loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

تقرير اللجنة التشريعية

استبدلت اللجنة بعبارة «الأقارب أو الأصهار، الواردة في المادة 72، عبارة أزواجهم أو أقاربهم أو أصهارهم»، وذلك حتى يمكن للخصوم إنابة أزواجهم، إذ هم أحق بالنيابة عنهم من أقاربهم وأصهارهم، ولأن عبارة والأقارب أو الأصهار، لا تشمل لغة والأزواج .

الأحكام

1 ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان يجوز للشخص أن يباشر تصرفاته القانونية بنفسه أو بمن ينوب عنه قانوناً سواء أكانت هذه النيابة قانونية أو قضائية أو اتفاقية فإن التوكيل فى إقامة الخصومة أمام القضاء جائز طبقاً للقواعد العامة فى الوكالة دون التقيد بصفة الوكيل أو درجة قرابته من الموكل ، إلا أن المشرع خرج عن ذلك فيما يتعلق بالحضور أمام المحاكم ، فاشترط فى المادة 72 من قانون المرافعات لصحة الوكالة فى الحضور أن يكون الوكيل محامياً أو قريباً أو صهراً للموكل حتى الدرجة الثالثة .

(الطعن رقم 10158 لسنة 78 جلسة 2012/01/08 س 63 ص 80 ق 11)

2 ـ إذ كانت المادة 72 من قانون المرافعات قد نظمت حضور الخصوم والمرافعة أمام القضاء فجعلت للخصم حق الحضور بنفسه أو بوكيل عنه من المحامين أو غير المحامين ممن عددتهم هذه المادة، وكان يشترط لصحة الإنابة فى الحضور عن الخصم والمرافعة أمام المحكمة وفقاً لنص المادة 73 من ذات القانون، والفقرة الأولى من المادة 702 من القانون المدني، والمادة 57 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 إذا كان الوكيل محامياً أن يكون قد صدر له توكيل خاص بمباشرة الحضور والمرافعة فى الدعوى المنظورة أو توكيل عام يجيز له ذلك فى كافة القضايا، وأن يثبت هذا بموجب توكيل رسمي أو مصدق على التوقيع عليه، فإذا لم تثبت هذه الوكالة، أو كانت قد ألغيت أو أنقضت بسبب انتهاء العمل المحدد فيها أو بوفاة الوكيل، فإنه لا يعتد بحضور الوكيل أو من ينوب عنه، ويكون الجزاء على ذلك إجرائياً فحسب، يتمثل فى اعتبار الخصم غائباً، ومن ثم فإن عدم اعتداد المحكمة بحضور نائب أحد الخصوم هو قضاء يتصل بإجراءات الحضور والمرافعة أمام القضاء، ولا علاقة له بموضوع النزاع، كما لا يواجهه دفعاً موضوعياً يتعلق بالصفة أو المصلحة، أو الحق فى رفع الدعوى باعتباره حقاً مستقلاً عن ذات الحق الذي ترفع الدعوى بطلب تقريره، والتي انتظمت أحكامها المادة 115 من قانون المرافعات، وبالتالي فلا تستنفد المحكمة ولايتها فى نظر الموضوع بالفصل فيه.

(الطعن رقم 695 لسنة 68 جلسة 1999/04/18 س 50 ع 1 ص 517 ق 102)

3 ـ يجوز للشخص أن يباشر تصرفاته القانونية بنفسه أو بمن ينوب عنه قانوناً سواء أكانت هذه النيابة قانونية أو قضائية أو إتفاقية فإن التوكيل فى إقامة الخصومة أمام القضاء جائز طبقاً للقواعد العامة فى الوكالة ولم لم يكن الوكيل محامياً أو قريباً أو صهراً للموكل حتى الدرجة الثالثة على ما نصت عليها المادة 72 من قانون المرافعات لأن حكم هذه المادة قاصر على من يجوز توكيله فى الحضور أمام القضاء .

(الطعن رقم 2247 لسنة 66 جلسة 1997/04/27 س 48 ع 1 ص 701 ق 138)

4 ـ الأصل أن يتم تسليم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو فى موطنه الأصلى و يجوز تسليمها فى الموطن المختار فى الأحوال التى بينها القانون ، و صدور توكيل من أحد الخصوم لمن وكله من المحامين بمقتضى توكيل عام أو خاص من شأنه طبقاً للمواد 10 و 72 و 74 من قانون المرفعات أن يجعل موطن هذا التوكيل معتبراً فى إعلان الأوراق اللازمة لسير الدعوى فى درجة التقاضى الموكل هو فيها و إذ كان الثابت فى الدعوى أن محكمة الإستئناف حجزت الدعوى للحكم و صرحت بتقديم مذكرات ، و قدم الأستاذ . . بصفتة وكيلا عن الطاعنتين مذكره بدفاعهما فى الميعاد ثم قررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة ثم كلفت المطعون عليها بإعلان الطاعنتين ، فإعلنوهما بمكتب الأستاذ . . . بوصفه موطنهما المختار و تسلم هو شخصياً الإعلان دون أن يعترض أو ينفى وكالته عن الطاعنه الأولى و هو ما يستفاد منه أنه كان وكيلا عنها فى الإستئناف ، و قد تولى هو بصفته وكيلا عن الطاعنتين الطعن فى الحكم الإستئنافى بطريق النقض ، و إن يكن هذا بناء على توكيل أخر ، لما كان ذلك فإن الإعلان سالف الذكر يكون صحيحاً و إذ إعتد به الحكم المطعون فيه ، فإنه لا يكون قد خالف القانون و يكون النعى عليه بالبطلان فى غير محلة .

(الطعن رقم 724 لسنة 42 جلسة 1977/05/10 س 28 ع 1 ص 1158 ق 199)

شرح خبراء القانون

تعريف الخصم وأهليته وتمثيله أمام القضاء

فكرة الخصم

الخصم هو من يقدم باسمه طلباً إلى القضاء للحصول على حماية قضائية أو من يقدم في مواجهته هذا الطلب فإذا قدم الطلب نيابة عن شخص أو وجه الطلب إلى شخص باعتباره نائباً عن غيره، فإن الخصم هو الأصيل وليس النائب.

وترتبط فكرة الخصم بتقديم طلب الحماية القضائية باسم شخص، وذلك بصرف النظر عما إذا كان من قدم الطلب باسمه هو صاحب الحق أو المركز القانوني الموضوعي المطلوب حمايته أم لا، وما إذا كانت له صفة في الدعوى أم ليس له صفه. كذلك الأمر بالنسبة لمن يقدم ضده الطلب، فهو يعتبر خصماً بصرف النظر عما إذا كان هو الطرف السلبي في الحق في الدعوى. ولهذا لا يعتبر خصماً المالك على الشيوع الذي لا يشترك في تقديم الطلب بشأن الملكية.

وعلى العكس يعتبر خصماً من يقدم طلباً منازعاً في الملكية ولو لم يكن هو المالك، وتحديد فكرة الخصم على هذا النحو يتسق مع استقلال الخصومة عن كل من الحق الموضوعي والحق في الدعوى . فإذا لم يكن الشخص قد وجه طلباً أو وجه إليه طلب فلا يعتبر خصماً، ولو كان ماثلاً في الخصومة.

المدعي والمدعى عليه :

يفترض كل طلب بالحماية أمام القضاء طرفين : من يقدمه ومن يوجه إليه. ويسمى الأول المدعي، والثاني المدعى عليه . وبغير مدع ومدعى عليه لا توجد خصومة مدنية، ولهذا يسميان بالطرفين الأصليين في الخصومة . ويلاحظ أن الذي يميز المدعي ليس فقط أنه من يقدم الطلب وإنما يميزه أنه من يقدم طلبا يتضمن رفع دعوى معينة. ولهذا إذا تقدم شخص بدعوى دین معين ، فتقدم من وجه إليه الطلب بطلب سماع شهود فإنه يبقى مدعى عليه ، وعلى العكس إذا تقدم بطلب ثبوت دین له في ذمة المدعى وإجراء المقاصة القضائية ، فإن المدعى عليه في الطلب الأول يعتبر - بالنسبة لطلبه - الذي يتعلق بدعوى تختلف عن الدعوى محل الطلب الأول - مدعياً. ويعتبر من يوجه إليه الطلب مدعاً عليه، بصرف النظر عن موقفه في الخصومة، فهو كذلك سواء حضر أو لم يحضر، وسواء حضر وقدم دفاعاً أو دفعاً للطلب الموجه إليه أم لم يفعل.

ومن المهم تحديد ما إذا كان الخصم مدعياً أو مدعا عليه . فمركز المدعي يختلف عن مركز المدعى عليه، وذلك من النواحي التالية :

1- يتحدد الاختصاص المحلي كقاعدة عامة بالنظر إلى موطن المدعى عليه.

2- يتحمل المدعي - عادة - عبء الإثبات.

3- المدعى في دعوى الحق لا يستطيع رفع دعوى الحيازة، وعلى العكس فإن المدعى عليه في دعوى الحق يمكنه رفع دعوى الحيازة.

4- يراعى المدعى عليه بالنسبة لقواعد الحضور والغياب (أنظر المادتين 84، 85 مرافعات).

5- المدعى عليه هو آخر من يتكلم (102 مرافعات).

 سلطات وأعباء الخصوم :

إذا توافرت صفة الخصم في شخص، فإنه يكون في مركز قانونی معین يمده ببعض السلطات الإجرائية. وهي سلطات تتميز بأنها لمصلحة صاحبها، له استعمالها أو عدم استعمالها. فهو لا يجبر على استعمالها، ولا يتحمل جزاءاً لعدم استعمالها. وهذه السلطات قد تستمد من مجرد صفة الخصم دون أن ترتبط بمركز إجرائي محدد، ومثالها سلطة تقديم وقائع متعلقة بالقضية. وقد تكون مستمدة من مركز إجرائي معين في الخصومة فلا يكفي لاكتسابها صفة. الخصم، وعندئذ يطلق عليها - تمييزاً لها عن النوع الأول - بالحق الإجرائي، ومثاله الحق في الطعن، إذ لا يكون إلا للمحكوم عليه.

على أن السلطة الإجرائية ترتبط عادة في الخصومة بعبء على صاحبها. ويوجد عبء إذا حدد القانون سلوكاً يجب على الشخص إتباعه إذا أراد تحقيق هدف معين لمصلحته. وهكذا مثلاً إذا أراد المحكوم عليه أن يستعمل حقه في الطعن، فإن عليه أن يسلك طريق الطعن المسموح له به بالشكل الذي قرره القانون. وهذا العبء ليس التزاماً بالمعنى الصحيح، فالمحكوم عليه - في هذا المثال - يستطيع ألا يطعن في الحكم، فلا يقع عليه واجب احترام الشكل القانوني. ومن الأعباء الإجرائية عبء دفع كفالة للطعن وعبء الإثبات وعبء دفع الرسوم مقدماً. على أن الخصومة تعرف التزامات بالمعنى الصحيح. ويوجد الالتزام الإجرائي إذا أمر القانون خصماً بإتباع سلوك معين لإشباع مصلحة الغير مضحياً بمصلحته الخاصة. ومثالها البارز التزام الخصم بدفع ما يحكم عليه من مصاريف الخصومة.

الخلافة في الخصومة :

قد تكتسب صفة الخصم بالخلافة. ولأن الخصومة ليست سوى أداة للحصول على قضاء يحمى مركزاً قانونياً موضوعياً، فإن الخلافة فيها تكون انعكاساً للخلافة بالنسبة لهذا المركز.

وهذه الخلافة قد تكون خلافة عامة أو خلافة خاصة :

1- الخلافة العامة : وتحدث بوفاة الخصم، أو بانقضاء شخصيته, القانونية كما في حالة تصفية الشركة أو حل إحدى الجمعيات. ويترتب على واقعة الوفاة أو الانقضاء أن الخلف يأخذ مكان السلف في الخصومة، سواء بصفته مدعياً أو مدعا عليه . فإذا كان الخلفاء العامون متعددين، أخذوا صفة الأطراف المتعدين.

2- الخلافة الخاصة : ولمعرفة أثر الخلافة الخاصة ، يجب التفرقة بين فرضين .

(أ) أن تكون الخلافة الخاصة بتصرف بين الأحياء، كما لو حدث بيع للمال محل النزاع، وعندئذ ليس للتصرف أثر بالنسبة للخصومة، إذ تستمر هذه بين الأطراف الأصليين. فلا يترتب على الخلافة بالنسبة للمركز القانوني الموضوعی خلافة بالنسبة لمركز الأطراف في الخصومة.

(ب) أن تكون الخلافة الخاصة بتصرف مضاف إلى ما بعد الموت الوصية. وعندئذ تستمر الخصومة، ولكن ليس في مواجهة الطرف الأصلي، وقد توفي، ولا في مواجهة الخلف الخاص، إذ هذا الخلف إنما ينتقل إليه المال محل الوصية دون الدعوى المتعلقة به، وإنما تستمر الخصومة في مواجهة الخلف العام للموصي (الوارث أو الورثة) إذ هو الذي يخلف الموصي في مركزه القانوني، وبالتالي في مركزه كطرف في الخصومة.

ونتيجة لما تقدم، فإن الخلف الخاص - فى الفرضين - لا يصبح بالخلافة طرفاً في الخصومة. على أنه يلاحظ أن من يبقى أو يصبح طرفاً في الخصومة (المتصرف في المال أو الخلفي العام للموصى) لم يعد - صاحب الحق - الذي يدافع عنه. فهو في الخصومة يبقى باسمه ولكن دفاعاً عن حق لغيره، بما يترتب على ذلك من آثار النظام الحلول الإجرائي. وأهمها أن الحكم الصادر في الخصومة تكون له حجية أيضاً في مواجهة الخلف الخاص، كما أن له الطعن في هذا الحكم. على أن من المقرر أن هناك حالتين لا يكون للحكم فيهما حجية في مواجهة الخلف الخاص ما لم يتدخل في الخصومة، وهما:

1- إذا تمسك الخلف الخاص بالنسبة للمال محل النزاع بقاعدة الحيازة في المنقول سند الحق. إذ في هذه الحالة يكون له حقه الخاص الذي لم يستمده من السف.

2- إذا كان الحكم قد صدر نتيجة لصحيفة دعوى يجب أن تسجل، وكان الخلف الخاص قد سجل سنده قبل تسجيل الصحيفة.

وفي جميع الأحوال لا يكون للحكم حجية إذا كانت الخصومة التي صدر فيها قد بدأت بعد التصرف.

أهلية الاختصام :

لكي يكون الشخص طرفاً في خصومة، يجب أن تتوافر فيه أهلية والاختصام، وتتوافر هذه الأهلية لدى كل من تتوافر لديه أهلية الوجوب. وفي القانون الحديث لكل إنسان حي، وكذلك الأشخاص المعنوية ذات الشخصية القانونية. ويستوي أن يكون الشخص وطنياً أو أجنبياً.

