لما كان الهدف من إعلان صحيفة الدعوى هو إتصال علم الخصوم بها ومواجهة المدعى عليه بالدعوى المرفوعة ضده وهو الأمر الذي يتحقق بحضوره من تلقاء نفسه الجلسة التي تنظر فيها الدعوى أو تقديمه مذكرة بدفاعه، وتقنيناً لهذا الاتجاه الذي أرسته محكمة النقض فقد نص المشروع في المادة الثالثة منه على إضافة فقرة جديدة إلى المادة (68) تنص على أن الخصومة لا تعتبر منعقدة في الدعوى إلا بإعلان صحيفتها ما لم يحضر المدعى عليه بالجلسة أو يقدم مذكرة بدفاعه ، أما المقصود بالحضور في هذا المقام فهو أن يحضر المدعى عليه - دون إعلان - بالجلسة المحددة لنظر الدعوى عند النداء عليها ويتنازل صراحة أو ضمناً عن حقه في إعلانه بصحيفتها كأن يقر باستلامه صورة منها. أو يتسلم هذه الصورة بالجلسة بغير اعتراض، أو يبدي دفاعاً في الموضوع أو يطلب أجلاً لإبدائه بما يدل على علمه اليقيني بموضوع الدعوى وبطلبات المدعي فيها ومركزه القانوني.
ويلاحظ أن النص قد عدل بعد كتابة المذكرة الإيضاحية بأن حذف منه . المجلس التشريعي عبارة : أو يقدم مذكرة بدفاعه، فقد كان النص كما ورد من الحكومة يضيف في عجز النص عبارة ، أو بقدم مذكرة بدفاعه ولكن مجلس الشعب الغي هذه العبارة فأصبح النص كما ذكرناه آنفاً .
وقد عدل المشرع بالقانون 18 لسنة 1999 المادة بأن زاد الغرامة بمقدار المثل إذ رفع المشرع الغرامة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة - والتي تقضي بها المحكمة على من تسبب من العاملين بقلم الكتاب أو المحضرين في تاخير الإعلان في حديها الأدنى والأقصى فأصبحت لا تقل عن عشرين جنيهاً بعد أن كانت قبل التعديل لا تقل عن عشرة جنيهات ، وأصبحت لا تتجاوز مائتي جنيه بعد أن كانت قبل التعديل لاتزيد على مائة جنيه.
2 ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض – أن العبرة فى انعقاد الخصومة بتمام المواجهة بين الخصوم ، وأن هذه المواجهة كما تتم بإعلان المدعى عليه بصحيفة افتتاح الدعوى إعلاناً صحيحاً فإنه يكفى ووفقاً للفقرة الثالثة من المادة 68 من قانون المرافعات والمضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 حضور المدعى عليه بالجلسة ولو لم يسبق إعلانه بصحيفتها أو شاب إجراءات إعلانها البطلان .
(الطعن رقم 18249 لسنة 76 جلسة 2008/04/13 س 59 ص 430 ق 77)
3 ـ النص فى الفقرة الثالثة من المادة 68 من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 على أنه " ولا تعتبر الخصومة منعقدة فى الدعوى إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه ما لم يحضر بالجلسة " . يدل على أن المشرع ارتأى اعتبار الخصومة منعقدة فى الدعوى بأحد أمرين أولهما إعلان صحيفتها للمدعى عليه والثانى حضور المدعى عليه بالجلسة ووردت العبارة الخاصة بالحضور بصفة عامة مطلقة دون قيد أو شرط بما مفاده أن المشرع اقترض علم المدعى عليه بالخصومة والطلبات فيها بمجرد مثوله أمام المحكمة بغير سابق إعلان – ومن باب أولى – بناء على إعلان باطل وذلك دون حاجة لتوافر أى شرط أو اتخاذ أية مجابهة .
(الطعن رقم 952 لسنة 71 جلسة 2003/01/12 س 54 ع 1 ص 153 ق 26)
4 ـ ثبوت أن إعلان الشركة الطاعنة بصحيفة الاستئناف لم يوجه إلى موطنها الأصلي بالقاهرة مما مقتضاه أن يكون إعلانا باطلا لإجرائه بالمخالفة لنص المادة الثالثة من مواد إصدار القانون 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها التي توجب إعلان صحف الدعاوى والطعون والأحكام المتعلقة بتلك الجهات بموطنها الأصلي - مركز إدارتها - طالما أن الطاعنة حضرت أمام محكمة الاستئناف بوكيل عنها إذ بذلك تنعقد الخصومة فى الاستئناف إعمالا للفقرة الثالثة من المادة 68 من قانون المرافعات المضافة بالقانون 23 لسنة 1992 باعتبار أن الخصومة كما تنعقد بإعلان صحيفتها للمدعى عليه تنعقد أيضا بحضور المدعى عليه أمام المحكمة دون إعلان ومن باب أولى تكون الخصومة قد انعقدت بحضوره بعد إعلان باطل.
(الطعن رقم 5027 لسنة 70 جلسة 2002/04/16 س 53 ع 1 ص 550 ق 105)
5 ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن الدعوى تعتبر مرفوعة أمام القضاء بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة طبقا لنص المادة 63 من قانون المرافعات, أما انعقاد الخصومة فيها فهو إجراء منفصل عن رفع الدعوى فلا يتم إلا بالإعلان أو بحضور المدعى عليه دون إعلان إذ اعتبر ذلك الحضور مجردا عن أي قيد أو شرط طريقا لانعقاد الخصومة عملاً بالفقرة الثالثة من المادة 68 من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992.
(الطعن رقم 1573 لسنة 65 جلسة 2001/07/05 س 52 ع 2 ص 1006 ق 196)
6 ـ النص فى المادة 73 من قانون المرافعات والمادة 89/2 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 المعدل - يدل - وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات - على أن المشرع لم يتعرض فى قانون المرافعات لطرق إثبات الوكالة مكتفيا فى ذلك بالإحالة إلى قانون المحاماة الذي بينت أحكامه طريقة إثبات الوكالة, لما كان ذلك وكان حضور محام عن زميله أمام المحكمة لا يستوجب توكيلا مكتوبا ما دام أن المحامي الأخير موكل من الخصم, وكان الثابت بالأوراق أن الأستاذ (..........) المحامي وكيل عن الطاعنة بالتوكيل رقم (..........) توثيق الأهرام فإن حضور الأستاذة (.........) عنه أمام محكمة الاستئناف على نحو ما أثبت بمحضر جلسة (..........), يترتب عليه اعتبار الطاعنة قد مثلت أمام محكمة الاستئناف تمثيلا قانونيا صحيحاً واتصل علمها بالدعوى وهو ما يكفي لانعقاد الخصومة فى الاستئناف عملاً بالفقرة الثالثة من المادة 68 من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 سالفة البيان.
(الطعن رقم 1573 لسنة 65 جلسة 2001/07/05 س 52 ع 2 ص 1006 ق 196)
7- مؤدى نص المادة 68 / 3 من قانون المرافعات أنه يشترط لانعقاد الخصومة فى الدعوى إعلان المدعى عليه إعلاناً صحيحاً بصحيفتها أو حضوره الجلسة المحددة وتنازله صراحة أو ضمناً عن حقه فى الإعلان . فقد دل ذلك علي أنه لا قضاء إلا فى خصومة تحققت فيها المواجهة بين الخصوم باعتبارها ركناً من أركان التقاضى لا يقوم إلا بتحقق هذه المواجهة بتمام إجراءاتها وإعلاناتها وفق صحيح القانون فإذا انعدمت يمتنع على المحاكم الاستمرار فى نظرها والتصدى لها والفصل فى موضوعها وإصدار حكم فيها سواء بالقبول أو الرفض بل تقف عند هذا الحد . ومن ثم، فإن تسليم الصحيفة فى غير موطن المدعى عليه من شأنه أن يحول بينه وبين الاتصال بالدعوى عن طريق الحضور أمام القضاء الأمر الذى يُفَوِّت الغاية من إعلان تلك الورقة ويترتب على ذلك عدم انعقاد الخصومة ومن ثم بطلان أى إجراء أو حكم يصدر فيها .
( الطعن رقم 3729 لسنة 89 ق - جلسة 12 / 5 / 2022 )
8 ـ المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن النص فى الفقرة الثالثة من المادة 68 من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992... يدل على أن المشرع ارتأى اعتبار الخصومة منعقدة فى الدعوى بأحد أمرين أولهما: إعلان صحيفتها للمدعى عليه والثاني هو حضور المدعى عليه بالجلسة، ووردت العبارة الخاصة بالحضور بصفة عامة مطلقة دون قيد أو شرط، بما مفاده أن المشرع افترض علم المدعى عليه بالخصومة والطلبات فيها بمجرد مثوله أمام المحكمة دون ما حاجة لتوافر أي شرط أو اتخاذ أي مجابهة.
(الطعن رقم 245 لسنة 67 جلسة 1999/04/29 س 50 ع 1 ص 579 ق 115)
9 ـ إذ كان الثابت بمحضر جلسة 1996/9/22 مثول الطاعنة بوكيل عنها - ولا تمارى فى صفته كوكيل عنها - والذي يتوافر بمجرد حضوره علم الطاعنة بخصومة الاستئناف على نحو تنعقد معه تلك الخصومة بينها والمطعون ضده الأول رافع الاستئناف دون حاجة إلى إعلانها بصحيفته أو تسليم صورتها لها أو وكيلها الحاضر عنها بالجلسة عملاً بالفقرة الثالثة من المادة 68 من قانون المرافعات المستحدثة بالقانون المشار إليه.
(الطعن رقم 245 لسنة 67 جلسة 1999/04/29 س 50 ع 1 ص 579 ق 115
10 ـ نص المشرع فى المادة 63 من قانون المرافعات الحالى رقم 13 لسنة 1968 على أن الدعوى ترفع إلى المحكمة بصحبفة تودع قلم الكتاب ما لم ينص القانون على غير ذلك وأوجبت المادة 67 منه على قلم الكتاب ، أن يسلم أصل الصحيفة وصورها إلى قلم المحضرين لإعلانها ونصت المادة 68 - منه قبل تعديلها بالإضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - على إلزام قلم المحضرين بإعلان صحيفتها ، ويبين من هذه النصوص أن الدعوى تعتبر مرفوعة أمام القضاء بمجرد إيداع صحيفتها قلم الكتاب أما انعقاد الخصومة فيها فهو إجراء منفصل عن رفع الدعوى فلا يتم إلا بالإعلان حتى يعلم المدعى عليه بطلبات المدعى وبالجلسة المحددة لنظرها لإعداد دفاعه ومستنداته فإن هو أعلن قانوناً بصحيفة الدعوى كان ذلك دليلا كافيا على عمله بها وإيذانا للقاضى فى المضى فى نظرها سواء مثل المدعى عليه بالجلسات المحددة لنظرها أو لم يحضر وقد ذهب الرأى الراجح فى الفقة والقضاء إلى أن الخصومة لا تنعقد فى ظل قانون المرافعات إلا بالإعلان وثار الخلف بشأن حضور المدعى عليه بالجلسة دون إعلان فذهب رأى إلى أن الإعلان إجراء لازم لإنعقاد الخصومة ولا يجوز الاستعاضة عنه بالعلم الفعلى أو الحضور بالجلسة بينما ذهب رأى آخر إلى أن المواجهة القضائية تتحقق بالإعلان الصحيح أو بالعلم اليقينى - الذى يتمثل فى حضور الخصم أمام القضاء ومتابعة السير فى الدعوى وبالتالى تنعقد الخصومة بين طرفيها بتمام المواجهة سواء تحققت بهذا السبيل أو بالإعلان الصحيح وقد انتهت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية لمحكمة النقض فى حكمها الصادر بتاريخ 1992/3/8 فى الطعن رقم 2293 لسنة 55 ق إلى أنه إذا حضر المدعى عليه دون إعلان بالجلسة المحددة لنظر الدعوى وتنازل صراحة أو ضمنا عن حقه فى إعلانه بصحيفتها كأن أقر باستلام صوره منها أو تسلم هذه الصورة بالجلسة بغير اعتراض منه أو أبدى دفاعا فى الموضوع أو طلب أجلا لإبدائه بما يدل على عمله اليقينى بموضوع الدعوى وبطلبات المدعى فيها وبمركزه القانونى كان ذلك كافيا لانعقاد الخصومة والمضى فى نظر الدعوى دون ما حاجة إلى إعلانه بها ومؤدى هذا أن حضور المدعى عليه بالجلسة فى الحالات التى أوردها حكم الهيئة يقوم مقام الإعلان وتنعقد به الخصومة وهذا القضاء يدل على أن محكمة النقض استهدفت الحد من الدفوع الشكلية لعيوب قد تقع فى بيانات الإعلان التى يدونها المحضر ولا شأن لرافع الدعوى بها كما سايرت قواعد العدالة بالتخفيف عن المتقاضين بعدم الالتزام بالإعلان وهو الإجراء الذى يتطلبه القانون متى تمت المواجهة بين طرفى الدعوى حيث تتحقق الغاية من الإجراء بطريق أو بآخر وقد تدخل المشرع مستهدفا هذا الاتجاه وتجاوز نطاق تطبيقه بأن اعتد بحضور المدعى عليه دون إعلان واعتبر ذلك مجردا عن أى شرط أو قيد طريقا لانعقاد الخصومة بإصداره القانون رقم 23 لسنة 1992 بتعديل قانون المرافعات بإضافة فقرة ثالثة إلى المادة 68 تنص على أن " ولا تعتبر الخصومة منعقدة فى الدعوى إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه ما لم يحضر بالجلسة " وقد جاء هذا النص واضحا وجليا ويدل على أن المشرع إرتأى إعتبار الخصومة منعقدة فى الدعوى بأحد أمرين أولهما إعلان صحيفتها للمدعى عليه والثانى هو حضور المدعى عليه بالجلسة ووردت العبارة بالحضور الخاصة بصفة عامة مطلقة دون قيد أو شرط إلا أن المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أوردت تفسيرا لهذا النص جاء فيه أن المقصود بالحضور فى هذا المقام هو أن يحضر المدعى عليه دون إعلان بالجلسة المحددة لنظر الدعوى عند النداء عليها ويتنازل صراحة أو ضمنا عن حقه فى إعلانه بصحيفتها كأن يقر باستلام صورة منها أو يتسلم هذه الصوره بالجلسة بغير اعتراض أو يبدى دفاعا فى الموضوع أو يطلب أجلا لإبدائه بما يدل على علمه اليقينى بموضوع الدعوى وبطلبات المدعى فيها وبمركزه القانونى ويبدو أن المذكره الإيضاحية قد تأثرت بحكم الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية الذى سبق بيانه والذى جابهت به محكمة النقض نص المادة 68 من قانون المرافعاتقبل تعديله إذ كان ينص على إنعقاد الخصومة بالإعلان وحده وبديهى أن نص الفقرة الثالثة المستحدث على انعقاد الخصومة أيضا بحضور المدعى عليه قد تجاوز هذه الفروض جميعها إذ تنعقد به الخصومة سواء تنازل المدعى عليه صراحة أو ضمنا عن حقه فى إعلانه بصحيفتها أو لم يتنازل عنه فلا يلزم إقراره بإستلامه صورة الصحيفة أو أن يتسلمها بالجلسة دون اعتراض منه وسواء تقدم بدفاع أو مستندات فى الدعوى أو لم يقدم بما مفاده أن المشرع افترض علم المدعى عليه بالخصومة والطلبات فيها بمجرد مثوله أمام المحكمة دون ما حاجه لتوافر أى شرط أو اتخاذ أى مجابهة.
