loading

موسوعة قانون المرافعات

الأحكام

1- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 176 من قانون المرافعات على أنه يجب أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بُنيت عليها وإلا كانت باطلة يدل على أن المشرع لم يقصد بإيراد الأسباب أن يستكمل الحكم شكلاً معيناً بل أن تتضمن مدوناته ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة قد أحاطت بالواقع المطروح عليها ومحصت ما قُدم إليها من أدلةٍ وما أبداه الخصوم من دفوع ودفاع عن بصرٍ وبصيرةٍ وحصلت من كل ذلك ما يؤدي إليه وأنزلت عليه حكم القانون وهو ما يستلزم منها الرد على كل دفعٍ أو دفاعٍ جوهريٍ يبديه الخصم ويطلب إليها بطريق الجزم أن تدلي برأيها فيه وذلك حتى يكون الحكم موضع احترام وطمأنينة للخصوم ويحمل بذاته آيات صحته وينطق بعدالته .

( الطعن رقم 8839 لسنة 83 ق - جلسة 27 / 9 / 2022 )

2- إن النص فى المادة 176 من قانون المرافعات يدل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - على أن المشرع لم يقصد بإيراد الأسباب أن يستكمل الحكم شكلاً معيناً ، بل أن تتضمن مدوناته ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة ألمت بالواقع المطروح عليها ، وفحصت ما قُدِّم إليها من أدلة وما أبداه الخصوم من دفاع ، وحصَّلت من كل ذلك ما يؤدى إليه ، ثم أنزلت حكم القانون عليه ، وذلك حتى يحمل الحكم بذاته أسباب صحته ، وينطق بعدالته ، ويمكن محكمة النقض من مراقبة صحة هذه الوقائع والأدلة وما استخلصه منها وإلا كان باطلاً .

(الطعن رقم 6518 لسنة 85 جلسة 2016/06/13)

3- أن مؤدى نص المادة 176 من قانون المرافعات يدل على وجوب اشتمال الأحكام على الأسباب التى بنيت عليها وإلا كانت باطلة قصد به المشرع جعل أسباب الحكم مظهر أداء القاضى واجب تدقيق البحث وإمعان النظر فى وقائع الدعوى وإحاطته بجميع المستندات والأوراق المقدمة فيها المؤثرة فى سير الخصومة وبأنه أعمل فكرة ولم يكتف بأدنى الفهم دون أقصاه فيما طرح عليه من حجج وأسانيد قبل أن يصل إلى منطوق الحكم الصادر منه ، باعتبار أنه بذلك التسبيب وحده يسلم القاضى من مظنة التحكم ويرفع عنه الريب ويطمئن الناس كافة والمتخاصمين خاصة إلى حيده ونزاهة وعدالة القضاء .

(الطعن رقم 10013 لسنة 82 جلسة 2016/01/04)

4- إن مفاد النص فى المادة 176 من قانون المرافعات يدل – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – على أن المشرع لم يقصد بإيراد الأسباب أن يستكمل الحكم شكلاً معيناً ، بل أن تتضمن مدوناته ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة ألمت بالواقع المطروح عليها وفحصت ما قدم إليها من أدلة وما أبداه الخصوم من دفاع وحصلت من كل ذلك ما يؤدى إليه ، ثم أنزلت حكم القانون عليه ، وذلك حتى يحمل الحكم بذاته أسباب صحته وينطق بعدالته ويمكن لمحكمة النقض من مراقبة صحة هذه الوقائع والأدلة وما استخلصه فيها وإلا كان باطلاً .

(الطعن رقم 12683 لسنة 75 جلسة 2015/02/09)

5- إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً فى النتيجة التى انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً فى الأسباب الواقعية يقتضى بطلانه ، وبما مؤداه أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر فى أثره فى الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره فى قضائها فإن لم تفعل كان حكمها قاصراً .

(الطعن رقم 1459 لسنة 83 جلسة 2015/04/23)

6- مؤدى نصوص المواد 170 ، 171 ، 221 ، 222 من التقنين المدنى أن المشرع أفسح لقاضى الموضوع من سلطان التقدير ما يجعل له حرية واسعة فى تقدير التعويض دون أن يقيده القانون المدنى بضوابط معينة ، باعتبار أن تقدير قيمة التعويض متى توافرت شروط استحقاقه لا يقوم على نمط ثابت أو صورة واحدة ، وإنما يراعى فى تقديره تغير الزمان واختلاف المكان والأحوال والأشخاص حتى يتناسب مع وزن الضرر وملابساته ، وسلطة قاضى الموضوع فى تقدير التعويض ولئن كانت تامة إلا أنها ليست تحكمية إذ يخضع فى ممارستها للمبدأ الأساسى المنصوص عليه فى المادة 176 من قانون المرافعات التى توجب عليه أن يشتمل حكمه على الأسباب التى بنى عليها وإلا كان باطلاً ، مما مقتضاه أنه يجب على قاضى الموضوع أن يستظهر عناصر الضرر التى تدخل فى حساب التعويض ووجه أحقية طالب التعويض لكل عنصر منها ثم ينزل عليها تقديره لقيمة التعويض الجابر للضرر ، بحيث يراعى فى هذا التقدير الظروف الملابسة ومقتضيات العدالة . ويقوم على أساس سائغ ومقبول ويتكافئ مع الضرر حتى يتخذ التعويض صورته المعادلة ويصلح بديلاً عن الضرر ، وأن يفصح فى أسباب حكمه عن مصادر الأدلة التى كون منها عقيدته وفحواها وأن يكون لها مأخذها الصحيح من الأوراق وإلا كان حكمه قاصراً

