وإذا كان القانون رقم 100 لسنة 1962 قد عدل من المادتين 132 و 143 من القانون القائم بما يجعل الاختصاص بسبب قيمة الدعوى غير متعلق بالنظام العام مستنداً في ذلك إلى أن تشكيل المحكمة الجزئية والمحكمة الابتدائية اضحي من قاضٍ واحد على السواء وذلك في ظل العمل بنظام القاضي الفرد بالمحاكم الابتدائية، ولما كان قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1995 قد ألغى العمل بهذا النظام فقد رأى المشروع أن يعود بالاختصاص بسبب قيمة الدعوى إلى دائرة الاختصاص المتعلق بالنظام العام وهو ما اقتضى تعديلاً أبرزه المشروع في المادتين 108 و 109 منه.
1- مؤدى نص المادة 109 من قانون المرافعات أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها من النظام العام، تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى، ومن أجل ذلك تعتبر مسألة الاختصاص الولائي قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على محكمة الموضوع، وعليها أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها، ويعتبر الحكم الصادر منها في الموضوع مشتملاً على قضاء ضمني باختصاصها ولائياً، ومن ثم فإن الطعن بالنقض على الحكم الصادر منها يعتبر وارداً على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص، سواء أثارها الخصوم في الطعن أو لم يثيروها، أبدتها النيابة أو لم تبدها، باعتبار أن هذه المسألة - وفي جميع الحالات - تعتبر داخلة في نطاق الطعون المطروحة على هذه المحكمة .
( الطعن رقم 21190 لسنة 89 ق - جلسة 19 / 2 / 2024 )
2- يجوز لمحكمة النقض من تلقاء نفسها، كما يجوز للخصوم وللنيابة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه، وكان مؤدى نص المادة 109 من قانون المرافعات أن مسألة الاختصاص بسبب نوع الدعوى أو قيمتها من النظام العام فتعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائما على المحكمة ويعتبر الحكم الصادر في الموضوع مشتملا حتما على قضاء ضمني فيها، وكان من المقرر أن اختصاص محكمة الإفلاس بالدعاوى الناشئة عن التفليسة مما يتعلق بالنظام العام وينحصر اختصاصها وفقا لهذا الأمر، بما مقتضاه أنه إذا لم تكن الدعوى كذلك تختص بها المحاكم المدنية وفقا للقواعد العامة في الاختصاص، وكان يتعين على محكمة الموضوع إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني الصحيح للوقوف على القانون الواجب تطبيقه على الواقعة المطروحة عليها ومدى اختصاصها بنظرها، وكان مفاد نص المادتين 54 من قانون المرافعات، 560/ 2 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 أن مسائل الإفلاس التي تختص بها نوعيا المحكمة التي أصدرت الحكم بشهر الإفلاس هي تلك التي تكون ناشئة عنه أو تلك المتعلقة بإدارة التفليسة وبوجه عام جميع المنازعات المتفرعة عنها التي تطبق بشأنها أحكام الإفلاس ويلزم للحكم فيها تطبيق قواعده، أما تلك التي تخرج عن هذا النطاق فإنها تخضع للقواعد التي ينظمها القانون المدني .
( الطعن رقم 9274 لسنة 76 ق - جلسة 18 / 1 / 2023 )
3 ـ المقرر بنص المادة 109 من قانون المرافعات أن مسألة الاختصاص الولائى والنوعى والقيمى تتعلق بالنظام العام فتعتبر قائمة فى الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة ويعتبر الحكم الصادر فى الموضوع مشتملاً حتماً على قضاء ضمنى فيها ، والطعن على الحكم الصادر فى الموضوع ينسحب بالضرورة وبطريق اللزوم على القضاء فيه سواء أثار الخصوم مسألة الاختصاص أو لم يثيروها وسواء أبدتها النيابة العامة أو لم تبدها فواجب المحكمة يقتضيها أن تتصدى لها من تلقاء ذاتها .
(الطعن رقم 29 لسنة 85 جلسة 2015/12/08)
4 ـ مفاد نص المادة 109 من قانون المرافعات والمادتين الأولى والسادسة من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن مسألة الاختصاص القيمى تعتبر قائمة فى الخصومة ومطروحة دائماً على محكمة الموضوع وعليها أن تقضى من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها ويعتبر الحكم الصادر منها فى الموضوع مشتملاً على قضاء ضمنى باختصاصها .
(الطعن رقم 3105 لسنة 82 جلسة 2014/05/08)
5 ـ المقرر ـ فى قضاء محكمة النقض ـ أن مؤدى نص المادة 109 من قانون المرافعات أن مسألة الاختصاص بسبب نوع الدعوى أو قيمتها من النظام العام فتعتبر قائمة فى الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة ويعتبر الحكم الصادر فى الموضوع مشتملاً حتماً على قضاء ضمنى فيها .
(الطعن رقم 13095 لسنة 80 جلسة 2013/01/17)
(الطعن رقم 5911 لسنة 79 جلسة 2010/03/21 س 61 ص 388 ق 62)
6 ـ إذ كان إختصاص المحكمة بسبب نوع الدعوى يعتبر مطروحاً دائماً أمامها وعليها أن تفصل فيه من تلقاء نفسها عملاً بنص المادة 109 من قانون المرافعات .
(الطعن رقم 991 لسنة 78 جلسة 2010/02/04 س 61 ص 159 ق 26)
7 ـ إذ كان الثابت أن الطاعن أقام دعواه رقم ...... لسنة 2003 شرعى الجيزة الابتدائية على المطعون ضدها طالباً إلزامها بأن ترد له مقدم الصداق ، وكان النص فى المادة 9 من القانون رقم 1 لسنة 2000 - بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية - على أن تختص المحكمة الجزئية بنظر المسائل الواردة بهذه المادة ...... 4- دعاوى المهر والجهاز والدوطة والشبكة وما فى حكمها " ، وإذ كانت قواعد الاختصاص النوعى وفقاً للمادة 109 من قانون المرافعات من النظام العام وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ، وكان الحكم المطعون فيه قد تصدى لنظر موضوع الدعوى وقضى بتأييد الحكم المستأنف حال كون محكمة أول درجة غير مختصة نوعياً بنظر النزاع فإنه يكون قد قضى ضمناً باختصاصها بما يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 169 لسنة 75 جلسة 2009/12/26 س 60 ص 928 ق 160)
8 ـ أن مسألة الاختصاص بسبب نوع الدعوى وفقاً للمادة 109 من قانون المرافعات من النظام العام فتعتبر قائمة فى الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة إذ الحكم الصادر فى موضوع الدعوى يشتمل حتماً على قضاء ضمنى فى الاختصاص والطعن على الحكم الصادر فى موضوع ينسحب بالضرورة وبطريق اللزوم على القضاء فى الاختصاص سواء أثار الخصوم هذه المسألة أو لم يثيروها وسواء أبدتها النيابة العامة أو لم تبدها ، فواجب محكمة النقض يقتضيها أن تتصدى لها من تلقاء ذاتها .
(الطعن رقم 239 لسنة 69 جلسة 2005/06/14 س 56 ص 612 ق 105)
9 ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن مسألة الاختصاص الولائى تعتبر قائمة فى الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة ، وعليها إذا انتفت ولايتها أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها إعمالاً لنص المادة 109 من قانون المرافعات ويعتبر حكمها الصادر فى الموضوع منطوياً على قضاء ضمنى بالاختصاص وإذا فصل الحكم المطعون فيه فى موضوع النزاع فإنه يكون قد قضى ضمناً برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائى .
(الطعن رقم 2153 لسنة 59 جلسة 2004/05/09 س 55 ع 1 ص 497 ق 90)
10 ـ مؤدى نص المادة 109 من قانون المرافعات أن مسألة الاختصاص بسبب نوع الدعوى أو قيمتها من النظام العام فتعتبر قائمة فى الخصومة ومطروحة دائما على المحكمة ويعتبر الحكم الصادر فى الموضوع مشتملا حتما على قضاء ضمني فيها.
(الطعن رقم 2265 لسنة 64 جلسة 2002/02/28 س 53 ع 1 ص 346 ق 64)
11 ـ أن ما تنعاه الطاعنة.....(من خطأ الحكم المطعون فيه بتأييده الحكم الابتدائي فى قضائه باختصاص هيئات التحكيم بنظر دعوى الضمان الفرعية الموجهة منها إلى شركة التأمين المطعون ضده الرابعة) وإن كان لم يسبق لها التمسك به أمام محكمة الموضوع إلا أنه وقد تعلق بالاختصاص الولائي للمحاكم و هو من النظام العام طبقا للمادة 109 من قانون المرافعات وكانت عناصره الواقعية مطروحة على محكمة الموضوع وورد على ما يشمله الطعن فإنه يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض عملاً بالمادة 253 من ذات القانون .
(الطعن رقم 3492 لسنة 62 جلسة 2000/03/23 س 51 ع 1 ص 464 ق 82)
12 ـ مؤدى نص المادة 109 من قانون المرافعات أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها من النظام العام تحكم به المحكمة من تلقاء ذاتها ويجوز الدفع به فى أية حالة كانت عليها الدعوى، ومن أجل ذلك تعتبر مسألة الاختصاص الولائى قائمة فى الخصومة ومطروحة دائماً على محكمة الموضوع، وعليها أن تقول كلمتها وتقضى فيها من تلقاء ذاتها ، ومن ثم فإن الطعن بالنقض على الحكم الصادر منها فى الاختصاص يعتبر هذه المسالة مطروحة سواء أثارها الخصوم فى الطعن أم لم يثيروها أبدتها النيابة أم لم تبدها باعتبار أن هذه المسألة وفى جميع الحالات تعتبر داخلة فى نطاق الطعون المطروحة على هذه المحكمة.
(الطعن رقم 5037 لسنة 62 جلسة 1999/02/07 س 50 ع 1 ص 197 ق 36)
13 ـ مؤدى نص المادة 109 من قانون المرافعات أن مسألة الاختصاص الولائي بنظر الدعوى من النظام العام, فتعتبر قائمة فى الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة ويعتبر الحكم الصادر فى الموضوع مشتملاً حتماً على قضاء ضمني فيها.
(الطعن رقم 10528 لسنة 66 جلسة 1998/10/28 س 49 ع 2 ص 632 ق 152)
(الطعن رقم 2116 لسنة 66 جلسة 1997/06/29 س 48 ع 2 ص 1034 ق 196)
14- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجوز لمحكمة النقض - كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة وللخصوم - إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولم لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من سرد الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله . وكان مؤدى نص المادة 109 من ذات القانون أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة بسبب نوع الدعوى من النظام العام تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى ومن أجل ذلك تعتبر مسألة الاختصاص بسبب نوع الدعوى قائمة في الخصومة المطروحة دائما على محكمة الموضوع وعليها أن تقضى من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها ، ويعتبر الحكم الصادر منها في الموضوع مشتملًا على قضاء ضمني باختصاصها بنظر الدعوى ، ومن ثم فإن الطعن بالنقض على الحكم الصادر منها يعتبر واردًا على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص سواء أثارها الخصوم في الطعن أم لم يثيروها ، أبدتها النيابة العامة أم لم تبديها باعتبار أن هذه المسألة وفى جميع الحالات تعتبر في نطاق الطعون المطروحة على هذه المحكمة .
(الطعن رقم 7625 لسنة 82 ق - جلسة 12 / 2 / 2023)
(الطعن رقم 978 لسنة 86 ق - جلسة 21 / 2 / 2023)
18- من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز لمحكمة النقض من تلقاء نفسها، إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام، ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع، أو في صحيفة الطعن بالنقض، متى توافرت عناصر الفصل فيها، من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع، ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم، وليس على جزء آخر منه، أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن، وكان النص في المادة 3 / 1 من قانون 10 لسنة 2004 بإنشاء محاكم الأسرة على أنه تختص محاكم الأسرة دون غيرها، بنظر جميع مسائل الأحوال الشخصية، التي ينعقد الاختصاص بها للمحاكم الجزئية والابتدائية، طبقا لأحكام قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم 1 لسنة 2000 وأن النص في المادة 10 / 1 من القانون الأخير على أنه: تختص المحكمة الابتدائية بنظر دعاوى الأحوال الشخصية التي لا تدخل في اختصاص المحكمة الجزئية، ودعاوى الوقف وشروطه والاستحقاق فيه والتصرفات الواردة عليه، وأن النص في المادة الأولى من مواد إصدار قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 على أنه: يعمل في المسائل والمنازعات المتعلقة بالوصية بالأحكام المرافقة لهذا القانون، وأفصحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون، بأنه في الأحوال التي لا يوجد لها حكم فيه، تطبق المحاكم القول الأرجح من مذهب الإمام أبي حنيفة، طبقا للمادة 280 من لائحة المحاكم الشرعية، الصادر بها القانون رقم 78 لسنة 1931، وأن النص في المادة 25 من هذه اللائحة، على أنه: ترفع الدعاوى في مواد إثبات الوراثة والإيصاء والوصية، أمام المحكمة التي في دائرتها أعيان التركة كلها أو بعضها الأكبر قيمة، أو أمام المحكمة التي في دائرتها محل إقامة المدعى عليه، مفاد هذه النصوص مجتمعة، أن الوصية تعد إحدى مسائل الأحوال الشخصية، التي كان ينعقد الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بها، في ظل القانون رقم 78 لسنة 1931 بإصدار اللائحة الشرعية، للمحاكم الشرعية قبل إلغائها بالقانون رقم 462 لسنة 1955، وعلى أثر هذا الإلغاء، أصبح هذا الاختصاص منعقدا للمحاكم الوطنية، كغيرها من المنازعات الأخرى، وظل هذا الاختصاص كذلك، حتى بعد إلغاء اللائحة الشرعية سالفة الذكر، بالقانون رقم 1 لسنة 2000 بإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، الذي أبقى عليه كما هو، ولكن بصدور القانون رقم 10 لسنة 2004 بإنشاء محكمة الأسرة، الذي قصر هذا الاختصاص على محكمة الأسرة دون غيرها، ومن ثم أصبح اختصاصا نوعيا لهذه المحكمة، وطبقا للمادة 109 من قانون المرافعات يعد متعلقا بالنظام العام، وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها؛ لما كان ذلك، وكان موضوع الدعوى الماثلة هو بطلان الوصية، ومن ثم فإنها تعتبر من دعاوى الأحوال الشخصية، التي أصبح الاختصاص بنظرها منعقدا لمحاكم الأسرة دون غيرها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وتصدى للفصل في موضوع هذه الدعوى سالف الذكر، وقضى بتعديل الحكم المستأنف، حال كون محكمة أول درجة غير مختصة نوعيا بنظر النزاع، فإنه يكون قد قضى ضمنا باختصاصها، بما يعيبه بمخالفة القانون، مما يوجب نقضه، دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن، على أن يكون مع النقض الإحالة .