(الطعن رقم 4946 لسنة 63 جلسة 1994/01/06 س 45 ع 1 ص 104 ق 22)
11 ـ المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المشرع بين فى قوانين المرافعات كيفية رقع الدعوى أمام القضاء وإعلان الخصوم بها، وأوجب على المحكمة ألا تقضي فيها إلا إذا رفعت بالطريق الذي رسمه القانون وأعلن بها المدعي عليه، وذلك تنظيماً للتقاضي من ناحية وتوفيراً لحق الدفاع من ناحية أخرى، وإذا كان المشرع فى ظل قانون المرافعات السابق الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 قد جمع بين الأمرين فى إجراء واحد، فنص فى المادة 69 منه على أن : "ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعى بصحيفة تعلن للمدعى عليه على يد أحد المحضرين ما لم ينص القانون على غير ذلك"، فلم تكن الدعوى تعتبر مرفوعة- بكل ما يترتب على ذلك من آثار إلا بتمام إعلان صحيفة الدعوى إلى الشخص المراد إعلانه بها، إلا أنه عدل عن ذلك فى قانون المرافعات القائم رقم 13 لسنة 1968 فنص فى المادة 63 منه على أن : "ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعى بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك"، وفي المادة 67 منه على أنه : ".....وعلى قلم كتاب فى اليوم التالي على الأكثر أن يسلم أصل الصحيفة وصورها إلى قلم المحضرين لإعلانها ورد الأصل إليه...."، وفي المادة68 منه قبل تعديلها بالإضافة بالقانون رقم 23 لسنة1992 بأنه :"على قلم المحضرين أن يقوم بإعلان صحيفة الدعوى خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ تسليمها إليه ......" مما مفاده أن الدعوى تعتبر مرفوعة أمام القضاء بمجرد إيداع صحيفتها قلم الكتاب، أما إعلان الخصم بها فقد أصبح إجراءاً منفصلاً عن رفع الدعوى وتالياً له قصد به المشرع إعلامه بها وبطلبات المدعى فيها وبالجلسة المحددة لنظرها كي يعد دفاعه ومستنداته، فإن هو أعلن قانوناً بصحيفة الدعوى، كان ذلك دليلاً كافياً على علمه بها سواء علم بها فعلاً أو لم يعلم وإيذاناً للقاضي بالمضي فى نظرها سواء مثل المدعى عليه بالجلسات المحددة لنظرها بنفسه أو بمن ينوب عنه أو لم يمثل، أما إذا حضر دون إعلان بالجلسة المحددة لنظر الدعوى عند النداء عليها وتنازل صراحة أو ضمناً عن حقه فى إعلانه بصحيفتها كأن أقر باستلامه صورة منها أو تسلم هذه الصورة بالجلسة بغير اعتراض منه أو أبدى دفاعاً فى الموضوع أو طلب أجلاً لإبدائه بما يدل على علمه اليقيني بموضوع الدعوى وبطلبات المدعي فيها وبمركزه القانوني، كان ذلك كافياً للمضي فى نظر الدعوى دون ما حاجة لتكليف المدعى أو قلم المحضرين بإعلان صحيفتها . لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الدعويين الابتدائيين قد أقيمتا بتقريرين أودعا قلم الكتاب بتاريخ 5/ 4/ 1990، 23/ 5/ 1990 -قبل تعديل نص المادة68 مرافعات بالقانون رقم 23 لسنة 1992- ولم يعلنا للطاعن، إلا أن وكيله الأستاذ........ المحامي حضر بالجلسات أمام محكمة الموضوع بدرجتيها وأثبت دفاع الطاعن وقدم المذكرات التي تضمنت أوجه دفاعه فى الموضوع، بما يدل على علمه اليقيني بموضوع الدعويين وطلبات المطعون ضدها ومركزه القانوني فيها، بما يكفي لانعقاد الخصومة دون ما حاجة لإعلان الطاعن بصحيفتي الدعويين .
(الطعن رقم 125 لسنة 63 جلسة 2000/02/14 س 51 ع 1 ص 319 ق 57)
12 ـ المقرر- فى قضاء محكمة النقض - أنه متى وردت عبارات النص بصيغة عامة مطلقة وواضحة فلا محل للتفسير إذ يكون النص قطعى الدلالة على المراد منه ولا يجوز تقييد مطلق النص وتخصيص عمومه بغير مخصص ومن ثم فإن ما أوردته المذكرة الإيضاحية فى مقام التعليق على الفقرة الثالثة من المادة 68 بعد خروجا عن المعنى الصحيح للنص وتقييدا لمجال تطبيقه وقد جرى قضاء النقض بعدم الإعتداد بما تورده المذكرة الإيضاحية إذا تعارضت مع النص القانونى أو فسرته تفسيرا لا يتفق مع مدلوله والعبرة بما ورد بالنص القانونى ولا يجوز القول بأن المشرع أراد هذا الاتجاه إذ لا يجوز الرجوع إلى قصد الشارع إلا إذا كان النص يتحمل أكثر من معنى أو شابه الغموض لما كان ذلك فإنه يتعين إعمال النص القانونى الذى تضمنته الفقرة الثالثة من المادة 68 مرافعات والالتفات عما أوردته المذكرة الإيضاحية فى شأنه من قيود لم ينص عليها الشرع.
(الطعن رقم 4946 لسنة 63 جلسة 1994/01/06 س 45 ع 1 ص 104 ق 22)
13 ـ إن نص المادة 68 مرافعات المنظمة للإجراءات التي تتبع فى التصديق على الصلح قد أوجبت أن يحرر القاضي محضراً بما وقع الاتفاق عليه، وبعد تلاوة هذا المحضر يضع كل من الخصوم إمضاءه أو ختمه عليه، ويكون هذا المحضر فى قوة سند التنفيذ، ويسلم الكاتب صورة منه بالكيفية والأوضاع المقررة للأحكام. وإذن فالقاضي وهو يصدق على الصلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل فى خصومة، لأن مهمته إنما تكون مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من الاتفاق. وإذن فهذا الاتفاق لا يعدو أن يكون عقداً ليست له حجية الشيء المحكوم فيه وإن كان يعطي شكل الأحكام عند إثباته.
(الطعن رقم 49 لسنة 9 جلسة 1940/05/09 س ع ع 3 ص 192 ق 58 )
وعلى قلم المحضرين أن يقوم بالإعلان خلال ثلاثين يوماً من تسلمه أوراقه بشرط أن يتم الإعلان قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى بفترة معينة تسمى ميعاد الحضور سیلی بیانها حالاً ( 1/68). ولا يترتب على مخالفة قلم الكتاب لوجوب تسليم أوراق الإعلان إلى قلم المحضرين في اليوم التالي على الأكثر ، أو مخالفة قلم المحضرين ميعاد الثلاثين يوماً ، بطلان أو سقوط (أنظر المادة 69 بالنسبة لميعاد الثلاثين يوماً) . وإنما يكون الجزاء - وفقاً للمادة 2/68 معدلة بالقانون 18 لسنة 1999 - أن تحكم المحكمة وجوباً على من تسبب من العاملين بقلم الكتاب أو المحضرين بإهماله في تأخير الإعلان ، بغرامة من عشرين جنيها إلى مائتي جنيه . ولا يقبل الحكم بالغرامة الطعن بأي طريق . والمقصود بتأخير الإعلان هو تأخر قلم الكتاب في تسليم أوراقه إلى قلم المحضرين عن اليوم التالى ، أو تأخر قلم المحضرين عن الإعلان خلال ثلاثين يوماً من تسلم أوراقه من قلم الكتاب . وذلك دون نظر إلى ميعاد الثلاثة أشهر الذي يجوز إعتبار رفع الدعوى كأن لم يكن إذا لم يتم الإعلان خلاله . وعلى أية حالة فإنه يجب ثبوت الإهمال في جانب موظف معين بقلم المحضرين أو قلم الكتاب . فلا تكفي مجرد واقعة عدم إحترام الميعاد إذا كان الموظف ليست لديه البيانات اللازمة التي تكفي لقيامه بالإجراء .
أثر الحضور دون إعلان :
إذا حدث ولم يعلن المدعى عليه إطلاقاً ، أو أعلن إعلاناً باطلاً إلى جلسة فلم يحضر وتبينت المحكمة بطلان الإعلان فأمرت المدعى باعادة إعلان المدعى عليه إعلاناً صحيحاً بأصل الصحيفة فلم يفعل ، ومع ذلك حضر المدعى عليه . فهل يمكن أن يعني هذا الحضور عن إعلان المدعي - عليه فتستمر المحكمة في نظر الدعوى دون حاجة لإعلانه ؟
عرضت هذه المسألة على القضاء المصري وعلى رأسه محكمة النقض . واختلفت أحكام النقض - قبل تقنين البند الثالث من المادة 68 مرافعات - في هذا الشأن إلى اتجاهين :
(1) في اتجاه أول ، قضت محكمة النقض بأن إعلان صحيفة الدعوى إلى المدعى عليه إجراء لازم لإنعقاد الخصومة بين طرفيها . ذلك أن الإعلان يرمي إعمالاً لمبدأ المواجهة إلى إيصال واقعة معينة إلى علم المعلن إليه ، وإذا يتطلبه القانون فإنه يعتبر الوسيلة الوحيدة لهذا العلم . بمعنى أنه لا يجوز عند عدم القيام به أو تعييبه الاستعاضة عنه أو تكملته بالعلم الفعلي للواقعة . كما لا يصححه إبداء المدعى لطلباته شفاهة في الجلسة وتمسك المدعى عليه بالخصومة . كما أن الخصومة رغم أنها تقوم بين الطرفين بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة طبقا لنص المادة 63 مرافعات ، إلا أنها لا تكون صالحة الأن يباشر فيها أي إجراء من جانب القضاء وأعوانه قبل انعقادها . فالصحيفة غير المعلنة لا تنعقد بها الخصومة ولا يترتب عليها أي إجراء أو حكم صحيح . ولا يغير من ذلك حضور المدعى عليه أمام محكمة أول درجة وترافعه في الدعوى مما يفيد تنازله عن البطلان.
(ب) في اتجاه ثان ، قضت محكمة النقض بأنه : «يتعين القول بأن الخصومة تنعقد بتمام المواجهة بين طرفيها سواء تحققت تلك المواجهة بالإعلان أو بالعلم اليقيني ، الذي يتمثل في حضور الخصم أمام القضاء ومتابعة السير في الدعوى وإبداء دفاعه فيها في الشكل والموضوع ، على نحو يدل على إحاطته بموضوعها وبالطلبات فيها وبمركزه القانوني بين أطراف الخصومة . ذلك أنه من غير المقبول أن يعتد المشرع بانعقاد الخصومة بالعلم الحكمي في الحالات التي تسلم فيها ورقة الإعلان لغير الشخص المراد إعلانه ولا يعتد بعلمه اليقين».
وقد عرض الاتجاهات على الهيئة العامة لمحكمة النقض - قبل صدور القانون رقم 23 لسنة 1992 الذي تم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 1/ 6/ 1992 - فقررت في حكمها الصادر بجلسة 8 مارس 1992 الإنحياز للرأي الثاني مع وضع ضوابط دقيقة له . وعرضت الرأي الذي أخذت به كما يلى :
«في ظل قانون المرافعات السابق الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 ... لم تكن الدعوى تعتبر مرفوعة بكل ما يترتب على ذلك من آثار إلا بتمام إعلان صحيفة الدعوى إلى الشخص المراد إعلانه ، إلا أن المشرع عدل عن ذلك في قانون المرافعات القائم رقم 13 لسنة 1968 ... فأصبحت الدعوى ... تعتبر مرفوعة أمام القضاء بمجرد إيداع صحيفتها قلم الكتاب ، أما إعلان الخصم بها فقد أصبح إجراءات منفصلاً عن رفع الدعوى وتالياً له ، قصد به المشرع إعلامه بها وبطلبات المدعي فيها وبالجلسة المحددة لنظرها كي يعد دفاعه ومستنداته . فإن هو أعلن قانوناً بصحيفة الدعوى كان ذلك دليلاً كافياً على علمه بها سواء علم بها فعلاً أو لم يعلم ، و إيذانا للقاضي بالمضي في نظرها سواء مثل المدعى عليه في الجلسات المحددة لنظرها بنفسه أو بمن ينوب عنه أو لم يمثل أصلاً . أما إذا حضر - دون إعلان - بالجلسة المحددة لنظر الدعوى عند النداء عليها ، وتنازل صراحة أو ضمنا عن حقه في إعلانه بصحيفتها ، كأن أقر باستلامه صورة منها أو تسلم هذه الصورة بالجلسة بغير اعتراض منه أو أبدى دفاعا في الموضوع أو طلب أجلاً لإبدائه بما يدل على علمه اليقيني بموضوع الدعوى وبطلبات المدعي فيها وبمركزه القانوني ، كان ذلك كافيا للمضي في نظر الدعوى دون ما حاجة لتكليف المدعى أو قلم المحضرين بإعلانه بصحيفتها».
وبعد أن أرست الهيئة العامة هذا المبدأ طبقته مقررة أنه إذا كانت المستأنف ضدها لم تعلن أصلاً بصحيفة الإستئناف وتمسكت باعتبار الإستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانها بها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها إلى قلم كتاب المحكمة وفقاً للمادة 70 من قانون المرافعات ، غير أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع وفصل في موضوع الدعوى على سند من أنها حضرت بالجلسة بما يصحح بطلان إعلانها في حين أن هذا الحضور بمجرده لا يسقط حقها في إعلانها بالصحيفة أو توقيع الجزاء وخلت الأوراق مما يفيد أنها تنازلت صراحة أو ضمناً عن حقها في إعلانها بها ... فان الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه» .
وقد أراد المشرع أن يقنن حكم الهيئة العامة سالف الذكر ، فأضاف بموجب المادة الثالثة من القانون رقم 23لسنة 1992 فقرة ثالثة إلى المادة 68 تنص على أنه : «ولا تعتبر الخصومة منعقدة في الدعوى إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه ما لم يحضر بالجلسة». وقد إختلف الفقه حول تفسير هذا النص ، فقد ذهبنا إلى أن هذا النص لا يتضمن وفقاً لظاهرة ولأعماله التحضيرية ، ولوضوح عبارته ، أي حكم تشريعي جديد .
فهو يقرر أن الخصومة تتعقد اما بإعلان صحيفة الدعوى إلى المدعى عليه أو حضور المدعى عليه بالجلسة . وإصطلاح انعقاد الخصومة هو مجرد إصطلاح لغوي وليس له مدلول قانونی . ذلك أن الخصومة ليست عقدا بين طرفيها . والرأي الذي كان يعتبر الخصومة عقدا بين المدعي والمدعى عليه رأی مهجور منذ زمن بعيد ، ولهذا حرصت الهيئة العامة لمحكمة النقض في حكمها سالف الذكر على ألا تستخدم هذا الإصطلاح . وإذا كان المقصود بانعقاد الخصومة بدءها بين الطرفين ، فإن الخصومة تبدأ برفع الدعوى . وتعتبر الدعوى مرفوعة وفقا المادة 63 بايداع الصحيفة قلم كتاب المحكمة . أما الإعلان فانه - كما قررت الهيئة العامة لمحكمة النقض في حكمها سالف الذكر - إجراء لاحق على رفع الدعوى وبالتالي على بدء الخصومة (أو إنعقادها) .
أما ما يفهم من ظاهر النص الجديد وهو أن مجرد الحضور أمام القاضي مرادف للإعلان ، أي يغني عنه ، فانه لا يمكن الأخذ به ، إذ هو يخالف المبادئ الأساسية التي يقوم عليها التشريع الإجرائي المصري ، ومنها نظرية المشرع المصري في بطلان الأعمال الإجرائية ، والتي تقوم على أن البطلان يرتبط بعدم تحقيق الغاية من الشكل المعيب ولو تحققت الغاية من العمل الإجرائي . (ماده 20 مرافعات) ، ومنها أيضا أن الحضور لا يصحح كل عيوب الإعلان (114 مرافعات) . وهي مباديء لا يتصور أن يعدل عنها المشرع بعبارة شاردة دون تعديل جذري يتضمن إلغاءً صريحاً لنصوصه التي تتضمن هذه المبادئ والتي لم يمسها قانون 23 لسنة 92 رغم النص الجديد .
ولهذا فإنه يجب تفسير النص الجديد في غير معزل من تلك النصوص ، وفي ضوء ما استقر عليه قضاء النقض قبله ممثلاً في حكم الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية سالف الذكر ، أخذاً في الاعتبار إحترام تلك المبادىء الأساسية . فمجرد حضور المدعى عليه أو وكيله بالجلسة المحددة لنظر الدعوى لا يغني عن إعلانه . وإذا كان الإعلان معيباً ، فإن هذا الحضور وإن أدى إلى انعقاد الخصومة بتعبير المادة 68/ 3 إلا أنه لا يصحح عيوب الإعلان إلا طبقاً للمادة 114 مرافعات .
ويبقى للمدعى عليه - رغم حضوره - التمسك ببطلان رفع الدعوى والتمسك ببطلان إعلان صحيفة الدعوى في غير الأحوال التي ينطبق فيها نص المادة 114 مرافعات . كما يبقى للمدعى عليه إذا حضر الحق في التمسك باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلان صحيفتها إليه إعلاناً صحيحاً خلال ثلاثة أشهر من إيداعها قلم كتاب المحكمة .
وليس للمحكمة - إذا حضر المدعى عليه دون إعلان - أن تلزمه بتسسلم صورة من صحيفة الدعوى أو أن تأمر المدعى أو قلم الكتاب بتسليمه ص ورة منها في الجلسة . فإن فعلت ، فإن للمدعى عليه الحاضر الإمتناع عن تسلمها . ذلك أن القانون أوكل مهمة تسليم صورة الإعلان إلى المحضرين دون غيرهم ، ووفقاً لإجراءات الإعلان التي نص عليها . على أنه إذا حضر المدعى عليه ، أو وكيله ، فإن له أن يتنازل صراحة عن حقه في إعلانه بصحيفة الدعوى ، كما أن حقه في هذا الإعلان يزول إذا أقر باستلامه صورة من الإعلان أو تسلم هذه الصورة بالجلسة بغير إعتراض منه أو إذا كان قد تابع - بغير إعلان - السير في الدعوى وأبدى دفاعه فيها في الشكل وفي الموضوع بما يدل على إحاطته بموضوعها وبالطلبات فيها ويمركزه القانوني في الخصومة . فعندئذ فقط يكون الحضور مرادفاً للإعلان ، ولا يجوز للمدعى عليه التمسك بعدم إعلانه أو ببطلان هذا الإعلان أياً كان العيب الذي يشوبه ، أو التمسك باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلان صحيفتها له خلال ثلاثة أشهر ، كما أنه لا يجوز عندئذ للمحكمة تكليف المدعي إعلان المدعى عليه بأصل صحيفة الدعوى ، إذ يصبح الإعلان عندئذ ولا محل له .
