loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

حرص المشروع على ألا يقف بالقاضي عند الدور السلبي تاركاً الدعوى المناضلة أطرافها يوجهونها حسب هواهم ووفق مصالحهم الخاصة فمنحه مزيداً من الإيجابية التي تحقق هيمنته على الدعوى إعتباراً بأن القضاء هو قبل كل شيء وظيفة عامة لا ينبغي أن تجري على مشيئة الأفراد .

وتحقيقاً لذلك عمد المشروع في نصوصه إلى البعد عن الأخذ بالمعايير الجامدة الضيقة واتجه إلى الأخذ بمعايير موضوعية مرنة تتسع المزيد من حرية تقدير القاضی ومن ذلك ما سبقت الاشارة اليه في تنظيم المشروع للبطلان وحالات الحجز التحفظي وحالات النفاذ المعجل كما أن منها ما اتجه إليه المشروع من عدم حصره للحالات التي يجوز فيها للقاضى الأمر بإدخال من لم يختصم فى الدعوى على نحو ما يفعل القانون القائم بل اجاز له ادخال كل من يرى إدخاله لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة (المادة 118 من المشروع) .

ومن جهة أخرى إتجه المشروع في سبيل تحقيق مزيد من هيمنة القاضي على الدعاوى إلى إعطائه السلطة في تسييرها عن طريق حقه في تقدير قبول المستندات بعد الموعد المحدد لها وحقه في عدم تأجيل الدعوى أكثر من مرة لسبب يرجع إلى الخصوم وحقه في تغريم من يتخلف عن تنفيذ قراراته من الخصوم او من العاملين بالمحكمة وحقه في تغريم الأخيرين عند تخلفهم عن القيام بواجباتهم في المواعيد المحددة لها وحقه في تغريم طالب الاعلان الذي يعمد إلى ذکر بیانات غير صحيحة عن موطن خصمه بقصد عدم وصوله الإعلان إليه وحقه في تغريم الخصم الذي يتخذ إجراء أو يبدی طلباً أو دفعاً أو دفاعاً بسوء نية .

هذا وقد أستبعد المشروع الباب السابع من الكتاب الأول من القانون القائم الخاص بإجراءات الاثبات إتجاهاً منه إلى تجميعها ومواد القانون المدني التي نتناول الأحكام الموضوعية للإثبات في تقنين مستقل إتقاء لتبعيض الأحكام التي تتناول الإثبات موضوعا وإجراء .

كما لم يتعرض المشروع للكتاب الرابع من القانون الحالي الخاص بالإجراءات في مسائل الأحوال الشخصية تقديراً منه لارتباط هذه الإجراءات بالقانون المنظم للاحکام الموضوعية لتلك المسائل على أن يترك الأمر بعد الانتهاء من هذا القانون للفكرتين اللتين تنازعان مكان المواد الاجرائية بين الإبقاء عليها في قانون المرافعات أو تضمينها القانون المنظم للأحكام الموضوعية .

ومن جهة أخرى أستبعد المشروع الباب الثالث عشر من الكتاب الأول من القانون القائم الخاص باعتراض الخارج عن الخصومة على الحكم الصادر فيها إذ أن هذا النظام يعمل به وفقاً لحكم المادة 450 من القانون الحالي في حالتين أولاهما حالة من يعتبر الحكم الصادر في الدعوى حجة عليه ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها إذا أثبت غش من كان يمثله أو تواطؤه أو إهمال الجسيم وقد رای المشروع جعل هذه الحالة من حالات التماس إعادة النظر تقديراً منه بانها تظلم من شخص معتبر ممثلاً في الخصومة وإن لم يكن خصماً ظاهراً فيها فيكون التظلم من الحكم أقرب الى الالتماس في هذه الحالة منه إلى الاعتراض (مادة 241 من المشروع) أما الحالة الثانية فخاصة بالدائنين والمدينين المتضامنين أو في إلتزام غير قابل للتجزئة اذا صدر حكم على دائن او مدين آخر منهم فتغني عنها القواعد العامة وحكم القانون المدني في المادة 296 منه الذي يقضي بأن التضامن يقوم فيما يفيد وليس فيما يضر .

واخيراً فقد أسقط المشروع الباب الثالث من الكتاب الثالث من القانون القائم الخاص بالتنصل من أعمال الوكيل بالخصومة حتى يخضع التوكيل بالخصومة لحكم القواعد العامة شأنه في ذلك شأن كل إخلال بتعاقد من حيث البطلان والتعويضات عن الضرر الذي لحق الموكل من تصرفات الوكيل خاصة وأن تنظيم القانون القائم للتنصل قد نقل عن القانون الفرنسي وهو محل نقد هناك رغم ما يبرر الأخذ به عندهم من وجود نظام وكلاء الدعاوى الذي لا يعرفه القانون المصرى .

وإذا كان ما سلف يمثل الإطار العام للمشروع ففيما يلي تفصيل أهم الأحكام التي إستحدثها .

عدل المشروع في المادة 118 منه من أحكام المادة 144 المقابلة لها في التشريع القائم بأن إستبدل بالحالات التي عددتها قاعدة عامة تقضي بمنح المحكمة سلطة إدخال من ترى إدخالها في الدعوى لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة وذلك تمشيا مع ما يجب أن يكون للقاضي من دور إيجابي في تسيير الدعوى وإذا كانت الحالات التي تعددها المادة 144 من القانون القائم أمثلة بارزة للحالات التي ترى المحكمة إدخال خصوم في الدعوى فيها فلا شك أن هناك حالات أخرى قد ترى فيها ذلك كإختصام من كان مسئولاً عن الحق او جزء منه لاحد الخصوم ومن أمثلته إدخال شركة التأمين المسؤولة عن الحق المدعى به وذلك تحقيقاً لحسن سير العدالة وتفادياً للاثر النسبي لحجية الأحکام .

تقرير اللجنة التشريعية

كان مشروع الحكومة يجعل الإدخال بصحيفة يعلنها المكلف بالإدخال إلى المدخل في الدعوى، غير أن اللجنة التشريعية عدلت النص بحيث يكون الإدخال بالإجراءات المعتادة في رفع الدعوى فأصبح يكفي فيه مجرد إيداع صحيفة الإدخال قلم الكتاب. 

الأحكام

1- من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها كما يجوز لكل من الخصوم والنيابة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الخصوم الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن، وكان مفاد المادة 218 من قانون المرافعات يدل - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الشارع أرسى القاعدة العامة في نسبية الأثر المترتب على رفع الطعن بأن لا يفيد منه إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه ثم بين الحالات المستثناة منها وهي تلك التي يفيد فيها الخصم من الطعن المرفوع من غيره في الأحكام التي تصدر في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، وقد استهدف الشارع من ذلك استقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة بما يؤدي إلى صعوبة تنفيذ تلك الأحكام بل واستحالته في بعض الأحيان وهو ما قد يحدث إذا لم يكن الحكم في الطعن نافذا في مواجهة جميع الخصوم في الحالات السالفة التي لا تحتمل الفصل فيها إلا حلا واحدا بعينه، وتحقيقا لهذا الهدف أجاز الشارع للمحكوم عليه أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن بالنقض أو الاستئناف المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضما إليه في طلباته حتى ولو كان قد فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم فإن قعد عن ذلك وجب على المحكمة أن تأمر الطاعن باختصامه في الطعن، كما أوجب على محكمة الاستئناف - دون محكمة النقض - لما نصت عليه المادة 253 من قانون المرافعات من حكم مغاير - أن تأمر باختصام جميع المحكوم لهم ولو بعد فوات الميعاد وهو ما يتفق مع اتجاه الشارع إلى الإقلال من دواعي البطلان بتغليبه موجبات صحة إجراءات الطعن واكتمالها على أسباب بطلانها أو قصورها، اعتبارا بأن الغاية من الإجراءات هي وضعها في خدمة الحق ويساير أيضا اتجاهه في قانون المرافعات الحالي - وهو ما يبين من مذكرته الإيضاحية إلى عدم الوقوف بالقاضي عند الدور السلبي تاركا الدعوى لمناضلة أطرافها يوجهونها حسب هواهم ووفق مصالحهم الخاصة فمنحه مزيدا من الإيجابية التي تحقق هيمنته على الدعوى، فأجازت المادة 118 للقاضي إدخال من يرى إدخاله لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة وأوجبت الفقرة الثانية من المادة 218 اختصام باقي المحكوم عليهم أو باقي المحكوم لهم فإذا تم ذلك استقام شكل الطعن واكتملت له موجبات قبوله بما لازمه سريان أثر الطعن في حق جميع الخصوم ومنهم من تم اختصامهم فيه بعد رفعه، أما إذا امتنع الطاعن عن تنفيذ ما أمرت به المحكمة فلا يكون الطعن قد اكتملت له مقوماته ويجب على المحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تقضي بعدم قبوله وإذا كانت القاعدة التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة 218 من قانون المرافعات إنما تشير إلي قصد الشارع تنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه - على ما سلف بيانه - التزاما بمقتضيات الصالح العام وتحقيقا للغاية التي هدف إليها وهي توحيد القضاء في الخصومة الواحدة فإن هذه القاعدة تعتبر من القواعد الإجرائية الآمرة المتعلقة بالنظام العام بما لا يجوز مخالفتها أو الإعراض عن تطبيقها وتلتزم المحكمة بإعمالها .

