دور النيابة العامة في الدعوى المدنية :
إذا كانت النيابة العامة تقوم وظيفتها أساساً على تمثيل المجتمع في الدعوى الجنائية فإنه يكون من المناسب أن يمتد هذا التمثيل إلى مساهمتها في الدعوى المدنية كلما اتصلت بمصالح المجتمع حتى لا يحرم القضاء من عون ضروری أو مفيد.
ومن هنا اتجه المشروع إلى التوسع في الحالات التي تتدخل فيها النيابة العامة في الدعاوى المدنية فأجاز لها التدخل في کل دعوى تتعلق بالنظام العام أو الآداب المادة 88 من المشروع وأوجب عليها هذا التدخل إذا عرضت في الدعوى مسألة من هذا القبيل ورات المحكمة مناسبة تدخل النيابة العامة فيها فأرسلت إليها ملف القضية (المادة 89 من المشروع)، كما أجاز لها الطعن في الأحكام التي تصدر في القضايا التي يوجب القانون او يجيز لها التدخل فيها ولو لم تكن قد تدخلت فيها وذلك إذا خالف الحكم قاعدة من قواعد النظام العام المادة 95 من المشروع).
ومن جهة أخرى استحدث المشروع نظام الطعن بالنقض من النائب العام لمصلحة القانون لمواجهة صعوبات تعرض في العمل وتؤدي إلى تعارض القضاء في المسالة القانونية الواحدة ولا يكون من سبيل إلى عرضها على المحكمة العليا لتقول كلمة القانون فيها فتضع حداً لتضارب الأحكام فخول النائب العام أن يطعن بطريق النقض لمصلحة القانون في الأحكام الانتهائية أياً كانت المحكمة التي أصدرتها وذلك في الأحكام التي لا يجيز القانون للخصوم الطعن فيها وفي الأحكام التي فوت الخصوم ميعاد الطعن أو نزلوا فيها عنه على إلا يفيد الخصوم من هذا الطعن (المادة 250 من المشروع) ولا يتقيد هذا الطعن بميعاد معين (المادة 252 من المشروع) .
نص المشروع في المادة 90 منه على أن تدخل النيابة حيث ترى المحكمة حاجة لتدخلها يكون وجوبياً، ذلك أن دعوة المحكمة للنيابة بالتدخل هو تسليم منها برغبتها في الاستعانة برأي النيابة في الدعوى وعلى اعتبار أن النيابة العامة هي الممثلة للصالح العام والأمينة على مصلحة القانون، ولأنه لا يصح حرمان القضاء من عون ضروری سعی هو إلى طلبه تحقيقاً للعدالة وبهذا تتحقق الجدوى من إرسال ملف الدعوى للنيابة .
دعوة المحكمة النيابة بالتدخل:
إذا عرضت في الدعوى مسألة تتعلق بالنظام العام أو الآداب ورأت المحكمة الوقوف على رأي النيابة العامة فيها، أمرت قلم الكتاب بإرسال ملف الدعوى إليها لإبداء رأيها في المسألة المطروحة، وحينئذ يكون تدخل النيابة وجوبياً في الدعوى وتلتزم بإبداء الرأي القانوني سواء بالحضور بالجلسة أو برد الملف إلى المحكمة متضمناً مذكرة بالرأي وتكون النيابة طرفاً منضماً ومن ثم يجب أن تكون آخر من يتكلم عملاً بالمادة (95).
وللمحكمة دعوة النيابة للتدخل في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف باعتبار أن المسائل المتعلقة بالنظام العام والآداب تتصدى لها المحكمة من تلقاء نفسها في أية حالة تكون عليها الدعوى.
ويجوز للنيابة العامة التدخل في الدعوى من تلقاء نفسها عملاً بالفقرة السادسة من المادة (89).