ويتجه الفقه إلى أن الجماعة التي ليس لها شخصية معنوية، وإن كان مسلماً أنه ليس لها أهلية اختصام كمدعية فإن لها أهلية اختصام كمدعى عليها، فيمكن مقاضاتها في شخص ممثليها. وقد دعت إلى هذه التفرقة الاعتبارات العملية حتى لا تتخلص مثل هذه الجماعة من التزاماتها التي ترتبت بالفعل على أساس أنه ليس لها الشخصية القانونية.

ويلاحظ أن القانون قد يعترف بنص خاص بأهلية الاختصام لمن ليس له الشخصية الاعتبارية ومثالها المادة 866/ 2 مدني التي تخول أهلية الاختصام لاتحاد ملاك الطبقات.

وإذا رفعت الدعوى نيابة عن شخص توفي قبل رفعها أو رفعت ضد هذا الشخص، فإن رفع الدعوى يكون باطلاً. فإذا صدر حكم فيها فهو حكم باطل بطلاناً لا يقبل التصحيح، فلا يحوز حجية الأمر المقضى. ويأخذ حكم الشخص الطبيعي المتوفى، الشخص المعنوي الذي تزول شخصيته قبل رفع الدعوى، كالشركة التي تدمج في غيرها إذ يترتب على الدمج انقضاء الشركة المندمجة.

الأهلية الإجرائية (أهلية التقاضي):

على أن أهلية الاختصام ليست كافية للقيام بالأعمال الإجرائية في الخصومة. فالى جانب أهلية الاختصام ، يجب أن تتوافر الأهلية الإجرائية وتسمى أيضاً أهلية التقاضي. ويقصد بها صلاحية الخصم للقيام بعمل إجرائی سواء باسمه أو في مصلحة الآخرين، وتتوافر الأهلية الإجرائية لدى كل من تتوافر لديه أهلية الأداء بالنسبة للحق المطلوب حمايته. ولهذا فإنه فی القانون المصرى تتوافر الأهلية الإجرائية كقاعدة لمن يبلغ سنة واحدة وعشرين عاماً. وسواء كانت الأهلية للاختصام أو للتقاضي فإنها يجب أن تستمر طوال الخصومة.

وقد تقوم الحاجة لتعيين ممثل خاص ينوب عن ناقص الأهلية بالنسبة  لخصومه معينة. ويمكن أن يحدث هذا في صورتين :

(أ) ألا يكون لناقص الأهلية ممثل قانونی. ويراد رفع الدعوى عليه.

(ب) أن يكون هناك تعارض في المصالح بين ناقص الأهلية ومن يمثله قانوناً وتقتصر سلطة الممثل الخاص على القيام بالأعمال الإجرائية في الخصومة، وتلقى ما يوجه إليه من أعمال من الطرف الآخر. فلا تمتد سلطته إلى الرابطة القانونية محل الخصومة.

ويجري الفقه والقضاء. في مصر على عدم اشتراط توافر الأهلية الإجرائية أمام القضاء المستعجل. وذلك من ناحية لأن الحكم المطلوب يكون حكماً وقتياً لا يمس الموضوع، ومن ناحية أخرى لأن شرط الاستعجال يتنافى مع ما يحتاجه الحرص على صحة التمثيل القانوني من وقت. على أن هذا الاستثناء يقتصر على الأهلية الإجرائية دون أهلية الاختصام. فهذه يجب توافرها أيضاً في الخصومة المستعجلة.

ومن ناحية أخرى، من المقرر توافر الأهلية الإجرائية - رغم عدم توافر أهلية الأداء - بالنسبة لدعاوى الحيازة باعتبارها لا تحمي حقاً موضوعياً وإنما مجرد مرکز قانونی. فلا يشترط فيها أهلية الأداء التي تشترط بالنسبة التصرف في الحق. ونفس الأمر بالنسبة للدعاوى التي لا ترفع بطبيعتها إلا ممن لا تتوافر فيه أهلية الأداء مثل طلب رفع الحجر.

وقد يكون للشخص أهلية رفع الدعوى أو الطعن دون مباشرة الإجراءات التالية. من هذا أنه رغم أن حكم شهر الإفلاس يترتب عليه غل يد المفلس عن إدارة أمواله والتصرف فيها إلا أن ذلك لا يحول دون قيامه بالإجراءات اللازمة للمحافظة على حقوقه (مادة 589 من قانون التجارة). فيكون له رفع الدعاوى لقطع التقادم، والطعن على الأحكام الصادرة ضده تجنباً لسقوط الحق في الطعن. على أن يقترن ذلك باخطار أمين التفليسة ليتدخل في الدعوى أو الطعن باعتباره الممثل القانوني لرؤية المفلس (مادة 594/ 3 من قانون التجارة)، دون أن يكون لهذا الأخير الحق في تمثيلها أو الحضور أمام القضاء، إذ يقتصر حقه في تمثيل المنشأة على اقامة الدعوى أو الطعن دون مباشرة إجراءات نظرها .

التمثيل القانوني للخصم :

والشخص الذي لديه أهلية الاختصام ولا تتوافر لديه الأهلية الإجرائية، يقوم من ينوب عنه قانوناً (الولي أو الوصي أو القيم) بتمثيله في الخصومة.  

والممثل القانوني ليس طرفاً في الخصومة ولكنه يمثل الخصم. ومن ناحية أخرى ليس لهذا الممثل صفة في الدعوى، فصفته تكون فقط صفة في الخصومة باعتباره ممثلاً للخصم.

ويلاحظ أن سلطة الممثل القانوني قد تختلف في الخصومة عنها بالنسبة لإبرام التصرفات القانونية. ويرجع هذا إلى أن رفع الدعوى لا يعتبر تصرفاً قانونياً، هذا فضلاً عن أن رفع الدعوى قد يقيد بميعاد معين أو بظروف تقتضي العجلة مما يجعل التأخير ضاراً بناقصي الأهلية. وتطبيقاً لهذه الفكرة تنص المادة 39/ 12 من قانون الولاية على المال في مصر (رقم 119 لسنة 1952) على أنه يمكن للوصي أن يرفع الدعاوى التي يكون في تأخير رفعها ضرر بالقاصر أو ضياع حق له، دون إذن من المحكمة.

والأشخاص المعنويون الذين لديهم الشخصية القانونية، يقوم بتمثيلهم من ينوب عنهم قانوناً بحكم القانون أو بحكم نظام الشخص المعنوى. على أنه يلاحظ أن الشخص المعنوي تتوافر لديه الأهلية الإجرائية. وإذا كان من الواجب أن يمثله من ينوب عنه، فإن ذلك ليس مرجعه أنه ناقص الأهلية، وإنما مراده أنه لا يستطيع - من الناحية الفعلية – أن يتمتع بأهليته إلا بواسطة شخص طبيعي.

فإذا لم تتوافر الشخصية الاعتبارية في هيئة أو إدارة، فلا تكون لها الأهلية لكي تكون خصماً. أما إذا توافرت فيها الشخصية الاعتبارية، فان ممثلها القانوني هو الذي يمثلها. ويكون الأمر كذلك، ولو نص القانون على تبعيتها لرئيس الحكومة أو لأحد الوزراء أو لمحافظ المحافظة.

ومن المقرر أن الوزير هو الذي يمثل وزارته بكل مصالحها وإداراتها في كافة الشئون المتعلقة بها، باعتباره المتولى الإشراف على شئون وزارته والمسئول عنها. وتطبيقاً لهذا قضت محكمة النقض بأنه لما كان وزير العدل هو الممثل القانوني لمصلحة الشهر العقارى، فإنه لا يجوز اختصام أمين عام مصلحة الشهر العقاري أو رئيس مأمورية الشهر العقاري في الدعوى أو الطعن. كما قضت محكمة النقض بأنه وإن كان القانون رقم 142 لسنة 2006 بإضافة المادة 77 مكرراً (5) إلى قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 قد رتب توافر الصفة لرئيس مجلس القضاء الأعلى ولوزير المالية في أية خصومة تتصل بالموازنة المالية المستقلة لرجال القضاء والنيابة العامة إلا أن ذلك لا يرتب إنحسار الصفة عن وزير العدل بصفته في تمثيل وزارة العدل في الدعوى، إذ لم يسند القانون لرئيس مجلس القضاء الأعلى أو الوزير المالية صفة النيابة عن وزير العدل في تمثيل وزارته. ولا يستثنى من ذلك إلا الحالة التي يسند القانون فيها إلى غير الوزير صفة النيابة بالمدی والحدود التي يرسمها هذا القانون.

وإذا اختصم الممثل القانوني للشخص الاعتباري ومعه موظف فيه لا يمثله، فإن هذا الأخير لا يكون خصماً حقيقياً في الدعوى، ولا نكون بصدد مدعي عليهما بل بصدد مدعى عليه واحد. ويكون تعدد المدعى عليهما هو تعدد صوری وليس حقيقياً . ولهذا فإنه لا يلزم اختصامه في الطعن المرفوع عن الحكم، وإذا اختصم فإن آثار الحكم لا تنصرف إليه.

ويطلق بعض الفقهاء ، وتجاربهم أحيانا أحكام القضاء، على التمثيل, القانوني للخصم الذي لا تتوافر لديه الأهلية الإجرائية، تعبير «الصفة». والواقع أن القول بأن النائب القانوني له صفة ليس معناه أن له صفة في الدعوى، وإنما معناه أن له صفة في تمثيل الخصم صاحب الدعوي. ولهذا فان الصفة هنا لا يجب الخلط بينها وبين الصفة في الدعوى التي تكون الأصيل وليس للنائب عنه.

وجوب توافر الأهلية والتمثيل القانوني فيمن يوجه إليه العمل :

إذا كانت الأهلية اللازمة في ميدان الخصومة هي نفس الأهلية اللازمة في القانون الموضوعي ، فإن القياس ليس تاماً. وذلك بسبب طبيعة الخصومة كعمل قانوني مركب من أعمال متتابعة وما هو مقرر من مبدأ المواجهة بالنسبة لهذه الأعمال. فالخصومة - كما قدمنا - تتكون من مجموعة من الأعمال القانونية. وهذه الأعمال المكونة للخصومة ترتبط ببعضها ارتباطاً وثيقاً. وهي وإن كانت صادرة من خصم واحد إلا أنها كقاعدة عامة يجب إعلانها إلى الخصم الآخر، ذلك ولو كانت إعمالاً موجهة إلى القاضي.

ونتيجة لهذا يجب لصحة العمل الإجرائي، على خلاف الأعمال القانونية الخاصة الصادرة من جانب واحد، ليس فقط أن يقوم به خصم أهل أو ممثل تمثيلاً قانونياً صحيحاً، بل أيضاً أن تتوافر هذه الأهلية في الخصم الآخر الموجه إليه العمل أو الذي يعلن به. وعلة هذه القاعدة حماية ناقص الأهلية الذي يعلن بعمل إجرائي يؤثر في مصالحه، وهو في وضع لا يتمكن فيه من الدفاع عنها.

على أن هذه القاعدة ليست مطلقة، فلا تسرى حيث لا يحتاج الخصم الآخر لهذه الحماية. ولهذا فانه إذا كان العمل الإجرائي لمحض مصلحة الخصم الآخر، فلا تشترط الأهلية إلا فيمن أصدر العمل. ومثال هذا الإقرار القضائي. فإذا لم تتوافر الأهلية في المقر له، فإن هذا العيب لا يؤثر في صحة الإقرار. ويكون العمل صحيحاً لأن المقر ليس له التمسك بنقص أهلية المقر له، وهذا الأخير ليس له ذلك أيضاً لأن الإقرار لصالحه.

ويترتب على عدم توافر الأهلية أو التمثيل القانوني بطلان العمل الإجرائي. وهو بطلان لا يتعلق بالشكل، ولا يخضع للمادة 20 مرافعات.

ومن واجب الخصم، لكي يضمن صحة عمله الإجرائي، أن يراقب ما يطرأ من تغيير على أهلية خصمه أو ممثله القانوني. فإذا حدث أثناء الخصومة أن أصبح المدعى عليه مثلاً كامل الأهلية، فعلى المدعى توجيه الإجراءات التالية له بدلاً من توجيهها إلى ممثله القانوني الذي يفقد صفته في النيابة عنه قانوناً.

على أنه حماية للخصم حسن النية الذي لا يعلم بما يطرأ على خصمه من تغيير في الأهلية أو في التمثيل القانوني، ذهبت محكمة النقض إلى إلقاء الواجب على من يحدث فيه هذا التغيير بابلاغ خصمه أو المحكمة به، فإن لم يفعل فإن ما يوجه إليه من أعمال إجرائية، بالنظر إلى حالته قبل هذا التغيير، يعتبر صحيحاً. وتطبيقاً لهذه الفكرة، اشترطت محكمة النقض في بعض أحكامها لبطلان العمل الإجرائي الموجه إلى غير الممثل القانوني للقاصر الموجه إليه العمل أن يكون من قام بالعمل قد علم «علماً يقينياً» بقصر الخصم وصفة من يمثله قانوناً. وفي قضية أخرى كان المدعى قد مثل عند رفع الدعوى تمثيلاً صحيحاً بواسطة والدته بصفتها وصية عليه ثم بلغ سن الرشد أثناء سير الدعوى دون أن توضح الوصية ما طرأ على ولدها من تغيير، فقررت صحة الاستئناف الموجه إلى الوالدة بصفتها وصية وصحة الحكم الصادر في هذا الاستئناف واستندت في هذا إلى : أ- التزام الوالدة موقف التجهيل بالحالة التي طرأت على ولدها. وليس للخصم أن يفيد من خطئه.

ب- أن الخصم (الابن) بسكوته بعد بلوغه سن الرشد يكون قد رضي باعتبار صفة والدته في تمثيله لازالت قائمة على أساس من النيابة الاتفاقية بدلاً من النيابة القانونية.

الحلول الإجرائي :

لاحظ الفقه في إيطاليا في أواخر القرن الماضي أن بعض الحالات التي جرى القول على وجود تمثيل قانونی عن الخصم فيها تجمعها صفات مشتركة تختلف عن تلك التي تميز النيابة القانونية. وأطلق على النظام الذي تخضع له هذه الحالات اصطلاح الحلول في الخصومة أو الحلول الإجرائي.