(الطعن رقم 3185 لسنة 68 جلسة 2014/12/01)

7- المقرر– فى قضاء محكمة النقض – أنه ولئن كان مفاد نص المادة 269/2 من قانون المرافعات أنه إذا نقض الحكم نقضاً كلياً وأحيلت القضية إلى المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيه من جديد بناءً على طلب الخصوم فإنه يتحتم على تلك المحكمة أن تتبع حكم النقض فقط فى المسألة القانونية التى فصلت فيها المحكمة ، إلا أنه لما كان المقصود بالمسألة القانونية فى هذا المجال – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصيرة فاكتسب حكمها قوة الشئ المحكوم فيه فى حدود المسألة أو المسائل التى تكون قد بتت فيها بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية ، وما عدا ذلك فتعود الخصومة ، ويعود الخصوم إلى ما كانت عليه وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض . ولمحكمة الإحالة بهذه المثابة أن تبنى حكمها على فهم جديد تحصله حرة من جميع عناصرها ، وهى مقيدة فى هذا المجال بما أوجبته عليها المادة 176 من قانون المرافعات من أن يشمل حكمها الأسباب التى بنى عليها وإلا كان حكمها باطلاً ، فيكون عليها أن تورد فيه أسباباً جديدة تكون دعامة كافية لما انتهت إليه فى قضائها .

(الطعن رقم 11308 لسنة 83 جلسة 2014/08/04)

8- المقرر فى قضاء محكمة النقض أن المواد 166 ، 167 ، 175 ، 176 ، 177 ، 179 من قانون المرافعات أوجبت أن تكون المداولة فى الأحكام القضائية سراً بين قضاة الدائرة وأن تشتمل مسودة الحكم على منطوقه وأسبابه وتوقع من جميع القضاة الذين سمعوا الحكم واشتركوا فى المداولة فهى بهذه المثابة لا تعدو أن تكون ورقة يكتبها القاضى عقب انتهاء المداولة على الحكم ويوقع عليها أعضاء الدائرة تمهيداً لكتابة النسخة الأصلية للحكم والتى يوقع عليها رئيس الدائرة وكاتبها والتى تكون المرجع فى أخذ الصور الرسمية والتنفيذية إذ هى التى يحاج بها .

(الطعن رقم 5291 لسنة 74 جلسة 2014/07/01)

9- المقرر – أن النص فى المادة 176 من قانون المرافعات على أنه " يجب أن تشتمل الأحكام على الأسباب التى بنيت عليها وإلا كانت باطله - مما يدل على أن المشرع لم يقصد بإيراد الأسباب أن يستكمل الحكم شكلاً معيناً بل أن تتضمن مدوناته ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة قد أحاطت بالواقع المطروح عليها ومحصت ما قدم إليها من أدلة وما أبداه الخصوم من دفوع ودفاع عن بصر وبصيرة ، وحصلت من كل ذلك ما يؤدى إليه ثم أنزلت عليه حكم القانون وهو ما يستلزم منها الرد على كل دفع أو دفاع جوهرى يبديه الخصم ويطلب إليها بطريق الجزم أن تدلى برأيها فيه وذلك حتى يكون الحكم حاملاً بذاته آيات صحته وناطقاً بعدالته ومن ثم يكون موضعاً لاحترام وطمأنينة الخصوم والكافة

(الطعن رقم 14687 لسنة 76 جلسة 2010/10/27 س 61 ص 888 ق 151)

10- إن النص فى المادة 176 من قانون المرافعات يدل أن المشرع لم يقصد بإيراد الأسباب أن يستكمل الحكم شكلاً معيناً ، بل أن تتضمن مدوناته ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة قد ألمت بالواقع المطروح عليها ومحصت ما قدم إليها من أدلة وما أبداه الخصوم من دفاع و حصلت من كل ذلك ما يؤدى إليه ثم أنزلت حكم القانون ، وذلك حتى يكون الحكم موضع احترام وطمأنينة للخصوم ويحمل بذاته آيات صحته وينطق بعدالته .

(الطعن رقم 1631 لسنة 78 جلسة 2010/01/11 س 61 ص 73 ق 13)

11- بحسب القاضى أن يبين الحقيقة التى اقتنع بها وأن يذكر دليلها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله ولا عليه من بعد أن يتتبع الخصوم فى مناحى أقوالهم ومختلف حججهم ما دام فى الحقيقة التى اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمنى المسقط لتلك الأقوال والحجج .

(الطعن رقم 795 لسنة 69 جلسة 2004/04/13 س 55 ع 1 ص 410 ق 75)

 12- التناقض الذى يعيب الحكم هو الذى تتماحى به أسبابه بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمله عليه أو يكون واقعاً فى أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أى أساس قضت المحكمة بما قضت به فى منطوقه .

(الطعن رقم 506 لسنة 66 جلسة 2004/03/15 س 55 ع 1 ص 301 ق 57)

13- إذ كانت الغاية الأساسية من تسبيب الحكم وعلى ما جاء فى المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 13 لسنة 1973 بتعديل نص المادة 178 من قانون المرافعات هي الرقابة على عمل القاضي والتحقق من حسن استيعابه لوقائع النزاع ودفاع طرفيه والوقوف على أسباب قضاء المحكمة فيه وعلى ذلك فإن مراقبة تطبيق القانون وتقرير أو نفي المدعى به من مخالفة أحكامه لا تكون إلا من خلال النظر فيما أقام الحكم عليه قضاءه من أسباب واقعية كانت هذه الأسباب أو قانونية - ولا يكفي فى هذا الصدد مجرد النظر فى منطوقه.

