loading

موسوعة قانون المرافعات

الأحكام

1 ـ مفاد نص المادة 120 من قانون المرافعات يدل على أن دعوى الضمان مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية ولا تعتبر دفاعا ولا دفعا فيها وأن لكل منهما ذاتيتها واستقلالها بما ينبنى عليه أنه يجوز لطالب الضمان أن يطعن فى الحكم الصادر ضده فى الدعوى الأصلية استقلالا لأنه أنهى الخصومة قبلة دون انتظار الفصل فى الدعوى الفرعية وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف المقام من الطاعن طعنا على حكم أول درجة الصادر ضده فى الدعوى الأصلية فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.

(الطعن رقم 1949 لسنة 55 جلسة 1992/03/15 س 43 ع 1 ص 449 ق 97)

2 ـ متى كانت دعوى الضمان قد رفعت ليحكم على الضامن بنسبة معينة مما يمكن أن يحكم به على طالب الضمان فى الدعوى الأصلية وقضى فيها بهذه الطلبات ، وكان دفاع الضامن أمام محكمة الموضوع فى الدعوى الأصلية متحداً مع دفاع طالب الضمان فإن دعوى الضمان تعتبر فى هذه الصورة مرتبطة بالدعوى الأصلية ارتباطاً لا يمكن فصمه ولذلك فإن نقض الحكم فى دعوى الضمان يستتبع نقض الحكم فى الدعوى الأصلية دون نظر إلى ما قدم فى الدعوى الأخيرة من أسباب للطعن ذلك أنه وقد قضى على الضامن بنسبة معينة من المبلغ المقضى به فى الدعوى الأصلية فإنه لا يمكن أن يستقيم عقلاً نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لقضائه فى دعوى الضمان وبقاؤه بالنسبة لقضائه فى الدعوى الأصلية .

(الطعن رقم 207 لسنة 31 جلسة 1966/01/13 س 17 ع 1 ص 109 ق 15)

 

شرح خبراء القاون

انتفاء موجب دعوى الضمان:

إذا طلب المدعى عليه في الدعوى الأصلية أجلاً لإدخال ضامن فيها، وأجابت المحكمة هذا الطلب بينما كانت الدعوى مهيأة للفصل فيها عند إبداء طلب الإدخال، أو تهيأت لذلك بعد إجابته ولكن تأخر الفصل فيها بسبب أوجه الدفاع التي تمسك بها الخصوم في دعوى الضمان، ثم تبين للمحكمة أن طلب الضمان لا أساس له كما لو كان المشتري قد اشترى ساقط الخيار مما يحول بينه وبين الرجوع على البائع بضمان التعرض والاستحقاق، أو كان المدعي في الدعوى الأصلية حاملاً لورقة تجارية، كمبيالة أو سند إذني أو شيك، ورجع على المظهر الأخير لها فأدخل المظهر السابق ضامناً في الدعوى، وثبت أن هذا قد ظهر الورقة بشرط عدم الضمان مما يحول دون الرجوع عليه بدعوى الضمان الفرعية، فحينئذ يجوز لها الحكم على طالب الضمان بالتعويضات الناشئة عن تأخير الفصل في الدعوى الأصلية إذا طلب المدعي فيها ذلك وأثبت الضرر الذي لحق به من جراء هذا التأخير، ويخضع التعويض لتقدير المحكمة وفقاً للقواعد المقررة لذلك والمتعلقة بعناصره، ويجوز لها رفض طلب التعويض رغم تحقق شروطه دون إبداء أسباب لهذا الرفض باعتبار أن إجابته من إطلاقاتها.

ويقدم طلب التعويض من المدعي في الدعوى الأصلية ضد المدعى عليه فيها وهو طالب الضمان، ولما كان طلب التعويض يختلف موضوعاً وسبباً عن الطلب المبدئي في الدعوى الأصلية ولكنه مرتبط به، فإنه لا يجوز تقديمه كطلب عارض إلا إذا أذنت المحكمة بتقديمه صراحة أو ضمناً بأن يقدم دون إذن سابق وتفصل فيه وذلك عملاً بالفقرة الخامسة من المادة (124)، فإن قدم دون إذن سابق وقضت بعدم قبوله فلا تثريب عليها في ذلك، لأنه إذا كان المدعي يجوز له أن يجمع في صحيفة دعواه طلبات متعددة لا ترجع لسبب واحد اکتفاء بأنها مرتبطة بعضها ببعض، فإنه ينبغي ألا تتاح له إضافة أمثال هذه الطلبات أثناء سير الدعوى إلا بإذن المحكمة، ولأن الطلب العارضين الذي يقبل من المدعي بغير إذن المحكمة هو الطلب الذي يتناول بالتغيير أو بالزيادة أو بالإضافة ذات النزاع من جهة موضوعه مع بقاء السبب على حاله أو تغيير السبب مع بقاء الموضوع كما هو، أما إذا اختلف الطلب العارض عن الطلب الأصلي في موضوعه وفي سببه معاً فإنه لا يقبل إبداؤه من المدعي في صورة طلب عارض ولا يستثنى من ذلك إلا ما تأذن المحكمة بتقديمه من الطلبات مما يكون مرتبطاً بالطلب الأصلي.

ويقدم الطلب العارض للمحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها، فإن لم يكن الخصم حاضراً وجب إعلانه لشخصه أو إعادة إعلانه ولا تقبل الطلبات العارضة بعد إقفال باب المرافعة، وتختص المحكمة الابتدائية بالطلب العارض مهما تكن قيمته، أما المحكمة الجزئية فلا تختص به إلا إذا كان في حدود نصابها على التفصيل الذي أوضحناه بالمادتين (46)، (47).

ولما كان طلب التعويض يستند إلى خطأ المدعى عليه في الطريق الذي سلكه في الدفاع في الدعوى، فتكون العبرة بقيمة الطب الأصلي وحده عند تحديد نصاب الاستئناف عملاً بالفقرة الثانية من المادة (224).(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء الثالث /الصفحة 208)

الحكم بالتعويض جوازي للمحكمة حتى ولو ثبت حصول الضرر ولا تحكم به المحكمة إلا إذا طلبه خصم صاحب الضمان في الدعوى الأصلية وكان قد ترتب على تأخير الحكم فيها ضرر لحقه فإذا قضت به المحكمة من تلقاء نفسها كان حكمها باطلاً.(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء الثالث ،  الصفحة : 281)

التعليق على المواد 119 و 120 و 121 و 122 :

دراسة تفصيلية لاختصام الضامن (دعوى الضمان الفرعية):

 تحديد معنى الضمان وأنواعه: ثمة معنى للضمان في فقه المرافعات أوسع من معناه في القانونين المدني والتجاري، ففي القانونين المدني والتجاري الضمان هو التزام يترتب بحكم القانون أو بمقتضى الاتفاق على من نقل حقاً بمقابل إلى أخر قبل من انتقال إليه الحق في الدفاع عنه إذا ما نازعه الغير ترجع إلى سبب سابق على نقل الحق، و بتعويضه إذا أفلح الغير في منازعته، ومن أمثلة ذلك التزام البائع بالضمان قبل المشتري إذا نازعه الغير في الشيء محل العقد (مادة 439 مدني وما بعدها)، ومن أمثلة الضمان أفضل التزام المحيل قبل المحال إذا أنكر الدين مديونيته (مادة 308 مدني وما بعدها)، والتزام المؤجر قبل المستأجر (مادة 581 مدني وما بعدها)، إلى غير ذلك من الأمثلة التي لا تحصى إذ لا يقتصر الضمان على الحالات سالفة الذكر، بل هو التزام. عام التطبيق يوجد بالنسبة لكافة العقود والأعمال التي تستلزمه ويتوقف وجوده على نصف القانون مباشرة أو إرادة المتعاقدين، ورغم أن التنظيم الخاص بالضمان ورد في باب البيع في المواد من 439  455 من القانون المدني، إلا أن الضامن ليس مقصوراً على عقد البيع فحسب، وإنما يمتد إلى عقود المعارضة الأخرى مع تباين فيما بين هذه العقود سواء من حيث شروط الضمان أو مداه، بل إن الضمان قد يمتد على سبيل الاستثناء إلى التبرعات والأصل فيها عدم الضمان ولكن في بعض الأحوال يلتزم المتبرع بضمان الاستحقاق قبل المتبرع إليه ومثال ذلك رجوع الموهوب له بالضمان على الواهب إذا كان يعلم سبب استحقاق الشيء الموهوب وتعمد إخفاءه وفقاً للمادة 494 مدني، ومثال ذلك أيضاً أن المعير المتبرع بالنفعة من الممكن الرجوع عليه بالضمان من قبل المستعير، إذا كان هناك إتفاق على ذلك أو كان المعير قد تعمد إخفاء سبب استحقاق الشيء المعار وفقاً للمادة 638 مدنی.

وفي فقه المرافعات يشمل الضمان فضلاً عن الحالات المعروفة في القانونين المدني والتجاري كل حالة يكون فيها لشخص أن يرجع على آخر بسبب مطالبة الغير أو منازعة الغير له، وقد عبر البعض عن الضمان بأنه سلطة رجوع شخص (المضمون أو صاحب الضمان) قبل شخص آخر (الضامن) بسبب مطالبة شخص ثالث (الغير) أو منازعة له في دعوي وجهت إليه، فالضامن يلتزم بأن يحمي المضمون من منازعة وجهت إليه من الغير أو أن يعوضة إذ فشل في الدفاع عنه ورد المطالبة عنه (إبراهيم سعد  جـ 1  بند 247 ص 610)، ومن أمثلة ذلك رجوع أحد الخصوم على المحضر المتسبب في بطلان ورقة أعلنها إذا ترتب على هذا البطلان الحكم عليه، أو رجوع أحد الخصوم في دعوى بطلان عقد أو طعن بالتزوير فيه على الموظف الذي حرر العقد إذا رفع دعوى بالتزوير، ورجوع المسئول مدنياً من فعل الغير على مرتكب الفعل الضار، ورجوع المدين التضامن على المدينين الآخرين بإلزام كل منهم بنصيبه في الدين الذي قام هو بدفعه للدائن، ورجوع الكفيل على المدين الأصلي. إذا طالب الدائن الكفيل.

ويسمى الملتزم بالضمان ضامناً، ويسمى صاحب الحق في الرجوع بالضمان بصاحب الضمان أو طالب الضمان أو المضمون، وتسمی الدعوى التي يرجع بها صاحب الضمان على الضامن بدعوى الضمان.

وينقسم الضمان إلى نوعين: ضمان بسيط وضمان شكلى، والضمان البسيط يوجده عندما يكون طالب الضمان طرفاً في الخصومة بسبب التزام يقع عليه في مواجهة خصمه فيها، ومن أمثلة الكفيل الذي يرفع الدائن دعوى عليه، فيختصم المدين الأصلي، إذ يلتزم الكفيل شخصياً في مواجهة الدائن، أما الضمان الشكلي فإنه يوجد عندما يكون طالب الضمان في الخصومة بسبب أنه صاحب حق نقل إليه من الضامن ومحل منازعة من الخصم، وذلك سواء كان الحق عينياً أو شخصياً، ومن أمثلته المشتري الذي رفعت عليه دعوى استحقاق فاختصم البائع باعتباره ضامناً (فتحى والى  الوسيط  بند 210 ص 330 وص 331)، و وفقاً لتعبير المادة 334 من قانون المرافعات الفرنسي يكون الضمان بسيطاً إذا كان طالب الضمان ملتزماً بصفة شخصية أمام الغير، بينما يكون الضمان شكلياً إذا كان طالب الضمان مطالباً بصفته حائزاً للمال.

المقصود باختصام الضامن أو دعوى الضمان الفرعية ودعوى الضمان الأصلية: اختصام الضامن هو إدخال شخص من الغير فى خصومة قائمة بناء على طلب المدعي أو المدعى عليه لإلزامه بالضمان في مواجهة طالب الضمان (المضمون) فطلب الضمان قد يتخذ إحدى صورتين:

الصورة الأولى: إنه قد يطلب من القاضي إدخال الضامن وذلك أثناء نظر الدعوى المقامة على المضمون والتي يثار فيها السبب الموجب للضمان، فالمضمون قد يرى أن خير دفاع له هو إدخال الضامن ليدافع عنه وليحكم عليه بالتعويض إذا فشل في الدفاع عنه ونجح الغير في منازعته للمضمون، وهذه هي دعوى الضمان الفرعية فدعوى الضمان الفرعية هي الدعوى التي يقيمها طالب الضمان على الضامن متصلة بخصومة أخرى ويرفعها إلى نفس المحكمة القائمة أمامها الدعوى الأصلية لتفصل فيهما معاً (محمد حامد فهمي  بند 463 ص 502)، وهذه الدعوى باعتبارها من الطلبات الفرعية، فإنها ترفع بصدد خصومة قائمة بالفعل وبصفة تبعية لهذه الخصومة، إذ أن وجود خصومة أصلية يعتبر مفترضاً أساسياً من مفترضات دعوى الضمان الفرعية، ولكن لا يكفي مجرد وجود خصومة أصلية لنشوء الحق في الدعوى الفرعية وإنما ينبغي أن تستوفي هذه الخصومة شروطاً معينة حتى يمكن الاعتداد بها وإعمال أثرها في ترتيب حق الرجوع بالضمان بطريق الدعوى الفرعية، وتتمثل هذه الشروط في ضرورة وجود دعوى أصلية قائمة بالفعل، وأن يكون الخصوم فيها هما طالب الضمان والغير بصرف النظر عن المراكز الإجرائية التي يشغلونها فيها أي سواء كان أحدهما في مركز المدعي والآخر في مركز المدعى عليه أو العكس، وأن يتعلق موضوعها بمحل التزام الضمان بحيث يوضع هذا الالتزام موضوع التنفيذ، إذ يتوقف قبول دعوى الضمان الفرعية على توافر صلة الارتباط بينها وبين الدعوى الأصلية (انظر: تفصيلات ذلك للمؤلف: اختصام الغير في الخصومة  بند 40 ص 109 وما بعدها).

والصورة الثانية: أن ينتظر المضمون الحكم في الدعوى الأصلية المقامة عليه، وإذا ما صدر الحكم ضده، فإنه يرجع على الضامن عن طريق رفع دعوى أصلية لمطالبته بالتعويض عن الأضرار التي لحقته نتيجة خسارته للدعوى الأولى، وتسمى الدعوى المرفوعة في هذه الحالة من الضامن على المضمون بدعوى الضمان الأصلية ومثالها لو رفع شخص دعوى على المشتري مدعياً ملكية الشيء المبيع، فإذا انتظر المشترى حتى صدر حكم عليه لصالح مدعي الملكية، فإن للمشترى أن يرفع دعوى ضمان أصلية على البائع لتعويضه عن الأضرار التي لحقته.

المفاضلة بين الطلب العارض المسمى بدعوى الضمان الفرعية أو إدخال الضامن أو اختصام الضامن ودعوى الضمان الأصلية: للمضمون أن يستخدم إحدى الصورتين السابقتين لتقديم طلب الضمان فله الرجوع على ضامنه إما بولوج طريق دعوى الضمان الفرعية أو ولوج طريق دعوى الضمان الأصلية، ولاشك أنه من الأفضل له أن يتقدم بطلب عارض لإدخال ضامنه في الدعوى الأصلية المقامة بينه وبين الغير، بدلاً من الانتظار لحين صدور حكم عليه في هذه الدعوى، ثم مقاضاة الضامن على استقلال بدعوى الضمان الأصلية.

فطلب الضمان بدعوى فرعية يؤدي إلى اقتصاد في الوقت وتيسير للإجراءات، لأن المضمون سوف يحصل على حكم على الضامن في نفس الوقت الذي يحكم فيه في الدعوى الأصلية لمصلحة الغير، وبذلك يتفادى المضمون ما قد يصيبه من ضرر بسبب إعسار الضامن بعد الحكم في الدعوى الأصلية، كما أن المضمون يتفادي بذلك أيضاً تعقيد الإجراءات ومضاعفة النفقات وتأخير الفصل النهائي في الموضوع الناجم عن رفعه دعوى ضمان أصلية، كما أنه يتفادى احتمال تناقض الأحكام الصادرة في الدعويين (أحمد زغلول  دعوى الضمان الفرعية  بند 7 ص 15)، أي دعوى الضمان الأصلية والدعوى الأصلية المقامة بينه وبين الغير.

كما أن المضمون بإدخاله لضامنه في الدعوى الأصلية مع الغير يستفيد من أوجه الدفاع التي تكون لدى الضامن، مما يساعد المضمون على استصدار حكم لمصلحته في الدعوى الأصلية، فحجب الضامن عن الدعوى الأصلية المرفوعة من أو على الغير يؤدي إلى حجب ما لدي الضامن من أوجه دفاع ووسائل إثبات قد تكون منتجة في الدعوى الأصلية، مما ينعكس سلباً على المضمون ويؤدي إلى احتمال فشله في دعواه الأصلية مع الغير.

كذلك فإنه باختصام المضمون لضامنه في الدعوى الأصلية يتوقى المضمون خطر سقوط حقه في الضمان الذي قد ينجم عن إخفاقه في دعوى الضمان الأصلية، فإذا جازف المضمون ولم يختصم ضامنه في الدعوى الأصلية وانتظر لحين صدور الحكم عليه في هذه الدعوى، ثم رفع دعوى ضمان أصلية على ضامنه، وأثبت الضامن أنه كان لديه من أوجه الدفاع ما يستطيع به إبطال مزاعم الخصم في الدعوى الأصلية وأنه لو كان أدخل في الدعوى لكفى المضمون شرها وحال دون کسب خصمه لها، فإن المضمون سوف يفقد حقه في الضمان (محمد العشماوي وعبد الوهاب العشماوي  ج 2 بند 832 ص 362، رمزی سيف  بند 314 ص 368) وينبغي ملاحظة أن عدم إخطار الضامن بوجود منازعة قد تسقط حق المضمون في طلب الضمان إذا أثبت الضامن أن تدخله في الدعوى كان يؤدي إلى رفض الدعوى الأصلية ومن ذلك ما تنص عليه المادة 440/ 3 من القانون المدني على أنه « إذا لم يخطر المشترى البائع بالدعوى في الوقت الملائم وصدر عليه حكم حاز قوة الأمر المقضي»، فقد حقه في الرجوع بالضمان إذا أثبت البائع أن تدخله في الدعوى كان يؤدي إلى رفض دعوى الاستحقاق.

كما أن اختصام الضامن في الدعوى الأصلية المقامة بين المضمون والغير، يمكن المضمون من التخلص من مرارة التقاضي في هذه الدعوى فقد أجازت له المادة 121 مرافعات أن يطلب إخراجه من الدعوى إذا لم يكن مطالباً بالتزام شخصی.

وليس المضمون وحده هو الذي يستفيد من فوائد دعوى الضمان الفرعية، بل إن هذه الفوائد تعم فتشمل الضامن نفسه والخصم في الدعوى الأصلية وحسن سير العدالة، فالضامن نفسه تعتبر دعوى الضمان الفرعية بالنسبة له وسيلة يتفادي بها مبكراً خطر انعقاد مسئوليته و الرجوع عليه بدعوى الضمان الأصلية، فقد يؤدي انضمامه إلى المضمون وإبدائه لأوجه دفاعه التي قد يجهلها هذا الأخير، إلى رفض طلبات الخصم في الدعوى الأصلية، ومن ثم تبرأ ذمة الضامن.  

و الخصم في الدعوى الأصلية، فإنه رغم أنه لا يعتبر طرفاً في دعوى الضمان الفرعية بل يعتبر من الغير، ولذلك فإنه  - كقاعدة -  لا يستفيد منها، ولكن استثناء من هذه القاعدة، فإن المشرع اعتبر الحكم الصادر على الضامن عند الاقتضاء حكماً للمدعي الأصلي ولو لم يكن قد وجه إليه طلبات (مادة 121 مرافعات)، ومن ثم فإن الحكم الصادر لصالحه يحتج به في مواجهة المضمون وفي مواجهة الضامن أيضاً.

كذلك فإن من حسن سير العدالة اختصام الضامن، إذ يؤدي إدخال الضامن إلى تبصير المحكمة وتنوير طريق الحكم أمامها بكل ما قد يثار وما يطرحه الخصوم، بما فيهم الضامن من حجج وأسانيد، مما يسهل مهمة المحكمة في إصدار الحكم الصحيح، كما أن اختصام الضامن يؤدي إلى تفادي ما قد يحدث من تناقض في الأحكام إذا ما سلك المضمون سبيل دعوى الضمان الأصلية كما أسلفنا.

- ولكن قد بسبب ولوج المضمون لطريق دعوى الضمان الفرعية واختصامه للضامن في الدعوى الأصلية، بعض المضار التي قد تصيب الضامن وربما تصيب الخصم الآخر في الدعوى الأصلية، فبالنسبة للضمان فإن اختصامه في الدعوى الأصلية قد يؤدي به أن يجد نفسه مساقاً إلى محكمة أخرى غير محكمته الأصلية التي وطن نفسه على المثول أمامها بحسب ما تحدده قواعد الاختصاص القضائي.

وبالنسبة للخصم الآخر في الدعوى الأصلية، فإن عند محاولة المضمون إدخال الضامن في هذه الدعوى، فإن الخصم الآخر في الدعوى الأصلية يضطر إلى أن يتحمل إرجاء النظر في الدعوى الأصلية لحين استيفاء الإجراءات والمواعيد الخاصة بإدخال الضامن، وما قد ينجم عن هذا الإرجاء من تأخير في الفصل في الدعوى الأصلية.

يبد أن المشرع تدارك ذلك، ووازن بين مصالح المضمون والضامن والخصم الآخر في الدعوى الأصلية، فقد أجاز الشارع للمضمون رفع دعوى ضمان فرعية تتفرع من إجراءات الدعوى الأصلية، بمقتضاها يدخل ضامنه في هذه الدعوى، نظراً لما لدعوى الضمان الفرعية من فوائد، ولكن الشارع في نفس الوقت لم يهمل مصالح الضامن والخصم الآخر في الدعوى الأصلية، فزود. الضامن والخصم الآخر في الدعوى الأصلية بوسائل تضمن لهم عدم إساءة المضمون في استخدام طريق دعوى الضمان الفرعية، وتحول دون التجاوز في ممارسته (أحمد زغلول - بند 10 ص 18 و ص 19)، وتفادي ما قد ينجم عن دعوى الضمان الفرعية من مضار.

فقد أجاز الشارع للضامن أن يتمسك بعدم اختصاص المحكمة، إذا ما أثبت أن الدعوى الأصلية لم تقم إلا بقصد جلبه أمام محكمة غير محكمته مادة 60 مرافعات).

كما راعى الشارع مصلحة الخصم الآخر في الدعوى الأصلية، فحدد ميعاداً يجب أن يتخذ فيه طالب الضمان إجراءات إدخال ضامنه، وإلا كان الإدخال ذاته جوازياً للمحكمة تستطيع أن تأمر به أو أن ترفضه، فوفقاً للمادة 119 مرافعات تستجيب المحكمة لطلب تأجيل الدعوى لإدخال ضامن فيها إذا كان طالب الضمان قد كلفه ضامنه الحضور خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلانه بالدعوى أو قيام السبب الموجب للضمان، أو إذا كانت الثمانية الأيام المذكورة لم تنقض قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى، وفيما عدا هذه الحالة يكون التأجيل لإدخال الضامن جوازياً للمحكمة، وبذلك يمكن تفادي ما قد يصيب الخصم الآخر في الدعوى الأصلية من أضرار نتيجة لتأخير الفصل في الدعوى الأصلية، بل إن المشرع أجاز للمحكمة إذا رأت أن طلب الضمان لا أساس له أن تحكم على مدعي الضمان بالتعويضات الناشئة عن تأخير الفصل في الدعوى الأصلية (مادة 122 مرافعات)، وفي ذلك ضمانة لجدية طالب الضمان وحماية الخصم الآخر في الدعوى الأصلية من إساءة المضمون في سلوكه سبيل دعوى الضمان الفرعية.

- المحكمة المختصة بنظر دعوى الضمان الفرعية: ينعقد الاختصاص بالطلب العارض المسمى بدعوى الضمان الفرعية للمحكمة المختصة بنظر الدعوى الأصلية، وتحديد المحكمة المختصة بنظر الدعوى الأصلية يخضع القواعد العامة المنظمة للاختصاص القضائي.

فالمحكمة المختصة بالدعوى الأصلية تختص بطريق التبعية بنظر دعوى الضمان الفرعية وهو ما يتضح من المادة 119 مرافعات، كما أن ذلك تطبيق لقواعد الاختصاص الخاصة بالطلبات العارضة.

إذ يمتد اختصاص المحكمة المنعقد لها الاختصاص بنظر دعوى معينة ليشمل كافة المسائل المتفرعة عنها والمرتبطة بها حتى ولو كانت هذه المسائل لا تندرج في الاختصاص الأصلي لهذه المحكمة، إعمالاً لقاعدة أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع، إذ الفرع يتبع الأصل.

ولكن مدى امتداد اختصاص المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية إلى الطلبات المرتبطة بها والطلبات المتفرعة عنها، يختلف بحسب ما إذا كانت المحكمة المختصة بنظر الدعوى الأصلية محكمة جزئية أو محكمة ابتدائية، فاختصاص المحكمة الجزئية لا يمتد إلى الطلبات العارضة والمرتبطة بالدعوى الأصلية، إلا إذا كانت هذه الطلبات تدخل بحسب قیمتها أو نوعها في اختصاص المحاكم الجزئية، إذ أن اختصاص هذه المحاكم مقرر على سبيل الحصر، ولا يجوز التوسع فيه أو بالإضافة إليه، وقد نصت المادة 46 مرافعات على أن «لا تختص محكمة المواد الجزئية بالحكم في الطلب العارض أو الطلب المرتبط بالطلب الأصلي إذا كان بحسب قيمته أو نوعه لا يدخل في اختصاصها.

وإذا عرض عليها طلب من هذا القبيل جاز لها أن تحكم في الطلب الأصلى وحده إذا لم يترتب على ذلك ضرر بسير العدالة، وإلا وجب عليها أن تحكم من تلقاء نفسها بإحالة الدعوى الأصلية والطلب العارض أو المرتبط بحالتهما إلى المحكمة الابتدائية المختصة ويكون حكم الإحالة غير قابل للطعن.

أما اختصاص المحكمة الابتدائية فيمتد ليشمل كافة الطلبات العارضة والمرتبطة بالدعوى الأصلية، حتى ولو كانت هذه الطلبات لا تدخل في اختصاصها النوعي، لأنها صاحبة الاختصاص العام، ومن يملك الأكثر يملك الأقل، وقد نصت المادة 47 مرافعات على أن «تختص المحكمة الابتدائية بالحكم ابتدائياً في جميع الدعاوى المدنية والتجارية التي ليست من اختصاص محكمة المواد الجزئية، ويكون حكمها انتهائياً إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز عشرة آلاف جنيه.

وتختص كذلك بالحكم في قضايا الاستئناف الذي يرفع إليها عن الأحكام الصادرة ابتدائياً من محكمة المواد الجزئية أو من قاضى الأمور المستعجلة.

كما تختص بالحكم في الطلبات الوقتية أو المستعجلة وسائر الطلبات العارضة وكذلك في الطلبات المرتبطة بالطلب الأصلي مهما تكن قيمتها أو نوعها.

وتطبيقاً لذلك فإن للمحكمة الجزئية التي تنظر الدعوى الأصلية لا تختص نوعياً بنظر دعوى الضمان الفرعية، إلا إذا كانت هذه الدعوى - أي دعوى الضمان الفرعية - تدخل في اختصاصها، أما إذا كانت لا تدخل في اختصاصها فإن للمحكمة أن تفصل في الدعوى الأصلية دون طلب الضمان، وتحيل هذا الطلب العارض إلى المحكمة الابتدائية إذا لم يترتب على ذلك ضرر بسير العدالة وإلا أحالت الدعويين إلى المحكمة الابتدائية، بينما إذا عرضت دعوى الضمان الفرعية على المحكمة الابتدائية، فإنها تختص بها حتى ولو كانت تخرج عن اختصاصها، لأنها محكمة ذات اختصاص عام كما سبق أن ذكرنا آنفا.

هذا فيما يتعلق بالاختصاص النوعي بالنظر في دعوى الضمان الفرعية، أما فيما يتعلق بالاختصاص المحلي فإن المادة 60 مرافعات تنص على أن «تختص المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية بالفصل في الطلبات العارضة.

على أنه يجوز للمدعى عليه في طلب الضمان أن يتمسك بعدم اختصاص المحكمة، إذا أثبت أن الدعوى الأصلية لم تقم إلا بقصد جلبه أمام محكمة غير محكمته».

فالمحكمة المختصة محلياً بالدعوى الأصلية هي التي تختص بنظر دعوى الضمان الفرعية، ولكن إذا أثبت الضامن سوء نية طالب الضمان وتواطؤه مع الغير على اختلاق الدعوى تحايلاً على قواعد الاختصاص ومن أجل جلبه إلى محكمة غير مختصة محلياً بطلب الضمان، فإن له أن يتمسك بعدم اختصاص محكمة الدعوى الأصلية بنظر طلب الضمان الفرعي، وللضامن أن يثبت سوء نية طالب الضمان. بكافة طرق الإثبات، ولكن يسقط حق الضامن في الدفع بعدم الاختصاص المحلي إذا لم يبده قبل أي دفع أخر أو دفاع في موضوع الطلب لأن الدفع بعدم الاختصاص المحلي غير متعلق بالنظام العام.

إجراءات دعوى الضمان الفرعية :

يجوز لكل من الخصمين في الدعوى الأصلية تقديم طلب الضمان المسمى بدعوى الضمان الفرعية، فقد يكون طالب الضمان في مركز المدعي في الدعوى الأصلية أو في مركز المدعى عليه فيها، وقد أحسن المشرع المصرى صنعاً عندما عبر في المادة 119 مرافعات عن طالب الضمان بلفظ «الخصم» مما يعني إمكانية تقديم طلب الضمان من المدعي أو المدعى عليه في الدعوى الأصلية، بينما عبر المشرع الفرنسي في المادة 109/ 1 مرافعات عن طالب الضمان بأنه المدعى عليه في الدعوى الأصلية إذ تخول هذه المادة القاضي سلطة منح ميعاد لحضور الضامن بناء على طلب المدعى عليه، ولكن من المتفق عليه في الفقه الفرنسي أن للمدعي في الدعوى الأصلية أيضاً أن يتقدم بطلب الضمان.

وغالباً ما يكون طالب الضمان هو المدعى عليه في الدعوى الأصلية كالمشتري الذي ترفع عليه دعوى باستحقاق العقار المبيع فيختصم البائع الذي باع له ذلك العقار لكي يوفي بالتزامه بالضمان الناجم عن عقد البيع.

ومن المتصور أن يكون طالب الضمان هو المدعي في الدعوى الأصلية ومثال ذلك إذا ما رفعت دعوى مطالبة بالدين من المحال على المدين مديونته، كان للمحال - وهو المدعى في دعوى المطالبة الأصلية - أن يدخل المحيل ضامناً ( أحمد مسلم - أصول المرافعات - بند 546 ص 590، عبد المنعم الشرقاوي - بند 255 ص 326)، ومثال ذلك أيضاً المشتري الذي يرفع دعوى على حائز العقار المبيع لتسلمه منه، ويختصم البائع في الدعوى باعتباره ضامناً (فتحي والي - الوسيط - بند 210 ص 329)، وأيضاً إذا رفع مشترى العقار على جاره دعوى بتقرير حق ارتفاق لعقاره على عقار الجار في عقد الشراء فله أن يدخل في هذه الدعوى بائع العقار بصفته ضامناً لوجود حق الارتفاق (عبد المنعم الشرقاوى - الوجيز - بند 255 ص 326).

- ويتبع في رفع الدعوى الضمان ذات الإجراءات المعتادة لرفع الدعاوى، فإدخال الخصم للضامن يكون بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى (مادة 119/ 3 مرافعات)، وذلك بإيداع المدعى لصحيفة الدعوى في قلم كتاب المحكمة، ويلتزم قلم الكتاب بقيد الدعوى في يوم تقديم الصحيفة في السجل الخاص بذلك بعد أن يثبت في حضور المدعى أو من يمثله تاريخ الجلسة المحددة لنظرها في أصل الصحيفة وصورها. (مادة 67/ 1 مرافعات)، وعلى قلم الكتاب في اليوم التالي على الأكثر أن يسلم أصل الصحيفة وصورها إلى قلم المحضرين لإعلانها ورد الأصل إليه (مادة 67/ 2 مرافعات)، و يجوز لقلم الكتاب أن يسلم للمدعي - متى طلب ذلك - أصل الصحيفة وصورها ليتولى تقديمها إلى قلم المحضرين لإعلانها ورد الأصل إلى المدعي ليقوم بإعادته إلى قلم الكتاب (مادة 67/ 3 مرافعات).

-وحتى يكون إدخال الضامن ذا أثر، فإنه ينبغي أن يقوم المضمون بإيداع صحيفة دعوى الضمان ضد الضامن لدى قلم كتابه المحكمة الذي يلتزم بقيدها، وأن يتم إعلان الضامن بها قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى الأصلية، ومن ثم تحقق دعوى الضمان الفرعية وظيفتها في توفير حماية للمضمون، وتمكين الضامن من الدفاع في الدعوى الأصلية.

ولذلك فإن طالب الضمان يكون في حاجة إلى تأجيل الجلسة المحددة لنظر الدعوى الأصلية إذا لم تكن دعوى الضمان الفرعية قد رفعت أو إذا رفعت، وتحدد لنظرها جلسة تحل بعد الجلسة المحددة لنظر الدعوى الأصلية، وإذا ما طلب من المحكمة تأجيل الجلسة المحددة لنظر الدعوى الأصلية فإنه وفقاً للمادة 119 مرافعات يجب على المحكمة أن تستجيب لهذا الطلب إذا توافر شرطان: الشرط الأول: أن تكون الدعوى الأصلية دعوى مدنية، فنص المادة 119/ 1 يفيد وجوب إجابة الخصم إلى طلب تأجيل الدعوى لإدخال الضامن فيها في المواد المدنية فقط، كما أن الدعوي التجارية لا تحتمل بطبيعتها التأجيل حتى ولو رفعت أمام محكمة مدنية. فالمسائل التجارية تقتضي سرعة البت فيها، ولا تحتمل الإرجاء.

والشرط الثاني: أن يكون طالب الضمان قد بادر بتكليف ضامنه بالحضور خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلانه بالدعوى (إن كان مدعی عليه في الدعوى الأصلية)، أو من تاريخ رفعها إن كان مدعياً في الدعوى الأصلية)، أو من تاريخ قیام. السبب الموجب للضمان، وهو الأمر الذي يقتضي رجوع المضمون على الضامن، أو أن تكون الجلسة المحددة لنظر الدعوى الأصلية قد حلت قبل مضي ثمانية الأيام المذكورة .

ويلاحظ أنه في الغالب أنه برفع الدعوى الأصلية يقوم السبب الموجب للضمان ولكن قد لا يقتضى رفع الدعوى الأصلية بذاته الرجوع علي الضامن، وإنما يقتضيه ما أبداه الخصم من دفاع في الدعوى الأصلية، ولذلك تبدأ الثمانية الأيام من إبداء هذا الدفاع، كما لو رفع المحال بالدين دعوى على المدين يطالبه بالدين فأنكر المدين وجود الدين، فيضطر المحال إلى إدخال المحيل ضامناً للقيام بالتزامه بالضمان، فإنكار الدين من المدين هو السبب الموجب للضمان (رمزی سيف - الوسیط - بند 316 ص 369).

ومثال ذلك أيضاً إذا رفع مشترى العقار دعوى على جاره يطالبه فيها بتقرير حق ارتفاق على عقاره، فينكر المدعى عليه هذا الحق، ففي هذه الحالة يكون السبب الموجب للضمان هو دفاع المدعى عليه (أحمد أبوالوفا - المرافعات - طبعة 14 سنة 1986، بند 191 ص 212 هامش رقم 3).

وإذا توافر هذان الشرطان يجب على المحكمة المرفوعة إليها الدعوى الأصلية أن نجيب طالب الضمان إلى طلبه تأجيل الدعوى لإدخال ضامنه فيها، أما إذا تخلف الشرطان أو أحدهما فإن التأجيل لإدخال الضامن يكون جوازياً فلا تلتزم المحكمة به، وإنما يكون للمحكمة أن تجيب صاحب الضمان لطلب التأجيل أو لاتجيبه وفقاً لما تراه من اعتبارات، وسواء كان التأجيل وجوبياً أو جوازياً فإنه يراعى في تقدير الأجل مواعيد الحضور.

آثار دعوى الضمان الفرعية :

يترتب على إدخال الضامن في الدعوى الأصلية تغيير نطاق الخصومة من حيث أشخاصها، ففضلاً عن طالب الضمان وخصمه في الدعوى الأصلية سوف نجد طرفاً آخر، وهو الضامن، أي أن الخصومة تصبح ثلاثية الأطراف، وسوف تكون بصدد دعويين الدعوى الأصلية بين طالب الضمان، وخصمه ودعوى الضمان الفرعية بين طالب الضمان والضامن، ويلاحظ أن ثمة استقلالاً بين الدعويين، إذ تعتبر دعوى الضمان مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية فهي لا تعتبر دفاعاً، ولا دفعاً فيها، ولا يعتبر الحكم الصادر في الدعوى الأصلية فاصلاً في دعوى الضمان (نقض مدنى 19/ 3/ 1979 - في الطعن رقم 2 لسنة 46 قضائية، ونقض مدني 21/ 2/ 1984 - الطعن رقم 868 سنة 50 قضائية)، وسوف نلقي الضوء الآن على مركز طالب الضمان، ومركز الضامن ومركز الخصم الآخر في الدعوى الأصلية.

أولاً - مركز طالب الضمان: طالب الضمان خصم في الدعوى الأصلية لأنها إما مرفوعة منه على الغير أو مرفوعة من الغير عليه، أي أنه قد يكون مدعياً أو مدعى عليه في الدعوى الأصلية حسب الأحوال، وهو في نفس الوقت خصم في دعوى الضمان الفرعية باعتباره طالب ضمان فهو المدعي في دعوى الضمان الفرعية.

وإذا ما أدخل الضامن في الدعوى، وأمرت المحكمة بضم طلب الضمان إلى الدعوى الأصلية فإن المضمون أي طالب الضمان أن يطلب إخراجه من الدعوى إذا لم يكن مطالباً بالتزام شخصی (مادة 121 مرافعات) - فطالب الضمان يستطيع أن يطلب إخراجه من الدعوى الأصلية إذا كان الضمان شكلياً، وقد أوضح المشرع الفرنسي ذلك بجلاء في المادة 336/ 1، من قانون المرافعات الفرنسي، وكما أسلفنا فيما مضى فإن الضمان يكون شكلياً إذا كان طالب الضمان غير ملتزم بالتزام شخصی قبل الخصم الآخر في الدعوى الأصلية، وهو حدث عندما يكون طالب الضمان طرفاً في الدعوى الأصلية باعتباره صاحب حق - عيني أو شخصی - نقل إليه من الضامن، ونازعه الخصم الآخر في الدعوى الأصلية ومثال ذلك إذا رفع مدعی استحقاق عين دعوى على مشتريها فادخل المشتري البائع له ضامناً فيها، ففي هذه الحالة يجوز للمشترى أن يطلب خروجه من الدعوى الأصلية، لأنه ليس ملتزماً بالتزام شخصی قبل الغير رافع الدعوى الأصلية، ولأن الالتزام بالضمان في هذه الحالة يشمل الالتزام بالدفاع عن صاحب الضمان، والرد على دعوى الغير فضلاً عن الحكم على الضامن بالتعويض إذا فشل في رد دعوى الغير فالمشتري الذي ترفع عليه دعوى بملكية المال المبيع إذا ما أدخل البائع له ضامناً، وبعد أن ربط بين البائع ومدعي الاستحقاق بخصومة قضائية وأصبحاً بذلك الخصمين الحقيقيين بالنسبة لملكية العين، وهي موضوع الدعوى الأصلية، وموضوع الضمان أيضاً، فإنه يجوز له أن يقف موقف المتفرج، وأن يخرج نفسه من الدعوى الأصلية، وتبقى هذه الدعوى بين الضامن والمدعي الأصلي فيها.

ولكن إذا كان الضمان بسيطاً أي كان طالب الضمان ملتزماً قبل الغير رافع الدعوى الأصلية بالتزام شخصي، فإنه لا يجوز له الخروج من الدعوى، ومثال ذلك إذا رفع دائن دعوى على الكفيل فأدخل الكفيل المدين ضماناً فإنه لا يجوز للكفيل الخروج من الدعوى لأنه ملتزم التزاماً شخصياً قبل الدائن، ولأن التزام الضامن يقتصر على الالتزام بتعويض صاحب الضمان عما يصيبه من ضرر بسبب الحكم عليه في الدعوى الأصلية، ولذلك يسمى هذا الضمان في القانون الفرنسي بالضمان البسيط، ومن أمثلة حالات الضمان البسيط أيضاً، والتي لا يجوز لصاحب الضمان فيها الخروج من الدعوى الأصلية حالة ما إذا رفع مشتری دعوى على البائع له يطالبه فيها بتعويض بسبب وجود عيب في العين وكان البائع قد اشترى العين من شخص آخر فأدخله ضامناً في الدعوى، فلا يجوز للمدعى عليه في الدعوى الأصلية أن يطلب خروجه من الدعوى لأنه باعتباره بائعاً لرافع الدعوى الأصلية ملتزم قبله بالتزام شخصی. (رمزی سیف - ص 270 هامش رقم 2).

فخروج المضمون من الدعوى الأصلية يشترط لجوازه ألا يكون المضمون مطالباً بالتزام شخصي، وأن تأمر المحكمة بضم طلب الضمان إلى الدعوى الأصلية. وقد أورده المشرع هذين الشرطين في المادة 121 من قانون المرافعات، والتي تنص على أنه «إذا أمرت المحكمة بضم طلب الضمان إلى الدعوى الأصلية يكون الحكم الصادر على الضامن عند الاقتضاء حكماً للمدعي الأصلي، ولو لم يكن قد وجه إليه طلبات، ويجوز لطالب الضمان أن يطلب إخراجه من الدعوى إذا لم يكن مطالباً بالتزام شخصی.

ومن المنطقي أن يقتصر استعمال طالب الضمان لرخصة الخروج من الدعوى الأصلية على الحالة التي تأمر فيها المحكمة بضم طلب الضمان إلى الدعوى الأصلية، أي التي تقبل فيها المحكمة إدخال الضامن، وتأذن بالتأجيل لاتخاذ الإجراءات اللازمة لهذا الإدخال، لأنه لا يتصور خروج طالب الضمان من الخصومة الأصلية إلا إذا أدخل الضامن فيها، فلا يعقل أن يخرج المضمون، ولا يدخل الضامن إن يؤدي ذلك إلى تفريغ الخصومة من أشخاصها، وهو ما لا يتصور حدوثه، وقد يكون قرار ضم طلب الضمان إلى الدعوى الأصلية حكماً صريحاً، وقد يستقاد ضمنياً من قرار المحكمة القاضي بتأجيل الدعوى لإدخال الضامن.

فإذا توافر الشرطان السابقان أي شرط أمر المحكمة بضم طلب الضمان إلى الدعوى الأصلية، وشرط ألا يكون المضمون مطالباً بالتزام شخصي، فإن للمضمون أن يطلب إخراجه من الخصومة الأصلية، بيد أن هذا الخروج من الخصومة هو مجرد رخصة لطالب الضمان له أن يستعملها أو يؤثر الاستمرار في الخصومة، فقد يفضل طالب الضمان البقاء في الخصومة على الأقل من أجل مراقبة دفاع الضامن، أو لمتابعة إجراءات الخصومة، والمساهمة في الدفاع فيها مع الضامن (وجدي راغب - مبادئ الخصومة - ص 287)

وحتى لو توافر الشرطان المذكوران آنفا، وطلب طالب الضمان إخراجه، فإن للضامن أو لخصم طالب الضمان أن يعترض على خروجه، وإذا كان الاعتراض وجيها رفض القاضي طلب الخروج من الخصومة وقد حرص المشرع الفرنسي على النص في المادة 336/ 2 من قانون المرافعات الجديد على حق الخصم الأصلي في الاعتراض على خروج طالب الضمان، وأن يتمسك ببقائه في الدعوى.

فخروج طالب الضمان من الدعوى الأصلية يخضع لتقدير المحكمة، وتوافر الشرطان السابقان، وطلب طالب الضمان من المحكمة إخراجه من الدعوى الأصلية لا يعني أن تلتزم المحكمة بإجابته إلى طلبه، وأن يكون حكمها وجوبياً بالخروج، فقد يمس خروج المضمون من الدعوى الأصلية مصالح خصمه أو يتناقض معها، وربما يؤثر هذا الخروج على تحقيق الدعوى، ومن ثم فإن المحكمة تنظر في طلب الخروج فتستطلع رأى خصم طالب الضمان في الدعوى الأصلية، ورأى الضامن، وتفحص مدى ملاءمته لسير إجراءات الخصومة، وفي ضوء ذلك، وعلى هدى ما تراه ملائما فإنها تصدر قرارها المناسب سواء بالموافقة على خروج طالب الضمان أو رفض طلبه.

وفي حالة قبول المحكمة لطلب خروج طالب الضمان، فإن ثمة تساؤلاً يثور عن أثر خروج طالب الضمان؟، وينبغي التفرقة في هذا الصدد بين أثر الخروج على دعوى الضمان الفرعية، وأثره بالنسبة للدعوى الأصلية.

فبالنسبة لدعوي الضمان الفرعية فإنه لا أثر لخروج طالب الضمان من الدعوى الأصلية عليها، إذ تظل دعوى الضمان محتفظة بذاتها، ويظل طالب الضمان خصماً أصلياً فيها، إذ أنه رافع هذه الدعوى، وتكون إجراءاتها في مركز إجراءات خصومة وقفت، ولكنها لم تنقض، ولا يتصور إخراج طالب الضمان من دعوى الضمان، وهو المدعي فيها، اللهم إلا إذا تنازل عنها أو قرر ترك الخصومة بالنسبة لها (إبراهيم نجيب سعد - بند 247 ص 615، وجدي راغب - مبادئ الخصومة - ص 287)، ولكن هذا يؤدي أيضاً إلى خروج الضامن من الخصومة كلها، وطالما لم يحدث تنازل منه أو ترك للخصومة فإن دعوي الضمان تظل كما يظل هو خصماً فيها، فيحكم له بطلباته على الضامن إذا نجح المدعي الأصلي في دعواه، ومن ثم يملك استئناف الحكم الصادر في الدعوى الأصلية، وفي دعوى الضمان (أحمد أبو الوفا التعليق - ص 559، والمرافعات - بند 192 ص 213).

أما بالنسبة للدعوى الأصلية، فقد تباينت آراء الفقه بشأن مركز طالب الضمان فيها عقب خروجه منها، فذهب رأي إلى أن طالب الضمان بخروجه من الدعوى الأصلية لا يعد خصماً فيها، ولا تكون عليه أعباء والتزامات الخصم، ورغم ذلك فإن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية يعتبر حجة له وحجة عليه على أساس أن الضامن بعد في واقع الأمر نائباً عنه، فالضامن معتبر حالاً محله في الخصومة عند خروجه منها ولذلك يمكن تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى الأصلية ضده، كذلك فإنه على الرغم من أن طالب الضمان ترك ضامنه يقوم وحده بالدفاع في الدعوى الأصلية، وخرج هو منها، فإنه يبقى له حق الطعن في مواجهة المدعي الأصلي في الحكم الصادر ضده في الدعوى الأصلية، إذ أن الضامن كان في واقع الأمر نائباً عنه في الدفاع الموجه للمدعي في الدعوى الأصلية (فتحى والي - بند 210 ص 331، أحمد أبو الوفا ۔ المرافعات - بند 192 ص 213، حامد فهمي ومحمد حامد فهمي - النقض في المواد المدنية والتجارية - سنة 1937 بند 273 ص 559)

وهذا الرأي - سالف الذكر - جدير بالتأييد من جانبنا، فبخروج المضمون لا يعتبر خصماً بمعنى الكلمة فهو غير ملتزم شخصياً في الدعوى الأصلية، ولو كان مطالباً بالتزام شخصي فيها لما تمكن من الخروج، كما أن خروجه يتم بناء على طلبه، وبكامل إرادته ومما يؤكد زوال صفته كخصم بخروجه أن له أن يعود فيتدخل في الخصومة إذا خشي من وجود تواطؤ بين خصمه والضامن، وهو يتدخل وفقاً لقواعد تدخل الغير، وكون الحكم الصادر في الدعوى الأصلية حجة له وحجة عليه، فهذا يرجع إلى أن الضامن يحل محله حلولاً إجرائياً، وإعمالاً لفكرة الحلول الإجرائي تترتب حجية الأمر المقضي ليس فقط في مواجهة من حل محل صاحب الحق الموضوعي باعتباره طرفاً في الخصومة، بل أيضاً في مواجهة صاحب الحق الموضوعي، ولذلك فإن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية يكون له حجية الأمر المقضي ليس فقط في مواجهة الضامن الذي حل محل صاحب الحق الموضوعي، بل أيضاً في مواجهة طالب الضمان صاحب الحق الموضوعي، كما أن الضامن هو الذي يتحمل مصاريف الخصومة، وليس طالب الضمان، لأن من مقتضى الحلول الإجرائي أن من يقوم بالحلول، وهو الطرف في الخصومة هو الذي يتحمل مصاريف الخصومة باعتبار أنه يقع على عاتقه القيام بواجبات الخصم كما أن له كافة سلطاته.

وذهب رأي ثان في الفقه إلى أنه رغم خروج طالب الضمان من الدعوى الأصلية إلا أنه يعتبر خصماً فيها، فالخروج محدود الأثر إذ يقتصر أثره على تفادي الحكم على صاحب الضمان بمصاريف الدعوى الأصلية ليحكم بها على الضامن مباشرة، ولا يتعدى اثر الخروج هذا، فلا يترتب عليه زوال صفة المضمون كخصم في الدعوى الأصلية، ولا يمنع خروجه من الحكم عليه في هذه الدعوى عند الاقتضاء، ولا يؤدي إخراج طالب الضمان إلى انقطاع كل صلة له بالخصومة فهو يظل خصماً، ولكن في نطاق معين، فخروجه يؤدي إلى إغفاله من الواجبات الإجرائية كعبء الحضور، وإلى تفادي الحكم عليه بمصاريف الدعوى في حالة خسارتها (رمزي سيف - الوسيط - بند 317 ص 371، أحمد مسلم - بند 549 ص 592).

واتجه رأي ثالث إلى القول بأن طالب الضمان بخروجه من الدعوى الأصلية يتحول من خصم كامل إلى خصم ناقص، حيث توزع مركز الخصم بينه وبين الضامن، فبخروج طالب الضمان لا يحل محله الضامن إلا فيما يتعلق بمباشرة إجراءات الخصومة منذ لحظة خروجه، وفيما عدا ذلك يظل طالب الضمان طرفاً في الخصومة، يتقيد بما تؤدي إليه إجراءاتها، وينصرف إليه ما يصدر فيها من أحكام، إذ أن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية يحوز حجية الأمر المقضي بالنسبة إليه، ويرتب له الحق في تنفيذه، ويكون له الحق في الطعن فيه، فخروج طالب الضمان من الدعوى الأصلية يعنى تخلصه من مرارة و عبء التقاضي بشأنها متخلياً عن مباشرة إجراءات الخصومة وتسييرها للضامن، ويعني هذا تغييراً في مركزه الإجرائي لأن الخروج بهذا المعنى - وفقاً لهذا الرأي - يرتب انتقاصاً لحقوقه، وواجباته التي تشكل مضمون مركزه، فهو يتحول من خصم كامل إلى خصم ناقص (أحمد زغلول - دعوى الضمان الفرعية - بند 160 ص 214) .

ولكننا نميل إلى الرأي الأول كما أسلفنا، فطالب الضمان بخروجه من الدعوى الأصلية لا يعتبر خصماً فيها، ويحل محله ضامنه حلولاً إجرائياً.

ثانياً: مركز الضامن: لتوضيح هذا المركز ينبغي التفرقة بين دعوى الضمان الفرعية والدعوى الأصلية، فبالنسبة لدعوى الضمان فإن هذه الدعوى مرفوعة على الضامن فهو المدعى عليه فيها، ومن ثم هو طرف في الخصومة بالنسبة لهذه الدعوى، وله أن يقدم ما يعن له من دفوع خاصة به والتي تتعلق بالتزامه بالضمان، وكما أن الحكم الصادر في دعوى الضمان حجة له أو عليه، وله أن يطعن في هذا الحكم إذا شاء .

وبالنسبة للدعوى الأصلية فإنه بمجرد أمر المحكمة بضم طلب الضمان إلى هذه الدعوى، أي بمجرد إدخال الضامين فإنه يكتسب مركز الخصم في الدعوى الأصلية بما يترتب على ذلك من حقوق وواجبات، فباختصام الضامن يعتبر طرفاً في خصومة الدعوى الأصلية، سواء خرج طالب الضمان أو بقي فيها، وهو يأخذ مركز طالب الضمان فيها وفتحى والى - بند 210 ص 322، إبراهيم سعد ج 1 بند 247 ص 612)، سواء كان طالب الضمان مدعيا أو مدعيا عليه، وهذا أمر. منطقي إن الهدف من إدخاله في الخصومة هو مساعدة طالب الضمان في دحض مزاعم خصمه في الدعوى الأصلية.

وهو يأخذ مركز طالب الضمان في الدعوى الأصلية حتى ولو لم يكن المدعي الأصلي قد وجه طلباً للضامن أو أن الضامن لم يبد دفاعاً مستقلاً عن دفاع من يضمنه (نقض مدنى 13/ 1/ 1966 - مجموعة المكتب الفني سنة 17 ص 123، وايضاً فتحی والی - بند 210 ص 322)، كما يستفيد الضامن من الدفوع التي يتمسك بها طالب الضمان نقض مدنى 8/ 1/ 1975- مجموعة المكتب الفني - سنة 26 ص 135)، ويجوز له أن يبدى الدفوع التي لطالب الضمان حتى ولو لم يتمسك هذا الأخير بها مادام أنه تدخل الدفاع عنه، ولكن لا يحكم عليه. 

والضامن كخصم في الدعوى الأصلية له أن يبدى الدفوع وأوجه الدفاع الخاصة به، فله بصفة عامة أن يمارس ما يمنحه له مركزه كخصم من سلطات، كما أنه يتحمل ما يفرضه هذا المركز من أعباء، وواجبات ومن أهمها مباشرة الإجراءات بحسن نية.

والحكم الصادر في الدعوى الأصلية يكون حجة على الضامن أو حجة له، ويكون له الطعن في هذا الحكم إذا شاء، كما أن الحكم الصادر على الضامن يكون عند الاقتضاء حكماً للمدعي الأصلي، ولو لم يكن قد وجه إليه طلبات (مادة 121 مرافعات).

ورغم أن الأصل أنه لايفيد من الطعن إلا من رفعه، ولا يحتج به إلا على من رفع عليه (مادة 218/ 1 مرافعات)، إعمالاً لمبدأ نسبية الأثر المترتب على إجراءات المرافعات، إلا أنه يفيد الضامن، وطالب الضمان من الطعن المرفوع من أيهما في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية إذا أتحد دفاعهما فيها، وإذا رفع طعن على أيهما جاز اختصام الآخر فيه (مادة 218 / 2 مرافعات).

فإذا أتحد دفاع الضامن في الدعوى الأصلية مع طالب الضمان، فإن الضامن يستفيد من الطعن الذي يقدمه طالب الضمان، ويؤدي إلى صدور حكم لصالحه، ولو لم يقدم الضامن طعناً، والعكس صحيح أيضاً، إذ يستفيد طالب الضمان من طعن الضامن في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية بشرط اتحاد دفاعهما فيها، ويلاحظ أنه إذا اقتصر الضامن على نفي مسئوليته عن الضمان فإن طالب الضمان لا يستفيد من الطعن المرفوع منه إذ لا يعتبر دفاعهما متحداً في هذه الحالة (كمال عبد العزيز ص 431).

انظر في أن للضامن استئناف الحكم الصادر في الدعوى الأصلية التي دخل فيها حتى ولو رضي طالب الضمان بهذا الحكم اكتفاء بالحكم له على الضامن في دعوى الضمان - نقض مدنى 4/ 6/ 1942 - الطعن رقم 5 لسنة 15 قضائية وأنه ليس للضامن استئناف الحكم الصادر في الدعوى الأصلية إلا إذا كان قد دافع في الدعويين معا - نقض مدنى 2 / 5 / 1978 - في الطعن رقم 941 لسنة 44 قضائية، وأنه يترتب على استئناف الضامن للحكم الصادر ضده أن يطرح على المحكمة الاستئنافية الدعوى الأصلية، و دعوى الضمان الفرعية، وتلتزم هذه المحكمة ببحث مسئولية طالب الضمان، والضامن، ولو كانت محكمة أول درجة قد قضت بإخراج طالب الضمان من الدعوى - نقض مدنى 3/ 6/ 1971 - مجموعة المكتب الفني - سنة 22 ص 72، و نقض مدني 2 / 5 / 1978 - مجموعة المكتب الفني - السنة 29 ص 1155).

وإذا صدر الحكم في الدعوى الأصلية ضد خصم طالب الضمان واقتصر هذا الخصم على رفع طعن ضد طالب الضمان أو ضد الضامن فقط، فإنه يجوز له رغم ذلك اختصام من لم يختصمه منهما، ولو بعد فوات الميعاد (كمال عبد العزيز - ص 431).

ثالثاً: مركز الطرف الآخر في الدعوى الأصلية: فهو خصم في الدعوى الأصلية، ويعتبر من الغير بالنسبة لدعوى الضمان الفرعية، وهو في الدعوى الأصلية يواجه خصمين طالب الضمان وضامنه، وباعتباره من الغير بالنسبة لدعوى الضمان الفرعية فإنه - كقاعدة - لا يستفيد منها ولكن إذا ما أمرت المحكمة بضم طلب الضمان إلى الدعوى الأصلية فإنه وفقاً للمادة 121 مرافعات يكون الحكم الصادر على الضامن عند الاقتضاء حكماً للمدعي الأصلي، ولو لم يكن قد وجه إليه طلبات، كذلك فإنه وفقاً للمادة 122 مرافعات للخصم الآخر أن يطلب من المحكمة الحكم له بالتعويضات الناشئة عن تأخير الفصل في الدعوى الأصلية إذا ما رأت المحكمة أن طلب الضمان لا أساس له.

نظر دعوى الضمان الفرعية والحكم فيها:

وفقاً للمادة 120 مرافعات على المحكمة أن تقضي في طلب الضمان وفي الدعوى الأصلية بحكم واحد كلما أمكن ذلك، وإلا فصلت المحكمة في طلب الضمان بعد الحكم في الدعوى الأصلية، ويخضع تقدير ذلك لسلطة المحكمة، فإذا كان نظر طلب الضمان لن يستغرق وقتاً طويلاً، ولن يؤدي إلى تأخير الفصل في الدعوى الأصلية، فإنها تقضي في طلب الضمان، وفي الدعوى الأصلية بحكم واحد، أما إذا كان نظر دعوى الضمان سوف يستغرق وقتاً طويلاً مما ينتج عنه تأخير الفصل في الدعوى الأصلية فإنها تستبقى الفصل في دعوى الضمان الفرعية إلى ما بعد الحكم في  الدعوى الأصلية.

ويتعين ملاحظة أن الاستئناف المرفوع من الضامن في الحكم الصادر ضده لصالح المدعي في الدعوى الأصلية لا يطرح على محكمة الاستئناف دعوى الضمان الفرعية وحدها، وإنما يطرح عليهما الدعويين معاً الأصلية والفرعية بحيث يكون لها أن تحكم للمدعي الأصلي على الضامن أو علي مدعي الضمان حسبما يتضح لها من توافر أركان المسئوليتين. (نقض 3/ 6/ 1971، سنة 22 ص 724).

وإذا رأت المحكمة أن طلب الضمان لا أساس له جاز لها الحكم على مدعی الضمان بالتعويضات الناشئة عن تأخير الفصل في الدعوى الأصلية (مادة 122 مرافعات)، ومن المفهوم أن المحكمة لا تحكم بذلك من تلقاء نفسها، وإنما بناء على طلب الخصم الآخر في الدعوى الأصلية بتعويضه عن الضرر الناجم عن تأخير الفصل في الدعوى (رمزی سيف - بند 365 ، أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 559، وجدى راغب - مبادئ الخصومة - ص 286 كمال عبد العزيز - ص 276).

إذ يتعرض طالب الضمان لخطر المسئولية عن تأخير الفصل في الدعوى الأصلية عند صحتها وحدها دون صحة طلب الضمان، ولكن هذه المسئولية ليست حتمية، فقد لا يتحقق تأخير يذكر في الفصل في الدعوى الأصلية بسبب طلب الضمان، وربما لا يتحقق ضرر ما رغم حدوث هذا التأخير، وقد يكون طالب الضمان حسن النية في طلبه رغم عدم صحته، ورغم أن القانون افترض خطأ طالب الضمان بتقديم طلب ضمان ليس له أساس من القانون، ولم يشترط للحكم بالتعويض ثبوت سوء القصد لديه، إلا أن له أن ينفي هذا الخطأ بإثبات حسن نيته في طلبه رغم عدم صحته، ومن ثم يتفادى خطر المسئولية.

ويخضع تقدير حصول الضرر الذي قد يصيب الخصم الآخر في الدعوى الأصلية نتيجة لانعدام أساس طلب الضمان، ومدى ذلك الضرر إلى سلطة المحكمة، بيد أن الحكم بالتعويض جوازي لها حتى ولو ثبت حصول الضرر، فقد يحدث الضرر، ومع ذلك لا يكون هناك خطأ من طالب الضمان نظراً لحسن نيته واعتقاده سلامة طلبه.(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء / الثالث ، الصفحة : 53)