جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق بشأن المادة 86 منه المطابقة للمادة 78 من القانون الحالى أنه يجوز للوكيل بالخصومة أن ينيب غيره من المحامين ولو لم يكن مأذوناً في الإنابة صراحة في سند التوكيل (المادة 86)، وهذا أيضاً استثناء من القواعد العامة للوكالة المدنية ملحوظ فيه فضلاً عن أن العرف قد جرى أن الوكالة بالخصومة تقتضيه.
1 ـ مفاد نص المادتين 261 ، 78 من قانون المرافعات و المادة 90 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 ، أن كل ما إشترطه المشرع هو أن يوقع محام مقبول أمام محكمة النقض على ما يرى المطعون عليه تقديمه من مذكرات و مستندات أمام محكمة النقض ، و لم يستوجب أن يصدر التوكيل إلى هذا المحامى منه مباشرة أو من محام آخر مقبول أمام محكمة النقض ، و إستثناءاً من قواعد الوكالة المدنية و أخذاً بما تقتضيه الوكالة بالخصومة فإن للوكيل المحامى أن ينيب عنه تحت مسئوليته محامياً آخر فى الحضور أو المرافعة أو غير ذلك من إجراءات التقاضى دون حاجة لتوكيل خاص ما لم يكن ممنوعاً من الإنابة صراحة فى التوكيل ، لما كان ذلك و كان الثابت أنه و إن كان التوكيل المودع صادر من المطعون عليهما الأولين إلى محام غير مقيد أمام محكمة النقض إلا أن هذا التوكيل يخوله الإذن بتوكيل غيره فيما تضمنه عقد الوكالة و من ينيبه الحضور و المرافعة أمام محكمة النقض ، و قد أناب عنه محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض فى التوقيع على مذكرة دفاع المطعون عليهما المذكورين و إيداعها قلم كتاب المحكمة ، و من ثم فإن هذه الإجراءات ليس فيها ما يعاب و يكون طلب إستبعاد المذكرة لا محل له .
(الطعن رقم 237 لسنة 44 جلسة 1977/11/16 س 28 ع 2 ص 1693 ق 291)
2 ـ للمحامى الوكيل فى الدعوى وفقا للمادة 33 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 أن ينيب عنه فى الحضور أو فى المرافعة أو فى غير ذلك من إجراءات التقاضى محاميا آخر دون توكيل خاص ما لم يكن فى التوكيل ما يمنع ذلك . و قد نصت المادة 25 من هذا القانون على أنه لا يجوز أن يحضر عن الخصوم أمام محكمة النقض أو المحكمة الإدارية العليا أو يقدم إليها طلبات إلا المحامين المقررين أمامها ، أما فيما يختص بمحاكم الإستئناف فقد إكتفى بالنص على عدم جواز تقديم صحف الإستئناف إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المقررين أمامها دون أن يحظر على غير هؤلاء المحامين الحضور عن الخصوم أمام تلك المحاكم و لم يرد هذا الحظر إلا لأول مرة فى قانون المحاماة الجديد رقم 61 لسنة 1968حيث نص فى المادة 74 منه على أنه لا يجوز أن يحضر عن الخصوم أمام محاكم الإستئناف و محكمة القضاء الإدارى إلا المحامين المقبولين للمرافعة أمام هذه المحاكم ، و قد خلا قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 و قانون المرافعات من نص يقضى بالبطلان فى حالة حضور محام مقرر أمام المحاكم الإبتدائية عن أحد الخصوم أمام محكمة الإستئناف .
(الطعن رقم 286 لسنة 35 جلسة 1969/06/12 س 20 ع 2 ص 921 ق 147)
على أن المحامي يحتفظ بحريته في تكييف الدعوى الموكل فيها وفي عرض الأساليب القانونية طبقاً لأصول الفهم القانوني السليم (72 قانون المحاماة)، وللمحامي - سواء كان خصماً أصلياً أو وكيلاً في دعوى - أن ينيب عنه في الحضور أو في المرافعة أو في أي إجراء من إجراءات الخصومة محامياً آخر - تحت مسئوليته - دون توكيل . وذلك ما لم يكن في سند توكيل المحامي ما يمنعه من توكيل غيره (مادة 78 مرافعات و56 محاماة) فإذا تعدد الوكلاء بالخصومة، جاز لأي منهم الانفراد بالعمل في القضية ما لم يكن ممنوعاً من ذلك، بنص في التوكيل (مادة 77 مرافعات)، هذا ولو كانوا قد عينوا في عقد وكالة واحدة. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الأول ، الصفحة : 708)
إنابة الوكيل بالخصومة غيره من المحامين :
الأصل أن يباشر المحامي الوكيل بالخصومة بنفسه كافة الإجراءات المتعلقة بالخصومة وفقاً لما إذا كان موكله مدعياً أو مدعى عليه، فإن كان مدعياً أعد الوكيل بالخصومة صحيفة افتتاح الدعوى وتقدم بها إلى قلم الكتاب التقدير الرسم ثم سداده وإيداع الصحيفة بعد ذلك قلم الكتاب لقيدها بالسجل الخاص بذلك وتسلم أحد الأصلين والصور - إذا شاء. لتقديمها إلى قلم المحضرين لإعلانها ثم ردها إلى قلم الكتاب والحضور بجلسات المرافعة لابداء الطلبات وأوجه الدفاع وتتبع سير الدعوى، وأن كان مدعى عليه حضر بجلسة المرافعة لابداء الطلبات و الدفوع وأوجه الدفاع وإيضاح أسانيده الواقعية والقانونية المؤيدة لذلك وهو ما ينصرف إلى الحضور والمرافعة.