( الطعن رقم 7592 لسنة 81 ق - جلسة 18 / 12 / 2017 )
19- مؤدى نص المادة 109 من قانون المرافعات أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها من النظام العام وتحكم به من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى، ومن أجل ذلك تعتبر مسألة الاختصاص الولائي قائمة في الخصومة ومطروحة دائمًا على محكمة الموضوع وعليها أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها ويعتبر الحكم الصادر منها في الموضوع مشتملًا على قضاء ضمني باختصاصها ولائيًا، ومن ثم فإن الطعن بالنقض على الحكم الصادر منها في الموضوع يعتبر ورادًا على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص سواء أثارها الخصوم في الطعن أم لم يثيروها، أبدتها النيابة أم لم تبدها باعتبار أن هذه المســألة وفى جميـــع الحـــالات تعتبـــر داخلـة في نطــــــاق الطعــــون المطــــــروحة على هذه المحكمة .
( الطعن رقم 17449 لسنة 87 ق - جلسة 17 / 4 / 2024 )
20- إذ كانت الدعوى الراهنة بحكم الأساس الذى رفعت به والطلبات المطروحة فيها لا تعد من دعاوى تسليم العقارات المرفوعة بصفة أصلية، وكان اختصاص المحكمة بسبب نوع الدعوى يُعتبر مطروحاً دائماً أمامها وعليها أن تفصل فيه من تلقاء نفسها عملاً بنص المادة 109 من قانون المرافعات، فإن الحكم المطعون فيه – وهو الصادر من محكمة الاستئناف – وقد قضى فى الدعوى بما يتضمن اختصاص تلك المحكمة بنظر الاستئناف المرفوع عن الحكم الصادر فيها من المحكمة الجزئية، حال كون الاختصاص بنظره معقوداً للمحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية، يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثانى، مع إلزام الطاعن بمصاريف هذا الطعن عملاً بالمادة 185 من قانون المرافعات، لأنه ولئن كان محكوماً له فيه بنقض الحكم إلا أنه برفعه الاستئناف إلى محكمة غير مختصة نوعياً بنظره قد تسبب فى إنفاق مصاريف لا فائدة منها .
( الطعن رقم 18866 لسنة 84 ق - جلسة 13 / 6 / 2024 )
21- مؤدى نص المادة 109 من ذات القانون (قانون المرافعات) أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة بسبب نوع الدعوى من النظام العام تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى، ومن أجل ذلك تُعتبر مسألة الاختصاص بسبب نوع الدعوى قائمة في الخصومة ومطروحة دائمًا على محكمة الموضوع وعليها أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها، ويُعتبر الحكم الصادر منها في الموضوع مشتملًا على قضاء ضمني باختصاصها بنظر الدعوى، ومن ثم فإن الطعن بالنقض على الحكم الصادر منها يُعتبر واردًا على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص سواء أثارها الخصوم في الطعن أم لم يُثيروها، أبدتها النيابة العامة أم لم تُبدها؛ باعتبار أن هذه المسألة وفي جميع الحالات تُعتبر داخلة في نطاق الطعون المطروحة على هذه المحكمة .
( الطعن رقم 6017 لسنة 88 ق - جلسة 6 / 6 / 2024 )
انتفاء الولاية
تعريفه وحكمه :
إذا خرج النزاع من ولاية جهة المحاكم، إما بسبب خروجه من ولاية القضاء الوطني بصفة عامة أو خروجه من ولاية جهة المحاكم ودخوله في ولاية جهة قضاء أخرى أو محكمة استثنائية في الدولة؛ فإننا نكون بصدد انتفاء ولاية تلك الجهة.
وهذا الانتقاء غير مقرر لمصلحة خاصة بالخصوم، وإنما لمصلحة عامة، ذلك أنه يتعلق بالتنظيم القضائي في الدولة. ولهذا فإنه إذا رفعت الدعوى أمام جهة قضائية، وكانت لا ولاية لها بنظرها - أيا كان سبب انتقاء ولايتها - فإن عليها أن تقضي بعلم ولايتها من تلقاء نفسها، في أية حالة كانت عليها الدعوى. وتنص على هذا المادة 109 من مجموعة المرافعات المصرية. ويترتب علي هذا الحكم أنه لا يجوز للأطراف الاتفاق على ولاية جهة لا ولاية لها، أو نزع الولاية عن الجهة صاحبة الولاية. ومثل هذا الاتفاق يكون باطلاً ولا يرتب أي أثر سواء أبرم قبل بدء الخصومة أو بعدها. فإذا رفع شخص دعوى أمام جهة لا ولاية لها بالدعوى، فإن له أن يتمسك بانتفاء ولاية هذه الجهة ولا يكون لقبوله ولايتها - المستفاد من رفعه الدعوى أمامها – أي أثر.
على أنه يستثنى من هذا المبدأ حالة انتفاء ولاية القضاء الوطني بالنظر في قضية ذات عنصر أجنبي، ذلك أن الدولة يجب أن تنشر عدالتها على الجميع . وبالتالي تدخل في ولاية قضائها الدعوى ذات العنصر الأجنبى - التي لا تدخل أصلاً في ولايتها - إذا قبل الأجنبي هذه الولاية صراحة أو ضمناً (مادة 32 مرافعات) . ولهذا، فإن الدفع بعدم اختصاص محاكم الجمهورية دولياً بنظر الدعوى هو من الدفوع الشكلية غير المتعلقة بالنظام العام يجب على المتمسك به ابداؤه قبل الكلام في الموضوع وإلا سقط حقه فيه، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمناً فإذا رفعت الدعوى على هذا الأجنبي، فإن عدم تمسكه بالدفع بانتفاء الولاية يعتبر قبولاً ضمنياً منه لهذه الولاية، وليس للقاضي المصري أن يقضي بعدم ولايته بنظر الدعوى من تلقاء نفسه على أنه يلاحظ أن هذا القبول الضمني لا يفترض، ولهذا فإنه إذا تغيب المدعى عليه الأجنبي، فإن غيابه لا يعني قبول ولاية القضاء المصري. وعلى القاضي - عند انتفاء ولايته - أن يحكم بها من تلقاء نفسه (مادة 35 مرافعات) . ومن ناحية أخرى، فمن المقرر في الفقه المقارن أنه في حالة الدعوى العقارية المتعلقة بعقار موجود في الخارج فإن المحكمة تقضي بعدم ولايتها من تلقاء نفسها ولو حضر الخصوم وقبلوا ولاية القضاء الوطني.
نوعا عدم الاختصاص :
قد يكون عدم اختصاص المحكمة متعلقة بالنظام العام، وقد لا يكون متعلقاً به :
(أ) يكون علم الاختصاص متعلقاً بالنظام العام إذا كانت قاعدة الاختصاص التي خولفت مقررة ليس بالنظر إلى مصلحة الخصمين أو مصلحة أحدهما، وإنما بالنظر إلى مصلحة عامة هي حسن سير القضاء وتحقيق الهدف منه. وفي القانون المصري، يعتبر كذلك عدم اختصاص المحكمة بأية دعوى لا تدخل في اختصاصها النوعي أو القيمي (مادة 109 مرافعات). كما يعتبر عدم اختصاص نوعى متعلقاً بالنظام العام عدم اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالدعاوى الموضوعية)، وعدم اختصاص المحاكم المتخصصة بالدعاوى التي لا تدخل نوعياً في اختصاصها المقيد، كما هو الحال بالنسبة لعدم اختصاص محكمة تجارية جزئية بالدعاوى المدنية، وعدم اختصاص المحكمة المدنية بدعوى تدخل في اختصاص نوعي لمحكمة متخصصة، كما هو الحال بالنسبة لعدم اختصاص محكمة مدنية جزئية بدعوى تجارية تدخل في الاختصاص النوعي لمحكمة تجارية جزئية، وعدم اختصاص المحكمة الاقتصادية بدعوى لا تدخل في اختصاصها الذي يحدده قانون المحاكم الاقتصادية، وعدم اختصاص محكمة مدنية بدعوی من اختصاص المحكمة الاقتصادية.
(ب) ويكون عدم الاختصاص غیر متعلق بالنظام العام إذا كانت قاعدة الاختصاص التي خولفت مقررة رعاية لمصلحة أحد الطرفين أو مصلحتهما معا. فبعض قواعد الاختصاص وإن هدف إلى حسن سير القضاء إلا أن العلة التي يقوم عليها ويدور معها هي المصلحة المباشرة لطرفي الدعوى أو لأحدهما ولهذا فإن المشرع لا يحرص على تطبيق هذه القواعد إلا حيث يحرص صاحب المصلحة على تطبيقها وفي القانون المصري، يعتبر غير متعلق بالنظام العام عدم الاختصاص المحلى.
على أن المشرع قد يطبق في بعض الحالات على عدم الاختصاص المحلى بعض أو كل أحكام عدم الاختصاص المتعلق بالنظام العام ويفعل المشرع المصري هذا بالنسبة لنوعين من الاختصاص المحلى هما :
1- الاختصاص المحلي المقرر تطبيقاً لقاعدة خاصة على خلاف القاعدة العامة. فوفقاً للمادة 62/ 2 مرافعات «ولا يجوز الاتفاق مقدماً على ما يخالف هذا الاختصاص» . وعدم جواز الاتفاق مقدماً على مخالفة الاختصاص هي إحدى سمات الاختصاص المتعلق بالنظام العام وقد قضت محكمة النقض بأن نص المادة 62/ 2 ينطبق على ما ينص عليه قانون المرافعات من اختصاص بالنسبة للدعاوى الشخصية العقارية لمحكمة موقع العقار أو محكمة موطن المدعى عليه، ولهذا لا يجوز الاتفاق مقدماً على ما يخالف هذا الاختصاص.
على أنه يلاحظ أن عدم الاختصاص المحلى هنا - فيما عدا عدم جواز الاتفاق مقدماً على مخالفته - هو عدم اختصاص غیر متعلق بالنظام العام ولهذا لا يجوز للمحكمة الحكم من تلقاء نفسها بعدم الاختصاص دون دفع من الخصم قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول عملاً بالمادة 108 مرافعات.
2- الاختصاص المحلي الذي يرتبط بوظيفة المحكمة بالنسبة لقضية معينة، إذ يترتب على مخالفته علم اختصاص متعلق بالنظام العام بكل قواعده. ومن تطبيقات هذا النوع ما ينص عليه القانون من اختصاص المحكمة التي يجرى التنفيذ في دائرتها بالمنازعات المتعلقة به (275 مرافعات) ومن تطبيقاته أيضاً اختصاص المحكمة التي تتبعها محكمة أول درجة التي أصدرت الحكم المطعون فيه باستئناف هذا الحكم.
قواعد عدم الاختصاص :
تختلف هذه القواعد بحسب ما إذا كان عدم الاختصاص متعلقاً بالنظام العام أو غیر متعلق به وذلك على النحو الآتي.
1- تحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم الاختصاص المتعلق بالنظام العام ( 109/ 1 مرافعات) . في حين أن المحكمة لا تقرر عدم اختصاصها غير المتعلق بالنظام العام إلا إذا تمسك الخصم به ويحصل هذا التمسك بدفع يسمى الدفع بعدم الاختصاص.
2- يكون التمسك بعدم الاختصاص المتعلق بالنظام العام لكل طرف من أطراف الخصومة، كما يكون للنيابة العامة إذا تدخلت في الخصومة. ذلك أن الأمر لا يعدو هنا تنبيه المحكمة إلى واجبها في الحكم بعدم الاختصاص أما التمسك بعدم الاختصاص غير المتعلق بالنظام العام فلا يكون إلا للخصم الذي قررت قاعدة الاختصاص لمصلحته.
3- لا يجوز للأطراف الاتفاق على اختصاص محكمة غير مختصة إذا كان عدم الاختصاص متعلقاً بالنظام العام فليس لطرفي العقد الاتفاق على عرض ما قد ينشأ من نزاع بشأن تنفيذه على القاضي الجزئي، في حين أنه بحسب نوعه أو قيمته من اختصاص المحكمة الابتدائية، وليس لهما إبرام مثل هذا الاتفاق ولو بعد نشأة النزاع ويكون كل اتفاق على هذا النحو باطلاً ولا يلزم طرفيه أو يلزم المحكمة وعلى العكس، للأطراف الاتفاق على اختصاص محكمة غير مختصة إذا كان عدم اختصاصها لا يتعلق بالنظام العام، كما هو الحال بالنسبة لعدم الاختصاص المحلي. ويمكن أن يتفق الطرفان على محكمة معينة غير المحكمة التي تحددها قواعد الاختصاص المحلى، كما يمكن أن يتفقا على ترك تحديد المحكمة لمن يرفع الدعوى منهما، ويشترط عندئذ ألا يتعسف المدعي في استعمال حقه هذا وإذا تم هذا الاتفاق، سواء قبل نشأة النزاع أو بعد نشأته، وسواء قبل رفع الدعوى به أو بعد رفعها، صريحاً أو ضمنياً، فانه يكون ملزماً لأطرافه، كما أنه يلزم المحكمة ولهذا فإن المحكمة التي اتفق على اختصاصها - وهي أصلاً غير مختصة - تصبح مختصة بالدعوى، فليس لها أن تقبل دفعاً بعدم اختصاصها كما أن المحكمة التي كانت أصلاً مختصة، واتفق الطرفان على اختصاص محكمة أخرى، تصبح غير مختصة فليس لها أن ترفض دفعاً بعدم الاختصاص.
