عدل المشروع المادة 72 منه من صياغة المادة 82 المقابلة لها في القانون القائم على نحو يبرز معه أنه يقع على الوكيل الحاضر عن الخصم واجبان أساسيان أولهما أن يقرر حضوره عن خصمه في محضر الجلسة وذلك حتى تتحدد صفة الموكل التي يمثله بها، وثانيهما أن يثبت قبل جلسة المرافعة وكالته عمن قرر حضوره عنه ولم ير المشروع أن يتعرض لطرق إثبات هذه الوكالة مكتفياً في ذلك بالإحالة إلى قانون المحاماة الذي نظم الأمر في المواد 26 و 27 و 28 من القانون رقم 96 لسنة 1957 ويلاحظ في هذا الصدد أن الإحالة إلى مضمون الأحكام التي نصت عليها تلك المواد غير مقصودة على من وجهت الخطاب إليها فيها فيسرى حكمها على إثبات وكالة كل من يجوز حضوره عن الخصم ولو لم يكن محامياً وهو ما أدى إلى الاستغناء عن حكم الفقرة الثانية من المادة 82 من القانون القائم التي كانت تجيز إعطاء التوكيل في الجلسة أن حكمها مقرر في المادة 27 من قانون المحاماة المشار اليه .
1- المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن حق التقاضى غير المرافعة أمام القضاء ، إذ إن التقاضى إنما هو رخصه لكل فرد فى الالتجاء إلى القضاء ، أما المرافعة أمام القضاء التى تستلزم وكالة خاصة وفقاً للمادة 702 / 1 من القانون المدنى – فهى النيابة فى الخصومة للدفاع أمام القضاء وقد اختص بها المشرع أشخاصاً معينة حسبما تقضى المادة 3 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 فحين يختار الخصم أو نائبه الذى لا نزاع في نيابته عدم الحضور بشخصه ويوكل آخر فى الحضور عنه فإنه لا يكفى أن يكون هذا الوكيل موكلاً فى التقاضى أو أن يفصح عن صفته واسم الأصيل وإنما يتعين أن يكون موكلاً فى الحضور بالذات توكيلاً صحيحاً طبقاً للقواعد التى تحكم الوكالة فى الحضور. وأن النص فى المادة 73 من قانون المرافعات على أن يجب على الوكيل أن يقرر حضوره عن موكله وأن يثبت وكالته عنه وفقاً لقانون المحاماة ..... يدل – وعلى ما جاء بالمذكرة الايضاحية لقانون المرافعات على أن يقع على عاتق الوكيل الحاضر عن موكله واجبان أساسيان : أولهما - أن يقرر حضوره عنه بمحضر الجلسة حتى تتحدد صفة الموكل التى يمثله بها ، وثانيهما - أن يثبت قبل المرافعة وكالته عمن قرر حضوره عنه بإيداع التوكيل ملف الدعوى إذا كان خاصاً والاقتصار على إثبات رقمه وتاريخه والجهة المحرر أمامها بمحضر الجلسة إن كان عاماً .
( الطعن رقم 16258 لسنة 86 ق - جلسة 6 / 5 / 2018 )
2- مجرد حضور المحامى بصفته وكيلاً بالحضور عن أحد الخصوم لا يضفى بذاته على المحامى جميع الصفات التى قد تكون لموكله إلا أن يكون قد فوضه بهذه الصفات ذلك لأن المحامى لا يمثل إلا من صرح بقبول تمثيله وقبل هو أن يمثله وأثبت هذه الوكالة عنه أمام المحكمة . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها الأولى لم تمثل بالجلسات أمام محكمة أول درجة ولم تقدم مذكرة بدفاعها وأن حضور وكيل عنها بجلسة 1 / 4 / 2015 كان بدون سند وكالة وقد خلت الأوراق مما يفيد إعلانها بالحكم الابتدائى فإن ميعاد الاستئناف بالنسبة لها يظل مفتوحاً ولا ينال من ذلك ما جاء بالنعى بشأن حضور الدولة عنها وتقديم مذكرة كونها تتمتع بشخصية اعتبارية ويمثلها رئيس مجلس إدارتها فى التقاضى ولا تنوب عنها الدولة نيابة قانونية إلا بتفويض خاص وهو ما خلت منه الأوراق وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر الصحيح فإنه يكون قد طبق صحيح القانون ويكون النعى عليه فى هذا الخصوص على غير أساس .
( الطعن رقم 16258 لسنة 86 ق - جلسة 6 / 5 / 2018 )
3 ـ النص فى المادة 73 من قانون المرافعات والفقرة الثانية من المادة 89 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1968 يدل - وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات - على أنه يقع على الوكيل الحاضر عن موكله واجبان أساسيان : أولهما - أن يقرر حضوره عنه فى محضر الجلسة حتى تتحدد صفة الموكل التى يمثله بها ، وثانيهما - أن يثبت قبل المرافعة وكالته عمن قرر حضوره عنه بإيداع التوكيل بملف الدعوى إذا كان خالصاً والإقتصار على إثبات رقمه وتاريخه المحرر أمامها بمحضر الجلسة إن كان عاماً . وإذ كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات محكمة الإستئناف المودعة صورتها الرسمية فى ملف الطاعن أنها خلت من دليل إثبات وكالة المحامى عن الطاعن الذى أنكر وكالته عنه . وكانت المحكمة بعد أن حجزت الدعوى للحكم لجلسة 1976/3/22 عادت وأعادتها للمرافعة لجلسة 1976/5/23 دون أن تعلن الطاعن بالجلسة المذكورة وإعتبرت النطق بقرارها إعلاناً له ولم يحضر الطاعن بتلك الجلسة أو أية جلسة تالية إلى أن صدر الحكم المطعون فيه ، فإن هذا الحكم يكون باطلاً بما يوجب نقضه ولا يمنع من ذلك حضور محام بجلسة 1977/1/16 أنه يحضر عن الطاعن عن محام آخر ما دام أنه لم يثبت وكالة الأخير عنه ، تلك الوكالة التى جحدها الطاعن .
(الطعن رقم 1166 لسنة 47 جلسة 1980/02/19 س 31 ع 1 ص 544 ق 106)
4 ـ المقرر فى قضاء هذه المحكمة - أنه بمجرد صدور حكم شهر الإفلاس - ودون اعتداد بتاريخ نشره - تغل يد المفلس عن إدارة أمواله فلا يصح له مباشرة الدعاوى المتعلقة بتلك الأموال حتى لا تضار جماعة الدائنين من نشاطه القانوني فيما يمسهم من حقوق، ويعد وكيل الدائنين منذ تاريخ صدور هذا الحكم الممثل القانوني للتفليسة، ويضحى صاحب الصفة فى تمثيلها فى كافة الدعاوى، ويترتب على عدم اختصامه فى دعوى متعلقة بعقار أو منقول من أموال التفليسة ألا تحاج جماعة الدائنين بالحكم الصادر فيها.