ويلاحظ أن ما تقدم انما ينصرف إلى الإعلان اللاحق على رفع الدعوى ، عندما ترفع الدعوى بإيداع الصحيفة قلم كتاب المحكمة . أما إذا كانت الدعوى ترفع بتكليف المدعى عليه بالحضور . فإن الإعلان يكون هو الإجراء الذي تبدأ به الخصومة . فإذا لم يتم هذا الإعلان ، فان الخصومة لا تبدأ . ولا تنطبق القواعد سالفة الذكر .
عدول أحكام حديثة لمحكمة النقض عن رأي الهيئة العامة: ورغم وضوح حكم الهيئة سالف الذكر في تفسير المادة 68/ 3 مرافعات ، وتأييد الفقه له ، ووضوح إرادة المشرع في أعمالها التحضيرية ، فقد صدرت أحكام حديثة من محكمة النقض تخالف هذا الرأي ، مقررة أن عبارة نص البند الثالث من المادة 68 هي عبارة مطلقة في تقرير إنعقاد الخصومة بمجرد الحضور . فيكون لحضور المدعى عليه - ولو عن طريق المصادفة ودون إعلان - أثره في قيام سلطة القاضي في نظر الدعوى والفصل فيها ، سواء أعلن المدعى عليه إعلاناً مشوباً بعيب من العيوب التي يصححها الحضور وفقاً للمادة 114 مرافعات أو بغير هذه العيوب ، أو لم يكن المعلن إليه قد أعلن اطلاقاً .
وقد لقي اتجاه محكمة النقض الجديد تأييداً من البعض ، باعتبار أن نص البند الثالث من المادة 68 هو نص عام مطلق لا يجوز تخصيصه إلا بنص مقيد أو مخصص ، ولا يجوز الرجوع إلى الأعمال التحضيرية لتقييد النص الواضح.
وفي تقديرنا أن هذا الاتجاه الأخير غير جدير بالتأييد . فالقول بعدم جواز الإلتجاء إلى الأعمال التحضيرية غير صحيح على إطلاقه إذ لا محل له إلا إذا كانت الأعمال التحضيرية تتبنى رأياً قانونياً لم يرد في النص أو تتبنى تفسيراً لا تحتمله عباراته ، أما حيث توضح الأعمال التحضيرية أن النص يراد به حكم معين ، فإنها بهذا تفصح عن إرادة المشرع من صياغة النص.
وفضلاً عن الإعتبارات السالف بيانها فإن ذلك الإتجاه يخالف قاعدة قانونية هامة تتعلق بنسخ التشريع اللاحق للتشريع السابق . فإلغاء التشريع قد يكون صريحاً أو ضمنياً . الإلغاء الصريح يكون إذا أفصح تشريع جديد صراحة عن نسخ تشريع سابق . أما الإلغاء الضمني فإنه يكون إذا صدر تشريع جديد يتضمن حكما يتضارب مع حكم تشريع سابق ، فيعتبر الحكم الجديد ناسخاً ضمناً للحكم القديم ، إذ يستحيل أعمال حكمين متضاربين في وقت واحد . فالتشريع الجديد يلغي التشريع السابق فيما يقع بينهما من تعارض . ولا يقع التعارض إلا إذا كان التشريعان السابق واللاحق قد وقعا على نفس المحل ، وكانا من طبيعة واحدة بأن يكون كل منهما تشريعاً عاماً أو كل منهما تشريعا خاصا . أما إذا كان أحدهما تشريعاً عاماً والآخر تشريعاً خاصاً ، فانه لا يتصور تناقض بينهما ، وإنما القاعدة هي أن الخاص يقيد العام . فإذا كان التشريع القديم يضع قاعدة خاصة ، والتشريع الجديد يضع قاعدة عامة ، وحدث تعارض بينهما فلا يستخلص من هذا التعارض أن الحكم الجديد العام قد نسخ الحكم القديم الخاص ، بل يظل الحكم القديم قائماً وسارياً باعتباره حكماً خاصاً يقيد الحكم العام .
وعندما صدر القانون رقم 23 لسنة 1992 مضيفاً الفقرة الثالثة من المادة 68 مرافعات لم ينص صراحة على إلغاء المادة 114 مرافعات الخاصة بأثر الحضور في تصحيح الإعلان المعيب .
ولهذا فإنه بفرض صيحة القول بأن نص المادة 68/ 3 يفيد أن الحضور مطلقاً يقوم مقام الإعلان ، فإننا نكون بصدد نص عام ينطبق بمجرد حضور المدعى عليه بالجلسة المحددة لنظر الدعوى ، سواء أعلن إلى هذه الجلسة أو لم يعلن ، وأياً كانت عيوب الإعلان . أما المادة 114 ، فإنها تتضمن حكماً خاصاً ينطبق فقط في حالة إعلان المدعى عليه بصحيفة الدعوى إذا شاب الإعلان أحد العيوب المحددة التي تنص عليها هذه المادة .
ولهذا ، فإن القول بتطبيق المادة 68 / 3 في جميع الأحوال ، سواء حضر المعلن إليه بناء على إعلان باطل ، وتوافرت شروط تطبيق المادة 114 ، أو حضر دون إعلان ، يعتبر مخالفاً لما هو مقرر قانوناً بالنسبة لبقاء حكم النص الخاص السابق على حكم النص العام .
والصحيح هو أنه إذا توافرت شروط تطبيق نص المادة 114 مرافعات فإنه يجب التقيد به ، ولا يجوز تطبيق النص العام الوارد في المادة 68 / 3 إلا حيث لا تتوافر شروط انطباق نص المادة 114 مرافعات أي إلا حيث يحضر المعلن إليه دون إعلان ، أو بإعلان معيب بغير العيوب التي تنص عليها المادة 114.
ومن المهم جداً التفرقة بين نطاق كل من النصين :
فالحضور وفقاً للمادة 114 يؤدى إلى تحقيق الغاية من البيانات المعيبة ، فهو حضور مصحح لإعلان معيب . وهو تصحيح يتم بأثر رجعي ، فيكون الإعلان صحيحاً منذ القيام به . ولهذا فإن للمعلن إليه الحاضر أن يتمسك بإعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا كانت قد انقضت ثلاثة أشهر منذ إيداع الصحيفة قلم الكتاب قبل تاريخ الإعلان ، ولو كان الحضور لاحقاً للإعلان .
أما الحضور وفقاً للمادة 68/ 3 فهو ليس مصححاً لإعلان معيب ، بل هو مرادف للإعلان أي يقوم مقام الإعلان الصحيح . ولهذا فإن الحضور وفقاً لهذه المادة ليس له أثر رجعي فهو يرتب أثره فقط منذ القيام به . ولهذا ، فإنه وفقاً لهذه المادة إذا انقضت الثلاثة أشهر منذ إيداع الصحيفة وقبل حضور المعلن إليه ، فليس له عند حضوره التمسك بإعتبار الدعوى كأن لم تكن ، إذ يكون حضوره المرادف للإعلان قد حدث بعد الثلاثة أشهر .
ومن ناحية أخرى، فإنه - وفقاً لنص المادة 114 مرافعات - يقوم إيداع مذكرة قلم كتاب المحكمة قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى مقام الحضور في تصحيح العيوب المشار إليها في هذه المادة . أما وفقاً للمادة 68/ 3 ، فإن إيداع مذكرة بالدفاع لا تقوم مقام الحضور ولا تتكافأ مع الحضور . فالحضور وحده - وفقاً للمادة 68/ 3 - هو الذي يغني عن الإعلان .
ولهذا فإنه إذا لم يعلن المدعى عليه أو أعلن إعلاناً باطلاً ولم تتحقق شروط إنطباق نص المادة 114 مرافعات ، وأودع المدعى عليه مذكرة بدفاعه ، ولم يحضر في الجلسة المحددة لنظر الدعوى ، فلا يجوز للقاضي أن ينظر الدعوى بل عليه تأجيل الجلسة ، وتكليف المدعى بإعلان المدعى عليه إعلاناً صحيحاً بصحيفة الدعوى والجلسة المؤجلة لها .(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 34)
إعلان صحيفة الدعوى:
بعد سداد الرسم وقيد الدعوى، تسلم الصحيفة وصورها لقلم المحضرين، وحينئذ يتعين عليه القيام باعلان الصحيفة خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ تسليمها إليه، وهذه المدة محددة لإجراء الإعلان، فإن تم خلالها ولكن تجاوزها قلم المحضرين عند رد الأصل إلى قلم الكتاب فلا يكون قد خالف نص المادة (68) وبالتالي لا يوقع الجزاء الذي تضمنته ، ووفقاً للمادة (69) لا يترتب البطلان على عدم مراعاة هذا الميعاد.
ولا يكفي أن يتم الإعلان خلال هذه المدة، بل يجب ألا يكون مشوباً بالبطلان بسبب خطأ المحضر بإغفاله بیاناً من البيانات التي يلتزم بإثباتها في ورقة الإعلام کتاریخ و ساعة إجرائه واسمه وتوقيعه والمحكمة التي يعمل بها واسم وصفة المخاطب معه وإثبات كافة الإجراءات والخطوات التي اتبعها التزاماً بأحكام القانون وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالمواد (9) ، (10) ، (11) كما يجب على المحضر التوقيع على أصل وصورة الصحيفة المعلنة باعتبار أن هذا التوقيع هو الذي يضفي على الورقة المعلنة صفتها الرسمية ، ومتى تبين للمحكمة بطلان الإعلان لخلوه من أحد هذه البيانات أو بعضها، كان المحضر مسئولا عن هذا البطلان.
ويجب التمسك بهذا البطلان أمام محكمة الموضوع طالما مثل المعلن إليه أمامها، إذ لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
أما إذا رجع البطلان لنقص في البيانات التي يحررها طالب الإعلان أو بسبب التجهيل بالمعلن إليه فإن المحضر لا يكون مسئولا عن ذلك.
وإذا تبين للمحكمة التي تنظر الدعوى أن تأخير الإعلان يرجع إلى إهمال أحد العاملين بقلم الكتاب أو المحضرین حكمت على المتسبب بغرامة لا تقل عن عشرين جنيهاً ولا تجاوز مائتي جنيه ولا يكون هذا الحكم قابلاً لأي طعن ولكن للمحكمة التي أصدرته الرجوع فيه حتى إقفال باب المرافعة في الدعوى.
وإذا أدى بطلان الإعلان بسبب الإهمال المشار إليه إلى الإضرار بالمدعى كان له الرجوع على المتسبب ووزير العدل بصفته بالتعويض عما لحق به من ضرر دون أن يكلف بإثبات الخطأ فقد أقيم الحكم الصادر بالغرامة على توافر هذا الخطأ متى أصبح باتاً.
ومتى تبين لقلم المحضرين أن الجلسة المحددة لنظر الدعوى تقع خلال الثلاثين يوما سالفة البيان، تعين على المحضر إجراء الإعلان قبل هذه الجلسة مراعياً ميعاد الحضور وفقاً للمادة (66) من قانون المرافعات فإن تعلقت الصحيفة بدعوى إبتدائية أو إستئنافية تعين أن يتم الإعلان قبل الجلسة بخمسة عشر يوماً على الأقل، أما إن تعلقت بدعوى جزئية، تعين أن يتم الإعلان قبل الجلسة بثمانية أيام على الأقل، فإن كان الميعاد قد أنقص وجب أن يتم الإعلان قبل الجلسة وقبل المدة التي أنقص الميعاد إليها، فإن كانت الدعوى ابتدائية وأنقص ميعاد الحضور إلى ثلاثة أيام، تعين على المحضر إعلان الصحيفة قبل الجلسة بثلاثة أيام على الأقل، وهكذا بالنسبة لإعلان صحيفة الإستئناف والدعوى الجزئية والدعوى المستعجلة.
الدعوى والخصومة:
الدعوى هي الحق في الالتجاء إلى القضاء ، وهي بذلك أمر معنوي ليس لها واقع ملموس وإنما تدل عليها إجراءات الخصومة التي تمثل في الأعمال الإجرائية التي يطرح بها المدعى إدعاءه على القضاء، فيودع صحيفة دعواه قلم الكتاب ثم يعلنها ويعيد إعلانها إن لم تكن قد أعلنت الشخص المدعي عليه وبهذا الإعلان تنعقد الخصومة إذ تتحقق به المواجهة بين المدعي والمدعی . عليه ، وتستمر الأعمال الإجرائية حتى يحسم النزاع بحكم حائز لقوة الأمر المقضي، فالدعوى تلتصق بالحق الذي تحميه فلا تسقط أو تنقضي إلا بسقوطه أو إنقضائه وفقاً للنص المنظم له سواء ورد بالقانون المدني أو بقانون موضوعي آخر، أما الخصومة فينتظمها قانون المرافعات من حيث الانعقاد والسقوط والانقضاء .
وتختلف قواعد سقوط الدعوى عن قواعد سقوط الخصومة ، إذ تستند الأولى إلى النص الموضوعي الذي ينتظم الحق في القانون الموضوعي ، كالقانون المدني أو التجاري أو البحري عندما ينص على سقوط دعوى معينة بالتقادم إذا انقضت مدة معينة، ولما كان هذا السقوط لا يتعلق بالنظام العام، فإن المحكمة تنظر الدعوى إن لم يتمسك المدعى عليه بهذا السقوط، لكن إذا تحقق . موجب سقوط الخصومة ، جاز الدفع بذلك ولما كان الدفع بسقوط الدعوى يختلف عن الدفع بسقوط الخصومة، ولذلك يجب بيان مقومات الدفع بما يكفي لتحقق المحكمة فيما إذا كان موجبها للدعوى أو للخصومة ، فإن كان هناك لبس، كما لو وجه الدفع إلى الدعوى بينما هو في حقيقته - ووفقا للمقومات التي بني عليها - موجه للخصومة ، أنزلت عليه المحكمة تكييفه الصحيح وتصدت له على هذا الأساس، إذ لا يعتبر في هذه الحالة دفعاً مجهلاً . ومفاد المادة الثانية من قانون المرافعات، أنه لا يجرى ما يستحدث من مواعيد السقوط إلا من تاريخ القانون الذي استحدثها.
إنعقاد الخصومة:
ثار الخلف في الفقه وفي قضاء محكمة النقض بصدد الإجراء الذي تنعقد به الخصومة ، فذهب رأي في الفقه وبعض دوائر محكمة النقض إلى أن إعلان صحيفة الدعوى إلى المدعى عليه أو إعلان صحيفة الإستئناف إلى المستأنف عليه ، إجراء لازم لانعقاد الخصومة بين طرفيها، ولا يجوز عند عدم القيام به أو تعييبه الاستعاضة عنه أو تكملته بالعلم الفعلي المتمثل في حضور المدعى عليه أو المستأنف عليه بجلسة المرافعة، كما لا يصححه حضورهما أو مثولهما بوكيل بتلك الجلسة ومتابعة السير في الدعوى.
بينما ذهب رأي آخر في الفقه والدوائر الأخرى بمحكمة النقض إلى أنه وإن كان الإعلان قد شرع لمصلحة المدعى عليه باعتباره الوسيلة المثلى لاتصال علمه بالدعوى لتقوم المواجهة القضائية التي لا تنعقد الخصومة إلا بها، غير أن مبدأ المواجهة، كما يتحقق بالإعلان الصحيح يتحقق بالعلم اليقيني الذي يتمثل في حضور الخصم أمام القضاء ومتابعته السير في الدعوى وإبداء الدفاع في الشكل والموضوع على نحو يدل على إحاطته بموضوعها وبالطلبات فيها ومركزه القانوني بين أطراف الخصومة ، وبالتالي فإن الخصومة تنعقد بتمام المواجهة سواء تحققت بهذا السبيل أو بالإعلان الصحيح.