على أن هذا الاتفاق إذا كان يؤدي إلى منح الاختصاص لمحكمة غير مختصة، فإنه لا ينزع الاختصاص عن محكمة موطن المدعى عليه المختصة قبل الاتفاق ولهذا فإنه إذا وجد اتفاق على اختصاص محكمة معينة، فإن للمدعى أن يرفع الدعوى إما أمام المحكمة التي اتفق على اختصاصها أو أمام محكمة موطن المدعى عليه (1 / 62 مرافعات) وليس للمدعى عليه أن يتمسك بعدم اختصاص أي من المحكمتين. وهو ما يعني في الواقع أن الاتفاق على الاختصاص المحلي يلزم المدعى عليه دون المدعي.
وككل اتفاق، فان الاتفاق على مخالفة الاختصاص لا يلزم الغير ولهذا فإنه إذا تعدد الخصوم، فيجب موافقتهم جميعاً و إلا جاز لمن لم يتفق من المدعي عليهم التمسك بعلم الاختصاص ولكن هل للدائن رفع الدعوى عليهم جميعاً - رغم الاتفاق - أمام المحكمة التي يتبعها أحد من هؤلاء - دون المحكمة المتفق عليها - وذلك تطبيقاً للمادة 3/49 مرافعات سالفة الذكر؟ أثيرت هذه المشكلة أمام القضاء الفرنسي، ولم تستقر محكمة النقض الفرنسية على رأي، ولكن معظم أحكامها تتجه إلى أن الاتفاق على الاختصاص مع بعض المدعى عليهم لا يحرم المدعي من السلطة المخولة له قانوناً برفع الدعوى ضد الجميع أمام محكمة موطن أحد المدعى عليهم الذين لم يشتركوا في الاتفاق، على أن كثيراً من هذه الأحكام اشترطت لمخالفة الاتفاق في مواجهة من اشترك من المدعى عليهم فيه أن تكون القضية غير قابلة للتجزئة. ونعتقد أنه وفقاً للوضع في القانون المصري، حيث يكون المدعي الخيار في أن يرفع الدعوى إما أمام المحكمة المتفق عليها أو محكمة موطن المدعى عليه، يجب التسليم بأن للمدعى أن يرفع الدعوى أمام محكمة أحد المدعى عليهم وفقاً للمادة 3/49 مصری وذلك سواء كان هذا المدعى عليه طرفا في الاتفاق أم لا. هذا ولو كانت القضية قابلة للتجزئة.
يمكن التمسك بعدم الاختصاص المتعلق بالنظام العام في أية حالة كانت عليها القضية فأمام محكمة الدرجة الأولى المرفوعة إليها الدعوى، يمكن الدفع بعدم الاختصاص المتعلق بالنظام العام في أية مرحلة إلى حين صدور الحكم المنهي للخصومة ولا يمنع من إبداء هذا الدفع سبق إبداء دفوع أخرى، أو سبق إصدار أحكام تتعلق بسير الخصومة أو بالتحقيق في الدعوى كما لا يمنع من إبداء الدفع سبق التنازل عنه ومن ناحية أخرى، فإن عدم الاختصاص هذا يمكن التمسك به لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية)، وأيضاً لأول مرة أمام محكمة النقض أما إذا كان عدم الاختصاص لا يتعلق بالنظام العام، فإنه يجب الدفع به مع الدفوع الإجرائية الأخرى في بدء الخصومة «قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول» وإلا سقط الحق فيه (مادة 108/ 1 مرافعات) وفقاً لما سفلی بیانه في أحكام الدفوع الإجرائية. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الأول ، الصفحة : 480)
الدفع بعدم الاختصاص الولائي أو النوعي:
أوضحنا الاختصاص النوعي بالمادة (42) كما تناولنا الاختصاص الولائي بالمادة (48) فيما تقدم ونحيل إليهما في بيان أحكام نوعي - الاختصاص، ونخص المادة الماثلة في الدفع بعدم الاختصاص الولائي أو النوعي وهو من الدفوع الشكلية المتعلقة بالنظام العام ومن ثم لا يسقط الحق فيه بإبداء أي طلب أو دفاع بل يجوز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف ويشترط التمسك به أمام محكمة النقض لأول مرة أن تكون عناصره الواقعية مطروحة أمام محكمة الموضوع، ويترتب على تعلق الدفع بالنظام العام أن تتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها ولكل ذي مصلحة الحق في التمسك به وللنيابة العامة إذا كانت ممثلة في الدعوى أن تدفع بعدم الاختصاص لمخالفة قواعد الاختصاص الولائي أو النوعي، كما لا يجوز للخصوم الاتفاق على ما يخالف النصوص الآمرة المتعلقة بنوعي الاختصاص وإلا كان اتفاقهم باطلاً بطلاناً مطلقاً، ولا يعتد بتنازلهم عن التمسك به إذ تتصدى له المحكمة بالرغم من ذلك ومن تلقاء نفسها، لكن إذا صدر حكم نهائي بالمخالفة لقواعد الاختصاص الولائي أو النوعي وأصبح نهائياً فلا سبيل لإهداره إذ تعلو حجية الأحكام على اعتبارات النظام العام ويترتب على ذلك أن دعوى التعويض التي تؤسس على هذا الحكم تختص بها جهة القضاء التي أصدرت الحكم، مثال ذلك صدور قرار إداري غير مشوب وترفع الدعوى بإلغائه أمام المحاكم العادية فتصدر حكماً بإلغائه ويصبح نهائياً، فإن دعوی التعويض التي ترفع على الجهة الإدارية التي أصدرت القرار تختص بها المحاكم العادية دون المحاكم الإدارية إذ تلتزم المحاكم العادية بحجية الحكم النهائي الصادر منها ولكن لا تلتزم به المحاكم الإدارية على نحو ما أوضحناه بالمادة (48). (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الثاني / الصفحة 675)
الاختصاص الولائي أو الوظيفي هو تحديد ولاية جهات القضاء المختلفة بنظر نزاع معين.
الاختصاص النوعي هو الخاص بتعدد طبقات المحاكم وهو أمر تقتضيه اعتبارات متعددة هي وجوب توافر محكمة عليا تشرف على صحة تطبيق القانون وتعمل على توحيد القضاء في المسائل القانونية وتخصيص محاكم للفصل في القضايا الكبيرة الأهمية وأخرى للفصل في القضايا القليلة الأهمية وتخصيص محاكم للفصل في الدعوى بصفة ابتدائية ومحاكم لنظر الدعوى بصفة استئنافية.
الاختصاص القيمي هو المتعلق بقيمة الدعوى والذي يجعل المحكمة الجزئية أو الإبتدائية هي المختصة بنظر الدعوى تبعاً لقيمتها.
ويترتب على اعتبار قواعد الاختصاص المتعلقة بالوظيفة والاختصاص القيمي من النظام العام ما يأتي أولاً: لا يجوز اتفاق الخصوم على رفع النزاع إلى جهة قضاء غير مختصة به.
ثانياً : يجوز للمدعي والمدعي عليه الدفع بعدم الاختصاص في أية حالة تكون عليها الدعوى ولا يتقيد المدعي بالقبول الضمني المستفاد من رفعه الدعوى.
ثالثاً : يتعين على النيابة العامة إذا تدخلت في الدعوى كطرف منضم أن تتمسك بعدم الاختصاص المتعلق بالنظام العام ولو لم يدفع به أحد من الخصوم.
رابعاً : على المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بانتفاء ولايتها ولو أغفل الخصوم والنيابة التمسك بعدم الاختصاص.
خامساً : يجوز الأداء بالدفع في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو بعد صدور حكم فرعي أو في شق من الموضوع حتى ولو أصبح هذا الحكم أو ذاك غير قابل للطعن فيه ويجوز إبداء الدفع لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية أو أمام محكمة النقض . (نظرية الدفوع للدكتور أبو الوفا ص 160 وما بعدها).
المسائل التي يختص بها القضاء الإداري وبالتالي تخرج عن اختصاص جهة القضاء العادي الموضوعي والمستعجل :
نصت المادة 1 / 15 من القانون رقم 46 لسنة 1972 الخاص بالسلطة القضائية على أنه " فيما عدا المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة تختص المحاكم بالفصل في كافة المنازعات والجرائم إلا ما استثني بنص خاص " كما نصت المادة 17 منه على أنه " ليس للمحاكم أن تنظر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في أعمال السيادة ولها دون أن تؤول الأمر الإداري أو توقف تنفيذه أن تفصل:
1- في المنازعات المدنية والتجارية التي تقع بين الأفراد والحكومة أو الهيئات العامة بشأن عقار أو منقول عدا الحالات التي ينص فيها القانون على غير ذلك.
2 - في كل المسائل الأخرى التي يخولها القانون حق النظر فيها كما نصت المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 في فقرتيها الثالثة والعاشرة على أن تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية وطلبات التعويض عنها سواء رفعت إليها بصفة أصلية أو تبعية.
ويتضح من النصوص المتقدمة أن هناك نوعين من المنازعات لا تختص بنظرها جهة القضاء العادي وإنما ينعقد الاختصاص بها للقضاء الإداري وأولهما هي القرارات الإدارية وثانيهما العقود الإدارية.
أولاً : القرارات الإدارية : لم يورد المشرع تعريفاً للقرارات الإدارية وتصدت المحكمة الإدارية العليا بتعريف القرار الإداري بأنه " إفصاح الجهة الإدارية المختصة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة لما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة " والقرار الإداري إما أن يكون قراراً إدارياً فردياً أو لائحياً والأول هو الذي يصدر بقصد إحداث أثر قانوني في مواجهة شخص طبيعي أو اعتباري كمنعه من السفر أو تحديد إقامته أو إصدار أمر بغلق متجره أو مصنعه أما اللائحة فهي بمثابة تشريع تصدره الجهة الإدارية بتفويض من المشرع أو بمقتضى ما خوله لها الدستور والقانون من إصدار لوائح تنظيمية تسري علي كافة الأشخاص الطبيعية والاعتبارية دون تمييز متى توافر للائحة أركانها وشروط صحتها الشكلية والموضوعية.
وقد اعتنقت المحاكم الإدارية والمدنية تعريف المحكمة الإدارية العليا للقرار الإداري ومن هذا التعريف فإن القرار الإداري أركان لا يقوم إلا بتوافرها مجتمعة فإن تخلف إحداها كان القرار معدوماً كما أن له شروط صحة إذا تخلف أحدها كان باطلاً.
أركان القرار الإداري هي :
أولاً : صدوره من إحدى جهات الإدارة بصفتها سلطة عامة فإذا صدر منها بغير هذه الصفة لا يعد قراراً إدارياً فإذا قامت الدولة بتأجير بعض وحدات سكنية من عقار تملكه فإن ذلك لا يعد قراراً إدارياً لأنه لم يصدر منها بصفتها سلطة عامة أما الترخيص لشخص بشغل مكان مملوك للدولة ولو بمقابل ابتغاء نفع عام كالترخيص بشغل الأسواق العامة فإن هذا الترخيص يعد عملاً إدارياً.
ثانياً : أن تستهدف جهة الإدارة من إصدار القرار الإداري إحداد، أثر قانوني معين فإن اقتصر على مجرد أثر مادي فإنه لا يعد قراراً إدارياً و علي ذلك فإن إهمال أي جهة من جهات الإدارة في إدارة مرفق من المرافق التي تديرها كالصرف والري والمواصلات لا يعد قراراً إدارياً لأن الإدارة لم تقصد بذلك إحداث أثر قانوني معين وكذلك ارتكاب أحد موظفي الدولة خطئاً أثناء أو بسبب أداء وظيفته لا يعد قراراً إدارياً وبالتالي فإن التعويض عنه من اختصاص جهة القضاء العادي.
إلا أن هناك من الأفعال المادية ما يعد تنفيذاً لقرار إداري کهدم منزل تنفيذاً لقرار إداري بالهدم صادر من اللجنة المختصة أو بوضع أختام على محل تنفيذاً لقرار إداري بالغلق فهذه الأعمال المادية المنفذة لقرار إداري تأخذ حكم القرار الإداري وبالتالي لا تختص جهة القضاء العادي الموضوعي أو المستعجل بنظرها.
ثالثاً : أن يكون القرار الإداري صادراً من هيئة عامة وفقاً لما خوله لها القانون من سلطات ومتعلقاً بوظيفتها فهناك من الهيئات العامة من لها سلطة إدارية بجانب سلطة أخرى تختلف عنها كالنيابة العامة التي لها سلطات قضائية وسلطات إدارية وقراراتها الصادرة بالقبض على المتهم وحبسه وتقديمه للمحاكمة كلها سلطات قضائية أما إذا أصدرت قراراً بتسليم مال متنازع على ملكيته لأمين أو لأحد طرفي النزاع إلي أن يفصل في ملكيته من الجهة المختصة فإن هذا يعد قراراً إدارياً وينبني علي ذلك أن القرار الإداري يتعين أن يكون صادراً من الجهة الإدارية بإرادتها المنفردة وألا يكون نتيجة تلاقي إرادتين فإن كان ما تم هو تلاقي إرادة جهة الإدارة وشخص طبيعي أو اعتباري على إحداث أثر قانوني معين فإن هذا يخرج عن القرارات الإدارية ويعد عقد سواء كان عقداً من عقود القانون المدني أو عقداً إدارياً .
الشروط الواجب توافرها لصحة القرار الإداري :
يتعين أن يتوافر في القرار الإداري خمسة شروط فإن تخلف إحداها بطل القرار وهذه الشروط هي :
أولاً : الشكل : كأصل عام لا يوجد شكل معين للقرار الإداري فقد يصدر كتابه
وقد يصدر شفهياً وقد يصدر بمجرد السكوت كالامتناع عن إجابة طلب إعطاء ترخيص بحمل سلاح ولكن الاستثناء أن تشترط القوانين واللوائح شكلاً خاصاً بالنسبة لقرارات إدارية معينة فقد تشترط فيها الكتابة أو تسبيب القرار أو وجوب اتخاذ إجراءات قبل إصدار القرار، وإغفال الشكل لا يترتب عليه البطلان في جميع الحالات فإذا تضمن القانون أو اللائحة نصاً يبطل القرار إذا لم يستوف الشكل كان القرار باطلاً أما إذا لم ينص القانون أو اللائحة علي البطلان فإنه يرجع في هذا الشأن إلي القواعد العامة في البطلان فإن كان الشكل جوهرياً تغياً به المشرع غاية معينة كان جزاء مخالفته البطلان أما إذا لم يكن جوهرياً فلا يكون باطلاً.
