loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

حذف المشروع حكم المادة 137 من القانون القائم الذي كان يوجب على المحكمة التي يدفع أمامها بالإحالة لقيام نفس النزاع آن تحيل الدفع بميعاد قريب إلى المحكمة التي يرفع إليها النزاع أولاً للحكم في هذا الدفع وجعل المشروع الفصل في الدفع بالاحالة للمحكمة التي يقدم اليها وهي المحكمة التي يرفع إليها النزاع أخيراً تعجیلاً للفصل في الدفع (م 112 من المشروع) .

 

الأحكام

1 ـ إن بحث حقيقة الأجرة الواجبة على المستأجر فى ضوء القوانين المنظمة لها يعتبر إذا ما أثار المستأجر نزاعاً على سند من الجد حول مجاوزة الأجرة الإتفاقية لحدود القانون - مسألة أولية داخلة فى الدعوة المقامة بطلب الأجرة و لازمة للفصل فيها بما يقتضى من المحكمة المنظورة أمامها الدعوى - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تعرض لهذه المسألة و تقول كلمتها فيه بغير حاجة إلى أن يرفع المستأجر دعوى بتخفيض الأجرة بإعتبار أن ما يجوز طلبه بطريق الدعوى يجوز إبداؤه بطريق الدفع ، إلا أنه فى الأصول العامة التى يقوم عليها نظام القضاء أن أحكامه فى المنازعات هى عنوان الصحة المطلقة ، و أن قول الفصل فيها لا يقبل بطبعه تعدداً فى الرأى و لا عوداً إلى النظر فيه ، لذلك قام التشريع على إستبعاد طرح نزاع بذاته بشأن حق بعينه على أكثر من قاض واحد إتقاء ما قد يؤدى إليه ذلك من تعدد فى الأحكام إن تطابقت يصبح تعددها عبئاً لا طائل من ورائه ، و أن تنافرت تماحت و ضاع الحق بينها ، مما يهدر قرينة الصحة التى إفترضها القانون فى حكم القاضى و يغض من قيمة القضاء ، و هذا و ذاك ما ينبغى تنزيهه عنه ، كان النص فى المادة 112 من قانون المرافعات على أنه إذا رفع النزاع ذاته بين محكمتين وجب إبداء الدفع بالإحالة أمام المحكمة التى رفع إليها النزاع أخيراً للحكم فيه و تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها ، لما كان ذلك فإنه لا على المحكمة التى يثار أمامها نزاع فى مسألة أولية فى دعوى مطروحة عليها ، و يكون هو بذاته مطروحاً على محكمة أخرى لم تفصل فيه إن هى غضت النظر عنه ، تاركة لتلك المحكمة الأخرى أمر الفصل فيه ، و مضت هى فى نظر الدعوى المطروحة عليها بحالتها ما دامت صالحة لذلك بغير حاجة إلى وقفها إنتظارا لما يسفر عنه الفصل فى ذلك النزاع من المحكمة الأخرى و ذلك إتقاء مغبة نظر النزاع أمام محكمتين فى وقت واحد و إعمالاً لمقتضى الإحالة المنصوص عليها فى المادة 112 من قانون المرافعات ، فيما لو كانت قد دفع بها ، لما كان ما تقدم و كان الثابت من أوراق الطعن أن الطاعن كان قد إستبق قبل منازعته فى الأجرة أمام المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه إلى إقامة دعوى بطلب تخفيض الأجرة أمام محكمة أخرى لم تكن قد فصلت فى دعواه بعد ، و كان الحكم الإبتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أطرح النظر فى منازعة الطاعن فى حقيقة الأجرة المستحقة فى ذمته ، فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 176 لسنة 45 جلسة 1978/12/30 س 29 ع 2 ص 2077 ق 405)

2 ـ النص فى الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 112 من قانون المرافعات على أنه " إذا دفع بالإحالة للارتباط جاز أبداء الدفع أمام أى من المحكمتين وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنصرها " - يدل على أن المحكمة المقدم إليها الدفع للإرتباط لا تلتزم بأجابته ومن ثم فلا يجوز الطعن فى حكمها لعدم استعمالها هذه الرخصة.

(الطعن رقم 1941 لسنة 54 جلسة 1991/02/27 س 42 ع 1 ص 621 ق 98)

3 ـ الدفع بطلب الإحالة إلى محكمة أخرى لقيام دعوى أخرى مرتبطة بها و إن كان يسقط الحق فيه بعد إبداء أى طلب أو دفاع موضوعى فى الدعوى وفقاً لنص المادتين 132 ، 133 من قانون المرافعات السابق رقم 77 لسنة 1949 إلا أن التمسك بهذا السقوط يجب أن يتم أمام المحكمة التى يبدى أمامها الدفع و قبل صدور الحكم بالإحالة فإذا ما صدر هذا الحكم و أصبح نهائياً بعدم الطعن فيه إمتنع التمسك بهذا السقوط أمام المحكمة المحال إليها الدعوى بعد صدور القضاء النهائى فى الدفع .

(الطعن رقم 714 لسنة 40 جلسة 1975/12/22 س 26 ص 1640 ق 307)

4 ـ متى قررت المحكمة ضم دعوى إلى أخرى وكان موضوع الطلب فيهما واحداً فإنه يتعين اعتبارهما دعوى واحدة فتفقد كل منهما ذاتيتها واستقلالها عن الأخرى وتصبح الدعويان خصومة واحدة فتتحد مراكز الخصوم فيهما ويسرى عليها ذات الإجراءات وما قد يلحق بها من عوارض بما مؤداه أن تعجيل إحداهما يترتب عليه – بقوة القانون – موالاة السير فى الأخرى ولو اقتصرت صحيفة التعجيل على إحداهما فقط حتى يتسنى نظرهما معاً والفصل فيهما بحكم واحد منعاً من احتمال تناقض الأحكام فى النزاع الواحد على نحو يؤثر على حسن سير العدالة المتصلة بالنظام العام .

(الطعن رقم 330 لسنة 72 جلسة 2004/04/13 س 55 ع 1 ص 417 ق 76)

5 ـ المنع من إعادة نظر النزاع المقضي فيه يستلزم أن تكون المسألة واحدة فى الدعويين ويشترط لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسالة المقضي فيها نهائياً مسألة أساسية لا تتغير وأن تكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه اي من الطرفين قبل الأخر فى الدعوى الثانية فإن مؤدي ذلك أن مجال قاعدة الإلتزام بحجية الأحكام هو صدور حكم سابق فى ذات المسألة المطروحة فى دعوي تالية مرددة بين ذات الخصوم فيتقيد الحكم الصادر فيها بالحكم السابق عليها , أما حيث تكون المحكمة قد فصلت بحكم واحد فى دعويين منضمتين متحدين فى الطلب فلا مجال لاعمال قاعدة الحجية فى نطاق هاتين الدعويين .

(الطعن رقم 896 لسنة 54 جلسة 1991/12/18 س 42 ع 2 ص 1905 ق 300)

شرح خبراء القاون

أمام محكمتين مختلفتين (الإحالة للإرتباط) :

إذا رفع الطالبان الأصليان أمام محكمتين مختلفتين ، فإن جمعهما للإرتباط أمام المحكمة المختصة بهما معاً يكون بقرار من إحدى المحكمتين باحالة الدعوى التي أمامها إلى المحكمة الأخرى التي رفعت إليها الدعوى المرتبطة بها . ويكون قرار الإحالة بناء على دفع يسمى الدفع بالإحالة للإرتباط . ووفقاً للمادة 112/ 2 مرافعات ، يمكن أن يقدم الدفع لأي من المحكمتين ، على أن هذا الخيار لا يكون - في تقديرنا - إلا حيث تكون الدعويان مرفوعتين إلى محكمتين من نفس النوع ، فإذا رفعت دعوى إلى محكمة جزئية تختص بها وأخرى إلى محكمة إبتدائية تختص بها . فأن الاحالة لا تكون إلا من الأولى إلى الثانية . ذلك أن المحكمة الإبتدائية هي وحدها التي تختص بالدعويين بعد جمعهما للإرتباط . ومن ناحية أخرى ، يجب أن تكون الإحالة داخل محاكم الجهة القضائية الواحدة ، فلا يجوز الإحالة للإرتباط من جهة إلى أخرى. وللمحكمة المقدم إليها الدفع بالإحالة رفضه رغم توافر الإرتباط ، إذا قدرت أن من شأن الإحالة تعطيل الفصل في احدى الدعويين ، كما لو رأت أن المحكمة المطلوب الإحالة إليها قد قاربت الانتهاء من نظر الدعوى التي أمامها .

طلبان أصليان أحدهما تابع للآخر:

وهذه القواعد السابقة تنطبق ، ولو كان أحد الطلبين الأصليين يعتبر تابعاً للطلب الآخر أي من ملحقاته ، فإذا رفع الطلبان بصحيفتين أمام نفس المحكمة أمكن ضمهما ، وإذا رفعا أمام محكمتين مختلفتين جازت الإحالة للارتباط . على أنه يجب القول -رغم علم النص - أنه إذا رفع الطلبان في صحيفة واحدة ، فسان الصحيفة يجب أن تقدم إلى المحكمة المختصة محليا بالطلب الأصلي ، فلا يجوز رفعها أمام محكمة الطلب التابع، ونفس الأمر بالنسبة للاختصاص النوعي إذا كان كل طلب من اختصاص محكمة من نفس النوع. ومن ناحية أخرى ، فإن الإحالة للارتباط تكون من محكمة الطلب التابع إلى محكمة الطلب الأصلي ، وذلك إلا إذا كانت محكمة الطلب التابع - دون محكمة الطلب - الأصلي - هي التي تختص بالطلبين بعد جمعهما معاً .

ويتم التمسك بالدفع أمام المحكمة التي رفعت إليها الدعوى ثانية (112 مرافعات) ، وذلك على أساس أن رفع الدعوى إلى المحكمة الأولى قد جعل الثانية غير مختصة بها . وتعرف المحكمة التي رفعت إليها الدعوى ثانية بالرجوع إلى تاريخ إيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة)، إذ تعتبر الدعوى مرفوعة بهذا الابداع . فإذا أودعت الصحيفتان في نفس التاريخ فيجب النظر إلى تاريخ الجلسة الأولى أمام كل من المحكمتين). وليس للمحكمة أن تقضي بالاحالة من تلقاء نفسها . وإنما تقضي بها بناء على دفع) يقصر القانون المصرى التمسك به على المدعى عليه (112 مرافعات) . وعلى المدعى عليه إبداء هذا الدفع مع الدفوع الاجرائية الغير متعلقة بالنظام العام قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول (مادة  108/1 مرافعات).

وإذا توافرت شروط الإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمتين ، ودفع بها المدعى عليه في الوقت المناسب ، تعين على المحكمة المقدم إليها الدفع أن تقضي بالإحالة دون أية سلطة تقديرية . ذلك أنه بسبق رفع الدعوى أمام محكمة أخرى تصبح المحكمة غير مختصة بالدعوى، فقضاؤها بقبول الدفع والإحالة نتيجة لازمة لعدم الإختصاص.

ووفقاً للمادة 112/3 مرافعات مصری «تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها» . ومفاد هذا النص : (أ) أن المحكمة التي تنظر الدفع بالإحالة تقرر بشأن إختصاص المحكمة التي رفعت إليها الدعوى أولاً ، فهي لا تحيل إليها إذا كانت غير مختصة . 

(ب) أنه إذا أحالت المحكمة الدعوى إلى المحكمة التي رفعت إليها الدعوى أولاً، فان هذه الأخيرة تلتزم بالقرار المتعلق باختصاصها بالدعوى ، بالنسبة لمسألة اختصاصها .

يلاحظ أن عبارة المادة 112/3 من أن تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها ، لا تعني ما قد يبدو من ظاهرها ، إذ هذا الالتزام لا يتعلق إلا بمسألة إختصاصها ، فهي تستطيع ألا تنظر الدعوى بسبب بطلان صحيفتها أو انعدام الصفة لدى المدعى عليه أو غير ذلك من الأسباب التي لا تتعلق بالإختصاص.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الأول ،  الصفحة : 623)

الدفع بالإحالة لرفع ذات النزاع أمام محكمتين:

الدفع بالإحالة لرفع ذات النزاع أمام محكمة أخرى، هو دفع متعلق بالإجراءات ويدخل في عداد الدفوع الشكلية وهو ما نصت عليه المادة (108) ومن ثم يخضع لكافة الأحكام التي تخضع لها هذه الدفوع على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة سالفة الذكر، ويرمي إلى عدم تعارض الأحكام وجمع النزاع الواحد أمام محكمة واحدة ، وهو مقرر لمصلحة المدعى عليه فله وحده التمسك به أو التنازل عنه صراحة أو ضمناً بالتعرض للموضوع ولا يتصل بالنظام العام مما مؤداه ألا تتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها ولا يجوز للنيابة العامة التمسك به إذا كانت خصماً منضماً ويشترط للقضاء بالإحالة بموجبه :

(1) إبداء الدفع قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول باعتباره دفعاً شكلياً ، وذلك أمام المحكمة التي رفعت إليها الدعوى أخيراً ، فلا يحول دون إبدائه أمام هذه المحكمة أن يكون المدعى عليه قد أبدى شيئاً من هذا أمام المحكمة التي رفعت إليها، الدعوى أولاً، فقد ترفع الدعوى أمام محكمة ويتعرض فيها المدعى عليه للموضوع وبعد ذلك يرفع المدعى ذات الدعوى أمام محكمة أخرى وحينئذ يجب على المدعى عليه أن يدفع بالإحالة قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى الأخيرة أو دفع بعدم القبول - فإن تعرض لشيء من هذا القبيل قبل إبداء الدفع سقط حقه فيه وسارت الدعويان كل أمام المحكمة التي رفعت إليها حتى يصدر الحكم في إحداهما فيكون مانعاً من صدور حکم في الثانية، لأن الحكم الذي يصدر تكون له حجية مؤقتة فور صدوره حتى فوات مواعيد الطعن أو صدور حكم في الطعن إن طعن فيه.

