loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

سرعة الفصل في الدعوى :

أوجب المشروع على المحكمة الفصل في الدعوى إذا لم يحضر المدعى ولا المدعى عليه متى كانت صالحة للحكم فيها وذلك إذا كان الخصوم قد أبدوا أقوالهم فيها وإلا قررت المحكمة شطب الدعوى وتحكم المحكمة في الدعوى كذلك إذا غاب المدعي في الجلسة الأولى وحضر المدعى عليه (مادة 81 من المشروع) . بل أن غياب المدعى عليه في الجلسة الأولى لا يمنع من الفصل في الدعوى إذا كان قد أعلن لشخصه وهو ما يتحقق به عمله بقيام الدعوى أو كانت الدعوى من الدعاوى المستعجلة (المادة 83 من المشروع) أما في القانون القائم فإنه إذا لم يحضر المدعى ولا المدعى عليه أو حضر المدعى عليه وحده ولم يبد طلبات ما شطبت الدعوى ولم يكن القانون القائم يجيز الفصل في غيبة المدعى عليه المتخلف في الجلسة الأولى إلا في الدعاوى المستعجلة.

كما عمد المشروع إلى تقصير مواعيد المرافعات منعاً لتراكم القضايا أمام المحاكم دون إخلال بما تقتضيه العدالة من ضمانات ومن ذلك تقصير المدة التي تبقى فيها الدعوى قائمة بعد شطبها من ستة شهور إلى ستين يوماً وذلك لحفز الخصوم على تعجيل السير في الدعوى منعاً لتراكم الدعاوى أمام القضاء بحيث إذا انقضت مدة الستين يوماً بعد الشطب ولم يطلب أحد من الخصوم السير في الدعوى فإنها تعتبر کأن لم تكن (مادة 81 من المشروع ) ومنها تقصير مواعيد الطعن في الأحكام إلى ثلاثين يوماً سواء في الاستئناف أو التماس إعادة النظر وفي استئناف المواد المستعجلة حدد ميعاد الاستئناف بعشرة أيام وقد كانت هذه المواعيد في القانون القائم ستين يوماً بالنسبة إلى الاستئناف والتماس إعادة النظر في المواد المستعجلة خمسة عشر يوماً (المادتان 227 ، 242 من المشروع) .

ومن ذلك أيضاً تقصير ميعاد انقضاء الخصومة إلى ثلاث سنين بدلاً من خمس سنوات في القانون القائم (المادة 140 من المشروع ) ومنها تقصير ميعاد اعتبار أمر الأداء كأن لم يكن لعدم إعلانه إلى ثلاثة أشهر بدلاً من ستة شهور (المادة 205 من المشروع ) ومنه تقصير میعاد سقوط تسجيل تنبيه نزع الملكية من 240 يوماً إلى 90 يوماً (المادة 414 من المشروع) .

کما رأی المشروع رفع النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي إلى 150 جنيهاً ونصابه الابتدائي إلى 500 جنيه بدلاً من 50 جنيها، 250 جنيها في القانون القائم عملاً على الفصل في كثير من المنازعات بأحكام نهائية وتقديراً للتغيير الذي طرأ على قوة النقد الشرائية (المادة 42 من المشروع) .

وتحقيقاً لذات الهدف أوجب المشروع أن تتصدى محكمة النقض الموضوع الدعوى إذا ما نقضت الحكم المطعون فيه إذا كان موضوع الدعوى صالحاً للفصل فيه أو في شق منه وإذا كان الطعن للمرة الثانية ورأت محكمة النقض نقض الحكم في حين أن التصدي في الحالة الأولى جوازي في ظل القانون القائم (المادة 296 من المشروع).

تضمن المشروع في المادة 81 منه قاعدة مستحدثة مقتضاها أنه إذا تغيب المدعى والمدعى عليه وجب على المحكمة أن تحكم في الدعوى إذا كانت صالحة للحكم فيها وذلك إذا كان الخصوم قد أبدوا أقوالهم فيها وإلا قررت المحكمة شطبها.

وهدف المشروع من هذا النص تفادى تراكم القضايا أمام المحاكم لأنه ما دام الخصوم قد أبدوا أقوالهم ودفاعهم فليس ثمة ما يمنع المحكمة من نظر الدعوى والحكم فيها ولو تغيب الخصوم.

على أنه من البديهي أن المقصود من عبارة حكمت المحكمة في الدعوى أن المحكمة تنظر الدعوى وتحكم فيها سواء في نفس الجلسة أو في جلسة لاحقة إذا اقتضى الأمر تأجيل الدعوى.

وقد رأى المشروع تقصير المدة التي تبقى فيها الدعوى قائمة بعد شطبها من ستة أشهر إلى ستين يوماً ليحفز الخصوم على تعجيل السير فيها منعاً لتراكم الدعاوى أمام القضاء.

تعالج الفقرة الثانية من المادة 81 حالة غياب المدعى أو المدعين أو بعضهم في الجلسة الأولى وحضور المدعى عليه.

ومقتضى نص هذه الفقرة أن المحكمة تنظر الدعوى وتحكم فيها دون حاجة إلى تأجيلها كما يقضي بذلك القانون القائم لأن المدعي وقد رفع الدعوى فهو عالم بقيامها كما أنه يعلم بالجلسة المحددة لنظرها إذ توجب المادة 67 من المشروع تحديد الجلسة في حضوره وقد أبدى أقواله في صحيفتها فلا يكون غيابه مانعاً من نظر الدعوى.

أما إذا تعدد المدعون وتغيب بعضهم وحضر البعض الآخر فلا يؤثر غياب البعض على نظر الدعوى وإنما تستمر المحكمة في نظرها.

وجاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 23 لسنة 1993.

أنه نظراً لما يعمد إليه بعض المتقاضين تلاعباً، ورغبة في إطالة أمد النزاع من التغيب عن الحضور ليتقرر شطب الدعوى ثم يطلب السير فيها في الأجل المحدد ثم يعود للتغيب فيكرر شطبها عديد من المرات، ونظراً لما يتعين أن يتوافر في المتقاضي من جدية تتناسب مع طرقه محراب العدالة، لذلك رأى المشروع النص على حظر شطب الدعوى لأكثر من مرة واحدة، وبذلك تعدل حكم الفقرة الأولى من المادة (82) فنصت في حكمها الجديد على أنه إذا انقضى (ستون) يوماً بعد شطب الدعوى ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها أو لم يحضر الطرفان بعد السير في الدعوى، حكمت المحكمة باعتبارها كأن لم تكن، وبديهي أن مقصود المشروع مما أورده عن عدم حضور الطرفين بعد السير في الدعوى، هو أن تكون الدعوى قد شطبت ثم جرى السير فيها ولم يحضرا، وهنا لا يتصور أن يكون الشطب الذي وقع قبل السير فيها إلا لمرة واحدة.

الأحكام

1- مفاد نص المادة 82 / 1 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون 23 لسنة 1992 يدل على أن شرط إعمال حكم المادة السالفة أن تكون صحيفة الدعوى أو صحيفة الاستئناف قد تم إعلانها وأعيد إعلانها إذا لم تكن أعلنت لشخص المعلن إليه، كما أنه يشترط لاعتبار المدعي أو المستأنف غائبًا عن الجلسة التي يتخلف عن الحضور فيها أن يكون عالمًا بها ولم تكن هناك ظروف قهرية خارجة عن إرادته تقدرها محكمة الموضوع حالت بينه وبين حضوره الجلسة المحددة، ويشترط أيضًا ألا يكون قد تحقق سبب من أسباب انقطاع سير الخصومة، فإذا تحقق انقطاع سير الخصومة كالوفاة أو فقد أهلية أو زوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه ولم يتصل ذلك بعلم المحكمة ولم يحضر إحدى الجلسات التالية لقيام سبب الانقطاع فإن قرار المحكمة بشطب الدعوى يكون باطلًا عملًا بنص المادة 132 من قانون المرافعات .

( الطعن رقم 9888 لسنة 80 ق - جلسة 8 / 3 / 2023 )

2- تعجيل السير في الخصومة بعد الانقطاع يكون دون التقيد بالميعاد المنصوص عليه في المادة 82 / 1 من هذا القانون (المرافعات)، وفي هذه الحالة يكون الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن قبل من يقوم مقام المتوفى أو من فقد أهليته أو زالت صفته غير مقبول حتى بعد انقضاء ستين يومًا حالة عدم حضور الطرفين بعد السير في الدعوى عملًا بنص المادة الأخيرة، أما إذا تحقق انقطاع سير الخصومة بعد صدور قرار الشطب صحيحًا وفي هذه الحالة فإن هذا القرار الذي وقع صحيحًا أيضًا لا يجدى التحدي به في مواجهة خلفاء المتوفى أو من ينوب عن من فقد أهليته أو زالت صفته بعد أن تغير شخص الصادر ضده القرار، وبالتالي لا يصلح قرار الشطب سالف البيان لأن يتخذ أساسًا للبناء عليه في الدفع المبدى باعتبار الدعوى كأن لم تكن تطبيقًا لنص المادة 82 / 1 من قانون المرافعات.

( الطعن رقم 9888 لسنة 80 ق - جلسة 8 / 3 / 2023 )

3- إذ كان الثابت من الأوراق أن محكمة الاستئناف قررت بجلسة 23/9/2008 شطب الاستئناف لعدم حضور المستأنف وقام المستأنف ضده الأول بتجديد الاستئناف من الشطب، وإذ تبين للمحكمة وفاة المستأنف وتأجل الاستئناف لتصحيح شكله باختصام ورثته، وإذ تم اختصام الأخيرين إلا أنهم لم يحضروا بالجلسة المحددة وحكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة في الاستئناف لوفاة المستأنف وقام المستأنف ضده الأول بتعجيل السير في الاستئناف طالبًا رفضه وتأييد الحكم المستأنف، وبجلسة 27/1/2010 مثل طرفا الاستئناف ودفع المستأنف ضده الأول باعتبار الاستئناف كأن لم يكن وأجابته المحكمة لدفعه في حين أن الثابت من الأوراق أن المحكمة لم تتحقق من تاريخ وفاة المستأنف وما إذا كان قرار الشطب قد وقع بعد وفاته فيكون باطلًا أم قبل وفاته فيكون صحيحًا، وفي الحالة الأخيرة فإن هذا القرار الذي وقع صحيحًا لا يجدى التحدي به في مواجهة خلفاء المتوفى؛ وذلك لتغير شخص من يباشر الإجراءات من الورثة، وبالتالي لا يصلح لأن يتخذ أساسًا للبناء عليه في الدفع المبدى من المستأنف ضده الأول باعتبار الاستئناف كأن لم يكن في مجال إعمال نص المادة 82/1 من قانون المرافعات، وكان الحكم المطعون فيه وقد خالف ذلك النظر وقضى باعتبار الاستئناف كأن لم يكن معتدًا بقرار الشطب سالف البيان فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وحجبه ذلك عن بحث موضوع الاستئناف، مما يعيبه بالقصور أيضًا .

( الطعن رقم 9888 لسنة 80 ق - جلسة 8 / 3 / 2023 )

 

4 ـ نص المادة 82 من قانون المرافعات المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 على أنه " إذا انقضى ستون يوماً ولم يطلب أحد من الخصوم السير فيها أو لم يحضر الطرفان بعد السير فيها اعتبرت كأن لم تكن " مفاده أن طلب السير فى الدعوى من جديد لا يكون إلا بانعقاد الخصومة ولا يكون انعقادها إلا بطريق الإعلان تحقيقاً لمبدأ المواجهة بين الخصوم ولا يكفى مجرد تقديم صحيفة تجديد الدعوى من الشطب إلى قلم الكتاب لأن ذلك قاصر على صحيفة الدعوى أو الطعن ، وإذا تعين الإعلان فإنه يجب أن يتم فى الميعاد الذى حدده القانون أخذاً بحكم المادة الخامسة من قانون المرافعات .

(الطعن رقم 839 لسنة 68 جلسة 2010/03/08 س 61 ص 352 ق 54)

5 ـ المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن النص فى المادة 82 من قانون المرافعات يدل على أنه إذا تغيب المدعى والمدعى عليه وجب على المحكمة أن تحكم فى الدعوى إذا كانت صالحة للحكم فيها وذلك إذا كان الخصوم قد أبدوا أقوالهم فيها ، وإلا قررت المحكمة شطبها وذلك لتفادى تراكم القضايا أمام المحاكم فإذا بقيت الدعوى مشطوبة ستين يوماً ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها اعتبرت كأن لم تكن بقوة القانون وللمدعى عليه أن يتمسك باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا عجل المدعى دعواه بعد انقضاء هذه المدة إلا أن ذلك مشروط بأن يكون قرار شطب الدعوى تم وفق أحكام القانون وإلا كان باطلاً يتيح لأى من الخصوم تعجيل السير فيها دون التقيد بميعاد الستين يوماً المنصوص عليها فى المادة 82 سالفة البيان .

(الطعن رقم 10277 لسنة 75 جلسة 2007/05/27 س 58 ص 483 ق 85)  

6 ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن ثبوت تكرار امتناع المستأجر أو تأخره فى الوفاء بالأجرة المستحقة لا يستلزم بالضرورة أن يصدر فى الدعوى السابقة حكم نهائي إذ لم يستلزم المشرع هذا الشرط سواء فى القانون رقم 49 لسنة 1977 أو فى القانون الحالي رقم 136 لسنة 1981 ومن ثم يكفي لتوافر التكرار أن تتحقق المحكمة وهي تنظر دعوى الإخلاء للتكرار من أن المستأجر سبق أن تأخر أو امتنع عن سداد أجرة مستحقة عليه بالفعل وغير متنازع فى مقدارها وأنه قام بسدادها مع المصاريف والأتعاب لكي يتوقى الحكم بالإخلاء. لما كان ذلك، وكان شطب الدعوى لا يعدو أن يكون وعلى ما نصت عليه المادة 82 من قانون المرافعات قراراً من القرارات التي تأمر بها المحكمة ولا يعتبر من قبيل الأحكام إلا أنه إذا سجلت المحكمة قبل إصدار قرارها بشطب الدعوى ما يفيد أن هناك أجرة مستحقة على المستأجر ولم ينازع فيها وإنه توقى الحكم بالإخلاء أو الطرد بسداد الأجرة والمصاريف والأتعاب وقبلها منه المؤجر فمن العبث القول بأن يستمر المؤجر فى دعواه حتى يحكم فيها إذ أن مآل دعواه الرفض إعمالا لحكم القانون سالف البيان ومن ثم فإن قرار شطب الدعوى على هذا النحو يتحقق به التكرار إذا امتنع المستأجر بعد ذلك عن سداد الأجرة أو تأخر فى الوفاء بها ولا يعتبر كذلك إذا جاء قرار الشطب مجردا وخلت الأوراق أو محاضر الجلسات مما يفيد بأن المستأجر تأخر فى سداد أجرة مستحقة ولم ينازع فيها وتوقى الحكم بالإخلاء أو الطرد بسدادها مع المصاريف والأتعاب فعندئذ لا تعتبر تلك الدعوى سابقة يتحقق بها التكرار المطلوب، وإذ كان الثابت من مطالعة صورة محضر الجلسة التي شطبت فيها الدعوى رقم .... لسنة ..... ومما حصله حكم أول درجة من مفرداتها أن الطاعن أقامها على المطعون ضده بطلب طرده للتأخر فى سداد الأجرة وقررت المحكمة فيها شطب الدعوى لقيام المدعى عليه بسداد القيمة الإيجارية المتأخرة وانسحاب المدعي تاركا دعواه للشطب الأمر الذي يؤكد تأخر المستأجر - المطعون ضده - فى سداد الأجرة دون منازعة فى مقدارها وأنه توقى الحكم بطرده بسدادها وبالتالي صلاحية هذه الدعوى المستعجلة لأن تكون سابقة فى دعوى الإخلاء للتكرار وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضائه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى على سند من أن الدعوى السابقة لا يتحقق بها التكرار فإنه يكون معيبا.

(الطعن رقم 2354 لسنة 64 جلسة 2002/01/17 س 53 ع 1 ص 162 ق 29)
(الطعن رقم 2950 لسنة 57 جلسة 1993/06/10 س 44 ع 2 ص 605 ق 235)

7 ـ إذ كان الثابت فى الأوراق أن الطاعنين قد أقاموا الدعوى رقم 2200 لسنة 34 ق أمام محكمة القضاء الإداري وتحصلوا على حكم فيها لصالحهم (بإلغاء أمر فرض الحراسة على أموال وممتلكات مورثهم) فطعن فيه المطعون ضدهم أمام المحكمة الإدارية العليا والذي أدرك القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 الدعوى أمامها فقد قررت إحالتها إلى محكمة القيم إعمالاً لحكم المادة السادسة منه ويكون من شأن هذه الإحالة إلى محكمة القيم وهى محكمة الدرجة الأولى بالنسبة للمحكمة العليا للقيم أن تعيد الخصومة المرددة بين الطاعنين والمطعون ضدهم إلى سيرتها الأولى قبل صدور حكم محكمة القضاء الإداري لانحسار الولاية عن جهة هذا القضاء وإسنادها إلى محكمة القيم بما يترتب عليه أن يعود الخصوم إلى مراكزهم الأولى وقت افتتاح الخصومة فيصبح الطاعنون باعتبارهم رافعي الدعوى ابتداء هم المدعون فيها والمطعون ضدهم فى مركز المدعي عليهم، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر بتأييده قضاء محكمة القيم باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم طلب الطاعنين السير فيها خلال الستين يوماً من تاريخ شطبها لتخلفهم عن الحضور وذلك إعمالاً لحكم المادة 82 من قانون المرافعات، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.

(الطعن رقم 1384 لسنة 67 جلسة 1999/02/18 س 50 ع 1 ص 280 ق 52)

8 ـ الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تجديدها من الشطب خلال الميعاد الذي حددته المادة 82 من قانون المرافعات وهو ستون يوما من صدور قرار الشطب وكذلك الدفع بسقوط الخصومة فى الدعوى وفقا لحكم المادة 134 وما بعدها من ذات القانون لا يتعلق أي منهما بالنظام العام بل يستهدفان مصلحة الخصم الذي لم يتم إعلانه بصحيفة التجديد من الشطب أو بتعجيل الدعوى قبل انقضاء الميعاد الذي حدده القانون ، ومن ثم فلا تملك المحكمة توقيع أي من هذين الجزاءين من تلقاء ذاتها حتى ولو طالعتها عناصرها من الأوراق ولا يجوز لغير من لم يتم إعلانه صحيحاً فى الميعاد أن يتمسك به حتى ولو كان الموضوع الدعوى مما لا يقبل التجزئة أو كانت الدعوى مما يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها إذ أن استفادة باقي الخصوم فى هاتين الحالتين لا يكون إلا بعد أن يتمسك بالدفع من لم يتم إعلانه منهم إعلانا صحيحاً فى الميعاد وتتحقق محكمة الموضوع من توافر شروط أعماله فيمتد حينئذ اثر قضاء المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن أو بسقوط الخصومة إلى جميع المدعى عليهم فى الدعوى، ومن ثم فانه لا يجوز التحدي باعتبار الدعوى كأن لم تكن أو بسقوط الخصومة فيها لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان البين من الأوراق أن مورثه المطعون ضدها ثانيا لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها باعتبار الدعوى كأن لم تكن أو بسقوط الخصومة فيها ، باعتبارها صاحبة المصلحة فى التمسك بهذين الدفعين فلا يجوز للطاعن التحدي بهما وبما يترتب عليهما من آثار لأول مرة أمام محكمة النقض.

(الطعن رقم 766 لسنة 62 جلسة 1998/06/27 س 49 ع 2 ص 579 ق 141)

9 ـ إذ كان الوقاع فى الدعوى حسبما يبين من الأوراق أن المحكمة المطعون فى حكمها قررت شطب الاستئناف بجلسة .... لتخلف المستأنف ( مورث الطاعنين ) عن الحضور وأن المطعون ضده قام بتعجيل السير فى الاستئناف - بعد انقضاء ميعاد الستين يوماً - بموجب صحيفة اختصم فيها مورث الطاعنين طالباً الحكم بإعتبار الاستئناف كأن لم يكن لتجديده بعد الميعاد بيد أن صحيفة التعجيل لم تعلن لوفاته ، وقررت المحكمة حجز الاستئناف للحكم مع التصريح بتقديم مذكرات فى خلال أسبوع فقدم الطاعنون ( ورثة المتوفى ) بوكيل عنهم طلب بإعادة الاستئناف للمرافعة لوفاة مورثهم سالف الذكر وقدموا صورة من شهادة الوفاة ثابت بها وفاته بتاريخ ...... وإذ قررت المحكمة إعادته للمرافعة لاختصامهم وتمسكوا الأثر المترتب على قيام سبب الانقطاع بوقف الميعاد الذى كان سارياً فى حق مورثهم وبطلان جميع الإجراءات التى حصلت أثناء الانقطاع وكان الحكم المطعون فيه قد خالف القواعد الورادة فى المساق المتقدم وأغفل دفاعهم سالف الذكر وقضى باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم تجديد الدعوى من الشطب خلال مدة الستين يوماً المنصوص عليها فى المادة 82 من قانون المرافعات دون إعمال الأثر المرتب على قيام سبب انقطاع سير الخصومة بوفاة مورث الطاعنين على الدعوى وعلى ميعاد سقوط الاستئناف لعدم تجديده فى الميعاد بعد شطبه إذ حدثت وفاة المستأنف خلال هذا الميعاد فلا تسرى مدة السقوط فى حق ورثته الا من تاريخ إعلانهم كما حجب الحكم نفسه عن بحث موضوع الدعوى بما يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع .

(الطعن رقم 2286 لسنة 63 جلسة 1997/03/06 س 48 ع 1 ص 444 ق 85)

10 ـ المقرر - أن ثبوت تكرار امتناع المستأجر أو تأخره فى الوفاء بالأجرة المستحقة لا يستلزم بالضرورة أن يصدر فى الدعوى السابقة حكم نهائى إذا لم يستلزم المشرع هذا الشرط سواء فى القانون رقم 49 لسنة 1977 أو فى القانون الحالى رقم 136 لسنة 1981 ومن ثم يكفى لتوافر التكرار أن تحقق المحكمة وهى تنظر دعوى الإخلاء للتكرار من أن المستأجر سبق أن تأخر أو امتنع عن سداد أجرة مستحقة عليه بالفعل وغير متنازع فى مقدارها وأنه قام بسدادها مع المصاريف والأتعاب لكى يتوقى الحكم بالإخلاء، لما كان ذلك وكان شطب الدعوى لا يعدو أن يكون وعلى ما نصت عليه المادة 82 من قانون المرافعات قراراً من القرارات التى تأمر بها المحكمة ولا يعتبر من قبيل الأحكام إلا أنه إذا سجلت المحكمة قبل إصدار قرارها بشطب الدعوى ما يفيد أن هناك أجرة مستحقة على المستأجر ولم ينازع فيها وأنه توقى الحكم بالإخلاء أو الطرد بسداد الأجرة والمصاريف والأتعاب وقبلها منه المؤجر فمن العبث القول بأن يستمر المؤجر فى دعواه حتى يحكم فيها إذ أن مآل دعواه الرفض إعمالا لحكم القانون سالف البيان ومن ثم فإن قرار شطب الدعوى على هذا النحو يتحقق به التكرار إذا ما امتنع المستأجر بعد ذلك عن سداد الأجرة أو تأخر فى الوفاء بها يعتبر كذلك إذا جاء قرار الشطب مجردا وخلت الأوراق أو محاضر الجلسات مما يفيد بأن المستأجر تأخر فى سداد أجرة مستحقة ولم ينازع فيها وتوقى الحكم بالإخلاء أو الطرد بسدادها مع المصاريف والأتعاب فعندئذ لا تعتبر تلك الدعوى سابقة يتحقق بها التكرار المطلوب لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه والمؤيد لحكم محكمة أول درجة أن المحكمة تبين لها من الدعويين رقمى 107 لسنة 1983 ، 371 لسنة 84 مستعجل الزقازيق سبق إقامة المؤجر على الطاعن دعوى طرد للتأخير فى سداد الأجرة عن المدة من 1982/7/1 حتى نهاية أبريل 1983 وقد أنذره بالوفاء ثم عاود التأخير فى سداد الأجرة عن المدة من 1983/11/1 حتى نهاية أكتوبر 1984 وقام الطاعن بسداد الأجرة أثناء نظر الدعوى فتركها المؤجر للشطب فقررت المحكمة المستعجلة بشطبها ومن ثم فإن الأثر المترتب على ذلك أن قرار الشطب المتقدم يصلح لأن يتخذ أساسا للقول بتوافر التكرار وإذ إلتزم الحكم الابتدائى هذا النظر وأيده الحكم المطعون فيه - فى توافر التكرار فى التأخير فى سداد الأجرة فإنه لا يكون قد خالف القانون ولا يغنى عن ذلك سداد الطاعن الأجرة قبل قفل باب المرافعة فى الدعوى الماثلة ذلك لأن حالة التكرار للامتناع أو التأخير فى سداد الأجرة موجب للحكم بالإخلاء ولو قام المستأجر بسداد الأجرة قبل إقفال باب المرافعة إلا إذا قدم لمحكمة الموضوع مبررات مقبولة لهذا التأخير أو الامتناع وإذ لم يقدم الطاعن مبررات تأخيره فى سداد الأجرة فى الدعوى النزاع فغن سبب النعى يكون على غير أساس متعينا رفضه.

(الطعن رقم 3464 لسنة 60 جلسة 1994/11/24 س 45 ع 2 ص 1476 ق 279)

11 ـ النص فى المادة 82 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 على أنه " إذا لم يحضر المدعى ولا المدعى عليه حكمت المحكمة فى الدعوى إذا كانت صالحة للفصل وإلاقررت شطبها فإذا بقيت الدعوى مشطوبة ستين يوما ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها إعتبرت كأن لم تكن " وفى الفقرة من المادة 135 من قانون الإثبات على أنه وفى حالة دفع الأمانة لا تشطب الدعوى قبل إخبار الخصوم بإيداع الخبير تقريره طبقا للإجراءات المبينة فى المادة 151 " يدل على أنه إذا تغيب المدعى والمدعى عليه وجب على المحكمة أن تحكم فى الدعوى إذا كانت صالحة للحكم فيها وذلك إذا كان الخصوم قد أبدوا أقوالهم فيها __ وإلا قررت المحكمة شطبها وذلك لتفادى تراكم القضايا أمام المحاكم، فإذا بقيت الدعوى مشطوبه ستين يوما ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها أعتبرت كأن لم تكن بقوة القانون وللمدعى عليه أن يتمسك بإعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا عجل المدعى دعواه بعد انقضاء هذه المدة إلا أن ذلك مشروط بأن يكون قرار شطب الدعوى تم وفق أحكام القانون وإلا كان باطلا يتيح لأى من الخصوم تعجيل السير فيها دون التقيد بميعاد الستين يوما المنصوص عليها فى المادة 82 سالفة البيان .

