loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

إعداد الدعوى للفصل فيها :

يلزم المشروع المدعي بأن يقدم لقلم كتاب المحكمة جميع المستندات المؤيدة لدعواه وذلك عند إيداع صحيفة الدعوى وأوجب على المدعى عليه الرد على المدعي بمذكرة مؤيدة بمستنداته إلى ما قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى بثلاثة أيام على الأقل (مادة 65 من المشروع) .

وضماناً لمراعاة هذه المواعيد نص المشروع على أنه إذا تقدم احد الخصوم في الجلسة الأولى بمستند كان في إمكانه تقديمه في الميعاد المحدد له وترتب على ذلك تأجيل نظر الدعوى حكمت عليه المحكمة بغرامة لا تقل عن ثلاثة جنيهات ولا تجاوز عشرين جنيهاً المادة 99 من المشروع) .

وعملاً على الإسراع في إعداد الدعوى للفصل فيها نص المشروع على عدم جواز تأجيل الدعوى أكثر من مرة لسبب واحد يرجع إلى الخصوم على ألا تجاوز فترة التأجيل ثلاثة أسابيع المادة 47 من المشروع).

ولتيسير سبيل الفصل في الدعوى أجاز المشروع للمحكمة أن تأمر الخصوم بإيداع مذكرة ختامية شاملة مع إستبعاد ما سبق أن قدموه من مذكرات (المادة 99 من المشروع).

وتحقيقاً لذات الهدف نص المشروع على عدم جواز فتح باب المرافعة بعد تحديد جلسة للنطق بالحكم إلا لأسباب جدية تبين في القرار (مادة 173 من المشروع) .

وتيسيراً على القاضي وتمكيناً للمتداعين من حصر أوجه دفاعهم نص المشروع في المادة 99 على أن للمحكمة أن تأمر الخصوم بإعداد مذكرة ختامية شاملة مع إستبعاد ما سبق أن قدموه من مذكرات .

 

 

الأحكام

1 ـ لئن كان حق الدفاع - بما فى ذلك المرافعة الشفوية - أمر كفله القانون لأطراف النزاع فى الدعوى إلا أن ذلك لا يحول بين المحكمة و بين تنظيم هذا الحق على وجه يصونه و لا يكلف المحكمة من أمرها رهقاً و حسبها فى ذلك أن تفسح للخصوم المدى المعقول لتمكينهم من الدفاع دون غلو أو إسراف فى التأجيل أو تكرار الإستماع إليهم أو خروج عن موضوع الدعوى و مقتضيات الدفاع فيها ، و قد نصت المادة 97 من قانون المرافعات على أن تجرى المرافعة فى أول جلسة .

(الطعن رقم 1236 لسنة 51 جلسة 1987/03/29 س 38 ع 1 ص 487 ق 106)

2 ـ المقرر فى قضاء محكمة النقض أن النص فى المادة 20 مكرراً من القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية فى المواد المدنية المعدلة بالقانون 66 لسنة 1964 وفي المادة 71 من قانون المرافعات على أنه "إذا ترك المدعي الخصومة أو تصالح مع خصمه فى الجلسة الأولى لنظر الدعوى وقبل بدء المرافعة فلا يستحق على الدعوى إلا ربع الرسم المسدد" يدل على أنه المقصود بالجلسة الأولى هي الجلسة الأولى التي أعلن فيها المدعى عليه إعلانا صحيحاً وأصبحت فيه الدعوى صالحة للمضي فى نظرها وذلك عملاً بالمادة 84 من قانون المرافعات فإذا تصالح المدعي مع خصمه فى هذه الجلسة وقبل بدء المرافعة فيها فلا يستحق على الدعوى إلا ربع الرسم المسدد، وأنه لا يشترط لإعمال حكم هاتين المادتين أن تقضي المحكمة بإلحاق الصلح بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه، بل المستفاد من دلالتهما أنه يكفي لإعمالهما طلب إثبات الصلح فى الجلسة الأولى وقبل المرافعة فيها لا يؤثر فى ذلك تراخي إلحاقه إلى جلسة تالية.

(الطعن رقم 411 لسنة 62 جلسة 2002/05/30 س 53 ع 2 ص 739 ق 144)

3 ـ من المبادئ الأصيلة فى النظام القضائي أن المرافعة قد تكون شفوية أو بمذكرات مكتوبة و أن الخصوم إذا طلبوا من المحكمة الإستماع إلى مرافعتهم فلم تمكنهم من ذلك فإنها تكون قد أخلت بحقهم فى الدفاع ، و الأصل فى الإجراءات أنها روعيت و على المتمسك بعدم حصول المرافعة أن يقدم دليله .

(الطعن رقم 1925 لسنة 49 جلسة 1984/05/09 س 35 ع 1 ص 1228 ق 235)

4 ـ المحكمة غير ملزمة بأن تجيب طلب التأجيل متى تبين لها أن الدعوى مستوفاة .

(الطعن رقم 537 لسنة 40 جلسة 1975/11/18 س 26 ص 1414 ق 268)

شرح خبراء القانون

تحديد تاريخ الجلسة:

الجلسة هي فترة زمنية يجلس فيها القاضي (أو القضاة) في حجرة بمبنى المحكمة التي رفعت إليها الدعوى يساعده أحد الكتبة ويتصل فيها مباشرة بالخصوم ومحاميهم لنظر القضية . ويحدد تاريخ الجلسة في صحيفة الدعوى عند إيداعها قلم الكتاب في حضور المدعى أو من يمثله - كما قدمنا (مادة 67 مرافعات) ، وبهذا يتصل تاريخ الجلسة بعلمه . ويتحقق علم المدعى عليه به بإعلانه بصورة من صحيفة الدعوى وفقاً لما سبق بيانه .

ويعتبر تحديد أيام معينة لعقد جلسات المحكمة تنظيماً داخلياً تقرره الجمعية العمومية للمحكمة ، فهو من أعمال إدارة القضاء . ولهذا لا يترتب على مخالفته أي بطلان .

