تعلق حجية الأحكام بالنظام العام :
عملاً على إستقرار الحقوق لأصحابها ومنعاً من تأييد المنازعات جعل المشروع الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها من النظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها إحتراماً لحجية الحكم السابق صدوره في نفس المنازعة وهو حكم لا يسلم به القانون القائم (المادة 116 من المشروع) .
إستحدث المشروع حكماً جديداً مغايراً لما تنص عليه المادة 2/405 من القانون المدني القائم فنص في المادة 116 على أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها من النظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها وعلة ذلك إحترام حجية الحكم السابق صدوره في نفس الدعوى وهذه الحجية أجدر بالإحترام وأكثر إتصالاً بالنظام العام من أي أمر آخر لما يترتب على إهدارها من تأييد المنازعات وعدم إستقرار الحقوق لأصحابها وبذلك أصبح هذا الإستحداث متمشياً مع ما نص عليه في المادة 249 من المشروع فقد كان غريباً أن يحظر على الحاكم أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بينما يكون الحكم الصادر على خلاف حكم سابق قابلاً للطعن بالنقض سواء دفع الخصوم بهذا الدفع ام لم يدفعوا (المادة الثالثة من قانون حالات النقض) .
1 ـ لما كان مفاد نص فى المادة 116 من قانون المرافعات أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها قد أصبح وفقاً لهذا النص متعلقاً بالنظام العام وعلى ذلك حسبما جاء بالمذكرة الإيضاحية احترام حجية الحكم السابق صدوره فى نفس الدعوى وهى حجية أجدر بالاحترام وأكثر اتصالاً بالنظام العام من أى امر أخر لما يترتب على إصدارها من تأبيد المنازعات وعدم استقرار الحقوق لاصحابها .
(الطعن رقم 772 لسنة 68 جلسة 2003/04/22 س 54 ع 1 ص 702 ق 121)
2 ـ يبين من صحيفة الإستئناف أن الطاعنة أشارت إلى أن الحكم الصادر فى الإستئناف رقم ... ... سبق أن قضى بخضوع معهد المطعون ضده للضريبة على أرباح المهن غير التجارية فى السنوات 1960 إلى 1963 ، فإن هذا الحكم الحائز قوة الأمر المقضى يكون حجة فى هذا الخصوص و مانعاً للخصوم فى الدعوى التى صدر فيها - الطاعنة و المطعون ضده من العودة إلى مناقشة هذه المسألة فى أية دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع ، و تقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها طبقاً لنص المادتين 101 من قانون الإثبات و 116 من قانون المرافعات الحاليين ، ولا يمنع من ذلك أن يكون الحكم صادراً عن سنوات سابقة على سنة النزاع فى الدعوى المطروحة ، لأن نطاق مبدأ استقلال السنوات الضريبية لا يتعدى جانب الأرباح و التكاليف التى تتحقق على مدار السنة بحيث لا تمتد إلى غيرها من السنين السابقة أو اللاحقة عليها إلا فيما نص عليه القانون إستثناء ، كما لا يمنع منه عدم دفع الطاعنة صراحة بحجية ذلك الحكم طالما أن هذه الحجية باتت تتعلق بالنظام العام على ما سلف بيانه ، و إذ كان ذلك و كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر و قضى بعدم خضوع معهد المطعون ضده للضريبة و دون أن يبحث حجية الحكم السابق مع ما لثبوتها من تأثير على النتيجة التى إنتهى إليها ، فإنه يكون مشوباً بالقصور الذى يبطله و يوجب نقضه .
(الطعن رقم 459 لسنة 44 جلسة 1979/11/20 س 30 ع 3 ص 46 ق 346)
3 ـ إذا كان الثابت من أسباب الحكم النهائى - المتمسك بحجيته - أن محكمة الإستئناف و هى بسبيل الفصل فى النزاع التنفيذى - تنفيذ حكم الإفلاس - الذى كان مطروحا عليها و كان مرددا بين ذات الخصوم ، تعرضت لتفسير الحكم الصادر من محكمة النقض بوقف التنفيذ المطلوب تفسيره ، و حددت فى قضائها - فى الأسباب المرتبطة بالمنطوق إرتباطا وثيقا - أثاره و مداه ، و كان المنع من إعادة نظر النزاع فى المسألة المقضى فيها يشترط فيه - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون المسألة المقضى فيها نهائياً مسألة أساسية يكون الطرفان قد تناقشا فيها فى الدعوى الأولى و إستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول و تكون هى بذاتها الأساس فيما يدعيه فى الدعوى الثانية أى الطرفين قبل الآخر ، و كانت الحجية تثبت للحكم النهائى متى صدر من محكمة ذات ولاية و لو لم تكن مختصة نوعياً بإصداره لأن قوة الامر المقضى تسمو على إعتبارات النظام العام ، إذا كان ذلك و كانت الحجية تقضى بها المحكمة من تلقاء نفسها وفقاً لنص المادتين 116 من قانون المرافعات ، 101 من قانون الإثبات ، فإنه يتعين القضاء بعدم جواز نظر الدعوى - بطلب التفسير - لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر من محكمة الإستئناف .
(الطعن رقم 1059 لسنة 45 جلسة 1976/02/02 س 27 ع 1 ص 371 ق 80)
4 ـ الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها أصبح بمقتضى المادة 116 من قانون المرافعات متعلقاً بالنظام العام ، تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها ، و يسرى هذا الحكم على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى قبل تاريخ العمل بقانون المرافعات ، و ذلك عملاً بالمادة الأولى من هذا القانون ، و لا محل للتحدى بحكم المادة 2/405 من القانون المدنى التى كانت تقضى بأنه لا يجوز للمحكمة أن تقضى بعدم جواز نظر الدعوى من تلقاء نفسها ، ذلك أن هذه المادة و قد وردت فى الباب السادس من الكتاب الأول من القسم الأول من القانون المدنى قد ألغت بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات ، و حلت محلها المادة 101 من قانون الإثبات التى نصت على حجية الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضى و جعلت هذه القاعدة متعلقة بالنظام العام ، تقضى المحكمة بها من تلقاء نفسها . و إذ كان الحكم الإبتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد صدر فى 1969/10/28 بعد العمل بأحكام قانون المرافعات الجديد و إلتزم هذا النظر ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييده يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح .
(الطعن رقم 320 لسنة 41 جلسة 1975/05/21 س 26 ع 1 ص 1062 ق 202)
5 ـ نص المادة 101 من قانون الإثبات و نص المادة 116 من قانون المرافعات يدلان على أن - المشرع قد إستحدث - و على ما جاء فى المذكرة الإيضاحية للمادة الأخيرة حكماً جديداً مغايراً لما كانت تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 405 من القانون المدنى قبل إلغائها بالقانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات إذ إعتبر الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها من النظام العام ، تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها ، و علة ذلك إحترام حجية الحكم السابق صدوره فى نفس الدعوى ، و هذه الحجية أجدر بالإحترام و أكثر إتصالاً بالنظام العام من أى أمر آخر لما يترتب على إهدارها من تأييد المنازعات و عدم إستقرار الحقوق لآصحابها .
(الطعن رقم 85 لسنة 39 جلسة 1974/04/29 س 25 ع 1 ص 752 ق 123)
6 ـ جرى قضاء محكمة النقض أنه و إن كان كل حكم قضائى قطعى تكون له حجة الشىء المحكوم فيه من يوم صدوره و لو كان قابلاً للطعن فيه ، إلا أن هذه الحجية مؤقتة و تقف بمجرد رفع استئناف عن هذا الحكم و تظل موقوفة برفض هذا الإستئناف و يصير الحكم إنتهائياً لأنه بهذه الإنتهائية يصبح حائزاً لقوة الأمر المقضى التى لا تجوز مخالفتها .
(الطعن رقم 321 لسنة 45 جلسة 1980/05/17 س 31 ع 2 ص 1390 ق 264)
7 ـ حجية الأحكام القضائية فى المسائل المدنية لا تقوم إلا بين من كانوا طرفاً فى الخصومة حقيقة أو حكماً و لا يستطيع الشخص الذى صدر لمصلحته حكم سابق الإحتجاج به على من كان خارجاً عن الخصومة و لم يكن ممثلاً فيها وفقاً للقواعد القانونية المقررة فى هذا الشأن .
(الطعن رقم 326 لسنة 34 جلسة 1968/06/11 س 19 ع 2 ص 1141 ق 171)
8 ـ الحكم الذى يصدر ضد البائع فيما يقدم بشأن العقار المبيع من نزاع يعتبر - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حجة على المشترى الذى لم يكن قد سجل عقد شرائه عند صدروه على أساس أن المشترى يعتبر ممثلاً فى شخص البائع له فى تلك الدعوى المقامة ضده و أنه خلف خاص له .
(الطعن رقم 2555 لسنة 52 جلسة 1984/03/07 س 35 ع 1 ص 630 ق 119)
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها :
تكفل الدولة حق التقاضي كما تكفل حق الدفاع، فقد وضع القانون القواعد المنظمة لعلاقات الأشخاص ، طبيعيين وإعتباريين، وأجاز لكل منهم الحق في اللجوء للقضاء طلباً للحماية لحقوقه من أي إعتداء قد يقع عليها من الغير وفقاً للإجراءات المنظمة لاستعمال هذا الحق، وأجاز في نفس الوقت للخصم الآخر مجابهة هذا الإدعاء بكل جوانبه، فنظم الدفوع وأوجه الدفاع التي تمكنه من ذلك وأطلق له الحق في إبدائها وفقاً لهذا التنظيم حتى إذا ما صدر الحكم منها لهذا النزاع الذي نشب بين الخصمين كان كل منهما قد تمكن من إبداء كل ما يعن له من وسائل الدفاع التي قررها القانون. ولم يجعل هذا الحكم نهاية المطاف في النزاع إلا إذا قبله الخصمان وإنقضت مواعيد الطعن أو كانت قيمته تحول دون الطعن في الحكم المنهي للخصومة ، فقد أجاز الطعن في الحكم ورتب على هذا الطعن طرح النزاع من جديد أمام المحكمة الإستئنافية بالنسبة لما لم يقبله الطاعن من الحكم أو بالنسبة للحكم كله إذا طعن عليه بجميع أجزائه وخول له القانون إبداء أوجه دفاعه من جديد وإضافة أسباب جديدة للأسباب التي ضمنها صحيفة الإستئناف وألزم المحكمة الإستئنافية بالرد على كل وجه من أوجه الدفاع أغفلته محكمة الدرجة الأولى وعلى كل سبب تم التمسك به أمامها، وإذا صدر الحكم من محكمة الإستئناف أجاز له الطعن فيه بالنقض. وقصر الطعن بالنقض في الحكم الصادر من المحكمة الإبتدائية بهيئة إستئنافية على مخالفته لحجية حكم سابق صدر بين الخصوم أنفسهم، حتى إذا ما استنفذت هذه المراحل أو بعضها، أصبح الحكم حائزاً لقوة الأمر المقضي أو باتاً.
وبذلك يكون القانون قد يسر السبيل لإستعمال حق التقاضي وحق الدفاع حتى يصدر حكم يحاج به الخصمان، وحينئذ لا يجوز لأي منهما العودة لإستعمال هذا الحق بالنسبة لذات النزاع حتى لا تتقيد المنازعات ولو كان ذلك . استنادا إلى أدلة قانونية أو واقعية جديدة لم يسبق طرحها. فقد كان باب القضاء مفتوحاً على مصراعيه ليقدم كل خصم ما يشاء ، فإن لم يفعل فلا سبيل إليه مرة ثانية، لأن ذات النزاع لا يلجأ دور القضاء إلا مرة واحدة، وقد خص القانون دفعاً لمواجهة هذا الوضع أطلق عليه «الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها» وحدد الشروط الواجب توافرها للتمسك به وهي : وحدة الخصوم والموضوع والسبب، ومؤدى ذلك أن تتعرض المحكمة لبحث الموضوع في الدعوى المطروحة عليها والموضوع في الدعوى التي سبق الفصل فيها التقاضي في الدفع بالقبول إذا اتحد الموضوعان أو برفضه إذا إختلفا - مع بحث وحدة الخصوم والسبب - وهي بذلك تتصدى لذات الحق محل النزاع لا التنصل فيه وإنما لتتوصل إلى الوضع القانوني للدفع. وبهذا يكون الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها من قبيل الدفوع بعدم القبول ما يجوز معه إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى، ولمساسه بحجية حكم سابق حائزاً لقوة الأمر المقضي، فهو متعلق بالنظام العام وتلك الحجية تسمو على كافة إعتبارات هذا النظام، ومن ثم يجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك به وللمحكمة أن تتصدى له من تلقاء نفسها وللنيابة العامة إثارته إذا كانت ممثلة في الدعوى، كما يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض بشرط أن تكون عناصره الواقعية سبق طرحها على محكمة الموضوع، بل إن لهذه المحكمة التصدي له من تلقاء نفسها إذا كانت عناصره متوافرة في أوراق الطعن.
