loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

سرعة الفصل في الدعوى :

أوجب المشروع على المحكمة الفصل في الدعوى إذا لم يحضر المدعى ولا المدعى عليه متى كانت صالحة للحكم فيها وذلك إذا كان الخصوم قد أبدوا أقوالهم فيها وإلا قررت المحكمة شطب الدعوى وتحكم المحكمة في الدعوى كذلك إذا غاب المدعي في الجلسة الأولى وحضر المدعى عليه (مادة 81 من المشروع) . بل أن غياب المدعى عليه في الجلسة الأولى لا يمنع من الفصل في الدعوى إذا كان قد أعلن لشخصه وهو ما يتحقق به عمله بقيام الدعوى أو كانت الدعوى من الدعاوى المستعجلة (المادة 83 من المشروع) أما في القانون القائم فإنه إذا لم يحضر المدعى ولا المدعى عليه أو حضر المدعى عليه وحده ولم يبد طلبات ما، شطبت الدعوى ولم يكن القانون القائم يجيز الفصل في غيبة المدعى عليه المتخلف في الجلسة الأولى إلا في الدعاوى المستعجلة.

كما عمد المشروع إلى تقصير مواعيد المرافعات منعاً لتراكم القضايا أمام المحاكم دون إخلال بما تقتضيه العدالة من ضمانات ومن ذلك تقصير المدة التي تبقى فيها الدعوى قائمة بعد شطبها من ستة شهور إلى ستين يوماً وذلك لحفز الخصوم على تعجيل السير في الدعوى منعاً لتراكم الدعاوى أمام القضاء بحيث إذا انقضت مدة الستين يوماً بعد الشطب ولم يطلب أحد من الخصوم السير في الدعوى فإنها تعتبر کأن لم تكن (مادة 81 من المشروع ) ومنها تقصير مواعيد الطعن في الأحكام إلى ثلاثين يوماً سواء في الاستئناف أو التماس إعادة النظر وفي استئناف المواد المستعجلة حدد ميعاد الاستئناف بعشرة أيام وقد كانت هذه المواعيد في القانون القائم ستين يوماً بالنسبة إلى الاستئناف والتماس إعادة النظر وفي المواد المستعجلة خمسة عشر يوماً (المادتان 227 ، 242 من المشروع) .

ومن ذلك أيضاً تقصير ميعاد انقضاء الخصومة إلى ثلاث سنين بدلاً من خمس سنوات في القانون القائم (المادة 140 من المشروع ) ومنها تقصير ميعاد اعتبار أمر الأداء كأن لم يكن لعدم إعلانه إلى ثلاثة أشهر بدلاً من ستة شهور (المادة 205 من المشروع ) ومنه تقصير میعاد سقوط تسجيل تنبيه نزع الملكية من 240 يوماً إلى 90 يوماً (المادة 414 من المشروع) .

کما رأی المشروع رفع النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي إلى 150 جنيها ونصابه الابتدائي إلى 500 جنيه بدلاً من 50 جنيها، 250 جنيها في القانون القائم عملاً على الفصل في كثير من المنازعات بأحكام نهائية وتقديراً للتغيير الذي طرأ على قوة النقد الشرائية (المادة 42 من المشروع) .

وتحقيقاً لذات الهدف أوجب المشروع أن تتصدى محكمة النقض الموضوع الدعوى إذا ما نقضت الحكم المطعون فيه إذا كان موضوع الدعوى صالحاً للفصل فيه أو في شق منه وإذا كان الطعن للمرة الثانية ورأت محكمة النقض نقض الحكم في حين أن التصدي في الحالة الأولى جوازي في ظل القانون القائم (المادة 296 من المشروع) .

تتناول المادة 83 حالة غياب المدعى عليه وحده وقد تضمنت الفقرة الأولى منها حكماً مستحدثاً محصلة أنه إذا كان المدعى عليه الغائب في الجلسة الأولى قد أعلنت صحيفة الدعوى لشخصه فتحقق بذلك علمه بقيام الدعوى فلا محل لتأجيلها وإعادة إعلانه كما يقضي بذلك القانون القائم وإنما تستمر المحكمة في نظر الدعوى دون احتفاء بغياب المدعى عليه.

أما إذا لم تكن صحيفة الدعوى قد أعلنت الشخص المدعى عليه فيتعين في حالة غيابه في الجلسة الأولى تأجيل الدعوى وإعادة إعلانه بالجلسة الجديدة لاحتمال جهله بقيام الدعوى وذلك ما لم تكن الدعوى من الدعاوى المستعجلة فإن المحكمة تنظرها ولو تغيب المدعى عليه الذي لم يعلن لشخصه في الجلسة الأولى لأن هذه الدعاوى لا تحتمل الأرجاء.

وتتناول الفقرة الثانية من المادة حالة غياب المدعى عليهم إذا تعددوا وكان البعض قد أعلن لشخصه والبعض الأخر لم يعلن لشخصه ويقضي نصها بأنه يجب على المحكمة في هذه الحالة تأجيل الدعوى إلى جلسة تالية يعلن المدعى بها من يعلن لشخصه من الغائبين وذلك تفادياً لتعرض الأحكام إذا اعملت القاعدة العامة التي نص عليها المشروع في الفقرة الأولى فحكم في الدعوى بالنسبة لمن أعلن لشخصه وارجیء نظرها بالنسبة لمن لم يعلن لشخصه وواضح أنه إذا تعدد المدعى عليهم وتغيبوا جميعاً في الجلسة الأولى وكانوا قد أعلنوا جميعاً لأشخاصهم أم لم يكونوا قد أعلنوا جميعاً لأشخاصهم فإنه يطبق في هذه الحالة حكم القاعدة العامة المنصوص عليه في الفقرة الأولى .

المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 23 لسنة 1992:

تقوم في شأن الشخص الاعتباري العام أو الخاص أوضاع خاصة به يختلف فيها عن الأوضاع الخاصة بالشخص الطبيعي، بما يجدر معه إفراده بأحكام خاصة طالما وقد تحققت فيها المحافظة على وحدة الهدف من الإجراء، وإذ كان الحكم بوجوب إعادة إعلان الشخص الطبيعي إذا لم يكن الإعلان الأول قد تم لشخصه، مقصود به ضمان اتصال علمه بالإعلان وهو الأمر الذي يختلف فيه الشخص الاعتباري عن الشخص الطبيعي، إذ طالما تم إعلانه في مركز إدارته بالضوابط القانونية المقررة لصحة الإعلان، وكان ذلك في أيام عمل الشخص الاعتباري فإن الهدف المقصود من إعادة الإعلان في حالة الشخص الطبيعي. يكون قد تحقق في شأن الشخص الاعتباري بما لا يوجب إعادة إعلانه لذلك وتيسيراً على المتقاضين فقد رأى اعتبار إعلانه في مركز إدارته بصحيفة الدعوى في حكم الإعلان مع شخصه بما لا يدعو إلى إعادة إعلانه، وعلى ذلك فقد نص المشروع في المادة الثالثة منه على إضافة فقرة جديدة للمادة (84) من قانون المرافعات تنص على أنه إذا أعلنت صحيفة الدعوى لشخص اعتباري عام أو خاص في مركز إدارته اعتبر في حكم المعلن مع شخصه في تطبيق أحكام هذه المادة.

 

الأحكام

1 ـ المقرر فى قضاء محكمة النقض أن النص فى الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة 84 من قانون المرافعات يدل على أن المشرع أوجب إعادة إعلان المدعى عليه إذا لم يحضر بالجلسة وكانت صحيفة الدعوى لم تعلن لشخصه وذلك فى غير الدعاوى المستعجلة ، لما افترضه فى تلك الحالة من احتمال جهله بقيام الدعوى وبطلبات المدعى فيها وبالجلسة المحددة لنظرها كى يعد دفاعه ومستنداته ورتب على إعادة إعلانه افتراض علمه بها وبما تضمنته ويضحى الحكم حضورياً فى الحالة الأولى بقوة القانون ، ومفاد ذلك أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية فى نظام التقاضى أن يتم إعلان المدعى عليه وإعادة إعلانه فى حالة وجوبه ، ورتب على تخلف هذه الإجراءات كأصل عام بطلان الحكم الذى يصدر فى الدعوى وقد تضمنت الفقرة الأخيرة حكماً جديداً محصلته أنه إذا ما تم إعلان الشخص الاعتبارى العام أو الخاص فى مركز إدارته اعتبر هذا الإعلان فى حكم المعلن لشخصه بما لا يوجب إعادة إعلانه أما إذا لم يكن للشركة موطن أو أن الموطن وجد مغلقاً وسلمت صورة الإعلان فى موطن ممثل الشخص الاعتبارىأو مديريها وفقاً للفقرتين الثالثة والرابعة سالفتى البيان ، فإنه إذا لم يكن قد تم إعلانه لشخصه وجب إعادة إعلانه ، مع إتباع ما نصت عليه المادتين 10 ، 11 من قانون المرافعات .

(الطعن رقم 10389 لسنة 81 جلسة 2012/05/02 س 63 ص 691 ق 106)

2 ـ مفاد النص فى الفقرة الأولى من المادة 84 من قانون المرافعات ، والنص فى الفقرة الثالثة من ذات المادة - المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 المعمول به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1992 أن المشرع أوجب على المحكمة - فى غير الدعاوى المستعجلة - إذا لم تكن صحيفة الدعوى قد أُعلنت لشخص المدعى عليه – إذا كان شخصاً طبيعياً – أن تؤجل الدعوى لجلسة تالية وتكلف المدعى بإعادة إعلانه بها ، أما إذا كان المدعى عليه شخصاً اعتبارياً خاصاً فإن إعلانه فى موطن إدارته يعتبر إعلاناً لشخصه .