وإذا رأت النيابة أن المسألة المطروحة لا تتعلق بالنظام العام أو الآداب تعين عليها أن تحرر مذكرة شارحة تأييداً لرأيها إعمالاً للتدخل الوجوبي الذي فرضته المحكمة عليها ولا يكفي لتحقق هذا التدخل إعادة الملف إلى المحكمة مؤشراً عليه بخلو الدعوى من المسائل المتعلقة بالنظام العام أو الآداب، فإن فعلت ذلك، كان غير مؤثر على صحة الحكم لكنه يؤدي إلى مسألة العضو تأديبياً بأن يحرر رئيس الدائرة مذكرة يرفعها لرئيس المحكمة.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الثاني / الصفحة 538)
لم يفت المشرع في المادة 88 أن يذكر ضمن حالات التدخل الوجوبي الطعون، والطلبات أمام محكمة النقض وأمام محكمة تنازع الاختصاص إقراراً منه بما تنص عليه القوانين القديمة من وجوب تدخلها في هذه الحالات كما نص المشرع في المادة 90 منه على أن تدخل النيابة حيث ترى المحكمة حاجة لتدخلها يكون وجوبياً، ذلك أن دعوى المحكمة للنيابة بالتدخل هو تسليم منها برغبتها في الاستعانة برأي النيابة في الدعوى، وعلى اعتبار أن النيابة العامة هي الممثلة للصالح العام والأمينة على مصلحة القانون وأنه لا يصح حرمان القضاء من عون ضروري سعي هو إلي طلبه تحقيقاً للعدالة وبهذا تتحقق الجدوى من إرسال ملف الدعوى للنيابة. (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثاني ، الصفحة : 1003)
تدخل النيابة الوجوبی بناء على طلب المحكمة : وفقاً للمادة 90 مرافعات للمحكمة أن تأمر في أية حالة تكون عليها الدعوى بإرسال ملف القضية إلى النيابة العامة، إذا عرضت فيها مسألة تتعلق بالنظام العام أو الآداب.
والأمر بإرسال ملف القضية متروك لتقدير المحكمة فلها أن تأمر بإرساله ولها ألا تأمر، ولكنها إذا أمرت بإرساله كان على قلم الكتاب أن يرسله للنيابة العامة وكان على النيابة أن تتدخل وإلا كان الحكم الذي يصدر في الدعوى باطلاً، فقد نص قانون المرافعات في عجز المادة 90 - محل التعليق - على أن تدخل النيابة العامة في هذه الحالة وجوبي، ذلك أن دعوة المحكمة للنيابة للتدخل هو تسليم منها برغبتها في الاستعانة برأي النيابة في الدعوى، وعلى اعتبار أن النيابة هي الممثلة للصالح العام والأمينة على مصلحة القانون، ولأنه لا يصح حرمان القضاء من عون ضروری سعی هو إلى طلبه تحقيقاً للعدالة، فرغم أن إدخال النيابة أمر جوازي بالنسبة إلى المحكمة، إنما إذا رأت تدخلها وجب على النيابة أن تتدخل. وتعتبر هذه الحالة استثناء من قاعدة استقلال النيابة عن المحاكم بمقتضاه أباح المشرع للمحكمة أن تصدر أمراً للنيابة (موريل - المرافعات - ص 148 - 149 - جلاسون - المرافعات - ج 1 ص 272، رمزي سيف - ص 93 وهامشها).
وقد سبق أن ذكرنا عند تعليقنا على المادتين 88 و 89، أن الدعاوى المستعجلة تمثل استثناء فلا يجوز تدخل النيابة بشأنها، وعلة هذا أن هذه القضايا تقتضي العجلة، فلا يجوز تأخير الفصل فيها إلى حين إبداء النيابة العامة رأيها، ومن ناحية أخرى، فإن المطلوب في هذه القضايا هو مجرد إجراء وقتى مما لا يتسم بالخطورة على المصلحة العامة التي تتدخل النيابة لحمايتها، ورغم أن المادة 90 مرافعات - محل التعليق - لم تستثن هذه القضايا، فإنه يجب القول - لنفس العلة - بأنه ليس للقاضی - في المواد المستعجلة - أن يأمر بإرسال ملف القضية النيابة العامة لإبداء رأيها فيها (فتحی والی - هامش ص 344 ). (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الثاني ، الصفحة : 740)