ويجب التفرقة، فيما يتعلق بالإنابة، بين الحضور والمرافعة في حالة حضور محام عن المحامي المنيب أمام محكمة الاستئناف، إذ يجب حينئذ أن يكون المحاميان المقبولين أمامها حتى تكون الإنابة تامة شاملة الحضور والمرافعة، فإن كان المحامي المنيب هو فقط المقبول أمامها وأناب محام غير مقبول أمامها، أقتصرت الإنابة على الحضور دون المرافعة، واقتصرت على المسائل التي لا تمس المرافعة وهو حظر متعلق بالنظام العام لمساسه بالتنظيم القضائي وتنظيم المرافعة أمام درجات التقاضي المختلفة مما يوجب على المحكمة أن تتصدى له من تلقاء نفسها بحيث أن تمت أمامها مرافعة من محام غير مقبول أمامها قضت ومن تلقاء نفسها ببطلان هذه المرافعة بطلاناً مطلقاً ومن شأن هذا البطلان طرح كل ما تضمنته المرافعة ومن ثم تستبعد كل الطلبات و الدفوع وأوجه الدفاع والإجراءات وتعتبرها كأنها لم تطرح عليها وتفصل في الدعوى علي هذا الأساس دون اعتداد بأن المرافعة تمت بمعرفة محام إنابة محام مقبول للمرافعة أمامها لاقتصار الإنابة في هذه الحالة على الحضور دون المرافعة.
ولما كان نص المادة 56 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 قد جرى بأنه «للمحامي سواء كان خصماً أصلياً أو وكيلاً في دعوى أن ينيب عنه في المرافعة أو في غير ذلك من إجراءات التقاضي محامياً آخر تحت مسئوليته دون توكيل خاص ما لم يكن في التوكيل ما يمنع ذلك فإن هذا النص ونص المادة 78 من قانون المرافعات يجب تفسيرها على هدي نص المادتين 34، 37 من قانون المحاماة سالف البيان، فقد أجازت المادة 34 للمحامي المقيد أمام المحاكم الابتدائية الحضور أمام محاكم الاستئناف نيابة عن أحد المحامين المقيدين أمامها، بينما نصت المادة 37 على أن للمحامي المقيد بجدول محاكم الاستئناف حق الحضور والمرافعة أمام هذه المحاكم. ومن جماع هذه النصوص يبين أن المشرع فرق بين الحضور والمرافعة، فجعل للمحامي المقيد أمام المحاكم الابتدائية الحضور أمام محاكم الاستئناف، بينما جعل للمحامي المقيد بجدول محاكم الاستئناف حق الحضور والمرافعة، مما يقطع في الدلالة علي أن المحامي المقيد أمام المحاكم الابتدائية ليس له الحق في المرافعة أمام محاكم الاستئناف وأن انابته تقتصر على الحضور لمباشرة الإجراءات التي لا تمس المرافعة كطلب أجل أو تقديم أصل الصحيفة المعلن أو اعادة الإعلان أو مذكرة موقعة من المحامي الأصيل.
ومع مراعاة ما تقدم، يكون للمحامي أن ينيب غيره من المحامين المباشرة أي إجراء من إجراءات الدعوى أو للحضور والمرافعة دون حاجة لصدور توكيل بذلك ويكفي أن يقرر المحامي الحاضر وتحت مسئوليته أنه ينوب عن محام آخر ويثبت ذلك بمحضر الجلسة، ولا تجوز الإنابة إذا كان سند الوكالة يحول دونها، فإن كان المحامي خصماً أصيلاً في الدعوى. مدعياً أو مدعى عليه. جاز له أن ينيب عنه محامياً آخر في الحضور والمرافعة دون حاجة لسند وكالة.
ويترتب على هذا الحضور بدء ميعاد الطعن من تاريخ صدور الحكم وليس من تاريخ إعلانه. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الثاني / الصفحة 409)
هذه المادة تقابل المادة 86 من القانون القديم ولا خلاف بين أحكامهما وهذا المبدأ أكدته المادة 61 من قانون المحاماة 17 لسنة 1983 غير أنه وفقاً لنص المادة 37 من نفس القانون لا يجوز للمحامي أن ينيب للحضور عنه أمام محاكم الاستئناف ومحكمة القضاء الإداري إلا المحامين المقبولين للمرافعة أمام هذه المحاكم.
وهذا النص يتفق مع حكم المادة 56 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 وإن كان قانون المحاماة يجيز للمحامي إنابة محام آخر في الحضور والمرافعة سواء كان المحامي المنيب وكيلاً عن أحد الخصوم أو كان هو خصماً أصلياً. ( مرافعات كمال عبد العزيز الجزء الأول ص 540).
ولا يلزم في الإنابة أن يصدر المحامي المنيب إلي المحامي المناب توكيلاً خاصاً ولا يلتزم الأخير بتقديم سند بوكالته عن المحامي المنيب.
ويجوز للمحامي المقيد بجدول محكمة الاستئناف أن ينيب عنه في الحضور أمامها محامياً آخر ولو لم يكن مقيدا بجدولها، إذ أن المادة 74 من قانون المحاماة السابق كانت تحظر الحضور أمام محاكم الاستئناف علي غير المحامين المقيدين أمامها وقد أسقطت المادة 37 المقابلة لها في القانون الحالي 17 لسنة 1983 هذا الحظر هذا فضلاً عن أن المادة 34 من هذا القانون تنص صراحة علي أن يكون للمحامين المقيدين أمام المحاكم الابتدائية الحضور أمام محاكم الاستئناف متى كان حضورهم بالنيابة عن محام مقيد أمامها. (التعليق على قانون المرافعات، للمستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثاني ، الصفحة :932)
جواز إنابة الوكيل بالخصوبة غيره من المحامين:
واضح من المادة 78 أن الوكيل أن ينيب غيره من المحامين إن لم يكن ممنوعاً من الإنابة فتراحة في التوكيل، ويجوز أعمال المادة 78 - محل التعليق - ولو لم يكن الوكيل مأذوناً في الإنابة صراحة . في سند التوكيل ( المذكرة الإيضاحية للمادة 86 من القانون السابق المطابقة للمادة 78 من القانون الحالي )، وهذا استثناء من القواعد العامة للوكالة المدنية ، ملحوظة فيه - فضلاً عن أن العرف قد جرى به - أن الوكالة بالخصومة تقتضيه ويلاحظ أن إعمال المادة 78 مقصور على إجراءات السير في الدعوى، وإنما لا يجوز للمحامي الموكل من الخصم في إقامة دعوى أن ينيب غيره في إقامتها ، عملا بالمادة 78، على تقدير أنه قد وكله لثقته فيه .