ونقطة البداية في فكرة الحلول الإجرائي ما هو مسلم الآن باستقلال الحق في الدعوى عن الحق الموضوعي. وإذا كان الأصل أن صاحب الحق في الدعوى هو صاحب الحق الموضوعي، فقد توجد حالات يعطي الحق في الدعوى أيضاً لشخص غير صاحب الحق الموضوعي. وبهذا يظهر الطرف في الخصومة كطرف إيجابي أو سلبي في الحق في الدعوى، ولكن ليس كطرف إيجابي أو سلبي في الحق الموضوعي. وهو في هذا لا يعتبر نائباً أو ممثلاً لصاحب الحق الموضوعي. حقيقة أنه كالنائب يعمل دفاعاً عن حق موضوعی لغيره. إنما يختلف عنه في أنه بينما النائب يعمل باسم غيره، يعمل هو باسمه هو وبعبارة أخرى، بالنسبة للنيابة النائب ليس هو صاحب الحق في الدعوى، إنما الحق في الدعوى للأصيل، ومن يعتبر طرفاً في الخصومة ليس النائب وإنما الأصيل؛ في حين أنه في الحلول، إذا كان الحق الموضوعي لشخص معين، فإن الحق في الدعوى لمن يحل محله في الخصومة، ويعتبر هذا الأخير - وليس صاحب الحق الموضوعي - هو الطرف في الخصومة.

ولأن من يقوم بالحلول هو الطرف في الخصومة، فإنه هو الذي يجب أن تتوافر فيه الأهلية لأن يكون خصماً، وكذلك الأهلية الإجرائية. وهو الذي يتحمل مصاريف الخصومة. وباختصار له كافة سلطات الخصم وعليه واجباته، وتترتب كافة الآثار الإجرائية في مواجهته.

على أنه إذ تتعلق الخصومة بحق لغيره :

1- ليس له أن يقوم في الخصومة بأي عمل من شأنه التصرف بطريق مباشر أو غير مباشر في ذلك الحق. فليس له أن يوجه يمينا أو يرده ، وليس له أن يقوم بأي إقرار بشأن الحق أو بشأن مطالب خصمه، كما أنه ليس له أن يقوم بالصلح.

2- يمكن لصاحب الحق الموضوعي أن يتدخل في الخصومة لينضم إلى من حل محله، كما يمكن إدخاله فيها، وأحياناً يوجب القانون اختصامه (انظر المادة 235/ 2 مدنی مصری) . وهو إذا تدخل أو أدخل في الخصومة يصبح طرفاً فيها. وبهذا يكون كل من صاحب الحق الموضوعي، ومن حل محله، طرفاً في الخصومة. وهو فرض غير منصور في حالة النيابة.

3- إذا انقضى الحق الموضوعي لأي سبب، فإنه يترتب على ذلك ليس فقط انقضاء الحق في الدعوى الذي لصاحب هذا الحق الموضوعي، وإنما أيضاً انقضاء الحق في الدعوى المقرر لمن يحل محله.

4- يبحث في شروط الدعوى بالنظر إلى الحق الموضوعي الذي لغير صاحب الدعوى، ولهذا يجب إثبات حق موضوعي لهذا الغير، وأن يكون قد حدث اعتداء على هذا الحق من المدعى عليه يحرم صاحب الحق من منفعته منه. أما الصفة فيجب إثباتها بالنظر إلى من يحل محل صاحب الحق. وتثبت عادة بإثبات الصلة بينه وبين الحق الموضوعي والتي تبرر قانوناً الحلول محل صاحب الحق الموضوعي.

5- تترتب حجية الأمر المقضي ليس فقط في مواجهة من حل محل صاحب الحق الموضوعي باعتباره طرفاً في الخصومة، بل أيضاً في مواجهة صاحب الحق الموضوعي نفسه، ولو حدث ولم يتدخل هذا الأخير في الخصومة أو لم يختصم فيها.

ويحدث الحلول الإجرائي عادة في بدء الخصومة ويستمر طولها. على أنه قد يحدث أثناءها، وقد يحدث بعد انتهاء مرحلة منها وعند بدء مرحلة أخرى، كما أنه قد ينتهي قبل انتهاء الخصومة.

1- إذا حدثت على أنه لا يكون إلا في الحالات التي ينص عليها القانون. وأهم هذه الحالات :

 أثناء الخصومة خلافة خاصة بين الأحياء تتعلق بالحق المطلوب حمايته. فهنا يبقى المتصرف طرفاً في الخصومة باسمه، ولكن دفاعاً عن حق تغيره (الخلف الخاص). فيعتبر المتصرف كطرف في الخصومة حالا محل الخلف الخاص.

2- إذا أدخل الضامن في الخصومة، وخرج صاحب الضمان منها. فهنا يكون الضامن طرفا في الخصومة باسمه، دفاعاً عن حق لصاحب الضمان . فيعتبر لهذا حالا محله.

3- للدائن أن يستعمل حقوق مدينه - إلا ما تعلق منها بشخصه - وذلك بطريق الدعوى غير المباشرة (236 مدنی) . فإذا رفع الدائن دعوى غیر مباشرة ، فإنه يرفع دعوى باسمه دفاعا عن حق لمدينه فهو يعتبر حالا محله). فالدعوى التي يرفعها الدائن هي دعواه هو حقيقة أن نتيجة الدعوى غير المباشرة تفيد جميع دائني المدين، ولكن هذا نتيجة أن الدعوى تتعلق بحق للمدين. وليس أدل على أن الدعوى هنا هي دعوى الدائن، من أن المصلحة في الحصول على الحكم تكون أيضاً لدى الدائن. ولأن الدائن عندما يرفع الدعوى غير المباشرة لا يعتبر نائباً عن المدين ، فإن الذي يعتبر طرفاً هو الدائن وليس المدين. والواقع أن القول بأن الدائن نائب يستوجب القول بأن المدين هو الطرف في الخصومة، وهو ما يتعارض مع ما ينص عليه القانون المصرى من وجوب إدخال المدين في الخصومة ( 235/ 2  مدنی)، إن الإدخال إنما يكون بالنسبة للغير وليس بالنسبة لمن هو طرف فيها من قبل. ومن ناحية أخرى، فإن القول بأن الدائن نائب عن المدين يستوجب أن يحكم بمصاريف الخصومة على المدين، وألا يكون للحكم الصادر حجية في مواجهة الدائن إذ هو ليس سوى نائب عن الطرف. وكلها آثار لا تتفق مع ما هو مسلم من آثار الدعوى غير المباشرة.

صفة الوارث في تمثيل التركة :

القاعدة الشرعية هي أن الوارث ينوب عن التركة نيابة قانونية في الدعاوى التي ترفع من التركة أو عليها. وقد أخذت محكمة النقض المصرية بهذه القاعدة في أحكام كثيرة. وجاء في حكم لها أنه «إذا كان النزاع منصباً على عناصر التركة ومقوماتها قبل أيلولتها إلى الورثة وهي أمور لا تحتمل المغايرة ولا يتأتى أن تختلف باختلاف الورثة فإن الوارث يكون نائباً عنها وعن سائر الورثة بوكالة قانونية أساسها وحدة التركة واستقلالها عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة.» وقد طبقت بعض أحكام النقض هذه القاعدة، فقضت في حكم لها بأن انتصاب الوارث ممثلاً للتركة لا يجوز - فی اعتراضه على قائمة شروط البيع على أساس ملكيته هو وباقي الورثة للأرض المنفذ عليها - إلا إذا أشار إلى تمثيله للتركة، فإن لم يفعل تعتبر الدعوى مرفوعة منه وحده. ولا يحوز الحكم الصادر ضده حجية ضد باقي الورثة. كما قضت أن أحد الورثة ينوب وحده عن التركة إذا كانت الدعوى مرفوعة في شأن يتعلق بالتركة قبل سداد الديون وايلولتها للورثة، إذ التركة عندئذ تعتبر في حكم ملك المتوفى غير قابلة للتجزئة. أما إذا كانت الدعوى تتعلق بنصيب أحد الورثة، فإنه عندئذ يعمل لحسابه وحده ولا يقوم نائباً عن غيره.

وقد تبنت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية هذه القاعدة في حكم حديث لها صدر بتاريخ 19 مارس 2016 قضت فيه بأن «الوارث الذي يطالب بحق من حقوق الشركة قبل الغير ينتصب ممثلا للورثة فيما يقضي به لها وأن الدعوى التي يقيمها أحد الورثة بطلب نصيبه في التعويض الموروث تطرح على المحكمة حتى طلب تقدير التعويض المستحق للتركة باعتباره مسألة أولية لازمة للفصل في هذا الطلب ، ومن ثم فإنه إذا ما تقرر التعويض وقدر بحكم حائز لقوة الأمر المقضى ، فإنه يحوز حجية بالنسبة لباقي الورثة فلا تجوز إعادة النظر في التقدير مرة أخرى ، ويمتنع على الوارث الذي لم يكن ممثلا في الخصومة التي صدر فيها هذا الحكم معاودة مطالبة المسئول عن جبر الضرر بهذا التعويض بدعوى لاحقة لانتقال حقه فيه قبل من قضي لصالحه فى الدعوى الأولى حسب نصيبه الشرعي في الميراث».

وعلى العكس، قضت أحكام نقض أخرى بعدم تطبيق هذه القاعدة، فقد قضت المحكمة بأنه «إذا كان النزاع غير قابل للتجزئة واختصم جميع الورثة في الدعوى ، فإنه يجب اختصامهم جميعا في الاستئناف المرفوع عن الحكم ولا يكفي إختصام البعض منهم فقط ، إذ لا ينوب حاضر في الطعن عمن كان حاضراً مثله في الخصومة التي صدر فيها ذلك الحكم». كما قضت «بأنه إذا كان النزاع لا يقبل التجزئة، وصدر الحكم ضد الورثة، فإنفرد أحدهم بالطعن فيه، فإن الواجب على الطاعن - وفقاً للمادة 218/ 2 - وبناء على أمر المحكمة اختصامهم في الطعن». وبأن الوارث الذي لم يظهر في الخصومة يعتبر من الغير بالنسبة للحكم الصادر فيها. وبأنه إذا كان النزاع ينصب على عناصر التركة ومقوماتها قبل ايلولتها إلى الورثة، وبالتالي غير قابل للتجزئة. واختصم جميع الورثة في الدعوى، فإنه يجب اختصامهم جميعاً في الاستئناف المرفوع عن الحكم ، ولا يكفي اختصام البعض منهم فقط . إذ لا يصح في صورة الدعوى المطروحة اعتبار المطعون عليهم نائبين عمن لم يختصم في الطعن باعتبارهم جميعاً الورثة، لأن هؤلاء الآخرين كانوا ماثلين في الدعوى إلى أن صدر الحكم المستأنف. ولا ينوب حاضر في الطعن عمن كان حاضراً مثله في الخصومة التي صدر فيها ذلك الحكم .

والواقع أنه من الصعب التسليم بهذه القاعدة بصفة مطلقة في ظل القانون الوضعي. ذلك أن التركة لا تعتبر شخصاً قانونياً يمكن أن يكون طرفاً في الخصومة أو ينوب عنه غيره . ومن ناحية أخرى، فلو كان أحد الورثة يعتبر نائباً قانونياً عن التركة لوجب القول بأن من يعتبر خصماً هو التركة وليس الوارث، وأن كلا من الورثة الآخرين تكون له أيضاً هذه النيابة القانونية . فإذا صدر حكم ضد الوارث المال في الخصومة، كان حكماً ضد التركة، وكان لأي وارث آخر - ولو لم يمثل في الخصومة - الطعن في الحكم نيابة عن التركة. كما أن هذا الحكم يكون حجة على الوارث غير الماثل في الخصومة باعتباره حكمة على التركة، وهي نتائج يصعب التسليم بها بصفة مطلقة وتؤدي إلى فتح الباب التواطؤ بين الغير وأحد الورثة اضراراً بقيتهم.

وباستقراء نصوص قانون المرافعات يتضح بجلاء أن هذا القانون لم يعتبر أحد الورثة نائباً عن التركة أو عن بقية الورثة ، بل تطلب اختصام جميع الورثة دون أن يكتفي بواحد منهم . ومن ناحية أخرى ، فإن قانون المرافعات عندما يتكلم عن الوارث لا يعتبره نائباً عن خصم (أي التركة) وإنما يعتبره هو الخصم ، فالمادة 133 من قانون المرافعات تقضي بأن «تستأنف الخصومة سيرها بصحيفة تعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذي توفي ...» . ومن المقرر أنه عندئذ يجب إعلان جميع الورثة، فلا يكفي اعلان وارث فقط باعتباره ممثلاً لتركة المتوفى . وإذا لم يعلن أحدهم، كان له وحده التمسك ببطلان الإجراءات فليس لغيره التمسك بهذا البطلان. والمادة 135 مرافعات تنص على أنه «لا تبدأ مدة سقوط الخصومة في حالات الانقطاع إلا من اليوم الذي قام فيه من يطلب الحكم بسقوط الخصومة باعلان ورثة خصمه الذي توفي ..» ، فإذا تعدد الورثة فيجب إعلانهم جميعا ولا يكفي اعلان وارث منهم باعتباره نائبا عنهم وعن التركة . والمادة 217 مرافعات تنص على أنه إذا توفي المحكوم له أثناء ميعاد الطعن جاز لخصمه رفع الطعن وإعلانه إلى ورثته جملة في آخر موطن كان لمورثهم، وبعد رفع الطعن وإعلانه يجب على الطاعن إعادة إعلان الطعن لجميع الورثة بأسمائهم وصفاتهم لأشخاصهم أو في موطن كل منهم قبل الجلسة المحددة لنظر الطعن فلم يكتف النص بإعلان الورثة جملة في ميعاد الطعن.

ونرى أن الحل الذي تمليه نصوص القانون المصرى هو على النحو التالي:

1- إذا كانت الدعوى دعوى إلزام يرفعها الدائن المطالبة الورثة بدين على مورثهم قبل قسمة التركة، فإنها يمكن أن توجه ضد أحد الورثة، فالوارث الواحد له صفة سلبية في هذه الدعوى. ولا يلزم اختصام باقي الورثة. وليس أساس هذا الحل أن الوارث المدعى عليه يمثل باقي الورثة، بل أساسه أن كل وارث يلتزم بديون التركة في حدود نصيبه فيها. والحكم الصادر في الدعوى يكون حجة بين أطرافه وفقا للقواعد العامة، ولا يجوز الطعن فيه إلا ممن صدر ضده، فليس للورثة الذين لم ترفع الدعوى عليهم الطعن في هذا الحكم ولو صدر ضد أحدهم .

2- إذا كانت الدعوى دعوى إلزام يرفعها الوارث للمطالبة بدين للتركة، فقد تكفلت نصوص القانون المدني ببيان الحل. فوفقاً للمادة 302 من المجموعة المدنية يجب التفرقة بين الإلتزام القابل للانقسام والالتزام غير القابل له. فإذا كان الالتزام غير قابل للانقسام ، فإنه يجوز «لكل وارث أن يطالب بأداء الالتزام كاملاً». أما إذا كان الالتزام بطبيعته يقبل الانقسام ، فإنه ينقسم على الورثة. وليس لوارث أن يطالب بالحق بأكمله. فلا صفة له في هذه الدعوى، وإنما يكون له فقط أن يطالب بنصيبه في الحق. ولا تمنع قواعد الشريعة الإسلامية «من انقسام حقوق البركة على الورثة».