(الطعن رقم 282 لسنة 73 جلسة 2005/02/08 س 56 ص 164 ق 28)

3 ـ المقرر فى قضاء محكمة النقض أن النص فى المادة 20 مكرراً من القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية فى المواد المدنية المعدلة بالقانون 66 لسنة 1964 وفي المادة 71 من قانون المرافعات على أنه "إذا ترك المدعي الخصومة أو تصالح مع خصمه فى الجلسة الأولى لنظر الدعوى وقبل بدء المرافعة فلا يستحق على الدعوى إلا ربع الرسم المسدد" يدل على أنه المقصود بالجلسة الأولى هي الجلسة الأولى التي أعلن فيها المدعى عليه إعلانا صحيحاً وأصبحت فيه الدعوى صالحة للمضي فى نظرها وذلك عملاً بالمادة 84 من قانون المرافعات فإذا تصالح المدعي مع خصمه فى هذه الجلسة وقبل بدء المرافعة فيها فلا يستحق على الدعوى إلا ربع الرسم المسدد، وأنه لا يشترط لإعمال حكم هاتين المادتين أن تقضي المحكمة بإلحاق الصلح بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه، بل المستفاد من دلالتهما أنه يكفي لإعمالهما طلب إثبات الصلح فى الجلسة الأولى وقبل المرافعة فيها لا يؤثر فى ذلك تراخي إلحاقه إلى جلسة تالية.

(الطعن رقم 411 لسنة 62 جلسة 2002/05/30 س 53 ع 2 ص 739 ق 144)

4 ـ إن الشارع قد عد من الإجراءات الجوهرية فى نظام التقاضى- وعلى ما جرى به نصالمادة 84 من قانون المرافعات - أن يتم إعلان المدعى عليه الغائب أو إعادة إعلانه إذا لم يكن قد أعلن لشخصه ورتب على تخلف هذه الإجراءات - كأصل عام - بطلان الحكم أو القرار الصادر من المحكمة ومؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الجلسة الأولى فى مقصود الشارع الواردة بنص المادة 20 مكرراً من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية المضافة بالقانون رقم 66 لسنة 1964 وبنص المادة 71 من قانون المرافعات هى أول جلسة تكون الدعوى فيها صالحة للمضى فى نظرها بعد تمام هذه الإجراءات وإذ كانت العبرة فى تحديد الجلسة الأولى هى بالإمكانية القانونية لنظر الدعوى والمرافعة فيها وتقديم الصلح دون الإمكانية المادية فإن عدم نظر الدعوى فى الجلسة المحددة لها بعد تمام هذه الإجراءات لا يغير من اعتبارها الجلسة الأولى طالما أن المانع من نظرها راجع إلى فعل الخصوم وحدهم.

(الطعن رقم 3248 لسنة 59 جلسة 1994/01/06 س 45 ع 1 ص 84 ق 19)

5 ـ النص فى الفقرة الأولى من المادة 84 من قانون المرافعات على أنه . . . . يدل على أن المشرع أوجب إعادة إعلان المدعى عليه الذى لم يحضر بالجلسة الأولى و لم يكن قد أعلن لشخصه لما إفترضه فى تلك الحالة من إحتمال جهله بقيام الدعوى و رتب على إعادة الإعلان إفتراض علمه بها . لما كان ذلك و كان نقض الحكم لا ينشئ خصومة جديدة بل هو يزيل الحكم المنقوض ليتابع الخصوم السير فى الخصومة الأصلية أمام محكمة الإحالة و يكون تحريك الدعوى أمام هذه المحكمة الأخيرة بعد نقض الحكم بتعجيلها من أحد الخصمين بتكليفه بالحضور يعلن إلى الخصم الآخر إعلاناً قانونياً خلال سنة من تاريخ صدور حكم النقض دون حاجة إلى إعادة الإعلان لأن الخصومة متى إستأنفت سيرها تعود إلى الحالة التى كانت عليها عند وقوفها وقت حدوث سبب الإنقطاع ذلك أن الإنقطاع لا يؤثر فيما إتخذ من إجراءات و ما تم من مواعيد قبل حصوله .

(الطعن رقم 722 لسنة 52 جلسة 1984/05/14 س 35 ع 1 ص 1288 ق 247)

شرح خبراء القانون

إذا حضر المدعي ولم يحضر المدعى عليه :

وهذا هو الفرض الأكثر شيوعاً في العمل. ولم ينظر القانون المصرى إلى حضور المدعى عليه أمام القاضي باعتباره إلتزاماً عليه أو ينظر إلى الغياب باعتباره إخلالاً بإلتزام، وإنما نظر إلى الحضور باعتباره أنه مقرر لمصلحة المدعى عليه نفسه للدفاع عن مصلحته. فهو عبء عليه ورخصة له، ألا يقوم به دون أن يستحق لذلك جزاءاً أو يعتبر بغيابه خاسراً للدعوى أو مقراً بالوقائع التي تمسك بها المدعي، بل دون أن يعتبر. بغيابه نازلاً عن حقه في الدفاع في الخصومة أو راغباً في عدم القيام بنشاط فيها فالقانون المصري لا يرى في غياب المدعى عليه سوى الواقعة الموضوعية وهي عدم الحضور، ويهتم فقط بأن تؤدي الوظيفة القضائية على أحسن وجه رغم هذا الغياب، دون الإخلال بحق المدعى عليه في الدفاع.

وقد فرق القانون المصرى - عند حضور المدعي وغياب المدعى عليه بين الجلسة الأولى وغيرها من الجلسات.

1- في الجلسة الأولى لنظر الدعوى: وفقاً للمادة 1 / 84 إذا حضر المدعي الجلسة الأولى ولم يحضر المدعى عليه، فإنه يجب التفرقة بين ما إذا كان المدعى عليه شخصاً طبيعياً أو شخصاً معنوياً على التفصيل التالي :

(أ) إذا كان المدعى عليه شخصاً طبيعياً : فهناك فرضان : (1) أن تكون صحيفة الدعوى قد أعلنت صحيحة لشخص المعلن إليه. وفي هذه الحالة، يفترض أن يكون المدعى عليه - وقد تسلم بنفسه صورة صحيفة الدعوى - قد علم بتاريخ الجلسة، فلا تلتفت المحكمة إلى غيابه، وتنظر الدعوى وتحكم فيها على أساس طلبات المدعي وأسانيده. وللمحكمة عندئذ أن تحكم في الدعوى في هذه الجلسة أو تؤجل نظر الدعوى إلى جلسة تالية، كما هو الحال بالنسبة لأية خصومة حضورية. ويلاحظ أنه لا يوجد ما يمنع من صدور الحكم لصالح المدعى عليه رغم غيابه. فعلى المحكمة رفض طلب المدعي إذا لم يثبت من ناحية الواقع، أو لم يكن مؤسساً من الناحية القانونية.

(2) ألا تكون الصحيفة -رغم إعلانها صحيحة - قد أعلنت لشخص المعلن إليه  فعندئذ خشي المشرع ألا يكون المدعى عليه قد استلم صورتها ويكون بالتالي معذوراً في عدم حضوره. ولهذا أوجب على القاضي عندئذ ألا ينظر الدعوى في غياب المدعى عليه إلا إذا كان قد سبق له تقديم مذكرة بدفاعه. فإن لم يكن قد فعل، فإن على القاضي تأجيل القضية إلى جلسة أخرى يقوم المدعى بإعلان المدعى عليه بها. وفي الجلسة التالية، إذا لم يحضر المدعى عليه وتبين للمحكمة أن المدعي لم يقم بهذا الإعلان، فإنها لا تنظر الدعوى، وإنما توقع على المدعى أحد جزاءين نصت عليهما المادة 99 مرافعات (معدلة بالقانون رقم 76 لسنة 2007) لعدم امتثاله لأمر المحكمة بالقيام بالإعلان وهما : 1- فرض غرامة لا تقل عن أربعين جنيها ولا تتجاوز أربعمائة جنيه بقرار يثبت في محضر الجلسة لا يقبل الطعن فيه بأي طريق، وله قوة السند التنفيذي. على أن للمحكمة أن تعفي المحكوم عليه من الغرامة إذا أبدى عذراً مقبولاً . 2- أو الحكم بوقف الخصومة جزاءاً، وهو ما سنتناوله فيما بعد.

ويستثنى من وجوب التأجيل الدعاوى المستعجلة إذ لا تحتمله

(ب) إذا كان المدعى عليه شخصاً معنوياً : تنص المادة 3 / 84 مرافعات مضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 على أنه : «وفي تطبيق أحكام هذه المادة، يعتبر إعلان الشخص الاعتباري العام أو الخاص في مركز إدارته أو في هيئة قضايا الدولة بحسب الأحوال إعلاناً لشخصه» . ومفاد هذا النص أنه إذا كان المدعى عليه هو شخص اعتباري عام أو شخص اعتباري خاص جمعية أو مؤسسة أو شركة، فإنه يكفي إعلانه مرة واحدة ولا يجوز للقاضي تأجيل الجلسة لإعادة إعلانه. فالتأجيل لإعادة الإعلان إنما يكون فقط بالنسبة للشخص الطبيعي ذلك أن الشخص الطبيعي هو الذي يمكن التفرقة بالنسبة له بين الإعلان لشخصه حالة تسلمه شخصياً صورة الإعلان والإعلان لغير شخصه حالة تسلم غيره الإعلان عنه في الأحوال التي ينص عليها القانون. أما الشخص الاعتباری - سواء كان عامة أو خاصة - فلا يتصور أن يتسلم بشخصه صورة الإعلان. فالإعلان يسلم دائماً لمن يمثله أو من يقوم مقامه. وقد كان مؤدي هذا أن يعتبر المشرع أن إعلان الشخص الاعتباري هو دائماً لغير شخصه . ولكنه رأى الأخذ بالحل العكسي لاعتبار عملی .