(الطعن رقم 908 لسنة 51 جلسة 1992/07/13 س 43 ع 1 ص 926 ق 193)
5 ـ المقرر فى قضاء هذه المحكمة - " 1 " أنه لا يجوز أن تتصدى المحكمة لعلاقة الخصوم بوكلائهم إلا إذا أنكر صاحب الشأن وكالة وكيله لأن فى ذلك تجاوزاً فى الإستدلال ضار بحقوق الناس ، فإذا بأشر المحامى إجراء قبل أن يستصدر توكيلاً له من ذى الشأن الذى كلفه بالعمل فلا يعترض عليه بأن التوكيل لاحق على تاريخ الإجراء ما لم ينص القانون على خلاف ذلك - لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن مأمورية الضرائب أخطرت الطاعن بصافى أرباحه عن عام 1949 بالنموذج 6 مكرر ضريبة عامة على عنوانه بفرنسا بتاريخ 1955/9/26 وقد تسلمه الطاعن فى 1955/11/9 وطعن محاميه على هذا التقرير أمام لجنة الطعن بتاريخ 1955/12/7 بوصفه وكيلاً رسمياً عنه ، وأن التوكيل الصادر من الطاعن لمحاميه مصدق عليه بتاريخ 1955/5/8 وأودع أصله مصلحة الشهر العقارى بالقاهرة بموجب محضر الإيداع الرسمى رقم 5152 لسنة 1956 توثيق القاهرة كما خلت الأوراق من وجود منازعة من الطاعن على وكالة محاميه فإن الطعن يعد مرفوعاً فى الميعاد المقرر قانوناً ، و إذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر مستنداً إلى أن طعن المحامى فى تقدير اللجنة كان فى 1955/12/7 وأن التصديق على الوكالة تم فى تاريخ لاحق لذلك مما يجعل الطعن مقدم من غير ذى صفة فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 338 لسنة 45 جلسة 1977/11/15 س 28 ع 2 ص 1678 ق 289)
6 ـ الحق فى الطعن لا يثبت إلا لمن كان طرفاً فى الخصومة التى صدر فيها الحكم المطعون فيه وبصفته التى كان متصفاً بها فيها فإذا زالت عنه تلك الصفة فإن رفعه بها بعد زوالها لا يكون مقبولاً ، وإذ كان الثابت من الصور الرسمية لمحاضر الجلسات بلوغ الطاعنة الثانية سن الرشد أثناء نظر الإستئناف وحضورها فعلاً بوكيل عنها لمباشرة الخصومة ، فإن صفة الطاعن الأول فى تمثيلها قانوناً بوصفه ولياً طبيعياً عليها تكون قد زالت عنه من قبل رفع الطعن بالنقض ويكون الطعن منه غير مقبول .
(الطعن رقم 531 لسنة 46 جلسة 1978/06/07 س 29 ع 1 ص 1424 ق 274)
7 ـ إذ كان الثابت أن الدعوى رفعت إبتداء من المطعون عليهم ومن بينهم المطعون عليه الأخير بصفته ولياً طبيعياً على إبنه القاصر ، وأن الطاعنة إختصمته فى الإستئناف بهذه الصفة فلم يتمسك ببلوغ القاصر سن الرشد وظل يحضر عنه إلى أن صدر الحكم المطعون فيه ولم يقدم بعد صدور هذا الحكم - مع عدم تسليم الطاعنة ببلوغ القاصر سن الرشد - ما يدل على بلوغ القاصر هذه السن سوى التوكيل الرسمى الصادر منه لمحاميه ، وهو ما لا يعد دليلاً حاسماً فى هذا الخصوص لما كان ذلك فإنه يتعين رفض الدفع ببطلان الطعن بالنسبة إلى المطعون عليه الأخير.
(الطعن رقم 589 لسنة 42 جلسة 1976/11/18 س 27 ع 2 ص 1619 ق 300)
8ـ مفاد نص المادة 294 من قانون المرفعات أن مجرد وفاة الخصم أو فقده أهلية الخصومة يترتب عليه لذاته إنقطاع سير الخصومة أما بلوغ الخصم سن الرشد فإنه لا يؤدى بذاته إلى إنقطاع سير الخصومة إنما يحصل هذا الإنقطاع بسبب ما يترتب على البلوغ من زوال صفة من كان يباشر الخصومة عن القاصر . فإذا كان القاصر قد بلغ سن الرشد أثناء سير الخصومة أمام الإستئناف وترك والدته تحضر عنه بعد البلوغ فإن هذا الحضور يكون بقبوله ورضائه وتظل صفتها قائمة فى تمثيله فى الخصومة بعد بلوغه سن الرشد و بالتالى ينتج هذا التمثيل كل آثاره القانونية و يكون الحكم الصادر فى الدعوى كما لو كان القاصر قد حضر بنفسه الخصومة بعد بلوغه ولا ينقطع سير الخصومة فى هذه الحالة لأنه إنما ينقطع بزوال صفة النائب فى تمثيل الأصيل و هى هنا لم تزل بل تغيرت فقط فبعد أن كانت نيابة والدته عنه نيابة قانونية أصبحت نيابة إتفاقيه . وإذا كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الإستئناف بعدم صحة تمثيل والدته له بعد بلوغه سن الرشد فلا سبيل إلى أثارة هذا الجدل لأول مرة أمام محكمة النقض .
(الطعن رقم 440 لسنة 34 جلسة 1968/06/06 س 19 ع 2 ص 1135 ق 168)
يجب أن تكون الوكالة سابقة على الأعمال الإجرائية التي يقوم بها الوكيل بالخصومة. فالأعمال التي تتم بواسطة محام لم يوكل سابقاً تعتبر باطلة. ولكن هذا البطلان ترد عليه الإجازة. وتثبت الإجازة إما بتحرير الوكالة ولو بعد القيام بالإجراء الموكل فيه أو بحضور الخصم مع المحامي وإقراره بالوكالة ولو ضمناً بعدم إنكاره لها ومع ذلك إذا كان محددة للعمل الإجرائي میعاد معين يجب أن يتم خلاله، وكان يلزم توقيع المحامي على هذا العمل، وتم العمل دون هذا التوقيع، فإن توقيع المحامي لا يصحح البطلان إلا إذا تم هذا التوقيع فى الميعاد المحدد للقيام بهذا العمل. ولهذا إذا رفع استئناف في الميعاد دون توقيع محامي مقبول أمام محاكم الاستئناف، فإن الصحيفة تكون باطلة ولا يكفي توقيع المحامي عليها لتصحيحها إلا إذا تم في ميعاد الاستئناف.
ولأن الوكالة يجب أن تكون سابقة، فالأصل أن يثبت المحامي وكالته قبل القيام بالعمل الموكل به. ولكن تيسيراً له يجوز تقديم وكالته السابقة فيما بعد. وتنص المادة 73 من قانون المرافعات على أنه «يجب على الوكيل أن يقرر حضوره عن موكله وان يثبت وكالته عنه وفقاً لأحكام قانون المحاماة وللمحكمة عند الضرورة أن ترخص للوكيل في إثبات وكالته في ميعاد تحدده على أن يتم ذلك في جلسة المرافعة على الأكثر».
ووفقاً للمادة 57 من قانون المحاماة «لا يلتزم المحامي الذي يحضر عن موكله بمقتضى توكيل عام أن يودع التوكيل بملف الدعوى. ويكتفي بالاطلاع عليه وإثبات رقمه وتاريخه والجهة المحرر أمامها بمحضر الجلسة». فإن كان التوكيل خاصاً فإنه - بمفهوم المخالفة لهذه المادة – يلتزم بإيداعه ملف الدعوى.
