد هناك محل لنص الفقرة الثالثة من المادة 75 من القانون القائم التي تجعل تقديم الصحيفة بقلم المحضرين قاطعاً لمدد التقادم والسقوط وتتراخی بباقي آثار رفع الدعوى إلى يوم إعلان المدعى عليه بصحيفتها .
مبدأ الطلب :
لا يباشر القضاء وظيفته إلا بناءاً على طلب فلو علم القاضي بوجود نزاع بين شخصين ، فإنه لا يستطيع نظره دون طلب من أحدهما فالقاضي لا يعمل من تلقاء نفسه . ويعتبر هذا المبدأ تطبيقاً لمبدأ حياد القاضي ، إذ لو بدأ القاضي الخصومة دون طلب لأصبح مدعياً وقاضياً في نفس الوقت ويبرره أن الحماية القضائية إنما تمنح لمن يحتاج إلى هذه الحماية . وليس أقدر من هذا الشخص على تقدير حاجته ، وهو يفصح عنها بواسطة الطلب.
ويسري هذا المبدأ ليس فقط بالنسبة لبدء الخصومة أو لبدء مرحلة منها كمرحلة الطعن ، بل أيضاً لاستمرارها . ولهذا فإنه إذا نزل المدعى عن طلبه ، إمتنع على القاضي نظر القضية . كما يسرى بالنسبة لإصدار الحكم ، ولهذا ليس للقاضي أن يتجاوز - في حكمه - حدود الطلب ، أو يحكم في غير ما طلبه الخصوم ، أو أن يصدر حكمه مستنداً إلى سبب غير سبب الطلب إذ يعتبر حكماًَ بغير طلب . كما أنه ليس له أن يحكم لمصلحة أو ضد شخص ليس طرفاً في الطلب ، وإلا كان الحكم باطلاً.
ويستثنى من هذا المبدأ حالات محددة للقاضي أن يحكم فيها من تلقاء نفسه . وهي حالات لا تتعلق في الغالب ببدء خصومة ، وإنما تعرض أثناء سيرها .
وإذا كان من المقرر أن للقاضى تكييف الدعوى لينزل على وقائعها وصفها القانوني الصحيح فإنه يعتد في هذا بالطلبات المطروحة عليه ، فلا يملك التغيير في مضمون هذه الطلبات أو إستحداث طلبات لم يطرحها عليه الخصوم.
المطالبة القضائية :
يتم رفع الدعوى وتبدأ الخصومة بالمطالبة القضائية . وهي عمل إجرائي موجه من المدعى أو ممثله إلى المحكمة يقرر فيه وجود حق أو مركز قانوني معين إعتدى عليه ويعلن رغبته في حمايته بإحدى صور الحماية القضائية في مواجهة المدعى عليه ويلاحظ أن المطالبة القضائية ليست استعمالاً للحق في الدعوى إذ هي ترمي إلى إعمال هذا الحق ، وإنما تعتبر استعمالاً لحق آخر هو حق الإلتجاء إلى القضاء ، ولهذا فإن المطالبة القضائية تكون صحيحة إذا توافرت فيها باعتبارها عملاً إجرائياً لمقتضيات الموضوعية والشكلية التي سبق بيانها بالنسبة للأعمال الإجرائية ولو لم تتوافر شروط الدعوى.
ولأن المطالبة القضائية عمل موجه إلى المحكمة في مواجهة المدعى عليه ، فيجب أن تتصل بعلم كل منهما . ومن الناحية النظرية يمكن تصور نظامان يحققان هذا الهدف:
1- أن يحدث الإتصال أولاً بين الطرفين بأن يقوم المدعى بإعلان المدعى عليه بالطلب قبل أن يقدمه إلى المحكمة . فالمحكمة لا تتصل بالطلب إلا بإجراء لاحق على إعلان المدعى عليه . وهذا هو النظام الذي كان يأخذ به التشريع المصري قبل المجموعة الحالية . ويسمى نظام رفع الدعوى بطريق التكليف بالحضور . وميزة هذا النظام هي أن تكليف المدعى عليه بالحضور قبل إتصال المحكمة بالطلب يتضمن تهديداً بإجراء هذا الإتصال (الذي يتم بقيد الدعوى) مما قد يحمل المدعى عليه على التسليم للمدعى بحقه أو التصالح معه قبل القيد.
2- أن يحدث الاتصال أولاً بالمحكمة ، ثم بعد ذلك يعلن المدعى عليه بصحيفة الدعوى للحضور أمام المحكمة . ويسمى نظام رفع الدعوى بإيداع الصحيفة. وميزة هذا النظام في حفظ حق المدعى بمجرد إيداع الصحيفة بالمحكمة . فلا يتحمل تأخير المحضر في إعلان الصحيفة للمدعى عليه مما قد يؤدي إلى تقادم حقه دون خطأ منه . وهذا النظام الأخير هو الذي تأخذ به - كقاعدة عامة مجموعة المرافعات المصرية الحالية ، إذاً وفقاًَ للمادة 63 منها ، ترفع الدعوى بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك». وهذه العبارة الأخيرة تشير إلى حالات محددة ينص القانون فيها على رفع الدعوى بطريقة التكليف بالحضور . هو يفعل هذا بنصه أحياناً على رفع الدعوى بتكليف بالحضور» (أنظر المادة 119مرافعات) أو بصحيفة تعلن للخصم (أنظر المادة 133 مرافعات).
ويلاحظ أنه ولو أن المطالبة القضائية تتضمن - بطبيعتها - إجراءين أحدهما موجه للمحكمة والآخر موجه للخصم ، إلا أن التشريعات المختلفة تعتد - في تحديدها للحظة رفع الدعوى - بالإجراء الأول منهما . فحيث ترفع الدعوى بتكليف بالحضور يعقبه القيد ، تعتبر الدعوى مرفوعة بمجرد التكليف بالحضور ، ويكون القيد إجراءاً لاحقاً يرمي إلى نظر الدعوى التي سبق رفعها . وحيث ترفع الدعوى بإيداع الصحيفة ، تعتبر الدعوى مرفوعة بمجرد هذا الإيداع ، ويعتبر إعلان الخصم إجراءاً لاحقاً يرمي إلى إباره بدعوى رفعت من قبل.
شكل المطالبة القضائية الإجراء العادي لرفع الدعوى :
ترفع الدعوى - وفقاً للمادة 63 مرافعات - بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة . فرفع الدعوى يقتضي من المدعي القيام بتحرير صحيفة الدعوى ثم إيداع الصحيفة قلم كتاب المحكمة وطلب قيدها . وعندئذ على قلم الكتاب قيدها في السجل المعد لذلك .
(أ) صحيفة الدعوى : ويحررها المدعى أو من ينوب عنه من أصل وعدد من الصور بقدر عدد المدعى عليهم وصورتين لقلم الكتاب (65 مرافعات). ويجب أن تشتمل على بيانات معينة نصت عليها المادة 63 . ويكون المدعى هو المسئول عن أي نقص أو خطأ فيها وهذه البيانات هي :
أولاً : تحديد عناصر الدعوى ، كالتالي :
1- التعريف بالمدعي : فيجب بیان اسمه ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه الأصلي . فإذا لم تتوافر فيه الأهلية الإجرائية بأن كان ناقص الأهلية ، أو إذا كان شخصاً إعتبارياً ، فيجب تحديد من يمثله في الخصومة ببيان اسمه ولقبه ومهنته أو وظيفته وصفته التي تخوله هذا التمثيل، مع بيان موطنه . فإذا لم يكن للمدعي - أو لممثله في الخصومة - موطن أو كان موطنه خارج البلدة التي بها مقر المحكمة ، فإن الصحيفة يجب أن تتضمن بیان موطن مختار للمدعي - أو لممثله في الخصومة - في البلدة التي بها مقر المحكمة . والهدف من هذا البيان هو أن توجه إليه في هذا الموطن الإجراءات المتعلقة بالخصومة . ولهذا فإن هذا البيان يجب أن يكون كافياً لإعلام ذو الشأن بهذا الموطن إعلاماً كافياً يمكنهم من معرفته والاهتداء إليه.
2- التعريف بالمدعى عليه : فيجب بيان أسمه ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه الأصلي . فإذا كان ناقص الأهلية أو شخصاً إعتبارياً ، فيجب تحديد من يمثله في الخصومة وصفته التي تخوله هذا التمثيل مع ذكر موطنه فإن لم يكن موطن المدعى عليه (أو ممثله) معلوماً ، وكان المدعي يعلم موطناً سابقاً له فعليه بيانه.
ويلاحظ أنه يكفي بالنسبة للشخص الاعتباري سواء كان مدعيا أو مدعى عليه ، ذكر البيانات المتعلقة بهذا الشخص دون البيانات المتعلقة بممثله ، مادام لا مجال للشك في أن المقصود هو الشخص الإعتباري وليس ممثله وهذا الذي لمقر عليه قضاء النقض ، قننه المشرع بنصه في المادة 3/115 مضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 على أنه «وإذا تعلق الأمر بإحدى الوزارات أو الهيئات العامة أو مصلحة من المصالح أو بشخص إعتباري عام أو خاص ، فيكفى في تحديد الصفة أن يذكر اسم الجهة المدعى عليها في صحيفة الدعوى» . ورغم أن النص يشير فقط إلى المدعى عليه ، فإنه ينطبق أيضاً على المدعي ، ذلك أن المدعى أو المدعى عليه هو الوزارة أو الهيئة أو الشخص الإعتباري ، وليس ممثله النائب عنه.
3- محل الدعوى : وذلك بعناصره الثلاثة وهي تحديد القرار الذي يطلبه المدعي ، والحق أو المركز القانوني الذي تهدف الدعوى إلى حمايته بهذا القرار ، ومحل هذا الحق أو المركز القانوني.
4- سبب الدعوى : أي العناصر أو الظروف الواقعية أساس الدعوى .
وقد عبرت المادة 63 عن محل الدعوى وسبها بعبارة «وقائع الدعوى وطلبات المدعي وأسانيدها» . ويلاحظ أن بيان كل من محل الدعوى وسببها يجب أن يكون محدداً وكافياً . فمجرد ذكر وقائع أو طلبات أو أسانيد عامة غير محددة لا يكفي لتحقيق هدف المشرع . كما يلاحظ أن المشرع في المادة 63 - على خلاف المادة 71 من مجموعة سنة 1949 - لم يتطلب بيان الأدلة التي يستند إليها المدعي لإثبات وقائع الدعوى.
ثانياً : تحديد المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى : وذلك حتى يعلم المدعى عليه - عندما يعلن بصحيفة الدعوى - بالمحكمة التي يجب عليه الحضور أمامها . ولا يكفي ذكر «المحكمة المختصة بالدعوى» دون تحديد هذه المحكمة، فقد تكون الدعوى من إختصاص أكثر من محكمة فلا يعرف المدعى عليه أمام أية محكمة يجب عليه الحضور ، فضلاً عن أن المشرع أراد أن يلقى على عاتق المدعي مسئولية التحديد الدقيق للمحكمة التي يطلب منها الفصل في الدعوى على أنه يلاحظ أنه لا يلزم أن تشتمل الصحيفة على بيان الدائرة التي ستنظر الدعوى ، فالمادة 63 تتطلب بيان المحكمة ، وليس الدائرة. هذا ولو كانت الدائرة متخصصة في نوع معين من الدعاوى.
ثالثاً : تاريخ تقديم الصحيفة لقلم الكتاب : أي تاريخ إيداعها فيه. والمقصود تحديد اليوم والشهر والسنة والساعة بدقة . ذلك أن الدعوى تعتبر مرفوعة من هذا الإيداع . ومن الطبيعي أن هذا التاريخ لا يثبت في الصحيفة وصورها إلا عندما تقدم لقلم الكتاب.
رابعاً : توقيع محام : حيث يوجب القانون هذا التوقيع لصحة رفع الدعوى ، ولا يشترط أن يكون المحامي الذي وقع الصحيفة هو الذي حررها، ويجوز أن يوقع معه محام تحت التمرين لا يحق له التوقيع عليها وقد حكم بأنه يكفي لتحقيق الغرض الذي قصد إليه المشرع من توقيع محام توقيعه على أصل الصحيفة أو على صورتها المقدمة القلم الكتاب . فالتوقيع على الأصل أو على الصورة يكفي .
بطلان رفع الدعوى :
يعتبر رفع الدعوى عملاً إجرائياً يخضع للقاعدة التي سبق بيانها بالنسبة البطلان الأعمال الإجرائية بصفة عامة . ويلاحظ أن مخالفة طريقة رفع الدعوى التي ينص عليها القانون يؤدي إلى بطلان العمل . وهو بطلان يتعلق بالنظام العام لتعلقه بأسس التقاضي . كما يلاحظ أنه بالنسبة للبطلان لعيب شکلی ، لم تنص المادة 63 على البطلان صراحة جزاءاً لتخلف أي بيان من بيانات الصحيفة . ولهذا فإن العمل لا يكون باطلاً إلا إذا أثبت المتمسك بالبطلان أن الغاية من بيان معين لم تتحقق بسبب ما شابه من نقص أو عيب . ولا يستثنى من جزاء البطلان إلا بيان موطن مختار في البلدة التي بها مقر المحكمة ( 5/63) ، إذ رتب القانون جزاءاً خاصاً على تخلفه أو تعيبه هو صحة إعلان المدعى عليه (أو ممثله) بالأوراق المتعلقة بالدعوى في قلم كتاب المحكمة (مادة 12 مرافعات).
ويجب إعمال القواعد المتعلقة بمرونة الشكل . قبل القول بوجود نقص أو عيب في بيان ما . كما يلاحظ ما سبق بيانه من أن عدم أداء الرسم لا يترتب عليه بطلان وإنما تستبعد المحكمة القضية من رول الجلسة (مادة 13 من ق 90 لسنة 1944). ولهذا فإنه إذا قبل قلم الكتاب - خطأ – الصحيفة دون اقتضاء الرسم المقرر أو دون اقتضائه بالكامل ، فإن رفع الدعوى يعتبر صحيحاً غير مشوب بالبطلان.
آثار المطالبة القضائية :
يترتب على مجرد رفع الدعوى ، وقبل إعلانها للمدعي عنه عدة آثار وتترتب هذه الآثار منذ رفع الدعوى ، ولو حكم بعدم تخصص بها وأحيلت إلى المحكمة المختصة بها. كما تترتب منذ رفع الدعوى المدنية التابعة للدعوی الجنائية ولو أحالت المحكمة الدعوى إلى المحكمة المدنية للفصل فيها.
ويمكن تقسيم آثار رفع الدعوى إلى مجموعتين : الأولى آثار إجرائية تتعلق بالخصومة وتنبع مباشرة من الطلب سواء كان المدعي محقا في دعواه أم لا ، والثانية آثار موضوعية تتعلق بالرابطة الموضوعية محل النزاع أو بروابط مستمدة منها . وهذه الأثار تترتب على المطالبة القضائية إذا كان المدعي له الحق في الدعوى ، ولهذا فهي آثار لا تتأكد إلا في لحظة الحكم.
أولاً : الآثار الإجرائية : يترتب على المطالبة القضائية :
1- بدء الخصومة . ونتيجة لهذا إذا رفعت الدعوى نفسها أمام محكمة أخرى ، جاز الدفع بالإحالة لسبق رفع الدعوى.
2- يصبح الحق المطالب به منازعاً فيه ونتيجة لهذا لا يجوز للقضاء ولا لأعضاء النيابة أو المحامين وكتبة المحاكم والمحضرين الذين تقوم المطالبة أمام المحكمة التي يعملون بدائرتها شراء هذا الحق (471 مدنی).
3- يتحدد الوقت الذي ينظر فيه إلى ولاية واختصاص المحكمة بالدعوى . ولا يؤدي أي تغيير لاحق سواء في قيمة الشيء المطالب به أو في محل إقامة المدعى عليه أو في جنسية الخصوم أو في أية واقعة أخرى مؤثرة في تحديد الاختصاص إلى جعل المحكمة غير مختصة.
4- تحديد نطاق القضية كمحل للخصومة . وهو ما يتضمن تحديد سلطات كل من القاضي والخصوم.
5- تنشأ الخصومة بين أطراف معينين ولهذا فإنه إذا توفي أحد أطراف الخصومة بعد بدئها فإن الخصومة لا تنقضي بل تستمر في مواجهة الورثة ، ولو تعلق الأمر بدعوى لا تقبل الانتقال إلى الورثة . ذلك أن الورثة يستمدون صفتهم من مورثهم الذي تحددت صفته كطرف في الخصومة عند بدئها . ولا يستثنى من هذه القاعدة إلا حالة ما إذا كانت الدعوى بطبيعتها ذات صفة شخصية بحيث لا يتصور صدور حكم فيها بعد وفاة الخصم كدعوی الطاعة.
ثانياً : الآثار الموضوعية:
لأن الخصومة تقتضي نفقات كما تتطلب لتحقيق الهدف منها بعض الوقت ، فقد حرص القانون على أن يحصل صاحب الحق على حقه بواسطة الخصومة دون أن تقع تبعة أيهما على عاتقه . فصاحب الحق في الدعوى يجب ألا يضار من التجائه إلى القضاء ، إذ لا سبيل أمامه - بعد أن تقرر عدم اقتضاء الشخص حقه بنفسه - إلا هذه الوسيلة . وإعمالاً لهذا :
(أ) من يكسب القضية يحكم له بالمصاريف التي تحملها. وسنبحث موضوع مصاريف الخصومة فيما بعد.
(ب) الوقت الذي ينقضي في نظر الطلب يجب ألا يضر بالمدعي . ولهذا فإن الحكم الذي يقبل هذا الطلب يجب أن يطبق القانون كما لو كان هذا التطبيق يتم في لحظة تقديم الطلب . وتترتب على هذا المبدأ آثار هامة كان الفقه التقليدي يعتبرها آثاراً للحكم ويفسرها حيناً بأن «للحكم أثراً رجعياً» فآثار الحكم ترجع إلى وقت المطالبة القضائية . وحيناً آخر بأن «للحكم أثراً مقرراً»
فهو لا ينشئ حقاً جديداً . وكل من التفسيرين خاطىء . فمن ناحية ، ليس للحكم أثر رجعي إلا في حالات إستثنائية . ومن ناحية أخرى ، فان القول بأن للحكم أثراً مقرراً يعني أنه لا ينشئ حقاً جديداً ، وإنما يقرر حقاً موجوداً فلا علاقة لهذا بالآثار محل المناقشة . والواقع أن هذه الأثار ليست آثاراً للحكم ، وإنما هي آثار للمطالبة القضائية . وهي أثار تترتب نتيجة لأن المطالبة تحفظ حق المدعي كما هو عند رفع الدعوى إلى القضاء ، وذلك حتى لا يضار من تأخر المحكمة في نظر دعواه وأهم هذه الآثار هي :
1- إذا كان الشيء محل النزاع ينتج ثماراً فان حائزه الذي يحكم عليه برده للمدعي يجب عليه - بصرف النظر عن حسن نيته - أن يعيد إلى المدعي ثمار ما يحوزه إبتداءاً من وقت رفع الدعوى . ولا يرجع هذا – كما يقال عادة - إلى أن المطالبة التي تعلن للحائز تجعل الحائز سيء النية . فهذا القول لا يطابق الحقيقة ، لأن الحائز - ولو بعد إعلان الدعوى إليه - قد يكون حسن النية يعتقد أنه صاحب حق. وانما يرجع هذا الأثر إلى أن المدعى يجب أن يعامل كما لو كان قد تسلم الشيء الذي يطالب به يوم رفع الدعوى . ولهذا فإن من حقه ثمار هذا الشيء من هذا الوقت . ونتيجة لما تقدم فإن هذا الأثر يترتب - في القانون المصري - على العمل الذي يتم به رفع الدعوى وهو إيداع الصحيفة ، وليس منذ إعلان الصحيفة للمدعى عليه.
2- إذا كان محل الالتزام المطالب به مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت رفع الدعوى التزم المدعى عليه بدفع فوائده القانونية ، إذا طولب بها، منذ هذا الوقت (226 مدنی) . وذلك إعتباراً بأن المدعي من حقه أن يقبض دينه ، ويستفيد به منذ رفع الدعوى.
3- مرور الزمن منذ رفع الدعوى حتى صدور الحكم لا يؤدي إلى انقضاء حق المدعي . ويترتب هذا الأثر ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة ويشترط لترتيب هذا الأثر:
(أ) أن يكون رفع الدعوى صحيحاً . فإذا كان باطلاً فلا يرتب الأثر.
(ب) أن توجه الدعوى إلى الخصم أو من له صفة في تمثيله . فصحيفة الدعوى الموجهة إلى من ليس له صفة في تمثيل الخصم لا تقطع التقادم.
(ج) أن ترفع الدعوى أمام القضاء سواء أمام محكمة قضائية بالمعنى المفهوم لهذا الاصطلاح أو أمام جهة إدارية لها اختصاص قضائي . ولهذا فالشكوى المقدمة من العامل إلى مكتب العمل لمحاولة تسوية النزاع لا تقطع التقادم.
(د) أن يتعلق الأمر بدعوى موضوعية ولهذا لا ينقطع التقادم لمجرد رفع دعوى وقتية . (على أن الدعوى الموضوعية تقطع التقادم ولو رفعت أمام محكمة مستعجلة). إذ رفع الدعوى يقطع التقادم ولو رفعت إلى محكمة غير مختصة . ويقتصر أثر رفع الدعوى على الحق المطالب به وتوابعه التي تسقط بسقوطه دون أي حق آخر على أن المطالبة بجزء من الحق تعتبر قاطعة للتقادم بالنسبة للحق بأكمله ، إذا كانت هذه المطالبة الجزئية تدل في ذاتها على قصد صاحب الحق التمسك بكامل حقه . وتطبيقاً لهذا فإن المطالبة بتعويض مؤقت مقداره 10001 جنيه يقطع التقادم بالنسبة لكامل الحق إذ يدل على قصد الطالب التمسك بكامل حقه في التعويض.
(هـ) أن تنتهي الخصومة بحكم لصالح المدعی .
وترتب المطالبة القضائية هذا الأثر سواء تعلق الأمر بطلب أصلى بدأت به خصومة أم بطلب عارض أثناء الخصومة ما دام يعتبر طلباً للحصول على حماية قضائية موضوعية . فإذا كان الطلب العارض يتضمن تعديلاً للطلب الأصلي على نحو يجعله لا يتضمن المطالبة بحماية موضوعية للحق فإنه يترتب عليه زوال هذا الأثر للطلب الأصلي . ولهذا إذا عدل المدعي بالملكية طلبه إلى بطلان حكم مرسي المزاد زال هذا الأثر للدعوى الأصلية.
ومن ناحية أخرى فان الطلب القضائي يرتب هذا الأثر ولو كان طلباً إحتياطياً.
ويعبر المشرع (383 مدنی) عن هذا الأثر بأن التقادم ينقطع بالمطالبة . ولكن يعيب هذا التكييف أن من المقرر أنه إذا انقطع التقادم . فان مدة جديدة - هي المدة نفسها التي إنقطعت - تبدأ في السريان من وقت إنتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع (380 مدنی) . فهل يتحقق هذا بالنسبة للمطالبة ؟ الواقع أنه ما دامت الخصومة قائمة ، فإنه لا تبدأ مدة جديدة . فإذا انتهت الخصومة فإما أن تنتهي بحكم نهائي بقبول الطلب ، أي بحكم نهائي لصالح المدعي ، وعندئذ تبدأ مدة تقادم جديدة هي خمسة عشر سنة ( 2 / 385 مدني) أياً كانت المدة السابقة على الطلب . وهذه ليست مدة تقادم ترد على الدعوى التي رفعت بها المطالبة إذ هذه قد انقضت بالحكم النهائي ، بل مدة تقادم ترد على دعوى جديدة ناشئة عن الحكم أما إذا انتهت الخصومة بحكم برفض الطلب ، فلا يمكن الكلام عن تقادم إذ هذا الحكم يعني أنه لم يكن للمدعي حق في الدعوى يمكن أن يرد عليه تقادم وإذا انتهت الخصومة قبل الفصل في الموضوع فان الخصومة تزول والتقادم يعتبر أنه لم ينقطع ، فلا تبدأ أية مدة جديدة وهو ما يعني أنه في جميع الأحوال لا يحدث أي انقطاع للتقادم بالمعنى الصحيح .
4- إذا نقل المدعى عليه حيازة الشيء المطلوب إسترداده إلى آخر، فإن هذا الانتقال لا يؤثر في بقائه طرفاً في الخصومة وصدور الحكم ضده برد الشيء . كذلك إذا تصرف المدعى أو المدعى عليه في الحق المطالب به . فان هذا التصرف بعد المطالبة لا يغير أطراف الخصومة ، إذ تبقى هذه فی مواجهة المتصرف دون المتصرف إليه .
5- إذا اكتسب الغير حقاً على عقار محل مطالبة قضائية ، فإن هذا الحق لا ينفذ في مواجهة المدعي . على أنه حماية للغير يتطلب القانون السريان هذا الأثر تسجيل صحيفة الدعوى.
على أن مبدأ النظر في الطلب باعتباره يوم رفعه لا يؤخذ على إطلاقه . فمن المقرر إعمالاً لمبدأ الاقتصاد في الخصومة أنه لا يعمل به إذا لم يكن يحقق الهدف منه . ولهذا.
1- إذا تحققت الحماية القانونية للحق بوسيلة أخرى ولو غير ق ضائية كما لو صدر تشريع يقر للمدعي بحقه ، أو زال الإعتداء سبب الدعوى كما لو تم الوفاء للدائن أثناء الخصومة ، فان الدعوى تنقضي فلا ينظر فيها القاضي باعتبارها يوم رفعها.
2- إذا رفعت الدعوى قبل حلول أجل الدين . وحل الأجل بعد المطالبة وقبل صدور الحكم ، فإنه يجب نظر الدعوى رغم أنها تعتبر غير مقبولة باعتبارها يوم رفعها.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 15)
رفع الدعوى
لكل حق دعوى تحميه لا تنفك عنه : تعريف الحق :
الحق، هو سلطة لشخص يقرها القانون ويخول له حمایتها، فحق الملكية هو سلطة يقرها القانون للمالك ويخول له اللجوء إلى القضاء لحمايته، وحق الشفعة هو سلطة يقرها القانون للشفيع ويخول له حمایته رضاء أو قضاء.
ويرى البعض أن الحق، قدرة لشخص على أن يقوم بعمل معين يمنحها القانون ويحميها تحقيقاً لمصلحة يقرها، أو هو، سلطة يقرها القانون لشخص بمقتضاها يكون له ميزة القيام بعمل معين، أو هو، رابطة قانونية بمقتضاها يخول القانون شخصاً علي سبيل الانفراد والاستئثار التسلط علي شيء أو إقتضاء أداء معين من شخص آخر، أو هو، صلة بين طرفين تنطوي علي مصلحة يقرها القانون.
الحق والرخصة:
لئن كان الحق هو سلطة لشخص يقرها القانون ويخول له حمايتها، فإن الرخصة هي عمل من أعمال التسامح ترد علي إستعمال حق للغير ولا يخول القانون صاحبها حماية ما في مواجهة صاحب الحق وحده وإن كانت تخوله حمایتها ضد غيره ممن يتعرضون له في إستعمالها، فلصاحب الطريق الخصوصي أو المسقي الخصوصي سلطة عليه يقرها القانون ويخول له حمايتها، فهو حق، فإن لم يعترض علي إستعمال الغير له ، فقد رخص له في استعماله، وهذا لا يحول دونه وطلب الكف عن هذا الاستعمال مهما كان الوقت الذي إنقضى عليه، وهذا الطلب لا تعسف فيه لمشروعيته لإقرار القانون له، ذلك أن الرخصة لا تكسب حقاً مهما إنقضي عليها من وقت. ولكن يجوز لصاحب الرخصة أن يطلب منع تعرض غير صاحب الحق له بدعوي مباشرة ضد المتعرض استناداً إلى تلك الرخصة.
وانظر المادة الخامسة فيما يتعلق بورود التعسف علي الحقوق وحدها دون الرخص.
أنواع الحق
الحق إما أن يكون سياسية، كحق تولي الوظائف العامة، وحق الإنتخاب، وحق الترشيح. وإما أن يكون مدنياً وينقسم هذا إلى حقوق عامة وحقوق خاصة، وتتفرع الأخيرة إلى حقوق الأسرة وحقوق مالية، والحقوق المالية تنقسم إلى حقوق عينية وهي التي ترد على أشياء معينة كحق الملكية وحق الإنتفاع وحق الإستعمال وحق السكني وحق الحكر وحق الارتفاق وحق الرهن وحق الاختصاص وحق الامتياز. كما تنقسم إلى حقوق شخصية ، وهي التي تنشئ إلتزامات شخصية في ذمة المدين بها، فهي علاقة بين شخصين، أحدهما دائن والآخر مدين، وبموجب هذا الحق يلتزم المدين بالقيام بعمل أو بالإمتناع عن عمل. كما تنقسم إلى حقوق ذهنية كحق المؤلف علي مؤلفاته وما تضمنتها من أفكار تتمثل في حقوق ذهنية أو معنوية.
فإن نشأ حق على نحو ما تقدم كان محمياً بالقانون، والسبيل إلى ذلك هو الطلب القضائي المتمثل في الدعوى، وحينئذ تعتبر الدعوى من توابع الحق الذي تحميه متى وجدت صلة بين المدعي وهذا الحق ، وهذه الصلة لا تتحقق إلا بنشوء الحق، وهو ما تتوافر به صفة المدعى وتتحقق مصلحته في رفع . الدعوى متى توافر العنصران الآخران من عناصر المصلحة.
أما إن لم يكن الحق قد نشأ بعد، فلا يتوافر لدى المدعي إلا الأمل في نشوئه ، وحينئذ لا توجد دعوى يستطيع المدعى رفعها، لأن الدعوى تتبع الحق وحده. أما الأمل، فلا يتحقق به إلتزامات أو حقوق وتلك وحدها هي التي يحميها القانون عن طريق اللجوء للقضاء، وطالما لم ينشأ حق للمدعي ، فيمتنع عليه طلب الحماية وإلا كانت دعواه خليقة بالرفض وليس بعدم القبول، لأن عدم القبول يتطلب وجود حق ولكن يفتقد المدعى صلته به.
مثال ذلك. أن يوجه البائع الدعوة للتعاقد على عين معينة، ويحدد الشروط التي يجب على من وجهت إليه تلك الدعوى تنفيذها، کسداد دفعات نقدية في مواعيد محددة، فإن قام بذلك، اعتبر ذلك إيجاباً ، فلا يترتب عليه نشوء حقه إلا بصدور قبول من البائع. أما إذا أخل بأي من هذه الشروط، سقطت الدعوة ، مما يحول دون من وجهت إليه ورفع دعوى قضائية وإلا كان مصيرها الرفض، لأن الدعوة للتعاقد لا تنشئ حقاً إلا إذا تلاقي الإيجاب بالقبول، أما قبل ذلك، فإن كل ما يترتب عليه مجرد الأمل في إبرام عقد البيع.
نطاق اللجوء للجان التوفيق قبل رفع الدعوى:
أوجب القانون رقم 7 لسنة 2000 الخاص بلجان التوفيق على كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، أن تنشئ لجنة أو أكثر، للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية، التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها، أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة.
وينعقد الاختصاص للجان التوفيق بكل منازعة تنشأ على هذا النحو، ويترتب على مخالفة هذا الإختصاص واللجوء مباشرة إلى المحكمة، ألا تقبل الدعوى ، ومن ثم يجب على المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى وتقف عند هذا الحد. ولا يجوز لها أن تقضي بعدم الإختصاص والإحالة لأن مناط ذلك أن تكون الدعوى مقبولة لديها، ولا يحول القضاء بعدم القبول دون رفع دعوى جديدة بعد الإلتزام بأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 ، فإن تصدت محكمة الدرجة الأولى للدعوى رغم عدم لجوء المدعي اللجان التوفيق، ثم قضت المحكمة الإستئنافية بإلغاء الحكم فإنها تقضي كذلك بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل اللجوء للجان التوفيق، ولا يحول تصدي محكمة الدرجة الأولى للموضوع دون رفع الدعوى من جديد، باعتبار أن عدم القبول في هذه الحالة يتعلق بشكل الدعوى وليس من قبيل الدفع بعدم القبول الذي تعنيه المادة (115) من قانون المرافعات.
وقد إستثنى القانون رقم 7 لسنة 2000 بعض المنازعات من أحكامه حسبما نصت عليه المادتان (4)، (11) منه والمادة (2) من قرار وزير العدل رقم 4213 لسنة 2000 وتنصرف هذه الإستثناءات في :
(1) المنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي من أجهزتها طرفاً فيها.
(2) المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية. وتنصرف إلى كافة المنازعات التي تتعلق بعقار، كدعاوی الحقوق العينية الأصلية أو التبعية ودعاوی الحيازة، يستوي أن تكون الدعوى، دعوى عقارية أو شخصية عقارية کدعوی صحة ونفاذ عقد وارد على عقار أو دعوى بالتزام البائع أو المقايض أو الواهب أو الشريك في شركة بتنفيذ إلتزامه بتسليم العقار أو عدم تعرضه للمدعي.
(3) المنازعات التي يوجب القانون فضها أو تسويتها أو نظر التظلمات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية.
(4) المنازعات التي تقرر لها القوانين أنظمة خاصة بها تنفرد بالاختصاص بها.
(5) المسائل المستعجلة.
(6) منازعات التنفيذ الموضوعية والمستعجلة.
(7) الطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض.
(8) الطلبات الخاصة بأوامر الأداء.
(9) طلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ.
(10) إختصام الغير مع أي من هذه الجهات، كإختصام التابع لأي منها معها وإختصام المقاول الذي يقوم بتنفيذ بعض الأعمال لأي منها، وذلك على ما أوضحناه ببند «الدفع الشكلي بعدم القبول لعدم اللجوء للجان التوفيق» بالمادة (108) فيما يلي.
رفع الدعوى
يختلف رفع الدعوى في قانون المرافعات الحالي عنه في القانون السابق. وكانت صحيفة افتتاح الدعوى في القانون الأخير بمثابة ورقة من أوراق المحضرين يجب أن تشتمل على جميع البيانات الواجب ذكرها في هذه الأوراق، وكانت الدعاوى ترفع بإعلان صحيفتها، ويختلف الوضع في القانون الحالي، فلم تعد صحيفة افتتاح الدعوى من أوراق المحضرين ولم يوجب القانون أن تشتمل على البيانات الواجب ذكرها في هذه الأوراق، ومن ثم يكفي لصحتها إشتمالها على البيانات التي حددتها المادة (63) من القانون الحالي، وعند إعلانها يرفق بها ورقة الإعلان مشتملة على جميع البيانات الواجب ذكرها في أوراق المحضرين والمنوه عنها بالمادة التاسعة ، ومع ذلك فقد استمر العمل على ما كان عليه في ظل القانون السابق بتحرير صحف الدعاوى متضمنة بيانات أوراق المحضرين، ومن ثم تخضع في هذه الحالة للبطلان الذي . تقرره المادة (19) من القانون الحالي.
وترفع الدعوى في ظل القانون الحالي بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة وقيدها بجدول قيد القضايا، وتترتب آثارها كمطالبة قضائية بمجرد هذا الإيداع ولو لم تعلن صحيفتها، فيقطع التقادم وتسرى الفوائد ويلتزم من تسلم غير المستحق برد الفوائد والثمرات ولو كان حسن النية إذ ينص القانون على ترتيب هذه الآثار على المطالبة القضائية ، أما باقي الآثار التي تترتب على إنعقاد الخصومة ، فلا تتحقق إلا بعد إعلان الصحيفة أو حضور المدعى عليه ، کاتصال المحكمة بطلبات الخصوم وأوجه دفاعهم، وتحديد الوقت الذي يزول فيه حسن نية الحائز، إذ رتب القانون هذه الآثار على إعلان الصحيفة أو حضور المدعى عليه.
فالفيصل في نشوء الآثار التي تترتب على إيداع الصحيفة أو إنعقاد الخصومة في الدعوى، هو نص القانون، كنص المواد (226)، (383)، (185)، (966) من القانون المدني، (68) من قانون المرافعات. وإن نص القانون على رفع بعض الدعاوى بغير طريق الإيداع، تعين الالتزام بهذا الطريق.
فإذا رفعت الدعوى بغير الطريق الذي رسمه القانون تعين القضاء بعدم قبولها وتقضي المحكمة بذلك من تلقاء نفسها.
وتعتبر الصحيفة قد أودعت عند قيدها إذ تنقل بياناتها في ذلك الوقت إلى السجل المعد لذلك، وهو جدول قيد القضايا، ومن ثم لا يكفي لتوافر الإيداع تقدير الرسوم بمعرفة قلم الكتاب أو سدادها فتلك مرحلة سابقة على إيداع الصحيفة وبالتالي على رفع الدعوى
وعملاً بالمادة (110) من قانون المرافعات، تعتبر الدعوى مرفوعة إلى المحكمة المحال إليها بموجب الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة، إذ تلتزم هذه المحكمة بقيد الدعوى بجدولها ونظرها، متی تعلقت الإحالة بطلبات مما تختص به المحكمة المحال إليها بصفة أصلية.
وإذا أصدر قاضي الأمور المستعجلة حكما بعدم إختصاصه بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة الموضوع، فإن الدعوى تكون مقبولة أمامها إذا كانت الطلبات الأصلية فيها أو المعدلة ، والتي طرحت في الدعوى المستعجلة ، هي طلبات موضوعية مما لا يختص بها قاضي الأمور المستعجلة، وحينئذ يكون في حكم الإحالة وفقاً للدعوى الموضوعية بطريق أقره القانون.
أما إن كانت الدعوى المستعجلة لم تقدم فيها طلبات موضوعية، وإنما طلبات وقتية، لم يتوافر في شأنها شرط الإستعجال ، تعين على قاضي الأمور . المستعجلة أن يقضي بعدم إختصاصه والوقوف عند هذا الحد. فإن أمر بالإحالة إلى محكمة الموضوع، وجب عليها أن تقضي بعدم قبولها لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.
وإذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية تبعاً للدعوى الجنائية ، فإن الدعوى المدنية تكون مقبولة، إذ تكون قد رفعت بالطريق الذي رسمه القانون، فإن رأى القاضي الجنائي أن من شأن هذه الدعوى تعطيل الفصل في الدعوى الجنائية ، قضى في الدعوى الأخيرة وأمر بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة، فإنه يترتب على تلك الإحالة إعتبار الدعوى المدنية مرفوعة أمام المحكمة المدنية دون حاجة لإتخاذ إجراء آخر الاتصال تلك المحكمة بالدعوى، وتظل لتلك الدعوى كافة الآثار التي ترتبت على رفعها أمام المحكمة الجنائية.
رفع الدعوى بإيداع صحيفتها دون إعتداد بسداد الرسم :
الإجراء الذي يتم به رفع الاستئناف - ويسرى بالنسبة للدعوى - هو تقديم صحيفته إلى قلم الكتاب لقيدها عملاً بالمادتين (67) ، (230) من قانون المرافعات ولا تلازم بين ذلك وبين واقعة أداء الرسم. اعتبار الصحيفة مودعة قلم الكتاب من تاريخ سداد الرسم عنها خطأ في تطبيق القانون. (نقض 1985/12/12 طعن 1917 ؛ نقض 1988/3/16 طعن 1073 س 54 ق).
ترفع الدعوى مثل دعوى التعويض من المضرور ضد من أحدث الفعل الضار، فإذا تعدد أحد طرفي الدعوى، وجب لقبولها وجود رابطة قانونية تربط بين هؤلاء المتعددين تجيز لهم أن يمثلوا مجتمعين في الدعوى، بحيث لو انتفت تلك الرابطة ، كان يتعين على كل منهم اتخاذ إجراء فردي خاص به وحده ، ويترتب على مخالفة ذلك أن تكون الخصومة لم توجه في الشكل الذي يتطلبه القانون، مما يجوز معه للمدعي عليه الدفع بعدم قبول الدعوى، وهو دفع شکلی غير متعلق بالنظام العام، ومن ثم يجب التمسك به قبل التصدي للموضوع وإلا سقط الحق فيه.
وتتوافر الرابطة القانونية في الدعوى ، بالنسبة للمدعيين أو المدعى عليهم، إذا جمع المتعددين التزام تضامني أو إلتزام تضامني، كمسئولية التابع والمتبوع والمؤمن في حوادث السيارات، إذ تكون مسئولية التابع والمتبوع تضامنية فيما بينهما، ومسئوليتهما تضامنية بالنسبة للمؤمن، وبالتالي يجوز للمضرور أن يرجع على هؤلاء مجتمعين، ويكون كل منهم مسئولاً عن كل ما يقضي به من تعويض عملاً بقواعد التضامن والتضامم على التفصيل الذي تناولناه بصدد مسئولية المؤمن في كتابنا «المسئولية المدنية». ويتوافر التضامن إذا تعدد المسئولون في العمل غير المشروع على ما تنص عليه المادة 169 من القانون المدني، أما في المسئولية العقدية ، فلا يتوافر التضامن إلا باتفاق عليه أو بنص في القانون. فإذا انتفى التضامن أو التضامم ، انتفت بالتالي الرابطة بين المتعددين في دعوى التعويض، مثال ذلك إذا تعدد المصابون في حادث إنقلاب سيارة أو قطار، وبالتالي لا يجوز أن تجمعهم صحيفة واحدة، وأيضاً إذا تعدد البائعون بأن باع كل منهم شيئاً مستقلاً ولو كان المشتري شخص واحد وتحرر عقد واحد، إذ تتعدد الصفقات، وبالتالي لا يجوز للبائعين، في حالة إخلال المشتري بالتزاماته ، أن يرجعوا عليه جميعاً بصحيفة واحدة بطلب التعويض.
كما تتوافر الرابطة القانونية عندما تكون الدعوى غير قابلة للإنقسام، فقد يرفع المضرور دعوى التعويض، ثم يتوفى قبل الفصل فيها، فيحل فيها ورثته بذات الطلبات، وبالتالي يعتبر التعويض المطلوب عنصراً في التركة غير : قابل للإنقسام قبل صدور حکم بات به ، وتكون الدعوى قد استوفت الشكل المقرر لها، خلافاً للدعوى التي يرفعها الورثة للمطالبة بتعويض عما أصاب كل منهم إذ يتعين أن يستقل كل وارث بدعوى.
فإن كان المورث قد قضى قبل وفاته بإلزامه بالتعويض، فإن مبلغ التعويض يكون عنصراً من عناصر ذمة المورث، فلا يقبل الانقسام بين الورثة، وبالتالي يرجع المضرور على جميع الورثة بصحيفة واحدة لإلزامهم بأداء التعويض من تركة مورثهم. ولا يحول دون صدور حكم بذلك أن يقيم الورثة الدليل على أن مورثهم لم يترك شيئاً ، لأن الحكم ينحصر في تركة المورث فإن لم توجد تركة ظاهرة فقد تظهر للمورث حقوق بعد ذلك، فينفذ - المضرور عليها.
رفع الدعوى فيما بين المحاميين أو ضد محام :
تنص المادة (133) من قانون المحاماة الصادر بالقانون 61 لسنة 1968 والمعمول به من تاريخ نشره في 1968/11/13 على أنه لا يحق للمحامي أن يقبل الوكالة في دعوى أو شكوى مقدمة ضد زميله قبل الحصول على إذن من مجلس النقابة الفرعية ويجوز في حالة الإستعجال صدور الإذن من رئيس . المجلس. وإذا لم يصدر الإذن في الدعاوى المدنية خلال أسبوعين من تاريخ تقديم الطلب كان للمحامي أن يتخذ ما يراه من إجراءات قضائية مباشرة.
يكفي توافر شروط الدعوى وقت رفعها :
إذا تطلب القانون شروطا معينة لقبول الدعوى وتوافرت وقت رفعها، استقامت، ولا ينال من ذلك تخلف بعض هذه الشروط بعد ذلك.
تكون بإقامة دعوي فلا يكفي الكتاب المسجل أو المطالبة الودية أو الإنذار الرسمي علي يد محضر ولا اتخاذ الإجراءات التحفظية كطلب وضع الاختام وكوضعها بالفعل أو قيد الرهن أو تجديد القيد أو المطالبة القضائية أمام قاضي الامور المستعجلة لانها اجراءات وقتية لا تمس أصل الحق دعوي اثبات الحالة وسائر الدعاوي المستعجلة ، أو طلب المعافاة من الرسوم القضائية أو التظلم المرفوع للسلطة القضائية خلافاً للمطالبة أمام لجنة ادارية ذات إختصاص قضائي فهذه تقطع المدة كذلك لا يقطع التقادم إيداع قائمة شروط البيع دون إعلانها للمدين ولا إعلان الحوالة للمدين، والمطالبة القضائية تشمل الدعوي والدفع ولا يشترط قيد الدعوي بالجدول فيكفي مجرد إيداع صحيفتها قلم الكتاب ولو لم تعلن ما لم يقضي باعتبارها كأن لم تكن كما لا يشترط سداد الرسوم القضائية ، وينقطع التقادم ولو رفعت الدعوي أمام محكمة غير مختصة محلياً أو نوعياً ، أو ولائياً ويشترط صحة صحيفة الدعوي فان كانت باطلة لا تقطع التقادم، واذا تركت الدعوي ترتب علي ذلك الغاء صحيفة الدعوى وإلغاء ما ترتب عليها من آثار فیعتبر انقطاع التقادم كأن لم يكن أما أن كان سبب الترك هو رفع الدعوي أمام محكمة غير مختصة فيظل الانقطاع قائما، والحكم بسقوط الخصومة لانقضاء سنة من آخر إجراء صحيح فيها بفعل المدعي وفقاً للمادتين 134 ، 136 مرافعات يترتب عليه الغاء صحيفة الدعوي بما ترتب عليها من آثار ومنها قطع التقادم، واذا وقف السير في الدعوي إنقضت الخصومة بمضي ثلاث سنوات على آخر اجراء صحيح فيها (م 140 مرافعات) دون حاجة لصدور حکم والغيت صحيفة الدعوي وما يترتب عليها من آثار ومنها قطع التقادم ويزول الإنقطاع بصدور حکم برفض الدعوي بحالتها فاذا عاد الدائن الي رفعها بعد استيفاء الشروط التي كانت غير متوافرة فيستطيع المدين دفعها بالتقادم اذا كان قد اكتمل اذ زال أثر الدعوي السابقة برفضها.
لكن اذا كان الشرط في الدعوي السابقة واللازم لقبولها، يجوز معه القضاء بوقفها تعليقاً علي تحققه، تعين علي المحكمة ألا تقضي بعدم قبول الدعوي لرفعها قبل الأوان أو القضاء برفضها بحالتها، لما يترتب علي هذا القضاء من زوال أثرها في قطع التقادم وهو ما يعرض الحق المرفوعة به إلى السقوط اذا اكتملت مدة تقادمه بعد صدور هذا الحكم، وعليها أن تقضي بوقفها تعليقا علي تحقق هذا الشرط، حتي لو طلب المدعي عليه أو المستأنف عليه الحكم بعدم قبول الدعوي لرفعها قبل الأوان، إذ ينصرف هذا الطلب في حقيقته إلى الوقف التعليقي ، والا تكون المحكمة قد قضت بما لم يطلبه الخصوم ، بحيث إذا تحقق الشرط، قام المدعي بتعجيل السير في دعواه التي تظل محتفظة بكافة آثارها ومنها قطع التقادم، مثال ذلك أن يرفع المضرور دعوي التعويض عن جنحة الإصابة الخطأ ويقضي ابتدائياً بحبس المتهم فيستأنف ويحضر عنه محام بتوكيل فتقضي المحكمة الاستئنافية بتأييد الحكم وتصف حكمها بأنه حضوري بتوكيل، فيرفع المضرور دعوي التعويض مستنداً إلى الحكم الجنائي الإستئنافي ، فيدفع المدعي عليه بعدم قبول الدعوي لعدم صدور حكم جنائي بات باعتبار أن الحكم الاستئنافي هو في حقيقته حكم غيابي وقد وصفته المحكمة خطأ بأنه حضوري، وهو دفاع صحيح إذ يعتبر هذا الحكم غيابياً وبالتالي يكون بمثابة إجراء قاطع للتقادم، يبدأ من تاريخ صدوره بدء تقادم الدعوى الجنائية، ومتي أكتمل هذا التقادم بدأ تقادم دعوي التعويض وهو ما قد يؤدي الي سقوطها بالتقادم اذا قضي بعدم قبول الدعوي، خلافاً لما اذا قضي بوقفها تعليقا على صدور حکم جنائي بات ، فان تبين أن الحكم لم يعلن ولم يعارض فيه معارضة إستئنافية ظل إجراءً قاطعاً للتقادم ولا يجوز الطعن فيه بالنقض لأن الحكم الإستئنافي اذا كان يجوز الطعن فيه بالمعارضة فلا يجوز الطعن فيه بالنقض، ومتي إنقضي علي صدوره ثلاث سنوات، إنقضت الدعوي الجنائية بالتقادم وإستحال تبعاً لذلك صدور حکم جنائي بات فيها، وهو ما يكفي لتعجيل السير في دعوي التعويض الموقوفة، لأن المقرر أنه إذا أوقفت الدعوي تعليقاً على صدور حکم بات من محكمة النقض وتبين عدم رفع طعن بالنقض، كان ذلك كافياً لتعجيل السير في الدعوي.
الطلبات في الدعوى
الطلبات الأصلية والاحتياطية :
الطلب الذي تلتزم المحكمة بالتصدي له قبولاً أو رفضاً ، هو الذي يقدم لها في صيغة صريحة جازمة تدل على تصميم صاحبه عليه، ويقرع به سمع المحكمة وحينئذ يجب عليها أن تبين الأسباب التي أدت بها إلى قبوله أو رفضه ، وإلا كان قضاؤها مشوباً بالقصور في التسبيب ، فلا يكفي سرد التقريرات القانونية التي تعد أساساً للطلب ، مثال ذلك سرد القواعد المتعلقة بالتضامن وتحققها بالنسبة للمدعى عليهم دونه أن يطلب المدعى إلزامهم بالوفاء بالتزامهم على سبيل التضامن.
وبذلك يختلف الطلب عن أوجه الدفاع الموضوعية، إذ لا يقصد بهذه الأوجه إلا الرد على طلبات الخصم فتقضي المحكمة برفضها وتقف عند هذا الحد إذا ما اطمأنت لهذه الأوجه.
مثال ذلك. أن يرجع المالك علي حائز العقار بالريع، فيتمسك الحائز بتملك العقار بالتقادم دون أن يطلب الحكم بتثبيت ملكيته له، وبذلك يكون الحائز قد دفع دعوي المالك بدفع موضوعي ولم يطلب القضاء بشيء لنفسه.
والطلبات التي تحدد نطاق الدعوى وتلتزم المحكمة بالتصدي لها، هي الطلبات الختامية، سواء تضمنها محضر الجلسة أو مذكرة قدمها الخصم، وحينئذ يكون المدعي قد عدل من طلباته التي تضمنتها صحيفة إفتتاح الدعوى مما يحول دون المحكمة والفصل في الطلبات الأخيرة، وإلا كان قضاؤها وارداً على ما لم يطلبه المدعي، فإن كان ذلك عن سهو وعدم إدراك لما تضمنه محضر الجلسة أو المذكرة، فإنه يجوز الطعن في الحكم بالتماس إعادة النظر، أما إن كان ذلك عن قصد وإدراك، فإن الطعن يكون بالإستئناف .
وإذا قدم الخصم طلبا أصليا وآخر إحتياطياً ، وإجابته المحكمة إلى طلبه الأصلي، فلا تلتزم بعد ذلك بالتصدي للطلب الاحتياطي لأن مناط تصديها للطلب الأخير أن ترفض إجابة الطلب الأصلي. فإن أجابت المدعى إلى الطلب الأصلي، ثم قضت محكمة الإستئناف بإلغاء الحكم، فلا يجوز لها التصدي للموضوع وإنما يجب عليها أن تعيد الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى للفصل في الطلب الاحتياطي الذي يبقى معلقاً أمامها في حالة إلغاء الحكم الصادر في الطلب الأصلي.
وإذا رفضت محكمة الدرجة الأولى الطلب الأصلي وقضت بإجابة الطلب الإحتياطي، فإن إستئناف الحكم في الطلب الأخير يستتبع حتماً إستئناف الحكم الصادر في الطلب الأصلي.
إستئناف الحكم الصادر في الطلب الاحتياطي:
قد تتضمن صحيفة افتتاح الدعوى عدة طلبات للقضاء بها جميعاً بصفة أصلية بحيث إن رفضت المحكمة أحدها كان للمدعي استئناف الحكم لعدم القضاء له بكل طلباته. وقد تتضمن الصحيفة طلبين للقضاء بأولهما بصفة أصلية أو بثانيهما بصفة احتياطية ، فإذا قضت المحكمة بأحدهما کاملاً ، فإنها تكون قد أجابت المدعى إلى ما طلب وحينئذ لا يجوز له استئناف الحكم بسبب رفض الطلب الآخر، أما إن لم تقض بكامل الطلب فإنها لا تكون قد أجابته ويجوز لكل من المدعي والمدعى عليه إستئناف الحكم، فإن تعلق الإستئناف بالطلب الإحتياطي، استتبع ذلك حتماً إستئناف الحكم الصادر في الطلب الأصلي، والتزمت المحكمة الإستئنافية بنظر الطلبين معاً سواء كان الحكم في الطلب الأصلي صادراً قبل الحكم المنهي للخصومة كلها أو معه، ولها تبعاً لذلك تأييد الحكم المستأنف أو إلغاؤه أو تعديله بتكملة الطلب الإحتياطي أو بالقضاء بالطلب الأصلي ورفض الطلب الإحتياطي كل ذلك سواء كان المستأنف هو المدعي أو المدعى عليه وحتى لو كان في القضاء بالطلب الأصلي إضرار أكثر بالأخير وكان الإستئناف مرفوعاً منه وحده ، طالما أن إستئناف الحكم في الطلب الأصلي يقع بقوة القانون.
والقاعدة التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة (229) من قانون المرافعات قد استحدثها المشرع إذ لم يكن يعرفها القانون السابق الذي كان يوجب إستئناف كل حكم موضوعي يصدر قبل الحكم المنهي للخصومة كلها ولو تعلق بالطلب الأصلي وإلا حاز قوة الأمر المقضي .
وإن كان المحكوم له في الطلب الأصلي غير المحكوم عليه في الطلب الإحتياطي الذي قضى به للمدعي، وجب اختصامه في الاستئناف ولو بعد الميعاد.
وإذا رفضت محكمة الدرجة الأولى الطلب الأصلي وتخلت عن الفصل في الطلب الإحتياطي بحفظ حق المدعى في رفع دعوى جديدة للمطالبة به ، كان حكمها مشوباً بمخالفة القانون الذي يوجب عليها إن رفضت الطلب الأصلي التصدي للطلب الإحتياطي لتقضي فيه قبولاً أو رفضاً، ومتى طعن في قضائها، طرح الطلبان على المحكمة الإستئنافية والتزمت بالتصدي لهما، حينئذ يكون لها إجابة أحد الطلبين ورفض الآخر أو رفضهما معاً.
ومتى رفضت محكمة الدرجة الأولى الطلب الأصلي وأجابت الطلب الإحتياطي، وكان استئناف الحكم الصادر في الطلب الإحتياطي يستتبع طرح الشق الخاص برفض الطلب الأصلي مما يتعين معه أن يكون المحكوم له في هذا الطلب مختصماً في الإستئناف إن لم يكن هو المحكوم عليه في الطلب الإحتياطي، وهو ما يوجب إختصامه حتى لو كان ميعاد الإستئناف قد انقضى، وتكلف المحكمة المستأنف باختصامه وإدخاله خصماً في الإستئناف ويكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الاستئناف.
وإذا أجابت المحكمة المدعي للطلب الأصلي ، فإنها تقف عند هذا الحد دون أن تتصدى للطلب الاحتياطي ، فإذا ألغت المحكمة الإستئنافية هذا القضاء ، وجب عليها إعادة الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى لتفصل في الطلب الاحتياطي إذ لم تستنفذ ولايتها فيه عملاً بالمادة (234 ) من قانون المرافعات.
وهو ما يتطلب أن تكون مختصة بكل من الطلبين أو على الأقل بطلب الأول في حالة إجابة المدعى إليه إذ في هذه الحالة لا تتصدى للطلب الثاني ، فإن لم تكن مختصة بالطلب الأول امتنع عليها التصدي له، وباعتباره هو الأصل، فإنه يمتنع عليها التصدي للطلب الثاني حتى لو كانت مختصة به.
وإذا كانت مختصة بالطلب الأول دون الطلب الاحتياطي وقضت للمدعى بطلبه الأصلي، ثم ألغى الحكم إستئنافياً، وهو ما يوجب على المحكمة الاستئنافية إعادة الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل في الطلب الاحتياطي : وطالما أن المحكمة الأخيرة غير مختصة به، فإن المحكمة الاستئنافية لا تعيد الطلب الاحتياطي لمحكمة أول درجة وإنما تقضي بعدم اختصاصها بنظره وتأمر بإحالته إلى المحكمة المختصة.
انصراف لفظ «الطلب» إلى «رفع الدعوى»:
الطلب القضائي، في معنى قانون المرافعات أو أي قانون آخر، نصرف إلى الإجراء الذي يتقدم به المدعي إلى القضاء لاستصدار حكم أو أمر من القضاء يحقق له مايرمي اليه من وراء هذا الإجراء.
وقد يتمثل الطلب القضائي في صحيفة تودع قلم كتاب المحكمة، فإذا تطلب القانون إعلانها بعد إيداعها، كانت تلك الصحيفة هي التي تفتتح بها الدعوى، وهو ما يتطلبه قانون المرافعات في الدعاوى التي ترفع بهذا الطريق، سواء تعلقت الصحيفة بمنازعة خاضعة للقانون المدني أو التجاري أو أي قانون آخر طالما لم يتضمن طريقة أخرى لطرح الطلب القضائي على القضاء.
وقد يتمثل الطلب القضائي في صحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ولكنها لاتعلن، وحينئذ تعتبر الصحيفة في حقيقة المراد منها منطوية على عريضة يقوم قلم الكتاب بعد إيداعها به، بعرضها على رئيس المحكمة - رئيس الدائرة المختصة - لتحديد جلسة لنظر الطلبات الواردة بالصحيفة وإصدار حكم بها مثال ذلك أن نص المادة 553 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 جری بأنه «يجب على التاجر أن يطلب شهر إفلاسه خلال خمسة عشر يوماً من تاریخ توقفه عن الدفع ويكون الطلب بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة تذکر فيه - أي في الطلب ولم يتضمن النص عبارة يذكر فيها وبذلك يكون المشرع قد صرف لفظ الصحيفة إلى الطلب وهو بمثابة عريضة - أسباب التوقف عن الدفع».
يدل ذلك، على أن المشرع اذا عبر عن الطلب القضائي بصحيفة تودع قلم کتاب المحكمة، فلا يعني ذلك الالتزام حتماً بالإجراءات التي تخضع لها الدعاوى التي ترفع بهذا الطريق من حيث إعلانها في مواعيد محددة وإلا أعتبرت كأن لم تكن.
كما أن الطلب القضائي قد يتمثل في عريضة يقدمها الدائن إلى قلم كتاب المحكمة لاستصدار أمر بالأداء ، اذ تنص المادة 203 من قانون المرافعات على أن يصدر الأمر بالأداء بناء على عريضة يقدمها الدائن. فالطلب القضائي قد يعبر عنه المشرع تارة بالصحيفة وتارة أخرى بالعريضة والمعنيان مترادفان، وقد يكتفي بلفظ الطلب، ويقصد بها جميعا الطلب القضائي وفقاً للإجراءات التي يخضع لها كل منها.
بيانات صحيفة الدعوي:
(1) تاریخ تقديم الصحيفة، وهذا البيان يقوم قلم الكتاب باثباته مع رقم الدعوى بالجدول في وقت قيد صحيفة الدعوى، ويؤشر على أصل الصحيفة وصورها برقم وتاريخ قيدها، وإذا أغفل قلم الكتاب هذا التأشير فلا يترتب عليه بطلان الصحيفة باعتباره إجراء تنظيمياً ويمكن التعرف على تاريخ تقديم الصحيفة لقلم الكتاب من واقع جدول قيد القضايا وذلك لترتيب الآثار المترتبة على إيداع الصحيفة قلم الكتاب.
(2) المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى، وهذا بیان جوهری يجب أن تتضمنه الصحيفة وإلا كانت باطلة ولكن لا يقضى بالبطلان في هذه الحالة إذا تحققت الغاية من الإجراء عملاً بنص المادة 114 الذي يجري بأن بطلان صحف الدعاوى واعلانها وبطلان أوراق التكليف بالحضور الناشىء عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة يزول بحضور المعلن اليه في الجلسة أو بايداع مذكرة بدفاعه، أما ان لم تتحقق هذه الغاية وتمسك المدعى عليه بالبطلان تعين على المحكمة أن تقضى به طالما أن الأخير لم يبد أي طلب أو دفاع في الدعوى عملاً بالمادة 108.
(3) وقائع الدعوى وطلبات المدعي وأسانيدها، ويكفي الإختصار الشديد بالنسبة للوقائع والأسانيد فلا يلزم إيضاحها ولا تبطل الصحيفة اذا خلت من أسانيد الدعوى إذ يقع على المدعى عبء اثباتها عند نظر الدعوى ، أما الطلبات فيجب أن تتضمنها الصحيفة أو تستفاد من سرد المدعى للوقائع إذ لم يستلزم القانون ورودها في موطن معين منها.
(4) تنص المادة 58 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 على أنه لا يجوز تقديم صحف الدعاوى وطلبات أوامر الأداء للمحاكم الإبتدائية والإدارية إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المقررين أمامها على الأقل، كما لايجوز تقديم صحف الدعاوى أو طلبات أوامر الاداء للمحاكم الجزئية إلا اذا كانت موقعة من أحد المحامين المشتغلين متى بلغت أو جاوزت قيمة الدعوى أو أمر الاداء خمسين جنيهاً، ويقع باطلاً كل إجراء يتم بالمخالفة لأحكام هذه المادة. مما مفاده أن توقيع المحامي على صحيفة افتتاح الدعوى من البيانات الجوهرية الواجب توافرها فيها وإلا كانت باطلة بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ولأي من الخصوم التمسك به ولا تتحقق الغاية من الصحيفة إلا باستيفاء هذا الشكل، ويجوز التوقيع عليها أمام المحكمة التي تنظر الدعوى في أي وقت بشرط ألا يكون القانون قد أوجب رفعها في وقت معين كما في دعوى الشفعة ، أما إن حدد القانون وقتاً لرفعها وانقضى هذا الوقت امتنع التوقيع على الصحيفة والتزمت المحكمة بالقضاء ببطلانها ولو من تلقاء نفسها.
ويعادل عدم التوقيع على الصحيفة أن يوقع عليها محام مقيد أمام درجة أدنى من درجة المحكمة التي رفعت أمامها الدعوى.
ومتى جاوزت قيمة الدعوى خمسين جنيهاً ، وهو النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي قبل رفعه إلى ألفي جنيه بموجب القانون رقم 18 لسنة 1999 الذي عدل المادة (43) من قانون المرافعات، وجب التوقيع على الصحيفة من محام عملاً بنص المادة (58) سالفة البيان وإلا كانت باطلة حتى لو كانت قيمة الدعوى لم تجاوز ألفي جنيه، ولانتفاء شروط التعديل الضمني لهذه المادة بموجب القانون رقم 18 لسنة 1999.
ولا يساغ القول بأن مناط التوقيع أن تجاوز قيمة الدعوى النصاب الإنتهائى .
للقاضي الجزئي وفقاً لقانون المرافعات وقت رفع الدعوى، لأن هذا القول يصح اذا كان قانون المحاماه أحال إلى قانون المرافعات في هذا الخصوم أو أغفل النص على ذلك. أما وقد أورد المشرع نصاً خاصاً في قانون المحاماة ، وهو قانون خاص فيما يتعلق ببيانات صحيفة الدعوى، والنصاب المقرر للتوقيع على صحيفة الدعوى، فهو يقيد النص العام الوارد في قانون المرافعات. كما أن القانون الأخير لم يحدد القواعد المتعلقة بالتوقيع على صحف الدعاوى تاركاً ذلك لقانون المحاماة الذي حددها على نحو ما تقدم، فلا يعتد بالنصاب الانتهائي للقاضي الجزئي المحدد في قانون المرافعات.
ويترتب على ذلك أن صحيفة الدعوى التي لم تجاوز قيمتها الفی جنیه تكون باطلة بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام إن لم تكن موقعة من محام، وبالتالي فإن الحكم الذي يصدر في تلك الدعوى یكون بدوره باطلاً، ويجوز الطعن فيه بالإستئناف لاستناده إلى إجراءات باطلة أثرت فيه فشابته بالبطلان، رغم صدوره في حدود النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي.
وإن كان قانون المحاماة قد استعار نص المادة (42) من قانون المرافعات عندما كان النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي خمسين جنيهاً ، فإنه يترتب على هذه الاستعارة التي تضمنتها المادة (58) من قانون المحاماة إستقلال تلك المادة عن المادة (42) سالفة البيان، ويكون لكل منهما كيانه المستقل بحيث إذا طرأ تعديل على المادة الأخيرة فلا يمتد إلى المادة الأولى، إذ يشترط لهذا الإمتداد أن يكون قانون المحاماة قد أحال إلى المادة (42 ) إحالة مطلقة، إلا أن المشرع لم ينهج هذا النهج وإنما نقل نص المادة (42 ) معدة في نطاقها بأن أوجب التوقيع سواء بلغت القيمة خمسين جنيها أو جاوزت ذلك.
وإن كان بطلان صحيفة الدعوى لعيب شاب بياناتها، هو من الدفوع الشكلية التي يسقط الحق فيها بالتكلم في الموضوع. وأنه يجب التمسك بذلك في صحيفة الاستئناف وإلا سقط الحق في الدفع. إلا أن ذلك كله لايسرى على الدفع الشكلي المتعلق بالنظام العام مثل الدفع ببطلان صحيفة الدعوى لعدم التوقيع عليها من محام، فلا يرد عليه التنازل أو السقوط، وبالتالي يجوز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام المحكمة الإستئنافية ولو لم يسبق التمسك به في صحيفة الإستئناف.
وينحصر التوقيع في صحف إفتتاح الدعوى، وطلبات أوامر الأداء والطلبات العارضة التي تقدم بالاجراءات المعتادة لرفع الدعوى ومنها صحف إدخال خصوم أو ضامن، ولا يمتد لصحف التعجيل أو التجديد ولا لقائمة شروط البيع في التنفيذ العقارى باعتبارها دعوة لدخول المزاد وفقاً للشروط التي تضمنتها هذه القائمة.
قضت محكمة النقض بأن توقيع المحامي على إحدى صور الصحيفة يغني عن التوقيع على أصل الصحيفة وبه ينتفي البطلان. (نقض 1981/12/29 طعن 789 س 48 ق).
تكييف الدعوى :
تكييف الدعوى قانوناً ، يماثل تشخيص المرض طبياً ، فالقاضي الذي كيف الدعوى تكيفاً صحيحاً، يعرف النص القانوني الواجب التطبيق، وبالتالي يجئ حكمه صحيحاً، أما إن كيف الدعوى تكيفاً خاطئاً ، فإنه يطبق النص القانوني الذي يتفق مع هذا التكييف الخاطئ، ويكون قد نأى في قضائه عن النص الصحيح الواجب التطبيق لو أنه اهتدي للتكييف الصحيح مما يؤدي إلى أن الحكم الذي يصدره يكون مشوباً بالخطأ فى تطبيق القانون، والطبيب الذي يشخص المرض تشخيصاً صحيحاً ، يعطى الدواء الذي يشفي منه، أما إن أخطأ في التشخيص فإنه يعطي دواء يتفق مع هذا التشخيص الخاطئ فلا يشفى.
والتكييف منوط بالمدعي ، يستخلصه من الوقائع التي تتضمنها صحيفة دعواه بما يتفق مع طلباته فيها، فالمؤجر الذي يرجع على المستأجر بما يستحق له في ذمته ، فإنه يرجع بالأجرة أو بالريع وهو تعويض عن الغصب في حالة بقاء المستأجر بالعين بعد إنقضاء مدة العقد. فإذا تضمنت وقائع الدعوى سریان عقد الإيجار وتأخر المستأجر عن الوفاء بالأجرة، فإن تكييف هذه الدعوى ينحصر في الرجوع بالأجرة المتأخرة ، فيطلب المؤجر إلزام المستأجر بها. ويكون سبب الدعوى هو عقد الإيجار، أما إذا تضمنت وقائع الدعوى إنتهاء عقد الإيجار بانقضاء مدته ، وأن المستأجر لم يقم بإخلاء العين وظل ينتفع بها، فإن تكييف الدعوى ينحصر في الرجوع بالريع وهو تعويض عن الغصب، وحينئذ يجوز للمؤجر أن يطلب إلزام المستأجر بمبلغ يجاوز الأجرة المتفق عليها، لأنه يطلب تعويضاً يقدر وفقاً للقواعد العامة وقد يجاوز ذلك تلك الأجرة. ويكون سبب الدعوى في هذه الحالة هو الغصب.
ولا يلتزم القاضي بالتكييف الذي أسبغه المدعى على دعواه إلا إذا كان هذا التكييف صحيحاً، فإن كان خاطئاً ، رده القاضي إلى التكييف الصحيح حسبما تضمنته صحيفة الدعوى من وقائع وأسانيد، وهو بذلك لا يغير سبب الدعوى وإنما يلتزم بذات السبب الذي استند إليه المدعي، إذ لا يملك القاضي تغییر سبب الدعوى من تلقاء نفسه ، ففي المثال المتقدم، إذا تضمنت الوقائع استمرار المستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة رغم إنتهاء عقد الإيجار، وكيف المؤجر هذه الدعوى على أنها دعوى مطالبة بأجرة العين إستناداً إلى عقد الإيجار، فإن التكييف الصحيح لهذه الدعوى ، ينحصر في اعتبارها دعوی تعویض ويكون سببها الصحيح، وفقاً لوقائع الدعوى وأسانيدها، هو الغصب أي العمل غير المشروع، وهو ما كان يجب على المدعي الإلتزام به، فإن خالفه وجب على القاضي أن يعطي الدعوى وصفها الصحيح وتكييفها الحقيقي، وهو يحل محل المدعي في إجراء هذا التصحيح طالما لم يلتزمه المدعي في صحيفة دعواه، إذ كان يجب على المدعى أن يكيف دعواه باعتبارها دعوى تعویض وبالتالي يستند فيها إلى الغصب أي العمل غير المشروع ومن ثم لا يكون القاضي قد أنشأ سبباً جديداً . وإنما التزم نفس سبب الدعوى الذي قامت عليه ابتداء.
وفي عقد البيع، إذا قام المشتري بدفع مبلغ حال تحرير العقد، فإن هذا المبلغ قد يكون عربوناً أو مقدم ثمن، وهو ما يتطلب تكييفاً في حالة رفع دعوى من أحد المتبايعين، لمعرفة النصوص التي تنطبق على الدعوى، فإن إعتبرته المحكمة عربوناً ، كان لكل من المتبايعين حق العدول عن العقد، أما إن إعتبرته مقدم من كان العقد بيعاً منجزاً، فلا يجوز العدول عنه، كما أن البيع قد يتم بالممارسة فيتلاقى الإيجاب بالقبول في مجلس العقد وقد يتم عن طريق الدعوة للتعاقد، فيصدر الإيجاب من وجهت إليه الدعوة بينما لا يتم العقد إلا إذا صدر قبول ممن وجه الدعوة. ولاختلاف الحكم في الحالتين، فإنه يجب على القاضي تکییف الدعوى لإخضاعها للنصوص التي تنطبق عليها، كما أن البيع قد يكون منجزا وقد يكون مضافا إلى ما بعد الموت. وفي الحالة الأخيرة . يخضع لأحكام الوصية من حيث القدر الجائز الإيصاء به ومدی نفاذها في حق الورثة والرجوع فيها، مما يوجب على القاضي تكييف التصرف لإخضاعه للنصوص القانونية التي تنتظمه. فإن رفعت دعوى في هذا الخصوص، وأنزل عليها القاضي هذا التكييف ، فإنه لا يكون قد غير سبب الدعوى وإنما التزم به.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الثاني، الصفحة : 196)
الدعوى والطعن يرفعان بإيداع الصحيفة قلم كتاب المحكمة وفقاً للمادة 63 - محل التعليق - ترفع الدعوى إلى القضاء بورقة تسمى صحيفة افتتاح الدعوى، أو صحيفة الدعوى أو عريضة الدعوى، وهذه الورقة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك.
ولا شك في أن من أهم التعديلات التي أدخلها قانون المرافعات الحالي في سبيل تبسيط الإجراءات، وتيسير التقاضي ما قرره بالنسبة لإجراءات رفع الدعوى فقد كان المقرر بمقتضى نصوص القانون الملغي أن رفع الدعوى يكون أصلاً بطريق التكليف بالحضورفعدل القانون الحالى عن ذلك، وقرر أن الدعوى ترفع بإيداع صحيفتها قلم الكتاب الذي يتولى قيد الدعوى، وإعلانها عن طريق قلم المحضرين، وذلك تقديراً منه بأن الفرد ينبغي ألا يتجشم في سبيل إقتضاء حقه أكثر من تقديم طلبه إلى سلطة القضاء، فتولى عنه الأجهزة المختصة بعد ذلك إعداد دعواه للفصل فيها، ويتميز هذا النظام فضلاً عما يتسم به من اليسر أنه يجنب الأفراد إخطار البطلان بسبب أخطاء المحضرين (رمزی سیف - الوسيط - بند 409 ص 514)، ويبدو التبسيط في النظام الذي سلكه القانون الحالي فضلاً عما تقدم في أن هذا القانون وحد الطريق الذي يسلكه الفرد في الالتجاء إلى القضاء سواء أكان هذا الالتجاء برفع دعوى مبتدأة أو بالطعن في الحكم الذي يصدر فيها، وأياً كان طريق هذا الطعن بالإستئناف أو التقاضي بالنقض، فالدعوى المبتدأة، والطعن اياً كان يرفعان بإيداع الصحيفة قلم الكتاب، وبهذا جنب المشرع الخصوم خطر الاضطراب في إختيار الطريق المناسب لرفع الدعوى أو الطعن.
ويلاحظ أن المادة 63 سالفة الذكر تقرر القاعدة العامة في وجوب إقامة الدعوى بإيداع صحيفتها قلم الكتاب، وهناك إستثناءات من هذه القاعدة قد بنص عليها قانون المرافعات أو أي قانون آخر وينبغي إعمالها، ففي حالة ما إذا نص قانون المرافعات أو أي قانون آخر.على إقامة الدعوى بصحيفة تعلن الخصم أو بتكليف بالحضور فإن هذه بعتبر إستثناء من الأصل ويجب إتباعه فيما ورد بشأنه فقط وفي هذه الحالة فإنه يتعين على طالب الإجراء مباشرة إعلانه عن طريق قلم المحضرين إلى خصمه كما وان آثار الإجراء لا تترتب إلا من تاريخ تمام إعلانه للخصم، مثال ذلك ما نصت عليه المادة 113 ومن قانون المحاماة من أنه يجوز للمحامي والمؤكل استئناف القرارات التي يصدرها مجلس النقابة الفرعية في طلبات التقدير بتكليف بالحضور أمام محكمة الاستئناف، فإن هذا النص خروج على القاعدة العامة - التي تقضي بأن الإستئناف يعتبر مرفوعاً بمجرد تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب - واعتبر أنه لايعتبر مرفوعاً إلا بتكليف المستأنف عليه بالحضور أمام المحكمة خلال عشرة أيام من تاريخ إعلانه بقرار النقابة (نقض 19/1/1978 - الطعن رقم 910 لسنة 44 قضائية)، ومثال ذلك أيضاً مانص عليه القانون من الطعن في قرارات لجان الطعن بمصلحة الضرائب أو الطعن في قرارات لجان تقدير أجرة المساكن، ومثال ذلك أيضاً حالة ما إذا كانت دعوي القسمة المرفوعة الجزئية بسبب إختصاصها الاستثنائي قد أثير فيها نزاع يخرج عن اختصاص المحكمة الجزئية كما هو الشأن في حالة المنازعة في الملكية أو نصيب الشريك ، وكانت المنازعة تزيد قيمتها عن إختصاص القاضي الجزئي فإنه على محكمة القسمة أن توقف الدعوى ونحيل المنازعة إلى المحكمة الابتدائية المختصة لتفصل فيها وتكون هذه المنازعة مرفوعة للمحكمة الابتدائية بنين بحاجة إلى صحيفة تودع قلم الكتاب.