الشرط الثاني : الاختصاص :
لا يكون القرار الإداري صحيحاً إلا إذا صدر من مختص بإصداره فلكل وزارة أو مصلحة أو هيئة اختصاص معین وارد في قانون أو لائحة بل أن من اللوائح ما يوزع الاختصاص بين الموظفين في جهات معينة فيجعل الاختصاص بإصدار قرار معين لوزير دون وكيل الوزارة وقد يجعله لوكيل الوزارة أو لرئيس الهيئة أو للجنة مشكلة تشكيلاً خاصاً وقد يجعله لجهتين مجتمعتين أو أكثر من جهة ومن ثم ينبغي أن يصدر القرار الإداري ممن جعله القانون مختصاً فإذا صدر من غيره كان باطلا كأن يصدر قرار من الوزير حالة أن قانون الحكم المحلي جعله من اختصاص المجلس المحلي.
الشرط الثالث : مشروعية المحل :
المحل في القرار الإداري هو الأثر القانوني الذي يهدف مصدره إلي إحداثه وقد سبق أو أوضحنا أن تخلف المحل في القرار الإداري يهدر ركن من أركانه ويترتب على ذلك انعدامه فإن وجد المحل فإنه يتعين أن يكون مشروعاً وهو لا يعد كذلك إذا خالف قانونا بمعناه الأعم ، فلا يجوز أن يخالف نصاً تشريعياً أو لائحة أو حكماً قضائية أو أمراً صادراً من النيابة باعتبارها سلطة قضائية بل ويكون أيضاً السبب غير مشروع إذا أخطأ القرار الإداري في تفسير قانون أو لائحة.
الشرط الرابع : السبب :
يتعين أن يستند القرار الإداري إلى سبب صحيح مشروع يتفق وأحكام القانون ذلك أن الجهة الإدارية وهي تصدر قراراً إدارياً فإنما تبغي به المصلحة العامة ولا يكون ذلك إلا بالتزام حدود القانون واللوائح وقد عرفت محكمة القضاء الإداري السبب بنته الحالة الواقعية أو القانونية التي تجد حدها الطبيعي في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار في هذا الشأن مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانونياً واستطرد الحكم إلى القول بأنه إذا كانت الحالة الواقعية أو القانونية منتزعة من غير أصول موجودة أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها أو كان تكييف الوقائع - على فرض وجودها مادياً - لا ينتج النتيجة التي يتطلبها القانون، كان القرار الإداري فاقداً لركن من أركانه وهو ركن السبب ووقع مخالفاً للقانون أما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تتبعها مادياً وقانونياً فقد قام القرار على سببه وكان مطابقاً للقانون " ويستخلص من هذا الحكم أنه جعل السبب ركناً من أركان القرار الإداري ولم يجعله شرطاً من شروطه ومثال الحالة الواقعية السبب الإخلال بالنظام العام الذي يبرر إصدار القرارات الإدارية اللازمة لحفظ النظام ومنع الاضطرابات ومثال الحالة القانونية استقالة الموظف أو طلب إحالته إلى المعاش فتلك حالة قانونية تبرر إصدار القرار، ولا يشترط لصحة القرار الإداري أن يكون مسبباً إذ أن هناك فرق بین سبب القرار وتسبيبه ومادام المشرع لم يشترط تسبيب القرار الإداري فإن سببه بيعد مشروعاً حتى يقوم الدليل علي عكس ذلك وإذا اشترط المشرع تسبيب القرار الإداري من الجهة التي تصدره فإن هذا يعد من قبيل الشكل الذي ينبغي مراعاته وفقاً لما سبق بيانه في بيان شرط الشكل في القرار الإداري .
الشرط الخامس : الغاية :
تستهدف السلطة الإدارية عند إصدار القرار الإداري غاية محددة سواء أكانت ظاهرة في القرار الإداري أو مفهومه من الظروف الملابسة لإصداره وينبغي أن يكون السبب مشروعاً لا يقصد به مضاره من يتناوله القرار الإداري لأن الفرض أن القرارات الإدارية تصدر لتحقيق مصلحة عامة وليست مصلحة شخصية فإذا حاد القرار الإداري عن هذا الهدف فقد شرطاً من شروط صحته وهو ما يعبر عنه بإساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، وتقدير مشروعية الغاية أمر تستخلصه المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها ومدى موافقة القرار القوانين واللوائح والمصلحة العامة وقواعد العدالة .
بطلان القرار الإداري وانعدامه :
أجمع الشراح واستقر القضاء على أنه ينبغي التفرقة بين القرار الإداري المعدوم والقرار الإداري الباطل فالقرار المعدوم هو الذي يفقد ركناً من أركانه أما القرار الباطل فهو الذي يفقد شرط من شروط صحته وهذا الذي استقر عليه الفقه والقضاء اجتهاد لم يرد في التشريع وقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا في بعض أحكامها وهي بصدد تعريف السبب إلي أنه ركن من أركان العقد الإداري، كما أن محكمة النقض قد قضت في حكم لها ( الحكم رقم 19) بأن مخالفة القرار لحجية حكم حاز قوة الأمر المقضي يعتبر غصباً للسلطة ويصل به إلى درجة الانعدام ومؤدي ذلك أنها قد اعتبرت أن اختصاص الجهة الإدارية بإصدار القرار ركن من أركانه لأنها رتبت علي تخلفه انعدام القرار والرأي عندنا أن تخلف أي ركن من أركان القرار الإداري السالف بيانها يؤدي إلي انعدام القرار أما تخلف شرط من شروطه فإنه ينظر إلي جسامة المخالفة فإن كانت صارخة كان القرار معدوماً ومثال ذلك أن السلطة الإدارية لها أن تصدر قرارات بمنع التعدي على أملاكها الخاصة وباسترداد حيازتها من مغتصبها فإذا قام نزاع بين جهة الإدارة وأحد الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين علي ملكية أرض ثم صدر حكم نهائي بملكية الشخص الطبيعي أو الاعتباري للأرض نافياً ملكية جهة الإدارة إلا أن جهة الإدارة اتبعت ذلك بإصدار قرار بإخلاء العين من شاغلها باعتباره متعدياً عليها فإن هذا القرار يكون قد استهدف إلغاء حكم قضائي وهو بذلك يضحي معدوماً لأنه اغتصب سلطة القضاء أما إذا كان النزاع حول الملكية لم يحسم بعد فإن القرار الإداري يكون مستوفياً أركانه واجب احترامه أمام القضاء العادي وإن كان لصاحب الشأن أن يلجأ للقضاء الإداري طالبا إلغائه أو تعديله استناداً إلى تخلف شرط من شروط صحته وكذلك إذا أصدرت الجهة الإدارية لائحة مخالفة لقانون فإنها تكون معدومة لأنها أدني من التشريع منزلة ولا يجوز لها أن تعدله أو تناقضه أو تلغيه وعلي ذلك فالقضاء العادي والمستعجل فرع منه له أن يمحص القرار الإداري إذا كان متصلاً بنزاع مطروح عليه لمعرفة ما إذا كان معدوماً أو باطلاً فإن كان معدوماً كان له ألا يعتد به ويكون مختصاً بالفصل في النزاع إذ أن القرار الإداري في هذه الحالة مجرد عقبة مادية لا يحول بينه وبين اتخاذ الإجراء الوقتي أما إذا استبان له أن المسألة تتعلق بأمر صحيح في ظاهره أو مشوب بعيب يبطله دون أن يهدر کیانه فإنه يقضي بعدم اختصاصه وكذلك إذا كان الأمر متعلقاً بلائحة طلب منه أعمالها - وهو مختص بتطبيق القانون - واستبان له أن اللائحة تخالف تشريعاً أعلي كالقانون أو الدستور فإن عليه أن يهمل اللائحة كما لو كانت غير موجودة أصلاً ويطبق القانون دون انتظار لصدور حكم إلغاء اللائحة من القضاء الإداري ولا يعد هذا تجاوزاً من القضاء العادي أو المستعجل لاختصاصه إذ أنه في هذه الحالة يطبق صحيح القانون وهو من صميم عمله وعلى ذلك يختص القضاء العادي والمستعجل بالحكم بعدم الاعتداد بالقرار الإداري الذي يصدر من موظف ليست له سلطة إصدار القرارات الإدارية التي تدخل في اختصاص السلطة القضائية أو التشريعية .
التعويض عن الفعل الضار الصادر من جهة الإدارة عن أفعالها المادية من اختصاص القضاء العادي دون القضاء الإداري :
من المقرر أن القضاء العادي يختص بنظر دعاوى التعويض التي ترفع على جهة الإدارة عن الأعمال المادية التي تجريها كما إذا وقع خطأ من جهة إدارية أدى إلى قتل أو إصابة شخص أو أكثر خطأ، مثال ذلك أن تصدر جهة التنظيم قراراً إدارياً بهدم بناء وتقوم بتنفيذه بنفسها ولا تتخذ الاحتياطات اللازمة أثناء الهدم فيتسبب ذلك في قتل أو إصابة بعض المارة أو بعض ساكني المنازل المجاورة، فإذا أقام هؤلاء دعاوى تعويض عما أصابهم من ضرر نتيجة خطأ جهة الإدارة لعدم اتخاذها الاحتياطات اللازمة فلا شك أن الاختصاص بنظر الدعوى ينعقد للقضاء العادي أما إذا أقاموا دعوى تعويض بسبب عيب في القرار الإداري الصادر بالهدم فإن الاختصاص ينعقد في هذه الحالة للقضاء الإداري.
الطعن في القرار الصادر من مصلحة الشهر العقاري بالامتناع عن شهر حكم أو عقد من اختصاص القضاء الإداري :
أن القضاء الإداري يختص كأصل عام بالفصل في المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية ما لم يكن القرار عملاً مادياً وتأسيساً على ذلك إذا تقدم شخص لمصلحة الشهر العقاري بطلب إشهار عقد أو حكم ( كالحكم الصادر بصحة ونفاذ عقد البيع ) إلا أن المصلحة امتنعت عن ذلك فإنه يجوز لطالب الشهر أن يطعن على هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري لأنه قرار إداري سلبي بإفصاح عن الإرادة الذاتية للمصلحة وليس الإدارة المباشرة للمشروع كما أنه ليس عملاً مادياً.
اختصاص القضاء العادي بنظر المنازعات التي تثور بين أعضاء الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان أو بينهم وبين الغير :
نظم قرار وزير التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي رقم 46 لسنة 1982 والنظام الداخلي للجمعيات التعاونية للبناء والإسكان الصادر بقرار وزير التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي رقم 693 لسنة 1968 وسيلة فض المنازعات التي تثور بين عضو الجمعية والجمعية ذلك بالالتجاء إلى نظام التحكيم ومن المقرر وفقاً للفقرة الخامسة من المادة العاشرة من قرار وزير التعمير أنف البيان والمادة 17 من النظام الداخلي للجمعية سالف الذكر أن التجاء عضو الجمعية إلى نظام التحكيم المنصوص عليه في المادة الأخيرة قاصر على حدوث نزاع بينه وبين الجمعية لسبب صدور قرار من مجلس إدارتها أو جمعيتها العمومية يمس مصلحته أما ما عدا ذلك من منازعات تثور بين الأعضاء بعضهم وبعض أو بينهم وبين الغير فهي تخرج عن نظام التحكيم وتدخل في اختصاص القضاء باعتباره صاحب الولاية العامة مهما كانت طبيعة هذه المنازعات وتأسيساً على ذلك إذا حدث نزاع بين أحد أعضاء الجمعية وعضواً آخر بسبب نزاع على الحدود بينهما اختص به القضاء العادي وكذلك الشأن إذا حدث نزاع بين عضو في الجمعية وشخص أجنبي عن الجمعية كما إذا ادعى الجمعية أن هذا الأجنبي سلب حيازته لجزء من الأرض التي خصصتها له الجمعية فإن المحاكم العادية هي المختصة بنظر هذا النزاع.
الحكم في الموضوع يعد مشتملاً على قضاء ضمني باختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى :
كان قد ثار خلاف بين المحاكم حول ما إذا كان فصل المحكمة في موضوع الدعوى أو الطعن ينطوي على قضاء ضمني باختصاصها ولائياً أم لا فنادت بعض المحاكم بأنه فعلاً ينطوي علي ذلك وأخذ البعض الآخر بالرأي العكسي ولم يقتصر الخلاف على محاكم الموضوع بل امتد إلى محكمة النقض واعتنقت بعض الدوائر الرأي الأول، بينما اتجه البعض الآخر إلى الرأي الثاني مما دعا العرض الأمر على الهيئة العامة للمواد المدنية بمحكمة النقض حيث حسمت هذا الخلاف بحكم شهير لها أوردناه بعد الشروع مباشرة في الحكم رقم (1) وقطعت فيه أن مسألة الاختصاص الولائي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على محكمة الموضوع وعليها أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها إذا تبين لها أن النزاع لا يدخل في اختصاصها الولائي ورتبت على ذلك نتيجة في غاية الأهمية وهي أن الطعن بالنقض على الحكم الصادر منها يعتبر وارداً على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص حتى لم يثيره الخصوم أو النيابة واستقرت محكمة النقض على هذا المبدأ بعد ذلك.
منازعات الضرائب والرسوم مازلت من اختصاص جهة القضاء العادي :
نصت المادة 10 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 على أن تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية .... (سادساً الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم وفقاً لقانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة ..... ) إلا أنه لم يصدر للأن القانون الذي ينظم نظرها أمامه وبالتالي فإن المنازعات الخاصة بها مازالت من اختصاص جهة القضاء العادي، ذلك أن المشرع علق اختصاص مجلس الدولة بنظرها على صدور القانون الذي ينظم ذلك ومادام هذا القانون لم يصدر بعد ومن ثم لم ينعقد الاختصاص بنظرها لمجلس الدولة حتى الآن.