وتقوم الوكالة في الخصومة على الثقة بالمحامي. ولهذا فإنه إذا غش المحامي موكله وتواطأ مع خصمه فلا يعتد بحضور المحامي عنه ولا بما يصدر عنه من إقرارات طوال الفترة التي كان هذا الغش فيها خافياً على الموكل.
وعلى المحكمة من تلقاء نفسها التأكد من ثبوت الوكالة وأن تطالب من يمثل أمامها بتقديم الدليل على وكالته في جلسة المرافعة وللخصم الآخر أن يطالبه بإثبات وكالته حتى لا يجبر على الاستمرار في السير في إجراءات مهددة بالإلغاء. ويتعين على الوكيل بالخصومة تقديم أو إثبات سند وكالته قبل حجز الدعوى أو الطعن للحكم. فإذا تبين للمحكمة حتى تاريخ حجز الدعوى أو الطعن الحكم أن الوكيل بالخصومة لم يقدم أو يثبت سند وكالته ، فيتعين عليها أن تقضي بعدم قبول الدعوى أو الطعن شكلاً.
وقد استقر قضاء النقض على أنه متى أرشد المحامي الحاضر عن أحد الخصوم عن رقم توكيله ، ولم ينازع خصمه في ذلك أمام محكمة الموضوع ، فليس له أن يثير هذه المنازعة لأول مرة أمام محكمة النقض. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الأول، الصفحة : 709)
إثبات الحاضر نيابته الاتفاقية أو القانونية أو القضائية :
يجب علي الوكيل الحاضر عن الخصم، سواء كان محامياً أو زوجاً أو قريباً، أن يقرر بمحضر الجلسة اسم الخصم الذي يحضر عنه، وسنده في هذا الحضور، فان تمثل هذا السند في توكيل رسمي عام، اكتفى بإثبات رقمه وسنة توثيقه واسم المكتب الذي قام بتوثيقه وللمحكمة الاطلاع عليه ورده للوكيل، أما أن تمثل هذا السند في توكيل عرفي، فيجب أن يكون مصدقاً على توقيع الموكل فيه وأن يسلم للمحكمة لإيداعه ملف الدعوى، وتنص المادة 57 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 على أنه لا يلتزم المحامي الذي يحضر عن موكله بمقتضى توكيل عام أن يودع التوكيل بملف الدعوى ويكتفي بالاطلاع عليه وإثبات رقمه وتاريخه والجهة المحرر أمامها بمحضر الجلسة، ويدل مفهوم المخالفة لهذا النص أن التوكيل الخاص سواء كان رسمياً أو عرفياً مصدقاً على توقيع الموكل فيه يجب إيداعه ملف الدعوى.
فإن لم يكن مع الوكيل سند وكالته عند نظر الدعوى، أو قرر بوجود توكيل عام لديه ورأت المحكمة الاطلاع عليه، قررت التأجيل ليقدم الوكيل سند وكالته إثباتاً لها، ويجب أن يكون هذا الأجل لجلسة مرافعة ومن ثم لا يجوز أن يكون لجلسة النطق بالحكم، والتأجيل لهذا السبب لا يكون إلا إذا رأت المحكمة ضرورة ملجئة لذلك وإلا يقصد به اطالة أمد التقاضي رغم تهيأ الدعوى للفصل فيها بحيث إذا انتفت هذه الضرورة قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم دون أن ترخص للوكيل في إثبات وكالته.
وإذا حضر الوكيل وقرر بوجود توكيل عام لديه وأثبت بياناته علي نحو ما تقدم ثم تبين أن الموكل. كان متوفياً في ذلك الوقت دون أن يفصح الوكيل عن ذلك فحينئذ يجب التفرقة بين حالتين، الأولي إذا كانت الوفاة قد تمت قبل رفع الدعوى، والثانية إذا كانت الوفاة قد تمت بعد رفعها، ففي الحالة الأولي يكون الحكم الذي يصدر في الدعوى منعدماً لأن الدعوى يجب أن تردد بين أشخاص على قيد الحياة، أما في الحالة الثانية فإن الحكم الذي يصدر یكون صحيحاً منتجاً لكافة آثاره القانونية.
أما إذا تبين أن التوكيل قد ألغي وأخطر الوكيل بذلك، أو أن التوكيل الذي أثبته الوكيل بمحضر الجلسة وهمي لا وجود له، انتفت الوكالة عن الخصم وتعين أن يكون الحكم الصادر في الدعوى مؤسساً علي ذلك كشرط للنعي عليه، أما إذا أقيم على ما قرره الوكيل أو علي ما باشره من إجراءات فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون، ولذلك يتعين على المحكمة الاطلاع على التوكيل العام.
وللنائب القانوني عن الخصم كالولي وللنائب القضائي کالوصي والقيم والسنديك والحارس الحضور عمن يمثله قانوناً دون حاجة لصدور توكيل له وعليه إثبات هذه النيابة بتقديم بطاقته العائلة أو قرار الوصاية أو القوامة أو الحكم.
ولأي من هؤلاء مباشرة الخصومة نيابة عن الأصيل الذي تنصرف إليه آثارها.
كما أجاز القانون للوارث أن ينتصب خصماً عن باقي الورثة عندما يطالب بحق للتركة أو يدفع ادعاء موجهاً إليها، وحينئذ يكون نائباً قانونياً عن هؤلاء، فتنصرف إليهم آثار الخصومة ويحاجون بما يصدر فيها من أحكام.
الوكالة في دعاوى الإفلاس :
تنص المادة 566 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أن تكون الأحكام الصادرة في دعاوى الإفلاس واجبة النفاذ المعجل بلا كفالة ما لم ينص على غير ذلك، وبالتالي تتوافر صفة وكيل الدائنين فور صدور الحكم بإشهار الإفلاس.