فإذا صدر الحكم في دعوى رفعها أحد الورثة بشأن التزام يقبل الانقسام، فإن الحكم لا يحتج به على الورثة الذين لم يكونوا أطرافاً في الخصومة التي انتهت بهذا الحكم. وليس لأيهم الطعن فيه.

أما إذا صدر الحكم في دعوى رفعها أحد الورثة بشأن التزام لا يقبل الانقسام، فإن الحكم الصادر عليه لا يكون حجة ضد الورثة الذين لم يكونوا أطرافاً في الخصومة، وعلى العكس فإن الحكم الصادر لمصلحة الوارث المدعي يستفيد منه باقي الورثة ولو لم يمثلوا في الخصومة.

3- إذا كانت الدعوى دعوى تقريرية متعلقة بالتركة قبل قسمتها كما لو تعلقت بتحديد عناصرها أو مقوماتها، فإنها باعتبارها دعوی تقريرية متعلقة بمال واحد قبل قسمته يجب أن يختصم فيها جميع الورثة. فليس لأحد الورثة رفعها وحده، كما أنها إذا رفعت من الغير فإنه يجب عليه رفعها على جميع الورثة، فإذا لم يختصم جميع الورثة، كانت الدعوى غير مقبولة.

4- ونفس الأمر بالنسبة للدعوى التقريرية أو الدعوى المنشئة التي تتعلق بعقد أبرمه المورث ، كالدعوى بصحة عقد أبرمه المورث مع الغير أو ببطلانه. أو فسخه.

5- تنص المادة 218 مرافعات على أن «الطعن لا يفيد إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه»، وتنص نفس المادة على أنه إذا كان الموضوع غير قابل للتجزئة، سواء كانت الدعوى دعوى إلزام أو دعوى تقريرية أو دعوى منشئة، فإنه إذا تعدد المحكوم عليهم ورفع بعضهم طعناً صحيحاً في الميعاد، فإن للمحكوم عليهم الأخرين - الذين فوتوا ميعاد الطعن أو قبلوا الحكم س الطعن في الحكم ولو بعد الميعاد . فإن لم يقم أحدهم بهذا الطعن، أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن، فإن لم يفعل قضت المحكمة - ولو من تلقاء نفسها - بعدم قبول الطعن. كما تنص نفس المادة على أنه إذا تعدد المحكوم لهم ، ورفع الطعن على بعضهم صحيحاً في الميعاد، وجب على الطاعن اختصام باقي المحكوم لهم في الطعن ولو بعد الميعاد، فإن لم يفعل قضت المحكمة - ولو من تلقاء نفسها – بعدم قبول الطعن. وهو ما يفيد حرص المشرع على أن يكون جميع من كان طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم أطرافاً في خصومة الطعن متى كان الموضوع لا يقبل التجزئة. وفضلاً عن ذلك، فمن المقرر في قضاء النقض أنه، حيث لا يقبل الموضوع التجزئة، إذا كان رفع الطعن من بعض الطاعنين أو على بعض المطعون عليهم باطلاً، فإن الطعن يبطل بالنسبة للجميع.

ورغم عمومية هذا النص، فقد اتجه قضاء محكمة النقض إلى عدم تطبيقه عند تعدد الورثة في موضوع غير قابل للتجزئة يخص التركة وذلك في الحالات التي ينتصب فيها أحد الورثة قائمة مقام غيره من الورثة أي في الحالات التي يكون النزاع منصباً على عناصر التركة ومقوماتها قبل أيلولتها إلى الورثة. ففي هذه الحالات قضت محكمة النقض بأنه يكفي تمثيل التركة بوارث واحد، ولا داعي لاختصام جميع الورثة في الطعن، ولو كانوا قد اختصموا في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، إذ أن الوارث الذي يصح اختصامه في الطعن يعتبر قائماً مقام باقي الورثة. وهو قضاء يتفق معه حكم الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية سالف الذكر.

وسواء كانت الوكالة بالخصومة وجوبية أو جوازية فإنه يجب  - كقاعدة عامة - أن يكون محامياً ( 72 مرافعات و 3 محاماة ). ويكون الأمر كذلك سواء كانت الخصومة أمام احدى المحاكم العادية أو أمام هيئة التحكيم أو أمام محكمة استثنائية (1 / 3 محاماة). وضرورة الاستعانة بمحام، أي بشخص مثقف ثقافة قانونية يعمل بمهنة المحاماة وينتمي إلى تنظيم مهني معين هي نقابة المحامين) يرجع إلى عدة اعتبارات : فمن ناحية، الخصوم عادة ليس لديهم معرفة بالقانون وبفن الإجراءات وخاصة بعد تشعب فروع القانون بتشعب مشاكل المجتمع. فالاستعانة بمحام تمكن الخصم من الدفاع عن وجهة نظره بفاعلية أكثر ومن ناحية أخرى، حضور الخصوم بأنفسهم أمام القضاء يدخل في القضية سلوكاً عاطفياً قد يضر بالسير المنتظم للوظيفة القضائية. فالمحامون يستطيعون بما يتوافر لديهم من ثقافة وخبرة معاونة القاضي في أداء رسالته في تطبيق القانون ولا يكفى توكيل أى محام بل يجب أن يكون المحامي الموكل مقبولاً للمرافعة أمام المحكمة الموكل للحضور أو لإتخاذ الإجراء أمامها. فلا يجوز مثلاً توكيل محام مقيد في جدول المقبولين.

أمام محكمة الاستئناف في قضية أمام النقض ويرتب القانون البطلان صراحة جزاء لهذه المخالفة بالإضافة إلى مسئولية المحامى التأديبية والمدنية. (76 محاماة).

على أنه رغم أهمية هذه الاعتبارات . فحيث لا تكون الوكالة بالخصومة اجبارية ، يمكن للخصم استثناء أن يوكل شخصاً غير محام . على أنه وفقاً للقانون المصرى يجب أن يكون هذا الشخص زوج الموكل أو من أقاربه أو أصهاره إلى الدرجة الثالثة، كما يجب أن توافق. المحكمة على هذه الوكالة (مادة 72 مرافعات). فإذا كان الوكيل الذي اختاره الخصم يعمل قاضياً أو من رجال النيابة أو العاملين في المحاكم، فلا تصح الوكالة إلا إذا كان الموكل زوجه أو من أصوله أو فروعه إلى الدرجة الثانية (مادة 2 / 81 مرافعات).

هذا ولو كانت الدعوى محل الوكالة أمام محكمة غير التي يعمل بها.

ويلاحظ أنه حتى في حالة توكيل محام، فإن هناك بعض الأعمال الإجرائية لا يجوز أن يقوم بها إلا الخصم نفسه، ومن هذه حلف اليمين .

ووفقاً لقانون هيئة قضايا الدولة، تمثل هذه الهيئة الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية أمام القضاء). أما الهيئات العامة التي تباشر مرافق الدولة، وشركات قطاع الأعمال العام والغرض الأساسي منها هو ممارسة نشاط تجاري أو صناعي أو زراعى أو مالى، وكذا المؤسسات الصحفية، فلا تمثلها هيئة قضايا الدولة بل يمثلها محاموها الخاصون بها والذين يعملون في إداراتها القانونية (8 من قانون المحاماة). ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الأول ،  الصفحة : 671)

 

الدعوى أو الطلب القضائي، هو الحق في الالتجاء إلى القضاء، وهي بذلك أمر معنوي يخول صاحبه سلطة في اقتضاء حقه باللجوء للقضاء، ومني بدأ في اتخاذ الإجراءات التي يتطلبها القانون لاستعمال هذا الحق، بدأت الخصومة ويتعين للتصدي لها أن تكون قد إنعقدت بإعلان الطلب القضائي أو حضور المدعى عليه بشخصه أو من ينوب عنه قانوناً.

فالدعوى تلتصق بالحق الذي تحميه، فلا تسقط أو تنقضي إلا بسقوطه أو انقضائه وفقا للنص المنظم له سواء في القانون المدني أو في قانون موضوعي : آخر، أما الخصومة فينظمها قانون المرافعات من حيث الانعقاد والسقوط والانقضاء باعتباره قانوناً إجرائياً، وأن الخصومة هي مجموعة الإجراءات التي يتطلبها القانون الاستعمال الحق في التقاضي. مفاد ذلك، أن الخصومة يجب أن تستند إلى حق وأن تتخذ من صاحب هذا الحق وإلا كانت غير مقبوله، سواء اتخذها بنفسه أو من ينوب عنه قانونا، إذ تتوافر صفة مباشر إجراءات الخصومة في الحالتين، فان باشرها من لم تتوافر لديه صفة النيابة عن صاحب الحق، كما لو رفع الدعوى محام غير موكل، أو وصي زالت عنه الوصاية، أو وكيل الدائنين الذي عزل ومثله الحارس القضائي، فان الخصومة نكون قد باشرها شخص لا ينوب عن صاحب الحق، فتكون منعدمة، لأن مناط صحة الخصومة أن تكون قد انعقدت بين صاحب الحق وخصمه مما يتطلب توافر صفة من باشر إجراءاتها حتى تنصرف آثارها إلى صاحب الحق، فإذا انتفت تلك الصفة، ومع ذلك صدر حكم، فإنه يكون مبنياً على خصومة منعدمة، فيمتد إليه الانعدام، مما يجوز معه رفع دعوى أصلية بانعدامه أو التمسك بذلك عند الاحتجاج به في دعوى أخري أو عند تنفيذه مما يوجب على قاضي التنفيذ أن يقضي بانعدامه وبوقف تنفيذه ، ذلك أن الحكم المعدوم لا حجية له وأن قاضي التنفيذ لا يكون قد تصدي لحجية حكم، إذ يمتنع عليه المساس بحجية الحكم عندما يتصدى لمنازعة في تنفيذه، وهو ما ينتفي بالنسبة للحكم المعدوم.

ويشترط لانعدام الإجراءات أن ينكر صاحب الحق وكالة من باشر الإجراءات، إذ يتحقق بذلك انتفاء صفته في مباشرتها، فأن لم يتوافر هذا الإنكار، فلا يجوز للمحكمة أن تتصدى لعلاقة صاحب الحق بمن أدعي وكالته عنه حتى لو لم يقدم الأخير سند وكالته عنه إذ يكفي لتوافر الوكالة تلاقي إيجاب الموكل بقبول الوكيل وأن تنفيذ الوكالة كاف لإثباتها وتعدي آثارها إلى الموكل، كما لا يجوز لخصم الموكل أن يتمسك بانتفاء وكالة من باشر إجراءات الخصومة، إذ تنحصر المصلحة في التمسك بهذا الدفع في الموكل دون خصمه .

وتنص المادة 73 من قانون المرافعات على أنه يجب علي الوكيل أن يقرر حضوره عن موكله وأن يثبت وكالته عنه وفقاً لأحكام قانون المحاماة. وتنص  المادة 57 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 على أنه لا يلتزم المحامي الذي يحضر عن موكله بمقتضى توكيل عام أن يودع التوكيل بملف الدعوى ويكتفي بالاطلاع عليه وإثبات رقمه وتاريخه والجهة المحرر أمامها بمحضر الجلسة، مما مفاده أن التوكيل إذا كان خاصاً تعيين إيداعه ملف الدعوى.

فإن لم يثبت سند الوكالة على هذا النحو، وأنت المحكوم علية وكالة الحاضر عنه، وجب على محكمة الطعن الاعتداد هذا الدفاع والعمل بمقتضاه، بحيث أن كان المحكوم عليه هو اللي عليه أو كان غير المدعي الذي توافر بالنسبة له سبب من أسباب وقف الدعوى ولم يحضر بعد تعجيل السير فيها ولم يقدم مذكرة بدفاعه تعين اعتبار بدء ميعاد الطعن بالنسبة له من تاريخ إعلان الحكم وليس من تاريخ صدوره.

حضور الخصم بنفسه بجلسة المرافعة أو مع محاميه :

الأصل أن يحضر الخصم بنفسه بجلسة المرافعة لابداء أقواله وطلباته أمام المحكمة ما لم يمنعه نص في القانون، وقد حظرت الفقرة الأولي من المادة 266 من قانون المرافعات علي الخصوم أن يحضروا بأنفسهم أمام محكمة النقض من غير محام معهم.

ويكون للخصم أن يحضر بنفسه من غير محام منه أمام جميع درجات التقاضي فيما عدا محكمة النقض، ومتي ثبت له هذا الحق كان له إبداء أقواله وطلباته شفاهة أو كتابة وتقديم المستندات المؤيدة لذلك، وله كذلك إبداء الدفوع وأوجه الدفاع من توجيه اليمين الحاسمة وردها والطعن بالتزوير والإنكار وكل ما يتعلق بالمرافعة سواء حضر بنفسه أم حضر معه محام وحيد حاج هذا الخصم بكل ما صدر عن محاميه طالما تم ذلك في حضوره ودون. اعتراض منه وهو ما أقرته المادة 79 من قانون المرافعات، ويعتبر الوكيل عند حضوره مع الخصم مفوضاً في كل ما يباشره من تصرفات أو إجراءات لم يعترض عليها الخصم ولو كانت تتطلب تفويضاً خاصاً إذ لا محل لهذا التفويض عند حضور الوكيل مع الأصيل بمجلس القضاء حسبما أوضحته المادة 79 سالفة البيان.

 حضور المحامي الموكل عن الخصم :

للخصم ألا يحضر أمام المحكمة بنفسه أو مع محاميه، وحينئذ يوكل محام في الحضور والمرافعة واتخاذ كافة الإجراءات التي يتطلبها الدفاع في الدعوى، ويكون المحامي وكيلا بالخصومة ويلتزم بالعمل في نطاقها دون تجاوز لحدودها وإلا كان الإجراء أو التصرف الذي باشره غير نافذ في حق موكله، يستوي أن يكون هذا النطاق قد حدده سند الوكالة أو نص في القانون.