يختص القضاء العادي بالحكم بعدم الاعتداد باللائحة إذا خرجت عن النطاق التشريعي :
من المقرر أن حق السلطة التنفيذية في إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين مشروط بألا يكون فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها أو استحداث ما من شأنه مخالفة غرض الشارع، فإذا خرج القرار أو اللائحة عن هذا النطاق التشريعي فإنه يترتب على ذلك انعدامه قانوناً ويكون للقضاء العادي عدم الاعتداد به في مقام تطبيق القانون الذي صدر القرار تنفيذاً له.
تختص المحكمة المدنية بطلب رد الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الفعل الضار أو بطلب التعويض عنه سواء اعتبر هذا الفعل الضار جريمة أم لا :
من المقرر أن المحكمة المدنية هي السلطة الأصلية التي تختص بنظر طلب رد الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الفعل الضار أو طلب التعويض عنه سواء اعتبر هذا الفعل جريمة أم لا وسواء كان التعويض عيناً أو نقداً ولا يمنع اختصاص المحاكم المدنية بدعوى طلب التعويض العيني أو النقدي سماح المشرع لمن لحقه ضرر من الجريمة بالإدعاء مدنياً أمام المحاكم الجنائية المنظورة أمامها الدعوى الجنائية ولا ما أوجبه المشرع على تلك المحاكم في حالات محددة بأن تقضي من تلقاء نفسها وتبعاً لقضائها بالعقوبة بالرد وإعادة الحال على ما كانت عليه، ذلك أنه لا يوجد في أي تشريع ما يدل على انفراد المحاكم الجنائية بالاختصاص بالفصل في طلب رد الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الفعل الضار أو طلب التعويض عن الفعل الناشئ عن الجريمة ولا ما يمنع أولي الشأن من اللجوء إلى المحاكم بتشكيلها المدني للمطالبة بالرد المذكور مثال ذلك المستأجر الذي دفع مبالغ إضافية خارج عقد الإيجار إلى المؤجر الذي أجر له سكناً يسري عليه القانون 136 لسنة 1981 فإنه يجوز للمستأجر أن يقيم دعواه أمام المحكمة المدنية بطلب رد هذا المبلغ ولا يحول دون ذلك أن المادة 77 من القانون 49 لسنة 1977 جرمت هذا الفعل و أوجبت على المحكمة الجنائية إذا رفعت إليها الدعوى الجنائية أن تقضي على المؤجر أن يرد إلى صاحب الشأن ما تقاضاه ، إذ أن هذا النص لم يسلب المحكمة المدنية اختصاصها في هذا الشأن على النحو السالف.
وجدير بالذكر أن المحاكم المدنية وإن كانت تختص بإلزام من يتقاضي مبلغ خارج نطاق عقد الإيجار بردها إلا أنها لا تختص بإلزامه بأداء مثل ما تقاضاه إلى صندوق تمويل الإسكان الاقتصادي وهو ما سنبينه في البحث الذي يلي أحكام النقض مباشرة.
اختصاص هيئات التحكيم الإجباري :
نصت المادة 56 من القانون رقم 97 لسنة 1983 على أن " يفصل في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين شركة قطاع عام من ناحية وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخرى عن طريق التحكيم دون غيره ".
ومؤدي هذا النص أن هيئات التحكيم تختص بالفصل في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام أو بين إحداها من ناحية وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية ثانية أو بين هذه الجهات من ناحية أخرى.
وشركات القطاع العام كثيرة ومتنوعة ولا تقع تحت حصر، وبالنسبة للجهات الحكومية المركزية فمثالها الوزارات أما الجهات الحكومية المحلية فمثالها المجالس الشعبية ومجلس الحي ومجلس المدينة ومجلس القرية، والهيئات العامة مثل الهيئة العامة لمرفق السكك الحديدية والمؤسسات العامة ليست كثيرة بالقياس لغيرها ومنها مؤسسة الأدوية ومؤسسة القطن وقد جاء هذا النص من العموم حيث يشمل كافة المنازعات بغض النظر عن طبيعتها أو موضوعها، وتأسيساً على ذلك قضت محكمة النقض بأن الطعن في أوامر تقدير رسوم التوثيق والشهر بين شركة قطاع عام وجهة حكومية ليس من اختصاص القضاء العادي وإنما من صميم اختصاص هيئات التحكيم . ( الحكم رقم 1).
واختصاص هذه الهيئات يتصل بالنظام العام باعتبار أن النزاع بين الجهات أنفة البيان لا يقوم على خصومات تتعارض فيها المصالح كما هو الشأن في منازعات الأفراد أو القطاع الخاص بل تنتهي جميعها في نتيجتها إلى جهة واحدة هي الدولة ومن ثم فإن هذه النزعة تخرج من اختصاص المحاكم ويتعين عليها إذا عرض عليها نزاع من هذا القبيل أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها بنظرها وإحالتها لهيئات التحكيم غير أنه من ناحية أخرى فإن هيئات التحكيم لا تختص بنظر النزاع الذي يقوم بين الجهات سالفة الذكر من ناحية وبين شركة من شركات قطاع الأعمال من ناحية أخرى وهو ما سنبينه في البحث التالي بعد أن نورد أحكام النقض الحديثة على التحكيم الإجباري.
لا تختص هيئات التحكيم الإجباري بنظر الأنزعة التي تقع بين شركة قطاع عام أو هيئة من التي عددتها المادة 96 من القانون 97 لسنة 1983 من ناحية وبين شركة قطاع أعمال من ناحية أخرى :
نصت المادة الأولى من قانون شركات قطاع الأعمال برقم 203 لسنة 1991 على ما يلي :
يعمل في شأن قطاع الأعمال العام بأحكام القانون المرافق، ويقصد بهذا القطاع الشركات القابضة والشركات التابعة لها الخاضعة لأحكام هذا القانون، وتتخذ هذه الشركات بنوعيها شكل شركات المساهمة، ويسري عليها فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذا القانون وبما لا يتعارض مع أحكامه نصوص قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادرة بالقانون رقم 159 لسنة 1981.
ولا تسري أحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 "على الشركات المشار إليها.
ونصت المادة الثانية في فقرتها الأولى منه على أن " تحل الشركات القابضة محل هيئات القطاع العام الخاضعة لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1983 المشار إليه ، كما تحل الشركات التابعة محل الشركات التي تشرف عليها هذه الهيئات، وذلك اعتبار من تاريخ العمل بهذا القانون، ودون حاجة إلى أي إجراء آخر.
ونصت المادة 40 من ذات القانون على أنه " يجوز الاتفاق على التحكيم في المنازعات التي تقع بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأشخاص الاعتبارية من القطاع الخاص أو الأفراد وطنيين كانوا أو أجانب وتطبق في هذا الشأن أحكام الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ونصت المادة 41 على أن " طلبات التحكيم بين شركات القطاع العام أو بينها وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة التي قدمت قبل تاريخ العمل بهذا القانون وكذلك منازعات التنفيذ الوقتية في الأحكام الصادرة فيها يستمر نظرها أمام هيئات التحكيم المشكلة طبقاً لأحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون 97 لسنة 1983 وطبقاً للأحكام والإجراءات المنصوص عليها فيه ".
وهذه النصوص جميعها قاطعة الدلالة على أن التحكيم الإجباري لا يسري على شركات قطاع الأعمال ومن ثم إذا قام نزاع بين شركة من شركات القطاع العام أو هيئة من الهيئات التي عددتها المادة 56 من القانون 97 لسنة 1983 من ناحية وبين شركة من شركات قطاع الأعمال من ناحية أخرى فلا يسري عليها التحكيم الإجباري لأن شرط تطبيق المادة أن تكون الجهتين المتنازعتين كلاهما ممن عادتهم المادة.
وغني عن البيان أن التحكيم الإجباري لا يسري على الأنزعة التي تقوم بين شركات قطاع الأعمال بعضها البعض من باب أولى.
وجدير بالذكر أن الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات كان ينظم التحكيم الاختياري وقد ألغي هذا الباب بالقانون رقم 27 لسنة 1994 والذي نظم بدوره التحكيم الاختياري ومن ثم فإن منازعات شركات قطاع الأعمال يسري عليها نصوص القانون الأخير ولا يفوتنا أن ننوه أن المادة 41 من قانون شركات قطاع الأعمال أنفة البيان استثنت من تطبيق أحكامه طلبات التحكيم التي قدمت قبل العمل به وكذلك منازعات التنفيذ والوقتية في الأحكام الصادرة فيها وتستمر في نظرها هيئات التحكيم الإجباري حتى تنتهي منها.
وقد أخذت محكمة النقض بهذا الرأي الذي اعتنقناه في الطبعة السابقة في حكم من أحدث أحكامها.
يختص القضاء العادي بنظر منازعات شركات قطاع الأعمال :
اختصاص محكمة القيم :
أنشأ المشرع بقانون حماية القيم من العيب رقم 95 لسنة 1980 محكمة خاصة هي محكمة القيم وقد حددت المادة السادسة من القانون 141 لسنة 1981 اختصاصها بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات المنصوص عليها في المادة الخامسة من القانون الأخير وكذلك بالمنازعات الأخرى التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب أو المترتبة عليها وتحال إليها جميع المنازعات المطروحة على المحاكم الأخرى بجميع درجاتها وذلك بقرار من رئيس المحكمة التي تنظر النزاع.
والاختصاص المقرر بهذه المادة هو اختصاص ولائي متعلق بالنظام العام ومن ثم إذا عرض على القضاء العادي دعوى من هذا القبيل تعين عليها أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها وبإحالة الدعوى إلى محكمة القيم.
والجدير بالذكر أن اختصاص محكمة القيم مقصور على المنازعات التي تدور حول تقرير الحق في فرض الحراسة أو نفيه وبالتالي يخرج عن اختصاصها الدعاوى المتعلقة بالأموال التي لا تشملها الحراسة لتصرف الخاضع للحراسة فيها إلى الغير متى كان التصرف قد نفذ أو أثبت تاريخه قبل صدور الأمر بالمنع من التصرف ، كذلك لا تختص بالمنازعات التي تنشأ بين الأفراد وبين جهة الحراسة ومنها الدعاوى التي يرفعها الخاضع للحراسة ضد المدعي الاشتراكي يطالبه فيها بتعويض الضرر الناشئ عن سوء إدارته أموال الحراسة أو إخلاله بواجبات الحراسة المنصوص عليها في المادتين 733 ، 734 مدني أو وفقاً لأحكام المسئولية التقصيرية المقررة بمقتضى نص المادة 163 من القانون المدني ، كما لا يدخل في اختصاصها سائر المنازعات المتعلقة بالتأميم.
أوجب المشرع بمقتضى نص المادة السادسة من القانون رقم 141 لسنة 1981 آنفة البيان إحالة الدعوى المطروحة أمام المحاكم بجميع درجاتها إلى محكمة القيم إلا أن محكمة النقض رفضت إحالة الدعاوي المنظورة أمامها وحجتها في ذلك أن المنازعات التي أوجب المشرع إحالتها هي المنازعات الموضوعية التي تدور حول تقرير الحق أو نفيه فلا تدخل فيها الطعون بالنقض.
وقد كانت المادة 50 من قانون حماية القيم من العيب رقم 95 لسنة 1980 بإنشاء محكمة القيم تنص على أن الأحكام النهائية الصادرة من محكمة القيم العليا لا تقبل الطعن بغير طريق إعادة النظر إلا أن المحكمة الدستورية أصدرت بجلسة 5 / 8 / 1995 حكماً بعدم دستورية هذا النص وكان لابد أن يتدخل المشرع لسد هذا الفراغ التشريعي فأصدر القانون رقم 1 لسنة 1997 وأجاز في المادة الأولى منه للخصوم الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة العليا للقيم في المنازعات المنصوص عليها بالمادة 6 من القانون رقم 141 لسنة 1981 السابق الإشارة إليها ونص في المادة الثانية منه ( من القانون رقم 1 لسنة 1997 ) على أن يكون ميعاد الطعن في الأحكام النهائية الصادرة في المنازعات المذكورة من المحكمة العليا للقيم قبل العمل بهذا القانون ستين يوماً من تاريخ العمل به وبذلك انفتح باب الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام النهائية الصادرة من المحكمة العليا القيم في المنازعات الناشئة عن فرض الحراسة إذا كان الحكم قد صدر مخالفاً للقانون أو مخطئاً في تطبيقه أو تأويله أو شابه البطلان.
يختص القضاء العادي بنظر المنازعات الناشئة عن فرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين:
من المقرر أن سلطة رئيس الجمهورية في فرض الحراسة استناداً إلى قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 قاصر على الشركات والمؤسسات فإذا صدر قرار جمهوري بفرض الحراسة علي الأشخاص الطبيعيين كان ذلك كما قالت محكمة النقض بحق غضباً للسلطة وخروجاً علي التفويض المقرر له بموجب القانون ومن ثم فإنه يتجرد من حصانته وبالتالي يعتبر عقبة مادية ويترتب على ذلك اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعات الناشئة عنه .
مدى اختصاص القضاء المستعجل بالتعرض للقرار الإداري :
من المقرر أن القضاء المستعجل فرع من القضاء العادي ومن ثم يسري عليه ما يسري علي القضاء العادي الموضوعي وبالتالي لا يملك التعرض للقرار الإداري الفردي سواء بالإلغاء أو وقف التنفيذ أو بالتأويل ولكنه من ناحية أخري يملك فحصه والعيوب التي شابته فإن وجدها بلغت حدا من الجسامة تؤدي إلى انعدام القرار اعتبره مجرد عقبة مادية لا تمنعه من الحكم بالإجراء الوقتي الذي يراه مناسباً لحماية الأفراد من آثار القرار المعدوم ( قضاء الأمور المستعجلة للأستاذين راتب ونصر الدين كامل بند 128 ).