(الطعن رقم 7866 لسنة 63 جلسة 1994/07/07 س 45 ع 2 ص 1175 ق 222)

12 ـ الجزاء المنصوص عليه فى المادة 82 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم23لسنة1992وهو إعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا بقيت مشطوبة ستين يوما دون تجديد السير فيها وإن كان لا يتصل بالنظام العام ولا يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها لأنه مقرر لمصلحة من لم يتم إعلانه من المدعى عليهم دون سواه إلا أنه متى دفع به المدعى عليه الذى تحققت شرائط قبوله بالنسبة له وجب على المحكمة أن تقضى به ولا يحول دون ذلك تعجيل الدعوى فى الميعاد بالنسبة لغيره من المدعى عليهم إذ لا يصح ان يضار خصم من إجراء لم يتخذ فى مواجهته.

(الطعن رقم 725 لسنة 58 جلسة 1993/04/18 س 44 ع 2 ص 147 ق 164)

13 ـ مفاد نص المادة 82 من قانون المرافعات أنه إذا ظلت الدعوى مشطوبة دون أن يعلن المدعى غيره من الخصوم خلال الستين يوما التالية لقرار الشطب استئناف سيرها فإنها تعتبر بقوة القانون كأن لم تكن متى تمسك بذلك ذوو الشأن وهو ما يعنى زوال الخصومة وزوال أثرها فى قطع التقادم أن يؤثر ذلك فى الحق فى إقامة دعوى جديدة.

(الطعن رقم 2179 لسنة 60 جلسة 1992/06/28 س 43 ع 1 ص 904 ق 187)

14 ـ إذ كان القانون لم يتطلب أن يكون بيد المحامى الذى يحرر صحيفة الاستئناف توكيلا من ذى الشأن عند تحريرها وإعلانها، فإنه لا يؤثر فى سلامة إقامة الاستئناف من الطاعن والموقع عليه من محاميه عدم ثبوت وكالة محاميه عنه قبل إقامة الاستئناف الذى يكون قد أقيم بإجراءات سليمة ومنتجا لكل آثاره لأن القانون لا يستلزم ثبوت وكالة الوكيل عن موكله وفقا لأحكام قانون المحاماة إلا فى الحضور عنه أمام المحكمة حسبما تقضى المادة 73 من قانون المرافعات ، لما كان ذلك ، وكانت الأوراق خالية مما يفيد إنكار الطاعن تكليف الأستاذ /_.. المحامى بتحرير صحيفة الاستئناف وإعلانها ولا يوجد ما يفيد إنكار وجود وكالة بينهما فإن الاستئناف يكون أقيم ممن له صفة فى رفعه، وكانت المادة 82 من قانون المرافعاتمؤداها أن المشرع أورد قاعدة مستحدثة مقتضاها أنه إذا تغيب المدعى والمدعى عليه وجب على المحكمة أن تحكم فى الدعوى إذا كانت صالحة للحكم فيها طالما أبدى الخصوم أقوالهم وإلا قررت شطبها ، إذ كان ذلك ، وكانت محكمة الاستئناف قد انتهت إلى عدم وجود سند وكالة مع المحامى الحاضر عن الطاعن أمامها فإن المستأنف يكون قد تخلف عن الحضور أمامها فكان يتعين عليها أما أن تفصل فى الاستئناف إذا كان صالحا للفصل فيه أو تقرر شطب الاستئناف وفقا للسلطة المقررة لها فى المادة 82 من قانون المرافعات، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذى صفة فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.

(الطعن رقم 1451 لسنة 56 جلسة 1992/03/16 س 43 ع 1 ص 464 ق 100)

15 ـ المادة 82 من قانون المرافعات أعطت المدعى علية الحق فى طلب السير فى الدعوى بعد شطبها لتغيب المدعى ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة مناط الدعوى وفق المادة الثالثة من قانون المرافعات ، وميعار المصلحة الحقه ، سواء كانت حالة أو محتمله ، إنما هو كون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعنة حين قضى برفض طلباتها كلها أو كان ذلك وكان الثابت من واقع الدعوى أن المطعون ضده أقام الدعوى على الطاعنة بطلب إثبات طلاقه لها طلقة رجعية بعد الدخول على سند أنهما مسيحيين مختلفي الطائفة والملة ولدى نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة قررت شطبها فقامت الطاعنة بتجديدها والسير فيها بهد شطبها لانسحاب المطعون ضده وطلبت الحكم فيها بإثبات الطلاق. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي قد فصل فى الدعوى على أساس ذلك ، وكان ما أورده فى أسبابه من أنه لم يقدم أياً من طرفى الدعوى ما يفيد تغيير أحدهما لطائفته، وإذ كانت طائفة الأقباط الأرثوذكس التى ينتمى إليها الطرفين لا تعرف الطلاق وانتهى إلى القضاء برفض الدعوى، مما مفاده أن محكمة أول درجة قد فطنت إلى طلبات الطاعنة بصحيفة تجديد الدعوى من الشطب باعتبارها لها مصلحة فى الحكم ويكون الحكم قد صدر عليها ، ويحق لها الطعن فى هذا الحكم بالاستئناف . وإذ استأنفت الطاعنة هذا الحكم فقد انتقلت الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أيدته الطاعنة من طلبات أمام محكمة أول درجة، وتعتبر مطروحة أمام محكمة الاستئناف للفصل، وإذ قضى الحكم المطعون بعدم جواز الاستئناف يكون قد حجب نفسه عن مواجهة موضوع النزاع مما يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق.

(الطعن رقم 78 لسنة 59 جلسة 1992/02/18 س 43 ع 1 ص 325 ق 70)

16 ـ النص فى المادة 95 من قانون الإثبات على أنه " بمجرد إنتهاء التحقيق أو إنقضاء الميعاد المحدد لاتمامه يعين القاضى المنتدب أقرب جلسة لنظر الدعوى و يقوم قلم الكتاب بإخطار الخصم الغائب " . مؤداه أنه يجب على المحكمة إخطار الغائب من الخصوم بقرار إحالة الدعوى من التحقيق إلى المرافعة للاتصال بالدعوى و أن الإخطار لا يتم إلا بإعلانه قانوناً أو ثبوت حضوره وقت النطق بقرار الإحالة . لما كان ذلك و كان البين من الأوراق أن الطاعنة لم تحضر جلسة التحقيق أمام محكمة أول درجة فى .......... و قرر القاضى المنتدب إحالة الدعوى إلى المرافعة لذات الجلسة حيث أصدرت المحكمة قرارها بشطب الدعوى رغم عدم إخطار الطاعنة بقرار الإحالة أو ثبوت حضورها وقت النطق به . فإن قرارها يكون مشوباً بالبطلان و يترتب عليه إعتبار قرار الشطب على غير سند من القانون و بالتالى لا تلتزم الطاعنة بتجديد السير فى الدعوى خلال الميعاد المحدد فى المادة 82 من قانون المرافعات و إذ أسست محكمة أول درجة - بعد ذلك - قضاءها بإعتبار الدعوى كأن لم تكن على عدم تجديدها خلال ستين يوماً من تاريخ شطبها فإن حكمها يكون قد وقع باطلا لإبتنائه على إجراء باطل قام عليه قضاؤها .

(الطعن رقم 69 لسنة 58 جلسة 1990/07/31 س 41 ع 2 ص 506 ق 257)

17 ـ شطب الدعوى - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إجراء لا علاقة له ببدء الخصومة و إنما يلحق الخصومة أثناء سيرها فيبعدها عن جدول القضايا المتداولة أمام المحكمة ، و تجديدها من الشطب يعيدها لمسيرتها الأولى و يكون بإنعقادها من جديد بين طرفيها تحقيقاً لمبدأ المواجهة بين الخصوم و هو لا يكون إلا بالإعلان الذى يتعين أن يتم فى الميعاد الذى حدده القانون أخذا بحكم المادة الخامسة من قانون المرافعات التى تقضى بأنه إذا نص القانون على ميعاد ضمنى لإتخاذ إجراء يحصل بالإعلان ، فلا يعتبر الإعلان مرعيا إلا إذا تم إعلان الخصم خلاله .

(الطعن رقم 434 لسنة 49 جلسة 1984/03/28 س 35 ع 1 ص 870 ق 165) 

18- إذ كان البين من الأوراق أن قرار الشطب الصادر بجلسة 6 / 8 / 1994 قد تم إيقاعه بالرغم من مثول الطاعنين والمطعون ضده الأول فعلياً بالجلسة ، إلا أنه قد أثبت حضورهما على سبيل الخطأ فى محضر جلسة أخر يتعلق بإحدى الدعاوى أمام المحكمة بذات الجلسة ، وإذ فطن الحكم الابتدائى لهذا الخطأ وقضى برفض الدفع المبدى من المطعون ضده الأول باعتبار الدعوى كأن لم تكن وذلك على نحو ما أورده بمدوناته " أن المحكمة تبين لها أن قرار الشطب الحاصل للمرة الثانية بجلسة 6 / 8 / 1994 قد وقع خطأً ، فإنه يكون باطلاً ومن ثم يحق للمدعيين تجديدها ولو بعد الميعاد المنصوص عليه بالمادة 82 من قانون المرافعات فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى – من بعد – بإلغائه وباعتبار الدعوى كأن لم تكن بقالة إن إعلان المطعون ضدهم بالتجديد قد تم بعد الميعاد المقرر قانوناً فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 3059 لسنة 71 جلسة 2012/12/26 س 63 ص 1234 ق 199)

19-  النص فى المادة 82 /1 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون 23 لسنة 1992 على أنه " إذا لم يحضر المدعى ولا المدعى عليه حكمت المحكمة فى الدعوى إذا كانت صالحة للحكم فيها وإلا قررت شطبها فإذا انقضى ستون يومًا ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها أو لم يحضر الطرفان بعد السير فيها اعتبرت كأن لم تكن " ، يدل على أن شرط إعمال حكم المادة السالفة أن تكون صحيفة الدعوى أو صحيفة الاستئناف قد تم إعلانها وأعيد إعلانها إذا لم تكن أعلنت لشخص المعلن إليه ، كما أنه يشترط لاعتبار المدعى أو المستأنف غائبًا عن الجلسة التى يتخلف عن الحضور فيها أن يكون عالمًا بها ولم تكن هناك ظروف قهرية خارجة عن إرادته تقدرها محكمة الموضوع ، حالت بينه وبين حضوره الجلسة المحددة ، ويشترط أيضًا ألا يكون قد تحقق سبب من أسباب انقطاع سير الخصومة ، فإذا تحقق انقطاع سير الخصومة كالوفاة أو فقد أهلية أو زوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه ، ولم يتصل ذلك بعلم المحكمة ، ولم يحضر إحدى الجلسات التالية لقيام سبب الانقطاع فإن قرار المحكمة بشطب الدعوى يكون باطلاً عملاً بنص المادة 132 من قانون المرافعات ، ويكون تعجيل السير فى الخصومة بعد الانقطاع دون التقيد بالميعاد المنصوص عليه فى المادة 82 /1 من هذا القانون ، وفى هذه الحالة يكون الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن قبل من يقوم مقام المتوفى أو من فقد أهليته أو زالت صفته غير مقبول حتى بعد انقضاء ستين يومًا حالة عدم حضور الطرفين بعد السير فى الدعوى عملاً بنص المادة الأخيرة ، أما إذا تحقق انقطاع سير الخصومة بعد صدور قرار الشطب صحيحًا وفى هذه الحالة فإن هذا القرار الذى وقع صحيحًا أيضًا لا يجدى التحدى به فى مواجهة خلفاء المتوفى أو من ينوب عن من فقد أهليته أو زالت صفته بعد أن تغير شخص الصادر ضده القرار ، وبالتالى لا يصلح قرار الشطب سالف البيان لأن يتخذ أساسًا للبناء عليه فى الدفع المبدى باعتبار الدعوى كأن لم تكن تطبيقًا لنص المادة 82 /1 من قانون المرافعات ، وكان الثابت من الأوراق أن محكمة الاستئناف قررت بجلسة 23 /9 /2008 شطب الاستئناف لعدم حضور المستأنف وقام المستأنف ضده الأول بتجديد الاستئناف من الشطب ، وإذ تبين للمحكمة وفاة المستأنف وتأجل الاستئناف لتصحيح شكله باختصام ورثته ، وإذ تم اختصام الأخيرين إلا أنهم لم يحضروا بالجلسة المحددة ، وحكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة فى الاستئناف لوفاة المستأنف وقام المستأنف ضده الأول بتعجيل السير فى الاستئناف طالبًا رفضه وتأييد الحكم المستأنف ، وبجلسة 27/1/2010 مثل طرفا الاستئناف ودفع المستأنف ضده الأول باعتبار الاستئناف كأن لم يكن وأجابته المحكمة لدفعه فى حين أن الثابت من الأوراق أن المحكمة لم تتحقق من تاريخ وفاة المستأنف ، وما إذا كان قرار الشطب قد وقع بعد وفاته فيكون باطلاً أم قبل وفاته فيكون صحيحًا ، وفى الحالة الأخيرة فإن هذا القرار الذى وقع صحيحًا لا يجدى التحدى به فى مواجهة خلفاء المتوفى وذلك لتغير شخص من يباشر الإجراءات من الورثة ، وبالتالى لا يصلح لأن يتخذ أساسًا للبناء عليه فى الدفع المبدى من المستأنف ضده الأول باعتبار الاستئناف كأن لم يكن فى مجال إعمال نص المادة 82 /1 من قانون المرافعات ، وكان الحكم المطعون فيه وقد خالف ذلك النظر وقضى باعتبار الاستئناف كأن لم يكن معتدًا بقرار الشطب سالف البيان فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه ، وحجبه ذلك عن بحث موضوع الاستئناف ، مما يعيبه بالقصور أيضًا ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن .

 

(الطعن رقم 9888 لسنة 80 ق - جلسة 8 / 3 / 2023)

20- المقرر - في قضاء هذه المحكمة – أن الجزاء المنصوص عليه في المادة 82 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 والتي يسري حكمها على الاستئناف، هو اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا بقيت مشطوبة ستين يومًا، دون أن يطلب أحد الخصوم السير فيها لا يتصل بالنظام العام فلا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها إذ هو مقرر لمصلحة من لم يتم إعلانه من المدعى عليهم دون سواه ولا يتجاوز إلى غيره ممن استقام شكل الدعوى بالنسبة له طالما كان موضوع الدعوى قابلًا للتجزئة شريطة أن يتمسك الخصم الذي تقرر هذا الجزاء لمصلحته به.

(الطعن رقم 261 لسنة  74 ق - جلسة 3 / 12 / 2023)

شرح خبراء القانون

نظر القضية في غياب الخصوم

معنى الغياب :

الأصل أن تنظر القضية بحضور جميع أطرافها، تطبيقاً لمبدأ المواجهة. وتتحقق المحكمة من تمام المواجهة إما بحضور الخصم أو بإعلانه بصحيفة الدعوى إعلاناً صحیحاً والواقع أن من مصلحة الخصم الحضور بنفسه أو بواسطة من يمثله للدفاع عن وجهة نظره حتى يصدر حكم لصالحه ولكن قد يحدث أن يتغيب أحد الخصوم. والغائب عادة هو المدعى عليه، إذ من غير الطبيعي أن يفقد المدعي اهتمامه بالدعوى وهو الذي رفعها. على أنه يمكن تصور غياب المدعي، بل يمكن تصور غياب كل من المدعي والمدعى عليه.

وعند غياب أحد الخصوم تقوم مشكلة أمام المشرع. ذلك أنه من ناحية لا يجوز الحكم على شخص دون سماع دفاعه، وهو ما يستتبع مراعاة جانب الخصم الغائب، خاصة أنه قد يكون غائباً لعدم علمه بقيام الخصومة أو عدم علمه بتاريخ الجلسة ومن ناحية أخرى يجب إلا يؤدي غياب الخصم إلى عدم قيام القضاء بوظيفته وهو ما يدعو إلى تغليب وجوب تحقيق هذه الوظيفة رغم عدم مشاركة الغائب بنشاطه في الخصومة وعدم سماع دفاعه خاصة أن الغياب قد يكون بسوء نية بقصد عرقلة أداء هذه الوظيفة.

وقبل تحديد القواعد التي يقررها قانون معين بالنسبة للخصومة الغيابية، يجب تحديد المعنى المقصود في هذا القانون بالغياب. فالغياب في القانون قد لا يكون مرادفاً للغياب الفعلي وفي القانون المصري يعتبر الخصم غائباً إذا لم يحضر هو أو ممثله الجلسة، مع ملاحظة ما يلي:

(أ) إذا حضر الخصم أو من يمثله أية جلسة، فإن الخصومة في درجة التقاضي التي حضر فيها تعتبر حضورية بالنسبة له، ولو تغيب هو وممثله باقى الجلسات.

(ب) يقوم مقام الحضور تقديم الخصم مذكرة بدفاعه. ولهذا فإن الخصومة إذ تبدأ بصحيفة من المدعي يبين فيها طلباته وأسانيدها، فإنها تعتبر حضورية دائماً بالنسبة له ولو لم يحضر أية جلسة ومن ناحية أخرى، إذا أودع المدعى عليه مذكرة بدفاعه فإن الجلسة تعتبر حضورية في حقه دون حاجة لحضوره الفعلي أية جلسة ( 1 / 83 مرافعات).

(ج) تعتبر الخصومة حضورية إذا كانت صحيفة الدعوى قد أعلنت الشخص المدعى عليه، ولو لم يحضر هو أو ممثله أية جلسة أو يقدم مذكرة بدفاعه إذ يفترض في هذه الحالة علمه بالخصومة وبالجلسة المحددة لنظرها فإن لم يحضر، أو يقدم مذكرة بدفاعه، فلا يلومن إلا نفسه.

(د) إذا اعتبر الخصم غائباً فإنه يكون كذلك لمجرد عدم حضوره وعدم تقديم مذكرة بدفاعه، بصرف النظر عما إذا كان قد غاب باختياره أو قام مانع حال دون حضوره.

أثر الغياب :

نظم المشرع المصرى أثر غياب الخصوم في المادة 82 مرافعات وما بعدها، وذلك على النحو الآتي :

أولاً : إذا لم يحضر كل من المدعي والمدعى عليه أو تعدد المدعون أو المدعى عليهم وغابوا جميعاً وذلك في أية جلسة من الجلسات، فإنه يجب التفرقة بين فرضين :

(أ) الفرض الأول : أن تكون الدعوى صالحة للحكم فيها : بمعنى أن يكون كل من الخصمين قد أبدى دفاعه فيها، ولو كان ذلك في مذكرة سابقة أو جلسة سابقة ويعتبر المدعي مبدياً دفاعه ولو لم يقدم مذكرة به إذ هو الذي رفع الدعوى وأبدى في صحيفتها أسانيد دعواه كما يكفي بالنسبة للمدعي عليه أن يكون قد تمكن من إبداء دفاعه بأن يكون قد أعلن لشخصه أو أعيد إعلانه ومن الواضح في هذا الفرض أن كلا من المدعي والمدعى عليه يعتبر - وفقاً للقانون - حاضراً فلسنا بصدد غياب بالمعنى القانوني الصحيح. ولهذا تقضي المادة 1 / 82 بأن المحكمة تحكم - عندئذ - في الدعوى. فهي لا تلقي بالا للغياب الفعلي للخصوم وهي تستطيع أن تحكم في الدعوى في نفس الجلسة أو تؤجل النطق إلى جلسة تالية.

(ب) الفرض الثاني : ألا تكون الدعوى صالحة للحكم فيها ، بالمعنى السابق بيانه  وعندئذ رغم قيام الخصومة، فإنه ينقصها ما يلزم لإمكان الفصل في الدعوى دون الإخلال بحق الدفاع. ولهذا فإن المحكمة إذا تحققت في هذه الحالة من عدم حضور كل من المدعي والمدعى عليه الجلسة، تقرر شطب الدعوى من جدول القضايا المتداولة أمام المحكمة. وللمحكمة بدلاً من الشطب تأجيل نظر القضية إلى جلسة أخرى. ولكن ليس لها - مادامت الدعوى غير صالحة للحكم فيها بالمعنى المبين في (أ) – أن تحكم فيها وإلا كان حكمها بأطلاً لإخلاله بحق الدفاع شطب الدعوى واعتبارها كأن لم تكن :

ليس معنى الشطب زوال رفع الدعوى، إذ تبقى الدعوى مرفوعة منتجة لآثارها  سواء الإجرائية أو الموضوعية كما لا يؤثر الشطب في الإجراءات التالية على رفع الدعوى إلى حين شطبها فشطب الدعوي يعني فقط إبعادها من جدول القضايا المتداولة أمام المحكمة، فهو يشبه وقف سير الخصومة.

وتبقى الدعوى مشطوبة حتى يطلب أحد الخصوم استئناف سير الخصومة بأن يطلب إعادتها إلى جدول القضايا المتداولة، ويحدد جلسة أمام المحكمة لنظرها يعلن بها الخصم الآخر ولا يكفي لذلك مجرد إيداع صحيفة تعجيل الدعوى من الشطب قلم الكتاب، بل يجب أن يتم إعلان هذه الصحيفة خلال الستين يوماً التالية لقرار الشطب ويضاف إلى هذا الميعاد ميعاد مسافة بين مقر المحكمة التي قدمت إليها صحيفة التعجيل ومحل من يراد إعلانه بها على أنه إذا قررت المحكمة شطب الدعوى ثم تبين أن قرار الشطب في غير محله، كأن يكون المدعي قد حضر أثناء الجلسة إلا أن المحكمة ظنت خطأ أنه لم يحضر فقررت شطبها، كان للمدعى أن يطلب السير فيها ولو بعد مضي الستين يوماً لبطلان قرار الشطب.

ولا يغني عن ذلك الإعلان مجرد حضور الخصم من تلقاء نفسه بعد الشطب، أو تقديم صحيفة التجديد إلى قلم الكتاب خلال هذا الأجل ويجب أن يتم الإعلان قبل انقضاء الميعاد إذ وفقاً للمادة الخامسة من قانون المرافعات إذا نص القانون على ميعاد حتمي لاتخاذ إجراء يحصل بالإعلان فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا إذا تم الإعلان خلاله فإذا تم هذا الإعلان صحيحاً خلال الميعاد، عادت الخصومة إلى استئناف سيرها، ولو كان قد حدد لنظر الدعوى جلسة بعد مضي هذا الميعاد، ولا حاجة لإعادة إعلان صحيفة التعجيل إذا لم يحضر المعلن إليه، إذ الخصومة قد استأنفت سيرها بهذا الإعلان وتستأنف الخصومة سيرها بالحالة التي كانت عليها قبل الشطب أما إذا ظلت الدعوى مشطوبة دون أن يعلن خصم غيره من الخصوم خلال هذا الميعاد بطلبه استئناف سيرها، فإنها تعتبر بقوة القانون كأن لم تكن وذلك ما لم تتحقق قوة قاهرة إذ يقف ميعاد الستين يوماً باعتباره من مواعيد السقوط وهذا الجزاء يوقع ولو كانت المحكمة قد كلفت قلم الكتاب بإجراء تجديد السير في الدعوى، ولم يتم في الميعاد.

وإذا استأنفت الخصومة سيرها بعد الشطب بإعلان أحد الطرفين الطرف الآخر خلال الميعاد سالف الذكر، ولم يحضر الطرفان بعد السير فيها اعتبرت كأن لم تكن . ( 1 / 82 معدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992) وقد جرى العمل على الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن في حالة غياب الطرفين في جلسة تالية ولو لم تكن هي الجلسة الأولى بعد استئناف سير الخصومة، مادام الشطب السابق قد حدث بعد نفاذ القانون 23 لسنة 1992. وهو اتجاه في تقديرنا محل نظر  ويخالف ما يفهم من عبارة النص وما يجب بالنسبة التفسير النصوص المنظمة للجزاءات.

ولهذا فإننا نرى أن اعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم حضور الطرفين بالجلسة بعد سبق شطب الدعوى واستئناف سيرها، إنما يتعلق بالجلسة الأولى بعد زوال الشطب. فإذا حضر الطرفان أو أحدهما في هذه الجلسة، وغابا بعد ذلك وجب تطبيق القواعد المتعلقة بالفصل في الدعوى إذا كانت صالحة للفصل فيها أو بالشطب حسب الأحوال.

وإعتبار الدعوى كأن لم تكن، سواء لعدم التعجيل في الميعاد أو لعدم حضور الطرفين بالجلسة بعد التعجيل، رغم أنه يقع بقوة القانون مقرر لمصلحة المدعى عليه ولا يتعلق بالنظام العام. ولهذا ليس للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها. كما أنه ليس للمدعي التمسك به فهي لا تقضي به إلا بناء على دفع من المدعى عليه. ويعتبر هذا الدفع دفعاً شكلياً غير متعلق بالنظام العام يجب إبداؤه قبل الكلام في الموضوع. فإذا تخلف المدعى عليه عن الحضور حتى صدر الحكم من محكمة أول درجة، فإن له التمسك بالدفع أمام محكمة الاستئناف بشرط إبدائه في صحيفة الاستئناف.

على أنه إذا تحقق موجب اعتبار الدعوى كأن لم تكن، بسبب الشطب مرة ثانية، وطلب المدعى عليه الحكم به فليس للمحكمة أن تمتنع عن الحكم به وتمضي في نظر الدعوى.

فإذا تعدد المدعى عليهم، ودفع أحدهم فقط باعتبار الدعوى كأن لم تكن، فإن الدعوى تعتبر كأن لم تكن بالنسبة لمن تمسك بالدفع دون غيره، ما لم تكن الدعوى من الدعاوى التي لا تقبل التجزئة إذ عندئذ تعتبر الدعوى كأن لم تكن بالنسبة لجميع المدعى عليهم.