وتعتبر النصوص المتعلقة بالتوكيل بالخصومة نصوصاً خاصة بالنسبة لنصوص الوكالة التي تضمنها القانون المدني والتي تعتبر نصوصاً عامة، والقاعدة أن الخاص يقيد العام، وتطبيقاً لذلك، فإن ما تضمنته المادة 76 من قانون المرافعات فيما يتعلق بقبول العرض الفعلي يعتبر قيداً على نصوص الوكالة العامة المقررة في القانون المدني عندما يتعلق العرض الفعلي لدين الأجرة، ذلك أن الوكالة العامة تحول الوكيل قبض الأجرة من المستأجر الاندراج ذلك في أعمال الإدارة، لكن عندما ينشب نزاع ويلجأ المستأجر إلى إجراءات العرض لدين الأجرة، يكون الوضع قد تغير ويلزم حتى يقبل. الوكيل هذا العرض أن يكون لديه تفويض خاص بذلك وفقاً لنص المادة 76 من قانون المرافعات يستوي أن يتضمنه سند الوكالة العامة أو سند خاص، بحيث أن جاء سند الوكالة خلوا من هذا التفويض، فإن الموكل لا يحاج بقبول وكيله لهذا العرض ولا يتوقى به المستأجر دعوى إخلائه من العين المؤجرة.

والمقرر أن المحكمة لا شأن لها بعلاقة الخصوم بوكلائهم طالما حضر الوكيل وأثبت سند وكالته عن الخصم، ولم ينازع الخصم الآخر في صحة حضور الوكيل بالخصومة وحينئذ تنصرف آثار الخصومة وما يصدر فيها من أحكام إلى الموكل، كما يحتج بذلك علي الخصم الذي لم ينازع، بحيث إذا طعن في الحكم بالنقض فليس لهذا الخصم الأخير أن ينازع في حضور المحامي أمام محكمة النقض إذ كان يجب عليه اثارة هذه المنازعة أمام محكمة الموضوع حتى يمكنه اثارة ذلك أمام محكمة النقض.

وإذا أثبت المحامي رقم لسند وكالته وتبين عدم صحته، فإن المحكوم عليه لا يعتبر ممثلاً في الدعوى فلا يحاج بالحكم ويكون له الطعن فيه بالتماس إعادة النظر وفقاً للبند السابع من المادة 241 من قانون المرافعات.

صفة صاحب المركز الظاهر في الدعوى:

صحيفة الدعوى المرفوعة بحق ما، لا تعتبر قاطعة للتقادم إلا إذا وجهت إلى المدين الذي ينتفع بالتقادم أو إلى من ينوب عنه، فلو وجهت لي من لیست له صفة في تمثيله فإنها لا تقطع التقادم وتصحيح الدعوى بتوجيهها إلى الممثل القانوني للخصم لا ينسحب أثره في قطع التقادم إلى تاريخ رفع الدعوى، ذلك أن تصحيح الصفة يجب أن يتم في الميعاد المقرر وإلا يخل بالمواعيد المحددة لرفع الدعاوى ويمدد التقادم. نقض 1981 / 12 / 21 طعن 354 س 44 ق.

 التصرفات الصادرة من صاحب المركز الظاهر المخالف للحقيقة إلى الغير حسن النية، يترتب عليها ما يترتب على التصرفات الصادرة من صاحب المركز الحقيقي متى كانت الشواهد المحيطة بالمركز الظاهر من شأنها أن تولد الاعتقاد العام بمطابقة هذا المركز للحقيقة، ويحتج بهذه التصرفات على صاحب المركز الحقيقي.

صاحب المركز الظاهر لا يعتبر ممثلاً قانونياً لصاحب المركز الحقيقي في الخصومة أمام القضاء لانتفاء الرابطة القانونية بينهما.

وفاة الموكل دون إفصاح وكيل الخصومة عن وفاته :

الأصل أن وفاة الموكل، يؤدي حتماً إلى انقطاع سير الخصومة، وتصبح الإجراءات التي تتخذ في فترة الانقطاع باطلة، وقد يحضر وكيل الخصومة ولم ينبه المحكمة لوفاة موكلة، فتستمر في نظر الدعوى حتى تقضي فيها، وحينئذ تكون الإجراءات التي اتخذت بعد الوفاة صحيحة بما فيها الحكم مما يحول دون النعي عليه بالبطلان.

حضور أقرباء الخصم نيابة عنه بجلسة المرافعة :

للخصم أن يوكل زوجه أو أحد أقربائه أو أصهاره إلى الدرجة الثالثة في الحضور نيابة عنه بجلسة المرافعة لابداء الأقوال والطلبات والدفوع وأوجه الدفاع على النحو المقرر للخصم نفسه علي التفصيل المتقدم، وهذا أمر جوازي للمحكمة، فلها أن تقبل هذه الوكالة ولها رفضها والتأجيل لحضور الخصم نفسه أو محام عنه، وكان قانون المحاماة السابق بحظر حضور أي من هؤلاء أمام محكمة النقض أو الاستئناف إلا مع محام.  (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الثاني / الصفحة 366)

يلزم القانون أن يكون الوكيل عن الخصم محامياً وإنما يجوز بإذن من المحكمة قبول وكالة الزوج والأقارب والأصهار إلى الدرجة الثالثة ولو لم يكونوا من المحامين وغني عن البيان أن من يمثل غيره بمقتضى نيابة قانونية أو قضائية يجوز أن يحضر عنه أمام المحاكم كالوصي بالنسبة للقاصر والقيم بالنسبة للمحجوز عليه والسنديك بالنسبة للمفلس (مرافعات أبو الوفا ص 653).

- الأصل أن للشخص أن يوكل من يشاء في إدارة أمواله أو التصرف فيها بشرط أن يكون أهلاً للوكالة ودون اشتراط - صلة القرابة - ويحدد عقد الوكالة مداها. ومن بين الأعمال التي يجوز التوكيل فيها فضلاً عن التصرف المحافظة على حقوق الموكل وذلك برفع الدعاوى أو إبداء الدفاع الذي يلزم في الدعاوى التي ترفع على الموكل وهذا مبدأ مقرر في القانون المدني لكن المشرع رأي أن يكون الحضور أمام المحاكم الطائفة معينة لديها مؤهلات تمكنها من إبداء الدفاع والدفوع ولذلك قصر الحضور عن الخصوم أمام المحاكم علي المحامين وحدهم دون سواء كأصل عام واستثناء من ذلك أجاز للمحكمة أن تقبل من يوكله الخصوم من غير المحامين من أزواجهم أو أقاربهم أو أصهارهم للدرجة الثالثة وحق المحكمة في هذا القبول حق مطلق يرجع إلي تقديرها تراعي فيه ظروف الدعوي وظروف الموكل وحالة الوكيل وما إذا كان يستطيع أن يعرض وجهة نظر موكله أم لا وعلى ذلك فالوكيل الذي لا تربطه بالموكل الصلة المنصوص عليها في المادة وإن كان لا يستطيع الحضور نيابة عن موكله أمام المحكمة إلا أن له أن يوكل محامياً ينوب عن موكله إذا كان مصرح له بذلك في سند الوكالة ويصح حضور المحامي وإن كان موكلاً من لا يجوز له الحضور أمام المحكمة. وقبول المحكمة في الحضور نيابة عن الخصوم من يوكلونه من أزواجهم أو أقاربهم أو أصهارهم إلى الدرجة الثالثة قاصر على الحضور أمام المحكمة وإبداء الدفاع الشفوي أو بمذكرات ولكن لا يجوز لهم تحرير صحف الدعاوى والطعون والتوقيع عليها في الحالات التي يستلزم القانون التوقيع عليها من محام وعلى ذلك ففي حالة ما إذا اشترط القانون التوقيع على صحيفة الدعوي أو الطعن من محام فإن إغفال ذلك يترتب عليه البطلان المطلق ومن الجائز في هذه الحالة أن يلجأ أحد المنصوص عليهم في المادة لمحام لتحرير صحيفة الدعوى أو الطعن ثم يحضر بنفسه أمام المحكمة دون المحامي فإن قبلته المحكمة استمر في الحضور ولا أجلت الدعوى ليوكل محام. وينبغي عند حضور أي ممن ذكرتهم المادة كوكيل عن الخصم أن تصدر المحكمة قراراً بقبوله أو بعدم قبول حضوره غير أنه إذا أثبت حضوره ولم تعترض عد هذا قبولاً ضمنياً، إلا أن هذا الاستثناء لا يمتد إلي محكمة النقض التي لا يجوز أن يحضر عن الخصم أمامها إلا محام مقيد أمامها عملاً بالمادة 266 مرافعات.

 ولا يجوز للقضاء أو للخصوم التصدي للوكالة في التقاضي ما لم يتركها صاحب الشأن، ذلك أن الوكالة تتم بالتراضي بتلاقي الإيجاب مع القبول ولا يلزم أن تفرغ في شكل خاص أو تدون في محرر إذ بمجرد تكليف الموكل الوكيل بأن يكون نائباً عنه أمام القضاء وقبول الأخير لذلك يكون له أن يباشر كافة الأعمال القانونية المتعلقة بالتقاضي نيابة عن موكله كتوجيه الإنذارات ورفع الدعوى أو الطعن، فإن أصدر الموكل أو الوكيل نفسه توكيلاً في محرر رسمي أو مصدق على توقيعه يخول لمن صدر له الحضور عنه أمام المحاكم فإنه لا يلزم أن يكون تحرير هذا التوكيل أو توقيعه سابقاً علي ما قام به الوكيل من إجراءات التقاضي السابقة على الحضور ويستثني من ذلك الطعن بالنقض إذ يتعين توثيق التوكيل قبل رفع الطعن . ( مرافعات كمال عبد العزيز الجزء الأول ص 517).

 ويتعين أن يثبت الوكيل الحاضر في محضر الجلسة سند وكالته فإن كان محرراً رسمياً اكتفى بإثبات رقمه وتاريخه والجهة التي صدر منها وإن كان مصدقاً على التوقيع عليه تعين إيداعه ملف الدعوى وإثبات ذلك في محضر الجلسة.

وجدير بالذكر أنه لا مجال للفضالة في التقاضي أو الحضور، ذلك أن المادة 702 من القانون المدني اشترطت للوكالة في التقاضي وجود وكالة خاصة ولم تكتف بالوكالة العامة وبالتالي فلا يصح القول بقيام فضالة في التقاضي إذا لم تتوافر هذه الوكالة الخاصة، ومن ناحية أخرى فإن الوكالة فى الحضور تستلزم إفراغها في محرر موثق سواء كان رسمياً أو مصدقاً عليه وسواء كان بالوكالة العامة في كافة القضايا أو خاصاً بقضية بذاتها بما يمتنع معه القول بالفضالة في الحضور.  (التعليق على قانون المرافعات، للمستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثاني ،  الصفحة : 906)

حضور الخصوم بأنفسهم أو وكلائهم: وفقاً للمادة 72 سالفة الذكر فإنه على الخصوم أن يحضروا أمام المحكمة في اليوم المعين لنظر الدعوى، ولهم أن يوكلوا غيرهم في الحضور عنهم، وقد أوجب القانون أن يكون الوكيل عن الخصم محامياً، وإنما يجوز بإذن من المحكمة تبول وكالة الزوج، والأقارب والأصهار إلى الدرجة الثالثة، ولو لم يكونوا من المحامين، ويلاحظ أن من بمثل غيره بمقتضى نيابة قانونية أو قضائية يجوز أن يحضر عنه أمام المحاكم كالوصي بالنسبة للقاصر، والقيم بالنسبة للمحجور عليه، والسنديك بالنسبة للمفلس (الحمد أبوالوفا۔ المرافعات ص 652).

وينبغي ملاحظة التفرقة بين قاعدة المخاصمة بوكيل، وبين الوكالة فى الحضور، فالمخاصمة بوكيل هي أن ترفع الدعوى من نائب عن الحق المطلوب حمايته، وهي صورة جائزة طالما أفصح الوكيل عن صفة، واسم موكله (نقض 28/3/1963  ، سنة 14 ص 417 )، فإذا ثارت منازعة في النيابة في هذه الحالة كانت منازعة في الصفة في رفع الدعوى بما ينطوي على الدفع بعدم قبولها (يراجع التعليق على المادة الثالثة مرافعات في الجزء الأول من هذا المؤلف)، أما الوكالة في الحضور فستكون حين ترفع الدعوى من صاحب الحق المراد حمايته أو ممن لا نزاع في نيابته عنه، ولكنه لا يحضر في الجلسة، وإنما يحضر عنه وكيل يخوله حق الحضور عنه أمام القضاء، فإذا ثار نزاع حول صحة هذا التوكيل أو جواز الحضور به كان الأمر متعلق بصحة حضور المدعي، وكان الجزاء هو إعمال أحكام غياب المدعي. نقض 21/1/1943  ، سنة 47 ص 629 ، كمال عبد العزيز ص 209)

والقاعدة أن للشخص أن يوكل من يشاء في إدارة أمواله أو التصرف فيها بشرط أن يكون أهلاً للوكالة، ودون اشتراط - صلة قرابة. ويحدد عقد الوكالة مداها. ومن بين الأعمال التي يجوز التوكيل فيها فضلاً عن التصرف المحافظة على حقوق الموكل، وذلك برفع الدعاوى أو إبداء الدفاع الذي يلزم في الدعاوى التي ترفع على الموكل، وهنا مبدأ مقرر في القانون المدني لكن المشرع رأی أن يكون الحضور أمام المحاكم الطائفة معينة لديها مؤهلات تمكنها من إبداء الدفاع والدفوع، ولذلك قصر الحضور عن الخصوم أمام المحاكم على المحامين وحدهم دون سواهم كامل عام، واستثناء من ذلك أجاز للمحكمة أن تقبل حضور من يوكله الخصوم من غير المحامين من أزواجهم أو أقاربهم أو أصهارهم للدرجة الثالثة، و حق المحكمة في هذا القبول حق مطلق يرجع إلى تقديرها تراعى فيه ظروف. الدعوى، وظروف الموكل، وحالة الوكيل، وما إذا كان يستطيع أن بعرض وجهة نظر موكله أم لا، وعلى ذلك فقال وكيل الذي لا تربطه بالموكل الصلة المنصوص عليها في المادة، وإن كان لا يستطيع الحضور نيابة عن موكله أمام المحكمة إلا أن له أن له أن يوكل محامياً ينوب عن موكله إذا كان مصرحاً له بذلك في سند الوكالة، ويصح حضور المحامي وإن كان موكلاً ممن لا يجوز له الحضور أمام المحكمة. وقبول المحكمة في الحضور نيابة عن الخصوم ممن يوكلونه من أزواجهم أو أقاربهم أو أصهارهم إلى الدرجة الثالثة قاصر على الحضور أمام المحكمة، وإبداء الدفاع الشفوي أو بمذكرات، ولكن لا يجوز لهم تحرير صحف الدعاوى والطعون والتوقيع عليها في الحالات التي يستلزم القانون التوقيع عليها من محام، وعلى ذلك ففي حالة ما إذا أشترط القانون التوقيع على صحيفة الدعوى أو الطعن من محام، فإن إغفال ذلك يترتب عليه البطلان المطلق، ومن الجائز في هذه الحالة أن يلجأ احد المنصوص عليهم في المادة لمحام لتحرير صحيفة الدعوى أو الطعن، ثم يحضر بنفسه أمام المحكمة دون المحامي فإن قبلته المحكمة استمر في الحضور، ولا أجلت الدعوى ليوكل محام. وينبغي عند حضور أی ممن ذكرتهم المادة كوكيل عن الخصم أن تصدر المحكمة قراراً بقبوله أو بعدم قبول حضوره غير أنه إذا أثبت حضوره، ولم تعترض عد هذا قبولاً ضمنياً (الدناصورى وعكاز - ص 470 وص 471)، إلا أن هذا الاستثناء لا يمتد إلى محكمة النقض التي لا يجوز أن يحضر عن الخصم أمامها إلا محام مقيد أمامها عملاً بالمادة 266 مرافعات.