(2) أن يبدى الدفع أمام المحكمة التي رفعت إليها الدعوى مرة ثانية، وتتحدد هذه المحكمة بالتاريخ الذي أودع فيه المدعى صحيفة دعواه بقلم الكتاب فيكون هذا التاريخ لاحقاً لتاريخ رفع الدعوى الأولى، فإن رفعت الدعويان في تاريخ واحد، وحينئذ يتعذر الوقوف على أيهما أسبق لقيد كل منهما بمحكمة تغاير الأخرى، فإن الدفع يجوز إبداؤه أمام أي من المحكمتين، وإن كان المدعى عليه قد تعرض للموضوع في إحداها وأسقط بذلك حقه فيه، جاز له أن يبديه في الثانية قبل أن يتعرض للموضوع الإستقلال كل دعوى عن الأخرى فيما يتخذ فيها من إجراءات إلى أن يتم الضم تنفيذاً لحكم الإحالة وفي هذا الوقت تفقد كل منهما ذاتيتها وتصبحان دعوى واحدة.

وإذا أبدى الدفع أمام المحكمة التي رفعت إليها الدعوى أولاً ، تعين القضاء برفضه إذ أوجبت المادة (112) إبداء الدفع أمام المحكمة التي رفع إليها النزاع أخيراً.

(3) أن يكون النزاع المطروح على المحكمتين واحداً ويتحقق ذلك بوحدة السبب والموضوع والخصوم.

وكانت بعض دوائر محكمة النقض قد خلطت بين الطلب والسبب مما أدى بتدخل الهيئة العامة بمحكمة النقض حسما لهذا الخلف وقضت بأن سبب الدعوى هو الواقعة أو الوقائع التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب ، وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية أو الحجج القانونية. (نقض 1986/12/22 طعن 1806 س 51 ق «هيئة عامة) فلا يقبل الدفع بالإحالة وإن كان هناك إرتباط بينهما ، مثال ذلك أن يرفع المؤجر دعوى بإخلاء المستأجر للتأخر في سداد الأجرة ثم يرفع دعوى أخرى ضده بالإخلاء للتنازل عن الإيجار، فيكون السبب في الأولى مغايراً للسبب في الثانية مما يحول دون قبول الدفع لإختلاف النزاع في الدعوى الأولى عنه في الثانية.

كما يجب أن يكون الموضوع في الدعويين واحداً ، ففي المثال المتقدم إذا كان السبب في الدعويين واحدا، جاز الدفع بالإحالة ، إذ يكون النزاع قد اتحد فيهما سبباً وموضوعاً وخصوماً، ويكفي أن يكون الموضوع في الدعويين ناشئاً عن سبب واحد ولو اختلف مقداره فيهما، فقد يرفع المدعی دعوی ثبوت ملكيته لعشرة أفدنة بحوض معين مستنداً إلى وضع اليد المدة الطويلة، ثم يرفع دعوی ثانية بثبوت ملكيته لخمسة أفدنة ضمن العشرة بذات الحوض مستنداً . الوضع اليد أيضاً ، وحينئذ يكون الموضوع في الدعويين واحداً رغم إختلاف مقداره. 

وتختلف دعوى صحة ونفاذ العقد عن دعوى فسخه موضوعاً وسبباً ومن ثم لا يقبل الدفع إلا للإرتباط ولا يقبل استناداً لوحدة النزاع، وإن كانت محكمة النقض قد قضت بأن الدعويين تعتبران في حقيقتهما وجهين لنزاع واحد نقض 1991/5/26 طعن 1525 س 53 ق ؛ نقض 1978/12/27 طعن 137 س 48 ق) فقد كان ذلك بصدد التصدي للدفع بعدم قبول الطعن لانتفاء صفة المحامي الموكل وليس بصدد الدفع بالإحالة لوحدة النزاع أو الدفع بعدم جواز الطعن باعتبار أن الحكم غير منه للخصومة إذا صدر في الطلبين وأبقى بعض الطلبات.

وأيضاً وحدة الخصوم في الدعويين، بأن يكون كل خصم قد إختصم في الدعوى الأولى بذات الصفة التي إختصم بها في الدعوى الثانية بحيث إذ تغيرت الصفة فيهما تعين رفض الدفع ، كما لو اختصم المدعى عليه عن نفسه ثم اختصم في الدعوى الثانية بصفته ولياً أو وصياً.

(4) أن تكون كل دعوى منظورة أمام محكمة حتى تتوافر المصلحة في الدفع ويؤدي قبوله إلى طرح الدعويين على محكمة واحدة ليصدر فيهما حكم واحد، وتنتفي المصلحة إذا كان قد صدر حكم في الدعوى التي رفعت أولاً إذ يحول صدور هذا الحكم دون إستمرار نظر الدعوى الأخرى لأن المقرر أن الحجية تثبت للحكم من يوم صدوره ولو لم يصبح نهائياً بعد وهذه الحجية تمنع الخصوم من رفع دعوى جديدة أو الإستمرار في دعوى أخرى عن ذات النزاع وبأي إدعاءات تناقض ما قضى به ولا يجوز معها للمحكمة التي أصدرته ولا لمحكمة غيرها كانت تنظر ذات النزاع أن تعيد النظر فيما قضى به إلا إذا كانت هي المحكمة التي يحصل التظلم من الحكم إليها وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالمادتين (116)، (222). كما تنتفي المصلحة إذا زالت الخصومة بالنسبة للنزاع الذي رفعت عنه الدعوى الأولى كما لو قضت بسقوط الخصومة أو باعتبارها كأن لم تكن أو بترکها. أما إذا كانت الدعوى الأولى قائمة ولكنها موقوفة جزاءً أو إتفاقاً أو تعليقاً جاز التمسك بالدفع بالإحالة في الدعوى الثانية ومتى قضى بالإحالة ضمت الدعوى المحالة إلى الدعوى الموقوفة وظلت الدعويان بالوقف لحين تعجيل الأولى فتطرح معها الثانية ، إذ يترتب على الضم تنفيذا لحكم الإحالة اندماجهما فتفقد كل منهما ذاتيتها وتصبحان دعوی واحدة خاضعة للقضاء القطعي بالوقف ولكافة الآثار التي قد تترتب على عدم التعجيل. ويسرى ذلك أيضا في حالة شطب الدعوى الأولى.

فإن كانت الدعويان منظورتين أمام دائرتين بمحكمة واحدة ، فلا محل للدفع بالإحالة أو إعمال أحكامه إذ يجوز لأي من الخصوم أن يطلب إلى أي من الدائرتين إحالة الدعوى إلى الدائرة الأخرى وفي أية حالة تكون عليها الدعوى ولو بعد التعرض للموضوع دون أن يؤدي ذلك إلى سقوط الحق في الطلب ، وجرى العمل على إحالة الدعوى التي رفعت أخيراً إلى الدعوى التي رفعت أولاً وهو إجراء تنظيمي لا يحول دون إحالة الدعوى التي رفعت أولاً لضمها إلى الدعوى التي رفعت أخيراً ، ويستدل على الدعوى السابقة والدعوى اللاحقة برقم كل منهما إذ يترتب على إيداع الصحيفة قلم الكتاب قيدها برقم مسلسل في السجل المعد لذلك بالمحكمة، وتكون الدعوى التي تحمل الرقم الأسبق هي الدعوى الأولى. فإذا تداولت الدعويان أمام دائرة واحدة قرر رئيسها ضم الدعوى الأولى للإرتباط وليصدر فيهما حكم واحد، فإذا تبين عند الحكم إنتفاء هذا الإرتباط ، تعين القضاء في كل دعوى بحكم مستقل، وأن تبين أن إحداهما لا يمكن الحكم فيها بحالتها، قضى في الدعوى الأخرى وضمن المنطوق قرار بإعادة الدعوى التي لم يقض فيها للمرافعة الإنتفاء الإرتباط .

الدفع بالإحالة للإرتباط بين الدعويين :

أوضحنا فيما تقدم الشروط الواجب توافرها للقضاء بالإحالة عند رفع ذات النزاع إلى محكمتين، وأن تخلف بعض هذه الشروط يحول دون القضاء بالإحالة لهذا السبب ولكن تجوز الإحالة بالرغم من ذلك إذا توافر الإرتباط بين الدعويين، وقد تكون الإحالة بسبب الإرتباط واجبة كما إذا رفع المشتري دعوى بصحة ونفاذ العقد ورفع البائع دعوى بفسخه ، أو إذا رفع كل منهما دعوى بفسخ العقد، إذ يترتب على عدم الإحالة إحتمال صدور حكمين متعارضين ، وقد تكون الإحالة من مقتضيات حسن سير العدالة مما يوجب طرح الدعويين على محكمة واحدة لتقدر ما إذا كانت تتصدى لهما معاً بحكم واحد فتقرر ضمهما، أو تحكم في كل منهما على إستقلال ولا ترى مبرراً للضم، مثال ذلك أن يرفع الدائن دعوى ضد المدين الأصلي ويرفع دعوى أخرى ضد الكفيل المتضامن، إذ توجد رابطة بين الدعويين ولكنها رابطة غير مؤثرة، لإنتفاء التعارض عند صدور الحكمين.

ويبدى الدفع بالإحالة من المدعى عليه في الدعوى المطلوب إحالتها أمام المحكمة التي تنظرها وذلك قبل إبداء أي طلب أو دفاع فيها أو دفع بعدم القبول وإلا سقط الحق فيه، ويشترط للقضاء بالإحالة للإرتباط الشروط التالية :

(1) أن يقيم المدعى عليه الدليل على أن الدعوى التي يدفع بإحالتها مرتبطة بدعوى أخرى منظورة أمام محكمة أخرى في نفس درجتها، لإقتصار الإحالة على المحاكم التي في درجة واحدة ، فلا تجوز الإحالة من محكمة الدرجة الأولى إلى محكمة الدرجة الثانية أو العكس ، إنما تجوز بين محاكم الدرجة الأولى في حدود القواعد المقررة في الإختصاص النوعي، ويتمثل دليل الإرتباط في تقديم صورة رسمية من صحيفة الدعوى أو صورتها المعلنة وإلا كان الدفع عار عن الدليل، وللمحكمة مناقشة الخصوم في عناصر الإرتباط إن لم يقدم المدعى عليه الدليل المؤيد لدفعه وتستند إلى ذلك للقضاء بالإحالة وتستقل بتقدير هذه العناصر دون رقابة من محكمة النقض طالما كان هذا التقدير سائغاً.

(2) أن تكون المحكمة المطلوب إحالة الدعوى إليها مختصة ولائياً ونوعياً ومحلياً بالدعوى المنظورة أمامها، ولا يحول دون القضاء بالإحالة ألا تكن هذه المحكمة مختصة محلياً طالما لم يقدم المدعي رداً على الدفع بالإحالة يفيد أن المدعى عليه دفع أمام المحكمة المطلوب الإحالة إليها بعدم إختصاصها محلياً بنظر الدعوى، وذلك بتقديم صورة رسمية من محضر الجلسة التي أثبت به هذا الدفع، وحينئذ ترفض الدفع بالإحالة ، ولو لم يصدر الحكم بعدم الإختصاص المحلي بعد إذ لو صدر حكم الإحالة بعد الحكم بعدم الإختصاص، كان للمحكمة التي أحيلت لها الدعوى أن تقضي بإعادتها الإنتهاء الدعوى التي كانت محل الإرتباط ، فإن لم يقدم الدليل على إبداء الدفع بعدم الإختصاص المحلي ، فلا تملك المحكمة بحثه من تلقاء نفسها ، وإنما يقتصر بحثها في مدونات حكم الإحالة على التحقق من الإختصاص الولائي والنوعي، فإن ثبت لها إنتفاء أحدهما قضت برفض الدفع. 

فإذا قضت بقبول الدفع وبإحالة الدعوى، كان حكمها منه للخصومة أمامها ومن ثم يجوز الطعن فيه على إستقلال فور صدوره خلال ميعاد الطعن المقرر، أما إذا قضت برفض الدفع فلا يترتب على هذا القضاء إنهاء الخصومة ولذلك لا يجوز الطعن فيه على إستقلال، إنما يطعن فيه بعد الحكم المنهي للخصومة كلها.

(3) أن تكون المحكمة المطلوب إحالة الدعوى إليها مختصة ولائياً ونوعياً بنظر الدعوى المحالة ، لأنها إن لم تكن مختصة على هذا النحو وجب عليها ومن تلقاء نفسها القضاء بعدم إختصاصها وإحالتها إلى المحكمة المختصة.

(4) أن تكون الدعوى مازالت قائمة أمام المحكمة المطلوب الإحالة إليها، فإن كانت قد إنقضت لأي سبب من أسباب الإنقضاء کسقوط الخصومة أو ترك الدعوى أو إعتبارها كأن لم تكن أو صدور حكم قطعي فيها، تعين رفض الدفع بالإحالة وفقاً لما أوضحناه فيما تقدم

ومتى توافرت هذه الشروط جاز إبداء الدفع بالإحالة أمام أي من المحكمتين ، ومتى أبدى أمام إحداها امتنع إبداؤه أمام المحكمة الأخرى حتی يقضي برفضه. ولا يرد الدفع على إختصاص المحكمة كما لا يحول سقوط الحق فيه دون اتفاق الخصوم على الإحالة.

وإذا قضى بالإحالة التزمت المحكمة المحال إليها بنظر الدعوى، ولها أن تبقى عليها متداولة بالجلسة على إستقلال لتقرر بالضم عند حجز الدعويين للحكم أو تقرر ضمها للدعوى المرتبطة بها.