( الطعن رقم 8809 لسنة 91 ق - جلسة 16 / 1 / 2023 )

2- ( تحقيقاً لاستقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام فى الخصومة الواحدة ) أجاز الشارع للمحكوم عليه (فى موضوع غير قابل للتجزئة أو فى التزام بالتضامن أو فى دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين) أن يطعن فى الحكم أثناء نظر الطعن - بالنقض أو بالاستئناف - المرفوع فى الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه فى طلباته حتى ولو كان قد فوَّت ميعاد الطعن أو قبل الحكم ، فإن قعد عن ذلك وجب على المحكمة أن تأمر الطاعن باختصامه فى الطعن . كما أوجب على محكمة الاستئناف – دون محكمة النقض لما نصت عليه المادة 253 من قانون المرافعات الواردة فى الفصل الرابع الخاص بالطعن بالنقض عن حكم مغاير- أن تأمر باختصام جميع الخصوم المحكوم لهم ولو بعد فوات الميعاد وهو ما يتفق مع اتجاه الشارع إلى الإقلال من دواعى البطلان بتغليب موجبات صحة إجراءات الطعن واكتمالها على أسباب بطلانها أو قصورها ، اعتباراً بأن الغاية من الإجراءات هو وضعها فى خدمة الحق ، ويساير أيضاً اتجاهه فى قانون المرافعات الحالى – وعلى ما يبين من مذكرته الإيضاحية – إلى عدم الوقوف بالقاضى عند الدور السلبى ، تاركاً الدعوى لمناضلة أطرافها يوجهونها حسب هواهم ووفق مصالحهم الخاصة ، فمنحه مزيداً من الإيجابية التى تحقق هيمنته على الدعوى ، بعضها أورده على سبيل الجواز ، كما هو الشأن فى إطلاق الحالات التى يجوز فيها للقاضى الأمر بإدخال من لم يختصم فى الدعوى، على خلاف القانون الملغى الذى كان يحصرها – فأجاز للقاضى فى المادة 118 إدخال كل من يرى إدخاله ، كما هو الشأن فى المادة 218 سالفة البيان، فإذا ما تم اختصام باقى المحكوم عليهم أو باقى المحكوم لهم استقام شكل الطعن واكتملت له موجبات قبوله بما لازمه سريان أثر الطعن فى حق جميع الخصوم ومنهم من تم اختصامهم فيه بعد رفعه ، أما إذا امتنع الطاعن عن تنفيذ ما أمرته المحكمة فلا يكون الطعن قد اكتملت له مقوماته ويجب على المحكمة – ولو من تلقاء نفسها – أن تقضى بعدم قبوله . وإذا كانت القاعدة القانونية التى تضمنتها الفقرة الثانية من المادة 218 من قانون المرافعات إنما تشير إلى قصد الشارع تنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه – على ما سلف بيانه – التزاماً بمقتضيات الصالح العام وتحقيقاً للغاية التى يهدف إليها وهى توحيد القضاء فى الخصومة الواحدة، فإن هذه القاعدة تعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام بما لا يجوز مخالفتها أو الإعراض عن تطبيقها وتلتزم المحكمة بإعمالها .

( الطعن رقم 18550 لسنة 85 ق - جلسة 21 / 2 / 2022 ) 
 

3 ـ تحقيقاً لهدف استقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام فى الخصومة الواحدة فى الدعاوى المبتدأ والإقلال من تناقض الأحكام كما فى الحالات التى لا يحتمل الفصل فيها إلا حلاً واحداً عدل المشرع بنص المادة 118 من قانون المرافعاتأحكام المادة 144 المقابلة لها فى التشريع القديم بأن إستبدال بالحالات التى عددتها قاعدة عامة تقضى بمنح محكمة أول درجه سلطة إدخال من ترى إدخاله فى الدعوى لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة وذلك تمشياً مع ما يجب ان يكون للقاضى من دور إيجابى فى تسيير الدعوى تحقيقا لحسن سير العدالة وتفادياً للأثر النسبى لحجية الأحكام مما مؤداه أنه إذا تبينت المحكمة من أوراق الدعوى أن الفصل فيها لا يحتمل إلا حلاً واحداً ووجوب إدخال آخرين فى الدعوى يربطهم بأحد الخصوم حق أو التزام لا يقبل التجزئة وجب على المحكمة استعمال سلطتها المبينة فى تلك المادة بأن تأمر الطرف الذى تقدر أن الإدخال فى صالحة بالقيام بإجراءات الإدخال، وإذا لم يقم بذلك أوقعت عليه الجزاءات المقررة لعدم تنفيذ قرارات المحكمة توصلاً لحل النزاع بحكم واحد فى الخصومة المطروحة أمامها، كما يكون لها إن كان هذا الخصم هو المدعى أن تقضى بعدم قبول دعواه وهو ما يتفق مع الاتجاه المشرع إلى الإقلال من حالات تعدد الأحكام وتعارضها فى الحالات التى لا يحتمل الفصل فيها إلا حلاً واحداً اعتباراً بأن الغاية من الأحكام هو إظهار الحقيقة واستقرار الحقوق بمنع تعارضها فى النزاع الواحد .

(الطعن رقم 1685 لسنة 60 جلسة 1996/06/11 س 47 ع 2 ص 933 ق 176 )

شرح خبراء القاون

إختصام الغير :

وهذا الإختصام يمكن أن يكون بناء على طلب أحد أطراف الخصومة أو تأمر به المحكمة دون طلب.

(ب) إدخال الغير بأمر المحكمة :

يكون هذا الإدخال لا بناء على إرادة أحد طرفي الخصوم وإنما ، رغماً عن إرادتيهما ، بأمر من المحكمة ، وقد كان الفقه التقليدي لا يتصور إمكان هذا الإدخال ، وذلك على أساس أن الإدخال هو طلب عارض في الخصومة ، ولا يجوز أن يقدم من القاضي . وعلى أساس أن إلزام أطراف الخصومة بإدخال الغير فيها يخالف مبدأ حرية الأطراف في تسييرها.

على أن القانون المصري ، أخذا بالاتجاه الفقهي الحديث ، يأخذ بهذا النظام كقاعدة عامة . فتنص المادة 118 مرافعات على أن «للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بإدخال من ترى إدخاله لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة». وهو ما يتمشى - كما تقول المذكرة الايضاحية - «مع ما يجب أن يكون للقاضي من دور إيجابي في تسيير الدعوى» . فالإدخال بأمر المحكمة في القانون المصري يكون لتحقيق أحد هدفين :

(أ) إظهار الحقيقة : ويقصد به الوصول إلى الحقيقة في القضية المعروضة ، كما لو أدخل الغير لإلزامه بتقديم ورقة تحت يده ، أو أدخل لأجل مساعدة أحد الأطراف في الدعوى إذا وجده القاضي في حاجة إليها حتى تظهر الحقيقة.

ب) مصلحة العدالة : وهذا الهدف يخول المحكمة سلطة الأمر بإدخال الغير الذي له أن يتدخل إختصاماً ، كما لو أدخل من يظهر من سير الدعوى أنه صاحب الحق المدعى به بين الأطراف ، أو الغير الذي له أن يتدخل إنضماماً لأحد الخصوم كاختصام دائن المدين إذا كانت الدعوى بين المدين والغير ، أو الغير الذي له أن يتدخل تدخلاً إنضمامياً مستقلاً وهو ما يحدث في حالة إدخال من كان يجوز إختصامه عند رفع الدعوى أي في حالة التعدد الإختياري . وهو ما يسمح للقاضي بأن يأمر بإدخال من كان مختصماً في الدعوى في مرحلة سابقة مثلاً قبل الحكم ببطلان صحيفتها وتجديدها ، أو من تربطه بأحد الخصوم رابطة تضامن أو حق أو إلتزام لا يقبل التجزئة ، أو من يوجب القانون إختصامه في الدعوى ولم يختصم فيها، أو إختصام الوارث مع المدعى أو المدعى عليه أو الشريك على الشيوع لأي منهما إذا كانت الدعوى متعلقة بالتركة قبل قسمتها أو بعد قسمتها أو كانت الدعوى  متعلقة بالشيوع (أنظر هذه الأمثلة في المادة 144 مرافعات ملغي).