وقد حسمت الهيئة العامة بمحكمة النقض هذا الخلف بجلسة 1992/3/8 وأخذت بالرأي الثاني وبذلك تكون قد عدلت عن الرأي الأول فقضت بأنه بين المشرع في قوانين المرافعات كيفية رفع الدعوى أمام القضاء وإعلام الخصوم بها، وأوجب على المحكمة ألا تقضي فيها إلا إذا رفعت بالطريق الذي رسمه القانون وأعلن بها المدعى عليه وذلك تنظيما للتقاضي من ناحية وتوفيراً لحق الدفاع من ناحية أخرى، وإذ كان المشرع في ظل قانون المرافعات السابق الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 قد جمع بين الأمرين في إجراء واحد، فنص في المادة (69) منه على أن ترفع الدعوى إلى المحكمة بناءً على طلب المدعي بصحيفة تعلن للمدعى عليه على يد أحد المحضرين ما لم يقض القانون بغير ذلك، فلم تكن الدعوى تعتبر مرفوعة - بكل ما يترتب على ذلك من آثار - إلا بتمام إعلان صحيفة الدعوى إلى الشخص المراد إعلانه بها، إلا أنه عدل عن ذلك في قانون المرافعات القائم رقم 13 لسنة 1968 فنص في المادة (63) منه على أن «ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعي بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك ... وفي المادة (67) على أن «... وعلى قلم الكتاب في اليوم التالي على الأكثر أن يسلم أصل الصحيفة وصورها إلى قلم المحضرين لإعلانها ورد الأصل إليه...» و في المادة (68) منه بأنه «على قلم المحضرين أن يقوم بإعلان صحيفة الدعوى خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ تسليمها إليه... فأصبحت الدعوى في ظل قانون المرافعات الحالي تعتبر مرفوعة أمام القضاء بمجرد إيداع صحيفتها قلم الكتاب ، أما إعلان الخصم بها فقد أصبح إجراء منفصلاً عن رفع الدعوى وتالياً له قصد به المشرع إعلامه بها وبطلبات المدعى فيها وبالجلسة المحددة لنظرها كي يعد دفاعه ومستنداته ، فإن هو أعلن قانوناً بصحيفة الدعوى ، كان ذلك دليلاً كافياً على علمه بها، سواء علم بها فعلاً أو لم يعلم، إيذانا للقاضي بالمضي في نظرها سواء مثل المدعى عليه في الجلسات المحددة بنفسه أو بمن ينوب عنه أو لم يمثل أصلاً . أما إذا حضر - دون إعلان - بالجلسة المحددة لنظر الدعوى عند النداء عليها وتنازل صراحة أو ضمناً عن حقه في إعلانه بصحيفتها بأن أقر باستلامه صورة منها. أو تسلم هذه الصورة بالجلسة بغير إعتراض منه أو أبدی دفاعاً في الموضوع أو طلب أجلاً لإبدائه بما يدل على علمه اليقيني بموضوع الدعوى وبطلبات المدعى فيها ومركزه القانوني، كان ذلك كافيا للمضي في نظر الدعوى دون ما حاجة لتكليف المدعى أو قلم المحضرين بإعلانه بصحيفتها، لما كان ذلك فإنه يتعين العدول عما يخالف هذا المبدأ من أحكام سابقة. (نقض 1992/3/8 طعن 2293 س 55 ق «هيئة عامة»).
ومفاد الحكم الصادر من الهيئة العامة، أن الخصومة تنعقد بالإعلان الصحيح أو بالحضور بجلسة المرافعة، ولا يكفي الحضور في ذاته لانعقاد الخصومة وإنما يشترط أن يقترن بتنازل المدعى عليه أو المستأنف عليه صراحة أو ضمناً بحقه في الإعلان بحيث إذا حضر وقرر أنه لم يعلن بالصحيفة ووقف عند هذا الحد، فإن الخصومة لا تكون قد انعقدت، وحينئذ تلتزم المحكمة بتأجيل الدعوى لإعلان الصحيفة، فإن هي اكتفت بهذا الحضور وقضت في . الدعوى ، كان قضاؤها باطلاً لصدوره في خصومة غير منعقدة.
أما إذا حضر وتنازل عن حقه في الإعلان صراحة كما لو قرر أنه لا يتمسك بإعلانه بالصحيفة، أو تنازل ضمناً بأي تصرف يدل على عدم رغبته في التمسك بحقه في الإعلان بإبداء أوجه دفاعه أو دفوع موضوعية أو طلب أجلاً لتبادل المذكرات في الموضوع أو التصريح باستخراج شهادة رداً على الدعوى أو طلب إصدار حكم تمهيدي أو قدم طلباً عارضاً أو طلب التصريح له بإدخال ضامن أو إذا تسلم صورة من الصحيفة بجلسة المرافعة دون أن يتمسك بحقه في إعلانه بها، أو بأي تصرف أو إجراء يدل على رغبته في الإستمرار في نظر الدعوى، فحينئذ يسقط حقه في الإعلان، ولما كان الساقط لا يعود، فإنه يمتنع عليه بعد ذلك التمسك بهذا الحق.
وإذا كان قد أعلن وحضر بالجلسة المحددة بالإعلان وتمسك ببطلانه ، وكان هذا الحضور يصحح ما شاب الإعلان من بطلان، فإن الغاية منه تكون قد تحققت وبالتالي يزول البطلان، وحينئذ تنعقد الخصومة بالإعلان بعد أن أصبح صحيحاً، ولم تنعقد بالحضور إذ تمسك المدعى عليه ببطلان إعلانه بما يتنافي معه تنازله عن حقه في الإعلان، أما إذا حضر في جلسة تالية للجلسة التي تضمنها الإعلان وتمسك بالبطلان، فإن الغاية من الإعلان لا تكون قد تحققت ومن ثم تقضي المحكمة ببطلانه ، كما أن الخصومة لا تكون قد انعقدت بالحضور إذ لم يتنازل المدعى عليه عند حضوره عن حقه في الإعلان وإنما دفع ببطلانه.
كذلك إذا حضر المدعى عليه أو المستأنف عليه وتمسك باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلانه بها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب عملاً بالمادة (70) دل ذلك على أن المدعى عليه لم يتنازل عن حقه في الإعلان وبالتالي لا تكون الخصومة قد انعقدت.
وإذا أعلن المدعى عليه أمام محكمة الدرجة الأولى بإعلان باطل وصدر الحكم ضده ، فطعن بالاستئناف وتمسك في الصحيفة بهذا البطلان، كما تمسك ببطلان الحكم المستأنف لصدوره في خصومة غير منعقدة، وجب إجابته لذلك وتقف محكمة الإستئناف عند القضاء بتقرير البطلان فلا تتصدی للموضوع ولا تعيد الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى
خلاصة ما تقدم أن الخصومة تنعقد بالإعلان الصحيح أو بحضور المدعى عليه أو المستأنف عليه إذا قصد بحضوره التنازل صراحة أو ضمناً عن حقه في الإعلان. وذلك قبل إضافة الفقرة الثالثة للمادة (68) سالفة البيان.
ويجب على المحكمة أن تتصدی ولو من تلقاء نفسها لإنعقاد الخصومة باعتباره من الإجراءات المتعلقة بسيرها وشرط لبسط ولايتها عليها.
وقد قنن المشرع قضاء الهيئة العامة ولكنه أطلقه من التحفظات التي وردت بهذا القضاء. وذلك بإضافة فقرة أخيرة للمادة (68) بموجب القانون رقم 23 لسنة 1992 ضمنها إنعقاد الخصومة في الدعوى بإعلان صحيفتها أو بحضور المدعى عليه بالجلسة، وبموجب هذا التعديل، تنعقد الخصومة بمجرد حضور الخصم شخصياً أو بمن ينوب عنه ، ولو لم يكن قد أعلن أو شاب إعلانه البطلان.
وقد أوضحنا، فيما تقدم، الخلف الذي نشب في الفقه ودوائر محكمة النقض فيما يتعلق بانعقاد الخصومة ، ثم حسم هذا الخلف بحكم الهيئة العامة المحكمة النقض قبل التعديل الذي أدخله القانون رقم 23 لسنة 1992 وخلصت تلك الهيئة إلى أن الخصومة تنعقد بالإعلان الصحيح أو بالحضور، وقيدت هذا الحضور بأن يقترن بتنازل المدعى عليه أو المستأنف عليه صراحة أو ضمناً عن حقه في الإعلان.
وعندما صدر القانون الأخير أضاف فقرة ثالثة للمادة (68) من قانون المرافعات أطلقت انعقاد الخصومة بالحضور دون أن تقرنه بأي قيد، ومع ذلك قضت محكمة النقض في ظل القانون رقم 23 لسنة 1992 بما يخالف الإطلاق الذي جاء به هذا القانون فيما تضمنته الفقرة المشار إليها. وقد التزم بحكم الهيئة العامة وغاب عنه الفقرة التي إستحدثت بعد القضاء الصادر من تلك الهيئة، " كما التزم واضعو المذكرة الإيضاحية لهذه الفقرة ذات القضاء.
أثر عدم انعقاد الخصومة على الحكم:
المقرر قانوناً أن الدعوى ترفع بإيداع صحيفتها قلم الكتاب، وأن الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء، وبالتالي يكون استعمال هذا الحق عن طريق إيداع الصحيفة قلم الكتاب. ولا يكفي هذا الإجراء الاتصال القاضي بما تضمنته الصحيفة من إدعاءات ، باعتبارها مقدمة من أحد الخصوم دون مواجهتها من الخصم الآخر، وأن هذه المواجهة هي مناط اتصال القاضي بتلك الادعاءات إيذانا له بالتصدي لها وفقاً للأدلة المقدمة في شأنها وما قدم ضدها من أوجه دفاع. فولاية القاضي تتحقق بمجرد إتصاله بالدعوى بإيداع صحيفتها قلم الكتاب ولو لم تنعقد الخصومة فيها، وبالتالي فإن تصدى للخصومة قبل أن تنعقد، فإن ذلك لا يمس أركان الحكم، ولكنه يتعلق بمقتضيات صحة عمل القاضي، إذ توجب عليه تلك المقتضيات عدم الفصل في الخصومة قبل انعقادها بتحقق المواجهة بين الخصوم، فإن فصل فيها قبل ذلك، تعلق العوار بعمله دون أن يمتد إلى الإجراء في ذاته ، فيكون الإجراء موجوداً ولكن مشوباً بالبطلان .
الخصومة لا تنعقد إلا بين أشخاص على قيد الحياة :
أوضحنا بالبند السابق، أن مناط ولاية القضاء تتحقق بإنعقاد الخصومة حتى يصدر الحكم بعد المواجهة ولو حكماً ، إذ طالما أعلن المدعى عليه إعلاناً صحيحاً بصحيفة الدعوى ، تعين عليه مواجهة المدعي، فإن لم يحضر تحققت المواجهة حكما.
فإن كان المدعى عليه قد توفي قبل أن يتم إعلانه استحالت المواجهة الإستحالة إنعقاد الخصومة مما يحول دون القاضي والتصدي للدعوى وإلا كان . قضاؤه معدوما، لانتفاء أحد أركان الحكم وهو صدور الحكم في خصومة ، ويترتب على ذلك أن الحكم لا تكون له حجية ولا يلزم رفع طعن فيه، إنما يكفي التمسك بإنعدامه في أي دعوى يقدم فيها، أو أمام قاضي التنفيذ عند الإستناد إليه كسند تنفيذي فيأمر بوقف تنفيذه وهو بذلك لا يتصدى لحجية حكم لأن الحكم المعدوم لا حجية له، كما يجوز رفع دعوى أصلية ببطلانه .
وإذا تبين للمحكمة وفاة المدعى عليه بعد رفع الدعوى وقبل إعلان صحيفتها، فإنها تقضى بانقطاع سير الخصومة ، على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة (130) إذ يكفي للحكم بالانقطاع أن تكون الدعوى قد رفعت قبل وفاة المدعى عليه ولو لم تكن الخصومة قد انعقدت، ولما كان يترتب على الحكم بالانقطاع عودة الخصومة إلى ما كانت عليه قبل تحقق سبب الانقطاع ومن ثم تكون الخصومة غير منعقدة، وهي في هذه الحالة لا تنعقد إلا بإعلان صحيفة التعجيل إلى الورثة ولكن يغني حضورهم عن هذا الإعلان، فإن حدثت الوفاة قبل رفع الدعوى كانت الخصومة منعدمة لا يرد عليها الانقطاع.
الدفع المتعلق بانعقاد الخصومة ليس شكليا:
تبدأ الخصومة بإيداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب ، ومن هذا الوقت تتصل الدعوى بالقضاء وتكون في حوزته ، لكن لا تتوافر له ولاية الفصل فيها إلا إذا تحققت المواجهة بين الخصوم بانعقاد الخصومة، ومن ثم يتعلق الدفع بعدم انعقادها بولاية القضاء وبسيرها مما تتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها - ويجوز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى، بل إن المحكمة إذا تبين لها عند غياب المدعى عليه بطلان إعلانه بالصحيفة وجب عليها تأجيل القضية إلى جلسة تالية يعاد إعلانه لها إعلاناً صحيحاً بواسطة خصمه عملاً بالمادة (85).
ولا يلتزم المدعى عليه بالتمسك بالدفع في صحيفة الإستئناف، كما أن حقه فيه لا يسقط بالتعرض للموضوع.
الحضور والدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن :
إذا إنقضت ثلاثة أشهر على إيداع صحيفة الدعوى دون أن يعلن المدعى عليه كان له التمسك فقط باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذ يحول حضوره دون الدفع بعدم إنعقاد الخصومة ، فإن صدر ضده الحكم رغم عدم إعلانه، كان له الطعن فيه ، وحينئذ يجب عليه التمسك باعتبار الدعوى كأن لم تكن بصحيفة الإستئناف، أما الدفع بعدم إنعقاد الخصومة ، فيجوز التمسك به في أية حالة يكون عليها الإستئناف، ويجب على المحكمة الاستئنافية التصدي له من تلقاء نفسها والقضاء ببطلان الحكم المستأنف وتقف عند هذا الحد.
إنعقاد الخصومة في الدعوى اللاحقة المرتبطة :
تخضع كل دعوى مبتدأة، سواء كانت أصلية أو فرعية لشرط انعقاد الخصومة فيها، حتى لو كانت مترتبة على دعوى سابقة مرتبطة بها.
ويعتبر الطلب العارض الذي يقدمه المدعى في ذات دعواه لتعديل طلباته فيها، دعوى فرعية، يجب أن تنعقد الخصومة فيها بالمواجهة، فإن لم يكن المدعى عليه حاضرا بالجلسة التي قدم فيها الطلب العارض، وجب إعلانه به حتى تنعقد الخصومة فيه، إذ لا يكفي أن تكون قد انعقدت في الدعوى الأصلية.
وإذا رفعت دعوى الحق بعد دعوى الحيازة، وجب أن تنعقد فيها الخصومة فلا يكفي انعقادها في دعوى الحيازة ، كذلك الحال في دعوى تكملة التعويض، فلا يكفي انعقاد الخصومة في دعوى التعويض المؤقت ، وأيضاً في دعوى التعويض عن فصل العامل تعسفياً فلا يكفي انعقاد الخصومة في دعوى وقف تنفيذ قرار الفصل.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الثاني ، الصفحة : 286)
تعديل المادة 68 بالقانون رقم 23 لسنة 1992 والقانون رقم 18 لسنة 1999 : تناولت يد المشرع ، المادة 68 - محل التعليق - بالتعديل بمقتضى القانون رقم 23 لسنة 1992، وقد تضمن هذا التعديل أمرين :
الأول : رفع المشرع الغرامة التي كان منصوص عليها في الفقرة الثانية والتي تقضي المحكمة بها على العاملين بقلم الكتاب أو المحضرین في حديها الأدنى والأقصى إلى عشرة أمثالها فأصبحت لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تجاوز مائة جنيه .
الثاني : أضاف المشرع الفقرة الأخيرة من المادة وبمقتضاها أصبح المبدأ العام أن الخصومة لا تعتبر منعقدة في الدعاوی بإعلان صحيفنها إلى المدعى عليه ويستثنى من ذلك أن يحضر المدعى عليه بالجلسة ، فقد أعتبر أن ذلك يقوم مقام الإعلان .
وبإضافة المشرع الفقرة الأخيرة من المادة حسم المشرع خلافاً كان قد ثار في الفقه والقضاء قبل التعديل حول أثر حضور المدعى عليه بالجلسة بدون إعلانه ، والآن بعد التعديل أصبح الحضور يقوم مقام الإعلان .
میعاد إعلان صحيفة الدعوى للمدعى عليه وجزاء مخالفته : حدد المشرع میعاد يبدأ عند تقديم صحيفة الدعوى لقلم المحضرين يجب أن يتم فيه الإعلان ورتب على عدم مراعاة هذا الميعاد جزاءاً خاصاً ، فقد أوجب المشرع في المادة 68 - محل التعليق - علي قلم المحضرين أن يقوم بإعلان صحيفة الدعوى خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ تسليمها إليه إلا إذا كان قد حدد لنظر الدعوى جلسة تقع في أثناء هذا الميعاد.
فعندئذ يجب أن يتم الإعلان قبل الجلسة ، ويستفاد من النص المتقدم أنه يفرق بين حالتين :
الحالة الأولي : أن تقع الجلسة بعد ثلاثين يوماً من تسليم الصحيفة القلم المحضرين وفي هذه الحالة يجب أن يحصل الإعلان خلال ثلاثين يوماً من تسليمها إليه .