ضم الدعاوى المرتبطة:

إذا تداولت دعویان مرتبطتان أمام دائرة واحدة من دوائر المحكمة، كان للخصم أو لأحدهم طلب ضمهما، وللمحكمة أن تتخذ هذا الإجراء من تلقاء نفسها متى توافرت شروط الإرتباط على نحو ما تقدم. فإن قررت ضمهما وأثناء المداولة تبين عدم توافر شروط الإرتباط ، كان لها أن تصدر حكماً مستقلاً في كل منهما بعد العدول عن قرار الضم حتى يفصل قلم الكتاب بينهما لتأخذ كل دعوى طريقاً مستقلاً ، سواء عند التنفيذ أو عند الطعن، وإن تبين لها أن إحداهما غير مهيأة للفصل فيها بحالتها قررت إعادتها للمرافعة وحدها وقضت في الأخرى بعد العدول عن قرار الضم.

وقد يستفاد قرار العدول ضمنا في الحالتين سالفتي البيان عندما لا تفصح المحكمة عنه.

وإذا حجزت المحكمة دعويين لإصدار الحكم في كل منهما على استقلال في جلسة واحدة، ثم تبين لها أثناء المداولة بعد إقفال باب المرافعة وجود ارتباط بينهما وكان يتعذر الحكم في إحداهما دون الرجوع إلى المستندات المودعة في الأخرى، وكانت الإحالة إلى هذه المستندات في هذه الحالة ممتنعة بالمادة 176 جاز لها ضم إحدى الدعويين للأخرى بالرغم من إقفال باب المرافعة، وحينئذ يجوز لها إما إصدار حكم واحد فيهما أو إصدار حكم مستقل في كل منهما وأن تحيل في أي من الحكمين إلى المستندات المقدمة فى الدعوي الأخرى المنضمة دون أن ينعى على أي من الحكمين بالبطلان قولاً بإنطوائهما على قضاء ضمني بالعدول على قرار الضم، لما هو مقرر من أن هذا القرار ينفذ بعد صدور الحكم فى الدعويين مما مفاده توافر الضم وقت صدورهما وهو ما يكفي لصحة الإحالة لمستندات الدعوى الأخرى.

ولا تثريب عليها لضم الدعويين بعد إقفال باب المرافعة ، لأن قرار الضم سواء اتخذ على هذا النحو أو أثناء المرافعة لا يجوز النعي عليه إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها وحينئذ إذا تبين صحة النعي كان لمحكمة الطعن تمكين الطاعن من أوجه دفاعه التي حال دونها قرار الضم. وهو ما يكفي لتصحيح العيب الذي شاب الحكم بسبب عدم الضم.

وإذا حجزت دعويان للحكم كل لجلسة مغايرة للأخرى. وتبين وجود إرتباط بينهما، جاز مد أجل الحكم في الدعوى الأولى لذات الجلسة المحددة لصدور الحكم في الثانية ، ثم تقرر المحكمة ضمهما.

حجية الحكم في حالة ضم دعويين:

متى توافر الإرتباط بين دعويين، فإن المحكمة تقرر ضم إحداهما للأخري للإرتباط وليصدر فيهما حكم واحد، وحينئذ تصدر المحكمة حكماً واحداً تفصل فيه في كل دعوي علي حدة في منطوق واحد، ولازمه أن يسبق منطوق إحداهما منطوق الأخري، ولا يترتب علي ذلك إعتبار المنطوق الأسبق حكماً سابقاً تكون له الحجية التي تمنع من تضمين الحكم المنطوق الثاني، باعتبار أن قاعدة الإلتزام بحجية الأمر المقضي تتطلب وجود حكم سابق ودعوي تنظر بعد صدوره، وهو مالم يتحقق في حالة ضم دعويين للإرتباط وليصدر فيهما حكم واحد .

التعجيل في حالة ضم الدعويين:

إذا ضمت دعوى لأخرى للإرتباط وليصدر فيهما حكم واحد، ولم يترتب على الضم فقد كل منهما لذاتيتها، بل ظلت كل منهما مستقلة عن الأخرى ، ثم اتفق الخصوم فيهما على وقفهما، فإن مؤدى إنفصال الإتفاق في الأولى عنه في الثانية رغم صدور قرار الوقف في الدعوى الأصلية ، وتظل كل منهما على إستقلالها خلال فترة الوقف بحيث إذا تم تعجيل إحداهما إقتصر التعجيل عليها دون أن يمتد إلى الأخرى ولو كانت التي عجلت هي الدعوى المنضمة فتستأنف وحدها مسيرتها أمام المحكمة، وإذا عجلت إحداهما خلال الثمانية أيام التالية لمدة الوقف بينما عجلت الأخرى بعدها أعتبر المدعى في الدعوى الأخيرة تارکاً دعواه واستأنفت الدعوى الأولى وحدها مسيرتها، فإن كانت الدعوى التي أعتبر المدعی تارکها تمثل دفاعا له في الدعوى الأخرى ولم تخضع لميعاد معين لرفعها، جاز له رفعها من جديد أو طرحها على المحكمة في الدعوى المنظورة بموجب طلب عارض باعتبار أن الأثر المترتب على اعتبار المدعى تارکاً دعواه ينحصر في إلغاء إجراءات الخصومة بما فيها رفع الدعوى دون أن يمتد للحق محل الدعوى ، مثال ذلك أن يرفع الشفيع دعوی شفعة فيواجه ببيع لاحق للبيع الذي يشفع فيه ، فيرفع دعوى مستقلة بالصورية المطلقة للبيع اللاحق وتقرر المحكمة ضمها لدعوى الشفعة ثم تأمر بوقفهما، فيعجل الشفيع دعوى الشفعة في الميعاد بينما يعجل دعوى الصورية بعده فيدفع المدعى عليه فيها باعتبار الشفيع تارکاً دعواه ويترتب على القضاء بذلك زوال إجراءات الخصومة فيها بما في ذلك رفع الدعوى ، وحينئذ يجوز للشفيع أن يدخل المدعى عليه في دعوى الصورية خصماً في دعوى الشفعة ويوجه إليه ذات الطلبات التي كانت موجهة إليه في دعوى الصورية إذ لا يتقيد الشفيع میعاد معين عند إدخال المشتري الصوري في دعوى الشفعة طالما ظلت منظورة.

أما إذا ترتب على الضم زوال ذاتية كل من الدعويين، فإنهما يصبحان دعوى واحدة لا إنفصام بينهما، ويترتب على تعجيل إحداهما تعجيل الأخرى بطريق اللزوم وحينئذ يجب على من يقوم بالتعجيل إعلان جميع الخصوم في الدعويين. فإن قام المدعي في إحداهما بذلك، وجب عليه إعلان صحيفة التعجيل لكل من المدعى عليه في دعواه والمدعيين والمدعى عليهم في الدعوى الأخرى وإلا كان التعجيل باطلاً لإغفال بعض الخصوم، وهو بطلان نسبي مقرر لمصلحة من تم إغفاله.

الإحالة من دائرة إلى أخرى:

وإذا تعددت الدوائر بمحكمة واحدة ، ووجدت بإحداها دعوی مرتبطة بدعوى أخرى منظورة أمام دائرة من تلك الدوائر، جاز طلب الإحالة للإرتباط وحينئذ لا يخطر الخصوم بالإحالة متی صدر القرار عند نظر الدعوى بالجلسة المحددة لنظرها، فإن صدر في يوم آخر كما لو كانت قد أنشئت دائرة جديدة أحيلت إليها بعض الدعاوی - ولو لم يوجد إرتباط ، يتعين إخطار الخصوم بالإحالة سواء كانت قد تمت بمعرفة رئيس الدائرة أو رئيس المحكمة أو من فوضته الجمعية العمومية في ذلك، ويترتب على عدم الإخطار انقطاع تسلسل الجلسات بما يترتب عليه من آثار.

ومتی صدر القرار بالجلسة تحقق العلم التلقائي به بالنسبة للخصم الحاضر، وتحقق العلم الافتراضي بالنسبة للغائب بشرط أن يكون قد سبق حضوره أو أعلن بالدعوى إعلاناً صحيحاً.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء : الثاني ، الصفحة : 721)

للدفع بإحالة الدعوى حالتان وتتحقق الأولى منها بقيام نفس الدعوى أمام محكمتين مختلفتين وتتحقق الثانية بقيام دعويين مختلفتين أمام محكمتين مختلفتين إذا كان بين الدعويين صلة ارتباط. وبالنسبة للحالة الأولى فإنه يشترط لقبول الدفع أربعة شروط أولها أن تكون القضيتان دعوى واحدة مما يقتضي وحدة السبب والموضوع والخصوم في كل منها ولا يمنع من توفر شروط وحدة الموضوع أن يختلف المطلوب في إحدى القضيتين عن المطلوب في الأخرى إذا كان المطلوب في إحداهما بعض المطلوب في الأخرى . كما إذا كان المطلوب في إحداهما الحكم بالدين والفوائد وكان المطلوب في الأخرى الحكم بالفوائد وحدها كما أنه لا يمنع من إعتبار القضيتين دعوى واحدة أن تكون إحداهما قد رفعت بطلب أصلي والأخرى رفعت بطلب عارض ومن أمثلة قيام الدعوى أمام محكمتين أن يرفع وارث دعوى على مدين مورثه أمام محكمة ، بينما يكون قبل وفاته قد رفع نفس الدعوى أمام محكمة أخرى أو أن يرفع شخص دعوى أمام محكمة ثم يبادر برفعها إلى محكمة أخرى لعدم إرتياحه لسيرها أمام المحكمة الأولى والشرط الثاني أن تكون القضيتان فعلاً أمام المحكمتين عند إبداء الدفع فإن كانت الخصومة في إحداهما قد زالت بالحكم بعدم الإختصاص فيها أو بترك الخصومة أو سقوطها أو باعتبارها كأن لم تكن أو بأي سبب من الأسباب المنهية للخصومة فلا محل للدفع بالإحالة وإنما يجوز الدفع بالإحالة إذا كانت إحدى الدعويين قد حكم فيها بوقها أو بشطبها لأن الحكم بالوقف أو الشطب لا يزيل الخصومة وإنما يمتنع الدفع إذا مضت المدة التي تعتبر الدعوى بعدها كأن لم تكن لمضي ستين يوماً على الحكم بالشطب وثالثها أن تكون المحكمة المطلوب الإحالة إليها مختصة بالدعوى من جميع الوجوه لأنه لا محل للإحالة إلى محكمة غير مختصة ورابعها أن تكون الدعوى مرفوعة أمام محكمتين مختلفتين تابعتين لجهة قضائية واحدة أما إذا كانت الدعوى مرفوعة أمام جهتين قضائيتين مختلفتين فإنه يتعين على الجهة القضائية غير المختصة أن تحكم بعدم اختصاصها لتعلقه بالنظام العام وإحالة الدعوى إلى الجهة القضائية المختصة عملاً بالمادة 110 مرافعات والدفع بالإحالة لوحدة النزاع لا يتعلق بالنظام العام ولا يجوز لغير المدعي عليه التمسك به فلا يجوز للمدعي إثارته ولو كانت له فيه مصلحة.

وإذا كانت إحدى المحكمتين المعروض عليها النزاع قد فصلت في موضوع الدعوى وطعن في حكمها بالإستئناف قبل الدفع بالإحالة فإنه لا تجوز الإحالة من محكمة الدرجة الثانية إلى محكمة الدرجة الأولى لما في ذلك من إخلال بدرجات التقاضي . وبالنسبة لجواز الإحالة من محكمة الدرجة الأولى إلى محكمة الدرجة الثانية فقد اختلف الرأي ويرى البعض أنه لا يجوز الدفع بالإحالة وإنما يجوز التمسك بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها من المحكمة الأخرى المطعون في حكمها بالإستئناف لأن الاستئناف لا يجرد الحكم مماله من حجية وذهب رأي آخر أنه يجوز الدفع بالإحالة ولذا تنتهي الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى وتبقى قائمة أمام محكمة الدرجة الثانية . ( راجع في تأييد الرأي الأول الوسيط للمرافعات للدكتور رمزي سیف الطبعة الثامنة ص 396 وما بعدها وراجع في تأييد الرأي الثاني مرافعات العشماوي بند 755) . وفي تقديرنا أن الرأي الأول هو الرأي السليم وإن كان يصطدم بحكم النقض الذي قضى بأن حجية الحكم القطعي مؤقتة وتقف بمجرد رفع إستئناف عنه وسيرد في النهاية التعليق على المادة . هذا ويقدم الدفع بالإحالة إلى المحكمة التي رفعت إليها الدعوى أخيراً لأن المحكمة التي رفعت إليها الدعوى أولا أولى بالحكم فيها والعبرة في تحديد أي من الدعويين قد رفع أخيراً .هو بتاريخ تقديم صحيفة كل منها لقلم الكتاب .