و اعتبار الخصومة كأن لم تكن يؤدي إلى زوال الخصومة بجميع ما تم فيها من أعماله، وما ترتب على هذه الأعمال ومنها المطالبة القضائية من آثار  إذ أن عدم قيام أحد الخصوم باستئناف سيرها بعد الشطب أو عدم حضور الخصمين بعد استئناف سير الدعوى قد يكون مرده اتفاق الطرفين على الصلح، فلا معنى لبقاء الخصومة، على أن هذا الزوال لا يؤثر في الحق في الدعوى أو في الحق الموضوعي، فيمكن بدء خصومة جديدة.

 ثانياً : إذا لم يحضر المدعى وحضر المدعى عليه في أية جلسة من الجلسات:

وفقاً للمادة 2/82 «تحكم المحكمة في الدعوى» أي تنظر الدعوى بصرف النظر عن عدم حضور المدعي. وعلة هذا أن المدعي يعتبر - كما قدمنا - حاضراً قانوناً ولو تغيب ولا يشترط لكي تحكم المحكمة في الدعوى أن يتمسك المدعى عليه بذلك، إذ من حق المدعي وقد رفع دعواه أن تفصل المحكمة في الدعوى، وليست في حاجة من أجل هذا إلى طلب من المدعي عليه. فهي تحكم في الدعوى ولو لاذ المدعى عليه بالصمت مادام قد حضر. وليس في هذا إخلالاً بحقه في الدفاع إذ كان في إمكانه الدفاع ولم يفعل. كما أنها تحكم في الدعوى مادام المدعى عليه قد حضر. ولو كان لم يسبق له تقديم مذكرة بدفاعه.

وليس معنى الحكم في الدعوى، وجوب الفصل فيها في نفس الجلسة، فتستطيع المحكمة تأجيل حجزها للحكم لجلسة أخرى. كما أنه ليس معناه أن يصدر الحكم برفض الدعوى، فقد تقضي المحكمة لصالح المدعى رغم غيابه . ويحدث هذا إذا كان المدعي قد أودع مع صحيفة دعواه المستندات المؤيدة لها ولم ينكر المدعى عليه الواقعة المنشئة الحق المدعى أو عجز عن إثبات ما يتمسك به من وقائع مانعة أو منهية لهذا الحق.

وليس للمحكمة عند حضور المدعى عليه وغياب المدعي أن تحكم بشطب الدعوى ولو طلب المدعى عليه ذلك (قارن الفقرة الأولى من المادة 82 بالفقرة الثانية منها وبالمادة 91 من القانون الملغى) وإذا حضر المدعى عليه وتبين له عدم حضور المدعى وأراد شطب الدعوى، فعليه أن ينسحب فيتحقق الفرض السابق وهو فرض غياب الطرفين ويخضع لحكمه، فتقضي المحكمة بالشطب.

وتسري هذه القواعد سواء تحقق عدم حضور المدعي وحضور المدعي عليه في الجلسة الأولى أو جلسة أخرى تالية. كما تسري هذه القواعد إذا تعدد المدعون وحضر البعض وغاب البعض الآخر إذ – كما قدمنا - يعتبر هؤلاء في حكم الحضور.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني ، الصفحة : 295)

شطب الدعوى لغياب المدعي:

الشطب، هو رفع رقم الدعوى واستبعاده من الجدول المخصص لقيد وترحيل الدعاوى المنظورة أمام المحكمة مما يترتب عليه عدم عرض الدعوى عليها بالجلسات المقبلة، وقرار الشطب ليس حكماً وليس أمراً ولائياً وإنما هو قرار تنظيمي باستبعاد الدعاوى التي لا يباشرها رافعها جزاء له، ولذلك لا يخضع لأي من طرق الطعن أو للتظلم ويكون للمحكمة التي أصدرته العدول عنه في ذات الجلسة إذا حضر المدعى قبل انتهائها دون اعتبار هذا العدول تسلطا منها على قرارها، وتتصل المحكمة بالدعاوى بمجرد إيداع صحيفتها قلم الكتاب وقبل إعلانها. ومن ثم إذا تغيب المدعي، ولم تكن الصحيفة قد أعلنت للمدعى عليه تعين أن تقرر المحكمة شطب الدعوى، فإن هي قررت استبعادها من الجدول استناداً إلى عدم إعلان الصحيفة فإن التكييف الصحيح لهذا القرار يكون قراراً بالشطب ومن ثم يتعين تجديد السير في الدعوى خلال ستين يوماً وإلا اعتبرت كأن لم تكن.  

ويصدر قرار الشطب إذا لم يحضر المدعى أياً من الجلسات بشرط ألا تكون الدعوى صالحة للحكم فيها، وتعتبر الدعوى صالحة للحكم فيها بمجرد انعقاد الخصومة إما بإعلان المدعى عليه لشخصه أو بإعادة إعلانه إن لم يكن قد أعلن لشخصه واستيفاء أوجه الدفاع، وفي الدعاوى المستعجلة بالإعلان ولو لم يكن لشخص المدعى عليه، ذلك لأن صحيفة الدعوى تضمنت أقوال المدعي وأن إعلان المدعى عليه - على نحو ما تقدم - يقيم قرينة قانونية قاطعة على علمه بالجلسة فإن وجد دفاعاً حضر بالجلسة لإبدائه وفي هذه الحالة نحيل للمادة (131) وإن لم يكن لديه دفاع يبديه تغيب عن الحضور ویعتبر إعلانه - على نحو ما تقدم - بمثابة حضور. (ویری أبو الوفا في التعليق وفي الأحكام صفحة 412) أن الدعوى لا تكون صالحة للحكم فيها إلا إذا حضر المدعى عليه وأبدى أقواله في الدعوى بحيث إذا قضت المحكمة في الدعوى قبل تمكين المدعى عليه من إبداء أقواله كان حكمها باطلاً .

 ويجب لتقرر المحكمة شطب الدعوى، أن يكون المدعي على علم بالجلسة التي صدر القرار فيها، ويتحقق هذا العلم بالنسبة للجلسة الأولى إذ يحددها قلم الكتاب في حضور المدعى أو وكيله عند إيداع الصحيفة، كما يتحقق هذا العلم بحضور المدعى أو وكيله بالجلسة التي نظرت فيها الدعوى وتأجلت لجلسة أخرى ويجب أن يتوافر ذلك عند تسلسل الجلسات، بحيث إذا انقطع هذا التسلسل بأن تأجلت الدعوى لجلسة صادفت عطلة رسمية مما حال دون حضور المدعي، فإن المحكمة تحدد جلسة أخرى يعلن بها الخصوم عن طریق قلم الكتاب، فإن تغيب المدعى عن حضورها ورجع ذلك إلى عدم إعلانه، تعين على المحكمة التأجيل لإعلانه، فإن قررت شطب الدعوى دون أن تتنبه لعدم الإعلان كان قرارها منعدماً وكان للمدعي الحق في تجديد الدعوى ولو بعد انقضاء ثلاثين يوماً وينتج التجديد أثره ويمتنع على المدعى عليه الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن بحيث إن تمسك به قضت المحكمة برفضه، ومثال ذلك إذا انقطع سير الخصومة وقام المدعى عليه بالتجديد ولم يتم إعلان المدعى، ووفقاً للمادة (135) من قانون الإثبات لا تشطب الدعوى إذا ندب خبير فيها وسددت الأمانة .

 أما قرار الشطب الذي يصدر لغير الأسباب المتقدمة، فهو قرار قائم وصحيح مرتباً لأثره حتى لو تمسك المدعي بأن الدعوى کانت صالحة للحكم فيها إذ تخضع هذه الصلاحية للتقدير الموضوعي للمحكمة المنوط بها الفصل في الخصومة وتكون المحكمة قد رأت عدم اكتمال العناصر اللازمة لذلك.

ويقتصر قرار المحكمة على شطب الدعوى دون البت في المصاريف، بحيث إن لم تعجل واعتبرت كأن لم تكن تحمل المدعي ما أنفقه، وإن عجلت قضت المحكمة عند الفصل في الموضوع بإلزام خاسر الدعوى مصاريفها.

ولا ينال قرار الشطب من الآثار المترتبة على رفع الدعوى كقطع التقادم وسريان الفوائد، لكن إذا قضى باعتبار الدعوى كأن لم تكن، زالت كل هذه الآثار.

وإذا تغيب الخصوم جميعاً، أو تغيب المدعي وانسحب المدعى عليه تاركاً الدعوى للشطب، فلا تلزم المحكمة بشطب الدعوى باعتبار أن قرار الشطب من المسائل الجوازية التي ترك المشرع تقديرها لمحكمة الموضوع حتى لو توافرت شروطه، فقد هدف المشرع من نص الفقرة الأولى من المادة (82) تفادي تراكم القضايا أمام المحاكم، ومن ثم فهو نص تنظيمي تضمن ترخيصاً يخول المحكمة إصدار قرار باستبعاد القضية من الجدول ومتی عجلها المدعى التزمت بنظرها. فإذا رأت عدم إصدار قرار بالشطب وأجلت الدعوى لجلسة مقبلة لضم المفردات مثلاً، انطوى ذلك على عدم رغبتها في استبعاد القضية وأنها تعدها للحكم فيها، ولا تلتزم بإعلان الغائب من الخصوم بالجلسة الجديدة إذ أوجب القانون عليهم متابعة الدعوى طالما انعقدت الخصومة ولا يعتبر ذلك من قبيل انقطاع تسلسل الجلسات مما يترتب عليه أن ميعاد الطعن في الحكم يبدأ من يوم صدوره بالنسبة للمدعي أو المستأنف وبالنسبة لمن سبق حضوره من المدعى عليهم أو المستأنف عليهم.

وتجديد الدعوى الأصلية من الشطب، لا يستتبع تجديد الدعوى الفرعية المضمومة على ما أوضحناه بالمادة (121).

أثر حضور المدعى قبل انتهاء الجلسة على قرار الشطب:

يشترط لاعتبار الدعوى كأن لم تكن عملاً بالفقرة الأولى من المادة (82) من قانون المرافعات، أن تقرر المحكمة شطب الدعوى لعدم حضور الخصوم قبل انتهاء الجلسة، ثم يطلب أحدهم السير فيها قبل انقضاء ثلاثين يوماً من صدور قرار الشطب ، وبالجلسة المحددة لم يحضر الطرفان.

إذ يترتب على عدم حضور الخصوم قبل انتهاء الجلسة، نفاذ قرار الشطب ویستتبع ذلك استبعاد الدعوى من رول الجلسة وبالتالي لا ترحل الجلسة مقبلة، أما إذا حضر الخصوم قبل انتهاء الجلسة، فإن المحكمة تقضي باعتبار قرار الشطب كأن لم يكن عملا بالمادة (86) من قانون المرافعات، وبذلك تعود الدعوى إلى الرول وتنظرها المحكمة كما لو لم يكن قد سبق شطبها مع الاعتداد بكافة الإجراءات التي تكون قد اتخذت فيها وللمحكمة استكمال ما لم يكن قد استكمل فمن لم يكن قد أعلن من المدعى عليهم تقرر المحكمة إعلانه أو إعادة إعلانه، فإن كان بعضهم قد حضر ثم انصرف بعد صدور قرار الشطب، ثم حضر المدعى قبل انتهاء الجلسة وجب على المحكمة أن تقضي باعتبار قرار الشطب كأن لم يكن تأجيل الدعوى لجلسة مقبلة وتكلف المدعى بإعلان المدعى عليهم لها، إذ ترتب على صدور قرار الشطب وانصراف المدعى عليهم انقطاع تسلسل الجلسات بالنسبة.

فإذا تخلف المدعى عن الحضور في جلسة لاحقة، فإن المحكمة تقرر شطب الدعوى ولا تقضي باعتبارها كأن لم تكن، لأن قرار الشطب الأول صار معدوماً باعتباره كأن لم يكن على نحو ما تقدم، وبذلك يكون قرار الشطب الأخير هو أول قرار شطب.

ولا يشترط أن تقرر المحكمة صراحة اعتبار قرار الشطب كأن لم يكن، وإنما يكفي ما فيد عدولها عن قرار الشطب، كالقرار بإعادة الدعوى إلى الرول، أو بالعدول عن قرار الشطب، أو بالتأجيل الإعلان المدعى عليه، أو التبادل المذكرات أو للصلح أو غير ذلك. إذ يفيد قرارها في هذه الحالات اعتبار قرار الشطب كأن لم يكن .

ويسرى ما تقدم على كل قرار شطب يصدر بالمخالفة للقانون، إذ يعتبر كأن لم يكن .

سداد أمانة الخبير يحول دون شطب الدعوي:

يجرى نص الفقرة الأخيرة من المادة (135) من قانون الإثبات بأنه في حالة دفع أمانة الخبير لا تشطب الدعوى قبل إخبار الخصوم بإيداع الخبير تقريره. مما مفاده أن الدعوى وقد ندبت المحكمة خبيراً فيها لتحقيق أوجه دفاع الخصوم أو لتحقيق دليل مادي، لا تكون صالحة للحكم فيها متى قام الخصم المكلف بدفع الأمانة بدفعها تمسكاً منه بمأمورية الخبير إعداداً لأوجه دفاعه أو أدلته التي يسعى إليها تأييداً لحقه، فإن لم يدفعها، دل ذلك على خشيته من تحقيق أوجه دفاعه أو أدلته عندما لا يكون محقاً فيها، ومن ثم تعود الدعوى إلى ما كانت عليه قبل ندب الخبير، وتحكم فيها المحكمة بحالتها على أساس انتفاء أوجه الدفاع والأدلة محل الحكم بندب الخبير، ومتى دفعت الأمانة ظلت الدعوى متداولة إعدادا لأوجه الدفاع أو الدليل فتكون غير صالحة للحكم فيها ويمتنع شطبها حتى يودع الخبير تقريره، ومتى تم إخطار الخصوم بإيداع التقرير عن طريق الخبير عملاً بالمادة (151) من قانون الإثبات أو عن طريق قلم الكتاب، فإن الدعوى تعود إلى سيرتها الأولى التي كانت عليها قبل ندب الخبير غير صالحة للحكم فيها بدون أوجه الدفاع التي حققها الخبير وتعقيب الخصوم عليها، بحيث إذا تغيب الخصوم جميعاً أو تغيب المدعي وانسحب المدعى عليه تاركاً الدعوى للشطب جاز للمحكمة أن تقرر شطبها، فإن لم ينسحب المدعى عليه بل طلب الفصل في الدعوى، التفتت المحكمة عن طلبه وكان لها إما تأجيل نظرها أو شطبها، إعمالاً لدلالة نص الفقرة سالفة البيان، فإن لم يخطر الخصوم امتنع الشطب.

شطب الدعوى لغياب بعض المدعيين :

في حالة تعدد المدعيين وعدم حضورهم جميعاً، فإن المحكمة تقرر شطب - الدعوى إن لم تكن صالحة للحكم فيها على نحو ما تقدم، أما إذا حضر بعض المدعيين وتغيب البعض الآخر، فإن الدعوى تستقيم أمام المحكمة ولا يساغ للمدعى عليه أن يقرر انسحابه بالنسبة للبعض الذي تغيب ويطلب شطب الدعوى بالنسبة لهذا البعض، فإن فعل التفتت المحكمة عن طلبه باعتباره دفاعاً ظاهر البطلان مما لا يلزم المحكمة بالرد عليه وتمضي في نظر الدعوى باعتبار أن جميع المدعيين قد ضمنوا صحيفة الدعوى أوجه دفاعهم وطلباتهم.

ويستوي في ذلك أن تكون الدعوى قابلة للتجزئة أو غير قابلة لذلك أو كانت مما يتطلب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، ويسرى ذلك على الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى وعلى الطعن أمام الاستئناف. (قارن أبو الوفا في الأحكام صفحة 409 ويرى أن موضوع الدعوى إذا كان غير قابل للتجزئة بحسب طبيعته أو بنص في القانون أو كانت مما يجب اختصام أشخاص معينين فيها فلا تشطب بالنسبة لمن تغيب من المدعيين أما إن كان الموضوع مما يقبل التجزئة جاز شطب الدعوى بالنسبة لمن تغيب من المدعيين).

ويترتب على ذلك، أنه إذا حضر بعض المدعيين وتغيب البعض الآخر، فقررت المحكمة شطب الدعوى بالنسبة لمن تغيب من المدعيين، فإن قرارها يكون منعدما حابط الأثر، فلا تترتب عليه الآثار التي يرتبها قرار الشطب الصحيح، وبالتالي يجوز للمحكمة أن تعدل عنه ولو من تلقاء نفسها في ذات الجلسة التي صدر فيها ولو لم يحضر من صدر ضده القرار، ولها أن تعدل عنه في جلسة تالية، وإن حضر في أي جلسة تالية من صدر القرار ضده، كان حضوره صحيحا وتلتزم بسماع مرافعته الشفوية والمكتوبة والتصدي لكل ما تضمنته دون حاجة لتجديد الدعوى من الشطب وفي هذه الحالة تصدر المحكمة قراراً بمحضر الجلسة بإعادة الدعوى إلى رول الجلسة ، كما يجوز له إذا شاء أن يجددها من الشطب في أي وقت ولو بعد انقضاء ثلاثين يوماً من صدور قرار الشطب، ويمتنع على المدعى عليه الدفع باعتبارها كأن لم تكن لعدم تجديدها خلال هذا الميعاد، وإلا كان دفعه ظاهر البطلان وللمحكمة أن تلتفت عنده.

كما يترتب على انعدام قرار الشطب، اعتبار المدعي الذي تغيب ماثلاً في الدعوى ولو ظل متغيباً حتى صدور الحكم، وإذ يعتبر الحكم حضورياً دائماً بالنسبة للمدعي، ما لم ينقطع تسلسل الجلسات. وأن قرار الشطب الذي يصدر بالمخالفة لأحكام القانون يعتبر كأن لم يكن، وبالتالي لا ينقطع به تسلسل الجلسات ومن ثم يبدأ ميعاد الطعن في الحكم من تاريخ النطق به وليس من تاريخ إعلانه.

وإذا رفع المدعي الذي تغيب دعوى جديدة، خضعت للدفع بالإحالة، دون الدفع باعتبارها كأن لم تكن لما يتطلبه ذلك من أن يكون قد صدر قرار صحيح بالشطب ولم تجدد الدعوى السابقة في الميعاد.

 مناط إعلان المدعي الغالب قبل حجز الدعوى للحكم :

إذا رأت المحكمة أن الدعوى صالحة للفصل فيها، ولم يحضر المدعى أو المدعى عليه رغم إعادة إعلان الأخيرة، حجزت الدعوى للحكم، فإن كان المدعي هو الذي لم يحضر ولكن حضر المدعى عليه وتقدم بطلب عارض، وجب على المحكمة تأجيل الدعوى وتكليفه إعلان المدعي الغائب بهذا الطلب وتكليفه بالحضور بالجلسة التي تأجلت إليها الدعوى، فإذا أعلن لشخصه، كانت الدعوى صالحة للحكم فيها حتى لو لم يحضر الخصمان بتلك الجلسة، فتقرر المحكمة حجزها للحكم، فإن لم يكن قد أعلن لشخصه، فلا تكون الدعوى صالحة للحكم فيها، بحيث إذا لم يحضر الخصمان، فإن المحكمة تقرر شطبها، فإذا جددها المدعى عليه، وجب تكليفه بإعادة إعلان المدعي، ومتى تم أصبحت الدعوى صالحة للفصل فيها.

امتناع شطب الدعوى إذا تعلقت بالنظام العام :

تعلق المسألة بالنظام العام يوجب القانون على المحكمة أن تتصدى لها من تلقاء نفسها ولو لم يثيرها الخصوم، كما إذا تبين في دعوى منظورة أن أحد الخصوم تاجراً وتوقف عن دفع دينه وحينئذ تقضى المحكمة بإشهار إفلاسه التعلق الإفلاس بالنظام الاقتصادي للدولة وبالتالي بالنظام العام، مفاد ذلك أنه إذا رفع الدائن دعوى إفلاس ضد مدينه ولم يحضر الدائن فإن المحكمة يمتنع عليها شطب الدعوى، فإن لم تكن قد أعلنت كلفت قلم الكتاب بإعلان الأصل المودع ملف الدعوى حتى تنعقد الخصومة. ومثل ذلك دعوى بطلان التصرفات العقارية الصادرة الأجنبي ودعوى بطلان التصرف الوارد على أرض معدة للبناء لم يصدر قرار بتقسيمها، ودعوى مخاصمة القاضي.

 صدور قرار الشطب في فترة الانقطاع :

إذا تحقق سبب من أسباب انقطاع سير الخصومة بعد البدء فيها بإيداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب، انقطع سير الخصومة بقوة القانون ولو لم تكن قد انعقدت، فإذا أدى ذلك إلى عدم حضور المدعي بجلسة المرافعة وذلك لوفاته، ولم تقف المحكمة على توافر سبب الانقطاع الذي حال دون حضوره، فقررت شطب الدعوى، فإن هذا القرار يكون باطلاً لصدوره في فترة الانقطاع وبالتالي لا يترتب الجزاء الذي نصت عليه المادة (82) بحيث إذا قام ورثة المدعي أو من في حكمهم بتجديد الدعوى من الشطب بعد انقضاء ثلاثين يوماً، امتنع على المدعى عليه التمسك باعتبارها كأن لم تكن ولو لم يتمسك الورثة ببطلان قرار الشطب إذ للمحكمة العدول عنه ولو من تلقاء نفسها.

عدم الاعتداد بقرار الشطب الخاطيء :

تنص المادة (82) من قانون المرافعات، على أنه إذا لم يحضر المدعى ولا المدعى عليه حكمت المحكمة في الدعوى إذا كانت صالحة للحكم فيها وإلا قررت شطبها. كما نصت المادة (135) من قانون الإثبات على أنه في حالة دفع أمانة الخبير لا تشطب الدعوى قبل إخبار الخصوم بإيداع الخبير تقريره، كما تنص المادة (132) من قانون المرافعات على أنه يترتب على انقطاع الخصومة وقف جميع مواعيد المرافعات التي كانت جارية في حق الخصوم وبطلان جميع الإجراءات التي تحصل أثناء الانقطاع، ووفقاً للقواعد العامة يجب على المحكمة من تلقاء نفسها أن تتصدى للمسائل المتعلقة بالنظام العام ولا تتخلى عنها، فإن تعلقت الدعوى بهذا النظام و تخلف الخصوم عن الحضور، فإن المحكمة لا تقرر شطبها وإلا كان قرارها باطلاً لا يرتب أي أثر.

مفاد ما تقدم أن المشرع حدد الحالات التي يجوز فيها للمحكمة شطب الدعوى، وحينئذ يكون قرارها صحيحاً مرتبا آثاره، أما إن صدر بالمخالفة لها كان باطلاً فلا يعتد به وذلك على التفصيل الذي أوضحناه فيما تقدم، بنود «سداد أمانة الخبير يحول دون شطب الدعوى»، «شطب الدعوى لغياب بعض المدعيين»، «امتناع شطب الدعوى إذا تعلقت بالنظام العام»، «صدور قرار الشطب في فترة الانقطاع».

تجديد الدعوى من الشطب:

إذا أصدرت المحكمة قراراً بشطب الدعوى، تعين على المدعي تجديدها من الشطب خلال 60 يوماً من اليوم التالي لليوم الذي صدر فيه قرار الشطب حتى لا تعتبر الدعوى كأن لم تكن، ويتم التجديد بإعلان يوجهه المدعي للمدعى عليه يضمنه موجزاً لما تضمنته صحيفة الدعوى وأن المحكمة قررت شطب الدعوى ورغبة منه في تجديد السير فيها فإنه يكلفه بالحضور بالجلسة المحددة بالإعلان النظر الدعوى بالطلبات الموضحة بالصحيفة، ويجب أن يتم الإعلان بالتجديد خلال 60  يوما حتى لا يتعرض المدعى للجزاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن، فلا يكفي تقديم صحيفة التجديد لقلم الكتاب خلال هذه المدة بل يلزم أن يتم الإعلان خلالها دون اعتداد بالجلسة التي يتضمنها الإعلان إذا وقعت خارج الميعاد.

 فإذا صادف اليوم 60 عطلة رسمية، امتد ميعاد التجديد لأول يوم عمل تال لهذه العطلة، كما يضاف إلى هذا الميعاد ميعاد مسافة على نحو ما. أوضحناه بالمادتين (16)، (17) فيما تقدم، ولا يحتسب اليوم الذي صدر فيه قرار الشطب، ويبدأ الميعاد اعتباراً من اليوم التالي لصدور القرار وينتهي بانقضاء اليوم 60.  

وإذا حضر المدعي قبل انتهاء الجلسة، قررت المحكمة العدول عن قرار الشطب، فإن كان المدعى عليه حاضراً، كان لها نظرها وحجزها للحكم، أما إذا كان المدعى عليه حاضرا وقت صدور قرار للشطب ثم انصرف، قررت المحكمة العدول عن قرار الشطب واعتباره كأن لم يكن عملاً بالمادة (86) وتحدد جلسة لنظر الدعوى وتكلف المدعى بإعلان المدعى عليه بها فتعاد الدعوى إلى جدول القضايا المتداولة، فإن لم يحضر المدعى عليه أي من الجلسات بعد العدول عن الشطب الذي تم في غيبته، فإن ميعاد الطعن يبدأ بالنسبة له من تاريخ إعلانه بالحكم على نحو ما أوضحناه بالمادة (213)

والإعلان بالجلسة لا يعتبر تجديداً من الشطب على ما أوضحناه بالمادة (240) ويترتب على تجديد الدعوى من الشطب أن تستأنف الإجراءات فيها من حيث توقفت بصدور قرار الشطب، فإذا كانت صحيفة الدعوى أعلنت للمدعى عليه ثم قررت المحكمة شطبها، وجددها المدعي تعين عليه تكملة الإجراءات من حيث توقفت ومن ثم يتعين عليه إعادة إعلان المدعى عليه ما لم يكن قد حضر بالجلسة التي شطبت فيها الدعوى، وإن كان المدعى عليه لم يعلن بصحيفة الدعوى قبل الشطب، فإن إعلانه بصحيفة التعجيل يقتصر أثره على إعادة الدعوى إلى جدول الجلسة (الرول) حتى لو كان قد أعلن لشخصه الاختلاف صحيفة الدعوى عن صحيفة التعجيل في الوقائع والأسانيد والطلبات، ولذلك فإنه يتعين إعلان المدعى عليه بأصل صحيفة الدعوى حتى تنعقد الخصومة ، فإن لم تعلن لشخصه وتخلف عن الحضور بالجلسة المحددة، وجب إعادة إعلانه، ولا يعتد في هذا الصدد بإعلان صحيفة التعجيل إذ حدد المشرع لكل مرحلة من مراحل الدعوى إجراء معيناً لا يغني عنه إجراء آخر، إلا إذا تضمنت صحيفة التعجيل كافة بيانات صحيفة افتتاح الدعوى وحينئذ تقوم مقامها.