الحالة الثانية : أن تقع الجلسة خلال الثلاثين يوماً التالية لتسليم الصحيفة لقلم المحضرين ، وفي هذه الحالة يجب أن يتم الإعلان قبل الجلسة.
وفي كلتا الحالتين يجب أن يراعى میعاد الحضور .
وقد رتب القانون جزاء على عدم مراعاة هذا الميعاد هو الحكم وجوباً من المحكمة المرفوعة إليها الدعوى على من تسبب من موظفي قلم الكتاب أو المحضرين بغرامة لا تقل عن عشرين جنيهاً ولا يتجاوز مائتي جنيه ، بحكم لا يقبل الطعن فيه بأي طرق من طرق الطعن .
ويلاحظ البعض على نص المادة 68 الخاص بالجزاء الذي يوقع على الموظف المتسبب في تأخير الإعلان الملاحظات الآتية :
1- إن الحكم بالغرامة مشروط بأن يكون تأخير الإعلان راجعاً إلى إهمال الموظف ، أما إذا كان راجعاً إلى سبب آخر كفعل المدعي فلا يوقع أنجزاء، فإن تحقق الإهمال من جانب الموظف وأدى إلى تفويت الميعاد كان الحكم بالغرامة واجباً على المحكمة .
2- أن الجزاء يوقع على الموظف المتسبب بإهماله في التأخير سواء كان تابعاً للمحكمة المرفوعة إليها الدعوى أم كان تابعاً إلي محكمة أخرى.
وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون 100 لسنة 1962 والذي أخذ عنه القانون الحالى نص المادة 68 أنه يلاحظ أن الجزاء سالف الذكر يوقع على من يتسبب من موظفي قلم الكتاب أو المحضرين في تأخير الإعلان ولو لم يترتب على هذا التأخير إعتبار الدعوى كأن لم تكن ، وذلك رغماً من أن التأخير المذكور لا يؤدي إلى أن بطلان كما جاء بها . وهذا الحكم ينصرف إلى الموظف أو المحضر ولو لم يكن تابعاً لذات المحكمة .
3 - إن الحكم بالغرامة واجب على الموظف الذي يتسبب بإهماله في تأخير الإعلان ، ولو لم يترتب على هذا التأخير ای بطلان . كما إذا لم يترتب عليه اعتبار الدعوى كأن لم تكن .
4 - ينص القانون . (مادة 68/2 ) على الحكم بالغرامة علي من يتسبب بأهمال في تأخير الإعلان « من موظفي قلم الكتاب أو المحضرين ، والنص بالنسبة لموظفي قلم الكتاب غريب ، لأن ميعاد الإعلان يبدأ من تاريخ تسليم الصحيفة إلى قلم المحضرين ولا شأن لقلم الكتاب في إجراء الإعلان ،إذ يقوم بذلك قلم المحضرين . إن هذا النص لا يستقيم إلا إذا كان الميعاد يبدأ من تاريخ تقديم الصحيفة لقلم الكتاب ، وهو مالم يأخذ به واضع القانون الحالى ، إذ نص على ميعاد الإعلان يبدأ من تاريخ تسليم الصحيفة لقلم المحضرين ( مادة 68/1 )، الأمر الذي لا يتصور معه أن يكون التأخير في الإعلان عن الميعاد الذي نص عليه القانون راجعاً إلى فعل قلم الكتاب أو إهماله .
إن الحكم بالغرامة لا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن ، وفقا لنص المادة 68- محل التعليق - سالف الذكر.
6- يترتب على مخالفة هذا الميعاد الحكم وجوبا بالغرامة على الموظف المتسبب في تأخير الإعلان عن الميعاد، ولكن لا يترتب عليه أى بطلان، وعلى هذا نص القانون الحالي صراحة في المادة 69 ( رمزي سيف - بند 414 ص 519 - ص 520).
ومن البديهي أن يضاف إلى الميعاد الوارد في المادة 68 ميعاد مسافة يحسب علي أساس المسافة بين مقر المحكمة وموطن الخصم المطلوب إعلانه .
ويلاحظ أنه بدق الأمر إذا تم الإعلان في الميعاد، وإنما كان باطلاً بسبب خطأ المحضر ، وعلى الرغم من أن النص يترتب الجزاء نتيجة مجرد تأخير الإعلان، إلا أن مقصود المشرع بطبيعة الحال أن يجری المحضر الإعلان في الميعاد دون ارتكاب أي خطأ من جانبه ، ومن ثم إذا أخطأ خطأ ترتب عليه بطلان الإعلان يكون المحضر هو المتسبب في تأخير الإعلان الصحيح ، ويحق توقيع الجزاء عليه.
وإذن ، من الأهمية تحديد البيانات التي يسأل عنها المختص ، وتلك التي يسأل عنها طالب الإعلان .
وقد سبق للفقه والقضاء بحث هذا الموضوع بمناسبة نفي مسئولية المحضر عما هو ليس من عمله ، فقد كان من الفقه والقضاء يقرر انه إذا شاب الورقة نقص أو خطأ في البيانات التي يلزم صاحب الشأن بإستيفائها ، فلا يتصور أن يكون المحضر مسئولاً إذا حكم ببطلانها للسبب المتقدم - وهذه القاعدة تقتضيها القواعد العامة وتتفق مع المنطق وتسلم بها كافة التشريعات .
فالمحضر عليه أن يحرر الإعلان وفق ما نص عليه القانون محدداً سائر البيانات التي تستوجب صحة الإعلان تبيانها ، كما أن عليه أن يبرز في الورقة البيانات التي تستوجب صفته الرسمية تبيانها .
وإذن، عليه أن يذكر اسمه والمحكمة التابع لها ويوقع على الأصل والصور ، ويذكر سائر الخطوات التي اتخذها وهو بسبيل إجراء الإعلان عملاً بقانون المرافعات ، وعليه أن يوجه الخطاب الرصي عليه في الميعاد، وعليه أن يجري الإعلان في المواعيد المقررة في القانون ، وألا يجربه في غير الساعات المباح فيها إجراء الإعلان ، وفي غير أيام العطلة الرسمية والأعياد ما لم يحصل على إذن كتابي من قاضي الأمور الزمنية إلخ وعلى المحضر إثبات تاريخ حصول الإعلان على الأصل والصور وإلا كان الإعلان باطلاً بسببه ، وتسليم الصورة إلى من ليست له صفة في تسلمها أو عدم ذكر أسم من سلمت إليه الصورة ، أو عدم تسليم الصورة إلى رجل الإدارة المختص محلياً في الأحوال التي يوجبها القانون ، أو عدم ذكر صفة من تسلم الصورة في الموطن أو كون القريب مقيماً مع المراد إعلانه ، كل هذا برتب بطلان لخطأ المحضر.
أما إذا قدم طالب الإعلان ورقة وكانت تجهل بشخصيته أو بالمراد إعلانه أويعطلوبه فإن البطلان الناشئ عن المخالفة لا يسأل عنه الحضر ( أحمد أبو الوفا - التعليق ص 404 و ص 405).
إنعقاد الخصومة بالإعلان أو بحضور المدعى عليه الجلسة ورأينا في ضرورة تعديل نص المادة 68 بحيث لا يكفي مجرد الحضور الجسماني وإنما الحضور الذي يتضمن تنازلاً صريحاً أو ضمنياً عما حق الإعلان :
نصت الفقرة الثالثة من المادة 68 المضافة بالقانون 23 لسنة 1992 على أن لا تعتبر الخصومة منعقدة في الدعوى إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه ما لم يحضر الجلسة.
وبهذه الفقرة جعل المشرع الحضور يقوم مقام الإعلان ، فتنعقد الخصومة بإعلان الصحيفة إلى المدعى عليه أو بحضوره الجلسة بدون إعلان، وبذلك حاول المشرع حسم الخلاف الذي نشب بين المحاكم وبين دوائر محكمة النقض بعضها البعض حول أثر الحضور دون إعلان، وقد حاول المشرع تقنين مبدأ للهيئة العامة لمحكمة النقض أقرته في حكمها الصادر في 1992/3/8 حسماً للخلاف بين دوائرها، بيد أن الصياغة التشريعية لنص الفقرة الحالية من المادة 688 سالفة الذكر جاءت معيبة ومخالفة لمضمون المبدأ الذي أرسته الهيئة العامة لمحكمة النقض بل ومخالفاً للمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 23 لسنة 1992 نفسه، فرغم أن الهيئة العامة لمحكمة النقض ، وكذا المذكرة الإيضاحية للقانون وضعت ضوابط للحضور الذي يغني عن الإعلان بأنه الحضور المصحوب بتنازل المدعى عليه صراحة أو ضمناً عن حقه في إعلانه بصحيفتها، فإن صياغة الفقرة الثالثة من المادة 68 واضحة في أن مجرد الحضور يكفي كبديل للإعلان، ولم يضع المشرع أي ضوابط لهذا الحضور، ومن ثم ليس أمام المحاكم الآن سوى تطبيق هذا النص الواضح في أن الحضور بغنى عن الإعلان، ولكن من واجب المشرع أن يتدخل لإعادة صياغة النص بحيث لا يكفي مجرد الحضور الجسماني المدعى عليه، وإنما يجب وضع ضوابط تؤكد أن حضوره مصحوب بتنازله عن حقه في الإعلان الذي نظمه قانون المرافعات وتؤكد علمه اليقينى بموضوع الدعوى وبالطلبات فيها ويمركزه القانوني بين أطراف الخصومة، ونوضح الان تفصیلات ذلك فيما يلى :
أولاً : أثر الحضور دون إعلان في انعقاد الخصومة قبل تعديل المادة 68 بالقانون رقم 23 لسنة 1992 : لا شك في أنه وفقاً للمادة 114 مرافعات فإن للحضور أثر في تصحيح الإعلان الباطل، إذ تنص هذه المادة على أن بطلان. صحف الدعاوى وإعلانها وبطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان الحكمة أو في تاريخ الجلسة يزول بحضور المعلن إليه في الجلسة أو بإيداع مذكرة بدفاعه، وفي هذا النص أخذ المشرع. بمبدأ لا بطلان عند تحقق الغاية من الشكل، وهو المبدأ الذي اعتنقه الشرح من قانون المرافعات الحالي في تنظيمه للبطلان.
وهذا الغرض الذي تعالجه المادة 114 ليس محل جدل الآن ، وهو ليس مجال حديثنا الآن، وإنما الغرض المثير للجدل يتمثل في حالة إذا لم يعلن المدعى عليه بصحيفة الدعوى ولكنه حضر الجلسة أو أعلن إعلاناً باطلاً إلى جلسة فلم يحضر ، وتبينت المحكمة بطلان الإعلان فأمرت المدعى بإعادة إعلان المدعى عليه إعلاناً صحيحاً بأصل الصحيفة فلم يفعل ورغم ذلك حضر المدعى عليه، فهنا يثور التساؤل عن مدى اعتبار الحضور . مغنی عن إعلان المدعى عليه، بحيث تستمر المحكمة في نظر الدعوى دون حاجة لإعلانه؟.
لقد اختلفت الحاكم في هذا الشأن وعلى رأسها محكمة النقض (انظر عرضاً لهذا الخلاف : فتحي والي - الوسيط - طبعة 1993 بند 269 مکررا، ص 449 - 454 وهوامشها)، فقد اختلفت أحكام دوائر محكمة النقض ثم حسمت هذا الخلاف الهيئة العامة لمحكمة النقض ويمكن حصر هذا الخلاف في اتجاهين لقضاء النقض :
أ- الإتجاه الأول : الحضور لا يغني عن الإعلان : فقد قضت محكمة النقض بأن إعلان صحيفة الدعوى إلى المدعى عليه إجراء لازم لانعقاد الخصومة بين طرفيها، ذلك أن الإعلان يرمي إعمالاً لمبدأ المواجهة إلى إيصال روائية معينة إلى علم المعلن إليه، وإذ يتطلبه القانون فإنه نثبر الوسيلة الوحيدة لهذا العلم. بمعنى أنه لا يجوز عند عدم القيام به أو تعيبة الاستعاضة عنه أو تكملته بالعلم الفعلي للواقعة. كما لا يصححه إبداء المدعي لطلبانه شفاعة في الجلسة وتمسك المدعى عليه بالخصومة. كما أن الخصومة رغم أنها تقوم بين الطرفين بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة طبقاً لنص المادة 63 مرافعات، إلا أنها لا تكون صالحة لأن يباشر فيها أي إجراء من جانب القضاء وأعوانه قبل انعقادها. فالصحيفة غير المعلنة لا تنعقد بها الخصومة ولا يترتب عليها أي إجراء أو حكم صحيح.
ولا يغير من ذلك حضور المدعى عليه أمام محكمة أول درجة وترفعه في الدعوى مما يفيد تنازله عن البطلان (نقض مدنى 18/5/1981 في الطعن رقم 1282 لسنة 41 قضائية) ، كما قضت محكمة النقض بأنه إذا حكم ببطلان الإجراء للقيام به في خصومة لم يعلن فيها المدعى عليه زالت جميع الآثار المترتبة على رفع الدعوى وتعتبر الخصومة كأنها لم تبدأ.
(نقض 22/6/1981 في الطعن 158 لسنة 48 قضائية و 26/1/1984 في الطعن رقم 127 لسنة 50 قضائية).
وفي نفس الاتجاه قضت بأن الخصومة التي بدأت بإيداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب يكون معلقاً وجودها على شرط إعلانها إلى المدعى عليه إعلاناً صحيحاً. فإن تخلف الإعلان حتى صدور الحكم الابتدائي زالت الخصومة كأثر للمطالبة القضائية (نقض مدنی 10/6/1987 في الطعن 1371 لسنة 50 قضائية و 18/12/1988 في الطعن رقم 1180 لسنة 55 قضائية و 8/12/1989 في الطعن رقم 1632 لسنة 58 قضائية) ، كما قضت بأنه إن قضى القاضي في الدعوى رغم عدم الإعلان ورد قضاؤه على غير محل (نقض إيجارات 5/2/1980 الطعن رقم 227 لسنة 45 قضائية).
وقضت أيضاً بأن إعلام الخصم بصحيفة الدعوى أو إعادة الإعلان التي نص عليها القانون يعتبر شرطاً جوهريا لانعقاد الخصومة.
(نقض مدنی 1990/5/10 ، في الطعن رقم 1076 لسنة 57 قضائية).
ب - الاتجاه الثاني : الحضور الدال على العلم اليقينی يغني عن الإعلان : فقد قضت محكمة النقض بأن : ويتعين القول بأن الخصومة تنعقد بتمام المواجهة بين طرفيها سواء تحققت تلك المواجهة بالإعلان أو بالعلم اليقينی ، الذي يتمثل في حضور الخصم أمام القضاء ومتابعة السير في الدعوى وإبداء دفاعه فيها في الشكل والموضوع ، على نحو " يدل "على إحاطته بموضوعها وبالطلبات فيها ويمركزه القانوني بين أطراف الخصومة ، وذلك أنه من غير المقبول أن يعتد المشرع بانعقاد الخصومة بالعلم الحكمي في الحالات التي تسلم فيها ورقة الإعلان لغير الشخص المراد إعلانه ولا يعتد بعلمه اليقيني ( نقض مدني 1989/2/20 في الطعن رقم 1919 لسنة 54 قضائية ، وبنفس العبارات نقض مدني 1989/2/27 في الطعن رقم 1732 لسنة 52 قضائية . وفيه كانت صحيفة الإستئناف لم تعلن إلى المستانف عليه إلا أنه مثل أمام المحكمة وناقش موضوع الإستثناء وأبدى ما عن له من دفوع وأوجه دفاع بما يدل عن إحاطته بموضوع الإستئناف وبالطلبات فيه ، وأيضاً : نقض مدنى 1988/10/26 في الطعن رقم 759 لسنة 55 قضائية ، ونقض مدني 25/5/1989 . في الطعن رقم 1841 لسنة 56 قضائية وفيه كانت صحيفة الإستئناف لم تعلن ، ولكن المستأنف ضده حضر بوكيل وقدم مذكرة بدفاعه ناقش فيها موضوع الإستئناف.
وأيضاً نقض مدنى 10/6/1987 في الطعن رقم 295 لسنة 36 قضائية، وفيه كانت صحيفة الاستئناف لم تعلن وحضر المستأنف عليهم وقاموا بتعجيل السير في الإستئناف بعد انقطاع الخصومة فيها بإعلان المستأنفة. ولم يثيروا دفاعا يتعلق بعدم إعلانهم ولكنهم تمسكوا أمام محكمة النقض بالبطلان لعدم الإعلان ، وقد قررت المحكمة أن « إعلان الصحيفة شرع لمصلحة المدعى عليه باعتباره الوسيلة المثلى لإتصال علمه بها لتقوم المواجهة فلا يحق لمدعي التحدي بعدم إنعقاد الخصومة لتخلف : هذا الإعلان كما أن الخصومة يمكن أن نقوم دون إعلان بدلیل ما تنص عليه المادة 123 مرافعات من جواز إبداء الطلب العارض شفويا في الجلسة ، ما تنص عليه المادة 126 مرافعات من جواز إبداء التدخل شفاهة في الجلسة وما تنص عليه المادة 237 من جواز إبداء الاستئناف المقابل في مذكرة للخصم دون إعلانه.