ويتعين ملاحظة أن رفع الدعوي يتم بإبداع الصحيفة قلم الكتاب، أما انعقادها فإنه وفقاً للمادة 68 لا يتم إلا بالإعلان أو بحضور المدعى عليه الجلسة رغم عدم إعلانه.
كما يلاحظ أنه في غير الأحوال المستثناه بتص في القانون لا يجوز رفع الدعوى المبتدأة إلا بتقديم صحيفتها لقلم الكتاب فإن رفعت بإعلانها مباشرة دون إيداعها قلم الكتاب ترتب على ذلك البطلان وهو بطلان متصل بالنظام العام لأنه يتعلق بإجراءات التقاضي، ودعوى الضمان الفرعية تعتبر كالدعوى الأصلية تماماً ، وبالتالي لا يجوز إبداؤها بطلب عارض في الجلسة كما لا يجوز رفعها بإعلان يقدم لقلم المحضرين مباشرة، بل ينبغي تقديم صحيفتها لقلم الكتاب.
بيانات صحيفة الدعوى طبقاً للمادة 63 مرافعات - محل التعليق- يجب أن تشتمل صحيفة الدعوى على البيانات التالية (1) اسم المدعي ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه واسم من يمثله ولقبه ومهنته أو وظيفته وصفته وموطنه والهدف من هذه البيانات تحديد شخص المدعي ولذلك تعتبر هذه البيانات كلاً واحداً يكمل بعضها البعض الآخر بحيث أن النقض أو الخطأ في بعضها لا يؤدي إلى البطلان مادام ليس من شأنه التشكيك أو التجهيل بشخصية المدعى أو صفته (نقض تجاری 25/6/1990 - طعن 479 لسنة 55 قضائية)، فكل بيان من هذه البيانات ليس مقصوداً لذاته، فإذا خلت الصحيفة من بيان مهنة أو وظيفة المدعي فلايترتب على ذلك أى بطلان ما دام ليس من شأن ذلك التجهيل بالمدعي، ثم إنه قد لا يكون الشخص مهنة أو وظيفة.
وإذا كان للدعى بعمل لغيره باعتباره نائباً عن الغير وجب أن تشتمل الصحيفة على اسم المدعي ولقبه ومهنته أو وظيفته، وموطنه ، وكذلك اسم من يمثله ولقبه ومهنته وموطنه، ويستفاد من نص القانون، على أن المدعي إذا كان بعمل لغيره وجب أن تشتمل الصحيفة على ما بين شخصية بن بمثله، أنه يجب أن تشتمل الصحيفة على الصفة التي يعمل بها المدعى هل هو بعمل لنفسه أو لغيره ، فإن لم يرد فيها ما يفيد أنه يعمل لغيره اعتبر أنه بعمل لنفسه فقط، فإن تعددت الصفات التي يعمل بها المدعي وجب ذكرها جميعاً.
فإذا كانت الدعوى مرفوعة من ممثل الشخص اعتباری فإنه يجب ذکر اسم الشخص اعتباری، وذكر صفة من له ، ولاحاجة لذكر اسمه لأن اسمه لا يهم في هذه الحالة، وإنما المهم الصفة التي تخوله العمل باسم الشخص الاعتباري، فالدعوى التي ترفع من مصلحة حكومية أو شركة أو جمعية لها الشخصية الاعتبارية بكفي فيها اسم المصلحة أو الشركة او الجمعية بجانب صفة من يمثلها. نقض 1954/2/4 - منشور في مجلة المحاماة سنة 35 ص 1108.
(2) اسم المدعى عليه ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه، فإن لم يكن موطنه معلوماً آخر موطن كان له يجب أن تشتمل الصحيفة على اسم المدعى عليه ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه، فإن لم يكن موطنه معلوماً وقت إيداع الصحيفة فآخر موطن كان له - ولو كان موطناً مختاراً والغرض من هذه البيانات تعيين شخصية المدعى عليه، ولذلك فإنه يصدق عليها ما ذكرناه بالنسبة للبيانات الخاصة بالمدعي من أنها تكون كلا واحد يكمل بعضها بعضاً بحيث أن النقض أو الخطأ في بعضها لا يؤدي إلى البطلان مادام ليس من شأنه التجهيل بشخص المدعى عليه، ولذلك لايبطل الصحيفة أن تشتمل على لقب اشتهر به المدعى عليه، ولو لم يكن لقبا حقيقيا في شهادة ميلاده.
كذلك فإنه بالنسبة للموطن اكتفى المشرع باجر موطن كان للمدعي عليه إذا لم يكن موطنه وقت الإيداع معلوماً للمدعي، كما يصح ذكر الموطن الذي نسبه المدعى عليه لنفسه في ورقة صادرة منه للمدعي في وقت قريب من الوقت الذي حصل فيه إيداع الصحيفة.
ولم تتطلب المادة 63 بيان ما يتعلق بممثل المدعى عليه، كما فعلت بالنسبة لممثل المدعى (قارن الفقرتين 1 ، 2 من المادة)، ومع ذلك يجب القول بضرورة هذا البيان، ذلك أنه إذا كان المدعى عليه ناقص الأهلية أو كان شخصاً إعتبارياً فيجب توجيه الدعوى إلى من يمثله قانوناً۔
ويتعين ملاحظة أنه يكتفي بالنسبة للشخص الإعتباري سواء كان مدعياً أو مدعى عليه، ذكر البيانات المتعلقة بهذا الشخص دون البيانات المتعلقة بممثله، مادام لامجال للشك في أن المقصود هو الشخص الاعتبارية وليس ممثله (نقض تجاري 1988/1/18 ، في الطعن 2132 لسنة 52 قضائية)، وهذا الذي استقر عليه قضاء النقض، قننه المشرع بنصه في المادة 115/3 مضافة بالقانون رقم 23 سنة 1992 ، على أنه بوإذا تعلق الأمر بإحدى الوزارات أو الهيئات العامة أو مصلحة من المصالح او بشخص اعتباري عام أو خام، فيكفي في تحديد الصفة أن يذكر اسم الجهة المدعى عليها في صحيفة الدعوى، ورغم أن النص يشير فقط إلى المدعى عليه، فإنه ينطبق أيضا على المدعي، ذلك أن المدعي أو المدعى عليه هو الوزارة أن الهيئة أو الشخص الاعتباري، وليس ممثلة النائب عنه (فتحى والى - الوسيط - طبعة 1993 بند 63 - ص 430، وهامشها - و ص 431 ).
وجدير بالذكر أن الخصوم في الدعوى قد يتعددوا، ومن ثم ينبغي ذكر بياناتهم في الصحيفة، والمقصود بالخصم هو من يقدم باسمه طلبا إلى القاضي للحصول على حماية قضائية أو من يقدم في مواجهته هذا الطلب (انظر تفصيل ذلك للمؤلف إختصام الغير، وإدخال ضامن في الخصومة المدنية أمام محاكم الدرجة الأولى، والاستئناف ومحكمة النقض - دار الفكر العربي - القاهرة - بند 23 ص 62 وما بعدها)، ولايكفي مجرد مثول الشخص في الخصومة حتى يشير خصماً (نقض 30/6/1994 - الطعن رقم 1001 لسنة 55 قضائية)، فالشاهد يمثل في الخصومة، ولكنه ليس بخصم، كما أن الغير الذي يتم إدخاله في الخصومة لتقديم محرر تحت يده أو عرض شيء تحت يده لا يعتبر خصماً ، فالحل الأساسي لاعتبار الشخص خصماً، هو توجيه طلب بأسمه للقاضي أو أن يوجه الطرف الأخر طلباً إليه .
(3) تاريخ تقديم الصحيفة ويقصد بذلك تاريخ تقديمها لقلم الكتاب لأن هذا التاريخ هو الذي يحدد الوقت الذي نعتبر فيه الدعوى مرفوعة وعلى أساسه يتحدد ما إذا كانت الدعوى قد رفعت في الميعاد أو بعده، كما ترتب الآثار التي يرتبها القانون على رفع الدعوى.
(4) المحكمة المرفوعة أمامها الدعوي ويقصد بذلك المحكمة المرفوعة إليها الدعوى، والتي يجب حضور الخصوم أمامها على وجه التحديد، ولا يكفي في هذا البيان ذكر عبارة والمحكمة المختصة، فقد تكون هناك أكثر من محكمة مختصة واحدة، كما أنه قد تختلف وجهات النظر في تحديد المحكمة المختصة، ولو كانت محكمة واحدة لدقة قواعد الاختصاص خصوصا في بعض الحالات، فيحضر المدعى أمام محكمة، ويحضر المدعى عليه أمام محكمة أخرى مع أن الغاية من هذا البيان أن يتلاقى الخصوم أمام محكمة واحدة (رمزی سیف - ص 515).
وجدير بالذكر أنه لا يلزم أن تشتمل الصحيفة على بيان الدائرة التي ستنظر الدعوى، لأن المادة 63 - محل التعليق - تتطلب بيان المحكمة وليس الدائرة (نقض 28/11/1968 - سنة 19 - رقم 140 ص 219 )، وذلك حتى ولو كانت الدائرة متخصصة في نوع معين من الدعاوی فتحی والی - بند 263 - ص 431 ) .
(5) بیان موطن مختار للمدعي في البلدة التي بها مقر المحكمة إن لم يكن له موطن مختار فيها، والهدف من هذا البيان أن تعلن للمدعي في هذا الموطن الأوراق المتعلقة بالدعوى، فإذا لم بعين المدعي موطناً مختاراً له في الحالات التي يوجب القانون فيها ذلك، فإنه يجوز للخصوم إعلانه بأوراق الدعوى في قلم الكتاب عملاً بالمادة 12 من قانون المرافعات.
(6) وقائع الدعوى وطلبات المدعي وأسانیدها فقد أوجبت المادة 63 - محل التعليق - أن تشتمل صحيفة الدعوى على وقائعها وطلبات المدعي وأسانيدها، أي أن تشتمل الصحيفة على موضوع الدعوى، والغرض من هذا البيان مزدوج فهو من ناحية يتيح الفرصة للمدعى عليه أن يكون فكرة وافية عن المطلوب منه تمكنه من إعداد دفاعه قبل الجلسة حتى لا نضطر إلى طلب تأجيل الدعوى، وهو من ناحية أخرى بعين المحكمة على تكوين فكرة واضحة من الدعوى تساعدها على تحديد المواعيد اللازمة لإعداد الدعوى (رمزی سیف - بند 410، ص 516 ).
ومما تقدم تتضح لنا البيانات الواجبة ذكرها في صحيفة الدعوى يتعين ملاحظة أن صحيفة الدعوى لا تعتبر بذاتها من أوراق المحضرين، ولا يلزم أن تشتمل على كل بيانات أوراق المحضرين، وإنما في نعلن بعدئذ إلى المدعى عليه بمقتضى القواعد العامة المقررة لأوراق المحضرين.
جزاء النقص أو الخطأ في بيانات صحيفة الدعوى وآثار بطلان الصحيفة لم ينص المشرع صراحة على البطلان جزاء على إغفال بيان أو أكثر من بيانات الصحيفة أو النقص أو الخطأ فيها، ومن ثم ينبغي تطبيق القواعد العامة بشأن البطلان، ومقتضى تطبيق القاعدة العامة أن إغفال بيان من البيانات سالفة الذكر - فيما عدا بيان الموطن المختار - يترتب عليه بطلان الصحيفة لأنه يفوت الغالبية التي قصد القانون تحقيقها منه، أما النقص أو الخطأ فلا يترتب عليه البطلان إلا إذا كان شانه التجهيل بالبيان إذ يعتبر في حكم الإغفال وينبني على ذلك أن النقص أو الخطأ في جزء من أجزاء البيان الأول الخاص بالمدعي، أو في جزء من أجزاء البيان الثاني الخاص بالمدعى عليه لايترتب عليه البطلان إذا لم يؤثر في تعيين شخصية أي منهما، لأن الغرض من هذين البيانين تعيين شخصية المدعي وشخصية المدعى عليه أما إغفال البيان الخاص بالموطن المختار أو النقص فيه فلا يترتب عليه البطلان، وإنما يترتب عليه جواز إعلان المدعى بجميع الأوراق المتعلقة بالدعوى في قلم كتاب المحكمة عملاً بحكم المادة 12 من القانون التي تنص على أن من يلزمه القانون ببيان موطن مختار فلا بفعل أو يكون بيانه ناقصاً أو غير صحيح يجوز إعلانه في قلم الكتاب بجميع الأوراق التي كان يصح إعلانه بها في الموطن المختار.
ويتعين ملاحظة أنه إذا قضت المحكمة ببطلان صحيفة الدعوى ، فإنه يترتب على ذلك إلغاء جميع الإجراءات اللاحقة لها، وزوال ماترتب على رفعها من آثار واعتبار الخصومة كأن لم تكن أي لم تنعقد (نقض 15/5/1973 - السنة 24 - ص 748)، فإذا أقسام المشترى دعوى بصحة، ونفاذ عقد البيع الصادر إليه، وسجل صحيفة الدعوى بالشهر العقاري، وقضت المحكمة ببطلان الصحيفة لسبب ما فإنه يترتب على ذلك زوال أثر تسجيلها تلقائياً دون حاجة لصدور حكم إلغاء هذا التأشير، إلا أن ذلك لا يمنع صاحب المصلحة من تجديد الخصومة إذا شاء بإجراءات مبتدأة متى انتفى المانع القانوني فيترتب على الحكم ببطلان الصحيفة إلغاء جميع الإجراءات اللاحقة، وزوال كل ما ترتب على إيداعها من آثار واعتبار الخصومة لم تنعقد (نقض 1973/5/15 - سنة 24 - ص 748) وإذا قضت محكمة ثاني درجة ببطلان صحيفة افتتاح الدعوى أو بطلان إعلانها إلى المدعى عليه، وجب عليها أن تقف عند الحكم بالبطلان دون أن يكون لها التصدي للقضاء في الموضوع.
(نقض 30/5/1977 في الطعن 419 سنة 43، نقض 1973/5/15 سنة 24 – ص 748 ).
ويلاحظ أنه لايترتب البطلان على عدم ذكر تاريخ إيداع الصحيفة (نقض 5/4/1976 في الطعن 309 سنة 39) كما لايترتب البطلان على عدم أداء الرسم المستحق (نقض 22/5/1976 في الطعن 808 سنة 43) ،إذ أن الجزاء هو الاستبعاد من جدول المحكمة، والنقض في أسماء الخصوم، وصفاتهم الذي لا يشكك في صفة الخصم واتصاله بالخصومة لا يترتب على البطلان (نقض 13/4/1976 في الطعن 529 سنة 40 ق)، وإذا كان يكفي بيان الموطن المختار، وخلت منه الصحيفة فإن بیان موطن الوكيل تتحقق به الغاية من ذكر الموطن المختار .
(نقض 29/10/1975 ، في الطعن 536 سنة 40 ق).
توقيع محام على صحيفة الدعوى ينبغی توقيع محام على صحيفة الدعوى، إذا أوجب القانون هذا التوقيع بصحة رفع الدعوى، وقد قضت محكمة النقض بأنه يكفي لتحقيق الغرض الذي قصد إليه المشرع من توقيع محام توقيعه على أصل الصحيفة، أو على صورتها المقدمة لقلم الكتاب ، فالتوقيع على الأصل أو على الصورة يكفي .
وتنص المادة 58 من قانون المحاماة الحالی رقم 17 لسنة 1983 على وجوب أن تكون صحف الدعاوى أو الطعون موقعة من محام مقبول أمام المحكمة التي تنظر الدعوى أو الطعن، ويستثنى من القاعدة المقدمة الدعاوى الجزئية التي تقل قيمتها عن خمسين جنيهاً وكذلك يتعين توقيع طلبات امر الاداء من محام مقبول القاضي الذي يصدر الأمر ما لم يكن الطلب في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة الجزئية وتقول المذكرة التفسيرية للقانون القديم في توضيح التنظيم المتقدم أنه قد قصد به رعاية الصالح العام ، وتحقيق الصالح الخاص ، ذلك أن إشراف المحامي على تحرير صحف الإستئناف والدعاوى ذات القيمة من شأنه مراعاة أحكام القانون في تحرير هذه الأوراق وبذلك تنقطع المنازعات التي كثيراً ما تبدأ بسبب قيام من لا خبرة لهم بممارسة هذه الشئون ذات الطبيعة القانونية مما يعود بالضرر على ذوى الشأن ، وقد قضت محكمة النقض في حكم لها بأن مخالفة النهي الوارد في المادة، 25 من قانون المحاماة قبل السابق يترتب عليه بطلان صحيفة الدعوى التي لا يوقعها محام بطلان حتمي دون حاجة لإثبات ترتب ضرر للخصم ، وهو لا يشترط إلا إذا لم ينص القانون صراحة أو دلالة على البطلان وعرض الشارع من إيجاب توقيع محام على صحيفة الدعوى هو رعاية الصالح العام إلى جانب صالح المحامين ضماناً لمراعاة أحكام القانون والبطلان المترتب على عدم توقيع محام على صحف الدعاوی متعلق بالنظام العام يجوز الدفع به في أية حالة تكون عليها الدعاوی .
(نقض 1965/4/8 - مجموعة أحكام المكتب الفني، السنة السادسة عشرة العدد الثاني، ص 476 قاعدة رقم 77) .
وقد تضمنت الفقرة الأخيرة من المادة 58 من قانون المحاماة الحالي نصاً صريحاً بالبطلان على مخالفة أحكامها ويلاحظ أنه يجوز تصحيح البطلان بتوقيع المحامي على صحيفة الدعوى أو الطعن بعد تقديمها بشرط أن يتم ذلك في خلال المواعيد المقررة لرفع الدعوى أو الطعن .
وقد نصت المادة 8 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 المعدلة بالقانون 227 لسنة 1984 على أنه مع عدم الإخلال بأحكام قانون - المرافعات المدنية والتجارية لا يجوز لمحامي الإدارات القانونية للهيئات العامة وشركات القطاع العام والمؤسسات الصحفية أن يزاولوا أعمال المحاماة لغير الجهة التي يعملون بها وإلا كان العمل باطلاً .
كما لا يجوز للمحامي في هذه الإدارات القانونية الحضور أمام المحاكم الجنائية إلا في الادعاء بالحق المدني في الدعاوى التي تكون الهيئة أو الشركة أو المؤسسة طرفاً فيها ، وكذلك الدعاوى التي ترفع على مديريها أو العاملين بها بسبب أعمال وظائفهم.
ولا يسرى هذا الحظر بالنسبة للقضايا الخاصة بهم وبإزواجهم وبأقاربهم حتى الدرجة الثالثة، وذلك في غير القضايا المتعلقة بالجهات التي يعملون بها.
ومعنى هذا النص أن محامي الإدارات القانونية في الهيئات العامة وشركات القطاع العام أي شركات قطاع الأعمال والمؤسسات الصحفية. محظور عليهم أن يباشروا أي عمل من أعمال المحاماة كتحرير صحف الدعاوى والطعون أو التقدم بأمر اداء أو الحضور امام المحاكم على إختلاف أنواعها، ودرجاتها لغير الجهة التي يعملون بها، واستثنت الفقرة الأخيرة من هذه المادة قضاياهم الشخصية، ودعاوى أزواجهم وأقاربهم حتى الدرجة الثالثة بشرط ألا تكون الشركة أو الهيئة التي يعملون بها طرفا في الدعوى، وزني القانون على مخالفة ذلك البطلان، وهو بطلان متعلق بالنظام العام .
وجدير بالذكر أنه إذا أقام شخص دعوى ضد أحد المحامين، ولم يكن رآها قد تمكن من توكيل محام أو كان من وكله من المحامين لم يصدر له من النقابة الإذن بالحضور ضد زميله ، فإنه يجوز لرافع الدعوى أو الإستئناف أن يقدم بالصحيفة دون أن يوقعها محام، ولا يشترط في ذلك أن يكون المدعي أو المستأنف قد وكل محامياً ، وأن يكون هذا المحامي قد تقدم بطلب الحصول على إذن من مجلس النقابة الفرعية، ولم يصدر له الإنن بعد ، كما أنه إذا وكل رافع الدعوى أو الإستئناف محامياً للحضور ضد زميله المرفوع عليه الدعوى أو الطعن، ولم يتقدم المحامي الموكل بطلب الحصول على إذن من مجلس النقابة الفرعية فإن ذلك لا يترتب عليه البطلان، وإنما قد يترتب عليه مساءلة المحامي الموكل أمام مجلس النقابة (انظر نقض 1980/2/5 - منشور في مجموعة المكتب الفني لمحكمة النقض - لسنة 31 - الجزء الأول – ص 413 وإذا كان المدعى محامي فإنه يكفي توقيعة دون حاجة لتوقيع محام أخر، بل يجوز التوقيع على صحيفة الدعوى المرفوعة من الشخص الاعتباري من رئيس مجلس إدارته إذا كان محامياً (نقض 6/1/1976 في الطعن 119 لسنة 42 قضائية)، ولا صفة لمحامي إدارة قضايا الدولة بصدد شركات قطاع الأعمال، وبالتالي فإن توقيعه على صحف دعاويها لا يعتد به .
(نقض 21/3/1984 - طعن رقم 594 لسنة 34 قضائية ).
ويتعين ملاحظة أن نص المادة 58 من قانون المحاماة سالف الذكر بعمومه يشمل صحف الدعاوى التي ترفع إبتداء أمام المحاكم، كما يشمل صحف المعارضة وصحف الطلبات العارضة، والتدخل وإختصام الغير، وبالنسبة للطلبات العارضة إذا ما أبديت في مذكرة أو مشافهة في حضور الخصم، فإنه وفقاً للمذكرة التفسيرية للقانون وجب الأخذ بمبدأ التوقيع في الأحوال المتقدمة، مع ملاحظة أن إدلاء المحامي نفسه بالطلب العارض شفاهة أمام المحكمة بغنى عن توقيعه متى ثبت هذا في محضر الجلسة في المذكرة التفسيرية تؤكد أن رائد المشرع في النص المتقدم هو العمل على قطع المنازعات التي كثيراً ما تنشأ بسبب قيام من لاخبرة لهم باتخاذ الإجراءات المتقدمة (سواء بالكتابة أو المشافهة)، وهي إجراءات ذات طبيعة قانونية، تستلزم مراعاة القانون في توجيهها، ومع ذلك جرت العادة على تقديم الطلبات العارضة بمذكرة بغير حاجة إلى توقيع المحامي عليها.
ويلاحظ أن بطلان صحيفة الدعوى لعدم توقيع محام عليها قاصر فقط على صحف الدعاوى والإستئناف ، أما إذا إنقطع سير الخصومة أو أوقفت أمام محكمة أول درجة أو أمام المحكمة الإستئنافية فلا يشترط توقيع محام على صحيفة التعجيل ،كذلك لا يشترط توقيع محام على صحيفة تجديد الدعوى أمام محكمة الإستئناف بعد النقض الأول ، أما رفع الطعن بالنقض فإنه فضلاً عن وجوب توقيع الصحيفة من محام مقبول أمام محكمة النقض ، فإنه يتعين إيداع سند توكيل المحامي الموكل في الطعن .
ومن المنطقى القول بأن كتابة الصحيفة بخط المحامي نفسه يحقق الشكل المطلوب ، ولو لم يوقع عليها، ويمنع من الحكم بالبطلان، فإذا حصل التمسك ببطلان صحيفة الطعن بسبب عدم توقيع محامي الطاعن عليها، فإن للطاعن أن يهدر هذا البطلان إذا أثبت أن هذه الصحيفة كلها بخط هذا المحامي، إذ عندئذ تتحقق الغاية من الشكل، وهي ضمان جدية الطعن الذي يقدم بواسطة أحد المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة النقض، فالكتابة بخط يد المحامي تكفي لإثبات نسبة الصحيفة إليه، ومن ثم تحقق الغاية من التوقيع، وطالما تحققت الغابة فلا بطلان .
اعتبار الدعوى مرفوعة من تاريخ إيداع صحيفتها قلم الكتاب وقيدها بالجدول ، وترتيب آثارها منذ هذا التاريخ يقوم المدعی بتقديم صحيفة الدعوى لقلم كتاب المحكمة المرفوعة إليها الدعوى، وعليه أن يقدم مع أصل الصحيفة صوراً منها بقدر عدد المدعى عليهم، وصورة القلم الكتاب (مادة 65 مرافعات)، وإلزام المدعي بتقديم عدد من الصور بقدر عدد المدعى عليهم والغرض منه التمهيد لإعلان المدعى عليهم بالصحيفة بتسليم كل واحد منهم صورة منها مثبتاً فيها تاريخ الجلسة بواسطة قلم الكتاب أما الصورة الخاصة بقلم الكتاب فالغرض منها أن يفرد قلم الكتاب ملفاً للدعوى بمجرد تقديمها.
وعلى الداعي أداء الرسم كاملاً عند تقديم محبتها إلى قلم الكتاب في جميع الدعاوى، ويقوم قلم الكتاب بقيد الدعوى في يوم تقديم الصحيفة في السجل الخاص بعد أن يثبت في حضور المدعى أو من يمثله تاريخ الجلسة المحددة لنظرها في أصل الصحيفة وصورها.
ولا يعنى النص على أن قلم الكتاب يثبت تاريخ الجلسة في الأصل والصورة أن قلم الكتاب هو الذي يحدد الجلسة، فالأصل أن تاريخ الجلسة يحدده المدعي، وعلى قلم الكتاب أن يثبت تاريخ الجلسة الذي يحدده المدعي، لأن المدعي هو الذي يقع عليه واجب مراعاة مواعيد الحضور، ولكن العمل جرى نظرا لازدحام الجلسات بالقضايا على أن يقوم كانت الجلسة أو قاضيها بتحديد تاريخ الجلسة.
ويلاحظ أنه لا يتحقق إيداع الصحيفة قلم الكتاب الذي تعتبر به الدعوي قد رفعت إلا بالإجراء الذي نصبح معه الصحيفة في حوزة قلم الكتاب غير خاضعة لسيطرة المدعي إلا في حدود الحكم الوارد بالفقرة الأخيرة من المادة 67، والتي تنص على أنه يجوز لقلم الكتاب في غير دعاوی الإسترداد وإشكالات التنفيذ أن يسلم للمدعی مهمتي طلب ذلك - أصل الصحيفة وصورها ليتولي تقديمها إلى قلم المحضرين لإعلانها ورد الأمل إلى المدعي ليقوم بإعادته إلى قلم الكتاب.
ولا يعتد في ترتيب آثار الدعوى بتاريخ تقدير الرسم أو أدائه، لأن المشرع لم يشأ أن يرتب أي أثر قانوني على هذا الإجراء لأنه لايكفي في ذاته لقيام الخصومة .
فالعبرة باعتبار الصحيفة قد أودعت قلم الكتاب إنما تكون بتقديم أصل الصحيفة مرفقاً به ما يفيد سداد رسومها وصورا منها بعدد الخصوم وصورة إلى قلم الكتاب إذ بهذا الإجراء تصبح الصحيفة في حوزة قلم الكتاب، ويفقد المدعي سيطرته عليها فيتحقق المقصود بالإيداع ،حيث حرص المشرع على التعبير بذلك دون الإكتفاء بمجرد التقديم (كمال عبدالعزيز - ص 189) .
ويترتب آثار رفع الدعوى، سواء كان الطلب أصلياً بدأت به الخصومة أو كان طلباً عارضاً، كما تترتب ولو رفع الطلب إلى محكمة غير مجندة عملاً بنص المادة 383 مدنی، (كمال عبدالعزيز - ص 188 ).
ويلاحظ أنه وإن كان إيداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب يعتبر رفعاً للدعوى ، و يرتب أثاراً منها قطع التقادم إلا أن بقاء تلك الآثار معلق على شرط إعلان الصحيفة ، فإذا قضى ببطلان إعلان الصحيفة ترتب على ذلك زوالها وزوال الآثار المترتبة على إيداعها قلم الكتاب ، أما التراخي في الإعلان فلا يؤثر في الآثار التي يرتبها إيداع الصحيفة ما لم تقض المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن، وعلى ذلك وكما ذكرنا فإنه إذا قضت المحكمة الاستئنافية ببطلان الحكم المستأنف، و بطلان إعلان صحيفة افتتاح الدعوى، فإنه يتعين عليها أن تقف عند هذا الحد ولا تصدي الموضوع الدعوي بمقولة أن صحيفتها لم يشبها بطلان، لأن بطلان الإعلان الذي تنعقد به الخصومة بترتب عليه زوان صحيفة الدعوى وكل ماترتبه من آثار ومنها قطع التقادم .
وينبغي التفرقة بين الآثار التي تترتب علي إيداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب والمعلقة على شرط تمام الإعلان وبين إيداع صحيفة تعجيلها ، ففي الحالة الأولى تعتبر الدعوى مرفوعة من وقت تقديم صحيفتها إلي قلم الكتاب ،حيث ترتب الآثار من ذلك الوقت من تحقق الشرط وهو الإعلان الصحيح ، وفي الحالة الثانية وهي حالة ما إذا أعترى الخصومة أی عارض كالحكم بانقطاع سير الخصومة أو وقفها أو التقرير بشطب الدعوى، فإن تعجيلها أو تجديدها لا يكون منتجاً لآثاره إلا بتمام الإعلان ومن وقت حدوثه كما ذكرنا انفاً .
وجدير بالذكر أن تقديم صحيفة الدعوى إلى قلم كتاب محكمة غير مختصة قاطع للتقادم والسقوط أخذاً بمفهوم حكم النقض الذي صدر في ظل القانون القديم والذي كان يعتبر تقديم صحيفة الدعوي لقلم المحضرين هو الإجراء القاطع للتقادم والسقوط فقد قضت محكمة النقض بأنه «إذ نصت الفقرة الثانية من المادة 75 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 علي أن الدعوي تعتبر قاطعة لمدة التقادم أو السقوط من وقت تقديم صحيفتها إلى قلم المحضرين يعيد أداء الرسم كاملاً ، ولم تشترط لترتيب هذا الأثر أن تقدم الصحيفة إلى قلم المحضرين التابع للمحكمة التي ترفع إليها الدعوي، بل جاء النص مطلقاً غير مقيد بأي قيد، ولازم ذلك ومقتضاه وجوب اعتبار الصحيفة المسدد عنها الرسم کاملاً قاطعة لمدة التقادم، والسقوط من وقت تقديمها لأي من أقلام المحضرين دون تحديد المحكمة التي يتبعها هذا القلم، (نقض 1971/5/20 لسنة 22 ص 666)، كما أن نص المادة 63 قد جرى على أن ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعي بصحيفة تودع بقلم كتاب المحكمة، ولم يقيد النص المحكمة بأنها المحكمة المختصة هذا فضلاً عن أن المادة 110 مرافعات أوجبت على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة (الدناصورى وعكاز – ج1 - م - 416 و ص 417 .
التفرقة بين رفع الدعوى وإعلانها ينبغي التفرقة بين إيداع لصفة قلم الكتاب ای رفعها وبين إعلانها فهما يعتبران عملين مستقلين، إذ بالإبداع تعتبر الدعوى مرفوعة، وبالإعلان تنعقد الخصومة كما قد تنعقد بحضور المدعى عليه رغم عدم إعلانه، فإذا كان يكلي لإجراء المطالبة القضائية إيداع صحيفة افتتاح الدعوى، وإذا كان إجراء المطالبة القضائية على هذا النحو يترتب عليه بدء الخصومة، إلا أن انعقاد الخصومة مشروط بتمام إعلان الصحيفة إلى المدعى عليه، فإذا تخلف هذا الشرط زالت الخصومة كاثر للمطالبة القضائية . (نقض 1977/5/30 - في الطعن رقم 419 لسنة 43 قضائية) .
فثمة إنفصال بين عجينة إفتتاح الدعوى وورقة إعلانها، ومن ثم لاتعتبر الصحيفة من أوراق المحضرين، وهو ما دعا القانون الحالي إلى علم الإحالة في شأنها إلى بيانات هذه الأوراق غير أن الصحيفة بعد إيداعها قلم الكتاب ستعلن بموجب ورقة من أوراق المحضرين ، فيتعين أن توافر بيانات هذه الأوراق في الإعلان، ويترتب على ذلك أنه إذا كانت الصحيفة قد استوفت شرائطها، ولكن بطل إعلانها فإن ذلك لايؤثر على صحة رفع الدعوى، وإنتاجها آثارها، وإن كان يجب إتمام الإعلان صحيحا خلال ثلاثة شهور والا طبق الجزاء المنصوص عليه في المادة 70 مرافعات.
ويلاحظ أن آثار زوال الخصومة لاتترتب إلا على الحكم ببطلان الصحيفة، أما إذا كانت الصحيفة صحيحة وكاملة ولكن إعلانها جاء باطلاً ، فإن ذلك لايؤثر على ما ينتجه إيداعها - من آثار، ويقف أثره عند إعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يتم الإعلان صحيحاً خلال ثلاثة شهور من إيداع الصحيفة وفقاً لنص المادة 70 .
(نقض 25/1/1968 - سنة 19 - ص 132 ، كمال عبد العزيز - ص 187) .
ترفع الدعاوى في مواد الأحوال الشخصية الولاية على النفس بالطريق المعتاد عليه في المادة 63 مرافعات إعمالاً للقانون رقم 1 لسنة 2000 :
نصت المادة 16 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية على أن ترفع الدعوى فى مسائل الولاية على النفس بالطريق المعتاد لرفع الدعوى المنصوص عليه في قانون المرافعات المدنية والتجارية .
كذلك نصت المادة 33 من القانون سالف الذكر على أن تقيد النيابة العامة طلبات الحجر والمساعدة القضائية، واستمرار الولاية أو الوصاية وسلب الولاية أو الحد منها أو وقفها، وسلب الإذن للقاصر او المحجور عليه أو الحد منه، وإثبات الغيبة والحد من سلطة الوكيل عن الغائب، ومنع المطلوب الحجر عليه أو سلب ولايته من التصرف أو تقييد حريته فيه، وذلك يوم وساعة تقديم الطلب في سجل خاص .
ونصت المادة 36 من ذات القانون السابق في فقرتها الأولى أن يرفع الطلب (أی طلب من الطلبات المبينة في المادة 33) إلى المحكمة المختصة من النيابة العامة أو من ذوى الشأن ونصت في فقرتها الثانية وفي الحالة الأخيرة يجب أن يشتمل الطلب المرفوع على البيانات التي يتطلبها قانون المرافعات فى صحيفة الدعوى، وأن يرفق به المستندات المؤيدة له، وعلى المحكمة أن تحيله إلى النيابة العامة لإبداء ملاحظاتها عليه كتابة خلال ميعاد يحدده لذلك .
لا يلزم توقيع محام على صحف دعاوى الأحوال الشخصية أمام المحكمة الجزئية إعمالاً للقانون 1 لسنة 2000، طبقاً للفقرة الأولى من المادة 3/1 من قانون تنظيم بعض أوضاع، وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000 لا يلزم توقيع محام على صحف دعاوى الأحوال الشخصية أمام المحكمة الجزئية، وذلك مهما كانت قيمة الدعوى، وهذا بعد استثناء من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 .
التمييز بين الدعوى والحق الموضوعي وحق التقاضی والطلب والخصومة والقضية : الدعوى هي الحق في الحصول على الحماية القضائية، فالحق في الدعوى هو حق شخص في مواجهة شخص آخر مضمونة الحصول على تطبيق القانون في حالة محددة - ومنح المدعى حماية قضائية معينة.
والدعوى هي حق مستقل عن الحق الموضوعي (فتحی والی - بند 23 ص 46، وبند 26 ص 52 ، وما بعدها، رمزی سيف - بند 71 ص 102 وص 105)، فسبب الحق الموضوعي هو العقد أو الفعل الضار أو غير ذلك من مصادر الإلتزام، أما سبب الدعوي فهو اعتداء على حق أو مركز قانوني، كما أن الحق الموضوعي إذا كان حقاً شخصياً ، فإن مضمونه إلزام شخص بتقديم أداء معين للدائن، وإذا كان حقاً عينياً فإن مضمونه الحصول مباشرة على منفعة من مال معين، بينما مضمون الدعوى - ایاً كان الحق الذي تحميه - هو دائماً الحصول على حكم من القضاء، ولكن إستقلال الدعوى عن الحق الموضوعي لا ينفي الصلة القوية بينهما .
أما حق التقافتی أی حق الالتجاء إلى القضاء ، فهو حق من الحقوق العامة مكفول للناس كافة (مادة 68 من الدستور، ولا يجوز النزول عنه ولا يقضي بالتقادم أو بأي سبب من أسباب الانقضاء، بينما الحق في الدعوى هو حق محدد مقرر لشخص معين هو من حدث إعتداء على حقه يبرر حصوله على الحماية القضائية، وهو باعتباره حقاً محدداً يجوز النزول عنه، وقد ينقضي بالتقادم، ومن ثم فإن الإنسان يكون له حق التقاضي دائماً بينما قد يكون له الحق في دعوى معينة كدعوی إستحقاق عقار معين مثلا، أو لا يكون له منا الحق، (فتحى والي - ص 48).