ما يتعلق بنيابة الولي والوصي :
تنصرف إجراءات التقاضي إلى رفع الدعاوى واستصدار الأوامر الولائية والطعن في الأحكام بالطرق العادية وغير العادية، سواء في المواد المدنية أو الجنائية دون إذن من المحكمة إكتفاء بقواعد النيابة القانونية دون التزام بقواعد النيابة الاتفاقية التي تتطلب سندا للوكالة، وتتوافر الصفة لنائب ناقص الأهلية في مباشرة كافة الإجراءات القضائية على أن يوضح تلك الصفة النيابية في تلك الإجراءات، ومنها دعاوى إبطال العقود. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الثاني / الصفحة 384)
قانون المحاماة رقم 99 لسنة 1957 الذي أشارت إليه المذكرة الإيضاحية قد ألغي وحل محله القانون رقم 81 لسنة 1968 الذي عدل بالقانون 65 لسنة 1970 الذي ألغي بدوره بالقانون رقم 17 لسنة 1983 وقد نصت المادة 17 من القانون الأخير على أنه لا يلتزم المحامي الذي يحضر عن موكله بمقتضى توكيل عام أن يودع التوكيل بملف الدعوى ويكتفي بالإطلاع عليه وإثبات رقمه وتاريخه والجهة المحرر أمامها بمحضر الجلسة وكانت المادة 53 من قانون المحاماة السابق 81 لسنة 1968 تنص على أنه "لا يجوز لمن ولي الوزارة أو شغل منصب مستشار بمحكمة النقض أو محاكم الاستئناف أو مجلس الدولة أو إدارة قضايا الحكومة أو من في درجته في النيابة العامة أو النيابة الإدارية أن يمارس المحاماة إلا أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا ومحاكم الاستئناف أو محاكم الجنايات ومحكمة القضاء الإداري ونصت الفقرة الأخيرة من المادة علي أنه لا يسري هذا الحظر على المحامين المقيدين الدي غير هذه المحاكم وقت صدور هذا القانون، وكنا قد ذهبنا في الطبعات السابقة من هذا المؤلف، إلي أن مخالفة هذا النص لا يترتب عليه بطلان عمل المحامي وإن كان يعرضه للجزاء التأديبي الذي قد توقعه عليه النقابة وبينا سندنا في ذلك إلا أن المشرع في المادة 15 من قانون المحاماة الجديد رقم 17 لسنة 1983 قد نص على أنه لا يجوز لمن ولي الوزارة أو شغل منصب مستشار بإحدى الهيئات القضائية وأساتذة القانون بالجامعات المصرية أن يمارس المحاماة إلا أمام محكمة النقض وما يعادلها ومحاكم الاستئناف وما يعادلها ومحاكم الجنايات ومحكمة القضاء الإداري ونصت الفقرة الأخيرة من المادة علي أن لا يسري هذا الحظر علي المحامين المقيدين لدي غير هذه المحاكم وقت صدور هذا القانون ، ثم استطردت الفقرة التالية من هذه المادة فنصت على أن " يقع باطلاً كل عمل يتم بالمخالفة لأحكام هذه المادة " وكنا قد بينا في الطبعة الأخيرة أنه إزاء صراحة النص فلا مناص من أن تقضي المحكمة بالبطلان وأضفنا أنه بطلان نسبي، إلا أن المحكمة الدستورية قضت بعدم دستورية هذا النص لما ينطوي عليه من إخلال بضمانة الدفاع التي كفلها الدستور لكل مواطن، وأسست حكمها علي أن لكل مواطن الحق في أن يوكل محامية من اختياره مادام قادراً علي دفع أتعابه وأن العلاقة بين المحامي وموكله تقوم على الثقة ولا يجوز أن يحمل الشخص علي أن يختار محامياً أقل خبرة وأن ينحي من هو أكثر موهبة عن غيره من المحامين، بالإضافة إلي الدعوى في مراحلها الأولي تكون في حاجة إلي أكثر المحامين خبرة حتى يمكن دعمها بالأسانيد القوية، وبذلك يوفر الوقت والجهد لموكله.
وإذا حضر الخصم بوكيل عنه كان علي المحكمة أن تتحقق من صحة توكيله ولو لم ينازع الخصم الآخر في ذلك حتى لا تسير الدعوى على أساس من حضور الخصم ومتابعة دعواه عن طريق الوكالة عن أنه في الحقيقة غائب عن الخصومة ولم يوكل أحد. وإن كان يمكن القول بأنه لا محل لتدخل القاضي في ذلك مادامت لم تثر منازعة في هذا الشأن. ( مرافعات العشماوي ص 653 ) وإذا حضر المحامي مع الخصم أمام المحكمة عد هذا دليلاً كافياً على قيام الوكالة وإذا باشر المحامي أي إجراء في الدعوى قبل صدور التوكيل ثم حضر المحامي عن أحد الخصوم بدون توكيل فلا يجوز لغير هذا الخصم أن يثير هذا الادعاء وإذا صدر التوكيل لمحامي من شخص باعتباره ممثلاً لشخص اعتباري فإن زوال صفة من أصدر التوكيل لا يؤثر في صحة التوكيل الصادر إلي المحامي ولا يستلزم صدور توكيل جديد، وكذلك إذا صدر التوكيل من الممثل القانوني للشخص الاعتباري فإن تغيير هذا المثل لا ينال من صحة التوكيل واستمراره باعتباره صادراً للوكيل من الشخص الاعتباري.
والتوكيل المقصود بالمادة هو التوكيل بالحضور أمام القضاء ولا يثبت إلا بموجب محرر موثق سواء كان رسمياً أو مصدقاً علي توقيعه وسواء كان عاماً أم خاصاً. والتوكيل العام هو الذي يخول الوكيل الحضور عن الموكل في كافة الدعاوى والطعون دون أن يخصص ذلك بدعوى بعينها أو طعن بذاته، أما التوكيل الخاص فهو الذي يقصر صفة الوكيل في الحضور في دعوى معينة أو طعن بذاته فلا يتعداه إلي غيره غير أن هذا لا يمنع الوكيل من القيام بكافة ما يفرضه الدفاع في الدعوى أو الطعن الذي وكل فيه.
ويجوز أن يكون التوكيل الخاص قاصراً على عمل إجرائي معين كالتوكيل في رد القاضي أو الخبير أو الادعاء بالتزوير فتنحصر سلطة الوكيل في العمل الذي وكل فيه فقط ولا يتجاوزه إلى غيره.
ويتعين على الوكيل الحاضر أمام المحكمة أن يبدأ بإثبات حضوره عن الخصم الذي وكله ثم يقدم سند وكالته لإيداعه بملف الدعوى إذا كان خاصاً أما إذا كان عاماً فيكفي أن يثبت بمحضر الجلسة رقمه وتاريخه والجهة المحرر أمامها، فإذا لم يكن بيد المحامي توكيل رسمي أو مصدق علي التوقيع عليه كانت المحكمة محقة إذا اعتبرت الخصم الذي جاء المحامي ليمثله غائباً و قضت في الدعوى على هذا الأساس.
ويتعين الاعتبار التوكيل المصدق عليه بإحدى القنصليات المصرية في الخارج توكيلاً موثقاً أن تعتمد وزارة الخارجية توقيع من باشر التصديق في الخارج. (التعليق على قانون المرافعات، للمستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثاني، الصفحة : 914)
إثبات الوكيل الحاضر عن الخصم وكالته: طبقاً للمادة 73 - محل التعليق - ينبغي على الوكيل أن يقرر حضوره عن موكله، وأن يثبت وكالته عنه وفقاً لأحكام قانون المحاماة، ويجوز للمحكمة عند الضرورة أن ترخص للوكيل من إثبات وكالته في ميعاد تحدده على أن يتم ذلك في جلسة المرافعة على الأكثر.
ويلاحظ أن قانون المحاماة رقم 69 سنة 1975، الذي أشارت إليه المذكرة الإيضاحية قد ألغي وحل محله القانون رقم 81 لسنة 1968، الذي عدل بالقانون 65 لسنة 1970، الذي ألغي بدوره بالقانون رقم 17 لسنة 1983 وقد نصت المادة 17 من القانون الأخير على أنه لا يلتزم المحامي الذي يحضر عن موكله بمقتضى توكيل عام أن يودع التوكيل بملف الدعوى، ويكتفي بالاطلاع عليه، وإثبات رقمه وتاريخه والجهة المحرر أمامها بمحضر الجلسة، وإذا حضر الخصم بوكيل عنه كان على المحكمة أن تتحقق من صحة توكيله: ولو لم ينازع الخصم الآخر في ذلك حتى لا تسير الدعوى على أساس من حضور الخصم ومتابعة دعواه عن طريق الوكالة مع أنه في الحقيقة غائب عن الخصومة ولم يوكل أحد. وإن كان يمكن القول بأنه لا محل لتدخل القاضي في ذلك مادامت لم تثر منازعة في هذا الشأن (محمد عبد الوهاب العشماوي - المرافعات ص 653). وإذا حضر المحامي مع الخصم أمام المحكمة عد هذا دليلاً كافياً على قيام الوكالة، وإذا باشر المحامي أي إجراء في الدعوى قبل صدور التوكيل ثم حضر المحامي عن أحد الخصوم بدون توكيل فلا يجوز لغير هذا الخصم أن يثير هذا الادعاء، وإذا صدر التوكيل للمحامي من شخص باعتباره ممثلاً لشخص اعتباري، فإن زوال صفة من أصدر التوكيل لا يؤثر في صحة التوكيل الصادر إلى المحامي، ولا يستلزم صدور توكيل جديد لأن التوكيل يعتبر صادراً من الشخص الاعتباري (نقض 23/5/1963 سنة 14 ص 736، ونقض 4/1/1962 سنة 13 ص 13 ص 42) وإذا تعددت صفات الموكل، فإن المحامي لا يمثله إلا بالصفة التي صرح بقبول تمثيله بها، وقبل هو أن يمثله، واثبت هذه الوكالة أمام المحكمة.