ويلاحظ أن نص المادة 3/84 مرافعات سالفة الذكر إنما ينطبق فقط إذا كان الإعلان في مركز إدارة الشخص الاعتباري أو في هيئة قضايا الدولة، فهو لا ينطبق على إعلان الشخص الاعتبارى في غيرها. ولهذا لا ينطبق النص إذا لم يكن للشركة التجارية مركز إدارة فسلمت الصورة في موطن أحد الشركاء المتضامنين أو في موطن رئيس مجلس الإدارة أو المدير) (مادة 3 / 13 مرافعات)  أو إذا لم يكن للشركة المدنية أو للجمعية أو المؤسسة الخاصة أو أي شخص اعتباري أخر مركز إدارة فسلمت الصورة في موطن النائب عنها مادة 4 / 13 مرافعات). أو إذا تعلق الأمر بشركة أجنبية وسلمت الصورة في فرع الشركة الأجنبية أو لوكيلها في مصر (مادة 5 / 13 مرافعات) . أو تعلق الأمر بإعلان شخص اعتباري في الموطن المختار له. ففي كل هذه الأحوال إذا لم يحضر الشخص الاعتبارى في الجلسة الأولى، وجب على المحكمة تأجيل الجلسة لإعادة إعلانه ولا ينطبق نص المادة 3 / 84 مرافعات.

ومن ناحية أخرى، فإن تطبيق هذا النص يفترض أن يتم الإعلان في مركز إدارة الشخص الاعتباري أو في هيئة قضايا الدولة، فإذا توجه المحضر إلى مركز إدارة الشخص الاعتباري أو إلى هيئة قضايا الدولة فوجد المكان مغلقاً أو لم يجد من يصح تسليم الصورة إليه فسلم الصورة إلى النيابة وفقاً للمادة 13 مرافعات، فعندئذ لا ينطبق النص وتلزم إعادة الإعلان على أنه، إذا إمتنع من يمثل الشخص الاعتباري أو ذو الصفة في هيئة قضايا الدولة عن استلام الصورة أو عن التوقيع على الأصل بالاستلام، فقام المحضر بتسليم الصورة إلى النيابة العامة، فإن النص ينطبق ولا تلزم إعادة الإعلان، ذلك أنه ليس للشخص الاعتباري أن يستفيد من خطأ من يمثله. والقول بغير ذلك يمكن أن يؤدي إلى جعل النص الجديد حبراً على ورق إذ سيعمد ممثل الشخص الاعتبارى دائماً إلى الامتناع عن تسلم الصورة أو عن التوقيع على الأصل بالاستلام ليضمن إعادة إعلانه.

2- إذا حضر المدعي في غير الجلسة الأولى وغاب المدعى عليه :

فلا أثر لهذا الغياب وللمحكمة أن تحكم في الدعوى أو تؤجل نظرها إلى جلسة أخرى وليس في قضاء المحكمة في الدعوى أي إخلال بحق المدعى عليه، ذلك أن الفرض أنه حضر في جلسة سابقة أو أنه على الأقل قد أعلن لشخصه لجلسة سابقة أو أعيد إعلانه وبهذا أعطى الفرصة للدفاع عن حقوقه ، فلا يلومن إلا نفسه - 

تعدد المدعى عليهم وحضور المدعى وغياب المدعى عليهم أو غياب بعضهم:

إذا تعدد المدعى عليهم ولم يحضروا وكانوا قد أعلنوا جميعاً لأشخاصهم أو لم يعلنوا جميعاً لأشخاصهم، طبقت القواعد السابق بيانها (فى ثالثاً) . ولكن المشكلة تثور إذا كانوا قد تغيبوا جميعاً وأعلن البعض لشخصه والبعض الآخر لم يعلن لشخصه، أو حضر بعضهم وتغيب البعض ولم يكن قد أعلن لشخصه، إذ يختلف عندئذ مركزهم بالنسبة لنظر القضية بحيث يؤدي تطبيق القواعد المتقدمة إلى نظر القضية بالنسبة للبعض ووجوب تأجيلها بالنسبة للبعض الآخر. ولأن من شأن هذا الاختلاف بالنسبة للقضية الواحدة أن يؤدي إلى احتمال تناقض الأحكام، فقد رأى المشرع توحيد الحل بالنسبة للجميع. وقرر أن يكون هذا الحل، صيانة لحق من لم يعلن لشخصه من الغائبين، هو تأجيل القضية إلى جلسة أخرى بالنسبة للجميع. وعلى المدعى أن يعلن إلى هذه الجلسة من لم يكن قد أعلن لشخصه.

ولا تنطبق هذه القواعد – لنفس العلة السابق بيانها - على الدعوى المستعجلة.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني ، الصفحة : 304)

مناط إعادة إعلان المدعى عليه:

أوضحنا بالمادة السابقة أن المدعى عليه إذا أودع مذكرة بدفاعه عملاً بالمادة (65) فإن الخصومة بالنسبة له تكون حضورية ولو تخلف عن حضور أي من الجلسات التي تنظر فيها الدعوى. أما إذا لم يودع مذكرة وتخلف عن الحضور تعين إعمال نص المادة (84) وحينئذ إذا تبين للمحكمة أنه أعلن لشخصه بأصل صحيفة الدعوى كانت الدعوى صالحة للحكم فيها إذ يدل عدم حضوره بالرغم من إعلانه على هذا النحو على أنه ليس لديه أوجه دفاع تمكنه من دحض طلبات المدعي، ويجب التحقق ذلك أن يكون قد خوطب شخصياً وتسلم صورة الصحيفة فإن امتنع عن تسلمها فلا يكون قد أعلن لشخصه وتعين إعادة إعلانه. وإن لم يعلن لشخصه وجب على المحكمة تأجيل الدعوى وتكليف المدعى بإعادة إعلانه، ولا تملك المحكمة الحكم في الدعوى إلا بعد إعادة الإعلان فإن تبين أنه لم يتم أجلت الدعوى مرة أخرى لتنفيذ قرارها السابق، لكن إذا حضر المدعى عليه بالجلسة التي تأجلت إليها الدعوى لإعادة إعلانه قام هذا الحضور مقام إعادة الإعلان فإن لم يكن قد تم فلا تكون الدعوى بحاجة إليه.

ولا يجوز للمحكمة الحكم في الدعوى بدون إعادة الإعلان في حالة وجوبه وإلا كان حكمها مبنياً على إجراءات باطلة مما يجعله مشوباً بالبطلان ومن ثم يجوز الطعن فيه بالاستئناف ولو كان الحكم صادراً في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة وذلك عملاً بالمادة (221) ويتعين لذلك أن يتخلف المدعى عليه عن الحضور بكافة الجلسات التالية للإعلان بأصل الصحيفة فإن حضر إحداها انتفى الموجب لإعادة الإعلان، والبطلان المترتب على عدم إعادة الإعلان نسبي مقرر لمصلحة المدعى عليه وحده الذي لم يعاد إعلانه فلا يجوز لغيره التمسك به.

وإذا توفي المدعى عليه بعد إعلانه شخصياً أو إعادة إعلانه، انقطع سير - الخصومة وتستأنف الدعوى سيرها بصحيفة تعلن لورثته تعجيلاً لها دون حاجة إلى إعادة إعلانهم عملاً بالمادة (133) ، على خلاف في الرأي.

ويعتبر الحكم الذي يصدر في الدعوى حضورياً.

مناط إعادة إعلان المدعى عليهم:

إذا تعدد المدعى عليهم وكان البعض منهم قد أعلن لشخصه بينما لم يعلن البعض الآخر لشخصه، وجب على المحكمة تأجيل الدعوى وتكليف المدعى بإعادة إعلان من لم يعلن لشخصه من المدعى عليهم الذين لم يحضروا تلك الجلسة باعتبار أن حضور من لم يعلن لشخصه یغني عن إعادة إعلانه، فإن أعلن كل منهم لشخصه، حكمت المحكمة في الدعوى ويعتبر حكمها حضوراً في حقهم جميعاً، ويسرى ما قررناه فيما يتعلق بالدعاوى المستعجلة.

لا يلزم إعادة إعلان الشخص الاعتباري العام أو الخاص :

كان مؤدى نص المادة (84) من قانون المرافعات قبل إضافة فقرة أخيرة إليه بالقانون رقم 23 لسنة 1992 أن إعلان الشخص الاعتباري العام أو الخاص في مركز إدارته أو في هيئة قضايا الدولة، بحسب الأحوال، لا يعتبر إعلاناً لشخصه، مما كان يوجب على المحكمة تأجيل نظر الدعوى لإعادة إعلانه بالرغم من تحقق علم ممثله القانوني حتما بتسلم صورة الإعلان، مما أدى بالمشرع إلى إضافة فقرة ثالثة لتلك المادة نص فيها على أن يعتبر إعلان الشخص الاعتباري العام أو الخاص في مركز إدارته أو في هيئة قضايا الدولة، بحسب الأحوال، إعلاناً لشخصه، رغبة في تفادي أسباب التأجيل تمكيناً للمحكمة من الحكم في الدعوى دون أن تضطر إلى تأجيلها لإعادة الإعلان، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة (13) فنحيل إليها في هذا الصدد.