ج - حسم الهيئة العامة لمحكمة النقض للخلاف واخذها بالاتجاه الثاني مع وضع ضوابط له : وقد عرضن الاتجاهان على الهيئة العامة لمحكمة النقض فقررت في حكمها الصادر بجلسة 8/3/1992 في الطعن رقم 2293 لسنة 55 قضائية الأخذ بالاتجاه الثاني مع وضع ضوابط دقيقة له ، وقالت إنه : «في ظل قانون المرافعات السابق الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 .. لم تكن الدعوى تعتبر مرفوعة بكل ما يترتب على ذلك من آثار الاهتمام إعلان صحيفة الدعوى إلى الشخص المراد إعلانه ، إلا أن المشرع عدل عن ذلك في قانون المرافعات القائم رقم 13 لسنة 1968... فأصبحت الدعوى … تعتبر مرفوعة أمام القضاء بمجرد إيداع صحيفتها قلم الكتاب .أما إعلان الخصم بها فقد أصبح إجراء منفصلاً عن رفع الدعوى وتالياً له ، قصد به المشرع إعلامه بها وبطلبات المدعي فيها وبالجلسة المحددة لنظرها کی بعد دفاعه ومستنداته ، فإن هو أعلن قانوناً بصحيفة الدعوى كان ذلك دليلاً كافياً على علمه بها سواء علم بها فعلاً أولم يعلم . وإيماناً للقاضی بالمضي في نظرها سواء مثل المدعى عليه في الجلسات المحددة لنظرها بنفسه أو بمن ينوب عنه أو لم يمثل أصلاً . أما إذا حضر - دون إعلان - بالجلسة المحددة لنظر الدعوى عند النداء عليها وتنازل صراحة أو ضمناً عن حقه في إعلانه بصحيفنها ، وكان أقر بإستلامه صورة منها أو تسلم هذه الصورة بالجلسة بغير إعتراض منه أو ابدی دفاعا في الموضوع أو طلب أجلاً لإبدائه بما يدل على اليقين بموضوع الدعوى وبطلبات المدعى فيها ويمركزه القانوني. كان ذلك كافياً للمضي في نظر الدعوى دونما حاجة لتكليف المدعى أو قلم المحضرين بإعلانه بصحيفتها . وبعد أن أرست الهيئة العامة هذا المبدأ طبقتة مقررة أنه إذا كانت المستأنف ضدها لم تعلن أصلاً بصحيفة الاستئناف وتمسكت باعتبار الإستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانها بها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها إلى قلم كتاب المحكمة وفقاً للمادة 70 من قانون المرافعات ، غير أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع وفصل في موضوع الدعوى على سند من أنها حضرت بالجلسة بما يصحح بطلان إعلانها في حين أن هذا الحضور بمجردة لا يسقط حقها في إعلانها. بالصحيفة أو توقيع الجزاء ، وخلت الأوراق مما يفيد أنها تنازلت صراحة أو ضمناً عن حقها في إعلانها بها... فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
ثانياً : أثر الحضور دون إعلان في انعقاد الخصومة بعد تعديل المادة 68 بالقانون 23 لسنة 1992 : النص واضح في أن الحضور يغني عن الإعلان، ويجب على المشرع أن يتدخل لتعديله بما يتفق مع إتجاه الهيئة العامة لمحكمة النقض، ومع المذكرة الإيضاحية للقانون: استهدف المشرع تقنين حكم الهيئة العامة لمحكمة النقض المشار إليه آنفاً ، فأضاف فقرة ثالثة للمادة 68 سبق لنا الإشارة إليها، وذلك بمقتضى القانون رقم 23 لسنة 1992.
ونص الفقرة الثالثة من المادة 68 واضح تماما في أن الحضور يغني عن الإعلان، ولذلك يجب على المحاكم أن تطبقه بل لقد طبقته محكمة النقض في حكمها الصادر في 1994/4/6 ، في الطعن رقم 4946 لسنة 62 قضائية، فأمام وضوح النص لا مفر من تطبيقه.
وقد ذهب رأي فقهي إلى أن مايفهم من ظاهر النص الجديد، وهو أن مجرد الحضور أمام القاضي مرادف للإعلان، أي يغني عنه، وهذا المعنى على إطلاقه لا يمكن الأخذ به، إذ هو يخالف المبادىء الأساسية التي يقوم عليها التشريع الإجرائي المصري، والتي لايتصور أن يعدل عنها المشرع بعبارة شاردة دون تعديل جذري يتضمن إلغاء صريح لنصوصه التي تتضمن هذه المباديء، والتي لم يمسها قانون 23 لسنة 1992 ، رغم النص الجديد، ومن هذه نص المادة 20 وفقاً للتفسير الذي استقر عليه الفقه والقضاء والمادة 70 والمادة 114 (فتحى والى - الوسيط طبعة 1993 ص 453 وهامشها)، وآخذاً في الإعتبار إحترام تلك المباديء الأساسية يذهب هذا الرأي تفسير النص الجديد في ضوء ما استقر عليه قضاء النقض قبله ممثلاً في حكم الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية سالف الذكر (وهذا ما أعلنه صراحة المستشار وزير العدل عند مناقشة مشروع النص بمجلس الشعب . ص 11 وص 12 وص 15 من مضبطة الجلسة الثالثة والستين لمجلس الشعب بتاريخ 5/5/1992 ).
فمجرد حضور المدعى عليه أو وكيله بالجلسة المحددة لنظر الدعوى لا يغني عن إعلانه، كذلك لايغني عن الإعلان تقديم المدعى عليه مذكرة بدفاعه. وإذا كان الإعلان معيباً ، فإن هذا الحضور لايصحح عيوب الإعلان إلا طبقاً للمادة 114 مرافعات وفقاً للتفسير الذي استقر عليه الفقه والقضاء.
كما يذهب هذا الرأي إلى أنه يبقى للمدعى عليه - رغم حضوره - التمسك ببطلان رفع الدعوى والتمسك ببطلان إعلان صحيفة الدعوى في غير الأحوال التي ينطبق فيها نص المادة 114 مرافعات، كما يبقى للمدعي عليه إذا حضر الحق في التمسك باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلان صحيفتها إليه إعلاناً صحیحاً. خلال ثلاثة أشهر من إيداعها قلم كتاب المحكمة.
ويذهب هذا الرأي ايضا إلى أنه ليس للمحكمة - إذا حضر المدعى عليه دون إعلان أو بإعلان معيب - أن تلزمه بكم صورة من صحيفة الدعوى، أو أن تأمر المدعى أو قلم الكتاب بتسليمه صورة منها في الجلسة فإن فعلت، فإن للمدعى عليه الحاضر الامتناع عن تسلمها. ذلك أن القانون أوكل مهمة تسليم صورة الإعلان إلى المحضرين دون غيرهم، ووفقاً لإجراءات الإعلان التي نص عليها، على أنه إذا حضر المدعى عليه، أو وكيله، فإن له أن يتنازل صراحة عن حقه في إعلانه بصحيفة الدعوى، كما أن حقه في هذا الإعلان يزول إذا أقر باستلامه صورة من الإعلان أو تسلم هذه الصورة بالجلسة بغير اعتراض منه أو إذا كان قد تابع - بغير إعلان - السير في الدعوى، وأبدی دفاعه فيها في الشكل، وفي الموضوع بما يدل على إحاطته بموضوعها، وبالطلبات فيها، ويمركزه القانوني في الخصومة. فعندئذ فقط يكون الحضور مرادفاً للإعلان، ولا يجوز للمدعي عليه التمسك بعدم إعلانه أو ببطلان هذا الإعلان أياً كان العيب الذي يشوبه، أو التمسك باعتبار الدعوى. كأن لم تكن لعدم إعلان صحيفتها له خلال ثلاثة أشهر، كما أنه لايجوز عندئذ للمحكمة تكليف المدعي إعلان المدعى عليه بأصل صحيفة الدعوى إذ يصبح الإعلان عندئذ، ولا محل له.
كما يذهب هذا الرأي إلى أن هذا التفسير إنما ينصرف إلى الإعلان اللاحق على رفع الدعوى عندما ترفع الدعوى بإبداع الصحيفة قلم كتاب المحكمة، أما إذا كانت الدعوى ترفع بتكليف المدعى عليه بالحضور. فإن الإعلان يكون هو الإجراء الذي تبدأ به الخصومة : فإذا لم يتم هذا الإعلان. فإن الخصومة لانبية. ولا ينطبق القواعد سالفة الذكر (فتحی والی - بند 269 مکرراً ص 454)، أي لا ينطبق التفسير سالف الذكر.
وهذا الرأي المشار إليه آنفا هو بمثابة اجتهاد فقهی له قيمته، وهو يتضمن تفسيرا، ونقداً فقهياً لنص الفقرة الثالثة من المادة 68 ، وهو باعتباره رأياً فقهياً لامجال للعمل به أمام المحاكم بالمخالفة للتشريع (قارن: الديناصوری وعكاز . ج 1 ص 449 - ص 451 ، حيث تصورا أنه يمكن العمل به فانتقدام)، فمن المعلوم مرتبة الفقه كمصدر للقانون ودوره المحدود، فهذا الرأي بما تضمنه من تفسير لا مجال للعمل به أمام المحاكم نظراً لوضوح نص الفقرة الثالثة من المادة 68 ، وما على المحاكم إلا أن تطبق هذا النص الواضح بحيث إن حضور المدعى عليه بغنى عن إعلانه، ونرى أنه يجب على المشرع أن يتدخل مستقبلاً لإعادة صياغة الفقرة الثالثة من المادة : 68 ، بحيث تتضمن هذه الصياغة ضوابط الحضور الذي يعتد به للإستغناء عن الإعلان، وبحيث لايكفي مجرد الحضور الذي تسميه بالحضور الجسماني الذي لا يتضمن أي نشاطاً إجرائياً للمدعى عليه يدل على تنازله الصريح أو الضمني عن حقه في الإعلان، والذي يدل على علم اليقينی بموضوع الدعوى والطالبات فيها، ومركزه القانوني فيها، فينبغي أن تمتد يد الشرع إلى هذا النص بالتعديل بحيث يتضمن هذا التعديل ما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون، وما ورد في حكم الهيئة العامة لمحكمة النقض من ضوابط للحضور، ولكن إلى أن يحدث هذا التعديل مستقبلا فإن واجب المحاكم أن تطبق هذا النص الصريح الذى غض المشرع فيه بصره عن ما ورد من ضوابط للحضور بالمذكرة الإيضاحية له، وبحكم الهيئة العامة للنقض، وليس للمحاكم الآن أن تطبق هذه الضوابط في العمل نظراً لوضوح عبارة النص، في أن مجرد حضور المدعي عليه بالجلسة يغني عن إعلانه .
وجدير بالذكر أنه لا يجوز قبل إنعقاد الخصومة في الدعوى باستيفاء الإجراء الذي يتطلبه القانون في هذا الصدد - أياً كان الرأي في هذا الشأن - المرافعة في الدعوى، وإبداء طلب في موضوعها، وإلا اعتبر غير مطروح على المحكمة ( 17/4/1988 ، طعن 453 لسنة 55 قضائية - سنة 29 - ص 662 ). قبل انعقاد الخصومة سواء بتمام إعلان صحيفتها إلى المدعى عليه أو بحضوره في الجلسة لاتكون الدعوى صالحة لأن يباشر فيها أي إجراء سواء من جانب القضاء، وأعوانه أو من جانب الخصوم، وإن تم شيء في ذلك كان عملاً منعدماً لا يرد عليه التصحيح بالنزول ( 18/5/1981 ، طعن 1282 لسنة 49 قضائية - سنة - 32 - ص 1520)، وإذا قضت محكمة الإستئناف ببطلان حكم أول درجة لصدوره قبل انعقاد الخصومة وقفت عند القضاء بالبطلان دون أن تتصدى لنظر الموضوع، ودون أن تعيد الدعوى لأول درجة.
29/12/1983 ، طعن 235 ، 238 لسنة 50 قضائية . سنة 34 ص 2006 ) .
ويلاحظ أن الخصومة لا تنعقد إلا بين أحياء، ومن ثم فإنها بالنسبة إلى الخصم الذي يكون قد توفي قبل رفع الدعوى معدومة، ولا ترتب أي أثر، ولا يصححها أي إجراء لاحق ولو كان المدعي يجهل وفاته، إذ يتعين عليه مراقبة ما يطرأ على خصمه قبل إختصامه.
( نقض 15/5/1984 ، طعن 1863 لسنة 50 قضائية - 10/6/1984 ، طعن 1528 لسنة 50 قضائية - 13/2/1985 طعن 1950 سنة 50 قضائية )، ولا يصحح الدعوى تعجيلها وإختصام الورثة.
(نقض 17/3/1983، طعن 1606 لسنة 49 قضائية - سنة 34 - ص 199).
وإذ لم يحضر المدعى عليه وتبينت المحكمة بطلان إعلانه وجب عليها تأجيل الدعوى إلى جلسة تالية، وتكليف المدعي بإجراء إعلان جديد صحيح، ولايقف عند القضاء بالبطلان.
(نقض 31/1/1993 ، طعن 2589 لسنة 57 قضائية) .(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الثاني ، الصفحة : 441)
هذه المادة تقابل المادة 77 من القانون الملغى 77 لسنة 1949 وقد أدخل المشرع عليها تعديلاً بالقانون 23 لسنة 1992 ثم تعديلاً أخر بالقانون 18 لسنة 1999 ومؤدي التعديل الأول ما يلي :
أولاً : رفع المشرع الغرامة التي كان منصوص عليها في الفقرة الثانية والتي تقضي المحكمة بها على العاملين بقلم الكتاب أو المحضرين في حديها الأدنى والأقصى إلى عشرة أمثالها فأصبحت لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تجاوز مائة جنيه.
ثانياً : أضاف المشرع الفقرة الأخيرة من المادة وبمقتضاها أصبح المبدأ العام أن الخصومة لا تعتبر منعقدة في الدعوى بإعلان صحيفتها إلى المدعي عليه ويستثنى من ذلك أن يحضر المدعي عليه بالجلسة فقد اعتبر أن ذلك يقوم مقام الإعلان.
أما التعديل الثاني فقد رفع بمقتضاه المشرع الغرامة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة - والتي تقضي بها المحكمة على من تسبب من العاملين بقلم الكتاب أو المحضرين في تأخير الإعلان في حديها الأدنى والأقصى فأصبحت لا تقل عن عشرين جنيهاً بعد أن كانت قبل التعديل لا تقل عن عشرة جنيهات وأصبحت لا تتجاوز مائتي جنيه بعد أن كانت قبل التعديل لا تزيد على مائة جنيه.
وقبل إضافة الفقرة الأخيرة بالقانون 23 لسنة 1992 حدث خلاف شديد في الفقه والقضاء بشأن أثر حضور المدعى عليه بالجلسة ولم يكن قد أعلن بصحيفتها فذهب الرأي الراجح في الفقه إلى أن الخصومة لا تنعقد إلا بالإعلان وحضور المدعى عليه بالجلسة بدون إعلان لا يقوم مقام الإعلان حتى لو تنازل عن الإعلان أو قرر أنه علم به أو أطلع عليه.
وأضاف أصحاب هذا الرأي أنه يتعين على المحكمة في هذه الحالة أن تؤجل الدعوى وتكلف المدعى بإعلان المدعى عليه.