والأصل أن تنظر القضية في أول جلسة ، فوفقاً للمادة 97 «تجرى المرافعة في أول جلسة» ، ولكن قد تقرر المحكمة تأجيل نظر الدعوى إلى جلسة أخرى وذلك اما قبل البدء في نظر الدعوى أو أثناء نظرها لها. وهذا القرار قد يصدر من تلقاء نفس المحكمة لأي سبب يقتضيه ، كما لو وجدت أن جدول الجلسة مزدحم بقضايا أكثر مما تستطيع نظره في يوم واحد . وقد يصدر بناء على طلب أحد الخصوم . وعلى المحكمة إجابة الخصم إلى طلبه تأجيل نظر الدعوى ، إذا كان هذا التأجيل مما يقتضيه صيانة حق الدفاع ، كما لو طلب الخصم الذي قدم في مواجهته طلب عارض التأجيل للرد على هذا الطلب وتقديم ما لديه من مستندات رداً عليه . أما إذا تبين للمحكمة أن الدعوى مستوفاة ، فهي ليست ملزمة بالاستجابة للطلب . وأياً كان الأمر ، فإن المحكمة هي التي تحدد - حسب تقديرها - التاريخ الذي تؤجل الجلسة إليه.

المرافعة - إصطلاحاً – هي الشرح الشفوي من الخصم أو محاميه للإدعاءات - أو أوجه الدفاع - وأسانيدها أمام المحكمة . ووفقاً للمادة 97 . مرافعات تجرى المرافعة في أول جلسة تحدد لنظر الدعوى . وتسمع المحكمة أولاً مرافعة المدعى أو محاميه ثم تسمع مرافعة المدعى عليه أو محاميه. وإذا كان هناك متدخل إختصامي ، فإنه يسمع - بخصوص طلبه - أولاً باعتباره مدعياً قبل كل من المدعي والمدعى عليه . وللمحكمة أن تستمع إلى أيهما أكثر من مرة وفقاً لما تراه حتى تتضح لها الحقيقة بما فيه الكفاية ، على أنها يجب أن تراعى دائماً أن يكون المدعى عليه آخر من يتكلم» (مادة 102). ولا يستثنى من هذه القاعدة إلا أن تكون النيابة متدخلة في الخصومة ، إذ عندئذ تكون هي - كما قدمنا - آخر من يتكلم (مادة 95/ 1 مرافعات).

وللخصوم ومحاميهم الحق إبداء أقوالهم بالجلسة ، فلا يجوز للمحكمة مقاطعتهم . ولا يكون المحامي مسئولا عما يورده في مرافعته الشفوية أو في مذكراته المكتوبة مما يستلزمه حق الدفاع (مادة 47 من قانون المحاماة) . على أن للمحكمة أن تستوقف المرافعة لكي تطرح ما تراه مفيداً من الأسئلة أو لإبداء ما يعن لها من ملاحظات . كما أن لها - تطبيقاً لمبدأ الاقتصاد في الخصومة - أن تمنع أي خصم أو محاميه من الإسترسال في المرافعة إذا كان كلامه خارجاً عن موضوع القضية أو عما يقتضيه الدفاع فيها .

لا يقبل بعد ذلك من المدعى أو من المدعى عليه تقديم مستندات جديدة حتى لا يتعطل نظر القضية ، ولكن صيانة لحق الدفاع يجوز لأي منهم أن يقدم (97 مرافعات).

(أ) في الجلسة الأولى أية مستندات إذا لم يترتب على تقديمها تأجيل نظر الدعوى.

(ب) المستندات التي ما كان يستطيع تقديمها في الميعاد ، كما لو تعلق الأمر بمستندات حصل عليها المدعي بعد رفعه الدعوى.

(ج) المستندات التي ما كان يتصور تقديمها في ذلك الميعاد ، كما لو تعلق الأمر بمستندات يقدمها الخصم تأييدا لرده على دفاع الخصم أو طلباته العارضة.

وفي هذه الحالة ، يكون للخصم الحق في طلب التأجيل لإعداد رده وتقديم مستندات الرد . وتؤجل المحكمة نظر الدعوى إلى الميعاد الذي تراه مناسبا.

(د) المستندات التي كان يستطيع تقديمها في الميعاد ، ورأت المحكمة صيانة لحق الدفاع قبول المستند وترتب على ذلك التأجيل للإطلاع على المستند والرد عليه . وعندئذ يجب على المحكمة الحكم على مقدم المستند بغرامة من مائة إلى خمسمائة جنيه ، ويكون التأجيل عندئذ لمرة واحدة ولمدة لا تجاوز أسبوعين (مادة 97 مرافعات معدلة بالقانون 18 لسنة 1999).

ويلاحظ أن المستندات المقدمة من المدعي مرفقة بصحيفة دعواه أو المقدمة من المدعى عليه مع مذكرة دفاعه قبل الجلسة بثلاثة أيام ، لا تعلن إلى الطرف الآخر .. ويعتبر هذا إستثناء على القاعدة العامة سالفة الذكر التي تقرر أنه لا يجوز لخصم أن يودع مذكرة أو مستنداً في غير جلسة دون إعلانها للخصم الآخر أو اطلاعه عليها . ما لم يأمر القاضي بذلك وفقاً للمادة 171 معدلة بالقانون 23 لسنة 1992 . وهو إستثناء لا يجوز إعماله إلا - كما تنص المادة 65 - قبل أن تطرح الدعوى أمام المحكمة . أما بعد ذلك ، فيجب إعمال القاعدة العامة . (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني ،  الصفحة : 269)

مناط تغريم الخصم لعدم إيداع مستنداته مع صحيفة الدعوى:

يلتزم الخصوم بإيداع مذكراتهم ومستنداتهم بقلم الكتاب عند تقديم صحيفة الدعوى وفقاً لنص المادة (65) حتى تجرى المرافعة الشفوية في أول جلسة ، فإذا خالف أحد الخصوم هذا النص، سواء كان مدعيا أو مدعى عليه ، ولم يقدم مستنداته لقلم الكتاب وإنما قدمها للمحكمة بأول جلسة ، التزمت المحكمة بقبولها إذ لا يسقط حقه في ذلك لمجرد مخالفته لنص المادة (65) سالفة البيان، دون توقيع الغرامة عليه إن لم يترتب على ذلك تأجيل نظر الدعوى بسبب هذه المخالفة كما لو كانت المستندات يتوقف تسليمها للمدعی على تصريح من المحكمة فلا تقدم عند قيد الدعوى أو بالجلسة الأولى فتقرر المحكمة التأجيل وتصرح للمدعي باستخراج المستندات من الجهة التي يحددها أو تكون المستندات مودعة بدعوى أخرى ورفضت المحكمة تسليمها للمدعي ، ففي هذه الحالات وما يماثلها يتوافر العذر لدى المدعى ويحول بينه وبين تقديم مستنداته على النحو الذي تتطلبه المادة (65) ومن ثم تقرر المحكمة التأجيل دون تغريم المدعي.

أما إذا انتفى هذا العذر، وتقدم الخصم بمستنداته بأول جلسة، تعين على المحكمة قبولها ولو ترتب على ذلك تأجيل الدعوى كما لو طلب الخصم الآخر أجلاً للإطلاع على تلك المستندات، وكل ما للمحكمة في هذه الحالة أن تحكم على من قدمها بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه ولا تقضي المحكمة بهذه الغرامة إذا قررت بأول جلسة حجز الدعوى للحكم وصرحت بالاطلاع على المستندات المقدمة وتبادل المذكرات، لأن مناط القضاء بالغرامة هو التأجيل الجلسة مرافعة تالية أما التأجيل لجلسة النطق بالحكم فلا يعتبر تأجيلاً بالمعنى الذي عنته المادة (97).

وإذا تضمنت المرافعة الشفوية دفاعاً أو طلباً عارضاً من أحد الخصوم، جاز للخصم الآخر أن يطلب أجلاً لتقديم مستندات رداً على ما أثاره خصمه دون أن يتعرض للغرامة سالفة البيان حتى لو كان المدعى عليه قد أشار إلى طلبه العارض بالمذكرة التي قدمها لقلم الكتاب إن كان قد تم الإشارة بها إليه ما يتعذر على المدعي تقديم المستند المتضمن الرد عليه لقلم الكتاب إذ لا يتسع نص المادة (65) لذلك ولا يكون أمامه إلا تقديمه بأول جلسة ، ويدل نص الفقرة الثانية من المادة (97) على أن الدفاع أو الطلب العارض هو الذي يقدم بالجلسة الأولى.

والمراد بالجلسة الأولى هي الجلسة التي يمكن للمحكمة فيها حجز الدعوى للحكم بأن يكون المدعى عليه قد أعلن لشخصه أو التي يحضر فيها إن لم يكن قد أعلن لشخصه، فلا يراد بها الجلسة المحددة بصحيفة الدعوى ما لم يتوافر الإعلان أو الحضور على نحو ما تقدم، ذلك لأن المرافعة غير جائزة إلا بعد إنعقاد الخصومة بإستيفاء الشكل الذي نص عليه القانون مما مؤداه أن أي طلب في موضوع الدعوى لا يعد مطروحاً على المحكمة قبل ذلك. (نقض 1988/4/17 طعن 452 س 55 ق).

وإذا رأت المحكمة التأجيل للإطلاع على المستندات، وجب عليها ألا تؤجل إلا لمرة واحدة ولمدة لا تجاوز أسبوعين ، وتلك قاعدة تنظيمية لا يترتب البطلان على مخالفتها، والمخاطب بها، هي محكمة الدرجة الأولى التي تخضع في تطبيق المادة (97) لرقابة المحكمة الإستئنافية ، بحيث إن أغفلت الحكم بالغرامة، قضت بها المحكمة الاستئنافية ومن تلقاء نفسها وهو ما يتسع له نطاق الإستئناف .(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء : الثاني  ، الصفحة : 555)

 

أولاً : ليس للمحكمة أن توقع الغرامة المنصوص عليها في هذه المادة إلا إذا توافرت الشروط الآتية :

1- ألا يكون لدى الخصم عذر منعه من تقديم المستندات في الميعاد الذي حددته المادة 65.

2- أن يترتب علي تقديم المستند تأجيل نظر الدعوى فإذا قبل الخصم المستند ولم يطلب أجلاً للاطلاع عليه امتنع علي المحكمة توقيع الغرامة.

3- ألا يكون هناك سبب آخر لتأجيل الدعوى خلاف تقديم المستندات.

4 - أن تقبل المحكمة المستند ، أما إذا رفضته فإنها لا توقع الغرامة . والغرامة التي توقعها المحكمة علي مقدم المستند علي النحو السابق فضلاً عن أنها وجوبية تلتزم المحكمة بتوقيعها فهي حكم بصريح نص المادة ومؤدى ذلك أنه يتعين عليها أن تحرر له أسباباً ويجوز الطعن عليه طبقاً للقواعد العامة في الطعن .

ثانياً : المقصود ( بأول جلسة ) التي تجري فيها المرافعة هي الجلسة التي تستكمل فيها الدعوى شكلها .

ثالثاً : لما كانت الطلبات العارضة التي تقدم من المدعي أو المدعى عليه أثناء نظر الدعوى بمثابة خصومة جديدة لم تكن مطروحة على المحكمة من قبل فقد أجاز المشرع للخصم الأخر بأن يقدم مستندات جديدة رداً علي الطلبات العارضة التي لم تكن مطروحة من قبل.

رابعاً : يجوز للخصم أن يقدم مستنداته ومذكراته بالجلسة سواء حضرها خصمه الأخر أو تغيب عن حضورها ولا يلتزم بإعلانها لخصمه الغائب إلا أنه إذا أبدي طلبات جديدة أو عدل طلباته وكان خصمه غائبة فإنه يتعين عليه إعلانه بها .