أما الحالة الثانية وهي الدفع بالإحالة للإرتباط وصورتها أن ترفع أمام محكمتين مختلفتين دعويان مختلفتان بينهما صلة إرتباط صلة وثيقة بين طلبين تجعل من المصلحة أن تنظرهما وتفصل فيهما محكمة واحدة تفادياً لصدور أحكام متعارضة ومن أمثلته طلب أحد العاقدين تنفيذ العقد وطلب المتعاقد الآخر بطلانه أو فسخه من كل من العاقدين على الأخر وطلب المشتري من البائع تسليم العين المبيعة ، وطلباً للتعويض اللذان يوجهها كل من الطرفين للأخر في حادثة تصادم وطلب الدائن الذي يوجه إلى المدين الأصلي وطلبه الذي يوجهه للكفيل وطلب الموكل من وكيله رد المستندات التي سلمها له وطلب الوكيل من موكله أتعابه المستحقة له بسبب الوكالة ومن أمثلته أيضاً طلب الضمان الذي ترتب عليه الإلتزام بالضمان . ويشترط للإحالة خمسة شروط أولها وجود الإرتباط لأنه المبرر للإحالة وإستنباطه مسألة موضوعية لا رقابة فيها لمحكمة النقض وثانيها أن تكون المحكمة المطلوب الإحالة فيها مختصة بالدعوى المرفوعة أمامها من جميع الوجوه فإذا كان إختصاصها محل نزاع بين الخصوم وجب على المحكمة المطلوب الإحالة منها أن توقف الفصل في الدفع إلى أن يفصل في إختصاص المحكمة المطلوب الإحالة إليها وثالثها أنه يتعين أن تكون المحكمة المطلوب الإحالة إليها مختصة بالدعوى المطلوب إحالتها إختصاصاً متعلقاً بالوظيفة وإختصاصاً نوعياً أما بالنسبة للإختصاص المحلي فقد اختلف الفقه فذهب الرأي الراجح إلى أنه لا يشترط إختصاص المحكمة المحال إليها الدعوى محلياً بنظرها (مرافعات رمزي سيف الطبعة الثامنة ص 403 وكمال عبد العزيز الطبعة الثالثة الجزء الأول ص 704 وذهب الرأي الآخر إلى انه يشترط أيضاً أن تكون المحكمة المحال إليها مختصة أيضاً محلياً بنظر الدعوى ( العشماوي بند 755 ) ويؤيد الدكتور أبو الوفا الرأي الثاني إلا أنه يضيف بأنه إذا لم يعترض على عدم إختصاصها المحلي في الوقت المناسب ثبت لها هذا الإختصاص واعتبرت مختصة بنظر الدعوى ( التعليق الطبعة الخامسة ص 491 ، 492) إلا أننا نؤيد الرأي الأول ذلك أن الرأي الثاني يضع قيداً ليس له سند قانوني فضلاً عن أن الأخذ به يعطل نص المادة ذلك أنه إذا رفع مشتري لمنقول دعوى على البائع طالب تسليمه : المنقول أمام محكمة موطن البائع وفي الوقت نفسه أقام البائع دعوى بفسخ العقد على المشتري أمام محكمة موطن المشتري فالإرتباط هنا ظاهر بين الدعويين ويجوز لأي من المحكمتين إحالة الدعوى للأخرى رغم عدم إختصاص المحكمة المحال إليها محلياً بنظر الدعوى غير أنه يتعين أن تكون المحكمتان من درجة واحدة فلا إحالة من محكمة أول درجة إلى محكمة ثاني درجة لأن في ذلك تفويت درجة من درجات التقاضي على الخصوم ولأن في إحالة الدعوى من محكمة الدرجة الثانية إلى محكمة الدرجة الأولى إخلال بدرجات التقاضي وخامسها أنه يشترط أن تكون الدعويان قائمتين بالفعل أمام المحكمتين فإذا كانت المحكمة المحال إليها قد قضت في الدعوى المرفوعة أمامها بعد الحكم من المحكمة الأخرى بالإحالة وجب عليها إعادتها للمحكمة المحيلة لزوال مبرر الإحالة ( العشماوي بند 705 وقارن أبو الوفا في الدفوع بند 65 ). ولا يشترط للإحالة للإرتباط أن تكون الدغویان قائمتين أمام محكمتين تابعتين لجهة قضائية واحدة إذ أن المادة 110 مرافعات أوجبت على المحكمة إذا قضت بعدم إختصاصها أن تقضي بإحالة الدعوى للمحكمة المختصة ولو كان عدم الإختصاص متعلقاً بالولاية غير أنه لا يجوز إحالة قضية مطروحة على محكمتين إلى محكمة ما لإرتباطها بدعوى قائمة أمامها لأن في ذلك إخلال بمشارطة التحكيم كما لا يجوز أن تحال على المحكمين دعوى قائمة أمام المحاكم العادية ( أبو الوفا في التعليق الطبعة الخامسة ص 500 وما بعدها ).

ولا تجوز إحالة الدعوى بطلب مستعجل المرفوعة أمام قاضي الأمور المستعجلة إلى المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية لمجرد أن هذه الأخيرة تنظر الموضوع ، وذلك لأن كل دعوی تختلف في موضوعها وسببها عن الأخرى ، إنما إذا رفعت الدعوى بطلب إتخاذ إجراء وقتي أمام قاضي الأمور المستعجلة وأمام قاضي الموضوع في ذات الوقت فهنا تجوز الإحالة ( أبو الوفا في التعليق طبعة سنة 1990 ص 495).

وتأسيساً على ما تقدم لا يجوز لقاضي الأمور المستعجلة أن يقضي بإحالة دعوى الحراسة المنظورة أمامه بصفة مستعجلة إلى المحكمة الموضوعية تأسيساً على أنها تفضل في ملكية المال المطلوب فرض الحراسة عليه لكن إذا رفعت دعوى الحراسة أمام قاضي الأمور المستعجلة ورفعت أيضا من أي من الخصمين تبعاً للدعوى الموضوعية فإنه يجوز في هذه الحالة الدفع بالإحالة إلى . المحكمة المستعجلة التي تقر دواعي الإحالة إلا أنه يجوز لطرفي الدعوى المستعجلة أن يتفقا على إحالتها لمحكمة الموضوع لنظرها تبعاً للدعوى الأصلية عملاً بالمادة 111 مرافعات .

ويجوز الدفع بالإحالة في أي من القضيتين فيجوز الدفع بإحالة الدعوى الأولى إلى المحكمة المرفوعة إليها الدعوى الثانية والعكس صحيح وللمحكمة أن ترفض الدفع ولو توفرت شروط الإحالة له كما إذا وجدت أن الدعوى المطلوب إحالتها أهم من الدعوى الأخرى أو إذا تبين لها أن المحكمة المطلوب الإحالة إليها قد انتهت من تحقيق الدعوى المرفوعة إليها بحيث أصبحت صالحة للحكم فيها . والحكم برفض الدفع بالإحالة حكم صادر قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي به الخصومة وبذا لا يجوز إستئنافه إلا مع الحكم الصادر في الموضوع أما الحكم الصادر بالإحالة فيذهب الرأي الراجح إلى أنه ينهي النزاع أمام المحكمة التي أصدرته ومن ثم يجوز إستئنافه إستقلالاً . (راجع التعليق على المادة 212).

والإحالة للإرتباط لا تتم إلا بالتقدم بدفع بطلب الإحالة فلا يملك الخصم بإرادته وحده أن يرفع دعوى أمام محكمة غير مختصة لمجرد إثباته قيام صلة الإرتباط مع دعوى منظورة أمامها كما أن التمسك بسقوط الدفع بالإحالة للإرتباط يجب أن يبدي أمام المحكمة المحلية لا المحكمة المحال إليها .

والإحالة بنوعيها على النحو المتقدم تختلف عن ضم دعوى لأخرى إذ في حالة الضم يرفع ذات الطلب أو الطلبان المرتبطان بصحيفتين مختلفتين أمام نفس المحكمة سواء أمام نفس الدائرة أو أمام دائرتين مختلفتين في هذه الحالة يطلب أحد الخصوم في الدعويين ضمها للأخرى وقد جرت عادة المحاكم على الاستجابة لطلب الضم إذا ما رأت أن ذلك يسهل الفصل في الدعويين وهذا الأمر متروك لتقدير المحكمة. ولا يترتب على الضم إدماج الدعويين وتظل كل منهما محتفظة باستقلالها إلا إذا كان كل من الطلبين يشتمل على ذات الدعوى ، كما أن ضم الدعويين لا يلزم المحكمة بإصدار حكم واحد فيهما فلها أن تحكم في إحداها قبل الأخرى ( كمال عبد العزيز الطبعة الثالثة الجزء الأول ص هو وأبو الوفا في التعليق الطبعة الخامسة ص 497). ويرى الدكتور أبو الوفا أنه لا يجوز الإحالة للإرتباط إذا كانت المحكمتان من محاكم الدرجة الثانية لأن الدفع بالإحالة للإرتباط لا يجوز إيداعه في الاستئناف بصدد إرتباط دعويين في الإستئناف لما يترتب على ذلك من إخلال بمبدأ تبعية المحاكم بعضها البعض وهي مسالة من النظام العام ورتب على ذلك أنه لا يجوز رفع إستئناف عن حكم صدر من محكمة الإسكندرية الإبتدائية إلى محكمة إستئناف طنطا وإنما يرفع إلى محكمة إستئناف الإسكندرية وعلى ذلك لا يجوز إحالة دعوى للإرتباط من محكمة إستئناف الإسكندرية إلى محكمة إستئناف طنطا.(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء الثالث ،  الصفحة : 199)

 تعريف الدفع بالإحالة وكونه دفعاً شكلياً : الدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى هو ذلك الدفع الذي يقصد به منع الحكمة من الفصل في الدعوى المطروحة عليها، وإحالتها إلى محكمة أخرى إما لقيام ذات النزاع أمام المحكمة الأخرى، وإما لقيام دعوى أخرى مرتبطة به، أو بسبب الإتفاق على إختصاص محكمة معينة عملاً بالمادة 111 التي سبق لنا التعليق عليها، وسمي الإحالة في هذه الحالة الأخيرة بالإحالة الإتفاقية، وثمة صورة أخرى للإحالة تنص عليها المادة 110 التي سبق لنا التعليق عليها، وهي الإحالة بسبب عدم الإختصاص، إذ على المحكمة الحكم بالإحالة إلى المحكمة المختصة بعد الحكم بعدم إختصاصها عملاً بالمادة 110 على نحو ما أوضحنا فيما مضى عند تعليقنا عليها، ومن صور الإحالة أيضاً ما تنص عليه المادة 46/ 2 مرافعات أنه إذا عرض على المحكمة الجزئية طلب عارض لا يدخل في إختصاصها جاز لها أن تحكم في الدعوى الأصلية وحدها إذا لم يترتب على ذلك ضرر بسير العدالة، وإلا وجب عليها أن تحكم من تلقاء نفسها بإحالة الدعوى الأصلية، والطلبات العارضة بحالتها إلى المحكمة الإبتدائية المختصة، ويكون حكم الإحالة غير قابل للطعن (راجع تعليقنا على المادة 46 فيما مضى).

والدفع بالإحالة دفع شكلى، تسري عليه القواعد المنظمة للدفوع الشكلية التي وردت في المادة 108 مرافعات التي سبق لنا التعليق عليها فيما مضى، وغيرها من القواعد المنظمة للدفوع الشكلية.

التفرقة بين الإحالة وبين الضم : ينبغي التفرقة بين الإحالة وبين الضم : ويحدث الضم بأن يرفع ذات الطلب أو الطلبان المرتبطان بصحيفتين مختلفتين أمام نفس المحكمة سواء أمام نفس الدائرة أو أمام دائرتين. وفي هذه الحالة تضم إحدى الدعويين إلى الأخرى المصدر فيهما حكم واحد، وهو أمر يدخل في السلطة التقديرية للمحكمة التي جرى العمل على مسارعتها إلى الضم مني قدرت أنه ييسر الفصل في الدعويين، والضم لا يترتب عليه إدماج الدعويين، بل تبقى كل منهما محتفظة باستقلالها إلا إذا كان كل من الطلبين يشتمل على ذات الدعوى إذ لا يكون لكل طلب بعد الضم ذاتية مستقلة.

(نقض 1968/1/31 لسنة 19 ص 170 ، ونقض 1968/2/1 لسنة 19 ص 184، فتحی والی  مباديء  بند 229 ، كمال عبد العزيز ص 262).

إذن إذا رفع الطلبان في صحيفتين مختلفتين أمام نفس المحكمة فإنه يتم جمع الطلبين في خصومة واحدة، بقرار بالضم يصدر بناء على طلب أي من . الخصوم أو من تلقاء نفس المحكمة، ويتم الضم سواء كان الطلبان المرتبطان أمام نفس الدائرة أو أمام دائرتين مختلفتين. كما يمكن أن يتم الضم لأول مرة. أمام المحكمة الاستئنافية (فنسان  بند 758 مكرراً ص 986، نقض 9/ 4/ 1974  السنة 25 ص 649، فتحي والي  الوسيط  بند 181 ص 268). ويدخل قرار الضم في السلطة التقديرية للمحكمة، كما مضت الإشارة، فلها أن ترفض الضم ولو توافر الارتباط بين الدعوتين إذا قدرت أن هذا الضم لا يساعد على تيسير الفصل في الدعوتين، ولا رقابة في هذا المحكمة النقض (فنسان  الإشارة السابقة، فتحي والي  الإشارة السابقة) ويتعين ملاحظة أن ضم الطلبين لا يفقد كلاً منهما إستقلاله من الناحية الإجرائية فلا يؤثر لعيب أحدهما في صحة الآخر، وذلك ما لم يتحد الطلبان أشخاصاً ومحلاً وسبباً ، إذ يتعلق الأمر بدعوى واحدة فيندمج الطلبان به بضمهما  ليكونان طلباً واحداً (نقض 1978/1/16 ، في الطعن رقم 894 لسنة 43 قضائية، نقض 1977/5/1 ، منشور في مجلة إدارة قضايا الحكومة سنة 1977 ، عدد 3  بند 26 ص 727 ، فتحی والی  الوسيط بند 181 ص 269)، والفرض في الضم أن تكون كل دعوى قد رفعت إلى المحكمة المختصة بها على إستقلال، ولهذا لا يثير الضم أية مشكلة متعلقة بالإختصاص المحلي أو النوعي، ولكن قد تثور مشكلة إختصاص قيمى إذا كان الطلبان قد قدما إلى المحكمة الجزئية، وكانا يستندان إلى سبب قانوني واحد بحيث يؤدي ضمهما إلى عدم إختصاص المحكمة الجزئية بهما مجتمعين، رغم إختصاصها بكل منهما على حدة قبل الجمع، وعندئذ إذا قدرت المحكمة ضرورة الضم فعليها أن تحكم  ولو من تلقاء نفسها .. بعدم إختصاصها وبإحالة القضية إلى المحكمة الإبتدائية وفقاً للمادة 110 مرافعات افتحي والي  الإشارة السابقة).

وقد مضت الإشارة فيما تقدم إلى أنه يجوز الضم في الإستئناف، . وهذا أمر بدیهی، وقد قضت محكمة النقض بأن الإستئناف الفرعي لا ينشىء خصومة مستقلة عن الخصومة في الإستئناف الأصلي وبالتالي فلا حاجة لمحكمة الموضوع إلى التقرير بضم الإستئنافين ليصدر فيهما حكم واحد.