وبالنسبة القضاء فقد أصدرت محكمة النقض حكمين متناثرين قضت فيهما بأن حضور الخصم يصحح الإعلان ويقوم مقامه إلا أن الغالبية العظمي من أحكامها الكثيرة المتواترة ذهبت إلى عكس ذلك وقضت في صراحة ووضوح أن الخصومة لا تنعقد إلا بإعلان وأن حضور الخصم بدون إعلان لا يصححه حتى لو تنازل عن الإعلان وأخيراً أصدرت الهيئة العامة للمواد المدنية فى 1992/3/8 حكماً قضت فيه بأنه إذا حضر المدعى عليه دون إعلان بالجلسة المحددة لنظر الدعوى عند النداء عليها وتنازل صراحة أو ضمناً عن حقه في إعلانه بصحيفتها كان أقر باستلام صورة منها أو تسلم هذه الصورة بالجلسة بغیر إعتراض منه أو أبدي دفاعاً في الموضوع أو طلب أجلاً لإبدائه بما يدل على علمه اليقيني بموضع الدعوى وبطلبات المدعي فيها وبمركزه القانوني كان ذلك كافياً للمضي في نظر الدعوى دون حاجة لتكليف المدعي أو قلم المحضرين بإعلان بصحيفتها وقد أوردنا هذا الحكم في نهاية الشرح : ومودي هذا الحكم أن محكمة النقض إعتبرت أن حضور المدعي عليه الذي لم يعلن بالصحيفة كافياً لاعتبار الخصومة قائمة بشرط أن يحضر بالجلسة المحددة لنظر الدعوى وأن يتنازل صراحة أو ضمنا عن حقه في إعلانه بصحيفتها أما إذا لم تتوافر هذه الشروط كما إذا حضر ودفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن فإن الحضور لايكفي ليقوم مقام الإعلان فأضاف المشرع هذه الفقرة الأخيرة من المادة مقرراً في صراحة ووضوح أن حضور المدعي عليه يقوم مقام الإعلان وبذلك أصبح الشرطان اللذان أوردتهما محكمة النقض في حكمها الأخير غير قائمين إلا أن هذا لا يمنع المدعي عليه عند حضوره أن يدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن كما أن له أن يطلب التأجيل للإطلاع على أوراق الدعوى وفي هذه الحالة يتعين على المحكمة أن تجيبه إلى طلبه.
هذا وننوه أنه لا يجوز الاستشهاد بحكم الدوائر المدنية والأحكام المشابهة إلا بالنسبة للإجراءات التي اتخذت والأحكام التي صدرت قبل تعديل المادة أما بعد التعديل فأصبحت لا تتمشي معها إلا أننا أوردنا إيضاحاً للشرح.
ويثور التساؤل عن الدعاوي التي سبق رفعها قبل العمل بهذا القانون وكان المدعى عليه قد حضر فيها قبل سريانه وأجلت المحكمة الدعوى وكلفت المدعي بإعلانه إلا أن الإعلان لم يتم . في تقديرنا أنه يجب التفرقة بين ما إذا كان المدعى عليه قد حضر بعد العمل بهذا القانون أو لم يحضر فإذا لم يحضر فلا تثور أمامنا أدني صعوبة إذ يتعين على المحكمة تأجيل الدعوى وتكليف المدعى بإعلانه أما إذا حضر فإن الخصومة تكون قد إنعقدت بحضوره ولا يقدح في ذلك أن الدعوى رفعت قبل التعديل لأنه يتعين في هذه الحالة أعمال الأثر الفوري لسريان التعديل عملاً بالمادة الأولى مرافعات ويبقى الفرض الأخير وهو رفع الدعوى قبل العمل بالتعديل وحضور المدعى عليه بالجلسة بعد التعديل بدون إعلان فإن الخصومة - من باب أولى - تعتبر قد إنعقدت بحضوره عملاً بالأثر الفوري لسريان إجراءات المرافعات على النحو السالف.
وكان المشرع عند تقديمه لمجلس الشعب في خصوص هذه المادة ، ينص على أن الخصومة لا تعتبر منعقدة في الدعوى إلا بإعلان صحيفتها ما لم يحضر المدعى عليه الجلسة أو يقدم مذكرة بدفاعه فحذفت اللجنة التشريعية الكلمات الثلاث الأخيرة وبذلك فإن تقديم مذكرة من المدعى عليه بدفاعه لا يترتب عليه اعتبار أن الخصومة قد انعقدت بل يتعين على المحكمة في هذه الحالة أن تؤجل الدعوى وتكلف المدعى بإعلان المدعى عليه.
وقد أوردت المذكرة الإيضاحية تفسيراً لهذه المادة مؤداه أن المقصود بالحضور في هذا المقام هو أن يحضر المدعى عليه - دون إعلان - بالجلسة المحددة لنظر الدعوى عند النداء عليها ويتنازل صراحة أو ضمنا عن حقه في إعلانه بصحيفتها كأن يقر باستلامه صورة منها ، أو يتسلم هذه الصورة بالجلسة بغير إعتراض ، أو يبدي دفاعاً في الموضوع ، أو يطلب أجلاً لإبدائه بما يدل على عمله اليقيني بموضوع الدعوى وبطلبات المدعي فيها وبمركزه القانوني.
وفي تقديرنا أن هذا الرأي لا سند له في القانون إذ أنه تخصيص للمادة بغير مخصص إذ القاعدة في التشريع والتفسير أن المطلق يظل على إطلاقه ما لم يرد ما يخصصه وقد وردت عبارة حضور المدعي عليه بدون قيد أو شرط وبالتالي فلا يجوز الحد من عمومية النص بوضع قيود تنال من ذلك ويبدو أن المذكرة التفسيرية قد تأثرت بحكم الهيئة العامة للمواد المدنية الذي سبق بيانه إلا أن هذا التفسير يصطدم مع عمومية النص على النحو أنف البيان، ونظراً لأنه من المقرر قانوناً في قواعد التفسير بإنه إذا تعارضت المذكرة الإيضاحية مع النص أو فسرته تفسيراً لا يتفق مع مدلوله فالعبرة بما ورد في النص ولا يجوز الإستناد إليها فإن الرأي عندنا عدم إعمال ما ورد فيها على النحو السابق بيانه ولا يجوز القول بأن واضع النص أراد ذلك إذ لا يجوز الرجوع إلى قصد المشرع إلا إذا كان النص يحتمل أكثر من معنى أما إذا ورد صريحاً لا يحتمل تأويلاً ولا يشوبه ليس أو غموض فلا يجوز الرجوع إلى قصد الشارع.
وواضح أن النص عدل كتابة المذكرة الإيضاحية بأن حذف منه المجلس التشريعي عبارة " أو يقدم مذكرة بدفاعه " . ومؤدي هذه المادة أنها تفرق بين رفع الدعوى وانعقاد الخصومة وكلاهما لازم للسير في الدعوى فرفع الدعوى يتم بمجرد إيداع صحيفتها قلم الكتاب أما إنعقاد الخصومة فلا يتم إلا بإعلان صحيفة الدعوى أو حضور المدعي عليه فإذا رفعت الدعوى بإيداع صحيفتها إلا أنها لم تعلن للمدعي عليه ولم يحضر بالجلسة وصدر فيها حكم كانت الخصومة معلومة ويعتبر والعدم سواء كل حكم يصدر فيها أما إذا أعلن البعض ولم يظن البعض الأخر ولم يحضر الأخيرون فإنه يتعين التفرقة بين ما إذا كانت الخصومة تقبل التجزئة أم لا فإن كانت لا تقبل التجزئة كانت الخصومة برمتها معدومة وبالتالي كل إجراء يتخذ بشأنها وكل حكم يصدر فيها يكون معدوماً أما إذا كانت تقبل التجزئة صح الحكم بالنسبة لمن أعلن أو حضر بدون إعلان وانعدم بالنسبة لمن عداهم.
ورغم صراحة النص وخروج المذكرة الإيضاحية عليه فقد ذهب رأي في الفقه إلى أن ما يفهم من ظاهر النص الجديد من أنه بمجرد الحضور أمام القاضی مرادف للإعلان ويغني عنه ، لا يمكن الأخذ به على إطلاقه واستند في ذلك الأمرين أولهما أنه يخالف المبادئ الأساسية التي يقوم عليها التشريع الإجرائي المصري والتي لا يتصور أن يعدل عنها المشرع بعبارة شاردة دون تعديل جذري يتعين إلغاء صريحاً لنصوصه والتي تتضمن هذه المبادئ والتي لم يمسها قانون 23 لسنة 1992 رغم النص الجديد والمر الثاني، أن المستشار وزير العدل عند مناقشة مشروع النص بمجلس الشعب صرح بذلك وانتهى هذا الرأي على أنه يرى تفسير النص الجديد في ضوء ما استقر عليه قضاء النقض قبله ممثلاً في حكم الهيئة العامة للمواد المدنية أخذاً في الإعتبار باحترام تلك المبادئ الأساسية ورتب على ذلك أن حضور المدعي عليه أو وكيله بالجلسة المحددة لنظر الدعوى لا يغني عن إعلانه ، وفي حالة ما إذا كان الإعلان معيباً ، فإن هذا الحضور لا يصحح عيوب الإعلان إلا طبقاً للمادة 114 مرافعات ووفقاً للتفسير الذي استقر عليه الفقه والقضاء وأردف انه ليس للمحكمة إذا حضر المدعى عليه دون إعلام أو بإعلان معيب أن تلزمه بتسلم صورة من صحيفة الدعوى أو أن تأمر المدعي أو قلم الكتاب بتسليمه صورة منها في الجلسة فإن فعلت ، كان للمدعي عليه الحاضر الامتناع عن تسلمها ( الوسيط في قانون القضاء المدني للدكتور فتحي والي ص 453).
وفي تقديرنا أن هذا الرأي غير سديد على الإطلاق ، للأسباب الآتية :
1- أن عبارة ما لم يحضر بالجلسة التي وردت بعجز الفقرة الأخيرة من المادة 68 بعد تعديلها ليست كلمة شاردة وإنما عناها المشرع بكل كلمة فيها بل بكل حرف يدخل في تكوينها وقد وافق عليها مجلس الشعب بعد مناقشة مستفيضة وبعد بحث وتمحيص يؤكد هذا أن مشروع المادة حينما قدم لمجلس الشعب كان ينص - كما سبق القول - على أن الخصومة لا تعتبر منعقدة في الدعوى إلا بإعلان صحيفتها مالم يحضر المدعي عليه الجلسة أو يقدم مذكرة بدفاعه ... فحذفت اللجنة التشريعية الكلمات الثلاثة الأخيرة الأمر الذي يقطع بأن المشرع كان يقصد ما حواه النص.
2- إن حكم الهيئة العامة للمواد المدنية صدر قبل صدور القانون 23 لسنة 1992 ولو أراد المشرع أن يقنن هذا الحكم لأضاف في عجز الفقرة الأخيرة من المادة عبارة " وتنازل عن الإعلان " لتصبح ولا تعتبر الخصومة منعقدة في الدعوى إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه ما لم يحضر بالجلسة ويتنازل عن الإعلان.
3- أن المشرع أراد أن يعدل عن المبدأ الذي كانت تسير عليه معظم أحكام النقض من أن الإعلان شرط لانعقاد الخصومة حتى في حالة حضور المدعى عليه بالجلسة بعد أن رأي وبحق أن هذا الأمر يعد إغراقاً في الشكليات وتعقيداً للإجراءات ويؤدي إلى تعطيل الفصل في الدعوى بدون مبرر ويعطي للخصم المشاكس الفرصة في المماطلة إذ أن حضور المدعى عليه بالجلسة يدل بلا شك على عمله بالخصومة وإن كان حضوره في هذه الحالة يجيز له طلب التأجيل للاستعداد وتلزم المحكمة بإجابته ويكون له أن يطلع على صحيفة الدعوى ليصبح عالما بالخصومة علم اليقين.
4 - إن المشرع حينما أورد في النص أن حضور المدعى عليه تنعقد به الخصومة لا يعد تعديلاً جذرياً لمبادئ قانون المرافعات بل هو تعديل جزئية خاصة مؤداها أن حضور المدعى عليه بالجلسة دون إعلان يغني عنه.
5 - أن حضور المدعى عليه كما ذكرنا لا يمنعه من إبداء جميع الدفوع الخاصة بالإعلان ومنها اعتبار الدعوى كأن لم تكن .
6 - أن قول وزير العدل أثناء مناقشة القانون لا يصح الإستناد إليه - شأنه شأن المذكرة الإيضاحية - إلا إذا كان النص يكتنفه الغموض وفي حاجة لتفسير أمة إذا كان صريحاً فلا يصح اعتباره دليلاً.
7- أنه لا يجوز دعوة القضاء لعدم إعمال النصوص التشريعية بأي حجة كانت لأن في ذلك افتئات على سلطة وإهدار المبدأ الفصل بين السلطات وحتى في الحالة التي يوجد فيها تعارض ظاهري بين النصوص فإنه يتعين على المحكمة أن تتدخل بصلاحياتها لقوائم بينها أو لتطبق ما تراه أولى بالتطبيق أما إذا كان هنالك تعارض حقيقي بينما فإنه من المقرر وفقا لقواعد التفسير أن النص اللاحق ينسخ السابق .
8- أنه من المقرر في مدخل القانون أن أعمال النص خير من إهماله وأن لا يجوز الاجتهاد في مورد النص وهذا الرأي الذي فقدناه يتناقض مع هاتين القاعدتين.
وقد لاحظنا أثناء تتبعنا لقضاء المحاكم أن بعضها قد أعتبر أن الحضور الذي يقوم مقام الإعلان - في حالة عدم الإعلان بالصحيفة – هو حضور المدعى عليه بشخصه أما في حالة حضور محام عنه فلم تعتبر ذلك يقوم مقام الإعلان.
وفي تقديرنا أن هذا الرأي يصطدم بالقواعد المقررة في المادة 75 من قانون المرافعات من أن حضور الوكيل عن الخصم يخول له مباشرة جميع إجراءات الخصومة ما عدا تلك التي تلتزم تفويضاً خاصاً كالإقرار بالحق المدعى به ، وإذا كان حضور المحامي عن موكله في الدعوى رغم عدم إعلان موكله ومباشرته إجراءاتها لا يدخل في التصرفات المحظورة عليه ومن ثم فإن هذا الرأي لا يصادف صحيح القانون.
ورغم أن جانب من الفقه انحاز للرأي المعارض لنا وذهب إلى وجوب التقيد بحكم الهيئة العامة للمواد المدنية أنف البيان ( مرافعات الأستاذ كمال عبد العزيز طبعة سنة 1995 الجزء الأول ص 489 والمستشار عزت حنورة في بحث له بمجلة القضاة ) . إلا أن ذلك لم يثننا عن رأينا بل زدنا إصراراً عليه ، وقد سارت عليه معظم دوائر محكمة النقض بعد أن تيقن لها أن فيه تيسيراً على الخصوم وتبسيطاً للإجراءات وتقليلاً من حالات البطلان خصوصاً تلك التي لا يكون للخصوم دخل فيها فضلاً عن سرعة الفصل في الدعاوى بدلاً من تكدسها في المحاكم وأكدت أن الخصومة تنعقد بحضور المدعي عليه سواء كان الإعلان باطلاً أو لم يتم أصلاً ، غير أن بعض الدوائر مازالت تسير على الرأي العكسي الذي سبق تنفيذه ( الأحكام رقم 18 ، 29 ، 31).
كذلك فقد استقر قضاء النقض على ما دعمنا به رأينا من عدم تخصيص النص القانوني متى كان واضحاً ولا يجوز الإستناد في هذه الحالة إلى المذكرة الإيضاحية ( الأحكام رقم 3، 4، 5، 6، 7).
ولا يجوز قبل إنعقاد الخصومة في الدعوى باستيفاء الإجراء الذي يتطلبه القانون في هذا الصدد المرافعة في الدعوى وإبداء طلب في موضوعها وإلا اعتبر غير مطروح على المحكمة إذ قبل إنعقاد الخصومة سواء بتمام إعلان صحيفتها إلى المدعي عليه أو بحضوره في الجلسة لا تكون الدعوى صالحة الأن يباشر فيها أي إجراء سواء من جانب القضاء وأعوانه أو من جانب الخصوم وإذا تم شيء من ذلك كان عملاً منعدماً لا يرد عليه التصحيح بالنزول. وفي حالة ما إذا قضت محكمة الإستئناف ببطلان الحكم الصادر من محكمة أول درجة لصدوره قبل إنعقاد الخصومة فإن يتعين عليها أن تقف عند حد القضاء بالبطلان دون أن تتصدى لنظر الموضوع ودون أن تعيد الدعوى المحكمة أول درجة وقد أستقر قضاء النقض على أن الحكم الذي يصدر في الدعوى دون أن تنعقد فيها الخصومة بعد معدوماً ومن ثم لا يحوز أي حجية ويكفي المحكوم عليه أن ينكره عند الاحتجاج به عليه دون الحاجة للطعن عليه كما يجوز له أن يرفع دعوى أصلية ببطلانه.
وميعاد الثلاثين يوماً هو حد أقصى للإعلان وعلى قلم المحضرين أن يقوم بالإعلان مراعياً مواعيد الحضور إذا قل الموعد المحدد لنظر الجلسة عن ثلاثين يوماً من وقت تسليم الإعلان إليه . وقد وضع المشرع في هذه المادة جزاء على المتسبب من المحضرين والكتبة في تأخير الإعلان وهو أن يحكم عليه بغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على مائة جنيه بحكم غیر قابل للطعن وهذا الجزاء يوقع على الكاتب أو المحضر سواء أكان تابعاً للمحكمة التي تنظر الدعوى أو غير تابع لها وسوات ترتب على ذلك ضرر للخصوم أو لم يترتب لأن الضرر يتحقق بإطالة أمد النزاع في المذكرة الإيضاحية للقانون 100 لسنة 1962.