ويسرى التعديل على الإعلان الذي يتم اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون المشار إليه في أول أكتوبر 1992 مما مفاده أن الإعلان الذي يتم ابتداء من هذا التاريخ يعتبر إعلاناً لشخص الشخص الاعتباري أما الإعلان الذي يتم قبل ذلك، فإنه يخضع للمادة (84) قبل تعديلها مما يتعين معه إعادة الإعلان دون اعتداد بتاريخ نظر الدعوى، فإن كانت الدعوى منظورة بعد العمل بهذا القانون وكان الإعلان قد تم قبل العمل به، تعين إعادة الإعلان، أما إن كان الإعلان قد تم بعد العمل بالقانون، اعتبر الإعلان لشخص الشخص الاعتباري حتى لو كانت الدعوى قد رفعت قبل العمل بالقانون، إذ يخضع الإجراء للقانون الساري وقت اتخاذه.

لا يلزم إعادة الإعلان في الدعاوى المستعجلة:

في الدعاوى المستعجلة التي تنظر أمام قاضي الأمور المستعجلة أو قاضي التنفيذ، تكون صالحة للحكم فيها بإعلان صحيفتها للمدعى عليه إعلاناً قانونياً ولم يتطلب القانون في هذه الدعاوى أن يعلن المدعى عليه لشخصه أو يعاد إعلانه نظراً لأنها تواجه حالة عاجلة تبرر أن يتم الإعلان مرة واحدة، طالما أن المدعى قصر دعواه على الشق المستعجل من النزاع، أما إذا لجأ إلى محكمة الموضوع بالطلب المستعجل وبالطلب الموضوعي، سرت القواعد الخاصة بالدعاوى الموضوعية حتى لو طلب المدعي الحكم في الشق المستعجل على استقلال، ومفاد ذلك أن المحكمة لا تتصدى للدعوى أو للشق المستعجل إلا إذا أعلنت الصحيفة لشخص المدعى عليه فإن لم يكن قد أعلن لشخصه وجب إعادة إعلانه. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء الثاني / الصفحة 485)

1-هذه المادة تقابل المادة 95 من القانون القديم وقد عدلت بالقانون 23 لسنة 1992 حيث أضاف المشرع الفقرة الثالثة إلى المادة ومؤداها أنه في حالة ما إذا أعلن الشخص الاعتباري في مركز إدارته أو في هيئة قضايا الدولة بصحيفة الدعوى سواء كان عاماً أو خاصاً فقد أعتبر القانون أن هذا بمثابة إعلان الشخصه وبذلك تسري عليه المبادئ المقررة في الفقرتين الأولي والثانية من المادة بشأن الحضور والغياب وعلى ذلك إذا كان المدعى عليه شخصاً اعتباریاً وكان قد اختصم وحده في الدعوى وكانت صحيفة الدعوى أعلنت في مركز إدارته أو في هيئة قضايا الدولة فإن هذا يعد إعلاناً لشخصه وتحكم المحكمة في الدعوى دون إعادة إعلان.

2 - وإذا تعدد المدعى عليهم كانوا جميعاً أشخاصاً اعتبارية وأعلن كل منهم في مركز إدارته أو في هيئة قضايا الدولة فإن المحكمة تحكم في الدعوى دون أعادة إعلان غير أنه إذا كان أحدهم أو بعضهم أشخاصاً اعتبارية والبعض الآخر أشخاصاً عاديين وأعلن الأشخاص الاعتباريون كل منهم بصحيفة الدعوى في مركز إدارته أو في هيئة قضايا الدولة ولم يعلن الأشخاص العاديون مع أشخاصهم فإنه يتعين على المحكمة تأجيل الدعوى لإعادة إعلان الأخيرين. وبقي فرض أخير وهو أن يتعدد المدعى عليهم فيعلن الشخص الاعتباري في مركز إدارته أو في هيئة قضايا الدولة ويعلن الأشخاص العاديون مع أشخاصهم فحينئذ لا مناص من أن تحكم المحكمة في الدعوى بدون إعادة إعلان إذا كانت صالحة للحكم بحكم حضوري في حقهم جميعاً .

3- والأشخاص الاعتبارية العامة كثيرة ومنها على سبيل المثال الشركات والبنوك والمؤسسات العامة أما الأشخاص الاعتبارية الخاصة فمثالها الشركات الخاصة بجميع أنواعها سواء كانت شركة مساهمة أو توصية أو تضامن.

4 - ويشترط لإعمال النص أن يكون الإعلان قد تم للشخص الاعتباري في مركز إدارته أما إذا تم الإعلان في جهة أخرى فلا ينطبق النص. وبديهي أنه إذا تطوع المعلن وذكر ممثل الشخص الاعتباري في الإعلان وأعلن مع شخصه فإنه لا يكون ثمة حاجة لإعمال الفقرة الأخيرة ( المضافة ) بل ينطبق في هذه الحالة نص الفقرة الأولي وبذلك لا يعاد إعلانه.

1- لا موجب لإعادة إعلان المدعى عليه في إشكالات التنفيذ الوقتية إذا تغيب المدعى عليه عن الحضور في الجلسة الأولي ولو لم يكن قد أعلن لشخصه لأنها تعتبر من الدعاوى المستعجلة .

2- إذا لم يعلن المدعى عليه لشخصه وحكمت المحكمة في الدعوى بدون إعادة إعلانه فإن حكمها يكون باطلاً ويجوز استئنافه ولو كان في حدود النصاب الانتهائي.

3- وإذا رفض المدعى عليه استلام الإعلان أو رفض التوقيع بالاستلام وأعلن الجهة الإدارة فإنه يجب إعادة إعلانه.

4- وإذا كان إعلان المدعى عليه بصحيفة الدعوى باطلاً وحضر بعد مضي ثلاثة أشهر من تاريخ رفع الدعوى سواء بناء على إعلان آخر أو من تلقاء نفسه كان له أن يتمسك ببطلان إعلان صحيفة الدعوى ليتوصل إلي اعتبار الخصومة كأن لم تكن عملاً بالمادة 70 مرافعات .

5- يجب على المحكمة في حالة غياب المدعى عليه أن تتحقق من صحة إعلانه، فإذا كان الإعلان غير صحيح فلا يصح إعادة الإعلان قبل أن يتم الإعلان صحيحاً أما إذا كان الإعلان غير صحيح وتمت إعادة الإعلان صحيحاً فإنه لا ينتج أثره.

6- وقد بينا في المادة السابقة أنه في حالة وفاة المدعى عليه بعد إعلانه وإعادة إعلانه لعدم حضوره فإنه يتعين إعلان ورثته بالتعجيل أولاً ثم إعادة إعلان من لم يحضر ولم يعلن لشخصه.

7- وقد لفت نظرنا أثناء تتبعنا قضاء المحاكم وفي دعوى أمام محكمة استئناف القاهرة أن المدعي أعلن أحد المدعى عليهم في موطن قانوني له ثم أعاد إعلانه في موطن قانوني آخر فأمرت المحكمة بتأجيل الدعوى ليقوم المدعى بإعادة إعلان المدعى عليه فلم يمتثل لذلك محتجاً بأنه قام بما يمليه عليه القانون فأمرت بوقف الدعوى فعجل المدعي الدعوى دون تنفيذ قرار المحكمة فقضت المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن .

في تقديرنا أن الإعلان في موطن وإعادة الإعلان في موطن آخر صحيح مادام أن كل منهما موطن صحيح للمعلن إليه إذ أن كل ما أوجبه القانون للإعلان أو أعادة الإعلان أن يتم في موطن قانوني ولم يشترط أن يكون إعادة الإعلان في نفس الموطن الذي أعلن فيه المعلن إليه.

8- وإذا كان المدعى عليه لم يعلن لشخصه ولم يعد إعلانه في غير الدعاوى المستعجلة ولم تتنبه محكمة أول درجة لذلك وقضت في الدعوى فلا شك أن هذا الحكم مصيره البطلان كما ذكرنا إلا أن ذلك يستدعي بحث نوع هذا البطلان وهل هو بطلان مطلق أم نسبي.

ذهبت بعض المحاكم قبل صدور القانون 23 لسنة 1992 إلي أن هذا البطلان مطلق وحجتها في ذلك أن ما يسري على الإعلان يسري على إعادة الإعلان ومادام أن الجزاء على عدم الإعلان هو انعدام الخصومة أي البطلان المطلق فإن الوضع يكون كذلك بالنسبة لإعادة الإعلان.

أما الرأي الثاني فقد اعتنقته محكمة النقض وأكدته في أكثر من حكم و مؤداه أن الجزاء المترتب على عدم إعادة الإعلان هو بطلان نسبي ورتبت علي ذلك أنه يتعين على من يدفع به أن يتمسك به أمام محكمة الموضوع فإذا فاته ذلك لم يجز له التحدي أمام محكمة النقض فإذا استأنف المدعي الذي لم يعد إعلانه أمام محكمة أول درجة الحكم تعين عليه أن يتمسك بهذا البطلان أمام المحكمة الاستئنافية وإلا سقط حقه فيه وامتنع عليه أثارته أمام محكمة النقض . ( الأحكام أرقام 2، 5، 6، ).