(نقض 7/ 12/ 1978 في الطعن رقم 400 لسنة 45 قضائية).

والأصل أن الضم لا يؤثر على قواعد الإختصاص كما ذكرنا. إذ تظل كل دعوی محتفظة بكيانها وقيمتها واستقلالها (أنظر: حكم محكمة مصر الإبتدائية 1930/2/24 المحاماة 11 ص 162، والإسكندرية الإبتدائية 21 / 5/ 1937، المحاماة 18 ص 745، ونقض 18/ 6/ 1953 ، طعن رقم 455 لسنة 21قضائية)، ما لم تتحدا موضوعاً وسبباً وأطرافاً وعندئذ تكون الدعوتان دعوى واحدة (نقض 1972/5/16 لسنة 23 ص 926 ، ونقض 1973/6/28 ، السنة 24 ص 996)، كما لا يؤثر في مدى قابلية الحكم الصادر في كل دعوى للطعن فيه بالإستئناف. وإنما يفيد الضم في تحقيق الدعوتين، إذ يجوز عندئذ أن يستند الحكم في أبها إلى ما بصدد الدعوى الأخرى من مستندات، وقرائن (نقض 1971/1/28 السنة 22 ص 148)، ويؤثر الضم في تحديد نطاق الخصومة التي إذا صدر حكم بانقضائها فإنه يكون قابلا للطعن المباشر علما بالمادة 212 أحمد ابوالوفا  نظرية الدفوع  بند 130 ص 267 و ص 268).

ويلاحظ أنه في حالة ضم دعويين متحدثين موضوعاً وسبباً وأطرافاً ، فإن الطعن في الحكم الصادر في الدعوى يكون طعناً بصددهما، وبالتالي يجوز رفع إستئناف فرعي بصددهما.

(نقض 1972/5/16 السنة 23 ص 926).

وللمحكمة أن تقضي في مسألة الضم قبل الفصل في الموضوع، كما لها أن تضمها إليه، وتقضي فيهما بحكم واحد، والحكم الصادر بالضم أو برفضه لابعد حكما بالمعنى الخاص، وإنما هو عمل من أعمال الإدارة القضائية (أحمد أبوالوفا  نظرية الدفوع  بند 130 ص 270)، لأنه لا يفصل في مسألة الإختصاص، وإنما يرمي إلى تيسير الفصل في الدعوي بتحديد أسلم سبيل في هذا الصدد، وتنص المادة 368 من قانون المرافعات الفرنسي الجديد على أن الحكم الصادر يضم دعويين أو بالفصل بينهما هو من أعمال الإدارة القضائية.

وينبغي ملاحظة أن الحكم بالضم أو برفضه لايطعن فيه فور صدوره، وإنما يطعن فيه مع الطعن في الحكم في الموضوع (أحمد أبوالوفا  الإشارة السابقة).

كما يتعين أيضاً ملاحظة أن القاضي بعد ضم دعويين لا يلزم بإصدار حكم واحد فيهما، فله أن يحكم في إحداهما قبل الأخرى، وذلك لأن الغرض المقصود من ضم دعويين هو الفصل فيهما بمعرفة قاض واحد لا الفصل فيهما معاً، وبحكم واحد. وبعبارة أخرى حكمة ضم دعويين هي أن حسن سير العدالة يقتضي الفصل فيهما قاض واحد، إذ قد يتحد مطلوب الخصوم أو دفاعهم فيسهل عليه تحقيقهما، والفصل فيهما، وهذا لا يقتضي أن يفصل فيهما بحكم واحد (إستئناف مختلط 22/ 6/ 1916 مجلة التشريع والقضاء 28 ص 442، أحمد أبوالوفا  نظرية الدفوع  بند 130 ص 270 و ص 271).

الدفع بالإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمتين :

في حالة ما إذا رفعت ذات الدعوى إلى محكمتين مختلفتين كل منهما مختصة بالفصل فيها، فإن القانون يجيز الدفع بإحالتها إلى المحكمة التي رفعت إليها الدعوى أولاً. وذلك توفيراً لوقت القضاء، وتفادياً لتناقض الأحكام إذا استمرت كل منهما في نظر الدعوى، وحيث توجد قاعدة أساسية  في حالة الإختصاص المشترك للدعوى بين محكمتين  مؤداها أن رفع الدعوى أمام محكمة مختصة ينزع الاختصاص عن سائر المحاكم. وتقضي هذه القاعدة أن تصبح المحكمة التي ترفع لها الدعوی بعد ذلك غير مختصة، ولكن نظراً لأن عدم إختصاص المحكمة الثانية هو علم إختصاص عارضة، وليس أصلياً فإن القانون أجاز في هذه الحالة التمسك به عن طريق الدفع بإحالة الدعوى من المحكمة الثانية إلى المحكمة الأولى، وليس عن طريق الدفع بعدم الإختصاص (وجدي راغب  ص 295 و ص 296).

فإذا إختصت محكمتان بدعوى واحدة، ورفعت الدعوى أمام إحدى المحكمتين، فإنه يترتب على رفعها أن تصبح المحكمة الأخرى بقوة القانون غير مختصة بها، على أن عدم الإختصاص هنا ليس أصلياً، إن المحكمة أصلاً مختصة وفقاً لقواعد الاختصاص ، وإنما ينشأ عدم اختصاصها بسبب سبق رفع الدعوى أمام محكمة أخرى مختصة، ولهذا لاتكون الوسيلة الفنية لقصر نظر الدعوى على المحكمة التي رفعت إليها أولا، هي التمسك بعدم إختصاص المحكمة التي رفعت إليها بعد ذلك، وإنما تكون الوسيلة هي التمسك بقيام ذات الدعوى أمام محكمتين، ويتم ذلك بدفع يسمى الدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لقيام ذات النزاع أمامها (مادة 108 و 112 مرافعات)، ويلاحظ أن هذا الدفع يفترض أن المحكمتين مختصتان، فإذا كانت أحبهما غير مختصة وفقاً لقواعد الإختصاص، فإن الدفع بالإحالة لقيام ذات النزع يكون غير مقبول (فتحی والی  بند 189 ص 286 وهامش رقم 2 بها)، كذلك فإنه يسنرى أن ترفع الدعوى الأولى أو الثانية كطلب أصلي أو كطلب عارض (رمزی سيف  بند 336 ص 399)، ومن الناحية العملية فإنه من المتصور إختصاص أكثر من محكمة بدعوى واحدة، كما إذا تعدد المدعى عليهم، وكانت مواطنهم متعددة، أو إذا اتفق على موطن مختار لتنفيذ عقد فيرفع المدعي دعوى أمام محكمة مختصة ثم يرفعها أمام محكمة أخرى مختصة قبل الفصل في الدعوى الأولى لعدم رضائه عن اتجاه المحكمة في تحقيق القضية المرفوعة أمامها أو يتوفى أثناء سيرها، فيرفعها ورثته أمام محكمة أخري بقيام النزاع أمام المحكمة الأولى، كما قد يقيم شخص دعوى أمام محكمة غير مختصة ثم يثبت لها إختصاصها بعدم الإعتراض عليها في الوقت المناسبة فترفع الدعوى مرة أخرى لسبب من الأسباب المتقدمة أو الغيره من الأسباب المتقدمة أو لغيره من الأسباب أمام محكمة أخرى مختصة، وقد يكون للمدعی مصلحة في تجديد الخصومة أمام محكمة أخرى إذا كان قد فاته في الخصومة الأولى طلب إتخاذ إجراء من إجراءات الإثبات في مناسبته (مادة 7 و 75 من قانون الإثبات)، أو إذا كان قد سقط حقه في التمسك بالحكم الصادر باتخاذ إجراء معين من إجراءات الإثبات لإهماله في مباشرة عمل أو إجراء معين في الأجل المضرور ، (مادة 76 و 137 و 152 من قانون الإثبات)، فيكون من مصلحته في هذ الأحوال عدم السير في الخصومة وتجديدها أمام محكمة أخرى (أحمد أبوالوفا  نظرية الدفوع  بند 107 ص 241).  

والدفع بالإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمتين هو دفع شکلی يجب إبداؤه في بدء الخصومة، وإلا سقط الحق فيه، وقد نظم المشرع كيفية إبداء هذا الدفع في المادتين 108 و 112 مرافعات، ومحكمة تنظيم المشرع له هي تفادي تعدد الإجراءات وتضاعف النفقات. وتفادي صدور أحكام متناقضة والإقتصاد في وقت القضاة، كما مضت الإشارة فيما تقدم.

ويشترط لقبول الدفع بالإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمتين شريط تكاد تكون بعينها شروط الدفع بحجية الشيء المحكوم به، فكل منهما يقصد به تفادي الحكم في دعوى مرة ثانية منعاً من تناقض الأحكام في القضية الواحدة، وبعبارة أخرى ما يرمي إلى تحقيقه الدفع بالإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمة أخرى يحققه أيضاً الدفع بسبق الفصل في الدعوى، غير أن الدفع الأخير لا يوجه إذا صدر في إحدي القضيتين حكم في الموضوع، ولكن يلاحظ أن نطاق الدفع بالحجية أوسع من نطاق الدفع بالإحالة، لأن الأول يقصد به فضلاً عما تقدم تفادي تناقض الأحكام في القضايا المرتبطة برباط لايقبل التجزئة (أحمد أبو الوفا  نظرية الدفوع  بند 108 ص 242)، وسوف نوضح شروط الدفع بالإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمتين، تفصلا الآن فيما يلي :

الشرط الأول : وحدة الدعوى : ويقصد بهذا الشرط أن ترفع ذات الدعوى أمام المحكمتين، ويستدل على هذه الوحدة بوحدة عناصرها أشخاصاً ، و محلاً وسبباً وتعد الدعوى واحدة إذا إستغرق محل إحدى الدعويين محل الأخرى (أحمد مسلم  أصول المرافعات  بند 272 ص 301 ، وجدي راغب  ص 296، فتحی والی  بند 189 ص 287)، مثل المطالبة في إحداها بالدين والفوائد والمطالبة في الأخرى بالدين فقط.

ويلاحظ ضرورة وحدة الدعوى، وهذه الوحدة تحدث كلما توافرت بين الدعويين وحدة الخصوم والمحل والسبب، فلا يكفي وجود إرتباط بين دعويين أياً كان (محمد وعبدالوهاب العشماوي  جـ 2 بند 750 ص 259، فتحی والی  ص 287 هامش رقم 2 بها)، إذ عندئذ تكون الوسيلة هي الدفع بالإحالة للإرتباط ، وليس الدفع بالإحالة لقيام ذات النزاع أمام المحكمتين. إذن ينبغي أن تكون القضيتان دعوى واحدة بالمعنى الصحيح بأن يكون محلهما أي موضوعهما واحداً ، وأن يكون سببهما واحداً، وأن يكون الخصوم في إحداهما هم نفس الخصوم في الأخرى.

فيتعين أن يكون الموضوع واحداً بمعنى أنه إذا كان المطلوب في الأولى ملكية عقار معين وجب أن يكون المطلوب في الثانية هو أيضاً الملكية، وأن تتعلق هذه الملكية بذات العقار، وأن يكون القدر المطلوب من ملكية العقار واحداً في الدعويين.

كما يجب أن يكون السبب واحداً في الدعويين، ويقصد بالسبب الأساسي القانوني الذي يستند إليه المدعي في دعواه، فالمستأجر حين يطالب المؤجر بتسليم العين المؤجرة يكون سبب دعواه هو عقد الإيجار، ولكن إذا رفع دعوى أخرى للمطالبة بتسليم ذات العين مستنداً إلى سبب آخر، كعقد البيع ، مثلاً ، فإن الدعوى الجديدة تختلف عن الأولى، ولا تقبل الإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمة أخرى (أحمد أبو الوفا  نظرية الدفوع  بند 109 ص 244).

كما ينبغي اتحاد الخصوم في الدعويين، والمقصود باتحاد الخصوم إتحادهم قانوناً لا طبيعة، إذ من الجائز أن ترفع دعويان في وقت واحد إحداهما يطالب فيها أب بحق لابنه بصفته ولياً عليه، والثانية يطالب فيها بذات الحق لنفسه هو بصفته أصيلاً ، ولا تجوز الإحالة لقيام ذات النزاع في هذا الصدد، وإن كانت للإرتباط جائزة، ولا تجوز أيضاً الإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمة أخرى إذا رفعت دعويان إحداهما يطالب فيها شخص يحق لنفسه والثانية يطلب فيها ذات الحق نيابة عن شخص آخر (أحمد أبو الوفا  نظرية الدفوع  بند 109 ص 245 و ص 246).

ويلاحظ أنه على الرغم من أن القاضي الموضوع السلطة التامة في إستخلاص ما يراد إستخلاصه من وقائع الدعوى للتحقق من اتحاد الموضوع، والسبب والخصوم في كل من الدعويين، فإن لمحكمة النقض أن تتحقق من أن النزاع المطروح أمام المحكمة هو عين النزاع الذي رفع أولاً ، وذلك لأن شروط الإحالة مسلم بها في الفقه والقضاء فينبغي أن يخضع رأی قاضى الموضوع في تقدير الوقائع في الدعوى، وفي أعمال هذه الشروط بصدده لرقابة محكمة النقض (أحمد أبوالوفا  نظرية الدفوع  بند 111 ص 247 ، ص 248).

ويلاحظ أيضاً أنه لاتجوز إحالة الدعوى بطلب مستعجل المرفوعة أمام قاضي الأمور المستعجلة إلى المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية لمجرد أن هذه الأخيرة تنظر الموضوع، وذلك لأن كل دعوی تختلف في موضوعها، وسببها عن الأخرى، إنما إذا رفعت الدعوى بطلب إتخاذ إجراء وقتی أمام قاضي الأمور المستعجلة، وأمام قاضي الموضوع في ذات الوقت فهنا تجوز الإحالة (أحمد أبو الوفا  التعليق  طبعة سنة 1990 ص 495).