حجية الأمر المقضي :
تتعلق حجية الأمر المقضي بالأحكام الصادرة في المواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية ، وهذه الأحكام تكتسب حجية الأمر المقضي فور صدورها، وتتحول هذه الحجية إلى قوة الأمر المقضي فور إنغلاق طرق الطعن العادية، وإن كان المشرع قد جعل عنوان الفصل الثاني من الباب الرابع من قانون الإثبات « حجية الأمر المقضى» فإنه قد أوضح بالمادة (101) من هذا، أن المقصود من هذا الفصل هو « قوة الأمر المقضي».
وتثبت حجية الأمر المقضي للحكم القطعي فور صدوره، ولكن هذه الحجية تقف مؤقتاً إذا طعن فيه بالإستئناف، أما قبل الطعن، فإن حجية الحكم تكون بمثابة قوة الأمر المقضي، بحيث لو كانت توجد دعوى مماثلة بين نفس الخصوم وبنفس الموضوع والسبب ، كانت محلاً للدفع بعدم سماعها وليس للدفع بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها، إذ يتطلب الدفع الأخير أن يكون الحكم السابق قد حاز قوة الأمر المقضي، فالحجية التي تثبت للحكم القطعي فور صدوره وتمنع الخصوم من رفع دعوى جديدة بادعاءات تناقض ما قضي به في دعوى سابقة كانت مرددة بينهم. كما تمنع المحكمة التي أصدرت الحكم أو أي محكمة غيرها من أن تعيد النظر فيما قضى به إلا إذا كانت هي المحكمة التي يحصل التظلم إليها منه، وينصرف هذا المنع إلى الدفع بعدم سماع الدعوى الجديدة.
وتسرى القواعد سالفة البيان حتى لو طعن في الحكم بالإستئناف، لأن هذا الطعن يوقف حجية الحكم المستأنف بالنسبة للمحكمة الاستئنافية وحدها تمكنا لها من بحث الأسباب التي أقام الحكم عليها قضاءه، أما بالنسبة للخصوم والمحكمة التي أصدرت الحكم وغيرها من المحاكم فتسرى القواعد سالفة البيان والمتعلقة بالدعوى الجديدة، ولا يتقيد الخصوم بالحجية أمام الاستئناف.
وإذا قضي بعدم سماع الدعوى الجديدة وإنقضت مواعيد إستئناف الحكم الصادر في الدعوى السابقة دون رفع الإستئناف، حاز الحكم قوة الأمر وكذلك الحال إذا رفع الاستئناف وقضى فيه بتأييد الحكم المستأنف أما إذا قضى فيه بإلغاء الحكم المستأنف أما إذا قضى فيه بإلغاء الحكم المستأنف، فإن المحكمة الإستئنافية تتصدى للموضوع ويكتسب قضاؤها قوة الأمر المقضي فور صدوره مما يحول دون رفع دعوى جديدة وإلا كانت محلاً للدفع بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها.
لكن إذا قضت المحكمة الإستئنافية ببطلان الحكم المستأنف ووقفت عند هذا الحد دون الفصل في الموضوع، جاز رفع ذات الدعوى من جديد فقد زال الحكم الذي كانت حجيته تحول دون رفعها. وطالما استقام الدفع، فلا ينال منه وقف حجية الحكم بعد ذلك.
وإذ يحوز الحكم الإبتدائي حجية الأمر المقضي فور صدوره، وتقف بالطعن فيه بالإستئناف ، فإنه يكتسب قوة الأمر المقضي إذا إنقضت مواعيد الإستئناف دون رفعه. ومحكمة الإستئناف وحدها هي التي تقرر بإنقضاء مواعيد الإستئناف والفصل في شكله إذا كان الإستئناف قد رفع.
وإن فصلت المحكمة في شق من النزاع بحكم قطعي، كما لو قضت بفسخ العقد، ثم أحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات الضرر لتقدير التعويض ، فإن هذا القضاء الصادر بالفسخ يحوز حجية الأمر المقضي، فور صدوره، ولكنه لا يجوز الطعن فيه بالإستئناف إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، فلا يصبح نهائياً إلا بصدور الحكم الأخير وعدم رفع طعن عنه في الميعاد، أو بصدور الحكم في الطعن، ولذلك لا يجوز التمسك بحجية هذا الشق في دعوي اخري الا بعد صيرورة الحكم نهائياً.
قوة الأمر المقضي :
تكفل الدولة حق التقاضي كما تكفل حق الدفاع، فقد وضع القانون القواعد المنظمة العلاقات الأشخاص، طبيعين وإعتباريين، وأجاز لكل منهم الحق في اللجوء للقضاء طلباً لحماية حقوقه من أي اعتداء قد يقع عليها من الغير وفقاً للإجراءات المنظمة لإستعمال هذا الحق، وأجاز في نفس الوقت للخصم الأخر مجابهة هذا الإدعاء بكل جوانبه، فنظم الدفوع وأوجه الدفاع التي تمكنه من ذلك وأطلق له الحق في إبدائها وفقاً لهذا التنظيم حتى إذا ما صدر الحكم منهياً لهذا النزاع الذي نشب بين الخصمين كان كل منهما قد تمكن من إبداء كل ما يعن له من وسائل الدفاع التي قررها القانون، ولم يجعل هذا الحكم نهاية المطاف في النزاع إلا إذا قبله الخصمان وإنقضت مواعيد الطعن أو كانت قيمته تحول دون الطعن في الحكم المنهي للخصومة ، فقد أجاز الطعن في الحكم ورتب على هذا الطعن طرح النزاع من جديد أمام المحكمة الإستئنافية بالنسبة لما لم يقبله الطاعن من الحكم او بالنسبة للحكم كله اذا طعن عليه بجميع أجزائه وخول له القانون إبداء أوجه دفاعه من جديد واضافة أسباب جديدة للأسباب التي ضمنها صحيفة الإستئناف وألزمت المحكمة الإستئنافية بالرد على كل وجه من أوجه الدفاع أغفلته محكمة الدرجة الأولى وعلى كل سبب تم التمسك به أمامها، وإذا صدر الحكم من محكمة الإستئناف أجاز له الطعن فيه بالنقض، وقصر الطعن بالنقض في الحكم الصادر من المحكمة الإبتدائية بهيئة استئنافية على مخالفته لحجية حكم سابق صدر بين الخصوم أنفسهم، حتي اذا ما استنفدت هذه المراحل أو بعضها، أصبح الحكم حائزاً لقوة الأمر المقضي.
وبذلك يكون القانون قد يسر السبيل لإستعمال حق لتقاضي وحق الدفاع حتى يصدر حكم يحاج به الخصمان، وحينئذ لا يجوز لأي منهما العودة الاستعمال هذا الحق بالنسبة لذات النزاع حتى لا تتأيد المنازعات ولو كان ذلك استناداً إلى أدلة قانونية أو واقعية جديدة لم يسبق طرحها أو طرحت وأغفل الحكم الرد عليها، فقد كان باب القضاء مفتوحاً على مصراعيه ليقدم كل خصم ما يشاء ، فإن لم يفعل فلا سبيل اليه مرة ثانية، لأن ذات النزاع لا يلج دور القضاء إلا مرة واحدة، وقد خص القانون دفعاً لمواجهة هذا الوضع أطلق عليه «الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها » وحدد الشروط الواجب توافرها للتمسك به وهي، وحدة الخصوم والموضوع والسبب ، ومؤدي ذلك أن تتعرض المحكمة لبحث الموضوع في الدعوى المطروحة عليها والموضوع في الدعوى التي سبق الفصل فيها لتقضي في الدفع بالقبول إذا اتحد الموضوعان أو برفضه إذا إختلفا . مع بحث وحدة الخصوم والسبب وهي بذلك تتصدى لذات الحق محل النزاع لا لتفصل فيه وإنما لتتوصل الى الوضع القانوني للدفع، وبهذا يكون الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها من قبيل الدفوع بعدم القبول مما يجوز معه إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى، ولمساسه بحجية حكم سابق حائزاً لقوة الأمر المقضي، فهو متعلق بالنظام العام وتلك الحجية تسمو علي كافة إعتبارات هذا النظام، ومن ثم يجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك به وللمحكمة أن تتصدى له من تلقاء نفسها وللنيابة العامة أثارته إذا كانت ممثلة في الدعوى، كما يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض بشرط أن تكون عناصره الواقعية سبق طرحها علي محكمة الموضوع، بل أن لهذه المحكمة التصدي له من تلقاء نفسها إذا كانت . عناصره متوافرة في أوراق الطعن.
ولذلك نصت المادة 101 من قانون الإثبات، على أن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية الا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً ، وتقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها.
كما نصت المادة (116) من قانون المرافعات ، بأن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها.
حجية الأمر المقضي وقوة الأمر المقضي :
أوضحنا فيما تقدم، أن حجية الأمر المقضي تثبت للحكم الابتدائي فور صدوره طالما كان قطعياً ولو كان قابلاً للإستئناف، وتلك حجية مؤقتة فقد تزول إذا طعن فيه وقضى بالغائه، أما إذا قضي بتأييده ، فإنه يصبح نهائياً و يحوز قوة الأمر المقضي، كما يحوز الحكم الإبتدائي قوة الأمر المقضي إذا إنقضت مواعيد استئنافه دون رفع إستئناف، إذ يمتنع الطعن فيه في هذه الحالة، اما ان كان صادراً في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة، لكنه كان مشوباً بالبطلان، فإنه لا يحوز قوة الأمر المقضي إلا بتأييده إستئنافياً أو بصدور حکم بعدم جواز الإستئناف أو بسقوط الحق فيه اما قبل ذلك، فتكون له حجية الأمر المقضي، فإن لم يطعن فيه، وانقضت مواعيد الإستئناف، حاز قوة الأمر المقضي.
قوة الأمر المقضي وقابلية الحكم الطعن فيه بالنقض :
حتى لا تتأيد الخصومة ، فقد أضفى المشرع الحجية للأحكام القضائية فور صدورها، ورتب على ذلك، منع الخصوم من اعادة رفع الدعوى التي صدر فيها الحكم، سواء أمام المحكمة التي أصدرته أو أمام محكمة أخري طالما كان الحكم صادراً في حدود ولايتها، وحفاظاً على حق الخصم في الطعن على الحكم، فقد أجاز له المشرع الطعن فيه بالإستئناف، ورتب على هذا الطعن وقف حجية الحكم مؤقتاً تمكيناً للخصوم من إعادة إبداء أوجه دفاعهم وللمحكمة الإستئنافية من التصدي للموضوع الذي فصل فيه الحكم في الحدود التي رفع الإستئناف بصدده ، فإن لم يطعن في الحكم بالاستئناف تحولت حجيته إلى قوة الأمر المقضي، لأنه طالما لم يطعن فيه بالإستئناف أمتنع الطعن فيه بالنقض .
أما اذا طعن فيه بالإستئناف وقضي فيه، أصبح نهائياً ويحوز بذلك قوة الأمر المقضي حتى لو كان قابلاً للطعن فيه بالنقض أو طعن فيه بالفعل بهذا الطريق، لأن حجية الأمر المقضي أو قوة الأمر المقضي تثبت للأحكام النهائية فور صدورها، وهو ما تواترت عليه أحكام النقض.
ومع ذلك قضت إحدى دوائر محكمة النقض بأن الحكم لا يحوز قوة الأمر المقضي إلا باستنفادة طرق الطعن جميعها بما فيها الطعن بالنقض، ونورد هذا الحكم فيما يلي
مفاد نص المادتين 29 ، 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية وما ورد في المذكرة الايضاحية في شأن المادة الأخيرة أنه يمتنع علي محكمة أو هيئة ذات إختصاص قضائي - وأياً كان موقعها من الجهة القضائية التي تنتمي إليها - إختصها المشرع بالفصل فى نزاع معين إعمال نص تشريعي لازم للفصل في النزاع المطروح عليها، إذا تراءى لها مصادمته للدستور، فإن عرض أمر هذا النص على المحكمة الدستورية العليا وقضت بعدم دستوريته فإنه لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ولا ينصرف هذا الأثر إلى المستقبل فحسب وانما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعى الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدوره بانقضاء مدة التقادم أو بتدور حكم حائز قوة الأمر المقضي وهو لا يحوزها إلا باستنفاده طرق الطعن جميعها بما فيها طريق الطعن بالنقض.
(نقض 1997/12/13 طعن 1489 س 61 ق).
إثبات الدفع:
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها من قبيل الدفوع بعدم قبول الدعوى التي تمس التنظيم القضائي ومن ثم، فهو متعلق بالنظام العام، ولذلك يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الإستئناف، ويجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك به، وللمحكمة التصدي لها من تلقاء نفسها وللنيابة إثارته ان كانت ممثلة في الدعوى.