وفي الحدود التي يجيز القانون فيها إدخال الغير بأمر المحكمة ، تبقى المسألة تقديرية لها . ويقدر القاضي ليس فقط مصلحة الخصم في إدخال الغير أو مصلحة الغير ، وإنما أيضاً إحتمال تعارض الأحكام في القضايا ذات العناصر المشتركة ، أو ما قد يقدمه الغير لحسن الفصل في القضية .

وإذا قدرت المحكمة وجوب إدخال شخص من الغير ، فإنها تأمر أحد أطراف الخصومة باختصامه (118 مرافعات) . وهي تأمر الطرف الذي ترى أن إدخال الغير في صالحه. وأساس هذا - في تفكير المشرع المصري - أن إخال شخص في الدعوى یعنی إختصامه ، فيجب أن يوجه من أحد الخصوم وليس من القاضي . وهذا الإتجاه التشریعی محل نظر ، فهو متأثر بتيار الفقه التقليدي الذي سبق بيانه والذي تجاوزه التشريع الحديث . ومن ناحية أخرى، فإنه لا يتفق مع مسلك القانون المصري حيث يجوز الإدخال بأمر القاضي في حالات لا يمكن فيها الإختصام بناء على طلب الخصوم ، إذ عندئذ لا يمكن أن يعتبر قيام الخصم بإدخال الغير إختصاماً له ، إذ قد لا يكون هناك أي نزاع بين مصلحتيهما . ولهذا فإننا كنا نفضل أن تتخذ المحكمة مباشرة قراراً بإدخال الشخص الثالث ، ويعلن قلم الكتاب هذا القرار إلى هذا الشخص و إلى أطراف الخصومة .

وإذا أدخل الغير في الخصومة ، فهل يعتبر بهذا الإدخال طرفاً فيها أثارت هذه المسألة خلاقة في الفقه الإيطالي . فذهب البعض إلى أن الغير لا يعتبر طرفاً إلا إذا قدم ضده طلب أو قدم منه طلب ، ذلك أن مجرد الإدخال لا يعتبر طلبة . ولهذا فإنه إذا لم يقدم أحد الطرفين ضده طلباً ، ولم يتدخل هو بتقديمه طلباً في الخصومة ، فإنه يبقى من الغير. وذهب البعض الآخر، على العكس إلى أن الغير لمجرد إدخاله يعتبر طرفاً ولو لم يوجه إليه أي طلب ، فلا يوجد في الخصومة أشخاص ليسوا أطرافاً فيها . ونعتقد أنه مادام من المسلم - كما قدمنا - أنه ليس كل من يكون ماثلاً في الخصومة يعتبر طرفة ، فان مجرد إدخال الغير بأمر من القاضي لا يجعله طرفاً في الخصومة . ولكنه يكون كذلك في حالة ما إذا كان الغير ممن يجوز إختصامه عند رفع الدعوى . أما في غيرها من الأحوال ، فإن إعتباره طرفاً لا يترتب على مجرد إدخاله بل على ما يتضمنه الإدخال من طلب أو ما يقدمه هو من طلب بالحماية أو بالإنضمام إلى طلبات أحد الأطراف . ومن ناحية أخرى، فإن إعتبار الغير طرفاً في الخصومة ، لا يعني بالضرورة أنه طرف في الرابطة القانونية الموضوعية محل الخصومة ، إذ يتضح الأمر من مركزه في الخصومة وما قد يقدمه من طلبات فيها أو يقدم ضده من طلبات . فإذا كان قد أقتصر على الانضمام إلى أحد الخصوم فإنه لا يكون طرفاً في الرابطة القانونية شأنه شأن المتدخل إنضماماً . أما إذا كان في مركز المتدخل اختصاما أو مرکز المتدخل الإنضمامي المستقل فإنه يكون طرفاً أيضاً في الرابطة القانونية 

إجراءات إختصام الغير:

سواء كان الادخال بناء على طلب الخصم أو بأمر المحكمة ، فإنه يتم «بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى» (117 و 118/2 مرافعات) (أي بإيداع صحيفة دعوى قلم كتاب المحكمة ثم إعلانها للغير). فلا يكفي لادخال الغير مجرد اعلانه بالطلب الأصلى . وإذا كان الإدخال بناء على طلب خصم ، فعليه أن يراعى في تكليفه الغير بالحضور المواعيد العادية للحضور والتي تنص عليها المادتان 66 و 117 مرافعات (1) أما إذا كان الادخال بأمر المحكمة، - فإنها تحدد ميعادا للحضور لا يتجاوز ثلاثة أسابيع ( 118/2 مرافعات) .

على أنه إذا تم إدخال الغير بإجراءات باطلة ، فحضر الغير وتمسك في مواجهة طرفي الخصومة بطلب الحكم في الدعوى على نحو معين ، وتوافرت فيه شروط التدخل الإختياري (هجومياً أو إنضمامياً) فإنه يصبح متدخلاً ويعتبر طرفاً في الخصومة . إذ يتحول الإدخال الباطل إلى تدخل صحيح إعمالاً لنص المادة 24/ 1 مرافعات.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الأول ،  الصفحة : 722)

سلطة المحكمة في إدخال خصوم في الدعوى:

عني المشرع بحسم النزاع من كافة جوانبه بدعوى واحدة بدلاً من تعدد الدعاوى فأجاز للخصوم إدخال من كان يصح إختصامه عند رفعها خصماً في الدعوى حتى لا يضطر الخصم إلى رفع دعوى جديدة على من لم يختصم لاستصدار حكم جديد يحتج به عليه طالما أن حجية الحكم السابق قاصرة على أطرافه ، ثم جعل من المحكمة رقيباً على الخصوم في ذلك، فقد يستبعد المدعى خصماً كان يصح إختصامه تفادياً لمواجهته حتى يتمكن من إستصدار حكم بكل طلباته ويكون المحكوم عليه وشأنه في الرجوع على هذا الخصم، وهو ما ينطوي على غش من جانب المدعي وتقصير من جانب المدعى عليه الذي أغفل إدخال المسئول عنه أو معه، وقد يتوافر الغش أيضا في جانب المدعي إضراراً بالخصم الذي كان يصح إختصامه عند رفع الدعوى ، وقد يتحقق بذلك التواطؤ بين المدعي والمدعى عليه خاصة إذا كان القصد من الدعوى هو تقرير مبدأ المسئولية أو الحصول على حكم بكل التعويض ليرجع المدعى بعد ذلك على المسئول عن أو مع المدعى عليه وهو الخصم الذي لم يختصم والذي بحاج بالرغم من عدم إختصامه ، مثال ذلك أن يصدر حكم نهائي لصالح المضرور ضد المؤمن له في الدعوى المدنية المرفوعة تبعاً للدعوى الجنائية دون أن تختصم الشركة المؤمنة فيها، وحينئذ يحتج على الشركة بهذا الحكم وينفذ عليها لأن التزامها بتغطية مبلغ التعويض مصدرة المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 وليس المادة (101) من قانون الإثبات المتعلقة بحجية الأحكام. (راجع: بند «لا يلزم إدخال المؤمن ليحاج بالحكم» بالمادة (117) فيما تقدم) وكان المضرور لا يجوز له إدخال شركة التأمين خصماً في الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية عملاً بالمادة (253) من قانون الإجراءات الجنائية إلا أن المشرع أجاز هذا الإدخال بموجب فقرة مستحدثة أضافها لتلك المادة نصها «ولا يجوز أمام المحاكم الجنائية أن ترفع دعوى الضمان ولا أن يدخل في الدعوى غير المدعى عليهم بالحقوق المدنية والمسئول عن الحقوق المدنية والمؤمن لديه) وبذلك أصبح للمضرور الحق في إدخال شركة التأمين في الدعوى أمام المحاكم الجنائية، فإن لم يدخلها فتحاج بالحكم الصادر فيها بالرغم من عدم إختصامها، وقد يرجع المضرور بدعواه أمام المحكمة المدنية، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة السابقة.

ورغبة من المشرع في تفادي كافة الآثار المترتبة على عدم إدخال من كان يصح إختصامه في الدعوى عند رفعها، فقد منح المحكمة سلطة إدخال من ترى إدخاله في الدعوى لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة وجعل بذلك للقاضي دوراً إيجابياً في تسيير الدعوى.