نقض 11/11/1954 سنة 7 ص 949).
إذن يجب على الوكيل أن يقرر حضوره عن موكله، وللخصم الآخر أن يطالبه بإثبات هذه الوكالة حتى لا يجبر على موالاة إجراءات مهددة بالإلغاء، إذا ما تنصل عنها خصمه، كما أن للمحكمة من تلقاء نفسها أن تطالبه بتقديم الدليل عليها فهذه مسألة متعلقة بالنظام العام (جلاسون 1 رقم 127 وموريل رقم 226 ، ونقض فرنسي 17/12/1929 باليه 7/2/1930 ، أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 417)
وإثبات الوكيل الحاضر عن موكله وكالته عنه سبيله هو بإيداع التوكيل ملف الدعوى إن كان خاصأ أو إثبات رقمه وتاريخه والجهة المحرر أمامها بمحضر الجلسة إن كان عاما (نقض 29/1/1986، طعن رقم 1288 لسنة 52 قضائية). ولا يتطلب القانون في المحامي الذي يوجه إجراءات كتابية نيابة عن الخصم أن يكون موكلاً عنه قبل رفع الدعوى، مع ملاحظة استثناء الطعن بالنقض.
وقد قضت محكمة النقض بأنه متى أقر الخصم الحاضر مع المحامي بالوكالة، فإن هذا يكفي دليلاً في الإثبات. وإذا باشر المحامي إجراء قبل أن يستصدر توكيلاً له من ذي الشأن الذي كلفه بهذا العمل، فلا محل للاعتراض بأن التوكيل لاحق على تاريخ الإجراء، وذلك ما لم ينص القانون على خلافه.
(نقض 2/4/1959 - سنة 10 ص 312)
وإذا لم يحضر الخصم مع المحامي، فإنه يجب أن يكون مع الأخير توكيل رسمي أو مصدق على التوقيع عليه (نقض 21/1/1943 ۔ مجموعة القواعد القانونية - سنة 1 ص 5)، ويكفي تقديم صورته الرسمية (نقض 14/4/1960 ، سنة 11 ص 305).
ولا يجوز للقضاء التصدي لعلاقة ذوي الشأن بوكلائهم إلا أن ينكر صاحب الشأن وكالة وكيله (نقض 11/11/1969 - سنة 20 ص 1180، ونقض 2/4/1959 سنة 10 ص 312، ونقض 18/4/1935 - مجموعة القواعد القانونية - سنة 1 ص 948)، فإذا حضر المحامي عن خصم بدون توكيل فليس لغير هذا الخصم إثارة هذا الادعاء (نقض 23/2/1977 ، في الطعن 449 لسنة 39 قضائية)، وإذا باشر المحامي إجراء قبل صدور التوكيل له من ذي الشأن الذي كلفه بالعمل فلا يجوز الاعتراض بان التوكيل لاحق، وذلك ما لم ينص القانون على خلافه (انظر أحكام النقض المذكورة آنفاً).
والمرافعة عن الغير أمام القضاء-تقتضي وكالة خاصة لأنها تغایر حق التقاضي نقض 27/5/1965 سنة 16 ص 633)، ولا يكفي القول بالفضالة (نقض 19/6/1963 - سنة 14 ص 829، كمال عبد العزيز ص 211 وص 213).
ويلاحظ أن تمثيل المحامي للخصم في الجلسة أي وكالته عنه في الحضور يتعين أن يكون بمقتضى توكيل رسمي أو مصدق عليه، وفي ذلك تقول محكمة النقض: «تمثيل المحامي للخصم في الجلسة يجب أن يكون بمقتضى توكيل رسمي أو مصدق على التوقيع عليه، فإذا لم يكن بيد المحامي توكيل من هذا القبيل كانت المحكمة على حق إذا هي اعتبرت الخصم الذي جاء المحامي ليمثله غائباً و قضت في الدعوى على هذا الاعتبار.
(نقض 25/6/1986 ، طعن 1706 لسنة 51 قضائية).
ويجب لاعتبار التوكيل المصدق عليه بإحدى القنصليات المصرية في الخارج توكيلاً موثقاً أن تعتمد وزارة الخارجية توقيع من باشر التصديق في الخارج.
(نقض 27/12/1983 ، سنة 34 ص 1869).
التوكيل الصادر من ممثل الشخص الاعتباري لا يتأثر بزوال صفة من أصدره: فإذا كان التوكيل قد صدر من الحارس الخاص على شركة بما له من صفة في تمثيلها وقت صدوره فإن انتهاء الحراسة، وزوال صفة الحارس لا يؤثر في صحة التوكيل، واستمراره لأنه يعتبر صادراً من الشركة باعتبارها شخصاً معنوياً ( 23/5/1963 ۔ سنة 14 - ص 736)، وكذلك الأمر إذا صدر التوكيل من الممثل القانوني للشخص الاعتباري، فإن تغيير هذا الممثل لا ينال من صحة التوكيل، واستمراره باعتباره صادراً للوكيل من الشخص الاعتباري الذي لم تتأثر شخصيته بتغيير ممثلة. (نقض 4/1/1962 - سنة 13 - ص 42).
والتوكيل المقصود بالمادة 73 هو التوكيل بالحضور أمام القضاء، ولا يثبت إلا بموجب محرر موثق سواء كان رسمياً أو مصدقاً. على توقيعه، وسواء كان عاماً أم خاصاً.
والتوكيل العام هو الذي يخول الوكيل الحضور عن الموكل في كافة الدعاوى والطعون دون أن يخصص ذلك بدعوى بعينها أو طعن بذاته، أما التوكيل الخاص فهو الذي يقصر صفة الوكيل في الحضور في دعوى معينة أو طعن بذاته فلا يتعداه إلى غيره غير أن هذا لا يمنع الوكيل من القيام بكافة ما يفرضه الدفاع في الدعوى أو الطعن الذي وكل فيه.
ويجوز أن يكون التوكيل الخاص قاصراً على عمل إجرائي معين كالتوكيل في رد القاضي أو الخبير أو الإدعاء بالتزوير، فتنحصر سلطة الوكيل في العمل الذي وكل فيه فقط ولا يتجاوزه إلى غيره. (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء / الثاني، الصفحة : 552 )
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثاني والأربعون ، الصفحة /
25
نِيَابَة
التَّعْرِيف:
النِّيَابَةُ فِي اللُّغَةِ: جَعْلُ الإْنْسَانِ غَيْرَهُ نَائِبًا عَنْهُ فِي الأْمْرِ .