يختص القضاء الإداري وحده بنظر الدعاوى المستعجلة التي تمس إلغاء القرار الإداري أو التعويض عنه :
من المقرر إعمالاً لقاعدة أن الفرع يتبع الأصل إن القضاء الإداري وحده يختص بنظر الدعاوى المستعجلة التي تمس إلغاء القرار الإداري أو التعويض عنه وترفع إليه بأحد طريقين إما بدعوى مستقلة كدعوى إثبات الحالة أو دعوى الحراسة أو دعوى استرداد الحيازة كما يختص عملاً بالمادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 بنظر طلب وقف تنفيذ القرار الإداري إذا رفع عن طريق التبع الدعوى الموضوعية.
القرارات الصادرة من اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي تعد قرارات إدارية :
أنشأ المشرع كثيراً من اللجان الإدارية وجعل لها اختصاصاً قضائياً كلجان الري والصرف التي نص عليها قانون الري والصرف رقم 12 لسنة 1984، فيختص القضاء الإداري بالطعن على القرارات الصادرة من هذه اللجان ما لم يكن القانون الذي أنشأ اللجنة قد خول القضاء العادي الاختصاص بنظر الطعون على تلك القرارات كما هو الشأن في قانون الضرائب رقم 157 لسنة 1981 إذ جعل الطعن على القرارات الصادرة من لجان الطعن الضريبي من اختصاص القضاء العادي.
قيام الجهة الإدارية بتنفيذ الأوامر علي العرائض الصادرة من القضاء العادي لا يتمخض عن قرار إداري :
من المقرر أن قيام الجهة الإدارية بتنفيذ أمر عريضة صادر من القضاء العادي لا يتمخض عن قرار إداري مثال ذلك تنفيذ الأوامر علي عريضة الصادرة من قضاة الأمور الوقتية بما لهم من سلطة ولائية وفقاً للمادة 194 من قانون المرافعات ومن ثم فإن التعويض عن الخطأ في تنفيذ الأوامر أو عدم تنفيذه من اختصاص القضاء العادي . ( نقض 30 / 12 / 1982 سنة 33 ص 1279).
ثانياً النوع الثاني من المنازعات التي يختص بها القضاء الإداري :
العقود الإدارية :
بينا فيما سبق أن هناك نوعين من المنازعات لا يختص بنظرهما جهة القضاء العادي وإنما يختص بنظرهما القضاء الإداري وهما القرارات الإدارية والعقود الإدارية وقد شرحنا فيما سبق القرارات الإدارية ويبقي بعد ذلك العقود الإدارية وهو ما نقوم بشرحه في هذا البحث.
وقد نصت الفقرة الحادية العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 على أن " تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الأتية : المنازعات الخاصة بعقود الالتزام أو الأشغال العامة أو بأي عقد إداري أخر " وظاهر من هذا النص أن المشرع جعل الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية قاصر علي القضاء الإداري ومادام أن القضاء العادي غير مختص بنظرها فإن القضاء المستعجل وهو فرع منه يكون بالتالي ممنوعاً من نظرها.
ولم يعرف الشارع العقد الإداري إلا أن محكمة القضاء الإداري عرفته بأنه العقد الذي يبرمه شخص معنوي من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره وأن تظهر نيته في هذا العقد بالأخذ بأسلوب القانون الخاص، كما قضت أيضاً بأن " العقود الإدارية تختلف عن العقود المدنية بأنها تكون بين شخص معنوي من أشخاص القانون العام وبين شخص أو شركاء أو جماعة، وفي أنها تستهدف مصلحة عامة لسير مصلحة عامة لسير العمل في مرفق عام - وأن كفتي المتعاقدين فيها غير متكافئة إذ يجب أن يراعي فيها دائماً وقبل كل شيء تغليب الصالح العام علي مصلحة الأفراد - وهذا الهدف يجب أن يسود شروط وعلاقة المتعاقدين في تطبيقه وفي تفسيره وفي إنهائه..".
وقد أخذ الفقه والقضاء بهذا التعريف ويستخلص منه أن العقد الإداري له أركان ثلاثة لا يعد عقداً إدارياً إلا بقيامها :
الركن الأول أن تكون الإدارة طرفاً في التعاقد فالعقد الذي لا تكون الإدارة طرفاً فيه لا يعد عقداً إدارياً فالعقود التي تبرمها شركات القطاع العام لا تعد عقوداً إدارية ومثال الجهات الإدارية التي تبرم عقوداً إدارية الوزارات والمصالح والمؤسسات والهيئات الحكومية وذلك بشروط توافر باقي أركان العقد لأنه ليس كل عقد تكون الإدارة طرفاً فيه يعد عقداً إدارياً إذ يحدث في بعض الأحيان أن تعقد الإدارة عقوداً مدنية يكون حكمها فيها حكم الأفراد من حيث سريان قواعد القانون الخاص على هذا النوع من العقود ومن ذلك تأجير بعض الجهات الإدارية كوزارة الأوقاف أو مجالس المدن أو المجالس المحلية للأراضي الزراعية أو الوحدات السكنية التي تملكها للأفراد .
الركن الثاني أن يتصل العقد بمرفق عام، فالعقد الذي تبرمه الإدارة ولا يتصل بمرفق عام سواء بتنظيمه أو استغلاله أو المعاونة في تسييره أو عن طريق توريد مواد أو تقديم خدمات أو عن طريق استخدام المرفق ذاته لا يعد عقداً إدارياً بل من عقود القانون الخاص ولم يعرف الشارع المرفق العام وقد عرفته محكمة القضاء الإداري بأنه كل مشروع تنشئة الدولة أو تشرف على إدارته ويعمل بانتظام واستمرار ويستعين بسلطان الإدارة لتزويد الجمهور بالحاجات العامة التي يتطلبها، لا بقصد الربح بل بقصد الربح بل يقصد المساهمة في صيانة النظام العام وخدمة المصالح العامة والصفات المميزة للمرفق العام هو أن يكون المشروع من المشروعات ذات النفع العام أي أن يكون غرضه سد حاجة عامة مشتركة أو تقديم خدمات عامة وألا يكون الغرض من المشروع مجرد تحقيق الربح، وللتحقق من تلك الصفات يتعين الرجوع إلى النصوص التشريعية إن وجدت أو إلي طبيعة النشاط الذي يقوم به المرفق العام أو لنية السلطة العامة إذ أنها تملك وحدها تقرير إنشاء مرفق معين أو إلغاء مرفق قائم وفقاً لما تراه من ظروف ومقتضيات وتستخلص نية السلطة العامة في قيام المرفق من مجموع الظروف والقرائن المحيطة بنشأة المشروع أو المتصلة بإدارته أو خضوعه لرقابة ثابتة أو من منح المشروع بعض امتيازات السلطة العامة أو غير ذلك من المظاهر التي تؤكد أن نية جهة الإدارة قد اتجهت إلي جعل ذلك النشاط مرفقاً عاماً ومن أمثلة المرافق العامة التي تسيطر عليها الدولة وتديرها للنفع العام مرفق المياه والكهرباء والمجاري والتليفونات والسكك الحديدية فإذا تعاقدت إحدى السلطات الإدارية علي تسيير إحدى هذه المرافق أو أبرمت عقد مقاولة لإنشاء شيء من هذه المرافق أو توريد مواد لازمة لتسييرها أو الحفاظ عليها عد العقد إدارياً إلا أن تعاقد الجهة التي تدير المرفق مع الأفراد المنتفعين بالمشروع لا يعد عقداً إدارياً فالعقد الذي يبرمه الأفراد المنتفعين بالتليفونات أو المياه أو الكهرباء مع الجهة التي تدير المرفق لا يعتبر عقداً إدارياً كذلك إذا تعاقدت المحافظة مع مقاول لبناء وحدات سكنية فإن هذا العقد يعد إدارياً إذا توافرت باقي الشروط أما تأجير المحافظة هذه الوحدات للأفراد فيعتبر عقداً مدنياً.
الركن الثالث أن يتضمن العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة في العقود المدنية ولم يبين المشرع ماهية الشروط الاستثنائية وإنما يمكن التعرف عليها من أنه يراعي فيها أن تكون لمصلحة الجهة الإدارية تستهدف بها مصلحة عامة وأن تكون كفة الجهة الإدارية هي الأرجح كأن يكون للجهة الإدارية حق الإشراف وتعديل المشروع ووقف تنفيذه إلى أجل وإلغائه وتوقيع غرامات على المتعاقد الأخر ومصادرة مهماته دون اللجوء إلى القضاء وأن يكون ظاهراً من شروط العقد وأن نية الجهة الإدارية قد انصرفت إلى جعل العقد من العقود الإدارية فإذا صرحت جهة الإدارة بأن العقد يسري عليه القانون الخاص ولا يعتبر من العقود الإدارية فإن العقد في هذه الحالة لا يعد عقداً إدارياً حتى لو اكتملت له سائر شروط العقد الإداري وذلك أن كثيراً من الأفراد يحجمون عن التعامل مع الجهة الإدارية إذا كان العقد إدارياً وذلك لقسوة شروطه فتعمد الجهة الإدارية إلى استمالة هؤلاء خاصة في عقود التوريد بأن تنص صراحة في العقد على أنه عقد مدني .
أهم العقود الإدارية :
سبق أن بينا أن المشرع لم يورد العقود الإدارية علي سبيل الحصر وأشار إلي بعض منها علي سبيل المثال ولا يعني ذلك أن كل عقد من العقود المسامة التي أشار إليها المشرع يعتبر عقداً إدارياً لمجرد أن الإدارة طرفاً فيه ما لم تتوافر فيه باقي شروط العقد الإداري ومن العقود الإدارية ما هو من العقود المسماة ومنها عقود غير مسماة لا ترد تحت حصر.
بعض العقود الإدارية المسماة :
1- عقد امتياز المرفق العام وهو عقد تعهد به الإدارة إلي أحد الأفراد أو الشركات بإدارة مرفق عام واستغلاله لمدة محددة مستعيناً في ذلك بأمواله وعماله وعلي مسئوليته تحت إشراف الإدارة وذلك في مقابل تقاضيه رسوماً من المنتفعين بهذا المرفق مثل التزام توريد المياه والكهرباء وتسيير ترام أو أتوبيس أو استخراج بترول أو استغلال منجم .
2- عقد الأشغال العامة وهو عقد مقاولة تعهد فيه الإدارة إلي أحد الأفراد أو الشركات للقيام ببناء أو ترميم مباني أو منشآت كالكباري أو حفر ترع أو مصارف أو صيانة جسور أو مد أنابيب المياه تحت الأرض أو توصيل التليفونات أو مد مواسير المجاري أو عمل حاجز لمياه البحر أو أرصفة المواني وذلك لحساب أحد الأشخاص الإدارية أن يكون القصد منه منفعة عامة.
3- عقد التوريد وهو كما عرفته محكمة القضاء الإداري " الاتفاق بين شخص معنوي من أشخاص القانون العام وبين فرد أو شركة يتعهد بمقتضاه هذا الفرد أو تلك الشركة بتوريد أشياء معينة للشخص المعنوي لازمة لمرفق عام مقابل ثمن معين " ومثال هذا العقد توريد مواد حربية للجيش أو التموين أو أغذية أو ملابس للمدارس والمستشفيات أو مهمات للمصالح الحكومية.
4 - عقد النقل وهو اتفاق بموجبه يتعهد فرد أو شركة بنقل أشياء منقولة من جهة إلي جهة لحساب جهة الإدارة أو بضع سيارات ركوب أو نقل أو سفن تحت تصرف جهة الإدارة لمرة أو لعدة مرات .
5- عقد المساهمة في نفقات مشروع ذي نفع عام أو تقديم المعاونة في إنشائه أو تسييره وقد عرفته محكمة القضاء الإداري بأنه عقد إداري يتعهد بمقتضاه شخص برضائه واختياره بأن يشترك في نفقات مشروع من مشروعات الأشغال العامة، كالمساهمة في إنشاء مدرسة أو مستشفى بدفع جزء من تكاليف الإنشاء أو هبة الأرض التي يقام عليها المشرع بعوض أو بغير عوض أو عقد إيجار الخدمات بمقابل كأن يتعهد شخص أو شركة بتنظيف مدينة أو حي معين أو مرفق من المرافق نظير أجر معین.
6 - عقود البيع والإيجار : وهي تكون عقوداً مدنية أو إدارية حسب شروط العقد فإن توافرت فيها شروط العقد الإداري كان إدارياً أما إذا كانت شروطها عادية عدت من عقود القانون المدني وكانت جهة القضاء العادي هي المختصة بكل نزاع يثور بشأنها.
وقد ذهب رأي في الفقه إلي أن عقود بيع الإدارة بعض العقارات أو المنقولات هي عقود مدنية بطبيعتها لتعلقها بالأموال الخاصة للدولة لأن الأموال العامة المخصصة لنفع عام لا تقبل التصرف فيها وذهب رأي آخر إلى أن تلك العقود تكون مدنية في أغلب الأحيان إلا أن هذا لا يمنع من أن يكون عقد البيع الصادر من الإدارة عقداً إدارياً إذا توافرت فيه الأركان الثلاثة اللازم توافرها في العقد الإداري ( راجع في الرأي الأول المجمع الحديث قضاء الأمور المستعجلة للأستاذين صلاح بيومي واسكندر زغلول ص 121 وراجع في الرأي الثاني قضاء الأمور المستعجلة للأستاذين راتب ونصر الدين كامل الطبعة السادسة ص 213) وفي تقديرنا أن الرأي الأخير هو الذي يتفق وصحيح القانون إذ قد يكون هدف جهة الإدارة من هذا البيع هو إخلاء المكان من المال المبيع في فترة محددة لتقييم جهة الإدارة مشروعاً للنفع العام كقطع أشجار لإنشاء طريق أو ترعة أو مصرف أو بيع أنقاض مبنى لإقامة مستشفى أو مدرسة مكانه وبشرط توافر أركان العقد الإداري وقد قضت محكمة القضاء الإداري بأن تصرف الدولة في أملاكها الخاصة يخضع للقواعد المدنية وأن بيع ثمار الحدائق المملوكة للإدارة عقد خاص.