ومن ثم يكون للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بإدخال من ترى إدخاله لمصلحة العدالة كما في المثال المتقدم إذ تضار شركة التأمين من قيام الدعوى أو من الحكم فيها إذا بدت للمحكمة دلائل جدية على التواطؤ أو الغش أو التقصير من جان الخصوم. ولها أيضا إدخال من كان مختصماً في الدعوى في مرحلة سابقة ، فقد ترفع على شخصين ثم يقضي فيها باعتبارها كأن لم تكن أو ببطلان صحيفة الدعوى أو ببطلان الحكم لبطلان في صحيفة الدعوى، فيرفع المدعي الدعوى من جديد ويختصم فيها واحداً فقط من خصميه في الدعوى في مرحلتها السابقة. ولها إدخال من تربطه بأحد الخصوم رابطة تضامن أو حق أو إلتزام لا يقبل التجزئة، كذلك إدخال الوارث مع المدعي أو المدعى عليه أو الشريك في الشيوع لأي منهما إذا كانت الدعوى متعلقة بالتركة قبل قسمتها أو بعدها أو بالشيوع، وإدخال من كان مسئولاً عن الحق أو جزء منه لأحد الخصوم، وذلك كله تحقيقاً لحسن سير العدالة وتفاديا للأثر النسبي لحجية الأحكام، ويكون الإدخال في هذه الحالات انضماميا ومن ثم يقوم بإجراءاته الخصم الذي يتفق مركزه مع مركز الخصم المدخل.

وقد يكون الإدخال اختصامياً ، مثال ذلك أن يرفع المدعي دعواه ضد المدعى عليه طالباً الحكم بثبوت ملكيته لعقار معين، وترى المحكمة من الوقائع والمستندات أن الملكية ثابتة لشخص آخر غير مختصم في الدعوى، وترى المحكمة إدخاله لمصلحة العدالة، ولما كان إدخاله يؤدي إلى رفض الدعوى، فإنها تكلف المدعى عليه بإدخاله، فإن لم ينفد قرارها كان لها توقيع الجزاء المقرر بالمادة (99). (ويرى أبو الوفا في التعليق أن الإدخال في هذه الحالة يكون بواسطة قلم الكتاب بناء على تكليف من المحكمة فيقوم قلم الكتاب بإخطار الغير بالدعوى وبالجلسة المحددة لنظرها) ولا تتسع الفقرة الثانية من المادة (118) لهذا الرأي ومع ذلك يجري العمل في بعض المحاكم عليه ، وهي مسألة تنظيمية لا يترتب البطلان على مخالفتها اكتفاء بتحقيق الغاية بشرط أن يستوفي الإدخال الشكل الذي تطلبه القانون وذلك بصحيفة تودع قلم الكتاب.

وإذا رأت المحكمة وجود دليل لدى الغير يفيد. في إظهار الحقيقة، فإنها تقرر إدخاله خصماً في الدعوى وتكلف من يشهد له هذا الدليل باتخاذ إجراءات الإدخال ، مثال ذلك أن يبين من الوقائع أو المستندات وجود محرر لدى الغير يفيد في إظهار الحقيقة فتأمر من يشهد له هذا المحرر بإدخاله لتقديمه ولا تتقيد المحكمة في ذلك بالشروط التي يخضع لها الخصوم عند إبداء طلب إدخال خصم لتقديم مستند تحت يده ، كذلك إذا رفعت دعوى إخلاء لعدم سداد الأجرة وقدم المستأجر مستندات تفيد سداد الأجرة للمالك السابق قبل نفاذ حوالة عقد الإيجار في حقه، فتأمر بإدخال المالك السابق إظهاراً لحقيقة هذا الوفاء وتكلف المستأجر بإدخاله. والخصم الذي تأمر المحكمة بإدخاله في هذه الحالة لا يعتبر خصماً حقيقياً وتنقطع صلته بالدعوى فور تنفيذه قرار المحكمة، ولذلك لا يجوز له الطعن في الحكم أو اختصامه في الطعن الذي يرفع عنه لكن إذا واجه الخصوم في الدعوى بإبداء طلبات أو دفوع أو أوجه دفاع أصبح بذلك خصماً حقيقياً وقد مثل في الدعوى بالطريق المعتاد لرفعها، وتلتزم المحكمة بالتصدي للطلبات التي يوجهها لخصومه أو التي توجه إليه ويكون الحكم حجة له أو عليه ويجوز له الطعن فيه ويختصم في الطعن الذي يرفع عنه.

وإذا رأت المحكمة الاستئنافية إدخال خصم في الإستئناف ، فإنها تلتزم مبدأ التقاضي على درجتين، بحيث إذا كان من شأن الإدخال تفويت درجة أمتنعت عن الأمر بالإدخال كما في حالات الإدخال لمصلحة العدالة أما إذا انتفى ذلك كما في الإدخال لإظهار الحقيقة أمرت به على ألا يتعدى الإدخال هذا الغرض، بحيث إذا أبدى الخصم المدخل طلباً أو وجه إليه طلب تعيين عدم قبوله باعتباره طلباً جديداً وهو ما لا يقبل في الإستئناف. (انظر المادتين 218 ، 236 فيما يلي)

ومتى أمرت المحكمة بإدخال خصم، عينت ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أسابيع الحضوره وكلفت المدعى أو المدعى عليه بإدخاله ويتم ذلك بصحيفة تودع قلم الكتاب من أصلين وصورة أو بعدد من الصور بقدر عدد المدخلين وتقيد بالجدول ، فإذا تبين للمحكمة أن الإدخال تم بورقة قدمت مباشرة لقلم المحضرين وأعلنت أو بإخطار وجهه قلم الكتاب بالبريد، أجلت الدعوى لإتمام الإدخال بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، وإذا بطل الإدخال بسبب إتمامه بالمخالفة لتلك الإجراءات، بطل كل إجراء إستند إليه سواء كان موضوعياً أو متعلقاً بالإثبات وهو بطلان متعلق بالنظام العام لاتصاله بإجراءات التقاضي. ويستثنى من ذلك إدخال صاحب الصفة إذ يتم بإعلانه على نحو ما أوضحناه بالمادة (115).

وميعاد الثلاثة أسابيع تنظيمي لا يترتب البطلان على مخالفته، ولم يشترط القانون میعاد مسافة عندما يكون الإدخال بأمر المحكمة.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء : الثالث ، الصفحة : 184)

نظراً لما أوردته المذكرة الإيضاحية للقانون الجديد من أن الحالات التي عددتها المادة 144 من القانون القديم هي أمثلة بارزة للحالات التي تري فيها المحكمة إدخال خصوم في الدعوى فيها لذلك نرى التعليق بإيجاز على تلك الحالات :

1- الحالة الأولي من كان مختصماً في الدعوى في مرحلة سابقة والمقصود بها من كان مختصماً في مرحلة سابقة في نفس درجة التقاضي كمن كان مختصماً في دعوى وحكم فيها بعدم الإختصاص أو ببطلان صحيفة الدعوى أو بسقوط الخصومة أو باعتبارها كأن لم يكن ثم جددها المدعي دون أن يختصم فيها بعض من كانوا مختصمين فيها قبل أن يحكم فيها فليس المقصود أن تأمر المحكمة بإختصام شخص أمام محكمة الدرجة الثانية لأنه كان مختصما أمام محكمة الدرجة الأولى فربما أصبح حكم محكمة الدرجة الأولي بالنسبة له إنتهائي فلا يجوز لمحكمة الدرجة الثانية أن تأمر بإختصامه أمامها فتخل بحجية الحكم بالنسبة له وذلك مع مراعاة حكم المادة 218 مرافعات فيرجع إليها.

2 - الحالة الثانية من تربطه بأحد الخصوم رابطة تضامن أو حق أو التزام لا يقبل التجزئة كما لو رفع دائن دعوى على أحد مدينيه المتضامنين أو الملتزمين بالتزام غير قابل للتجزئة دون أن يختصم الآخر فيها فللمحكمة أن تأمر باختصام المدين الآخر.

3- الحالة الثالثة الوارث مع المدعي أو المدعى عليه أو الشريك علي الشيوع لأي منهما إذا كانت الدعوى متعلقة بالتركة قبل قسمتها أو بعد قسمتها أو كانت الدعوى متعلقة بالشيوع كما لو رفع أحد الورثة دعوى متعلقة بالتركة على من تقابل مع المورث فللمحكمة أن تأمر بإدخال باقي الورثة والغرض من منح المحكمة سلطة الإختصام في الحالتين الثانية والثالثة منع تعارض الأحكام في موضوع واحد.