والمنع من الإنابة قد يكون منصوصاً عليه صراحة في سند التوكيل، وقد يكون مقررا بنص في القانون، كما هو الحال بصدد منع محامي الإدارة القانونية للهيئات العامة وشركات قطاع الأعمال والمؤسسات الصحفية من مزاولة أي عمل من أعمال المحاماة لغير الجهة التي تعمل بها ( مادة 58 من قانون المحاماة ).
وللمحامي أن ينيب عنه محامياً آخر لتمثيله في الخصومة دون توكيل خاص - وحسب المحكمة أن يقرر المحامي تحت مسئوليته نيابة عن زميله الغائب .
( نقض 4/3/1974، سنة 25 ص 512 ).
وتنص المادة من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 على أنه المحامى سواء كان خصماً أصلياً أو وكيلاً في دعوى أن ينيب عنه في المرافعة أو في غير ذلك من إجراءات التقاضي محامياً آخر تحت مسئوليته دون توكيل خاص ما لم يكن في التوكيل ما يمنع ذلك، وينبغي عند إعمال هذا النص ونص المادة 78 من قانون المرافعات - محل التعليق - مراعاة ما تنص عليه المادتان 34 و 37. من قانون المحاماة، فقد أجازت المادة 34 للمحامي المقيد أمام المحاكم الابتدائية الحضور أمام محاكم الاستئناف نيابة عن أحد المحامين المقيدين أمامها، بينما نصت المادة 37 على أن المحامي المقيد بجدول محاكم الاستئناف حق الحضور والمرافعة أمام هذه المحاكم. (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء / الثاني، الصفحة : 586)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثاني والأربعون ، الصفحة /
25
نِيَابَة
التَّعْرِيف:
النِّيَابَةُ فِي اللُّغَةِ: جَعْلُ الإْنْسَانِ غَيْرَهُ نَائِبًا عَنْهُ فِي الأْمْرِ .
وَيُقَالُ: نَابَ عَنْهُ فِي هَذَا الأْمْرِ نِيَابَةً: إِذَا قَامَ مَقَامَهُ.
وَالنَّائِبُ: مَنْ قَامَ مَقَامَ غَيْرِهِ فِي أَمْرٍ أَوْ عَمَلٍ .
وَالنِّيَابَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: قِيَامُ الإْنْسَانِ عَنْ غَيْرِهِ بِفِعْلِ أَمْرٍ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْوِلاَيَةُ:
الْوِلاَيَةُ فِي اللُّغَةِ، بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ: الْقُدْرَةُ، وَالنُّصْرَةُ، وَالتَّدْبِيرُ، يُقَالُ: هُمْ عَلَى وِلاَيَةٍ أَيْ مُجْتَمِعُونَ فِي النُّصْرَةِ.
وَالْوَلِيُّ هُوَ: الْمُحِبُّ، وَالصَّدِيقُ، وَالنَّصِيرُ أَوِ النَّاصِرُ.
وَقِيلَ: الْمُتَوَلِّي لأِمُورِ الْعَالَمِ وَالْخَلاَئِقِ الْقَائِمُ بِهَا.
وَوَلِيُّ الْيَتِيمِ: الَّذِي يَلِي أَمْرَهُ وَيَقُومُ بِكِفَايَتِهِ.
وَوَلِيُّ الْمَرْأَةِ: الَّذِي يَلِي عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا، وَلاَ يَدَعُهَا تَسْتَبِدُّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ دُونَهُ .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الْوِلاَيَةُ: تَنْفِيذُ الْقَوْلِ عَلَى الْغَيْرِ شَاءَ الْغَيْرُ أَمْ لاَ .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْوِلاَيَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وِلاَيَةُ أُمُورِ الْغَيْرِ فِي أَمْرٍ مِنَ الأْمُورِ.
ب - الإْيصَاءُ:
الإْيصَاءُ فِي اللُّغَةِ - مَصْدَرُ أَوْصَى - يُقَالُ: أَوْصَى فُلاَنٌ بِكَذَا يُوصِي إِيصَاءً، وَالاِسْمُ الْوِصَايَةُ (بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا) وَهُوَ: أَنْ يَعْهَدَ إِلَى غَيْرِهِ فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ مِنَ الأْمُورِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْقِيَامُ بِذَلِكَ الأْمْرِ فِي حَالِ حَيَاةِ الطَّالِبِ أَمْ كَانَ بَعْدَ وَفَاتِهِ .
أَمَّا فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ، فَالإْيصَاءُ بِمَعْنَى الْوَصِيَّةِ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ هُوَ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ إِقَامَةُ الإْنْسَانِ غَيْرَهُ مَقَامَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي تَصَرُّفٍ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ، أَوْ فِي تَدْبِيرِ شُئُونِ أَوْلاَدِهِ الصِّغَارِ وَرِعَايَتِهِمْ، وَذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُقَامُ يُسَمَّى الْوَصِيَّ.
أَمَّا إِقَامَةُ غَيْرِهِ مَقَامَهُ فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، فَلاَ يُقَالُ لَهُ فِي الاِصْطِلاَحِ إِيصَاءٌ عِنْدَهُمْ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ وِكَالَةٌ .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالإْيصَاءِ، أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ مِنَ الإْيصَاءِ.
ج - الْقِوَامَةُ:
الْقِوَامَةُ فِي اللُّغَةِ: هِيَ الْقِيَامُ عَلَى الأْمْرِ أَوِ الْمَالِ أَوْ وِلاَيَةُ الأْمْرِ . وَالْقَيِّمُ: هُوَ الَّذِي يَقُومُ عَلَى شُئُونِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَيَلِيهِ، وَيَرْعَاهُ، وَيُصْلِحُ مِنْ شَأْنِهِ، وَمِنْهُ قوله تعالي : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْقِوَامَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وِلاَيَةُ أُمُورِ الْغَيْرِ.
د - الْوِكَالَةُ:
الْوَكَالَةُ بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ، فِي اللُّغَة أَنْ يَعْهَدَ إِلَى غَيْرِهِ لِيَعْمَلَ لَهُ عَمَلاً.
وَالتَّوْكِيلُ تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ إِلَى غَيْرِهِ، وَسُمِّيَ الْوَكِيلُ وَكِيلاً لأِنَّ مُوكِلَهُ قَدْ وَكَلَ إِلَيْهِ الْقِيَامَ بِأَمْرِهِ، فَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَيْهِ الأْمْرُ .
وَالْوَكَالَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: عَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا: إِقَامَةُ الْغَيْرِ مَقَامَ نَفْسِهِ تَرَفُّهًا أَوْ عَجْزًا فِي تَصَرُّفٍ جَائِزٍ مَعْلُومٍ .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْوِكَالَةِ أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ مِنَ الْوِكَالَةِ.
أَنْوَاعُ النِّيَابَةِ:
تَتَنَوَّعُ النِّيَابَةُ إِلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ يَثْبُتُ بِتَوْلِيَةِ الْمَالِكِ (اتِّفَاقِيَّةٌ)، وَنَوْعٌ يَثْبُتُ شَرْعًا لاَ بِتَوْلِيَةِ الْمَالِكِ (شَرْعِيَّةٌ).
أَوَّلاً: النِّيَابَةُ الاِتِّفَاقِيَّةُ (وَهِيَ الْوَكَالَةُ):
أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ جَائِزَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا: قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا) . وَمِنْهَا: حَدِيثُ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ - رضي الله عنه - «أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، فَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ» .
وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَكَالَةِ مُنْذُ عَصْرِ الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم إِلَى يَوْمِنَا هَذَا. لَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ . وَانْظُرْ تَفْصِيلَ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ فِي مُصْطَلَحِ (وَكَالَة).
ثَانِيًا: النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ:
النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ - وَهِيَ الْوِلاَيَةُ - ثَابِتَةٌ شَرَعًا عَلَى الْعَاجِزِينَ عَنِ التَّصَرُّفِ بِأَنْفُسِهِمْ بِسَبَبِ الصِّغَرِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَذَلِكَ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْمَعْقُولِ.
أَمَّا الْقُرْآنُ فَقَدْ وَرَدَتْ مِنْهُ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْوِلاَيَةِ، مِنْ ذَلِكَ قوله تعالي : ( وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفًا ( 5 ) وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) . وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنْكِحُوا الأْيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ) .
فَهَذِهِ الآْيَاتُ خِطَابٌ لِلأْوْلِيَاءِ عَلَى الْمَالِ وَالنَّفْسِ.
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَرَدَتْ فِي شَرْعِيَّةِ الْوِلاَيَةِ، مِنْهَا: قَوْلُ الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم : «لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ» .
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنِ اشْتَجَرُوا، فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ» .
وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَإِنَّ ثُبُوتَ وِلاَيَةِ النَّظَرِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْعَاجِزِ عَنِ النَّظَرِ مِنْ بَابِ الإْعَانَةِ عَلَى الْبِرِّ، وَمِنْ بَابِ الإْحْسَانِ، وَمِنْ بَابِ إِعَانَةِ الضَّعِيفِ وَإِغَاثَةِ اللَّهْفَانِ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ عَقْلاً وَشَرْعًا.
وَلأِنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ شُكْرِ النِّعْمَةِ وَهِيَ نِعْمَةُ الْقُدْرَةِ، إِذْ شُكْرُ كُلِّ نِعْمَةٍ عَلَى حَسَبِ هَذِهِ النِّعْمَةِ، فَشُكْرُ نِعْمَةِ الْقُدْرَةِ مَعُونَةُ الْعَاجِزِ، وَشُكْرُ النِّعْمَةِ وَاجِبٌ عَقْلاً وَشَرْعًا فَضْلاً عَنِ الْجَوَازِ .
أَنْوَاعُ النِّيَابَةِ الشَّرْعِيَّةِ:
النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ هِيَ الْوِلاَيَةُ، وَالْوِلاَيَةُ تَتَنَوَّعُ إِلَى نَوْعَيْنِ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهَا:
وِلاَيَةٌ عَلَى الْمَالِ، وَوِلاَيَةٌ عَلَى النَّفْسِ.
فَالْوِلاَيَةُ عَلَى الْمَالِ هِيَ سُلْطَةُ الْوَلِيِّ عَلَى أَنْ يَعْقِدَ الْعُقُودَ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةَ بِأَمْوَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَتَكُونُ تَصَرُّفَاتُهُ وَعُقُودُهُ نَافِذَةً دُونَ الْحَاجَةِ إِلَى إِذْنٍ مِنْ أَحَدٍ.
وَالْوِلاَيَةُ عَلَى النَّفْسِ هِيَ السُّلْطَةُ عَلَى شُئُونِ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ الْمُتَعَلِّقَةُ بِشَخْصِهِ وَنَفْسِهِ، وَيَدْخُلُ فِيهَا تَزْوِيجُهُ.
وَتُنْظَرُ الأْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْوِلاَيَةِ عَلَى الْمَالِ وَعَلَى النَّفْسِ فِي مُصْطَلَحِ (وِلاَيَة).
النِّيَابَةُ فِي الْعِبَادَاتِ:
تَتَنَوَّعُ الْعِبَادَاتُ فِي الشَّرْعِ إِلَى أَنْوَاعٍ ثَلاَثَةٍ:
مَالِيَّةٌ مَحْضَةٌ، وَبَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ، وَمُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ.
النَّوْعُ الأْوَّلُ: الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ الْمَحْضَةُ
الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ الْمَحْضَةُ كَالزَّكَاةِ، وَالصَّدَقَاتِ، وَالْكَفَّارَاتِ، وَالنُّذُورِ.
وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْعِبَادَاتِ تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ عَلَى الإْطْلاَقِ، سَوَاءٌ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْعِبَادَةُ قَادِرًا عَلَى الأْدَاءِ بِنَفْسِهِ، أَوْ لاَ. وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ .
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَالْمَعْقُولِ:
فَمِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا) .
وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنَ الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَوَّزَ الْعَمَلَ عَلَى الزَّكَاةِ، وَذَلِكَ بِحُكْمِ النِّيَابَةِ عَنِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَأَمَّا الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا فَهُمُ الْجُبَاةُ، وَالسُّعَاةُ يَسْتَحِقُّونَ مِنْهَا قِسْطًا عَلَى ذَلِكَ .