(الطعن رقم 5182 لسنة 63 جلسة 2002/04/09 س 53 ع 1 ص 484 ق 92)

14- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن نقض الحكم لقصور فى التسبيب - أياً كان وجه القصور - لا يعدو أن يكون تعييبا للحكم المنقوض لإخلاله بقاعدة عامة فرضتها المادة 176 من قانون المرافعات التي أوجبت أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة. بما لا يتصور معه أن يكون الحكم الناقض قد حسم مسألة قانونية بالمعنى المشار إليه آنفا ولو تطرق لبيان أوجه القصور فى الحكم المنقوض. لما كان ذلك وكان الحكم الناقض قد عاب على الحكم المنقوض قصورا فى التسبيب فيما خلص إليه من تمسك الطاعن ببطلان التكليف بالوفاء لاشتماله على أجرة أزيد من الأجرة القانونية، ومنازعته الجدية فى مقدار الأجرة الواردة بعقد الإيجار وتمسكه بصوريتها. وكان الحكم المطعون فيه قد خلص سائغا من أوراق الدعوى ومستنداتها إلى أن عقد الإيجار المؤرخ / / ورد على عين مؤجرة مفروشة بمنقولات تفي بالغرض الذي أعدت من أجله ورتب على ذلك صحة تحديد القيمة الإيجارية الواردة به، فإن النعي عليه بالقصور لعدم بحث صورية وصف الفرش المثبت بعقد الإيجار سالف الذكر يكون على غير أساس.

(الطعن رقم 987 لسنة 71 جلسة 2002/02/07 س 53 ع 1 ص 242 ق 44)

15- سلطة قاضي الموضوع فى فهم واقع الدعوى ليست سلطة مطلقة، ورأيه فى هذا الصدد ليس رأيا قطعيا، وإنما يجد حده فى صحة المصدر الذي استقى الدليل على وجود ذلك الواقع - بأن يكون دليلاً حقيقياً له أصله الثابت فى الأوراق وليس دليلا وهميا لا وجود له إلا فى مخيلة القاضي - وفي سلامة استخلاص النتيجة من هذا المصدر - بأن يكون هذا الاستخلاص سائغا غير مناقض لما أثبته. ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بسقوط حق الطاعن فى أخذ الأطيان موضوع النزاع بالشفعة على ما أورده فى أسبابه من أن (الثابت من تقريري الخبير أمام أول درجة والمنتدب من هذه المحكمة أن هناك قسمة حدثت بين المستأنف وإخوته جميعا بما فيهم المستأنف ضدهما الأول والثاني منذ وفاة والدهم فى ...........وأن كلا منهم قام بعد ذلك بتأجير المساحة التي تخصه، كما أن بعضهم تصرف بالبيع فى المساحة التي تخصه، وقد تصرف المستأنف ضدهما الأول والثاني بمقتضى ذلك بالبيع فى الأطيان المشفوع فيها، وإذ كان ذلك فإن المستأنف لم يعد مالكا وقت طلبه الأخذ بالشفعة وحتى الحكم فى الدعوى، ومن ثم يكون الحكم المستأنف فى محله للأسباب التي بني عليها)، وكان الثابت من الحكم الأخير أنه أقام قضاءه على أن (المحكمة تقنع بحدوث قسمة أنهت حالة الشيوع. وتستمد اقتناعها من أقوال جميع الشهود الذين استمع إليهم الخبير بمحضر أعماله إذ جاءت أقوالهم متفقة قاطعة الدلالة على حدوث القسمة، وتطمئن المحكمة لهذه الأقوال التي لم يطعن عليها بثمة مطعن، كما أن أياً من المدعي أو المدعى عليهما الأول والثاني لم ينف حدوث القسمة التي أجمع الشهود على حدوثها. أو ينفي الأدلة التي ساقها المدعى عليهم الثالث والرابع والخامس تدليلا على حدوث القسمة واختصاص كل شريك بحصته مفرزة)، لما كان ذلك وكان الثابت فى تقرير الخبير المندوب من محكمة أول درجة أنه أورد أن أياً من الخصوم لم يقدم له مستندات قاطعة تفيد حدوث قسمة بين ورثة ...............مورث الطاعن والمطعون ضدهما الأول والثاني، ومن ثم فإن الطاعن يكون شريكا على الشيوع فى الأطيان المشفوع فيها. كما ثبت من الإطلاع على تقرير الخبير المندوب من محكمة الاستئناف أنه خلص إلى أن الطاعن أحد الملاك المشتاعين فى الأطيان موضوع النزاع وأن حالة الشيوع ظلت قائمة حتى تاريخ إيداعه لتقريره، وأن ما ورد فى هذا التقرير منسوبا إلى من سمعهم الخبير من رجال الإدارة والجيران مؤداه أن المورث المذكور كان يؤجر تلك الأطيان للمطعون ضدهم من الثالث حتى الأخير، وبعد وفاته قام كل من ورثته بتأجير نصيبه شفويا وإنهم أنابوا عنهم فى ذلك وكيل الدائرة ............الذي كان يقوم بتحصيل الأجرة ويوزعها عليهم، فإن ما خلصت إليه محكمة الموضوع بدرجتيها من أن حالة الشيوع بين الطاعن وشقيقيه المطعون ضدهما الأول والثاني قد انتهت بحدوث قسمة بينهم يكون مخالفاً للثابت فى الأوراق وغير مطابق للحقيقة التي تضمنها عقد البيع المشفوع فيه نفسه فيما أشتمل عليه من إقرار طرفيه - المطعون ضدهم - من أن البيع ورد على حصة شائعة فى مساحة أكبر.