وإذا ضمت المحكمة عدة دعاوى للدعوى المنظورة، وكانت مختلفة عنها سببا وموضوعا، ثم قررت شطب الدعوى الأصلية، وقام المدعى بتجديدها وحدها، فلا يطرح سواها على المحكمة، وإذا انقضت مدة التجديد اعتبرت الدعاوى الأخرى كأن لم تكن. ويسرى ذلك بالنسبة لدعوى الضمان الفرعية وفقاً لما أوضحناه بالمادة (121) فيما يلي .

أما إذا اتحدت هذه الدعاوی موضوعاً وسبباً أدى ذلك إلى اندماجها جميعاً واعتبارها دعوى واحدة بحيث إذا شطبت الدعاوى الأصلية امتد الشطب إلى الدعاوى المنضمة، وإذا جدد السير فيها امتد ذلك أيضاً إلى تلك الدعاوى.

وإذا صدر قرار الشطب في غيبة المدعى عليه وكانت له مصلحة في الفصل في الدعوى جاز له تعجيلها بإعلان يوجهه للمدعى ولو بعد المدة المقررة وفي هذه الحالة لا يجوز له التمسك باعتبارها كأن لم تكن لما تضمنه التجديد الذي أجراه من تنازل عن هذا الدفع المقرر لصالحه إذا لم يتمسك به وطلب الفصل في موضوع الدعوى، كما لا يجوز ذلك للمدعي باعتبار أن الدفع مقرر لمصلحة المدعى عليه وحده.

لكن إذا قام المدعى عليه بتجديد الدعوى بعد انقضاء مدة الثلاثين يوماً ولم يطلب الفصل في موضوعها وإنما طلب اعتبارها كأن لم تكن، التزمت المحكمة بالقضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا كانت تلك المدة قد انقضت بين شطب الدعوى وإعلان التجديد، فإن لم تكن قد انقضت فإن الدفع الذي تضمنته صحيفة التجديد لا يستقيم بحيث إذا قام المدعى بالتجديد خلال الميعاد حفظ حقه في نظر الدعوى. فإن لم يجددها، فإن الدفع الذي ضمنه المدعى عليه صحيفة التجديد يظل حابط الأثر حتى لو اكتملت المدة عند نظر الدعوى بالجلسة المحددة بالصحيفة، لأن العبرة في صحة الدفع أن يكون قد استوفى مقوماته وقت التمسك به، ومن ثم لا تلتزم به المحكمة بحيث إذا تناول المدعى عليه موضوع الدعوى في هذه الجلسة سقط حقه في الدفع، أما إذا تمسك بالدفع في تلك الجلسة من جديد قبل إبداء أي طلب أو دفاع أو دفع بعدم القبول، ثبت حقه فيه والتزمت المحكمة ببحثه حتى لو تناول الموضوع بعد التمسك به إذ يكون قد حفظ حقه فيه من السقوط.

وإذا تخلف المدعى عليه عن الحضور في أية جلسة تالية بعد التجديد ولم يقدم مذكرة بدفاعه، فإن ميعاد الطعن لا ينفتح بالنسبة له إلا من تاريخ إعلانه بالحكم ولو كان قد حضر في الفترة السابقة على ذلك، طالما كان قرار الشطب صحيحاً، إذ ينقطع به تسلسل الجلسات، خلافاً لقرار الشطب الباطل .

وإن تعدد المدعى عليهم - أو المستأنف عليهم - في خصومة يكون موضوعها غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو كانت الدعوى يوجب فيها القانون اختصام أشخاص معينين، وتم إعلان أحدهم بالتعجيل بعد الميعاد، فلا يجوز لغيره التمسك باعتبار الدعوى كأن لم تكن، لكن إذا تمسك هو بذلك، قضى باعتبار الدعوى كأن لم تكن بالنسبة له ولباقي الخصوم.

 ولا يتطلب القانون توقيع محام على صحيفة التجديد.

يترتب على قرار المحكمة بشطب الدعوى؛ استبعادها من جدول الجلسات المحددة للدعاوى المتداولة، فإذا ظلت كذلك لمدة ثلاثين يوماً دون تجديد السير فيها اعتبرت كأن لم تكن جزاء للمدعي الذي أهمل متابعة دعواه، ويقع هذا الجزاء بقوة القانون ودون حاجة لصدور حكم به. ويجوز للمدعى عليه التمسك به في أي وقت تجدد فيه الدعوى دون أن يكون للمحكمة سلطة تقديرية في شأن قبوله أو رفضه خلافاً لذات الجزاء الذي قررته المادة (70) فهو لا يقع بقوة القانون وإنما هو أمر جوازي للمحكمة يخضع لتقديرها إذا طلبة المدعى عليه حسبما أوضحناه في شرحها وبعد تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1976 أما قبل صدور هذا القانون فكان الجزاء يقع بقوة القانون.

ويعني وقوع الجزاء بقوة القانون بانقضاء هذه المدة، أن المحكمة تلتزم بتوقيعه إذا طلب المدعى عليه منها توقيعه. وبالتالي لا توقعه من تلقاء نفسها إلا إذا تعلق بالنظام العام ويكون كذلك إذا اعتبر من الإجراءات ذات الصلة بالتنظيم القضائي، فليس كل جزاء يتصل بهذا التنظيم إلا عندما يرتبه المشرع على مخالفة ما أوجبه ويلزم المحكمة بتوقيعه من تلقاء نفسها، وبذلك فإن المادة (82) سالفة البيان تكون قد تضمنت نوعين من الجزاء أولهما يتمثل في اعتبار الدعوى كأن لم تكن عندما يتخلف المدعي عن الحضور بعد رفع الدعوى فتقرر المحكمة شطبها لأول مرة، ثم يجددها بعد 60 يوماً، ويحضر الجلسة، فيظل هذا الجزاء على ما كان عليه قبل تعديل المادة (82) غیر متعلق بالنظام العام، وثانيهما إذا جددت الدعوى من هذا الشطب ولم يحضر جميع الخصوم بالجلسة المحددة، وفي هذه الحالة تقضي المحكمة من تلقاء نفسها بتوقيع الجزاء المتعلقة في هذه المرة بالتنظيم القضائي وبالتالي بالنظام العام، إذ حظر المشرع على المحكمة في هذه الحالة أن تصدر قرار شطب آخر في الدعوى، وهو من صميم التنظيم القضائي، إذ أوجب المشرع عدم صدور قرارين متتالين بالشطب، وهو ما عنته المذكرة الإيضاحية من مقصود المشروع مما أورده من عدم حضور الطرفين بعد السير في الدعوى هو أن تكون الدعوى قد شطبت ثم جرى السير فيها ولم يحضرا. أما ما أضافته بعد ذلك من «وهنا لا يتصور أن يكون الشطب الذي وقع قبل السير فيها إلا لمرة واحدة» فهو صحيح، إذ طالما أوقعت المحكمة الجزاء لعدم حضور الطرفين، فلا يتصور أن يكون الشطب إلا المرة واحدة. أما إذا استقامت الدعوى بعد السير فيها، وبعد ذلك لم يحضر المدعى ولا المدعى عليه، فلا تقضي المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن، فقد استقامت بعد شطبها، وإنما تقرر شطبها، لأن مناط اعتبارها كأن لم تكن هو عدم استقامتها بعد طلب السير فيها، والعبارة الأخيرة في المذكرة الإيضاحية لا تنصرف إلى ما بعد أن تستقيم الدعوى بحضور طرفي الخصومة، لأن الدعوى لو تأجلت بعد ذلك لجلسات متتالية، وفي إحداها لم يحضر المدعي، فلا تقضي المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن، إذ يكون المدعى عليه حاضراً وهو ما يحول دون القضاء بذلك، كما يمتنع توقيع هذا الجزاء في هذه الحالة إذا انسحب المدعى عليه، لأن مناط توقيعه أن تكون الدعوى مشطوبة ويطلب أحد الخصوم السير فيها وفي الجلسة المحددة لنظرها بموجب هذا التجديد لم يحضر الطرفان، وبالتالي لا تتوافر شروط توقيع الجزاء إذا حضر الطرفان وبعد ذلك تغيب المدعي وقرر المدعى عليه بأنه ينسحب، فكل ما يترتب على هذا الانسحاب أن تقرر المحكمة شطب الدعوى ولا تقضي باعتبارها كأن لم تكن .

إذ طالما قررت المحكمة شطب الدعوى وبعد تجديد السير فيها لم يتحقق الحضور على نحو ما تقدم فإن المحكمة لا تقرر شطبها مرة ثانية وإنما تقضي باعتبارها كأن لم تكن.

وهذا الرأي هو الذي يتفق وحده مع تفسير الفقرة الثانية من المادة (82) التي لم تتضمن ما يفيد حظر الشطب بعد أن استقامت الدعوى بحضور الخصوم بعد السير فيها، ولا يجوز استنباط هذا الحكم مما تضمنته المذكرة الإيضاحية وإلا أسبغنا عليها قوة التشريع، ذلك أن الفقرة سالفة البيان تناولت مرحلة وسكتت عن مرحلة أخرى.

فقد تناولت مرحلة تجديد الدعوى دون أن يحضر الخصوم وحينئذ تعتبر الدعوى كأن لم تكن، أما المرحلة التي سكتت عنها فإنها تتمثل في حضور الخصوم بعد التجديد، وطالما لم تتبين ما يتبع في حالة تخلفهم عن الحضور بعد أن استقامت الدعوى فإنه يتعين الرجوع في هذه الحالة إلى الفقرة الأولى من نفس المادة ، بعد سكوت الفقرة الثانية، ومن ثم تقرر المحكمة شطب الدعوى وليس اعتبارها كأن لم تكن لأن الجزاء الأخير قاصر على المرحلة التي تناولتها الفقرة الثانية سالفة البيان.

وإذ يقع الجزاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن وفقاً للمادة (82) بقوة القانون، فإن الأثر المترتب عليه يتحقق بدوره بقوة القانون، ولما كان الدفع به - في هذه الحالة - غیر متعلق بالنظام العام فلا تتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها بل يتعين أن يتمسك به المدعى عليه ومتى تمسك به أوقعته المحكمة حتماً إذ لا تقدير لها في شأنه فقد علقه المشرع على إرادة المدعى عليه وحده ولم يجعله جوازاً للمحكمة وهو ما يعني وقوعه بقوة القانون، ولما كانت الدعوى وسيلة لحماية الحق، ورتب المشرع على رفعها آثاراً تتصل بتلك الحماية كقطع التقادم وسريان الفوائد كما رتب على إعلانها اعتبار واضع اليد سيء النية فیلتزم برد الثمار، فإن القضاء باعتبارها كأن لم تكن، يؤدي إلى زوالها وزوال الآثار التي ترتبت عليها، ولا يلزم صدور مثل هذا القضاء لاعتبار الدعوى كأن لم تكن ويكفي أن تتحقق شروط الدفع بأن تشطب الدعوى وينقضي على الشطب ثلاثون يوماً دون تجديدها ليثبت للمدعى عليه الحق في الاحتجاج بذلك حتى في دعوى أخرى يرفعها المدعي بذات الحق بحيث أن تمسك المدعى في الدعوى الجديدة بالآثار المترتبة على رفع الدعوى السابقة كان للمدعى عليه التمسك باعتبارها كأن لم تكن، ومتى ضمت المحكمة هذه الدعوى وتحققت من توافر الشروط اللازمة لذلك طرحت تلك الآثار ولو لم يكن قد صدر حكم باعتبارها كأن لم تكن إذ يترتب على ضم الدعويين المتحدتين خصوماً وسبباً وموضوعاً اندماجهما وفقد استقلالهما ويعتبر الحكم الصادر في إحداهما حكماً صادراً في الأخرى ويتحقق ذلك أيضاً في حالة سقوط الخصومة.

والدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن من الدفوع الشكلية ومن ثم تعين التمسك به قبل إبداء أي طلب أو دفاع أو دفع بعدم القبول وإلا سقط الحق فيه، كما أنه لا يتعلق بالنظام العام - على نحو ما تقدم - وإن تعددت وجوه الدفع وجب التمسك بها جميعا على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة (108). ويجوز التمسك به ولو لم تكن الخصومة قد انعقدت عند صدور القرار بالشطب، وكل ذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة (70) فنحيل إليها في هذا الصدد.

وإذا قضت المحكمة برفض الدفع وطعن المدعى عليه في قضائها تعين عليه أن يتمسك به من جديد في صحيفة الطعن باعتباره دفعاً شكلياً وإلا سقط حقه فيه عملاً بالمادة (108) من قانون المرافعات فلا يطرح على المحكمة الاستئنافية إلا ما تعلق بالموضوع.

وإذا تخلف المدعى عليه عن حضور جميع الجلسات وتوافرت شروط الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن ثم صدر الحكم ضده، كان له الطعن بالاستئناف فيه والتمسك بصحيفته باعتبار الدعوى كأن لم تكن، وكذلك الحال إذا كان قد حضر بعض الجلسات ثم انقطع تسلسل الجلسات بالنسبة له بعد ذلك وتوافرت شروط الدفع خلال نظر الدعوى في الجلسات التي انقطع تسلسلها بالنسبة له، ذلك لأن الدفع وإن كان يقع بقوة القانون، فليس للمحكمة التصدي له من تلقاء نفسها، ويجوز للمدعى عليه التنازل عنه صراحة أو ضمناً، فإن كان ماثلاً وتعرض للموضوع رغم توافر شروط الدفع سقط حقه فيه، ولما كان الساقط لا يعود، امتنع عليه العودة إلى التمسك به بصحيفة الاستئناف إذا صدر الحكم ضده، وإن لم يحضر أي من الجلسات وتوافرت شروط الدفع في غيبته وصدر الحكم ضده وعندما طعن فيه لم يتمسك بالدفع في صحيفة الاستئناف، سقط حقه فيه إذ يفترض في هذه الحالة نزوله عنه وفقاً للقواعد المقررة بصدد الدفوع الشكلية على نحو ما أوضحناه بالمادة (108) والمقرر أن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف .

 اعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم حضور الطرفين بعد التجديد :

أضاف المشرع حالة جديدة للمادة (82) بموجب القانون رقم 23 لسنة 1992 مؤداها أن تعتبر الدعوى كأن لم تكن إذا لم يحضر الطرفان بعد السير فيها، سواء كان المدعي هو الذي قام بالتجديد خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الشطب أو كان المدعى عليه هو الذي قام به ولو بعد انقضاء هذه المدة.

وبعدم حضور الطرفين بالجلسة التي تم تحديدها في صحيفة التجديد، يحول دون المدعى عليه والتمسك بالدفع ودون المدعى لإبداء أوجه دفاعه وهو ما يجعل الدعوى غير مهيأة للفصل فيها، مما يتعذر معه على المحكمة أن تتصدى للموضوع، وقد قصد المشرع من تلك الإضافة ألا تصدر المحكمة قرارا جديدا بالشطب وإنما توقع جزاء من تلقاء نفسها بأن تحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن لتخلف المدعي عن الحضور بعد السير فيها إن كان هو الذي قام بالتجديد وتحقيقاً لإرادة المدعى عليه الضمنية بعدم السير في الدعوى إذ لو كانت مصلحته تقتضي الفصل فيها كان ذلك يؤدي إلى حضوره وإبداء أوجه دفاعه وطلب الحكم في الدعوى، وإن كان المدعى عليه هو الذي قام بالتجديد، فإن تخلفه عن الحضور يدل على عدم رغبته في استمرار السير في الدعوى بعد تجديدها، وأخذا بهذه الإرادة الضمنية أوجب المشرع على القاضي اعتبار الدعوى كأن لم تكن ومن تلقاء نفسه بدلاً من إصدار قرار آخر بشطبها حسبما كان يوجبه النص قبل تعديله في هذه الحالة.

ذلك أن المشرع حظر على المحكمة الاتصال بالدعوى إذا لم يحضر الخصوم بعد تعجيلها من الشطب وهو ما يتعلق بإجراءات التقاضي ويتصل بالتالي بالنظام العام وتفصل فيه المحكمة من تلقاء نفسها، أما انقضاء ثلاثين يوماً على قرار الشطب دون أن يطلب أحد الخصوم السير في الدعوى، فيظل على أصله غیر متعلق بالنظام العام، مما مقتضاه أن المحكمة لا تقضي من تلقاء نفسها باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا عجل المدعى السير فيها بعد انقضاء هذا الميعاد.

وإذا تغيب المدعي وحضر المدعى عليه بعد طلب السير في الدعوى، امتنع الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذ يشترط لذلك عدم حضور الطرفين، وإذا قررت المحكمة التأجيل، فلا تكلف قلم الكتاب إعلان المدعى إذ تحقق علمه بالجلسة التي تضمنتها صحيفة التجديد ويعتبر الحكم الذي يصدر حضورياً بالنسبة له ويبدأ ميعاد الطعن فيه من تاريخ صدوره.

فإن انسحب المدعى عليه ، فلا تقرر المحكمة شطب الدعوى، وإنما تقضى ومن تلقاء نفسها باعتبارها كأن لم تكن، طالما كانت تلك الجلسة هي الأولى بعد التجديد، أما إذا استقامت الدعوى فإن هذا الانسحاب يؤدي إلى شطب الدعوى فإن حضر المدعى قبل انتهاء الجلسة وجب على المحكمة العدول عن الحكم الذي أصدرته واعتباره كأن لم يكن عملاً بالمادة (86) من قانون المرافعات.

وإذا حضر المدعى بالجلسة التي حددت بصحيفة التجديد ثم تغيب في جلسة لاحقة وكانت الدعوى غير مهيأة للفصل فيها، قررت المحكمة شطبها فلا تقضي باعتبارها كأن لم تكن إذ استقامت بحضوره الجلسة الأولى بعد التجديد بحيث إذا تغيب بجلسة لاحقة قررت المحكمة شطب الدعوى وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالبند السابق فنحيل إليه.

ذلك أن القضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم حضور الطرفين بعد تجديدها، جزاء تلتزم المحكمة بتوقيعه من تلقاء نفسها، متى توافرت أركان هذا الجزاء المتمثلة في سبق شطب الدعوى وعدم حضور الطرفين بعد تجديدها، وبالتالي يكون هذا الجزاء بمثابة عقوبة عن شبه جريمة، فهو من ناحية يتصل بالنظام العام عملاً بالشق الثاني من الفقرة الأولى من المادة (82) من قانون المرافعات ، ومن ناحية أخرى، لا موجب لتوقيعه إذا حضر الطرفان أو حضر المدعي، إذ يتخلف بهذا الحضور أحد أركان الجزاء، فتصبح الواقعة المنشئة للجزاء كأن لم تكن، ولا يبعثها من جديد، تغيب المدعي في جلسة لاحقة، مما يحول دون توقيع الجزاء إلا إذا توافرت أركانه بصدور قرار بالشطب ثم عدم حضور الطرفين بعد التجديد، وقد يكون الجزاء معلقا على شرط واقف هو عدم حضور الطرفين، فيتخلف بحضورهما فتستقيم الدعوى ومع ذلك، فقد قضت محكمة النقض، استنادا لما تضمنته المذكرة الإيضاحية بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إعلان الخصوم بتعجيل السير في الدعوى بعد شطبها يجب أن يتم خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة ( 1/82 ) مرافعات قبل تعديلها بالقانون 23 لسنة 1992، ولا يغني عن ذلك تقديم صحيفة التجديد إلى قلم الكتاب خلال هذا الأجل ومن ثم فإن المدعي إذا كان غير جاد في دعواه قد يعمد إلى إطالة أمد النزاع للتغيب عن الحضور فيتكرر شطبها عديداً من المرات لذلك رأى المشرع تعديل حكم الفقرة الأولى من المادة (82) المعدلة بالقانون - رقم 23 لسنة 1992 المعمول به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1992 فنصت في حكمها الجديد على أنه إذا انقضی ستون يوماً ولم يطلب أحد من الخصوم السير فيها أو لم يحضر الطرفان بعد السير فيها، اعتبرت كأن لم تكن. ومؤدى هذا التعديل الذي أدخله المشرع على المادة ( 1/ 82) مرافعات أنه لا يجوز للمحكمة أن تشطب الدعوى إلا مرة واحدة، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 23 لسنة 1992 في تعليقها على المادة ( 1/ 82) بعد تعديلها. ومما تقدم يبين أن الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن وفقاً للحكم المستحدث جزاء على تكرار التغيب عن الحضور مع سبق القضاء بشطب الدعوى يشترط أولا أن يكون قرار الشطب السابق قد صدر في ظل القانون رقم 23 لسنة 1992 أي بعد تاريخ العمل به في 1992 / 10 / 1 إذ أن الجزاء المستحدث باعتبار الدعوى كأن لم تكن في هذه الحالة هو أثر للشطب لا ينفصل عنه ويترتب عليه - إذ الأصل في أن النص التشريعي لا يسرى إلا على ما يلى نفاذه من وقائع فلا يجوز أن يعتد في توقيعه بإجراء سابق على تقريره إذ قد يكون قرار الشطب السابق على أول أكتوبر سنة 1992 نتيجة ظروف أخرى لا يقصد فيها المدعى تعمد تعطيل الفصل في دعواه ومن ثم لا يستساغ القول بأن العبرة بوقوع الواقعة الأخيرة وهي التخلف عن الحضور في ظل القانون الجديد حتى لا يتعارض ذلك مع قواعد العدالة بدعوى الإسراع في الفصل في القضايا. ثانياً : أن يكون الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن وفقا للحكم المستحدث سالف البيان جزاءا لذات الخصم الصادر بشأنه قرار الشطب إذ أن الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن هو جزاء رتبه المشرع على المدعي غير الجاد في دعواه والذي تعمد إطالة أمد التقاضي أمام المحاكم بسبب عدم الحضور أمام المحكمة بعد القضاء بشطب الدعوى ومن ثم فهو نوع من الجزاء والأصل في الجزاء أن يكون شخصياً يلحق الشخص مرتكب المخالفة فإذا كان المدعي قد تخلف عن الحضور أمام المحكمة فقررت شطب دعواه فيتعين أن يوقع الجزاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن. وقد سبق القول بأن هذا الجزاء أثر للشطب ولا ينفصل عنه ومترتب عليه ويعتبر شرطاً من شروط توقيعه على ذات المدعي الذي قررت المحكمة شطب دعواه دون أي شخص آخر فشطب الدعوى لتخلف المدعي عن الحضور لا يعتد به ولا يعول عليه إذا تخلف ورثته من بعد وفاته عن الحضور أمام المحكمة بعد ذلك ولا يسوغ القول في هذا الشأن بأن الورثة هم الخلف العام للمدعى ملتزمون بما يلتزم به مورثهم لأن الخلافة قاصرة على انتقال الالتزامات ويخرج عن هذا النطاق أنواع الجزاءات التي يرتبها للمشرع على مخالفة الخصم لحكم من أحكام القانون والأصل فيها أن تكون شخصية لا تلحق إلا ذات الشخص مرتكب المخالفة التي يترتب عليها الجزاء. (نقض 1999/ 2 / 18 طعن 8710 س 63 ق)

ومتى تغيب الطرفان بالجلسة المحددة بصحيفة التجديد وقضت المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن، ولم يحضر المدعى قبل انتهاء الجلسة، حاز الحكم قوة الأمر المقضي وامتنع العدول عنه، فإن أخطأت المحكمة وقررت شطب الدعوى، دل ذلك على عدم توافر الشروط اللازمة للحكم باعتبارها كأن لم تكن، وبالتالي يستقيم السير فيها إذا جددها أحد الخصوم ويمتنع الدفع . باعتبارها كأن لم تكن إلا إذا لم يحضر الطرفان بعد السير فيها.

 رفع الدعوى من جديد بعد الشطب :

أن آثار المطالبة القضائية تترتب برفع الدعوى وفور إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة ولو لم تكن هي المختصة بنظرها، فإن لم يحضر المدعي وقررت المحكمة شطب الدعوى، فإن تلك الآثار تظل قائمة حتى لو انقضى على الشطب مدة 60  يوماً، بحيث إذا جددها المدعى بعد انقضاء تلك المدة ولم يدفع المدعى عليه باعتبار الدعوى كأن لم تكن، ظلت للدعوى آثارها، وباعتبار هذا الدفع من الدفوع الشكلية التي لا تتعلق بالنظام العام، فإن حق المدعى عليه يسقط إذا تعرض للموضوع. وحينئذ تستقيم الدعوى، كما تستقيم إذا تم التجديد خلال هذا الميعاد.

فإذا شطبت الدعوى ولم يجددها المدعي، وإنما رفعها هي ذاتها مرة أخرى بعد انقضاء 60 يوماً على شطب الدعوى السابقة دون أن يتمسك بآثارها، ثم تخلف عن الحضور في الجلسة المحددة لنظر الدعوى الجديدة، فإن المحكمة تقرر شطب هذه الدعوى دون أن تقضي باعتبارها كأن لم تكن إذ لم يسبق شطبها، فإن تمسك المدعي في الدعوى الجديدة بآثار الدعوى السابقة ودفع المدعى عليه باعتبار الدعوى السابقة كأن لم تكن، فإن المحكمة تقضي بذلك بعد ضم هذه الدعوى إذ تندمج حينئذ في الدعوى الجديدة ولا يمتد هذا القضاء إلى الدعوى الأخيرة فتستقيم وحدها بحيث إذا تخلف المدعي عن الحضور، فإن المحكمة تقرر شطبها فلا تقضي باعتبارها كأن لم تكن.

 سريان الجزاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن من حيث الزمان :

لما كان هذا الجزاء بمثابة أثر لقرار الشطب رتبه القانون رقم 23 لسنة 1992 ولا انفصام بين القرار والأثر المترتب عليه ولا يساغ إعمال الجزاء بدون صدور قرار الشطب ، ومن ثم يجب توافر هذا القرار بعد العمل بهذا القانون حتى يمكن ترتيب الجزاء المقرر في شأنه بموجب ذات القانون، أما إن كان قرار الشطب قد صدر قبل العمل بالقانون سالف الذكر، وتم التجديد بعد العمل به ولم يحضر الطرفان ، تعين شطب الدعوى إذ يمتنع القضاء باعتبارها كأن لم تكن، وكذلك الحال إذا تم التجديد قبل العمل به وتحددت الجلسة بعد ذلك، إذ يكون السير في الدعوى قد تم قبل العمل بالقانون رقم 23 لسنة 1992، ذلك أن الأثر الذي يرتبه القانون الجديد لا ينفذ إلا بالنسبة للأجراء الذي يتخذ في ظله.