وتتميز الدعوى عن الطلب أي المطالبة القضائية، فالطلب أي المطالبة القضائية في العمل الذي يباشر به الشخص حسب الأحوال حقه في الدعوى، وبعبارة أخرى هو العدل الإجرائي الذي يعلن به المدعى رغبته في الحصول على حماية من الفضاء، (وجدي راغب - نظرية العمل القضائي - ص 432)، ولايوجد الطلب إلا بقیه ای ببدء الخصومة بينما الدعوي توجد ولو لم تبدأ الخصومة كما أنه لا يترتب على التنازل عن الطلب أو على ترك الخصومة انقضاء الدعوى ، إذ للمدعى أن يعود فيرفع دعواه نفسها مرة أخرى، وقد يكون الطلب اي المطالبة القضائية صحيحة مطابقة للنموذج القانون، ومستكملة شرائطه، ومع ذلك تكون الدعوى غير مقبولة، فقد يوجد الطلب دون الدعوى (فتحی والی - ص 50 وص 51)، ولكن رغم أن الدعوى تتميز عن الطلب فإنه يوجد إرتباط بينهما، فالدعوى تتجسد في الطلب، بينما الطلب لايجسد الدعوى إلا إذا كان طلب حماية قضائية للمدعی حق الحصول عليها، فإذا لم يكن كذلك، وجد الطلب دون الدعوي .
كما تتميز الدعوى عن الخصومة، فالدعوى هي الحق في الحماية القضائية، بينما الخصومة هي مجموعة الأعمال الإجرائية أي الإجراءات التي يقوم بها القاضي، وأعوانه والخصوم ومعلوم، وأحياناً الغير، والتي ترمي إلى إصدار قضاء يحقق هذه الحماية، وتكون الخصومة بذاتها عملاً قانونياً مركباً تتابعياً ،أي يتكون من عدة أعمال تتابع زمنياً ومنطقياً ، بحيث يعتبر العمل السابق منها مفترضا أي شرطا للعمل الذي يليه، وتؤدى جميعها إلى إنتاج أثر قانونی واحد هو الحصول على حكم من القاضي، إذ تبدأ الخصومة بأول عمل فيها، وهو المطالب القضائية، ثم تستمر بتتابع الأعمال وفق النظام الذي يفرضه القانون، وذلك بصرف النظر عن توافر الحق في الدعوى أو توافر الشروط اللازمة للحكم في الدعوى، وتعتبر الخصومة الوسيلة الفنية التي يجري التحقق بواسطتها من توافر الحق في الدعوى، ولذلك فإن شروطها تختلف عن الشروط اللازمة لتوافر هذا الحق، فالخصومة هي مجموعة الإجراءات التي يتم بها رفع الدعوى إلى القضاء، وإبداء الدفاع بشأنها وتحقيقها ثم الفصل فيها بواسطة الحكم، والدعوى هي موضوع الخصومة كما أن الخصومة هي الوسيلة أو الوعاء الذي يحتوي الدعوى أمام القضاء، ولذا تتميز الدعوى عن الخصومة فلكل منهما أحكامه الخاصة به وشروطه.
وللتفرقة بين الدعوى والخصومة قالت محكمة النقض أن الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء للحصول على حماية قانونية للحق المدعى به أما الخصومة فهي وسيلة ذلك ،أي أنها مجموعة الأعمال الإجرائية التي يطرح بها هذا الادعاء على القضاء، ويتم بها تحقيقه والفصل فية والقانون المدني هو الذي ينظم قواعد سقوط وانقضاء الدعاوى و الحقوق بمضي المدة بينما ينظم قانون المرافعات سقوط وإنقضاء الخصومة، وقد جرى قضاء النقض على أن انقضاء الخصومة لايترتب عليه أي مساس بأصل الحق المرفوعة به الدعوى، بل يبقى خاضعاً في انقضائه للقواعد المقررة في القانون المدني فالملكية حق والمطالبة به أو حمايته يكون عن طريق الدعوى والخصومة هي الإجراءات التي تتبع لطرح الدعوى على المحكمة.
الفرق بين الدعوى والخصومة الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء للحصول على حماية قانونية للحق المدعى به أما الخصومة فهي وسيلة ذلك أي أنها مجموعة الأعمال الإجرائية التي يطرح بها هذا الادعاء على القضاء ويتم بها تحقيقه والفصل فيه والقانون المدني هو الذي ينظم قواعد سقوط وانقضاء الدعاوى والحقوق بمضي المدة بينما ينظم قانون المرافعات قواعد سقوط وإنقضاء الخصومة.(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء : الثاني ، الصفحة : 316)
1- الغرض من بيانات الفقرة الأولى هو تحديد شخصية المدعي وهي تكون كلا واحداً يكمل بعضها بعضاً بحيث أن النقص أو الخطأ في بعضها لا يؤدي إلى البطلان مادام ليس من شأنه التجهيل بشخص المدعي . وإذا كان المدعي يعمل لغيره باعتباره نائباً عن الغير وجب أن تشتمل الورقة على اسم المعلن ولقبه ووظيفته وموطنه وكذلك اسم من يمثله ولقبه ومهنته وموطنه فإذا كان الإعلان بناء على طلب ممثل الشخص إعتباري فإنه يجب ذكر اسم الشخص الإعتباري وذكر صفة من يمثله ولا حاجة لذكر إسمه لأن اسمه لا يهم في هذه الحالة وإنما لهم الصفة التي تخوله العمل باسم الشخص الاعتباري.
2- بالنسبة للفقرة الثانية فيصدق عليها ما قيل بالنسبة للمدعي ونضيف إليها أن هناك خصوم أصليون في الدعوى أو حقيقيون وهناك خصوم يطلب الحكم في مواجهتهم وهم خصوم غير حقيقيين والقاعدة أنه إذا اقتصر ذلك الذي أدخل الخصوم غير الحقيقيين على طلب الحكم في مواجهتهم دون أن يوجه إليه طلبات فإنه لا يعد خصماً مادام لم يبد. منازعة ، أما إذا نازع في الدعوى أنقلب إلى خصم حقيقي ، كذلك قد يعتبر خصماً حقيقياً رغم أنه لم ينازع في الدعوى وذلك في حالة ما إذا كان من أثر الحكم في الدعوى أن يؤثر في مركزه القانوني كما إذا أقام العامل دعوى على رب العمل بطلب تحديد أجره أو زيادته واختصم فيها هيئة التأمينات الاجتماعية للحكم في مواجهتها . لاشك أن الحكم في الأجر سيؤثر في مركز هيئة التأمينات الإجتماعية القانوني لأن معاش العامل مترتب على أجره ، فإن زاد الأجر ارتفع المعاش وبذلك فإن هيئة التأمينات تعد في هذه الحالة خصماً حقيقياً سواء نازعت في الدعوى أو لم تنازع. ويدق البحث في حالة ما إذا أقام المدعي دعوى صحة تعاقد على البائع وأدخل آخر في الدعوى للحكم في مواجهته بصفته شريكاً في التكليف.
أصدرت محكمة النقض حكما في هذه المسألة اعتبرت فيه أن الحكم في المواجهة في دعوى صحة التعاقد يختلف عن الدعاوى الأخرى باعتبار أن الحكم في هذه الدعوى يترتب عليه أن العقد يعتبر صحيحاً ونافذاً.
3- البيان الخاص بالفقرة الثالثة أصبح له أهمية بعد أن جعل المشرع تقديم الصحيفة بمثابة رفع الدعوى تترب عليه آثار عديدة ويتعين على قلم الكتاب أن يبين تاريخ تقديم الصحيفة إليه.
4- طبقاً للفقرة الرابعة يتعين بيان المحكمة المرفوع أمامها الدعوى ولا يكفي ذكر عبارة ( المحكمة المختصة ) لأن تحديد المحكمة المختصة قد يكون محل بحث واجتهاد قانوني وكذلك يجب أن يذكر اسم المحكمة على وجه التحديد بشكل لا يدع مجالاً للشك فيه.
5- المحكمة في الفقرة الخامسة أن تعلن له في هذا الموطن الأوراق المتعلقة بالدعوى فإن لم يعين المدعي موطناً مختاراً له في الحالات التي يوجب القانون فيها ذلك جاز للخصوم إعلانه بأوراق الدعوى في قلم الكتاب عملاً بالمادة 12 من القانون.
6- الغرض من الفقرة السادسة مزدوج فهو من ناحية يتيح للمدعى عليه أن يكون فكرة وافية عن المطلوب منه تمكنه من إعداد دفاعه قبل الجلسة حتى لا يضطر إلى طلب تأجيل الدعوى وهو من ناحية أخرى يعين المحكمة على تكوين فكرة واضحة عنها تساعدها على تحديد المواعيد اللازمة لإعداد الدعوى (راجع فيما تقدم وسيط المرافعات لرمزي سیف الطبعة الثانية من 291 وما بعدها ).
7- توقيع المحامي على صحيفة الدعوى . تنص المادة 58 من قانون المحاماة الحالي رقم 17 لسنة 1983 على وجوب أن تكون صحف الدعاوي أو الطعون موقعة من محام مقبول أمام المحكمة التي تنظر الدعوى أو الطعن ويستثنى من القاعدة المتقدمة الدعاوى الجزئية التي تقل قيمتها عن خمسين جنيهاً كذلك يتعين توقيع طلبات أمر الأداء من محام مقبول أما القاضي الذي يصدر الأمر ما لم يكن الطلب في حدود النصاب الإنتهائي للمحكمة الجزئية وتقول المذكرة التفسيرية للقانون القديم في توضيح التنظيم المتقدم أنه قد قصد به رعاية الصالح العام وتحقيق الصالح الخاص ذلك أن إشراف المحامي على تحرير صحف الإستئناف والدعاوي ذات القيمة من شأنه مراعاة أحكام القانون في تحرير هذه الأوراق وبذلك تنقطع المنازعات التي كثيراً ما تبدأ بسبب قيام من لا خبرة لهم بممارسة هذه الشئون ذات الطبيعة القانونية مما يعود بالضرر على ذوي الشأن.
وقد تضمنت الفقرة الأخيرة من المادة 58 من قانون المحاماة الجديد نصاً صريحاً بالبطلان على مخالفة أحكامها.
ويجوز تصحيح البطلان بتوقيع المحامي على صحيفة الدعوى أو الطعن بعد تقديمها بشرط أن يتم ذلك في خلال المواعيد المقررة لرفع الدعوى أو الطعن.
وتأسيسا على ذلك فلا يلزم توقيع محام على الإنذارات أو الإعذارات أو أوراق تعجيل الدعوى من الشطب أو الوقف أو الإنقطاع أو على محاضر الحجز وأوراق المحضرين الأخرى في المستشار نصر الدين كامل في الدعوى وإجراءاتها بند 27).
وقد نصت المادة 8 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 المعدلة بالقانون 227 لسنة 1984 على ما يلي :
مع عدم الإخلال بأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية لا يجوز لمحامي الإدارات القانونية للهيئات العامة وشركات القطاع العام والمؤسسات الصحيفة أن يزاولوا أعمال المحاماة لغير الجهة التي يعملون بها وإلا كان العمل باطلاً.
كما لا يجوز للمحامي في هذه الإدارات القانونية الحضور أمام المحاكم الجنائية إلا في الإدعاء بالحق المدني في الدعاوى التي تكون الهيئة أو الشركة أو المؤسسة طرفاً فيها وكذلك الدعاوي التي ترفع على مديريها أو العاملين بها بسبب أعمال وظائفهم.
ولا يسري هذا الحظر بالنسبة للقضايا الخاصة بهم وبأزواجهم وبأقاربهم حتى الدرجة الثالثة ، وذلك في غير القضايا المتعلقة بالجهات التي يعملون بها ".
ومؤدى هذا النص أن محامي الإدارات القانونية في الهيئات العامة وشركات القطاع العام والمؤسسات الصحيفة محظور عليهم أن يباشروا أي عمل من أعمال المحاماة كتحرير صحف الدعاوي والطعون أو التقدم بأمر أداء أو الحضور أمام المحاكم على إختلاف أنواعها ودرجاتها لغير الجهة التي يعملون بها واستثنت الفقرة الأخيرة من هذه المادة. قضاياهم الشخصية ودعاوى أزواجهم وأقاربهم حتى الدرجة الثالثة بشرط ألا تكون الشركة أو الهيئة التي يعملون بها طرفاً في الدعوى ورتب القانون على مخالفة ذلك البطلان وهو بطلان متعلق بالنظام العام.
8- ولا تعتبر صحيفة الدعوى بذاتها من أوراق المحضرين ولا يلزم أن تشتمل على كل بيانات أوراق المحضرين وإنما هي تعلن بعدئذ إلى المدعي عليه بمقتضى القواعد العامة المقررة لأوراق المحضرين.
9- وإذا كانت المادة 63 توجب كقاعدة عامة إقامة الدعوى بإيداع صحيفتها قلم الكتاب إلا أنه في حالة ما إذا نص قانون المرافعات أو أي قانون آخر على إقامة الدعوى بصحيفة تعلن للخصم أو بتكليف بالحضور فإن هذا يعتبر استثناء من الأصل ويجب أتباعه فيما ورد بشأنه فقط وفي هذه الحالة فإنه يتعين على طالب الإجراء مباشرة إعلانه عن طريق قلم المحضرين إلى خصمه كما وأن آثار الإجراء لا تترتب إلا من تاريخ تمام إعلانه للخصم مثال ذلك ما كانت تنص عليه المادة 113 من قانون المحاماة من أنه يجوز للمحامي والموكل إستئناف القرارات التي يصدرها مجلس النقابة الفرعية في طلبات التقدير بتكليف بالحضور أمام محكمة الإستئناف ، فإن هذا النص خروج على القاعدة العامة - التي تقضي بأن الاستئناف يعتبر مرفوعاً بمجرد تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب - واعتبر أنه لا يعتبر مرفوعاً إلا بتكليف المستأنف عليه بالحضور أمام المحكمة خلال عشرة أيام من تاريخ إعلانه بقرار النقابة ومثال ذلك أيضاً ما نص عليه القانون من الطعن في قرارات لجان الطعن بمصلحة الضرائب أو الطعن في قرارات لجان تقدير اجرة المساكن قبل إلغاء هذه اللجان .
10- ولا تعتبر الدعوى مرفوعة إلا بتمام إجراء المطالبة القضائية وفقاً للإجراءات التي تم رسمها القانون والتي تتمثل في إيداع صحيفة الدعوى مستوفية بياناتها قلم كتاب المحكمة . ومن لحظة إيداع الصحيفة قلم الكتاب تعتبر الدعوى مرفوعة وتترتب آثار رفع الدعوى من هذه اللحظة دون نظر للإجراءات التي سبقتها أو الإجراءات اللاحقة عليها ويترتب على رفع الدعوى على هذا النحو آثار إجرائية وآثار موضوعية ، ومن الآثار الإجراءات بدء الخصومة ونتيجة لهذا إذا رفعت الدعوى نفسها أمام محكمة أخرى جاز الدفع متنازعاً فيه بالمعنى المقصود في المادة 471 من التقنين المدني لا يتور اختصاص المحكمة بما يطرأ من تغيير بعد تلك اللحظة في أية واقعة تكون مؤثرة في الإختصاص كقيمة الشيء موضوع الدعوى ، أو موطن المدعي عليه أو جنسية الخصوم . ومن الآثار الموضوعية لإيداع الصحيفة قطع التقادم الساري لصالح المدعى عليه وفقاً للمادة 383 من التقنين المدني، وكذلك قطع مدد السقوط.
(2) سريان الفوائد من لحظة إيداع الصحيفة قلم الكتاب إذا تضمنت الصحيفة المطالبة بها عملاً بالمادة 226 من التقنين المدني زوال حسن نية الحائز وصيرته سيء النية يلتزم برد الثمار في حكم المادة 979 من التقنين المدني إذا نقل المدعى عليه إلى أحد حيازة الشيء المطلوب استرداده منه أو تصرف في الحق المطالبة به في ذلك لا يؤثر في بقائه طرفاً في الخصومة بون من نقل إليه الحيازة أو تصرف إليه في الحق عدم نفاذ التصرف الذي اكتسب بعد الغير حقاً على العقار محل المطالبة القضائية في حق المدعي متى كان قد سجل صحيفة دعواه قبل تسجيل التصرف . ( مرافعات كمال عبد العزيز الجزء الأول طبعة سنة 1995 ص 434).
11- ويتعين التفرقة بين الآثار التي تترتب على إيداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب والمعلقة على شرط تمام الإعلان وبين إيداع صحيفة تعجيلها ففي الحالة الأولى تعتبر الدعوى مرفوعة من وقت تقديم صحيفتها إلى قلم الكتاب حيث ترتب الآثار من ذلك الوقت متى تحقق الشرط وهو الإعلان الصحيح وفي الحالة الثانية وهي حالة ما إذا اعترض الخصومة أي عارض كالحكم بانقطاع سير الخصومة أو وفقها أو التقرير بشطب الدعوى فإن تعجيلها أو تجديدها لا يكون منتجا لأثاره إلا بتمام الإعلان ومن وقت حدوثه.
12- وفي رأينا أن تقديم صحيفة الدعوى إلى قلم كتابي محكمة غير مختصة قاطع للتقادم والسقوط أخذا بمفهوم حكم النقض الذي صدر في ظل القانون القديم والذي كان يعتبر تقديم صحيفة الدعوى لقلم المحضرين هو الإجراء القاطع للتقادم والسقوط.
ويؤيد رأينا أن النص قد جرى على أن " ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعي بصحيفة تودع بقلم كتاب المحكمة " ولم يقيد النص المحكمة بأنها المحكمة المختصة هذا فضلاً عن أن المادة 110 مرافعات أوجبت على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة.
13- ولا يجوز رفع الدعوى المبتدأة إلا بتقديم صحيفتها لقلم الكتاب فإن رفعت إعلانها مباشرة دون إيداعها قلم الكتاب ترتب البطلان وهو بطلان متصل بالنظام العام لأنه متعلق بإجراءات التقاضي.
ودعوى الضمان الفرعية تعتبر كالدعوى الأصلية تماما وبالتالي لا يجوز إبداؤها بطلب عارض في الجلسة كما لا يجوز رفعها بإعلان يقدم قلم المحضرين مباشرة بل ينبغي تقديم صحيفتها لقلم الكتاب.
وإذا قضت المحكمة ببطلان صحيفة الدعوى فإنه يترتب على ذلك إلغاء جميع الإجراءات اللاحقة لها وزوال ما ترتب على رفعها من آثار واعتبار الخصومة كأن لم تكن فإذا أقام المشترى دعوى بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه وسجل صحيفة الدعوى بالشهر العقاري وقضت المحكمة ببطلان الصحيفة السبب ما فإنه يترتب على ذلك زوال أثر تسجيلها تلقائياً دون حاجة لصدور حكم بإلغاء هذا التأشير ، إلا أن ذلك لا يمنع صاحب المصلحة من تجديد الخصومة إذا شاء بإجراءات مبتدأة متى انتفى المانع القانوني.
ويلاحظ التعليق على المادة 68 بشأن إيداع الصحيفة و إعلانها وأن رفع الدعوى يتم بالإجراء الأولى أما انعقادها فلا يتم إلا بالإجراء الثاني أو بحضور المدعى عليه رغم عدم إعلانه.
الفرق بين الدعوى والطلب : الدعوى هي حق صاحب الحق في الاستعانة بالقضاء لحماية حقه وقد رسم القانون لصحاب الدعوى طريقين لمباشرة دعواه طريق الطلبة وطريق الدفع والطلب هو الإجراء الذي عرض به الإنسان على القضاء إدعاء طالباً منه الحكم له بما يدعيه على خصمه ، فالطلب إذا أجيب أدى إلى الحكم لمقدمه بشيء على خصمه.
أما الدفع فهو الإجراء الذي يجيب به الخصم على طلب خصمه بقصد منع الحكم عليه بطلبات خصمه ، فنتيجة الدفع إذا أجيب ألا يحكم بما يطلبه الخصم الآخر.
ونظراً لأن الطلبات والدفوع وسائل المباشرة الدعوى فإنه يشترط لقبولها ما يشترط لقبول الدعوى من شروط ، فيشترط لقبولها شرط المصلحة بخصائصه كما يجب توافر الشروط الخاصة أن كان للدعوى شروط خاصة كما إذا كان القانون يشترط للتمسك بحق من الحقوق أن يحصل التمسك به في ظرف معين فلا يقبل التمسك بهذا الحق سواء حصل التمسك به في صورة طلب أو دفع إلا إذا روعي هذا الظرف المعين.
وليس صحيحاً على إطلاقه القول بأن الطلب إجراء يقدمه المدني والدفع إجراء يرد به المدعي عليه ، فالطلب والدفع يجوز إبداء كل منهما من المدعي ومن المدعى عليه لأن المدعي قد يقف أحياناً موقف الدفع كما أن المدعى عليه قد يلجأ أحياناً إلى وسائل الهجوم والطلبات نوعان طلبات أصلية أو مفتتحة للخصومة وهي الطلبات التي تنشأ عنها قضية لم تكن موجودة قبل إبدائها فهي أول ما يتخذ في الخصومة من إجراءات ولذلك تسمى طلبات مفتتحة للخصومة وطلبات عارضة وهي التي تبدأ أثناء خصومة قائمة على النحو المبين في المادة 123 مرافعات فهي لا تنشئ خصومة جديدة وإنما تعدل من نطاق خصومة قائمة قبل إبدائه.
والطلب الأصلي هو الذي تقدر به الدعوى كما تتحدد به المحكمة المختصة بنظر الدعوى.
وإذا كان التقادم يقطع برفع الدعوى ويبقى ما بقيت الخصومة قائمة إلى أن يحكم فيها وأنه وإن كان رفع الدعوى إلى محكمة غير مختصة يقطع التقادم كما سلف القول إلا أن أثر قطع التقادم لا يترتب إذا صدر في الدعوى حكم من الأحكام الأخرى التي تزيل الخصومة قبل الفصل في موضوعها كالحكم ببطلان صحيفة الدعوى.
هذا وننوه بأن بطلان صحيفة الدعوى لعدم توقيع محام عليها قاصر فقط على صحف الدعاوي والإستئناف أما إذا انقطع سير الخصومة أو أوقفت أمام محكمة أول درجة أو أمام المحكمة الإستئنافية فلا يشترط توقيع محام على صحيفة التعجيل كذلك لا يشترط توقيع محام على صحيفة تجديد الدعوى أمام محكمة الإستئناف بعد النقض الأول أما رفع الطعن بالنقض فإنه فضلاً عن : وجوب توقيع الصحيفة من محام مقبول أمام محكمة النقض فإنه يتعين إيداع سند توكيل المحامي الموكل في الطعن.
وإذا أقام شخص دعوى ضد أحد المحامين ولم يكن رافعها قد تمكن من توكيل محام أو كان من وكله من المحامين لم يصدر له من النقابة الإذن بالحضور ضد زميله فإنه يجوز لرافع الدعوى أو الإستئناف أن يتقدم بالصحيفة دون أن يوقعها محام ولا يشترط في ذلك أن يكون المدعي أو المستأنف قد وكل محامياً وأن يكون هذا المحامي قد تقدم بطلب الحصول على إذن من مجلس النقابة الفرعية ولم يصدر له الإذن بعد كما أنه إذا وكل رافع الدعوى أو الاستئناف محامياً للحضور ضد زميله المرفوع عليه الدعوى أو الطعن ولم يتقدم المحامي الموكل بطلب الحصول على إذن من مجلس النقابة الفرعية فإن ذلك لا يترتب عليه البطلان وإنما قد يترتب عليه مساءلة المحامي الموكل أمام مجلس النقابة.
والجدير بالذكر أن واقعة أداء الرسم منقطعة الصلة بتقديم صحيفة الدعوي أو الطعن إلى قلم الكتاب وسابقة عليها والمعول عليه هو تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب إذ هو الإجراء الذي يرتب عليه القانون الآثار التي سبق بيانها وإن كان هذا لا يمنع المحكمة من استبعاد الدعوى من قائمة الجلسة إذا تبين لها عدم سداد المدعي رسوم الدعوى.
وغنى عن البيان أن تراخي قلم الكتاب في قيد الدعوى المنصوص عليه في المادة 67 لا أثر له على إيداع صحيفتها قلم الكتاب المنصوص عليه في المادة 63 لأن الإجرائيين منفصلين عن بعضهما والعبرة كما سبق أن ذكرنا بإيداع الصحيفة ولو تأخر قلم الكتاب في قيدها إلى ما بعد فوات ميعاد رفع بإيداع الصحيفة ولو تأخر قلم الكتاب في قيدها إلى ما بعد فوات ميعاد رفع الدعوى أو الطعن إذ أن قيد الدعوى، من صميم قلم الكتاب ولا شأن للمدعي به.
ويتعين أن يتم إيداع الصحيفة قلم الكتاب من المدعي أو الطاعن أو ممن يمثلهما قانوناً ومن ثم لا يكفي لاعتبارها مودعة إرسالها بالبريد أو بأي وسيلة أخرى وإلا وقعت الإجراءات باطلة بطلاناً يتصل بالنظام العام .
ولا جدال في أن صحيفة إفتتاح الدعوى هي ورقة عرفية لأن القانون لا يستلزم تحريرها أمام الموظف المختص ومن ثم يجوز الطعن عليها بالإنكار والتزوير ولا تلحقها الرسمية إلا بالتأشير عليها من الموظف المذكور وفي حدود البيانات التي أثبتها أو وقعت من ذوي من الشأن في حضوره .
الفرق بين الدعوى والخصومة :
الدعوى كما قالت محكمة النقض هي حق الالتجاء إلى القضاء للحصول على حماية قانونية للحق المدعى به . أما الخصومة فهي وسيلة ذلك أي أنها مجموع الأعمال الإجرائية التي يطرح بها هذا الإدعاء على القضاء ويتم بها تحقيقه والفصل فيه . والقانون المدني هو الذي ينظم قواعد سقوط وإنقضاء الدعاوي والحقوق بمضي المدة بينما ينظم قانون المرافعات سقوط وانقضاء الخصومة ، وقد جرى قضاء النقض على أن إنقضاء الخصومة لا يترتب عليه أي مساس بأصل الحق المرفوعة به الدعوى بل يبقى خاضعاً إنقضائه للقواعد المقررة في القانون المدني فالملكية حق والمطالبة به أو حمايته يكون عن طريق الدعوى والخصومة هي الإجراءات التي تتبع لطرح الدعوى على المحكمة.
وإذا قضت المحكمة باعتبار الدعوى التي رفعها المدعي كأن لم تكن لسبب من الأسباب فإن ذلك لا يمس الحق المطالب به كما إذا كانت الدعوى مطالبة بدين فإن اعتبار الدعوى كأن لم تكن لا يمس أصل الحق في الدين طالما أنه لم يسقط أو ينتهي بسبب من أسباب سقوطه التي حددها القانون المدني .
لا يجوز رفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا مباشرة بدعوى أصلية بصحيفة بدون تصريح من المحكمة :
من المقرر وفقاً لقانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 أن الدعوى الدستورية لا ترفع إلا بطريق الإحالة إليها من محكمة الموضوع ويتم ذلك في حالتين أولاهما أن يتراءى لإحدى المحاكم التي تنظر النزاع عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في الدعوى المطروحة عليها وحينئذ يتعين عليها وقف الدعوى وإحالتها للمحكمة الدستورية العليا مع بيان النص التشريعي الذي رأت عدم دستوريته والنص الدستوري المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة وذلك عملاً بالمادة 29 من قانون المحكمة الدستورية أنف البيان وثانيهما أن يبدي أمامها دفع بعدم دستورية قانون أو لائحة وترى أنه يقوم على سند من الجد وفي هذه الحالة أيضاً توقف الدعوى ثم تحيل النزاع إلى المحكمة الدستورية أو تأمر مبدي الدفع بعدم الدستورية أن يرفع دعواه أمام المحكمة الدستورية ومؤدي ذلك أنه لا يجوز رفع الدعوى الدستورية مباشرة بدعوى أصلية بصحيفة كما هو الشأن في الدعاوى العادية بدون تصريح من المحكمة .
إحالة المحكمة الجنائية الدعوى المدنية للمحكمة المدنية يترتب عليه إتصال الدعوى المدنية بالمحكمة الأخيرة قانوناً .
في حالة ما إذا أقام المدعي بالحق المدني دعواه أمام محكمة الجنح بطريق الإدعاء المباشر المقر بنص المادة 232 إجراءات جنائية بتكليف صحيح بالحضور فقضت المحكمة الجنائية بانقضاء الدعوى الجنائية بسبب من أسباب الإنقضاء كانقضائها صلحاً ثم إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية لما ارتأته من أن الفصل فيها يستلزم تحقيقاً خاصاً فإن الدعوى المدنية تكون قد اتصلت بالمحكمة المدنية اتصالاً صحيحاً وتعد أنها أقيمت وفقاً للقانون دون حاجة إلى سلوك الطريق الذي نص عليه المشرع في المادة 63 مرافعات .
ترفع الدعاوي في مواد الأحوال الشخصية للولاية على النفس بالطريق المعتاد عليه في المادة 63 مرافعات :
نصت المادة 16 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية على أن " ترفع الدعوى فى مسائل الولاية على النفس بالطريق المعتاد لرفع الدعوى المنصوص عليه في قانون المرافعات المدنية والتجارية " .
كذلك نصت المادة 33 من القانون سالف الذكر على أن تقيد النيابة العامة طلبات الحجر والمساعدة القضائية واستمرار الولاية أو الوصاية وسلب الولاية أو الحد منها او وقفها وسلب الإذن للقاصر أو المحجور عليه أو الحد منه وإثبات الغيبة والحد من سلطة الوكيل عن الغائب ومنع المطلوب الحجر عليه أو سلب ولايته من التصرف أو تقييد حريته فيه ، وذلك يوم وساعة تقديم الطلب في سجل خاص .
ونصت المادة 36 من ذات القانون السابق في فقرتها الأولى أن يرفع الطلب (أي طلب من الطلبات المبينة في المادة 33 ) إلى المحكمة المختصة من النيابة العامة أو من ذوي الشأن . ونصت في فقرتها الثانية " وفي الحالة الأخيرة يجب أن يشتمل الطلب المرفوع على البيانات التي يتطلبها قانون المرافعات فى صحيفة الدعوى وأن يرفق به المستندات المؤيدة له ، وعلى المحكمة أن تحيله إلى النيابة العامة لإبداء ملاحظاتها عليه كتابة خلال ميعاد يحدده لذلك ". وقد شرحنا المواد السابقة جميعها في نهاية الجزء الثاني من هذا المؤلف فيرجع إليه.
لا يلزم توقيع محام على صحف دعاوى الأحوال الشخصية أمام المحكمة الجزئية :
وفقاً للفقرة الأولى من المادة 3/ 1 من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000 لا يلزم توقيع محام على صحف دعاوى الأحوال الشخصية أمام المحكمة الجزئية وذلك مهما كانت قيمة الدعوى وهذا يعد استثناء من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 وقد شرحنا المادة 3 من القانون رقم 1 لسنة 2000 من باقي مواد القانون في نهاية الجزء الثاني من هذا المؤلف.
الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم إتباع إجراءات رفعها تتعلق بالنظام العام :
من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم إتباع إجراءات رفعها أمر متعلق بالنظام العام وعلى ذلك يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى سواء أمام محكمة أول درجة أو محكمة الدرجة الثانية ويتعين على المحكمة دون دفع من الخصوم أن تتعرض له من تلقاء نفسها ، إلا أنه يشترط لجواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض أن تكون عناصره قد سبق طرحها أمام محكمة الموضوع .(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 765)
مبدأ الطلب :
لا يباشر القضاء وظيفته إلا بناءاً على طلب فلو علم القاضي بوجود نزاع بين شخصين ، فإنه لا يستطيع نظره دون طلب من أحدهما فالقاضي لا يعمل من تلقاء نفسه . ويعتبر هذا المبدأ تطبيقاً لمبدأ حياد القاضي ، إذ لو بدأ القاضي الخصومة دون طلب لأصبح مدعياً وقاضياً في نفس الوقت ويبرره أن الحماية القضائية إنما تمنح لمن يحتاج إلى هذه الحماية . وليس أقدر من هذا الشخص على تقدير حاجته ، وهو يفصح عنها بواسطة الطلب.
ويسري هذا المبدأ ليس فقط بالنسبة لبدء الخصومة أو لبدء مرحلة منها كمرحلة الطعن ، بل أيضاً لاستمرارها . ولهذا فإنه إذا نزل المدعى عن طلبه ، إمتنع على القاضي نظر القضية . كما يسرى بالنسبة لإصدار الحكم ، ولهذا ليس للقاضي أن يتجاوز - في حكمه - حدود الطلب ، أو يحكم في غير ما طلبه الخصوم ، أو أن يصدر حكمه مستنداً إلى سبب غير سبب الطلب إذ يعتبر حكماًَ بغير طلب . كما أنه ليس له أن يحكم لمصلحة أو ضد شخص ليس طرفاً في الطلب ، وإلا كان الحكم باطلاً.
ويستثنى من هذا المبدأ حالات محددة للقاضي أن يحكم فيها من تلقاء نفسه . وهي حالات لا تتعلق في الغالب ببدء خصومة ، وإنما تعرض أثناء سيرها .
وإذا كان من المقرر أن للقاضى تكييف الدعوى لينزل على وقائعها وصفها القانوني الصحيح فإنه يعتد في هذا بالطلبات المطروحة عليه ، فلا يملك التغيير في مضمون هذه الطلبات أو إستحداث طلبات لم يطرحها عليه الخصوم.
المطالبة القضائية :
يتم رفع الدعوى وتبدأ الخصومة بالمطالبة القضائية . وهي عمل إجرائي موجه من المدعى أو ممثله إلى المحكمة يقرر فيه وجود حق أو مركز قانوني معين إعتدى عليه ويعلن رغبته في حمايته بإحدى صور الحماية القضائية في مواجهة المدعى عليه ويلاحظ أن المطالبة القضائية ليست استعمالاً للحق في الدعوى إذ هي ترمي إلى إعمال هذا الحق ، وإنما تعتبر استعمالاً لحق آخر هو حق الإلتجاء إلى القضاء ، ولهذا فإن المطالبة القضائية تكون صحيحة إذا توافرت فيها باعتبارها عملاً إجرائياً لمقتضيات الموضوعية والشكلية التي سبق بيانها بالنسبة للأعمال الإجرائية ولو لم تتوافر شروط الدعوى.
ولأن المطالبة القضائية عمل موجه إلى المحكمة في مواجهة المدعى عليه ، فيجب أن تتصل بعلم كل منهما . ومن الناحية النظرية يمكن تصور نظامان يحققان هذا الهدف:
1- أن يحدث الإتصال أولاً بين الطرفين بأن يقوم المدعى بإعلان المدعى عليه بالطلب قبل أن يقدمه إلى المحكمة . فالمحكمة لا تتصل بالطلب إلا بإجراء لاحق على إعلان المدعى عليه . وهذا هو النظام الذي كان يأخذ به التشريع المصري قبل المجموعة الحالية . ويسمى نظام رفع الدعوى بطريق التكليف بالحضور . وميزة هذا النظام هي أن تكليف المدعى عليه بالحضور قبل إتصال المحكمة بالطلب يتضمن تهديداً بإجراء هذا الإتصال (الذي يتم بقيد الدعوى) مما قد يحمل المدعى عليه على التسليم للمدعى بحقه أو التصالح معه قبل القيد.
2- أن يحدث الاتصال أولاً بالمحكمة ، ثم بعد ذلك يعلن المدعى عليه بصحيفة الدعوى للحضور أمام المحكمة . ويسمى نظام رفع الدعوى بإيداع الصحيفة. وميزة هذا النظام في حفظ حق المدعى بمجرد إيداع الصحيفة بالمحكمة . فلا يتحمل تأخير المحضر في إعلان الصحيفة للمدعى عليه مما قد يؤدي إلى تقادم حقه دون خطأ منه . وهذا النظام الأخير هو الذي تأخذ به - كقاعدة عامة مجموعة المرافعات المصرية الحالية ، إذاً وفقاًَ للمادة 63 منها ، ترفع الدعوى بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك». وهذه العبارة الأخيرة تشير إلى حالات محددة ينص القانون فيها على رفع الدعوى بطريقة التكليف بالحضور . هو يفعل هذا بنصه أحياناً على رفع الدعوى بتكليف بالحضور» (أنظر المادة 119مرافعات) أو بصحيفة تعلن للخصم (أنظر المادة 133 مرافعات).
ويلاحظ أنه ولو أن المطالبة القضائية تتضمن - بطبيعتها - إجراءين أحدهما موجه للمحكمة والآخر موجه للخصم ، إلا أن التشريعات المختلفة تعتد - في تحديدها للحظة رفع الدعوى - بالإجراء الأول منهما . فحيث ترفع الدعوى بتكليف بالحضور يعقبه القيد ، تعتبر الدعوى مرفوعة بمجرد التكليف بالحضور ، ويكون القيد إجراءاً لاحقاً يرمي إلى نظر الدعوى التي سبق رفعها . وحيث ترفع الدعوى بإيداع الصحيفة ، تعتبر الدعوى مرفوعة بمجرد هذا الإيداع ، ويعتبر إعلان الخصم إجراءاً لاحقاً يرمي إلى إباره بدعوى رفعت من قبل.
شكل المطالبة القضائية الإجراء العادي لرفع الدعوى :
ترفع الدعوى - وفقاً للمادة 63 مرافعات - بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة . فرفع الدعوى يقتضي من المدعي القيام بتحرير صحيفة الدعوى ثم إيداع الصحيفة قلم كتاب المحكمة وطلب قيدها . وعندئذ على قلم الكتاب قيدها في السجل المعد لذلك .