(الطعن رقم 5618 لسنة 63 جلسة 2001/05/29 س 52 ع 2 ص 776 ق 156)

16- إذ كان الثابت فى الأوراق أنه لا خلاف على أن حالة العقار المكون من ثلاث طوابق تستوجب إزالة الطابق الأعلى تخفيفا للأحمال واستبدال أجزاء من أسقف الطابقين الآخرين وتدعيم أساساته والشروخ فى حوائطه وإصلاح صرفه ، وكان العقار قد أصبح خاليا بعد أن تصالح مستأجراه على إخلائه وتمسك الطاعنون بانتفاء المصلحة من تنفيذ قرار الترميم وأنه لم يعد يستند إلى سبب صحيح أو يحقق غاية مشروعة وأن مصلحتهم تقتضي إزالة العقار حتى سطح الأرض فأطرح الحكم المطعون فيه دفاعهم وأقام قضاءه على مجرد القول بأنه يكفي لصحة إلزامهم بالترميم أن يكون ممكنا من الناحية الهندسية فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 1193 لسنة 69 جلسة 2001/04/30 س 52 ع 1 ص 614 ق 127)

17- إذ كان الثابت من الاطلاع على صحيفة استئناف الطاعنة أنها فى السبب الأول من أسباب استئنافها عيبت الحكم المستأنف بما أوردته تفصيلاً فى وجه النعي (بالخطأ لرفضه طعنها بالجهالة وقضاؤه بصحة توقيع مورثها على عقد البيع موضوع النزاع فى ذلك على أقوال شاهدين للمطعون ضدهم لم يقطعا بصحة التوقيع ضدهم لم يقطعا بصحة التوقيع بأن كان أولهما اميا لا يعرف ما إذا كان للمورث توقيع على العقد ولم ترد لثانيهما إجابة بمحضر التحقيق عند سؤاله عما إذا كان قد شاهد المورث لدى توقيعه على العقد) ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا الثابت فى الأوراق بما أورده من أن " دفاع المستأنفة فى أسباب استئنافها قد اقتصر على الادعاء بأن عقد البيع سالف البيان قد صدر من البائع فى مرض الموت ، وأنه لم يدفع فيه ثمن ، وبذلك تكون قد كفت منازعتها فى صحة توقيع البائع على عقد البيع " وإذ حجبته هذه المخالفة عن مراقبة الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من ثبوت صحة توقيع مورث الطاعنة على عقد البيع موضوع النزاع ،. فإنه - فضلاً عما تقدم - يكون مشوبا بقصور يبطله .

(الطعن رقم 4335 لسنة 61 جلسة 2000/06/13 س 51 ع 2 ص 796 ق 149)

18- إن أسباب الحكم يجب أن تشتمل على ما يدل على أن القاضي فحص الأدلة التي طرحت عليه فحصا دقيقا ، وفند وجوه الدفاع الجوهرية ، وأوفاها ما تقتضيه من عناية ، وكل حكم يرد على هذه الوجوه رداً ينبئ عن عدم درس أوراق الدعوى لا يكون مسبباً التسبيب الذي يتطلبه القانون ، ويكون باطلا .

(الطعن رقم 4335 لسنة 61 جلسة 2000/06/13 س 51 ع 2 ص 796 ق 149)

19- إذ كان الأمر بتوقيع الحجز الاحتياطي على نصيب المطعون ضده الثاني فى شركة ..........بجمهورية مصر العربية قد صدر إعمالاً لحكم المادة 176 من قانون المرافعات المدنية والتجارية بدولة البحرين والواردة بالباب الرابع تحت عنوان الإجراءات التحفظية والوقتية والمنع من السفر، ومن ثم فإن الحكم المطلوب الأمر بتنفيذه يخضع لحكم المادة 24 / ج من الاتفاقية (اتفاقية تنفيذ الأحكام المعقودة بين جمهورية مصر العربية ودولة البحرين ) بما يمنع من صدور الحكم بالأمر بتنفيذه فى جمهورية مصر العربية إعمالاً لأحكام هذه الاتفاقية وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وأمر بتنفيذ الحكم رقم .........لسنة ............ الصادر من مجلس العائلة الحاكمة بدولة البحرين فيما تضمنه من توقيع الحجز الاحتياطي على نصيبه فى شركة..........بجمهورية مصر العربية فإنه يكون قد خالف القانون .

(الطعن رقم 1810 لسنة 69 جلسة 2000/04/11 س 51 ع 1 ص 580 ق 104)

20- لما كان الحكم القضائي هو فصل فى خصومة قائمة، وفق صحيح القانون، وعلى القاضي إذ يباشر وظيفته القضائية أن يجعل بغيته وجه الحق فى الدعوى، وهو ما لا ينال إلا بفهم صحيح لواقعها، ودرس عميق لأدلتها، ثم إنزال حكم القانون عليها، وعليه - إذ يقضى بين الناس - أن ينزه نفسه عن التردي فى مساجلة فكرية أو مبارزة مذهبية تشغله عن الوقوف على عناصر الدعوى الواقعية والقانونية اللازمة لحسم النزاع فيها فإن هو فعل، كان حكمه مبنياً على غير أسباب، فإذا استلزم الفصل فى الدعوى أن يوازن بين المبادئ ويقايس بين الأفكار، كان له ذلك - فى حدود سلطته التقديرية - دون أن يعتنق - فى هذا السبيل - فكراً لا يشهد له علم ولا هدى ولا كتاب منير، أو رأياً يناهض ما استقر فى ضمير الجماعة وما تعارفت عليه فى دستورها وقانونها، فإن فعل، كان استدلاله فاسداً وتطبيقه للقانون خاطئاً .