وإذا تمسك به احد الخصوم تحمل عبء إثبات عناصره، بإثبات أن الدعوى الماثلة تتحد موضوعاً وخصوماً وسبباً مع دعوى سابقة قضى فيها بحكم حاز قوة الأمر المقضي، وسبيله إلى ذلك تقديم صورة رسمية من الحكم التحقق المحكمة من توافر شروط الدفع، ولا تلتزم المحكمة باقامة الدليل علي صحة الدفع أو فساده لأنها لا تقيم الأدلة على ما يتمسك به الخصوم حتى لو تعلق ذلك بالنظام العام، فلا الزام عليها بضم الدعوي السابقة لكن لا تثريب عليها أن قررت ضمها للفصل في الدفع. وللخصم طالما كان ماثلاً في الدعوى السابقة أن يحصل على صورة رسمية من الحكم الصادر فيها إثباتاً لدفعه، فإن كلفته المحكمة بتقديمها ولم يفعل، كان لها رفض الدفع باعتباره عارياً عن الدليل دون النعي عليها في ذلك بأنها لم تأمر بضم الدعوي السابقة، ولها رفضه كذلك اذا تعذر ضمها لفقدها وعدم وجود صورة رسمية من الحكم الصادر فيها اذ تغني هذه الصورة عن الضم ولا يقوم مقام ذلك إقرار باقي الخصوم بصدور حكم في دعوى سابقة لتعلق الدفع بمبادئ قانونية تقطع فيها المحكمة وحدها حتى لو صدر الإقرار من رجل قانون، فإذا طعن في الحكم وجب تقديم الدليل إلى محكمة الطعن للتصدي للدفع.
ولا تتصدى المحكمة للدفع من تلقاء نفسها، ولا تثيره النيابة العامة ، إلا اذا كانت عناصره الواقعية مطروحة ضمن مستندات الدعوى المنظورة بحيث تتمكن المحكمة أو النيابة من الوقوف علي توافر شروط الدفع من الثابت بالأوراق المودعة ملف الدعوى.
وإذا حاز الحكم قوة الأمر المقضي، وجب الإلتزام به حتى لو كان تنفيذه يتعارض مع نص قانوني يتعلق بالنظام العام، إذ تسمو حجية الأحكام على اعتبارات النظام العام، فقد يصدر حكم بصحة ونفاذ عقد بيع عقاري صادر لأجنبي دون موافقة مجلس الوزراء، ويكون الحكم حينئذ قد صدر مخالفاً لنص أمر يحظر تملك الأجانب للعقارات و متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي، وجب الاعتداد به.
الحكم في الدفع :
لما كان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الحكم فيها من قبيل الدفوع بعدم القبول ومن ثم فإن محكمة أول درجة تستنفد ولايتها بالتصدي له، بحيث إذا ألغت المحكمة الإستئنافية الحكم الصادر بقبوله، فلا تعيد الدعوى لمحكمة أول درجة وإنما تفصل في موضوع الدعوي.
والحكم الذي تصدره محكمة أول درجة بقبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، حكم منه للخصوم كلها أمام هذه المحكمة ولذلك يجوز الطعن فيه بالإستئناف على إستقلال وفور صدوره خلال ميعاد هذا الطعن. أما الحكم الصادر برفض الدفع، فلا ينهي الخصومة أمام محكمة أول درجة مما يحول دون الطعن فيه إلا مع الحكم المنهي للخصوم كلها.
وباعتبار الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها من قبيل الدفوع بعدم القبول، فلا يلزم التمسك به في صحيفة الطعن لاقتصار ذلك على الدفوع الشكلية.
والتمسك بحجية الحكم لا يعد دفاعا جوهريا إلا اذا كانت له هذه الحجية، فان لم تتوافر له، فلا تلتزم المحكمة بالرد عليه باعتباره، في هذه الحالة ، دفاعا ظاهر البطلان لا يستحق رداً.
كما لا تلتزم المحكمة بالتصدي للدفع الا اذا كانت الدعوى مقبولة أمامها على نحو يجيز لها نظر الموضوع، فإن كانت غير مقبولة أو شاب البطلان صحيفتها، أو كان الإستئناف المرفوع غير مقبول، فإن المحكمة تقضي في الشكل وتقف عند هذا الحد، فلا تتصدى للموضوع أو للدفع بعدم جواز نظر الدعوى.
شروط التمسك بعدم جواز نظر الدعوى :
الشرط الأول : حكم سابق حائز قوة الأمر المقضي
يجب أن يكون الحكم قطعياً صادراً في حدود الولاية :
يجب صدور حکم في ذات النزاع حائزاً لقوة الأمر المقضي، ويحوز الحكم حجية الأمر المقضي بمجرد صدوره ولو كان قابلاً للطعن بالطرق العادية ، فإن لم يكن قابلاً للطعن بهذه الطرق أو للطعن بالطرق غير العادية ، وحتى تثبت قوة الأمر المقضي، يجب أن يكون الحكم صادراً من محكمة في حدود الإختصاص الولائي المحدد لها فإن صدر بالمخالفة لذلك فلا تكون له حجية أمام الجهة صاحبة الإختصاص الولائي التي كان يتعين رفع النزاع إليها، مثال ذلك أن يصدر حكم من القضاء الإداري في نزاع تختص به المحاكم العادية بنظره ولائياً ، وحينئذ تطرح المحاكم العادية هذا الحكم وتعتبره كأن لم يكن ولا يحتج أمامها به، ومؤدي ذلك أنه إذا رفع ذات النزاع الذي سبق للقضاء الإداري الحكم فيه إلى القضاء العادي صاحب الولاية بنظره، تعين عليه الحكم فيه وإذا دفع أمامه بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر من القضاء الإداري قضي برفض هذا الدفع لصدور الحكم بالمخالفة لأحكام الإختصاص الولائي. أما إذا صدر الحكم من محكمة من محاكم القضاء العادي خارج نطاق الإختصاص الولائي المقرر لها، فإنه يحوز حجية أمام جميع محاكم هذا القضاء وإن كان لا يحوزها أمام القضاء الإداري، ويترتب على ذلك أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى يجوز إبداؤه أمام محاكم القضاء العادي إذا كان الحكم صادراً من إحداها ولو خالف الإختصاص الولائي ، ولكن يجوز إبداؤه أمام القضاء الإداري والعكس صحيح، ولا ينال من حجية الحكم صدوره بالمخالفة للإختصاص النوعي أو المحلي .
كما يجب أن يكون الحكم قطعاً أي قطع في النزاع المطروح وحسمه كالحكم برفض الدعوى أو بإجابة المدعي لطلباته، وهو بذلك يكون قد حاز حجية الأمر المقضي علي التفصيل المتقدم ، فإن لم يكن قطعياً ، كالحكم بإحالة الدعوى إلى التحقيق أو بندب خبير أو بتوجيه اليمين الحاسمة، فلا تثبت له حجية الأمر المقضي ولذلك لا يبدي الدفع بعدم جواز نظر الدعوى وإنما يبدي الدفع بالإحالة عملاً بالمادة 112 مرافعات. وحتي يعتبر الحكم قطعياً يجب أن تصدره جهة قضائية وفقا لسلطتها القضائية ومن ثم يخرج عن هذا النطاق الأحكام التي تصدر وفقاً للسلطة الولائية للمحكمة كالحكم بإلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة والحكم بالتصديق على حكم القسمة لوجود ناقص أهلية عملاً بالمادة 40 من قانون الولاية علي المال، والحكم بإيقاع البيع. ويعتبر الحكم قطعياً عندما يحسم النزاع بين الخصوم في أية مسألة تنازعوا فيها أو تصدت لها المحكمة من تلقاء نفسها، سواء تعلقت بموضوع الدعوى أو بأي إجراء من إجراءاتها، كرفض الدعوى برمتها أو شق منها، وإجابة المدعى لكل طلباته أو بعضها، فيكون الحكم قد قطع بأن له الحق في الطلبات التي أجيب إليها المدعي، وان ليس له الحق في الطلبات التي رفضت. وقد يصدر الحكم بناء علي دفع باعتبار الدعوي كأن لم تكن أو بسقوط الخصومة أو بعدم الإختصاص أو بعدم جواز الإثبات بالبينة ، وقد تقضي المحكمة من تلقاء نفسها ببطلان صحيفة الدعوى لعدم التوقيع عليها من محام أو بعدم قبولها، فالأحكام التي تصدر بذلك تكون قطعية إذ حسمت نزاع معين ويمتنع بالتالي على المحكمة العدول عنه حتى لا تتسلط علي قضائها، وايضاً الحكم بقبول الإستئناف شكلاً يحول دون القضاء باعتباره كأن لم يكن .
ومتى توافرت هذه الشروط فضلاً عن وحدة الموضوع والخصوم والسبب على التفصيل التالي، حاز الحكم قوة الأمر المقضي.
حجية شق الحكم الذي لم يطعن فيه :
تثبت الحجية للحكم الذي حسم النزاع الذي كان مردداً بين الخصوم، فإذا تعددت الطلبات في الدعوى وحسمها جميعاً الحكم الصادر في الدعوى، ولم يطعن فيه ، حاز قوة الأمر المقضي في جميع هذه الطلبات، فإن طعن فيه برمته ، وقفت حجيته لحين الفصل في الطعن فإن قضي بتأييده ، حاز قوة الأمر المقضي .
أما اذا إنحصر الطعن في شق منه دون الشق الآخر، فإن نطاق الطعن ينحصر في الشق الذي طعن فيه وبالتالي تقف حجية هذا الشق وحده، أما الشق الذي لم يطعن فيه فتظل حجيته قائمة بحيث إذا انقضت مواعيد الطعن فيه دون رفع الطعن، حاز هذا الشق قوة الأمر المقضي، وإنقضى النزاع الخاص بهذا الشق وامتنع علي الخصوم إثارته مرة أخري، كما يمتنع علي أي محكمة التصدي له وإلا كان قضاؤها منعدماً لوروده علي غير خصومة بعد إنقضائها بالحكم السابق، ويكون لأية محكمة يطرح عليها هذا الحكم أن تقرر إنعدامه ولا تعتد به ولو من تلقاء نفسها ولايكون أمامها إلا الحكم الأول.
ومتى إنحصر الطعن في شق من الحكم، كان وحده المطروح على محكمة الطعن، بحيث إن قضت بإلغاء الحكم، إنصرف هذا القضاء إلى الشق المطعون فيه وحده فلا يمتد إلى الشق الآخر الذي قبله الخصوم ولم يطعنوا فيه، فإن ثار نزاع بين الخصوم حول نطاق الحكم الصادر في الطعن عندما يبدأ المحكوم له في إتخاذ إجراءات التنفيذ، تصدي له قاضي التنفيذ، فيأمر باستمرار تنفيذ الحكم الإبتدائي في شقه الذي حاز قوة الأمر المقضي والحكم الإستئنافي بالنسبة للشق الذي كان قد طعن فيه ، إذ تكون المحكمة الإستئنافية قد قضت فيما طلب منها وفقاً للقواعد المقررة في الإستئناف وإنحصار ولايتها فيما رفع عنه الإستئناف فقط وأن لا ولاية لها في شق الحكم الذي قبله الخصوم، وبالتالي لا يجوز الطعن في قضائها بإلتماس إعادة النظر، كما لا يجوز الرجوع اليها لتفسير هذا القضاء ، إذ التزمت فيه نطاق الإستئناف، وأن قضاءها بإلغاء الحكم المستأنف، ينحصر في شق الحكم الذي طعن فيه بالإستئناف دون أن يمتد للشق الآخر الذي لم يطعن فيه، وبالتالي لا يكون ثمة غموض يتطلب التفسير.
مثال ذلك أن يرفع المدعي دعوى بفسخ العقد ورد مقدم الثمن والزام البائع بأن يدفع له تعويضاً ، فتقضي محكمة أول درجة بالفسخ والرد وترفض التعويض، فيستأنف الحكم في شقه المتعلق بالتعويض ، فتقضي المحكمة الإستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف - دون أن تقصر هذا الإلغاء علي شق التعويض - وإلزام البائع بدفع مبلغ التعويض. حينئذ يكون للمشتري الحق في تنفيذ شق الحكم الإبتدائي القاضي له برد مقدم الثمن، وتنفيذ الحكم الإستئنافي القاضي له بالتعويض، فإن ثارت منازعة في تنفيذهما تصدي لها قاضي التنفيذ دون حاجة إلى الرجوع إلى المحكمة الإستئنافية بطلب تفسير أو بالتماس إعادة النظر.
تقيد محكمة النقض بالحكم البات الصادر بين نفس الخصوم :
يتحقق ذلك، عندما تقضي محكمة الإستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لإختصام المتنازل له دون المستأجر الأصلي، رغم أن المؤجر قد اختصم الأخير أمام محكمة الدرجة الأولي، وبذلك يكون الحكم الإستئنافي معيباً لمخالفته الثابت في الأوراق، ويكون سبيل تدارك ذلك هو الطعن فيه بطريق النقض لإستناد عدم القبول في هذا القضاء إلى المادة 115 من قانون المرافعات. لعدم إختصام صاحب الصفة في دعوى الإخلاء.