وبناء على ذلك لا يجوز لقاض الأمور المستعجلة أن يقضي بإحالة دعوى الحراسة المنظورة أمامه بصفة مستعجلة إلى المحكمة الموضوعية تأسيساً على أنها تفصل في ملكية المال المطلوب فرض الحراسة عليه لكن إذا رفعت دعوى الحراسة أمام قاض الأمور المستعجلة، ورفعت أيضاً من أي من الخصمين تبعاً للدعوى الموضوعية فإنه يجوز في هذه الحالة الدفع بالإحالة إلى المحكمة المستعجلة التي تقر دواعي الإحالة إلا أنه يجوز لطرفي الدعوى المستعجلة أن يتفقا على إحالتها المحكمة الموضوع لنظرها تبعاً للدعوى الأصلية عملاً بالمادة 111 مرافعات.

الشرط الثاني: أن تكون الدعوى قائمة بالفعل أمام محكمتين مختلفتين تابعتين لجهة قضائية واحدة : فينبغي أن تكون الدعوى قائمة بالفعل أمام المحكمتين، فلا محل للإحالة إذا كانت إحدى الخصومتين قد إنقضت بالفصل في موضوعها أو إنقضت بغير حكم في موضوعها كما إذا حكم بسقوطها أو بتركها، أو باعتبارها كأن لم تكن أو بعدم إختصاص المحكمة بنظرها، أو بطلان صحيفتها، ومن البديهي أنه لا محل لإبداء الدفع بالإحالة إذا انقضت إحدى الخصومتين بالفصل في موضوعها كما ذكرنا، وإنما للخصم أن يتمسك في هذه الحالة بحجية الأمر المقضي، ويدفع بسبق الفصل في الموضوع.

ويلاحظ أنه من سلطة المحكمة التي ترفع إليها الدعوى ثانية، أن تتحقق  قبل الحكم بالإحالة  من أن الدعوى لا زالت قائمة أمام المحكمة الأولى (فتحى والى  بند 189 ص 287).

كما يجب قيام الدعوى أمام محكمتين مختلفتين، لأن لا محل للدفع بطلب الإحالة لقيام ذات النزاع إذا كان النزاع مطروحاً أمام دائرتين من نفس الحكمة لأن اختلاف الدوائر لا یعنی إختلاف المحكمة (محمد وعبد الوهاب العشماوي  ج 2 بند 750 ص 251، إبراهيم سعد  ج 1 بند 215 ص 528، فتحی والی  بند 189 ص 287 ، وجدى راغب ص 296)، وفي هذه الحالة تقرر المحكمة ضم الدعويين بناء على طلب من أحد الخصوم أو من تلقاء نفسها، كذلك لا محل للدفع بالإحالة إذا رفعت الدعوى أمام محكم، إذ لا يقبل هذا الدفع بالنسبة للدعوى التي يسبق رفعها إلى هيئة محكمين، لأنه إذا رفعت الدعوى في هذه الحالة إلى المحكمة فإن المدعى عليه يمكنه التمسك بالإتفاق على التحكيم، وهو دفع يختلف عن الدفع بالإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمتين .

كذلك يجب أن تكون الدعوى مرفوعة أمام محكمتين مختلفتين في ذات الجهة القضائية، أي أن تكون المحكمتان تابعتين لجهة قضائية واحدة، فلا تجوز الإحالة لهذا السبب إذا رفعت إلى جهتين مختلفتين لأنه من غير المتصور رفع نفس الدعوى أمام جهتين قضائيتين دون أن تكون إحداهما غير مختصة، ففي هذه الحالة يكون عدم الإختصاص متعلق بالنظام العام لأنه عدم إختصاص ولائي، ويجب على المحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها مما يترتب عليه الإحالة الوجوبية التي نصت عليها المادة 110 مرافعات التي سبق لنا التعليق عليها، ومن ثم لا تكون هناك حاجة للدفع بالإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمتين. ويلاحظ أنه تجوز الإحالة إذا كانت كل من الدعويين أمام محكمة الدرجة الثانية بشرط أن تكون المحكمتان من طبقة واحدة فتجوز الإحالة من محكمة إستئناف عالٍ إلى محكمة استئناف عالٍ مثلها، ولكن لا تجوز الإحالة من محكمة ابتدائية (باعتبارها محكمة درجة ثانية)، إلى محكمة الاستئناف، وإلا كان في ذلك إخلال بنظام التقاضي وأوضاعه (أحمد أبو الوفا  نظرية الدفوع  بند 119 ص 253).

الشرط الثالث : قيام الدعوى أمام محكمتين مختصتين : فينبغي أن تكون كل من المحكمتين المرفوع أمامها الدعوى مختصة بنظرها، فإذا كانت إحداها غير مختصة، فإنها تحكم بالإحالة بسبب عدم الإختصاص لا بسبب وحدة الدعوى، وتكون الإحالة وجوبية في هذه الحالة، فيشترط إذن أن تكون المحكمتان مختصتين بنظر الدعوى، سواء حدد اختصاصها بإرادة المشرع أو باتفاق الخصوم، ويشترط إختصاص المحكمة المطلوب الإحالة إليها لأنه لا محل للإحالة من محكمة مختصة إلى محكمة غير مختصة، أما المحكمة التي يطلب منها الإحالة فإنه بفترض فيها أن تكون مختصة، وإلا لدفع الخصم بعدم إختصاصها، الأمر الذي يترتب عليه وجوبياً إحالة الدعوى (رمزی سيف  بند 336 ص 400 إبراهيم سعد  جـ 1 بند 215 ص 529).

إجراءات الدفع بالإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمتين وفقاً للمادة 111 محل التعليق  يقدم الدفع إلى المحكمة المطلوب الإحالة منها، وهي المحكمة التي رفعت إليها الدعوى ثانية، وهذه المحكمة تفصل فيه، ثم تحيل الدعوى إلى المحكمة الأولي.

وعلة وجوب تقديم الدفع إلى المحكمة التي رفع إليها النزاع أخيرا، هي أن القاعدة أن المحكمة التي رفعت إليها الدعوى أولا هي أولى الحكمتين بالفصل فيها لأن رفع الدعوى إلى محكمة ينزع من سائر المحاكم المختصة بها إختصاصها بالحكم فيها، ولذلك أوجب القانون تقديم الدفع بالإحالة إلى المحكمة التي رفعت أمامها الدعوى متأخراً، وهذه المحكمة تفصل فيه، وتحيل الدعوى إلى المحكمة الأولى. وتفصل المحكمة في الدفع بالقبول أو بالرفض بعد سماع مرافعة الخصوم أمامها، وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها  ای تتقيد بهذه الإحالة، وقد قصد بالنص على هذه الإجراءات المستحدثة في القانون الحالي تجنب وقوع الخلاف بين المحكمتين حول الإختصاص بنظر الدعوى .

والعبرة في تعيين أي القضيتين التي رفعت أولاً هي بتاريخ تقديم صحيفة الدعوى في كل منهما إلى قلم كتاب المحكمة المرفوعة إليها الدعوى، إذ ينبني للتعرف على المحكمة التي رفعت إليها الدعوى ثانية الرجوع إلى تاريخ إيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة (موریل  المرافعات  بند 301 ص 254، فتحی والی  بند 189 ص 288 ، أحمد أبو الوفا  نظرية الدفوع  بند 121 ص 257، إبراهيم سعد   جـ 1 بند 216 ص 531).

إذ أن الدعوى تعتبر مرفوعة من هذا التاريخ (مادة 63 مرافعات)، ومن هذا التاريخ يعتبر الاختصاص قد نزع من باقي المحاكم، وإذا أودعت الصحيفتان في نفس التاريخ فإنه يجب النظر إلى تاريخ الجلسة الأولى أمام كل من المحكمتين، فإذا حدث وكانت الجلستان في نفس الوقت فعندئذ يمكن التمسك بالدفع أمام أي من المحكمتين (فتحى والي  بند 189 ص 288 وهامش رقم 2 بها).

إذن يجب تقديم دفع بالإحالة للمحكمة التي رفع إليها النزاع أخيرا للحكم فيه فليس للمحكمة أن تقضي بالإحالة من تلقاء نفسها (قارن أحمد مسلم  بند 273 ص 302)، وإنما تقضي بها بناء على دفع. (نقض 1973/6/1 لسنة 24 ص 919).

ويقصر القانون التمسك به على المدعى عليه، وعلى المدعى عليه. إبداء هذا الدفع مع الدفوع الإجرائية الغير متعلقة بالنظام العام أمام قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول (مادة 108/ 1   راجع تعليقنا علیها)، فهو دفع شکلی غير متعلق بالنظام العام ينبغي إبداؤه كأي دفع شكلي قبل التعرض للموضوع، ويشترط للحكم فيه أن يتقدم به المدعى عليه إلى المحكمة فإذا رفعت دعوى أمام محكمة ما، وكانت ذات الدعوى قائمة أمام محكمة أخرى، وجب على الأولى الفصل في النزاع، مادام لم يحصل التمسك أمامها بالإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمة أخرى، فإذا هي أعرضت عن الفصل في النزاع تكون قد خالفت القانون. ( نقض 14/ 6/ 1973  لسنة 24 ص 919).

الحكم في الدفع بالإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمتين وأثره والطعن فيه: إذا توافرت شروط الإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمتين، ودفع بها المدعى عليه في الوقت المناسب، فإنه يتعين على المحكمة المقدم إليها الدفع أن تقضي بالإحالة دون أية سلطة تقديرية (جلاسون  المرافعات  ج 1 بند 274 فتحي والي  بند 189ص 288 ، أحمد أبو الوفا نظرية الدفوع  بند 122  ص 258 ، إبراهيم سعد  ج 1 بند 216 ص 531، وجدي راغب ص 297)، وأساس ذلك أنه يسبق رفع الدعوى أمام محكمة أخرى تصبح المحكمة المقدم إليها الدفع غير مختصة بالدعوى، قضاؤها بقبول الدفع، والإحالة نتيجة لازمة لعدم الإختصاص (فتحى والى  الإشارة السابقة)، وفي الواقع حكمها في هذا الصدد هو حكم بعدم الاختصاص، ما دام قد ثبت رفع الدعوى أمام محكمة مختصة أخرى مما يترتب عليه نزع الاختصاص من باقی المحاكم كما مضت الإشارة أنفا.

وإذا أمرت المحكمة بإحالة الدعوى فإن المحكمة الحال إليها تلتزم بنظرها تفادياً للتعقيد والتأخير في نظر الدعوى. وهذا الالتزام به كالتزام المحكمة المحال إليها الدعوى بعد الحكم بعدم الإختصاص  يعتبر إستثناء على قاعدة أن المحكمة تفصل في إختصاصها، وقارها يجب ألا يمس إختصاص محكمة أخرى، والحكمة من فرض هذا الالتزام حتى لاتتردد الدعوى بين المحكمتين مما يترتب عليه حرمان المتقاضي من محكمة تنظر دعواه (إبراهيم سعد  ج 1  بند 216 ص 531).

فطبقاً للفقرة الثالثة من المادة 112 محل التعليق  تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها، ومفاد ذلك أن المحكمة التي تنظر الدفع بالإحالة تقرر بشأن إختصاص المحكمة التي رفعت إليها الدعوى أولاً ، فهي لا تحيل إليها إذا كانت غير مختصة، وأنه إذا أحالت المحكمة الدعوى إلى المحكمة التي رفعت إليها الدعوى أولا، فإن هذه الأخيرة تلتزم بالقرار المتعلق بإختصاصها بالدعوى، بالنسبة لمسألة إختصاصها، ويلاحظ أن عبارة المادة 112/ 3 من أن تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها لاتعني ما قد يبدو من ظاهرها، إن هذا الالتزام لايتعلق إلا بمسألة اختصاصها، فهي تستطيع ألا تنظر الدعوى بسبب بطلان صحيفتها أو انعدام الصفة لدى المدعى عليه أو غير ذلك من الأسباب التي تتعلق بالاختصاص (فتحی والی  بند 189 ص 288 و ص 289 و هامش رقم 2 بها).  

والحكم بالإحالة ينفذ فوراً دون أن تستوفي بصدده الشروط اللازمة لجواز تنفيذ الأحكام فلا يلزم إعلانه، ويترتب على انقضاء الخصومة أمام المحكمة التي رفعت إليها الدعوى متأخراً ، فتعتبر كأن لم تكن وتزول كافة الآثار القانونية المترتبة على قيامها، وإذا فرض أن الخصومة إنقضت أيضاً أمام المحكمة الأولى لسبب ما. كما إذا ظلت مشطوبة ستين يوما فاعتبرت كأن لم تكن  فلا يتصور العودة إلى هذه الخصومة أيضاً ، أما إذا قضت المحكمة برفض الإحالة بقيت الخصومة الثانية قائمة. وقد يحكم برفض الإحالة على إعتبار أن الدعوى الأولى تختلف عن الأخرى في موضعها أو في سببها، أو قد ترفض الإحالة على اعتبار عدم إختصاص المحكمة الأولى بنظر الدعوى، وفي هذه الحالة الأخيرة تبقى الخصومة قائمة أمام المحكمتين بانتظار حكم من المحكمة الأولى يقضى بعدم إختصاصها بنظرها، والحكم الصادر في الدفع بالإحالة لا يجوز حجية الشيء المحكوم به إلا في الخصومة التي صدر فيها، ولا تتقيد به إلا المحكمة التي أصدرته والمحكمة الأخرى التي أحالت الخصومة إليها، وعلى ذلك إذا فرض أن حكمها صدر بالإحالة ثم رفعت الدعوى مرة ثالثة أمام محكمة ثالثة، وجب إبداء الدفع بالإحالة في ميعاده، ووجب اتخاذ كافة الإجراءات المتقدمة، ولا يجوز أن يحتج بحجية ذلك الحكم أمام المحكمة الثالثة (أحمد أبوالوفا  نظرية الدفوع  بند 124 ص 260 و ص 261).