(أ) صحيفة الدعوى : ويحررها المدعى أو من ينوب عنه من أصل وعدد من الصور بقدر عدد المدعى عليهم وصورتين لقلم الكتاب (65 مرافعات). ويجب أن تشتمل على بيانات معينة نصت عليها المادة 63 . ويكون المدعى هو المسئول عن أي نقص أو خطأ فيها وهذه البيانات هي :
أولاً : تحديد عناصر الدعوى ، كالتالي :
1- التعريف بالمدعي : فيجب بیان اسمه ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه الأصلي . فإذا لم تتوافر فيه الأهلية الإجرائية بأن كان ناقص الأهلية ، أو إذا كان شخصاً إعتبارياً ، فيجب تحديد من يمثله في الخصومة ببيان اسمه ولقبه ومهنته أو وظيفته وصفته التي تخوله هذا التمثيل، مع بيان موطنه . فإذا لم يكن للمدعي - أو لممثله في الخصومة - موطن أو كان موطنه خارج البلدة التي بها مقر المحكمة ، فإن الصحيفة يجب أن تتضمن بیان موطن مختار للمدعي - أو لممثله في الخصومة - في البلدة التي بها مقر المحكمة . والهدف من هذا البيان هو أن توجه إليه في هذا الموطن الإجراءات المتعلقة بالخصومة . ولهذا فإن هذا البيان يجب أن يكون كافياً لإعلام ذو الشأن بهذا الموطن إعلاماً كافياً يمكنهم من معرفته والاهتداء إليه.
2- التعريف بالمدعى عليه : فيجب بيان أسمه ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه الأصلي . فإذا كان ناقص الأهلية أو شخصاً إعتبارياً ، فيجب تحديد من يمثله في الخصومة وصفته التي تخوله هذا التمثيل مع ذكر موطنه فإن لم يكن موطن المدعى عليه (أو ممثله) معلوماً ، وكان المدعي يعلم موطناً سابقاً له فعليه بيانه.
ويلاحظ أنه يكفي بالنسبة للشخص الاعتباري سواء كان مدعيا أو مدعى عليه ، ذكر البيانات المتعلقة بهذا الشخص دون البيانات المتعلقة بممثله ، مادام لا مجال للشك في أن المقصود هو الشخص الإعتباري وليس ممثله وهذا الذي لمقر عليه قضاء النقض ، قننه المشرع بنصه في المادة 3/115 مضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 على أنه «وإذا تعلق الأمر بإحدى الوزارات أو الهيئات العامة أو مصلحة من المصالح أو بشخص إعتباري عام أو خاص ، فيكفى في تحديد الصفة أن يذكر اسم الجهة المدعى عليها في صحيفة الدعوى» . ورغم أن النص يشير فقط إلى المدعى عليه ، فإنه ينطبق أيضاً على المدعي ، ذلك أن المدعى أو المدعى عليه هو الوزارة أو الهيئة أو الشخص الإعتباري ، وليس ممثله النائب عنه.
3- محل الدعوى : وذلك بعناصره الثلاثة وهي تحديد القرار الذي يطلبه المدعي ، والحق أو المركز القانوني الذي تهدف الدعوى إلى حمايته بهذا القرار ، ومحل هذا الحق أو المركز القانوني.
4- سبب الدعوى : أي العناصر أو الظروف الواقعية أساس الدعوى .
وقد عبرت المادة 63 عن محل الدعوى وسبها بعبارة «وقائع الدعوى وطلبات المدعي وأسانيدها» . ويلاحظ أن بيان كل من محل الدعوى وسببها يجب أن يكون محدداً وكافياً . فمجرد ذكر وقائع أو طلبات أو أسانيد عامة غير محددة لا يكفي لتحقيق هدف المشرع . كما يلاحظ أن المشرع في المادة 63 - على خلاف المادة 71 من مجموعة سنة 1949 - لم يتطلب بيان الأدلة التي يستند إليها المدعي لإثبات وقائع الدعوى.
ثانياً : تحديد المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى : وذلك حتى يعلم المدعى عليه - عندما يعلن بصحيفة الدعوى - بالمحكمة التي يجب عليه الحضور أمامها . ولا يكفي ذكر «المحكمة المختصة بالدعوى» دون تحديد هذه المحكمة، فقد تكون الدعوى من إختصاص أكثر من محكمة فلا يعرف المدعى عليه أمام أية محكمة يجب عليه الحضور ، فضلاً عن أن المشرع أراد أن يلقى على عاتق المدعي مسئولية التحديد الدقيق للمحكمة التي يطلب منها الفصل في الدعوى على أنه يلاحظ أنه لا يلزم أن تشتمل الصحيفة على بيان الدائرة التي ستنظر الدعوى ، فالمادة 63 تتطلب بيان المحكمة ، وليس الدائرة. هذا ولو كانت الدائرة متخصصة في نوع معين من الدعاوى.
ثالثاً : تاريخ تقديم الصحيفة لقلم الكتاب : أي تاريخ إيداعها فيه. والمقصود تحديد اليوم والشهر والسنة والساعة بدقة . ذلك أن الدعوى تعتبر مرفوعة من هذا الإيداع . ومن الطبيعي أن هذا التاريخ لا يثبت في الصحيفة وصورها إلا عندما تقدم لقلم الكتاب.
رابعاً : توقيع محام : حيث يوجب القانون هذا التوقيع لصحة رفع الدعوى ، ولا يشترط أن يكون المحامي الذي وقع الصحيفة هو الذي حررها، ويجوز أن يوقع معه محام تحت التمرين لا يحق له التوقيع عليها وقد حكم بأنه يكفي لتحقيق الغرض الذي قصد إليه المشرع من توقيع محام توقيعه على أصل الصحيفة أو على صورتها المقدمة القلم الكتاب . فالتوقيع على الأصل أو على الصورة يكفي .
بطلان رفع الدعوى :
يعتبر رفع الدعوى عملاً إجرائياً يخضع للقاعدة التي سبق بيانها بالنسبة البطلان الأعمال الإجرائية بصفة عامة . ويلاحظ أن مخالفة طريقة رفع الدعوى التي ينص عليها القانون يؤدي إلى بطلان العمل . وهو بطلان يتعلق بالنظام العام لتعلقه بأسس التقاضي . كما يلاحظ أنه بالنسبة للبطلان لعيب شکلی ، لم تنص المادة 63 على البطلان صراحة جزاءاً لتخلف أي بيان من بيانات الصحيفة . ولهذا فإن العمل لا يكون باطلاً إلا إذا أثبت المتمسك بالبطلان أن الغاية من بيان معين لم تتحقق بسبب ما شابه من نقص أو عيب . ولا يستثنى من جزاء البطلان إلا بيان موطن مختار في البلدة التي بها مقر المحكمة ( 5/63) ، إذ رتب القانون جزاءاً خاصاً على تخلفه أو تعيبه هو صحة إعلان المدعى عليه (أو ممثله) بالأوراق المتعلقة بالدعوى في قلم كتاب المحكمة (مادة 12 مرافعات).
ويجب إعمال القواعد المتعلقة بمرونة الشكل . قبل القول بوجود نقص أو عيب في بيان ما . كما يلاحظ ما سبق بيانه من أن عدم أداء الرسم لا يترتب عليه بطلان وإنما تستبعد المحكمة القضية من رول الجلسة (مادة 13 من ق 90 لسنة 1944). ولهذا فإنه إذا قبل قلم الكتاب - خطأ – الصحيفة دون اقتضاء الرسم المقرر أو دون اقتضائه بالكامل ، فإن رفع الدعوى يعتبر صحيحاً غير مشوب بالبطلان.
آثار المطالبة القضائية :
يترتب على مجرد رفع الدعوى ، وقبل إعلانها للمدعي عنه عدة آثار وتترتب هذه الآثار منذ رفع الدعوى ، ولو حكم بعدم تخصص بها وأحيلت إلى المحكمة المختصة بها. كما تترتب منذ رفع الدعوى المدنية التابعة للدعوی الجنائية ولو أحالت المحكمة الدعوى إلى المحكمة المدنية للفصل فيها.
ويمكن تقسيم آثار رفع الدعوى إلى مجموعتين : الأولى آثار إجرائية تتعلق بالخصومة وتنبع مباشرة من الطلب سواء كان المدعي محقا في دعواه أم لا ، والثانية آثار موضوعية تتعلق بالرابطة الموضوعية محل النزاع أو بروابط مستمدة منها . وهذه الأثار تترتب على المطالبة القضائية إذا كان المدعي له الحق في الدعوى ، ولهذا فهي آثار لا تتأكد إلا في لحظة الحكم.
أولاً : الآثار الإجرائية : يترتب على المطالبة القضائية :
1- بدء الخصومة . ونتيجة لهذا إذا رفعت الدعوى نفسها أمام محكمة أخرى ، جاز الدفع بالإحالة لسبق رفع الدعوى.
2- يصبح الحق المطالب به منازعاً فيه ونتيجة لهذا لا يجوز للقضاء ولا لأعضاء النيابة أو المحامين وكتبة المحاكم والمحضرين الذين تقوم المطالبة أمام المحكمة التي يعملون بدائرتها شراء هذا الحق (471 مدنی).
3- يتحدد الوقت الذي ينظر فيه إلى ولاية واختصاص المحكمة بالدعوى . ولا يؤدي أي تغيير لاحق سواء في قيمة الشيء المطالب به أو في محل إقامة المدعى عليه أو في جنسية الخصوم أو في أية واقعة أخرى مؤثرة في تحديد الاختصاص إلى جعل المحكمة غير مختصة.
4- تحديد نطاق القضية كمحل للخصومة . وهو ما يتضمن تحديد سلطات كل من القاضي والخصوم.
5- تنشأ الخصومة بين أطراف معينين ولهذا فإنه إذا توفي أحد أطراف الخصومة بعد بدئها فإن الخصومة لا تنقضي بل تستمر في مواجهة الورثة ، ولو تعلق الأمر بدعوى لا تقبل الانتقال إلى الورثة . ذلك أن الورثة يستمدون صفتهم من مورثهم الذي تحددت صفته كطرف في الخصومة عند بدئها . ولا يستثنى من هذه القاعدة إلا حالة ما إذا كانت الدعوى بطبيعتها ذات صفة شخصية بحيث لا يتصور صدور حكم فيها بعد وفاة الخصم كدعوی الطاعة.
ثانياً : الآثار الموضوعية:
لأن الخصومة تقتضي نفقات كما تتطلب لتحقيق الهدف منها بعض الوقت ، فقد حرص القانون على أن يحصل صاحب الحق على حقه بواسطة الخصومة دون أن تقع تبعة أيهما على عاتقه . فصاحب الحق في الدعوى يجب ألا يضار من التجائه إلى القضاء ، إذ لا سبيل أمامه - بعد أن تقرر عدم اقتضاء الشخص حقه بنفسه - إلا هذه الوسيلة . وإعمالاً لهذا :
(أ) من يكسب القضية يحكم له بالمصاريف التي تحملها. وسنبحث موضوع مصاريف الخصومة فيما بعد.
(ب) الوقت الذي ينقضي في نظر الطلب يجب ألا يضر بالمدعي . ولهذا فإن الحكم الذي يقبل هذا الطلب يجب أن يطبق القانون كما لو كان هذا التطبيق يتم في لحظة تقديم الطلب . وتترتب على هذا المبدأ آثار هامة كان الفقه التقليدي يعتبرها آثاراً للحكم ويفسرها حيناً بأن «للحكم أثراً رجعياً» فآثار الحكم ترجع إلى وقت المطالبة القضائية . وحيناً آخر بأن «للحكم أثراً مقرراً»
فهو لا ينشئ حقاً جديداً . وكل من التفسيرين خاطىء . فمن ناحية ، ليس للحكم أثر رجعي إلا في حالات إستثنائية . ومن ناحية أخرى ، فان القول بأن للحكم أثراً مقرراً يعني أنه لا ينشئ حقاً جديداً ، وإنما يقرر حقاً موجوداً فلا علاقة لهذا بالآثار محل المناقشة . والواقع أن هذه الأثار ليست آثاراً للحكم ، وإنما هي آثار للمطالبة القضائية . وهي أثار تترتب نتيجة لأن المطالبة تحفظ حق المدعي كما هو عند رفع الدعوى إلى القضاء ، وذلك حتى لا يضار من تأخر المحكمة في نظر دعواه وأهم هذه الآثار هي :
1- إذا كان الشيء محل النزاع ينتج ثماراً فان حائزه الذي يحكم عليه برده للمدعي يجب عليه - بصرف النظر عن حسن نيته - أن يعيد إلى المدعي ثمار ما يحوزه إبتداءاً من وقت رفع الدعوى . ولا يرجع هذا – كما يقال عادة - إلى أن المطالبة التي تعلن للحائز تجعل الحائز سيء النية . فهذا القول لا يطابق الحقيقة ، لأن الحائز - ولو بعد إعلان الدعوى إليه - قد يكون حسن النية يعتقد أنه صاحب حق. وانما يرجع هذا الأثر إلى أن المدعى يجب أن يعامل كما لو كان قد تسلم الشيء الذي يطالب به يوم رفع الدعوى . ولهذا فإن من حقه ثمار هذا الشيء من هذا الوقت . ونتيجة لما تقدم فإن هذا الأثر يترتب - في القانون المصري - على العمل الذي يتم به رفع الدعوى وهو إيداع الصحيفة ، وليس منذ إعلان الصحيفة للمدعى عليه.
2- إذا كان محل الالتزام المطالب به مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت رفع الدعوى التزم المدعى عليه بدفع فوائده القانونية ، إذا طولب بها، منذ هذا الوقت (226 مدنی) . وذلك إعتباراً بأن المدعي من حقه أن يقبض دينه ، ويستفيد به منذ رفع الدعوى.
3- مرور الزمن منذ رفع الدعوى حتى صدور الحكم لا يؤدي إلى انقضاء حق المدعي . ويترتب هذا الأثر ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة ويشترط لترتيب هذا الأثر:
(أ) أن يكون رفع الدعوى صحيحاً . فإذا كان باطلاً فلا يرتب الأثر.
(ب) أن توجه الدعوى إلى الخصم أو من له صفة في تمثيله . فصحيفة الدعوى الموجهة إلى من ليس له صفة في تمثيل الخصم لا تقطع التقادم.
(ج) أن ترفع الدعوى أمام القضاء سواء أمام محكمة قضائية بالمعنى المفهوم لهذا الاصطلاح أو أمام جهة إدارية لها اختصاص قضائي . ولهذا فالشكوى المقدمة من العامل إلى مكتب العمل لمحاولة تسوية النزاع لا تقطع التقادم.
(د) أن يتعلق الأمر بدعوى موضوعية ولهذا لا ينقطع التقادم لمجرد رفع دعوى وقتية . (على أن الدعوى الموضوعية تقطع التقادم ولو رفعت أمام محكمة مستعجلة). إذ رفع الدعوى يقطع التقادم ولو رفعت إلى محكمة غير مختصة . ويقتصر أثر رفع الدعوى على الحق المطالب به وتوابعه التي تسقط بسقوطه دون أي حق آخر على أن المطالبة بجزء من الحق تعتبر قاطعة للتقادم بالنسبة للحق بأكمله ، إذا كانت هذه المطالبة الجزئية تدل في ذاتها على قصد صاحب الحق التمسك بكامل حقه . وتطبيقاً لهذا فإن المطالبة بتعويض مؤقت مقداره 10001 جنيه يقطع التقادم بالنسبة لكامل الحق إذ يدل على قصد الطالب التمسك بكامل حقه في التعويض.
(هـ) أن تنتهي الخصومة بحكم لصالح المدعی .
وترتب المطالبة القضائية هذا الأثر سواء تعلق الأمر بطلب أصلى بدأت به خصومة أم بطلب عارض أثناء الخصومة ما دام يعتبر طلباً للحصول على حماية قضائية موضوعية . فإذا كان الطلب العارض يتضمن تعديلاً للطلب الأصلي على نحو يجعله لا يتضمن المطالبة بحماية موضوعية للحق فإنه يترتب عليه زوال هذا الأثر للطلب الأصلي . ولهذا إذا عدل المدعي بالملكية طلبه إلى بطلان حكم مرسي المزاد زال هذا الأثر للدعوى الأصلية.
ومن ناحية أخرى فان الطلب القضائي يرتب هذا الأثر ولو كان طلباً إحتياطياً.
ويعبر المشرع (383 مدنی) عن هذا الأثر بأن التقادم ينقطع بالمطالبة . ولكن يعيب هذا التكييف أن من المقرر أنه إذا انقطع التقادم . فان مدة جديدة - هي المدة نفسها التي إنقطعت - تبدأ في السريان من وقت إنتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع (380 مدنی) . فهل يتحقق هذا بالنسبة للمطالبة ؟ الواقع أنه ما دامت الخصومة قائمة ، فإنه لا تبدأ مدة جديدة . فإذا انتهت الخصومة فإما أن تنتهي بحكم نهائي بقبول الطلب ، أي بحكم نهائي لصالح المدعي ، وعندئذ تبدأ مدة تقادم جديدة هي خمسة عشر سنة ( 2 / 385 مدني) أياً كانت المدة السابقة على الطلب . وهذه ليست مدة تقادم ترد على الدعوى التي رفعت بها المطالبة إذ هذه قد انقضت بالحكم النهائي ، بل مدة تقادم ترد على دعوى جديدة ناشئة عن الحكم أما إذا انتهت الخصومة بحكم برفض الطلب ، فلا يمكن الكلام عن تقادم إذ هذا الحكم يعني أنه لم يكن للمدعي حق في الدعوى يمكن أن يرد عليه تقادم وإذا انتهت الخصومة قبل الفصل في الموضوع فان الخصومة تزول والتقادم يعتبر أنه لم ينقطع ، فلا تبدأ أية مدة جديدة وهو ما يعني أنه في جميع الأحوال لا يحدث أي انقطاع للتقادم بالمعنى الصحيح .
4- إذا نقل المدعى عليه حيازة الشيء المطلوب إسترداده إلى آخر، فإن هذا الانتقال لا يؤثر في بقائه طرفاً في الخصومة وصدور الحكم ضده برد الشيء . كذلك إذا تصرف المدعى أو المدعى عليه في الحق المطالب به . فان هذا التصرف بعد المطالبة لا يغير أطراف الخصومة ، إذ تبقى هذه فی مواجهة المتصرف دون المتصرف إليه .
5- إذا اكتسب الغير حقاً على عقار محل مطالبة قضائية ، فإن هذا الحق لا ينفذ في مواجهة المدعي . على أنه حماية للغير يتطلب القانون السريان هذا الأثر تسجيل صحيفة الدعوى.
على أن مبدأ النظر في الطلب باعتباره يوم رفعه لا يؤخذ على إطلاقه . فمن المقرر إعمالاً لمبدأ الاقتصاد في الخصومة أنه لا يعمل به إذا لم يكن يحقق الهدف منه . ولهذا.
1- إذا تحققت الحماية القانونية للحق بوسيلة أخرى ولو غير ق ضائية كما لو صدر تشريع يقر للمدعي بحقه ، أو زال الإعتداء سبب الدعوى كما لو تم الوفاء للدائن أثناء الخصومة ، فان الدعوى تنقضي فلا ينظر فيها القاضي باعتبارها يوم رفعها.
2- إذا رفعت الدعوى قبل حلول أجل الدين . وحل الأجل بعد المطالبة وقبل صدور الحكم ، فإنه يجب نظر الدعوى رغم أنها تعتبر غير مقبولة باعتبارها يوم رفعها.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 15)
رفع الدعوى
لكل حق دعوى تحميه لا تنفك عنه : تعريف الحق :
الحق، هو سلطة لشخص يقرها القانون ويخول له حمایتها، فحق الملكية هو سلطة يقرها القانون للمالك ويخول له اللجوء إلى القضاء لحمايته، وحق الشفعة هو سلطة يقرها القانون للشفيع ويخول له حمایته رضاء أو قضاء.
ويرى البعض أن الحق، قدرة لشخص على أن يقوم بعمل معين يمنحها القانون ويحميها تحقيقاً لمصلحة يقرها، أو هو، سلطة يقرها القانون لشخص بمقتضاها يكون له ميزة القيام بعمل معين، أو هو، رابطة قانونية بمقتضاها يخول القانون شخصاً علي سبيل الانفراد والاستئثار التسلط علي شيء أو إقتضاء أداء معين من شخص آخر، أو هو، صلة بين طرفين تنطوي علي مصلحة يقرها القانون.
الحق والرخصة:
لئن كان الحق هو سلطة لشخص يقرها القانون ويخول له حمايتها، فإن الرخصة هي عمل من أعمال التسامح ترد علي إستعمال حق للغير ولا يخول القانون صاحبها حماية ما في مواجهة صاحب الحق وحده وإن كانت تخوله حمایتها ضد غيره ممن يتعرضون له في إستعمالها، فلصاحب الطريق الخصوصي أو المسقي الخصوصي سلطة عليه يقرها القانون ويخول له حمايتها، فهو حق، فإن لم يعترض علي إستعمال الغير له ، فقد رخص له في استعماله، وهذا لا يحول دونه وطلب الكف عن هذا الاستعمال مهما كان الوقت الذي إنقضى عليه، وهذا الطلب لا تعسف فيه لمشروعيته لإقرار القانون له، ذلك أن الرخصة لا تكسب حقاً مهما إنقضي عليها من وقت. ولكن يجوز لصاحب الرخصة أن يطلب منع تعرض غير صاحب الحق له بدعوي مباشرة ضد المتعرض استناداً إلى تلك الرخصة.
وانظر المادة الخامسة فيما يتعلق بورود التعسف علي الحقوق وحدها دون الرخص.
أنواع الحق
الحق إما أن يكون سياسية، كحق تولي الوظائف العامة، وحق الإنتخاب، وحق الترشيح. وإما أن يكون مدنياً وينقسم هذا إلى حقوق عامة وحقوق خاصة، وتتفرع الأخيرة إلى حقوق الأسرة وحقوق مالية، والحقوق المالية تنقسم إلى حقوق عينية وهي التي ترد على أشياء معينة كحق الملكية وحق الإنتفاع وحق الإستعمال وحق السكني وحق الحكر وحق الارتفاق وحق الرهن وحق الاختصاص وحق الامتياز. كما تنقسم إلى حقوق شخصية ، وهي التي تنشئ إلتزامات شخصية في ذمة المدين بها، فهي علاقة بين شخصين، أحدهما دائن والآخر مدين، وبموجب هذا الحق يلتزم المدين بالقيام بعمل أو بالإمتناع عن عمل. كما تنقسم إلى حقوق ذهنية كحق المؤلف علي مؤلفاته وما تضمنتها من أفكار تتمثل في حقوق ذهنية أو معنوية.
فإن نشأ حق على نحو ما تقدم كان محمياً بالقانون، والسبيل إلى ذلك هو الطلب القضائي المتمثل في الدعوى، وحينئذ تعتبر الدعوى من توابع الحق الذي تحميه متى وجدت صلة بين المدعي وهذا الحق ، وهذه الصلة لا تتحقق إلا بنشوء الحق، وهو ما تتوافر به صفة المدعى وتتحقق مصلحته في رفع . الدعوى متى توافر العنصران الآخران من عناصر المصلحة.
أما إن لم يكن الحق قد نشأ بعد، فلا يتوافر لدى المدعي إلا الأمل في نشوئه ، وحينئذ لا توجد دعوى يستطيع المدعى رفعها، لأن الدعوى تتبع الحق وحده. أما الأمل، فلا يتحقق به إلتزامات أو حقوق وتلك وحدها هي التي يحميها القانون عن طريق اللجوء للقضاء، وطالما لم ينشأ حق للمدعي ، فيمتنع عليه طلب الحماية وإلا كانت دعواه خليقة بالرفض وليس بعدم القبول، لأن عدم القبول يتطلب وجود حق ولكن يفتقد المدعى صلته به.
مثال ذلك. أن يوجه البائع الدعوة للتعاقد على عين معينة، ويحدد الشروط التي يجب على من وجهت إليه تلك الدعوى تنفيذها، کسداد دفعات نقدية في مواعيد محددة، فإن قام بذلك، اعتبر ذلك إيجاباً ، فلا يترتب عليه نشوء حقه إلا بصدور قبول من البائع. أما إذا أخل بأي من هذه الشروط، سقطت الدعوة ، مما يحول دون من وجهت إليه ورفع دعوى قضائية وإلا كان مصيرها الرفض، لأن الدعوة للتعاقد لا تنشئ حقاً إلا إذا تلاقي الإيجاب بالقبول، أما قبل ذلك، فإن كل ما يترتب عليه مجرد الأمل في إبرام عقد البيع.
نطاق اللجوء للجان التوفيق قبل رفع الدعوى:
أوجب القانون رقم 7 لسنة 2000 الخاص بلجان التوفيق على كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، أن تنشئ لجنة أو أكثر، للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية، التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها، أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة.
وينعقد الاختصاص للجان التوفيق بكل منازعة تنشأ على هذا النحو، ويترتب على مخالفة هذا الإختصاص واللجوء مباشرة إلى المحكمة، ألا تقبل الدعوى ، ومن ثم يجب على المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى وتقف عند هذا الحد. ولا يجوز لها أن تقضي بعدم الإختصاص والإحالة لأن مناط ذلك أن تكون الدعوى مقبولة لديها، ولا يحول القضاء بعدم القبول دون رفع دعوى جديدة بعد الإلتزام بأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 ، فإن تصدت محكمة الدرجة الأولى للدعوى رغم عدم لجوء المدعي اللجان التوفيق، ثم قضت المحكمة الإستئنافية بإلغاء الحكم فإنها تقضي كذلك بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل اللجوء للجان التوفيق، ولا يحول تصدي محكمة الدرجة الأولى للموضوع دون رفع الدعوى من جديد، باعتبار أن عدم القبول في هذه الحالة يتعلق بشكل الدعوى وليس من قبيل الدفع بعدم القبول الذي تعنيه المادة (115) من قانون المرافعات.
وقد إستثنى القانون رقم 7 لسنة 2000 بعض المنازعات من أحكامه حسبما نصت عليه المادتان (4)، (11) منه والمادة (2) من قرار وزير العدل رقم 4213 لسنة 2000 وتنصرف هذه الإستثناءات في :
(1) المنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي من أجهزتها طرفاً فيها.
(2) المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية. وتنصرف إلى كافة المنازعات التي تتعلق بعقار، كدعاوی الحقوق العينية الأصلية أو التبعية ودعاوی الحيازة، يستوي أن تكون الدعوى، دعوى عقارية أو شخصية عقارية کدعوی صحة ونفاذ عقد وارد على عقار أو دعوى بالتزام البائع أو المقايض أو الواهب أو الشريك في شركة بتنفيذ إلتزامه بتسليم العقار أو عدم تعرضه للمدعي.
(3) المنازعات التي يوجب القانون فضها أو تسويتها أو نظر التظلمات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية.
(4) المنازعات التي تقرر لها القوانين أنظمة خاصة بها تنفرد بالاختصاص بها.
(5) المسائل المستعجلة.
(6) منازعات التنفيذ الموضوعية والمستعجلة.
(7) الطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض.
(8) الطلبات الخاصة بأوامر الأداء.
(9) طلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ.
(10) إختصام الغير مع أي من هذه الجهات، كإختصام التابع لأي منها معها وإختصام المقاول الذي يقوم بتنفيذ بعض الأعمال لأي منها، وذلك على ما أوضحناه ببند «الدفع الشكلي بعدم القبول لعدم اللجوء للجان التوفيق» بالمادة (108) فيما يلي.
رفع الدعوى
يختلف رفع الدعوى في قانون المرافعات الحالي عنه في القانون السابق. وكانت صحيفة افتتاح الدعوى في القانون الأخير بمثابة ورقة من أوراق المحضرين يجب أن تشتمل على جميع البيانات الواجب ذكرها في هذه الأوراق، وكانت الدعاوى ترفع بإعلان صحيفتها، ويختلف الوضع في القانون الحالي، فلم تعد صحيفة افتتاح الدعوى من أوراق المحضرين ولم يوجب القانون أن تشتمل على البيانات الواجب ذكرها في هذه الأوراق، ومن ثم يكفي لصحتها إشتمالها على البيانات التي حددتها المادة (63) من القانون الحالي، وعند إعلانها يرفق بها ورقة الإعلان مشتملة على جميع البيانات الواجب ذكرها في أوراق المحضرين والمنوه عنها بالمادة التاسعة ، ومع ذلك فقد استمر العمل على ما كان عليه في ظل القانون السابق بتحرير صحف الدعاوى متضمنة بيانات أوراق المحضرين، ومن ثم تخضع في هذه الحالة للبطلان الذي . تقرره المادة (19) من القانون الحالي.
وترفع الدعوى في ظل القانون الحالي بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة وقيدها بجدول قيد القضايا، وتترتب آثارها كمطالبة قضائية بمجرد هذا الإيداع ولو لم تعلن صحيفتها، فيقطع التقادم وتسرى الفوائد ويلتزم من تسلم غير المستحق برد الفوائد والثمرات ولو كان حسن النية إذ ينص القانون على ترتيب هذه الآثار على المطالبة القضائية ، أما باقي الآثار التي تترتب على إنعقاد الخصومة ، فلا تتحقق إلا بعد إعلان الصحيفة أو حضور المدعى عليه ، کاتصال المحكمة بطلبات الخصوم وأوجه دفاعهم، وتحديد الوقت الذي يزول فيه حسن نية الحائز، إذ رتب القانون هذه الآثار على إعلان الصحيفة أو حضور المدعى عليه.
فالفيصل في نشوء الآثار التي تترتب على إيداع الصحيفة أو إنعقاد الخصومة في الدعوى، هو نص القانون، كنص المواد (226)، (383)، (185)، (966) من القانون المدني، (68) من قانون المرافعات. وإن نص القانون على رفع بعض الدعاوى بغير طريق الإيداع، تعين الالتزام بهذا الطريق.
فإذا رفعت الدعوى بغير الطريق الذي رسمه القانون تعين القضاء بعدم قبولها وتقضي المحكمة بذلك من تلقاء نفسها.
وتعتبر الصحيفة قد أودعت عند قيدها إذ تنقل بياناتها في ذلك الوقت إلى السجل المعد لذلك، وهو جدول قيد القضايا، ومن ثم لا يكفي لتوافر الإيداع تقدير الرسوم بمعرفة قلم الكتاب أو سدادها فتلك مرحلة سابقة على إيداع الصحيفة وبالتالي على رفع الدعوى
وعملاً بالمادة (110) من قانون المرافعات، تعتبر الدعوى مرفوعة إلى المحكمة المحال إليها بموجب الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة، إذ تلتزم هذه المحكمة بقيد الدعوى بجدولها ونظرها، متی تعلقت الإحالة بطلبات مما تختص به المحكمة المحال إليها بصفة أصلية.
وإذا أصدر قاضي الأمور المستعجلة حكما بعدم إختصاصه بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة الموضوع، فإن الدعوى تكون مقبولة أمامها إذا كانت الطلبات الأصلية فيها أو المعدلة ، والتي طرحت في الدعوى المستعجلة ، هي طلبات موضوعية مما لا يختص بها قاضي الأمور المستعجلة، وحينئذ يكون في حكم الإحالة وفقاً للدعوى الموضوعية بطريق أقره القانون.
أما إن كانت الدعوى المستعجلة لم تقدم فيها طلبات موضوعية، وإنما طلبات وقتية، لم يتوافر في شأنها شرط الإستعجال ، تعين على قاضي الأمور . المستعجلة أن يقضي بعدم إختصاصه والوقوف عند هذا الحد. فإن أمر بالإحالة إلى محكمة الموضوع، وجب عليها أن تقضي بعدم قبولها لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.
وإذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية تبعاً للدعوى الجنائية ، فإن الدعوى المدنية تكون مقبولة، إذ تكون قد رفعت بالطريق الذي رسمه القانون، فإن رأى القاضي الجنائي أن من شأن هذه الدعوى تعطيل الفصل في الدعوى الجنائية ، قضى في الدعوى الأخيرة وأمر بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة، فإنه يترتب على تلك الإحالة إعتبار الدعوى المدنية مرفوعة أمام المحكمة المدنية دون حاجة لإتخاذ إجراء آخر الاتصال تلك المحكمة بالدعوى، وتظل لتلك الدعوى كافة الآثار التي ترتبت على رفعها أمام المحكمة الجنائية.
رفع الدعوى بإيداع صحيفتها دون إعتداد بسداد الرسم :
الإجراء الذي يتم به رفع الاستئناف - ويسرى بالنسبة للدعوى - هو تقديم صحيفته إلى قلم الكتاب لقيدها عملاً بالمادتين (67) ، (230) من قانون المرافعات ولا تلازم بين ذلك وبين واقعة أداء الرسم. اعتبار الصحيفة مودعة قلم الكتاب من تاريخ سداد الرسم عنها خطأ في تطبيق القانون. (نقض 1985/12/12 طعن 1917 ؛ نقض 1988/3/16 طعن 1073 س 54 ق).
ترفع الدعوى مثل دعوى التعويض من المضرور ضد من أحدث الفعل الضار، فإذا تعدد أحد طرفي الدعوى، وجب لقبولها وجود رابطة قانونية تربط بين هؤلاء المتعددين تجيز لهم أن يمثلوا مجتمعين في الدعوى، بحيث لو انتفت تلك الرابطة ، كان يتعين على كل منهم اتخاذ إجراء فردي خاص به وحده ، ويترتب على مخالفة ذلك أن تكون الخصومة لم توجه في الشكل الذي يتطلبه القانون، مما يجوز معه للمدعي عليه الدفع بعدم قبول الدعوى، وهو دفع شکلی غير متعلق بالنظام العام، ومن ثم يجب التمسك به قبل التصدي للموضوع وإلا سقط الحق فيه.
وتتوافر الرابطة القانونية في الدعوى ، بالنسبة للمدعيين أو المدعى عليهم، إذا جمع المتعددين التزام تضامني أو إلتزام تضامني، كمسئولية التابع والمتبوع والمؤمن في حوادث السيارات، إذ تكون مسئولية التابع والمتبوع تضامنية فيما بينهما، ومسئوليتهما تضامنية بالنسبة للمؤمن، وبالتالي يجوز للمضرور أن يرجع على هؤلاء مجتمعين، ويكون كل منهم مسئولاً عن كل ما يقضي به من تعويض عملاً بقواعد التضامن والتضامم على التفصيل الذي تناولناه بصدد مسئولية المؤمن في كتابنا «المسئولية المدنية». ويتوافر التضامن إذا تعدد المسئولون في العمل غير المشروع على ما تنص عليه المادة 169 من القانون المدني، أما في المسئولية العقدية ، فلا يتوافر التضامن إلا باتفاق عليه أو بنص في القانون. فإذا انتفى التضامن أو التضامم ، انتفت بالتالي الرابطة بين المتعددين في دعوى التعويض، مثال ذلك إذا تعدد المصابون في حادث إنقلاب سيارة أو قطار، وبالتالي لا يجوز أن تجمعهم صحيفة واحدة، وأيضاً إذا تعدد البائعون بأن باع كل منهم شيئاً مستقلاً ولو كان المشتري شخص واحد وتحرر عقد واحد، إذ تتعدد الصفقات، وبالتالي لا يجوز للبائعين، في حالة إخلال المشتري بالتزاماته ، أن يرجعوا عليه جميعاً بصحيفة واحدة بطلب التعويض.
كما تتوافر الرابطة القانونية عندما تكون الدعوى غير قابلة للإنقسام، فقد يرفع المضرور دعوى التعويض، ثم يتوفى قبل الفصل فيها، فيحل فيها ورثته بذات الطلبات، وبالتالي يعتبر التعويض المطلوب عنصراً في التركة غير : قابل للإنقسام قبل صدور حکم بات به ، وتكون الدعوى قد استوفت الشكل المقرر لها، خلافاً للدعوى التي يرفعها الورثة للمطالبة بتعويض عما أصاب كل منهم إذ يتعين أن يستقل كل وارث بدعوى.
فإن كان المورث قد قضى قبل وفاته بإلزامه بالتعويض، فإن مبلغ التعويض يكون عنصراً من عناصر ذمة المورث، فلا يقبل الانقسام بين الورثة، وبالتالي يرجع المضرور على جميع الورثة بصحيفة واحدة لإلزامهم بأداء التعويض من تركة مورثهم. ولا يحول دون صدور حكم بذلك أن يقيم الورثة الدليل على أن مورثهم لم يترك شيئاً ، لأن الحكم ينحصر في تركة المورث فإن لم توجد تركة ظاهرة فقد تظهر للمورث حقوق بعد ذلك، فينفذ - المضرور عليها.
رفع الدعوى فيما بين المحاميين أو ضد محام :
تنص المادة (133) من قانون المحاماة الصادر بالقانون 61 لسنة 1968 والمعمول به من تاريخ نشره في 1968/11/13 على أنه لا يحق للمحامي أن يقبل الوكالة في دعوى أو شكوى مقدمة ضد زميله قبل الحصول على إذن من مجلس النقابة الفرعية ويجوز في حالة الإستعجال صدور الإذن من رئيس . المجلس. وإذا لم يصدر الإذن في الدعاوى المدنية خلال أسبوعين من تاريخ تقديم الطلب كان للمحامي أن يتخذ ما يراه من إجراءات قضائية مباشرة.
يكفي توافر شروط الدعوى وقت رفعها :
إذا تطلب القانون شروطا معينة لقبول الدعوى وتوافرت وقت رفعها، استقامت، ولا ينال من ذلك تخلف بعض هذه الشروط بعد ذلك.
تكون بإقامة دعوي فلا يكفي الكتاب المسجل أو المطالبة الودية أو الإنذار الرسمي علي يد محضر ولا اتخاذ الإجراءات التحفظية كطلب وضع الاختام وكوضعها بالفعل أو قيد الرهن أو تجديد القيد أو المطالبة القضائية أمام قاضي الامور المستعجلة لانها اجراءات وقتية لا تمس أصل الحق دعوي اثبات الحالة وسائر الدعاوي المستعجلة ، أو طلب المعافاة من الرسوم القضائية أو التظلم المرفوع للسلطة القضائية خلافاً للمطالبة أمام لجنة ادارية ذات إختصاص قضائي فهذه تقطع المدة كذلك لا يقطع التقادم إيداع قائمة شروط البيع دون إعلانها للمدين ولا إعلان الحوالة للمدين، والمطالبة القضائية تشمل الدعوي والدفع ولا يشترط قيد الدعوي بالجدول فيكفي مجرد إيداع صحيفتها قلم الكتاب ولو لم تعلن ما لم يقضي باعتبارها كأن لم تكن كما لا يشترط سداد الرسوم القضائية ، وينقطع التقادم ولو رفعت الدعوي أمام محكمة غير مختصة محلياً أو نوعياً ، أو ولائياً ويشترط صحة صحيفة الدعوي فان كانت باطلة لا تقطع التقادم، واذا تركت الدعوي ترتب علي ذلك الغاء صحيفة الدعوى وإلغاء ما ترتب عليها من آثار فیعتبر انقطاع التقادم كأن لم يكن أما أن كان سبب الترك هو رفع الدعوي أمام محكمة غير مختصة فيظل الانقطاع قائما، والحكم بسقوط الخصومة لانقضاء سنة من آخر إجراء صحيح فيها بفعل المدعي وفقاً للمادتين 134 ، 136 مرافعات يترتب عليه الغاء صحيفة الدعوي بما ترتب عليها من آثار ومنها قطع التقادم، واذا وقف السير في الدعوي إنقضت الخصومة بمضي ثلاث سنوات على آخر اجراء صحيح فيها (م 140 مرافعات) دون حاجة لصدور حکم والغيت صحيفة الدعوي وما يترتب عليها من آثار ومنها قطع التقادم ويزول الإنقطاع بصدور حکم برفض الدعوي بحالتها فاذا عاد الدائن الي رفعها بعد استيفاء الشروط التي كانت غير متوافرة فيستطيع المدين دفعها بالتقادم اذا كان قد اكتمل اذ زال أثر الدعوي السابقة برفضها.