(الطعن رقم 2972 لسنة 69 جلسة 2000/03/01 س 51 ع 1 ص 380 ق 69)

21- إنه ولئن كانت المادة التاسعة من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات تنص على أن (للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر ويجوز لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بشرط أن يبين أسباب ذلك فى حكمها) مما مؤداه أن حكم الإثبات لا يحوز قوة الأمر المقضي طالما خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليها بين الخصوم وصدر بالبناء عليها حكم الإثبات ومن ثم يجوز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات كما لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه وأن تطلب المشرع بيان أسباب العدول عن إجراءات الإثبات فى محضر الجلسة وبيان أسباب عدم الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات الذي تنفذ فى أسباب الحكم إلا أنه لم يترتب جزاء معيناً على مخالفة ذلك فجاء النص فى هذا الشأن تنظيمياً.

(الطعن رقم 750 لسنة 68 جلسة 1999/06/24 س 50 ع 2 ص 903 ق 177)

22- كان الطاعن (وزير الدفاع بصفته) قد دفع أمام محكمة الاستئناف بعدم اختصاص المحاكم ولائياً بنظر الدعوى (المقامة من المطعون ضدهم بإلزام الطاعن بتسليمهم أرض النزاع) لتعلقها بعمل من أعمال السيادة، وكان الثابت فى الأوراق وخاصة محضر التسليم المؤرخ 9/12/1989 أن أرض النزاع تتمركز فيها بعض الوحدات العسكرية التابعة للقوات المسلحة وأن بها منشآت لخدمة هذه الوحدات، وهو ما يستخلص منه أن استيلاء تلك القوات عليها كان الهدف منه تأمين نطاق أعمالها العسكرية المنوطة بها حفاظاً على أمن الوطن وسلامة أراضيه بما يعد عملاً من أعمال السيادة يخرج عن ولاية المحاكم نظر النزاع بشأنه، فإن الحكم المطعون فيه إذ نفى عن هذه الأعمال هذه الصفة لمجرد أن الطاعن لم يتمسك بذلك لدى نظر دعوى ثبوت الملكية المرددة بين أطراف النزاع وقيام التفاوض بينهم بشأن أرض النزاع رغم أن ذلك - بفرض وقوعه - لا ينفي عن هذه الأعمال اعتبارها من أعمال السيادة بالضوابط آنفة البيان فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.

(الطعن رقم 5191 لسنة 67 جلسة 1999/06/24 س 50 ع 2 ص 896 ق 176)

23- إذ كان الحكم فى مقام الرد على الدفع بالتقادم الحولي قد اكتفى بإيراد مضمون نص الفقرتين الأولى والثانية من المادة 382 من القانون المدني، وإذ كان ما أورده الحكم على هذا النحو لا يبين منه وجه ما استدل به من هذا النص على عدم سريان التقادم وليس فيه ما يكشف عن الأساس القانوني الذي بني عليه قضاءه برفض الدفع، فإنه يكون قاصر البيان بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيقه للقانون ويستوجب نقضه.

(الطعن رقم 689 لسنة 68 جلسة 1999/04/11 س 50 ع 1 ص 484 ق 94)

24- إذ كان قضاء الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه، يعتبر وجهاً من وجوه التماس إعادة النظر، إلا أنه إذا لم يشتمل الحكم على الأسباب التي بُنى عليها هذا القضاء فإنه يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - باطلاً عملاً بالمادة 176 من قانون المرافعات ويجوز الطعن فيه بالنقض لوقوع هذا البطلان فيه طبقاً للفقرة الثانية من المادة 248 من ذات القانون.

(الطعن رقم 1314 لسنة 67 جلسة 1999/03/25 س 50 ع 1 ص 461 ق 90)

25- إذ كان الواقع فى الدعوى أن محكمة الموضوع أسست قضاءها برفض دعوى الطاعنين بطلب تثبيت ملكيتهم للعين موضوع النزاع على أنها وإن كانت مكلفة باسم مورثهم من سنة 1930 إلا أنها وقد استعملت كمضيفة لجميع أهالي النجع فى مناسباتهم المختلفة وحازوها على هذا السبيل فقد صارت الملكية لهم جميعاً وقد استغنت محكمة الموضوع بثبوت هذا الاستعمال عن بحث ما يدعيه الطاعنون من ملكيتهم للعين خلفاً عن مورثهم وحيازتهم لها الحيازة المكسبة للملكية، فإن هذا النظر الذي تأسس عليه قضاء الحكم لا يهدر القرينة المستفادة من تكليف العقار باسم مورث الطاعنين ولا يرتب النتيجة التي رتبها على ذلك من القول بأن الاستعمال المشار إليه لعين النزاع قد انحصر عن صاحب التكليف إلى جميع أهالي النجع إذ لا يترتب على هذا الاستعمال الوارد على سبيل التسامح مهما طال به الزمن سقوط الملكية عن صاحب الحق فيها وإذ كان هذا الذي انتهى إليه الحكم أدى به إلى الإلتفات عن تحقيق ما تمسك به الطاعنون من تملكهم عقار النزاع امتداداً لمورثهم بالحيازة له وأسلمه إلى عدم الاعتداد بما تقدموا به من مستندات لدي خبير الدعوى للتدليل على هذه الملكية فإنه يكون معيباً بقصور فضلاً عن خطئه فى تطبيق القانون.

(الطعن رقم 2054 لسنة 62 جلسة 1999/02/04 س 50 ع 1 ص 187 ق 34)

26- إذ كان البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن المحكمة أوقفت السير فى دعوى الطاعن لحين الفصل فى الجناية رقم..... لسنة.... بورسعيد دون أن تبين فى حكمها الأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية أو تفصح عن المصدر الذي استقت منه أن هذه الدعوى الأخيرة قد تم تحريكها فعلاً وهو ما لا يتحقق بمجرد تقديم الشكاوى أو التبليغات لسلطات التحقيق فإن حكمها يكون مشوباً بقصور يُبطله.