 نسبية الجزاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن:

أن الجزاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن، أثر يترتب على صدور قرار بشطب الدعوى وعدم طلب السير فيها خلال ثلاثين يوماً من صدور قرار الشطب، كما أوضحنا ببند «شطب الدعوى لغياب بعض المدعيين» إنه إذا لم يحضر بعض المدعيين، فلا يجوز شطب الدعوى بالنسبة لهم، سواء كان الموضوع قابلاً أو غير قابل للتجزئة، مع اختلاف في الرأي على نحو ما تقدم. وبالتالي لا تتأثر مسألة نسبية الجزاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن.

ولكن الذي يسرى هو شخصية هذا الجزاء، مثله في ذلك مثل كل عقوبة أو جزاء يقرره القانون، وبالتالي إذا تقرر الجزاء بالنسبة لشخص معين فلا يمتد لغيره إلا إذا كان الجزاء مدنياً وكان الحاضر ينوب عن الأصيل في الدعوى، مثال ذلك أن يحضر وکیل في الدعوى ثم يتخلف عن الحضور فتقرر المحكمة شطب الدعوى، ثم يطلب الوكيل شخصياً السير فيها إلا أنه يتخلف بدوره عن الحضور، كما لم يحضر خصمه بالجلسة المحددة بصحيفة التجديد، وحينئذ تقضى المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن، لأن الوكيل كان ينوب عن الموكل في الحضور، فيعتبر الموكل هو الذي تخلف عن الحضور عند صدور قرار الشطب، وهو نفسه الذي تخلف عن الحضور عند نظر الجلسة التي جددت فيها الدعوى. ومثال ذلك أيضاً تخلف الوصي عن الحضور فقررت المحكمة شطب الدعوى، وفي الثلاثين يوماً المحددة للتجديد بلغ القاصر سن الرشد فقام بتجديد الدعوى من الشطب إلا أنه لم يحضر بالجلسة، وحينئذ تقضى المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن، كجزاء مدني يمتد للأصيل، خلافاً للعقوبة الجنائية إذ لا توقع إلا على من اقترف الجريمة.

فإن كان المدعي هو المورث، ولم يحضر، فقررت المحكمة شطب الدعوى، فقام ورثته بتجديدها ولم يحضروا بالجلسة المحددة لنظر الدعوى بعد التجديد، رغم إعلانهم من المدعى عليه بوجود الدعوى وبتصحيح شكلها باختصامهم للحلول فيها محل مورثهم. وحينئذ لا يكون المورث نائباً عن ورثته في الدعوى، لأن الخلافة العامة تؤدي إلى انتقال التزامات المورث إلى ورثته فیلتزمون بما كان يلتزم به في حدود ما آل إليهم من تركته، أما الجزاء باعتبار دعوى المورث کأن لم تكن، فلا يوقع إلا بالنسبة لمن تحققت في شأنه عناصره، سواء كان المورث أو الورثة، ولا يساغ تقسيم تلك العناصر بين المورث وورثته، وبالتالي إذا تحقق عنصر الشطب بالنسبة للمورث، وجب التوقيع الجزاء أن ينسب العنصر الثاني له أيضاً فيتخلف هو عن حضور جلسة التجديد، أما إن توفي قبل هذه الجلسة سقط الجزاء، فلا يقضى به استناداً العدم حضور الورثة، لكن إذا حضر الورثة أو من انتصب منهم عنهم، ثم تغيبوا، فإن المحكمة تقرر شطب الدعوى، فإن طلبوا السير فيها ولم يحضروا، كما لم يحضر المدعى عليه، قضت المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن.

 سريان قواعد الشطب والتجديد على الطعن بالاستئناف:

المقرر عملاً بالمادة (240) أن تسرى على الاستئناف القواعد المقررة أمام محكمة الدرجة الأولى سواء فيما يتعلق بالإجراءات أو بالأحكام، كما نصت المادة (230) على أن يرفع الاستئناف بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة المرفوع إليها الاستئناف وفقاً للأوضاع المقررة لرفع الدعوى، ومفاد ذلك خضوع الطعن بالاستئناف لنص المادة (82). (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء الثاني / الصفحة 431)

هذه المادة عدلت بالقانون 23 لسنة 1992 .

فاستبدل المشرع الفقرة الأولي من المادة إذا كانت قبل استبدالها تقصر الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن علي حالة إذا بقيت مشطوبة 60 يوماً ولم يطلب أحد من الخصوم السير فيها فعدل المشرع هذه المادة بإضافة حالة أخرى هي حالة ما إذا جددت الدعوى من الشطب إلا أن الخصوم لم يحضروا جميعاً بعد التجديد.

التعليق :

مؤدي التعديل الذي أدخل على المادة أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي بشطب الدعوى إلا مرة واحدة وكان النص قبل تعديله يخول لها أن تقضي بشطبها كلما عجلت ولم يحضر أحد من الخصوم مهما كان عدد المرات، أما بعد التعديل فإنه إذا لم يحضر الطرفان بعد تعجيلها من الشطب فإن المحكمة تقضي باعتبار الدعوى كأن لم تكن .

وغني عن البيان أن المحكمة لا تقضي بشطب الدعوى ولا باعتبارها كأن لم تكن إلا إذا تحقق علم المدعي بالجلسة ولم يحضر بها كما إذا كان هو الذي أعلن المدعي عليه بها أو حضر بالجلسة السابقة عليها أما إذا كان لا يعلم بالجلسة كما إذا كانت الدعوى قد أجلت إدارياً ولم يعلن بالجلسة الجديدة فإنه يمتنع في هذه الحالة الحكم بالشطب أو باعتبار الدعوى كان لم تكن بل يتعين علي المحكمة تأجيل الدعوى وتكليف قلم الكتاب بإعلانه بها فإن تخلف عن الحضور رغم ذلك تعين على المحكمة توقيع الجزاء.

ويدق البحث في حالة ما إذا كانت المحكمة قد شطبت الدعوى قبل 1/ 10/ 1992 إلا أنها عجلت من الشطب بعد 1/ 10/ 1992 فهل يتعين علي المحكمة أن تقضي فيها باعتبارها كأن لم تكن إذا لم يحضر أحد من الخصوم. في تقديرنا أنه لا يجوز ذلك لأن الشطب الأول لم يكن يرتب عليه القانون اعتبار الدعوى كأن لم تكن ومن ثم فلا مناص من أن تقضي المحكمة بالشطب.

ويجوز للمحكمة بدلاً من شطب الدعوى أن تقضي فيها إلا أنه يشترط لذلك أن تكون صالحة للحكم فيها وهي لا تكون كذلك إلا إذا كان المدعى عليه قد أعلن لشخصه وأعيد إعلانه أو حضر بدون إعلان ولم ينسحب وذلك وفقاً لما نصت عليه الفقرة الأولي.

وفي حال ما إذا قررت المحكمة شطب الدعوى ثم تبين أن الشطب في غير محله، كما إذا كانت الدعوى قد أجلت إداريا ولم يعلن المدعي بالجلسة كان له أن يطلب السير فيها ولو بعد مضي الستين يوماً المحددة في المادة ولا يجوز للمحكمة أن تقضي باعتبار الدعوى كأن لم تكن لأن الشطب كان على غير سند من القانون فإذا قضت به فإن السبيل الوحيد للطعن عليه هو الاستئناف إن كان صادراً من محكمة الدرجة الأولى و الطعن عليه بالنقض إن كان صادراً من محكمة الاستئناف أما إذا صدر من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية فلا يقبل الطعن بالنقض. وإذا شطبت الدعوى وطلب المدعي السير فيها ولم يحضر بالجلسة المحددة لنظرها وحضر المدعى عليه وانسحب تعين علي المحكمة أن تقضي باعتبار الدعوى كأن لم تكن أما إذا لم ينسحب المدعي عليه تعين على المحكمة أن تفصل في موضوع الدعوى.

ويترتب على اعتبار الدعوى كأن لم تكن انتهاء آثار صحيفة الدعوى ويظل الحق قائما يجوز لصاحبه أن يطالبه به بدعوى جديدة بشرط ألا يكون الحق قد سقط أو انقضى بمضي المدة، أما بالنسبة للطعون بالاستئناف فإذا قضى باعتبار الطعن كأن لم يكن فإنه يجوز للمستأنف أن يرفع استئناف جديداً إذا كان ميعاد الاستئناف مازال قائما كما إذا كان ميعاد الطعن في الحكم الابتدائي لا يبدأ إلا من تاريخ إعلانه ولم يعلن بعد، أما إذا كان ميعاد الاستئناف قد انقضى فإنه يترتب على اعتبار الاستئناف كأن لم يكن أن يصبح حكم محكمة أول درجة نهائياً وإذا رفع عنه استئناف جديد قضت المحكمة بعدم قبوله لرفعه بعد الميعاد .

وغني عن البيان أن الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد لا يؤدي إلي إسقاط الحق في طلب اعتبار الاستئناف كأن لم يكن لأن الدفع الأول دفع شكلي ومن النظام العام و إبداؤه لا يعتبر نفعاً موضوعياً.

ومما هو جدير بالذكر أنه يجوز للمستأنف الذي قضى باعتبار استئنافه كأن لم يكن أن يطعن عليه بالنقض إذا كان الحكم قد صدر مخالفاً للقانون كما هو الشأن إذا كانت الجلسة المحددة لنظر الاستئناف قد أجلت إدارياً ولم يخطر بها المستأنف أو عجلت المحكمة نظر الاستئناف بناء على طلب المستأنف ضده ولم يعلن المستأنف بالجلسة الجديدة في الحالتين إلا أنه يشترط للطعن بالنقض أن يكون الحكم صادر من محكمة الاستئناف إذ أن الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية - أيا كان قضاؤه - لا يقبل الطعن بالنقض إلا في حالة وحيدة بينتها المادة 249 من قانون المرافعات وهي حالة ما إذا صدر الحكم على خلاف حكم أخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي .

1- القاعدة أن الدعوى تشطب في حالة تخلف أطرافها عن الحضور مرة واحدة - فقط في أي جلسة.

2- لا تحكم المحكمة في موضوع الدعوى عند غياب أطرافها إلا إذا كانت صالحة للحكم فيها بأن أبدي الخصوم أقوالهم وطلباتهم الختامية وإلا تكون قد أخلت بحقوق الدفاع ويكون حكمها باطلاً قابلاً للاستئناف ولو كان انتهائياً عملاً بالمادة ۲۲۱.

3- ليس معنى شطب الدعوى إلغاءها وزوال الآثار القانونية المترتبة عليها وإنما شطب الدعوى معناه استبعادها من جدول القضايا وعدم الفصل فيها مع بقائها وبقاء كافة الآثار المترتبة عليها ولا تنظر الدعوى بعد ذلك إلا بإعلان جديد للحضور يوجهه أحد الخصوم ( هو عادة المدعي ) إلى الخصم الآخر (التعليق لأبو الوفا ص 421 طبعة سنة 1990).

4- إذا بقيت الدعوى مشطوبة ستين يوماً ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها اعتبرت كأن لم تكن بقوة القانون وبغير حاجة إلى استصدار حكم بذلك وللمدعي عليه أن يتمسك باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا عجل المدعى دعواه بعد انقضاء هذه المدة أو عند مطالبته بحق يخوله أثر من آثار قيام الخصومة التي اعتبرت كأن لم تكن وهذا الجزاء لا يتعلق بالنظام العام فلا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولا يزول بحضور المدعى عليه عند نظر الدعوى من جديد أو لإبدانه دفعاً شكلياً وإنما يزول إذا تنازل عنه صراحة، أو إذا أجاب عن الدعوى بما يدل على اعتبار إجراءاتها صحيحة ( أي إذا تعرض للموضوع) وذلك عملاً بالقاعدة العامة الواردة في المادة 22 مرافعات التي تنص على زوال البطلان إذا نزل عنه من شرع لمصلحته صراحة أو ضمناً وهذا البطلان مقرر لمصلحة المدعى عليه وحده فلا يجوز أن يستفيد منه المدعي بمعنى أنه إذا عجل المدعى عليه الدعوى بعد ستين يوماً من تاريخ شطبها فلا يجوز للمدعي أن يدفع باعتبار الدعوى كأن لم يكن . ( المرجع السابق ص 423).

5- ومن المقرر أنه إذا تخلف المدعي أو المستأنف عن الحضور بالجلسة وكانت الدعوى صالحة للحكم فيها فللمحكمة أن تقضي في الدعوى أو تحجزها للحكم ولا يجوز لها تكليف المدعي عليه أو المستأنف عليه بأن يعلن خصمه بطلبه رفض الدعوى لأنه لا يعتبر طلباً جديداً غير أنه إذا أبدي المدعي عليه طلباً عارضا في غياب خصمه فإنه يتعين على المحكمة تأجيل الدعوى وتكليف المدعى عليه بإعلان المدعي بهذا الطلب .

6- وإذا قضت المحكمة بشطب الدعوى على غير سند من القانون بأن كانت الدعوى مثلا قد أجلت إدارياً ولم يعلن المدعي بالجلسة الجديدة التي حددت لنظر الدعوى فإن للمدعي أن يجددها في أي وقت دون التقيد بميعاد الستين يوماً التي وردت في النص ، كما أنه وفقاً لنص المادة 135 من قانون الإثبات لا يجوز للمحكمة أن تقضي بشطب الدعوى إذا كانت قد أصدرت فيها حكماً بندب خبير وسدت الأمانة فإذا لم تنتبه لذلك وقضت بالشطب كان لأي من الخصمين تعجيل السير فيها ولو بعد الستين يوما كذلك فإنه في حالة ما إذا قدم الخبير تقريره ولم يقم الخبير أو المحكمة بإخطار الخصوم بإيداع التقرير في الحالة التي يوجب فيها القانون ذلك فلا يجوز للمحكمة شطب الدعوى فإن خالفت ذلك كان لأي من الخصوم تعجيل السير فيها دون التقيد بالميعاد المتقدم لأن قرار. الشطب في جميع الحالات المتقدمة يعتبر باطلاً. وقد جعل المشرع شطب الدعوى جوازياً للمحكمة، إذ يجوز لها رغم تخلف الطرفين أو أحدهما أن تنظر الدعوى وتحكم فيها، وإذا تغيب المدعي وحضر المدعى عليه وطلب شطب الدعوى فإنها لا تتقيد بهذا الطلب.

7- وتطبيقاً لما تقدم إذا قررت المحكمة شطب الدعوى خطأ كان يكون المدعي قد حضر أثناء الدعوى فقررت إصدار القرار آخر الجلسة إلا أنها ظنت خطأ أنه لم يحضر فقررت شطب الدعوى، وكما إذا كانت الدعوى قد أحيلت من محكمة إلى أخرى وصدر حكم الإحالة في غيبة المدعي أو المستانف ولم يعلن به ولم يكن قد حضر باي جلسة من الجلسات، فإن قرار الشطب لا يجوز الطعن عليه بالاستئناف أو النقض لأنه قرار وليس حكماً ويجوز للمدعي أو المستأنف - كما سلف القول - أن يجدها في أي وقت حتى بعد مضي الستين يوماً المنصوص عليه في المادة ، فإذا دفع المدعي عليه أو المستأنف عليه باعتبار الدعوى كأن لم تكن أو بالفضاء الخصومة أو سقوطها وتبين للمحكمة أن قرار الشطب صدر خطأ فإنها تقضي برفض هذه الدفوع أما إذا قضت المحكمة خطأ بقبول دفع من هذه الدفوع فإن الحكم في هذه الحالة يعتبر منهياً الخصومة وبالتالي يجوز الطعن عليه بالنقض أو الاستئناف عملاً بالمادة 212 مرافعات ويعتبر قرار الشطب بدوره مطعوناً عليه مع الحكم المنهي للخصومة .

8- إذا كان المدعي عليه قد أعلن بصحيفة افتتاح الدعوى ثم شطبت الدعوى قبل إعادة إعلانه ثم جددها المدعي فإنه يتعين عليه بعد إعلان المدعى عليه بالسير فيها ( أي بصحيفة التجديد ) أن يعيد إعلانه.

9- وإذا أثير دفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تجديدها خلال ستين يوماً من تاريخ شطبها وتمسك المدعي أو المستأنف بأنه لم يكن يعلم بتاريخ الجلسة التي شطبت فيها الدعوى لانقطاع تسلسل الخصومة كان كانت الدعوى قد أجلت إدارياً ولم يعلن بالجلسة التي حيت لنظر الدعوى أو كان قلم الكتاب قد عرض الدعوى خطأ بجلسة أخرى خلاف الجلسة المحددة لنظر الدعوى ولم يعلن بها فإنه يتعين علي المحكمة أن تبحث هذا الدفاع فإن استبان لها أن قرار الشطب وقع باطلاً رفضت الدفع ولا يعتبر ذلك منها عدولاً عن رأيها لأن قرار الشطب ليس حكماً.

10- وإذا تخلف المدعي عن الحضور وتخلف تلك المدعى عليه بعد إعلانه لشخصه أو إعلانه وإعادة إعلانه، في الدعوى العادية أو إعلانه فقط في الدعاوى المستعجلة فإن الدعوى تعتبر صالحة للفصل فيها لأن المدعي أبدي طلباته في صحيفة دعواه ولم يحضر المدعى عليه ليبدي دفاعاً ( عكس هذا الدكتور أبو الوفا في التعليق ص 416).

11- وفي حالة تعدد المدعين وحضور بعضهم وتغيب البعض الآخر وكان المدعى عليه غائبا ولم تكن الدعوى صالحة للحكم فيها فلا يجوز الحكم بشطب الخصومة بالنسبة لمن تغيب مع استمرارها بالنسبة لمن حضروا ولو كان موضوع الدعوى يقبل التجزئة، لأن القرار بالشطب إذا مضى عليه ستون يوماً ترتب عليه اعتبار الدعوى كأن لم تكن، والمشرع يحرص على تفادي هذا الوضع الذي تسقط فيه الدعوى في حق بعض المدعين وتبقى قائمة في حق البعض الأخر لما يؤدي إليه من صعوبات وتعقيدات ولذلك لا يكون أمام المحكمة في هذه الحالة إلا تأجيل الدعوى إلي جلسة أخرى يعلن بها المتخلفون وفي الجلسة الجديدة إذا تغيب المدعون قررت المحكمة شطب الدعوى بالنسبة لهم جميعاً، أما إذا حضر البعض وتغيب البعض حكمت المحكمة في موضوع الدعوى بحكم يعتبر حضورياً في حق جميع المدعين من حضر منهم ومن لم يحضر.

12- هذا ومن المقرر أن الآثار التي تترتب علي رفع الدعوي كسريان الفوائد وغيره من الآثار تبقي قائمة بالرغم من صدور قرار شطبها .

13- إذا طلب أحد من الخصوم والسير في الدعوى بعد شطبها فإنها تعود من النقطة التي وقفت عندها بحكم الشطب، فما تم من إجراءات المرافعات قبل الحكم يبقى قائماً ولا يلغي .

14- وإذا تعدد المدعي عليهم وتغيبوا جميعاً مع المدعي فقررت المحكمة شطب الدعوى ثم عجلها المدعي بالنسبة لأحد المدعى عليهم قبل مضي ستين يوماً ولم يعجلها بالنسبة للباقين إلا بعد مضي ستين يوماً، فإن لباقي المدعي عليهم أن يتمسكوا باعتبار الدعوي كأن لم تكن بالنسبة لهم ولا يمنعهم من ذلك تعجيل الدعوى في الميعاد بالنسبة للمدعى عليه الأول، لأنه إذا صح أن يفيد الخصم من عمل قام به أحد زملائه في الخصومة من عمل قام به أحد زملائه في الخصومة . فإنه لا يصح أن يضار بعمل اتخذ في مواجهة زملائه . ( مرافعات رمزي سیف الطبعة الثامنة ص 542 وما بعدها ).

15- وإذا تعدد المدعون وتغيبوا جميعاً مع المدعى عليه فقررت المحكمة شطبها، وقبل مضي ستين يوماً عجلها أحد المدعين ولم يعجلها الباقين إلا بعد مضي ستين يوما فيري الدكتور رمزي سيف أنه لا يجوز للمدعي أن يتمسك باعتبار الدعوي كأن لم تكن بالنسبة لمن تأخر من المدعين في تعجيل الدعوى، وإنما يفيد هؤلاء المدعون من تعجيل زميلهم الدعوى قبل فوات المدة التي تعتبر الدعوى بعدها كأن لم تكن ( المرجع السابق ص 542).

16- وتعجيل الدعوى بعدم شطبها يتطلب اتخاذ إجراءين هما تحديد جلسة لنظرها وإعلان الخصم بهذه الجلسة خلال الستين يوم إعمالاً لنص المادة الخامسة من قانون المرافعات التي نصت على أنه " إذا نص القانون على ميعاد حتمي لاتخاذ إجراء يحصل بالإعلان فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا تم إعلان الخصم خلاله " ولا ينال من ذلك ما نصت عليه المادة 63/ 1 من قانون المرافعات من أن الدعوى ترفع إلى المحكمة بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة، ذلك أن مجال تطبيق هذه المادة قاصر على صحيفة افتتاح الدعوى أو الطعن فلا يتعداها إلى غيرها.

17- وعدم ضم المفردات لا يمنع المحكمة من أن تقضي بشطب الدعوي .

18- وإذا حضر المدعي بعد شطب الدعوى وقبل انتهاء الجلسة يتعين علي المحكمة أن تعدل عن قرار الشطب وتكلفة بإعلان المدعى عليه بالجلسة .

وميعاد الستون يوماً يضاف إليه ميعاد مسافة ويمتد بسبب العطلة الرسمية هذا ويتعين ملاحظة أن طلب السير في الدعوى بعد شطبها لا يتم إلا بإعلان صحيفة التعجيل خلافاً لرفع الدعوى التي تعتبر مرفوعة بمجرد تقديم صحيفتها لقلم الكتاب ومن ثم يتعين أن يتم إعلام طلب السير في الدعوى خلال الستين يوماً.

19- والدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تجديدها من الشطب خلال الميعاد وإن كان شكلياً يسقط بالتعرض الموضوع إلا أن هذا الحكم قاصر على الدعوى التي قضى بشطبها فإذا جددها المدعي بعد الميعاد وجب على المدعي عليه التمسك باعتبارها كأن لم تكن قبل التعرض للموضوع وإلا سقط حقه في الدفع، أما إذا أقام المدعي دعوى جديدة بذات الطلبات دون تجديد الدعوى المسابقة جاز للمدعي عليه التمسك في هذه الدعوى الجديدة باعتبار الدعوي الأولي كأن لم تكن ولو كان قد تعرض الموضوع وتظهر أهمية ذلك فيما ذلك لو أقيمت الدعوى الأولي قبل انقضاء مدة تقادم الحق موضوع الدعوى في حين أن الدعوى الجديدة قد أقيمت بعد انقضاء هذه المدة فلما دفع المدعى عليه بالتقادم تمسك المدعي بأثر الدعوي الأولي في قطعة، فيستطيع المدعى عليه في هذه الحالة أن يتمسك باعتبار الدعوي الأولي كان لم تكن بما يزيل أثرها في قطع التقادم ( كمال عبد العزيز الجزء الأول ص 557 وما بعدها ).

ويترتب على القضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن نفس الآثار التي تترتب على سقوط الخصومة فتزول إجراءاتها عدا الأحكام القطعية الإجراءات السابقة على هذه الأحكام.

والدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن وإن كان غير متعلق بالنظام العام إلا أنه متى تمسك به صاحب الشأن قبل سقوط حقه في إبدائه وتوافرت موجبات توقيعه تعين على المحكمة أن تقضي به دون أن يكون لها سلطة تقديرية في هذه الحالة .

وحكم المادة 82 يسري على الاستئناف وفقاً لنص المادتين 230 ، 240 من قانون المرافعات .

ومن المقرر أن شطب الدعوى يترتب عليه انقطاع تسلسل الجلسات فإذا تغيب من حكم عليه بعد ذلك عن حضور الجلسات التالية لتجديد الدعوي من الشطب ولم يقدم مذكرة بدفاعه فإن ميعاد الطعن في الحكم لا يسري في حقه إلا من تاريخ إعلانه به عملاً بالمادة 213 مرافعات ولو كان قد سبق له الحضور أو تقديم مذكرة بدفاعه .

وإذا أنسحب المدعي تاركاً الدعوى للشطب فقررت المحكمة إصدار قرارها أخر الجلسة وفي نهايته أصدرت قرارها بتأجيل الدعوى فلا يتحقق انقطاع تسلسل الجلسات لأنه لا يكون كذلك إلا بصدور قرار الشطب .

يشترط للحكم باعتبار الدعوي كأن لم تكن أن يكون قرار الشطب السابق قد صدر في ظل القانون 23 لسنة 1992.

من المقرر أن الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن وفقا للحكم الذي استحدثه القانون 23 لسنة 1992 هو جزاء تكرار التغيب عن الحضور مع سبق القضاء بشطب الدعوى لذلك يشترط أولا أن يكون قرار الشطب السابق قد صدر في ظل القانون 23 لسنة 1992 بعد تاريخ العمل به في 1992/10/1 إذ الأصل أن النص التشريعي لا يسري إلا على ما يلي نفاذه من وقائع فلا يجوز أن يعتبر في توقيعه بإجراء سابق علي تقريره.

يجوز للمحكمة العدول عن قرار الشطب إذا تبين خطؤه :

سبق أن ذكرنا أن قرار شطب الدعوى وليس حكماً ولا تستنفد به المحكمة ولايتها وبالتالي إذا تبين للمحكمة أن قرارها صدر خطأ كما في الأمثلة التي سبق بيانها في الشرح فإنه يجوز لها العدول عنه ويكون العدول بقرار يصدر منها إما صراحة وإما ضمناً كما إذا نظرت الدعوى بعد شطبها .

لا يشترط في صحيفة تجديد الدعوي من الشطب أن يوقعها محام :

حينما اشترط في المادة 253 من قانون المرافعات ، 58 من قانون المحاماة توقيع محام علي بعض الأوراق القضائية ورتب البطلان على تخلف هذا التوقيع وضع في اعتباره أن هذه الأوراق يجمع بينها أنها تحوي الإجراء المفتتح للخصومة القضائية أمام المحكمة التي تقدم إليها سواء كانت صحيفة دعوى لا تقل قيمتها عن خمسين جنيها أو طلب أمر أداء بذلك أو صحيفة طعن . وقد أورد المشرع هذه الأوراق علي سبيل الحصر ومن ثم فلا يسري علي غيرها من الأوراق بما في ذلك طلب تجديد الدعوي من الشطب أو الإعلان بالجلسة التي تحددت لنظرها بناء على هذا الطلب .