خامساً : تسري هذه المادة علي دعاوى الأحوال الشخصية سواء بالنسبة للمصريين أو بالنسبة للأجانب وسواء بالنسبة للمسائل المتعلقة بالولاية علي النفس أو بالمسائل المتعلقة بالولاية علي المال وذلك عملاً بالمادة الأولي من قانون إصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 التي نصت علي أن يطبق فيما لم يرد بشأنه نص خاص فيه أحكام قانون المرافعات .

لا يجوز للمحكمة أن تسمع مرافعة في الدعوى قبل انعقاد الخصومة فيها :

من المقرر أن إنعقاد الخصومة شرط لسماع المرافعة في الدعوى فما لم تنعقد لا يصح للخصوم أن يترافعوا فيها فإذا ترافع المدعى قبل أن يعلن المدعى عليه بصحيفة الدعوى ورغم عدم حضوره وبالتالي لم تتعقد الخصومة عملاً بالمادة 18 مرافعات فإن مرافعته لا تعد مطروحة علي المحكمة ومن ثم يتعين عليه أن يعود لترديدها بعد أن تنعقد الخصومة فإن لم يفعل وعولت المحكمة عليها في قضائها كان حكمها مشوباً بالبطلان .

إلتزام المحكمة بتأجيل الدعوى لتغيير المحامي الموكل قاصر علي حالة تنازل المحامي عن التوكيل :

من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتأجيل نظر الدعوى ما دام أنها قد أتاحته الفرصة للخصوم لإبداء دفاعهم وكانت الدعوى مستوفاة ولكنها تلتزم بذلك في حالة تنازل المحامي عن التوكيل وذلك ليتمكن الخصم من توكيل محام آخر المباشرة دعواه وذلك عملاً بنص المادة 92 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983.

الطعن في الحكم الصادر في الغرامة :

كانت المادة 108 من القانون القديم تمنع الطعن في حكم الغرامة الصادر من المحكمة علي يد الذي يقدم مستنداً كان في إمكانه تقديمه وقت إيداع الصحيفة إلا أن المشرع في المادة 97 من القانون الجديد لم يورد هذا المبدأ ومقتضي ذلك أن يرجع في جواز الطعن في الغرامة إلى القواعد العامة .(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء الثاني ،  الصفحة : 1021)

وفقاً للمادة 97 - محل التعليق - فإن المرافعة تجري في أول جلسة، والمقصود بالجلسة الفترة الزمنية التي يجلس فيها القاضي (أو القضاة) في حجرة بمبنى المحكمة التي رفعت إليها الدعوى يساعده أحد الكتبة ويتصل فيها مباشرة بالخصوم ومحاميهم لنظر القضية ويحدد تاريخ الجلسة في صحيفة الدعوى عند إيداعها قلم الكتاب في حضور المدعي أو من يمثله (مادة 67)، وبهذا يتصل تاريخ الجلسة بعلمه، ويتحقق علم المدعى عليه به بإعلانه بصورة من صحيفة الدعوی.

والأصل أن تنظر القضية في أول جلسة، ولكن هذا لا يحدث في أغلب الأحوال من الناحية العملية ، فقد تقرر المحكمة تأجيل نظر الدعوى إلى جلسة أخرى، وذلك إما قبل البدء في نظر الدعوى أو أثناء نظرها لها. وهذا القرار قد يصدر من تلقاء نفس المحكمة لأي سبب يقتضيه (فتحی والی - بند 276 ص 466)، كما لو وجدت أن جدول الجلسة مزدحم بقضايا أكثر مما تستطيع نظره في يوم واحد، وقد يصدر بناءً على طلب أحد الخصوم، وعلى المحكمة إجابة الخصم إلى طلبه تأجيل نظر الدعوى، إذا كان هذا التاجيل مما يقتضيه صيانة حق الدفاع، كما لو طلب الخصم الذي قدم في مواجهته طلب عارض التأجيل للرد على هذا الطلب، وتقديم ما لديه من مستندات رداً عليه ، أما إذا تبين للمحكمة أن الدعوى مستوفاة فهي ليست ملزمة بالإستجابة للطلب .

(نقض 18/11/1975 - سنة 26 ص 1414)، والمحكمة دائماً هي التي تحدد : حسب تقديرها التاريخ الذي تؤجل الجلسة إليه فتحی والی - بند 276 ص 466). 

والمقصود بالجلسة الأولى الجلسة التي يتم فيها انعقاد الخصومة بتمام المواجهة سواء لإعلان المدعى عليه بشخصه أو لغير شخصه مع لزوم إعادة إعلانه، أو إعادة إعلانه في الحالات التي يلزم فيها ذلك، إذ أن المرافعة غير جائزة إلا بعد إنعقاد الخصومة باستيفاء الشكل الذي نص عليه القانون، مما مؤداه أن أي طلب في موضوع الدعوى لا يعد مطروحاً على المحكمة قبل ذلك.

(نقض 17/4/1988  ، طعن 452 لسنة 55 قضائية سنة 39 ص 622).

ويجب على المحكمة في جميع الأحوال أن تقبل المستندات التي يقدمها إليها الخصوم حتى لو كانت مقدمة من المدعي مع إنتفاء العذر الذي منعه من تقديمها في الميعاد المقرر في المادة 65 ، إذ كل ما لها في هذه الحالة هو توقيع الغرامة التي قررها النص.

والأصل أن المحكمة لا تلتزم بإجابة الخصم إلى طلب التأجيل لتقديم مستندات متى رأت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها .

(نقض 1988/11/3 ، طعن رقم 2346  لسنة 51 قضائية ، نقض 1975/11/18 سنة 26 ص 1414).

ولكن يرد على ذلك قيدان جوهريان أولهما حالة ما إذا كان حصول الخصم - ولو كان الدعى - على المستندات يستلزم تصريحاً من المحكمة، وثانيهما إذا كان الخصم الآخر قد أبدى دفاعاً جديداً أو طلباً عارضاً فيكون من حق خصمه طلب التأجيل لتقديم مستندات رداً على ذلك. (كمال عبد العزيز - ص 598).