فإن تشكك المؤجر في طبيعة عدم القبول المقضي به، فرفع طعناً بالنقض على نحو ما تقدم، ورفع أيضاً دعوى مبتدأة ظناً منه بأن عدم القبول المقضي به من قبيل الدفوع الشكلية. فقضت محكمة الدرجة الأولى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، ولم يطعن في هذا القضاء، وحاز قوة الأمر المقضي قبل الفصل في الطعن بالنقض، فإن محكمة النقض تتقيد بهذا القضاء عندما تتصدى للطعن، فتقضي باعتباره منتهياً ومن تلقاء نفسها.
أجزاء الحكم التي تثبت لها الحجية:
تثبت هذه الحجية للمنطوق أو للأسباب المرتبطة بالمنطوق إرتباطاً وثيقاً بحيث لا يقوم المنطوق بدونها، فتصبح أسباب الحكم ومنطوقه وحدة واحدة غير قابلة للتجزئة يتحدد بموجبها نطاق الحكم، وبذلك تخرج عن نطاق الحجية الأسباب الزائدة وهي التي يستقيم الحكم بدونها والتقريرات القانونية وتقدير المحكمة للدليل وإذا تضمنت الأسباب المرتبطة بالمنطوق تكييفاً للعقد حاز هذا الشق حجية الأمر المقضي.
وان كانت الحجية تثبت للحكم فور صدوره، إلا أنها تقف مؤقتاً بالطعن فيه بالإستئناف وفي النطاق الذي يرفع عنه حتى يتيسر للخصوم وللمحكمة الإستئنافية مناقشة أسبابه ذات الإتصال بموضوع النزاع.
ما لم يفصل فيه الحكم لايحوز الحجية :
يكفي لعدم جواز نظر الدعوى ، صدور حکم قطعي لم تقف حجيته، بأن يكون حائزاً قوة الأمر المقضي .
والشق الذي يقطع فيه الحكم من النزاع، هو الذي يحوز قوة الأمر المقضي ، أما ما يثار في الدعوى ويتناوله الحكم في أسبابه ولكن لم يفصل فيه کنزاع نشب بين الخصوم، فلا يكتسب أية حجية، فإذا أثيرت مسألة ملكية العين المؤجرة في دعوي المطالبة بالأجرة، وتضمنت أسباب الحكم تقريرات قانونية تتعلق بالملكية وأنه يستوي أن يكون المؤجر مالكاً أو غير مالك، ثم قضت له بالأجرة التي طالب بها، فإن هذا الحكم لا يحوز قوة الأمر المقضي فيما يتعلق بالملكية لأنه لم يفصل فيها.
عدم إرتباط حجية منطوق الحكم بأسبابه :
نثبت الحجية للأحكام ولو كانت قاصرة التسبيب وهي تكون لمنطوق الحكم باعتباره القول الفصل في النزاع ثم تنبسط منه إلى ما قد يكون مرتبطة به وإرتباطاً وثيقاً من أسباب بحيث لا تقوم للمنطوق قائمة إلا بها، ذلك أن الأسباب تكمل المنطوق لو كان به نقص وتفسيره إذا شابه غموض، ولكن لا تنتقص منه ، ولا تنحرف به عن معناه الواضح، فلا يلتفت لنقص الأسباب عن منطوق الحكم، ولا لما يتناقض منها مع عبارته فحيثما كانت عبارة منطوق الحكم واضحة جلية المعنى قاطبة في دلالتها على مراده فلا يجوز تأويلها بدعوى الإستهداء بما جاء في أسبابه لأن البحث في أسباب الحكم إنما يكون عند غموض منطوقه أو وجود نقص فيه.
(نقض 2001/6/24 طعن 1228 س 67 ق "هيئة عامة").
تصدي الحكم السابق لمسالة أساسية مشتركة :
تثبت الحجية للحكم القطعي علي نحو ما تقدم، وتحول هذه الحجية من اثارة النزاع من جديد سواء بطريق الدعوى أو الدفع متى اتحد الموضوع والخصوم والسبب. ولكن قد يختلف الموضوع في الدعوى الجديدة عن الموضوع الذي تصدى له الحكم السابق الذي حاز قوة الأمر المقضي ، ومع ذلك تثبت الحجية لهذا الحكم، طالما كانت المسألة التي فصل فيها هذا الحكم هى ذاتها الأساس فيما يدعى به في الدعوى الجديدة.
والحكم في المسألة الكلية الشاملة تحوز الحجية بالنسبة للمسائل التي تتفرع عنها ، فالحكم برفض دعوى تثبيت الملكية يحوز قوة الأمر المقضي في دعوى المطالبة بالريع وهو تعويض عن غصب الملكية التي أنكرها الحكم السابق والحكم بانقضاء الدين بالتقادم يحول دون المطالبة بجزء منه، وإذا تنازع الخصمان على طبيعة العين في دعوى سابقة وقضت المحكمة باعتبارها جدكاً أو مؤجرة مفروشة أو خاضعة لقانون إيجار الأماكن، أمتنع عليهما بعد ذلك المنازعة فيما قضي به ولو إختلفت الطلبات في الدعويين طالما كانت المسألة الكلية فيهما واحدة.
فالملكية في دعوى تثبيت الملكية وفي دعوى الريع، تعتبر مسألة أساسية مشتركة بين الدعويين، بحيث لو قضى برفض الدعوى الأولي، وحاز الحكم قوة الأمر المقضي، قامت قرينة قانونية قاطعة على أن المدعي غير ملك، فإذا رفع بعد ذلك دعوى ضد المحكوم له بإلزامه بالريع وهو تعويض عن غصب الملكية، فان القضاء في هذه الدعوى بالريع يناقض حجية الحكم السابق الذي قطع في الملكية، فطالما بحثت المحكمة الملكية في بالدعوي السابقة وتناضل الخصوم في شأنها وحسمها الحكم، وكانت هي بذاتها الأساس في دعوى الريع ، فإنها تعتبر مسألة أساسية مشتركة بين الدعويين، وطالما تصدي لها الحكم السابق، فإنه يحوز قوة الأمر المقضي في شأنها، وتكون الملكية غير ثابتة لمن قضي برفض دعواه.
حجية الحكم في حالة ضم دعويين :
متى توافر الإرتباط بين دعويين، فإن المحكمة تقرر ضم إحداهما للأخرى للإرتباط و ليصدر فيهما حكم واحد، وحينئذ تصدر المحكمة حكماً واحداً تفصل فيه في كل دعوى على حدة في منطوق واحد، ولازمه أن يسبق منطوق إحداهما منطوق الأخرى، ولا يترتب على ذلك إعتبار المنطوق الأسبق حكماً سابقاً تكون له الحجية التي تمنع من تضمين الحكم المنطوق الثاني، باعتبار أن قاعدة الالتزام بقوة الأمر المقضي تتطلب وجود حكم سابق ودعوى تنظر بعد صدوره، وهو ما لم يتحقق في حالة ضم دعويين للإرتباط و ليصدر فيهما حكم واحد.
عدم إمتداد الحجية للطلب الإحتياطي :
الطلب الذي تتصدى له المحكمة بقضاء قطعي، صراحة أو ضمناً ، هو الذي يحوز الحجية التي تحول دون التمسك به بعد صدور الحكم، أما الطلب الذي لم تتصدى له المحكمة في أسباب حكمها، فإن الحكم لا يحوز الحجية في شأنه ، حتى لو تضمن منطوق الحكم عبارة « ورفضت ماعدا ذلك من الطلبات » لأن هذه العبارة وحدها لا تدل على أن المحكمة قامت بتمحيص كل طلب قدم إليها وأنها رأت الفصل في بعض الطلبات فقط بالقبول لتوافر أدلتها، ورفضت الطلبات الأخرى التي لم يقم الدليل عليها، فقد تتضمن الدعوى طلباً أصلياً وأخر إحتياطياً ، وبعد قيام المحكمة بتمحيص الطلب الأصلي ، تري إجابة المدعي إليه وهو ما يغنيها عن تمحيص الطلب الإحتياطي، فتقضي بإجابة المدعي إلى الطلب الأصلي ثم تضيف عبارة «ورفضت ماعدا ذلك من الطلبات». ولما كان يبين من أسباب الحكم عدم تمحيص الطلب الإحتياطى، فان المحكمة لا تكون قد نظرته وبالتالي لا يكون محلاً لقوة الأمر المقضي حتى لو كان الخصوم قد تناولوه في دفاعهم ولذلك يجوز رفع دعوى جديدة بهذا الطلب لا تكون محلاً للدفع بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها.
الحجية الوقتية للحكم برفض الدعوى بحالتها :
تستقيم الدعوى إذا توافرت الشروط التي تطلبها القانون لقبولها، وحينئذ تتصدى المحكمة للأدلة القائمة فيها، وفقاً لمستندات الخصوم وما ينطبق : عليها من قواعد قانونية. فإذا إنتفت تلك الأدلة، فإن الدعوى تكون قد أقيمت علي غير سند من الواقع والقانون، مما يوجب القضاء برفضها، و متى حاز الحكم قوة الأمر المقضى، فإنه لا يجوز إثارة النزاع مرة أخرى سواء عن طريق الدعوى أو الدفع.
أما إذا تبين من المستندات ان الحق المطالب به معلق علي شرط واقف لم يتحقق بعد، أو مضاف لأجل لم يحل ، أو أن المدعي لم يكن قد أعد الدليل علي دعواه عند رفعها، أو لم يكن قد قام بالوفاء بالتزامه الذي يجيز له رفع . الدعوى، كما لو كان مشترياً ورفع دعوى بصحة ونفاذ عقده قبل الوفاء بكامل الثمن وهو وفاء لازم لرفع تلك الدعوى ، ففي هذه الحالات، لا تكون الدعوى مهيأة لإصدار حكم يحسم النزاع بين الخصوم، وإنما يصدر حكم فيها وفقاً لتلك الحالة التي كانت عليها وقت صدور الحكم، وحينئذ يحوز حجية وقتية تبقى ما بقيت تلك الحالة ، بحيث إذا تغيرت، كما لو تحقق الشرط أو حل الأجل أو تم الوفاء بكامل الثمن أو توافر الدليل، جاز للمدعي رفع دعوى جديدة بذات الطلبات.
ومتى صدر الحكم في أي من الحالات السابقة، كانت له حجية وقتية، أيا كان منطوقه ، سواء قضى برفض الدعوي، أو برفض الدعوى بحالتها، أو بعدم قبول الدعوى، أو بعدم قبول الدعوى بحالتها، فالعبرة دائماً بحقيقة الأسباب التي بني المنطوق عليها وليست بما نص عليه المنطوق .
الحجية الوقتية للأحكام الصادرة في دعاوى الحيازة :
تستند دعاوى الحيازة إلى وضع اليد، ويراد بها حماية الوضع الظاهر ومن ثم فان حجية الأحكام التي تصدر فيها تنحصر في هذا الوضع، دون أن تتجاوزه لأي نزاع آخر يتعلق بالحق المقرر على محل الحيازة ، فقد يصدر الحكم باسترداد المدعي لحيازة العين، وهو ما يدل على أن الحيازة كانت ثابتة للمدعي مما يحول دون منازعتة فيها بعد ذلك، سواء عن طريق الدعوي أو الدفع ، وتنحصر حجية حكم الحيازة في هذا النطاق، وهي حجية وقتية تزول إذا صدر حكم بثبوت ملكية خصم الحائز للعين التي قضي بإسترداد حيازتها، وطرد الحائز منها وتسليمها لمالكها، ولا تكون الحكم الحيازة حجية في دعوى تثبيت الملكية.
نطاق حجية الحكم الصادر بالريع :
وقد ثار الخلف قضاء محكمة النقض ، فقد كان قضاؤها يجري على أن الحكم الصادر في دعوى سابقة بالريع لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى الجديدة التي ترفع بطلب الريع عن مدة لاحقة، إلا أنه قد صدر حكم حديث يناقض هذا القضاء ويسبغ على الحكم السابق تلك القوة ونرى أن أساس الريع هو المسئولية التقصيرية فإن فصل حكم في أركانها من خطأ وضرر وعلاقة سببية وقضي تبعاً لذلك بالتعويض المتمثل في الريع، فان هذه المسألة تكون أساسية بين الدعويين فتخضع الدعوى الجديدة لحجية الحكم السابق.
عدم حجية الأحكام بالتصديق على الصلح :
إذا رفعت دعوى بصحة ونفاذ عقد البيع أو بفسخه ، ثم تصالح الخصوم وتقدموا بعقد صلح وقضي بالحاقه بمحضر الجلسة، وصدر تبعاً لذلك حكم، فلا تكون له حجية الأمر المقضي، لأن القاضي وهو يصدق على عقد الصلح، إنما يقوم بذلك بموجب وظيفته الولائية وليست القضائية لأنه لا يفصل بهذا القضاء في خصومة ، وإنما يوثق ما إتفق الخصوم عليه، ويعتبر الإتفاق عقداً ولو تمت صياغته في شكل الأحكام، وبالتالي يخضع للقواعد المقررة بصدد إنحلال العقود، دون القواعد المقررة للطعن في الأحكام، ومن ثم لا يجوز الطعن في الحكم الصادر بإلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة وإنما ترفع بشأنه دعوي مبتدأة بفسخ العقد الأصلي أو بطلانه.