لا يجوز الخلط بين الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن عملاً بالمادة 70 مرافعات باعتبارها كأن لم تكن عملاً بالمادة 82 مرافعات :

سبق أن ذكرنا في شرح المادة 70 مرافعات أن اعتبار الدعوى كأن لن تكن عملا بالمادة 70 مرافعات هو جزاء لعدم تكليف المدعي أو المستأنف للمدعي عليه أو للمستأنف عليه بالحضور خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلي قلم الكتاب أما اعتبار الدعوى أو الاستئناف كأن لم يكن عملا بالمادة 82 فهو جزاء لعدم تعجيل المدعي الدعوى أو المستأنف لاستئنافه في الميعاد بعد أن كانت المحكمة قد قررت شطبه ومن ثم فإن الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تمكن عملا بالمادة 70 يختلف باعتبارها كأن لم تكن عملاً بالمادة 82 في موضوعه ومرماه .

إذا قضت المحكمة باعتبار الدعوي أو الاستئناف كأن لم يكن عملا بالمادة 70 أو 82 مرافعات فإنه يمتنع عليها الخوض في الموضوع :

من المقرر أن اعتبار الدعوي أو الاستئناف كأن لم يكن تطبيقاً للمادة 70 أو 82 مرافعات قضاء شكلي ينهي الخصومة ومن ثم لا يجوز للمحكمة أن تعرض بعد ذلك الموضوع.

يترتب على انقطاع سير الخصومة أثناء المدة التي يتعين فيها تجديد الدعوي من الشطب إعمال الأثر المترتب على الانقطاع :

 في حالة ما إذا لم يحضر المدعى ولا المدعى عليه وحكمت المحكمة بشطب الدعوى ثم توفي المدعي قبل مضي الستين يوماً المحددة لطلب السير في الدعوى ثم جددها ورثته بعد هذا الميعاد ودفع المدعى عليه باعتبار الدعوى كأن لم تكن لتجديدها بعد الستين يوماً المنصوص في المادة 82 مرافعات فواجه ورثة المتوفى ( المدعون ) هذا الدفع بأن وفاة مورثهم أثناء فترة الشطب يترتب عليها وقف الإجراءات القانونية بما فيها تجديد الدعوي من الشطب فإن هذا الدفاع يصادف صحيح القانون ومن ثم يتعين علي المحكمة أن تحقق هذا الدفاع ويترتب على ذلك عدم سريان بدء مدة اعتبار الدعوى كأن لم تكن في حق ورثته إلا من تاريخ إعلامهم بالدعوى عملاً بالمادة 133 مرافعات .

ويسري هذا المبدأ على جميع الحالات التي تقضي فيها المحكمة بانقطاع سير الخصومة كما يسري على الدعوى أثناء نظر الاستئناف .

عدم ضم المفردات لا يمنع المحكمة من شطب الدعوي :

من المقرر أن شطب الدعوى لا يتوقف علي ضم المفردات ذلك أن الشطب تقضي به المحكمة بمجرد عدم حضور طرفي الخصومة ما دام أن الدعوى غير صالحة للحكم فيها ومن ثم يجوز للمحكمة أن تقضي بشطب الأشكال أو الاستئناف ولو لم تضم المفردات .

لا يقبل الطعن على الحكم الصادر باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا أسس الطعن علي أسباب تتعلق بموضوع تتعلق الدعوي :

من المقرر - كما سبق أن ذكرنا -- أنه إذا قضت المحكمة باعتبار الدعوي كأن لم تكن فإنها تقف عند هذا الحد فإنها تقف عند هذا الحد ولا يجوز لها التعرض للموضوع ومن ثم فإذا طعن في هذا الحكم وأسس الطاعن طعنه على أسباب تتعلق بموضوع الدعوى كان طعنه غير مقبول.

ويسري هذا المبدأ على الطعن الذي يرفع أمام المحكمة الاستئنافية أو محكمة النقض سواء صدر الحكم في المواد المدنية أو التجارية أو الأحوال الشخصية  وغني عن البيان أنه يجوز الطعن على الحكم الصادر باعتبار الدعوي لم تكن بشرط أن يوجه الطعن إلي هذا الحكم كأن يبني الطعن على أن هذا الحكم خاطئ أو مخالف للقانون لأنه قضى باعتبار الدعوي كأن لم تكن في غير الحالات التي يقضي بها القانون .

تسري المادة 82 مرافعات علي دعاوي الأحوال الشخصية :

كانت دعاوى الأحوال الشخصية تخضع للائحة ترتيب المحاكم الشرعية والكتاب الرابع من قانون المرافعات وقد ألغي القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية اللائحة التشريعية والكتاب الرابع من قانون المرافعات ونصت المادة الأولى من قانون إصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 على أن يطبق في إجراءات التقاضي فيما لم يرد بشأنه نص خاص فيه أحكام قانون المرافعات وبذلك أصبحت دعاوي الأحوال الشخصية سواء بالنسبة للمصريين أو الأجانب يسري عليها قانون المرافعات مالم يرد نص خاص في القانون رقم 1 لسنة 2000 ونظراً لأن القانون رقم 1 لسنة 2000 لم يرد به نص خاص بالحكم المنصوص عليه في المادة 82 مرافعات ومن ثم فلا مناص من تطبيقها على مسائل الأحوال الشخصية بالنسبة للمصريين والأجانب على سواء .(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء الثاني ،  الصفحة : 940)

تعديل المادة 82 بالقانون رقم 23 لسنة 1992: عدلت المادة 82 - محل التعليق - بالقانون رقم 23 لسنة 1992، فاستبدل المشرع الفقرة الأولي من المادة، إذ كانت قبل استبدالها تقصر الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن على حالة إذا بقيت مشطوبة 60 يوماً، ولم يطلب أحد من الخصوم السير فيها فعدل المشرع هذه المادة بإضافة حالة أجرى هي حالة ما إذا جددت الدعوى من الشطب إلا أن الخصوم لم يحضروا جميعاً بعد التجديد.

ومقتضى هذا التعديل الذي أدخل على المادة أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي بشطب الدعوى إلا مرة واحدة وكان النص قبل تعديله يخول لها أن تقضي بشطبها كلما عجلت ولم يحضر أحد من الخصوم مهما كان عدد المرات، أما بعد التعديل فإنه إذا لم يحضر الطرفان بعد تعجيلها من الشطب فإن المحكمة تقضي باعتبار الدعوى كأن لم تكن.

وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 23 لسنة 1992 أنه: «نظراً لما يعمد إليه بعض المتقاضين تلاعباً ورغبة في إطالة أمد النزاع، من التغيب عن الحضور ليتقرر شطب الدعوى، ثم يطلب السير فيها في الأجل المحدد، ثم يعود للتغيب فيتكرر شطبها عديد من المرات، ونظراً لما يتعين أن يتوافر في المتقاضي من جدية تتناسب مع طرقه محراب العدالة، لذلك رأى المشرع النص على حظر شطب الدعوى لأكثر من مرة واحدة، وبذلك تعدل حكم الفقرة الأولى من المادة 82 فنصت في حكمها الجديد على أنه إذا انقضى ستون يوماً على شطب الدعوى ولم يطلب أحد من الخصوم السير فيها أو لم يحضر الطرفان بعد السير في الدعوى، حكمت المحكمة باعتبارها كأن لم تكن.

وبديهي أن مقصود المشرع فيما أورده عن عدم حضور الطرفين بعد السير في الدعوى، هو أن تكون الدعوى قد شطبت ثم جرى السير فيها ولم يحضرا، وهنا لا يتصور أن يكون الشطب الذي وقع قبل السير فيها إلا لمرة واحدة». 

شطب الدعوى :

المقصود بشطب الدعوى : وفقاً للمادة 82 - محل التعليق - إذا لم يحضر المدعى ولا المدعى عليه في الجلسة الأولى المحددة لنظر الدعوى أو في أية جلسة أخرى، فإن الحكمة تحكم من تلقاء نفسها بشطب الدعوى إذا كانت غير صالحة للحكم فيها، أما إذا كانت الدعوى صالحة للحكم فيها فإن المحكمة تحكم فيها، وذلك رغم غياب الخصوم والهدف من ذلك تفادى تراكم القضايا أمام المحاكم لأنه مادام الخصوم قد أبدوا أقوالهم ودفاعهم فليس ثمة ما يمنع المحكمة من نظر الدعوى والحكم فيها ولو تغيب الخصوم (المذكرة الإيضاحية للقانون - مشار إليها آنفاً).

ويقصد بشطب الدعوى استبعادها من جدول القضايا المتداولة أمام المحكمة وعدم الفصل فيها، ولكن تظل الخصومة قائمة ومنتجة لكافة آثارها، وإن كانت تعتبر في حالة ركود، فالشطب يشبه وقف سير الخصومة، لأن كلاهما يؤدى إلى ركود الخصومة (انظر مزيداً من التفاصيل مؤلفنا: ركود الخصومة المدنية بسبب الشطب أو الوقف أو الانقطاع - دار النهضة العربية - ص 24 وما بعدها).

إذ ليس معنى شطب الدعوى إلغاؤها وزوال الآثار القانونية المترتبة عليها، وإنما شطب الدعوى معناه استبعادها من جدول القضايا وعدم الفصل فيها مع بقائها وبقاء كافة الآثار المترتبة عليها ولا تنظر الدعوى بعد ذلك إلا بإعلان جديد الحضور بوجهه أحد الخصوم (هو عادة المدعي إلى الخصم الآخر (أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 421).

ويفترض لشطب الدعوى تحقق الشروط الآتية:

الشرط الأول لشطب الدعوى: غيبة طرفي الخصومة: يثير غیاب الخصم مشكلة أمام المشرع دائماً لأنه من ناحية لا ينبغي إدانة الخصم دون سماع دفاعه، واحتراما لحقوق الدفاع ينبغي مراعاة جانب الخصم الغائب، وخاصة أنه قد يكون غائباً لعدم علمه بقيام الخصومة أو عدم علمه بتاريخ الجلسة المحددة لنظرها، ومن ناحية أخرى يجب ألا يؤدي غياب الخصم إلى تعطيل الوظيفة القضائية، ولذلك ينبغي قيام القضاء بوظيفته رغم غياب الخصم، خاصة أن غياب الخصم قد يكون بسوء نية بقصد عرقلة أداء القضاء لوظيفته (فتحي والي - الوسيط - بند 309 ص 643).

ويقصد بالغياب عدم حضور الخصم أو ممثله الجلسة، وعدم الحضور لا يقصد به دائما الغياب الجسماني أی غيبة شخص الخصم عن الجلسة، فالغياب في القانون قد لا يكون مرادفاً للغياب الفعلي فتحي والي - الوسيط - بند 309 ص 643). فمثلاً يعتبر الخصم حاضراً إذا قدم مذكرة بدفاعه حتى ولو كان غائباً عن الجلسة فعلاً، ولذلك إذا ما افتتحت الخصومة بصحيفة من المدعي يبين فيها طلباته وأدلتها، فإن الخصومة تعتبر حضورية بالنسبة له حتى ولو لم يحضر أية جلسة من جلساتها، كذلك إذا ما أودع المدعى عليه مذكرة بدفاعه فإن الجلسة تعتبر حضورية في حقه دون حاجة لحضوره الفعلي في أية جلسة (مادة 83/1  مرافعات)، كما أنه إذا حضر الخصم أو من يمثله جلسة واحدة فقط، فإنه يترتب على ذلك اعتبار الخصومة في درجة التقاضي التي حضر فيها حضورية بالنسبة له حتى ولو تغيب هو وممثله باقي الجلسات (مادة 83/1 مرافعات)، كذلك إذا كانت صحيفة الدعوى قد أعلنت الشخص المدعى عليه فإن الخصومة تعتبر حضورية، لأنه يفترض علمه بالخصومة وبالجلسة المحددة لنظرها، ولذلك إذا لم يحضر فلا يلومن إلا نفسه، وينبغي ملاحظة أنه لا عبرة بالعنصر الشخصي في غياب الخصم (فتحی والی - بند 309 ص 643. وص 644 ) بمعنى أنه إذا اعتبر الخصم غائباً، فإنه يكون كذلك لمجرد عدم حضوره، وبصرف النظر عما إذا كان قد غاب باختياره أو أن هناك مانعاً قد حال دون حضوره وأدي إلي غيابه.

وينبغي لشطب الدعوى أن يتخلف الخصوم عن الحضور في الجلسة الأولي، أو في أية جلسة أخرى، أى أن يتغيب المدعى عليه أيضاً، أما إذا تغيب المدعي وحضر المدعى عليه فإنه لا يتحقق هذا الفرض، ولا تشطب الدعوى، ويكون للمحكمة أن تفصل في الدعوى في هذه الحالة لأن المدعي تعتبر حاضراً حكماً، لأنه هو الذي بدأ الخصومة فرفع الدعوى وأودع صحيفتها ودفع رسومها وعلم بتاريخ جلستها فإذا تخلف عن الحضور بعد ذلك فإنه لا يكون جديراً بأية رعاية ولا يلومن إلا نفسه، ولكن هذا لا یعنی ضرورة أن تفصل المحكمة في موضوع الدعوى في هذه الجلسة وإنما يجوز لها أن تؤجل نظرها إلى جلسة أخرى، كما أنها وإن قضت في موضوع الدعوى فقد تقضي في صالح المدعي النائب فعلاً والحاضر حكماً، وذلك إذا لم يستطع المدعى عليه نفي ما يدعيه المدعي في صحيفة دعواه، لأن غياب المدعي لا يمكن اعتباره تنازلاً عن طلباته، مما يقضي الحكم برفضها (إبراهيم نجيب سعد - الجزء الثاني - بند 328 ص 67)، وإنما يفصل القاضي في الدعوى طبقاً لما يتضح له من أوراق الدعوى حتى ولو كان ذلك في صالح المدعى الغائب فعلاً (والحاضر قانوناً).

وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 82 محل التعليق - صراحة على أن تحكم المحكمة في الدعوى إذا غاب المدعى أو المدعون أو بعضهم في الجلسة الأولى وحضر المدعى عليه.

ولا يشترط لكي تحكم المحكمة في الدعوى من غياب المدعي وحضور المدعى عليه أن يطلب منها المدعى عليه ذلك (رمزی سيف - بند 436 ص 547 وص 548 فتحى والى - الوسط - بند 310 ص 646 وهامش رقم 3 بذات الصحيفة، عبد الباسط جمیعی - مبادىء ص 305 ، وجدي راغب - مبادئ الخصومة ص 318 ، وقارن أحمد أبو الوفا - المرافعات - بند 444 ص 519 ، حيث يرى أنه لكي تحكم المحكمة في الدعوى في هذه الحالة يجب أن يطلب منها المدعى عليه ذلك)، لأن من حق المدعي وقد رفع دعواه أن تفصل المحكمة في هذه الدعوى، ولا تحتاج من أجل ذلك أن يطلب منها المدعى عليه الحكم في الدعوى، فهى تحكم في الدعوى حتى ولو لاذ المدعى عليه بالصمت طالما أنه قد حضر الجلسة، ولا يمثل ذلك إخلالاً بحقه في الدفاع لأنه كان بإمكانه ممارسة هذا الحق ولكنه فضل الصمت (فتحى والى - الوسيط - بند 310. ص 646، وقارن أحمد مسلم - أصول المرافعات - بند 484 ص 524 ، حيث يرى أنه إذا تغيب المدعى عن الجلسة الأولى المحددة لنظر دعواه وحضر المدعى عليه، ولم يبد المدعى عليه أقوال أو طلبات بمعنى أن مسلكه كان سلبياً بحتاً، فإن المحكمة تجد أمامها دعوى بلا خصوم، فتحكم بشطبها - ولكن هذا الرأي لا يتفق مع نص المادة 82 من قانون المرافعات الحالي).

ولا يجوز للمحكمة عند غياب المدعي وحضور المدعى عليه أن نحكم بشطب الدعوى ولو طلب المدعى عليه منها ذلك (نقض 19/5/1976 في الطعن رقم  658 لسنة 41- المنشور في مجموعة الأحكام، السنة 27 ص 1123 فتحی والی - بند 210 ص 647 ،محمد كمال عبد العزيز - تقنين المرافعات في ضوء القضاء والفقه - الطبعة الثانية - سنة 1978 ص 223)، ولكن إذا حضر المدعى عليه في الجلسة ثم أعلن انسحابه منها عندما لم يجد المدعي حاضراً فيها، فإنه في هذه الحالة يتحقق غياب الخصوم جميعاً، إذا لم يكن المدعى عليه قد أودع مذكرة بدفاعه قبل الجلسة، ويجوز للمحكمة في هذه الحالة أن تحكم بشطب الدعوى أو أن تفصل فيها إذا كانت صالحة للحكم فيها طبقاً للمادة 82/1 مرافعات، ومن الناحية العملية جرت العادة أمام المحاكم على أن المدعى عليه إذا اتضح له عند النداء على خصمه أنه غائب، أن يعلن انسحابه، إذ في الغالب  يكون من مصلحة المدعى عليه أن تشطب الدعوى، وأن تظل مشطوبة ستين يوماً فتعتبر كأن لم تكن، وبذلك تنتهي الخصومة ككل.

كما لا يجوز للمحكمة أيضاً عند غياب المدعي عليه وحضور المدعى أن تحكم بشطب الدعوى، إذ يقتضي الشطب أن يتخلف الخصمان كما أسلفنا، ولا يكفي تخلف أحدهما، ومع ذلك فإنه إذا تخلف الخصوم جميعاً عن الحضور في دعوى تتصل بالنظام العام لا يجوز النزول عنها أو تركها، مثل دعوى مخاصمة القاضي، فإن غياب الخصوم في هذه الحالة لا يمنع من نظر الدعوى، ولا تملك المحكمة شطبها، لأنه إذا أجيز للمحكمة أن تشطب الدعوى في هذه الحالة فإن التخلف عن الحضور في مثل هذه الدعاوى سوف يصبح ذريعة للنزول عن الدعوى بصورة ضمنية (أحمد أبو الوفا - المرافعات - بند 444 ص 515 هامش رقم 2)، ولذلك فإن المحكمة تنظر هذه الدعاوي رغم غياب الخصوم جميعاً.

وفي حالة تعدد المدعين و حضور بعضهم وتغيب البعض الآخر، وكان المدعى عليه غائباً ولم تكن الدعوى صالحة للحكم فيها فلا يجوز الحكم بشطب الخصومة بالنسبة لمن تغيب مع استمرارها بالنسبة لمن حضروا ولو كان موضوع الدعوى يقبل التجزئة، لأن القرار بالشطب إذا مضى عليه ستون يوماً ترتب عليه اعتبار الدعوى كأن لم تكن، والمشرع يحرص على تفادي هذا الوضع الذي تسقط فيه الدعوى في حق بعض المدعين، وتبقى قائمة في حق البعض الآخر لما يؤدي إليه من صعوبات وتعقيدات، ولذلك لا يكون أمام المحكمة في هذه الحالة إلا تأجيل الدعوى إلى جلسة أخرى يعلن بها المتخلفون، وفي الجلسة الجديدة إذا تغيب المدعون جميعاً قررت المحكمة شطب الدعوى بالنسبة لهم جميعاً، أما إذا حضر البعض، وتغيب البعض حكمت المحكمة في موضوع الدعوى بحكم يعتبر حضورياً في حق جميع المدعين من حضر منهم، ومن لم يحضر (الدناصورى وعكاز ص 490).

وينبغي ملاحظة أن تدخل النيابة العامة في الدعوى تدخلاً انضمامياً لا يمنع من شطب الدعوى عند تخلف طرفيها عن الحضور أحمد أبوالوفا الإشارة السابقة)، كما أنه إذا تعدد المدعون وتخلف بعضهم عن الحضور دون البعض الآخر، و تخلف المدعى عليه عن الحضور أيضاً جاز شطب القضية (إبراهيم نجيب سعد - الجزء الثاني - بند 329 ص 71 أحمد أبوالوفا - بند 444 ص 515 به بهامش رقم 4)، وذلك بالنسبة لمن تخلف من المدعين ما لم يكن موضوع الدعوى لا يقبل التجزئة (انظر في كون الخصومة حالة قانونية تقبل التجزئة - حكم محكمة مصر الابتدائية الصادر في 30/10/1953 ، المنشور في مجلة المحاماة - 35 ص 761) فإن كان موضوع الدعوى لا يقبل التجزئة فإنه يجب على المحكمة تأجيل نظر الدعوى لإعادة إعلان المدعى عليه الغائب عملاً بالمادة 84 مرافعات، وذلك حتى تتمكن المحكمة من الفصل في كل الموضوع، وبالنسبة لجميع الخصوم بحكم له وصف واحد بالنسبة إليهم جميعاً، وإذا حضر المدعى عليه في الجلسة التالية فإن الخصومة تعتبر حضورية بالنسبة لجميع الخصوم، وفي الحالة التي يكون فيها موضوع الدعوى، مما يقبل التجزئة فإن حكم الشطب يكون بالنسبة للمدعين الغائبين فقط، بينما تؤجل المحكمة نظر الدعوى بالنسبة لمن حضر من المدعين مع إعلان المدعى عليه بميعاد الجلسة الجديدة، وذلك تطبيقاً للمادة 84 كما أسلفنا، وعندئذ يجب على المدعين الغائبين تعجيل الدعوى في الميعاد القانوني، وإلا اعتبرت الدعوى كأن لم تكن بالنسبة لهم (مادة 82 مرافعات).

ويلاحظ أن المحكمة لا تقضي بشطب الدعوى، ولا باعتبارها كأن لم تكن إلا إذا تحقق علم المدعى بالجلسة ولم يحضر بها كما إذا كان هو الذي أعلن المدعى عليه بها أو حضر بالجلسة السابقة عليها، أما إذا كان لا يعلم الجلسة، كما إذا كانت الدعوى قد أجلت إدارياً، ولم يعلن بالجلسة الجديدة فإنه يمتنع في هذه الحالة الحكم بالشطب، أو باعتبار الدعوى كأن لم تكن، بل يتعين على المحكمة تأجيل الدعوى وتكلیف قلم الكتاب بإعلانه بها فإن تخلف عن الحضور رغم ذلك تعين على المحكمة توقيع الجزاء.

الشرط الثاني لشطب الدعوى: ألا تكون الدعوى صالحة للحكم فيها: إذا كانت الدعوى صالحة للحكم فيها، فإن المحكمة لا تقرر شطبها بل تحكم فيها حتى ولو غاب جميع الخصوم، والهدف من ذلك ألا يؤدي الغياب إلى تراكم القضايا أمام المحكمة، كما أن الحكم في الدعوى الصالحة للفصل فيها رغم غياب الخصوم يمثل عقاباً، للمدعى المهمل أحمد أبوالوفا - التعليق - الجزء الأول ص 222)، الذي يرفع دعواه ولا يحضر جلساتها.

وتكون الدعوى صالحة للحكم فيها إذا كان كل من الخصمين قد أبدى دفاعه فيها، حتى لو تم ذلك بمذكرة أودعت قبل الجلسة، أو أبديت في جلسة سابقة (نقض 19/5/1976 - مجموعة الأحكام، السنة 27 ص 1123 ،فتحي والى - بند 309 ص 644 ، ويعتبر المدعي مبدياً لدفاعه دائماً حتى ولو لم يقدم مذكرة بدفاعه، لأنه هو الذي بدأ الخصومة، فرفع الدعوى وحدد في صحيفتها طلباته. وأسانيده، وينبغي أن يتحمل نتيجة إجماله إذا لم يكن قد اطلع على دفاع خصمه، أو كان قد اطلع عليه، ومع و ذلك تخلف عن الحضور في الجلسة المحددة لنظر دعواه.

ويعتبر المدعى عليه مبدياً لدفاعه إذا كان قد أودع مذكرة بدفاعه قبل الجلسة، أو كان قد تقدم بها في جلسة سابقة، ولا يكفي أن يكون قد مكن من ذلك بأن كان قد أعلن لشخصه أو أعيد إعلانه (عكس هذا: فتحي والی - الإشارة السابقة، ويرى أنه يكفى بالنسبة للمدعى عليه أن يكون قد تمكن من إبداء دفاعه بأن يكون قد أعلن لشخصه أو أعيد إعلانه)، لأن الشرط الأساسي للحكم في الدعوى - حتى ولو كانت مستعجلة عند تغيب الخصوم أن يكونوا قد أدلوا بأقوالهم فيها (انظر : المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات. فيما يتعلق بالمادة 82 المشار إليها آنفاً، وقد جاء بها أن على المحكمة أن تحكم في الدعوى إذا كانت صالحة للحكم فيها، وذلك إذا كان الخصوم قد أبدوا أقوالهم فيها، وانظر أيضاً: أحمد أبوالوفا - المرافعات - بند -444 ص 516)، والاكتفاء بكون المدعى عليه أعلن لشخصه أو أعيد إعلانه دون أن يكون قد أدلى بأقواله بالفعل، يمثل إخلالاً بحق الدفاع، وينبغي أن يبدي المدعى عليه أقواله بالفعل شأنه شأن خصمه المدعي الذي أبدى هذه الأقوال في صحيفة دعواه.

ويلاحظ أن سداد أمانة الخبير يحول دون شطب الدعوى، إذ تنص الفقرة الأخيرة من المادة 135 من قانون الإثبات على أنه في حالة دفع أمانة الخبير لا تشطب الدعوى قبل إخبار الخصوم بإيداع الخبير تقريره.