وتحضر الدعوي بإيداع المستندات والمذكرات قبل الجلسة، ولذلك نص القانون في المادة 97 على أن تجرى المرافعة في أول جلسة أي ألجلسة التي تستكمل فيه الدعوى شكلها، ولكن هذا لا يمنع المحكمة من أن تقبل مستندات من الخصوم، فللمدعي أن يقدم مستندات في جلسة المرافعة ولو كان في مكانه تقديمها وقت إيداع الصحيفة قلم الكتاب، فإذا ترتب على قبول مستندات كان في إمكان المدعي تقديمها مع صحيفة الدعوى تأجيل الدعوى حكمت المحكمة عليه بغرامة. لا تقل عن مائة جنيه، ولا تجاوز خمسمائة جنيه، كذلك تقبل المحكمة من المدعى عليه في جلسة المرافعة مستندات كان في إمكانه تقديمها في الميعاد المنصوص عليه في المادة 65 أي قبل الجلسة بثلاثة أيام، فإذا ترتب على تقسيمها تأجيل الدعوى حكمت عليه المحكمة بغرامة لا تقل عن مائة جنيه، ولاتزيد على خمسمائة جنيه، على أن يكون التأجيل لمرة واحدة ولا تجاوز مدته أسبوعين.

ولكل من المدعي والمدعى عليه أن يقدم مستنداً رداً على دفاع خصمه أو طلباته العارضة (مادة 970 / 2 ) ، كما أن لكل خصم أن يطلب تأجيل الدعوى للاطلاع على المستندات التي يقدمها خصمه والرد عليها، وفي هذه الحالة تحدد المحكمة المواعيد التي يجب أن يتم فيها والتي تراها مناسبة.

ويلاحظ أن المادة 108 من القانون السابق كانت تمنع الطعن في حكم الغرامة الصادر من المحكمة على المدعى الذي يقدم مستنداً كان في إمكانه تقديمه وقت إيداع الصحيفة إلا أن المشرع في المادة 97 من القانون الحالي لم يورد هذا المبدأ، ومقتضى ذلك أن يرجع في جواز الطعن في الغرامة إلى القواعد العامة.

وقد عدلت المادة 97 بالقانون 23 لسنة 1992 ، وكانت هذه المادة قبل تعديلها تنص في فقرتها الأولى على أن الغرامة التي يقضي بها على من قدم مستنداً ترتب عليه تأجيل الدعوى لا تقل عن ثلاثة جنيهات، ولا تجاوز عشرين جنيهاً فأدخل المشرع تعديلاً على هذه الغرامة حيث أصبحت ثلاثين جنيهاً في حدها الأدنى ومائتي جنيه في حدها الأقصى، وقد برر المشرع هذا التعديل على ما جاء بالمذكرة الإيضاحية بانخفاض أسعار العملة.

وقد أوجب المشرع الحكم بالغرامة على المدعى أو المدعى عليه الذي يتقدم بمستندات كان في إمكانه تقديمها في الموعد المقرر في المادة 65 - وهو وقت تقديم صحيفة الدعوى بالنسبة للمدعي وقبل اليوم المحدد للجلسة بثلاثة أيام بالنسبة للمدعى عليه كما ذكرنا آنفاً .

وطبقاً للمادة 97 - محل التعليق - أصبح المناط في قبول المستند أو عدم قبوله هو ما إذا كان يترتب على تقديمه تأجيل نظر الدعوى أو لايترتب، فإذا كان لا يترتب على تقديمه تأجيل نظر الدعوى قبلته المحكمة، ولو كان المشرع قد أوجب في الأصل تقديمه مع تقديم صحيفة الدعوي بالنسبة إلى المدعى أو قبل الجلسة بثلاثة أيام على الأقل بالنسبة للمدعي عليه (عن طريق الإبداع في قلم الكتاب).

أما إذا كان يترتب على قبول المستند تأجيل الدعوى فإن المحكمة تحكم على مقدم المستند بالغرامة المقررة في المادة 97 مرافعات - محل التعليق .

وإذا رفضت المحكمة المستند فلاتملك الحكم بأية غرامية وألا تكون قد خالفت حكم القانون، كذلك إذا لم يترتب على قبول المستند تأجيل الدعوى فالمحكمة لا تملك الحكم بغرامة وإلا تكون قد خالفت القانون.

وإذا كان تأجيل القضية أمر تحتمه الظروف لأي سبب من الأسباب فليس ثمة ما يمنع من قبول أي مستند دون الحكم بأية غرامة.

وبداهة لاتحكم المحكمة أيضاً بأية غرامة وعليها قبول المستند إذا كان للخصم عذر في عدم تقديمه في الميعاد المقرر في المادة 65.

ولا تملك المحكمة الحكم بالغرامة المنصوص عليها في المادة 97 إلا بتوافر الشروط الآتية:

1- الشرط الأول: أن الخصم ليس لديه أي عذر يعفيه من تقديم المستند في الميعاد المقرر في المادة 65.

2- الشرط الثاني : أن الدعوى سوف تؤجل حتماً .

3- الشرط الثالث : أن هذا التأجيل نتيجة حتمية لتقديم المستند .

4- الشرط الرابع : أن لا يوجد أي سبب آخر لتأجيل الدعوى .

5- الشوط الخامس : أن تقبل المحكمة المستند ، أما إذا رفضته فإنها لا توقع الغرامة . وتملك المحكمة في جميع الأحوال تفادي الحكم بالغرامة إذا رأت أن العدالة تقتضى ذلك ، وتقبل المستند مع تأجيل نظر الدعوى الإستجواب الخصوم مثلاً أو لاتخاذ أي إجراء من إجراءات الإثبات يحسب ظروف كل قضية أحمد أبوالوفا التعليق ص 446 و ص 447) .