الحجية المطلقة للأحكام المنشئة لحالة مدنية دون المقررة لها :
الأصل ، أن آثار الأحكام تنحصر فيمن كان مختصماً في الدعوى التي - صدر فيها الحكم، وأن حجيته لاتنصرف إلا لمن كان مختصماً ، فلا يفيد منه ولا يضار به إلا خصوم الدعوى عملاً بقاعدة نسبية الأحكام، لكن توجد أحكام تنصرف حجيتها للناس كافة "دون حاجة لإختصامهم، ومثل ذلك الأحكام التي تتعلق بالحالة المدنية ، كاعتبار المفقود ميتاً ، بحيث إذا قضي بذلك جاز لكل شخص الإحتجاج بهذا الحكم ولو لم يكن مختصماً في الدعوى التي صدر فيها هذا القضاء، فقد ترفع الزوجة دعوى بطلب إعتبار زوجها میتاً للغياب الذي يغلب فيه الهلاك ، ومتى قضى بذلك، فإن حجية الحكم تثبت للزوجة فتعتد وتتزوج، كما تثبت لمن لم يكون مختصماً في الدعوي كالورثة فيطالب كل بحصته الميراثية ، كما تثبت للدائن ومن ثم يجوز له التأشير بحقه في هامش شهر حق الإرث، والرجوع على الورثة في حدود ما آل إليهم من تركة . مورثهم. وأيضاً الحكم بالحجر لجنون أو سفه أو عته، والحكم بتصيح الأسم، والحكم بثبوت الجنسية.
الحجية الوقتية للأحكام المستعجلة :
تستند قاعدة حجية الأمر المقضي إلى عدم تقبل تأبيد المنازعات، وأنه - طالما سعي الخصوم إلى حسم النزاع الذي نشب بينهم، فانه يتعين عليهم عدم و اثارته مرة أخري، سواء عن طريق الدعوى أو الدفع، والحكم الذي يحسم النزاع علي هذا النحو، هو الذي يتصدى للنزاع برمته ويتمكن معه القاضي إلى تمحيص أدلة كل منهم ليأخذ بما يطمئن إليه منها ويطرح ماعداها، وهو ما يتطلب بحث الموضوع من ناحية الواقع لتطبيق النصوص القانونية المتعلقة به بحيث أن صدر حكم بعد هذا البحث ، فإنه يحوز حجية تمنع الخصوم من العودة لنفس النزاع.
ولما كان الطلب المستعجل تتجافى طبيعته مع البحث الموضوعي لأن الطالب لا يريد أن تتمهل المحكمة أو أن تتعمق في بحث النزاع، وإنما يلجأ للمحكمة في أمر عاجل يخشي عليه من مرور الوقت ويطلب من المحكمة أن تأمر بإجراء وقتي يحفظ له حقه مؤقتاً لحين اللجوء للقضاء الموضوعي. وأمام هذه الظروف يتحسس القاضي مستندات الخصوم ليستخلص من ظاهرها وجه الحق في الإجراء الذي يأمر به، ومادام الحال كذلك، فإن الأمر الذي يصدره القاضي يكون عاجلاً ومؤقتاً ، وبالتالي فانه يحوز حجية مؤقتة توفر الطمأنينة للمدعي وتحميه من الخشية التي دفعته إلى اللجوء للقضاء المستعجل.
وتظل للحكم المستعجل حجية الأمر المقضي، ما بقيت الظروف التي أكتنفت النزاع قائمة لم تتغير، إذ تظل الخشية التي ألجأت المدعي إلى اللجوء للقضاء المستعجل قائمة، وإن من شأن تلك الحجية أن يطمئن المدعي علي حقه الذي كان مهددا، مما يحول دون خصمه والتعرض له في ذات الحق.
أما إذا تغيرت تلك الظروف، زالت الآثار التي ترتبت على الحكم، فيفقد الحكم حجيته ، بحيث لو ثار نزاع في ظل الظروف الجديدة ، فلا يجوز للمحكوم له مواجهة خصومه بحجية الحكم المستعجل.
وتقف حجية الحكم المستعجل ، بالفصل في الدعوى الموضوعية، ولا تتقيد المحكمة التي تنظر الموضوع بما قضى به الحكم المستعجل حتى لو صار نهائياً ، لأن حجيته وقتيه لا تتقيد بها محكمة الموضوع، حتى لو كانت هي ذات المحكمة التي أصدرت الحكم المستعجل ان كانت الدعوى الموضوعية التي رفعت أمامها تتضمن شقاً مستعجلاً ، لأن مخالفتها لحكمها الصادر في هذا الشق لا يتضمن تسلطاً منها علي قضائها.
واذا تضمن عقد الايجار الشرط الفاسخ الصريح، فان العقد يعتبر مفسوخا من تلقاء نفسه بمجرد تحقق هذا الشرط، ويكون المستأجر في هذه الحالة لا سند له في وضع يده على العين المؤجرة مما يجيز للمؤجر اللجوء لقاضي الأمور المستعجلة ليقضي بطرده، على أن تفاسخ العقد في حالة الشرط الفاسخ الصريح لا يتقرر بصفة نهائية إلا بإتفاق الطرفين أو بموجب حکم موضوعي نهائي، ففي هاتين الحالتين الأخيرتين تتحد المراكز القانونية لأطراف العقد بصفة نهائية ، أما قبل ذلك فإن تلك المراكز، تكون معلقة مما لا يجوز معه أن يستقل طرف مباشرة تصرف من شأنه أن يؤثر على تلك المراكز فان فعل كان تصرفه غير نافذ في حق الطرف الآخر، ولما كان الحكم الصادر من قاضي الأمور المستعجلة ليست له الا حجية وقتية تبقي ببقائه وهذه الحجية تكون له في نطاق منطوقه فلا تتعدى إلى المراكز القانونية التي ينظمها العقد من حيث بقائها أو زوالها فتلك من الأحكام الموضوعية التي تختص بها محكمة الموضوع والتي يفقد الحكم المستعجل حجيته أمامها، ومن ثم، فإذا إستصدر المؤجر حكماً مستعجلاً بطرد المستأجر، فإن هذا الحكم لا تكون له إلا حجية وقتية، أما فيما يتعلق بإنفساخ العقد، فلا حجية لهذا الحكم في هذا الصدد ويترتب على ذلك أنه ليس للمؤجر إلا طرد المستأجر بصفة مؤقتة وإبقاء العين خالية ( أو يشغلها بنفسه مؤقتاً ) حتي يستصدر حكماً موضوعياً بالفسخ ثم يتربص حتي صيرورته نهائياً ، وحينئذ يستطيع أن يتصرف في العين المؤجرة، أما ان تصرف فيها بعد تنفيذ حكم قاضي الأمور المستعجلة وقبل اللجوء لاستصدار حكم موضوعي نهائي ، فانه يكون قد عدل من المراكز القانونية وهو ما لا يجوز له.
لا حجية للحكم المستعجل في دعوى الريع :
حجية الحكم في حالة تعليقه على شرط :
يجوز للمحكمة أن تعلق تنفيذ حكمها على شرط، وحينئذ لا يحول هذا الشرط من توافر الحجية فور صدور الحكم وتبعاً لذلك لا يجوز لأحد الخصوم الرجوع على الآخر بذات الحق الذي فصل فيه الحكم وإلا دفعت دعواه بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها، مثال ذلك، أن يقضي بفسخ عقد البيع مما يترتب عليه عودة البائع والمشتري إلى ما كانا عليه قبل التعاقد، فيلتزم البائع برد الثمن وفوائده للمشتري كما يلتزم الأخير برد المبيع وثماره، فإذا رجع أحدهما على الأخر، جاز للمدعي عليه التمسك بالحق في حبس ما تحت يده ، وحينئذ تقضى المحكمة بإلزام المدعى عليه بالرد علي أن يكون الحكم معلقاً علي شرط يتمثل في أداء المدعي ما هو مستحق للمدعى عليه، ويحوز هذا الحكم حجية الأمر المقضي فور صدوره، مما يحول دون أي من الخصمين والعودة الي ما فصل فيه الحكم، سواء بالدعوى أو الدفع، ولا يبقي إلا تنفيذ الحكم رضاء أو بطريق العرض والإيداع.
لا ينال من حجية الحكم الاتفاق على مخالفته :
متى صدر الحكم، حاز حجية الأمر المقضي فور صدوره، فان لم يطعن فيه خلال الميعاد، أو طعن فيه وقضى بتأييده. حاز قوة الأمر المقضي، ويترتب على ذلك ثبوت الحق على نحو لا يقدر المحكوم عليه العودة إلى منازعة الأول في كل الحق أو بعضه. وطالما تقرر الحق علي هذا النحو، فيكون لصاحبه مطلق التصرف فيه والتنازل عنه كله أو بعضه لمن يشاء، فان تم هذا التنازل لخصمه ، كان صحيحاً إذ لا يحول دون ذلك حجية الحكم السابق صدوره بينهما.
حجية الحكم في دعوي صحة التوقيع :
دعوي صحة التوقيع - وعلي ما جري به قضاء هذه المحكمة - هى دعوى تحفظية الغرض منها إثبات أن التوقيع الموضوع على المحرر هو توقيع صحيح صادر من يد صاحبه ومن ثم فإن نطاق هذه الدعوى لا يتسع لأمر صحة التصرف الذي تضمنته الورقة ونفاذه ووجوده أو إنعدامه ولا تجوز المناقشة فيها في أمر من هذه المسائل وبالتالي فإن بحث أمر تزویر صلب المستند يخرج عن نطاق الدعوى بطلب صحة التوقيع عليه ولا يعد وسيلة دفاع فيها ولا يمنع المحتج عليه بالورقة من بعد الحكم فيها من إقامة دعوى أصلية بطلب رد وبطلان المحرر لهذا السبب كما لا يكون للحكم الصادر فيها أية حجية في الدعوى الأخيرة لإختلاف المحل في كل منهما. (نقض 1992/3/12 طعن 3599 س 58 ق).
إنعدام حجية الحكم اللاحق للحكم النهائي :
من الأركان الأساسية للحكم أن يصدر في خصومة قائمة ، فإن صدر في غیر خصومة ، كان معدوما، ويعدل الخصومة المعدومة ، الخصومة التي كانت قائمة ثم إنقضت بصدور حكم بات حسم النزاع، بحيث إذا رفعت دعوى بعد ذلك مماثلة تماماً للدعوى السابقة، كان محلاً للدفع بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها، فإن لم يبد هذا الدفع أو رفض وصدر حكم نهائي مناقض للحكم السابق، فإن الحكم اللاحق، يكون قد فصل في خصومة منقضية ، فاقداً ركناً أساسياً من أركانه ما ينحدر به إلى العدم، ومن ثم يجوز التمسك بانعدام بموجب دعوى مبتدأة أو بدفع في الدعوى التي يحتج به أثناء نظرها، أو أمام قاضي التنفيذ.
المقرر قانوناً أن الحكم متى حاز قوة الأمر المقضي أنهي الخصومة ، ولم تعد هناك خصومة يجوز أن يرد عليها قضاء لاحق. مما مفاده أن الحكم اللاحق يكون وارداً على غير خصومة مما يعدمه، فلا يرد عليه طعن ولا تثبت له حجية ويكفي إنكاره ویکون لأي محكمة طرح عليها هذا الحكم أن تقرر إنعدامه ولاتعتد به ولا يكون أمامها إلا الحكم الأول فتلتزم به.
حجية الأحكام في مسائل الأحوال الشخصية :
حجية أمر الأداء :
إذا صدر الأمر بالزام المدين بأداء الدين، كان ذلك بمثابة حكم قضائي، إذ يصدر القاضي أمر الأداء إستناد إلى سلطته القضائية لا الولائية، ويترتب على ذلك أن يحوز أمر الأداء حجية الأمر المقضي فور صدوره مما يحول دون المدين والمغالاة في الدين إلا عن طريق الطعن في الأمر سواء بالتظلم أو الإستئناف، كما يمتنع رفع دعوى ببراءة ذمة المدين من ذات الدين لتعارض ذلك مع تلك الحجية ولا يجوز التمسك بذلك الا أمام محكمة الطعن باعتباره وجها من أوجه التظلم أو سبباً من أسباب الإستئناف.
فإذا إنقضت مواعيد الطعن، حاز الأمر قوة الأمر المقضي وأصبح عنواناً للحقيقة ولو كان مشوبا ببطلان يتصل بالنظام العام، إذ تسمو حجية الأحكام على إعتبارات النظام العام.
ولما كان المدين يعتبر ممثلاً للدائنين الآخرين، فإنهم يحتاجون بالأمر الصادر ضده إلا إذا كان صادراً بطريق الغش والتواطؤ إستناداً إلى سند شوري . إذ في هذه الحالة يبطل أمر الأداء ، إعتباراً بان الغش يبطل التصرفات وما تعلق بها من إجراءات، فضلاً عن أن الدائن لايعتبر خلفاً للمدين في التصرفات الصورية التي تصدر من هذا المدين أو التي تصدر منه بطريق التواطؤ مع دائن آخر اضراراً بحقه اذ يصبح الدائن في هذه الحالات من طبقة الغير.