وَيُقَالُ: نَابَ عَنْهُ فِي هَذَا الأْمْرِ نِيَابَةً: إِذَا قَامَ مَقَامَهُ.
وَالنَّائِبُ: مَنْ قَامَ مَقَامَ غَيْرِهِ فِي أَمْرٍ أَوْ عَمَلٍ .
وَالنِّيَابَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: قِيَامُ الإْنْسَانِ عَنْ غَيْرِهِ بِفِعْلِ أَمْرٍ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْوِلاَيَةُ:
الْوِلاَيَةُ فِي اللُّغَةِ، بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ: الْقُدْرَةُ، وَالنُّصْرَةُ، وَالتَّدْبِيرُ، يُقَالُ: هُمْ عَلَى وِلاَيَةٍ أَيْ مُجْتَمِعُونَ فِي النُّصْرَةِ.
وَالْوَلِيُّ هُوَ: الْمُحِبُّ، وَالصَّدِيقُ، وَالنَّصِيرُ أَوِ النَّاصِرُ.
وَقِيلَ: الْمُتَوَلِّي لأِمُورِ الْعَالَمِ وَالْخَلاَئِقِ الْقَائِمُ بِهَا.
وَوَلِيُّ الْيَتِيمِ: الَّذِي يَلِي أَمْرَهُ وَيَقُومُ بِكِفَايَتِهِ.
وَوَلِيُّ الْمَرْأَةِ: الَّذِي يَلِي عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا، وَلاَ يَدَعُهَا تَسْتَبِدُّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ دُونَهُ .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الْوِلاَيَةُ: تَنْفِيذُ الْقَوْلِ عَلَى الْغَيْرِ شَاءَ الْغَيْرُ أَمْ لاَ .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْوِلاَيَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وِلاَيَةُ أُمُورِ الْغَيْرِ فِي أَمْرٍ مِنَ الأْمُورِ.
ب - الإْيصَاءُ:
الإْيصَاءُ فِي اللُّغَةِ - مَصْدَرُ أَوْصَى - يُقَالُ: أَوْصَى فُلاَنٌ بِكَذَا يُوصِي إِيصَاءً، وَالاِسْمُ الْوِصَايَةُ (بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا) وَهُوَ: أَنْ يَعْهَدَ إِلَى غَيْرِهِ فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ مِنَ الأْمُورِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْقِيَامُ بِذَلِكَ الأْمْرِ فِي حَالِ حَيَاةِ الطَّالِبِ أَمْ كَانَ بَعْدَ وَفَاتِهِ .
أَمَّا فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ، فَالإْيصَاءُ بِمَعْنَى الْوَصِيَّةِ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ هُوَ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ إِقَامَةُ الإْنْسَانِ غَيْرَهُ مَقَامَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي تَصَرُّفٍ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ، أَوْ فِي تَدْبِيرِ شُئُونِ أَوْلاَدِهِ الصِّغَارِ وَرِعَايَتِهِمْ، وَذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُقَامُ يُسَمَّى الْوَصِيَّ.
أَمَّا إِقَامَةُ غَيْرِهِ مَقَامَهُ فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، فَلاَ يُقَالُ لَهُ فِي الاِصْطِلاَحِ إِيصَاءٌ عِنْدَهُمْ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ وِكَالَةٌ .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالإْيصَاءِ، أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ مِنَ الإْيصَاءِ.
ج - الْقِوَامَةُ:
الْقِوَامَةُ فِي اللُّغَةِ: هِيَ الْقِيَامُ عَلَى الأْمْرِ أَوِ الْمَالِ أَوْ وِلاَيَةُ الأْمْرِ . وَالْقَيِّمُ: هُوَ الَّذِي يَقُومُ عَلَى شُئُونِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَيَلِيهِ، وَيَرْعَاهُ، وَيُصْلِحُ مِنْ شَأْنِهِ، وَمِنْهُ قوله تعالي : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْقِوَامَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وِلاَيَةُ أُمُورِ الْغَيْرِ.
د - الْوِكَالَةُ:
الْوَكَالَةُ بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ، فِي اللُّغَة أَنْ يَعْهَدَ إِلَى غَيْرِهِ لِيَعْمَلَ لَهُ عَمَلاً.
وَالتَّوْكِيلُ تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ إِلَى غَيْرِهِ، وَسُمِّيَ الْوَكِيلُ وَكِيلاً لأِنَّ مُوكِلَهُ قَدْ وَكَلَ إِلَيْهِ الْقِيَامَ بِأَمْرِهِ، فَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَيْهِ الأْمْرُ .
وَالْوَكَالَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: عَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا: إِقَامَةُ الْغَيْرِ مَقَامَ نَفْسِهِ تَرَفُّهًا أَوْ عَجْزًا فِي تَصَرُّفٍ جَائِزٍ مَعْلُومٍ .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْوِكَالَةِ أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ مِنَ الْوِكَالَةِ.
أَنْوَاعُ النِّيَابَةِ:
تَتَنَوَّعُ النِّيَابَةُ إِلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ يَثْبُتُ بِتَوْلِيَةِ الْمَالِكِ (اتِّفَاقِيَّةٌ)، وَنَوْعٌ يَثْبُتُ شَرْعًا لاَ بِتَوْلِيَةِ الْمَالِكِ (شَرْعِيَّةٌ).
أَوَّلاً: النِّيَابَةُ الاِتِّفَاقِيَّةُ (وَهِيَ الْوَكَالَةُ):
أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ جَائِزَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا: قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا) . وَمِنْهَا: حَدِيثُ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ - رضي الله عنه - «أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، فَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ» .
وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَكَالَةِ مُنْذُ عَصْرِ الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم إِلَى يَوْمِنَا هَذَا. لَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ . وَانْظُرْ تَفْصِيلَ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ فِي مُصْطَلَحِ (وَكَالَة).
ثَانِيًا: النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ:
النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ - وَهِيَ الْوِلاَيَةُ - ثَابِتَةٌ شَرَعًا عَلَى الْعَاجِزِينَ عَنِ التَّصَرُّفِ بِأَنْفُسِهِمْ بِسَبَبِ الصِّغَرِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَذَلِكَ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْمَعْقُولِ.
أَمَّا الْقُرْآنُ فَقَدْ وَرَدَتْ مِنْهُ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْوِلاَيَةِ، مِنْ ذَلِكَ قوله تعالي : ( وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفًا ( 5 ) وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) . وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنْكِحُوا الأْيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ) .
فَهَذِهِ الآْيَاتُ خِطَابٌ لِلأْوْلِيَاءِ عَلَى الْمَالِ وَالنَّفْسِ.
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَرَدَتْ فِي شَرْعِيَّةِ الْوِلاَيَةِ، مِنْهَا: قَوْلُ الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم : «لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ» .
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنِ اشْتَجَرُوا، فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ» .
وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَإِنَّ ثُبُوتَ وِلاَيَةِ النَّظَرِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْعَاجِزِ عَنِ النَّظَرِ مِنْ بَابِ الإْعَانَةِ عَلَى الْبِرِّ، وَمِنْ بَابِ الإْحْسَانِ، وَمِنْ بَابِ إِعَانَةِ الضَّعِيفِ وَإِغَاثَةِ اللَّهْفَانِ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ عَقْلاً وَشَرْعًا.
وَلأِنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ شُكْرِ النِّعْمَةِ وَهِيَ نِعْمَةُ الْقُدْرَةِ، إِذْ شُكْرُ كُلِّ نِعْمَةٍ عَلَى حَسَبِ هَذِهِ النِّعْمَةِ، فَشُكْرُ نِعْمَةِ الْقُدْرَةِ مَعُونَةُ الْعَاجِزِ، وَشُكْرُ النِّعْمَةِ وَاجِبٌ عَقْلاً وَشَرْعًا فَضْلاً عَنِ الْجَوَازِ .
أَنْوَاعُ النِّيَابَةِ الشَّرْعِيَّةِ:
النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ هِيَ الْوِلاَيَةُ، وَالْوِلاَيَةُ تَتَنَوَّعُ إِلَى نَوْعَيْنِ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهَا:
وِلاَيَةٌ عَلَى الْمَالِ، وَوِلاَيَةٌ عَلَى النَّفْسِ.
فَالْوِلاَيَةُ عَلَى الْمَالِ هِيَ سُلْطَةُ الْوَلِيِّ عَلَى أَنْ يَعْقِدَ الْعُقُودَ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةَ بِأَمْوَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَتَكُونُ تَصَرُّفَاتُهُ وَعُقُودُهُ نَافِذَةً دُونَ الْحَاجَةِ إِلَى إِذْنٍ مِنْ أَحَدٍ.
وَالْوِلاَيَةُ عَلَى النَّفْسِ هِيَ السُّلْطَةُ عَلَى شُئُونِ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ الْمُتَعَلِّقَةُ بِشَخْصِهِ وَنَفْسِهِ، وَيَدْخُلُ فِيهَا تَزْوِيجُهُ.
وَتُنْظَرُ الأْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْوِلاَيَةِ عَلَى الْمَالِ وَعَلَى النَّفْسِ فِي مُصْطَلَحِ (وِلاَيَة).
النِّيَابَةُ فِي الْعِبَادَاتِ:
تَتَنَوَّعُ الْعِبَادَاتُ فِي الشَّرْعِ إِلَى أَنْوَاعٍ ثَلاَثَةٍ:
مَالِيَّةٌ مَحْضَةٌ، وَبَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ، وَمُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ.
النَّوْعُ الأْوَّلُ: الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ الْمَحْضَةُ
الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ الْمَحْضَةُ كَالزَّكَاةِ، وَالصَّدَقَاتِ، وَالْكَفَّارَاتِ، وَالنُّذُورِ.
وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْعِبَادَاتِ تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ عَلَى الإْطْلاَقِ، سَوَاءٌ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْعِبَادَةُ قَادِرًا عَلَى الأْدَاءِ بِنَفْسِهِ، أَوْ لاَ. وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ .
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَالْمَعْقُولِ:
فَمِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا) .
وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنَ الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَوَّزَ الْعَمَلَ عَلَى الزَّكَاةِ، وَذَلِكَ بِحُكْمِ النِّيَابَةِ عَنِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَأَمَّا الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا فَهُمُ الْجُبَاةُ، وَالسُّعَاةُ يَسْتَحِقُّونَ مِنْهَا قِسْطًا عَلَى ذَلِكَ .
وَمِنَ السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ أَحَادِيثُ مِنْهَا:
مَا وَرَدَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنه - قَالَ: «أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقَلْتُ لَهُ: إِنِّي أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتَ وَكِيلِي فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَإِنِ ابْتَغَى مِنْكَ آيَةً فَضَعْ يَدَك عَلَى تَرْقُوَتِهِ» .
وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم : «الْخَازِنُ الْمُسْلِمُ الأْمِينُ الَّذِي يُنْفِذُ - وَرُبَّمَا قَالَ: يُعْطِي - مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلاً مُوَفَّرًا طَيِّبًا بِهِ نَفْسُهُ فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ» .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: «وَكَّلَنِي النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ» وَحَدِيثُ: «أَعْطَى النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ غَنَمًا يُقَسِّمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ» .
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: «قَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: أَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» .
وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: «اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم رَجُلاً مِنَ الأْسْدِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ» .
وَمِنَ الْمَعْقُولِ: أَنَّ الْوَاجِبَ فِي هَذِهِ الْعِبَادَاتِ إِخْرَاجُ الْمَالِ، وَأَنَّهُ يَحْصُلُ بِفِعْلِ النَّائِبِ .
وَأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ فَجَازَ أَنْ يُوَكَّلَ فِي أَدَائِهِ كَدُيُونِ الآْدَمِيِّينَ .
النَّوْعُ الثَّانِي: الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ الْمَحْضَةُ:
الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ كَالصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَالطَّهَارَةِ مِنَ الْحَدَثِ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْعِبَادَاتِ لاَ تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ عَلَى الإْطْلاَقِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيِّ . وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَالْمَعْقُولِ:
أَمَّا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلإْنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى) . إِلاَّ مَا خُصَّ بِدَلِيلٍ لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: «لاَ يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلاَ يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ» .
أَيْ فِي حَقِّ الْخُرُوجِ عَنِ الْعُهْدَةِ لاَ فِي حَقِّ الثَّوَابِ، فَإِنَّ مَنْ صَامَ أَوْ صَلَّى أَوْ تَصَدَّقَ وَجَعَلَ ثَوَابَهُ لِغَيْرِهِ مِنَ الأْمْوَاتِ أَوِ الأْحْيَاءِ جَازَ. وَيَصِلُ ثَوَابُهَا إِلَيْهِمْ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (ثَوَاب ف 10).
وَأَمَّا الْمَعْقُولُ: فَلأِنَّ هَذِهِ الْعِبَادَةَ تَتَعَلَّقُ بِبَدَنِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَلاَ يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِيهَا وَلأِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الاِبْتِلاَءُ وَالاِخْتِبَارُ وَإِتْعَابُ النَّفْسِ وَذَلِكَ لاَ يَحْصُلُ بِالتَّوْكِيلِ .
وَأَمَّا النِّيَابَةُ عَنِ الْمَيِّتِ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهَا. وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أَدَاء ف 15).
النَّوْعُ الثَّالِثِ: الْعِبَادَاتُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ:
الْعِبَادَاتُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ هِيَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْحَجِّ عَنِ الْغَيْرِ، وَقَابِلِيَّتِهِ لِلنِّيَابَةِ لِلْعُذْرِ الْمَيْئُوسِ مِنْ زَوَالِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيِّ، وَذَهَبَ مَالِكٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي مَذْهَبِهِ، إِلَى أَنَّ الْحَجَّ لاَ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ لاَ عَنِ الْحَيِّ وَلاَ عَنِ الْمَيِّتِ، مَعْذُورًا أَوْ غَيْرَ مَعْذُورٍ، وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (حَجٍّ ف 114 وَمَا بَعْدَهَا، وَأَدَاءٍ ف 16، وَعِبَادَةٍ ف 7). أَمَّا الْعُمْرَةُ فَتَقْبَلُ النِّيَابَةَ فِي الْجُمْلَةِ، وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (عُمْرَةٍ ف 38).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الخامس والأربعون ، الصفحة / 24
- تَعْيِينُ الْوَكِيلِ:
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مُعَيَّنًا، فَإِذَا كَانَ مَجْهُولاً بَطَلَتِ الْوَكَالَةُ، فَلَوْ قَالَ شَخْصٌ: وَكَّلْتُ أَحَدَ النَّاسِ فِي بَيْعِ سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ، بَطَلَتِ الْوَكَالَةُ لِجَهَالَةِ الْوَكِيلِ وَعَدَمِ تَعْيِينِهِ.