وينبغي التفرقة بين صلاحية الدعوى للحكم فيها بالمعنى السابق، وبين صلاحية الدعوى لنظرها طبقاً للمادة 65 مرافعات التي توجب على المدعي عليه إبداع مذكرة بدفاعه بقلم الكتاب قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى بثلاثة أيام على الأقل، حتى تتهيأ الدعوى لنظرها في الجلسة الأولى، ولذلك إذا حضر المدعى والمدعى عليه الجلسة الأولى ولم يكن المدعى عليه قد قدم مذكرة بدفاعه، فإن المحكمة تنظر الدعوى، ولكن لا تملك الحكم فيها قبل تمكين المدعى عليه من الإدلاء بأقواله ودفاعه، وإلا كان حكمها باطلاً أحمد أبو الوفا - التعليق - الجزء الأول . ص 334 والمرافعات - بند 444 ص 516 ، وقارن محمد كمال عبدالعزيز - ص 224 ، حيث أوضح أن هذا الرأي يفتقر إلى السند من النص، ويمكن المدعى عليه من تعطيل الفصل في الدعوى، ولكن الصحيح أن الزای المذكور إنما يستند إلى المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات بشأن المادة 82، وإلى نص المادة 131 مرافعات في تعريفها لاصطلاح «صلاحية الدعوى للحكم فيها، إذ تنص هذه المادة على أن تعتبر الدعوى مهيأة للحكم في موضوعها متى كان الخصوم قد أبدوا أقوالهم وطلباتهم الختامية في جلسة المرافعة...»، كما أن المشرع لا يقصد بنص المادة 82 سوى معاقبة المدعى الذي يعطل نظر الدعوى بغيابه، ولم يقصد معاقبة المدعى عليه الذي قد يكون تخلفه عن الحضور راجعاً إلى عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بصحيفة الدعوى).

ولا يقصد بالحكم في الدعوى إذا كانت صالحة للحكم فيها أن يحكم القاضي في نفس الجلسة التي تغيب فيها الخصوم، وإنما يجوز. تأجيل الدعوى (المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات بشأن المادة 82 مشار إليها آنفاً)، والحكم فيها في جلسة لاحقة إذا اقتضى الأمر ذلك، وإنما المقصود بالحكم في الدعوى إذا كانت صالحة للحكم فيها أن المحكمة لا تقرر شطبها، وإنما تنظرها كما لو كان الخصوم حاضرین (إبراهيم نجيب سعد - جزء ثانى - بند 327 ص 62). 

والواقع أنه إذا كانت الدعوى صالحة للحكم فيها بالمعنى السالف الذكر، أي إذا كان الخصوم أبدوا دفاعهم، فإن الخصومة تكون حضورية بالنسبة لهم من الناحية القانونية، وإن كانوا غائبين من الناحية الفعلية فهم حاضرون حكماً، ومن ثم لا مبرر لشطب الدعوى.

ويلاحظ أن اعتبار الدعوى صالحة للحكم فيها مسألة تقديرية متروكة السلطة المحكمة، إذ تتوقف على توافر عناصر الدعوى، وتكوين الرأي القضائي فيها (وجدي راغب - مبادئ الخصومة - ص 317)، وإذا قدرت المحكمة عدم صلاحية الدعوى للحكم فيها بالمفهوم السالف الذكړ، فإنها تحكم من تلقاء نفسها بشطب الدعوى.

الشرط الثالث للشطب: أن تحكم المحكمة بشطب الدعوى وهي لا تحكم به إلا مرة واحدة فقط، لايقع الشطب بقوة القانون، وإنما إذا تحققت المحكمة من غياب الخصوم، وكانت الدعوى غير صالحة للحكم فيها، فإنه يكون لها أن تحكم بالشطب، فيلزم إذن لحصول الشطب أن تحكم به المحكمة، ولكن لا تلتزم المحكمة بالحكم بالشطب وجوباً إذا توافرت شروطه، وإنما لها سلطة تقديرية في تلك، فقد تؤجل نظر الدعوى لجلسة أخرى (أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع في قانون المرافعات. - الطبعة الخامسة سنة 1977 -  بند 375 ص 636، وانظر أيضاً المذكرة الايضاحية بشأن المادة 82 مشار إليها آنفا، ولكن ليس لها أن تحكم في موضوع الدعوى طالما أنها غير صالحة للحكم فيها، لأن ذلك يعتبر إخلالاً منها بحق الدفاع (رمزي سيف - بند 424 ص 543 ، فتحی والی ۔ بند 310 ص 645)، ومن ثم يكون حكمها باطلاً.

. ويلاحظ أن عدم ضم المفردات لا يمنع المحكمة من أن تقضي بشطب الدعوى، كما أنه إذا حضر المدعي بعد شطب الدعوى، وقبل انتهاء الجلسة يتعين على المحكمة أن تعدل عن قرار الشطب وتكلفه بإعلان المدعى عليه بالجلسة. 

كما يتعين ملاحظة أن مؤدي التعديل الذي أدخله المشرع على المادة 82 بالقانون 23 لسنة 1992 - كما مضت الإشارة - أنه لايجوز للمحكمة أن تقضي بشطب الدعوى إلا مرة واحدة فقط، وكان النص قبل تعديله يخول المحكمة أن تقضي بشطبها كلما عجلت ولم يحضر أحد من الخصوم مهما كان عدد المرات، ولكن بعد التعديل فإنه إذا لم يحضر الطرفان بعد تعجيلها من الشطب فإن المحكمة تقضي باعتبار الدعوى كأن لم تكن  ويلاحظ أنه يصدر قرار الشطب من كامل هيئة المحكمة التي تنظر الدعوى، فلا يملك القاضي المنتدب فيها للتحقيق إصدار قرار بشطب الدعوى، ويقع القرار الذي يصدره بذلك باطلاً لصدوره ممن لايملك إصداره، فيكون لكل من الخصوم تسجيل السير في الدعوى دون التقيد بالميعاد المنصوص. عليه في المادة 82 مرافعات (نقض 14/1/1987 طعن 635 لسنة 52 قضائية - سنة 38 - ص 109 )، ولكن لا يلزم لتصدر المحكمة قرارها بشطب الدعوى أن تكون الخصومة قد انعقدت، فإذا تخلف المدعي عن الحضور جاز للمحكمة شطب الدعوى، ولو لم تكن صحيفتها قد أعلنت إلى المدعى عليه الذي تخلف بدوره عن الحضور، كما لا يلزم ضم المفردات فإذا تخلف المستأنف عن الحضور في أول جلسة محددة لنظر الاستئناف جاز شطب الاستئناف ولو لم تكن المفردات قد ضمت. 

(نقض 3/1/1983 ، طعن 7 سنه 53 قضائية).

 وقرار الشطب لا يعتبر حكماً فلا يجوز الطعن فيه على استقلال بطرق الطعن المقررة بالنسبة للأحكام، ولكن يجوز لذوي الشأن عند تجديد الدعوى من الشطب أن يتمسك ببطلان قرار الشطب تخلصاً من ميعاد التجديد المنصوص عليه في المادة 82 مرافعات إذ يجوز في حالة بطلان قرار الشطب تجديد الدعوى دون التقيد بميعاد الستين يوماً المنصوص عليه فيها (نقض 27/5/1985، طعن 434 سنة 50 قضائية. سنة 36 ص 822)، وتخلصاً من جزاء اعتبار الدعوى كأن لم تكن سواء لعدم التجديد في الميعاد أو لعدم الحضور بعد تجديد السير فيها من شطب سابق، ويتعين على المحكمة أن تقول كلمتها في هذا الدفاع، وإلا كان حكمها باطلا بما يجيز لصاحب الشأن الطعن عليه لهذا السبب (نقض 28/3/1984 ، طعن 434 لسنة 49 قضائية - سنة 35 - ص 870 )، نقض 19/3/1981  ، طعن 452 سنة 48 قضائية - سنة 32 ص 881)، وقد قضت محكمة النقض بأن اقرار الشطب ليس حكماً ولا يجوز استئنافه على استقلال إلا مع الحكم المنهي. للخصومة كلها. عملاً بالمادة 212 مرافعات، وإن كان البين من الأوراق أن المطعون ضده المتظلم لم يعلن بالجلسة المحددة لتظلمه لحالته والتي صدر فيها قرار المحكمة بشطب دعواه فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من رفض الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن وسقوطها وبانقضائها يكون قد طبق صحيح القانون. 

(نقض 10/2/1981 ، طعن 1930 سنة 47 قضائية).

الآثار المترتبة على شطب الدعوى: لا يؤدي الشطب إلى إنهاء .الخصومة، بل تظل الخصومة قائمة أمام القضاء رغم الشطب، إنما يؤدي الشطب إلى استبعاد القضية من جدول القضايا المتداولة في الجلسات أمام المحكمة، فلا تنظر الدعوى في ذات الجلسة، ولا تحدد لها جلسة تالية لنظرها، إلى أن يظهر أحد الخصوم رغبته في إعادة نظر الدعوى، في خلال ستين يوماً من تاريخ شطبها وإلا اعتبرت كأن لم تكن، فالدعوى المشطوبة تبقى مرفوعة ومنتجة لكافة آثارها. (نقض 25/1/1958  - مجموعة المكتب الفني - السنة 9 ص 1، وحكم محكمة بني سويف . الابتدائية (دائرة استئنافية) الصادر في 9/1/1937  - المجموعة الرسمية - سنة 27 ص 652 رقم 214 ، ويستثنى من ذلك حالة ما إذا نص المشرع صراحة على خلاف ذلك، كما هو الحال بالنسبة لإشكالات التنفيذ، إذ تنص المادة 314 مرافعات، على أنه في حالة غياب الخصوم وحكم القاضي بشطب الأشكال زال الأثر الواقف للتنفيذ المترتب على رفعه، فالدعوى المشطوبة تنتج كافة آثارها سواء الإجرائية منها أو الموضوعية (فتحی والی - الوسيط . بند 310 ص 645 )، فتبقى إجراءات الخصومة السابقة على الشطب قائمة، كما يبقى إجراء إعلان منحيفة الدعوى بكل أثاره عدا سير الخصومة (وجدي راغب : مبادئ الخصومة - ص 317)، كما تظل قائمة أيضاً كل الإجراءات التالية التي اتخذت في الجلسات السابقة على شطب الدعوى، وإذا عادت المحكمة لنظر الدعوى بعد شطبها فإنها تنظرها من النقطة التي وقف عندها حكم الشطب (رمزي سيف - بند 434 ص 545، محمد حامد فهمي - بند 431 ص 476)، فينتج عن الشطب إذن، استبعاد أي نشاط إجرائي في الخصومة وذلك في خلال الفترة من صدور الحكم به إلى أن تعاد الدعوى مرة أخرى إلى جدول القضايا المتداولة.

ويلاحظ أنه من المقرر أن الآثار التي تترتب على رفع الدعوى كسريان الفوائد التي يجيزها القانون، وغيره من الآثار تبقى قائمة بالرغم من صدور قرار شطبها.

سريان المادة 82 على الطعن بالاستئناف: عملاً بالمادة 240 مرافعات فإنه تتبع قواعد الغياب المقررة في المادة 82، وما يليها بالنسبة الخصومة الاستئناف، ويعتبر المستأنف في حكم المدعي والمستأنف عليه في حكم المدعى عليه (راجع مزيداً من التفصيل مؤلفنا: الطعن بالاستئناف - نشر دار الفكر العربي بالقاهرة).

تعجيل الدعوى خلال ستين يوماً من الشطب واعتبارها كأن لم تكن إذا لم تعجل أو لم يحضر الطرفان بعد السير فيها : وفقاً للمادة 82 - محل التعليق - ينبغي خلال ستين يوماً من تاريخ حكم الشطب أن يطلب أحد الخصوم السير في الدعوى، وإلا اعتبرت كأن لم تكن، كذلك فإنها تعتبر كأن لم تكن أيضاً إذا لم يحضر الطرفان بعد تعجيلها، وليس للمحكمة أن تقضي بالشطب مرة أخرى، فوفقاً لتعديل المادة 82 بالقانون 23 لسنة 1992، لا تقضي المحكمة بالشطب إلا مرة واحدة فقط كما ذكرنا آنفاً.

ويترتب على القضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن نفس الآثار التي تترتب على سقوط الخصومة فتزول إجراءاتها عدا الأحكام القطعية والإجراءات السابقة على هذه الأحكام. 

وميعاد الستون يوماً يضاف إليه ميعاد مسافة، ويمتد بسبب العطلة الرسمية، ويلاحظ أن طلب السير في المدعى بعد شطبها لا يتم إلا بإعلان صحيفة التعجيل خلافاً لرفع الدعوى التي تعتبر مرفوعة بمجرد تقديم صحيفتها لقلم الكتاب، ومن ثم يتعين أن يتم إعلان طلب السير في الدعوى خلال الستين يوماً وميعاد الستون يوماً. يقف في حالة تحقق قوة قاهرة، وهو يعتبر من مواعيد السقوط.

نقض 6/2/1980 - في الطعن رقم 253 لسنة 47 قضائية).

إذن يجب لإنقاذ الدعوى من اعتبارها كأن لم تكن أن يتم تعجيلها في خلال الستين يوماً، أي يتم خلال هذا الميعاد الناقص إعلان الخصم بالجلسة الجديدة المحددة لنظر الدعوى، ولا عبرة أن تقع هذه الجلسة بعد الستين يوماً. إنما المهم أن يتم إعلان الخصم بالتعجيل في خلال الستين يوماً من تاريخ الشطب، (انظر في وجوب أن يتم إعلان التسجيل في خلال الستين يوماً، وأنه لا يعتد بمجرد تقديم صحيفة التعجيل لقلم المحضرين في خلاله.

(نقض 27/5/1974 ، سنة 25 ص 952 ،ونقض 19/11/1981 ، رقم 1136 لسنة 48 قضائية )

وكما ذكرنا آنفاً فإنه يضاف إلى الميعاد المقدم ميعاد مسافة عملاً بالقواعد العامة، ويمتد بسبب العطلة الرسمية، ويحدد ميعاد المسافة على أساس المسافة بين موطن المدعي ومقر المحكمة ثم بين هذا المقر وموطن المدعى عليه (راجع في الجزء الأول من هذا المؤلف: التعليق على المادتين 15، 16)، لأن تعجيل الدعوى بمقتضى الانتقال من موطن المدعى إلى مقر المحكمة، ثم من هذا المقر إلى موطن المدعى عليه.

فالتعجيل يتم بإجراءين جوهريين الأول هو تحديد جلسة جديدة لنظر الدعوى، وبذلك تعاد القضية إلى جدول القضايا بالمحكمة والثاني هو إعلان الخصم بهذه الجلسة وأن يتم الإعلان خلال ميعاد الستين يوماً.

إذ يشترط لتجديد الدعوى من الشطب توافر ثلاثة شروط:

أولها : تحديد جلسة لنظر الدعوى حتى تعاد القضية إلى جدول القضايا۔

وثانيها: إعلان الخصم بهذه الجلسة بموجب ورقة من أوراق المحضرين إعلاناً صحيحاً، ولايلزم أن تتضمن ورقة التجديد تكراراً لصحيفة الدعوى والدفاع فيها، وإنما يكفي الإشارة إلى الدعوى، وقرار شطبها مع التكليف بالحضور في الجلسة التي حددت لنظرها، ولا يلزم أن توقع صحيفة التجديد من محام، وإذا وقعت من محام فلا يلزم أن يكون قد صدر له من صاحب الشأن توكيل موثق سواء كان رسمياً أو مصدقاً عليه، إذ أن إثبات الوكالة على هذا النحو لا يلزم إلا عند الحضور عن الخصم أمام المحكمة في الجلسة المحددة (نقض 13/5/1979  - سنة 30، العدد الثاني ص 372، 30/6/1983  في الطعون 2420- 2370- 2386 سنة 52 قضائية - سنة 34 ص 1514)، وغنى عن البيان أنه يشترط للاعتداد بالإعلان أن يكون صحيحاً وفقاً للقواعد التي تحكم إعلان أوراق المحضرين فإن وقع باطلاً كان هابط الأثر. (كمال عبد العزيز ص 554).

وثالث هذه الشروط : أن يتم هذا الإعلان الصحيح خلال الميعاد الذي حددته المادة، وهو ستون يوما من تاريخ صدور قرار الشطب ويبدأ هذا الميعاد وفقاً لحكم المادة 15 مرافعات من اليوم التالي لصدور قرار الشطب ويحتسب بالأيام دون النظر لعدد أيام الشهور (يراجع التعليق على المادة 15 مرافعات)، ولا يضاف إلى هذا الميعاد ميعاد مسافة إلا عن المسافة بين المحكمة التي أودعت فيها صحيفة التجديد وبين موطن الخصم المراد إعلانه ( 19/4/1988 ، طعن. 1505 لسنة 54 قضائية ، 18/2/1978 - سنة 29 - ص 510 ، 22/2/1966 - سنة 17 - ص 343)، ولا يقف هذا الميعاد إلا بسبب قوة قاهرة ولابعد السفر إلى الخارج من هذا القبيل.

( 6/2/1980 ، طعن 253. لسنة 47 قضائية).

ويلاحظ أنه لا يكفي أن يتم خلال هذا الميعاد تحديد جلسة لنظر الدعوى أو إيداع صحيفة التجديد قلم الكتاب، وإنما يتعين فوق ذلك أن يتم إعلان صحيفة التجديد خلال الميعاد، وفي ذلك تقول محكمة النقض: مفاد النص في المادة 82 من قانون المرافعات على أنه «إذا بقيت الدعوى مشطوبة ستين يوماً ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها اعتبرت كأن لم تكن، أن تعجيل الدعوى بعد شطبها يتطلب اتخاذ إجراءين جوهريين هما تحديد جلسة جديدة لنظرها حتى تعاد القضية إلى جدول القضايا وإعلان الخصم بهذه الجلسة بشرط أن يتم هذا الإعلان قبل انقضاء الأجل المحدد في النص، وذلك إعمالاً للمادة الخامسة من ذات القانون التي تنص على أنه «إذا نص القانون على ميعاد حتمي لاتخاذ إجراء يحصل بالإعلان، فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا إذا تم إعلان الخصم خلاله» ولاينال من ذلك ما نصت عليه المادة 63/1 من قانون المرافعات من أن الدعوى ترفع إلى المحكمة بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ذلك أن مجال تطبيق هذه المادة قاصر على صحيفة افتتاح الدعوى أو الطعن فلاي تعداها إلى غيرها، ويظل أثر نص المادة الخامسة سالفة الذكر باقياً بالنسبة لاستئناف الدعوى سيرها بعد شطبها فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا إذا تم الإعلان خلاله، كما أن تكليف المحكمة لقلم الكتاب بإجراء إعلان تجديد السير في الدعوى لا يخلي مسئولية الطاعنة من الاهتمام به وموالاته حتى يتم الإعلان في الميعاد المحدد لإجرائه باعتبارها أنها هي المكلفة أصلاً باتخاذ هذا الإجراء الجوهرى حتى تتفادى توقيع الجزاء المنصوص عليه في المادة 82/1 مرافعات إذا طلبه خصمها.

نقض 19/11/1981 ،طعن 1136 سنة 44 قضائية سنة 32 ص 2058  انظر في المعنى نفسه 29/3/1992  ، طعن 1824 سنة 54 قضائية - 22/5/1989  ، طعن 957 سنة 52 قضائية - 14/4/1989 طعن 1950 سنة 52 فضائية - 20/11/1988 ، طعن 2072 سنة 56 قضائية - 19/4/1988 ، طعن 1505 سنة 54 قضائية . 31/12/1982 طعن 1030 سنة 45 قضائية . 11/12/1979  سنه 30، العدد الثالث - ص 215 ، 27/5/1974  سنه 25 ص 952).

 وقد يقوم المدعى عليه بتجديد السير في الدعوى: بتصديه لتجديد جلسة لنظر الدعوى، وإعلان المدعى بصحيفة التجديد، وقد يكون ذلك بقصد موالاة السير في الدعوى، أو بقصد الحكم باعتبارها كأن لم تكن جزاء عدم تجديد المدعى للسير فيها، (كمال عبدالعزيز ص 555)، فإن انتهى في صحيفة التجديد إلى طلب موالاة السير في الدعوى والحكم فيها استأنفت الدعوى سيرها بتمام إعلان صحيفة التجديد سواء تم هذا الإعلان خلال الستين يوماً أو بعد انقضاء هذا الميعاد لأنه مقرر لمصلحته فيجوز له النزول عنه، أما إذا انتهي في صحيفة التجديد إلى طلب الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن جزاء عدم قيام المدعى بتجديدها، فإن كانت صحيفة التجديد قد أعلنت بعد الميعاد اعتبر إعلانه للمدعي بها تمسكاً منه بجزاء اعتبار الدعوى كأن لم تكن بما يوجب القضاء به إن توافرت موجباته، أما إذا كانت صحيفة التجديد قد أعلنت قبل فوات الميعاد فلا تنتج أثرها في هذا الشأن، فإن قام المدعى بتجديد السير في الدعوى، وأعلن المدعى عليه بصحيفة التجديد بعد الميعاد وجب على المدعى عليه أن يتمسك باعتبار الدعوى كأن لم تكن دون أن يغنيه ما أثاره من ذلك في الصحيفة المعلنة منه إلى المدعى قبل الأوان لأن العبرة في صحة الدفع أن يكون قد استوفى مقوماته وقت التمسك به.

ويترتب على تجديد الدعوى من الشطب، موالاة السير في الدعوى: يستوي في ذلك أن يتم التجديد من المدعي صحيحاً في الميعاد، أو أن يتم من المدعي باطلاً. أو بعد الميعاد، ولكن لا يتمسك المدعى عليه باعتبار الدعوى كأن لم تكن أو يسقط حقه في التمسك بهذا الجزاء، كما يستوي أن يتم التجديد من المدعى عليه بطلب السير في الدعوى سواء تم إعلان صحيفة التجديد في الميعاد أو بعد الميعاد. وتعاود المحكمة نظر الدعوى من النقطة التي كانت قد وقفت عندها بقرار الشطب، ومن ثم يتعين عليها أن تعرض لما سبق أن أبداه الخصوم قبل صدور هذا القرار من طلبات ودفوع وأوجه دفاع دون حاجة لإعادة إبدائها أو التمسك بها، وذلك مالم يثبت تنازل صاحب المصلحة فيها صراحة أو ضمناً 30/10/1990 ، طعن 1718 سنة 54 قضائية . 28/3/1984  ، طعن 434 سنة 49 قضائية - سنة 35 ص 870)، فإذا كانت الدعوى عند صدور قرار الشطب لم يسبق إعلان صحيفتها إلى المدعى عليه وجب بعد تجديدها من الشطب تأجيل الدعوى لإعلان صحيفتها إليه إلا إذا تضمنت صحيفة التجديد بيانات صحيفة الدعوى أو حضر المدعى عليه في الجلسة المحددة في صحيفة التجديد على نحو يعتد به في انعقاد الخصومة.

نقض 10/11/1989 ، طعن 169 سنة 54 قضائية - ويراجع التعليق على المادة 68 مرافعات)

وإذا كانت صحيفة الدعوى سبق. إعلانها إلى المدعى عليه، ولكنه لم يسبق له الحضور، وكانت الدعوى مما يجب فيها إعادة الإعلان وجب تأجيل الدعوى لإعادة الإعلان حتى ولو كانت صحيفة التجديد أعلنت لشخصه ما لم يتضمن كامل بيانات صحيفة الدعوى (نقض 25/11/1984 ، طعن 2231 لسنة 51 قضائية)، ومتی استأنفت الدعوى سيرها على النحو السالف، فلا يجوز إجابة طلب اعتبارها كأن لم تكن.

(نقض 25/3/1986  ، طعن 4 سنة 55 قضائية)، أما إذا لم يتم تجديد الدعوى من الشطب على النحو الصحيح السالف، فإنه يجوز الحكم باعتبارها كأن لم تكن (كمال عبد العزيز ص 556).

ولايتصور ثمة تعجيل إذا لم يتخذ هذان الإجراءان، أي تحديد جلسة جديدة لنظر الدعوى و إعلان الخصم بهذه الجلسة، فكما لا يعتبر تعجيل الدعوى مجرد تحديد جلسة لنظرها دون إعلان الخصم بها، لا يعتبر تعجيل أيضاً مجرد إعلان الخصم بجلسة دون أن يسبق ذلك إدراج القضية بالفعل في جدول القضايا بالمحكمة (أحمد أبو الوفا ۔ ص 430 ).

والدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تجديدها من الشطب خلال الميعاد، وأن كان شكلياً يسقط بالتعرض للموضوع إلا أن هذا الحكم قاصر على الدعوى التي قضى بشطبها، فإذا جددها المدعي بعد الميعاد وجب على المدعى عليه التمسك باعتبارها كأن لم تكن قبل التعرض للموضوع، وإلا سقط حقه في الدفع، أما إذا أقام المدعي دعوى جديدة بذات الطلبات دون تجديد الدعوى السابقة جاز للمدعى عليه التمسك في هذه الدعوى الجديدة باعتبار الدعوى الأولى كأن لم تكن، ولو كان قد تعرض للموضوع وتظهر أهمية ذلك فيما لو أقيمت الدعوى قبل انقضاء مدة تقادم الحق موضوع الدعوى في حين أن الدعوى الجديدة قد أقيمت بعد انقضاء هذه المدة، فلما دفع المدعى عليه بالتقادم تمسك المدعي بأثر الدعوى الأولى في قطعه، فيستطيع المدعى عليه في هذه الحالة أن يتمسك باعتباره الدعوى الأولى كأن لم تكن بما يزيل أثرها في قطع التقادم (كمال عبدالعزيز ص 224).

وفي حالة ما إذا قررت المحكمة شطب الدعوى، ثم تبين أن الشطب في غير محله، كما إذا كانت الدعوى قد أجلت إدارياً، ولم يعلن المدعي بالجلسة كان له أن يطلب السير فيها، ولو بعد مضي الستين يوماً المحددة في المادة، ولا يجوز للمحكمة أن تقضي باعتبار الدعوى كأن لم تكن لأن الشطب كان على غير سند من القانون فإن قضت به فإن السبيل الوحيد للطعن عليه هو الاستئناف إن كان صادرا من محكمة الدرجة الأولى والطعن عليه بالنقض إن كان صادراً من محكمة الاستئناف، أما إذا صدر من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية فلا يقبل الطعن بالنقض. وإذا شطبت الدعوى، وطلب المدعي السير فيها، ولم يحضر بالجلسة المحددة لنظرها وحضر المدعى عليه، وانسحب تعين على المحكمة أن تقضي باعتبار الدعوى كأن لم تكن، أما إذا لم ينسحب. المدعى عليه تعين على المحكمة أن تفصل في موضوع الدعوى.

ويترتب على اعتبار الدعوى كأن لم تكن انتهاء آثار صحيفة الدعوى، ويظل الحق قائماً يجوز لصاحبه أن يطالب به بدعوى جديدة بشرط ألا يكون الحق قد سقط أو انقضی بمضي المدة، أما بالنسبة للطعون بالاستئناف، فإذا قضى باعتبار الطعن كأن لم يكن فإنه يجوز للمستأنف أن يرفع استئنافاً جديداً إذا كان ميعاد الاستئناف مازال قائماً كما إذا كان ميعاد الطعن في الحكم الابتدائى لا يبدأ إلا من تاريخ إعلانه، ولم يعلن بعد، أما إذا كان ميعاد الاستئناف قد انقضى فإنه يترتب على اعتبار الاستئناف كأن لم يكن أن يصبح حكم محكمة أول درجة نهائياً، وإذا رفع عنه أستئناف جديد قضت المحكمة بعدم قبوله لرفعه بعد الميعاد الدناصورى وعكاز - ص 487).