أوامر وقرارات لا حجية لها :
الأوامر التي يصدرها القاضي بماله من سلطة ولائية في غيبة الخصوم ودون تسبيب لا تحوز حجية ولا يستنفد القاضي سلطته باصدارها، ومن ثم فهي تختلف عن الأعمال القضائية التي تتولاها المحاكم بالتشكيل المحدد لها قانونا بحسبانها هيئة محكمة وما يصدر عنها لدي مباشرتها العمل القضائي هو حكم له خصائص معينة وأوجب القانون أن يتضمن بيانات محددة لم يستلزم توافرها في الأمر الصادر من القاضي عند قيامه بالعمل الولائي.
نطاق حجية الأمر بألا وجه :
الأمر الذي تصدره النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوي الجنائية، بعد أن تكون قد أجرت تحقيقاً بنفسها أو ندبت لإجرائه أحد مأموري الضبط القضائي. تكون له حجية مؤقتة، مثله في ذلك مثل الأحكام الصادرة من : قاضي الأمور المستعجلة. مما لايجوز مخالفته طالما ظلت الظروف التي صدر فيها على ما كانت عليه وقت إصداره، اعتبار أن الأمر الصادر بأن لا وجه لاقامة الدعوى الجنائية يمنع من العودة إلى التحقيق إلا إذا ظهرت دلائل جديدة قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط تلك الدعوى، عملا بالمادتين 791 ، 312 من قانون الإجراءات الجنائية.
وتتطلب هذه الحجية، وحدة الخصوم والموضوع والسبب، ومتي توافرت هذه الشروط قررت النيابة ضم الدعوى اللاحقة للدعوى السابقة التي صدر فيها الأمر، ولا تكون للتحقيقات التي أجرتها في الدعوى اللاحقة أية حجية لورودها على غير محل.
وإذا لجأ المدعي بالحقوق المدنية لطريق الإدعاء المباشر، تبين للمحكمة بقاء الظروف التي صدر فيها الأمر على ما كانت عليه وقت إصداره، قضت ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية.
الشرط الثاني
وحدة الموضوع والخصوم
أولاً : وحدة الموضوع :
و أوضحنا فيما تقدم، أن قوة الأمر المقضي، تتطلب سبق صدور حکم : قطعي حسم النزاع في مسألة معينة وأن يكون هذا الحكم قد حاز قوة الأمر المقضي، وبالتالي فإن هذا الحكم يحول دون اثارة المسألة التي فصل فيها حتى لا يتأيد المنازعة وتكرر المحكمة ما سبق لها أن قضت به، واشترطت المادة 101 من قانون الإثبات للتمسك بهذه الحجية، أن يكون النزاع الجديد هو ذاته الذي فصل فيه الحكم السابق وان يقوم بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم ويتعلق بذات الحق محلاً وسبباً.
ويقصد بالموضوع في معنى قوة الأمر المقضي ، كل مسألة قطع فيها الحكم، سواء بالقبول أو الرفض، بناء على طلب الخصم أو استناداً إلى دفع أبداه أو وجه دفاع تمسك به، أو تكون المحكمة قد تصدت لهذه المسألة من تلقاء نفسها لتعلقها بالنظام العام. فقد ينصرف الموضوع إلى الحق الذي يطلب المدعي تقريره له أو حمايته، وبطلب يضمنه المدعي صحيفة دعواه ، فيصدر الحكم بقبوله أو رفضه، كدعاوي الإستحقاق وثبوت الملكية والشفعة وصحة ونفاذ العقد والقيام بعمل أو الإمتناع عن القيام بعمل، أو منع التعرض أو إسترداد الحيازة، وغيرها من الدعاوى.
وقد يصدر الحكم بناء علي دفع من المدعى عليه، مثل الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن ، سواء في الدعوى التي توافرت فيها شروطه أو في دعوى تالية رفعت بذات الطلبات وبين نفس الخصوم بعد شطب الدعوى الأولي وعدم تجديدها في الميعاد، وبالتالي فإن الدعوى الثانية يرد عليها الدفع باعتبارها كأن لم تكن دون الدفع بالحجية اذ لم يصدر حكم في الدعوى الأولي. وأيضاً الدفع بسقوط الخصومة بمضي المدة. وفي الحالتين تزول الآثار التي ترتبت على رفع الدعوى استناداً لحجية الحكم مما يحول دون تجديد السير فيها، ولكن لا تمنع هذه الحجية من رفع دعوى جديدة ترتب آثارها من تاريخ رفعها وليس من تاريخ رفع الدعوى السابقة. كذلك الحال إذا قضت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلان صحيفة الدعوى
ولا يحول اختلاف الطلبات دون توافر وحدة الموضوع. فقد ترفض دعوى الفسخ استناداً للوفاء بكامل الثمن، فيحوز الحكم الحجية في أن الوفاء بكامل الثمن حال دون الفسخ، مما يجوز معه للمشتري رفع دعوى بصحة عقده وهو طلب يختلف عن طلب الفسخ محل الدعوى السابقة، والموضوع الذي فصل فيه الحكم السابق، تكون له حجية فى الدعوى الجديدة مما يحول دون البائع والتمسك بعدم الوفاء بكامل الثمن.
إختلاف الموضوع بتغير ظروف الدعويين :
لما كان الحكم المحاج به رقم 591 لسنة 1977 تجاري طنطا الإبتدائية سالف الذكر قد قطع في أسبابه المرتبطة بالمنطوق بأن ما يتقاضاه المطعون ضده من الدولة تحت مسمى رسوم توثيق عن كل عقد يخضع لضريبة كسب العمل إلا أنه بالنظر لضالته في سنة المحاسبة فإنه يدخل في نطاق الإعفاء المقرر بالمادة 63 ق من القانون رقم 14 لسنة 1939 في شأن الضرائب على الدخل وكان تقدیر دخل المطعون ضده من هذه الرسوم يختلف وفقاً لتغيير الظروف الواقعية من سنة عن أخرى بما لازمه أن ذلك الحكم المحاج به لا يحوز حجية بشأن ما قد ينتهي إليه الأمر في دعوى لاحقة في خصوص تقدير دخل المطعون ضده من هذه الرسوم والذي قد يتغير بتغير سنوات المحاسبة.
(نقض 2002/6/11 طعن 517 س 57 ق).
ثانياً : وحدة الخصوم :
لا يتحدد نطاق الخصومة من حيث أشخاصها وقت رفع الدعوى، وإنما بوقت صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، فلا يعتد بوحدة الخصوم إلا اعتباراً من هذا الوقت، فقد تتداول الدعوى أمام المحكمة وتصدر فيها أحكاماً تمهيدية وتختلف نطاق الخصومة فيها من حيث الأشخاص، كما لو طلب المدعي إثبات تركة للخصومة بالنسبة لبعض المدعى عليهم أو طلب بعض المدعى عليهم اخراجهم من الدعوى بلا مصاريف، أو ادخل المدعي خصوما جدد، أو أدخل المدعى عليه ضامنا، أو تدخل خصم جديد للإختصام أو للإنضمام، ففي هذه الحالات، لا يعتد عند بحث شرط وحدة الخصوم، بكل من كان خصما في الدعوى ، وإنما من كان خصما وقت صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، حسبما تضمنته النسخة الأصلية لهذا الحكم متى كانت تتفق مع واقع الحال ، ذلك أن هذه النسخة تنقل من مسودة الحكم التي لم تتضمن أسماء الخصوم، ويقوم كاتب الجلسة بتحرير البيانات المتعلقة بالمحكمة وتاريخ الجلسة وأسماء هيئة المحكمة وأسماء الخصوم، ويجب عليه عند إثبات أسماء الخصوم الرجوع الى صحيفة الدعوى وصحف إدخال الخصوم الجدد أن وجدت وما أثبته الخصوم بمحاضر الجلسات، ليقف على نطاق الخصومة من حيث الأشخاص، فيستبعد من تركت الخصومة بالنسبة له ومن قضت المحكمة باخراجه، ويضيف من تدخل أو أدخل في الدعوى ، فإن أخطأ في شيء من ذلك، كان من قبيل الخطأ المادي الذي يجوز تصحيحه بقرار من رئيس الدائرة التي اصدرت الحكم دون سواه مالم يكن الحكم قد طعن فيه بالإستئناف فينتقل الحق في التصحيح للمحكمة الاستئنافية ، فان لم يتم لتصحيح علي هذا النحو ظلت للنسخة الأصلية حجيتها فيما تضمنته من أسماء الخصوم.
ويجب أن يكون الخصوم في الدعوى السابقة هم أنفسهم الخصوم في الدعوي اللاحقة، بحيث إن اختلفوا أو كان خصوم الدعوي السابقة هم بعض خصوم الدعوى اللاحقة ، فلا محل للدفع بعدم جواز نظر الدعوى اللاحقة، ولكن قد تتوافر بذلك قرينة قضائية تخضع لتقدير قاضي الموضوع شأن سائر القرائن القضائية.
ولا ينال من وحدة الخصوم في الدعويين إدخال خصم آخر في إحداهما ليصدر الحكم في مواجهته، إذ لا يعتبر خصماً حقيقياً والمقرر أن الأحكام لا تحوز حجية إلا بالنسبة للخصوم الحقيقيين.
كما لا ينال من وحدة الخصوم تدخل خصم منضما لأحد الخصوم في إحدى الدعويين إذ تنصرف طلبات المتدخل لذات طلبات من إنضم إليه.
والمقرر أن المتدخل الإنضمامي لا ينشئ خصومة وإنما ينحصر في مساندة أحد الخصوم في أوجه دفاعه.
ومراقبة مسلكه فيها، خلافاً للمتدخل الإختصامي فهو منشئ لخصومة.
ذلك أن طالب التدخل الإنضمامي لا تتوافر له الصفة إلا إذا كانت له صلة بالحق المتنازع عليه، وهذه الصلة تجعله يحاج بالحكم الذي يصدر في الدعوى سواء تدخل فيها أو لم يتدخل ويحول بينه وبين رفع دعوى جديدة عن ذات الحق باعتباره كان مثلاً في الدعوى السابقة أي كان خصماً فيها فيتوافر عنصر وحدة الخصوم في الدعويين، مثال ذلك أن الدين الذي يختصم أو يخاصم يعتبر ممثلاً لدائنه العادي في الدعوى فيحاج الأخير بالحكم الذي يصدر فيها سواء تدخل أو لم يتدخل، فإن رفعت دعوى ثانية بذات الحق المقضي به وبين ذات الخصوم، فإنها تكون محلا للدفع بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها حتى لو تدخل الدائن فيها ولم يكن قد تدخل في الدعوى السابقة فقد كان ممثلاً فيها في شخص مدینه.
وكل من تتعدى إليه حجية الحكم الصادر في الدعوى يعتبر مختصماً فيها ولو لم يتدخل بحيث لو رفعت دعوى أخرى كانت محلاً للدفع حتى لو تدخل فيها منضماً لمن كان يمثله في الدعوى السابقة.
ولا تتحقق وحدة الخصوم إلا إذا كان الاختصام في الدعوى الجديدة . بذات الصفة التي كانت للخصم في الدعوى التي صدر فيها الحكم السابق فإن من اختلفت تخلف شرط وحدة الخصوم، فلا تثبت للحكم الحجية، فإذا إختصم الأب في الدعوى الأولي بصفته وليا طبيعيا، فلا تتحقق وحدة الخصوم إلا اذا اختصم بهذه الصفة في الدعوى الثانية، فإن إختصم بصفته الشخصية انتقي شرط وحدة الخصوم. والعبره بالأصيل دائماً، فان كان احد الخصوم شخصاً إعتبارياً ، شركة أو جمعية أو مؤسسة، كان الإعتداد باسم هذا الشخص وليس باسم الممثل القانوني له، فإن ورد اسم الشخص الاعتباري في الدعويين، تحقق وحدة الخصوم ولو اختلف فيهما أسم الممثل القانوني.
وكل من مثل في الدعوي، يعتبر خصماً، سواء كان مدخلاً ليصدر الحكم في مواجهته، أو متدخلاً للإختصام أو الإنضمام، وقد كفل له القانون إبداء دفوعه وأوجه دفاعه، ولذلك يحاج بالحكم الذي يصدر، فان رفع دعوي أخري توافرت بالنسبة لها شروط الحجية، كانت محلاً للدفع بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها لتحقيق وحدة الخصوم.
ولما كان التدخل للإنضمام جائز في الإستئناف ، فإن المتدخل يصبح طرفاً في خصومة الإستئناف ويجوز له إبداء دفوعه وأوجه دفاعه والطعن بالنقض إذا صدر الحكم ضد من انضم اليه، اذ يعتبر المتدخل حينئذ محكوماً عليه، يحاج بالحكم.