لكن اذا كان الشرط في الدعوي السابقة واللازم لقبولها، يجوز معه القضاء بوقفها تعليقاً علي تحققه، تعين علي المحكمة ألا تقضي بعدم قبول الدعوي لرفعها قبل الأوان أو القضاء برفضها بحالتها، لما يترتب علي هذا القضاء من زوال أثرها في قطع التقادم وهو ما يعرض الحق المرفوعة به إلى السقوط اذا اكتملت مدة تقادمه بعد صدور هذا الحكم، وعليها أن تقضي بوقفها تعليقا علي تحقق هذا الشرط، حتي لو طلب المدعي عليه أو المستأنف عليه الحكم بعدم قبول الدعوي لرفعها قبل الأوان، إذ ينصرف هذا الطلب في حقيقته إلى الوقف التعليقي ، والا تكون المحكمة قد قضت بما لم يطلبه الخصوم ، بحيث إذا تحقق الشرط، قام المدعي بتعجيل السير في دعواه التي تظل محتفظة بكافة آثارها ومنها قطع التقادم، مثال ذلك أن يرفع المضرور دعوي التعويض عن جنحة الإصابة الخطأ ويقضي ابتدائياً بحبس المتهم فيستأنف ويحضر عنه محام بتوكيل فتقضي المحكمة الاستئنافية بتأييد الحكم وتصف حكمها بأنه حضوري بتوكيل، فيرفع المضرور دعوي التعويض مستنداً إلى الحكم الجنائي الإستئنافي ، فيدفع المدعي عليه بعدم قبول الدعوي لعدم صدور حكم جنائي بات باعتبار أن الحكم الاستئنافي هو في حقيقته حكم غيابي وقد وصفته المحكمة خطأ بأنه حضوري، وهو دفاع صحيح إذ يعتبر هذا الحكم غيابياً وبالتالي يكون بمثابة إجراء قاطع للتقادم، يبدأ من تاريخ صدوره بدء تقادم الدعوى الجنائية، ومتي أكتمل هذا التقادم بدأ تقادم دعوي التعويض وهو ما قد يؤدي الي سقوطها بالتقادم اذا قضي بعدم قبول الدعوي، خلافاً لما اذا قضي بوقفها تعليقا على صدور حکم جنائي بات ، فان تبين أن الحكم لم يعلن ولم يعارض فيه معارضة إستئنافية ظل إجراءً قاطعاً للتقادم ولا يجوز الطعن فيه بالنقض لأن الحكم الإستئنافي اذا كان يجوز الطعن فيه بالمعارضة فلا يجوز الطعن فيه بالنقض، ومتي إنقضي علي صدوره ثلاث سنوات، إنقضت الدعوي الجنائية بالتقادم وإستحال تبعاً لذلك صدور حکم جنائي بات فيها، وهو ما يكفي لتعجيل السير في دعوي التعويض الموقوفة، لأن المقرر أنه إذا أوقفت الدعوي تعليقاً على صدور حکم بات من محكمة النقض وتبين عدم رفع طعن بالنقض، كان ذلك كافياً لتعجيل السير في الدعوي.
الطلبات في الدعوى
الطلبات الأصلية والاحتياطية :
الطلب الذي تلتزم المحكمة بالتصدي له قبولاً أو رفضاً ، هو الذي يقدم لها في صيغة صريحة جازمة تدل على تصميم صاحبه عليه، ويقرع به سمع المحكمة وحينئذ يجب عليها أن تبين الأسباب التي أدت بها إلى قبوله أو رفضه ، وإلا كان قضاؤها مشوباً بالقصور في التسبيب ، فلا يكفي سرد التقريرات القانونية التي تعد أساساً للطلب ، مثال ذلك سرد القواعد المتعلقة بالتضامن وتحققها بالنسبة للمدعى عليهم دونه أن يطلب المدعى إلزامهم بالوفاء بالتزامهم على سبيل التضامن.
وبذلك يختلف الطلب عن أوجه الدفاع الموضوعية، إذ لا يقصد بهذه الأوجه إلا الرد على طلبات الخصم فتقضي المحكمة برفضها وتقف عند هذا الحد إذا ما اطمأنت لهذه الأوجه.
مثال ذلك. أن يرجع المالك علي حائز العقار بالريع، فيتمسك الحائز بتملك العقار بالتقادم دون أن يطلب الحكم بتثبيت ملكيته له، وبذلك يكون الحائز قد دفع دعوي المالك بدفع موضوعي ولم يطلب القضاء بشيء لنفسه.
والطلبات التي تحدد نطاق الدعوى وتلتزم المحكمة بالتصدي لها، هي الطلبات الختامية، سواء تضمنها محضر الجلسة أو مذكرة قدمها الخصم، وحينئذ يكون المدعي قد عدل من طلباته التي تضمنتها صحيفة إفتتاح الدعوى مما يحول دون المحكمة والفصل في الطلبات الأخيرة، وإلا كان قضاؤها وارداً على ما لم يطلبه المدعي، فإن كان ذلك عن سهو وعدم إدراك لما تضمنه محضر الجلسة أو المذكرة، فإنه يجوز الطعن في الحكم بالتماس إعادة النظر، أما إن كان ذلك عن قصد وإدراك، فإن الطعن يكون بالإستئناف .
وإذا قدم الخصم طلبا أصليا وآخر إحتياطياً ، وإجابته المحكمة إلى طلبه الأصلي، فلا تلتزم بعد ذلك بالتصدي للطلب الاحتياطي لأن مناط تصديها للطلب الأخير أن ترفض إجابة الطلب الأصلي. فإن أجابت المدعى إلى الطلب الأصلي، ثم قضت محكمة الإستئناف بإلغاء الحكم، فلا يجوز لها التصدي للموضوع وإنما يجب عليها أن تعيد الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى للفصل في الطلب الاحتياطي الذي يبقى معلقاً أمامها في حالة إلغاء الحكم الصادر في الطلب الأصلي.
وإذا رفضت محكمة الدرجة الأولى الطلب الأصلي وقضت بإجابة الطلب الإحتياطي، فإن إستئناف الحكم في الطلب الأخير يستتبع حتماً إستئناف الحكم الصادر في الطلب الأصلي.
إستئناف الحكم الصادر في الطلب الاحتياطي:
قد تتضمن صحيفة افتتاح الدعوى عدة طلبات للقضاء بها جميعاً بصفة أصلية بحيث إن رفضت المحكمة أحدها كان للمدعي استئناف الحكم لعدم القضاء له بكل طلباته. وقد تتضمن الصحيفة طلبين للقضاء بأولهما بصفة أصلية أو بثانيهما بصفة احتياطية ، فإذا قضت المحكمة بأحدهما کاملاً ، فإنها تكون قد أجابت المدعى إلى ما طلب وحينئذ لا يجوز له استئناف الحكم بسبب رفض الطلب الآخر، أما إن لم تقض بكامل الطلب فإنها لا تكون قد أجابته ويجوز لكل من المدعي والمدعى عليه إستئناف الحكم، فإن تعلق الإستئناف بالطلب الإحتياطي، استتبع ذلك حتماً إستئناف الحكم الصادر في الطلب الأصلي، والتزمت المحكمة الإستئنافية بنظر الطلبين معاً سواء كان الحكم في الطلب الأصلي صادراً قبل الحكم المنهي للخصومة كلها أو معه، ولها تبعاً لذلك تأييد الحكم المستأنف أو إلغاؤه أو تعديله بتكملة الطلب الإحتياطي أو بالقضاء بالطلب الأصلي ورفض الطلب الإحتياطي كل ذلك سواء كان المستأنف هو المدعي أو المدعى عليه وحتى لو كان في القضاء بالطلب الأصلي إضرار أكثر بالأخير وكان الإستئناف مرفوعاً منه وحده ، طالما أن إستئناف الحكم في الطلب الأصلي يقع بقوة القانون.
والقاعدة التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة (229) من قانون المرافعات قد استحدثها المشرع إذ لم يكن يعرفها القانون السابق الذي كان يوجب إستئناف كل حكم موضوعي يصدر قبل الحكم المنهي للخصومة كلها ولو تعلق بالطلب الأصلي وإلا حاز قوة الأمر المقضي .
وإن كان المحكوم له في الطلب الأصلي غير المحكوم عليه في الطلب الإحتياطي الذي قضى به للمدعي، وجب اختصامه في الاستئناف ولو بعد الميعاد.
وإذا رفضت محكمة الدرجة الأولى الطلب الأصلي وتخلت عن الفصل في الطلب الإحتياطي بحفظ حق المدعى في رفع دعوى جديدة للمطالبة به ، كان حكمها مشوباً بمخالفة القانون الذي يوجب عليها إن رفضت الطلب الأصلي التصدي للطلب الإحتياطي لتقضي فيه قبولاً أو رفضاً، ومتى طعن في قضائها، طرح الطلبان على المحكمة الإستئنافية والتزمت بالتصدي لهما، حينئذ يكون لها إجابة أحد الطلبين ورفض الآخر أو رفضهما معاً.
ومتى رفضت محكمة الدرجة الأولى الطلب الأصلي وأجابت الطلب الإحتياطي، وكان استئناف الحكم الصادر في الطلب الإحتياطي يستتبع طرح الشق الخاص برفض الطلب الأصلي مما يتعين معه أن يكون المحكوم له في هذا الطلب مختصماً في الإستئناف إن لم يكن هو المحكوم عليه في الطلب الإحتياطي، وهو ما يوجب إختصامه حتى لو كان ميعاد الإستئناف قد انقضى، وتكلف المحكمة المستأنف باختصامه وإدخاله خصماً في الإستئناف ويكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الاستئناف.
وإذا أجابت المحكمة المدعي للطلب الأصلي ، فإنها تقف عند هذا الحد دون أن تتصدى للطلب الاحتياطي ، فإذا ألغت المحكمة الإستئنافية هذا القضاء ، وجب عليها إعادة الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى لتفصل في الطلب الاحتياطي إذ لم تستنفذ ولايتها فيه عملاً بالمادة (234 ) من قانون المرافعات.
وهو ما يتطلب أن تكون مختصة بكل من الطلبين أو على الأقل بطلب الأول في حالة إجابة المدعى إليه إذ في هذه الحالة لا تتصدى للطلب الثاني ، فإن لم تكن مختصة بالطلب الأول امتنع عليها التصدي له، وباعتباره هو الأصل، فإنه يمتنع عليها التصدي للطلب الثاني حتى لو كانت مختصة به.
وإذا كانت مختصة بالطلب الأول دون الطلب الاحتياطي وقضت للمدعى بطلبه الأصلي، ثم ألغى الحكم إستئنافياً، وهو ما يوجب على المحكمة الاستئنافية إعادة الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل في الطلب الاحتياطي : وطالما أن المحكمة الأخيرة غير مختصة به، فإن المحكمة الاستئنافية لا تعيد الطلب الاحتياطي لمحكمة أول درجة وإنما تقضي بعدم اختصاصها بنظره وتأمر بإحالته إلى المحكمة المختصة.
انصراف لفظ «الطلب» إلى «رفع الدعوى»:
الطلب القضائي، في معنى قانون المرافعات أو أي قانون آخر، نصرف إلى الإجراء الذي يتقدم به المدعي إلى القضاء لاستصدار حكم أو أمر من القضاء يحقق له مايرمي اليه من وراء هذا الإجراء.
وقد يتمثل الطلب القضائي في صحيفة تودع قلم كتاب المحكمة، فإذا تطلب القانون إعلانها بعد إيداعها، كانت تلك الصحيفة هي التي تفتتح بها الدعوى، وهو ما يتطلبه قانون المرافعات في الدعاوى التي ترفع بهذا الطريق، سواء تعلقت الصحيفة بمنازعة خاضعة للقانون المدني أو التجاري أو أي قانون آخر طالما لم يتضمن طريقة أخرى لطرح الطلب القضائي على القضاء.
وقد يتمثل الطلب القضائي في صحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ولكنها لاتعلن، وحينئذ تعتبر الصحيفة في حقيقة المراد منها منطوية على عريضة يقوم قلم الكتاب بعد إيداعها به، بعرضها على رئيس المحكمة - رئيس الدائرة المختصة - لتحديد جلسة لنظر الطلبات الواردة بالصحيفة وإصدار حكم بها مثال ذلك أن نص المادة 553 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 جری بأنه «يجب على التاجر أن يطلب شهر إفلاسه خلال خمسة عشر يوماً من تاریخ توقفه عن الدفع ويكون الطلب بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة تذکر فيه - أي في الطلب ولم يتضمن النص عبارة يذكر فيها وبذلك يكون المشرع قد صرف لفظ الصحيفة إلى الطلب وهو بمثابة عريضة - أسباب التوقف عن الدفع».
يدل ذلك، على أن المشرع اذا عبر عن الطلب القضائي بصحيفة تودع قلم کتاب المحكمة، فلا يعني ذلك الالتزام حتماً بالإجراءات التي تخضع لها الدعاوى التي ترفع بهذا الطريق من حيث إعلانها في مواعيد محددة وإلا أعتبرت كأن لم تكن.
كما أن الطلب القضائي قد يتمثل في عريضة يقدمها الدائن إلى قلم كتاب المحكمة لاستصدار أمر بالأداء ، اذ تنص المادة 203 من قانون المرافعات على أن يصدر الأمر بالأداء بناء على عريضة يقدمها الدائن. فالطلب القضائي قد يعبر عنه المشرع تارة بالصحيفة وتارة أخرى بالعريضة والمعنيان مترادفان، وقد يكتفي بلفظ الطلب، ويقصد بها جميعا الطلب القضائي وفقاً للإجراءات التي يخضع لها كل منها.
بيانات صحيفة الدعوي:
(1) تاریخ تقديم الصحيفة، وهذا البيان يقوم قلم الكتاب باثباته مع رقم الدعوى بالجدول في وقت قيد صحيفة الدعوى، ويؤشر على أصل الصحيفة وصورها برقم وتاريخ قيدها، وإذا أغفل قلم الكتاب هذا التأشير فلا يترتب عليه بطلان الصحيفة باعتباره إجراء تنظيمياً ويمكن التعرف على تاريخ تقديم الصحيفة لقلم الكتاب من واقع جدول قيد القضايا وذلك لترتيب الآثار المترتبة على إيداع الصحيفة قلم الكتاب.
(2) المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى، وهذا بیان جوهری يجب أن تتضمنه الصحيفة وإلا كانت باطلة ولكن لا يقضى بالبطلان في هذه الحالة إذا تحققت الغاية من الإجراء عملاً بنص المادة 114 الذي يجري بأن بطلان صحف الدعاوى واعلانها وبطلان أوراق التكليف بالحضور الناشىء عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة يزول بحضور المعلن اليه في الجلسة أو بايداع مذكرة بدفاعه، أما ان لم تتحقق هذه الغاية وتمسك المدعى عليه بالبطلان تعين على المحكمة أن تقضى به طالما أن الأخير لم يبد أي طلب أو دفاع في الدعوى عملاً بالمادة 108.
(3) وقائع الدعوى وطلبات المدعي وأسانيدها، ويكفي الإختصار الشديد بالنسبة للوقائع والأسانيد فلا يلزم إيضاحها ولا تبطل الصحيفة اذا خلت من أسانيد الدعوى إذ يقع على المدعى عبء اثباتها عند نظر الدعوى ، أما الطلبات فيجب أن تتضمنها الصحيفة أو تستفاد من سرد المدعى للوقائع إذ لم يستلزم القانون ورودها في موطن معين منها.
(4) تنص المادة 58 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 على أنه لا يجوز تقديم صحف الدعاوى وطلبات أوامر الأداء للمحاكم الإبتدائية والإدارية إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المقررين أمامها على الأقل، كما لايجوز تقديم صحف الدعاوى أو طلبات أوامر الاداء للمحاكم الجزئية إلا اذا كانت موقعة من أحد المحامين المشتغلين متى بلغت أو جاوزت قيمة الدعوى أو أمر الاداء خمسين جنيهاً، ويقع باطلاً كل إجراء يتم بالمخالفة لأحكام هذه المادة. مما مفاده أن توقيع المحامي على صحيفة افتتاح الدعوى من البيانات الجوهرية الواجب توافرها فيها وإلا كانت باطلة بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ولأي من الخصوم التمسك به ولا تتحقق الغاية من الصحيفة إلا باستيفاء هذا الشكل، ويجوز التوقيع عليها أمام المحكمة التي تنظر الدعوى في أي وقت بشرط ألا يكون القانون قد أوجب رفعها في وقت معين كما في دعوى الشفعة ، أما إن حدد القانون وقتاً لرفعها وانقضى هذا الوقت امتنع التوقيع على الصحيفة والتزمت المحكمة بالقضاء ببطلانها ولو من تلقاء نفسها.
ويعادل عدم التوقيع على الصحيفة أن يوقع عليها محام مقيد أمام درجة أدنى من درجة المحكمة التي رفعت أمامها الدعوى.
ومتى جاوزت قيمة الدعوى خمسين جنيهاً ، وهو النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي قبل رفعه إلى ألفي جنيه بموجب القانون رقم 18 لسنة 1999 الذي عدل المادة (43) من قانون المرافعات، وجب التوقيع على الصحيفة من محام عملاً بنص المادة (58) سالفة البيان وإلا كانت باطلة حتى لو كانت قيمة الدعوى لم تجاوز ألفي جنيه، ولانتفاء شروط التعديل الضمني لهذه المادة بموجب القانون رقم 18 لسنة 1999.
ولا يساغ القول بأن مناط التوقيع أن تجاوز قيمة الدعوى النصاب الإنتهائى .
للقاضي الجزئي وفقاً لقانون المرافعات وقت رفع الدعوى، لأن هذا القول يصح اذا كان قانون المحاماه أحال إلى قانون المرافعات في هذا الخصوم أو أغفل النص على ذلك. أما وقد أورد المشرع نصاً خاصاً في قانون المحاماة ، وهو قانون خاص فيما يتعلق ببيانات صحيفة الدعوى، والنصاب المقرر للتوقيع على صحيفة الدعوى، فهو يقيد النص العام الوارد في قانون المرافعات. كما أن القانون الأخير لم يحدد القواعد المتعلقة بالتوقيع على صحف الدعاوى تاركاً ذلك لقانون المحاماة الذي حددها على نحو ما تقدم، فلا يعتد بالنصاب الانتهائي للقاضي الجزئي المحدد في قانون المرافعات.
ويترتب على ذلك أن صحيفة الدعوى التي لم تجاوز قيمتها الفی جنیه تكون باطلة بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام إن لم تكن موقعة من محام، وبالتالي فإن الحكم الذي يصدر في تلك الدعوى یكون بدوره باطلاً، ويجوز الطعن فيه بالإستئناف لاستناده إلى إجراءات باطلة أثرت فيه فشابته بالبطلان، رغم صدوره في حدود النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي.
وإن كان قانون المحاماة قد استعار نص المادة (42) من قانون المرافعات عندما كان النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي خمسين جنيهاً ، فإنه يترتب على هذه الاستعارة التي تضمنتها المادة (58) من قانون المحاماة إستقلال تلك المادة عن المادة (42) سالفة البيان، ويكون لكل منهما كيانه المستقل بحيث إذا طرأ تعديل على المادة الأخيرة فلا يمتد إلى المادة الأولى، إذ يشترط لهذا الإمتداد أن يكون قانون المحاماة قد أحال إلى المادة (42 ) إحالة مطلقة، إلا أن المشرع لم ينهج هذا النهج وإنما نقل نص المادة (42 ) معدة في نطاقها بأن أوجب التوقيع سواء بلغت القيمة خمسين جنيها أو جاوزت ذلك.
وإن كان بطلان صحيفة الدعوى لعيب شاب بياناتها، هو من الدفوع الشكلية التي يسقط الحق فيها بالتكلم في الموضوع. وأنه يجب التمسك بذلك في صحيفة الاستئناف وإلا سقط الحق في الدفع. إلا أن ذلك كله لايسرى على الدفع الشكلي المتعلق بالنظام العام مثل الدفع ببطلان صحيفة الدعوى لعدم التوقيع عليها من محام، فلا يرد عليه التنازل أو السقوط، وبالتالي يجوز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام المحكمة الإستئنافية ولو لم يسبق التمسك به في صحيفة الإستئناف.
وينحصر التوقيع في صحف إفتتاح الدعوى، وطلبات أوامر الأداء والطلبات العارضة التي تقدم بالاجراءات المعتادة لرفع الدعوى ومنها صحف إدخال خصوم أو ضامن، ولا يمتد لصحف التعجيل أو التجديد ولا لقائمة شروط البيع في التنفيذ العقارى باعتبارها دعوة لدخول المزاد وفقاً للشروط التي تضمنتها هذه القائمة.
قضت محكمة النقض بأن توقيع المحامي على إحدى صور الصحيفة يغني عن التوقيع على أصل الصحيفة وبه ينتفي البطلان. (نقض 1981/12/29 طعن 789 س 48 ق).
تكييف الدعوى :
تكييف الدعوى قانوناً ، يماثل تشخيص المرض طبياً ، فالقاضي الذي كيف الدعوى تكيفاً صحيحاً، يعرف النص القانوني الواجب التطبيق، وبالتالي يجئ حكمه صحيحاً، أما إن كيف الدعوى تكيفاً خاطئاً ، فإنه يطبق النص القانوني الذي يتفق مع هذا التكييف الخاطئ، ويكون قد نأى في قضائه عن النص الصحيح الواجب التطبيق لو أنه اهتدي للتكييف الصحيح مما يؤدي إلى أن الحكم الذي يصدره يكون مشوباً بالخطأ فى تطبيق القانون، والطبيب الذي يشخص المرض تشخيصاً صحيحاً ، يعطى الدواء الذي يشفي منه، أما إن أخطأ في التشخيص فإنه يعطي دواء يتفق مع هذا التشخيص الخاطئ فلا يشفى.
والتكييف منوط بالمدعي ، يستخلصه من الوقائع التي تتضمنها صحيفة دعواه بما يتفق مع طلباته فيها، فالمؤجر الذي يرجع على المستأجر بما يستحق له في ذمته ، فإنه يرجع بالأجرة أو بالريع وهو تعويض عن الغصب في حالة بقاء المستأجر بالعين بعد إنقضاء مدة العقد. فإذا تضمنت وقائع الدعوى سریان عقد الإيجار وتأخر المستأجر عن الوفاء بالأجرة، فإن تكييف هذه الدعوى ينحصر في الرجوع بالأجرة المتأخرة ، فيطلب المؤجر إلزام المستأجر بها. ويكون سبب الدعوى هو عقد الإيجار، أما إذا تضمنت وقائع الدعوى إنتهاء عقد الإيجار بانقضاء مدته ، وأن المستأجر لم يقم بإخلاء العين وظل ينتفع بها، فإن تكييف الدعوى ينحصر في الرجوع بالريع وهو تعويض عن الغصب، وحينئذ يجوز للمؤجر أن يطلب إلزام المستأجر بمبلغ يجاوز الأجرة المتفق عليها، لأنه يطلب تعويضاً يقدر وفقاً للقواعد العامة وقد يجاوز ذلك تلك الأجرة. ويكون سبب الدعوى في هذه الحالة هو الغصب.
ولا يلتزم القاضي بالتكييف الذي أسبغه المدعى على دعواه إلا إذا كان هذا التكييف صحيحاً، فإن كان خاطئاً ، رده القاضي إلى التكييف الصحيح حسبما تضمنته صحيفة الدعوى من وقائع وأسانيد، وهو بذلك لا يغير سبب الدعوى وإنما يلتزم بذات السبب الذي استند إليه المدعي، إذ لا يملك القاضي تغییر سبب الدعوى من تلقاء نفسه ، ففي المثال المتقدم، إذا تضمنت الوقائع استمرار المستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة رغم إنتهاء عقد الإيجار، وكيف المؤجر هذه الدعوى على أنها دعوى مطالبة بأجرة العين إستناداً إلى عقد الإيجار، فإن التكييف الصحيح لهذه الدعوى ، ينحصر في اعتبارها دعوی تعویض ويكون سببها الصحيح، وفقاً لوقائع الدعوى وأسانيدها، هو الغصب أي العمل غير المشروع، وهو ما كان يجب على المدعي الإلتزام به، فإن خالفه وجب على القاضي أن يعطي الدعوى وصفها الصحيح وتكييفها الحقيقي، وهو يحل محل المدعي في إجراء هذا التصحيح طالما لم يلتزمه المدعي في صحيفة دعواه، إذ كان يجب على المدعى أن يكيف دعواه باعتبارها دعوى تعویض وبالتالي يستند فيها إلى الغصب أي العمل غير المشروع ومن ثم لا يكون القاضي قد أنشأ سبباً جديداً . وإنما التزم نفس سبب الدعوى الذي قامت عليه ابتداء.
وفي عقد البيع، إذا قام المشتري بدفع مبلغ حال تحرير العقد، فإن هذا المبلغ قد يكون عربوناً أو مقدم ثمن، وهو ما يتطلب تكييفاً في حالة رفع دعوى من أحد المتبايعين، لمعرفة النصوص التي تنطبق على الدعوى، فإن إعتبرته المحكمة عربوناً ، كان لكل من المتبايعين حق العدول عن العقد، أما إن إعتبرته مقدم من كان العقد بيعاً منجزاً، فلا يجوز العدول عنه، كما أن البيع قد يتم بالممارسة فيتلاقى الإيجاب بالقبول في مجلس العقد وقد يتم عن طريق الدعوة للتعاقد، فيصدر الإيجاب من وجهت إليه الدعوة بينما لا يتم العقد إلا إذا صدر قبول ممن وجه الدعوة. ولاختلاف الحكم في الحالتين، فإنه يجب على القاضي تکییف الدعوى لإخضاعها للنصوص التي تنطبق عليها، كما أن البيع قد يكون منجزا وقد يكون مضافا إلى ما بعد الموت. وفي الحالة الأخيرة . يخضع لأحكام الوصية من حيث القدر الجائز الإيصاء به ومدی نفاذها في حق الورثة والرجوع فيها، مما يوجب على القاضي تكييف التصرف لإخضاعه للنصوص القانونية التي تنتظمه. فإن رفعت دعوى في هذا الخصوص، وأنزل عليها القاضي هذا التكييف ، فإنه لا يكون قد غير سبب الدعوى وإنما التزم به.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الثاني، الصفحة : 196)
الدعوى والطعن يرفعان بإيداع الصحيفة قلم كتاب المحكمة وفقاً للمادة 63 - محل التعليق - ترفع الدعوى إلى القضاء بورقة تسمى صحيفة افتتاح الدعوى، أو صحيفة الدعوى أو عريضة الدعوى، وهذه الورقة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك.
ولا شك في أن من أهم التعديلات التي أدخلها قانون المرافعات الحالي في سبيل تبسيط الإجراءات، وتيسير التقاضي ما قرره بالنسبة لإجراءات رفع الدعوى فقد كان المقرر بمقتضى نصوص القانون الملغي أن رفع الدعوى يكون أصلاً بطريق التكليف بالحضورفعدل القانون الحالى عن ذلك، وقرر أن الدعوى ترفع بإيداع صحيفتها قلم الكتاب الذي يتولى قيد الدعوى، وإعلانها عن طريق قلم المحضرين، وذلك تقديراً منه بأن الفرد ينبغي ألا يتجشم في سبيل إقتضاء حقه أكثر من تقديم طلبه إلى سلطة القضاء، فتولى عنه الأجهزة المختصة بعد ذلك إعداد دعواه للفصل فيها، ويتميز هذا النظام فضلاً عما يتسم به من اليسر أنه يجنب الأفراد إخطار البطلان بسبب أخطاء المحضرين (رمزی سیف - الوسيط - بند 409 ص 514)، ويبدو التبسيط في النظام الذي سلكه القانون الحالي فضلاً عما تقدم في أن هذا القانون وحد الطريق الذي يسلكه الفرد في الالتجاء إلى القضاء سواء أكان هذا الالتجاء برفع دعوى مبتدأة أو بالطعن في الحكم الذي يصدر فيها، وأياً كان طريق هذا الطعن بالإستئناف أو التقاضي بالنقض، فالدعوى المبتدأة، والطعن اياً كان يرفعان بإيداع الصحيفة قلم الكتاب، وبهذا جنب المشرع الخصوم خطر الاضطراب في إختيار الطريق المناسب لرفع الدعوى أو الطعن.
ويلاحظ أن المادة 63 سالفة الذكر تقرر القاعدة العامة في وجوب إقامة الدعوى بإيداع صحيفتها قلم الكتاب، وهناك إستثناءات من هذه القاعدة قد بنص عليها قانون المرافعات أو أي قانون آخر وينبغي إعمالها، ففي حالة ما إذا نص قانون المرافعات أو أي قانون آخر.على إقامة الدعوى بصحيفة تعلن الخصم أو بتكليف بالحضور فإن هذه بعتبر إستثناء من الأصل ويجب إتباعه فيما ورد بشأنه فقط وفي هذه الحالة فإنه يتعين على طالب الإجراء مباشرة إعلانه عن طريق قلم المحضرين إلى خصمه كما وان آثار الإجراء لا تترتب إلا من تاريخ تمام إعلانه للخصم، مثال ذلك ما نصت عليه المادة 113 ومن قانون المحاماة من أنه يجوز للمحامي والمؤكل استئناف القرارات التي يصدرها مجلس النقابة الفرعية في طلبات التقدير بتكليف بالحضور أمام محكمة الاستئناف، فإن هذا النص خروج على القاعدة العامة - التي تقضي بأن الإستئناف يعتبر مرفوعاً بمجرد تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب - واعتبر أنه لايعتبر مرفوعاً إلا بتكليف المستأنف عليه بالحضور أمام المحكمة خلال عشرة أيام من تاريخ إعلانه بقرار النقابة (نقض 19/1/1978 - الطعن رقم 910 لسنة 44 قضائية)، ومثال ذلك أيضاً مانص عليه القانون من الطعن في قرارات لجان الطعن بمصلحة الضرائب أو الطعن في قرارات لجان تقدير أجرة المساكن، ومثال ذلك أيضاً حالة ما إذا كانت دعوي القسمة المرفوعة الجزئية بسبب إختصاصها الاستثنائي قد أثير فيها نزاع يخرج عن اختصاص المحكمة الجزئية كما هو الشأن في حالة المنازعة في الملكية أو نصيب الشريك ، وكانت المنازعة تزيد قيمتها عن إختصاص القاضي الجزئي فإنه على محكمة القسمة أن توقف الدعوى ونحيل المنازعة إلى المحكمة الابتدائية المختصة لتفصل فيها وتكون هذه المنازعة مرفوعة للمحكمة الابتدائية بنين بحاجة إلى صحيفة تودع قلم الكتاب.
ويتعين ملاحظة أن رفع الدعوي يتم بإبداع الصحيفة قلم الكتاب، أما انعقادها فإنه وفقاً للمادة 68 لا يتم إلا بالإعلان أو بحضور المدعى عليه الجلسة رغم عدم إعلانه.
كما يلاحظ أنه في غير الأحوال المستثناه بتص في القانون لا يجوز رفع الدعوى المبتدأة إلا بتقديم صحيفتها لقلم الكتاب فإن رفعت بإعلانها مباشرة دون إيداعها قلم الكتاب ترتب على ذلك البطلان وهو بطلان متصل بالنظام العام لأنه يتعلق بإجراءات التقاضي، ودعوى الضمان الفرعية تعتبر كالدعوى الأصلية تماماً ، وبالتالي لا يجوز إبداؤها بطلب عارض في الجلسة كما لا يجوز رفعها بإعلان يقدم لقلم المحضرين مباشرة، بل ينبغي تقديم صحيفتها لقلم الكتاب.
بيانات صحيفة الدعوى طبقاً للمادة 63 مرافعات - محل التعليق- يجب أن تشتمل صحيفة الدعوى على البيانات التالية (1) اسم المدعي ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه واسم من يمثله ولقبه ومهنته أو وظيفته وصفته وموطنه والهدف من هذه البيانات تحديد شخص المدعي ولذلك تعتبر هذه البيانات كلاً واحداً يكمل بعضها البعض الآخر بحيث أن النقض أو الخطأ في بعضها لا يؤدي إلى البطلان مادام ليس من شأنه التشكيك أو التجهيل بشخصية المدعى أو صفته (نقض تجاری 25/6/1990 - طعن 479 لسنة 55 قضائية)، فكل بيان من هذه البيانات ليس مقصوداً لذاته، فإذا خلت الصحيفة من بيان مهنة أو وظيفة المدعي فلايترتب على ذلك أى بطلان ما دام ليس من شأن ذلك التجهيل بالمدعي، ثم إنه قد لا يكون الشخص مهنة أو وظيفة.
وإذا كان للدعى بعمل لغيره باعتباره نائباً عن الغير وجب أن تشتمل الصحيفة على اسم المدعي ولقبه ومهنته أو وظيفته، وموطنه ، وكذلك اسم من يمثله ولقبه ومهنته وموطنه، ويستفاد من نص القانون، على أن المدعي إذا كان بعمل لغيره وجب أن تشتمل الصحيفة على ما بين شخصية بن بمثله، أنه يجب أن تشتمل الصحيفة على الصفة التي يعمل بها المدعى هل هو بعمل لنفسه أو لغيره ، فإن لم يرد فيها ما يفيد أنه يعمل لغيره اعتبر أنه بعمل لنفسه فقط، فإن تعددت الصفات التي يعمل بها المدعي وجب ذكرها جميعاً.
فإذا كانت الدعوى مرفوعة من ممثل الشخص اعتباری فإنه يجب ذکر اسم الشخص اعتباری، وذكر صفة من له ، ولاحاجة لذكر اسمه لأن اسمه لا يهم في هذه الحالة، وإنما المهم الصفة التي تخوله العمل باسم الشخص الاعتباري، فالدعوى التي ترفع من مصلحة حكومية أو شركة أو جمعية لها الشخصية الاعتبارية بكفي فيها اسم المصلحة أو الشركة او الجمعية بجانب صفة من يمثلها. نقض 1954/2/4 - منشور في مجلة المحاماة سنة 35 ص 1108.
(2) اسم المدعى عليه ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه، فإن لم يكن موطنه معلوماً آخر موطن كان له يجب أن تشتمل الصحيفة على اسم المدعى عليه ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه، فإن لم يكن موطنه معلوماً وقت إيداع الصحيفة فآخر موطن كان له - ولو كان موطناً مختاراً والغرض من هذه البيانات تعيين شخصية المدعى عليه، ولذلك فإنه يصدق عليها ما ذكرناه بالنسبة للبيانات الخاصة بالمدعي من أنها تكون كلا واحد يكمل بعضها بعضاً بحيث أن النقض أو الخطأ في بعضها لا يؤدي إلى البطلان مادام ليس من شأنه التجهيل بشخص المدعى عليه، ولذلك لايبطل الصحيفة أن تشتمل على لقب اشتهر به المدعى عليه، ولو لم يكن لقبا حقيقيا في شهادة ميلاده.
كذلك فإنه بالنسبة للموطن اكتفى المشرع باجر موطن كان للمدعي عليه إذا لم يكن موطنه وقت الإيداع معلوماً للمدعي، كما يصح ذكر الموطن الذي نسبه المدعى عليه لنفسه في ورقة صادرة منه للمدعي في وقت قريب من الوقت الذي حصل فيه إيداع الصحيفة.
ولم تتطلب المادة 63 بيان ما يتعلق بممثل المدعى عليه، كما فعلت بالنسبة لممثل المدعى (قارن الفقرتين 1 ، 2 من المادة)، ومع ذلك يجب القول بضرورة هذا البيان، ذلك أنه إذا كان المدعى عليه ناقص الأهلية أو كان شخصاً إعتبارياً فيجب توجيه الدعوى إلى من يمثله قانوناً۔
ويتعين ملاحظة أنه يكتفي بالنسبة للشخص الإعتباري سواء كان مدعياً أو مدعى عليه، ذكر البيانات المتعلقة بهذا الشخص دون البيانات المتعلقة بممثله، مادام لامجال للشك في أن المقصود هو الشخص الاعتبارية وليس ممثله (نقض تجاري 1988/1/18 ، في الطعن 2132 لسنة 52 قضائية)، وهذا الذي استقر عليه قضاء النقض، قننه المشرع بنصه في المادة 115/3 مضافة بالقانون رقم 23 سنة 1992 ، على أنه بوإذا تعلق الأمر بإحدى الوزارات أو الهيئات العامة أو مصلحة من المصالح او بشخص اعتباري عام أو خام، فيكفي في تحديد الصفة أن يذكر اسم الجهة المدعى عليها في صحيفة الدعوى، ورغم أن النص يشير فقط إلى المدعى عليه، فإنه ينطبق أيضا على المدعي، ذلك أن المدعي أو المدعى عليه هو الوزارة أن الهيئة أو الشخص الاعتباري، وليس ممثلة النائب عنه (فتحى والى - الوسيط - طبعة 1993 بند 63 - ص 430، وهامشها - و ص 431 ).