4 - الحالة الرابعة من قد يضار من قيام الدعوى أو من الحكم فيها إذا بدت للمحكمة دلائل جدية على التواطؤ أو الغش أو التقصير من جانب الخصوم وسلطة المحكمة في الأمر بالإختصام في هذه الحالة مشروطة بشرطين أوله أن يكون الغير الذي تأمر المحكمة باختصامه ممن يضار من قيام الدعوى أو الحكم فيها وليس المقصود بالضرر هنا الضرر الناشئ عن الاحتجاج بالحكم على من لم يكن خصماً في الدعوى التي صدر فيها فحسب وإنما المقصود أيضاً الضرر الفعلي الذي يصيب من لم يكن خصماً في الدعوى بالرغم من أن الحكم لا يعتبر حجة عليه كالضرر الذي يصيب المالك الحقيقي للمنقول من صدور حكم في دعوى بملكية هذا المنقول بين شخصين إذا لم يختصم فيها المالك الحقيقي فإن الحكم ولو أنه لا يحتج به علي المالك الحقيقي إلا أن تنفيذه بتسليم المنقول للمحكوم له قد يضر المالك الحقيقي ضرراً فعلياً فقد يتصرف المحكوم له في العين لشخص حسن النية ويسلمها له فيمتنع على المالك الحقيقي أن يسترد العين من حائزها بحسن نية كما لا يجديه الرجوع على من تصرف فيها إذا كان معسراً وثانيهما أن تتبين المحكمة مما يقدم في الدعوى وجود دلائل جدية علي أن هناك تواطؤ أو غش أو تقصير من جانب الخصوم قد يترتب عليه ضرر بالغير إذا ظل خارج عن الخصومة.

وإذا كلفت المحكمة أحد الخصوم الأصليين بإدخال خصم جديد كان عليه أن يقوم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى وذلك بتقديم صحيفتها لقلم الكتاب فإذا تكاسل عما أمرت به المحكمة وهو الإدخال عرض نفسه للجزاءات المنصوص عليها في المادة 99 مرافعات.

وتملك المحكمة العدول عن قرارها بالإدخال إذا ثبت لها بعدئذ عدم جدوى ما أمرت به ، ولا يعتبر المتدخل طرفاً في الخصومة إلا إذا قدم فيها طلباً أو تقدم أحد الخصوم ضده بطلب أو كان مما يجوز للخصم إختصامه عند رفع الدعوى.

(راجع فيما تقدم الوسيط في المرافعات للدكتور رمزي سیف الطبعة الثامنة ص 359 وما بعدها والتعليق للدكتور أبو الوفا الطبعة الخامسة ص 548 وما بعدها والدكتور فتحي والي في قانون القضاء المدني طبعة سنة 1993 ص 336 ).

يجب على المحكمة أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا كانت قد كلفت المدعي بإدخال خصوم جدد في الدعوى ولم يقم بتنفيذ القرار وكان الفصل في الدعوى لا يحتمل إلا حلاً واحداً :

في حالة ما إذا تبين للمحكمة أن الفصل في الدعوى لا يحتمل إلا حلاً واحداً ووجوب إدخال آخرين في الدعوى يربطهم بأحد الخصوم حق أو التزام لا يقبل التجزئة وجب علي المحكمة إستعمال سلطتها المقررة في المادة 118 مرافعات بأن تأمر الطرف الذي تقدر أن الإدخال في صالحه القيام بإجراءات الإدخال وإذا لم يقم بذلك أوقعت عليه الجزاءات المقررة لعدم تنفيذ قرارات المحكمة كما يكون لها إذا كان هذا الخصم هو المدعي أن تقضي بعدم قبول دعواه . مثال ذلك الدعوى بإخلاء العين لتأجيرها من الباطن أو التنازل عن عقد الإيجار أو ترك العين نهائياً لأخر فإنه في هذه الحالة يجب إدخال المستأجر الأصلي لأن العقد يفسخ بالنسبة له عملاً بالقاعدة القانونية بأن العقد لا يفسخ إلا علي عاقديه فإذا إختصم المدعي المستأجر من الباطن أو المتنازل له عن عقد الإيجار وكلفته المحكمة بإختصام المستأجر الأصلي فلم يفعل كان على المحكمة أن تقضي بعدم قبول الدعوى لأن الدعوى لا تحتمل إلا حلاً واحداً.(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية ،  الجزء الثالث ،  الصفحة : 261)

إختصام الغير بأمر المحكمة :

يمثل إختصام الغير بناء على أمر المحكمة مظهراً من مظاهر إيجابية القاضي في أداء العدالة، وهو نتاج تطور في التشريع والفكر الإجرائي من دور سلبي القاضي في تسيير الخصومة المدنية إلى دور إيجابي له، وسوف نوضح الآن حالات اختصام الغير بأمر المحكمة، وإجراءاته وآثاره.

حالات إختصام الغير بأمر المحكمة :

عددت المادة 144 من قانون المرافعات المصري السابق  سالفة الذكر  حالات الإختصام بأمر المحكمة، وقد اقترح البعض في الفقه أن يعدل المشرع عن حصر الحالات التي يجوز فيها للمحكمة أن تأمر بإدخال الغير، وإطلاق النص بحيث يجيز المشرع للمحكمة إدخال من ترى إدخاله في الدعوى تاركاً ذلك لتقديرها (عبد الباسط جمیعی  مبادئ المرافعات  ص 479)، وقد استجاب المشرع إلى هذا الاقتراح فقرر في المادة 118 من قانون المرافعات الحالي التي مضت الإشارة إليها أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بإدخال من ترى إدخاله لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة وحرص على أن يقرر أن ذلك جائز للمحكمة ولو من تلقاء نفسها.

أما المشرع الفرنسي فقد قرر صراحة في المادة 332 من قانون المرافعات الجديد، أن للقاضي إدخال الغير ذى المصلحة والذي يكون وجوده ضرورياً لحل النزاع وله أن يدخل كل من تتأثر حقوقه أو إلتزاماته بالحكم الذي سوف يصدره، فحالات الإختصام بأمر المحكمة وفقاً لهذا القانون تخضع لتقدير المحكمة، ولم يحصرها المشرع الفرنسي شأنه في ذلك شأن المشرع المصري في القانون الحالي، وسوف نلقي الضوء الآن على حالات الاختضام التي عددها المشرع في المادة 144 من القانون السابق، وعلى المادة 118 من القانون الحالي والتي أطلقت سلطة المحكمة في الإختصام كلما كان ذلك ضرورياً لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة دون تقييد هذه السلطة بحالات محددة وذلك فيما يلي:

أولاً : حالات اختصام الغير بأمر المحكمة في القانون السابق:

وفقاً للمادة 144 من هذا القانون فإن حالات الإختصام بأمر المحكمة هي:

 الحالة الأولى : من كان مختصماً في الدعوى في مرحلة سابقة:

وصورة هذه الحالة أن يرفع المدعي دعواه على عدة أشخاص ثم تنقضي الخصومة دون الحكم في موضوعها كان يقضي فيها بعدم إختصام المحكمة بنظرها أو ببطلان صحيفتها أو باعتبارها كأن لم تكن ثم يغمد المدعى إلى تجديد دعواه مغفلاً إختصام بعض من إختصمهم من قبل، أي لا يختصم فيها بعض من كانوا مختصمين قبل أن يحكم فيها بعدم الاختصاص أو ببطلان صحيفة الدعوى أو باعتبارها كأن لم تكن فإن للمحكمة في هذه الحالة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بإدخال هؤلاء إذ سبق أن كانوا مختصمين في الدعوى في مرحلة سابقة، وينبغى الإمكان إعمال المحكمة حقها في الإدخال في هذه الحالة أن يكون من أمر بإدخاله قد سبق إختصامه في ذات الدعوى في مرحلة سابقة، فلا يكفي أن يكون قد سبق إختصامه بالنسبة للموضوع أو بالنسبة لإجراء تحفظي اتخذ بشأنه ولو كان هذا الإجراء قد اتخذ شكل الدعوى إثبات الحالة أو دعوى الحراسة لأن الدعوى المستعجلة لا تعتبر مرحلة من المراحل التي تمر بها دعوى الموضوع.

(محمد العشماوي وعبد الوهاب العشماوي  ج 2  بند 828 ص 356).

وليس المقصود بهذه الحالة أن تأمر المحكمة باختصام شخص أمام محكمة الدرجة الثانية لأنه كان مختصماً أمام محكمة الدرجة الأولى، فربما أصبح حكم محكمة الدرجة الأولى بالنسبة له إنتهائياً بعدم حصول الإستئناف منه أو عليه، ومن ثم لا يجوز لمحكمة الدرجة الثانية أن تأمر بإختصامه أمامها فتخل بحجية الحكم بالنسبة له.

(المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق فيما يتعلق بالمادة 114 منه، وأيضاً عبد المنعم الشرقاوي  الوجيز  بند 250 ص 321 ، رمزی سيف  الوسيط  الطبعة السابعة  بند 292 ص 327).

الحالة الثانية : من تربطه بأحد الخصوم رابطة تضامن أو حق أو التزام لا يقبل التجزئة : ومثال ذلك أن يرفع بائن دعوى على أحد مدينية المتضامنين أو الملتزمين بإلتزام غير قابل للتجزئة دون أن يختصم الآخر فيها، فإن للمحكمة أن تأمر بإختصام الدين الآخر.