وفي تقديرنا أن الرأي الأخير هو الصحيح إذ لا جدال بأنه حتى في رأي من لا يعتبر الخصومة قد انعقدت بإيداع الصحيفة فإن الخصومة تنعقد بالإعلان بها أما إعادة الإعلان فهو أجراء تال لها وهو ما دلت عليه المادة 68 بعد تعديلها إذا اعتبرت الخصومة منعقدة في الدعوى بحضور المدعى عليه الذي لم يعلن وأكدته المادة 85 التي أوجبت على المحكمة عند تبينها بطلان إعلان المدعي عليه أن تؤجل القضية إلي جلسة تالية يعاد إعلانه لها إعلاناً صحيحا بواسطة خصمه فيراجع التعليق عليهما .

 وتأسيساً على ما تقدم إذا لم يتم إعادة إعلان المدعى عليه أمام محكمة أول درجة رغم عدم حضوره ورغم عدم إعلانه لشخصه كان الحكم باطلاً فإذا رفع استئناف عنه ودفع بالبطلان تعين على محكمة الاستئناف أن تقضي بالإلغاء وبإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة أما إذا رفع عنه استئناف وحضر أمام المحكمة الاستئنافية ولم يدفع بالبطلان فإن حقه في هذا الدفع يكون قد سقط وبالتالي فلا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض أما إذا لم يحضر أمام المحكمة الاستئنافية وصدر الحكم وطعن عليه بالنقض فإنه يجوز له إبداء هذا الدفع أمام محكمة النقض كذلك الشأن إذا رفع استئناف ولم يعد إعلان المستأنف عليه رغم أنه لم يعلن مع شخصه ولم يحضر فإنه يجوز له التحدي بهذا البطلان أمام محكمة النقض.

ومن ناحية أخري فإنه كثيراً من المحامين اخبرونا بأنهم حينما ترد ورقة الإعلان أو إعادة الإعلان بدون تنفيذ قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى فيتقدمون بإعلان أو إعادة إعلان على أمل أن يتم قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى فإن أقلام الكتاب تمتنع عن قبوله بحجة عدم صدور قرار من المحكمة بالتصريح بذلك و استفسروا عن مدى قانونية هذا التصرف ولا شك أنه نتيجة فهم خاطئ ويجب علي المستشارين رؤساء المحاكم أن يتصدوا لهذه الظاهرة وينبهوا على أقلام الكتاب بقبول هذه الأوراق حتى لا يتسببوا في تأخير الفصل في الدعاوى ويجنبوا الخصوم مغبة الحكم بالجزاءات المقررة بقانون المرافعات، كما يجوز للمحامي أن يحصل من قاضي الأمور الوقتية علي أمر علي عريضة بإلزام قلم الكتاب بقبول الإعلان أو إعادة الإعلان في حالة ما إذا رفض قبول .

تسري المادة 84 مرافعات علي دعاوي الأحوال الشخصية :

كانت لائحة ترتيب المحاكم الشرعية تأخذ بنظام الأحكام الغيابية والمعارضة في دعاوى الأحوال الشخصية فلم يكن فيها نص على إعادة الإعلان واعتبار الحكم الصادر حضورياً كما هو الشأن في قانون المرافعات وحينما صدر القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية ألغي بمقتضى المادة الرابعة من قانون الإصدار لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والكتاب الرابع من قانون المرافعات ونصت المادة الأولي منه علي أن يطبق فيما لم يرد بشأنه نص خاص أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية، ونظراً لأن القانون رقم 1 لسنة 2000 لم يرد به نص خاص بشأن حضور الخصوم وغيابهم ومن ثم يتعين تطبيق قانون المرافعات في هذا الشأن ولازم سريان المادة 84 مرافعات وإتباع نظام الإعلان وإعادة الإعلان في دعاوى الأحوال الشخصية وهذا ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 1 لسنة 2000 وجدير بالذكر أن المادة 84 تسري علي دعاوي الأحوال الشخصية بالنسبة للكافة مصريين وأجانب  .(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء الثاني ،  الصفحة : 979)

 

تخلف المدعى عليه عن الحضور والتفرقة بين حالتين: سبق أن أوضحنا عند تعليقنا على المادة 83 أن المدعى عليه إذا أودع مذكرة بدفاعه عملاً بالمادة 65 مرافعات، فإن الخصومة بالنسبة له تعتبر حضورية حتى ولو تخلف عن حضور أي من الجلسات التي تنظر فيها الدعوى، لأنه بإيداعه مذكرة يثبت علمه فعلاً بقيام الخصومة وممارسته لحق الدفاع فيها.

وإذا لم يودع المدعى عليه مذكرة بدفاعه وتخلف عن الحضور، فإنه ينبغي إعمال المادة 84 من محل التعليق - ويجب التفرقة بين حالتين:

الحالة الأولى: إذا كانت صحيفة الدعوى قد أعلنت الشخص المدعى عليه: وفي هذه الحالة لا تؤجل الدعوى بسبب غياب المدعى عليه، فقد ثبت علمه فعلاً بقيامها، إنما تنظر المحكمة الدعوى، وتحكم فيها سواء في الجلسة أو في جلسة تالية إذا أجلت الدعوى لسبب آخر غير غياب المدعي عليه، وعلى هذا نصت المادة 84 - محل التعليق - ولا يعني نص المادة 84 على أن المحكمة تحكم في الدعوى رغم غياب المدعى عليه، أنه يجب على المحكمة أن تحكم في الدعوى في هذه الجلسة، وإنما يعني أن المحكمة لا تؤجل الدعوى لغياب المدعى عليه، وإنما تنظرها وتحكم فيها أو في جلسة تالية تؤجل الدعوى إليها لأي سبب آخر قد تراه المحكمة.

الحالة الثانية: ألا تكون صحيفة الدعوى قد أعلنت الشخص المدعی عليه: ففي هذه الحالة يصبح افتراض جهل المدعي بقيام الخصومة، ولذلك يجب تأجيل الدعوى لجلسة تالية يعلن المدعى بها المدعى عليه الغائب، وفي الجلسة الجديدة تنظر المحكمة الدعوى وتحكم فيها ولو تغيب المدعى عليه، إذ تعتبر الخصومة حضورية في حقه، ولكن ذلك مشروط بإعلان المدعى عليه. بالجلسة الجديدة، فإذا تغيب المدعى عليه في الجلسة الأولى فأجلت الدعوى لجلسة تالية ولم يعلن المدعى عليه بها، فلا يجوز للمحكمة نظر الدعوى والحكم فيها في الجلسة الجديدة وإلا كان عملها باطلاً لإخلاله بحق الدفاع، وإنما يكون للمحكمة أن توقع على المدعي الجزاء الذي نص عليه القانون لعدم قيامه إجراء من إجراءات المرافعات كلفته به المحكمة إذا كان عدم الإعلان راجعاً إلى فعله (مادة 99 مرافعات). "

وإنما وفقاً للمادة 84 يستثنى من القاعدة المتقدمة الدعاوى المستعجلة فإن المحكمة تنظرها ولو تغيب المدعى عليه في الجلسة الأولى، ولم تكن صحيفة الدعوى قد أعلنت لشخصه، لأن الدعاوى المستعجلة لا تحتمل الإرجاء.

ويتبع ذلك أمام المحاكم المستعجلة وأمام قضاة التنفيذ بالنسبة لأي دعوى مستعجلة ترفع إليهم متعلقة بالتنفيذ (سواء من إشكالات التنفيذ الوقتية أو من المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت).

إذن لا تملك المحكمة الحكم في الدعوى بناء على طلب المدعي في الجلسة الأولى، إلا إذا تحققت من أن صحيفة الدعوى قد أعلنت لذات شخص المدعى عليه، وذلك من واقع أصل الصحيفة المعلنة، وإذا كان المدعى عليه قد رفض شخصياً تسلم الصورة المعلنة إليه، فسلمت إلى جهة الإدارة عملاً بالمادة 11، فلا يعتبر أن الإعلان قد تم لشخصه.

وإذا قضت المحكمة في الدعوى في الجلسة الأولى على الرغم من غياب المدعى عليه الذي لم يكن قد أعلن لشخصه، فإن الحكم يكون مبنياً على إجراءات باطلة، ويكون قابلاً للاستئناف ولو كان انتهائياً، عملاً بالمادة 221 مرافعات.

وإذا لم تحكم المحكمة في الجلسة الأولى التي تخلف عنها المدعى عليه الذي لم يعلن لشخصه، وإنما أجلتها إلى جلسة تالية حضرها المدعى عليه (بناء على إعلان من خصمه أو من تلقاء نفسه)، فإن الإجراءات تكون قد صححت، ما لم يتمسك المدعى عليه ببطلان إعلان صحيفة الدعوى لأي سبب من الأسباب ليتوصل مثلاً إلى اعتبار الخصومة كأن لم تكن عملاً بالمادة 70 (أحمد أبو الوفا - التعليق ص 435).

فإذا كان المدعى عليه لم يعلن لشخصه ولم يعد إعلانه في غير الدعاوى المستعجلة ولم تنتبه محكمة أول درجة لذلك، وقضت في الدعوى فلا شك أن هذا الحكم مصيره البطلان كما أوضحنا آنفاً.