وجدير بالذكر أن الخصوم في الدعوى قد يتعددوا، ومن ثم ينبغي ذكر بياناتهم في الصحيفة، والمقصود بالخصم هو من يقدم باسمه طلبا إلى القاضي للحصول على حماية قضائية أو من يقدم في مواجهته هذا الطلب (انظر تفصيل ذلك للمؤلف إختصام الغير، وإدخال ضامن في الخصومة المدنية أمام محاكم الدرجة الأولى، والاستئناف ومحكمة النقض - دار الفكر العربي - القاهرة - بند 23 ص 62 وما بعدها)، ولايكفي مجرد مثول الشخص في الخصومة حتى يشير خصماً (نقض 30/6/1994 - الطعن رقم 1001 لسنة 55 قضائية)، فالشاهد يمثل في الخصومة، ولكنه ليس بخصم، كما أن الغير الذي يتم إدخاله في الخصومة لتقديم محرر تحت يده أو عرض شيء تحت يده لا يعتبر خصماً ، فالحل الأساسي لاعتبار الشخص خصماً، هو توجيه طلب بأسمه للقاضي أو أن يوجه الطرف الأخر طلباً إليه .
(3) تاريخ تقديم الصحيفة ويقصد بذلك تاريخ تقديمها لقلم الكتاب لأن هذا التاريخ هو الذي يحدد الوقت الذي نعتبر فيه الدعوى مرفوعة وعلى أساسه يتحدد ما إذا كانت الدعوى قد رفعت في الميعاد أو بعده، كما ترتب الآثار التي يرتبها القانون على رفع الدعوى.
(4) المحكمة المرفوعة أمامها الدعوي ويقصد بذلك المحكمة المرفوعة إليها الدعوى، والتي يجب حضور الخصوم أمامها على وجه التحديد، ولا يكفي في هذا البيان ذكر عبارة والمحكمة المختصة، فقد تكون هناك أكثر من محكمة مختصة واحدة، كما أنه قد تختلف وجهات النظر في تحديد المحكمة المختصة، ولو كانت محكمة واحدة لدقة قواعد الاختصاص خصوصا في بعض الحالات، فيحضر المدعى أمام محكمة، ويحضر المدعى عليه أمام محكمة أخرى مع أن الغاية من هذا البيان أن يتلاقى الخصوم أمام محكمة واحدة (رمزی سیف - ص 515).
وجدير بالذكر أنه لا يلزم أن تشتمل الصحيفة على بيان الدائرة التي ستنظر الدعوى، لأن المادة 63 - محل التعليق - تتطلب بيان المحكمة وليس الدائرة (نقض 28/11/1968 - سنة 19 - رقم 140 ص 219 )، وذلك حتى ولو كانت الدائرة متخصصة في نوع معين من الدعاوی فتحی والی - بند 263 - ص 431 ) .
(5) بیان موطن مختار للمدعي في البلدة التي بها مقر المحكمة إن لم يكن له موطن مختار فيها، والهدف من هذا البيان أن تعلن للمدعي في هذا الموطن الأوراق المتعلقة بالدعوى، فإذا لم بعين المدعي موطناً مختاراً له في الحالات التي يوجب القانون فيها ذلك، فإنه يجوز للخصوم إعلانه بأوراق الدعوى في قلم الكتاب عملاً بالمادة 12 من قانون المرافعات.
(6) وقائع الدعوى وطلبات المدعي وأسانیدها فقد أوجبت المادة 63 - محل التعليق - أن تشتمل صحيفة الدعوى على وقائعها وطلبات المدعي وأسانيدها، أي أن تشتمل الصحيفة على موضوع الدعوى، والغرض من هذا البيان مزدوج فهو من ناحية يتيح الفرصة للمدعى عليه أن يكون فكرة وافية عن المطلوب منه تمكنه من إعداد دفاعه قبل الجلسة حتى لا نضطر إلى طلب تأجيل الدعوى، وهو من ناحية أخرى بعين المحكمة على تكوين فكرة واضحة من الدعوى تساعدها على تحديد المواعيد اللازمة لإعداد الدعوى (رمزی سیف - بند 410، ص 516 ).
ومما تقدم تتضح لنا البيانات الواجبة ذكرها في صحيفة الدعوى يتعين ملاحظة أن صحيفة الدعوى لا تعتبر بذاتها من أوراق المحضرين، ولا يلزم أن تشتمل على كل بيانات أوراق المحضرين، وإنما في نعلن بعدئذ إلى المدعى عليه بمقتضى القواعد العامة المقررة لأوراق المحضرين.
جزاء النقص أو الخطأ في بيانات صحيفة الدعوى وآثار بطلان الصحيفة لم ينص المشرع صراحة على البطلان جزاء على إغفال بيان أو أكثر من بيانات الصحيفة أو النقص أو الخطأ فيها، ومن ثم ينبغي تطبيق القواعد العامة بشأن البطلان، ومقتضى تطبيق القاعدة العامة أن إغفال بيان من البيانات سالفة الذكر - فيما عدا بيان الموطن المختار - يترتب عليه بطلان الصحيفة لأنه يفوت الغالبية التي قصد القانون تحقيقها منه، أما النقص أو الخطأ فلا يترتب عليه البطلان إلا إذا كان شانه التجهيل بالبيان إذ يعتبر في حكم الإغفال وينبني على ذلك أن النقص أو الخطأ في جزء من أجزاء البيان الأول الخاص بالمدعي، أو في جزء من أجزاء البيان الثاني الخاص بالمدعى عليه لايترتب عليه البطلان إذا لم يؤثر في تعيين شخصية أي منهما، لأن الغرض من هذين البيانين تعيين شخصية المدعي وشخصية المدعى عليه أما إغفال البيان الخاص بالموطن المختار أو النقص فيه فلا يترتب عليه البطلان، وإنما يترتب عليه جواز إعلان المدعى بجميع الأوراق المتعلقة بالدعوى في قلم كتاب المحكمة عملاً بحكم المادة 12 من القانون التي تنص على أن من يلزمه القانون ببيان موطن مختار فلا بفعل أو يكون بيانه ناقصاً أو غير صحيح يجوز إعلانه في قلم الكتاب بجميع الأوراق التي كان يصح إعلانه بها في الموطن المختار.
ويتعين ملاحظة أنه إذا قضت المحكمة ببطلان صحيفة الدعوى ، فإنه يترتب على ذلك إلغاء جميع الإجراءات اللاحقة لها، وزوال ماترتب على رفعها من آثار واعتبار الخصومة كأن لم تكن أي لم تنعقد (نقض 15/5/1973 - السنة 24 - ص 748)، فإذا أقسام المشترى دعوى بصحة، ونفاذ عقد البيع الصادر إليه، وسجل صحيفة الدعوى بالشهر العقاري، وقضت المحكمة ببطلان الصحيفة لسبب ما فإنه يترتب على ذلك زوال أثر تسجيلها تلقائياً دون حاجة لصدور حكم إلغاء هذا التأشير، إلا أن ذلك لا يمنع صاحب المصلحة من تجديد الخصومة إذا شاء بإجراءات مبتدأة متى انتفى المانع القانوني فيترتب على الحكم ببطلان الصحيفة إلغاء جميع الإجراءات اللاحقة، وزوال كل ما ترتب على إيداعها من آثار واعتبار الخصومة لم تنعقد (نقض 1973/5/15 - سنة 24 - ص 748) وإذا قضت محكمة ثاني درجة ببطلان صحيفة افتتاح الدعوى أو بطلان إعلانها إلى المدعى عليه، وجب عليها أن تقف عند الحكم بالبطلان دون أن يكون لها التصدي للقضاء في الموضوع.
(نقض 30/5/1977 في الطعن 419 سنة 43، نقض 1973/5/15 سنة 24 – ص 748 ).
ويلاحظ أنه لايترتب البطلان على عدم ذكر تاريخ إيداع الصحيفة (نقض 5/4/1976 في الطعن 309 سنة 39) كما لايترتب البطلان على عدم أداء الرسم المستحق (نقض 22/5/1976 في الطعن 808 سنة 43) ،إذ أن الجزاء هو الاستبعاد من جدول المحكمة، والنقض في أسماء الخصوم، وصفاتهم الذي لا يشكك في صفة الخصم واتصاله بالخصومة لا يترتب على البطلان (نقض 13/4/1976 في الطعن 529 سنة 40 ق)، وإذا كان يكفي بيان الموطن المختار، وخلت منه الصحيفة فإن بیان موطن الوكيل تتحقق به الغاية من ذكر الموطن المختار .
(نقض 29/10/1975 ، في الطعن 536 سنة 40 ق).
توقيع محام على صحيفة الدعوى ينبغی توقيع محام على صحيفة الدعوى، إذا أوجب القانون هذا التوقيع بصحة رفع الدعوى، وقد قضت محكمة النقض بأنه يكفي لتحقيق الغرض الذي قصد إليه المشرع من توقيع محام توقيعه على أصل الصحيفة، أو على صورتها المقدمة لقلم الكتاب ، فالتوقيع على الأصل أو على الصورة يكفي .
وتنص المادة 58 من قانون المحاماة الحالی رقم 17 لسنة 1983 على وجوب أن تكون صحف الدعاوى أو الطعون موقعة من محام مقبول أمام المحكمة التي تنظر الدعوى أو الطعن، ويستثنى من القاعدة المقدمة الدعاوى الجزئية التي تقل قيمتها عن خمسين جنيهاً وكذلك يتعين توقيع طلبات امر الاداء من محام مقبول القاضي الذي يصدر الأمر ما لم يكن الطلب في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة الجزئية وتقول المذكرة التفسيرية للقانون القديم في توضيح التنظيم المتقدم أنه قد قصد به رعاية الصالح العام ، وتحقيق الصالح الخاص ، ذلك أن إشراف المحامي على تحرير صحف الإستئناف والدعاوى ذات القيمة من شأنه مراعاة أحكام القانون في تحرير هذه الأوراق وبذلك تنقطع المنازعات التي كثيراً ما تبدأ بسبب قيام من لا خبرة لهم بممارسة هذه الشئون ذات الطبيعة القانونية مما يعود بالضرر على ذوى الشأن ، وقد قضت محكمة النقض في حكم لها بأن مخالفة النهي الوارد في المادة، 25 من قانون المحاماة قبل السابق يترتب عليه بطلان صحيفة الدعوى التي لا يوقعها محام بطلان حتمي دون حاجة لإثبات ترتب ضرر للخصم ، وهو لا يشترط إلا إذا لم ينص القانون صراحة أو دلالة على البطلان وعرض الشارع من إيجاب توقيع محام على صحيفة الدعوى هو رعاية الصالح العام إلى جانب صالح المحامين ضماناً لمراعاة أحكام القانون والبطلان المترتب على عدم توقيع محام على صحف الدعاوی متعلق بالنظام العام يجوز الدفع به في أية حالة تكون عليها الدعاوی .
(نقض 1965/4/8 - مجموعة أحكام المكتب الفني، السنة السادسة عشرة العدد الثاني، ص 476 قاعدة رقم 77) .
وقد تضمنت الفقرة الأخيرة من المادة 58 من قانون المحاماة الحالي نصاً صريحاً بالبطلان على مخالفة أحكامها ويلاحظ أنه يجوز تصحيح البطلان بتوقيع المحامي على صحيفة الدعوى أو الطعن بعد تقديمها بشرط أن يتم ذلك في خلال المواعيد المقررة لرفع الدعوى أو الطعن .
وقد نصت المادة 8 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 المعدلة بالقانون 227 لسنة 1984 على أنه مع عدم الإخلال بأحكام قانون - المرافعات المدنية والتجارية لا يجوز لمحامي الإدارات القانونية للهيئات العامة وشركات القطاع العام والمؤسسات الصحفية أن يزاولوا أعمال المحاماة لغير الجهة التي يعملون بها وإلا كان العمل باطلاً .
كما لا يجوز للمحامي في هذه الإدارات القانونية الحضور أمام المحاكم الجنائية إلا في الادعاء بالحق المدني في الدعاوى التي تكون الهيئة أو الشركة أو المؤسسة طرفاً فيها ، وكذلك الدعاوى التي ترفع على مديريها أو العاملين بها بسبب أعمال وظائفهم.
ولا يسرى هذا الحظر بالنسبة للقضايا الخاصة بهم وبإزواجهم وبأقاربهم حتى الدرجة الثالثة، وذلك في غير القضايا المتعلقة بالجهات التي يعملون بها.
ومعنى هذا النص أن محامي الإدارات القانونية في الهيئات العامة وشركات القطاع العام أي شركات قطاع الأعمال والمؤسسات الصحفية. محظور عليهم أن يباشروا أي عمل من أعمال المحاماة كتحرير صحف الدعاوى والطعون أو التقدم بأمر اداء أو الحضور امام المحاكم على إختلاف أنواعها، ودرجاتها لغير الجهة التي يعملون بها، واستثنت الفقرة الأخيرة من هذه المادة قضاياهم الشخصية، ودعاوى أزواجهم وأقاربهم حتى الدرجة الثالثة بشرط ألا تكون الشركة أو الهيئة التي يعملون بها طرفا في الدعوى، وزني القانون على مخالفة ذلك البطلان، وهو بطلان متعلق بالنظام العام .
وجدير بالذكر أنه إذا أقام شخص دعوى ضد أحد المحامين، ولم يكن رآها قد تمكن من توكيل محام أو كان من وكله من المحامين لم يصدر له من النقابة الإذن بالحضور ضد زميله ، فإنه يجوز لرافع الدعوى أو الإستئناف أن يقدم بالصحيفة دون أن يوقعها محام، ولا يشترط في ذلك أن يكون المدعي أو المستأنف قد وكل محامياً ، وأن يكون هذا المحامي قد تقدم بطلب الحصول على إذن من مجلس النقابة الفرعية، ولم يصدر له الإنن بعد ، كما أنه إذا وكل رافع الدعوى أو الإستئناف محامياً للحضور ضد زميله المرفوع عليه الدعوى أو الطعن، ولم يتقدم المحامي الموكل بطلب الحصول على إذن من مجلس النقابة الفرعية فإن ذلك لا يترتب عليه البطلان، وإنما قد يترتب عليه مساءلة المحامي الموكل أمام مجلس النقابة (انظر نقض 1980/2/5 - منشور في مجموعة المكتب الفني لمحكمة النقض - لسنة 31 - الجزء الأول – ص 413 وإذا كان المدعى محامي فإنه يكفي توقيعة دون حاجة لتوقيع محام أخر، بل يجوز التوقيع على صحيفة الدعوى المرفوعة من الشخص الاعتباري من رئيس مجلس إدارته إذا كان محامياً (نقض 6/1/1976 في الطعن 119 لسنة 42 قضائية)، ولا صفة لمحامي إدارة قضايا الدولة بصدد شركات قطاع الأعمال، وبالتالي فإن توقيعه على صحف دعاويها لا يعتد به .
(نقض 21/3/1984 - طعن رقم 594 لسنة 34 قضائية ).
ويتعين ملاحظة أن نص المادة 58 من قانون المحاماة سالف الذكر بعمومه يشمل صحف الدعاوى التي ترفع إبتداء أمام المحاكم، كما يشمل صحف المعارضة وصحف الطلبات العارضة، والتدخل وإختصام الغير، وبالنسبة للطلبات العارضة إذا ما أبديت في مذكرة أو مشافهة في حضور الخصم، فإنه وفقاً للمذكرة التفسيرية للقانون وجب الأخذ بمبدأ التوقيع في الأحوال المتقدمة، مع ملاحظة أن إدلاء المحامي نفسه بالطلب العارض شفاهة أمام المحكمة بغنى عن توقيعه متى ثبت هذا في محضر الجلسة في المذكرة التفسيرية تؤكد أن رائد المشرع في النص المتقدم هو العمل على قطع المنازعات التي كثيراً ما تنشأ بسبب قيام من لاخبرة لهم باتخاذ الإجراءات المتقدمة (سواء بالكتابة أو المشافهة)، وهي إجراءات ذات طبيعة قانونية، تستلزم مراعاة القانون في توجيهها، ومع ذلك جرت العادة على تقديم الطلبات العارضة بمذكرة بغير حاجة إلى توقيع المحامي عليها.
ويلاحظ أن بطلان صحيفة الدعوى لعدم توقيع محام عليها قاصر فقط على صحف الدعاوى والإستئناف ، أما إذا إنقطع سير الخصومة أو أوقفت أمام محكمة أول درجة أو أمام المحكمة الإستئنافية فلا يشترط توقيع محام على صحيفة التعجيل ،كذلك لا يشترط توقيع محام على صحيفة تجديد الدعوى أمام محكمة الإستئناف بعد النقض الأول ، أما رفع الطعن بالنقض فإنه فضلاً عن وجوب توقيع الصحيفة من محام مقبول أمام محكمة النقض ، فإنه يتعين إيداع سند توكيل المحامي الموكل في الطعن .
ومن المنطقى القول بأن كتابة الصحيفة بخط المحامي نفسه يحقق الشكل المطلوب ، ولو لم يوقع عليها، ويمنع من الحكم بالبطلان، فإذا حصل التمسك ببطلان صحيفة الطعن بسبب عدم توقيع محامي الطاعن عليها، فإن للطاعن أن يهدر هذا البطلان إذا أثبت أن هذه الصحيفة كلها بخط هذا المحامي، إذ عندئذ تتحقق الغاية من الشكل، وهي ضمان جدية الطعن الذي يقدم بواسطة أحد المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة النقض، فالكتابة بخط يد المحامي تكفي لإثبات نسبة الصحيفة إليه، ومن ثم تحقق الغاية من التوقيع، وطالما تحققت الغابة فلا بطلان .
اعتبار الدعوى مرفوعة من تاريخ إيداع صحيفتها قلم الكتاب وقيدها بالجدول ، وترتيب آثارها منذ هذا التاريخ يقوم المدعی بتقديم صحيفة الدعوى لقلم كتاب المحكمة المرفوعة إليها الدعوى، وعليه أن يقدم مع أصل الصحيفة صوراً منها بقدر عدد المدعى عليهم، وصورة القلم الكتاب (مادة 65 مرافعات)، وإلزام المدعي بتقديم عدد من الصور بقدر عدد المدعى عليهم والغرض منه التمهيد لإعلان المدعى عليهم بالصحيفة بتسليم كل واحد منهم صورة منها مثبتاً فيها تاريخ الجلسة بواسطة قلم الكتاب أما الصورة الخاصة بقلم الكتاب فالغرض منها أن يفرد قلم الكتاب ملفاً للدعوى بمجرد تقديمها.
وعلى الداعي أداء الرسم كاملاً عند تقديم محبتها إلى قلم الكتاب في جميع الدعاوى، ويقوم قلم الكتاب بقيد الدعوى في يوم تقديم الصحيفة في السجل الخاص بعد أن يثبت في حضور المدعى أو من يمثله تاريخ الجلسة المحددة لنظرها في أصل الصحيفة وصورها.
ولا يعنى النص على أن قلم الكتاب يثبت تاريخ الجلسة في الأصل والصورة أن قلم الكتاب هو الذي يحدد الجلسة، فالأصل أن تاريخ الجلسة يحدده المدعي، وعلى قلم الكتاب أن يثبت تاريخ الجلسة الذي يحدده المدعي، لأن المدعي هو الذي يقع عليه واجب مراعاة مواعيد الحضور، ولكن العمل جرى نظرا لازدحام الجلسات بالقضايا على أن يقوم كانت الجلسة أو قاضيها بتحديد تاريخ الجلسة.
ويلاحظ أنه لا يتحقق إيداع الصحيفة قلم الكتاب الذي تعتبر به الدعوي قد رفعت إلا بالإجراء الذي نصبح معه الصحيفة في حوزة قلم الكتاب غير خاضعة لسيطرة المدعي إلا في حدود الحكم الوارد بالفقرة الأخيرة من المادة 67، والتي تنص على أنه يجوز لقلم الكتاب في غير دعاوی الإسترداد وإشكالات التنفيذ أن يسلم للمدعی مهمتي طلب ذلك - أصل الصحيفة وصورها ليتولي تقديمها إلى قلم المحضرين لإعلانها ورد الأمل إلى المدعي ليقوم بإعادته إلى قلم الكتاب.
ولا يعتد في ترتيب آثار الدعوى بتاريخ تقدير الرسم أو أدائه، لأن المشرع لم يشأ أن يرتب أي أثر قانوني على هذا الإجراء لأنه لايكفي في ذاته لقيام الخصومة .
فالعبرة باعتبار الصحيفة قد أودعت قلم الكتاب إنما تكون بتقديم أصل الصحيفة مرفقاً به ما يفيد سداد رسومها وصورا منها بعدد الخصوم وصورة إلى قلم الكتاب إذ بهذا الإجراء تصبح الصحيفة في حوزة قلم الكتاب، ويفقد المدعي سيطرته عليها فيتحقق المقصود بالإيداع ،حيث حرص المشرع على التعبير بذلك دون الإكتفاء بمجرد التقديم (كمال عبدالعزيز - ص 189) .
ويترتب آثار رفع الدعوى، سواء كان الطلب أصلياً بدأت به الخصومة أو كان طلباً عارضاً، كما تترتب ولو رفع الطلب إلى محكمة غير مجندة عملاً بنص المادة 383 مدنی، (كمال عبدالعزيز - ص 188 ).
ويلاحظ أنه وإن كان إيداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب يعتبر رفعاً للدعوى ، و يرتب أثاراً منها قطع التقادم إلا أن بقاء تلك الآثار معلق على شرط إعلان الصحيفة ، فإذا قضى ببطلان إعلان الصحيفة ترتب على ذلك زوالها وزوال الآثار المترتبة على إيداعها قلم الكتاب ، أما التراخي في الإعلان فلا يؤثر في الآثار التي يرتبها إيداع الصحيفة ما لم تقض المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن، وعلى ذلك وكما ذكرنا فإنه إذا قضت المحكمة الاستئنافية ببطلان الحكم المستأنف، و بطلان إعلان صحيفة افتتاح الدعوى، فإنه يتعين عليها أن تقف عند هذا الحد ولا تصدي الموضوع الدعوي بمقولة أن صحيفتها لم يشبها بطلان، لأن بطلان الإعلان الذي تنعقد به الخصومة بترتب عليه زوان صحيفة الدعوى وكل ماترتبه من آثار ومنها قطع التقادم .
وينبغي التفرقة بين الآثار التي تترتب علي إيداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب والمعلقة على شرط تمام الإعلان وبين إيداع صحيفة تعجيلها ، ففي الحالة الأولى تعتبر الدعوى مرفوعة من وقت تقديم صحيفتها إلي قلم الكتاب ،حيث ترتب الآثار من ذلك الوقت من تحقق الشرط وهو الإعلان الصحيح ، وفي الحالة الثانية وهي حالة ما إذا أعترى الخصومة أی عارض كالحكم بانقطاع سير الخصومة أو وقفها أو التقرير بشطب الدعوى، فإن تعجيلها أو تجديدها لا يكون منتجاً لآثاره إلا بتمام الإعلان ومن وقت حدوثه كما ذكرنا انفاً .
وجدير بالذكر أن تقديم صحيفة الدعوى إلى قلم كتاب محكمة غير مختصة قاطع للتقادم والسقوط أخذاً بمفهوم حكم النقض الذي صدر في ظل القانون القديم والذي كان يعتبر تقديم صحيفة الدعوي لقلم المحضرين هو الإجراء القاطع للتقادم والسقوط فقد قضت محكمة النقض بأنه «إذ نصت الفقرة الثانية من المادة 75 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 علي أن الدعوي تعتبر قاطعة لمدة التقادم أو السقوط من وقت تقديم صحيفتها إلى قلم المحضرين يعيد أداء الرسم كاملاً ، ولم تشترط لترتيب هذا الأثر أن تقدم الصحيفة إلى قلم المحضرين التابع للمحكمة التي ترفع إليها الدعوي، بل جاء النص مطلقاً غير مقيد بأي قيد، ولازم ذلك ومقتضاه وجوب اعتبار الصحيفة المسدد عنها الرسم کاملاً قاطعة لمدة التقادم، والسقوط من وقت تقديمها لأي من أقلام المحضرين دون تحديد المحكمة التي يتبعها هذا القلم، (نقض 1971/5/20 لسنة 22 ص 666)، كما أن نص المادة 63 قد جرى على أن ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعي بصحيفة تودع بقلم كتاب المحكمة، ولم يقيد النص المحكمة بأنها المحكمة المختصة هذا فضلاً عن أن المادة 110 مرافعات أوجبت على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة (الدناصورى وعكاز – ج1 - م - 416 و ص 417 .
التفرقة بين رفع الدعوى وإعلانها ينبغي التفرقة بين إيداع لصفة قلم الكتاب ای رفعها وبين إعلانها فهما يعتبران عملين مستقلين، إذ بالإبداع تعتبر الدعوى مرفوعة، وبالإعلان تنعقد الخصومة كما قد تنعقد بحضور المدعى عليه رغم عدم إعلانه، فإذا كان يكلي لإجراء المطالبة القضائية إيداع صحيفة افتتاح الدعوى، وإذا كان إجراء المطالبة القضائية على هذا النحو يترتب عليه بدء الخصومة، إلا أن انعقاد الخصومة مشروط بتمام إعلان الصحيفة إلى المدعى عليه، فإذا تخلف هذا الشرط زالت الخصومة كاثر للمطالبة القضائية . (نقض 1977/5/30 - في الطعن رقم 419 لسنة 43 قضائية) .
فثمة إنفصال بين عجينة إفتتاح الدعوى وورقة إعلانها، ومن ثم لاتعتبر الصحيفة من أوراق المحضرين، وهو ما دعا القانون الحالي إلى علم الإحالة في شأنها إلى بيانات هذه الأوراق غير أن الصحيفة بعد إيداعها قلم الكتاب ستعلن بموجب ورقة من أوراق المحضرين ، فيتعين أن توافر بيانات هذه الأوراق في الإعلان، ويترتب على ذلك أنه إذا كانت الصحيفة قد استوفت شرائطها، ولكن بطل إعلانها فإن ذلك لايؤثر على صحة رفع الدعوى، وإنتاجها آثارها، وإن كان يجب إتمام الإعلان صحيحا خلال ثلاثة شهور والا طبق الجزاء المنصوص عليه في المادة 70 مرافعات.
ويلاحظ أن آثار زوال الخصومة لاتترتب إلا على الحكم ببطلان الصحيفة، أما إذا كانت الصحيفة صحيحة وكاملة ولكن إعلانها جاء باطلاً ، فإن ذلك لايؤثر على ما ينتجه إيداعها - من آثار، ويقف أثره عند إعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يتم الإعلان صحيحاً خلال ثلاثة شهور من إيداع الصحيفة وفقاً لنص المادة 70 .
(نقض 25/1/1968 - سنة 19 - ص 132 ، كمال عبد العزيز - ص 187) .
ترفع الدعاوى في مواد الأحوال الشخصية الولاية على النفس بالطريق المعتاد عليه في المادة 63 مرافعات إعمالاً للقانون رقم 1 لسنة 2000 :
نصت المادة 16 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية على أن ترفع الدعوى فى مسائل الولاية على النفس بالطريق المعتاد لرفع الدعوى المنصوص عليه في قانون المرافعات المدنية والتجارية .
كذلك نصت المادة 33 من القانون سالف الذكر على أن تقيد النيابة العامة طلبات الحجر والمساعدة القضائية، واستمرار الولاية أو الوصاية وسلب الولاية أو الحد منها أو وقفها، وسلب الإذن للقاصر او المحجور عليه أو الحد منه، وإثبات الغيبة والحد من سلطة الوكيل عن الغائب، ومنع المطلوب الحجر عليه أو سلب ولايته من التصرف أو تقييد حريته فيه، وذلك يوم وساعة تقديم الطلب في سجل خاص .
ونصت المادة 36 من ذات القانون السابق في فقرتها الأولى أن يرفع الطلب (أی طلب من الطلبات المبينة في المادة 33) إلى المحكمة المختصة من النيابة العامة أو من ذوى الشأن ونصت في فقرتها الثانية وفي الحالة الأخيرة يجب أن يشتمل الطلب المرفوع على البيانات التي يتطلبها قانون المرافعات فى صحيفة الدعوى، وأن يرفق به المستندات المؤيدة له، وعلى المحكمة أن تحيله إلى النيابة العامة لإبداء ملاحظاتها عليه كتابة خلال ميعاد يحدده لذلك .
لا يلزم توقيع محام على صحف دعاوى الأحوال الشخصية أمام المحكمة الجزئية إعمالاً للقانون 1 لسنة 2000، طبقاً للفقرة الأولى من المادة 3/1 من قانون تنظيم بعض أوضاع، وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000 لا يلزم توقيع محام على صحف دعاوى الأحوال الشخصية أمام المحكمة الجزئية، وذلك مهما كانت قيمة الدعوى، وهذا بعد استثناء من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 .
التمييز بين الدعوى والحق الموضوعي وحق التقاضی والطلب والخصومة والقضية : الدعوى هي الحق في الحصول على الحماية القضائية، فالحق في الدعوى هو حق شخص في مواجهة شخص آخر مضمونة الحصول على تطبيق القانون في حالة محددة - ومنح المدعى حماية قضائية معينة.
والدعوى هي حق مستقل عن الحق الموضوعي (فتحی والی - بند 23 ص 46، وبند 26 ص 52 ، وما بعدها، رمزی سيف - بند 71 ص 102 وص 105)، فسبب الحق الموضوعي هو العقد أو الفعل الضار أو غير ذلك من مصادر الإلتزام، أما سبب الدعوي فهو اعتداء على حق أو مركز قانوني، كما أن الحق الموضوعي إذا كان حقاً شخصياً ، فإن مضمونه إلزام شخص بتقديم أداء معين للدائن، وإذا كان حقاً عينياً فإن مضمونه الحصول مباشرة على منفعة من مال معين، بينما مضمون الدعوى - ایاً كان الحق الذي تحميه - هو دائماً الحصول على حكم من القضاء، ولكن إستقلال الدعوى عن الحق الموضوعي لا ينفي الصلة القوية بينهما .
أما حق التقافتی أی حق الالتجاء إلى القضاء ، فهو حق من الحقوق العامة مكفول للناس كافة (مادة 68 من الدستور، ولا يجوز النزول عنه ولا يقضي بالتقادم أو بأي سبب من أسباب الانقضاء، بينما الحق في الدعوى هو حق محدد مقرر لشخص معين هو من حدث إعتداء على حقه يبرر حصوله على الحماية القضائية، وهو باعتباره حقاً محدداً يجوز النزول عنه، وقد ينقضي بالتقادم، ومن ثم فإن الإنسان يكون له حق التقاضي دائماً بينما قد يكون له الحق في دعوى معينة كدعوی إستحقاق عقار معين مثلا، أو لا يكون له منا الحق، (فتحى والي - ص 48).
وتتميز الدعوى عن الطلب أي المطالبة القضائية، فالطلب أي المطالبة القضائية في العمل الذي يباشر به الشخص حسب الأحوال حقه في الدعوى، وبعبارة أخرى هو العدل الإجرائي الذي يعلن به المدعى رغبته في الحصول على حماية من الفضاء، (وجدي راغب - نظرية العمل القضائي - ص 432)، ولايوجد الطلب إلا بقیه ای ببدء الخصومة بينما الدعوي توجد ولو لم تبدأ الخصومة كما أنه لا يترتب على التنازل عن الطلب أو على ترك الخصومة انقضاء الدعوى ، إذ للمدعى أن يعود فيرفع دعواه نفسها مرة أخرى، وقد يكون الطلب اي المطالبة القضائية صحيحة مطابقة للنموذج القانون، ومستكملة شرائطه، ومع ذلك تكون الدعوى غير مقبولة، فقد يوجد الطلب دون الدعوى (فتحی والی - ص 50 وص 51)، ولكن رغم أن الدعوى تتميز عن الطلب فإنه يوجد إرتباط بينهما، فالدعوى تتجسد في الطلب، بينما الطلب لايجسد الدعوى إلا إذا كان طلب حماية قضائية للمدعی حق الحصول عليها، فإذا لم يكن كذلك، وجد الطلب دون الدعوي .
كما تتميز الدعوى عن الخصومة، فالدعوى هي الحق في الحماية القضائية، بينما الخصومة هي مجموعة الأعمال الإجرائية أي الإجراءات التي يقوم بها القاضي، وأعوانه والخصوم ومعلوم، وأحياناً الغير، والتي ترمي إلى إصدار قضاء يحقق هذه الحماية، وتكون الخصومة بذاتها عملاً قانونياً مركباً تتابعياً ،أي يتكون من عدة أعمال تتابع زمنياً ومنطقياً ، بحيث يعتبر العمل السابق منها مفترضا أي شرطا للعمل الذي يليه، وتؤدى جميعها إلى إنتاج أثر قانونی واحد هو الحصول على حكم من القاضي، إذ تبدأ الخصومة بأول عمل فيها، وهو المطالب القضائية، ثم تستمر بتتابع الأعمال وفق النظام الذي يفرضه القانون، وذلك بصرف النظر عن توافر الحق في الدعوى أو توافر الشروط اللازمة للحكم في الدعوى، وتعتبر الخصومة الوسيلة الفنية التي يجري التحقق بواسطتها من توافر الحق في الدعوى، ولذلك فإن شروطها تختلف عن الشروط اللازمة لتوافر هذا الحق، فالخصومة هي مجموعة الإجراءات التي يتم بها رفع الدعوى إلى القضاء، وإبداء الدفاع بشأنها وتحقيقها ثم الفصل فيها بواسطة الحكم، والدعوى هي موضوع الخصومة كما أن الخصومة هي الوسيلة أو الوعاء الذي يحتوي الدعوى أمام القضاء، ولذا تتميز الدعوى عن الخصومة فلكل منهما أحكامه الخاصة به وشروطه.
وللتفرقة بين الدعوى والخصومة قالت محكمة النقض أن الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء للحصول على حماية قانونية للحق المدعى به أما الخصومة فهي وسيلة ذلك ،أي أنها مجموعة الأعمال الإجرائية التي يطرح بها هذا الادعاء على القضاء، ويتم بها تحقيقه والفصل فية والقانون المدني هو الذي ينظم قواعد سقوط وانقضاء الدعاوى و الحقوق بمضي المدة بينما ينظم قانون المرافعات سقوط وإنقضاء الخصومة، وقد جرى قضاء النقض على أن انقضاء الخصومة لايترتب عليه أي مساس بأصل الحق المرفوعة به الدعوى، بل يبقى خاضعاً في انقضائه للقواعد المقررة في القانون المدني فالملكية حق والمطالبة به أو حمايته يكون عن طريق الدعوى والخصومة هي الإجراءات التي تتبع لطرح الدعوى على المحكمة.
الفرق بين الدعوى والخصومة الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء للحصول على حماية قانونية للحق المدعى به أما الخصومة فهي وسيلة ذلك أي أنها مجموعة الأعمال الإجرائية التي يطرح بها هذا الادعاء على القضاء ويتم بها تحقيقه والفصل فيه والقانون المدني هو الذي ينظم قواعد سقوط وانقضاء الدعاوى والحقوق بمضي المدة بينما ينظم قانون المرافعات قواعد سقوط وإنقضاء الخصومة.(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء : الثاني ، الصفحة : 316)
1- الغرض من بيانات الفقرة الأولى هو تحديد شخصية المدعي وهي تكون كلا واحداً يكمل بعضها بعضاً بحيث أن النقص أو الخطأ في بعضها لا يؤدي إلى البطلان مادام ليس من شأنه التجهيل بشخص المدعي . وإذا كان المدعي يعمل لغيره باعتباره نائباً عن الغير وجب أن تشتمل الورقة على اسم المعلن ولقبه ووظيفته وموطنه وكذلك اسم من يمثله ولقبه ومهنته وموطنه فإذا كان الإعلان بناء على طلب ممثل الشخص إعتباري فإنه يجب ذكر اسم الشخص الإعتباري وذكر صفة من يمثله ولا حاجة لذكر إسمه لأن اسمه لا يهم في هذه الحالة وإنما لهم الصفة التي تخوله العمل باسم الشخص الاعتباري.
2- بالنسبة للفقرة الثانية فيصدق عليها ما قيل بالنسبة للمدعي ونضيف إليها أن هناك خصوم أصليون في الدعوى أو حقيقيون وهناك خصوم يطلب الحكم في مواجهتهم وهم خصوم غير حقيقيين والقاعدة أنه إذا اقتصر ذلك الذي أدخل الخصوم غير الحقيقيين على طلب الحكم في مواجهتهم دون أن يوجه إليه طلبات فإنه لا يعد خصماً مادام لم يبد. منازعة ، أما إذا نازع في الدعوى أنقلب إلى خصم حقيقي ، كذلك قد يعتبر خصماً حقيقياً رغم أنه لم ينازع في الدعوى وذلك في حالة ما إذا كان من أثر الحكم في الدعوى أن يؤثر في مركزه القانوني كما إذا أقام العامل دعوى على رب العمل بطلب تحديد أجره أو زيادته واختصم فيها هيئة التأمينات الاجتماعية للحكم في مواجهتها . لاشك أن الحكم في الأجر سيؤثر في مركز هيئة التأمينات الإجتماعية القانوني لأن معاش العامل مترتب على أجره ، فإن زاد الأجر ارتفع المعاش وبذلك فإن هيئة التأمينات تعد في هذه الحالة خصماً حقيقياً سواء نازعت في الدعوى أو لم تنازع. ويدق البحث في حالة ما إذا أقام المدعي دعوى صحة تعاقد على البائع وأدخل آخر في الدعوى للحكم في مواجهته بصفته شريكاً في التكليف.
أصدرت محكمة النقض حكما في هذه المسألة اعتبرت فيه أن الحكم في المواجهة في دعوى صحة التعاقد يختلف عن الدعاوى الأخرى باعتبار أن الحكم في هذه الدعوى يترتب عليه أن العقد يعتبر صحيحاً ونافذاً.
3- البيان الخاص بالفقرة الثالثة أصبح له أهمية بعد أن جعل المشرع تقديم الصحيفة بمثابة رفع الدعوى تترب عليه آثار عديدة ويتعين على قلم الكتاب أن يبين تاريخ تقديم الصحيفة إليه.