الحالة الثالثة : الوارث مع المدعى أو المدعى عليه، وذلك إذا كانت الدعوى متعلقة بالتركة قبل قسمتها أو بعدها، والشريك على الشيوع للمدعي أو المدعى عليه إذا كانت الدعوی متعلقة بالشيوع القائم بينهما : ومثال ذلك إختصام بقية الورثة في بعيري ترفع ضد أحدهم وتكون ناشئة عن إلتزامات المورث، واختصام بقية الملاك على الشيوع : في دعوى ترفع بطلب تثبيت ملكية على الشيوع من بعضهم أو ضد بعضهم.

الحالة الرابعة : من قد يضار من قيام الدعوى أو من الحكم فيها إذا بدت للمحكمة دلائل جدية على التواطؤ أو الغش أو التقصير من جانب الخصوم : ومن أمثلة الصور التي قد يضار فيها الغير من قیام الدعوى أو الحكم فيها ويجوز معها إدخال هذا الغير في الدعوى، اختصام البائع في دعوى ترفع من المشتري أو ضده باستحقاق العقار المبيع، وإختصام الدين في الدعوى التي يرفعها الدائن مستعملاً حقوق مدينه، وإختصام المدين المحجوز على ماله في الدعوى التي يرفعها الحاجز بالمنازعة في تقرير المحجوز لدين أو إلزامه بدین الحاجز، واختصام الدائن المرتهن في دعوى ترفيع بملكية العقار المرهون أو بشأن حق من الحقوق العينية على هذا العقار، وإختصام الدائن المرتهن لجزء من عقار على الشيوع في دعوى ترفع بطلب قسيمة هذا العقار، واختصام الوديع في دعوى المنازعة في مال مودع، وإختصام المالك أو الحائز في دعوى ترفع بين مؤجر ومستأجر على الإيجار، وغير ذلك من الصور التي لا تحصى .

ومما هو جدير بالملاحظة أن سلطة المحكمة في الأمر بإختصام الغير في هذه الحالة مشروطة بشرطين : الشرط الأول أن يكون الغير الذي تأمر المحكمة بإختصامه ممن قد يضار من قيام الدعوى أو الحكم فيها، وليس المقصود بالضرر هنا الضرر الناشئ عن الإحتجاج بالحكم على من لم يكن خصماً في الدعوى التي صدر فيها فحسب، وإنما المقصود أيضاً الضرر الفعلي الذي قد يصيب من لم يكن خصماً في الدعوى على الرغم من أن الحكم لا يعتبر حجة عليه.

ومثال ذلك الضرر الذي يصيب المالك الحقيقي للمنقول من صدور حكم في دعوى بملكية هذا المنقول بين شخصين إذا لم يختصم فيها المالك الحقيقي، فعلى الرغم من أن الحكم لا يحتج به على المالك الحقيقي إلا أن تنفيذه بتسليم العين للمحكوم له قد يضر المالك الحقيقي ضرراً فعلياً، فقد يتصرف المحكوم له في العين لشخص حسن النية، ويسلمها له فيمتنع على المالك الحقيقي أن يسترد العين من حائزها بحسن نية، كما لايجديه الرجوع على من تصرف فيها إذا كان معسراً ، فمثل هذا الضرر الفعلي لا يدرؤه التمسك بنسبية أثر الحكم، وإنما يدرؤه تدخل المالك الحقيقي من تلقاء نفسه أو بناء على أمر المحكمة (رمزی سيف  الوسيط  الطبعة السابعة  بند 292 ص 328 و ص 329).

والشوط الثاني أن يتضح للمحكمة مما يقدم في الدعوى من دلائل جدية أن هناك تواطؤاً أو غشاءً، وتقصيراً من جانب الخصوم قد يترتب عليه ضرر بالغير إذا ظل خارجاً عن الخصومة، ويعتبر ذلك مسألة وقائع يترك تقديرها لسلطة المحكمة، فإذا إتضح لها توافر دلائل جدية على التواطؤ أو الغش أو التقصير من جانب الخصوم مما حداهم إلى إهمال إختصام من يجب إختصامه في الدعوى للحصول على حكم في غيبته، فإنها تأمر بإدخال من أهمله الخصوم في الدعوى.

ثانياً : حالات اختصام الغير بأمر المحكمة وفقاً لقانون المرافعات الحالي:

إستبدل المشرع في المادة 118 من القانون الحالي بالحالات التي عددتها المادة 144 من القانون السابق قاعدة عامة تقضي بمنح المحكمة سلطة إدخال من ترى إدخاله في الدعوى لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة، على أساس أن الحالات التي تحددها المادة 144 من القانون السابق أمثلة بارزة للحالات التي ترى المحكمة إدخال خصوم في الدعوى فيها (المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات الحالي  مشار إليها آنفا).

وتتسع هذه القاعدة العامة الواردة في المادة 118 محل التعليق  لتشمل الحالات التي كان منصوصاً عليها في المادة 144 من القانون السابق، وتشمل أيضاً غيرها من الحالات التي يمكن أن تندرج تحت هذه القاعدة العامة، وبناء على ذلك يجوز للمحكمة أن تأمر بإدخال من كان مختصماً في الدعوى في مرحلة سابقة، أو من تربطه باحد الخصوم رابطة تضامن أو حق أو إلتزام لا يقبل التجزئة أو الوارث مع المدعى أو المدعى عليه أو الشريك على الشيوع لأي منهما إذا كانت الدعوى متعلقة بالتركة قبل قسمتها أو بعدها أو بالشيوع كما يجوز حماية للغير أن تامر بإختصام من بضار من قيام الدعوى الى الحكم فيها إذا بدت للمحكمة دلائل جدية على التواطؤ أو الغش أو التقصير من جانب الخصوم، وللمحكمة أيضاً في جميع الحالات التي يتبين لها أن إختصام الغير في الخصومة يفيد الوصول إلى الحقيقة، ويحقق العدالة، فإن لها أن تأمر من تلقاء نفسها بإدخال هذا الغير حماية له أو لأحد الخصوم في الدعوى، إذ أن الاختصام بناء على أمر المحكمة يهدف إلى تحقيق أحد غرضين:

الغرض الأول  مصلحة العدالة : وتحقيقاً لهذا الغرض فإن للمحكمة من تلقاء نفسها أن تأمر بإدخال الغيرة ليصبح الحكم الصادر في الدعوى حجة له أو حجة عليه أو لمنع إعادة نفس النزاع بين خصوم مختلفين، وبذلك تتفادي تناقض الأحكام في الدعوى الواحدة أو في الدعاوى المرتبطة  خاصة المرتبطة منها ارتباطاً لايقبل التجزئة (احمد أبو الوفا  المرافعات  طبعة 14  بند 194 ص 214).

ويخول هذا الهدف المحكمة سلطة الأمر بإدخال الغير الذي له أن يتدخل إختصاماً كما لو أدخل من ظهر من سير الدعوى أنه صاحب الحق المدعى به بين الأطراف، أو الغير الذي له أن بتدخل إنضماماً لأحد الخصوم كاختصام دائن المدين، إذا كانت الدعوى بين المدين والغير، أو الغير الذي له أن يتدخل تدخلا إنضمامياً مستقلا، وهو ما يحدث في حالة إدخال من كان يجوز اختهامه عند رفع الدعوى أي في حالة التعدد الاختباري (فتحى والى  الوسيط  بند 211 ص 323). ولكن لم يقيد المشرع سلطة المحكمة في إدخال الغير بأن يكون هذا الغير ممن كان يصح اختصامه في الدعوى عند رفعها، كما قيد بذلك خصوم الدعوى الذين يطلبون من المحكمة ذلك عملاً بالمادة 117 مرافعات، ولذلك فإن للمحكمة مطلق الحرية في أن تأمر باختصام من ترى ضرورة إختصامه مادام كان ذلك الحسين سير العدالة أو لإظهار الحقيقة، ولا تخضع في ذلك الرقابة محكمة النقض متى بني قرارها في ذلك على أسباب سائغة (إبراهيم سعد  ج 1  بند 244 ص 602)، فتملك المحكمة أن تأمر بإختصام من لم تتوافر بصدده شروط قبول الدعوى عند رفعها، وإنما توافرت هذه الشروط بعدئذ، كما تملك الأمر بإختصام من ترى ضرورة اختصامه إلى جانب المدعي أو في مواجهة طرفي الخصومة معاً (أحمد. أبو الوفا  المرافعات  بند 194 ص 216)، وكل ذلك يخضع لسلطتها التقديرية، وهي تقدر ليس فقط مصلحة الخصم في إدخال الغير أو مصلحة الغير، وإنما إحتمال تعارض الأحكام في القضايا ذات العناصر المشتركة، أو ما قد يقدمه الغير لحسن الفصل في القضية (فتحي والي ۔ الوسيط  بند 211 ص 334).