ويملك الخصم تقديم مستنداته ومذكراته في الجلسة، ولو في غياب خصمه، ولا يلتزم بإعلانها لخصمه الغائب، إذ تفترض أن يتابع كل خصم دعواه، ويطلع على ما بیدی. في جلساتها من دفاع وما يقدم فيها من أوراق.

(نقض 1979/3/19 ، طعن رقم 2 لسنة 46 قضائية).

ولكن إذا أبدى الخصم طلبات جديدة أو عدل طلباته وكان خصمه غائباً فإنه يتعين عليه إعلانه بها.

ولما كانت الطلبات العارضة التي تقدم من المدعى أو المدعى عليه أثناء نظر الدعوى هي بمثابة خصومة جديدة لم تكن مطروحة على المحكمة من قبل فقد أجاز المشرع للخصم الآخر لإبداء دفاعه بأن يقدم مستندات جديدة رداً على الطلبات العارضة التي لم تكن مطروحة من قبل.

ويلاحظ عدم قبول أوراق أو مذكرات في غير الجلسات المحددة لنظر الدعوى دون إطلاع الخصم الآخر عليها إلا أن تودع رفق صحيفة الدعوى (مادة 168 و 65)، ولا يسوغ الخروج على ذلك، ولو أذنت به المحكمة.

(نقض 1988/1/19 ، طعن رقم 2001 لسنة 53 قضائية).

وقد عدل المشرع في الفقرة الأولى من المادة بالقانون 18 لسنة 1999 ذلك أن النص قبل تعديله كان يقضي بأنه في حالة ما إذا تقدم أحد الخصوم بمستند كان في إستطاعته تقديمه قبل الجلسة فإن المحكمة تقبله بدون غرامة إن كان لا يترتب على قبوله تأجيل الدعوى، أما إذا ترتب على قبول المستند تأجيل الدعوى حكمت عليه بغرامة لاتقل عن ثلاثين جنيهاً ، ولا تجاوز مائتي جنيه فعدل المشرع النص بأن اشترط لقبول المستند الذي يترتب على قبوله تأجيل نظر الدعوى بأن يكون ذلك تحقيقاً للعدالة، ومؤدى ذلك أنه يجوز للمحكمة أن ترفض قبول المستند إذا كان تقديمه من شأنه تأجيل نظر الدعوى، وفي الوقت نفسه لا يفيد في تحقيق العدالة.

وإذا قبلت المحكمة المستند الذي ترتب عليه تأجيل نظر الدعوى فيتعين كما سلف القول أن يكون في قبولها له تحقيق العدالة بمعنى أن يكون منتجاً في النزاع ومقتضى ذلك أنه يجب على المحكمة أن تبحث المستند التي تبين ما إذا كان منتج في النزاع أم لا لتتوصل إلى القرار الذي تتخذه ويجوز لها أن تستوضح الخصوم في شأنه، ولا يشترط أن يكون بحثها له بحثاً دقيقاً بل يكفي أن يتبين لها من ظاهرة ما إذا كان منتجاً في النزاع أم غير منتج فإن تبين لها أنه منتج قبلته وأوقعت الغرامة على مقدمه، أما إذا كان غير منتج رفضته فإذا لم تتوصل إلى قرار بشأنه إلا مع الفصل في الدعوى قبلته وأوقعت الغرامة.

وفي حالة ما إذا رفضت المحكمة المستند تعين عليها أن تبين في محضر الجلسة ملخصاً له ، وأسباب رفضها له ويكفي أن تذكر أنه غير منتج في النزاع ويجب عليها أن تؤشر على هذا المستند بأنه قدم لها، ورفضته ويجوز للمحكمة الإستئنافية أن تقبل المستند إذا رأت أن رفض محكمة أول درجة له غیر سدید . (الدناصورى وعكاز - ص 43  وص 44).

وكانت الغرامة التي تقضي بها الحكمة على مقدم السند الذي قبلته قبل تعديل النص لاتقل عن ثلاثين جنيهاً، ولا تجاوز مائتي جنيه فرفعها . المشرع في حدها الأدنى إلى مائة جنيه، وفي حدها الأقصى إلى خمسمائة جنيه، وهذا النص يسنرى أيضاً على محكمة الإستئناف إلا أنه لا يسرى على محكمة النقض لأنها محكمة قانون، ومن ثم لايجوز أن يقدم إليها مستند لم يكن معروضاً على محكمة الموضوع .

والغرامة التي توقعها المحكمة على مقدم المستند على النحو السابق فضلاً عن أنها وجوبية تلتزم المحكمة بتوقيعها فهي حكم بصريح نص المادة ومؤدى ذلك أنه يتعين عليها أن تحرر له أسباباً ويجوز الطعن عليه طبقاً للقواعد العامة في الطعن. (الدناصورى وعكاز - ص 45).(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء / الثاني  ،  الصفحة : 763)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الرابع ، الصفحة / 102

اسْتِمْهَال

التَّعْرِيفُ:

الاِسْتِمْهَالُ فِي اللُّغَةِ. طَلَبُ الْمُهْلَةِ. وَالْمُهْلَةُ التُّؤَدَةُ وَالتَّأْخِيرُ.

وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَ «الاِسْتِمْهَالَ. بِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ بِهِ أَهْلُ اللُّغَةِ.

حُكْمُ الاِسْتِمْهَالِ:

الاِسْتِمْهَالُ قَدْ يَكُونُ مَشْرُوعًا، وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَشْرُوعٍ:

أ - الاِسْتِمْهَالُ الْمَشْرُوعُ، وَهُوَ عَلَى أَنْوَاعٍ:

النَّوْعُ الأْوَّلُ: الاِسْتِمْهَالُ لإِثْبَاتِ حَقٍّ، كَاسْتِمْهَالِ الْمُدَّعِي الْقَاضِي لإِحْضَارِ الْبَيِّنَةِ، أَوْ مُرَاجَعَةِ الْحِسَابِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَدْ فَصَّلَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى.