ومن حق الخصم دائماً ألا يمثل أمام المحكمة فينيب عنه في ذلك وكيلاً ولا تملك المحكمة إلزامه بالحضور بشخصه إلا في الحالات التي ينص عليها القانون كالحالة التي تقرر فيها استجوابه أو يقضي بضرورة حضوره ومعه أحد المحامين كالحال بالنسبة للنقض (محمد وعبدالوهاب العشماوي بند 652 ). إلا أن البعض يرى أن المحكمة الحق دائماً في دعوة الخصوم للحضور شخصياً أمامها أحمد أبوالوفا - المرافعات بند 435 )

وإثبات الوكالة يكون إما بتقديم توكيل رسمي أو بتقديم توكيل ثابت في ورقة عرفية بشرط أن يكون توقيع الموكل عليه مصدقاً عليه رسمياً.

ويلزم إعمال القواعد الخاصة في الوكالة المشار إليها في المواد التالية وفي قانون المحاماة (مادة 89 وما يليها)، وفي حالة عدم وجود نص تتبع القواعد المقررة في القانون المدني في هذا الصدد (كامل مرسى العقود المسماة ج 1 ص 291، وما يليها وراجع مادة 699 من القانون المدني).

ولايلزم توقيع المحامي على المذكرات، وحوافظ المستندات - مع مراعاة الاستثناءات المقررة في الطعن بالنقض.

ويجب على المحكمة قبل الحكم في الدعوى أن تتحقق من أن سندات توكيل محامي القضية مودعة بمرفقاتها، وقد نصت محكمة النقض بأنه إذا لم يقدم المحامي سند توكيله حتى حجز القضية للحكم فإن الطعن يكون غير مقبول (نقض 8/4/1973 ، سنة 22 ص 176). وإذا صدر الحكم في الدعوى دون تقديم سند توكيل المحامي يكون من الجائز تقديمه في الاستئناف. وقد قضت محكمة النقض بصحة الإجراءات التي يتخذها المحامي في الدعوى، ولو قبل صدور التوكيل من صاحب الشأن إلا إذا أنكر الأخير توكيله له، كذلك قضت بصحة قبول المحكمة للمذكرة المقدمة منه. (نقض 10/11/1970، سنة 21 ص 25).

وإذا وكل شخص آخر لقبض مبلغ أو لتحصيل الأجرة جاز لهذا الوكيل توكيل أحد المحامين للقيام بما تقتضيه هذه الوكالة من إقامة دعوى. أو اتخاذ إجراء تنفيذ، هذا ولو لم يكن سند التوكيل يقرر هذا صراحة، لأن قبض المبلغ أو تحصيل الأجرة قد يتطلب استعمال القوة الجبرية أحمد أبوالوفا - التعليق - ص 415 و 416).

وقضت محكمة النقض بأن الحكم بعدم قبول الدعوى لعدم ثبوت صفة مباشر الإجراءات في تمثيل المدعى قضاء في الشكل (الإجراءات) تنحصر حجيته في ذات الخصومة دون غيرها، بحيث يجوز مباشرته دعوى جديدة مثبتاً صفته الإجرائية، ولو بسنده سابق على ذلك الحكم. (نقض 29/3/1984 ، الطعن رقم 244 لسنة 50 قضائية).

الوكالة بالخصومة جوازية أو وجوبية:

يتضح لنا مما تقدم أن الخصم سواء كان مدعياً أو مدعا عليه لا يلتزم بالحضور امام المحكمة بنفسه، وإنما يجوز له أن ينيب عنه وكيلاً للحضور عنه يكون وكيله في الخصومة (مع ملاحظة أنه لا تجوز الفضالة في الخصومة: نقض 19/6/1963 - سنة 14 ص 829، ونقض 29/11/1973  - سنة 24 ص 1189)، وفي كثير من الخصومات أصبحت الوكالة بالخصومة إجبارية. فلم يعد الخصم يستطيع القيام بنفسه هو أو ممثله القانوني ببعض الأعمال الإجرائية أو حضور بعض الخصومات، بل يجب أن يفعل هذا بواسطة محام وكيل عنه. وعندئذ يعتبر العمل الذي يقوم به الخصوم دون الاستعانة بوكيل في الخصومة باطلاً (مادة 58 من قانون المحاماة). ويكون البطلان متعلقاً بالنظام العام، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، (نقض 31/5/1967  - سنة 18 ص 118)، ويمكن الدفع به لأول مرة، ولو أمام محكمة الاستئناف (نقض 8/4/1965  - سنة 16 ص 486)، فإذا حضر الخصم حيث يجب أن يمثله وکیل بالخصومة، فإن حضوره لا يعتد به، ويعامل كما لو كان غائباً (فتحی والی - بند 200 ص 307 وص 308).

وإذا كان الخصم كامل الأهلية، فإنه يجوز له أن يوكل غيره في رفع الدعوى، أو اتخاذ أية إجراءات قضائية. وفقاً لقواعد الوكالة التي ينص عليها القانون المدني، ويمكن أن تكون هذه الوكالة ضمنية. وتطبيقاً لهذا إذا كان الخصم قاصراً يمثله والده باعتباره ولياً عليه، ثم بلغ الخصم سن الرشد، وسكت الخصم عن قيام والده برفع الدعوى نيابة عنه رغم بلوغه سن الرشد، ثم بادر باستئناف الحكم الصادر برفض الدعوى، فإن سلوك الخصم يدل على إضفاء وكالة ضمنية لوالده (نقض مدني 4/1/1990  في الطعن رقم 5930 لسنة 55 قضائية).

ولا يشترط أن يكون الوكيل محامياً. إنما يلزم - بالنسبة للحضور أمام القضاء، أو حيث يجب الاستعانة بمحام بالنسبة لإجراء معين - أن يقوم هذا الوكيل بتوكيل محام.

ويجب وجود وكالة بالخصومة، مالم يوجد نص خاص مخالف، في الحالات التالية:

أولاً: أمام المحاكم الابتدائية والجزئية: لايجوز تقديم صحف الدعاوى أو الاستئناف أو طلبات استصدار أوامر الأداء إلى المحاكم الابتدائية إلا إذا كانت موقعة من محام مقبول أمامها. ولا يجوز تقديم صحف الدعاوى أو طلبان استصدار أوامر الأداء إلى المحاكم الجزئية إذا تجاوزت قيمة الدعوى أو الطلب خمسين جنيهاً مصرياً مالم تكن موقعة من محام (مادة 58 من قانون المحاماة).

ثانيا: لايقبل الاستئناف أمام محاكم الاستئناف العليا إلا إذا كان موقعاً على صحيفته من محام مقبول للمرافعة أمام محاكم الاستئناف مادة 37 ، 58 من قانون المحاماة). فإن لم توقع كان باطلاً.

ثالثا: أمام محكمة النقض:

لا يجوز التقرير بالطعن إلا من محام مقيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض، وإلا حكم بعدم قبول الطعن. ويجب أن تكون صحيفة الطعن موقعة من محامي نقض، ولا يجوز للخصم الحضور أو المرافعة بنفسه أمام محكمة النقض (مادة 41، 58 من قانون المحاماة و 253 مرافعات). ويلاحظ أنه أمام محكمة النقض يمتنع على الخصوم ليس فقط التقرير بالطعن أو توقيع صحيفة النقض، وإنما أيضاً الحضور أو القيام بأي إجراء أمامها (مادة 41 من قانون المحاماة) (نقض 12/6/1969 - سنة 20 ص 921)، وذلك على عكس الحال بالنسبة لمحاكم الاستئناف العليا أو المحاكم الابتدائية أو الجزئية وفقاً للنطاق الذي أوضحناه آنفاً، فالممنوع فقط هو التوقيع على صحيفة الاستئناف أو الدعوى. فيمكن للخصوم الحضور أمامها بأنفسهم.

وسواء كانت الوكالة بالخصومة وجوبية أو جوازية، فإنه يجب - كقاعدة عامة - أن يكون الوكيل محامياً (مادة 72 مرافعات و 3 محاماة). ويكون الأمر كذلك سواء كانت الخصومة أمام إحدى المحاكم العادية أو أمام هيئة للتحكيم أو أمام محكمة استثنائية (مادة 3/1/ محاماة). وضرورة الاستعانة بمحام، أي بشخص مثقف ثقافة قانونية يعمل بمهنة المحاماة، وينتمي إلى تنظيم مهني معين هي نقابة المحامين، يرجع إلى عدة اعتبارات: فمن ناحية، الخصوم عادة ليس لديهم معرفة بالقانون، وبفن الإجراءات، وخاصة بعد تشعب فروع القانون بتشعب مشاكل المجتمع. فالاستعانة بمحام تمكن الخصم من الدفاع عن وجهة نظره بفاعلية أكثر. ومن ناحية أخرى فالمحامون يستطيعون بما يتوافر لديهم من ثقافة وخبرة معاونة القاضي في أداء رسالته في تطبيق القانون (فندی والی - بند 200 ص 309 وص 310)، ولا يكفي توكيل أى محام بل يجب أن يكون المحامي الموكل مقبولاً للمرافعة أمام المحكمة الموكل للحضور أو لاتخاذ الإجراء أمامها. فلا يجوز مثلاً توكيل محام مقيد في جدول المقبولين أمام محكمة الاستئناف في قضية أمام بالنقض (نقض 25/6/1959 - سنة 10 ص 552، نقض 7/2/1979  . في الطعن رقم 589 لسنة 48 قضائية). ويرتب القانون البطلان صراحة جزاء لهذه المخالفة، بالإضافة إلى مسئولية المحامي التأديبية والمدنية (مادة 76 محاماة).

ويلاحظ أنه وفقاً للمادة 68 من قانون المحاماة يراعى المحامي في معاملته لزملائه ما تقضى به قواعد اللياقة، وتقاليد المحاماة، وفيما عدا الدعاوى المستعجلة يجب عليه أن يستاذن مجلس النقابة الفرعية التي يتبعها المحامي إذا أراد مقاضاة زميل له.

وجدير بالذكر أنه رغم أهمية الاعتبارات سالفة الذكر ، المتعلقة بضرورة الاستعانة بمحام، فإنه حيث لا تكون الوكالة بالخصومة إجبارية يمكن للخصم أستثناء أن يوكل شخصا غير محام. ووفقاً للمادة 72 مرافعات - محل التعليق - يجب أن يكون هذا الشخص زوج الموكل أو من أقاربه أو أصهاره إلى الدرجة الثالثة، كما يجب أن توافق المحكمة على هذه الوكالة، فإذا كان الوكيل الذي اختاره الخصم يعمل قاضياً أو من رجال النيابة أو العاملين في المحاكم، فلا تصح الوكالة إلا إذا كان الموكل زوجه أو من أصوله أو فروعه إلى الدرجة الثانية (مادة 81/2  مرافعات). هذا ولو كانت الدعوى محل الوكالة أمام محكمة غير التي يعمل بها (فتحی والی - بند 200 ص 311 و ص 312).

وينبغي ملاحظة مغايرة الوكالة في التقاضي عن الوكالة فى الحضور، إذ في حين أن الأولى لايلزم افراغها في محرر مكتوب أو موثق، فإن الثانية بتعين أن تكون ثابتة بمحرر موثق سواء كان رسمياً أو مصدقاً على توقيعه، وفي حين أن الأولى لا تشترط أن يكون الوكيل من المحامين أو الأزواج أو الأقارب أو الأصهار، فإن الثانية تستلزم أن يكون الوكيل من هؤلاء، وفي حين أن جزاء تخلف الأولى يتمثل في الجزاء المقرر لتخلف سبب النيابة أو مجاوزة نطاقها وهو عدم نفاذ التصرف في حق الأصيل، فإن جزاء تخلف الثانية هو جزاء إجرائي يتمثل في اعتبار الخصم غائباً (نقض 2/1/1943 - سنة 47 ص 629)، وفي حين أنه بالنسبة للأولى لا يجوز للقضاء أو لباقي الخصوم التصدي لعلاقة ذوى الشأن بوكلائهم ما لم ينكر هؤلاء الوكالة، فإنه بالنسبة للثانية يتعين على المحكمة قبل قبول حضور الوكيل عن الخصم التثبت من قيام الوكالة الموثقة التي تخوله الحضور وإلا اعتبر غائباً كما يكون لباقي الخصوم التثبت من سلامة الحضور للأثر الإجرائي الذي ينتجه في الدعوى ويكون غير صحيح إطلاق القول بأنه لا يجوز للمحكمة أو باقي الخصوم التعرض لعلاقة الخصوم بوكلائهم، إذ أن هذا القول قاصر على الوكالة في التقاضي ولكنها لا تسرى في شأن الوكالة فى الحضور.

الوكالة في الخصومة

تفويض المطعون ضده محاميه بالتوكيل في جميع القضايا التي ترفع منه أو عليه أمام جميع المحاكم، والحضور أمام الجهات الإدارية، ومصالح الشهر العقاري، ومصلحة الضرائب، وتقديم الطلبات والتوقيع عليها، والصلح والإقرار. مفاده. انصراف الوكالة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على أعمال الموكل أو التصرفات التي أبرمها. عدم تخويلها الوكيل فسخ العقود التي أبرمها الموكل أو التنازل عن الأحكام التي صدرت لصالحه. (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء / الثاني ، الصفحة :  533)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الحادي عشر ، الصفحة / 357

التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي التَّقَاضِي:

اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ عَلَى الْقَاضِي الْعَدْلَ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْمَجْلِسِ، وَالْخِطَابِ، وَاللَّحْظِ، وَاللَّفْظِ، وَالإْشَارَةِ، وَالإْقْبَالِ، وَالدُّخُولِ عَلَيْهِ، وَالإْنْصَاتِ إِلَيْهِمَا، وَالاِسْتِمَاعِ مِنْهُمَا، وَالْقِيَامِ لَهُمَا، وَرَدِّ التَّحِيَّةِ عَلَيْهِمَا، وَطَلاَقَةِ الْوَجْهِ لَهُمَا؛ لِلأْحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي ثَبَتَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ مِنْهَا:

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ ابْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلْيَعْدِلْ بَيْنَهُمْ فِي لَفْظِهِ وَإِشَارَتِهِ وَمَقْعَدِهِ، وَلاَ يَرْفَعْ صَوْتَهُ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ مَا لاَ يَرْفَعُهُ عَلَى الآْخَرِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «فَلْيُسَوِّ بَيْنَهُمْ فِي النَّظَرِ وَالْمَجْلِسِ وَالإْشَارَةِ»

وَكَتَبَ عُمَرُ رضي الله عنه إِلَى أَبِي مُوسَى الأْشْعَرِيِّ رضي الله عنه أَنْ آسِ بَيْنَ النَّاسِ فِي وَجْهِكَ وَعَدْلِكَ وَمَجْلِسِكَ، حَتَّى لاَ يَطْمَعَ شَرِيفٌ فِي حَيْفِكَ، وَلاَ يَيْأَسَ ضَعِيفٌ مِنْ عَدْلِكَ.