وَمِنَ السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ أَحَادِيثُ مِنْهَا:
مَا وَرَدَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنه - قَالَ: «أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقَلْتُ لَهُ: إِنِّي أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتَ وَكِيلِي فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَإِنِ ابْتَغَى مِنْكَ آيَةً فَضَعْ يَدَك عَلَى تَرْقُوَتِهِ» .
وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم : «الْخَازِنُ الْمُسْلِمُ الأْمِينُ الَّذِي يُنْفِذُ - وَرُبَّمَا قَالَ: يُعْطِي - مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلاً مُوَفَّرًا طَيِّبًا بِهِ نَفْسُهُ فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ» .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: «وَكَّلَنِي النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ» وَحَدِيثُ: «أَعْطَى النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ غَنَمًا يُقَسِّمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ» .
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: «قَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: أَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» .
وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: «اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم رَجُلاً مِنَ الأْسْدِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ» .
وَمِنَ الْمَعْقُولِ: أَنَّ الْوَاجِبَ فِي هَذِهِ الْعِبَادَاتِ إِخْرَاجُ الْمَالِ، وَأَنَّهُ يَحْصُلُ بِفِعْلِ النَّائِبِ .
وَأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ فَجَازَ أَنْ يُوَكَّلَ فِي أَدَائِهِ كَدُيُونِ الآْدَمِيِّينَ .
النَّوْعُ الثَّانِي: الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ الْمَحْضَةُ:
الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ كَالصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَالطَّهَارَةِ مِنَ الْحَدَثِ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْعِبَادَاتِ لاَ تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ عَلَى الإْطْلاَقِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيِّ . وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَالْمَعْقُولِ:
أَمَّا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلإْنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى) . إِلاَّ مَا خُصَّ بِدَلِيلٍ لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: «لاَ يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلاَ يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ» .
أَيْ فِي حَقِّ الْخُرُوجِ عَنِ الْعُهْدَةِ لاَ فِي حَقِّ الثَّوَابِ، فَإِنَّ مَنْ صَامَ أَوْ صَلَّى أَوْ تَصَدَّقَ وَجَعَلَ ثَوَابَهُ لِغَيْرِهِ مِنَ الأْمْوَاتِ أَوِ الأْحْيَاءِ جَازَ. وَيَصِلُ ثَوَابُهَا إِلَيْهِمْ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (ثَوَاب ف 10).
وَأَمَّا الْمَعْقُولُ: فَلأِنَّ هَذِهِ الْعِبَادَةَ تَتَعَلَّقُ بِبَدَنِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَلاَ يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِيهَا وَلأِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الاِبْتِلاَءُ وَالاِخْتِبَارُ وَإِتْعَابُ النَّفْسِ وَذَلِكَ لاَ يَحْصُلُ بِالتَّوْكِيلِ .
وَأَمَّا النِّيَابَةُ عَنِ الْمَيِّتِ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهَا. وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أَدَاء ف 15).
النَّوْعُ الثَّالِثِ: الْعِبَادَاتُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ:
الْعِبَادَاتُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ هِيَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْحَجِّ عَنِ الْغَيْرِ، وَقَابِلِيَّتِهِ لِلنِّيَابَةِ لِلْعُذْرِ الْمَيْئُوسِ مِنْ زَوَالِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيِّ، وَذَهَبَ مَالِكٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي مَذْهَبِهِ، إِلَى أَنَّ الْحَجَّ لاَ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ لاَ عَنِ الْحَيِّ وَلاَ عَنِ الْمَيِّتِ، مَعْذُورًا أَوْ غَيْرَ مَعْذُورٍ، وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (حَجٍّ ف 114 وَمَا بَعْدَهَا، وَأَدَاءٍ ف 16، وَعِبَادَةٍ ف 7). أَمَّا الْعُمْرَةُ فَتَقْبَلُ النِّيَابَةَ فِي الْجُمْلَةِ، وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (عُمْرَةٍ ف 38).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الخامس والأربعون ، الصفحة / 71
تَوْكِيلُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ غَيْرَهُ فِيهَا:
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ إِنْ أَذِنَ لِلْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ فِي تَوْكِيلِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِيهَا.
كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ إِذَا نَهَى الْوَكِيلَ عَنْ تَوْكِيلِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ مَعَ النَّهْيِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ .
وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ غَيْرَهُ عِنْدَ إِطْلاَقِ التَّوْكِيلِ:
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ) إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِيهَا، لأِنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْخُصُومَةِ فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم : «لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ» .
وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ هَذَا الْحُكْمَ بِمَا إِذَا كَانَتِ الْخُصُومَةُ مِمَّا يَلِيقُ أَنْ يَتَوَلاَّهَا الْوَكِيلُ بِنَفْسِهِ؛ فَأَمَّا إِذَا وَكَّلَهُ فِي أَمْرٍ لاَ يَلِيقُ بِهِ أَنْ يُبَاشِرَهُ، أَوْ لاَ يُحْسِنُهُ، فَإِنَّهُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِيهِ.
وَأَضَافَ الْمَالِكِيَّةُ قَيْدًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ لاَ تَكْثُرَ الْخُصُومَةُ الْمُوَكَّلُ بِهَا عَلَى الْوَكِيلِ، فَإِذَا كَثُرَتْ فَيُوَكِّلُ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي الْكَثِيرِ الَّذِي وُكِّلَ فِيهِ لِيُعِينَهُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ اسْتِقْلاَلاً.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا كَثُرَتِ التَّصَرُّفَاتُ الْمُوَكَّلُ فِيهَا، وَلَمْ يُمْكِنِ الإْتْيَانُ بِجَمِيعِهَا لِكَثْرَتِهَا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُوَكِّلُ فِيمَا يَزِيدُ عَلَى الْمُمْكِنِ، وَلاَ يُوَكِّلُ فِي الْمُمْكِنِ، وَفِي وَجْهٍ يُوَكِّلُ فِي الْجَمِيعِ.
وَعَنِ الإْمَامِ أَحْمَدَ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ فِيهَا .
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ يَخْلُو التَّوْكِيلُ مِنْ ثَلاَثَةِ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَنْهَى الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ عَنِ التَّوْكِيلِ، فَلاَ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ خِلاَفٍ، لأِنَّ مَا نَهَاهُ عَنْهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي إِذْنِهِ فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ لَمْ يُوَكِّلْهُ.