ولكن رغم أن المشرع ترك للمحكمة سلطة تقديرية في الأمر باختصام الغير، إلا أن هذه السلطة تتقيد بقيد تفرضه طبيعة العمل القضائي كعمل يقوم به الغير، وهو أن المحكمة لاتستطيع أن نوجه للغير طلبا لم يقدمه أحد الخصوم، وإنما تستطيع أن نوجه طلبات الخصوم نحو الغير، وذلك في الحدود التي تقتضيها مصلحة العدالة، وإظهار الحقيقة وجدي راغب  مبادئ الخصومة  ص 290 ، وهامش رقم 41 ، بها حيث لا يقر ما ذهبت إليه المذكرة الإيضاحية للمادة 118 ، من جواز إختصام شركة التأمين المسئولة عن الحق المدعى به لأن هذا يتضمن طلباً جديداً لم يطرحه الخصوم .

فإدخال الغير بأمر المحكمة يتم في حدود الطلبات المرفوعة بها الدعوى ما لم يسر الخصم أن يوجه إلى الغير طلباً معيناً أو يوجه هذا الغير طلباً إلى أحد الخصوم، فلا تعدل المحكمة موضوع الطلب، ولا توجه طلبا للغير لم يقدمه أحد الخصوم، وإنما تتحقق من تلقاء نفسها من أن الدعوى قد رفعت من جميع أصحاب الشأن أو عليهم، وذلك بهدف تحقيق العدالة وحسم النزاع بكافة جوانبه.

ومصلحة العدالة تمثل ضابطاً لاختصام الغير بأمر المحكمة، وليس مجرد مصلحة المدعى والمدعى عليه أو الغير، إلا أن مناط إختصام الغير ينتهي حتما بتحقيق مصلحة لأحد هؤلاء مرتبطة بطلب من الطلبات المرفوعة بها الدعوى (أحمد أبوالوفا  المرافعات  طبعة 14  بند 194  ص 215)، ولذلك يجب على المحكمة قبل أن تأمر بإختصام الغير لهذا الغرض أن تتحقق بسؤال خصوم الدعوى عن سبب عدم إختصام هذا الغير، فربما تكون الرابطة القانونية بين هذا الغير، وبين الخصوم أو بينه وبين أحدهم قد إنقضت، كما لو كان الحق قد سبق أن صدر فيه حكم أو إتفق على التحكيم بصدده أو سقط بالتقادم أو نزل عنه صاحبه، إلى غير ذلك من الأسباب.

الغرض الثاني  إظهار الحقيقة : والمقصود بالإدخال هنا الوصول إلى الحقيقة في القضية المعروضة، كما لو أدخل الغير لإلزامه بتقديم ورقة تحت يده أو أدخل لأجل مساعدة أحد الأطراف في الدعوى إذا وجده القاضي في حاجة إليها حتى تظهر الحقيقة (فتحى والى  بند 211 ص 332)، فلا يقصد بالإدخال في هذه الحالة إدخال الغير لمجرد سماع شهادته في أمر ما، إذ أن ذلك أجازه، ونظمه قانون الإثبات، وإنما المقصود من الإدخال أيضاً أن يكون عادة إلزام الغير بتقديم ورقة أو مستند تحت يده، ولو في غير الحالات المقررة في المادة 20 ، وما يليها من قانون الإثبات (أحمد أبوالوفا  المرافعات  بند 195 ص 217 ، و ص 218)، وذلك بهدف إظهار الحقيقة.

إجراءات وآثار اختصام الغير بأمر المحكمة:

 إجراءات إختصام الغير من جانب القضاء : تنص المادة 118 محل التعليق  في فقرتها الثانية على أن تعين المحكمة ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أسابيع لحضور من تأمر بإدخاله، ومن يقوم من الخصوم بادخاله، ويكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى.

فإذا رأت المحكمة اختصام الغير في دعوى قائمة أمامها، فإنها تأمر أحد أطراف الخصومة باختصامه، وهي تأمر الطرف الذي ترى أن إدخال الغير في صالحه، ويتعين على المحكمة في هذه الحالة أن تؤجل نظر الدعوى أجلا يستطيع الخصم المكلف بإدخال الغير أن يقوم به خلاله، وعليها في تأجيلها للدعوى أن تراعي مواعيد الحضور المنصوص عليها قانونا بالنسبة للخصم الجديد، وأن تراعي كذلك مواعيد المسافة إذا كان هناك مقتضى لإضافتها (محمد العشماوي وعبدالوهاب العشماوي  قواعد المرافعات  ج 2  بند 829 ص 358 و ص 359).

ويقال أن أساس تكليف المحكمة لخصم في الدعوى بإدخال الغير أن الاختصام يجب أن يوجه من أحد الخصوم إلى الغير حتى لايقال أن القاضي. هو الذي وجه هذا الطلب، فإدخال شخص في الدعوى فيه معنى الاختصام فيجب أن يوجه من أحد الخصوم، ولكي يتحدد مركز المختصم في الدعوى هل يعتبر بمثابة مدع أو مدعى عليه.

وينتقد البعض في الفقه  بحق  مسلك المشرع في المادة 118 من حيث إلزام المحكمة الأحد الخصوم بالقيام بإدخال الغير، إذ أن هذا الاتجاه . التشریعی متأثر بتيار الفقه التقليدي الذي لم يكن يتصور إمكان إدخال الغير بأمر المحكمة لمخالفته لمبدأ حرية الأطراف في تسيير الخصومة والذي تجاوزه التشريع المصري، فقد هجز المشرع المصرى مبدأ ملكية الخصوم للخصومة المدنية، وحرص على ألا يقف بالقاضي عند الذوز السلبي تاركاً الدعوى المناضلة أطرافها يوجهونها حسب هواهم، ووفق مصالحهم الخاصة، فمنحه مزيدا من الإيجابية التي تحقق هيمنته على الدعوى (فتحی والی  بند. 211 ص 334).

ويجب على من تكلفة المحكمة من الخصوم الأصليين بإدخال من يراد إختصامه، أن يقوم بإختصام من تأمر المحكمة بإدخاله بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، أي عن طريق إيداع صحيفة دعوى قلم الكتاب، وإعلانها للغير مع مراعاة مواعيد الحضور فلا يكفي لإدخال الغير مجرد إعلانه بالطلب الأصلي (نقض مدنى 1963/6/27 مجموعة المكتب الفني السنة 14 ص 928 رقم 130)، ويجب على المحكمة أن تحدد ميعاداً للحضور لا يتجاوز ثلاثة أسابيع طبقا للمادة مرافعات سالفة الذكر.

وإذا لم يقم الخصم الذي كلفته المحكمة بإدخال الغير بواجبه في إتخاذ إجراءات هذا الإدخال، فإن المحكمة تملك حياله السلطة المقررة في المادة 99 مرافعات، فهو يعرض نفسه لما يتعرض له كل خصم لا يقوم بتنفيذ إجراء كلفته به المحكمة من الجزاءات المنصوص عليها في المادة 99 مرافعات.

 مدى جواز إعلان الغير بملخص طلبات الخصوم : كانت المادة 145 من قانون المرافعات السابق تخول المحكمة سلطة إخطار الغير بملخص واف من طلبات الخصوم في الدعوى، فقد كانت هذه المادة تنص على أنه يجوز للمحكمة أن تكلفة قلم الكتاب بإعلان ملخص واف من طلبات الخصوم في الدعوى إلى أي شخص لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة أن يكون على علم بها.

ووفقاً لهذا النص فإن للمحكمة سلطة إخطار من قد يعنيهم أعر الدعوى بها ما داموا غير مختصمين أو ممثلين فيها، فإذا لم تر المحكمة استعمال سلطاتها في اختصام الغير أو إذا لم يكن في إمكانها إستعمال هذه السلطة كما لو لم تكن الحالة من الحالات التي نص القانون السابق عليها في المادة 144، أي إذا لم تر المحكمة استعمال حقها في إدخال الغير، أو لم يكن في مقدورها أن تدخله (عبد المنعم الشرقاوي  الوجيز  بند 252 ص 334، محمد العشماوي وعبد الوهاب العشماوي ج 2 بند 830 ص 360)، فإنها تكلف قلم. الكتاب بإعلان ملخص واف من طلبات الخصوم في الدعوى إلى هذا الغير الذي ترى المحكمة أن من مصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة أن يكون على علم بها.

والهدف من هذا الإعلان تمكين الغير، إن أراد، من التدخل في الدعوى إذا وجد ذلك مفيداً في الدفاع عن مصالحه، ويعتبر نظام إعلان الغير بملخص طلبات الخصوم مكملاً لنظام الاختصام بناء على أمر المحكمة، إذ يرمي إلى تحقيق نفس الأغراض التي يحققها إدخال الغير بناء على أمر المحكمة فهو يمكن من استكمال عناصر الدعوى، ويؤدي إلى تفادي تواطؤ الخصوم إضراراً بالغير.

وقد حذف قانون المرافعات الحالي  دون حكمة ظاهرة  نص المادة 145 من القانون السابق، والخاصة بنظام إعلان الغير بملخص طلبات الخصوم، دون إيراد نص يقابلها، ويفسر البعض في الفقه ذلك بأن نظام إعلان الغير بملخص طلبات الخصوم نص عليه في القانون الملغي للجا إليه المحكمة تقتضي مصلحة العدالة أو إظهار الحقيقة الالتجاء إليه في غير الحالات التي أباح فيها القانون الإختصام بناء على أمر المحكمة، لأن هذا الإختصام كان في القانون الملغي مقيداً بحالات حددها القانون على سبيل الحصر، أما في القانون الجديد فللمحكمة أن تأمر باختصام أي شخص ترى من مصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة إدخاله في الدعوى (مادة 118 محل التعليق)، فكل الحالات التي نص القانون الملغي على جواز الالتجاء فيها إلى نظام إعلان ملخص طلبات الخصوم في الدعوى، يمكن بحسب نص القانون الجديد إختصام الغير نيها بأمر من المحكمة.

ونتيجة لإغفال المشرع النص على نظام إعلان الغير بملخص طلبات الخصوم، فقد إختلف الفقه حول جواز العمل به في ظل التشريع الحالى، فذهب رأي إلى عدم جواز العمل به، إذ كان من نتائج عدول القانون الجديد من تعداد اختصام الغير بأمر المحكمة الوارد في القانون السابق أن أسقط حكم المادة 145 من القانون السابق الذي كان يخول المحكمة تكليف قلم الكتاب إعلان ملخص واف من طلبات الخصوم في الدعوى إلى أي شخص ترى لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة أن يكون على علم بها، ومن ثم لم تعد المحكمة وفقاً لهذا الرأي تملك اتخاذ هذا الإجراء ( فتحى وإلى  قانون القضاء المدني  الطبعة الأولى  ج 1  بند 267، محمد كمال عبدالعزيز  ص 272 و ص 273).  

بينما ذهب رأي آخر إلى جواز العمل به في ظل التشريع الحالى، فليس هناك ما يعيب الإجراءات إذا كلفت المحكمة قلم الكتاب إخطار الغير بالدعوى وبالجلسة المحددة لنظرها على الرغم من إستبعاد المادة 145 من القانون السابق، وعدم النص عليها في القانون الحالي (رمزی سيف  الوسيط الطبعة الثامنة  بندہ 304 ص    360 ، وص 361، أحمد أبو الوفا  المرافعات  الطبعة 14  بند 194 ص 219 ، وص 217)، فإغفال هذا النص في القانون الحالي لا يعني أنه لا يجوز للمحكمة أن تأمر قلم الكتاب، في ظل القانون الحالي، بإعلان ملخص طلبات الخصوم إلي من ترى أن يكون على علم بها المصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة بدعوى أن المشرع لم ينص عليها، فلا شبهة في أن للمحكمة ذلك، لأن من يملك الكثير يملك القليل، فالمحكمة التي تملك الأمر بإدخال شخص في الدعوى تملك الأمر بإخطاره بملخص طلبات الخصوم إذا لم تر استعمال حقها في الإختصام، ومما يؤكد ذلك أن هذا هو الذي كان مقرراً في القانون الملفي، إذ كان من المسلم في ظله أن للمحكمة أن تأمر بإخطار الغير بملخص طلبات الخصوم في الحالات التي كان يجوز فيها الأمر بإختصامه إذا لم تر المحكمة إستعمال حقها في الاختصام.

وإننا نميل إلى ترجيح الرأي الثاني القائل بجواز العمل بنظام إعلان الغير بملخص طلبات الخصوم، وإن كان من الأفضل أن يتدخل المشرع لإعادة هذا النظام، إذ لا ضرر منه، ولا حكمة ظاهرة وراء إغفاله. 

آثار إختصام الغير بأمر المحكمة : لا يؤدي مجرد اختصام الغير بأمر المحكمة إلى جعله طرفاً في الخصومة بحيث يكون الحكم الصادر فيها حجة له أو عليه، وإنما يعتبر الغير المدخل طرفاً في الخصومة إذا ما تقدم فيها طلباً أو تقدم أحد الخصوم فيها بطلب في مواجهته ، أو كان الغير المدخل ممن يجوز للخصم اختصامه عند رفع الدعوى (فتحي والي  قانون القضاء المدني  جـ 1  الطبعة الأولى  بند 267، محمد كمال عبدالعزيز  تقنين المرافعات  ص 274).

وبعبارة أخرى فإن اكتساب الغير المدخل بأمر المحكمة مركز الخصم يتوقف على تحديد الغرض من الإدخال، والموقف الذي يتخذه الخصوم والغير المدخل، ففي حالة ما إذا كان غرض المحكمة من إدخال الغير خدمة الإثبات، وتنوير عقيدتها كإدخال الغير لإلزامه بتقديم ورقة تحت يده لازماً لإظهار الحقيقة، فإن هذا الغير المدخل لايعتبر خصماً لأنه لا يوجه طلباً فيها، ولا يوجه إليه طلب.

بينما إذا كان الهدف من إدخال الغير بأمر المحكمة استكمال عناصر الخصومة، كما هو الشأن في حالات إدخال من كان مختصما في الدعوى في مرحلة سابقة، أو من تربطه بأحد الخصوم رابطة تضامن أو التزام لايقبل التجزئة إذا كانت الدعوى تتعلق بهذا الحق أو الإلتزام ، أو من يضار من قيام الدعوى أو من الحكم فيها إذا وجدت دلائل جدية على التواطؤ أو الغش أو التقصير من جانب الخصوم ، أو الوارث مع المدعى أو المدعى عليه إذا كانت الدعوى تتعلق بالتركة قبل قسمتها أو بعد قسمتها أو الشريك على الشيوع لأي منهما إذا كانت الدعوى تتعلق بالمال الشائع، ففي هذه الحالات بصير الغير بإختصامه طرفاً في الخصومة له حقوق الخصم وواجباته، فله أن يقدم فيها دفوع أو طلبات جديدة، كما بعد الحكم الصادر فيها حجة له أو عليه، وله الطين فيه (وجدي راغب  مبادئ الخصومة  ص 290)، وهكذا فإنه يمارس كل ما يخوله مركز الخصم من حقوق، كما أنه يقع على نفقة كل ما يفرضه هذا المركز من واجبات وأعباء .

يجب على المحكمة أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا كانت قد كلفت المدعى بإدخال خصوم جدد في الدعوى، ولم يقم بتنفيذ القرار، وكان الفصل في الدعوى لايحتمل إلا حلاً واحداً :

تحقيقاً لهدفه إستقرار الحقوق، ومنع تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة في الدعاوى المبتدأة، والإقلال من تناقض الأحكام كما في الحالات التي لايحتمل الفصل فيها إلا حلاً واحداً عدل المشرع بنص المادة 118 من قانون المرافعات أحكام المادة 144 المقابلة لها في التشريع . القديم بأن أستبدل بالحالات التي عددتها قاعدة عامة تقضي بمنح محكمة " أول درجة سلطة إدخال من ترى إدخاله في الدعوى المصلحة العدالة أو ، لإظهار الحقيقة، وذلك تمشيا مع ما يجب أن يكون للقاضي من دور إيجابي في تسيير الدعوى تحقيقاً لحسن سير العدالة وتفادياً للأثر النسبي لحجية الأحكام مما مؤداه أنه إذا تبينت المحكمة من أوراق الدعوى أن الفصل فيها لايحتمل إلا حلاً واحداً ، ووجوب إدخال آخرين في الدعوى يربطهم بأحد الخصوم حق أو التزام لا يقبل التجزئة وجب على المحكمة استعمال سلطتها في تلك المادة بأن تأمر الطرف الذي تقدر أن الإدخال في صالحه بالقيام بإجراءات الإدخال، وإن لم يقم بذلك أوقعت عليه الجزاءات المقررة لعدم تنفيذ قرارات المحكمة توصلاً لحل النزاع بحكم واحد في الخصومة المطروحة أمامها، كما يكون لها إن كان هذا الخصم هو المدعى أن تقضي بعدم قبول دعواه، وهو ما يتفق مع إتجاه الشارع إلى الإقلال من حالات تعدد الأحكام وتعارضها في الحالات التي لايحتمل الفصل فيها إلا حلاً واحداً ، إعتباراً بأن الغاية من الأحكام هو إظهار الحقيقة ، واستقرار الحقوق بمنع تعارضها في النزاع الواحد.(موسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء : الثالث ، الصفحة : 34)