اختصاص القضاء المدني بتكييف العقود الإدارية :
لما كان القانون لم يعرف العقود الإدارية ولم يبين الخصائص التي تميزها والتي يهتدي بها في القول بتوفير الشروط اللازمة لها ولحصانتها وصيانتها من تعرض السلطة القضائية لها بتعطيل أو تأويل فإن من وظيفة المحاكم أن تعطي هذه العقود وصفها القانوني علي هدي حكمة التشريع ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية الأفراد وحقوقهم وذلك توصلاً إلي تحديد اختصاصها للفصل في النزاع المطروح عليها وعلى ذلك يكون لمحكمة المواد المستعجلة إذا طلب منها اتخاذ إجراء وقتي بشان عقد مبرم بين جهة الإدارة وفرد أو شركة أن تبحث عن ظاهر المستندات شروط هذا العقد حتى تعطيه وصفه القانوني الصحيح فإن استبان لها أنه عقد إداري امتنع عليها اتخاذ الإجراء الوقتي المطلوب وتعين عليها أن تقضي بعدم اختصاصها حتى ولو توافر في الدعوى ركني الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق أما إذا بدا له من ظاهر الأوراق أن العقد من عقود القانون المدني كانت مختصة بالإجراء الوقتي المطلوب إذا توافر في الدعوى ركنا الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق. (التعليق على قانون المرافعات، للمستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثالث ، الصفحة : 48)
تعلق الدفع بعدم الاختصاص الولائي والنوعي والقيمي بالنظام العام : سبق أن أوضحنا عند تعليقنا على المادة 62 فيما مضى أن قاعدة الاختصاص تكون متعلقة بالنظام العام إذا كانت مقررة لتحقيق مصلحة عامة هي حسن سير القضاء، وتحقيق الهدف منه، بينما تكون غیر متعلقة بالنظام العام إذا كانت مقررة لرعاية مصلحة خاصة لأحد الطرفين أو لمصلحتهما معاً، كما أوضحنا أيضاً النتائج التي تترتب على اعتبار قاعدة الاختصاص من النظام العام، وعلى عدم اعتبارها كذلك، وتهدف قواعد الاختصاص الولائي (الوظيفي) إلى تحقيق مصلحة عامة تتمثل في حسن تنظيم القضاء، ولذلك فإن قواعد الاختصاص الولائي لجهات القضاء تتعلق بالنظام العام (انظر تفصيلات ذلك: للمؤلف: اختصاص المحاكم الدولى والولائى - دار النهضة العربية - بند 71 وما بعده ص 129 وما بعدها والمراجع والأحكام المشار إليها فيه)، فتحديد ولاية جهات القضاء المختلفة يقوم على اعتبارات عامة لاعتبارات خاصة بأشخاص المتقاضين، ولذا فإن قواعد الاختصاص المتعلق بالولاية (بالوظيفة) من النظام العام، ويستفاد هذا المعنى من المادة 109 - محل التعليق - إذ تنص على أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها، ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى.
كذلك فإن قواعد الاختصاص النوعي تتعلق بالنظام العام على نحو ما أوضحنا فيما مضى عند دراستنا له في الجزء الأول من هذا المؤلف، لأن هذه القواعد تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة هي حسن تنظيم القضاء، فتعدد طبقات المحاكم داخل الجهة القضائية الواحدة، وتوزيع القضايا حسب نوعها على هذه المحاكم تقتضيه اعتبارات متعددة أهمها: وجوب توافر محكمة عليا تشرف على صحة تطبيق القانون، وتعمل على توحيد القضاء في المسائل القانونية، وتخصص محاكم للفصل في القضايا الكبيرة الأهمية، وأخرى للفصل في القضايا القليلة الأهمية، وتخصص محاكم للفصل في الدعوى بصفة ابتدائية، ومحاكم لنظر الدعوى بصفة استئنافية لأن القانون المصرى باخذ بمبدأ التقاضي على درجتين، وقد رأى المشرع أن هذه الاعتبارات تقوم على مصلحة عامة، وليس لمصلحة خاصة بأشخاص المتقاضين، ومن ثم فهي تتعلق بالنظام العام، فالمشرع قد وزع ولاية القضاء على طبقات المحاكم مراعياً قدرة كل منها على الحكم فيما تختص به، ومراعياً ملاءمة الإجراءات التي تتبع أمامها والمواعيد المتعلقة بها القضايا التي تختص بها (أحمد أبوالوفا - نظرية الدفوع ص 199 وص 200). ويستفاد تعلق قواعد الاختصاص النوعي بالنظام العام من نص المادة 109 - محل التعليق - سالف الذكر، ويعتبر من قبيل الاختصاص النوعي اختصاص محكمة النقض، واختصاص محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية بوصفها من محاكم الدرجة الثانية وتحديد ما إذا كان الحكم يقبل الاستئناف أو لا يقبله، واختصاص المحاكم المدنية بالنسبة إلى المحاكم الجنائية، واختصاص المحاكم التي تنظر نوعاً معيناً من القضايا، كالمحاكم المستعجلة، والحكمة الجزئية التجارية في كل من مدينتي القاهرة والإسكندرية، والاختصاص الاستثنائي للقاضی الجزئي أو للمحكمة الابتدائية الذي يقوم على أساس نوع معين من الدعاوى .
ووفقاً للمادة 109 - محل التعليق - يعتبر الدفع بعدم اختصاص المحكمة بأية دعوى لاتدخل في اختصاصها النوع من النظام العام، فتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها، ويجوز إبدائه في أية حالة تكون عليها الدعوى، وتطبيقاً لذلك يعتبر عدم اختصاص نوعی متعلقة بالنظام العام عدم اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالدعاوى الموضوعية (انظر: حكم محكمة مصر الكلية في 3/ 11/ 1934 - منشور في المحاماة 18 - 67 - 135)، ومن ذلك أيضا عدم اختصاص المحاكم المتخصصة بالدعاوى التي لاتدخل نوعيا في اختصاصها المقيد كما هو الحال بالنسبة لعدم اختصاص محكمة تجارية جزئية بالدعاوى المدنية (انظر: حكم محكمة مصر التجارية الجزئية 28/ 3/ 1949 - منشور في المحاماة 20 - 1425 - 618)، ومن ذلك أيضاً عدم اختصاص المحكمة المدنية بدعوى تدخل في اختصاص نوعي لمحكمة متخصصة، كما هو الحال بالنسبة لعدم اختصاص محكمة مدنية جزئية بدعوى تجارية تدخل في الاختصاص النوعي لمحكمة تجارية جزئية (فتحی والی - بند 185 ص 276 ص 277)، وهكذا.
ووفقاً للمادة 109- محل التعليق - فإن قواعد الاختصاص القيمى أيضاً تعتبر من النظام العام، ويجوز للمحكمة أن نحكم بعدم اختصاصها فيها من تلقاء نفسها، وفي أية حالة تكون عليها الدعوى، وتحدد قواعد الاختصاص القيمي كما سبق أن أوضحنا عند دراستنا له فيما مضى الاختصاص بين المحاكم الجزئية، والمحاكم الابتدائية بحسب قيمة الدعوى، وهي تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة. هی حسن تنظيم القضاء لا مصلحة خاصة بالمتقاضين، ولذلك تتعلق بالنظام العام، وقد رأى المشرع في القانون رقم 100 لسنة 1962، المعدل لقانون المرافعات السابق ألا يجعل الاختصاص القيمي من النظام العام تمشياً مع وجهة النظر الاشتراكية بحيث لا تكون لقيمة الدعوى مثل هذه الأهمية، إلا أنه عاد في القانون الحالي، وفي المادة 109 منه - محل التعليق - إلى اعتبار قواعد الاختصاص القيمي من النظام العام، ولكن ينبغي ملاحظة أنه، وإن كان الدفع بعدم الاختصاص بسبب قيمة الدعوى قد عاد مرة أخرى إلى ما كان عليه قبل القانون 100 لسنة 1962، متعلقاً بالنظام العام يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى، إلا أنه لا يجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع كان يجب طرحه على محكمة الموضوع هو التحقق من قيمة محل النزاع.
(نقض 9 / 5/ 1968 - السنة 19 ص 914).
ويترتب على اعتبار قواعد الاختصاص الولائي (الوظيفي) والنوعي والقيمي من النظام العام، نتائج مضت الإشارة إليها عند تعليقنا على المادة 63، ونكرر هنا الإشارة إلى هذه النتائج وهي: عدم جواز اتفاق الخصوم على رفع الدعوى إلى جهة قضاء غير مختصة به ولائياً، أو إلى أي محكمة غير مختصة بها قيميا، أو غير مختصة به نوعياً، ومثل هذا الاتفاق يكون باطلاً لأنه لا يجوز تفويت الأغراض التي وضعت قواعد النظام العام لتحقيقها، ولو كان الاتفاق على اختصاص المحكمة الابتدائية بدلاً من المحكمة الجزئية على تقدير أنها هي المحكمة ذات الاختصاص العام، كما أنه لا يجوز للخصوم أن يتنازلوا عن تطبيق قاعدة الاختصاص المتعلقة بالنظام العام، وهذا التنازل إن حدث لا يعتد به.
ومن هذه النتائج أنه يجوز لكل من المدعي والمدعى عليه الدفع بعدم الاختصاص في أية حالة تكون عليها الدعوى، فبالنسبة للمدعى لا يتقيد بالقبول الضمني المستفاد من إقامة الدعوى أمام محكمة غير مختصة، لأن الاتفاق الصريع لا يفيد الخصم فمن باب أولى لا يقيده، القبول الضمني، وبالنسبة إلى المدعى عليه لا يعتبر القبول الضمني المستفاد من التكلم في موضوع الدعوى مانعاً من الدفع بعدم اختصاص المحكمة.
كما يجوز الإدلاء بالدفع في أية حالة تكون عليها الدعوى، ولو بعد صدور حكم فرعى - أو في شق في الموضوع : حتى ولو أصبح هذا الحكم أو ذاك غير قابل للطعن فيه (جابيو - المرافعات - ص 232 وص 223)، ويجوز إبداء الدفع لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية أو أمام محكمة النقض (جارسونيه - المرافعات - بند 65، أحمد أبوالوفا - نظرية الدفوع - بند 87 ص 201 و 202)، و قد عبرت المادة 109 - محل التعليق - في فقرتها الثانية عن ذلك صراحة بقولها أنه يجوز الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها في أية حالة تكون عليها الدعوى. ومن هذه النتائج أيضاً أنه يجب على النيابة العامة إذا تدخلت في الدعوى كطرف منضم أن نتمسك بعدم الاختصاص، ولو لم يدفع أحد الخصوم بذلك بل ولو كان طرفا الخصومة قد قبلا ذلك الاختصاص، وذلك لأن النيابة العامة أمينة على مصلحة المجتمع، وينبغي عليها أن تراعي القواعد المتعلقة بالنظام العام.
وأنه يجب على المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بانتفاء ولايتها، ولو أغفل الخصوم والنيابة التمسك بعدم الاختصاص (نقض 27/ 3/ 1952 - لسنة 3 ص 711)، لأن القضاء أمين على النظام العام، ومن ثم يجب عليه مراعاته وإزالة ما يخالف هذا النظام من تلقاء نفسه، وقد عبرت المادة 109 - محل التعليق - عن ذلك صراحة في فقرتها الأولى، بقولها أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها.
وينبغي ملاحظة أن مسألة الاختصاص المتصل بالنظام العام تعتبر مطروحة دائماً على المحكمة، كما أن الحكم في الموضوع يعتبر مشتملاً حتماً على قضاء ضمني في الاختصاص (نقض 19/ 11/ 1959 - منشور في المحاماة 40 ص 1832)، كما يعتبر اختصاص قاضي التنفيذ من النظام العام، سواء بصدد الطلبات الموضوعية أو الوقتية لأنه اختصاص نوعی، وقد مضت الإشارة إلى أن قواعد الاختصاص النوعي من النظام العام، شأنها في ذلك شأن قواعد الاختصاص الولائي الوظيفي) والقيمي.
الفصل في الدفع بعدم الاختصاص وأثر الحكم الصادر بشأنه وتنفيذه وحجته والطعن فيه: إذا رفعت دعوى إلى محكمة ما فإنه على القاضي أن يتأكد من اختصاصه بنظر هذه الدعوى، فالقاضي مختص بالفصل في مسألة اختصاصه، فالأصل أن لكل محكمة سلطة تقرير اختصاصها بالدعوى المرفوعة إليها، إذ من القواعد الأساسية أن كل قاض يختص بالنظر في أمر اختصاصه أو عدم اختصاصه بنظر الدعوى عملاً بقاعدة أن قاضي الموضوع هو قاضي الدفوع، وهو لا يتقيد بأي حكم يصدر من قاض آخر بمنحه الاختصاص أو بنزعه عنه (موریل - المرافعات - بند 293 ص 248، جلاسون - المرافعات . ج 1 بند 268 ص 693، أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع ص 203)، فيما عدا ما نص عليه المشرع من استثناءات، فنتيجة لكون كل محكمة مختصة بمسالة اختصاصها، فإنه كقاعدة - ليس للمحكمة أن تقرر بشأن اختصاص غيرها من المحاكم، فإن فعلت فإن قرارها لا يلزم تلك المحكمة (فتحى والى - بند 184 ص 275) .
وإذا كان من البديهي أن للقاضي أن يتأكد من اختصاصه بنظر الدعوى، إلا أن سلطته في الحكم بعدم اختصاصه مقيدة بمدى تعلق الاختصاص بالنظام العام، فإذا كان عدم اختصاصه ينتج عن مخالفة قاعدة تتعلق بالنظام العام، فالقاضي يحكم به من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الخصوم، أما إذا تبين أن عدم اختصاصه يرجع إلى قاعدة لا تتعلق بالنظام العام فإنه لا يجوز أن يحكم به من تلقاء نفسه، وإنما يحكم بذلك بناء على دفع يبديه الخصوم وهو الدفع بعدم الاختصاص فإذا حكم بعدم اختصاصه فعليه أن يميل الدعوى إلى المحكمة المختصة بالدعوى (مادة 110)، وبذلك لم يأخذ المشرع المصرى بالقاعدة التي تقرر أن المحكمة مختصة فقط باختصاصها وليس لها أن تفصل في مسألة اختصاص غيرها من المحاكم إلا في الحالات الاستثنائية التي تكون وظيفة الحكمة الفصل في اختصاص محكمة أخرى (إبراهيم سعد - ج 1 بند 209 ص 514).