الثَّانِي: أَذِنَ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لأِنَّهُ عَقْدٌ أَذِنَ لَهُ فِيهِ فَكَانَ لَهُ فِعْلُهُ كَالتَّصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَلاَ نَعْلَمُ فِي هَذَيْنِ خِلاَفًا، وَإِنْ قَالَ لَهُ: وَكَّلْتُكَ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ، فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ، لأِنَّ لَفْظَ الْمُوَكِّلِ عَامٌّ فِيمَا شَاءَ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِهِ التَّوْكِيلُ.
الثَّالِثُ: أَطْلَقَ الْوَكَالَةَ فَلاَ يَخْلُو مِنْ أَقْسَامٍ ثَلاَثَةٍ:
الْقِسْمُ الأْوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مِمَّا يَرْتَفِعُ الْوَكِيلُ عَنْ مِثْلِهِ كَالأْعْمَالِ الدَّنِيَّةِ فِي حَقِّ أَشْرَافِ النَّاسِ الْمُرْتَفِعِينَ عَنْ فِعْلِهَا فِي الْعَادَةِ، أَوْ يَعْجِزُ عَنْ عَمَلِهِ لِكَوْنِهِ لاَ يُحْسِنُهُ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ، لأِنَّهُ إِذَا كَانَ مِمَّا لاَ يَعْمَلُهُ الْوَكِيلُ عَادَةً انْصَرَفَ الإْذْنُ إِلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنَ الاِسْتِنَابَةِ فِيهِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَعْمَلُهُ بِنَفْسِهِ إِلاَّ أَنَّهُ يَعْجِزُ عَنْ عَمَلِهِ كُلِّهِ لِكَثْرَتِهِ وَانْتِشَارِهِ فَيَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ فِي عَمَلِهِ أَيْضًا، لأِنَّ الْوَكَالَةَ اقْتَضَتْ جَوَازَ التَّوْكِيلِ فَجَازَ التَّوْكِيلُ فِي فِعْلِ جَمِيعِهِ كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي التَّوْكِيلِ بِلَفْظِهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: عِنْدِي أَنَّهُ إِنَّمَا لَهُ التَّوْكِيلُ فِيمَا زَادَ عَلَى مَا يَتَمَكَّنُ مِنْ عَمَلِهِ بِنَفْسِهِ، لأِنَّ التَّوْكِيلَ إِنَّمَا جَازَ لِلْحَاجَةِ فَاخْتَصَّ مَا دَعَتْ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ، بِخِلاَفِ وُجُودِ إِذْنِهِ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا عَدَا هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ وَهُوَ مَا يُمْكِنُهُ عَمَلُهُ بِنَفْسِهِ وَلاَ يَتَرَفَّعُ عَنْهُ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ:
إِحْدَاهُمَا: لاَ يَجُوزُ، نَقَلَهَا ابْنُ مَنْصُورٍ، لأِنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ وَلاَ تَضَمَّنَهُ إِذْنُهُ فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ نَهَاهُ، وَلأِنَّهُ اسْتِئْمَانٌ فِيمَا يُمْكِنُهُ النُّهُوضُ فِيهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ لِمَنْ لَمْ يَأْمَنْهُ عَلَيْهِ كَالْوَدِيعَةِ.
وَالأْخْرَى: يَجُوزُ، نَقَلَهَا حَنْبَلٌ .
نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا وَكَّلَ شَخْصَانِ شَخْصًا وَاحِدًا بِالْخُصُومَةِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا يُخَاصِمُ صَاحِبَهُ، كَانَ ذَلِكَ التَّوْكِيلُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَلاَ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَتَوَلَّى الْخُصُومَةَ عَنِ الضِّدَّيْنِ، لأِنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى فَسَادِ الأْحْكَامِ ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُدَّعِيًا مِنْ جَانِبٍ، وَجَاحِدًا مِنَ الْجَانِبِ الآْخَرِ، وَالتَّضَادُّ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، فَفِي الْخُصُومَةِ أَوْلَى.
أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْخُصُومَةُ لِرَجُلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مَعَ شَخْصٍ آخَرَ فَوَكَّلُوا جَمِيعًا وَكِيلاً وَاحِدًا فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ جَائِزًا، لأِنَّ الْوَكِيلَ مُعَبِّرٌ عَنِ الْمُوَكِّلِ، وَالْوَاحِدُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُعَبِّرًا عَنِ اثْنَيْنِ فَمَا زَادَ، كَمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُعَبِّرًا عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ .
تَوْكِيلُ الْوَكِيلِ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ:
قَدْ يَقُومُ الْوَكِيلُ بِتَنْفِيذِ الْوَكَالَةِ بِمُفْرَدِهِ، وَقَدْ يَقُومُ بِتَوْكِيلِ شَخْصٍ آخَرَ لِيُسَاعِدَهُ فِي تَنْفِيذِهَا أَوْ يَقُومَ بِتَنْفِيذِهَا بَدَلاً مِنْهُ.
وَتَوْكِيلُ الْوَكِيلِ قَدْ يَكُونُ بِإِذْنٍ مِنَ الْمُوَكِّلِ أَوْ بِدُونِ إِذْنِهِ، وَقَدْ يُطْلِقُ الْمُوَكِّلُ الْوَكَالَةَ فَلاَ يَأْذَنُ بِالتَّوْكِيلِ وَلاَ يَنْهَى عَنْهُ. وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أ- حَالَةُ الإْذْنِ بِالتَّوْكِيلِ:
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَوْكِيلُ الْوَكِيلِ غَيْرَهُ إِذَا أَذِنَ الْمُوَكِّلُ لَهُ فِي ذَلِكَ؛ لأِنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدٌ أَذِنَ لَهُ فِيهِ بِالتَّوْكِيلِ فَجَازَ لَهُ فِعْلُهُ، كَأَيِّ تَصَرُّفٍ مَأْذُونٍ فِيهِ .