فان كان موضوع الدعوى مما يقبل التجزئة والإنقسام، كدعوى تثبیت الملكية ودعوى صحة ونفاذ العقد، وصدر الحكم ضد المدعى عليهم، فاستأنفه البعض دون البعض الآخر، فإن الحكم يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة لمن لم يستأنفه ، فإن قضي في الإستئناف بتأییده ، حاز الحكم برمته قوة الأمر المقضي، أما إذا قضي بإلغاء الحكم المستأنف، فإن هذا القضاء ينحصر في المحكوم عليهم الذين رفعوا الإستئناف وحدهم فيحوز حكم الإلغاء قوة الأمر المقضي بالنسبة لمن مثلوا في الإستئناف ، أما من لم يمشوا وهم الذين ارتضوا الحكم، فإن الحكم الإبتدائي يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة لهم.
فان كان موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة أو كان الإلتزام تضامنياً أو كان القانون يوجب اختصام أشخاص معينين، كما في دعوى الشفعة ودعوى . إسترداد الحصة المبيعة ودعوى الإستحقاق الفرعية، وصدر الحكم ضد المدعي عليهم، وطعن البعض بالاستئناف ولم يطعن البعض الأخر، وجب على - محكمة الإستئناف أن تأمر المستأنفين بإختصام زملائهم المحكوم عليهم ولو بعد ميعاد الإستئناف حتى يحتاج الجميع بالحكم الذي يصدر، فان لم يتم الإختصام حكمت المحكمة ومن تلقاء نفسها بعدم قبول الإستئناف و حينئذ يحوز الحكم الابتدائي قوة الأمر المقضي ، فإن لم تأمر المحكمة بهذا الإختصام، رغم تعلق هذا الأجراء بالنظام العام، وقضت بتأييد الحكم الإبتدائي ، حاز هذا الحكم قوة الأمر المقضي، أما اذا قضت بالغائه ولم يطعن فيه بالنقض، فإن نطاقه ينحصر في المحكوم عليهم الذين استأنفوا الحكم دون زملائهم الذين لم يستأنفوه، ويحوز الحكم الابتدائي بالنسبة لهؤلاء والمحكوم لهم قوة الأمر . المقضي إذ تسمو حجية الأحكام على إعتبارات النظام العام.
والعبرة في حدة الخصوم التي تتوافر معها الحجية ، تكون باختلاف المركز القانوني للخصم الذي يتمسك بالحجية عن المركز القانوني في الدعوى للخصم الذي يحتج عليه بالحجية، أما إن إتحد الخصمان في هذا المركز، فلا يكون ثمة محل لتمسك أحدهما بالحجية في مواجهة الآخر، فيلزم أن يكون أحدهما محكوماً له والآخر محكوماً عليه، فان كان الخصمان محكوما لهما، فيجوز لكل منهما الرجوع علي الآخر بدعوى جديدة فيما قضى لهما به في الدعوى السابقة ، فقد يقضي لهما بتثبيت ملكيتهما لعقار، وحينئذ يجوز لأحدهما الرجوع على الآخر بالريع.
يدل ما تقدم، علي أن وحدة الخصوم التي تتحقق معها قوة الأمر المقضي يجب أن تتوافر وقت صدور الحكم المنهي للخصومة وأن يكون الإختصام في الدعوى اللاحقة بذات الصفة في الدعوى السابقة، ومتى توافر ذلك كانت للحكم السابق قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة التي تخضع حينئذ للدفع بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها. ولاترد الحجية في حالة اختلاف الخصوم حتى لو كانت الطلبات في الدعوى الجديدة تناقص ما قضي به في الدعوى السابقة، فقد يصدر الحكم ضد الدائن برفض دعوى صورية عقد أبرمه مدينه، فلا يكتسب هذا الحكم الحجية في الدعوى التي يرفعها المدين ضد الطرف الآخر في العقد بتقرير صوريته ، وذلك لاختلاف الخصوم في الدعويين.
تعدى حجية الحكم للدائن :
تتعدى حجية الحكم لمن كان مختصماً في الدعوى بشخصه أو من ينوب عنه، فالمدين يمثل في الدعوى بشخصه وينوب في نفس الوقت عن دائنة العادي الذي لا يكون له تأمين عيني کرهن أو إختصاص أو إمتياز متى قام بشهر هذا التأمين قبل صدور الحكم، فإن قام بشهره بعد صدور الحكم أصبح في مركز الدائن العادي وتعدت له حجية الحكم.
ومناط تعدي حجية الحكم الصادر ضد المدين للدائن، أن تتوافر في الإجراءات ما يقتضيه حسن النية الواجب توافره في المعاملات، فاذا انتفى اعتبر الدائن من طبقة الغير في هذه الأجراءات، فلا يكون ماثلاً في الدعوى وبالتالي لا يكون للحكم حجية في مواجهته ، وينتقي شرط وحدة الخصوم مما يجوز معه منازعته للمحكوم له فيما قضي له به ، فقد يتوافر الغش بأن يتواطأ المدين مع الغير، فیبرما عقداً صورياً أو سند دین صوري ويصدر بموجبه حکم ضد المدين اضراراً بالدين، ففي هذه الحالة لا تتعدي حجية الحكم للدائن ، ويشترط لذلك أن يقوم الدائن بإثبات هذا الغش، وله ذلك بكافة طرق الإثبات باعتبار الغش واقعة مادية ، فان تمثل العقد الصوري في عقد بيع عقار المدين السابق بيعه للدائن بعقد لم يسجل فإنه يجوز للأخير رفع دعوى جديدة ضد مدينه والمشتري الآخر يطلب فيها الحكم بصورية العقد حتى لو تم تسجيله و بصحة ونفاذ العقد الصادر له من المدين، ويثبت الغش على نحو ما تقدم، والمقرر أن الغش يبطل التصرفات والإجراءات وتقف به آثار النيابة عن الغير.
ويرقى إلى مرتبة الغش الإهمال الجسيم الذي تأباه الفطرة السليمة ، کالاهمال الذي ينسب للمدين في مباشرة إجراءات التقاضي وعدم مجابهة خصمة على النحو الواجب.
تعدى حجية الحكم للمشتري :
المقرر أن الحجية تنحصر في أطراف الحكم ولا تتعدى إلى الغير الذي لم يكن ممثلاً فيها، فتتعدي الحجية إلى المحكوم عليه وخلفه العام كالوارث والموصى له بحصة شائعة أي بسهم شائع إذ يعتبر الموصي له في هذه الحالة خلفاً عاماً للموصي.
ويعتبر المشتري لعقار بعقد غير مسجل، مجرد دائن عادي بالتزامات شخصية ولا يصبح خلفاً خاصاً إلا بتسجيل عقد البيع، ومن ثم فإن حجية الأحكام التي تصدر ضد البائع متعلقة بالعقار المبيع تتعدى إلى المشتري الحكم الصادر ضد البائع باستحقاق العقار قبل تسجيل العقد أو تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد، اذ يرتد أثر التأشير بالحكم الصادر فيها الى تاريخ هذا التسجيل وتتم المفاضلة على هذا الأساس، وبالتالي تثبت الملكية للأسبق تسجيلاً ، وتزول حجية الأحكام الصادرة بثبوت ملكية العقار المبيع إذا كانت صادرة بعد تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد، إذ تكون واردة على محل لم يكن مملوكاً للمدعى عليه وقت صدورها.
لكن إذا كان المشتري قد سجل عقده قبل صدور الحكم، فإنه يصبح من طبقة الغير فلا يحاج بالحكم الذي يصدر بعد ذلك ضد البائع ان تكون ملكية العقار قد إنتقلت الى المشتري قبل صدور الحكم.
وتثبت الحجية للحكم ولو كان إبتدائياً، ولا عبرة بعدم تسجيل المحكوم له لصحيفة الدعوى ولا بعدم تسجيله الحكم، إذ يكفي أن يصدر الحكم قبل تسجيل العقد، لكن إذا ألغي الحكم، زالت آثاره، وإنتقلت الملكية بتسجيل العقد.
ويتحقق التعرض إذا أقام الغير دعوى ضد البائع بأي حق من الحقوق المتعلقة بالمبيع ولم يختصم فيها المشتري، باعتبار أن الحكم الذي يصدر فيها قبل قيام المشتري بتسجيل عقدة أو صحيفة دعواه بصحته ونفاذه، يعتبر حجة على المشتري باعتبار أنه كان ممثلاً في شخص البائع له ما لم يكن المشتري رغم عدم تسجيل عقده قد أصبح من الغير بالنسبة للبائع بأن يكون قد اكتسب ملكية العقار بالتقادم.
وفقاً للقوانين الحالية يتعين شهر الصحيفة أو الحكم قبل تسجيل التنبيه للإحتجاج على الراسي عليه المزاد.
مناط عدم الاحتجاج على المشتري قبل تسجيل عقده :
الأصل أن المشتري الذي لم يسجل عقده يحاج بتصرفات البائع العقارية إذا سجلت قبل أن يسجل عقده، كما يحاج بالأحكام التي تصدر قبل هذا التسجيل متعلقة بالمبيع عملاً بالقواعد العامة ، إلا أن المشرع خرج عليها فيما يتعلق ببيع وحدة في المبني فجعل الأفضلية لصاحب التصرف الأسبق وأبطل البيع اللاحق ولو كان مسجلاً.
عدم تعدي الحجية للمشتري الذي يطعن بصورية عقد أخر:
إذا أبرم البائع عقد بيع مع مشتري صوري بقصد حرمان مشتري سابق من المبيع، فإن إبرام العقد الصوري يكون قد تم بالغش والتواطؤ، فاذا رفع المشتري الصوري دعوى ضد البائع بصحة ونفاذ عقده، وقام بتسجيل : صحيفتها، ولما صدر له الحكم قام بالتأشير به في هامش تسجيل الصحيفة، فلا يترتب على كل هذه الإجراءات نقل ملكية المبيع لما يتطلبه ذلك من وجود بيع حقيقي وجدي وأن البيع الصوري صورية مطلقة لا يؤدي إلى نقل الملكية حتى لو تم تسجيله ، ولا يحاج المشتري الأسبق بالحكم سالف البيان، إذ لا يعتبر ممثلاً فيه في شخص مدینه البائع، لان هذا التمثل يقف إذا توافر الغش والتواطؤ، ومن ثم يجوز له رفع دعوى جديدة يختصم فيها البائع والمشتري الصوري يطلب فيها تقرير صورية العقد صورية مطلقة ومحو تسجيله إن كان قد سجل حتى يتمكن من شهر الحكم الصادر له، كما يطلب الحكم بصحة ونفاذ عقده ، وله إثبات الصورية بكافة طرق الإثبات المقررة قانونا لانه يستمد حقه من القانون وليس من مدينة ، وينتفي تبعاً لذلك شرط وحدة الخصوم.
وقضت محكمة النقض بأنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد إعتصم بعقد بیع سبق أن صدر إليه عن ذات المبيع ومن نفس البائع الي المطعون ضدها الأولي فإنه بذلك يعتبر من الغير بالنسبة لعقدها يجوز له عند إدعائه صوريته إثبات هذه الصورية بجميع طرق الإثبات، لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة . أن للمشتري ولو لم يكن عقده مسجلاً أن يتمسك بصورية عقد المشترى الآخر الذي سجل عقده صورية مطلقة ليتوصل بذلك إلى محو هذا العقد من الوجود إذ أنه بصفته دائناً للبائع في الإلتزامات المترتبة على عقد البيع الصادر إليه يكون له أن يتمسك بتلك الصورية لازالة جميع العوائق التي تصادفه في سبيل تحقيق أثر عقده ويصبح له بهذه الصفة وفقاً لصريح نص المادة 442/ 1 من القانون المدني - أن يثبت صورية العقد الذي أضر به بطرق الإثبات كافة باعتباره من الغير في أحكام الصورية بالنسبة للتصرف الصادر من نفس البائع إلى مشتر آخر.
تمثيل المورث لورثته :
المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه متى حاز الحكم قوة الأمر المقضى فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها وخلفاءهم العامين من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأية دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع - ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق اثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها، وإن كان الحكم الصادر فى الدعوى السابقة الذي أصبح نهائياً قد حسم النزاع بين المطعون ضدهم ومورث الطاعنين في قضائه بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع الدعوى الصادر من مورثه فيما تضمنه من بيع ثمانية قراريط مشاعاً في أربعة وعشرون قيراطا في الأعيان الموضحة ونفاذه ويمنع الطاعنين بوصفهم خلفاء عامين لمورثهم الصادر ضده الحكم السابق من التنازع في هذه المسألة في دعوى تالية. نقض طعن 1569 س 52 ق.
تمثيل الوارث لباقي الورثة :
الحكم الصادر في الإعتراض على قائمة شروط البيع المؤسس على أوجه بطلان موضوعية . بالرفض وأياً كان وجه الرأي في تمثيل المعترض للورثة لا يتعدى اليهم وإنما أمره . وهو قضاء في الموضوع قاطع - أن يحوز قبل المعترض وحده قوة الأمر المقضي فلا يملك أن يعود الى الملكية التي فصل فيها فيؤسس عليها الدعوى المنظورة وهي دعوى الإستحقاق، وإذ أعتد الحكم المطعون فيه - بحجية حكم الاعتراض لا علي المعترض وحده بل على غيره من الطاعنين أيضاً فإنه يكون قد خالف القانون. (نقض 3/ 5/ 1978 طعن 218 س 43 ق).