النَّوْعُ الثَّانِي: الاِسْتِمْهَالُ الْوَارِدُ مَوْرِدَ الشَّرْطِ فِي الْعُقُودِ، كَاشْتِرَاطِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ تَرْكَ مُهْلَةٍ لَهُ لِلتَّرَوِّي، كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ، وَاشْتِرَاطُ الْمُشْتَرِي إمْهَالَ الْبَائِعِ لَهُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ.

النَّوْعُ الثَّالِثُ: الاِسْتِمْهَالُ الَّذِي هُوَ مِنْ قَبِيلِ التَّبَرُّعِ، كَاسْتِمْهَالِ الْمَدِينِ الدَّائِنَ فِي وَفَاءِ الدَّيْنِ . وَاسْتِمْهَالِ الْمُسْتَعِيرِ الْمُعِيرَ فِي رَدِّ مَا اسْتَعَارَهُ مِنْهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي أَبْوَابِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.

ب - الاِسْتِمْهَالُ غَيْرُ الْمَشْرُوعِ:

وَمِنْهُ الاِسْتِمْهَالُ فِي الْحُقُوقِ الَّتِي اشْتَرَطَ فِيهَا الشَّارِعُ الْفَوْرِيَّةَ، أَوِ الْمَجْلِسَ، كَاسْتِمْهَالِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الآْخَرَ فِي تَسْلِيمِ الْبَدَلِ فِي بَيْعِ الصَّرْفِ وَاسْتِمْهَالِ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِي تَسْلِيمِهِ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي بَيْعِ السَّلَمِ.

وَمِنْ الاِسْتِمْهَالِ مَا يُسْقِطُ الْحَقَّ، كَاسْتِمْهَالِ الشَّفِيعِ الْمُشْتَرِي لِطَلَبِ الشُّفْعَةِ  كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ، وَكَاسْتِمْهَالِ الزَّوْجَةِ الصَّغِيرَةِ - إِذَا بَلَغَتْ - فِي الإْفْصَاحِ عَنْ اخْتِيَارِهَا زَوْجَهَا أَوْ فِرَاقِهِ  كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي خِيَارِ الْبُلُوغِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.

مُدَّةُ الْمُهْلَةِ الَّتِي تُعْطَى فِي الاِسْتِمْهَالِ:

مُدَّةُ الْمُهْلَةِ إمَّا مُحَدَّدَةٌ مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ فَتُلْتَزَمُ، كَإِمْهَالِ الْعِنِّينِ سَنَةً، كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ. وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَإِمَّا مَتْرُوكَةٌ لِلْقَضَاءِ، كَمُهْلَةِ الْمُدَّعِي لإِحْضَارِ الْبَيِّنَةِ، وَإِمْهَالِ الزَّوْجَةِ لِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا لِزَوْجِهَا بَعْدَ قَبْضِهَا الْمَهْرَ بِقَدْرِ مَا تُنَظِّفُ نَفْسَهَا وَتَتَهَيَّأُ لَهُ. وَإِمَّا اتِّفَاقِيَّةٌ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، كَإِمْهَالِ الدَّائِنِ لِلْمَدِينِ فِي وَفَاءِ الدَّيْنِ، اُنْظُرْ مُصْطَلَحَ (أَجَل).

حُكْمُ إجَابَةِ الْمُسْتَمْهِلِ:

أ- يَجِبُ الإْمْهَالُ فِي حَالاَتِ الاِسْتِمْهَالِ لإِثْبَاتِ حَقٍّ، وَالاِسْتِمْهَالِ الَّذِي هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْمُطَالَبَةِ بِحَقٍّ، وَالاِسْتِمْهَالِ الْوَارِدِ مَوْرِدَ الشَّرْطِ فِي الْعُقُودِ.

ب - يُنْدَبُ الإْمْهَالُ عِنْدَمَا يَكُونُ الإْمْهَالُ مِنْ قَبِيلِ التَّبَرُّعِ.

ج - يَحْرُمُ الإْمْهَالُ فِي الْحُقُوقِ الَّتِي اشْتَرَطَ فِيهَا الشَّارِعُ الْفَوْرِيَّةَ أَوِ الْمَجْلِسَ، لأِنَّ الإْمْهَالَ فِيهَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِهَا. كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ فِي الأْبْوَابِ الَّتِي أَشَرْنَا إلَيْهَا عِنْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْحَالاَتِ.

د - يَبْطُلُ الْحَقُّ فِي مِثْلِ الْحَالاَتِ الَّتِي أَشَرْنَا إلَيْهَا فِي (ف 3).

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / التاسع والثلاثون ، الصفحة / 210

مُهْلَةٌ

التَّعْرِيفُ:

الْمُهْلَةُ فِي اللُّغَةِ: السَّكِينَةُ وَالرِّفْقُ يُقَالُ: مَهَلَ فِي فِعْلِهِ مَهْلاً: تَنَاوَلَهُ بِرِفْقٍ وَلَمْ يَعْجَلْ وَأَمْهَلَهُ: لَمْ يُعَجِّلْهُ وَأَنْظَرَهُ وَرَفَقَ بِهِ وَمَهَّلَهُ تَمْهِيلاً: أَجَّلَهُ.

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى فِي الاِصْطِلاَحِ عَنْ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الأَْجَلُ:

الأَْجَلُ لُغَةً: مَصْدَرُ أَجِلَ الشَّيْءُ أَجَلاً مِنْ بَابِ تَعِبَ وَأَجَلُ الشَّيْءِ: مُدَّتُهُ وَوَقْتُهُ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ.

وَاصْطِلاَحًا: قَالَ الْبَرَكَتِيُّ: هُوَ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ الْمَحْدُودُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.

وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْمُهْلَةِ وَالأَْجَلِ هِيَ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ فَكُلُّ مُهْلَةٍ أَجَلٌ وَلَيْسَ كُلُّ أَجَلٍ مُهْلَةً فَقَدْ يُحَدِّدُ الشَّرْعُ أَوْقَاتًا لِلْحُكْمِ كَمُدَّةِ الْحَمْلِ وَالْعِدَّةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ دُونَ تَأْخِيرٍ فِي تَنْفِيذِهِ دَائِمًا كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْمُهْلَةِ.

ب - الْمُدَّةُ:

الْمُدَّةُ لُغَةً: الْبُرْهَةُ مِنَ الزَّمَانِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَالْجَمْعُ مُدَدٌ مِثْلُ غُرْفَةٍ وَغُرَفٌ.

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ

وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْمُهْلَةِ وَالْمُدَّةِ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ فَكُلُّ مُهْلَةٍ مُدَّةٌ وَلَيْسَتْ كُلُّ مُدَّةٍ مُهْلَةً.

 

الإِْمْهَالُ فِي الدَّعْوَى

الإِْمْهَالُ فِي الدَّعْوَى إِِمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمُدَّعِي أَوْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:

إِِمْهَالُ الْمُدَّعِي

إِِذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي مُهْلَةً لِيُقَدِّمَ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ فَإِنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَرَوْنَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ لَمْ يُسْتَحْلَفْ وَقِيلَ لِخَصْمِهِ أَعْطِهِ كَفِيلاً بِنَفْسِكَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ كَيْلاَ يَضِيعَ حَقُّهُ بِتَغْيِيبِهِ نَفْسَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِلْمُدَّعِي وَلَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ ضَرَرٍ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لأَِنَّ الْحُضُورَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ إِِذَا طَلَبَهُ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لاَ يَلْزَمَ الْكَفِيلَ لأَِنَّ الْحَقَّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بَعْدُ.

وَالتَّقْدِيرُ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله  وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِمَا بَيْنَ مَجْلِسَيِ الْقَضَاءِ حَتَّى إِِذَا كَانَ يَجْلِسُ فِي كُلِّ يَوْمٍ يُكْفَلُ إِِلَى الْيَوْمِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ يَجْلِسُ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا يُكْفَلُ إِِلَى عَشَرَةٍ

 

فَإِنْ أَبَى لاَزَمَهُ حَيْثُ صَارَ.

وَالشَّافِعِيَّةُ يَرَوْنَ إِِمْهَالَهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.

وَقِيلَ: عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُمْهَلُ أَبَدًا لأَِنَّ الْيَمِينَ حَقُّهُ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ إِِلَى أَنْ يَشَاءَ كَالْبَيِّنَةِ. وَهَلِ الإِْمْهَالُ عِنْدَهُمْ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ وَجْهَانِ.

أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَإِنَّهُمْ تَرَكُوا تَقْدِيرَ مُدَّةِ الإِْمْهَالِ إِِلَى الْقَاضِي.

أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ سَأَلَ الْقَاضِيَ مُلاَزَمَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أُجِيبَ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهَا فِي الْمَجْلِسِ صَرَفَهُ وَلاَ يَجُوزُ حَبْسُهُ وَلاَ يُلْزَمُ بِإِقَامَةِ كَفِيلٍ وَلَوْ سَأَلَهُ الْمُدَّعِي ذَلِكَ.

إِِمْهَالُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

إِِذَا طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُهْلَةً لِيَأْتِيَ بِحُجَّةٍ أَوْ يَنْظُرَ فِي حِسَابِهِ فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يَرَوْنَ إِِمْهَالَهُ.

 

 

إِِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ أَرْجَعُوا تَحْدِيدَ مُدَّةِ الإِْمْهَالِ إِِلَى الْقَاضِي.

وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ الإِْمْهَالَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.

13 - وَإِذَا اسْتُحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَطَلَبَ الإِْمْهَالَ فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ عَرْضِ الْقَاضِي عَلَيْهِ الْيَمِينَ مَرَّتَيْنِ يُمْهِلُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ إِِذَا جَاءَ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَقَالَ: لاَ أَحْلِفُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لاَ يَقْضِي عَلَيْهِ حَتَّى يَنْكُلَ ثَلاَثَةً وَيَسْتَقْبِلَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَلاَ يُعْتَبَرُ نُكُولُهُ قَبْلَ الاِسْتِمْهَالِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا اسْتُحْلِفَ فَطَلَبَ الإِْمْهَالَ لِيَنْظُرَ حِسَابَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُمْهِلُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.

وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يُمْهَلُ إِلاَّ بِرِضَا الْمُدَّعِي لأَِنَّهُ مَقْهُورٌ عَلَى الإِْقْرَارِ وَالْيَمِينِ بِخِلاَفِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ مُخْتَارٌ فِي طَلَبِ حَقِّهِ وَتَأْخِيرِهِ.

إِذَا طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُهْلَةً لِيُقَدِّمَ الْبَيِّنَةَ الْمُجَرِّحَةَ فِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ عَلَيْهِ أَمْهَلَهُ الْقَاضِي عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.

وَلَهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَقْدِيرِ مُدَّةِ الإِْمْهَالِ أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ وَالْحَنَابِلَةُ فَإِنَّهُ يُمْهِلُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ غَيْرَ يَوْمَيِ الإِْمْهَالِ وَالْعَوْدَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُمْهِلُهُ يَوْمًا فَقَطْ.

وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّعْوَى: قَضَيْتُهُ أَوْ أَبْرَأَنِي وَذَكَرَ لَهُ بَيِّنَةً بِالْقَضَاءِ أَوِ الإِْبْرَاءِ وَسَأَلَ الإِْنْظَارَ أُنْظِرَ ثَلاَثًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.

وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى الْعَبْدُ أَدَاءَ مَالِ الْكِتَابَةِ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ وَأَرَادَ الْعَبْدُ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ أُمْهِلَ ثَلاَثًا.

وَلَكِنْ هَلِ الإِْمْهَالُ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟

وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا الْوُجُوبُ.