ب- حَالَةُ النَّهْيِ عَنِ التَّوْكِيلِ:
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ إِذَا نَهَاهُ الْمُوَكِّلُ عَنْ ذَلِكَ، لأِنَّ مَا نَهَاهُ عَنْهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي إِذْنِهِ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ التَّوْكِيلُ كَمَا لَوْ لَمْ يُوَكِّلْهُ مُطْلَقًا وَالْمُوَكِّلُ لَمْ يَرْضَ إِلاَّ بِأَمَانَتِهِ هُوَ فَقَطْ .
ج - حَالَةُ التَّفْوِيضِ:
حَالَةُ التَّفْوِيضِ هِيَ كَأَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ: اصْنَعْ مَا شِئْتَ، أَوْ تَصَرَّفْ كَيْفَ شِئْتَ أَوِ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ غَيْرَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ، وَذَلِكَ لإِطْلاَقِ التَّفْوِيضِ إِلَى رَأْيِهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ التَّفْوِيضَ بِهَذِهِ الأْلْفَاظِ لاَ يَكُونُ إِذْنًا بِالتَّوْكِيلِ فَلاَ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ إِذَنْ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ، لأِنَّ مِثْلَ هَذِهِ الأْلْفَاظِ يَحْتَمِلُ مَا شِئْتَ مِنَ التَّوْكِيلِ، وَمَا شِئْتَ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيمَا أُذِنَ لَهُ فَلاَ يُوَكِّلُ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ كَمَا لاَ يَهَبُ .
د - حَالَةُ الإْطْلاَقِ:
إِذَا صَدَرَتِ الْوَكَالَةُ مُطْلَقَةً دُونَ إِذْنِهِ لِلْوَكِيلِ بِالتَّوْكِيلِ أَوْ نَهْيِهِ عَنْهُ وَدُونَ تَفْوِيضِهِ فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى رَأْيَيْنِ: الرَّأْيُ الأْوَّلُ: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ الْوَكِيلَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِيمَا وُكِّلَ بِهِ، لأِنَّهُ فَوَّضَ إِلَيْهِ التَّصَرُّفَ دُونَ التَّوْكِيلِ بِهِ، وَلأِنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِرَأْيِهِ، وَالنَّاسُ يَتَفَاوَتُونَ فِي الآْرَاءِ فَلاَ يَكُونُ رَاضِيًا بِغَيْرِهِ .
وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ مَا وُكِّلَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ يُفَوِّضَ لَهُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، أَوِ اصْنَعْ مَا شِئْتَ، لإِطْلاَقِ التَّفْوِيضِ إِلَى رَأْيِهِ .
فَإِنْ وَكَّلَ بِغَيْرِ إِذْنِ مُوَكِّلِهِ فَعَقَدَ وَكِيلُ الْوَكِيلِ بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الأْوَّلِ جَازَ لاِنْعِقَادِهِ بِرَأْيِهِ، وَكَذَا إِنْ عَقَدَ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ فَأَجَازَهُ الْوَكِيلُ الأْوَّلُ جَازَ أَيْضًا لِنُفُوذِهِ بِرَأْيِهِ .
وَاسْتَثْنَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ صُورَتَيْنِ حَيْثُ أَجَازُوا لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ، وَهُمَا:
الصُّورَةُ الأْولَى: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مَحَلُّ الْوَكَالَةِ يَتَرَفَّعُ الْوَكِيلُ عَنِ الْقِيَامِ بِمِثْلِهِ، كَالأْعْمَالِ الدَّنِيئَةِ فِي حَقِّ أَشْرَافِ النَّاسِ الْمُرْتَفِعِينَ عَنْ فِعْلِهَا فِي الْعَادَةِ كَبَيْعِ دَابَّةٍ فِي سُوقٍ، أَوْ يَعْجِزُ الْوَكِيلُ عَنِ الْعَمَلِ الَّذِي وُكِّلَ فِيهِ لِكَوْنِهِ لاَ يُحْسِنُهُ.
نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، لأِنَّ الإْذْنَ يَنْصَرِفُ إِلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَلأِنَّ التَّفْوِيضَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ إِنَّمَا يُقْصَدُ مِنْهُ الاِسْتِنَابَةُ.
وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ هَذَا الْحُكْمَ بِمَا إِذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ يَعْلَمُ بِوَجَاهَةِ الْوَكِيلِ، أَوِ اشْتَهَرَ الْوَكِيلُ بِهَا، أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ الْمُوَكِّلُ بِهَذَا فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنَّ يُوَكِّلَ، وَيَضْمَنُ إِنْ وَكَلَّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِتَعَدِّيهِ .
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ الَّذِي فِيهِ التَّوْكِيلُ مِمَّا يَعْمَلُهُ الْوَكِيلُ بِنَفْسِهِ وَلَكِنَّهُ يَعْجِزُ عَنْ عَمَلِهِ كُلِّهِ لِكَثْرَتِهِ وَانْتِشَارِهِ:
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مَدَى حَقِّ الْوَكِيلِ فِي التَّوْكِيلِ، بِمَعْنَى هَلْ يَحِقُّ لَهُ التَّوْكِيلُ فِي فِعْلِ الْعَمَلِ كُلِّهِ أَوْ فِيمَا زَادَ عَلَى مَقْدِرَتِهِ فَقَطْ؟ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي إِلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّوْكِيلِ إِلاَّ فِي الْعَمَلِ الزَّائِدِ فَقَطْ، لأِنَّ التَّوْكِيلَ إِنَّمَا جَازَ لِلْحَاجَةِ فَاخْتَصَّ بِمَا دَعَتْ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ فَقَطْ، بِخِلاَفِ وُجُودِ إِذْنِهِ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ.
غَيْرَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَالُوا: يُوَكِّلُ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي الْكَثِيرِ الَّذِي وُكِّلَ فِيهِ لِيُعِينَهُ عَلَيْهِ لاَ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ اسْتِقْلاَلاً .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِي الْعَمَلِ كُلِّهِ، لأِنَّ الْوَكَالَةَ اقْتَضَتْ جَوَازَ التَّوْكِيلِ، فَصَحَّ التَّوْكِيلُ فِي فِعْلِ الْعَمَلِ كُلِّهِ، كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي التَّوْكِيلِ بِلَفْظِهِ .
الرَّأْيُ الثَّانِي الْمُتَعَلِّقُ بِالْوَكَالَةِ فِي حَالَةِ الإْطْلاَقِ: ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ أِبِي لَيْلَى إِلَى أَنَّ الْوَكِيلَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِمُطْلَقِ الْوَكَالَةِ .
