1 ـ المقرر فى قضاء محكمة النقض أن القانون استلزم فى الفقرة الأخيرة من المادة 119 من قانون المرافعات أن يكون إدخال الخصم الضامن بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى فينبغى إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة وفق ما نصت عليه المادة 63 من ذات القانون الأمر الذى يؤكد استقلالها بكيانها عن الدعوى الأصلية فلا تعتبر دفعاً أو دفاعاً فيها وبالتالى لا تندمج فيها .
(الطعن رقم 4188 لسنة 71 جلسة 2012/04/18 س 63 ص 633 ق 96)
2 ـ المقرر – على ما جرى به قضاء محكمة النقض – أنه لما كانت دعوى الضمان مستقلة عن الدعوى الأصلية ولا تعتبر دفاعاً فيها ، وكانت المادة 119 من قانون المرافعات قد نصت فى فقرتها الأخيرة على أن " ...... ويكون إدخال الخصم للضامن بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى " فإن مفاد ذلك بأن دعوى الضمان الفرعية تعتبر كالدعوى الأصلية من حيث إجراءات رفعها وبالتالى لا يكون إبداؤها بطلب يقدم شفاهة فى الجلسة فى حضور الخصم ويثبت فى محضرها أو برفعها بإعلان يقدم إلى قلم المحضرين مباشرة بل ينبغى إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة وفق ما نصت عليه المادة 63 مرافعات وإلا كانت غير مقبولة .
(الطعن رقم 705 لسنة 65 جلسة 2007/12/11 س 58 ص 793 ق 140)
3 ـ لما كانت دعوى الضمان الفرعية هى تلك التى يكلف بها طالب الضمان ضامنه بالدخول فى خصومة قائمة بينه وبين الغير ليسمع الحكم بإلزامه بتعويض الضرر الذى يصيب مدعى الضمان من الحكم عليه فى الدعوى الأصلية فإنها بهذه المثابة تكون فى الأصل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة مستقلة فى كيانها عن الدعوى الأصلية ولا تعتبر دفعاً أو دفاعاً فيها ولا يعتبر الحكم الصادر فى الدعوى الأصلية فاصلاً فى دعوى الضمان لما استلزمه القانون فى الفقرة الأخيرة من المادة 119 من قانون المرافعات من أن يكون إدخال الخصم للضامن بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى فينبغى إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة وفق ما نصت عليه المادة 63 من ذات القانون الأمر الذى يؤكد استقلالها بكيانها عن الدعوى الأصلية فلا تعتبر دفعاً ودفاعاً فيها وبالتالى لا تندمج فيها .
(الطعن رقم 4083 لسنة 69 جلسة 2003/03/20 س 54 ع 1 ص 531 ق 91)
(الطعن رقم 3541 لسنة 67 جلسة 1999/01/28 س 50 ع 1 ص 148 ق 25)
(الطعن رقم 1366 لسنة 60 جلسة 1994/12/15 س 45 ع 2 ص 1614 ق 301)
4 ـ دعوى الضمان مستقلة عن الدعوى الأصلية و لا يعتبر دفاعا أو دفعاً فيها و قد نصت المادة 119 من قانون المرافعات فى فقرتها الأخيرة على أن يكون إدخال الخصم للضامن بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى بما مفاده أن دعوى الضمان الفرعية تعتبر كالدعوى الأصلية من حيث إجراءات رفعها و بالتالى لا يجوز إبداؤها بطلب عارض فى الجلسة كما لا يجوز رفعها بإعلان يقدم إلى قلم المحضرين مباشرة بل ينبغى إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة وفق ما نصت عليه المادة 63 مرافعات و إلا كانت غير مقبولة و إذ أقامت الطاعنه دعوى الضمان بصحيفة أعلنت للمطعون ضدها الثالثة دون الالتزام باتباع الطريق الذى رسمته المادة 119 مرافعات المشار إليها ، و كانت مخالفة أوضاع التقاضى الأساسية و إجراءاته المقررة فى شأن رفع الدعاوى - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تفترض الضرر و يترتب عليها البطلان لتعلقها بالنظام العام , و كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر و انتهى إلى عدم قبول تلك الدعوى لرفعها بغير الطريق القانونى إذ اقيمت أمام المحكمة الابتدائية بصحيفة غير مودعه قلم الكتاب ، و كان هذا الإجراء لا يجزىء عن وجوب اتباع السبيل الذى إستند القانون لاتصال المحكمة بدعوى الضمان الفرعية و بالتالى فلا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يعرض لاختصاص هيئات التحكيم بنظرها عملاً بنص المادة 60 من القانون رقم 60 لسنة 1971 .
(الطعن رقم 1969 لسنة 53 جلسة 1988/02/18 س 39 ع 1 ص 268 ق 57)
تطبيق خاص : دعوى الضمان الفرعية (إختصام الضامن):
ويقصد به إختصام شخص من الغير يلتزم بضمان في مواجهة أحد أطراف خصومة قائمة . وقد نظمه القانون بنصوص خاصة لأهميته (المواد 119 مرافعات وما بعدها) . ومثاله قيام المشتري الذي ترفع عليه دعوى استحقاق من الغير للمبيع بإدخال البائع – الذي يلتزم بالضمان - في هذه الخصومة . فإذا حكم على المشتري في دعوى الاستحقاق ، حصل المشتري - في نفس الخصومة - على حكم بموجب الضمان ضد البائع . هذا فضلاً عن إستفادة المشتري من قيام البائع بالدفاع في دعوى الإستحقاق . ومن هذا يبدو ما يحققه إدخال الضامن من إقتصاد في الإجراءات ، إذ لو لم يسمح للمشترى بإدخال البائع كضامن ، فإنه سيضطر - إذا لم يتدخل البائع - إلى انتظار الفصل في دعوى الاستحقاق ، ثم يرفع دعوى أصلية بالضمان ضد البائع . وهو بهذا يخسر مساعدة البائع في الدفاع عنه في دعوى الاستحقاق ويضطر إلى رفع دعوى أصلية أمام محكمة البائع .
والضمان الذي يبرر إختصام الضامن نوعان :
1- ضمان كامل : وهو الضمان الناشىء عن نقل حق من الضامن إلى المضمون أو الناشىء عن قيام المضمون بوفاء دين يشترك فيه الضامن . ومثاله ضمان البائع لإستحقاق الشيء المبيع - ضمان المحيل لقيمة الحوالة - ضمان المدينين المتضامنين إذا قام أحدهم بالوفاء للدائن . ويتميز هذا النوع بأنه توجد بين الضامن والمضمون رابطة قانونية يلتزم الأول بموجبها بالضمان ، فيوجد فيه إلتزام مسبق بالضمان .
2- ضمان ناقص : ويوجد عندما يعرض شخص بفعله شخصاً آخر لدعوى ، ويعتبر مسئولاً عند خسارة هذا الأخير الدعوى . فلان هذه المسئولية لا تترتب إلا عند خسارة الدعوى ، فلا يوجد التزام مسبق بالضمان . ومن أمثلة هذه الصورة : بائع رفعت عليه دعوى تعويض من المشتري بسبب تأخره في تسليمه البضاعة ، يستطيع إذا خسر الدعوى أن يرجع على من أشترى منه هذه البضاعة على أساس أن تأخره في تسليمه البضاعة هو الذي تسبب في مسئوليته هو أيضاً عن التأخير . دعوى رفعت بتزوير سند أو ببطلانه ، يستطيع المدعى عليه إذا خسر الدعوى أن يرجع بالتعويض على الموظف الذي حرر السند أو قام بالعمل .
وقد اختلف الفقه حول طبيعة دعوى الضمان الفرعية. فقد ذهب البعض . إلى أن دعوى الضمان الفرعية تحتوي في الواقع على دعويين : (أ) دعوى إلزام الضامن بالدفاع . وهي توجد ما وجدت الخصومة الأصلية وترمي إلى حصول طالب الضمان على أداء بعمل من الضامن : وهو الدفاع عنه في الخصومة . (ب) دعوى الرجوع على الضامن ، وهي تنشأ عندما يصدر حكم الإلزام في الدعوى الأصلية ، أي عندما يصبح الإلتزام المحتمل إلتزاماً حالاً . وضم الدعويين في دعوى واحدة تقتضيه مبررات رفع دعوى فرعية أثناء الدعوى الأصلية . على أن البعض الآخر يرى على العكس أن الأمر يتعلق بدعوى واحدة هي دعوى الرجوع المحتمل على الضامن . و إذا كان الضامن يلتزم بالدفاع في الخصومة الأصلية فعلة هذا أنه قد يترتب على عدم دفاعه خسارة طالب الضمان ، وبالتالي تحقق إلتزامه بالضمان .
وإختصام الضامن يفترض أن الضامن من الغير بالنسبة للخصومة الأصلية. أما طالب الضمان فهو عادة في مركز المدعى عليه فيها . على أنه قد يتصور أن يكون طالب الضمان مدعياً فيها . ومثاله المشتري الذي يرفع دعوى على حائز العقار المبيع لتسلمه منه ، ويختصم البائع في الدعوى باعتباره ضامناً.
ويتم إدخال الضامن بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى (119 مرافعات فقرة أخيرة) ، فلا يجوز تقديمه كطلب عارض بإبدائه شفوياً وإثباته في محضر الجلسة ، أو بإعلان على يد محضر . وهو ما يعني وجوب تقديم صحيفة دعوى ضد الضامن إلى قلم الكتاب وإعلانه بها. ويجب أن يتم هذا الإعلان قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى الأصلية مع مراعاة مواعيد الحضور بالنسبة الضامن . ولهذا فان طالب الضمان قد يحتاج إلى تأجيل الدعوى الأصلية إلى جلسة تراعي هذه المواعيد . ووفقاً للمادة 119 لا تلتزم المحكمة بإجابة طلب طالب الضمان بالتأجيل إلا في حالتين : 1- إذا كان طالب الضمان قد كلف ضامنه بالحضور خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلانه بالدعوي (أو رفعه لها إن كان هو المدعي) أو من تاريخ قيام السبب الموجب للضمان إذا كان سبباً لاحقاً على رفع الدعوى . 2- إذا لم تكن قد إنقضت ثمانية أيام بين إعلان طالب الضمان بالدعوى الأصلية (أو رفعه لها أن كان هو المدعي فيها) أو قيام سبب الضمان وبين الجلسة المحددة لنظر الدعوى ، وفي الحالتين ، يجب الالتزام المحكمة بالتأجيل لإدخال ضامن أن تكون الدعوى الأصلية مدنية ، إذ الدعوي التجارية - ولو رفعت أمام محكمة مدنية - لا تحتمل التأجيل .
وبحصول الإختصام ، يتحدد مركز كل من طالب الضمان والضامن كالتالي :
(أ) طالب الضمان : يثير مركز طالب الضمان مسألة ما إذا كان له الخروج من الخصومة أم لا. ويتوقف الحل على نوع الضمان ، فالضمان ينقسم إلى نوعين (1) : ضمان بسيط . ويوجد عندما يكون طالب الضمان طرفا في الخصومة بسبب التزام يقع عليه في مواجهة خصمه فيها . ومثاله الكفيل الذي يرفع الدائن دعوى عليه ، فيختصم المدين الأصلي . فالكفيل يلتزم شخصيا في مواجهة الدائن . وضمان شكلى : ويوجد عندما يكون طالب الضمان في الخصومة بسبب أنه صاحب حق نقل إليه من الضامن ومحل منازعة من الخصم.، وذلك سواء كان الحق عينياً أو شخصياً . ومثاله المشتري الذي رفعت عليه دعوى إستحقاق فاختصم البائع باعتباره ضامناً.
بالنسبة للنوع الأول ، ليس لطالب الضمان - لأنه ملزم شخصياً في مواجهة خصمه في الدعوى الأصلية - أن يطلب إخراجه من الخصومة . أما بالنسبة للضمان الشكلي ، فإن له - على العكس - أن يطلب الخروج منها (مادة 131 مرافعات) . فإذا خرج منها لم يعد خصماً ، فلا تكون عليه أعباء وإلتزامات الخصم .
على أنه يلاحظ أن الخروج من الخصومة هو مجرد رخصة لطالب الضمان ، فقد يفضل البقاء فيها على الأقل من أجل مراقبة دفاع الضامن .
ومن ناحية أخرى ، فإنه حتى في حالة الضمان الشكلی . للضامن أو لخصم طالب الضمان أن يعترض على خروجه . وإذا كان الاعتراض وجيها ، رفض القاضي طلب الخروج من الخصومة . وسواء خرج طالب الضمان من الخصومة أو بقى فيها ، فإن الحكم الذي يصدر في الدعوى الأصلية يكون حجة في مواجهته ويمكن تنفيذه ضده . ذلك أنه عند خروجه من الخصومة ، يعتبر الضامن حالاً محله فيها .
ولكن ما مصير دعوى الضمان وقد خرج طالب الضمان من الخصومة ؟ الواقع أن خروج طالب الضمان إنما يقتصر على الدعوى الأصلية ، أما دعوى الضمان فإنه يظل فيها وتكون إجراءاتها في مركز إجراءات خصومة وقفت ، ولكنها لم تنقض . ولهذا إذا حكم في الدعوى الأصلية ضد الضامن وطالب الضمان ، فإن لهذا الأخير أن يستأنف السير فيها للحصول على حكم ضد الضامن .
(ب) الضامن : يعتبر الضامن ، بإختصامه ، طرفاً في الخصومة . فيكون له مركز الخصم بما يترتب على ذلك من سلطات وأعباء . وإذا أمرت المحكمة بضم طلب الضمان إلى الدعوى الأصلية فإن الضامن يأخذ مركز طالب الضمان فيها ، ولو لم يكن المدعي الأصلي قد وجه طلباً للضامن أو كان الضامن لم يبد دفاعاً مستقلاً عن دفاع من يضمنه .. ويستفيد الضامن من الدفوع التي يتمسك بها طالب الضمان ، ويستطيع التمسك بالدفوع التي الطالب الضمان ، ولو لم يتمسك بها هذا الأخير ، كما أنه يستطيع التمسك بالدفوع الخاصة به باعتباره خصماً . وإذا صدر الحكم ضده سواء في الدعوى الأصلية أو في دعوى الضمان فإن الحكم يكون حجة له أو عليه . وإذا صدر الحكم ضده ، فإن له الطعن في الحكم سواء في مواجهة الخصم أو في مواجهة طالب الضمان . وإذا حدث وخرج طالب الضمان من الخصومة ، حل الضامن محله.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الأول ، الصفحة :741)
بطلان إعلان صحيفة الدعوى :
لم يتضمن القانون نصاً خاصاً ببطلان إعلان صحيفة الدعوى ، مما يعني خضوع الأمر للقواعد العامة في البطلان السابق بيانها . مع ملاحظة أن المادة 19 مرافعات قد نصت صراحة على البطلان جزاءاً لتخلف أو تعيب بيانات ورقة الإعلان التي تنص عليها المادة 9 مرافعات ، وأن هذا البطلان لا يتعلق بالنظام العام ، فهو يتعلق بمصلحة المعلن إليه.
ويعتبر إعلان صحيفة الدعوى عملاً إجرائياً تالياً لإيداع الصحيفة . ولما كانت الدعوى تعتبر في القانون المصري مرفوعة بمجرد إيداع الصحيفة قلم الكتاب ، فإن عدم إعلانها أو بطلان الإعلان لا يؤثر في صحة رفعها . وتأكيداً لهذا المعنى ، فإن الجزاء الذي ينص عليه القانون لعدم إعلان الصحيفة خلال ثلاثة أشهر ليس هو جواز الحكم ببطلان رفع الدعوى ، ولكن جواز إعتبار رفع الدعوى كأن لم يكن ( مادة 70 مرافعات) ، وفقاً لما سلف بيانه .
ويكون التحقق من حصول إعلان الخصوم بصحيفة الدعوى أو إعادة الإعلان في الحالات التي ينص عليها القانون ، ونفى ذلك ، من الأمور الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بلا معقب عليها ، متى كانت تستند في ذلك إلى أسباب سائغة لها مأخذها الصحيح في الأوراق.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 43)
دعوى الضمان الفرعية:
الدعوى الفرعية، هي التي ترفع بعد رفع الدعوى الأصلية وتكون مرتبطة بها إرتباطاً وثيقاً ويتأثر الحكم فيها بالحكم الذي يصدر في الدعوى الأصلية بحيث يتوقف الحكم في الدعوى الفرعية على الحكم في الدعوى الأصلية فإذا ضمت الدعويان ، فصلت المحكمة في الدعوى الأصلية في بدء المنطوق واعقبت ذلك بالفصل في الدعوى الفرعية، أما إذا لم تقرر المحكمة ضمهما ، فلا يفصل في دعوى الضمان إلا بعد الفصل في الدعوى الأصلية وقد يترتب على ذلك وقف دعوى الضمان حتى يفصل في الدعوى الأصلية، مثال ذلك أن يرفع المدعي دعوى إستحقاق ضد شركة قطاع عام، فإن كان الضامن لهذه الشركة شركة قطاع عام أخرى، فإن دعوى الضمان ينعقد الإختصاص النوعي بها لهيئة التحكم قبل إلغائها بالقانون رقم 203 لسنة 1991 فإذا رفعت للهيئة إبتداءً أو رفعت للمحكمة وقضت بعدم إختصاصها وإحالتها لتلك الهيئة يتعين على الهيئة وقفها حتى يفصل نهائياً في الدعوى الأصلية. وعملاً بالمادة (440) من القانون المدني يجب على المشتري إخطار البائع ليتدخل في الدعوى الأصلية لمجابهة المدعى، وإذا قضى في الدعوى الأصلية بإستحقاق المدعى للمبيع، أدى ذلك إلى القضاء في دعوى الضمان بالتعويض للمشتري وفقاً لقواعد ضمان الإستحقاق المنصوص عليها بالمادة (443) من القانون المدني.
ويجوز اللجوء لدعوى الضمان الفرعية كلما كان التزام طالب الضمان والضامن مرتبطاً بالحق محل الدعوى الأصلية فلا يلزم أن تستند دعوى الضمان الفرعية لنص يوجب الضمان ، مثال ذلك أن يتفق شريكان في إحدى شركات الواقع على اقتراض مبلغ أو شراء أدوات لازمة للشركة، وقام أحدهما بتنفيذ ذلك ، فرجع عليه المقرض أو البائع. وحينئذ يدخل الشريك الآخر ضامناً للوفاء بما يخصه من القرض أو الثمن بحسب حصته في الشركة وفي هذه الحالة يقضي في الدعوى الأصلية بإلزام الشريك المقترض أو المشتري بكل مبلغ القرض، وفي دعوى الضمان بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي فيها ما يخصه مما قضى به في الدعوى الأصلية بحسب حصته في الشركة وإذ كان الأخير ملزماً بإلتزام شخصي قبل الدائن فلا يجوز له أن يطلب الحكم على شریكه بأداء ما يخصه للدائن وقصر ما يقضي به في الدعوى الأصلية على نصيبه هو في الدين، لانتفاء الاقتضاء في ذلك بانتفاء الضمان.
وإن كانت دعوى الضمان ترتبط بالدعوى الأصلية، إلا أنها تستقل عنها، فلا تعتبر دفعاً أو دفاعاً فيها، إذ يجوز رفعها على إستقلال بعد الحكم في الدعوى الأصلية، ويكون هذا الحكم دليلاً في دعوى الضمان ، ويقصد بدعوى الضمان إلزام الضامن بتنفيذ التزامه بالضمان عيناً أو بطريق التعويض، ولا شأن لطالب الضمان بمسلك الضامن في الدعوى الأصلية التي أدخله فيها بموجب دعوى الضمان الفرعية، ومن ثم تكون الدفوع وأوجه الدفاع التي يبديها الضامن ضد المدعى في الدعوى الأصلية ، مقدمة منه كخصم مدخل في الدعوى الأخيرة، والتالي لا تنصرف دعوى الضمان الفرعية إلى هذا الدفاع مباشرة وإنما إلى تنفيذ التزام الضامن على نحو ما تقدم، فإن تمسك الضامن بدفوع وأوجه دفاع، فيكون ذلك بصفته خصماً مدخلاً في الدعوى الأصلية وليس بصفته مدعياً عليه في دعوى الضمان الفرعية، إذ لا تعتبر الدعوى الأخيرة دفعاً أو دفاعا في الدعوى الأصلية.
ويترتب على إرتباط الدعويين ، أنه قد يستفيد الضامن أو طالب الضمان من الطعن المرفوع من أحدهما.
إدخال ضامن في الدعوى الأصلية :
إن انعقد الإختصاص للمحكمة بالدعويين، وطلب المدعى عليه أجلاً لإدخال ضامن في الدعوى ، وجب على المحكمة في المواد المدنية إجابته إلى طلب التأجيل إذا كان قد كلف ضامنه الحضور خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلانه بالدعوى إذا كان قد أعلن لشخصه أو من تاريخ إعادة إعلانه إذ يتحقق بإعادة الإعلان إفتراض العلم اليقيني بالدعوى وهو ما قصده المشرع من الإعلان الذي نصت عليه المادة (119) فإن كان السبب الموجب للضمان تحقق أثناء نظر الدعوى ، وجب على المحكمة إجابة طلب التأجيل لإدخال الضامن ، كما يجب عليها ذلك إذا نظرت الدعوى الأصلية خلال ثمانية أيام من إعلان المدعى عليه بصحيفتها، ولما كان إدخال الضامن خصماً في الدعوى لا يتطلب إذا من المحكمة ، جاز للمدعى عليه أن يدخل ضامنة فور رفع الدعوى وحتى قبل إعلانه بها أو بعد قرار المحكمة ولو لم يكن طلب إدخال الضامن قد أبدی أمامها أو أبدى ولم تؤجل الدعوى لإدخاله بل لسبب آخر، لكن إذا أبدی هذا الطلب ومع ذلك حجزت المحكمة الدعوى للحكم دون إجابته رغم وجوبه ، وكان هذا الطلب في حقيقته ومرماه طلب ضمان أغفلته المحكمة، ومن ثم لا يجوز الطعن في الحكم لهذا السبب وإنما يتعين عليه الرجوع لنفس المحكمة لتفصل فيما أغفلته ويكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، ويعطي الطلب رقماً جديداً غير رقم الدعوى التي فصل فيها ويقضي فيه تبعاً للحكم السابق صدوره ولو لم يصبح نهائيا.
وحتى تلتزم المحكمة بالتأجيل لإدخال الضامن، عملاً بالفقرة الأولى من المادة (119) يجب توافر شرطين، أولهما : أن يقوم طالب الضمان وهو المدعى عليه، بتكليف ضامنه بالحضور بالجلسة التي تتضمنها صحيفة الإدخال ، وثانيهما، أن يتم هذا التكليف خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلانه بصحيفة الدعوى أو من تاريخ قيام السبب الموجب للضمان أو إذا كانت المدة ما بين الإعلان والجلسة المحددة لنظر الدعوى تقل عن ثمانية أيام، ففي هذه الحالة لا ينتظر طالب الضمان انقضاء ثمانية أيام من تاريخ إعلانه ، إذ تكون الجلسة قد حلت دون تكليف الضامن بالحضور وحينئذ يكون التأجيل جوازاً للمحكمة.
ولا يعتد بتقديم ورقة التكليف بالحضور لقلم المحضرين خلال هذا الميعاد، وإنما يجب أن يتم التكليف خلاله حتى لو تحقق العلم اليقيني بما تضمنه التكليف خلال الميعاد عملاً بالمادة الخامسة من قانون المرافعات ويبدأ الميعاد اعتباراً من اليوم التالي للإعلان ، فلا يحسب اليوم الذي تم فيه الإعلان.
أما في غير الحالات المتقدمة، فإن تأجيل الدعوى لإدخال ضامن يكون جوازيا للمحكمة بحيث إذا أغفلت الرد عليه كان ذلك رفضاً ضمنياً له يمنع من إعادة طرحه عليها ولا يكون أمام المدعى عليه إلا رفع دعوى جديدة وفقاً القواعد الإختصاص المقررة ويقضي فيها تبعاً للحكم السابق صدوره ولو لم يصبح نهائياً.
وقد يكون طالب الضمان مدعياً، كما إذا رفع المشتري دعوى ضد الجار بإنكار حق الارتفاق الذي يدعيه الأخير، ويدخل فيها البائع ضامناً وكان يصح إدخاله فيها عند رفعها، ولذلك يجوز إدخاله عملاً بالمادة (117) في أية حالة تكون عليها الدعوى ودون التقيد بمواعيد ولا يتوقف على إذن من المحكمة ، فإن لم يكن قد اختصمه وطلب أجلاً لإدخاله، فلا تلتزم المحكمة بإجابة هذا الطلب وإنما يكون جوازياً لها عملاً بالمادة (119).
ويقتصر منح الأجل على الدعاوى المدنية دون الدعاوى التجارية إذ يجب الفصل فيها على وجه السرعة.
وفيما يتعلق برفع دعوى الضمان الفرعية أمام المحاكم الجنائية وإدخال المضرور لشركة التأمين، راجع المادة (117) فيما تقدم.
ويكون إدخال الضامن بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى على نحو ما قررته المادة (63) ويراعى في تقدير أجل إدخاله مواعيد الحضور وفقاً لما أوجبته المادة (66) ونحيل للمادة (218) فيما يتعلق بالطعن في الحكم.
ولما كانت دعوى الضمان الفرعية ترفع بالإجراءات المعتادة ، وتنعقد الخصومة فيها بالإعلان أو الحضور، فإن هذا الإعلان يكون بمثابة إجراء لاحق للتكليف بالحضور، ويستقل كل منهما عن الآخر، وأن الغرض من التكليف بالحضور عندما يتم في الميعاد، منع المحكمة من حجز الدعوى للحكم وإلزامها بالتأجيل كطلب المدعى عليه لإدخال ضامن ، ولا يحول تخلف التكليف دون المدعى عليه ورفع دعوى الضمان دون تصريح من المحكمة، فإن كانت الدعوى الأصلية مازالت منظورة، قررت المحكمة ضم دعوى الضمان للدعوى الأصلية للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد عملاً بالمادة (121) على نحو ما يلي
وتثار دعوى الضمان، بصدد رجوع الغير على طالب الضمان، مما يضطره إلى إدخال ضامنه خصماً في الدعوى المرفوعة عليه ليتفادى بذلك أثر هذا الرجوع ولينصرف أثره إلى الضامن، مما يغنيه عن رفع دعوى ضمان أصلية.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الثالث ، الصفحة : 189)
الضمان في القانون المدني هو سلطة من ينتقل إليه حق في الرجوع علي من تلقي منه ذلك الحق لإلزامه بالدفاع عنه إذا نازعه الغير فيه ، والرجوع بالتعويض إذا نجح الغير في منازعته ومن أمثلة الضمان التزام البائع بدفع تعرض الغير له في المبيع كله أو بعضه ، أو رد ثمنه وضمان المحيل للمحال له وجود الحق المحال به يضمن المؤجر للمستأجر إنتفاعه بالعين المؤجرة ، أما في قانون المرافعات فمعني الضمان أوسع من معناه في القانون المدني فهو يشمل فضلاً عن الحالات السابقة كل حالة يكون فيها للملتزم بالدين حق الرجوع على شخص آخر لمطالبته بكل أو بعض ما أداه للدائن ومن أمثلة هذا الضمان رجوع الكفيل على المدين إذا دفع الدين ورجوع المدين المتضامن علي سائر المدينين المتضامنين إذا كان قد دفع الدين كله ورجوع أحد الخصوم علي المحضر المتسبب في بطلان ورقة من أوراق المحضرين إذا تمسك خضمه ببطلانها ويكون الطالب الضمان أن يرفع دعوى الضمان علي الضامن إما بطلب أصلي أو بطلب عارض وترفع الدعوى في الحالة الأولي بالطرق المعتادة لرفع الدعوى بعد إنتهاء منازعة الغير مع مدعي الضمان أما دعوى الضمان الفرعية فهي التي يكلف بها طالب الضمان ضامنه بالدخول في الخصومة القائمة بينه وبين الغير ليسمع الحكم بإلزامه بتعويض الضرر الذي يصيب مدعي الضمان من الحكم عليه في الدعوى الأصلية. وخير لطالب الضمان أن يرفع دعوى الضمان بصورة عارضة أثناء نظر الدعوى الأصلية بدلاً من أن ينتظر الفصل فيها ثم يرجع علي الضامن وذلك لأن في جمع دعوى الضمان مع الدعوى الأصلية قصداً في الوقت والإجراءات وتمكيناً لطالب الضمان من الاستفادة بما قد يكون لدى الضامن من أوجه دفاع تعينه في تأييد حقه قبل الغير ووسيلة لدي طالب الضمان للخروج من الدعوى الأصلية في بعض الحالات فلا يتحمل مصاريفها إذا حكم فيها لمصلحة خصمه ، هذا فضلاً عن أنه قد يترتب على عدم إدخال الضامن أثناء نظر الدعوى الأصلية ضياع حق طالب الضمان في الرجوع علي الأول بدعوى أصلية إذا أثبت الضامن أنه كان في إمكانه لو أدخل في الدعوى الأصلية الموجهة إلي المضمون له أن يدافع عنه قبل الغير ويدرأ فشله فيها . وبالنسبة للمحكمة المختصة بنظر دعوى الضمان فإذا كانت الدعوى الأصلية مرفوعة إلي المحكمة الإبتدائية فتكون هذه المحكمة مختصة بدعوى الضمان مهما كانت قيمتها أما إذا كانت الدعوى الأصلية مرفوعة إلي محكمة المواد الجزئية فلا تختص هذه المحكمة بطلب الضمان إذا كانت قيمته متجاوزة نصاب إختصاصها وتفصل في الدعوى الأصلية وحدها إنما إذا رتب ذلك ضرر بسير العدالة وجب عليها أن تحكم من تلقاء نفسها بإحالة الدعوى الأصلية وطلب الضمان إلى المحكمة الإبتدائية ، وحكم الإحالة يكون قابلاً للإستئناف عملاً بالمادة 212 مرافعات والأصل أن لا تراعي قواعد الإختصاص المحلي بالنسبة لدعوى الضمان إلا إذا أثبت الضامن أن الدعوى الأصلية لم تقم إلا بقصد جلبه أمام محكمة غير مختصة والقاعدة أن للمحكمة مطلق الحرية في قبول أو رفض تأجيل الدعوى الأصلية لإدخال ضامن غير أنه يتعين على المحكمة إجابة المضمون إلي طلب التأجيل إذا توافر شرطان ، أولهما إذا كانت الدعوى الأصلية دعوى مدنية وليست تجارية لأن الدعاوى التجارية بطبيعتها لا تحتمل التأخير وثانيهما إذا كانت دعوى الضمان قد رفعت خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلان الدعوى أو قيام السبب الموجب للضمان ومن المقرر أن دعوى الضمان الفرعية لا تقبل إلا إذا كانت مرتبطة بالدعوى الأصلية فإذا رفع دائن دعوى على مدينة يطالبه بدين أقرضه إياه فلا يقبل أن يدخل المدين وكيله ضامناً لمطالبته بتقديم حساب عن تصرفه في مبلغ القرض إذا كان المدين قد سلم مبلغ القرض لوكيله.
ويجب علي من يقيم دعوى الضمان الفرعية أن يتبع في رفعها الإجراءات المعتادة لرفع الدعوى بتقديم صحيفتها لقلم الكتاب وفق ما نصت عليه المادة 63 مرافعات فلا يجوز رفعها بطريق الطلب العارض أو بإعلان يقدم لقلم المحضرين وإلا كانت دعوى الضمان غير مقبولة ويتعين على المحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها.
ويعتبر الضامن بإختصامه طرفاً في الخصومة فيكون له مركز الخصم بما يترتب على ذلك من سلطات وأعباء فإذا أمرت المحكمة بضم طلاب الضمان إلى الدعوى الأصلية أخذ الضامن فوق مركزه الخاص مركز طالب الضمان في تلك الدعوى ولو كان خصم هذا الأخير لم يوجه طلباً للضامن أو كان الضامن لم يبد دفاعا مستقلاً عن دفاع من يضمنه ، فيستطيع التمسك بكل ما الطالب الضمان من دفوع وأوجه دفاع لو لم يتمسك بها الأخير فضلاً عن أنه يستطيع التمسك بالدفوع وأوجه الدفاع الخاصة به ويكون له الطعن في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية أو دعوى الضمان سواء في مواجهة طالب الضمان أو في مواجهة خصم هذا الأخير.
إذا تخلف الشرطان المتقدمان أو أحدهما فلا تلتزم المحكمة بالتأجيل وإنما يكون لها أن تجيب صاحب الضمان أو لا تجيبه بحسب ما تراه.
(راجع فيما تقدم مرافعات الدكتور أبو الوفا الطبعة 12 بند 189 وما بعده والوسيط في المرافعات للدكتور رمزي سيف الطبعة الثامنة ص 362 وما بعدها والقضاء المدني للدكتور فتحي والي طبعة سنة 1993 ص 330 وما بعدها ) .
وإذا كانت المحكمة مختصة بدعوى الضمان الأصلية وغير مختصة بدعوی الضمان الفرعية كما إذا كانت الدعوى الأصلية من إختصاص جهة القضاء العادي والدعوى الفرعية من إختصاص لجنة إدارية أو عسكرية ذات إختصاص قضائي فإنه يتعين علي المحكمة في هذه الحالة أن تقضي في الدعوى الأصلية وبعدم إختصاصها بنظر دعوى الضمان الفرعية وإحالتها إلي اللجنة المختصة بها لأن دعوى الضمان في هذه الحالة تعتبر مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية.
وقد أوجبت المادة 56 من القانون 97 لسنة 1983 - في شأن هيئات القطاع العام وشركاته - أن يفصل في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين شركة قطاع عام من ناحية وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخرى عن طريق التحكيم دون غيره مؤدي ذلك أن تختص هينات التحكيم المشكلة وفقاً لهذا القانون دون غيرها بنظر دعاوی الضمان الفرعية إذا كان طرفها من الشركات أو الهيئات المنصوص عليها في المادة 56 سالفة الذكر.
والإستئناف المرفوع من الضامن في الحكم الصادر ضده لصالح المدعي في الدعوى الأصلية لا يطرح علي محكمة الإستئناف دعوى الضمان الفرعية وحدها ، وإنما يطرح عليها الدعويين معاً الأصلية والفرعية بحيث يكون لها أن تحكم للمدعي الأصلي علي الضامن أو علي مدعي الضمان حسبما يتضح لها من توافر أركان المسئوليتين وبهذا قضت محكمة النقض.
وإذ كان من المقرر أنه يجوز رفع دعوى الضمان الفرعية من المدعي أو من المدعي عليه في الدعوى الأصلية وإن كان الغالب أن ترفع من المدعى عليه بإختصام الضامن ليدفع عنه طلبات المدعي أو ليسمع الحكم بها ضده مع تعويضه عما يناله من ضرر ، ولكنها قد ترفع من المدعي كما إذا رفع المشتري دعوي تثبيت ملكية ضد منازعة فيجوز له أثناء نظر الدعوى إدخال البائع له ليثبت الملكية أو لإلزامه برد الثمن والتعويض إذا قضى برفض دعواه.
وإذ أقام المدعي دعواه ضد كل من المتعرض له والضامن فإن هذه الدعوى لا تعدو أن تكون دعوى أصلية تتضمن طلباً أصلياً وآخر مرتبط به ولا يكون هناك ثمة إدخال ( الدعوى وإجراءاتها للمستشار نصر الدين كامل بند 197).(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثالث ، الصفحة : 267)
التعليق على المواد 119 و 120 و 121 و 122 :
دراسة تفصيلية لاختصام الضامن (دعوى الضمان الفرعية):
تحديد معنى الضمان وأنواعه: ثمة معنى للضمان في فقه المرافعات أوسع من معناه في القانونين المدني والتجاري، ففي القانونين المدني والتجاري الضمان هو التزام يترتب بحكم القانون أو بمقتضى الاتفاق على من نقل حقاً بمقابل إلى أخر قبل من إنتقال إليه الحق في الدفاع عنه إذا ما نازعه الغير ترجع إلى سبب سابق على نقل الحق، و بتعويضه إذا أفلح الغير في منازعته، ومن أمثلة ذلك التزام البائع بالضمان قبل المشتري إذا نازعه الغير في الشيء محل العقد (مادة 439 مدني وما بعدها)، ومن أمثلة الضمان أفضل التزام المحيل قبل المحال إذا أنكر الدين مديونيته (مادة 308 مدني وما بعدها)، والتزام المؤجر قبل المستأجر (مادة 581 مدني وما بعدها)، إلى غير ذلك من الأمثلة التي لا تحصى إذ لا يقتصر الضمان على الحالات سالفة الذكر، بل هو التزام. عام التطبيق يوجد بالنسبة لكافة العقود والأعمال التي تستلزمه ويتوقف وجوده على نصف القانون مباشرة أو إرادة المتعاقدين، ورغم أن التنظيم الخاص بالضمان ورد في باب البيع في المواد من 439 455 من القانون المدني، إلا أن الضامن ليس مقصوراً على عقد البيع فحسب، وإنما يمتد إلى عقود المعارضة الأخرى مع تباين فيما بين هذه العقود سواء من حيث شروط الضمان أو مداه، بل إن الضمان قد يمتد على سبيل الإستثناء إلى التبرعات والأصل فيها عدم الضمان ولكن في بعض الأحوال يلتزم المتبرع بضمان الاستحقاق قبل المتبرع إليه ومثال ذلك رجوع الموهوب له بالضمان على الواهب إذا كان يعلم سبب إستحقاق الشيء الموهوب وتعمد إخفاءه وفقاً للمادة 494 مدني، ومثال ذلك أيضاً أن المعير المتبرع بالنفعة من الممكن الرجوع عليه بالضمان من قبل المستعير، إذا كان هناك إتفاق على ذلك أو كان المعير قد تعمد إخفاء سبب إستحقاق الشيء المعار وفقاً للمادة 638 مدنی.
وفي فقه المرافعات يشمل الضمان فضلاً عن الحالات المعروفة في القانونين المدني والتجاري كل حالة يكون فيها لشخص أن يرجع على آخر بسبب مطالبة الغير أو منازعة الغير له، وقد عبر البعض عن الضمان بأنه سلطة رجوع شخص (المضمون أو صاحب الضمان) قبل شخص آخر (الضامن) بسبب مطالبة شخص ثالث (الغير) أو منازعة له في دعوي وجهت إليه، فالضامن يلتزم بأن يحمي المضمون من منازعة وجهت إليه من الغير أو أن يعوضة إذ فشل في الدفاع عنه ورد المطالبة عنه (إبراهيم سعد جـ 1 بند 247 ص 610)، ومن أمثلة ذلك رجوع أحد الخصوم على المحضر المتسبب في بطلان ورقة أعلنها إذا ترتب على هذا البطلان الحكم عليه، أو رجوع أحد الخصوم في دعوى بطلان عقد أو طعن بالتزوير فيه على الموظف الذي حرر العقد إذا رفع دعوى بالتزوير، ورجوع المسئول مدنياً من فعل الغير على مرتكب الفعل الضار، ورجوع المدين التضامن على المدينين الآخرين بإلزام كل منهم بنصيبه في الدين الذي قام هو بدفعه للدائن، ورجوع الكفيل على المدين الأصلي. إذا طالب الدائن الكفيل.
ويسمى الملتزم بالضمان ضامناً، ويسمى صاحب الحق في الرجوع بالضمان بصاحب الضمان أو طالب الضمان أو المضمون، وتسمی الدعوى التي يرجع بها صاحب الضمان على الضامن بدعوى الضمان.
وينقسم الضمان إلى نوعين : ضمان بسيط وضمان شكلى، والضمان البسيط يوجده عندما يكون طالب الضمان طرفاً في الخصومة بسبب التزام يقع عليه في مواجهة خصمه فيها، ومن أمثلة الكفيل الذي يرفع الدائن دعوى عليه، فيختصم المدين الأصلي، إذ يلتزم الكفيل شخصياً في مواجهة الدائن، أما الضمان الشكلي فإنه يوجد عندما يكون طالب الضمان في الخصومة بسبب أنه صاحب حق نقل إليه من الضامن ومحل منازعة من الخصم، وذلك سواء كان الحق عينياً أو شخصياً، ومن أمثلته المشتري الذي رفعت عليه دعوى استحقاق فاختصم البائع باعتباره ضامناً (فتحى والى الوسيط بند 210 ص 330 و ص 331)، و وفقاً لتعبير المادة 334 من قانون المرافعات الفرنسي يكون الضمان بسيطاً إذا كان طالب الضمان ملتزماً بصفة شخصية أمام الغير، بينما يكون الضمان شكلياً إذا كان طالب الضمان مطالباً بصفته حائزاً للمال.
المقصود بإختصام الضامن أو دعوى الضمان الفرعية ودعوى الضمان الأصلية: إختصام الضامن هو إدخال شخص من الغير فى خصومة قائمة بناء على طلب المدعي أو المدعى عليه لإلزامه بالضمان في مواجهة طالب الضمان (المضمون) فطلب الضمان قد يتخذ إحدى صورتين :
الصورة الأولى : إنه قد يطلب من القاضي إدخال الضامن وذلك أثناء نظر الدعوى المقامة على المضمون والتي يثار فيها السبب الموجب للضمان، فالمضمون قد يرى أن خير دفاع له هو إدخال الضامن ليدافع عنه وليحكم عليه بالتعويض إذا فشل في الدفاع عنه ونجح الغير في منازعته للمضمون، وهذه هي دعوى الضمان الفرعية فدعوى الضمان الفرعية هي الدعوى التي يقيمها طالب الضمان على الضامن متصلة بخصومة أخرى ويرفعها إلى نفس المحكمة القائمة أمامها الدعوى الأصلية لتفصل فيهما معاً (محمد حامد فهمي بند 463 ص 502)، وهذه الدعوى باعتبارها من الطلبات الفرعية، فإنها ترفع بصدد خصومة قائمة بالفعل وبصفة تبعية لهذه الخصومة، إذ أن وجود خصومة أصلية يعتبر مفترضاً أساسياً من مفترضات دعوى الضمان الفرعية، ولكن لا يكفي مجرد وجود خصومة أصلية لنشوء الحق في الدعوى الفرعية وإنما ينبغي أن تستوفي هذه الخصومة شروطاً معينة حتى يمكن الإعتداد بها وإعمال أثرها في ترتيب حق الرجوع بالضمان بطريق الدعوى الفرعية، وتتمثل هذه الشروط في ضرورة وجود دعوى أصلية قائمة بالفعل، وأن يكون الخصوم فيها هما طالب الضمان والغير بصرف النظر عن المراكز الإجرائية التي يشغلونها فيها أي سواء كان أحدهما في مركز المدعي والآخر في مركز المدعى عليه أو العكس، وأن يتعلق موضوعها بمحل التزام الضمان بحيث يوضع هذا الإلتزام موضوع التنفيذ، إذ يتوقف قبول دعوى الضمان الفرعية على توافر صلة الإرتباط بينها وبين الدعوى الأصلية (انظر : تفصيلات ذلك للمؤلف : إختصام الغير في الخصومة بند 40 ص 109 وما بعدها).
والصورة الثانية : أن ينتظر المضمون الحكم في الدعوى الأصلية المقامة عليه، وإذا ما صدر الحكم ضده، فإنه يرجع على الضامن عن طريق رفع دعوى أصلية لمطالبته بالتعويض عن الأضرار التي لحقته نتيجة خسارته للدعوى الأولى، وتسمى الدعوى المرفوعة في هذه الحالة من الضامن على المضمون بدعوى الضمان الأصلية ومثالها لو رفع شخص دعوى على المشتري مدعياً ملكية الشيء المبيع، فإذا انتظر المشترى حتى صدر حكم عليه لصالح مدعي الملكية، فإن للمشترى أن يرفع دعوى ضمان أصلية على البائع لتعويضه عن الأضرار التي لحقته.
المفاضلة بين الطلب العارض المسمى بدعوى الضمان الفرعية أو إدخال الضامن أو اختصام الضامن ودعوى الضمان الأصلية : للمضمون أن يستخدم إحدى الصورتين السابقتين لتقديم طلب الضمان فله الرجوع على ضامنه إما بولوج طريق دعوى الضمان الفرعية أو ولوج طريق دعوى الضمان الأصلية، ولاشك أنه من الأفضل له أن يتقدم بطلب عارض لإدخال ضامنه في الدعوى الأصلية المقامة بينه وبين الغير، بدلاً من الإنتظار لحين صدور حكم عليه في هذه الدعوى، ثم مقاضاة الضامن على إستقلال بدعوى الضمان الأصلية.
فطلب الضمان بدعوى فرعية يؤدي إلى اقتصاد في الوقت وتيسير للإجراءات، لأن المضمون سوف يحصل على حكم على الضامن في نفس الوقت الذي يحكم فيه في الدعوى الأصلية لمصلحة الغير، وبذلك يتفادى المضمون ما قد يصيبه من ضرر بسبب إعسار الضامن بعد الحكم في الدعوى الأصلية، كما أن المضمون يتفادي بذلك أيضاً تعقيد الإجراءات ومضاعفة النفقات وتأخير الفصل النهائي في الموضوع الناجم عن رفعه دعوى ضمان أصلية، كما أنه يتفادى إحتمال تناقض الأحكام الصادرة في الدعويين (أحمد زغلول دعوى الضمان الفرعية بند 7 ص 15)، أي دعوى الضمان الأصلية والدعوى الأصلية المقامة بينه وبين الغير.
كما أن المضمون بإدخاله لضامنه في الدعوى الأصلية مع الغير يستفيد من أوجه الدفاع التي تكون لدى الضامن، مما يساعد المضمون على استصدار حكم لمصلحته في الدعوى الأصلية، فحجب الضامن عن الدعوى الأصلية المرفوعة من أو على الغير يؤدي إلى حجب ما لدي الضامن من أوجه دفاع ووسائل إثبات قد تكون منتجة في الدعوى الأصلية، مما ينعكس سلباً على المضمون ويؤدي إلى احتمال فشله في دعواه الأصلية مع الغير.
كذلك فإنه باختصام المضمون لضامنه في الدعوى الأصلية يتوقى المضمون خطر سقوط حقه في الضمان الذي قد ينجم عن إخفاقه في دعوى الضمان الأصلية، فإذا جازف المضمون ولم يختصم ضامنه في الدعوى الأصلية وانتظر لحين صدور الحكم عليه في هذه الدعوى، ثم رفع دعوى ضمان أصلية على ضامنه، وأثبت الضامن أنه كان لديه من أوجه الدفاع ما يستطيع به إبطال مزاعم الخصم في الدعوى الأصلية وأنه لو كان أدخل في الدعوى لكفى المضمون شرها وحال دون کسب خصمه لها، فإن المضمون سوف يفقد حقه في الضمان (محمد العشماوي وعبد الوهاب العشماوي ج 2 بند 832 ص 362، رمزی سيف بند 314 ص 368) وينبغي ملاحظة أن عدم إخطار الضامن بوجود منازعة قد تسقط حق المضمون في طلب الضمان إذا أثبت الضامن أن تدخله في الدعوى كان يؤدي إلى رفض الدعوى الأصلية ومن ذلك ما تنص عليه المادة 440/ 3 من القانون المدني على أنه « إذا لم يخطر المشترى البائع بالدعوى في الوقت الملائم وصدر عليه حكم حاز قوة الأمر المقضي»، فقد حقه في الرجوع بالضمان إذا أثبت البائع أن تدخله في الدعوى كان يؤدي إلى رفض دعوى الإستحقاق.
كما أن اختصام الضامن في الدعوى الأصلية المقامة بين المضمون والغير، يمكن المضمون من التخلص من مرارة التقاضي في هذه الدعوى فقد أجازت له المادة 121 مرافعات أن يطلب إخراجه من الدعوى إذا لم يكن مطالباً بالتزام شخصی.
وليس المضمون وحده هو الذي يستفيد من فوائد دعوى الضمان الفرعية، بل إن هذه الفوائد تعم فتشمل الضامن نفسه والخصم في الدعوى الأصلية وحسن سير العدالة، فالضامن نفسه تعتبر دعوى الضمان الفرعية بالنسبة له وسيلة يتفادي بها مبكراً خطر انعقاد مسئوليته و الرجوع عليه بدعوى الضمان الأصلية، فقد يؤدي انضمامه إلى المضمون وإبدائه لأوجه دفاعه التي قد يجهلها هذا الأخير، إلى رفض طلبات الخصم في الدعوى الأصلية، ومن ثم تبرأ ذمة الضامن.
و الخصم في الدعوى الأصلية، فإنه رغم أنه لا يعتبر طرفاً في دعوى الضمان الفرعية بل يعتبر من الغير، ولذلك فإنه - كقاعدة - لا يستفيد منها، ولكن إستثناء من هذه القاعدة، فإن المشرع اعتبر الحكم الصادر على الضامن عند الإقتضاء حكماً للمدعي الأصلي ولو لم يكن قد وجه إليه طلبات (مادة 121 مرافعات)، ومن ثم فإن الحكم الصادر لصالحه يحتج به في مواجهة المضمون وفي مواجهة الضامن أيضاً.
كذلك فإن من حسن سير العدالة اختصام الضامن، إذ يؤدي إدخال الضامن إلى تبصير المحكمة وتنوير طريق الحكم أمامها بكل ما قد يثار وما يطرحه الخصوم، بما فيهم الضامن من حجج وأسانيد، مما يسهل مهمة المحكمة في إصدار الحكم الصحيح، كما أن إختصام الضامن يؤدي إلى تفادي ما قد يحدث من تناقض في الأحكام إذا ما سلك المضمون سبيل دعوى الضمان الأصلية كما أسلفنا.
ولكن قد بسبب ولوج المضمون لطريق دعوى الضمان الفرعية وإختصامه للضامن في الدعوى الأصلية، بعض المضار التي قد تصيب الضامن وربما تصيب الخصم الآخر في الدعوى الأصلية، فبالنسبة للضمان فإن إختصامه في الدعوى الأصلية قد يؤدي به أن يجد نفسه مساقاً إلى محكمة أخرى غير محكمته الأصلية التي وطن نفسه على المثول أمامها بحسب ما تحدده قواعد الاختصاص القضائي.
وبالنسبة للخصم الآخر في الدعوى الأصلية، فإن عند محاولة المضمون إدخال الضامن في هذه الدعوى، فإن الخصم الآخر في الدعوى الأصلية يضطر إلى أن يتحمل إرجاء النظر في الدعوى الأصلية لحين إستيفاء الإجراءات والمواعيد الخاصة بإدخال الضامن، وما قد ينجم عن هذا الإرجاء من تأخير في الفصل في الدعوى الأصلية.
يبد أن المشرع تدارك ذلك، ووازن بين مصالح المضمون والضامن والخصم الآخر في الدعوى الأصلية، فقد أجاز الشارع للمضمون رفع دعوى ضمان فرعية تتفرع من إجراءات الدعوى الأصلية، بمقتضاها يدخل ضامنه في هذه الدعوى، نظراً لما لدعوى الضمان الفرعية من فوائد، ولكن الشارع في نفس الوقت لم يهمل مصالح الضامن والخصم الآخر في الدعوى الأصلية، فزود الضامن والخصم الآخر في الدعوى الأصلية بوسائل تضمن لهم عدم إساءة المضمون في استخدام طريق دعوى الضمان الفرعية، وتحول دون التجاوز في ممارسته (أحمد زغلول - بند 10 ص 18 و ص 19)، وتفادي ما قد ينجم عن دعوى الضمان الفرعية من مضار.
فقد أجاز الشارع للضامن أن يتمسك بعدم اختصاص المحكمة، إذا ما أثبت أن الدعوى الأصلية لم تقم إلا بقصد جلبه أمام محكمة غير محكمته (مادة 60 مرافعات).
كما راعى الشارع مصلحة الخصم الآخر في الدعوى الأصلية، فحدد ميعاداً يجب أن يتخذ فيه طالب الضمان إجراءات إدخال ضامنه، وإلا كان الإدخال ذاته جوازياً للمحكمة تستطيع أن تأمر به أو أن ترفضه، فوفقاً للمادة 119 مرافعات تستجيب المحكمة لطلب تأجيل الدعوى لإدخال ضامن فيها إذا كان طالب الضمان قد كلفه ضامنه الحضور خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلانه بالدعوى أو قيام السبب الموجب للضمان، أو إذا كانت الثمانية الأيام المذكورة لم تنقض قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى، وفيما عدا هذه الحالة يكون التأجيل لإدخال الضامن جوازياً للمحكمة، وبذلك يمكن تفادي ما قد يصيب الخصم الآخر في الدعوى الأصلية من أضرار نتيجة لتأخير الفصل في الدعوى الأصلية، بل إن المشرع أجاز للمحكمة إذا رأت أن طلب الضمان لا أساس له أن تحكم على مدعي الضمان بالتعويضات الناشئة عن تأخير الفصل في الدعوى الأصلية (مادة 122 مرافعات)، وفي ذلك ضمانة لجدية طالب الضمان وحماية الخصم الآخر في الدعوى الأصلية من إساءة المضمون في سلوكه سبيل دعوى الضمان الفرعية.
المحكمة المختصة بنظر دعوى الضمان الفرعية : ينعقد الإختصاص بالطلب العارض المسمى بدعوى الضمان الفرعية للمحكمة المختصة بنظر الدعوى الأصلية، وتحديد المحكمة المختصة بنظر الدعوى الأصلية يخضع القواعد العامة المنظمة للإختصاص القضائي.
فالمحكمة المختصة بالدعوى الأصلية تختص بطريق التبعية بنظر دعوى الضمان الفرعية وهو ما يتضح من المادة 119 مرافعات، كما أن ذلك تطبيق لقواعد الإختصاص الخاصة بالطلبات العارضة.
إذ يمتد إختصاص المحكمة المنعقد لها الاختصاص بنظر دعوى معينة ليشمل كافة المسائل المتفرعة عنها والمرتبطة بها حتى ولو كانت هذه المسائل لا تندرج في الإختصاص الأصلي لهذه المحكمة، إعمالاً لقاعدة أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع، إذ الفرع يتبع الأصل.
ولكن مدى إمتداد إختصاص المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية إلى الطلبات المرتبطة بها والطلبات المتفرعة عنها، يختلف بحسب ما إذا كانت المحكمة المختصة بنظر الدعوى الأصلية محكمة جزئية أو محكمة إبتدائية، فإختصاص المحكمة الجزئية لا يمتد إلى الطلبات العارضة والمرتبطة بالدعوى الأصلية، إلا إذا كانت هذه الطلبات تدخل بحسب قیمتها أو نوعها في إختصاص المحاكم الجزئية، إذ أن إختصاص هذه المحاكم مقرر على سبيل الحصر، ولا يجوز التوسع فيه أو بالإضافة إليه، وقد نصت المادة 46 مرافعات على أن «لا تختص محكمة المواد الجزئية بالحكم في الطلب العارض أو الطلب المرتبط بالطلب الأصلي إذا كان بحسب قيمته أو نوعه لا يدخل في إختصاصها.
وإذا عرض عليها طلب من هذا القبيل جاز لها أن تحكم في الطلب الأصلى وحده إذا لم يترتب على ذلك ضرر بسير العدالة، وإلا وجب عليها أن تحكم من تلقاء نفسها بإحالة الدعوى الأصلية والطلب العارض أو المرتبط بحالتهما إلى المحكمة الإبتدائية المختصة ويكون حكم الإحالة غير قابل للطعن.
أما إختصاص المحكمة الإبتدائية فيمتد ليشمل كافة الطلبات العارضة والمرتبطة بالدعوى الأصلية، حتى ولو كانت هذه الطلبات لا تدخل في إختصاصها النوعي، لأنها صاحبة الإختصاص العام، ومن يملك الأكثر يملك الأقل، وقد نصت المادة 47 مرافعات على أن تختص المحكمة الابتدائية بالحكم إبتدائياً في جميع الدعاوى المدنية والتجارية التي ليست من اختصاص محكمة المواد الجزئية، ويكون حكمها انتهائياً إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز عشرة آلاف جنيه.
وتختص كذلك بالحكم في قضايا الإستئناف الذي يرفع إليها عن الأحكام الصادرة إبتدائياً من محكمة المواد الجزئية أو من قاضى الأمور المستعجلة.
كما تختص بالحكم في الطلبات الوقتية أو المستعجلة وسائر الطلبات العارضة وكذلك في الطلبات المرتبطة بالطلب الأصلي مهما تكن قيمتها أو نوعها.
وتطبيقاً لذلك فإن للمحكمة الجزئية التي تنظر الدعوى الأصلية لا تختص نوعياً بنظر دعوى الضمان الفرعية، إلا إذا كانت هذه الدعوى - أي دعوى الضمان الفرعية - تدخل في إختصاصها، أما إذا كانت لا تدخل في إختصاصها فإن للمحكمة أن تفصل في الدعوى الأصلية دون طلب الضمان، وتحيل هذا الطلب العارض إلى المحكمة الإبتدائية إذا لم يترتب على ذلك ضرر بسير العدالة وإلا أحالت الدعويين إلى المحكمة الإبتدائية، بينما إذا عرضت دعوى الضمان الفرعية على المحكمة الإبتدائية، فإنها تختص بها حتى ولو كانت تخرج عن إختصاصها، لأنها محكمة ذات اختصاص عام كما سبق أن ذكرنا آنفاً.
هذا فيما يتعلق بالإختصاص النوعي بالنظر في دعوى الضمان الفرعية، أما فيما يتعلق بالاختصاص المحلي فإن المادة 60 مرافعات تنص على أن تختص المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية بالفصل في الطلبات العارضة.
على أنه يجوز للمدعى عليه في طلب الضمان أن يتمسك بعدم إختصاص المحكمة، إذا أثبت أن الدعوى الأصلية لم تقم إلا بقصد جلبه أمام محكمة غير محكمته.
فالمحكمة المختصة محلياً بالدعوى الأصلية هي التي تختص بنظر دعوى الضمان الفرعية، ولكن إذا أثبت الضامن سوء نية طالب الضمان وتواطؤه مع الغير على إختلاق الدعوى تحايلاً على قواعد الإختصاص ومن أجل جلبه إلى محكمة غير مختصة محلياً بطلب الضمان، فإن له أن يتمسك بعدم إختصاص محكمة الدعوى الأصلية بنظر طلب الضمان الفرعي، وللضامن أن يثبت سوء نية طالب الضمان بكافة طرق الإثبات، ولكن يسقط حق الضامن في الدفع بعدم الإختصاص المحلي إذا لم يبده قبل أي دفع أخر أو دفاع في موضوع الطلب لأن الدفع بعدم الإختصاص المحلي غير متعلق بالنظام العام.
إجراءات دعوى الضمان الفرعية :
يجوز لكل من الخصمين في الدعوى الأصلية تقديم طلب الضمان المسمى بدعوى الضمان الفرعية، فقد يكون طالب الضمان في مركز المدعي في الدعوى الأصلية أو في مركز المدعى عليه فيها، وقد أحسن المشرع المصرى صنعاً عندما عبر في المادة 119 مرافعات عن طالب الضمان بلفظ «الخصم» مما يعني إمكانية تقديم طلب الضمان من المدعي أو المدعى عليه في الدعوى الأصلية، بينما عبر المشرع الفرنسي في المادة 109/ 1 مرافعات عن طالب الضمان بأنه المدعى عليه في الدعوى الأصلية إذ تخول هذه المادة القاضي سلطة منح ميعاد لحضور الضامن بناء على طلب المدعى عليه، ولكن من المتفق عليه في الفقه الفرنسي أن للمدعي في الدعوى الأصلية أيضاً أن يتقدم بطلب الضمان.
وغالباً ما يكون طالب الضمان هو المدعى عليه في الدعوى الأصلية كالمشتري الذي ترفع عليه دعوى باستحقاق العقار المبيع فيختصم البائع الذي باع له ذلك العقار لكي يوفي بالتزامه بالضمان الناجم عن عقد البيع.
ومن المتصور أن يكون طالب الضمان هو المدعي في الدعوى الأصلية ومثال ذلك إذا ما رفعت دعوى مطالبة بالدين من المحال على المدين مديونته، كان للمحال - وهو المدعى في دعوى المطالبة الأصلية - أن يدخل المحيل ضامناً ( أحمد مسلم - أصول المرافعات - بند 546 ص 590، عبد المنعم الشرقاوي - بند 255 ص 326)، ومثال ذلك أيضاً المشتري الذي يرفع دعوى على حائز العقار المبيع لتسلمه منه، ويختصم البائع في الدعوى باعتباره ضامناً (فتحي والي - الوسيط - بند 210 ص 329)، وأيضاً إذا رفع مشترى العقار على جاره دعوى بتقرير حق إرتفاق لعقاره على عقار الجار في عقد الشراء فله أن يدخل في هذه الدعوى بائع العقار بصفته ضامناً لوجود حق الإرتفاق (عبد المنعم الشرقاوى - الوجيز - بند 255 ص 326).
ويتبع في رفع الدعوى الضمان ذات الإجراءات المعتادة لرفع الدعاوى، فإدخال الخصم للضامن يكون بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى (مادة 119/ 3 مرافعات)، وذلك بإيداع المدعى لصحيفة الدعوى في قلم كتاب المحكمة، ويلتزم قلم الكتاب بقيد الدعوى في يوم تقديم الصحيفة في السجل الخاص بذلك بعد أن يثبت في حضور المدعى أو من يمثله تاريخ الجلسة المحددة لنظرها في أصل الصحيفة وصورها. (مادة 67/ 1 مرافعات)، وعلى قلم الكتاب في اليوم التالي على الأكثر أن يسلم أصل الصحيفة وصورها إلى قلم المحضرين لإعلانها ورد الأصل إليه (مادة 67/ 2 مرافعات)، و يجوز لقلم الكتاب أن يسلم للمدعي - متى طلب ذلك - أصل الصحيفة وصورها ليتولى تقديمها إلى قلم المحضرين لإعلانها ورد الأصل إلى المدعي ليقوم بإعادته إلى قلم الكتاب (مادة 67/ 3 مرافعات).
وحتى يكون إدخال الضامن ذا أثر، فإنه ينبغي أن يقوم المضمون بإيداع صحيفة دعوى الضمان ضد الضامن لدى قلم كتابه المحكمة الذي يلتزم بقيدها، وأن يتم إعلان الضامن بها قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى الأصلية، ومن ثم تحقق دعوى الضمان الفرعية وظيفتها في توفير حماية للمضمون، وتمكين الضامن من الدفاع في الدعوى الأصلية.
ولذلك فإن طالب الضمان يكون في حاجة إلى تأجيل الجلسة المحددة لنظر الدعوى الأصلية إذا لم تكن دعوى الضمان الفرعية قد رفعت أو إذا رفعت، وتحدد لنظرها جلسة تحل بعد الجلسة المحددة لنظر الدعوى الأصلية، وإذا ما طلب من المحكمة تأجيل الجلسة المحددة لنظر الدعوى الأصلية فإنه وفقاً للمادة 119 مرافعات يجب على المحكمة أن تستجيب لهذا الطلب إذا توافر شرطان :
الشرط الأول : أن تكون الدعوى الأصلية دعوى مدنية، فنص المادة 119/ 1 يفيد وجوب إجابة الخصم إلى طلب تأجيل الدعوى لإدخال الضامن فيها في المواد المدنية فقط، كما أن الدعوي التجارية لا تحتمل بطبيعتها التأجيل حتى ولو رفعت أمام محكمة مدنية.
فالمسائل التجارية تقتضي سرعة البت فيها، ولا تحتمل الإرجاء.
والشرط الثاني : أن يكون طالب الضمان قد بادر بتكليف ضامنه بالحضور خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلانه بالدعوى (إن كان مدعی عليه في الدعوى الأصلية)، أو من تاريخ رفعها إن كان مدعياً في الدعوى الأصلية)، أو من تاريخ قیام. السبب الموجب للضمان، وهو الأمر الذي يقتضي رجوع المضمون على الضامن، أو أن تكون الجلسة المحددة لنظر الدعوى الأصلية قد حلت قبل مضي ثمانية الأيام المذكورة .
ويلاحظ أنه في الغالب أنه برفع الدعوى الأصلية يقوم السبب الموجب للضمان ولكن قد لا يقتضى رفع الدعوى الأصلية بذاته الرجوع علي الضامن، وإنما يقتضيه ما أبداه الخصم من دفاع في الدعوى الأصلية، ولذلك تبدأ الثمانية الأيام من إبداء هذا الدفاع، كما لو رفع المحال بالدين دعوى على المدين يطالبه بالدين فأنكر المدين وجود الدين، فيضطر المحال إلى إدخال المحيل ضامناً للقيام بإلتزامه بالضمان، فإنكار الدين من المدين هو السبب الموجب للضمان (رمزی سيف - الوسیط - بند 316 ص 369).
ومثال ذلك أيضاً إذا رفع مشترى العقار دعوى على جاره يطالبه فيها بتقرير حق ارتفاق على عقاره، فينكر المدعى عليه هذا الحق، ففي هذه الحالة يكون السبب الموجب للضمان هو دفاع المدعى عليه (أحمد أبوالوفا - المرافعات - طبعة 14 سنة 1986، بند 191 ص 212 هامش رقم 3).
وإذا توافر هذان الشرطان يجب على المحكمة المرفوعة إليها الدعوى الأصلية أن نجيب طالب الضمان إلى طلبه تأجيل الدعوى لإدخال ضامنه فيها، أما إذا تخلف الشرطان أو أحدهما فإن التأجيل لإدخال الضامن يكون جوازياً فلا تلتزم المحكمة به، وإنما يكون للمحكمة أن تجيب صاحب الضمان لطلب التأجيل أو لا تجيبه وفقاً لما تراه من إعتبارات، وسواء كان التأجيل وجوبياً أو جوازياً فإنه يراعى في تقدير الأجل مواعيد الحضور.
آثار دعوى الضمان الفرعية :
يترتب على إدخال الضامن في الدعوى الأصلية تغيير نطاق الخصومة من حيث أشخاصها، ففضلاً عن طالب الضمان وخصمه في الدعوى الأصلية سوف نجد طرفاً آخر، وهو الضامن، أي أن الخصومة تصبح ثلاثية الأطراف، وسوف تكون بصدد دعويين الدعوى الأصلية بين طالب الضمان، وخصمه ودعوى الضمان الفرعية بين طالب الضمان والضامن، ويلاحظ أن ثمة إستقلالاً بين الدعويين، إذ تعتبر دعوى الضمان مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية فهي لا تعتبر دفاعاً، ولا دفعاً فيها، ولا يعتبر الحكم الصادر في الدعوى الأصلية فاصلاً في دعوى الضمان (نقض مدنى 1979/3/19 - في الطعن رقم 2 لسنة 46 قضائية، ونقض مدني 1984/2/21 - الطعن رقم 868 لسنة 50 قضائية)، وسوف نلقي الضوء الآن على مركز طالب الضمان، ومركز الضامن ومركز الخصم الآخر في الدعوى الأصلية.
أولاً - مركز طالب الضمان : طالب الضمان خصم في الدعوى الأصلية لأنها إما مرفوعة منه على الغير أو مرفوعة من الغير عليه، أي أنه قد يكون مدعياً أو مدعى عليه في الدعوى الأصلية حسب الأحوال، وهو في نفس الوقت خصم في دعوى الضمان الفرعية باعتباره طالب ضمان فهو المدعي في دعوى الضمان الفرعية.
وإذا ما أدخل الضامن في الدعوى، وأمرت المحكمة بضم طلب الضمان إلى الدعوى الأصلية فإن المضمون أي طالب الضمان أن يطلب إخراجه من الدعوى إذا لم يكن مطالباً بالتزام شخصی (مادة 121 مرافعات) - فطالب الضمان يستطيع أن يطلب إخراجه من الدعوى الأصلية إذا كان الضمان شكلياً، وقد أوضح المشرع الفرنسي ذلك بجلاء في المادة 336/ 1، من قانون المرافعات الفرنسي، وكما أسلفنا فيما مضى فإن الضمان يكون شكلياً إذا كان طالب الضمان غير ملتزم بالتزام شخصی قبل الخصم الآخر في الدعوى الأصلية، وهو حدث عندما يكون طالب الضمان طرفاً في الدعوى الأصلية باعتباره صاحب حق - عيني أو شخصی - نقل إليه من الضامن، ونازعه الخصم الآخر في الدعوى الأصلية ومثال ذلك إذا رفع مدعی استحقاق عين دعوى على مشتريها فادخل المشتري البائع له ضامناً فيها، ففي هذه الحالة يجوز للمشترى أن يطلب خروجه من الدعوى الأصلية، لأنه ليس ملتزماً بالتزام شخصی قبل الغير رافع الدعوى الأصلية، ولأن الالتزام بالضمان في هذه الحالة يشمل الإلتزام بالدفاع عن صاحب الضمان، والرد على دعوى الغير فضلاً عن الحكم على الضامن بالتعويض إذا فشل في رد دعوى الغير فالمشتري الذي ترفع عليه دعوى بملكية المال المبيع إذا ما أدخل البائع له ضامناً، وبعد أن ربط بين البائع ومدعي الإستحقاق بخصومة قضائية وأصبحاً بذلك الخصمين الحقيقيين بالنسبة لملكية العين، وهي موضوع الدعوى الأصلية، وموضوع الضمان أيضاً، فإنه يجوز له أن يقف موقف المتفرج، وأن يخرج نفسه من الدعوى الأصلية، وتبقى هذه الدعوى بين الضامن والمدعي الأصلي فيها.
ولكن إذا كان الضمان بسيطاً أي كان طالب الضمان ملتزماً قبل الغير رافع الدعوى الأصلية بإلتزام شخصي، فإنه لا يجوز له الخروج من الدعوى، ومثال ذلك إذا رفع دائن دعوى على الكفيل فأدخل الكفيل المدين ضماناً فإنه لا يجوز للكفيل الخروج من الدعوى لأنه ملتزم إلتزاماً شخصياً قبل الدائن، ولأن التزام الضامن يقتصر على الإلتزام بتعويض صاحب الضمان عما يصيبه من ضرر بسبب الحكم عليه في الدعوى الأصلية، ولذلك يسمى هذا الضمان في القانون الفرنسي بالضمان البسيط، ومن أمثلة حالات الضمان البسيط أيضاً، والتي لا يجوز لصاحب الضمان فيها الخروج من الدعوى الأصلية حالة ما إذا رفع مشتری دعوى على البائع له يطالبه فيها بتعويض بسبب وجود عيب في العين وكان البائع قد اشترى العين من شخص آخر فأدخله ضامناً في الدعوى، فلا يجوز للمدعى عليه في الدعوى الأصلية أن يطلب خروجه من الدعوى لأنه باعتباره بائعاً لرافع الدعوى الأصلية ملتزم قبله بالتزام شخصی. (رمزی سیف - ص 270 هامش رقم 2).
فخروج المضمون من الدعوى الأصلية يشترط لجوازه ألا يكون المضمون مطالباً بالتزام شخصي، وأن تأمر المحكمة بضم طلب الضمان إلى الدعوى الأصلية. وقد أورده المشرع هذين الشرطين في المادة 121 من قانون المرافعات، والتي تنص على أنه " إذا أمرت المحكمة بضم طلب الضمان إلى الدعوى الأصلية يكون الحكم الصادر على الضامن عند الإقتضاء حكماً للمدعي الأصلي، ولو لم يكن قد وجه إليه طلبات، ويجوز لطالب الضمان أن يطلب إخراجه من الدعوى إذا لم يكن مطالباً بالتزام شخصی " .
ومن المنطقي أن يقتصر إستعمال طالب الضمان لرخصة الخروج من الدعوى الأصلية على الحالة التي تأمر فيها المحكمة بضم طلب الضمان إلى الدعوى الأصلية، أي التي تقبل فيها المحكمة إدخال الضامن، وتأذن بالتأجيل لاتخاذ الإجراءات اللازمة لهذا الإدخال، لأنه لا يتصور خروج طالب الضمان من الخصومة الأصلية إلا إذا أدخل الضامن فيها، فلا يعقل أن يخرج المضمون، ولا يدخل الضامن إن يؤدي ذلك إلى تفريغ الخصومة من أشخاصها، وهو ما لا يتصور حدوثه، وقد يكون قرار ضم طلب الضمان إلى الدعوى الأصلية حكماً صريحاً، وقد يستقاد ضمنياً من قرار المحكمة القاضي بتأجيل الدعوى لإدخال الضامن.
فإذا توافر الشرطان السابقان أي شرط أمر المحكمة بضم طلب الضمان إلى الدعوى الأصلية، وشرط ألا يكون المضمون مطالباً بالتزام شخصي، فإن للمضمون أن يطلب إخراجه من الخصومة الأصلية، بيد أن هذا الخروج من الخصومة هو مجرد رخصة لطالب الضمان له أن يستعملها أو يؤثر الاستمرار في الخصومة، فقد يفضل طالب الضمان البقاء في الخصومة على الأقل من أجل مراقبة دفاع الضامن، أو لمتابعة إجراءات الخصومة، والمساهمة في الدفاع فيها مع الضامن (وجدي راغب - مبادئ الخصومة - ص 287)
وحتى لو توافر الشرطان المذكوران آنفا، وطلب طالب الضمان إخراجه، فإن للضامن أو لخصم طالب الضمان أن يعترض على خروجه، وإذا كان الاعتراض وجيها رفض القاضي طلب الخروج من الخصومة وقد حرص المشرع الفرنسي على النص في المادة 2/336 من قانون المرافعات الجديد على حق الخصم الأصلي في الإعتراض على خروج طالب الضمان، وأن يتمسك ببقائه في الدعوى.
فخروج طالب الضمان من الدعوى الأصلية يخضع لتقدير المحكمة، وتوافر الشرطان السابقان، وطلب طالب الضمان من المحكمة إخراجه من الدعوى الأصلية لا يعني أن تلتزم المحكمة بإجابته إلى طلبه، وأن يكون حكمها وجوبياً بالخروج، فقد يمس خروج المضمون من الدعوى الأصلية مصالح خصمه أو يتناقض معها، وربما يؤثر هذا الخروج على تحقيق الدعوى، ومن ثم فإن المحكمة تنظر في طلب الخروج فتستطلع رأى خصم طالب الضمان في الدعوى الأصلية، ورأى الضامن، وتفحص مدى ملاءمته لسير إجراءات الخصومة، وفي ضوء ذلك، وعلى هدى ما تراه ملائماً فإنها تصدر قرارها المناسب سواء بالموافقة على خروج طالب الضمان أو رفض طلبه.
وفي حالة قبول المحكمة لطلب خروج طالب الضمان، فإن ثمة تساؤلاً يثور عن أثر خروج طالب الضمان؟ ، وينبغي التفرقة في هذا الصدد بين أثر الخروج على دعوى الضمان الفرعية، وأثره بالنسبة للدعوى الأصلية.
فبالنسبة لدعوي الضمان الفرعية فإنه لا أثر لخروج طالب الضمان من الدعوى الأصلية عليها، إذ تظل دعوى الضمان محتفظة بذاتها، ويظل طالب الضمان خصماً أصلياً فيها، إذ أنه رافع هذه الدعوى، وتكون إجراءاتها في مركز إجراءات خصومة وقفت، ولكنها لم تنقض، ولا يتصور إخراج طالب الضمان من دعوى الضمان، وهو المدعي فيها، اللهم إلا إذا تنازل عنها أو قرر ترك الخصومة بالنسبة لها (إبراهيم نجيب سعد - بند 247 ص 615، وجدي راغب - مبادئ الخصومة - ص 287)، ولكن هذا يؤدي أيضاً إلى خروج الضامن من الخصومة كلها، وطالما لم يحدث تنازل منه أو ترك للخصومة فإن دعوي الضمان تظل كما يظل هو خصماً فيها، فيحكم له بطلباته على الضامن إذا نجح المدعي الأصلي في دعواه، ومن ثم يملك إستئناف الحكم الصادر في الدعوى الأصلية، وفي دعوى الضمان (أحمد أبو الوفا التعليق - ص 559، والمرافعات - بند 192 ص 213).
أما بالنسبة للدعوى الأصلية، فقد تباينت آراء الفقه بشأن مركز طالب الضمان فيها عقب خروجه منها، فذهب رأي إلى أن طالب الضمان بخروجه من الدعوى الأصلية لا يعد خصماً فيها، ولا تكون عليه أعباء وإلتزامات الخصم، ورغم ذلك فإن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية يعتبر حجة له وحجة عليه على أساس أن الضامن بعد في واقع الأمر نائباً عنه، فالضامن معتبر حالاً محله في الخصومة عند خروجه منها ولذلك يمكن تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى الأصلية ضده، كذلك فإنه على الرغم من أن طالب الضمان ترك ضامنه يقوم وحده بالدفاع في الدعوى الأصلية، وخرج هو منها، فإنه يبقى له حق الطعن في مواجهة المدعي الأصلي في الحكم الصادر ضده في الدعوى الأصلية، إذ أن الضامن كان في واقع الأمر نائباً عنه في الدفاع الموجه للمدعي في الدعوى الأصلية (فتحى والي - بند 210 ص 331، أحمد أبو الوفا ۔ المرافعات - بند 192 ص 213، حامد فهمي ومحمد حامد فهمي - النقض في المواد المدنية والتجارية - سنة 1937 بند 273 ص 559).
وهذا الرأي - سالف الذكر - جدير بالتأييد من جانبنا، فبخروج المضمون لا يعتبر خصماً بمعنى الكلمة فهو غير ملتزم شخصياً في الدعوى الأصلية، ولو كان مطالباً بالتزام شخصي فيها لما تمكن من الخروج، كما أن خروجه يتم بناء على طلبه، وبكامل إرادته ومما يؤكد زوال صفته كخصم بخروجه أن له أن يعود فيتدخل في الخصومة إذا خشي من وجود تواطؤ بين خصمه والضامن، وهو يتدخل وفقاً لقواعد تدخل الغير، وكون الحكم الصادر في الدعوى الأصلية حجة له وحجة عليه، فهذا يرجع إلى أن الضامن يحل محله حلولاً إجرائياً، وإعمالاً لفكرة الحلول الإجرائي تترتب حجية الأمر المقضي ليس فقط في مواجهة من حل محل صاحب الحق الموضوعي بإعتباره طرفاً في الخصومة، بل أيضاً في مواجهة صاحب الحق الموضوعي، ولذلك فإن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية يكون له حجية الأمر المقضي ليس فقط في مواجهة الضامن الذي حل محل صاحب الحق الموضوعي، بل أيضاً في مواجهة طالب الضمان صاحب الحق الموضوعي، كما أن الضامن هو الذي يتحمل مصاريف الخصومة، وليس طالب الضمان، لأن من مقتضى الحلول الإجرائي أن من يقوم بالحلول، وهو الطرف في الخصومة هو الذي يتحمل مصاريف الخصومة بإعتبار أنه يقع على عاتقه القيام بواجبات الخصم كما أن له كافة سلطاته.
وذهب رأي ثان في الفقه إلى أنه رغم خروج طالب الضمان من الدعوى الأصلية إلا أنه يعتبر خصماً فيها، فالخروج محدود الأثر إذ يقتصر أثره على تفادي الحكم على صاحب الضمان بمصاريف الدعوى الأصلية ليحكم بها على الضامن مباشرة، ولا يتعدى اثر الخروج هذا، فلا يترتب عليه زوال صفة المضمون كخصم في الدعوى الأصلية، ولا يمنع خروجه من الحكم عليه في هذه الدعوى عند الإقتضاء، ولا يؤدي إخراج طالب الضمان إلى انقطاع كل صلة له بالخصومة فهو يظل خصماً، ولكن في نطاق معين، فخروجه يؤدي إلى إغفاله من الواجبات الإجرائية كعبء الحضور، وإلى تفادي الحكم عليه بمصاريف الدعوى في حالة خسارتها (رمزي سيف - الوسيط - بند 317 ص 371، أحمد مسلم - بند 549 ص 592).
وإتجه رأي ثالث إلى القول بأن طالب الضمان بخروجه من الدعوى الأصلية يتحول من خصم كامل إلى خصم ناقص، حيث توزع مركز الخصم بينه وبين الضامن، فبخروج طالب الضمان لا يحل محله الضامن إلا فيما يتعلق بمباشرة إجراءات الخصومة منذ لحظة خروجه، وفيما عدا ذلك يظل طالب الضمان طرفاً في الخصومة، يتقيد بما تؤدي إليه إجراءاتها، وينصرف إليه ما يصدر فيها من أحكام، إذ أن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية يحوز حجية الأمر المقضي بالنسبة إليه، ويرتب له الحق في تنفيذه، ويكون له الحق في الطعن فيه، فخروج طالب الضمان من الدعوى الأصلية يعنى تخلصه من مرارة و عبء التقاضي بشأنها متخلياً عن مباشرة إجراءات الخصومة وتسييرها للضامن، ويعني هذا تغييراً في مركزه الإجرائي لأن الخروج بهذا المعنى - وفقاً لهذا الرأي - يرتب انتقاصاً لحقوقه، وواجباته التي تشكل مضمون مركزه، فهو يتحول من خصم كامل إلى خصم ناقص (أحمد زغلول - دعوى الضمان الفرعية - بند 160 ص 214) .
ولكننا نميل إلى الرأي الأول كما أسلفنا، فطالب الضمان بخروجه من الدعوى الأصلية لا يعتبر خصماً فيها، ويحل محله ضامنه حلولاً إجرائياً.
ثانياً : مركز الضامن: لتوضيح هذا المركز ينبغي التفرقة بين دعوى الضمان الفرعية والدعوى الأصلية، فبالنسبة لدعوى الضمان فإن هذه الدعوى مرفوعة على الضامن فهو المدعى عليه فيها، ومن ثم هو طرف في الخصومة بالنسبة لهذه الدعوى، وله أن يقدم ما يعن له من دفوع خاصة به والتي تتعلق بالتزامه بالضمان، وكما أن الحكم الصادر في دعوى الضمان حجة له أو عليه، وله أن يطعن في هذا الحكم إذا شاء .
وبالنسبة للدعوى الأصلية فإنه بمجرد أمر المحكمة بضم طلب الضمان إلى هذه الدعوى، أي بمجرد إدخال الضامين فإنه يكتسب مركز الخصم في الدعوى الأصلية بما يترتب على ذلك من حقوق وواجبات، فبإختصام الضامن يعتبر طرفاً في خصومة الدعوى الأصلية، سواء خرج طالب الضمان أو بقي فيها، وهو يأخذ مركز طالب الضمان فيها (فتحى والى - بند 210 ص 322، إبراهيم سعد ج 1 بند 247 ص 612)، سواء كان طالب الضمان مدعياً أو مدعياً عليه، وهذا أمر. منطقي إن الهدف من إدخاله في الخصومة هو مساعدة طالب الضمان في دحض مزاعم خصمه في الدعوى الأصلية.
وهو يأخذ مركز طالب الضمان في الدعوى الأصلية حتى ولو لم يكن المدعي الأصلي قد وجه طلباً للضامن أو أن الضامن لم يبد دفاعاً مستقلاً عن دفاع من يضمنه (نقض مدني 1966/1/13 - مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 123، وايضاً فتحی والی - بند 210 ص 322)، كما يستفيد الضامن من الدفوع التي يتمسك بها طالب الضمان نقض مدني 1975/1/8 - مجموعة المكتب الفني - السنة 26 ص 135)، ويجوز له أن يبدى الدفوع التي لطالب الضمان حتى ولو لم يتمسك هذا الأخير بها مادام أنه تدخل الدفاع عنه، ولكن لا يحكم عليه.
والضامن كخصم في الدعوى الأصلية له أن يبدى الدفوع وأوجه الدفاع الخاصة به، فله بصفة عامة أن يمارس ما يمنحه له مركزه كخصم من سلطات، كما أنه يتحمل ما يفرضه هذا المركز من أعباء، وواجبات ومن أهمها مباشرة الإجراءات بحسن نية.
والحكم الصادر في الدعوى الأصلية يكون حجة على الضامن أو حجة له، ويكون له الطعن في هذا الحكم إذا شاء، كما أن الحكم الصادر على الضامن يكون عند الإقتضاء حكماً للمدعي الأصلي، ولو لم يكن قد وجه إليه طلبات (مادة 121 مرافعات).
ورغم أن الأصل أنه لا يفيد من الطعن إلا من رفعه، ولا يحتج به إلا على من رفع عليه (مادة 1/218 مرافعات)، إعمالاً لمبدأ نسبية الأثر المترتب على إجراءات المرافعات، إلا أنه يفيد الضامن، وطالب الضمان من الطعن المرفوع من أيهما في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية إذا أتحد دفاعهما فيها، وإذا رفع طعن على أيهما جاز اختصام الآخر فيه (مادة 218 / 2 مرافعات).
فإذا أتحد دفاع الضامن في الدعوى الأصلية مع طالب الضمان، فإن الضامن يستفيد من الطعن الذي يقدمه طالب الضمان، ويؤدي إلى صدور حكم لصالحه، ولو لم يقدم الضامن طعناً، والعكس صحيح أيضاً، إذ يستفيد طالب الضمان من طعن الضامن في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية بشرط إتحاد دفاعهما فيها، ويلاحظ أنه إذا اقتصر الضامن على نفي مسئوليته عن الضمان فإن طالب الضمان لا يستفيد من الطعن المرفوع منه إذ لا يعتبر دفاعهما متحداً في هذه الحالة (كمال عبد العزيز ص 431).
انظر في أن للضامن إستئناف الحكم الصادر في الدعوى الأصلية التي دخل فيها حتى ولو رضي طالب الضمان بهذا الحكم إكتفاء بالحكم له على الضامن في دعوى الضمان - نقض مدني 1942/6/4 - الطعن رقم 5 لسنة 15 قضائية وأنه ليس للضامن إستئناف الحكم الصادر في الدعوى الأصلية إلا إذا كان قد دافع في الدعويين معاً - نقض مدني 1978/5/2 - في الطعن رقم 941 لسنة 44 قضائية، وأنه يترتب على إستئناف الضامن للحكم الصادر ضده أن يطرح على المحكمة الإستئنافية الدعوى الأصلية، و دعوى الضمان الفرعية، وتلتزم هذه المحكمة ببحث مسئولية طالب الضمان، والضامن، ولو كانت محكمة أول درجة قد قضت بإخراج طالب الضمان من الدعوى - نقض مدني 1971/6/3 - مجموعة المكتب الفني - سنة 22 ص 72، و نقض مدني 1978/5/2 - مجموعة المكتب الفني - السنة 29 ص 1155).
وإذا صدر الحكم في الدعوى الأصلية ضد خصم طالب الضمان واقتصر هذا الخصم على رفع طعن ضد طالب الضمان أو ضد الضامن فقط، فإنه يجوز له رغم ذلك إختصام من لم يختصمه منهما، ولو بعد فوات الميعاد (كمال عبد العزيز - ص 431).
ثالثاً : مركز الطرف الآخر في الدعوى الأصلية : فهو خصم في الدعوى الأصلية، ويعتبر من الغير بالنسبة لدعوى الضمان الفرعية، وهو في الدعوى الأصلية يواجه خصمين طالب الضمان وضامنه، وباعتباره من الغير بالنسبة لدعوى الضمان الفرعية فإنه - كقاعدة - لا يستفيد منها ولكن إذا ما أمرت المحكمة بضم طلب الضمان إلى الدعوى الأصلية فإنه وفقاً للمادة 121 مرافعات يكون الحكم الصادر على الضامن عند الاقتضاء حكماً للمدعي الأصلي، ولو لم يكن قد وجه إليه طلبات، كذلك فإنه وفقاً للمادة 122 مرافعات للخصم الآخر أن يطلب من المحكمة الحكم له بالتعويضات الناشئة عن تأخير الفصل في الدعوى الأصلية إذا ما رأت المحكمة أن طلب الضمان لا أساس له.
نظر دعوى الضمان الفرعية والحكم فيها:
وفقاً للمادة 120 مرافعات على المحكمة أن تقضي في طلب الضمان وفي الدعوى الأصلية بحكم واحد كلما أمكن ذلك، وإلا فصلت المحكمة في طلب الضمان بعد الحكم في الدعوى الأصلية، ويخضع تقدير ذلك لسلطة المحكمة، فإذا كان نظر طلب الضمان لن يستغرق وقتاً طويلاً، ولن يؤدي إلى تأخير الفصل في الدعوى الأصلية، فإنها تقضي في طلب الضمان، وفي الدعوى الأصلية بحكم واحد، أما إذا كان نظر دعوى الضمان سوف يستغرق وقتاً طويلاً مما ينتج عنه تأخير الفصل في الدعوى الأصلية فإنها ستبقى الفصل في دعوى الضمان الفرعية إلى ما بعد الحكم في الدعوى الأصلية.
ويتعين ملاحظة أن الإستئناف المرفوع من الضامن في الحكم الصادر ضده لصالح المدعي في الدعوى الأصلية لا يطرح على محكمة الاستئناف دعوى الضمان الفرعية وحدها، وإنما يطرح عليهما الدعويين معاً الأصلية والفرعية بحيث يكون لها أن تحكم للمدعي الأصلي على الضامن أو علي مدعي الضمان حسبما يتضح لها من توافر أركان المسئوليتين. (نقض 1971/6/3 ، سنة 22 ص 724).
وإذا رأت المحكمة أن طلب الضمان لا أساس له جاز لها الحكم على مدعی الضمان بالتعويضات الناشئة عن تأخير الفصل في الدعوى الأصلية (مادة 122 مرافعات)، ومن المفهوم أن المحكمة لا تحكم بذلك من تلقاء نفسها، وإنما بناء على طلب الخصم الآخر في الدعوى الأصلية بتعويضه عن الضرر الناجم عن تأخير الفصل في الدعوى (رمزی سيف - بند 365 ، أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 559، وجدى راغب - مبادئ الخصومة - ص 286 كمال عبد العزيز - ص 276).
إذ يتعرض طالب الضمان لخطر المسئولية عن تأخير الفصل في الدعوى الأصلية عند صحتها وحدها دون صحة طلب الضمان، ولكن هذه المسئولية ليست حتمية، فقد لا يتحقق تأخير يذكر في الفصل في الدعوى الأصلية بسبب طلب الضمان، وربما لا يتحقق ضرر ما رغم حدوث هذا التأخير، وقد يكون طالب الضمان حسن النية في طلبه رغم عدم صحته، ورغم أن القانون افترض خطأ طالب الضمان بتقديم طلب ضمان ليس له أساس من القانون، ولم يشترط للحكم بالتعويض ثبوت سوء القصد لديه، إلا أن له أن ينفي هذا الخطأ بإثبات حسن نيته في طلبه رغم عدم صحته، ومن ثم يتفادى خطر المسئولية.
ويخضع تقدير حصول الضرر الذي قد يصيب الخصم الآخر في الدعوى الأصلية نتيجة لإنعدام أساس طلب الضمان، ومدى ذلك الضرر إلى سلطة المحكمة، بيد أن الحكم بالتعويض جوازي لها حتى ولو ثبت حصول الضرر، فقد يحدث الضرر، ومع ذلك لا يكون هناك خطأ من طالب الضمان نظراً لحسن نيته وإعتقاده سلامة طلبه.(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الثالث ، الصفحة : 53)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثاني ، الصفحة / 19
الأْجَلُ الْقَضَائِيُّ
- الْمُرَادُ بِالأْجَلِ الْقَضَائِيِّ: الأْجَلُ الَّذِي يَضْرِبُهُ الْقَاضِي لِحُضُورِ الْخُصُومِ، أَوْ إِحْضَارِ الْبَيِّنَةِ، أَوْ إِحْضَارِ الْكَفِيلِ، أَوْ تَأْجِيلِ الْمُعْسِرِ إِلَى مَيْسَرَةٍ.
الْحُضُورُ لِلتَّقَاضِي:
إِنَّ الأْجَلَ الَّذِي يَضْرِبُهُ الْقَاضِي لِحُضُورِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ مَوْكُولٌ إِلَى تَقْدِيرِهِ وَطَبِيعَةِ مَوْضُوعِ النِّزَاعِ. وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلاَتٌ كَثِيرَةٌ فِي هَذَا، هِيَ مِنْ قَبِيلِ الأْوْضَاعِ الزَّمَنِيَّةِ الَّتِي تَتَغَيَّرُ، وَتَفْصِيلُهَا فِي أَبْوَابِ الدَّعْوَى وَالْقَضَاءِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.
إِحْضَارُ الْبَيِّنَةِ:
يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُمْهِلَ الْمُدَّعِيَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لإِحْضَارِ الْبَيِّنَةِ، بَيْنَمَا يَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ ذَلِكَ مَوْكُولٌ لاِجْتِهَادِ الْقَاضِي.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع ، الصفحة / 102
اسْتِمْهَال
التَّعْرِيفُ:
الاِسْتِمْهَالُ فِي اللُّغَةِ. طَلَبُ الْمُهْلَةِ. وَالْمُهْلَةُ التُّؤَدَةُ وَالتَّأْخِيرُ.
وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَ «الاِسْتِمْهَالَ. بِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ بِهِ أَهْلُ اللُّغَةِ.
حُكْمُ الاِسْتِمْهَالِ:
الاِسْتِمْهَالُ قَدْ يَكُونُ مَشْرُوعًا، وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَشْرُوعٍ:
أ - الاِسْتِمْهَالُ الْمَشْرُوعُ، وَهُوَ عَلَى أَنْوَاعٍ:
النَّوْعُ الأْوَّلُ: الاِسْتِمْهَالُ لإِثْبَاتِ حَقٍّ، كَاسْتِمْهَالِ الْمُدَّعِي الْقَاضِي لإِحْضَارِ الْبَيِّنَةِ، أَوْ مُرَاجَعَةِ الْحِسَابِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَدْ فَصَّلَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى.
النَّوْعُ الثَّانِي: الاِسْتِمْهَالُ الْوَارِدُ مَوْرِدَ الشَّرْطِ فِي الْعُقُودِ، كَاشْتِرَاطِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ تَرْكَ مُهْلَةٍ لَهُ لِلتَّرَوِّي، كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ، وَاشْتِرَاطُ الْمُشْتَرِي إمْهَالَ الْبَائِعِ لَهُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: الاِسْتِمْهَالُ الَّذِي هُوَ مِنْ قَبِيلِ التَّبَرُّعِ، كَاسْتِمْهَالِ الْمَدِينِ الدَّائِنَ فِي وَفَاءِ الدَّيْنِ . وَاسْتِمْهَالِ الْمُسْتَعِيرِ الْمُعِيرَ فِي رَدِّ مَا اسْتَعَارَهُ مِنْهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي أَبْوَابِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.
ب - الاِسْتِمْهَالُ غَيْرُ الْمَشْرُوعِ:
وَمِنْهُ الاِسْتِمْهَالُ فِي الْحُقُوقِ الَّتِي اشْتَرَطَ فِيهَا الشَّارِعُ الْفَوْرِيَّةَ، أَوِ الْمَجْلِسَ، كَاسْتِمْهَالِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الآْخَرَ فِي تَسْلِيمِ الْبَدَلِ فِي بَيْعِ الصَّرْفِ وَاسْتِمْهَالِ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِي تَسْلِيمِهِ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي بَيْعِ السَّلَمِ.
وَمِنْ الاِسْتِمْهَالِ مَا يُسْقِطُ الْحَقَّ، كَاسْتِمْهَالِ الشَّفِيعِ الْمُشْتَرِي لِطَلَبِ الشُّفْعَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ، وَكَاسْتِمْهَالِ الزَّوْجَةِ الصَّغِيرَةِ - إِذَا بَلَغَتْ - فِي الإْفْصَاحِ عَنْ اخْتِيَارِهَا زَوْجَهَا أَوْ فِرَاقِهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي خِيَارِ الْبُلُوغِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
مُدَّةُ الْمُهْلَةِ الَّتِي تُعْطَى فِي الاِسْتِمْهَالِ:
مُدَّةُ الْمُهْلَةِ إمَّا مُحَدَّدَةٌ مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ فَتُلْتَزَمُ، كَإِمْهَالِ الْعِنِّينِ سَنَةً، كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ. وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَإِمَّا مَتْرُوكَةٌ لِلْقَضَاءِ، كَمُهْلَةِ الْمُدَّعِي لإِحْضَارِ الْبَيِّنَةِ، وَإِمْهَالِ الزَّوْجَةِ لِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا لِزَوْجِهَا بَعْدَ قَبْضِهَا الْمَهْرَ بِقَدْرِ مَا تُنَظِّفُ نَفْسَهَا وَتَتَهَيَّأُ لَهُ. وَإِمَّا اتِّفَاقِيَّةٌ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، كَإِمْهَالِ الدَّائِنِ لِلْمَدِينِ فِي وَفَاءِ الدَّيْنِ، اُنْظُرْ مُصْطَلَحَ (أَجَل).
حُكْمُ إجَابَةِ الْمُسْتَمْهِلِ:
أ- يَجِبُ الإْمْهَالُ فِي حَالاَتِ الاِسْتِمْهَالِ لإِثْبَاتِ حَقٍّ، وَالاِسْتِمْهَالِ الَّذِي هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْمُطَالَبَةِ بِحَقٍّ، وَالاِسْتِمْهَالِ الْوَارِدِ مَوْرِدَ الشَّرْطِ فِي الْعُقُودِ.
ب - يُنْدَبُ الإْمْهَالُ عِنْدَمَا يَكُونُ الإْمْهَالُ مِنْ قَبِيلِ التَّبَرُّعِ.
ج - يَحْرُمُ الإْمْهَالُ فِي الْحُقُوقِ الَّتِي اشْتَرَطَ فِيهَا الشَّارِعُ الْفَوْرِيَّةَ أَوِ الْمَجْلِسَ، لأِنَّ الإْمْهَالَ فِيهَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِهَا. كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ فِي الأْبْوَابِ الَّتِي أَشَرْنَا إلَيْهَا عِنْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْحَالاَتِ.
د - يَبْطُلُ الْحَقُّ فِي مِثْلِ الْحَالاَتِ الَّتِي أَشَرْنَا إلَيْهَا فِي (ف 3).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / العاشر ، الصفحة / 32
التَّأْجِيلُ:
التَّأْجِيلُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ أَجَّلَ - بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ - وَمَعْنَاهُ: أَنْ تَجْعَلَ لِلشَّيْءِ أَجَلاً، وَأَجَلُ الشَّيْءِ: مُدَّتُهُ وَوَقْتُهُ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ مَعْنَاهُ: تَأْخِيرُ الثَّابِتِ فِي الْحَالِ إِلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، كَتَأْجِيلِ الْمُطَالَبَةِ بِالثَّمَنِ إِلَى مُضِيِّ شَهْرٍ مَثَلاً، وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّأْجِيلِ وَالتَّأْقِيتِ: أَنَّ التَّأْقِيتَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ثُبُوتُ التَّصَرُّفِ فِي الْحَالِ، بِخِلاَفِ التَّأْجِيلِ فَإِنَّهُ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع والثلاثون ، الصفحة / 210
مُهْلَةٌ
التَّعْرِيفُ:
الْمُهْلَةُ فِي اللُّغَةِ: السَّكِينَةُ وَالرِّفْقُ يُقَالُ: مَهَلَ فِي فِعْلِهِ مَهْلاً: تَنَاوَلَهُ بِرِفْقٍ وَلَمْ يَعْجَلْ وَأَمْهَلَهُ: لَمْ يُعَجِّلْهُ وَأَنْظَرَهُ وَرَفَقَ بِهِ وَمَهَّلَهُ تَمْهِيلاً: أَجَّلَهُ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى فِي الاِصْطِلاَحِ عَنْ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الأَْجَلُ:
الأَْجَلُ لُغَةً: مَصْدَرُ أَجِلَ الشَّيْءُ أَجَلاً مِنْ بَابِ تَعِبَ وَأَجَلُ الشَّيْءِ: مُدَّتُهُ وَوَقْتُهُ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ.
وَاصْطِلاَحًا: قَالَ الْبَرَكَتِيُّ: هُوَ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ الْمَحْدُودُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْمُهْلَةِ وَالأَْجَلِ هِيَ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ فَكُلُّ مُهْلَةٍ أَجَلٌ وَلَيْسَ كُلُّ أَجَلٍ مُهْلَةً فَقَدْ يُحَدِّدُ الشَّرْعُ أَوْقَاتًا لِلْحُكْمِ كَمُدَّةِ الْحَمْلِ وَالْعِدَّةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ دُونَ تَأْخِيرٍ فِي تَنْفِيذِهِ دَائِمًا كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْمُهْلَةِ.
ب - الْمُدَّةُ:
الْمُدَّةُ لُغَةً: الْبُرْهَةُ مِنَ الزَّمَانِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَالْجَمْعُ مُدَدٌ مِثْلُ غُرْفَةٍ وَغُرَفٌ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْمُهْلَةِ وَالْمُدَّةِ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ فَكُلُّ مُهْلَةٍ مُدَّةٌ وَلَيْسَتْ كُلُّ مُدَّةٍ مُهْلَةً.
الإِْمْهَالُ فِي الدَّعْوَى
الإِْمْهَالُ فِي الدَّعْوَى إِِمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمُدَّعِي أَوْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
إِِمْهَالُ الْمُدَّعِي
إِِذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي مُهْلَةً لِيُقَدِّمَ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ فَإِنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَرَوْنَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ لَمْ يُسْتَحْلَفْ وَقِيلَ لِخَصْمِهِ أَعْطِهِ كَفِيلاً بِنَفْسِكَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ كَيْلاَ يَضِيعَ حَقُّهُ بِتَغْيِيبِهِ نَفْسَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِلْمُدَّعِي وَلَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ ضَرَرٍ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لأَِنَّ الْحُضُورَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ إِِذَا طَلَبَهُ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لاَ يَلْزَمَ الْكَفِيلَ لأَِنَّ الْحَقَّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بَعْدُ.
وَالتَّقْدِيرُ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِمَا بَيْنَ مَجْلِسَيِ الْقَضَاءِ حَتَّى إِِذَا كَانَ يَجْلِسُ فِي كُلِّ يَوْمٍ يُكْفَلُ إِِلَى الْيَوْمِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ يَجْلِسُ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا يُكْفَلُ إِِلَى عَشَرَةٍ
فَإِنْ أَبَى لاَزَمَهُ حَيْثُ صَارَ.
وَالشَّافِعِيَّةُ يَرَوْنَ إِِمْهَالَهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.
وَقِيلَ: عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُمْهَلُ أَبَدًا لأَِنَّ الْيَمِينَ حَقُّهُ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ إِِلَى أَنْ يَشَاءَ كَالْبَيِّنَةِ. وَهَلِ الإِْمْهَالُ عِنْدَهُمْ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ وَجْهَانِ.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَإِنَّهُمْ تَرَكُوا تَقْدِيرَ مُدَّةِ الإِْمْهَالِ إِِلَى الْقَاضِي.
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ سَأَلَ الْقَاضِيَ مُلاَزَمَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أُجِيبَ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهَا فِي الْمَجْلِسِ صَرَفَهُ وَلاَ يَجُوزُ حَبْسُهُ وَلاَ يُلْزَمُ بِإِقَامَةِ كَفِيلٍ وَلَوْ سَأَلَهُ الْمُدَّعِي ذَلِكَ.
إِِمْهَالُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
إِِذَا طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُهْلَةً لِيَأْتِيَ بِحُجَّةٍ أَوْ يَنْظُرَ فِي حِسَابِهِ فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يَرَوْنَ إِِمْهَالَهُ.
إِِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ أَرْجَعُوا تَحْدِيدَ مُدَّةِ الإِْمْهَالِ إِِلَى الْقَاضِي.
وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ الإِْمْهَالَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.
13 - وَإِذَا اسْتُحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَطَلَبَ الإِْمْهَالَ فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ عَرْضِ الْقَاضِي عَلَيْهِ الْيَمِينَ مَرَّتَيْنِ يُمْهِلُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ إِِذَا جَاءَ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَقَالَ: لاَ أَحْلِفُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لاَ يَقْضِي عَلَيْهِ حَتَّى يَنْكُلَ ثَلاَثَةً وَيَسْتَقْبِلَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَلاَ يُعْتَبَرُ نُكُولُهُ قَبْلَ الاِسْتِمْهَالِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا اسْتُحْلِفَ فَطَلَبَ الإِْمْهَالَ لِيَنْظُرَ حِسَابَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُمْهِلُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.
وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يُمْهَلُ إِلاَّ بِرِضَا الْمُدَّعِي لأَِنَّهُ مَقْهُورٌ عَلَى الإِْقْرَارِ وَالْيَمِينِ بِخِلاَفِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ مُخْتَارٌ فِي طَلَبِ حَقِّهِ وَتَأْخِيرِهِ.
إِذَا طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُهْلَةً لِيُقَدِّمَ الْبَيِّنَةَ الْمُجَرِّحَةَ فِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ عَلَيْهِ أَمْهَلَهُ الْقَاضِي عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَلَهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَقْدِيرِ مُدَّةِ الإِْمْهَالِ أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ وَالْحَنَابِلَةُ فَإِنَّهُ يُمْهِلُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ غَيْرَ يَوْمَيِ الإِْمْهَالِ وَالْعَوْدَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُمْهِلُهُ يَوْمًا فَقَطْ.
وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّعْوَى: قَضَيْتُهُ أَوْ أَبْرَأَنِي وَذَكَرَ لَهُ بَيِّنَةً بِالْقَضَاءِ أَوِ الإِْبْرَاءِ وَسَأَلَ الإِْنْظَارَ أُنْظِرَ ثَلاَثًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى الْعَبْدُ أَدَاءَ مَالِ الْكِتَابَةِ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ وَأَرَادَ الْعَبْدُ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ أُمْهِلَ ثَلاَثًا.
وَلَكِنْ هَلِ الإِْمْهَالُ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟
وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا الْوُجُوبُ.