وبالنسبة للطعن في الحكم الصادر في الدفع بالإحالة فإنه تنطبق عليه القواعد التي سبق لنا ذكرها بصدد الطعن في الحكم الصادر في الدفع بعدم الإختصاص ، فهو من الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع التي يراعى في تقدير نصاب إستئنافها قيمة الدعوى عملاً بالمادة 226، ويعد مستأنفاً مع إستئناف الحكم المنهى للخصومة عملاً بالمادة 229/1 ما لم يكن قد قبل صراحة، والحكم الصادر برفض الإحالة لا يقبل الطعن المباشر عملاً بالمادة 212 ، لأن الخصومة لا تنتهي به كلها أو بعضها، أما الحكم الصادر بالإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمة أخرى فإنه لا تنقضي به الخصومة، وبالتالي لا يكون الحكم الصادر بها قابلاً للطعن المباشر عملاً بالمادة 112 (أحمد أبو الوفا  نظرية الدفوع  بند 125 ص 261).

وإذا صدر حكم بقبول الإحالة بالنسبة لبعض الطلبات، ورفضها بالنسبة للبعض الآخر فإنه لايقبل الطعن المباشر بشقيه،. ولا يعتبر التعرض للموضوع من جانب الخصم الذي دفع بالإحالة رضاء ضمنياً منه عن الحكم الصادر برفض الدفع، لأن الرضاء الذي يشف عن قبول الحكم يجب أن يكون صادراً عن إختبار لا عن إلزام، وهو من المحتم عليه بعد صدور الحكم برفض الدفع بالإحالة أن يذعن لتنفيذه، خاصة وأنه لا يقبل الطعن المباشر (أحمد أبوالوفا  نظرية الدفوع  بند 125 و بند 126 ص 261).

وجدير بالذكر أنه إذا قضت المحكمة بالإحالة، فعليها أن تحدد للخصوم الجلسة التي يحضرون فيها أمام المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى. وعلى قلم الكتاب إخبار الخصوم الغائبين عند صدور قرار الإحالة بذلك بكتاب مسجل بعلم وصول (مادة 113 مرافعات).

الدفع بالإحالة للارتباط :

نصت الفقرة الثانية من المادة 112 محل التعليق  على أنه إذا دفع بالإحالة للإرتباط جاز إبداء الدفع أمام أي من المحكمتين»، ووفقاً لهذا النص يجوز إبداء الدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لإرتباطها بدعوى أخرى مقامة أمامها، فقد حرص المشرع على جمع الدعويين عند قيام إرتباط بينهما، لكي يعرضوا على القضاء في خصومة واحدة، ويرجع هذا الحرص إلى الرغبة في اقتصاد النفقات وتوفير الإجراءات وتلافي صدور أحكام متناقضة أو يصعب التوفيق بينها (فتحى والى  بند 179 ص 263).

المقصود بالإرتباط : لم يعرف المشرع المصرى الإرتباط ، ولكن المشرع الفرنسي. عرفه في المادة 101 من قانون المرافعات الفرنسي الجديد بأنه صلة وثيقة بين طلبين تجعل من المناسب، ومن حسن سير العدالة جمعهما أمام محكمة واحدة لتحققهما، وتحكم فيهما معاً ، وهذا التعريف موسع لمعنى الإرتباط، ويميل إليه الفقه (فنسان  المرافعات  بند 758 مکرراً  ص 986، أحمد أبو الوفا نظرية الدفوع  بند 127  263، فتحی والی  بند 179 ص 263، وجدي راغب  ص 280 ، إبراهيم سعد  بند 180 ص 441)، وقد سبق لنا الإشارة إلى معنی الإرتباط عند تعليقنا على المادة 46 مرافعات. ومن المسلم به أنه يوجد إرتباط بين دمويين إذا كان عنصر السبب أو عنصر المحل فيهما واحداً ، أو إذا كان كلا العنصرين مشتركاً ، وتطبيقاً لذلك، فإنه إذا باع شخص شيئاً إلى شخصين، فإن دعواه بالثمن ضد أحدهما تعتبر مرتبطة بدعواه بالثمن ضد الآخر، إذ السبب واحدا، أما وحدة المحل أي الموضوع، فلا يشترط لتحقيق الإرتباط على أساسها وحدة الحماية القضائية المطلوبة بل تكفي وحدة المال المطلوب حمايته (فتحی والی  بند 179 ص 263) ولهذا يوجد إرتباط بين دعوى الحيازة ودعوى التعويض عن الإعتداء على الحيازة، أما وحدة المحل والسبب فمثالها دعوى الدائن ضد مدينة ، ودعواه ضد مدين آخر متضامن مع الأول، ويوجد إرتباط بين الدعويين إذا كان نظرهما منفصلين قد يؤدي إلى إحتمال صدور حكمين متعارضين وتطبيقاً لذلك يوجد إرتباط بين دعوى التعويض التي يرفعها قائد سيارة على قائد سيارة أخرى تصادم معها، ودعوى التعويض التي يرفعها هذا الأخير على الأول بزعم أنه هو المسئول عن الحادث (موريل  بند 283 ص 243 ، فتحي والي  الإشارة السابقة)، وبصفة عامة يوجد ارتباط كلما كان الحكم في إحدى الدعويين من شأنه التأثير في الحكم الصادر في الدعوى الأخرى، مما يجعل من حسن إدارة القضاء تحقيقهما والحكم فيهما معاً ، دون اشتراط وحدة المحل أو السبب، ولذلك يوجد ارتباط بين دعوى الإستحقاق التي يرفعها مدعی ملكية مال معين ودعوى الضمان التي يرفعها المدعى عليه فيها باعتباره مشترياً على بائع المال لإلزامه بضمان الإستحقاق (فتحی والی  بند 179 ص 263 و ص 264).

إذن الإرتباط هو صلة وثيقة بين دعويين تجعل من المناسب ومن حسن سير العدالة جمعهما أمام محكمة واحدة لتحققهما وتحكم فيهما معاً ، منعاً من صدور أحكام لا توافق بينها، تبدو صلة الإرتباط واضحة إذا كان الحكم في إحدى الدعويين قد يؤثر في الأخرى، أما إذا كان الحكم في إحدى الدعويين من شأنه أن يؤثر حتماً في الدعوى الأخرى، فإن صلة الارتباط هذه لا تقبل التجزئة، فقد يصل الإرتباط بين دعويين إلى الحد الذي يخشى فيه حكمين متناقضين لا يمكن تنفيذهما معاً إذا لم تفصل فيهما محكمة واحدة، وهذه هي حالة عدم التجزئة، كما هو الحال إذا رفع أحد العاقدين دعوى بطلب تنفيذ العقد ورفع الأخر دعوی بطلب فسخه أو بطلانه، أو إذا رفعت دعوى بطلب تعويض الضرر الذي أصاب المدعي من جراء حادثة معينة ورفع الطرف الآخر عليه دعوى بطلب التعويض بسبب نفس الحادثة، أو إذا رفعت دعويان على شخصين بشيء غير قابل للتجزئة بطبيعته كحق الإرتفاق مثلاً ، أو كما إذا رفعت عدة دعاوى من أشخاص متعددين بطلب بطلان الحكم الصادر بإيقاع بيع العقار على مشتريه بالمزاد (أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند 127 ص 263 ص 264).

ولا يكفي لتوافر الإرتباط أن تتشابه دعويان، ولو كان الأمر يقتضي إعمال قاعدة قانونية واحدة - بصددهما، ومن أوضح صور الإرتباط إتخاذ الموضوع أو السبب في دعويين، ومع ذلك، وكما مضت الإشارة فيما تقدم - لا يلزم حتى يتحقق الإرتباط، أن يكون السبب أو الموضوع واحداً فيهما، كما إذا رفعت دعوى للمطالبة بتنفيذ عقد .. ورفع الطرف الآخر دعوى بطلب بطلانه أو نسخه، ولا يلزم أيضاً حتى يتحقق الإرتباط أن يتخذ طرفاًَ الحكومة في كل من الدعويين، كما إذا رفعت دعويان من شخصين مختلفين على آخر للمطالبة بملكية عين، فهنا يخشى تناقض   الحكمين إذا لم تتم الإحالة، أو كما إذا رفعت عدة دعاوى على المدين من جانب دائنيه، أو رفعت عدة دعاوى على المدينين من جانب الدائن لمطالبتهم بالتزام واحد، كذلك لا يلزم أيضاً حتى يتحقق الارتباط بین دعويين أن يتحد أحد أطراف الخصومة فيهما كما إذا تعدد الدائنون والمدينون المتضامنون، ورفع كل دائن دعوى على أحد المدينين، فتعددت الدعوى بقدر عدد المدينين (أحمد أبوالوفا - الإشارة السابقة).

ويلاحظ أن تقدير وجود ارتباط بين دعويين مسألة موضوعية متروكة لتقدير قاضي الموضوع، ولاتخضع لرقابة محكمة النقض مادام الحكم قد بني على أسباب سائغة تكفي لحمله. (نقض 22 / 12 / 1975- السنة 26 ص 164، نقض 25 / 12 / 1963- السنة 14 ص 1197 ، نقض  7 / 7 / 1964- السنة 15 ص 947 موريل - المرافعات بند 283 ص 243، کورنی وفوييه - المرافعات - ص 144، فتحي والي - بند 179 ص  264 ، أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند  128 ص 266 ص 267، إبراهيم سعد - جـ1 - بند 180 ص 443، وجدي راغب - ص 299 ، رمزى سيف - بند 340 ص 404).

شروط الدفع بالإحالة للإرتباط : يشترط لإجابة الدفع بالإحالة للإرتباط توافر الشروط الآتية:

الشرط الأول: أن يتوافر ارتباط بين الدعويين: وذلك بالمعنی الذي أوضحناه آنفا، لأن الارتباط هو سبب الإحالة.  

الشرط الثاني: أن تكون المحكمتان تابعتين لجهة قضائية واحدة: فينبغي أن تكون كل من الدعويين مرفوعة أمام محكمة مختلفة في ذات الجهة القضائية: فلا تجوز الإحالة للارتباط من جهة إلى أخرى، وإذا كانت المادة 110 تجيز الإحالة إلى جهة أخرى، فهي خاصة بالإحالة بعد الحكم بعدم الاختصاص، وهو نص خاص لا يجوز القياس عليه، وتطبيقه على الإحالة للإرتباط (فتحي والي - بند 181 ص 270 ، وهامش رقم 1 بها، أحمد أبوالوفا - نظرية الدفوع - بند 129 ص 266، وجدي راغب - ص 298 ، وقارن رمزي سيف - بند 340 ص 405 حيث يرى جواز الدفع بالإحالة، ولو كانت الدعويان قائمتين أمام جهتين قضائيتين، وذلك على أساس أن رغم أنه كان المقرر في ظل القانون الملغي أنه يشترط أن تكون الدعويان قائمتين أمام جهة قضائية واحدة، لأنه كان من المقرر فيه أنه لا إحالة من جهة قضائية إلى أخرى لإستقلال كل جهة عن الأخرى، إلا أنه في ظل القانون الحالي لا مانع من الدفع بالإحالة، ولو كانت الدعويان قائمتين أمام جهتين قضائيتين، فقد قضى المشرع في القانون الحالي على فكرة الإستقلال المزعوم للجهات القضائية بعضها عن البعض الآخر، ولذلك نص في المادة 110 على أن على المحكمة إذا قضت بعدم إختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة، ولو كان عدم الإختصاص متعلقاً بالولاية، ويؤكد ذلك ما جاء في المذكرة الإيضاحية تعليقاً على نص المادة 110 من أن إستقلال الجهات القضائية بعضها عن البعض الآخر فكرة لم يعد لها محل بعد تطور القضاء وإنحصاره في جهتين تتبعان سيادة واحدة.

ويجب أن تكون كل من الدعويين مرفوعة أمام محكمة مختلفة فلا توجد إحالة للإرتباط من دائرة إلى أخرى في نفس المحكمة، وإنما يصدر قرار بالضم بسبب الإرتباط، وثمة فارق بين الضم والإحالة، وقد أوضحنا المقصود بالإحالة والمقصود بالضم فيما مضى.

كما ينبغي أن تكون كل من الدعويين مرفوعة أمام محكمة، فالإحالة تكون من محكمة إلى أخرى، ولذلك لا تجوز إحالة قضية مطروحة على محكمتين إلى محكمة ما لإرتباطها بدعوى قائمة أمامها، لأن في ذلك إخلالاً بمشارطة التحكيم. كما لا يجوز أن تحال على المحكمتين دعوى قائمة أمام المحاكم العادية (جلاسون - المرافعات - جـ 1 بند 280 ، أحمد أبوالوفا - نظرية الدفوع - بند 129 ص 267). 

الشرط الثالث : أن تكون المحكمتان من درجة واحدة : فلا تجوز الإحالة من محكمة أول درجة إلى محكمة ثاني درجة لأن في ذلك حرماناً للخصوم في الدعوى الحالة من درجة من درجات التقاضي، كما لا تجوز الإحالة من محكمة ثانى درجة إلى محكمة من محاكم أول درجة لأن في ذلك إخلال بدرجات التقاضي.

كذلك لا تجوز الإحالة إذا كانت المحكمتان من محاكم الدرجة الثانية، وذلك لأن رفع الدفع بالإحالة للإرتباط لا يجوز إبداؤه في الإستئناف بصدد إرتباط دعويين في الإستئناف، أما إذا إرتبطت دعويان أمام محكمة الدرجة الأولى، وتخلف المدعى عليه عن الحضور في إحداهما، وصدر الحكم فيها جاز له أن يضمن صحيفة المعارضة أو الإستئناف تمسكه بالدفع بالإحالة للإرتباط عملاً بالمادة 108 (أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند 131 ص 272).