وقد ذهبت بعض المحاكم قبل صدور القانون 23 لسنة 1992، إلى أن هذا البطلان مطلق وحجتها في ذلك أن ما يسرى على الإعلان يسرى على إعادة الإعلان، وما دام أن الجزاء على عدم الإعلان هو انعدام الخصومة أي البطلان المطلق، فإن الوضع يكون كذلك بالنسبة لإعادة الإعلان.

ولكن محكمة النقض قضت بأن الجزاء المترتب على عدم إعادة الإعلان هو بطلان نسبى ورتبت على ذلك أنه يتعين على من يدفع به أن يتمسك به أمام محكمة الموضوع، فإذا فاته ذلك لم يجز له التحدي به أمام محكمة النقض، فإذا استأنف المدعي الذي لم يعد إعلانه أمام محكمة أول درجة الحكم تعين عليه أن يتمسك بهذا البطلان أمام المحكمة الاستئنافية وإلا سقط حقه فيه وامتنع عليه إثارته أمام محكمة النقض.

نقض 29/1/1992 . طعن رقم 683 لسنة 54 قضائية، نقض 25/6/1959 - مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض ج 3 - بند 5 ص 181، نقض 16/12/1990  - الطعن رقم 2790 لسنة 57 قضائية). ..

ولاشك في صحة اتجاه محكمة النقض ذلك أنه حتى في رأی من لا يعتبر الخصومة قد انعقدت بإيداع الصحيفة، فإن الخصومة تنعقد بالإعلان بها ،أما إعادة الإعلان فهو إجراء تال لها وهو ما دلت عليه المادة 68 بعد تعديلها، إذ اعتبرت الخصومة منعقدة في الدعوى بحضور المدعى عليه الذي لم يعلن وأكدته المادة 85 التي أوجبت على المحكمة عند تبينها بطلان إعلان المدعى عليه أن تؤجل القضية إلى جلسة تالية يعاد إعلانه لها إعلاناً صحيحاً بواسطة خصمه.

وبناء على ذلك إذا لم يتم إعادة إعلان المدعى عليه أمام محكمة أول درجة رغم عدم حضوره ورغم عدم إعلانه لشخصه كان الحكم باطلاً فإذا رفع استئناف عنه ودفع بالبطلان تعين على محكمة الاستئناف أن تقضي بالإلغاء بإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة، أما إذا رفع عنه استئناف. وحضر أمام المحكمة الاستئنافية ولم يدفع بالبطلان، فإن حقه في هذا الدفع يكون قد سقط وبالتالي، فلا يجوز التحدى به أمام محكمة النقض أما إذا لم يحضر أمام المحكمة الاستئنافية وصدر الحكم وطعن عليه بالنقض، فإنه يجوز له إبداء هذا الدفع أمام محكمة النقض كذلك الشأن إذا رفع استئناف ولم يعد إعلان المستأنف عليه رغم أنه لم يعلن مع شخصه ولم يحضر، فإنه يجوز له التحدى بهذا البطلان أمام محكمة النقض (الدناصوري وعكاز - ص 502 وص 503)

وإذا لم يعلن المدعى عليه بالحضور ثم توفي قبل الجلسة المحددة وجب إعلان ورثته ثم إعادة إعلانهم إذا لم يحضروا ولم يكونوا قد أعلنوا الأشخاصهم، أما إذا كان قد توفي بعد إعلانه دون أن يحضر فیری البعض أنه يكفي إعلانهم (أحمد أبو الوفا - المرافعات هامش بند 444) ولكن الصحيح أنه يتعين إعلانهم بالتعجيل، فإن لم يحضروا ولم يكونوا قد أعلنوا لأشخاصهم وجب إعادة إعلانهم ولو كان مورثهم قد أعلن لشخصه أو سبق حضوره.

(نقض 10/3/1955  - سنة 6 ص 817، كمال عبد العزيز ص 228).

حالة تعدد المدعى عليهم: طبقاً للفقرة الثانية من المادة 84 - محل التعليق - فإنه إذا تعدد المدعى عليهم وكان البعض قد أعلن لشخصه والبعض الآخر لم يعلن لشخصه وتغيبوا جميعاً أو تغيب من لم يعلن لشخصه وجب على المحكمة في غير الدعاوى المستعجلة تأجيل نظر الدعوى إلى جلسة تالية يعلن المدعى بها من لم يعلن لشخصه من الغائبين، ويعتبر الحكم في الدعوى حكماً حضورياً في حق المدعى عليهم جميعاً.

فإذا تعدد المدعى عليهم وتغيبوا جميعاً عن الحضور في الجلسة الأولى وكانوا قد أعلنوا جميعاً لشخصهم، وجب إعمال الفقرة الأولى من المادة 84 فعندئذ تملك المحكمة الحكم في الدعوى بناء على طلب المدعي.

أما إذا تعدد المدعى عليهم وتغيبوا جميعاً عن الحضور في الجلسة الأولى، وأعلن البعض لشخصه دون البعض الآخر، أو إذا حضر بعضهم في الجلسة الأولى دون البعض الآخر الذي لم يعلن لشخصه وجب على المحكمة تأجيل القضية إلى جلسة تالية يعلن بها من تخلف من المدعى عليهم عن الحضور، ولم يكن قد أعلن لشخصه، ويكون الإعلان بوساطة المدعى ويراعي ما تقرره المادة 83/2  مرافعات، بحيث لايجوز للمدعى أن يبدي في الجلسة التي يتخلف عنها خصمه طلبات جديدة أو يزيد من الطلبات الأولى .

فالأصل في حالة تعدد المدعى عليهم أن تطبق القاعدة العامة الواردة في الفقرة الأولى من المادة 84 - محل التعليق - ما دام تطبيقها يؤدي إلى تأجيل الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم جميعاً، كما إذا لم تكن صحيفة الدعوى قد أعلنت إلى أي منهم لشخصه، أو كان يؤدي إلى نظرها بالنسبة لهم جميعا، كما اذا كانت الصحيفة قد أعلنت إلى شخص كل منهم . 

وإنما وضع المشرع قاعدة خاصة إذا كان تطبيق القاعدة العامة يؤدي إلى أن الدعوى تؤجل بالنسبة لبعض المدعى عليهم وتنظر بالنسبة للبعض الأخر، لما قد يؤدي إليه هذا الوضع من تعارض الأحكام فنص على أنه إذا تعدد المدعى عليهم وتغيبوا جميعاً وكان البعض قد أعلن لشخصه والبعض الآخر لم يعلن لشخصه وجب تأجيل الدعوى بالنسبة لهم جميعاً إلى جلسة تالية يعلن المدعى بها الخصم الذي لم يعلن لشخصه من الغائبين (مادة 84/2 )، وفي الجلسة الجديدة تنظر المحكمة الدعوى وتحكم فيها ولم تغيب الخصوم وتعتبر الخصومة حضورية في حقهم جميعاً. وكذلك إذا حضر من أعلن لشخصه وتغیب من لم يعلن لشخصه وجب تأجيل الدعوى بالنسبة لهم جميعاً إلى جلسة تالية يعلن المدعى بها الخصم الغائب الذي لم يعلن لشخصه (مادة 84/2 ). أما إذا حضر الخصم الذي لم يعلن لشخصه وغاب الخصم الذي أعلن لشخصه، فإن المحكمة لا تؤجل الدعوى وإنما تنظرها وتحكم فيها.

ولكن يستثنى من قاعدة تأجيل الدعوى إذا كان البعض قد أعلن لشخصه والبعض الآخر لم يعلن لشخصه وتغيبوا جميعاً، أو تغيب من لم يعلن لشخصه، الدعوى المستعجلة لأنها لا تحتمل الإرجاء (مادة 84/2 ).

ويلاحظ أن المحكمة تحكم في الدعوى عند غياب المدعى عليه على مقتضى ما تستظهره من بحث وقائع الدعوى والمستندات المقدمة وما يسفر عنه تحقيقها، مما مقتضاه أن على المدعي أن يقوم بإثبات ما يدعيه، فإن عجز عن إثباته حكمت المحكمة برفض دعواه بالرغم من غياب المدعى عليه، فإن غياب المدعى عليه لا يعتبر تسليماً منه بطلبات المدعي يعفي هذا الأخير من عبء الإثبات المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق، رمزي سيف - بند 439 ص 551 ص 553 )

إعلان الشخص الاعتباري في مركز إدارته أو في هيئة قضايا الدولة يعتبر إعلاناً لشخصه:

وفقاً للفقرة الثالثة من المادة 84 - محل التعليق - المضافة بالقانون 23 لسنة 1992، فإنه في حالة ما إذا أعلن الشخص الاعتبارى في مركز إدارته أو في هيئة قضايا الدولة بصحيفة الدعوى سواء كان عاماً أو خاصاً فقد اعتبر القانون أن هذا بمثابة إعلان لشخصه، وبذلك تسری عليه المبادئ المقررة في الفقرتين الأولى والثانية من المادة بشأن الحضور والغياب وعلى ذلك إذا كان المدعى عليه شخصاً اعتبارياً، وكان قد اختصم وحده في الدعوى وكانت صحيفة الدعوي قد أعلنت في مركز إدارته أو في هيئة قضايا الدولة، فإن هذا يعد إعلاناً لشخصه وتحكم المحكمة في الدعوى دون إعادة إعلان.