(الطعن رقم 2887 لسنة 62 جلسة 1999/02/02 س 50 ع 1 ص 167 ق 30)

27- لئن كان الأصل أن يكون كل حكم مستوفياً بذاته جميع أسبابه إلا أن القانون لا يحول دون أن تعتمد المحكمة الاستئنافية فى حكمها على الأسباب المدونة فيما يكون قد صدر من قبل من أحكام بين الخصوم أنفسهم فى ذات الدعوى شريطة ألا تكون قد أبطلت الأحكام التى أحالت إلى أسبابها وإلا كان حكمها قد أيد حكماً باطلاً وأحال إلى عدم مما يبطله .

(الطعن رقم 4158 لسنة 61 جلسة 1997/06/28 س 48 ع 2 ص 1021 ق 194)

28- المقرر فى قضاء محكمة النقض أن نقض الحكم لقصور فى التسبيب - أياً كان وجه هذا القصور - لا يعدو أن يكون تعيباً للحكم المنقوض لاخلاله بقاعدة عامة فرضتها المادة 176 من قانون المرافعات التى أوجبت أن تشتمل الأحكام على الأسباب التى بنيت عليها والا كانت باطلة ، بما لا يتصور معه أن يكون الحكم الناقض قد حسم مسألة قانونية بالمعنى المشار اليه آنفاً حتى ولو تطرق لبيان أوجه القصور فى الحكم المنقوض . لما كان ذلك وكان الحكم الناقض قد عاب على الحكم المنقوض قصوراً فى التسبيب فيما خلص اليه من العين أجرت للطاعن مفروشة مستدلاً على ذلك ما ورد بعقد الايجار سند الدعوى من أن الاجارة انصبت على محل بقالة مجهز بالمنقولات وأنها كافية لاعتباره مفروشاً والى زيادة الأجرة فى هذا العقد عن الأجرة الورادة بعقد سابق وكان هذا الذى أورده الحكم الناقض لا يتضمن فصلاً فى مسالة قانونية اكتسبت قوة الأمر المقضى بحيث تحول بين محكمة الاحالة وبين معاودة النظر فى دفاع الطاعن بشأن صورية وصف العين بأنها مفروشة والرد على هذا الدفاع بما يكفى لحمله مع تبيان مصدرها فى ذلك من الأوراق بل لا تحول بينها وبين أن تبنى حكمها على فهم جديد تحصله حرة من جميع عناصر الدعوى وهى فى ذلك لا يقيدها الا التزامها بتسبيب حكمها خضوعاً لحكم المادة 176 من قانون المرافعات .

(الطعن رقم 86 لسنة 63 جلسة 1997/01/15 س 48 ع 1 ص 128 ق 26)

29- لاعلى الحكم المطعون فيه إن هو التفت عن الرد على الدفاع الذي لا يستند إلى أساس قانوني سليم.

(الطعن رقم 475 لسنة 59 جلسة 1994/10/25 س 42 ع 2 ص 1317 ق 199)

30- إذ خلص الحكم المطعون فيه إلى توافر شروط تمليك المسكن إستناداً إلى الوقائع الواردة بتقرير الخبير فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون و لا عليه إن لم يورد أسباباً خاصة لهذه الشروط كما لا يبطله القصور فى الإفصاح عن سنده القانونى .

(الطعن رقم 1469 لسنة 58 جلسة 1994/04/14 س 41 ع 1 ص 5 )

31- المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن نقض الحكم للقصور فى التسبيب - أياً كان وجه هذا القصور - لا يعدوا أن يكون تعييباً للحكم المنقوض لإخلاله بقاعدة عامة فرضتها المادة 176 من قانون المرافعات التي أوجبت أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطله بما لا يتصور معه أن يكون الحكم الناقض قد حسم مسألة قانونية حتى لو تطرق لبيان أوجه القصور فى الحكم المنقوض.

(الطعن رقم 308 لسنة 59 جلسة 1994/03/31 س 45 ع 1 ص 612 ق 119)

32- لقاضي الموضوع السلطة التامة فى تحصل فهم الواقع فى الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض الاخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلي ترجيحه دون أن يكون ملزماً بالرد علي كل مايقدمه الخصوم من مستندات وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه علي أسباب سائغه لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمله .

(الطعن رقم 265 لسنة 56 جلسة 1991/12/19 س 42 ع 2 ص 1918 ق 303)

33- المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مفاد الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات أنه إذا نقض الحكم نقضاً كلياً و إحيلت القضية إلى المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم أنه يتحتم على تلك المحكمة أن تتبع حكم النقض فى المسألة القانونية التى فصلت فيها المحكمة وكان يقصد بالمسألة القانونية فى هذا المجال أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وتبصر فإكتسب حكمها قوة الشىء المحكوم فيه فى حدود المسألة أو المسائل التى قد ثبت فيها بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية، أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت و كانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض ويكون للخصوم أن يطرحوا عليها أوجه دفاع ودفوع جديدة إلا ما كان قد سقط الحق فيه ويكون لها مطلق الحرية فى الفصل بما تراه فى كل ما يتعلق بموضوع الدعوى حسبه ما تكون به عقيدتها من كافة أوراقها ومستنداتها وهى مقيده فى هذا المجال بما أوجبته عليهاالمادة 176 من قانون المرافعات من أن يشتمل حكمها على أسباب التى بنى عليها وإلا كان باطلاً فيكون عليها أن تورد أسباباً جديدة تكون دعامة كافية لما إنتهت إليه كما يتعين عليها وفقاً للمادة 178 من ذات القانون أن تبين الوقائع والأدلة التى استندت إليها فى حكمها وكونت منها عقيدتها بحيث تستطيع محكمة النقض أن تراقب ثبوت الوقائع وأدلة هذا الثبوت لتحقق من أنه من الأدلة التى يصح قانوناً بناء الحكم عليها وأن ما أثير حوله من دفاع لا يؤثر فيه فإذا تعذر تعين الدليل الذى كونت منه المحكمة اقتناعها بوجهة نظرها فإن الحكم يكون قد عابه قصور يبطله.