وعلة منع الإحالة في الإستئناف هي ما يترتب عليها من إخلال بمبدأ تبعية الحاكم بعضها البعض، وهذه المسألة من النظام العام، فمثلاً لا يرفع إستئناف عن حكم صادر من محكمة أسيوط الإبتدائية إلى محكمة إستئناف القاهرة، وإنما يرفع إلى محكمة إستئناف أسيوط، وعلى ذلك فلا يجوز إحالة دعوى للإرتباط - من محكمة إستئناف أسيوط إلى محكمة إستئناف القاهرة، وهكذا. 

ويلاحظ أن القاضي المستعجل يملك الإحالة بنوعيها عملاً بالمادة 112 - محل التعليق : وهي تختلف عن الإحالة عملاً بالمادة 110 أحمد أبوالوفا - التعليق - ص - 490 .

الشرط الرابع : أن تكون المحكمة المطلوب الإحالة إليها مختصة بالدعوى القائمة أمامها من جميع الوجوه، أي أن تكون مختصة بها إختصاصها ولائياً (وظيفياً)، و إختصاصاً نوعياً وقيمياً ومحلياً ، مع ملاحظة أنه إذا لم يعترض على عدم إختصاصها المحلي في الوقت المناسب ثبت لها هذا الإختصاص، وإعتبرت مختصة بنظر الدعوى (أحمد أبوالوفا - نظرية الدفوع - بند 132 ص 272).

وإذا كان إختصاص المحكمة المطلوب الإحالة إليها بالدعوى المرفوعة أمامها محل نزاع بين الخصوم، وجب على المحكمة المطلوب الإحالة منها أن تقف الفصل في الدفع إلى أن يفصل في إختصاص المحكمة المطلوب الإحالة إليها (رمزي سیف - بند 340 ص 404 ص 405).

الشرط الخامس : أن تكون المحكمة المطلوب الإحالة إليها مختصة بالدعوى المطلوب إحالتها اختصاصاً متعلقاً بالوظيفة وإختصاصاً نوعياً ، ولكن لا يلزم أن تكون مختصة إختصاصاً محلياً (رمزي سيف - بند 340 ص 405 ، أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند 133 ص 273 ، وقارن محمد وعبد الوهاب العشماوي - بند 755، إذ يستلزمان إختصاصها إختصاصاً محلياً كذلك)، لأن قواعد الإختصاص المحلي لا تتعلق بالنظام العام فيصح التجاوز عنها، كما أن حسن سير القضاء الذي تقوم عليه فكرة الإحالة للإرتباط أولى بالرعاية من قواعد الاختصاص المحلي.

الشرط السادس : أن تكون كل من الدعويين ما زالت قائمة أمام المحكمة المرفوعة إليها، فلا محل للإحالة إذا انقضت الخصومة فيها أمام إحدى المحكمتين لأي سبب، كما إذا حكم بإعتبارها كأن لم تكن أو بانقضائها بالتقادم أو بسقوطها أو بقبول تركها أو غير ذلك من أسباب انقضاء الخصومة بغير حكم في الموضوع.

وإذا كانت المحكمة الحال إليها قد قضت في الدعوى المرفوعة أمامها بعد الحكم من المحكمة الأخرى بالإحالة، وجب عليها إعادتها للمحكمة الحبلة لزوال مبرر الإحالة (محمد وعبد الوهاب العشماوي - بند 755 كمال عبدالعزيز - ص 261، وقارن أحمد أبوالوفا - نظرية الدفوع - بندہ 132 ص 273) حيث يرى أنه إذا قضت المحكمة المطلوب الإحالة إليها في الموضوع بعد الحكم بالإحالة وقبل طرح الخصومة الجديدة. أمامها فليس هناك ما يمنع هذه الحكمة من الفصل في الدعوى التي أحيلت إليها على إعتبار أن الغرض المقصود من الإحالة هو الفصل في الدعويين بمعرفة محكمة واحدة لا الفصل فيهما معاً. وعلى ذلك فعلة الإحالة تتوافر، ولو كانت المحكمة قد فصلت في الدعوى المقامة أمامها، لأن الإحالة قد قصد بها تفادي تناقض الأحكام في الدعويين، وتيسير الفصل فيهما - وعلى وجه الخصوص تیسير الفصل في الدعوى المطلوب إحالتها. وأنه ليس معنى هذا أنه يجوز للمحكمة التي دفع أمامها بالإحالة أن تحكم بها على الرغم من صدور حكم في موضوع الدعوى الأخرى، لأن هذا القول - وإن كان يتمشى مع منطق الإتجاه المتقدم - إلا أنه يتعارض مع القانون الذي يوجب للتمسك بالإحالة أن تكون الدعوى الأخرى قائمة أمام المحكمة، ولم تقض فيها بحكم في الموضوع أو بحكم فرعى أنهى الخصومة أمامها.

إجراءات الدفع بالإحالة للإرتباط والحكم فيه والطعن في هذا الحكم : لا تحكم المحكمة بالإحالة بسبب الإرتباط من تلقاء نفسها، بل يجب أن يتمسك بذلك أحد الخصوم في صورة دفع بالإحالة، وقد أجاز المشرع التمسك بهذا الدفع أمام أي من المحكمتين، فنص في الفقرة الثانية من المادة 112 - محل التعليق - على أنه «إذا رفع بالإحالة للإرتباط جاز إبداء الدفع أمام أي من المحكمتين»، وهذا يعني أن الخيار للخصم فهو الذي يحدد المحكمة التي يمتد إختصاصها ليشمل بالتبعية الطلب المحال إليها فيقدم الدفع إلى المحكمة الأخرى لتقرر الإحالة إليها، ومع ذلك يری البعض في الفقه أن هذا الخيار لا يكون إلا حيث تكون الدعويان مرفوعتان إلى محكمتين من نفس النوع، فإذا رفعت دعوى إلى محكمة جزئية تختص بها، وأخرى إلى محكمة إبتدائية تختص بها، فإن الإحالة لا تكون إلا من الأولى إلى الثانية، ذلك أن المحكمة الإبتدائية هي وحدها التي تختص بالدعويين بعد جمعهم للإرتباط (فتحی  والی - بند 181 ص 269، و ص 270، وأيضاً وجدى راغب - ص 299).

إذن يجوز الدفع بالإحالة للإرتباط في أي من القضيتين، فيجوز الدفع بإحالة الدعوى الأولى إلى المحكمة المرفوعة إليها الدعوى الثانية، والعكس صحيح.

ويتعين أن يبدي بالإحالة للإرتباط مع سائر الدفوع الشكلية قبل التكلم في الموضوع، وإلا سقط الحق فيه، ولايعتبر هذا الدفع متعلقاً بالنظام العام، وإنما هو دفع شکلی غير متعلق بالنظام العام، ولذا يجب إبداؤه قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول. ومع غيره من الدفوع الإجرائية وإلا سقط الحق في إبدائه (مادة 208 مرافعات - وراجع تعليقنا عليها فيما مضی)، والتمسك بسقوط الحق في الدفع بالإحالة للإرتباط يجب أن يبدي أمام المحكمة المحيلة لا المحكمة المحال إليها.(نقض  1975/2/22 ، في الطعن رقم 714 لسنة 40 قضائية السنة 26 ص 1640).

ولكن أحيانا يحدث أن ينشأ الحق في الإدلاء بالدفع بالإحالة للإرتباط بعد التكلم في الموضوع، كما إذا رفعت دعوى بطلب الريع، وفي أثناء نظرها، وبعد مناقشة موضوعها تقام دعوى الملكية، ففي هذه الحالة جوز للمدعى عليه في الدعوى الأولى أن يتمسك بإحالتها إلى المحكمة التي تنظر الدعوى الأخرى (و لا يتصور أن تحال دعوى الملكية إلى المحكمة التي تنظر الدعوى الأخرى لأن دعوى الملكية أكبر أهمية منها، وذلك لأنه يجوز التمسك بالدفع الشكلي بعد التكلم في الموضوع ما دام أن الحق لم ينشأ في التمسك به إلا بعد التكلم في الموضوع (أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند 140 ص 278).

وتفصل في الدفع بالإحالة للإرتباط المحكمة التي قدم إليها هذا الدفع، وللمحكمة سلطة تقديرية في الإحالة بسبب الارتباط (رمزی سيف - بند 341 ص 406 ، فتحی والی - بند 181 ص 270، أحمد أبوالوفا - نظرية الدفوع - بند 141 ص 279، وجدي راغب - ص 200)، فإذا وجدت المحكمة أن شروط الإحالة متوافرة جاز لها أن تحكم بالإحالة، ويجوز لها أن ترفض الدفع رغم توافر الإرتباط، وتوافر كافة شروط الدفع، وذلك إذا علت على صلة الإرتباط إعتبارات أهم أخرى، فللمحكمة أن ترفض الدفع ولو توفرت شروط الإحالة، كما إذا وجدت أن الدعوى المطلوب إحالتها أهم من الدعوى الأخرى، وأن الأولى أن تحال الدعوى الأخرى إليها، وكما إذا وجدت أن الإحالة سوف لاتحقق الفائدة المرجوة منها كما إذا كانت المحكمة المطلوب الإحالة إليها قد انتهت من تحقيق الدعوى المرفوعة إليها بحيث أصبحت صالحة للحكم فيها، وأنها لن تؤجر الفصل فيها بسبب ضم دعوى أخرى في حاجة إلى تحقيق، وهكذا ترفض المحكمة الإحالة إذا قدرت أنها تؤدي إلى تعطيل الفصل في إحدى الدعويين، وكلما توافرت اعتبارات تعلو على صلة الإرتباط كما ذكرنا، وللمحكمة بدلاً من الإحالة أن توقف الدعوى القائمة أمامها حتى يصدر الحكم في موضوع الدعوى الأخرى (أحمد أبوالوفا ۔ نظرية الدفوع - بند 141 ص 279).  

وإذا حكمت المحكمة بالإحالة تعين عليها كذلك أن تحدد للخصوم الجلسة التي يحضرون فيها أمام المحكمة المحالة إليها الدعوى، وعلى قلم الكتاب أخبار الغائبين من الخصوم بذلك بكتاب مسجل بعلم الوصول (مادة 113 مرافعات).

وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 112 - محل التعليق - على أن تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها، وبناء على ذلك تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بالإحالة بأسبابها أي أن الإحالة تفرض على هذه المحكمة بأسبابها، وعلة هذا الإلزام تتمثل في ضرورة تحقيق الإحالة لهدفها الذي إبتغاه المشرع بجمع الدعاوى المرتبطة أمام محكمة واحدة توفيراً للوقت والجهد، والنفقات ومنع تضارب الأحكام.

ويتعين ملاحظة أنه إذا قضت المحكمة المطلوب الإحالة إليها في موضوع الدعوى القائمة أمامها. بعد الحكم بالإحالة، وقبل طرح الخصومة الجديدة أمامها - فليس هناك ما يمنعها من الفصل فيها على إعتبار أن الغرض المقصود من الإحالة هو الفصل في الدعويين بمعرفة محكمة واحدة لا الفصل فيهما معاً بحكم واحد، أما إذا قضت المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى بعدم إختصاصها بنظر الدعوى الأصلية أو إذا إنقضت الخصومة في الموضوع (وكان ذلك بعد الحكم بالإحالة بطبيعة الحال)، فلا يجوز لها أن تفصل في الدعوى المحالة إليها إلا إذا كانت مختصة بها من جميع الوجوه لأن الحكم بالإحالة وفرضها على المحكمة المحال إليها الدعوى يفترض أساساً قیام خصومة أخرى مرتبطة بها أمام هذه الحكمة، والملاحظ أن تمسك الخصم بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى يكشف عن قبول إختصاص هذه المحكمة بنظرها الدعوى إختصاصاً محليا، هذا وإذا كانت الدعوى الأصلية قد صارت صالحة للحكم في موضوعها، فللمحكمة أن تفصل وحدها ثم تنتظر بعد ذلك الدعوى المحالة إليها، لأنها لا تلزم بالفصل فيها بحكم واحد (أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند 141 ص 279 و ص 280).

والحكم الصادر في الدفع بالإحالة للإرتباط تلتزم به المحكمة المحال إليها الدعوى كما مضت الإشارة أنفاً، وهو ينفذ فوراً دون أن تستوفي بصدده الشروط اللازمة لجواز تنفيذ الأحكام، ولا يعتبر التعرض للموضوع من جانب الخصم الذي دفع بالإحالة. رضاء ضمنياً منه عن الحكم الصادر برفض الدفع (أحمد أبو الوفا - بند - 223 ص 257)، والحكم الصادر في الدفع يجوز الطعن فيه بالإستئناف على إستقلال إذا صدر بقبول الدفع ومع الحكم الصادر في الموضوع إذا صدر برفضه، وهو يجوز إستئنافه تبعاً لقيمة الدعوى (رمزي سيف - بند 242 ص 407)، والحكم الصادر في الدفع يستأنف أو لا يستأنف بحسب قيمة موضوع الدعوى، وقد كان قانون المرافعات السابق يجيز الطعن بالإستئناف في الحكم الصادر في الدفع بالإحالة سواء أكانت الإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمتين مختلفتين أو للإرتباط، مهما قلت قيمة الدعوى، أسوة بما كان مقرراً بالنسبة للحكم في الدفع بعدم الإختصاص (أنظر المادة 401/2 من قانون المرافعات السابق الملغي)، ولكن المشرع في القانون الحالى حذف النص الذي يقرر هذا الحكم، فأصبح الطعن في الحكم الصادر في الدفع بالإحالة بالاستئناف يخضع القاعدة العامة ومقتضاها أن نصاب إستئناف الحكم في الدفع يقدر بقيمة الدعوى باعتبار الحكم في الدفع حكماً صادراً قبل الفصل في الموضوع، وفقاً للمادة 226 مرافعات التي تنص على أن جميع الأحكام الصادرة قبل الفصل في موضوع الدعوى يراعى في تقدير نصاب إستئنافها قيمة الدعوى.(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء : الثاني  ، الصفحة : 1036)