وإذا تعدد المدعى عليهم وكانوا جميعاً أشخاصاً اعتبارية وأعلن كل منهم في مركز إدارته أو في هيئة قضايا الدولة، فإن المحكمة تحكم في الدعوى دون إعادة إعلان غير أنه إذا كان أحدهم أو بعضهم أشخاصاً اعتبارية والبعض الآخر أشخاصاً عاديين وأعلن الأشخاص الاعتباريون كل منهم بصحيفة الدعوى في مركز إدارته أو في هيئة قضايا الدولة ولم يعلن الأشخاص العاديون مع أشخاصهم، فإنه يتعين على المحكمة تأجيل الدعوى لإعادة إعلان الأخيرين.

وإذا تعدد المدعى عليهم فأعلن الشخص الاعتباري في مركز إدارته أو في هيئة قضايا الدولة وأعلن الأشخاص العاديون مع أشخاصهم فحينئذ لا مناص من أن تحكم المحكمة في الدعوى بدون إعادة إعلان إذا كانت صالحة للحكم بحكم حضوري في حقهم جميعاً.

ويلاحظ كثرة الأشخاص الاعتبارية العامة كالبنوك والشركات أو المؤسسات العامة أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة، فمثالها الشركات الخاصة بجميع أنواعها سواء كانت شركات تضامن أو مساهمة أو توصية.

ويشترط لإعمال نص المادة 84/3 أن يكون الإعلان قد تم للشخص الاعتبارى في مركز إدارته أما إذا تم الإعلان في جهة أخرى فلا ينطبق النص. وبديهي أنه إذا تطوع المعلن وذكر ممثل الشخص الاعتبارى في الإعلان وأعلن مع شخصه، فإنه لا يكون ثمة حاجة لإعمال الفقرة الأخيرة المضافة، بل يطبق في هذه الحالة نص الفقرة الأولى، وبذلك لابعاد إعلانه (الدناصورى و عكاز - ص 500 وص 501 ).

إذن مفاد نص الفقرة الثالثة من المادة 84 - محل التعليق - أنه إذا كان المدعى عليه شخص اعتباري عام أو شخص اعتباري خاص سواء جمعية أو مؤسسة أو شركة، فإنه يكفي إعلانه. مرة واحدة ولا يجوز للقاضي تأجيل الجلسة لإعادة إعلانه. فالتأجيل لإعادة الإعلان إنما يكون فقط بالنسبة للشخص الطبيعي. ذلك أن الشخص الطبيعي هو الذي يمكن التفرقة بالنسبة له بين الإعلان لشخصه حالة تسلمه شخصياً صورة الإعلان، والإعلان لغير شخصه حالة تسلم غيره الإعلان عنه في الأحوال التي ينص عليها القانون. أما الشخص الاعتباري - سواء كان عاماً أو خاصاً. فلا يتصور أن يتسلم بشخصه صورة الإعلان. فالإعلان يسلم دائماً لمن يمثله أو من يقوم مقامه. وقد كان مؤدي هذا أن يعتبر المشرع أن إعلان الشخص الاعتباري هو دائماً لغير شخصه. ولكنه رأى الأخذ بالحل العكس لاعتبار عملی (فتحی والی - بند 313 ص 579).

ويتعين ملاحظة أن نص الفقرة الثالثة من المادة 84 إنما ينطبق فقط إذا كان الإعلان في مركز إدارة الشخص الاعتباري أو في هيئة قضايا الدولة فهو لا ينطبق على إعلان الشخص الاعتبارى في غيرها كما ذكرنا آنفاً.

ومن ثم لا ينطبق النص إذا لم يكن للشركة التجارية مركز إدارة فسلمت الصورة في موطن أحد الشركاء المتضامنين أو في موطن رئيس مجلس الإدارة أو المدير (مادة 13/3 ). أو إذا لم يكن للشركة المدنية أو للجمعية أو المؤسسة الخاصة أو أي شخص اعتباري آخر مركز إدارة فسلمت الصورة في موطن النائب عنها (مادة 13/4 ). أو إذا تعلق الأمر بشركة أجنبية وسلمت الصورة في فرع الشركة الأجنبية أو لوكيلها في مصر (مادة 13/5). أو تعلق الأمر بإعلان شخص اعتباري في الموطن المختار له. ففي كل هذه الأحوال إذا لم يحضر الشخص الاعتبارى في الجلسة الأولى، وجب على المحكمة تأجيل الجلسة لإعادة إعلانه ولا ينطبق نص المادة 84/3 .

ومن ناحية أخرى، فإن تطبيق هذه النص يفترض أن يتم الإعلان في مركز إدارة الشخص الاعتباري أو في هيئة قضايا الدولة، فإذا توجه المحضر إلى مركز إدارة الشخص الاعتباري أو إلى هيئة قضايا الدولة فوجد المكان مغلقاً أو لم يجد من يصح تسليم الصورة إليه فسلم الصورة إلى النيابة وفقاً للمادة 13 مرافعات، فعندئذ لا ينطبق النص وتلزم إعادة الإعلان. ومع ذلك، إذا امتنع من يمثل الشخص الاعتباري أو ذو الصفة في هيئة قضايا الدولة عن استلام الصورة أو عن التوقيع على الأصل بالاستلام، فقام المحضر بتسليم الصورة إلى النيابة العامة، فإن النص ينطبق ولا تلزم إعادة الإعلان، ذلك أنه ليس للشخص الاعتباري أن يستفيد من خطأ من يمثله. والقول بغير ذلك يمكن أن يؤدي إلى جعل النص الجديد حبراً على ورق. إذ سيعمد ممثل الشخص الاعتبارى دائما إلى الامتناع عن تسلم الصورة أو عن التوقيع على الأمل بالاستلام ليضمن إعادة إعلانه.

وقد رفض مجلس الشعب اقتراحاً بأن يكون إعلان الشخص الاعتباري لشخصه إذا تسلم صورة الإعلان ممثله القانوني (انظر مضبطة الجلسة 63 بتاريخ 5/5/1992 ، ص 20، فتحی والی - بند 313  ص 579 وص 580 وهامشها).

قواعد الغياب عند إبداء طلبات عارضة وفي أحوال التدخل واختصام الغير:

ينبغي أن يراعى في ظل قانون المرافعات الحالى اعتبار الخصومة حضورية في جميع الأحوال بالنسبة إلى الخصم الذي تقدم بالطلب القضائي إلى المحكمة. كالمدعي ومن في حكمه كالمتدخل، وبناء عليه إذا أدلى المدعى عليه بطلب عارض في مواجهة المدعى وأعلنه به قبل الجلسة الأولى التي تخلف فيها المدعى أو أعلنه قبل أية جلسة تخلف فيها المدعي عن الحضور، فإن الحكم مع هذا يكون حضورياً في حق المدعي، لأن المشرع في القانون الحالي لا يتصور أن يكون المدعى جاهلاً قيام الخصومة، ومن ثم لا محل لتأجيل نظر الدعوى عند غيابه، ولو كان قد أعلن قبل الجلسة التي تخلف عنها بطلب عارض مقدم من أحد الخصوم.

وبالنسبة إلى المدعى عليه ومن في حكمه، كالمختصم أثناء نظر دعوى قائمة، المعيار في هذا الصدد هو كون الخصم قد تحقق علمه اليقينی بالدعوى، أو أعلن بها مرتين، بحيث إذا تخلف المدعى عليه عن الحضور في الجلسة الأولى لنظر الدعوى، وأعاد المدعي إعلانه لجلسة جديدة، وأدلى بطلب إضافي وجهه إليه عند إعادة هذا الإعلان، فإن الحكم في الدعوى برمتها يكون بمثابة حكم حضوري في حق المدعى عليه المتخلف عن الحضور (أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام رقم 184 وما يليه والتعليق - ص 436 وص 437 ).

وينبغي ملاحظة أن المادة 84 مرافعات تسري على دعاوى الأحوال الشخصية لخلو القانون 1 لسنة 2000 من أي نص خاص بشأن حضور الخصوم وغيابهم .(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة،  الجزء / الثاني، الصفحة :  672)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثاني ، الصفحة / 19

الأْجَلُ الْقَضَائِيُّ

الْمُرَادُ بِالأْجَلِ الْقَضَائِيِّ: الأْجَلُ الَّذِي يَضْرِبُهُ الْقَاضِي لِحُضُورِ الْخُصُومِ، أَوْ إِحْضَارِ الْبَيِّنَةِ، أَوْ إِحْضَارِ الْكَفِيلِ، أَوْ تَأْجِيلِ الْمُعْسِرِ إِلَى مَيْسَرَةٍ.

الْحُضُورُ لِلتَّقَاضِي:

إِنَّ الأْجَلَ الَّذِي يَضْرِبُهُ الْقَاضِي لِحُضُورِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ مَوْكُولٌ إِلَى تَقْدِيرِهِ وَطَبِيعَةِ مَوْضُوعِ النِّزَاعِ. وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلاَتٌ كَثِيرَةٌ فِي هَذَا، هِيَ مِنْ قَبِيلِ الأْوْضَاعِ الزَّمَنِيَّةِ الَّتِي تَتَغَيَّرُ، وَتَفْصِيلُهَا فِي أَبْوَابِ الدَّعْوَى وَالْقَضَاءِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.

إِحْضَارُ الْبَيِّنَةِ:

يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُمْهِلَ الْمُدَّعِيَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لإِحْضَارِ الْبَيِّنَةِ، بَيْنَمَا يَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ ذَلِكَ مَوْكُولٌ لاِجْتِهَادِ الْقَاضِي.