(الطعن رقم 641 لسنة 60 جلسة 1991/04/28 س 42 ع 1 ص 939 ق 154)

34- وإن كان لكل حكم قضائى قطعى حجية الشىء المحكوم فيه من يوم صدوره ولو كان قابلاً للطعن عليه إلا أن هذه الحجية تقف بمجرد رفع الإستئناف عنه، ليس فقط بالنسبة لما قضى به لغير صالح المستأنف ورفع عنه الإستئناف ولكن أيضاً بالنسبة لما تضمنته أسباب الحكم المستأنف من رفض لدفع أو دفاع للمستأنف ضده أغناه صدور حكم لصالحه فى الدعوى عن إستئنافه ولم يتنازل عنه صراحة أو ضمناً وتظل هذه الحجية على هذا النحو موقوفة إلى أن يقضى فى الاستئناف، فإذا تأيد الحكم عادت إليه حجيته وإذ ألغى زالت عنه هذه الحجية.

(الطعن رقم 220 لسنة 55 جلسة 1991/02/21 س 42 ع 1 ص 546 ق 89)

35- الحكم يجب أن يكون فيه ذاته ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة قد محصت الأدلة التى قدمت إليها توصلاً إلى ما ترى أنه الواقع ، وإذ قدم الخصم لمحكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها على وضع يده على حصته فى العقار موضوع النزاع فإلتفت الحكم عن هذا الدفاع ولم يتحدث عن تلك المستندات بشىء مع ما قد يكون لها من دلالة ولو أنه عنى ببحثها وفحص الدفاع المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأى فى الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور.

(الطعن رقم 220 لسنة 55 جلسة 1991/02/21 س 42 ع 1 ص 546 ق 89)

36- التناقض الذى يعيب الحكم هو الذى تتماحى به أسبابه بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمله عليه، فإذا ما إشتملت أسباب الحكم على ما يكفى لحمله و يبرر وجه قضائه فلا محل للنعى عليه بالتناقص.

(الطعن رقم 2207 لسنة 56 جلسة 1991/01/10 س 42 ع 1 ص 172 ق 32)

37- لما كان الحكم المطعون فيه قد إنتهى إلى نتيجة صحيحة هى - رفض الدفع بالتقادم الخمسى - فإنه لا يؤثر فيه ما قد يكون وارداً فى أسبابه من أخطاء قانونية إذ لمحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب دون أن تنقضه .

(الطعن رقم 1675 لسنة 56 جلسة 1990/10/30 س 41 ع 2 ص 597 ق 269)

38- إذ كان الطاعن لم يبين فى صحيفة الطعن ما هية الدفاع الجوهرى الذى يعزو إلى الحكم المطعون فيه إغفال مناقشته و الرد عليه ، و أوجه مخالفته للأثر الناقل للإستئناف تحديداً لأسباب الطعن و تعريفها تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض و الجهالة بحيث يبين منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم و موضعه منه و أثره فى قضائه ، فمن ثم يكون النعى بهذا السبب و قد إكتنفه الغموض و التجهيل غير مقبول .

(الطعن رقم 3658 لسنة 58 جلسة 1990/10/25 س 41 ع 2 ص 555 ق 264)

39- لا يبطل الحكم ما إشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية بخصوص التنازل عن حق الشفعة إذ لمحكمة النقض و على ما جرى به قضاءه أن تصحح أسباب الحكم المطعون فيه بغير أن تنقضه متى كان سليماً فى النتيجة التى إنتهى إليها .

(الطعن رقم 3658 لسنة 58 جلسة 1990/10/25 س 41 ع 2 ص 555 ق 264)

40- لا يقبل الحكم من عثراته ويذهب عنه فساده اعتبار مبرر حفظ الشكوى مجرد قرينة طالما كانت هذه القرينة ضمن القرائن الأخرى المعيبة السالفة التي استدل بها الحكم مجتمعة على خطأ الطاعن وكان لا يبين أثر واحدة من هذه القرائن فى تكوين عقيدة المحكمة، لما كان ذلك وكان الحكم قد أغفل دفاع الطاعن الذي ضمنه مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف بتاريخ 1984/3/3 بشأن صحة بلاغه وحسن نيته وما استدل به على ذلك مع كونه دفاعاً جوهرياً فيكون قد عاره فضلاً عن الفساد فى الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق القصور فى التسبيب.

(الطعن رقم 1697 لسنة 55 جلسة 1989/02/23 س 40 ع 1 ص 593 ق 106)

41- المرافعة فى الدعوى غير جائز إلا بعد إنعقاد الخصومة بإستيفاء إجراءات الشكل التى نص عليها القانون ، فإن إبداء المدعى لطلب - يعد خوضاً فى موضوع الدعوى - قبل تمام هذه الإجراءات - لا يعد مطروحاً على المحكمة و لا يجوز التعويل عليه .