اشْتِرَاطُ الأْمَانَةِ فِيمَنْ يُوَكِّلُهُ الْوَكِيلُ:
كُلُّ وَكِيلٍ جَازَ لَهُ التَّوْكِيلُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ إِلاَّ أَمِينًا، رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الْمُوَكِّلِ إِلاَّ أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ الأْوَّلُ غَيْرَ أَمِينٍ فَيَتَّبِعَ الْوَكِيلُ تَعْيِينَهُ، لأِنَّ الْمُوَكِّلَ قَطَعَ نَظَرَ الْوَكِيلِ بِتَعْيِينِهِ.
وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا عَلِمَ الْوَكِيلُ أَنَّ مَنْ عَيَّنَهُ لَهُ الْمُوَكِّلُ فَاسِقٌ وَأَنَّ الْمُوَكِّلَ لاَ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْوَكِيلَ لاَ يُعَيِّنُهُ .
وَلَوْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ رَجُلاً أَمِينًا وَلَكِنَّهُ صَارَ خَائِنًا، فَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ الْخَائِنِ، لأِنَّ تَرْكَهُ يَتَصَرَّفُ مَعَ خِيَانَتِهِ تَضْيِيعٌ وَتَفْرِيطٌ، وَالْوَكَالَةُ تَقْتَضِي اسْتِئْمَانَ أَمِينٍ، وَهَذَا أَصْبَحَ غَيْرَ أَمِينٍ فَوَجَبَ عَزْلُهُ مِنَ الْوَكَالَةِ .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأْصَحِّ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ عَزْلَهُ، لأِنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ دُونَ الْعَزْلِ .
تَكْيِيفُ وَكَالَةِ مَنْ يُوَكِّلُهُ الْوَكِيلُ:
تَوْكِيلُ الْوَكِيلِ لاَ يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنٍ مِنَ الْمُوَكِّلِ صَرَاحَةً، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ إِذْنٍ صَرِيحٍ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ إِذْنٍ أَصْلاً.
فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ بِالإْذْنِ صَرَاحَةً فَإِنَّهُ لاَ يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يَكُونَ التَّوْكِيلُ بِقَوْلِ الْمُوَكِّلِ: (وَكِّلْ عَنِّي)، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِقَوْلِهِ: (وَكِّلْ عَنْكَ)، أَوْ بِقَوْلِهِ: (وَكِّلْ).
فَإِنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ: وَكِّلْ عَنِّي، أَوْ وَكِّلْ وَلِيِّ أَوْ فَوِّضْ إِلَيْهِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ يَكُونُ وَكِيلَ الْمُوَكِّلِ، لِوُجُودِ الرِّضَا حِينَئِذٍ بِرَأْيِ غَيْرِهِ أَيْضًا، فَلاَ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِعَزْلِ الْوَكِيلِ الأْوَّلِ وَلاَ بِمَوْتِهِ لأِنَّ وَكِيلَ الْمُوَكِّلِ لَيْسَ وَكِيلاً لِلْوَكِيلِ، وَيَنْعَزِلاَنِ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ.
وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ الأْوَّلَ لاَ يَمْلِكُ عَزْلَ الْوَكِيلِ الثَّانِي.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ يَمْلِكُ الْوَكِيلُ الأْوَّلُ عَزْلَ الْوَكِيلِ الثَّانِي.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ: يَكُونُ الثَّانِي وَكِيلَ الْوَكِيلِ .
أَمَّا إِنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: «وَكِّلْ عَنْكَ» فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ الثَّانِيَ يَكُونُ وَكِيلَ الْوَكِيلِ عَمَلاً بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ فَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ الأْوَّلِ وَمَوْتِهِ.
وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ لِلْوَكِيلِ الأْوَّلِ عَزْلَ الْوَكِيلِ الثَّانِي نَظَرًا لِجِهَةِ وَكَالَتِهِ لَهُ. َنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلَ الْوَكِيلِ الثَّانِي لأِنَّهُ فَرْعُ فَرْعِهِ.
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ أَنَّ الْمُوَكِّلَ لَيْسَ لَهُ عَزْلُ وَكِيلِ وَكِيلِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي وَجْهٍ كَذَلِكَ إِلَى أَنَّ الثَّانِيَ يَكُونُ وَكِيلَ الْمُوَكِّلِ فَيَأْخُذُ حُكْمَ الصُّورَةِ السَّابِقَةِ .
أَمَّا إِنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: «وَكِّلْ» وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلاَ عَنْكَ، أَوْ «فَوِّضْ».
فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ يَكُونُ الثَّانِي وَكِيلَهُ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ الثَّانِيَ يَكُونُ وَكِيلَ الْمُوَكِّلِ لاَ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ وَلاَ بِمَوْتِهِ.
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِلِ الأْصَحِّ إِلَى أَنَّ الثَّانِيَ يَكُونُ وَكِيلَ الْوَكِيلِ .
أَمَّا التَّوْكِيلُ بِغَيْرِ إِذْنٍ صَرِيحٍ مِنَ الْمُوَكِّلِ فَيُتَصَوَّرُ فِيمَا إِذَا وَكَّلَ الْوَكِيلُ فِيمَا لاَ يَتَوَلاَّهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ لاَ يُحْسِنُهُ، أَوْ يَعْجِزُ عَنْهُ لِكَثْرَتِهِ فَقَدْ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ وَكِيلَ الْمُوَكِّلِ.
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ يَكُونُ وَكِيلَ الْوَكِيلِ .
أَمَّا التَّوْكِيلُ بِغَيْرِ إِذْنٍ أَصْلاً فَلاَ يَصِحُّ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ لأِنَّهُ فَوَّضَ إِلَيْهِ التَّصَرُّفَ دُونَ التَّوْكِيلِ بِهِ، وَلأِنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِهِ وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي الآْرَاءِ.
وَيَرَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - فِيمَا نَقَلَ عَنْهُ حَنْبَلٌ - وَابْنُ أِبِي لَيْلَى صِحَّةَ التَّوْكِيلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَيَكُونُ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَكِيلَ الْوَكِيلِ .