وَلأِنَّ مُخَالَفَةَ ذَلِكَ يُوهِمُ الْخَصْمَ الآْخَرَ مَيْلَ الْقَاضِي إِلَى خَصْمِهِ، فَيُضْعِفُهُ ذَلِكَ عَنِ الْقِيَامِ بِحُجَّتِهِ، وَلاَ يُسَارُّ أَحَدَهُمَا دُونَ الآْخَرِ، وَلاَ يُلَقِّنُهُ حُجَّتَهُ، وَلاَ يَضْحَكُ فِي وَجْهِهِ؛ لأِنَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُخَالَفَةً لِلْمُسَاوَاةِ الْمَطْلُوبَةِ.

وَيَشْمَلُ هَذَا الشَّرِيفَ وَالْوَضِيعَ وَالأْبَ وَالاِبْنَ، وَالصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ.

كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى تَقْدِيمِ الأْوَّلِ فَالأْوَّلِ، إِذَا حَضَرَ الْقَاضِي خُصُومٌ وَازْدَحَمُوا؛ لأِنَّ الْحَقَّ لِلسَّابِقِ، فَإِنْ جَهِلَ الأْسْبَقَ مِنْهُمْ، أَوْ جَاءُوا مَعًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، وَقَدَّمَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ؛ إِذْ لاَ مُرَجِّحَ إِلاَّ بِهَا. فَإِنْ حَضَرَ مُسَافِرُونَ وَمُقِيمُونَ: فَإِنْ كَانَ الْمُسَافِرُونَ قَلِيلاً، بِحَيْثُ لاَ يَضُرُّ تَقْدِيمُهُمْ عَلَى الْمُقِيمِينَ قَدَّمَهُمْ؛ لأِنَّهُمْ عَلَى جَنَاحِ السَّفَرِ؛ وَلِئَلاَّ يَتَضَرَّرُوا بِالتَّخَلُّفِ. وَكَذَلِكَ النِّسْوَةُ يُقَدَّمْنَ عَلَى الرِّجَالِ طَلَبًا لِسَتْرِهِنَّ مَا لَمْ يَكْثُرْ عَدَدُهُنَّ أَيْضًا.

وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ تَسْوِيَةِ الْمُسْلِمِ مَعَ خَصْمِهِ الْكَافِرِ.

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِلَى وُجُوبِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا فِي كُلِّ الأْمُورِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا؛ لأِنَّ تَفْضِيلَ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَرَفْعَهُ عَلَيْهِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ كَسْرٌ لِقَلْبِهِ، وَتَرْكٌ لِلْعَدْلِ الْوَاجِبِ التَّطْبِيقِ بَيْنَ النَّاسِ جَمِيعًا.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ، وَالْحَنَابِلَةُ: إِلَى جَوَازِ رَفْعِ الْمُسْلِمِ عَلَى خَصْمِهِ الْكَافِرِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه مِنْ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى السُّوقِ، فَوَجَدَ دِرْعَهُ مَعَ يَهُودِيٍّ، فَعَرَفَهَا فَقَالَ: دِرْعِي سَقَطَتْ وَقْتَ كَذَا فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: دِرْعِي وَفِي يَدَيَّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ قَاضِي الْمُسْلِمِينَ. فَارْتَفَعَا إِلَى شُرَيْحٍ رضي الله عنه، فَلَمَّا رَآهُ شُرَيْحٌ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَأَجْلَسَهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَجَلَسَ مَعَ الْيَهُودِيِّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ

عَلِيٌّ: إِنَّ خَصْمِيَ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا لَجَلَسْتُ مَعَهُ بَيْنَ يَدَيْكَ،وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لاَ تُسَاوُوهُمْ فِي الْمَجَالِسِ» اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ يَا شُرَيْحٌ.

وَلِحَدِيثِ: «الإْسْلاَمُ يَعْلُو وَلاَ يُعْلَى»

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثاني والأربعون ، الصفحة /

25

نِيَابَة

التَّعْرِيف:

النِّيَابَةُ فِي اللُّغَةِ: جَعْلُ الإْنْسَانِ  غَيْرَهُ نَائِبًا عَنْهُ فِي  الأْمْرِ .

وَيُقَالُ: نَابَ عَنْهُ فِي هَذَا  الأْمْرِ  نِيَابَةً: إِذَا قَامَ مَقَامَهُ.

وَالنَّائِبُ: مَنْ قَامَ مَقَامَ غَيْرِهِ فِي أَمْرٍ أَوْ عَمَلٍ .

وَالنِّيَابَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: قِيَامُ الإْنْسَانِ  عَنْ غَيْرِهِ بِفِعْلِ أَمْرٍ .

الأْلْفَاظُ  ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْوِلاَيَةُ:

الْوِلاَيَةُ فِي اللُّغَةِ، بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ: الْقُدْرَةُ، وَالنُّصْرَةُ، وَالتَّدْبِيرُ، يُقَالُ: هُمْ عَلَى وِلاَيَةٍ أَيْ مُجْتَمِعُونَ فِي النُّصْرَةِ.

وَالْوَلِيُّ هُوَ: الْمُحِبُّ، وَالصَّدِيقُ، وَالنَّصِيرُ أَوِ النَّاصِرُ.

وَقِيلَ: الْمُتَوَلِّي لأِمُورِ  الْعَالَمِ وَالْخَلاَئِقِ الْقَائِمُ بِهَا.

وَوَلِيُّ الْيَتِيمِ: الَّذِي يَلِي أَمْرَهُ وَيَقُومُ بِكِفَايَتِهِ.

وَوَلِيُّ الْمَرْأَةِ: الَّذِي يَلِي عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا، وَلاَ يَدَعُهَا تَسْتَبِدُّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ دُونَهُ .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الْوِلاَيَةُ: تَنْفِيذُ الْقَوْلِ عَلَى الْغَيْرِ شَاءَ الْغَيْرُ أَمْ لاَ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْوِلاَيَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وِلاَيَةُ أُمُورِ الْغَيْرِ فِي أَمْرٍ مِنَ الأْمُورِ.

ب - الإْيصَاءُ:

الإْيصَاءُ فِي اللُّغَةِ - مَصْدَرُ أَوْصَى - يُقَالُ: أَوْصَى فُلاَنٌ بِكَذَا يُوصِي إِيصَاءً، وَالاِسْمُ الْوِصَايَةُ (بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا) وَهُوَ: أَنْ يَعْهَدَ إِلَى غَيْرِهِ فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ مِنَ الأْمُورِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْقِيَامُ بِذَلِكَ  الأْمْرِ  فِي حَالِ حَيَاةِ الطَّالِبِ أَمْ كَانَ بَعْدَ وَفَاتِهِ .

أَمَّا فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ، فَالإْيصَاءُ بِمَعْنَى الْوَصِيَّةِ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ هُوَ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ إِقَامَةُ الإْنْسَانِ  غَيْرَهُ مَقَامَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي تَصَرُّفٍ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ، أَوْ فِي تَدْبِيرِ شُئُونِ أَوْلاَدِهِ الصِّغَارِ وَرِعَايَتِهِمْ، وَذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُقَامُ يُسَمَّى الْوَصِيَّ.

أَمَّا إِقَامَةُ غَيْرِهِ مَقَامَهُ فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، فَلاَ يُقَالُ لَهُ فِي الاِصْطِلاَحِ إِيصَاءٌ عِنْدَهُمْ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ وِكَالَةٌ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالإْيصَاءِ، أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ مِنَ الإْيصَاءِ.

ج - الْقِوَامَةُ:

الْقِوَامَةُ فِي اللُّغَةِ: هِيَ الْقِيَامُ عَلَى  الأْمْرِ  أَوِ الْمَالِ أَوْ وِلاَيَةُ  الأْمْرِ . وَالْقَيِّمُ: هُوَ الَّذِي يَقُومُ عَلَى شُئُونِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَيَلِيهِ، وَيَرْعَاهُ، وَيُصْلِحُ مِنْ شَأْنِهِ، وَمِنْهُ قوله تعالي : (  الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) .

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْقِوَامَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وِلاَيَةُ أُمُورِ الْغَيْرِ.

د - الْوِكَالَةُ:

الْوَكَالَةُ بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ، فِي اللُّغَة أَنْ يَعْهَدَ إِلَى غَيْرِهِ لِيَعْمَلَ لَهُ عَمَلاً.

وَالتَّوْكِيلُ تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ إِلَى غَيْرِهِ، وَسُمِّيَ الْوَكِيلُ وَكِيلاً لأِنَّ  مُوكِلَهُ قَدْ وَكَلَ إِلَيْهِ الْقِيَامَ بِأَمْرِهِ، فَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَيْهِ الأْمْرُ  .

وَالْوَكَالَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: عَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا: إِقَامَةُ الْغَيْرِ مَقَامَ نَفْسِهِ تَرَفُّهًا أَوْ عَجْزًا فِي تَصَرُّفٍ جَائِزٍ مَعْلُومٍ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْوِكَالَةِ أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ مِنَ الْوِكَالَةِ.

أَنْوَاعُ النِّيَابَةِ:

تَتَنَوَّعُ النِّيَابَةُ إِلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ يَثْبُتُ بِتَوْلِيَةِ الْمَالِكِ (اتِّفَاقِيَّةٌ)، وَنَوْعٌ يَثْبُتُ شَرْعًا لاَ بِتَوْلِيَةِ الْمَالِكِ (شَرْعِيَّةٌ).

أَوَّلاً: النِّيَابَةُ الاِتِّفَاقِيَّةُ (وَهِيَ الْوَكَالَةُ):

أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ جَائِزَةٌ فِي الْجُمْلَةِ  وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا: قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا) وَمِنْهَا: حَدِيثُ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ - رضي الله عنه - «أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم  أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، فَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ» .

وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَكَالَةِ مُنْذُ عَصْرِ الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم  إِلَى يَوْمِنَا هَذَا. لَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ . وَانْظُرْ تَفْصِيلَ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ فِي مُصْطَلَحِ (وَكَالَة).

ثَانِيًا: النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ:

النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ - وَهِيَ الْوِلاَيَةُ - ثَابِتَةٌ شَرَعًا عَلَى الْعَاجِزِينَ عَنِ التَّصَرُّفِ بِأَنْفُسِهِمْ بِسَبَبِ الصِّغَرِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَذَلِكَ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْمَعْقُولِ.

أَمَّا الْقُرْآنُ فَقَدْ وَرَدَتْ مِنْهُ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْوِلاَيَةِ، مِنْ ذَلِكَ قوله تعالي : (  وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفًا ( 5 ) وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى(وَأَنْكِحُوا الأْيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ) .

فَهَذِهِ الآْيَاتُ خِطَابٌ لِلأْوْلِيَاءِ عَلَى الْمَالِ وَالنَّفْسِ.

وَأَمَّا السُّنَّةُ فَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَرَدَتْ فِي شَرْعِيَّةِ الْوِلاَيَةِ، مِنْهَا: قَوْلُ الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم «لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ» .

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم  قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنِ اشْتَجَرُوا، فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ» .

وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَإِنَّ ثُبُوتَ وِلاَيَةِ النَّظَرِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْعَاجِزِ عَنِ النَّظَرِ مِنْ بَابِ الإْعَانَةِ عَلَى الْبِرِّ، وَمِنْ بَابِ الإْحْسَانِ، وَمِنْ بَابِ إِعَانَةِ الضَّعِيفِ وَإِغَاثَةِ اللَّهْفَانِ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ عَقْلاً وَشَرْعًا.

وَلأِنَّ  ذَلِكَ مِنْ بَابِ شُكْرِ النِّعْمَةِ وَهِيَ نِعْمَةُ الْقُدْرَةِ، إِذْ شُكْرُ كُلِّ نِعْمَةٍ عَلَى حَسَبِ هَذِهِ النِّعْمَةِ، فَشُكْرُ نِعْمَةِ الْقُدْرَةِ مَعُونَةُ الْعَاجِزِ، وَشُكْرُ النِّعْمَةِ وَاجِبٌ عَقْلاً وَشَرْعًا فَضْلاً عَنِ الْجَوَازِ .

أَنْوَاعُ النِّيَابَةِ الشَّرْعِيَّةِ:

النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ هِيَ الْوِلاَيَةُ، وَالْوِلاَيَةُ تَتَنَوَّعُ إِلَى نَوْعَيْنِ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهَا:

وِلاَيَةٌ عَلَى الْمَالِ، وَوِلاَيَةٌ عَلَى النَّفْسِ.

فَالْوِلاَيَةُ عَلَى الْمَالِ هِيَ سُلْطَةُ الْوَلِيِّ عَلَى أَنْ يَعْقِدَ الْعُقُودَ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةَ بِأَمْوَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَتَكُونُ تَصَرُّفَاتُهُ وَعُقُودُهُ نَافِذَةً دُونَ الْحَاجَةِ إِلَى إِذْنٍ مِنْ أَحَدٍ.

وَالْوِلاَيَةُ عَلَى النَّفْسِ هِيَ السُّلْطَةُ عَلَى شُئُونِ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ الْمُتَعَلِّقَةُ بِشَخْصِهِ وَنَفْسِهِ، وَيَدْخُلُ فِيهَا تَزْوِيجُهُ.

وَتُنْظَرُ الأْحْكَامُ  الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْوِلاَيَةِ عَلَى الْمَالِ وَعَلَى النَّفْسِ فِي مُصْطَلَحِ (وِلاَيَة).

النِّيَابَةُ فِي الْعِبَادَاتِ:

تَتَنَوَّعُ الْعِبَادَاتُ فِي الشَّرْعِ إِلَى أَنْوَاعٍ ثَلاَثَةٍ:

مَالِيَّةٌ مَحْضَةٌ، وَبَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ، وَمُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ.