4- طبقاً للفقرة الرابعة يتعين بيان المحكمة المرفوع أمامها الدعوى ولا يكفي ذكر عبارة ( المحكمة المختصة ) لأن تحديد المحكمة المختصة قد يكون محل بحث واجتهاد قانوني وكذلك يجب أن يذكر اسم المحكمة على وجه التحديد بشكل لا يدع مجالاً للشك فيه.
5- المحكمة في الفقرة الخامسة أن تعلن له في هذا الموطن الأوراق المتعلقة بالدعوى فإن لم يعين المدعي موطناً مختاراً له في الحالات التي يوجب القانون فيها ذلك جاز للخصوم إعلانه بأوراق الدعوى في قلم الكتاب عملاً بالمادة 12 من القانون.
6- الغرض من الفقرة السادسة مزدوج فهو من ناحية يتيح للمدعى عليه أن يكون فكرة وافية عن المطلوب منه تمكنه من إعداد دفاعه قبل الجلسة حتى لا يضطر إلى طلب تأجيل الدعوى وهو من ناحية أخرى يعين المحكمة على تكوين فكرة واضحة عنها تساعدها على تحديد المواعيد اللازمة لإعداد الدعوى (راجع فيما تقدم وسيط المرافعات لرمزي سیف الطبعة الثانية من 291 وما بعدها ).
7- توقيع المحامي على صحيفة الدعوى . تنص المادة 58 من قانون المحاماة الحالي رقم 17 لسنة 1983 على وجوب أن تكون صحف الدعاوي أو الطعون موقعة من محام مقبول أمام المحكمة التي تنظر الدعوى أو الطعن ويستثنى من القاعدة المتقدمة الدعاوى الجزئية التي تقل قيمتها عن خمسين جنيهاً كذلك يتعين توقيع طلبات أمر الأداء من محام مقبول أما القاضي الذي يصدر الأمر ما لم يكن الطلب في حدود النصاب الإنتهائي للمحكمة الجزئية وتقول المذكرة التفسيرية للقانون القديم في توضيح التنظيم المتقدم أنه قد قصد به رعاية الصالح العام وتحقيق الصالح الخاص ذلك أن إشراف المحامي على تحرير صحف الإستئناف والدعاوي ذات القيمة من شأنه مراعاة أحكام القانون في تحرير هذه الأوراق وبذلك تنقطع المنازعات التي كثيراً ما تبدأ بسبب قيام من لا خبرة لهم بممارسة هذه الشئون ذات الطبيعة القانونية مما يعود بالضرر على ذوي الشأن.
وقد تضمنت الفقرة الأخيرة من المادة 58 من قانون المحاماة الجديد نصاً صريحاً بالبطلان على مخالفة أحكامها.
ويجوز تصحيح البطلان بتوقيع المحامي على صحيفة الدعوى أو الطعن بعد تقديمها بشرط أن يتم ذلك في خلال المواعيد المقررة لرفع الدعوى أو الطعن.
وتأسيسا على ذلك فلا يلزم توقيع محام على الإنذارات أو الإعذارات أو أوراق تعجيل الدعوى من الشطب أو الوقف أو الإنقطاع أو على محاضر الحجز وأوراق المحضرين الأخرى في المستشار نصر الدين كامل في الدعوى وإجراءاتها بند 27).
وقد نصت المادة 8 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 المعدلة بالقانون 227 لسنة 1984 على ما يلي :
مع عدم الإخلال بأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية لا يجوز لمحامي الإدارات القانونية للهيئات العامة وشركات القطاع العام والمؤسسات الصحيفة أن يزاولوا أعمال المحاماة لغير الجهة التي يعملون بها وإلا كان العمل باطلاً.
كما لا يجوز للمحامي في هذه الإدارات القانونية الحضور أمام المحاكم الجنائية إلا في الإدعاء بالحق المدني في الدعاوى التي تكون الهيئة أو الشركة أو المؤسسة طرفاً فيها وكذلك الدعاوي التي ترفع على مديريها أو العاملين بها بسبب أعمال وظائفهم.
ولا يسري هذا الحظر بالنسبة للقضايا الخاصة بهم وبأزواجهم وبأقاربهم حتى الدرجة الثالثة ، وذلك في غير القضايا المتعلقة بالجهات التي يعملون بها ".
ومؤدى هذا النص أن محامي الإدارات القانونية في الهيئات العامة وشركات القطاع العام والمؤسسات الصحيفة محظور عليهم أن يباشروا أي عمل من أعمال المحاماة كتحرير صحف الدعاوي والطعون أو التقدم بأمر أداء أو الحضور أمام المحاكم على إختلاف أنواعها ودرجاتها لغير الجهة التي يعملون بها واستثنت الفقرة الأخيرة من هذه المادة. قضاياهم الشخصية ودعاوى أزواجهم وأقاربهم حتى الدرجة الثالثة بشرط ألا تكون الشركة أو الهيئة التي يعملون بها طرفاً في الدعوى ورتب القانون على مخالفة ذلك البطلان وهو بطلان متعلق بالنظام العام.
8- ولا تعتبر صحيفة الدعوى بذاتها من أوراق المحضرين ولا يلزم أن تشتمل على كل بيانات أوراق المحضرين وإنما هي تعلن بعدئذ إلى المدعي عليه بمقتضى القواعد العامة المقررة لأوراق المحضرين.
9- وإذا كانت المادة 63 توجب كقاعدة عامة إقامة الدعوى بإيداع صحيفتها قلم الكتاب إلا أنه في حالة ما إذا نص قانون المرافعات أو أي قانون آخر على إقامة الدعوى بصحيفة تعلن للخصم أو بتكليف بالحضور فإن هذا يعتبر استثناء من الأصل ويجب أتباعه فيما ورد بشأنه فقط وفي هذه الحالة فإنه يتعين على طالب الإجراء مباشرة إعلانه عن طريق قلم المحضرين إلى خصمه كما وأن آثار الإجراء لا تترتب إلا من تاريخ تمام إعلانه للخصم مثال ذلك ما كانت تنص عليه المادة 113 من قانون المحاماة من أنه يجوز للمحامي والموكل إستئناف القرارات التي يصدرها مجلس النقابة الفرعية في طلبات التقدير بتكليف بالحضور أمام محكمة الإستئناف ، فإن هذا النص خروج على القاعدة العامة - التي تقضي بأن الاستئناف يعتبر مرفوعاً بمجرد تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب - واعتبر أنه لا يعتبر مرفوعاً إلا بتكليف المستأنف عليه بالحضور أمام المحكمة خلال عشرة أيام من تاريخ إعلانه بقرار النقابة ومثال ذلك أيضاً ما نص عليه القانون من الطعن في قرارات لجان الطعن بمصلحة الضرائب أو الطعن في قرارات لجان تقدير اجرة المساكن قبل إلغاء هذه اللجان .
10- ولا تعتبر الدعوى مرفوعة إلا بتمام إجراء المطالبة القضائية وفقاً للإجراءات التي تم رسمها القانون والتي تتمثل في إيداع صحيفة الدعوى مستوفية بياناتها قلم كتاب المحكمة . ومن لحظة إيداع الصحيفة قلم الكتاب تعتبر الدعوى مرفوعة وتترتب آثار رفع الدعوى من هذه اللحظة دون نظر للإجراءات التي سبقتها أو الإجراءات اللاحقة عليها ويترتب على رفع الدعوى على هذا النحو آثار إجرائية وآثار موضوعية ، ومن الآثار الإجراءات بدء الخصومة ونتيجة لهذا إذا رفعت الدعوى نفسها أمام محكمة أخرى جاز الدفع متنازعاً فيه بالمعنى المقصود في المادة 471 من التقنين المدني لا يتور اختصاص المحكمة بما يطرأ من تغيير بعد تلك اللحظة في أية واقعة تكون مؤثرة في الإختصاص كقيمة الشيء موضوع الدعوى ، أو موطن المدعي عليه أو جنسية الخصوم . ومن الآثار الموضوعية لإيداع الصحيفة قطع التقادم الساري لصالح المدعى عليه وفقاً للمادة 383 من التقنين المدني، وكذلك قطع مدد السقوط.
(2) سريان الفوائد من لحظة إيداع الصحيفة قلم الكتاب إذا تضمنت الصحيفة المطالبة بها عملاً بالمادة 226 من التقنين المدني زوال حسن نية الحائز وصيرته سيء النية يلتزم برد الثمار في حكم المادة 979 من التقنين المدني إذا نقل المدعى عليه إلى أحد حيازة الشيء المطلوب استرداده منه أو تصرف في الحق المطالبة به في ذلك لا يؤثر في بقائه طرفاً في الخصومة بون من نقل إليه الحيازة أو تصرف إليه في الحق عدم نفاذ التصرف الذي اكتسب بعد الغير حقاً على العقار محل المطالبة القضائية في حق المدعي متى كان قد سجل صحيفة دعواه قبل تسجيل التصرف . ( مرافعات كمال عبد العزيز الجزء الأول طبعة سنة 1995 ص 434).
11- ويتعين التفرقة بين الآثار التي تترتب على إيداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب والمعلقة على شرط تمام الإعلان وبين إيداع صحيفة تعجيلها ففي الحالة الأولى تعتبر الدعوى مرفوعة من وقت تقديم صحيفتها إلى قلم الكتاب حيث ترتب الآثار من ذلك الوقت متى تحقق الشرط وهو الإعلان الصحيح وفي الحالة الثانية وهي حالة ما إذا اعترض الخصومة أي عارض كالحكم بانقطاع سير الخصومة أو وفقها أو التقرير بشطب الدعوى فإن تعجيلها أو تجديدها لا يكون منتجا لأثاره إلا بتمام الإعلان ومن وقت حدوثه.
12- وفي رأينا أن تقديم صحيفة الدعوى إلى قلم كتابي محكمة غير مختصة قاطع للتقادم والسقوط أخذا بمفهوم حكم النقض الذي صدر في ظل القانون القديم والذي كان يعتبر تقديم صحيفة الدعوى لقلم المحضرين هو الإجراء القاطع للتقادم والسقوط.
ويؤيد رأينا أن النص قد جرى على أن " ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعي بصحيفة تودع بقلم كتاب المحكمة " ولم يقيد النص المحكمة بأنها المحكمة المختصة هذا فضلاً عن أن المادة 110 مرافعات أوجبت على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة.
13- ولا يجوز رفع الدعوى المبتدأة إلا بتقديم صحيفتها لقلم الكتاب فإن رفعت إعلانها مباشرة دون إيداعها قلم الكتاب ترتب البطلان وهو بطلان متصل بالنظام العام لأنه متعلق بإجراءات التقاضي.
ودعوى الضمان الفرعية تعتبر كالدعوى الأصلية تماما وبالتالي لا يجوز إبداؤها بطلب عارض في الجلسة كما لا يجوز رفعها بإعلان يقدم قلم المحضرين مباشرة بل ينبغي تقديم صحيفتها لقلم الكتاب.
وإذا قضت المحكمة ببطلان صحيفة الدعوى فإنه يترتب على ذلك إلغاء جميع الإجراءات اللاحقة لها وزوال ما ترتب على رفعها من آثار واعتبار الخصومة كأن لم تكن فإذا أقام المشترى دعوى بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه وسجل صحيفة الدعوى بالشهر العقاري وقضت المحكمة ببطلان الصحيفة السبب ما فإنه يترتب على ذلك زوال أثر تسجيلها تلقائياً دون حاجة لصدور حكم بإلغاء هذا التأشير ، إلا أن ذلك لا يمنع صاحب المصلحة من تجديد الخصومة إذا شاء بإجراءات مبتدأة متى انتفى المانع القانوني.
ويلاحظ التعليق على المادة 68 بشأن إيداع الصحيفة و إعلانها وأن رفع الدعوى يتم بالإجراء الأولى أما انعقادها فلا يتم إلا بالإجراء الثاني أو بحضور المدعى عليه رغم عدم إعلانه.
الفرق بين الدعوى والطلب : الدعوى هي حق صاحب الحق في الاستعانة بالقضاء لحماية حقه وقد رسم القانون لصحاب الدعوى طريقين لمباشرة دعواه طريق الطلبة وطريق الدفع والطلب هو الإجراء الذي عرض به الإنسان على القضاء إدعاء طالباً منه الحكم له بما يدعيه على خصمه ، فالطلب إذا أجيب أدى إلى الحكم لمقدمه بشيء على خصمه.
أما الدفع فهو الإجراء الذي يجيب به الخصم على طلب خصمه بقصد منع الحكم عليه بطلبات خصمه ، فنتيجة الدفع إذا أجيب ألا يحكم بما يطلبه الخصم الآخر.
ونظراً لأن الطلبات والدفوع وسائل المباشرة الدعوى فإنه يشترط لقبولها ما يشترط لقبول الدعوى من شروط ، فيشترط لقبولها شرط المصلحة بخصائصه كما يجب توافر الشروط الخاصة أن كان للدعوى شروط خاصة كما إذا كان القانون يشترط للتمسك بحق من الحقوق أن يحصل التمسك به في ظرف معين فلا يقبل التمسك بهذا الحق سواء حصل التمسك به في صورة طلب أو دفع إلا إذا روعي هذا الظرف المعين.
وليس صحيحاً على إطلاقه القول بأن الطلب إجراء يقدمه المدني والدفع إجراء يرد به المدعي عليه ، فالطلب والدفع يجوز إبداء كل منهما من المدعي ومن المدعى عليه لأن المدعي قد يقف أحياناً موقف الدفع كما أن المدعى عليه قد يلجأ أحياناً إلى وسائل الهجوم والطلبات نوعان طلبات أصلية أو مفتتحة للخصومة وهي الطلبات التي تنشأ عنها قضية لم تكن موجودة قبل إبدائها فهي أول ما يتخذ في الخصومة من إجراءات ولذلك تسمى طلبات مفتتحة للخصومة وطلبات عارضة وهي التي تبدأ أثناء خصومة قائمة على النحو المبين في المادة 123 مرافعات فهي لا تنشئ خصومة جديدة وإنما تعدل من نطاق خصومة قائمة قبل إبدائه.
والطلب الأصلي هو الذي تقدر به الدعوى كما تتحدد به المحكمة المختصة بنظر الدعوى.
وإذا كان التقادم يقطع برفع الدعوى ويبقى ما بقيت الخصومة قائمة إلى أن يحكم فيها وأنه وإن كان رفع الدعوى إلى محكمة غير مختصة يقطع التقادم كما سلف القول إلا أن أثر قطع التقادم لا يترتب إذا صدر في الدعوى حكم من الأحكام الأخرى التي تزيل الخصومة قبل الفصل في موضوعها كالحكم ببطلان صحيفة الدعوى.
هذا وننوه بأن بطلان صحيفة الدعوى لعدم توقيع محام عليها قاصر فقط على صحف الدعاوي والإستئناف أما إذا انقطع سير الخصومة أو أوقفت أمام محكمة أول درجة أو أمام المحكمة الإستئنافية فلا يشترط توقيع محام على صحيفة التعجيل كذلك لا يشترط توقيع محام على صحيفة تجديد الدعوى أمام محكمة الإستئناف بعد النقض الأول أما رفع الطعن بالنقض فإنه فضلاً عن : وجوب توقيع الصحيفة من محام مقبول أمام محكمة النقض فإنه يتعين إيداع سند توكيل المحامي الموكل في الطعن.
وإذا أقام شخص دعوى ضد أحد المحامين ولم يكن رافعها قد تمكن من توكيل محام أو كان من وكله من المحامين لم يصدر له من النقابة الإذن بالحضور ضد زميله فإنه يجوز لرافع الدعوى أو الإستئناف أن يتقدم بالصحيفة دون أن يوقعها محام ولا يشترط في ذلك أن يكون المدعي أو المستأنف قد وكل محامياً وأن يكون هذا المحامي قد تقدم بطلب الحصول على إذن من مجلس النقابة الفرعية ولم يصدر له الإذن بعد كما أنه إذا وكل رافع الدعوى أو الاستئناف محامياً للحضور ضد زميله المرفوع عليه الدعوى أو الطعن ولم يتقدم المحامي الموكل بطلب الحصول على إذن من مجلس النقابة الفرعية فإن ذلك لا يترتب عليه البطلان وإنما قد يترتب عليه مساءلة المحامي الموكل أمام مجلس النقابة.
والجدير بالذكر أن واقعة أداء الرسم منقطعة الصلة بتقديم صحيفة الدعوي أو الطعن إلى قلم الكتاب وسابقة عليها والمعول عليه هو تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب إذ هو الإجراء الذي يرتب عليه القانون الآثار التي سبق بيانها وإن كان هذا لا يمنع المحكمة من استبعاد الدعوى من قائمة الجلسة إذا تبين لها عدم سداد المدعي رسوم الدعوى.
وغنى عن البيان أن تراخي قلم الكتاب في قيد الدعوى المنصوص عليه في المادة 67 لا أثر له على إيداع صحيفتها قلم الكتاب المنصوص عليه في المادة 63 لأن الإجرائيين منفصلين عن بعضهما والعبرة كما سبق أن ذكرنا بإيداع الصحيفة ولو تأخر قلم الكتاب في قيدها إلى ما بعد فوات ميعاد رفع بإيداع الصحيفة ولو تأخر قلم الكتاب في قيدها إلى ما بعد فوات ميعاد رفع الدعوى أو الطعن إذ أن قيد الدعوى، من صميم قلم الكتاب ولا شأن للمدعي به.
ويتعين أن يتم إيداع الصحيفة قلم الكتاب من المدعي أو الطاعن أو ممن يمثلهما قانوناً ومن ثم لا يكفي لاعتبارها مودعة إرسالها بالبريد أو بأي وسيلة أخرى وإلا وقعت الإجراءات باطلة بطلاناً يتصل بالنظام العام .
ولا جدال في أن صحيفة إفتتاح الدعوى هي ورقة عرفية لأن القانون لا يستلزم تحريرها أمام الموظف المختص ومن ثم يجوز الطعن عليها بالإنكار والتزوير ولا تلحقها الرسمية إلا بالتأشير عليها من الموظف المذكور وفي حدود البيانات التي أثبتها أو وقعت من ذوي من الشأن في حضوره .
الفرق بين الدعوى والخصومة :
الدعوى كما قالت محكمة النقض هي حق الالتجاء إلى القضاء للحصول على حماية قانونية للحق المدعى به . أما الخصومة فهي وسيلة ذلك أي أنها مجموع الأعمال الإجرائية التي يطرح بها هذا الإدعاء على القضاء ويتم بها تحقيقه والفصل فيه . والقانون المدني هو الذي ينظم قواعد سقوط وإنقضاء الدعاوي والحقوق بمضي المدة بينما ينظم قانون المرافعات سقوط وانقضاء الخصومة ، وقد جرى قضاء النقض على أن إنقضاء الخصومة لا يترتب عليه أي مساس بأصل الحق المرفوعة به الدعوى بل يبقى خاضعاً إنقضائه للقواعد المقررة في القانون المدني فالملكية حق والمطالبة به أو حمايته يكون عن طريق الدعوى والخصومة هي الإجراءات التي تتبع لطرح الدعوى على المحكمة.
وإذا قضت المحكمة باعتبار الدعوى التي رفعها المدعي كأن لم تكن لسبب من الأسباب فإن ذلك لا يمس الحق المطالب به كما إذا كانت الدعوى مطالبة بدين فإن اعتبار الدعوى كأن لم تكن لا يمس أصل الحق في الدين طالما أنه لم يسقط أو ينتهي بسبب من أسباب سقوطه التي حددها القانون المدني .
لا يجوز رفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا مباشرة بدعوى أصلية بصحيفة بدون تصريح من المحكمة :
من المقرر وفقاً لقانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 أن الدعوى الدستورية لا ترفع إلا بطريق الإحالة إليها من محكمة الموضوع ويتم ذلك في حالتين أولاهما أن يتراءى لإحدى المحاكم التي تنظر النزاع عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في الدعوى المطروحة عليها وحينئذ يتعين عليها وقف الدعوى وإحالتها للمحكمة الدستورية العليا مع بيان النص التشريعي الذي رأت عدم دستوريته والنص الدستوري المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة وذلك عملاً بالمادة 29 من قانون المحكمة الدستورية أنف البيان وثانيهما أن يبدي أمامها دفع بعدم دستورية قانون أو لائحة وترى أنه يقوم على سند من الجد وفي هذه الحالة أيضاً توقف الدعوى ثم تحيل النزاع إلى المحكمة الدستورية أو تأمر مبدي الدفع بعدم الدستورية أن يرفع دعواه أمام المحكمة الدستورية ومؤدي ذلك أنه لا يجوز رفع الدعوى الدستورية مباشرة بدعوى أصلية بصحيفة كما هو الشأن في الدعاوى العادية بدون تصريح من المحكمة .
إحالة المحكمة الجنائية الدعوى المدنية للمحكمة المدنية يترتب عليه إتصال الدعوى المدنية بالمحكمة الأخيرة قانوناً .
في حالة ما إذا أقام المدعي بالحق المدني دعواه أمام محكمة الجنح بطريق الإدعاء المباشر المقر بنص المادة 232 إجراءات جنائية بتكليف صحيح بالحضور فقضت المحكمة الجنائية بانقضاء الدعوى الجنائية بسبب من أسباب الإنقضاء كانقضائها صلحاً ثم إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية لما ارتأته من أن الفصل فيها يستلزم تحقيقاً خاصاً فإن الدعوى المدنية تكون قد اتصلت بالمحكمة المدنية اتصالاً صحيحاً وتعد أنها أقيمت وفقاً للقانون دون حاجة إلى سلوك الطريق الذي نص عليه المشرع في المادة 63 مرافعات .
ترفع الدعاوي في مواد الأحوال الشخصية للولاية على النفس بالطريق المعتاد عليه في المادة 63 مرافعات :
نصت المادة 16 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية على أن " ترفع الدعوى فى مسائل الولاية على النفس بالطريق المعتاد لرفع الدعوى المنصوص عليه في قانون المرافعات المدنية والتجارية " .
كذلك نصت المادة 33 من القانون سالف الذكر على أن تقيد النيابة العامة طلبات الحجر والمساعدة القضائية واستمرار الولاية أو الوصاية وسلب الولاية أو الحد منها او وقفها وسلب الإذن للقاصر أو المحجور عليه أو الحد منه وإثبات الغيبة والحد من سلطة الوكيل عن الغائب ومنع المطلوب الحجر عليه أو سلب ولايته من التصرف أو تقييد حريته فيه ، وذلك يوم وساعة تقديم الطلب في سجل خاص .
ونصت المادة 36 من ذات القانون السابق في فقرتها الأولى أن يرفع الطلب (أي طلب من الطلبات المبينة في المادة 33 ) إلى المحكمة المختصة من النيابة العامة أو من ذوي الشأن . ونصت في فقرتها الثانية " وفي الحالة الأخيرة يجب أن يشتمل الطلب المرفوع على البيانات التي يتطلبها قانون المرافعات فى صحيفة الدعوى وأن يرفق به المستندات المؤيدة له ، وعلى المحكمة أن تحيله إلى النيابة العامة لإبداء ملاحظاتها عليه كتابة خلال ميعاد يحدده لذلك ". وقد شرحنا المواد السابقة جميعها في نهاية الجزء الثاني من هذا المؤلف فيرجع إليه.
لا يلزم توقيع محام على صحف دعاوى الأحوال الشخصية أمام المحكمة الجزئية :
وفقاً للفقرة الأولى من المادة 3/ 1 من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000 لا يلزم توقيع محام على صحف دعاوى الأحوال الشخصية أمام المحكمة الجزئية وذلك مهما كانت قيمة الدعوى وهذا يعد استثناء من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 وقد شرحنا المادة 3 من القانون رقم 1 لسنة 2000 من باقي مواد القانون في نهاية الجزء الثاني من هذا المؤلف.
الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم إتباع إجراءات رفعها تتعلق بالنظام العام :
من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم إتباع إجراءات رفعها أمر متعلق بالنظام العام وعلى ذلك يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى سواء أمام محكمة أول درجة أو محكمة الدرجة الثانية ويتعين على المحكمة دون دفع من الخصوم أن تتعرض له من تلقاء نفسها ، إلا أنه يشترط لجواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض أن تكون عناصره قد سبق طرحها أمام محكمة الموضوع .(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 765)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع والأربعون ، الصفحة / 56
وَطَن
التَّعْرِيفُ:
الْوَطَنُ- بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالطَّاءِ- فِي اللُّغَةِ: مَنْزِلُ الإْقَامَةِ، أَوْ مَكَانُ الإْنْسَانِ وَمَقَرُّهُ، وَيُقَالُ لِمَرْبِضِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالإِبِلِ: وَطَنٌ، وَهُوَ مُفْرَدٌ، جَمْعُهُ أَوْطَانٌ، وَمِثْلُ الْوَطَنِ الْمَوْطِنُ، وَجَمْعُهُ مَوَاطِنُ، وَأَوْطَنَ: أَقَامَ، وَأَوْطَنَهُ وَوَطَّنَهُ وَاسْتَوْطَنَهُ: اتَّخَذَهُ وَطَنًا، وَمَوَاطِنُ مَكَّةَ: مَوَاقِفُهَا .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ الْوَطَنُ: هُوَ مَنْزِلُ إِقَامَةِ الإْنْسَانِ وَمَقَرُّهُ، وُلِدَ بِهِ أَوْ لَمْ يُولَدْ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْمَحَلَّةُ:
الْمَحَلَّةُ فِي اللُّغَةِ: مَنْزِلُ الْقَوْمِ، وَالْجَمْعُ مَحَالُّ .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هِيَ مَنْزِلُ قَوْمِ إِنْسَانٍ وَلَوْ تَفَرَّقَتْ بُيُوتُهُمْ حَيْثُ جَمَعَهُمُ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمَحَلَّةِ وَالْوَطَنِ أَنَّ الْوَطَنَ أَعَمُّ مِنَ الْمَحَلَّةِ.
أَنْوَاعُ الْوَطَنِ:
يُقَسِّمُ الْفُقَهَاءُ الْوَطَنَ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الأْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِهِ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ: وَطَنٌ أَصْلِيٌّ، وَوَطَنُ إِقَامَةٍ، وَوَطَنُ سُكْنَى، كَمَا يَلِي:
أ- الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ:
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ هُوَ: مَوْطِنُ وِلاَدَةِ الإْنْسَانِ أَوْ تَأَهُّلِهِ أَوْ تَوَطُّنِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ، وَيُسَمَّى بِالأْهْلِيِّ، وَوَطَنُ الْفِطْرَةِ، وَالْقَرَارِ، وَمَعْنَى تَأَهُّلِهِ أَيْ تَزَوُّجِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ بِبَلْدَتَيْنِ فَأَيُّهُمَا دَخَلَهَا صَارَ مُقِيمًا، فَإِنْ مَاتَتْ زَوْجَتُهُ فِي إِحْدَاهُمَا وَبَقِيَ لَهُ فِيهَا دُورٌ وَعَقَارٌ، قِيلَ: لاَ يَبْقَى وَطَنًا، إِذِ الْمُعْتَبَرُ الأْهْلُ دُونَ الدَّارِ، وَقِيلَ: تَبْقَى، وَمَعْنَى تَوَطُّنِهِ أَيْ عَزْمِهِ عَلَى الْقَرَارِ فِيهِ وَعَدَمِ الاِرْتِحَالِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَتَأَهَّلْ فِيهِ .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: الْوَطَنُ هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يُقِيمُ فِيهِ الشَّخْصُ لاَ يَرْحَلُ عَنْهُ صَيْفًا وَلاَ شِتَاءً إِلاَّ لِحَاجَةٍ كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ .
وَيَلْحَقُ بِهِ الْقَرْيَةُ الْخَرِبَةُ الَّتِي انْهَدَمَتْ دُورُهَا وَعَزَمَ أَهْلُهَا عَلَى إِصْلاَحِهَا وَالإْقَامَةِ بِهَا صَيْفًا وَشِتَاءً .
كَمَا يَلْحَقُ بِهِ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ الْبَلَدُ الَّذِي فِيهِ امْرَأَةٌ لَهُ أَوْ تَزَوَّجَ فِيهِ، لِحَدِيثِ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ تَأَهَّلَ فِي بَلَدٍ فَلْيُصَلِّ صَلاَةَ الْمُقِيمِ» .
قَالَ الرُّحَيْبَانِيُّ: وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ بَعْدَ فِرَاقِ الزَّوْجَةِ .
وَيُؤْخَذُ مِمَّا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْوَطَنِ الْبَلَدُ الَّذِي لِلشَّخْصِ فِيهِ أَهْلٌ أَوْ مَاشِيَةٌ، وَقِيلَ: أَوْ مَالٌ .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: الْوَطَنُ هُوَ مَحَلُّ سُكْنَى الشَّخْصِ بِنِيَّةِ التَّأْبِيدِ، وَمَوْضِعُ الزَّوْجَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ سُكْنَاهُ عِنْدَهَا، فَمَنْ كَانَ لَهُ بِقَرْيَةٍ وَلَدٌ فَقَطْ أَوْ مَالٌ فَإِنَّهَا لاَ تَكُونُ وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ .
ب- وَطَنُ الإْقَامَةِ:
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَطَنُ الإْقَامَةِ هُوَ مَا خَرَجَ إِلَيْهِ الإْنْسَانُ بِنِيَّةِ إِقَامَةِ مُدَّةٍ قَاطِعَةٍ لِحُكْمِ السَّفَرِ، وَيُسَمَّى بِالْوَطَنِ الْمُسْتَعَارِ أَوْ بِالْوَطَنِ الْحَادِثِ.
وَبَقِيَّةُ الْفُقَهَاءِ يَتَّفِقُونَ مَعَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى مَعَ اخْتِلاَفِهِمْ فِي الْمُدَّةِ الْقَاطِعَةِ لِحُكْمِ السَّفَرِ .
ج- وَطَنُ السُّكْنَى:
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَطَنُ السُّكْنَى هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يَقْصِدُ الإْنْسَانُ الْمُقَامَ بِهِ أَقَلَّ مِنَ الْمُدَّةِ الْقَاطِعَةِ لِلسَّفَرِ .
(ر: صَلاَةِ الْمُسَافِرِ ف3 – 8)
شُرُوطُ الْوَطَنِ:
لاَ يُسَمَّى الْمَكَانُ الَّذِي يُقِيمُ فِيهِ الإْنْسَانُ وَطَنًا لَهُ تُنَاطُ بِهِ أَحْكَامُ الْوَطَنِ إِلاَّ إِذَا تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطٌ.
وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ كَوْنِهِ وَطَنًا أَصْلِيًّا، أَوْ وَطَنَ إِقَامَةٍ، أَوْ وَطَنَ سُكْنَى.
ثُمَّ إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الشُّرُوطِ مِمَّا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ وَبَعْضَهَا مِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
شُرُوطُ الْوَطَنِ الأْصْلِيِّ:
أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا بِنَاءً مُسْتَقِرًّا بِمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِالْبِنَاءِ بِهِ، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ حَيْثُ عَرَّفُوا الْوَطَنَ فِي مَعْرِضِ الْكَلاَمِ عَنْ شُرُوطِ إِقَامَةِ صَلاَةِ الْجُمْعَةِ بِأَنَّهَا الْقَرْيَةُ الْمَبْنِيَّةُ بِمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِبِنَائِهَا بِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ طِينٍ أَوْ لَبِنٍ أَوْ قَصَبٍ أَوْ شَجَرٍ وَنَحْوِهِ، وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ أَنْ تَكُونَ مُجْتَمِعَةَ الْبِنَاءِ بِمَا جَرَتِ الْعَادَةُ فِي الْقَرْيَةِ الْوَاحِدَةِ .
وَالْحَنَفِيَّةُ كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ يَعْتَبِرُونَ الْمَكَانَ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ الشَّخْصُ أَوْ تَأَهَّلَ فِيهِ أَوْ تَوَطَّنَ فِيهِ وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ .
ب -شُرُوطُ وَطَنِ الإْقَامَةِ:
تُشْتَرَطُ لاِتِّخَاذِ مَكَانٍ وَطَنًا لِلإْقَامَةِ شُرُوطٌ، مِنْهَا: نِيَّةُ الإْقَامَةِ، وَمُدَّةُ الإْقَامَةِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَاتِّخَاذُ مَكَانِ الإْقَامَةِ، وَصَلاَحِيَّةُ الْمَكَانِ لِلإْقَامَةِ، وَأَلاَّ يَكُونَ الْمَكَانُ وَطَنًا أَصْلِيًّا لِلْمُقِيمِ.
وَلِلتَّفْصِيلِ فِي هَذِهِ الشُّرُوطِ وَمَعْرِفَةِ آرَاءِ الْفُقَهَاءِ فِيهَا (ر: صَلاَة الْمُسَافِرِ ف26 - 29)
شُرُوطُ وَطَنِ السُّكْنَى:
لَيْسَ لِوَطَنِ السُّكْنَى إِلاَّ شَرْطَانِ، وَهُمَا: عَدَمُ نِيَّةِ الإْقَامَةِ فِيهِ، وَعَدَمُ الإْقَامَةِ فِيهِ فِعْلاً الْمُدَّةَ الْقَاطِعَةَ لِلسَّفَرِ- بِحَسَبِ اخْتِلاَفِ الْفُقَهَاءِ- وَأَنْ لاَ يَكُونَ وَطَنًا أَصْلِيًّا لِلْمُقِيمِ فِيهِ.
(ر: صَلاَة الْمُسَافِرِ ف8)
مَا يَنْتَقِضُ بِهِ الْوَطَنُ:
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ لاَ يَنْتَقِضُ إِلاَّ بِالاِنْتِقَالِ مِنْهُ إِلَى مِثْلِهِ، بِشَرْطِ نَقْلِ الأْهْلِ مِنْهُ، وَتَرْكِ السُّكْنَى فِيهِ، فَإِذَا هَجَرَ الإْنْسَانُ وَطَنَهُ الأْصْلِيَّ ، وَانْتَقَلَ عَنْهُ بِأَهْلِهِ إِلَى وَطَنٍ أَصْلِيٍّ آخَرَ، بِشُرُوطِهِ لَمْ يَبْقَ الْمَكَانُ الأْوَّلُ وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ، فَإِذَا دَخَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُسَافِرًا، بَقِيَ مُسَافِرًا عَلَى حَالِهِ، مَا لَمْ يَنْوِ فِيهِ الإْقَامَةَ، أَوْ مَا لَمْ يُقِمْ فِيهِ فِعْلاً الْمُدَّةَ الْقَاطِعَةَ لِلسَّفَرِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُقِيمًا، وَيَكُونُ الْمَكَانُ لَهُ وَطَنَ إِقَامَةٍ بِحَسَبِ مَا تَقَدَّمَ .
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْوَطَنَ الأْصْلِيَّ لاَ يَنْتَقِضُ بِاتِّخَاذِ وَطَنٍ أَصْلِيٍّ آخَرَ. قَالَ الرُّحَيْبَانِيُّ: لاَ يَقْصُرُ مَنْ مَرَّ بِوَطَنِهِ سَوَاءٌ كَانَ وَطَنَهُ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْمَاضِي، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بِهِ حَاجَةٌ غَيْرَ أَنَّهُ طَرِيقُهُ إِلَى بَلَدٍ يَطْلُبُهُ .
وَمَنِ اسْتَوْطَنَ وَطَنًا آخَرَ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ وَطَنِهِ الأْوَّلِ، كَأَنْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ مَثَلاً: الأْولَى فِي وَطَنِهِ الأْوَّلِ، وَالثَّانِيَةُ فِي وَطَنٍ آخَرَ جَدِيدٍ، كَانَ الْمَكَانُ الآْخَرُ وَطَنًا لَهُ بِشُرُوطِهِ، وَلَمْ يَنْتَقِضِ الْوَطَنُ الأْوَّلُ بِذَلِكَ، لِعَدَمِ التَّحَوُّلِ عَنْهُ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ لِلإْنْسَانِ زَوْجَتَانِ فِي بَلَدَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يُعَدَّانِ وَطَنَيْنِ أَصْلِيَّيْنِ لَهُ، فَأَيُّهُمَا دَخَلَهَا عُدَّ مُقِيمًا فِيهَا مُنْذُ دُخُولِهِ مُطْلَقًا، وَبِهَذَا يَقُولُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ .
وَلاَ يَنْتَقِضُ الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ بِوَطَنِ الإْقَامَةِ، وَلاَ بِوَطَنِ السُّكْنَى؛ لأِنَّهُ أَعْلَى مِنْهُمَا، فَلاَ يَنْتَقِضُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ وَطَنِهِ الأْصْلِيِّ مُسَافِرًا إِلَى بَلَدٍ، وَأَقَامَ فِيهَا الْمُدَّةَ الْقَاطِعَةَ لِلسَّفَرِ، أَوْ نَوَى ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، لَمْ يَنْتَقِضْ بِذَلِكَ وَطَنُهُ الأْصْلِيُّ، فَلَوْ عَادَ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ عُدَّ مُقِيمًا بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ إِلَيْهِ مُطْلَقًا.
أَمَّا وَطَنُ الإْقَامَةِ، فَيَنْتَقِضُ بِالْوَطَنِ الأْصْلِيِّ؛ لأِنَّهُ فَوْقَهُ، وَبِوَطَنِ الإْقَامَةِ أَيْضًا؛ لأِنَّهُ مِثْلُهُ، كَمَا يَنْتَقِضُ بِالسَّفَرِ، وَلاَ يَنْتَقِضُ وَطَنُ الإْقَامَةِ بِوَطَنِ السُّكْنَى؛ لأِنَّهُ دُونَهُ.
أَمَّا وَطَنُ السُّكْنَى، فَإِنَّهُ يَنْتَقِضُ بِالْوَطَنِ الأْصْلِيِّ، وَبِوَطَنِ الإْقَامَةِ، وَبِوَطَنِ السُّكْنَى أَيْضًا، أَمَّا الأْوَّلاَنِ فَلأِنَّهُمَا فَوْقَهُ، وَأَمَّا الآْخِرُ فَ لأِنَّهُ مِثْلُهُ، وَالشَّيْءُ يَنْتَقِضُ بِمِثْلِهِ وَبِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ.