جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات بشأن المادة 346 منه المطابقة للمادة 175 من القانون الحالي أنه:
مادامت المداولة قد شملت الأسباب والمنطوق معاً، فالأصل أن يصدرا معاً . فإذا لم تودع الأسباب في المواعيد أو الأحوال المذكورة كان معنی هذا أن القضاة قد نطقوا بالحكم قبل أن يتداولوا في أسبابه، ويتفقوا عليه وتستقر عقيدتهم على أساس فيها فحكمهم إذن يكون قد خلا من هذه الأمانة التي يحرص عليها الشارع فهو حكم باطل. وغنى عن البيان أن التمسك بهذا البطلان يكون بطريق الطعن في الحكم بالعارضية أو الإستئناف أو النقض بحسب القواعد والإجراءات المقررة لذلك. وربما هجان في الخاطر للوهلة الأولى أن الحكم، وقد نطق به كيف يعتريه البطلان لعلة لاحقة على النطق به، وما ذنب المحكوم له أن يبطل حكمه التراخي القاضي في تسبيبه. هذا هاجس يضمحل ويزول إذا لوحظ أن الحكم لا تعرف صحته وبطلانه عند النطق به، وإنما تعرف بعد تحريره، فإذا أغفل القاضي مثلاً في الحكم ذكر المحكمة التي أصدرته، وأغفل بیان واقعة الدعوى فإن هذا الحكم ببطل لسبب يرجع إلى القاضي لا إلى المحكوم له، فكذلك يجب أن يكون الشأن في إغفال القاضي إيداع مسودة الحكم في الميعاد، ذلك إلى ما تقدم من أن علة بطلان الحكم هنا دلالة عدم إبداع الأسباب في الميعاد على أن الحكم قد صدر بغير إستظهار أسبابه واتفاق القضاة عليها قبل النطق به.
1- مفاد نص المادة 175 من قانون المرافعات وقبل تعديلها بالقانون رقم 76 لسنة 2007 – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية – هو أن المشرع استحدث نظام قاضي التنفيذ وجعله يختص دون غيره بالفصل في جميع المنازعات المتعلقة بالتنفيذ سواء أكانت المنازعات موضوعية أو وقتية، وسواء أكانت من الخصوم أم من الغير، مما مقتضاه أن قاضي التنفيذ أصبح دون غيره المُختص نوعيًا بجميع منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية أيًا كانت قيمتها .
2- يجوز للنيابة العامة كما يجوز لمحكمة النقض أن تثير في الطعن الأسباب المبنية على النظام العام بشرط أن يكون واردا على الجزء المطعون فيه من الحكم، وأن مفاد المواد 166، 167، 175 من قانون المرافعات أنه يتعين حصول مداولة بين جميع قضاء الهيئة التي سمعت المرافعة وأن يوقعوا على مسودة الحكم المشتملة على أسبابه ولا يشترك فيها غيرهم وإلا كان الحكم باطلا، وأن مناط حصول الاشتراك في المداولة بين القضاة الذين أصدروا الحكم هو توقيعهم على مسودته، فإذا تخلف أحد القضاة الذين أصدروا الحكم عن حضور جلسة النطق به بسبب مانع قهري ووقع على مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه وحل غيره محله وقت النطق بالحكم، وجب إثبات ذلك في الحكم وإلا لحقه البطلان وهو بطلان متعلق بالنظام العام، وأن العبرة في الأحكام هي بالنسخة الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها رئيس الجلسة فهي التي تحفظ بملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وغيرها من الصور ومسودة الحكم لا تعدو أن تكون ورقة لتحضير الحكم، كما أنه من المقرر أن العبرة في خصوص إثبات إجراءات نظر الدعوى بما هو ثابت منها بمدونات الحكم ومحاضر الجلسات .
( الطعن رقم 272 لسنة 76 ق - جلسة 18 / 1 / 2023 )
3- المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن المادة 178 من قانون المرافعات إذ أوجبت اشتمال الحكم على أسماء القضاة الذين أصدروه ورتبت البطلان جزاء على عدم بيان أسمائهم , فإن المقصود بالقضاة فى هذه المادة هؤلاء الذين سمعوا المرافعة واشتركوا فى المداولة وفصلوا فى الدعوى , لا أولئك الذين حضروا تلاوة الحكم , ولما كان مناط المداولة بين القضاة الذين أصدروا الحكم هو توقيعهم على مسودته التى أوجب المشرع إيداعها عند النطق بالحكم على النحو المبين بالمادة 175 من قانون المرافعات , وهو إيجاب قصد به ضمان أن يكون الحكم قد صدر بعد مداولة شملت أسبابه ومنطوقه واستقرت عقيدة المحكمة بشأنه على أساس ما ورد بالمسودة التى وقعت وأودعت وقت النطق به . إذ كان البين من نسخة الحكم المطعون فيه الأصلية أنه أورد بمدوناته أسماء القضاة / .... , ...... , ...... الذين سمعوا المرافعة وفصلوا فى الاستئنافين بعد المداولة التى دلت عليها مسودته المودعة والمشتملة على أسبابه ومنطوقه وموقعاً عليها من هؤلاء القضاة بينما الهيئة التى قامت بتلاوة الحكم مشكلة من القضاة / ...... , ..... , ....... ، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه مبرءاً من قاله البطلان ، ويضحى النعى (بالبطلان لاشتراك أحد القضاة فى المداولة دون أن يسمع المرافعة) على غير أساس.
(الطعن رقم 11633 لسنة 80 جلسة 2015/06/21)
4- مناط حصول الاشتراك فى المداولة بين من أصدروا الحكم – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو توقيعهم على مسودته التى أوجب المشرع على النحو المبين بالمادة 175 من قانون المرافعات إيداعها عند النطق بالحكم ضماناً لأن يكون الحكم قد صدر بعد مداولة شملت أسبابه ومنطوقه واكتفى بذلك لإثبات أن الإجراءات قد روعيت دون حاجة لإثبات أى بيان آخر حتى لو خلا الحكم من بيان أنه صدر بعد المداولة ، إذ إن ذلك أمر لم يفرضه القانون.
(الطعن رقم 10166 لسنة 78 جلسة 2013/02/14)
5- المادة 178 من قانون المرافعات إذ أوجبت إشتمال الحكم على أسماء القضاة الذين أصدروه ورتبت البطلان جزاء على عدم بيان أسمائهم , فإن المقصود بالقضاة فى هذه المادة هؤلاء الذين سمعوا المرافعة واشتركوا فى المداولة وفصلوا فى الدعوى , لا أولئك الذين حضروا تلاوة الحكم , ولما كان مناط المداولة بين القضاة الذين أصدروا الحكم هو توقيعهم على مسودته التى أوجب المشرع إيداعها عند النطق بالحكم على النحو المبين بالمادة 175 من قانون المرافعات , وهو إيجاب قصد به ضمان أن يكون الحكم قد صدر بعد مداولة شملت أسبابه ومنطوقه واستقرت عقيدة المحكمة بشأنه على أساس ما ورد بالمسودة التى وقعت وأودعت وقت النطق به . لما كان ذلك , وكان البين من نسخة الحكم المطعون فيه الأصلية أنه أورد بمدوناته بياناً بأسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة وفصلوا فى الدعويين بعد المداولة التى دلت عليها مسودته المودعة والمشتملة على أسبابه ومنطوقه موقعاً عليها من هؤلاء القضاة , ومن ثم فلا يعيب الحكم وقوع خطأ مادى فى لقب القاضى ..... الذى سمع المرافعة واشترك فى المداولة ووقع على مسودته , كما لا يعيبه وضع اسم الأخير أمام كلمة وكيل النيابة بمحضرى جلستى ...... و.....إذ الثابت من محضرى الجلستين 4 , 8 من نوفمبر 2006 أن الهيئة مشكلة من ثلاثة قضاة من بينهم القاضى " محمد جودة محمد " فضلاً عن أن جميع جلسات المرافعة وجلسة النطق بالحكم قد خلت من تمثيل النيابة بها , ويكون الحكم المطعون فيه مبرءاً من قالة البطلان .
(الطعن رقم 4457 لسنة 77 جلسة 2010/11/09 س 61 ص 902 ق 153)
6- مفاد النص فى المواد 166و167و170و175 من قانون المرافعات أنه يتعين حصول مداولة بين جميع قضاة الهيئة التى سمعت المرافعة وأن يواقعوا على مسودة الحكم المشتملة على أسبابه ولا يشترك فى ذلك سواهم ومناط حصول الإشتراك فى المداولة بين من أصدروا الحكم هو توقيعهم على مسودته التى أوجب المشرع على النحو بالمادة 175 من قانون المرافعات إيداعها عند النطق بالحكم ضمانا لأن يكون الحكم قد صدر بعد مداولة شملت أسبابه ومنطوقه وأكتفى بذلك لإثبات أن الإجراءات قد روعيت دون حاجة لإثبات أى بيان آخر.
(الطعن رقم 2445 لسنة 59 جلسة 1994/12/27 س 45 ع 2 ص 1697 ق 317)
7- النص فى المادة 175 من قانون المرافعات - يدل على أن المشرع أوجب أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعاً عليها من جميع أعضاء الهيئة التى أصدرته وإلا كان الحكم باطلاً، ولا يغنى عن هذا الإجراء توقيعهم جميعاً على الورقة المتضمنة منطوق الحكم وحدة متى كانت هذه الورقة منفصلة عن الأوراق المشتملة على أسبابه أما إذا حررت الأسباب على أوراق منفصلة اشتملت الأخيرة منها على جزء من هذه الأسباب اتصل بها منطوق الحكم ثم وقع عليها جميع القضاة الذين أصدروه فإن التوقيع على هذه الورقة إنما هو توقيع على المنطوق والأسباب مما يتحقق به غرض الشارع فيما استوجبه من توقيع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته المشتملة على أسبابه فلا يكون الحكم باطلاً .
(الطعن رقم 3095 لسنة 58 جلسة 1993/01/28 س 44 ع 1 ص 341 ق 63)
8- النص فى الفقرة الثالثة من المادة 494 من قانون المرافعات تشترط لجواز المخاصمة أن يكون القانون قد نص على مسئولية القاضى عن المخالفة وعن التعويض عنها، ولا يصح القياس فى هذه الحالة على حكم المادة 175 من قانون المرافعات التى تقرر مسئولية القاضى عن التعويض فى حالة عدم إيداع مسودة الحكم ملف الدعوى عند صدوره لأن تقرير مسئولية القاضى عن أعماله بدعوى المخاصمة وهو على ما سلف القول إستثناء ورد فى القانون فى حالات معينة على سبيل الحصر فلا يجوز التوسع فيها أو القياس عليها.
(الطعن رقم 410 لسنة 56 جلسة 1991/12/12 س 42 ع 2 ص 1823 ق 287)
9- إذا كانت المادة 178 من قانون المرافعات قد أوجبت إشتمال الحكم على أسماء القضاة الذين أصدروه و رتبت البطلان جزاء على عدم بيان أسمائهم فإن المقصود بالقضاة فى هذه المادة - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هؤلاء الذين سمعوا المرافعة و أشتركوا فى المداولة و فصلوا فى الدعوى ، لا أولئك الذين حضروا تلاوة الحكم ، و لما كان مناط المداولة بين القضاة الذين أصدرو الحكم هو توقيعهم على مسودته التى أوجب المشرع إيداعها عند النطق بالحكم على النحو المبين بالمادة 175 من قانون المرافعات ، و هو إيجاب قصد به ضمان أن يكون الحكم قد صدر بعد مداولة شملت أسبابه و منطوقه و إستقرت عقيدة المحكمة بشأنه على أساس ما ورد بالمسودة التى وقعت و أودعت وقت النطق به .
(الطعن رقم 1695 لسنة 55 جلسة 1989/12/21 س 40 ع 3 ص 405 ق 386)
10- النص فى المواد 167 ، 170 ، 178 من قانون المرافعات يدل على أنه إذا إشترك أحد القضاة فى المداولة و لم يكن قد سمع المرافعة فى الدعوى ، أو تخلف أحد القضاة الذين أصدورا الحكم فى جلسة النطق به بسبب مانع قهرى و لم يثبت فى الحكم أنه وقع على مسودته المشتملة على منطوقه و أسبابه ، و أن غيره حل محله وقت النطق به فإن الأمر المترتب على هذا العوار الذى يلحق بالحكم هو البطلان ، بيد أن المشرع لم يقرر بصريح هذه النصوص مساءلة القاضى عن التعويضات ، بينما النص فى الفقرة الثالثة من المادة 494 من هذا القانون تشترط لجواز المخاصمة أن يكون القانون قد نص على مسئولية القاضى عن المخالفة و عن التعويض عنها ، و لا يصح القياس فى هذه الحالة على حكم المادة 175 من قانون المرافعات التى تقرر مسئولية القاضى عن التعويض فى حالة عدم إيداع مسودة الحكم ملف الدعوى عند صدوره ، لأن تقرير مسئولية القاضى عن أعماله بدعوى المخاصمة هو إستثناء ورد فى القانون فى حالات معينة على سبيل الحصر فلا يجوز التوسع فيها أو القياس عليها .
(الطعن رقم 920 لسنة 46 جلسة 1980/02/14 س 31 ع 1 ص 514 ق 101)
11- إيجاب إيداع مسودة الحكم على النحو المبين بالمادة 175 من قانون المرافعاتمقصود به ضمان أن يكون الحكم قد صدر بعد مدوالة شملت أسبابه و منطوقه و إستقرت عقيدة المحكمة بشأنه على أساس ما ورد بالمسودة التى وقعت و أودعت وقت النطق به مما مفاده أن المشرع قد رتب البطلان على عدم إيداع المسودة وقت صدور الحكم بحيث لا يكون ثمة محل للبطلان إذا أودعت المسودة الملف عند صدور الحكم ثم تبين فى تاريخ لاحق عدم وجودها به . يؤيد ذلك أن المادة 177 من القانون ذاته أوجبت حفظ المسودة بالملف لم ترتب البطلان جزاء على مخالفة حكمها .
(الطعن رقم 920 لسنة 46 جلسة 1980/02/14 س 31 ع 1 ص 514 ق 101)
12- النص فى المادة 175 من قانون المرافعات على أنه " يجب فى جميع الأحوال أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعة من الرئيس و من القضاة عند النطق بالحكم و إلا كان باطلا " يدل على أن المشرع أوجب أن تودع مسودة الحكم المشتمله على أسبابه موقعاً عليها من جميع أعضاء الهيئة التى أصدرته و إلا كان الحكم باطلاً ، و لا يغنى هذا الإجراء توقيعهم جميعاً على الورقة المتضمنة منطوق الحكم وحده متى كانت هذه الورقة منفصلة عن الأوراق المشتمله على أسبابه ، أما إذا حررت الأسباب على أوراق منفصلة إشتملت الأخيرة منها على جزء من هذه الأسباب و إتصل بها منطوق الحكم ثم وقع عليها جميع القضاة الذين أصدروه فإن التوقيع على هذه الورقة إنما هو توقيع على المنطوق و الأسباب معا يتحقق به عرض الشارع فيما أستوجبه من توقيع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته المشتملة على أسبابه فلا يكون الحكم باطلاً ، لما كان ذلك و كان ما أورده الطاعن فى نعيه من أن الورقة الأخيرة من أوراق مسودة الحكم إشتملت على توقيعات أعضاء الهيئة التىأصدرته فى نهاية المنطوق ، لا يفيد خلو الورقة من جزء من الأسباب و هو مناط البطلان فى هذه الحالة فإن النعى فى هذا الوجه يكون مجهلاً
(الطعن رقم 31 لسنة 44 جلسة 1976/12/08 س 27 ع 2 ص 1721 ق 317)
13- إذ أوجبت المادة 175 من قانون المرافعات توقيع الرئيس و القضاه على مسودة الحكم المشتملة على أسبابه فإنها لم تشترط تعدد توقيعاتهم بتعدد أوراق المسودة ، لأن تلك المسودة تعتبر وحدة واحدة فيكفى التوقيع فى نهاية الأسباب . إذ كان ذلك و كان الثابت من الإطلاع على مسودة الحكم الصادر من محكمة أول درجة أنها حررت فى إثنى عشرة ورقة منفصلة ، الأخيرة منها قد إنتهت فيها الأسباب بمنطوق الحكم و ذيلت بتوقيعات القضاه الثلاثة الذين أصدروه ، فإن حسب الحكم هذا ليكون بمنأى عن البطلان .
(الطعن رقم 539 لسنة 39 جلسة 1975/01/07 س 26 ع 1 ص 124 ق 33)
14- مؤدى نص المادة التاسعة من قانون السلطة القضائية رقم 46لسنة 1972 أنه يجب إصدار أحكام المحكمة الابتدائية من ثلاثة قضاه ومفاد المواد166 , 167 , 175 من قانون المرافعات أنه يتعين حصول المداولة بين جميع قضاة الهيئة التى سمعت المرافعة وأن يوقعوا على مسودة الحكم المشتملة على أسبابه ولا يشترك فى ذلك غيرهم وإلا كان الحكم باطلاً .
(الطعن رقم 458 لسنة 52 جلسة 1988/02/25 س 39 ع 1 ص 309 ق 63)
15- يكفى لسلامه الحكم أن تكون نسخته الأصلية موقعه من رئيس الهيئة التى أصدرته دون إشتراط توقيع رئيس الجلسة الذى حضر تلاوته و لم يشترك فى إصداره ، كما لا يجوز لهذا الأخير أن تحمل المسودة توقيعه طالما لم يشارك فى إصدار الحكم .
(الطعن رقم 1695 لسنة 55 جلسة 1989/12/21 س 40 ع 3 ص 405 ق 386)
16- العبرة فى الأحكام هى بالنسخة الأصلية التى يحررها الكاتب ويوقع عليها رئيس الجلسة فهى التى تحفظ بملف الدعوى وتكون المرجع فى أخذ الصورة التنفيذية وغيرها من الصور ، ومسودة الحكم لا تعدو أن تكون ورقة لتحضير الحكم
(الطعن رقم 813 لسنة 55 جلسة 1988/12/14 س39 ع 2 ص 1304 ق 222)
17- مناط حصول الاشتراك فى المداولة بين القضاة الذين أصدروا الحكم هو توقيعهم على مسودته . لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الهيئة التى أصدرت الحكم الابتدائى ووقعت على مسودته مشكلة من السيد الرئيس بالمحكمة ........ رئيسا وعضويه الرئيس بالمحكمة ....... والقاضى ...... وكان ثلاثتهم هم أعضاء الهيئة التى سمعت المرافعة حسبما هو ثابت بمحضر جلسة 1986/1/19 التى حجزت فيها الدعوى للحكم ، فإن الإجراءات التى تطلبها القانون لإصدار الحكم تكون قد روعيت ، ولا يغير من ذلك أن يكون قد أثبت فى محضر الجلسة وديباجة الحكم حضور المهندس المشار إليه فى المادتين 18 ، 59 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر رغم أن الدعوى ليست من قبيل الطعون المبينة فى هاتين المادتين ذلك بأن أثبات هذا الحضور بذاته لا يفيد إشتراك المهندس أو إسهامه فى إصدار الحكم وليس من شأنه أن يخل بالتشكيل المنصوص عليه قانوناً لإصدار أحكام المحكمة الابتدائية .
(الطعن رقم 1470 لسنة 57 جلسة 1992/11/22 س 43 ع 2 ص 1189 ق 240)
18- المقرر- فى قضاء هذه المحكمة - ان تضمين الحكم بيانه انه صدر بعد المداولة امر لم يوجبه القانون وكل ما فرضه فى المواد 166 وما بعدها من قانون المرافعات هو وجوب صدور الحكم بعد المداولة وقد خلا نص المادة 178 من ذلك القانون التى حددت البيانات التى يجب ان يتضمنها الحكم من النص على وجوب اثبات هذا البيان، واذ كان الاصل فى الإجراءات انها روعيت صحيحة وعلى من يدعى انها خولفت اقامة الدليل، وكان توقيع الهيئة التى اصدرت الحكم المطعون فيه على مسودته هو عنوان اجراء المداولة فيما بينهم قبل اصداره ولم تقدم الطاعنة دليلاً على خلاف ذلك فان خلو الحكم المطعون فيه أو محضر جلسة النطق به فى ذلك البيان لا يعيبه ولا يبطله .
(الطعن رقم 2439 لسنة 65 جلسة 1996/11/07 س 47 ع 2 ص 1266 ق 230)
مسودة الحكم :
وتكتب عقب انتهاء المداولة قبل النطق بالحكم . ويجب أن تشتمل المسودة على منطوق الحكم و أسبابه وتوقيع كل من رئيس الدائرة وجميع أعضائها الذين أصدروا الحكم ، وإلا كان الحكم باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام . ولا يغني عن هذا التوقيع توقيعهم على الورقة المتضمنة منطوق الحكم وحده ، متى كانت هذه الورقة منفصلة عن الأوراق المشتملة على أسبابه. ويجب أن يتم التوقيع من جميع أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم على مسودة الحكم ولهذا فإن التوقيع على الحكم الصادر من دائرة ثلاثية بتوقيعين فقط يؤدي إلى بطلان الحكم - ويكفي أن ترد توقيعات القضاة في نهاية المسودة ، فلا يشترط أن تتعدد التوقيعات بتعدد أوراق المسودة مادامت الورقة الأخيرة التي وقعوا عليها قد اشتملت على جزء من الأسباب إتصل بها منطوق الحكم . ولا يشترط أن تتوج المسودة باسم الشعب . ذلك أن وجوب صدور الحكم باسم الشعب قاصر على نسخة الحكم الأصلية. وقد جرى العمل على كتابة مسودة الحكم بخط اليد . على أنه لا يوجد ما يمنع قانوناً من كتابة المسودة بالكومبيوتر على أن توقع من أعضاء الدائرة التي أصدرت الحكم ، إذ لم يوجب القانون كتابتها بخط اليد . ولا ينال ذلك من سرية المداولة فلا تلازم حتمي بين كتابة مسودة الحكم بأي طريقة وبين إفشاء سر المداولة.
ويجب أن تودع مسودة الحكم في ملف القضية عند النطق بالحكم ، سواء صدر الحكم في جلسة المرافعة أو في جلسة لاحقة ، فبهذا وحده يتأكد أن القضاة قد تداولوا وتدبروا أسباب الحكم المؤدية إلى منطوقه قبل النطق به ، فلم يرد النطق به عفو الخاطر دون تفكير . وتحمل المسودة تاريخ إيداعها الذي هو يوم النطق بالحكم . فإذا لم تودع المسودة مشتملة على المنطق والأسباب وتوقيعات رئيس الدائرة وأعضائها عند النطق بالحكم ، كان الحكم باطلاً . ويكون المتسبب في هذا البطلان ملتزماً قبل ذى المصلحة من الخصوم بالتعويض (مادة 176 مرافعات) . على أنه لا يؤثر على سلامة الحكم عدم اشتمال المسودة على تاريخ إيداعها ، إذ هو بيان لما يتطلبه القانون. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 386)
تحرير مسودة الحكم بخط القاضي الذي أصدره :
متى حجزت المحكمة القضية للحكم وأقفل باب المرافعة، بدأت المداولة إذا كانت المحكمة مشكلة من ثلاثة قضاة أو خمسة، وغالبا ما تبدأ بعد قيام رئيس الدائرة بتوزيع القضايا على الأعضاء وتحرير كل عضو مسودة الحكم، فإذا اتفقت الآراء تم التوقيع عليها من الرئيس والعضوين، أما إذا خالف الرئيس والعضو الآخر رأى العضو الذي حرر المسودة وجب على الأخير تعديل المسودة بما يتفق ورأى الأغلبية. فإذا امتنع لأي سبب وجب على الرئيس سحب القضية منه ليقوم هو بتحرير المسودة أو ليعهد بذلك للعضو الآخر، وفي هذه الحالة، يجوز تحریر مسودة جديدة أو تصحيح المسودة السابقة بإحلال بعض الأسباب محل البعض الآخر التي كانت تتضمنه المسودة بعد محو البعض الأخير ويتم هذا الإحلال بخط الرئيس أو العضو الآخر كما يتم تعديل المنطوق، وحينئذ تكون المسودة مكتوبة بخطين مختلفين ومع ذلك تكون صحيحة لأن هيئة المحكمة لا تتجزأ في صدد تحرير المسودة ، وقد يتم التعديل بطریق شطب بعض الأسباب وإحلال غيرها محلها وحينئذ لا يعتد بالمشطوب ويعتبر كأن لم يكن، ولا يحول دون تعديل الأسباب و محو بعضها أن تكون المسودة موقعاً عليها من العضو الذي حررها، إذ لا تثبت لها الحجية ولا تضفي عليها صفة الرسمية إلا بتوقيع جميع قضاة الدائرة عليها أما قبل ذلك فإنها تكون ورقة عرفية صادرة من العضو الذي قام بالتوقيع عليها ومن ثم ينتقي الضرر من التعديل أو المحو الذي يلحقها.
ويجوز لرئيس الدائرة مع الإبقاء على المسودة وقبل أن يوقع عليها، إدخال التعديلات التي رآها من حيث الصياغة أو بما يتفق مع ما أسفرت عنه المداولة.
وإن كان لا تثريب على المحكمة إذا ساهم كل من قضاتها في تحرير المسودة ، فإنه لا يجوز على وجه الإطلاق أن تحرر بخط شخص لم يشترك في إصدار الحكم ، لما ينطوي عليه ذلك من إلمام هذا الشخص بإتجاه الرأي لدى المحكمة، والعناصر التي تدور حولها المداولة بما لازمة إفشاء أسرارها وما يترتب على ذلك من بطلان الحكم بطلاناً مطلقاً حتى لو كانت قد حررت بخط قاض حضر المرافعة ولكنه لم يشترك في إصدار الحكم وبالتالي لم يشترك في المداولة ولم يوقع على مسودة الحكم و يحول دون هذا البطلان أن يكون هذا القاضي قد أشترك في جلسة المرافعة ويقوم أحدهم بتحرير المسودة ثم يطرأ عليه عذر من حضور المداولة، فيتداول الثلاثة الآخرين ويوقعون المسودة ويتغيب أحدهم عن جلسة النطق بالحكم التي يحضرها العضو الذي كان قد حرر المسودة وحينئذ يعتبر الأخير كما لو كان قد أشترك في المداولة وقد تمت على الرأي الذي ضمنه المسودة.
وإذا كانت المحكمة مشكلة من قاض فرد، وجب عليه تحرير المسودة بخطه، فإن ثبت تحريرها بخط غيره، كان الحكم الذي يصدر باطلاً بطلاناً مطلقاً، والسبيل إلى تقرير هذا البطلان يكون بالطعن فيه.
وإن كانت مسودة الحكم بمثابة ورقة تحضيرية لإعداد نسخة الحكم الأصلية، فقد أوجب المشرع في جميع الأحوال أن تودع المسودة موقعة عند النطق بالحكم وإلا كان الحكم باطلاً ، مما مفاده بطلان الأحكام التي تصدر على نماذج معدة مسبقاً وتكون بمثابة النسخة الأصلية لهذه الأحكام، وهو بطلان متعلق بالتنظيم القضائي ومن ثم يمس النظام العام وتقضى به المحكمة من تلقاء نفسها، والسبيل إلى تقريره يكون بالطعن في الحكم بالطريق المناسب.
التوقيع على مسودة الحكم :
متى حضر أحد القضاة مسودة الحكم، عرض على زميليه في الدائرة وقائع الدعوى و أوجه الدفاع والدفوع التي أثارها الخصوم، ورأيه فيها وفي منطوق الحكم الذي خلص إليه من بحثه، وحينئذ تبدأ المداولة بين جميع الأعضاء بمناقشة الوقائع لتكييف الدعوى أن كان في ذلك خلاف، ثم التصدي للدفوع وأوجه الدفاع وتصفيتها وفقاً للنصوص القانونية الواجبة التطبيق والإنتهاء إلى المنطوق الذي يحسم كل ما أثير من أنزعة، وهذا يتطلب إن تكون مسودة الحكم قد تضمنت كل ما تداول فيه الأعضاء من وقائع ودفوع وأوجه دفاع والنصوص القانونية الواجبة التطبيق والمنطوق الذي خلص إليه القضاة ، ويدل على تحقق ذلك وإن المداولة قد شملت الأسباب والمنطوق، أن تكون الأسباب متصلة بالمنطوق وشملتها ورقة واحدة أو عدة ورقات منفصلة تضمنت الأخيرة منها بعض الأسباب ومنطوق الحكم وحينئذ يكفي توقيع القضاة على الصفحة الأخيرة فقط ليبرأ الحكم من البطلان.
أما إذا تحررت الأسباب على أوراق منفصلة عن الورقة التي تضمنت منطوق الحكم، وجب لصحته توقيع جميع القضاة على كل صفحة من الصفحات التي تضمنت الأسباب والمنطوق بحيث إذا أكتفي القضاة بالتوقيع على الصفحة الأخيرة فقط التي تضمنت المنطوق وحده كان الحكم باطلاً بطلاناً مطلقاً حتى لو كانت الصفحة السابقة لا يوجد بها فراغ لكتابة المنطوق ، لوجود شبهة في أن المنطوق تم تحريره قبل المداولة وتحرير الأسباب، ولا ينال من ذلك إيداع المسودة المشتملة على الأسباب والمنطوق في نفس اليوم الذي تلى فيه المنطوق، وإذا وقع جميع القضاة على الصفحة الأخيرة التي تضمنت المنطوق وحده وكذلك السابقة عليها واغفلوا إحدى الصفحات فلم يوقعوا عليها، فإن ذلك ينفي شبهة عدم إشتمال المداولة على الأسباب والمنطوق، ويعتبر المنطوق متصلاً بجزء من الأسباب مما يحول دون بطلان الحكم خلافا لما إذا جاءت الصفحة السابقة على المنطوق خلواً من التوقيعات إذ لا يكون المنطوق حينئذ متصلاً بالأسباب.
ويجب أن يوقع جميع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته على نحو ما تقدم، وإلا كان باطلا، فإن وقعه أقل من ثلاثة قضاة أو أكثر من ثلاثة، كان باطلاً، وإن تعددت صفحات الحكم وكانت متصلة بالمنطوق، فيكفي توقيع ثلاثة قضاة على الصفحة الأخيرة التي تضمنت المنطوق، فيصح الحكم إن لم يوقع القضاة على صفحاته الأخرى أو وقع عليها بعضهم فقط.
فإن كانت الصفحة الأخيرة المتصلة بالمنطوق موقع عليها من قاضيين فقط، كان الحكم باطلاً، وأيضاً إذا كانت الصفحة الأخيرة التي تضمنت المنطوق فقط، موقع عليها من قاضيين فقط، كان الحكم باطلاً حتى لو كانت باقي صفحات الحكم موقع عليها من القضاة الثلاثة، لذات العلة سالفة البيان، أما إن كانت الصفحة الأخيرة التي تضمنت المنطوق فقط موقع عليها من ثلاثة قضاة، وكذلك الصفحات الأخرى فيما عدا صفحة واحدة وقع عليها قاضيان فقط، كان ذلك من قبيل السهو الذي لا يبطل الحكم.
ولا يشترط أن يكون التوقيع مقروءاً، ولا يجوز الإدعاء بأن التوقيع ليس للقاضي الذي نسب إليه، أو بأنه وقع المسودة بعد النطق بالحكم إلا باتخاذ إجراءات الإدعاء بالتزوير فى دعوى المخاصمة، ويفترض صحة التوقيع الذي تضمنته المسودة حتى يقضي بردها وبطلانها، ويجوز إنهاء إجراءات الإدعاء بالتزوير إلى ما قبل صدور حكم في الإدعاء، فإذا صدر امتنع ذلك إذ تكون الإجراءات قد إنتهت بصدوره، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة (179).
ولا يجوز إهدار حجية الحكم بدعوى أصلية ، سواء كانت دعوی تزویر أو بطلان أو إنعدام، إذ أوجب المشرع التظلم من الأحكام بالطعن فيها، وفي الحالة الماثلة يبني الطعن على وقوع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم لعدم اشتمال المسودة على توقيعات كل القضاة الذين أصدروه متخذاً إجراءات الطعن بالتزوير، ويتم تحقيقه بطلب مذكرة من القضاة المنسوب إليهم التوقيع على المسودة دون حاجة لتحقيق الخطوط.
وإذا تعلقت المسودة بحكم مما يجوز الطعن فيه بالنقض، أو وقع التزوير في نسخته الأصلية، وجب على الطاعن التمسك بهذا التزوير بصحيفة الطعن، وحينئذ تقوم محكمة النقض بالتصدي لهذا الإدعاء على نحو ما أوضحناه بالمادة (253) بند «الطعن بالتزوير أمام محكمة النقض».
وإذا حضر المستشار رئيس المحكمة الإبتدائية جلسة إحدى الدوائر رئيساً ، فإنه لا يجوز له توقيع مسودة الحكم أو نسخته الأصلية إلا إذا إشترك في إصدار.
تاريخ التوقيع على مسودة الحكم :
يدل نص المادة (175) على وجوب إيداع مسودة الحكم مشتملة على أسبابه موقعة من الرئيس ومن القضاة عند النطق بالحكم وإلا كان الحكم باطلاً، كما يدل نص المادة (177) على أن المسودة تشتمل على منطوق الحكم وأسبابه ، ومفاد ذلك أن المشرع حصر بيانات المسودة في الأسباب والمنطوق وتوقيع جميع القضاة وهو ما يكفي لصحتها، بحيث إذا أضافت المحكمة أو أحد القضاة بياناً لم يوجبه المشرع، كان زائداً تستقيم المسودة بدونه ولازم ذلك أن المسودة إذا خلت منه أو شابه خطأ أو تناقض، فلا ينال من صحة الحكم باعتباره نافلة والمقرر أن إغفال النوافل أو الخطأ فيها لا يؤثر في الحكم، وإذ لم يوجب المشرع تضمين المسودة بياناً متعلقاً بتاريخها، فإن إغفال تضمين المسودة تاريخاً أو تضمنها تواريخاً مختلفة ، كما إذا حررها أحد القضاة وأعطاها التاريخ المحدد للنطق بالحكم، وعند المداولة في وقت سابق وقع عليها قاض آخر وقرن توقيعه بتاريخ المداولة، بينما وقع القاضي الثالث دون أن يقرن توقيعه بتاريخ معين، لا يترتب عليه بطلان الحكم، ومن ثم لا يكون هناك دلالة للتاريخ الذي وضع على المسودة ما لم يكون متفقاً مع تاريخ إيداعها المحدد بتاريخ النطق بالحكم وهو الذي تودع فيه المسودة ملف الدعوى وتثبت بدفتر إيداع المسودات ويؤشر بذلك بدفتر القضايا المحجوزة للحكم، ومتى تم الإيداع على هذا النحو كان تاريخ الإيداع هو المعول عليه عند تقرير صحة الحكم أو بطلانه دون الإعتداد بالتاريخ الذي تضمنته المسودة إن جاء مخالفاً لتاريخ إيداعها.
وكان قانون المرافعات السابق يوجب في المادة (346) منه على المحكمة أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعاً عليها من الرئيس والقضاة ومبيناً بها تاريخ إيداعها وإلا كان الحكم باطلاً. ومن ثم كان البيان المتعلق بتاريخ السودة وإعتباره تاريخاً لإيداعها بياناً جوهرياً يترتب البطلان على إغفاله أو التناقض فيه.
مفاد ما تقدم، إختلاف نص المادة (175) من قانون المرافعات الحالي عن نص المادة (346) من قانون المرافعات السابق، فيما يتعلق بالأثر المترتب على إغفال ذکر تاريخ الإيداع بالمسودة أو التناقض فيه فقد كانت المادة الأخيرة تعتبره بياناً جوهرياً بينما أسقطته المادة الثانية من نصها فلم يعد من بيانات المسودة.
ومع ذلك، يرى أبو الوفا في الأحكام بند (41) أن المادة (175) تشير إلى أن المسودة تشتمل على أسباب الحكم ويوقع عليها الرئيس والقضاة ويحدد بها تاريخ إيداعها ويتضح أن مطلوب المشرع أن تشمل مسودة الحكم على منطوقه وأسبابه وتوقيع القضاة الذين اصدروه وتاريخ إيداعها وجميع هذه البيانات جوهرية يترتب على إغفالها بطلان الحكم.
التعويض المترتب على بطلان الحكم :
يجب على المحكمة في جميع الأحوال أن تودع مسودة الحكم موقعة من الرئيس والقضاة عند النطق بالحكم، سواء نطق بالحكم بجلسة المرافعة أو بجلسة أخرى حجزت فيها الدعوى للحكم، وإذا إختلف القضاة وامتنع أحدهم عن التوقيع عليها، تعين على رئيس الدائرة إعادة الدعوى للمرافعة، فإذا هو إكتفى بالأغلبية، ونطق بالحكم، أدى ذلك إلى بطلانه، كذلك إذا نطقت المحكمة بالحكم ولم تودع المسودة في ذات اليوم الذي نطقت فيه بالحكم كان باطلاً.
وتكون المحكمة دائماً هي المتسببة في بطلان الحكم إن هي أودعت المسودة في يوم لاحق على يوم النطق بالحكم، أو أودعتها غير موقعة من جميع القضاة ، وحينئذ يجوز ، إذا صدر حكم بالبطلان، لمن لحقه ضرر من جرائه، الرجوع على القضاة بالتعويض عما ناله من ضرر وفقاً لأحكام المسئولية التقصيرية وذلك بدعوى مخاصمة.
وإذ نصت المادة (175) من قانون المرافعات على أن يكون المتسبب في البطلان ملزماً بالتعويضات إن كان لها وجه، فإن مناط التعويضات إلحاق ضرر بالخصم، ولا يعتبر خطأ القاضي في هذه الحالة خطأ مرفقياً وإنما خطأ شخصياً يكون هو وحده المسئول عن التعويض الذي يقضي به، بحيث إذا رجع المضرور على القاضي كتابع ووزير العدل كمتبوع، جاز للأخير الرجوع على القاضي بما دفعه للمضرور. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الرابع ، الصفحة : 197)
مسودة الحكم هي ورقة من أوراق المرافعات تشتمل على منطوقه وأسبابه كما تشتمل على توقيع القضاة الذين أصدروه وتاريخ إيداعها والمقصود من إيداع المسودة تمكين الخصوم فور النطق بالحكم من الإطلاع عليه وعلى أسبابه إستعداداً للطعن فيه إذا عن لهم ذلك كما انه من الجائز تنفيذ الحكم في بعض الأحوال بموجب مسودته وبغير إعلان ( نظرية الأحكام للدكتور أبو الوفا ص 99).
ويجب توقيع جميع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته سواء أصدرالحكم عقب المرافعة أو في جلسة تالية لها ولا يكفي التوقيع على الورقة ، المتضمنة للمنطوق متى كانت منفصلة عن الأسباب بل يتعين التوقيع على المسودة المشتملة على الأسباب وإذا حرر الحكم علي عدة أوراق منفصلة وجب التوقيع علي كل ورقة منهما أما إذا كانت الأسباب والمنطوق قد حررتا في أوراق متصلة فإنه يكفي التوقيع من القضاة جميعاً في نهاية المنطوق إذا يتحقق بذلك قصد الشارع أما إذا حررت الأسباب علي أوراق إشتملت الأخيرة منها على جزء من الأسباب وإتصل بها منطوق الحكم وتم التوقيع على الورقة الأخيرة فلا بطلان. والبطلان المترتب على عدم إيداع مسودة الحكم فور النطق به أو عدم توقيعه من جميع القضاة الذين أصدروه متعلق بالنظام العام وسبيل التمسك به هو الطعن في الحكم بطرق الطعن المقررة قانوناً ولا يجوز رفع دعوى مبتدأه بطلب البطلان . وإذا أثبت في مسودة الحكم تاريخ إيداعه فلا يجوز دحضه إلا بطريق الطعن بالتزوير فلا تكفي الشهادة الصادرة من قلم الكتاب بعدم إيداع المسودة في التاريخ المبين بالمسودة . (قارن الأستاذ كمال عبد العزيز الطبعة الثالثة الجزء الأول ص 992 ونظرية الأحكام لأبو الوفا الطبعة الثانية ص 105).
وطبقاً لعجز هذه المادة فإن المتسبب في البطلان وهو القاضي الذي أهمل إيداع مسودة الحكم يوم النطق به أو التوقيع علي الأسباب فيكون ملزماً بالمصاريف والتضمينات إن كان لها مقتضى. (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء : الرابع ، الصفحة : 668)
إيداع مسودة الحكم عند النطق به:
مسودة الحكم هي ورقة من أوراق المرافعات - وهی ورقة رسمية - تشتمل على منطوقه وأسبابه، كما تشتمل على توقيع القضاة الذين أصدروه وتاريخ إيداعها، وهي تكتب عقب الانتهاء من المداولة وقبل النطق بالحكم.
والمقصود من إيداع المسودة وإيداعها ملف القضية، لتمكين الخصوم فور النطق بالحكم من الاطلاع عليه، وعلى أسبابه إستعداداً للطعن فيه إذا عن لهم ذلك (مادة 177)، كما أنه بهذا الإيداع يتم التأكد من أن القضاة قد تداولوا، وتدبروا أسباب الحكم المؤدية إلى منطوقه قبل النطق به، فلم يرد النطق به عفو الخاطر دون تفكير، كما أنه من الجائز تنفيذ الحكم في بعض الأحوال، بموجب مسودته وبغير إعلان عملاً بالمادة - 286، إيثاراً للسرعة التي تقتضيها هذه الأحوال، وهي الأحوال المستعجلة أو التي يكون فيها التأخير ضاراً.
والعبرة في الحكم هي بنسخته الأصلية، ولا تعدو المسودة أن تكون ورقة لتحضيره. (نقض 4/ 3/ 1980 - الطعن رقم 494 لسنة 46 ق).
ويلاحظ أن القانون لا يستلزم تسبيب الأحكام فحسب، بل هو بوجب أيضاً أن تكون هذه الأسباب واضحة في ذهن القاضي، أو متفقاً عليها بين القضاة قبل النطق بالحكم، وبعبارة أخرى إستلزم القانون ضرورة إستقرار عقيدة القاضي أو القضاة على ما جاء فيه قبل النطق به. ولهذا أوجب إيداع مسودة الحكم في مواعيد قصيرة حتى يضمن أن القضاة قد نطقوا به بعد أن تداولوا في أسبابه، واتفقوا عليها، وإستقرت عقيدتهم على أساس فيها. إذن جميع الإعتبارات المتقدمة تستوجب إيداع المسودة فوراً ، وفي مواعيد قصيرة بعد تحريرها على وجه السرعة دون أن تتضمن كافة بيانات نسخة الحكم الأصلية .
وتقتصر بیانات المسودة على منطوق الحكم، وأسبابه وتوقيع القضاة الذين أصدروه، وتاريخ إيداعها. (أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام - بند 40 وبند 41 - ص 99، وص 100).
ويجب توقيع جميع القضاة الذين أصدروا الحكم فلا يكفى توقيع رئيس الدائرة أو أحد أعضائها سواء صدر الحكم عقب المرافعة مباشرة أو في جلسة تالية، وسواء أودعت المسودة عند النطق بالحكم أو بعد ذلك نقض 12/ 3/ 1953- سنة 4 - ص 629، نقض 15/ 1/ 1953 - سنة 4 - ص 355). ولا يكفي التوقيع على الورقة المتضمنة المنطوق، بل يتعين التوقيع على المسودة المشتملة على الأسباب (نقض 11/ 3/ 1969 ، سنة 20 - ص 412)، وإذا حرر الحكم على عدة أوراق منفصلة وجب التوقيع على كل ورقة منها (نقض 19/ 11/ 1969، سنة 20 - ص 1211).
ويستثنى من ذلك أن تكون الورقة المتضمنة المنطوق قد إشتملت على جزء من الأسباب، وإتصل بها المنطوق، إذ يكفي في هذه الحالة التوقيع على الورقة المذكورة إذ يتحقق بذلك قصد الشارع.
(نقض 8/ 12/ 1976 ، في الطعن 31 لسنة 44 ق - نقض 21 / 1/ 1976 ، في الطعن 197 لسنة 41 ق - نقض 29/ 3 / 1975 ، في الطعن 342 لسنة 39 ق - نقض 11 / 5/ 1972 - سنة 23 ق - ص 872 - نقض 28 / 12 / 1971 - سنة 22 ص 1115).
وإذا لم تودع المسودة على وجه الإطلاق أو أودعت في غير يوم النطق بالحكم أي بعده كان الحكم باطلاً عملاً بالمادة 175،
والبطلان المترتب على عدم التوقيع على المسودة من جميع القضاة الذين أصدروه يتعلق بالنظام العام (نقض 19/ 11/ 1969 ، سنة 20 - ص 1211 ، نقض 11/ 3/ 1969- سنة 20 - ص 412)، غير أن سبيل التمسك بذلك يكون عن طريق الطعن في الحكم، فلا يجوز رفع دعوى مبتدأة به. (المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق، أحمد أبو الوفا ۔ نظرية الأحكام - بند 43 - ص 104، كمال عبد العزيز - ص 349).
ومتى أودعت المسودة عند صدور الحكم انتفى الحكم بالبطلان، ولو تبين عدم وجودها بالملف في تاريخ لاحق، لأن إيداعها في الميعاد يحقق ما قصده المشرع من هذا الإيداع، وعدم تواجدها في تاريخ لاحق ليس بذاته شرطاً يترتب البطلان جزاء مخالفته، (نقض 7/ 5/ 1974 - سنة 25 - ص 813).
ويلاحظ أنه يجب التوقيع على المسودة من جميع القضاة الذين أصدروا الحكم، لا القضاة الذين حضروا جلسة النطق بالحكم عملاً بالمادة 170 إلا إذا حصل مانع من حضور القضاة الذين اشتركوا في المداولة هذه الجلسة .
وإذا إستبان من الاطلاع على مسودة الحكم أنها موقع عليها من القاضي الذي أصدر الحكم، ومؤرخة في يوم كذا (وهو يوم النطق بالحكم)، فإن الإجراءات تكون صحيحة ما لم يثبت بطريق رسمي غير ذلك بأن يقدم الخصم شهادة رسمية من قلم الكتاب تفيد أن المسودة لم تودع عقب النطق بالحكم. (شبين الكوم الإبتدائية 25/ 2/ 1952، منشور في المحاماة 35 - ص 1456، أحمد أبوالوفا - نظرية الأحكام - بند 41 - ص 102، كمال عبد العزيز - ص 349).
ويذهب البعض إلى أنه إذا ثبت في مسودة الحكم تاريخ إيداعه فلا يجوز دحضه إلا بطريق الطعن بالتزوير، فلا تكفي الشهادة الصادرة من قلم الكتاب بعدم إيداع المسودة في التاريخ البين بالمسودة (الديناصوري وعكاز ص 877).
ووفقاً للمادة 175 - محل التعليق - فإن المتسبب في البطلان، وهو القاضي الذي أهمل إيداع مسودة الحكم يوم النطق به أو التوقيع على الأسباب يكون ملزماً بالمصاريف والتعويضات إن كان لها مقتضى، ولذي المصلحة من الخصوم الرجوع عليه بذلك بدعوى تعویض مبتدأة وفقاً لقواعد المسئولية التقصيرية.
وينبغي ملاحظة أنه لا يجوز تكملة بيانات المسودة التي سبق لنا ذكرها بما هو وارد في ورقة أخرى، ولو كانت رسمية كمحضر الجلسة مثلاً ، ولا يشترط أن تتوج المسودة بإسم الشعب لأن صدور الحكم بإسم الشعب قاصر على نسخة الحكم الأصلية. (نقض 22/ 2/ 1968 - سنة 19 - ص 328).
إصدار الأحكام: «التوقيع على مسودة الحكم» :
عدم توقيع مسودة الحكم من الرئيس والقضاة الذين اشتركوا في المداولة عند النطق به. أثره. بطلانه بطلاناً متعلقاً بالنظام العام. جواز التمسك بالبطلان أمام محكمة النقض وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها. شرطه. أن يكون النعي بالبطلان على الحكم الإبتدائي مطروحاً أمام محكمة الإستئناف. م 175 مرافعات. (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء : الثالث ، الصفحة : 814)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثامن ، الصفحة / 116
الْبَاطِلُ لاَ يَصِيرُ صَحِيحًا بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ:
التَّصَرُّفَاتُ الْبَاطِلَةُ لاَ تَنْقَلِبُ صَحِيحَةً بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ، وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِنَفَاذِ التَّصَرُّفَاتِ الْبَاطِلَةِ، فَإِنَّ ثُبُوتَ الْحَقِّ وَعَوْدَتِهِ يُعْتَبَرُ قَائِمًا فِي نَفْسِ الأَْمْرِ، وَلاَ يَحِلُّ لأَِحَدٍ الاِنْتِفَاعُ بِحَقِّ غَيْرِهِ نَتِيجَةَ تَصَرُّفٍ بَاطِلٍ مَا دَامَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ. فَإِنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لاَ يُحِلُّ حَرَامًا وَلاَ يُحَرِّمُ حَلاَلاً.
هَذَا هُوَ الأَْصْلُ، وَالْقُضَاةُ إِنَّمَا يَقْضُونَ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ لَهُمْ مِنْ أَدِلَّةٍ وَحُجَجٍ يَبْنُونَ عَلَيْهَا أَحْكَامَهُمْ، وَقَدْ تَكُونُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ.
وَلِذَلِكَ يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ عَنْهُ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ بِمَا أَسْمَعُ، وَأَظُنُّهُ صَادِقًا، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ.
وَمُضِيِّ فَتْرَةٍ مِنَ الزَّمَنِ عَلَى أَيِّ تَصَرُّفٍ، مَعَ عَدَمِ تَقَدُّمِ أَحَدٍ إِلَى الْقَضَاءِ بِدَعْوَى بُطْلاَنِ هَذَا التَّصَرُّفِ، رُبَّمَا يَعْنِي صِحَّةَ هَذَا التَّصَرُّفِ أَوْ رِضَى صَاحِبِ الْحَقِّ بِهِ. وَمِنْ هُنَا نَشَأَ عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِهَا بِحَسَبِ الأَْحْوَالِ، وَبِحَسَبِ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَبِحَسَبِ الْقَرَابَةِ وَعَدَمِهَا، وَمُدَّةِ الْحِيَازَةِ، لَكِنَّ مُضِيَّ الْمُدَّةِ الَّتِي تَمْنَعُ سَمَاعَ الدَّعْوَى لاَ أَثَرَ لَهُ فِي صِحَّةِ التَّصَرُّفِ، إِنْ كَانَ بَاطِلاً. يَقُولُ ابْنُ نُجَيْمٍ الْحَقُّ لاَ يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ، قَذْفًا أَوْ قِصَاصًا أَوْ لِعَانًا أَوْ حَقًّا لِلْعَبْدِ.
وَيَقُولُ يَنْفُذُ قَضَاءُ الْقَاضِي فِي الْمَسَائِلِ الْمُجْتَهَدِ فِيهَا، إِلاَّ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا: لَوْ قَضَى بِبُطْلاَنِ الْحَقِّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، أَوْ بِصِحَّةِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، أَوْ بِسُقُوطِ الْمَهْرِ بِالتَّقَادُمِ.
وَفِي التَّكْمِلَةِ لاِبْنِ عَابِدِينَ: مِنَ الْقَضَاءِ الْبَاطِلِ: الْقَضَاءُ بِسُقُوطِ الْحَقِّ بِمُضِيِّ سِنِينَ. ثُمَّ يَقُولُ. عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ ثَلاَثِينَ سَنَةً، أَوْ بَعْدَ الاِطِّلاَعِ عَلَى التَّصَرُّفِ، لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى بُطْلاَنِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ مَنْعٍ لِلْقَضَاءِ عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى، مَعَ بَقَاءِ الْحَقِّ لِصَاحِبِهِ، حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ يَلْزَمُهُ.
وَفِي مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ: تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِحَدٍّ قَدِيمٍ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لأَِنَّهَا شَهَادَةٌ بِحَقٍّ، فَجَازَتْ مَعَ تَقَادُمِ الزَّمَانِ.
وَالْمَالِكِيَّةُ - وَإِنْ كَانُوا يَشْتَرِطُونَ لِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى حِيَازَةَ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ مُدَّةً تَخْتَلِفُ بِحَسَبِهِ مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ - إِلاَّ أَنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِ الْمُدَّعِي حَاضِرًا مُدَّةَ حِيَازَةِ الْغَيْرِ، وَيَرَاهُ يَقُومُ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالتَّصَرُّفِ وَهُوَ سَاكِتٌ. أَمَّا إِذَا كَانَ يُنَازِعُهُ فَإِنَّ الْحِيَازَةَ لاَ تُفِيدُ شَيْئًا مَهْمَا طَالَتِ الْمُدَّةُ، وَفِي فَتْحِ الْعَلِيِّ لِمَالِكٍ رَجُلٌ اسْتَوْلَى عَلَى أَرْضٍ بَعْدَ مَوْتِ أَهْلِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، مَعَ وُجُودِ وَرَثَتِهِمْ، وَبَنَاهَا وَنَازَعَهُ الْوَرَثَةُ، وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى مَنْعِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ رُؤَسَاءِ بَلْدَتِهِمْ، فَهَلْ لاَ تُعْتَبَرُ حِيَازَتُهُ وَلَوْ طَالَتْ مُدَّتُهَا؟ أُجِيبَ: نَعَمْ. لاَ تُعْتَبَرُ حِيَازَتُهُ وَلَوْ طَالَتْ مُدَّتُهَا... سَمِعَ يَحْيَى مِنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: مَنْ عُرِفَ بِغَصْبِ أَمْوَالِ النَّاسِ لاَ يَنْتَفِعُ بِحِيَازَتِهِ مَالَ غَيْرِهِ فِي وَجْهِهِ، فَلاَ يُصَدَّقُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ عَطِيَّةٍ، وَإِنْ طَالَ بِيَدِهِ أَعْوَامًا إِنْ أَقَرَّ بِأَصْلِ الْمِلْكِ لِمُدَّعِيهِ، أَوْ قَامَتْ لَهُ بِهِ بَيِّنَةٌ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا صَحِيحٌ لاَ خِلاَفَ فِيهِ؛ لأَِنَّ الْحِيَازَةَ لاَ تُوجِبُ الْمِلْكَ، وَإِنَّمَا هِيَ دَلِيلٌ عَلَيْهِ تُوجِبُ تَصْدِيقَ غَيْرِ الْغَاصِبِ فِيمَا ادَّعَاهُ مَنْ تَصِيرُ إِلَيْهِ؛ لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَخْذُ مَالِ أَحَدٍ، وَهُوَ حَاضِرٌ لاَ يَطْلُبُهُ وَلاَ يَدَّعِيهِ، إِلاَّ وَقَدْ صَارَ إِلَى حَائِزَةٍ إِذَا حَازَهُ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ وَنَحْوَهَا.