النَّوْعُ الأْوَّلُ: الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ الْمَحْضَةُ

الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ الْمَحْضَةُ كَالزَّكَاةِ، وَالصَّدَقَاتِ، وَالْكَفَّارَاتِ، وَالنُّذُورِ.

وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْعِبَادَاتِ تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ عَلَى الإْطْلاَقِ، سَوَاءٌ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْعِبَادَةُ قَادِرًا عَلَى الأْدَاءِ  بِنَفْسِهِ، أَوْ لاَ. وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ .

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَالْمَعْقُولِ:

فَمِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا) .

وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنَ الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَوَّزَ الْعَمَلَ عَلَى الزَّكَاةِ، وَذَلِكَ بِحُكْمِ النِّيَابَةِ عَنِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَأَمَّا الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا فَهُمُ الْجُبَاةُ، وَالسُّعَاةُ يَسْتَحِقُّونَ مِنْهَا قِسْطًا عَلَى ذَلِكَ .

وَمِنَ السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ أَحَادِيثُ مِنْهَا:

مَا وَرَدَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنه - قَالَ: «أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقَلْتُ لَهُ: إِنِّي أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتَ وَكِيلِي فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَإِنِ ابْتَغَى مِنْكَ آيَةً فَضَعْ يَدَك عَلَى تَرْقُوَتِهِ» .

وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم «الْخَازِنُ الْمُسْلِمُ الأْمِينُ الَّذِي يُنْفِذُ - وَرُبَّمَا قَالَ: يُعْطِي - مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلاً مُوَفَّرًا طَيِّبًا بِهِ نَفْسُهُ فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ» .

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: «وَكَّلَنِي النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم  بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ»  وَحَدِيثُ: «أَعْطَى النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم  عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ غَنَمًا يُقَسِّمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ» .

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما  - قَالَ: «قَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم  لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: أَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» .

وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: «اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  رَجُلاً مِنَ الأْسْدِ  عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ» .

وَمِنَ الْمَعْقُولِ: أَنَّ الْوَاجِبَ فِي هَذِهِ الْعِبَادَاتِ إِخْرَاجُ الْمَالِ، وَأَنَّهُ يَحْصُلُ بِفِعْلِ النَّائِبِ .

وَأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ فَجَازَ أَنْ يُوَكَّلَ فِي أَدَائِهِ كَدُيُونِ الآْدَمِيِّينَ .

النَّوْعُ الثَّانِي: الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ الْمَحْضَةُ:

الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ كَالصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَالطَّهَارَةِ مِنَ الْحَدَثِ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْعِبَادَاتِ لاَ تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ عَلَى الإْطْلاَقِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيِّ . وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَالْمَعْقُولِ:

أَمَّا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى(وَأَنْ لَيْسَ لِلإْنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى) إِلاَّ مَا خُصَّ بِدَلِيلٍ  لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما  -: «لاَ يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلاَ يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ» .

أَيْ فِي حَقِّ الْخُرُوجِ عَنِ الْعُهْدَةِ لاَ فِي حَقِّ الثَّوَابِ، فَإِنَّ مَنْ صَامَ أَوْ صَلَّى أَوْ تَصَدَّقَ وَجَعَلَ ثَوَابَهُ لِغَيْرِهِ مِنَ الأْمْوَاتِ  أَوِ الأْحْيَاءِ جَازَ. وَيَصِلُ ثَوَابُهَا إِلَيْهِمْ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (ثَوَاب ف 10).

وَأَمَّا الْمَعْقُولُ: فَلأِنَّ  هَذِهِ الْعِبَادَةَ تَتَعَلَّقُ بِبَدَنِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَلاَ يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِيهَا  وَلأِنَّ  الْمَقْصُودَ مِنْهَا الاِبْتِلاَءُ وَالاِخْتِبَارُ وَإِتْعَابُ النَّفْسِ وَذَلِكَ لاَ يَحْصُلُ بِالتَّوْكِيلِ .

وَأَمَّا النِّيَابَةُ عَنِ الْمَيِّتِ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهَا. وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أَدَاء ف 15).

النَّوْعُ الثَّالِثِ: الْعِبَادَاتُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ:

الْعِبَادَاتُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ هِيَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْحَجِّ عَنِ الْغَيْرِ، وَقَابِلِيَّتِهِ لِلنِّيَابَةِ لِلْعُذْرِ الْمَيْئُوسِ مِنْ زَوَالِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيِّ، وَذَهَبَ مَالِكٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي مَذْهَبِهِ، إِلَى أَنَّ الْحَجَّ لاَ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ لاَ عَنِ الْحَيِّ وَلاَ عَنِ الْمَيِّتِ، مَعْذُورًا أَوْ غَيْرَ مَعْذُورٍ، وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (حَجٍّ ف 114 وَمَا بَعْدَهَا، وَأَدَاءٍ ف 16، وَعِبَادَةٍ ف 7). أَمَّا الْعُمْرَةُ فَتَقْبَلُ النِّيَابَةَ فِي الْجُمْلَةِ، وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (عُمْرَةٍ ف 38).

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الخامس والأربعون ، الصفحة / 5

وَكَالَة

التَّعْرِيفُ:

الْوَكَالَةُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ فِي اللُّغَةِ: الْحِفْظُ، وَمِنْهُ الْوَكِيلُ، فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَعْنَى الْحَافِظِ، وَمِنْهُ التَّوَكُّلُ، يُقَالُ: عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا، أَيْ فَوَّضْنَا أُمُورَنَا.

وَالتَّوْكِيلُ: تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ إِلَى الْغَيْرِ، وَسُمِّيَ الْوَكِيلُ وَكِيلاً؛ لأِنَّ مُوَكِّلَهُ قَدْ فَوَّضَ إِلَيْهِ الْقِيَامَ بِأَمْرِهِ فَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَيْهِ الأْمْرُ .

وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ، «اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ» .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: عَرَّفَهَا الْفُقَهَاءُ بِتَعْرِيفَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ.

فَعَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا: إِقَامَةُ الْغَيْرِ مَقَامَ نَفْسِهِ - تَرَفُّهًا أَوْ عَجْزًا - فِي تَصَرُّفٍ جَائِزٍ مَعْلُومٍ .

وَعَرَّفَهَا الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهَا: نِيَابَةُ ذِي حَقٍّ - غَيْرِ ذِي إِمْرَةٍ وَلاَ عِبَادَةٍ - لِغَيْرِهِ فِيهِ، غَيْرَ مَشْرُوطٍ بِمَوْتِهِ .

وَعَرَّفَهَا الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهَا: تَفْوِيضُ شَخْصٍ مَا لَهُ فِعْلُهُ مِمَّا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ إِلَى غَيْرِهِ لِيَفْعَلَهُ فِي حَيَاتِهِ .

وَعَرَّفَهَا الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهَا: اسْتِنَابَةُ جَائِزِ التَّصَرُّفِ مِثْلَهُ فِيمَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ .

 الأْلْفَاظُ

ذَاتُ الصِّلَةِ

أ- النِّيَابَةُالنِّيَابَةُ: مَأْخُوذَةٌ مِنْ نَابَ الشَّيْءُ نَوْبًا: قَرُبَ، وَنَابَ عَنْهُ نِيَابَةً قَامَ مَقَامَهُ .

وَالنِّيَابَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: قِيَامُ الإْنْسَانِ عَنْ غَيْرِهِ بِفِعْلِ أَمْرٍ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْوَكَالَةِ وَالنِّيَابَةِ أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ مِنَ الْوَكَالَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَفِي قَوْلٍ إِنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ .

ب- الْوِلاَيَةُ:

الْوِلاَيَةُ فِي اللُّغَةِ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: الْقُدْرَةُ، وَالنُّصْرَةُ، وَالتَّدْبِيرُ.

وَوَلِيُّ الْيَتِيمِ: الَّذِي يَلِي أَمْرَهُ وَيَقُومُ بِكِفَايَتِهِ.

وَوَلِيُ الْمَرْأَةِ: الَّذِي يَلِي عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا، وَلاَ يَدَعُهَا تَسْتَبِدُّ بِهِ دُونَهُ .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الْوِلاَيَةُ تَنْفِيذُ الْقَوْلِ عَلَى الْغَيْرِ شَاءَ أَوْ أَبَى .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْوَكَالَةِ وَالْوِلاَيَةِ، أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا نِيَابَةٌ، وَلَكِنَّ الْوَكَالَةَ نِيَابَةٌ اتِّفَاقِيَّةٌ، أَمَّا الْوِلاَيَةُ فَنِيَابَةٌ شَرْعِيَّةٌ أَوْ إِجْبَارِيَّةٌ.

ج-  الإْيصَاءُ:

الإْيصَاءُ فِي اللُّغَةِ، مَصْدَرُ أَوْصَى، يُقَالُ: أَوْصَى فُلاَنًا، وَأَوْصَى إِلَيْهِ: جَعَلَهُ وَصِيَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي أَمْرِهِ وَمَالِهِ وَعِيَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ هُوَ: إِقَامَةُ الإْنْسَانِ غَيْرَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي التَّصَرُّفِ بَعْدَ الْمَوْتِ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْوَكَالَةِ وَالإْيصَاءِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا نِيَابَةٌ اتِّفَاقِيَّةٌ، وَلَكِنَّ الْوَكَالَةَ تَكُونُ أَثْنَاءَ الْحَيَاةِ، أَمَّا الإْيصَاءُ فَبَعْدَ الْوَفَاةِ.

د- الْقِوَامَةُ:

الْقِوَامَةُ فِي اللُّغَةِ: الْقِيَامُ عَلَى الأْمْرِ أَوِ الْمَالِ، أَوْ وِلاَيَةُ الأْمْرِ .

وَاسْتَعْمَلَ الْفُقَهَاءُ لَفْظَ الْقِوَامَةِ فِي مَعَانٍ قَرِيبَةٍ مِنَ الْمَفْهُومِ اللُّغَوِيِّ، مِنْهَا:

وِلاَيَةٌ يُفَوِّضُهَا الْقَاضِي إِلَى شَخْصٍ رَاشِدٍ بِأَنْ يَتَصَرَّفَ لِمَصْلَحَةِ الْقَاصِرِ فِي تَدْبِيرِ شُئُونِهِ الْمَالِيَّةِ.

وَمِنْهَا: وِلاَيَةٌ يَسْتَحِقُّهَا الزَّوْجُ عَلَى زَوْجَتِهِ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْوَكَالَةِ وَالْقَوَامَةِ، أَنَّ الْوَكَالَةَ نِيَابَةٌ اتِّفَاقِيَّةٌ، أَمَّا الْقِوَامَةُ فَقَدْ تَكُونُ قَضَائِيَّةً وَقَدْ تَكُونُ شَرْعِيَّةً.

مَشْرُوعِيَّةُ الْوَكَالَةِ:

اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ جَائِزَةٌ وَمَشْرُوعَةٌ 

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَالإْجْمَاعِ وَالْمَعْقُولِ.

أَمَّا الْقُرْآنُ: فَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ(فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا) وَذَاكَ كَانَ تَوْكِيلاً، وَقَدْ قَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ بِلاَ نَكِيرٍ .

وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى(فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) .. فَهَذِهِ الآْيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَكَالَةِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الرَّأْيِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْحَكَمَ وَكِيلٌ عَنِ الزَّوْجَيْنِ .

أَمَّا السُّنَّةُ: فَمِنْهَا مَا وَرَدَ «عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْبَارِقِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم  أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، فَجَاءَ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ» .

فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَكَالَةِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ .

وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم  بَعَثَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى أُضْحِيَّةً فَأُرْبِحَ فِيهَا دِينَارًا فَاشْتَرَى أُخْرَى مَكَانَهَا، فَجَاءَ بِالأْضْحِيَّةِ  وَالدِّينَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم ، فَقَالَ: ضَحِّ بِالشَّاةِ وَتَصَدَّقْ بِالدِّينَارِ» . فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِي شِرَاءِ الأْضْحِيَّةِ  وَتَقْسِيمِهَا وَالتَّصَدُّقِ بِالْمَالِ .

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتَ وَكِيلِي فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَإِنِ ابْتَغَى مِنْكَ آيَةً فَضَعْ يَدَكَ عَلَى تَرْقُوَتِهِ» .

فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَكَالَةِ، وَأَنَّ لِلإْمَامِ أَنْ يُوكِلَ وَيُقِيمَ عَامِلاً عَلَى الصَّدَقَةِ فِي قَبْضِهَا وَدَفْعِهَا إِلَى مُسْتَحِقِّيهَا وَإِلَى مَنْ يُرْسِلُهُ إِلَيْهِ بِأَمَارَةٍ .

وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: «تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلاَلٌ، وَبَنَى بِهَا وَهُوَ حَلاَلٌ، وَكُنْتُ أَنَا الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا» .

فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِي النِّكَاحِ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ .

أَمَّا الإْجْمَاعُ فَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ الْوَكَالَةِ وَمَشْرُوعِيَّتِهَا مُنْذُ عَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ .

وَأَمَّا الْمَعْقُولُ: فَلأِنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَكَالَةِ، فَإِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِعْلُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ بِنَفْسِهِ فَدَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهَا .

قَالَ قَاضِي زَادَهْ: لأِنَّ الإْنْسَانَ قَدْ يَعْجِزُ عَنِ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ عَلَى اعْتِبَارِ بَعْضِ الأْحْوَالِ، بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ شَيْخًا فَانِيًا أَوْ رَجُلاً ذَا وَجَاهَةٍ لاَ يَتَوَلَّى الأْمُورَ بِنَفْسِهِ، فَيَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُوكِلَ غَيْرَهُ، فَلَوْ لَمْ يَجُزِ التَّوْكِيلُ لَزِمَ الْحَرَجُ، وَهُوَ مُنْتَفٍ بِالنَّصِّ .

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) .

أَرْكَانُ الْوَكَالَةِ:

ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ أَرْكَانَ الْوَكَالَةِ هِيَ: الصِّيغَةُ، وَالْعَاقِدَانِ (الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ، وَمَحَلُّ الْعَقْدِ) الْمُوَكَّلُ فِيهِ.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ رُكْنَ الْوَكَالَةِ هُوَ: الإْيجَابُ وَالْقَبُولُ، لأِنَّ وُجُودَ هَذَا الرُّكْنِ يَسْتَلْزِمُ بِالضَّرُورَةِ وُجُودَ الرُّكْنَيْنِ الآْخَرَيْنِ، وَهَذَا طِبْقًا لِلْقَوَاعِدِ الْعَامَّةِ فِي الْعَقْدِ .