وَقَالَ ابْنُ نُجَيْمٍ: مِنَ التَّوْكِيلِ الْمَجْهُولِ قَوْلُ الدَّائِنِ لِمَدْيُونِهِ: مَنْ جَاءَكَ بِعَلاَمَةِ كَذَا، وَمَنْ أَخَذَ أُصْبُعَكَ، أَوْ قَالَ لَكَ كَذَا، فَادْفَعْ مَا لِي عَلَيْكَ إِلَيْهِ، لَمْ يَصِحَّ؛ لأِنَّهُ تَوْكِيلُ مَجْهُولٍ، فَلاَ يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ.
ج- عِلْمُ الْوَكِيلِ بِالْوَكَالَةِ:
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ عِلْمِ الْوَكِيلِ بِالْوَكَالَةِ لِصِحَّتِهَا.
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: الْعِلْمُ بِالتَّوْكِيلِ فِي الْجُمْلَةِ شَرْطٌ بِلاَ خِلاَفٍ، إِمَّا عِلْمُ الْوَكِيلِ وَإِمَّا عِلْمُ مَنْ يُعَامِلُهُ، حَتَّى لَوْ وَكَّلَ رَجُلاً بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ مِنْ رَجُلٍ قَبْلَ عِلْمِهِ وَعِلْمِ الرَّجُلِ بِالتَّوْكِيلِ لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ حَتَّى يُجِيزَهُ الْمُوَكِّلُ أَوِ الْوَكِيلُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْوَكَالَةِ.
وَأَمَّا عِلْمُ الْوَكِيلِ عَلَى التَّعْيِينِ بِالتَّوْكِيلِ فَهَلْ هُوَ شَرْطٌ؟ ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ شَرْطٌ، وَذُكِرَ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ.
وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ: اذْهَبْ بِثَوْبِي هَذَا إِلَى فُلاَنٍ حَتَّى يَبِيعَهُ، أَوِ اذْهَبْ إِلَى فُلاَنٍ حَتَّى يَبِيعَكَ ثَوْبِي الَّذِي عِنْدَهُ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَهُوَ إِذْنٌ مِنْهُ لِفُلاَنٍ فِي بَيْعِ ذَلِكَ الثَّوْبِ، إِنْ أَعْلَمَهُ الْمُخَاطَبُ بِمَا قَالَهُ الْمَالِكُ جَازَ بَيْعُهُ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ.
وَلَوْ قَالَ: اذْهَبْ بِهَذَا الثَّوْبِ إِلَى الْقَصَّارِ حَتَّى يَقْصُرَهُ، أَوْ إِلَى الْخَيَّاطِ حَتَّى يَخِيطَهُ قَمِيصًا، فَهُوَ إِذْنٌ مِنْهُ لِلْقَصَّارِ وَالْخَيَّاطِ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ حَتَّى لاَ يَصِيرَ ضَامِنًا بِعَمَلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ: انْطَلِقِي إِلَى فُلاَنٍ حَتَّى يُطَلِّقَكِ، فَطَلَّقَهَا فُلاَنٌ وَلَمْ يَعْلَمْ يَقَعُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرْخَسِيِّ فِي بَابِ مَا تَقَعُ بِهِ الْوَكَالَةُ.
وَعِلْمُ الْوَكِيلِ بِالْوَكَالَةِ شَرْطُ عَمَلِ الْوَكَالَةِ حَتَّى إِنَّ مَنْ وَكَّلَ غَيْرَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ أَوْ بِطَلاَقِ امْرَأَتِهِ وَالْوَكِيلُ لاَ يَعْلَمُ فَطَلَّقَ أَوْ بَاعَ، لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلاَ طَلاَقُهُ. هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رحمه الله تعالى
فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. فَإِذَا وَكَّلَ إِنْسَانًا لاَ يَصِيرُ وَكِيلاً قَبْلَ الْعِلْمِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ.
وَقَالُوا: إِذَا كَانَ عِلْمُ الْوَكِيلِ بِالتَّوْكِيلِ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ، فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ، أَوْ كَتَبَ الْمُوَكِّلُ بِذَلِكَ كِتَابًا إِلَيْهِ فَبَلَغَهُ وَعَلِمَ مَا فِيهِ، أَوْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولاً فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ، أَوْ أَخْبَرَهُ بِالتَّوْكِيلِ رَجُلاَنِ، أَوْ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ - صَارَ وَكِيلاً بِإِجْمَاعِ الْحَنَفِيَّةِ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ غَيْرُ عَدْلٍ، فَإِنْ صَدَّقَهُ صَارَ وَكِيلاً أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ لاَ يَكُونُ وَكِيلاً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَيَكُونُ وَكِيلاً عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ، فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ دَارِهِ وَلَمْ يَعْلَمِ الْوَكِيلُ بِالتَّوْكِيلِ فَبَاعَهَا نَفَذَ بَيْعُهُ عِنْدَهُمْ، لأِنَّ الاِعْتِبَارَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الأْمْرِ.
وَهَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى الأْظْهَرِ، حَيْثُ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ مَالِ غَيْرِهِ ظَاهِرًا إِنْ بَانَ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ وِلاَيَةً كَوَكِيلٍ أَوْ وَصِيٍّ، اعْتِبَارًا فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الأْمْرِ لِعَدَمِ حَاجَتِهَا إِلَى النِّيَّةِ. وَقَالُوا: يَحْرُمُ عَلَى الْوَكِيلِ تَعَاطِي هَذَا التَّصَرُّفِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِأَنَّ لَهُ وِلاَيَةً عَلَيْهِ.
د- عَدَالَةُ الْوَكِيلِ:
لاَ تُشْتَرَطُ عَدَالَةُ الْوَكِيلِ فِي الْجُمْلَةِ، إِلاَّ أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ اشْتَرَطُوا فِي عُقُودٍ مُعَيَّنَةٍ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ أَوِ الْوَلِيُّ عَدْلاً، وَمِنْهَا عَقْدُ النِّكَاحِ، حَيْثُ اخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِي الْوَلِيِّ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَلِلتَّفْصِيلِ (ر: نِكَاح ف 7، وَفِسْق ف 14).
هـ - ذُكُورَةُ الْوَكِيلِ:
لَمْ يَشْتَرِطِ الْفُقَهَاءُ ذُكُورَةَ الْوَكِيلِ فِي الْجُمْلَةِ إِلاَّ أَنَّ بَعْضَهُمُ اشْتَرَطَ كَوْنَ الْوَكِيلِ رَجُلاً فِي بَعْضِ الْعُقُودِ، وَمِنْهَا النِّكَاحُ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (نِكَاح ف 107).