عدم تعدي حجية الحكم من الخلف إلى السلف :
لما كان السلف يمثل خلفه، سواء فيما يرفعه من دعاوي أو ما يرفع عليه منها، وبالتالي يعتبر الخلف خصماً في تلك الدعاوي وتمتد اليه حجية الأحكام التي تصدر فيها، باعتبار أن السلف هو مصدر الحق الذي تقرر للخلف فيتاثر الأخير بما يمس من تلقى منه الحق. وإذ لا يتحقق ذلك بالنسبة للسلف، فإن حجية الأحكام التي تصدر ضد الخلف لا تتعدى إلى السلف إلا اذا مثل الأخير فيها بشخصه.
الشرط الثالث : وحدة السبب :
سبب الدعوى :
سبب الدعوى هو الواقعة أو الوقائع التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب، وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية أو الحجج القانونية.
ولما كان المقرر أن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً يحوز حجية الأمر المقضي، فإن السبب الذي يعتد به في صدد الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها هو الذي تستند إليه المحكمة في قضائها ولو لم يكن هو السبب الذي أقيمت عليه الدعوى، ومن ثم يجوز للمدعي العودة لذات دعواه من جديد اذا سقط حقه في الطعن أو كان القانون لا يجيز له الطعن في الحكم وتكون معصومة من الأفعال، مثال ذلك أن يرفع المؤجر دعوى فسخ عقد الإيجار وإخلاء العين إستناداً لإنتهاء العقد بالوفاة دون امتداده للمدعى عليه ، فتقضي المحكمة برفضها لإنتفاء التنازل عن الإيجار، فتكون بذلك قد غيرت سبب الدعوى، ومن ثم يجوز للمؤجر رفع دعواه ذاتها من جديد لاختلاف سيبها عن السبب الذي أقامت المحكمة عليه قضاءها .(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الثالث ، الصفحة : 31)
إستحدث المشرع حكماً جديداً مغايراً لما تنص عليه م 405/ 2 من القانون المدني القائم فنص في المادة 116 على أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها من النظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها ، وعلة ذلك إحترام حجية الحكم السابق صدوره في نفس الدعوى وهذه الحجية أجدر بالإحترام وأكثر إتصالاً بالنظام العام من أي أمر آخر لما يترتب على إهدارها من تأييد المنازعات وعدم إستقرار الحقوق لأصحابها وبذلك أصبح هذا الإستحداث متمشياً مع ما نص عليه في المادة 249 من القانون فقد كان غريباً أن يحظر على المحاكم أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بينما يكون الحكم الصادر على خلاف سابقة قابلاً للطعن بالنقض سواء دفع الخصوم بهذا الدفع أم لم يدفعوا (المادة الثالثة من قانون حالات النقض) . ( المذكرة الإيضاحية القانون ).
وبهذا يكون المشرع قد ألغي ضمنياً حكم الفقرة الثانية من المادة 405 من التقنين المدني إذ أوجب على المحكمة أعمال أثر حجية الحكم من حيث منع إعادة عرض النزاع على القضاء من تلقاء نفسها.
وقد أكد هذا النص الفقرة الثانية من المادة 101 من قانون الإثبات إذ أوجب علي المحكمة أن تقضي بحجية الأحكام من تلقاء نفسها ويسري هذا الحكم على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى قبل تاريخ العمل بقانون المرافعات.
ولا جدال في أن بحث شروط قيام الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها مجاله قانون الإثبات وأن التحدث عنه في المادة 116 مرافعات إنما يكون بصدد التزام المحكمة بأن تقضى بهذا الدفع من تلقاء نفسها إذا توافرت شروطه لذلك فمن يريد مزيداً من البحث والدراسة عن هذا الدفع أن يرجع لمؤلفنا في التعليق على قانون الإثبات الطبعة التاسعة ص 705 وما بعدها.(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثالث ، الصفحة : 244)
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها من النظام العام للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها : إستحدث المشرع نص المادة 116 سالف الذكر، وبه أصبح الدفع بالحجية أي الدفع جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها من النظام العام ( نقض 1975/5/21 في الطعن 320 لسنة 41 قضائية )، وقد كانت القاعدة قبل هذا النص إلا تقضي المحكمة بالحجية من تلقاء نفسها، وكان ذلك محل نقد، وبهذا النص ألغي المشرع إلغاء ضمنياً حكم الفقرة الثانية من المادة 405 من التقنين المدني إذ أوجب على المحكمة إعمال أثر حجية الحكم من حيث منع إعادة عرض النزاع على القضاء من تلقاء نفسها، مع ملاحظة أن المواد من 389 إلى 417 مدني ألغيت بقانون الإثبات رقم 25 لسنة 1986 المنشور في الجريدة الرسمية عدد 22 بتاريخ 1968/5/3 والذي نص على إلغاء الباب السادس من الكتاب الأول من القسم الأول من القانون المدني.
وقد كان يغني عن نص المادة 116 سالف الذكر نص المادة 101 من قانون الإثبات الجديد إذ تنص فقرتها الثانية على أن ( وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها )، إذ أن أثر القرينة القانونية المستمدة من الحجية ينحصر في الدفع بسبق الفصل على ما تقول المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدني و الدفع بسبق الفصل في الدعوى هو من الدفوع بعدم القبول،يبدي في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام الإستئناف، وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها عملاً بالمادة 101 من قانون الإثبات ( نقض 1974/4/29 ، طعن رقم 89 لسنة 39 قضائية)، وعملاً بالمادة 116 مرافعات - محل التعليق - ويجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
شروط الدفع بسبق الفصل في الدعوى : يشترط الدفع بالحجة أي بسبق الفصل في الدعوى ما يلي :
أولاً : صدور حكم في ذات النزاع حائزاً حجية الأمر المقضي :
فينبغي للدفع بالحجية أي بسبق الفصل في الدعوى الماثلة أن يكون هناك حكم حائزاً حجية الأمر المقضي قد صدر فيها من قبل ، وحجية الأمر المقضي هي قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس مؤداها أن الحكم صدر صحيحاً من ناحية الشكل وعلى حق من ناحية الموضوع فهو حجة على ما قضى به ، وتقرر جميع التشريعات هذا المبدأ لإنه من اللازم وضع حد نهائي للنزاع ، حتى لا يتكرر ، كما يلزم أيضاً للحيلولة دون تناقض الأحكام في الخصومة الواحدة . وتنص المادة 101 من قانون الإثبات على أن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي به تكون حجة بما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه القرينة، ومن ثم لا يجوز للمحكمة التي أصدرت الحكم أو ولاية محكمة أخرى أن تنظر فيما قضى به الحكم إلا إذا كانت هي المحكمة المختصة بنظر الطعن الموجه ضده.
وينبغي التفرقة بين حجية الأمر المقضي وقوة الأمر المقضي ، فحجية الأمر المقضي تثبت للحكم بمجرد صدوره ( نقض 1968/4/18 سنة 19 ص 795)، بينما قوة الأمر المقضي لا تثبت له إلا إذا كان لا يقبل الطعن فيه بطرق الطعن العادية أي المعارضة أو الإستئناف أو تم الطعن فيه بأي منها وتأييد ويحوز الحكم قوة الأمر المقضى ولو كان يقبل الطعن فيه بالطرق غير العادية أي النقض والالتماس أو طعن فيه فعلاً بأيهما .( نقض 1990/2/18 ، طعن رقم 256 لسنة 58 قضائية).
فالمقصود بحجية الأمر المقضي أن القرار القضائي إذ يطبق إرادة القانون في الحالة المعنية فإنه يحوز الاحترام سواء أمام المحكمة التي أصدرته أو أمام المحاكم الأخرى بجيت إذا رفع الخصوم نفس الدعوى التي فصل فيها مرة أخرى تعين عدم قبولها، وإذا أثير ما قضی به أمام القضاء وجب التسليم به دون بحث مجدد ( موريل - المرافعات . بند 587 ص 231، فتحی والی - بند 82 ص 135 و ص 136)، فحجية الأمر المقضي تبدو في أمرين : الأول عدم جواز إعادة النظر في الدعوى .. والثاني إحترام ما قضى به وهذا الأثر يسري في مواجهة الخصوم والقاضي .
وتكون للحكم الحجية للحكم ولو كان قابلاً للطعن فيه بإحدى طرق الطعن ، بمعنى أن عدم صيرورة الحكم باتاً لا يمنع من التمسك بالدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الحكم فيها إنما هذه الحجية تكون مؤقتة تزول إذا ألغى الحكم وثبت إذا ما أصبح باتاً : ( أحمد أبو الوفا - المرافعات - ص 780 وص781)
وقد قضت محكمة النقض بأن الحجية تلحق الحكم من يوم صدوره ولو كان قابلاً للطعن . وهذه الحجية تمنع من رفع دعوى جديدة . وإنما تقف حجية الحكم بمجرد رفع إستئناف عنه حتى يقضي بتأييده فنعود له خجينه أو بإلغائه فتزول عنه . ولا تتقيد المحكمة المرفوع إليها النزاع بحجية حكم طعن فيه بالإستئناف طالما لم يصبح نهائياً قبل أن تصدر حكمها في الدعوى . ( نقض 1968/11/26 ، السنة 19 ص 795).
كما قضت بأن القضاء بإلغاء الحكم المستأنف بزيل الحكم بجميع آثاره وتسقط عنه حجيته . ( نقض 1976/12/28 ، لسنة 18 ص 1943).
وقضت محكمة النقض أيضاً بأن إستئناف الحكم بوقف حجيته مؤقتاً إلى أن يقضي فيه ، ويترتب على هذا الوقف ألا تتقيد محكمة الاستئناف التي رفع إليها استئنافه بهذه الحجية. (نقض 1984/2/6 ، طعن رقم 66 لسنة 50 قضائية).
والحجية تقتصر على منطوق الحكم وما ارتبط به من أسبابه ارتباطاً وثيقاً لا يقوم المنطوق بدونها. (نقض 1984/2/12 ، الطعن رقم 1153، لسنة 50 قضائية، ونقض 9 / 2 / 1984، طعن رقم 66 لسنة 50 قضائية، ونقض 1989/11/2 ، طعن رقم 1506 لسنة 53 قضائية، ونقض 1989/10/16 ، طعن رقم 1600 لسنة 53).
وتكون الحجية لكل ما ورد بالحكم من قضاء صريح أو قضاء ضمنى كان يدفع بعدم جواز إثبات الحق بشهادة الشهود ، فتصدر المحكمة حكماً بإحالة الدعوى إلى التحقيق دون أن تقضى صراحة برفض هذا الدفع ، قضاء الحكم قد يكون صريحاً أو ضمناً في المنطوق أو في الأسباب .( نقض 1984/2/9 طعن رقم 66 لسنة 50 قضائية )، ولا تحوز الحجية إلا الأحكام القطعية أما الأحكام غير القطعية فهي لا تحرز الحجية ، والحكم القطعي هو الذي يحسم النزاع في موضوع الدعوى او في شق منه أو في مسألة متفرع منه سواء تعلقت هذه المسألة بالقانون أو بالوقائع ، ويحوز الحكم القطعي الحجية ، موضوعياً كان أو فرعياً ، صحيحاً كان أو باطلاً او مبنياً على إجراءات باطلة ، ولا تملك المحكمة التي أصدرته العدول عنه ، ولا محل لإعمال المادة 192 الخاصة بالأوامر على العرائض (نقض 1978/11/28 - طعن رقم 177 لسنة 41 قضائية) ومن الممكن إلغاء الحكم الباطل أو المبني على إجراءات باطلة بالطعن فيه أمام المحكمة الأعلى ، ولكن قابليته للطعن لا يؤثر في حجيته ، إذ تلحق الحجية بالحكم من يوم صدوره ولو كان قابلاً للطعن ، وإنما تقف حجية الحكم بمجرد الطعن فيه حتى يقضي بتأييده فتعود له الحجية أو بإلغائه فتزول عنه الحجية ( نقض 1968/11/26 - لسنة 19 ص 795- مشار إليه آنفاً) ، ويتعين ملاحظة أن الحكم الإجرائي تنحصر حجينه في ذات الخصومة الصادر فيها دون غيرها.
(نقض 1984/2/29 ، طعن رقم 244 لسنة 50 قضائية).
ثانياً : وحدة الدعويين السابقة والمطروحة والمدفوع بسبق الفصل فيها من حيث الأشخاص والموضوع والسبب : فينبغي للدفع بالحجية أي بسبق الفصل في الدعوى أن تتطابق مع دعوى سابقة من حيث الخصوم والموضوع والسبب ، إذ مناط حجية الحكم وحده الخصوم والمحل والسبب في الدعويين السابقة والتالية. (نقض 29 / 5 / 1989، طعن رقم 834 لسنة 51 قضائية).(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الثاني ، الصفحة : 1143)