وإذا تعدد المدعى عليهم وتغيبوا جميعاً مع المدعى فقررت المحكمة شطب الدعوى، ثم عجلها المدعى بالنسبة لأحد المدعى عليهم قبل مضى ستين يوماً، ولم يعجلها بالنسبة للباقين إلا بعد مضي ستين يوماً، فإن الباقي المدعى عليهم أن يتمسكوا باعتبار الدعوى كأن لم تكن بالنسبة لهم، ولايمنعهم من ذلك تعجيل الدعوى في الميعاد بالنسبة للمدعى عليه الأول، لأنه إذا صح أن يفيد الخصم من عمل قام به أحد زملائه في الخصومة فإنه لا يصح أن يضار بعمل اتخذ في مواجهة زملائه. 

وإذا تعدد المدعون وتغيبوا جميعاً مع المدعى عليه فقررت المحكمة بشطبها، وقبل مضي ستين يوماً عجلها أحد المدعين، ولم يعجلها الباقون إلا بعد مضي ستين يوماً فيرى البعض في الفقه أنه لا يجوز للمدعى أن يتمسك باعتبار الدعوى كأن لم تكن بالنسبة لمن تأخر من المدعين في تعجیل الدعوى، وإنما يفيد هؤلاء المدعون من تعجيل زميلهم الدعوی قبل فوات المدة التي تعتبر الدعوى بعدها كأن لم تكن (رمزی سیف . الطبعة الثامنة - ص 542 وما بعدها).

ويلاحظ أن الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد لا يؤدي إلى إسقاط الحق في طلب اعتبار الاستئناف كأن لم يكن لأن الدفع الأول دفع شكلي، ومن النظام العام و إبداؤه لا يعتبر دفعاً موضوعياً.

ويجوز للمستأنف الذي قضى باعتبار استئنافه كأن لم يكن أن يطعن عليه بالنقض إذا كان الحكم قد صدر مخالفاً للقانون كما هو الشأن إذا - كانت الجلسة المحددة لنظر الاستئناف قد أجلت إدارياً، ولم يخطر بها المستأنف أو عجلت المحكمة نظر الاستئناف بناء على طلب المستأنف ضده، ولم يعلن المستأنف بالجلسة الجديدة في الحالتين إلا أنه يشترط الطعن بالنقض أن يكون الحكم صادراً من محكمة الاستئناف، إذ أن الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية - أياً كان قضاؤه - لا يقبل الطعن بالنقض إلا في حالة وحيدة بينتها المادة 249 من قانون المرافعات، وهي حالة ما إذا صدر الحكم على خلاف حكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي الدناصورى وعكاز ص 487 ).

رأينا في أن حضور الخصم من تلقاء نفسه بعد الشطب يغني عن الإعلان ويترتب عليه تجديد الدعوى: إذا ما قضت المحكمة بالشطب فإن الدعوى تبقی مشطوبة حتى يظهر أحد الخصوم رغبته في نظرها كما أوضحنا آنفاً، وذلك بأن يطلب إعادتها إلى جدول القضايا المتداولة، ويحدد جلسة أمام المحكمة لنظرها يعلن بها الخصم الآخر، ولا يكفي لذلك مجرد إيداع صحيفة تجديد الدعوى من الشطب قلم الكتاب، بل يجب أن يتم إعلان هذه الصحيفة خلال الستين يوماً التالية لقرار الشطب (نقض 31/1/1989 - في الطعن رقم 2361 لسنة 52 قضائية، نقض 25/6/1990  - الطعن 1061 لسنة 55 قضائية)، فإذا تم هذا الإعلان صحيحاً خلال الميعاد، وعادت الخصومة إلى استئناف سيرها (رمزی سيف - بند 434 ص 545، فتحی والی - بند 313 ص 575 )

ويجب أن يتم الإعلان قبل انقضاء الميعاد إذ وفقاً للمادة الخامسة من قانون المرافعات إذا نص القانون على ميعاد حتمي لاتخاذ إجراء يحصل بالإعلان فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا إذا تم الإعلان خلاله.

نقض إيجارات 29/11/1984، في الطعن 933 لسنة 49)

ولكن إذا ظلت الدعوى مشطوبة دون أن يعلن خصم غيره من الخصوم خلال هذا الميعاد بطلب استئناف سيرها فإنها تعتبر بقوة القانون كأن لم تكن، وذلك وفقاً للمادة 82- محل التعليق - كما أوضحنا آنفاً. وقد ذهب رأي إلى أنه لا يغني عن هذا الإعلان مجرد حضور الخصم من تلقاء نفسه يعد الشطب (فتحی والی - طبعة 1993- بند 313 ص 575 ، ونقض 29/11/1984 ، في الطعن رقم 932  لسنة 49 قضائية)،

على أساس أن مجرد فوات الميعاد دون اتخاذ الإجراءات يعني عدم تحقق الغاية منه (نقض 19/11/1981، في الطعن رقم 1136 لسنة 48 قضائية)، ولكن هذا الرأي محل نظر، لأنه لا يتفق مع تعديل قانون المرافعات بالقانون. 23 لسنة 1992، فهذا الرأي كان يمكن العمل به قبل التعديل، أما الآن وبعد تعديل المادة 68 مرافعات بالقانون 23 لسنة 1992، والذي أضاف إلى هذه المادة فقرة ثالثة مقتضاها أن حضور المدعى عليه الجلسة يؤدي إلى انعقاد الخصومة حتى ولو يحدث إعلان وقد سبق لنا توضيح ذلك فيما مضى (راجع تعليقنا على المادة 68 فيما سبق)، فإنه لا مجال للأخذ بهذا الرأي في ظل النص الواضح للفقرة الثالثة من المادة 68، ولذلك نرى أن حضور الخصم من تلقاء نفسه بعد الشطب يغني عن الإعلان، ويترتب عليه تجديد الدعوى.

مدى تعلق الجزاء المنصوص عليه في المادة 82 مرافعات بالنظام العام: وفقاً للمادة 82 من قانون المرافعات إذا بقيت الدعوى مشطوبة ستين يوماً، ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها أو لم يحضر الطرفان بعد السير فيها اعتبرت كأن لم تكن، ويذهب الرأي الغالب في الفقه (أحمد أبوالوفا - المرافعات - بند 444 ص 517 و 518 ، رمزی - سيف - بند 425 ص 543 ، فتحي والي - الوسيط طبعة 1981 - بند 309  ص 645، عبد المنعم الشرقاوي - شرح قانون المرافعات - بند 281 ص 418، وجدي راغب - مبادئ الخصومة - ص 318 ،إبراهيم سعد - جزيء ثان - بند 327 ص 64، محمد كمال عبدالعزيز - ص 224، عز الدين الدناصورى وحامد عكاز - الطبعة الثانية ص 230، وأيضاً نقض مدني 3/5/1976  - مجموعة المكتب الفني - السنة 27 ص 1059)، إلى أن هذا الجزاء يقع بقوة القانون، ولا يلزم اعتبار الدعوى كأن لم تكن في هذه الحالة أن يصدر حكم من المحكمة بذلك، فلا حاجة إلى استصدار حكم من المحكمة في هذا الصدد، ولكن طبقاً لهذا الرأي لا يتعلق هذا الجزاء بالنظام العام، بل هو مقرر لمصلحة المدعى عليه وحده، فهو جزاء يوقع على المدعي المهمل الذي رفع دعواه ولم يحضر، فليس مقرراً المصلحة المدعى بل هو جزاء يوقع عليه، وليس للمحكمة أن تقضي بهذا الجزاء من تلقاء نفسها، فإذا عجلت الخصومة بعد الميعاد فإنه لايقضي بهذا الجزاء إلا إذا تمسك به المدعى عليه الذي يستطيع أن ينزل عنه صراحة أو ضمناً، ويسقط الحق في إبداء الدفع به بالكلام في الموضوع باعتباره دفعاً إجرائياً يجب التمسك به في أول مناسبة بعد التعجيل، ولا يزول هذا الجزاء بحضور المدعى عليه عند نظر الدعوى من جديد أو لإبدائه دفعاً شكلياً، وإنما يزول إذا تنازل عنه صراحة، أو إذا أجاب عن الدعوى بما يدل على اعتبار إجراءاتها صحيحة - أي إذا تعرض للموضوع - وذلك عملاً بالقاعدة العامة الواردة في المادة 22 من قانون المرافعات التي تنص على زوال البطلان إذا نزل عنه من شرع لمصلحته صراحة أو ضمناً.

ولكننا نعتقد أن هذا الرأي محل نظر، إذ الجزاء المنصوص عليه في المادة 82 مرافعات ليس مقرراً للمصلحة الخاصة فحسب، وإنما أيضاً للمصلحة العامة، فالقاعدة التي قررته تعتبر قاعدة آمرة وليست قاعدة مكملة (محمود محمد هاشم - اعتبار الخصومة كأن لم تكن - بند 29 - ص 53 وص 59)، وهي قاعدة متعلقة بالنظام العام، وأساس ذلك مایلی:

أولاً: إن نص المادة 82 مرافعات يتضمن قاعدة آمرة من الناحيتين الشكلية والموضوعية:

فمن الناحية الشكلية تدل صياغة المادة 82 مرافعات دلالة، قاطعة على وجوب اعتبار الدعوى كأن لم تكن بقوة القانون، إذا ما بقيت مشطوبة ستين يوماً، ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها، إذ تنص هذه المادة في فقرتها الأولى على أنه إذا لم يحضر المدعى ولا المدعى عليه حكمت المحكمة في الدعوى إذا كانت صالحة للحكم فيها، وإلا قررت شطبها، فإذا بقيت الدعوى مشطوبة ستين يوماً، ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها اعتبرت كأن لم تكن»، ومن المعروفه فقها أنه إذا دلت القاعدة القانونية بعبارتها وألفاظها على الوجوب فإنها تعتبر قاعدة آمرة (انظر في ذلك: توفيق فرج - المدخل للعلوم القانونية - سنة 1970، ص 93، عبدالفتاح عبدالباقی - نظرية القانون - سنة 1965 - بند 68 ص 115 ، شمس الدين الوكيل - الموجز في المدخل لدراسة القانون - سنة 1965 - بند 50، أحمد سلامة - دروس في المدخل لدراسة القانون - سنة 1975 ۔ بند 39 ص 57 منصور مصطفى منصور - المدخل للعلوم القانونية - سنة 1970 ص 76 ، وما بعدها، محمد لبيب شنب - مذكرات في المدخل لدراسة القانون - سنة 1975- 1976- ص 41، ومابعدها سمير تناغو النظرية العامة للقانون - سنة 1974- ص 84)، وقد وضع المشرع في هذه المادة جزاءاً يقع بقوة القانون إذا ما استمرت الخصومة مشطوبة ستين يوماً، ولم يجز للخصوم الاتفاق على شطبها أو استمرارها مشطوبة أكثر من ذلك، فلا يجوز للخصوم الاتفاق على مخالفة هذه القاعدة، إذ هي تتعلق بالنظام العام. ومن الناحية الموضوعية فإن القاعدة المنصوص عليها في المادة 82 تتعلق بالنظام العام لأنها تستهدف حماية مصلحة عامة، وتتمثل هذه المصلحة في سرعة الفصل في الخصومات، وعدم تركها راكدة أمام القضاء مدة طويلة، وهذا الركود يؤدى إلى تراكم القضايا أمام القضاء، مما قد يعصف بمبدأ استقرار المعاملات، وتقتضي المصلحة العامة للمجتمع ككل ضرورة التعجيل بالفصل في الخصومات، والتخلص من تلك التي يهمل أصحابها، موالاة السير فيها، باعتبارها كأن لم تكن إذا ما بقيت مشطوبة ستين يوماً، ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها.

ثانياً: اتجاه المشرع نحو المغايرة بين نص المادة 82 ونص المادة 70 رغم أنهما يتعلقان بجزاء واحد:

إذا ما قارنا نص المادة 82/1 السالف الذكر، ونص المادة 70 بعد تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1976 التي تنص على أنه يجوز بناء على طلب المدعى عليه اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يتم تكليف المدعى عليه بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب، وكان ذلك راجعاً إلى فعل المدعیه، نجد أن المشرع قد غاير في النصوص بالنسبة لجزاء واحد مغايرة مقصودة: فالجزاء في نص المادة 82/1  يقع بقوة القانون لتعلقه بالنظام العام، ومن ثم لا يشترط لحصوله أن يتمسك به أحد، بينما نفس الجزاء في نص المادة 70 لا يقع إلا بحكم من القضاء، ولا يصدر هذا الحكم إلا بناء على طلب صاحب المصلحة في توقيع الجزاء، وهو المدعى عليه، ولو أراد المشرع أن يجعل الجزاء في نص المادة 82/1 متعلقاً بمصلحة المدعى عليه فما كان منه إلا أن ينص على اعتبار الدعوى كأن لم تكن بناء على طلب المدعى عليه كما فعل في المادة 70 مرافعات، الأمر الذي لم يفعله المشرع حتى الآن بالنسبة للمادة 82 مرافعات.

ثالثا: لا مصلحة للمدعى عليه في التمسك بالفصل في الخصومة وتعليق توقيع الجزاء الإجرائي على طلبه يؤدي إلى إطالة أمد النزاع دون مقتضى :

إذا تأملنا الحالة المنصوص عليها في المادة 82 مرافعات، نجد أن المدعى عليه لا تكون له أية مصلحة في التمسك بالخصومة والفصل فيها، ولذلك لا ينبغي القول بأن الجزاء مقرر لمصلحة المدعى عليه، إذ لا تنشأ مصلحة المدعى عليه في هذا الصدد إلا إذا كان قد أبدى طلبات أو دفوعاً أو دفاعاً فيها بمذكرة قبل الجلسة الأولى أو في أي جلسة سابقة، فإذا لم يكن قد أبدى شيئا من ذلك فلا تكون له أدني مصلحة في الفصل في الدعوى (محمود هاشم - ص 57 وص 58 ، وانظر أيضاً مؤلفنا: رکود الخصومة المدنية - دار النهضة العربية - ص 144)، فالحكم بشطب الخصومة لا يكون إلا في حالة غياب المدعي والمدعى عليه معاً في الجلسة الأولى، أو في أي جلسة أخرى بشرط ألا تكون الخصومة صالحة للحكم فيها، بمعنى ألا يكون المدعى عليه قد أبدى طلبات أو دفوعاً أو دفاعاً فيها قبل الجلسة التي تغيب فيها، فإذا كان قد تقدم بشيء من ذلك، وبما أن الدعي يعتبر مبدياً لطلباته دائما بإيداعه صحيفة دعواه، فإن الخصومة تكون صالحة للحكم فيها وتحكم المحكمة فيها رغم غياب خصومها طبقاً للمادة 82 مرافعات، وعلى العكس تكون مصلحة المدعى عليه متوافرة دائماً في اعتبار الخصومة كأن لم تكن أو الحكم باعتبارها كذلك من تلقاء نفس المحكمة إذا ما عجلت الخصومة من المدعي بعد انتهاء مدة الستين يوماً، لكي تنقضي الخصومة بإجراءاتها وما ترتب عليها من آثار.

كما أن تعليق توقيع الجزاء الإجرائي على طلب المدعى عليه، بحيث لا يحكم به إلا بناء على طلبه، ولا تستطيع المحكمة الحكم به من تلقاء نفسها، يؤدي إلى إطالة وتعقيد الإجراءات وزيادة نفقات التقاضي بدون مبرر، ويؤدي أيضاً إلى إلزام القضاء بالفصل في خصومات مهددة بالانقضاء فما يضيع وقت القضاء فيها، وعلة ذلك أن المدعي إذا قام بتعجيل الدعوى بعد انقضاء المدة المحددة، ولم يحضر المدعى عليه في الجلسة، ولم يكن قد تقدم بمذكرة بدفاعه قبل جلسة التعجيل، فوفقاً للرأي الغالب في الفقه تكون المحكمة ملزمة بالمضي في نظر الدعوى، والفصل فيها رغم أن الخصومة تكون مهددة بالانقضاء إذا حضر المدعى عليه في جلسة أخرى، أو في الجلسة الأخيرة، وطلب الحكم باعتبار الخصومة كأن لم تكن، إذ ينبغي على المحكمة في هذه الحالة وجوباً أن نجيبه في هذا الطلب، وهذا يعني أن المحكمة تكون قد أضاعت وقتها عبثاً ودون مبرر.

سريان المادة 82 مرافعات على دعاوى الأحوال الشخصية:

كانت دعاوى الأحوال الشخصية تخضع للائحة ترتيب المحاكم الشرعية والكتاب الرابع من قانون المرافعات، وقد ألغى القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية اللائحة الشرعية والكتاب الرابع من قانون المرافعات، ونصت المادة الأولى من قانون إصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 على أن يطبق في إجراءات التقاضي فيما لم يرد بشأنه نص خاص فيه أحكام قانون المرافعات، وبذلك أصبحت دعاوى الأحوال الشخصية سواء بالنسبة للمصريين أو الأجانب يسرى عليها قانون المرافعات مالم يرد نص خاص في القانون رقم 1 لسنة 2000 ونظراً لأن القانون رقم 1 لسنة 2000 لم يرد به نص خاص بالحكم المنصوص عليه في المادة 82 مرافعات، ومن ثم فلا مناص من تطبيقها على مسائل الأحوال الشخصية بالنسبة للمصريين والأجانب على سواء. (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء / الثاني، الصفحة : 602)

 

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثالث والثلاثون ، الصفحة / 328

 الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ فِي الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ:

قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ وَلاَ لَهُ إِلاَّ بِحُضُورِ نَائِبِهِ حَقِيقَةً أَوْ شَرْعًا.

قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: لاَ يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ - أَيْ بِالْبَيِّنَةِ - سَوَاءٌ أَكَانَ غَائِبًا وَقْتَ الشَّهَادَةِ أَمْ بَعْدَهَا وَبَعْدَ التَّزْكِيَةِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ غَائِبًا عَنِ الْمَجْلِسِ أَمْ عَنِ الْبَلَدِ.

أَمَّا إِذَا أَقَرَّ عِنْدَ الْقَاضِي فَيُقْضَى عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ؛ لأِنَّ لَهُ أَنْ يَطْعَنَ فِي الْبَيِّنَةِ دُونَ الإْقْرَارِ؛ وَلأِنَّ الْقَضَاءَ بِالإْقْرَارِ قَضَاءُ إِعَانَةٍ، وَاذَا أَنْفَذَ الْقَاضِي إِقْرَارَهُ سَلَّمَ إِلَى الْمُدَّعِي حَقَّهُ، عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا أَوْ عَقَارًا، إِلاَّ أَنَّهُ فِي الدَّيْنِ يُسَلِّمُ إِلَيْهِ جِنْسَ حَقِّهِ إِذَا وُجِدَ فِي يَدِ مَنْ يَكُونُ مُقِرًّا بِأَنَّهُ مَالُ الْغَائِبِ الْمُقِرِّ، وَلاَ يَبِيعُ فِي ذَلِكَ الْعَرْضَ وَالْعَقَارَ؛ لأِنَّ الْبَيْعَ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ فَلاَ يَجُوزُ.

وَمِثْلُهُ مَا وَرَدَ فِي مَجَلَّةِ الأْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْخَصْمَيْنِ حِينَ الْحُكْمِ.. وَلَكِنْ لَوِ ادَّعَى وَاحِدٌ عَلَى الآْخَرِ شَيْئًا فَأَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ غَابَ عَنِ الْمَجْلِسِ قَبْلَ الْحُكْمِ كَانَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ فِي غِيَابِهِ بِنَاءً عَلَى إِقْرَارِهِ.

وَاسْتَثْنَوْا مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ مَا إِذَا كَانَ نَائِبُهُ حَاضِرًا فَيَقُومُ مَقَامَ الْغَائِبِ، وَالنَّائِبُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً كَوَكِيلِهِ وَوَصِيِّهِ وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَأَحَدِ الْوَرَثَةِ فَيَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنِ الْبَاقِينَ وَكَذَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَصْكَفِيُّ.

وَكَمَا يَصِحُّ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ فِي حُضُورِ نَائِبِهِ حَقِيقَةً يَصِحُّ فِي حُضُورِ نَائِبِهِ شَرْعًا كَوَصِيٍّ نَصَبَهُ الْقَاضِي، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ يَكُونَ مَا يَدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ سَبَبًا لِمَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ، كَمَا إِذَا بَرْهَنَ عَلَى ذِي الْيَدِ أَنَّهُ اشْتَرَى الدَّارَ مِنْ فُلاَنٍ الْغَائِبِ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَى ذِي الْيَدِ الْحَاضِرِ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا عَلَى الْغَائِبِ أَيْضًا.

وَصَرَّحُوا بِأَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي أُقِيمَتْ فِي مُوَاجَهَةِ وَكِيلِهِ إِذَا حَضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَجْلِسَ الْحُكْمِ بِنَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الأْمْرُ بِالْعَكْسِ.

وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ الْبَعِيدِ جِدًّا بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَتَزْكِيَتِهَا، وَذَلِكَ بِيَمِينِ الْقَضَاءِ مِنَ الْمُدَّعِي، أَمَّا قَرِيبُ الْغَيْبَةِ فَكَالْحَاضِرِ عِنْدَهُمْ، قَالَ الدَّرْدِيرُ: وَقَرِيبُ الْغَيْبَةِ كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلاَثَةِ مَعَ الأْمْنِ حُكْمُهُ كَالْحَاضِرِ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةِ، وَالْغَائِبُ الْبَعِيدُ جِدًّا يُقْضَى عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَتَزْكِيَتِهَا بِيَمِينِ الْقَضَاءِ مِنَ الْمُدَّعِي، أَنَّ حَقَّهُ هَذَا ثَابِتٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَنَّهُ مَا أَبْرَأَهُ، وَلاَ وَكَّلَ الْغَائِبُ مَنْ يَقْضِيهِ عَنْهُ، وَلاَ أَحَالَهُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ فِي الْكُلِّ وَلاَ الْبَعْضِ.

وَالْعَشَرَةُ الأْيَّامُ مَعَ الأْمْنِ وَالْيَوْمَانِ مَعَ الْخَوْفِ كَذَلِكَ، أَيْ يُقْضَى عَلَيْهِ فِيهَا مَعَ يَمِينِ الْقَضَاءِ فِي غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ، وَأَمَّا فِي دَعْوَى اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ فَلاَ يُقْضَى بِهِ بَلْ تُؤَخَّرُ الدَّعْوَى حَتَّى يَقْدَمَ لِقُوَّةِ الْمُشَاحَّةِ فِي الْعَقَارِ، وَيَمِينُ الْقَضَاءِ وَاجِبَةٌ فِي الْمَذْهَبِ عِنْدَهُمْ لاَ يَتِمُّ الْحُكْمُ إِلاَّ بِهَا.

وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ إِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَادَّعَى جُحُودَهُ، فَإِنْ قَالَ: هُوَ - أَيِ الْغَائِبُ - مُقِرٌّ، لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَالأْصَحُّ أَنَّهَا تُسْمَعُ لأِنَّهُ قَدْ لاَ يَعْلَمُ جُحُودَهُ فِي غَيْبَتِهِ وَيَحْتَاجُ إِلَى إِثْبَاتِ حَقِّهِ فَتُجْعَلُ غَيْبَتُهُ كَسُكُوتِهِ، وَالثَّانِي لاَ تُسْمَعُ لأِنَّ الْبَيِّنَةَ إِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهَا عِنْدَ الْجُحُودِ.

وَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَهُ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ: أَنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، وَلَوِ ادَّعَى وَكِيلٌ عَلَى غَائِبٍ فَلاَ تَحْلِيفَ عَلَى الْوَكِيلِ بَلْ يَحْكُمُ بِالْبَيِّنَةِ وَيُعْطِي الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ إِنْ كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُنَاكَ مَالٌ.

ثُمَّ قَالُوا: الْغَائِبُ الَّذِي تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ، وَهِيَ الَّتِي لاَ يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرًا إِلَى مَوْضِعِهِ لَيْلاً، وَقِيلَ: مَسَافَةُ قَصْرٍ، وَأَمَّا مَنْ هُوَ بِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ فَكَحَاضِرٍ لاَ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ وَلاَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حُضُورِهِ إِلاَّ لِتَوَارِيهِ أَوْ تَعَزُّزِهِ، وَعَجَزَ الْقَاضِي عَنْ إِحْضَارِهِ فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حُضُورِهِ.

وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ مَنِ ادَّعَى حَقًّا عَلَى غَائِبٍ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَطَلَبَ مِنَ الْحَاكِمِ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمَ بِهَا عَلَيْهِ، فَعَلَى الْحَاكِمِ إِجَابَتُهُ إِذَا كَمُلَتِ الشَّرَائِطُ وَذَلِكَ فِي حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ لِحَدِيثِ زَوْجَةِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مِنَ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي، فَقَالَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» فَقَضَى لَهَا وَلَمْ يَكُنْ أَبُو سُفْيَانَ حَاضِرًا.

وَقَالُوا: إِنْ قَدِمَ الْغَائِبُ قَبْلَ الْحُكْمِ وُقِفَ الْحُكْمُ عَلَى حُضُورِهِ، فَإِنْ خَرَجَ الشُّهُودُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ، وَلاَ يَلْزَمُ الْمُدَّعِيَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ بَيِّنَتِهِ الثَّابِتَةِ أَنَّ حَقَّهُ بَاقٍ، وَالاِحْتِيَاطُ تَحْلِيفُهُ، وَإِذَا قَضَى عَلَى الْغَائِبِ بِعَيْنٍ سُلِّمَتْ إِلَى الْمُدَّعِي، وَإِنْ قَضَى عَلَيْهِ بِدَيْنٍ وَوُجِدَ لَهُ مَالٌ وَفَّى مِنْهُ، قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لاَ يُدْفَعَ إِلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يُقِيمَ كَفِيلاً أَنَّهُ مَتَى حَضَرَ خَصْمُهُ وَأَبْطَلَ دَعْوَاهُ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا أَخَذَهُ.