وعدم إجراء المحضر الإعلان خلال ثلاثين يوماً لا يترتب عليه البطلان كما تنص على ذلك المادة 69 مرافعات . هذا وتوقيع الجزاء على المتسبب في تأخير الإعلان جوازي للمحكمة إلا أنه متى وقع الجزاء لا يقبل الطعن بأي طريق . والفرض أن يقوم المحضر بإجراء الإعلان صحيحاً في الميعاد الذي حدده القانون فإذا وقع الإعلان باطلا بخطأ المحضر ولم يتم الإعلان صحيحاً خلال الثلاثين يوماً لا يعفيه الإعلان الباطل من توقيع الجزاء.
ويجوز للمحكمة توقيع الغرامة على من تسبب بإهماله في تأخير الإعلان من العاملين في قلم الكتاب أو المحضرين سواء كان تابعاً للمحكمة التي وقعت الغرامة أو غير تابع لها.
ومن المستقر عليه فقها وقضاء أن الخصومة لا تنعقد إلا بين الأحياء ومن ثم فإنها تكون معلومة بالنسبة إلى الخصم الذي توفي ولا ترتب أي أثر ولا يصححها أي إجراء لاحق حتى لو كان المدعي يجهل وفاة المدعي عليه إذا يتعين عليه كما قالت محكمة النقض مراقبة ما يطرأ على خصمه قبل إختصامه.
وقد سبق أن أوضحنا في شرح المادة 63 مرافعات أنه إذا حضر المدعى عليه بالجلسة فلا يجوز له أن يتمسك ببطلان إعلانه بصحيفة الدعوى أو بعدم انعقاد الخصومة في حقه وذلك عملاً بالفقرة الثالثة من المادة 68 مرافعات غير أن حضوره لا يسقط حقه في التمسك ببطلان صحيفة الدعوى ذاتها لنقض فيها أو العيب في بياناتها كما لا يسقط حقه في بطلان رفع الدعوى ولا بعدم قبولها المخالفة حكم المادة 63 مرافعات ولا باعتبار الدعوى كأن لم تكن عملاً بالمادة 70 مرافعات لعدم إعلان صحيفتها خلال ثلاثة شهور من رفعها متى كان الحضور تالياً لهذا الميعاد.
تعمد إعلان الخصم بصحيفة الدعوى في موطن وهمي يترتب عليه عدم إنعقاد الخصومة وإنعدام الحكم الصادر فيها :
تبين لنا من خبرتنا الطويلة في القضاء أن هناك من المدعين من يعلن خصمه بصحيفة إفتتاح الدعوى في موطن وهمي بطريق الغش يبغي بذلك إخفاء قيام الخصومة عنه وغالباً ما يتم ذلك بطريق التواطؤ مع المحضر فإذا حدث ذلك فإن لازمه أن الخصومة لا تنعقد في الدعوى والحكم الصادر فيها يعني معدوماً وليس باطلاً ومن ثم يسري عليه ما يسري على الحكم المعدوم.
يجوز للخصم الذي لم يعلن بصحيفة الإستئناف ولم يحضر بالجلسة أن يتمسك أمام محكمة النقض ببطلان الحكم :
في حالة ما إذا لم يعلن المستأنف عليه بصحيفة الإستئناف ولم يحضر بالجلسة فإنه يجوز له أن يطعن في الحكم بالنقض وينعي عليه البطلان وحينئذ يتعين على محكمة النقض نقض الحكم وإحالة الدعوى لمحكمة الإستئناف لتقضي في الدعوى بحكم جديد .
يجوز للخصم الذي لم يعلن بصحيفة الدعوى أمام محكمة أول درجة قبل العمل بالقانون 23 لسنة 1992 أن يتمسك أمام المحكمة الاستئنافية بعدم انعقاد الخصومة في حقه أمام محكمة الدرجة الأولى وباعتبار الدعوى كأن لم تكن :
سبق أن أوضحنا أن حضور المدعى عليه أمام محكمة أول درجة بدون إعلان قبل العمل بالقانون 23 لسنة 1992 لا يترتب عليه إنعقاد الخصومة في حقه ما لم يتنازل عن حقه في الإعلان فإذا كان قد حضر دون إعلانها وتمسك باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلانه في الميعاد الذي حددته المادة 70 إلا أن المحكمة رفضت الدفع وقضت في الدعوى وطعن علي هذا الحكم وأثناء نظر الاستئناف أو قبل نظره صدر القانون 23 لسنة 1992 و عمل به فإن ذلك لا يسقط حقه في التمسك باعتبار الدعوى كأن لم تكن لأن القانون الأخير ليس له أثر رجعي وبالتالي لا يعمل به إلا من تاريخ سريانه في 1992/10/1.
عدم لزوم الإعلان بصحيفة الدعوى لمن لا يقبل اختصامه ابتداء :
من المقرر كما سبق أن رددنا أن الإعلان إجراء لازم لإنعقاد الخصومة ، وينبني علي ذلك أن الإعلان لا لزوم له لمن لا يقبل إختصامه إبتداءً فإذا أدخل المستأنف في الاستئناف شخصاً لم يكن مختصماً أمام محكمة أول درجة فهذا الشخص لا يقبل إختصامه إبتداءً عملاً بالمادة 236 مرافعات ومن ثم فلا يلزم إعلانه ويجوز للمحكمة أن تقضي في الدعوى دون إعلانه .(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثاني ، الصفحة : 840)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الخامس ، الصفحة / 238
الإْعْذَارُ فِي الدَّعْوَى:
الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ كُلُّ مَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَقٌّ، إِمَّا بِإِقْرَارٍ، إِنْ كَانَ مِمَّنْ يَصِحُّ إِمْرَارُهُ، وَإِمَّا بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ دَفْعِ الدَّعْوَى وَبَعْدَ الإْعْذَارِ إِلَيْهِ قَبْلَ الْحُكْمِ، وَإِمَّا بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِ الاِسْتِبْرَاءِ، إِنْ كَانَ الْحَقُّ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ عَلَى غَائِبٍ، وَإِمَّا بِلَدَدِهِ وَتَغَيُّبِهِ عَنْ حُضُورِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، وَإِمَّا بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَلَدَدِهِ عَنِ الْجَوَابِ عَنِ الدَّعْوَى.
وَالْمَقْضِيُّ عَلَيْهِمْ أَنْوَاعٌ: مِنْهُمُ الْحَاضِرُ الْمَالِكُ أَمْرَهُ، وَمِنْهُمُ الْغَائِبُ الصَّغِيرُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ، وَمِنْهُمُ السَّفِيهُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَمِنْهُمُ الْوَرَثَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَفِيهِمُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ.
فَإِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاضِرًا بِمَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَادُّعِيَتِ الدَّعْوَى وَكَانَتْ مُسْتَوْفِيَةَ الشُّرُوطِ، طَلَبَ الْقَاضِي مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَوَابَ عَنْهَا، وَسَارَ الْقَاضِي فِيهَا حَسْبَمَا هُوَ مُدَوَّنٌ فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ.
فَإِنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ الْمُدَّعَى، فَهَلْ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِمُقْتَضَى الإْقْرَارِ حَالاً، أَوْ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ إِجْرَاءً آخَرَ جَائِزًا أَوْ وَاجِبًا ؟
قَالَ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ: يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ آخَرَ كَالإْعْذَارِ وَنَحْوِهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى مِنَ الْحَنَابِلَةِ: لاَ بُدَّ لِلْحُكْمِ بِمُقْتَضَى الإْقْرَارِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الإْقْرَارِ شَاهِدَانِ.
وَفِي الْمَذَاهِبِ تَفْصِيلاَتٌ فِي الإْعْذَارِ إِلَى الْغَائِبِ عَنْ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، فِي حُكْمِ الإْعْذَارِ وَفِي وَقْتِهِ، وَفِي الْمَسَافَةِ الَّتِي يُعْذَرُ إِلَيْهِ فِيهَا، وَفِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي يَمْتَنِعُ الإْعْذَارُ إِلَيْهِ.
وَفُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ عَنْ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ إِلاَّ بَعْدَ الإْعْذَارِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يُقْضَى عَلَيْهِ. وَتَخْتَلِفُ الْمَذَاهِبُ فِي زَمَنِ الإْعْذَارِ وَكَيْفِيَّتِهِ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثالث والثلاثون ، الصفحة / 328
الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ فِي الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ:
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ وَلاَ لَهُ إِلاَّ بِحُضُورِ نَائِبِهِ حَقِيقَةً أَوْ شَرْعًا.
قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: لاَ يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ - أَيْ بِالْبَيِّنَةِ - سَوَاءٌ أَكَانَ غَائِبًا وَقْتَ الشَّهَادَةِ أَمْ بَعْدَهَا وَبَعْدَ التَّزْكِيَةِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ غَائِبًا عَنِ الْمَجْلِسِ أَمْ عَنِ الْبَلَدِ.
أَمَّا إِذَا أَقَرَّ عِنْدَ الْقَاضِي فَيُقْضَى عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ؛ لأِنَّ لَهُ أَنْ يَطْعَنَ فِي الْبَيِّنَةِ دُونَ الإْقْرَارِ؛ وَلأِنَّ الْقَضَاءَ بِالإْقْرَارِ قَضَاءُ إِعَانَةٍ، وَاذَا أَنْفَذَ الْقَاضِي إِقْرَارَهُ سَلَّمَ إِلَى الْمُدَّعِي حَقَّهُ، عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا أَوْ عَقَارًا، إِلاَّ أَنَّهُ فِي الدَّيْنِ يُسَلِّمُ إِلَيْهِ جِنْسَ حَقِّهِ إِذَا وُجِدَ فِي يَدِ مَنْ يَكُونُ مُقِرًّا بِأَنَّهُ مَالُ الْغَائِبِ الْمُقِرِّ، وَلاَ يَبِيعُ فِي ذَلِكَ الْعَرْضَ وَالْعَقَارَ؛ لأِنَّ الْبَيْعَ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ فَلاَ يَجُوزُ.
وَمِثْلُهُ مَا وَرَدَ فِي مَجَلَّةِ الأْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْخَصْمَيْنِ حِينَ الْحُكْمِ.. وَلَكِنْ لَوِ ادَّعَى وَاحِدٌ عَلَى الآْخَرِ شَيْئًا فَأَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ غَابَ عَنِ الْمَجْلِسِ قَبْلَ الْحُكْمِ كَانَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ فِي غِيَابِهِ بِنَاءً عَلَى إِقْرَارِهِ.
وَاسْتَثْنَوْا مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ مَا إِذَا كَانَ نَائِبُهُ حَاضِرًا فَيَقُومُ مَقَامَ الْغَائِبِ، وَالنَّائِبُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً كَوَكِيلِهِ وَوَصِيِّهِ وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَأَحَدِ الْوَرَثَةِ فَيَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنِ الْبَاقِينَ وَكَذَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَصْكَفِيُّ.
وَكَمَا يَصِحُّ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ فِي حُضُورِ نَائِبِهِ حَقِيقَةً يَصِحُّ فِي حُضُورِ نَائِبِهِ شَرْعًا كَوَصِيٍّ نَصَبَهُ الْقَاضِي، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ يَكُونَ مَا يَدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ سَبَبًا لِمَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ، كَمَا إِذَا بَرْهَنَ عَلَى ذِي الْيَدِ أَنَّهُ اشْتَرَى الدَّارَ مِنْ فُلاَنٍ الْغَائِبِ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَى ذِي الْيَدِ الْحَاضِرِ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا عَلَى الْغَائِبِ أَيْضًا.
وَصَرَّحُوا بِأَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي أُقِيمَتْ فِي مُوَاجَهَةِ وَكِيلِهِ إِذَا حَضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَجْلِسَ الْحُكْمِ بِنَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الأْمْرُ بِالْعَكْسِ.
وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ الْبَعِيدِ جِدًّا بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَتَزْكِيَتِهَا، وَذَلِكَ بِيَمِينِ الْقَضَاءِ مِنَ الْمُدَّعِي، أَمَّا قَرِيبُ الْغَيْبَةِ فَكَالْحَاضِرِ عِنْدَهُمْ، قَالَ الدَّرْدِيرُ: وَقَرِيبُ الْغَيْبَةِ كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلاَثَةِ مَعَ الأْمْنِ حُكْمُهُ كَالْحَاضِرِ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةِ، وَالْغَائِبُ الْبَعِيدُ جِدًّا يُقْضَى عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَتَزْكِيَتِهَا بِيَمِينِ الْقَضَاءِ مِنَ الْمُدَّعِي، أَنَّ حَقَّهُ هَذَا ثَابِتٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَنَّهُ مَا أَبْرَأَهُ، وَلاَ وَكَّلَ الْغَائِبُ مَنْ يَقْضِيهِ عَنْهُ، وَلاَ أَحَالَهُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ فِي الْكُلِّ وَلاَ الْبَعْضِ.
وَالْعَشَرَةُ الأْيَّامُ مَعَ الأْمْنِ وَالْيَوْمَانِ مَعَ الْخَوْفِ كَذَلِكَ، أَيْ يُقْضَى عَلَيْهِ فِيهَا مَعَ يَمِينِ الْقَضَاءِ فِي غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ، وَأَمَّا فِي دَعْوَى اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ فَلاَ يُقْضَى بِهِ بَلْ تُؤَخَّرُ الدَّعْوَى حَتَّى يَقْدَمَ لِقُوَّةِ الْمُشَاحَّةِ فِي الْعَقَارِ، وَيَمِينُ الْقَضَاءِ وَاجِبَةٌ فِي الْمَذْهَبِ عِنْدَهُمْ لاَ يَتِمُّ الْحُكْمُ إِلاَّ بِهَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ إِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَادَّعَى جُحُودَهُ، فَإِنْ قَالَ: هُوَ - أَيِ الْغَائِبُ - مُقِرٌّ، لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَالأْصَحُّ أَنَّهَا تُسْمَعُ لأِنَّهُ قَدْ لاَ يَعْلَمُ جُحُودَهُ فِي غَيْبَتِهِ وَيَحْتَاجُ إِلَى إِثْبَاتِ حَقِّهِ فَتُجْعَلُ غَيْبَتُهُ كَسُكُوتِهِ، وَالثَّانِي لاَ تُسْمَعُ لأِنَّ الْبَيِّنَةَ إِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهَا عِنْدَ الْجُحُودِ.
وَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَهُ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ: أَنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، وَلَوِ ادَّعَى وَكِيلٌ عَلَى غَائِبٍ فَلاَ تَحْلِيفَ عَلَى الْوَكِيلِ بَلْ يَحْكُمُ بِالْبَيِّنَةِ وَيُعْطِي الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ إِنْ كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُنَاكَ مَالٌ.
ثُمَّ قَالُوا: الْغَائِبُ الَّذِي تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ، وَهِيَ الَّتِي لاَ يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرًا إِلَى مَوْضِعِهِ لَيْلاً، وَقِيلَ: مَسَافَةُ قَصْرٍ، وَأَمَّا مَنْ هُوَ بِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ فَكَحَاضِرٍ لاَ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ وَلاَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حُضُورِهِ إِلاَّ لِتَوَارِيهِ أَوْ تَعَزُّزِهِ، وَعَجَزَ الْقَاضِي عَنْ إِحْضَارِهِ فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حُضُورِهِ.
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ مَنِ ادَّعَى حَقًّا عَلَى غَائِبٍ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَطَلَبَ مِنَ الْحَاكِمِ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمَ بِهَا عَلَيْهِ، فَعَلَى الْحَاكِمِ إِجَابَتُهُ إِذَا كَمُلَتِ الشَّرَائِطُ وَذَلِكَ فِي حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ لِحَدِيثِ زَوْجَةِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مِنَ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي، فَقَالَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» فَقَضَى لَهَا وَلَمْ يَكُنْ أَبُو سُفْيَانَ حَاضِرًا.
وَقَالُوا: إِنْ قَدِمَ الْغَائِبُ قَبْلَ الْحُكْمِ وُقِفَ الْحُكْمُ عَلَى حُضُورِهِ، فَإِنْ خَرَجَ الشُّهُودُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ، وَلاَ يَلْزَمُ الْمُدَّعِيَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ بَيِّنَتِهِ الثَّابِتَةِ أَنَّ حَقَّهُ بَاقٍ، وَالاِحْتِيَاطُ تَحْلِيفُهُ، وَإِذَا قَضَى عَلَى الْغَائِبِ بِعَيْنٍ سُلِّمَتْ إِلَى الْمُدَّعِي، وَإِنْ قَضَى عَلَيْهِ بِدَيْنٍ وَوُجِدَ لَهُ مَالٌ وَفَّى مِنْهُ، قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لاَ يُدْفَعَ إِلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يُقِيمَ كَفِيلاً أَنَّهُ مَتَى حَضَرَ خَصْمُهُ وَأَبْطَلَ دَعْوَاهُ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا أَخَذَهُ.