والغالب أن تقضي المحكمة في الدفع قبل الفصل في موضوع الدعوى، لأن القضاء في الدفع قد يغنيها عن نظر الموضوع، فإذا هي قضت بقبول الدفع انتهت بذلك الخصومة أمامها، أما إذا رفضت المحكمة الدفع تدرجت إلى نظر الموضوع، إنما قد ترى المحكمة تقدير الدفع مع تقدير الموضوع، وقد أجاز لها المشرع ذلك في المادة 108 التي سبق لنا التعليق عليها. والفصل في مسألة الاختصاص مسألة أولية بالنسبة للمحكمة، إذ من المنطقي أن تنظر المحكمة أولاً في مسألة اختصاصها بالدعوى قبل فصلها في هذه الدعوى. ذلك أنه لا سلطة لها في الفصل في الدعوى قبل أن تتأكد من اختصاصها بها، على أنه إذا كانت القضية جاهزة، فلا يوجد ما يمنع من الفصل في مسألة الاختصاص، وفي الموضوع معاَ (موریل - بند 297 ص 251 - 253، فتحی والی - بند 184 ص 275). ومما يحبذ هذا الاتجاه، إن مسألة الاختصاص قد تقتضي مبدئياَ إجراء بحث في الموضوع لمعرفة ما إذا كان يدخل في اختصاص المحكمة (فنسان - بند 338 ص 428، فتحي والى - الإشارة السابقة)، وبهذا تنص المادة 108/ 2 مرافعات الحكم في هذه الدفوع (ومنها الدفع بعدم الاختصاص، على استقلال ما لم تأمر المحكمة بضمها إلى الموضوع، ويلاحظ أنه رغم إشارة هذه المادة إلى الاختصاص المحلى، فلا شك في انطباق حكمها على غيرها من أنواع الاختصاص، كما يلاحظ أن فصل القاضي في مسألة الاختصاص، وفي موضوع الدعوى معاً إنما یعنی الفصل فيهما في وقت واحد وفي حكم واحد، ولكنه لا يعني أن يفصل فيهما بقرار واحد، فالحكم الصادر فيهما يتضمن في الواقع قرارين: قرار يتعلق بالاختصاص. وأخر يفصل في الدعوى ( 108 / 2)، ولهذا فإن كلا من القرارين يجب أن يتضمن أسبابه المتعلقة به، على أنه إذا لم يتمسك أحد من ذوى الشأن بعدم الاختصاص المتعلقة بالنظام العام، ورأت المحكمة أنها مختصة بالدعوى، فإنها تصدر قراراً في الموضوع، ويعتبر هذا القرار منطوياً على قرار ضمني اختصاصها بالدعوى (نقض 14/ 2/ 1963 - السنة 14 ص 247، نقض 7/ 12/ 1966 - السنة 17 ص 1802، نقض 16/ 3/ 1967 - السنة 18 ص 672)، ولا حاجة بها الإصدار قرار منفصل مسبب بالنسبة لمسألة الاختصاص (فتحي والي ۔ ص 276).
وإذا اتضح للمحكمة عدم اختصاصها فإنها لا تحكم به إلا إذا كان متعلقاً بالنظام العام، وإذا لم يتمسك الخصم بعدم اختصاصها في هذه الحالة، فإنها تفصل في الدعوى لأن عدم تمسك الخصم بهذا الدفع يفيد تنازله عنه، ويعبر عن اتفاق ضمني على اختصاص المحكمة، وهو اتفاق جائز لأن قاعدة الاختصاص في هذه الحالة غير متعلقة بالنظام العام.
وإذا حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم الاختصاص فإنها تنفذ حكمها فوراً، وذلك بنظرها الدعوى، والحكم فيها، لأن الحكم برفض الدفع حكم منع المشرع الطعن فيه لأنه حكم غير منه للخصومة (مادة 212 مرافعات)، ويترتب على ذلك أن تعرض الخصم الذي دفع بعدم الاختصاص للموضوع بعد الحكم برفض دفعه لا يعتبر قبولاً للحكم الصادر برفض دفعه، لأن عمله يعتبر من قبيل تنفيذ حكم واجب النفاذ، وتنفيذ الحكم الذي يعتبر قرينة على قبوله هو تنفيذ الحكم اختياراً (رمزي سيف - بند 331 ص 396).
إذن الحكم الصادر برفض الدفع بعدم الاختصاص ينفذ فوراً دون أن تستوفي بصدده الشروط اللازمة لجواز تنفيذ الأحكام باعتبار المرافعة في الموضوع تنفيذاً لحكم يرفض الدفع، ويلاحظ أن المادة 229/ 1 تنص على أن استئناف الحكم المنهي للخصومة يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قد قبلت صراحة و يستنتج من هذا النص أن تنفيذ هذه الأحكام اختياراً دون تحفظ لا يفيد قبولها، ولا يمنع من اعتبار استئنافها قائماً، وعلى ذلك يعتبر التعرض للموضوع من جانب المدعى عليه الذي دفع بعدم الاختصاص رضاء ضمنياً عن الحكم الصادر برفض الدعوى حتى ولو لم يتحفظ في هذا الصدر لأنه من المحتم عليه أن يذعن لتنفيذ الحكم الفرعي باختصاص المحكمة أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند 97 وبند 98 - ص 214)
ومن المعلوم أنه إذا حكم باختصاص المحكمة بالنسبة لبعض الطلبات وعدم اختصاصها بالنسبة للبعض الآخر، فمجرد حضور الجلسات والمرافعة في الموضوع لا يعد من جانب المدعى قبولاً للشق الأخير من الحكم المتقدم.
ويقاس الطعن بالنقض - في خصوص الرضا بالحكم - على الاستئناف لأن الأمر بالنسبة إلى كليهما في هذه الناحية يؤول إلى ما إذا كان تنفيذ الحكم يعتبر قبولاً له أو لا یعتبر، والمادة 229 تقطع بأن تنفيذ الحكم لا يعتبر بذاته قبولاً له مانعاً من الطعن فيه مع الطعن في الحكم في الموضوع.
وإذا ألغت محكمة الدرجة الثانية الحكم بعدم الاختصاص فإن ذلك يستوجب إعادة الدعوى لمحكمة الدرجة الأولى (نقض 17/ 1/ 1979، الطعن رقم 399 لسنة 46 قضائية، ونقض 23/ 5/ 1972 - السنة 23 ص 981)، حتى لا يحرم الخصوم من درجة من درجات التقاضي، و حتى تستنفد محكمة الدرجة الأولى، ولايتها، ويلاحظ أن المادة 219/ 2 تجيز الاتفاق على نهائية الحكم، ولكنها لا تجيز النزول من الدرجة الأولى من درجات التقاضي، ومبدأ التقاضي على درجتين هو في الأصل من النظام العام، ولا يجوز للخصم النزول عنه، كما لا يجوز اتفاق الخصوم على مخالفته - ما لم يرد: نص خاص بنص المادة 219/ 2 (أحمد أبوالوفا ۔ نظرية الدفوع - بند 98 ص 215).
وإذا حكمت المحكمة بقبول الدفع بعدم الاختصاص، فإنه يترتب على الحكم بقبول الدفع زوال الخصومة، واعتبارها كأن لم تكن وزوال كل الآثار المترتبة عليها (فيما عدا الأثر المترتب على قطع مدة التقادم السارية المصلحة المدعى عليه)، فالتقادم ينقطع برفع الدعوى، ولو حكم فيها بعدم اختصاص المحكمة (مادة 383 من القانون المدني)، وإذا شاء المدعی تحديدها وجب عليه أن يتخذ إجراءات مبتدأة أمام المحكمة المختصة، مع ملاحظة أن مدة التقادم تسري من جديد من يوم صدور الحكم البات بعدم الاختصاص أي الحكم الذي لا يقبل الطعن بأي طريق من طرق الطعن (نقض 13/ 12/ 1945 - مجموعة القواعد القانونية، السنة 5 ص 13، أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند 101)، ولكن أوجب المشرع على المحكمة استثناء من هذه القاعدة العامة المتقدمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة، ويجوز لها عندئذ أن تحكم على المانعي بغرامة لا تتجاوز مائة جنيه (مادة 110)، وقد استهدف المشرع من ذلك الاقتصاد في الوقت، وفي الإجراءات والنفقات حتى لا يتحمل المدعي أعباء رفع دعوى جديدة، والحكم الصادر من محكمة بالاختصاص أو بعدم الاختصاص لا حجية له أمام محكمة أخرى، ولهذا فإنه لا يمنعها من الحكم بما يخالف الحكم السابق، فلا مانع من صدور حكم من المحكمة باختصاصها بدعوى معينة، ثم صدور حكم تال من محكمة أخرى باختصاصها بنفس الدعوى (فتحی والی - الوسيط بند 190 ص 207، أحمد أبوالوفا - نظرية الدفوع بند 91 ص 207)، ولا يستثنى من هذه الإحالة صدور حكم من المحكمة بعدم اختصاصها وبالإحالة إلى المحكمة المختصة، وفقاً للمادة 110، فوفقاً لهذه المادة تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بالحكم الصادر باختصاصها، وهو ما سوف نوضحه بعد قليل عند تعليقنا على هذه المادة، وعلة كون الحكم الصادر بالاختصاص من محكمة لا حجية له أمام محكمة أخرى هي أن الأصل . كما ذكرنا من قبل أن كل محكمة مختصة بمسألة اختصاصها، وهي لا تحدد اختصاص المحاكم الأخرى، فلا يتقيد القاضي بأي حكم يصدر من قاض أخر بمنح الاختصاص أو ينزعه عنه وذلك فيما عدا ما ينص عليه المشرع من استثناءات فالحكم باختصاص المحكمة يفيد أن المحكمة أيضاً لها ولاية الفصل في الدعوى المطروحة أمامها، وهو لا يعني اختصاصها هي وحدها بالفصل فيها، كما أن الحكم بعدم الاختصاص يقصد به في الأصل مجرد نفي ولاية المحكمة دون تحديد محكمة أخرى تختص بنظر الدعوى، وإن كان الشارع الآن في ظل القانون الحالى يلزم المحكمة بمقتضى المادة 110 أن تحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة، ومن الناحية العملية من المتصور تعدد المحاكم المختصة بنفس الدعوى، فقد ترفع الدعوى أمام أكثر من محكمة بسبب تعدد المحاكم في الاختصاص بنظرها، كما إذا تعدد المدعى عليهم، وكانت مواطنهم متعددة، أو بسبب تنازل الخصم الآخر عن الدفع بعدم الاختصاص غير المتعلق بالنظام العام مما يترتب عليه وجود نفس الدعوى أمام محكمتين مختصتين بنظرها، فمثلا قد يرفع المدعي دعواه أمام محكمة، ثم يتبين أنها غير مختصة محلياً فبعيد رفع نفس الدعوى أمام محكمة أخرى، ولكن خصمه لا يتمسك بعدم الاختصاص أمام المحكمة الأولى، مما يؤدي إلى قيام نفس الدعوى أمام محكمتين، وغير ذلك من حالات تنازع الاختصاص، والتي نظم المشرع كيفية حلها، وذلك بمنح الخصم إمكانية الدفع بالإحالة لقيام النزاع أمام محكمتين (ماده 108)، أو إلزام المحكمة غير المختصة بإحالة الدعوى للمحكمة المختصة (مادة 110)، أو قيام المحكمة الدستورية العليا بحسم تنازع الاختصاص الولائي (انظر: للمؤلف - الاختصاص الولائي والدولي - مكتبة دار النهضة العربية - بند 70 ص 127 أو ما بعدها).
ويتعين ملاحظة أن الحكم الصادر بالاختصاص أو بعدم الاختصاص لا يقبل الطعن فيه على استقلال، وإنما يقبل الطعن فيه عند صدور الحكم في الموضوع المنهى للخصومة (مادة 212 مرافعات)، كما أن استئناف الحكم المنهي للخصومة يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قد قبلت صراحة لمادة 229/ 1 مرافعات)، ومن ثم يستأنف الحكم الصادر بالاختصاص أو بعدم الاختصاص باعتباره حكماً صادراً قبل الفصل في الموضوع مع الحكم المنهى للخصومة، وتراعي في قابلية الحكم للاستئناف قيمة الدعوى، ففي ظل قانون المرافعات الحالي أصبح الطعن في الحكم الصادر في الاختصاص بالاستئناف مرتبطاً بقيمة موضوع الدعوى، بحيث إذا لم تبلغ قيمة موضوع الدعوى نصاب الاستئناف فلا يجوز الطعن في الحكم الصادر في الاختصاص بالاستئناف (رمزی سیف - بند 332 ص 397 إبراهيم سعد جـ 1 - بند 217 ص 523)، فالحكم الصادر باختصاص المحكمة بنظر الدعوى أو بعدم اختصاصها بها، وإحالتها إلى محكمة أخرى، هو من الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع التي يراعى في تقدير نصاب استئنافها قيمة الدعوى (مادة 226 مرافعات).
وجدير بالذكر أنه إذا طعن في الحكم الصادر من محكمة الاستئناف لمخالفة قواعد الاختصاص، فإن محكمة النقض تحدد المحكمة المختصة بعد قبول الطعن، ويكون لحكمها حجية الشيء المقضي بمعنى أن المحكمة التي حدد اختصاصها تلتزم بذلك (فتحى والى - مبادئ - بند 238 ص 582، إبراهيم سعد - الإشارة السابقة).
خضوع جميع وحدات الدولة ومؤسساتها بما فيها مجلس الشعب لمبدأ المساءلة القانونية باعتبار المحاكم العادية في الأصل صاحبة الولاية العامة.
الطعن في القرار الصادر من مصلحة الشهر العقارى بالامتناع عن شهر حكم أو عقد من اختصاص القضاء الإداري .
اختصاص القضاء العادي بنظر المنازعات التي تثور بين أعضاء الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان أو بينهم وبين الغير. (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء / الثاني، الصفحة : 937)