 

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  العاشر ، الصفحة / 32

التَّأْجِيلُ:

التَّأْجِيلُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ أَجَّلَ - بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ - وَمَعْنَاهُ: أَنْ تَجْعَلَ لِلشَّيْءِ أَجَلاً، وَأَجَلُ الشَّيْءِ: مُدَّتُهُ وَوَقْتُهُ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ.

وَفِي الاِصْطِلاَحِ مَعْنَاهُ: تَأْخِيرُ الثَّابِتِ فِي الْحَالِ إِلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، كَتَأْجِيلِ الْمُطَالَبَةِ بِالثَّمَنِ إِلَى مُضِيِّ شَهْرٍ مَثَلاً، وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّأْجِيلِ وَالتَّأْقِيتِ: أَنَّ التَّأْقِيتَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ثُبُوتُ التَّصَرُّفِ فِي الْحَالِ، بِخِلاَفِ التَّأْجِيلِ فَإِنَّهُ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / السابع والثلاثون ، الصفحة / 272

مُسَخَّرٌ

التَّعْرِيفُ:

الْمُسَخَّرُ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ الْفِعْلِ سَخَّرَ، يُقَالُ: سَخَّرَهُ تَسْخِيرًا: كَلَّفَهُ عَمَلاً بِلاَ أُجْرَةٍ، وَرَجُلٌ سُخْرٌ يُسَخَّرُ فِي الأَْعْمَالِ.

وَالسُّخْرَةُ - وِزَانُ غُرْفَةٍ - مَا سَخَّرْتَ مِنْ خَادِمٍ أَوْ دَابَّةٍ بِلاَ أَجْرٍ وَلاَ ثَمَنٍ.

وَفِي الاِصْطِلاَحِ عَرَّفَهُ ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْبَحْرِ فَقَالَ: الْمُسَخَّرُ: هُوَ أَنْ يَنْصِبَ الْقَاضِي وَكِيلاً عَنِ الْغَائِبِ لِيَسْمَعَ الْخُصُومَةَ عَلَيْهِ.

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

الْوَكِيلُ:

الْوَكِيلُ فِي اللُّغَةِ: مِنْ وَكَّلْتَ الأَْمْرَ إِلَى فُلاَنٍ: فَوَّضْتَهُ إِلَيْهِ وَاكْتَفَيْتَ بِهِ، وَوَكِيلُ الرَّجُلِ هُوَ الَّذِي يَقُومُ بِأَمْرِهِ، وَوَكَّلَ إِلَيْهِ الأَْمْرَ: أَسْلَمَهُ.

 

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُسَخَّرِ هِيَ أَنَّ الْوَكِيلَ أَعَمُّ، لأَِنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِنَصْبِ الْقَاضِي وَقَدْ يَكُونُ بِنَصْبِ آحَادِ النَّاسِ.

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:

يَنْبَنِي حُكْمُ نَصْبِ الْمُسَخَّرِ عَنِ الْغَائِبِ فِي الْخُصُومَةِ عَلَى حُكْمِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ.

فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ يَجُوزُ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ إِلاَّ بِحُضُورِ نَائِبِهِ كَوَكِيلِهِ وَوَصِيِّهِ وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَوْ نَائِبِهِ شَرْعًا كَوَصِيِّ نَصَبَهُ الْقَاضِي.

وَأَفْتَى خُوَاهَرْ زَادَهْ بِجَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ، وَلَذَلِكَ أَجَازَ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُسَخَّرِ الَّذِي يَنْصِبُهُ الْقَاضِي وَكِيلاً عَنِ الْغَائِبِ، لأَِنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُسَخَّرِ هُوَ عَيْنُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ.

لَكِنِ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الْقَضَاءُ عَلَى الْمُسَخَّرِ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ وَذَلِكَ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ.

الأُْولَى: اشْتَرَى بِالْخِيَارِ وَأَرَادَ الرَّدَّ فِي الْمُدَّةِ، فَاخْتَفَى الْبَائِعُ فَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنَ الْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ خَصْمًا عَنِ الْبَائِعِ لِيَرُدَّهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ عَزَاهُمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إِلَى الْخَانِيَةِ.

الثَّانِيَةُ: كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إِنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَدَيْنُهُ عَلَى الْكَفِيلِ، فَغَابَ الطَّالِبُ فِي الْغَدِ فَلَمْ يَجِدْهُ الْكَفِيلُ، فَرُفِعَ الأَْمْرُ إِلَى الْقَاضِي فَنَصَبَ وَكِيلاً عَنِ الطَّالِبِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ الْمَكْفُولَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ، قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَهُوَ خِلاَفُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، إِنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: لَوْ فَعَلَ بِهِ قَاضٍ عُلِمَ أَنَّ الْخَصْمَ تَغَيَّبَ لِذَلِكَ فَهُوَ حَسَنٌ.

الثَّالِثَةُ: حَلِفُ الْمَدِينِ لَيُوفِيَنَّ الدَّائِنَ الْيَوْمَ، وَعَلَّقَ الْعِتْقَ أَوِ الطَّلاَقَ عَلَى عَدَمِ قَضَائِهِ الْيَوْمَ، ثُمَّ غَابَ الطَّالِبُ وَخَافَ الْحَالِفُ الْحِنْثَ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبُ وَكِيلاً عَنِ الْغَائِبِ وَيَدْفَعُ الدَّيْنَ إِلَيْهِ وَلاَ يَحْنَثُ الْحَالِفُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَفِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٍ عَنْ شَرَفِ الدِّينِ الْغَزِّيِّ: أَنَّهُ لاَ حَاجَةَ إِلَى نَصْبِ الْوَكِيلِ لِقَبْضِ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ إِذَا دُفِعَ إِلَى الْقَاضِي بَرَّ فِي يَمِينِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ قَاضٍ حَنِثَ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ.

الرَّابِعَةُ: جَعَلَ الزَّوْجُ أَمْرَ زَوْجَتِهِ بِيَدِهَا إِنْ لَمْ تَصِلْهَا نَفَقَتُهَا، فَتَغَيَّبَتْ، لإِِيقَاعِ الطَّلاَقِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبُ مَنْ يَقْبِضُ لَهَا.

الْخَامِسَةُ: لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِلْقَاضِي: لِي عَلَى فُلاَنٍ حَقٌّ وَقَدْ تَوَارَى عَنِّي فِي مَنْزِلِهِ، فَأَتَى بِشَاهِدَيْنِ أَنَّهُ فِي مَنْزِلِهِ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي أَنْ يَنْصِبَ لَهُ وَكِيلاً يَعْذُرُهُ الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ نَصَبَ لَهُ الْقَاضِي وَكِيلاً وَسَمِعَ شُهُودَ الْمُدَّعِي، وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِمَحْضَرِ وَكِيلِهِ.

أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَإِنَّهُمْ يُجِيزُونَ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ فِي الْجُمْلَةِ، لَكِنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ هَلْ يُقَدِّمُ الْقَاضِي لَهُ وَكِيلاً أَوْ لاَ؟

فَيَرَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبُغُ: أَنَّهُ لاَ تُرْجَى حُجَّةٌ لِغَائِبِ، وَذَلِكَ أَنَّ مِنْ أَصْلِهِمَا أَنْ يُقَدِّمَ الْقَاضِي لَهُ وَكِيلاً يَقُومُ بِحُجَّتِهِ وَيُعْذِرُ إلَيْهِ، فَهُوَ عِنْدَهُمَا كَالْحَاضِرِ، وَيَرَى ابْنُ الْقَاسِمِ إِرْجَاءَ الْحُجَّةِ لِلْغَائِبِ، لأَِنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّهُ لاَ يُقِيمُ لَهُ وَكِيلاً، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ: لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُوَكِّلَ لِلْغَائِبِ مَنْ يُعْذِرُ إِلَيْهِ فِي شَهَادَةِ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ، وَلاَ يُقِيمُ لِصَبِيٍّ وَلاَ لِغَائِبٍ وَكِيلاً يَقُومُ بِحُجَّتِهِمَا، وَفِي الْوَاضِحَةِ خِلاَفُهُ مِنْ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ.

وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ نَصْبَ الْمُسَخَّرِ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ:

الأُْولَى: الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ:

يَجُوزُ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ إِنْ كَانَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَادَّعَى الْمُدَّعِي جُحُودَهُ، فَإِنْ قَالَ: هُوَ مُقِرٌّ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ وَلَغَتْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ أَطْلَقَ أَيْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِجُحُودِهِ وَلاَ إِقْرَارِهِ فَالأَْصَحُّ أَنَّ بَيِّنَتَهُ تُسْمَعُ.

وَالأَْصَحُّ أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُ الْقَاضِيَ نَصْبُ مُسَخَّرٍ يُنْكِرُ عَنِ الْغَائِبِ لأَِنَّهُ قَدْ لاَ يَكُونُ مُنْكِرًا.

وَمُقَابِلُ الأَْصَحِّ: يَلْزَمُهُ نَصْبُ مُسَخَّرٍ لِتَكُونَ الْبَيِّنَةُ عَلَى إِنْكَارِ مُنْكِرٍ.

قَالَ الْقَلْيُوبِيُّ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ نَصْبَ الْمُسَخَّرِ مُسْتَحَبٌّ.