(الطعن رقم 452 لسنة 55 جلسة 1988/04/17 س 39 ع 1 ص 662 ق 129)

42- نقض الحكم لقصور فى التسبيب - أياً كان وجه هذا القصور لا يعدو أن يكون تعييباً للحكم المنقوض لإخلاله بقاعدة عامة فرضتها المادة 176 من قانون المرافعات التى أوجبت أن " تشتمل الأحكام على الأسباب التى بنيت عليها و إلا كانت باطله " بما لا يتصور معه أن يكون الحكم الناقض قد حسم مسألة قانونية بالمعنى المشار إليه آنفاً حتى و لو تطرق لبيان أوجه القصور فى الحكم المنقوض " ، لما كان ذلك و كان الحكم الناقض قد عاب على الحكم المنقوض قصوراً فى التسبيب لإغفاله الرد على دفاع الطاعن المتمثل فى ترك المطعون ضده شقة النزاع و إستقلاله دونه بالإنتفاع بها ، ولإلتفاته عن المستندات التى قدمها الطاعن تأييداً لدفاعه رغم مالها من دلائل ، و لعدم كفاية ما أورده بشأن صدور إيصالات سداد الأجرة بأسم طرفى النزاع رداً على دفاع الطاعن ، فضلاً عن أنه لم يبين المصدر الذى إستقى منه عدم إنقطاع صلة المطعون ضده بشقة التداعى ، و كان هذا الذى أورده الحكم الناقض لا يتضمن فصلاً فى مسألة قانونية أكتسبت قوة الأمر المقضى بحيث تحول بين محكمة الإحالة و بين معاودة النظر فى دفاع الطاعن و مستنداته ، أو تحول بينها و بين الرد على هذا الدفاع بما يكفى لحمله مع تبيان مصدرها فى ذلك من الأوراق ، أو تحول بينها و بين دحض دلالة مستندات الطاعن بدلالة أقوى منها ، بل لا تحول بينها و بين أن تبنى حكمها على فهم جديد تحصله حرة من جميع عناصر الدعوى ، و هى فى ذلك لا يقيدها إلا إلتزامها بتسبيب حكمها خضوعاً لحكم المادة 176 من قانون المرافعات ، فإن النعى بعدم إتباع قضاء النقض السابق صدوره فى الدعوى يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 394 لسنة 55 جلسة 1987/05/13 س 38 ع 2 ص 708 ق 152)

43- ما يقضى به فى دعوى أخرى لم يكن الخصم طرفاً فيها لا يعد سوى قرينة بسيطة تخضع لمحض تقدير محكمة الموضوع التى لا تلتزم - عند عدم الأخذ بها - بالرد عليها إستقلالاً طالما أن الحقيقة التى إقتنعت بها و أوردت دليلها فيها الرد الضمنى المسقط لها.

(الطعن رقم 1058 لسنة 51 جلسة 1985/11/07 س 36 ع 2 ص 982 ق 204)

44- لا يعتبر سبباً للنقض فى حكم المادتين 248 ، 249 من قانون المرافعات ما يشوب الحكم من عيوب متعلقة بتقدير الواقع و يعتبر من مسائل الواقع تقدير المستندات و الأدلة المقدمة من الخصوم و الترجيح بينها و إستخلاص ثبوت الواقعة منها و مدى كفايتها لثبوت هذه الواقعة .

(الطعن رقم 878 لسنة 49 جلسة 1984/12/26 س 35 ع 2 ص 2227 ق 422)

45- من المبادئ الأصيلة فى النظام القضائي أن المرافعة قد تكون شفوية أو بمذكرات مكتوبة و أن الخصوم إذا طلبوا من المحكمة الإستماع إلى مرافعتهم فلم تمكنهم من ذلك فإنها تكون قد أخلت بحقهم فى الدفاع ، و الأصل فى الإجراءات أنها روعيت و على المتمسك بعدم حصول المرافعة أن يقدم دليله .

(الطعن رقم 1925 لسنة 49 جلسة 1984/05/09 س 35 ع 1 ص 1228 ق 235)

46- يجوز لمحكمة الموضوع - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تستند إلى تقرير خبير مودع فى دعوى أخرى ما دامت صورته قد قدمت إليها و أودعت ملف الدعوى و أصبح التقرير بذلك ورقه من أوراقها يتناضل كل خصم فى دلالتها .

(الطعن رقم 1191 لسنة 47 جلسة 1984/03/21 س 35 ع 1 ص 777 ق 148)

47- المقرر أنه ولئن كان لقاضى الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى ، إلا أنه يخضع لرقابة محكمة النقض فى تكييفه لهذا الفهم وفى تطبيق ما ينبغى تطبيقه من أحكام القانون .

(الطعن رقم 1528 لسنة 53 جلسة 1984/02/21 س 35 ع 1 ص 531 ق 101)

48- إذ كانت محكمة الموضوع قد رأت بما لها من سلطة تقدير الأدلة كفاية أقوال الشهود الذين سمعوا فى تحقيقات الجناية فى إثبات وقوع الفعل الضار من تابع الطاعن حال تأدية وظيفته ، فإنها لا تكون قد خالفت القانون ، و لا يكون عليها إن هى إلتفتت عن طلب الطاعن إثبات عكس ما خلصت إليه بالبينة ما دام قضاؤها محمولاً على أدلة كافية لحمله .

(الطعن رقم 589 لسنة 50 جلسة 1983/11/10 س 34 ع 2 ص 1578 ق 309)

49- يفسد الحكم - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مجرد القصور فى الرد على دفاع قانونى للخصم إذ بحسب محكمة الموضوع أن يكون حكمها صحيح النتيجة قانوناً و لمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية بما ترى إستكمالها بها .

(الطعن رقم 1972 لسنة 49 جلسة 1983/04/20 س 34 ع 1 ص 1022 ق 204)

50- القصور المؤدى للبطلان هو القصور فى الأسباب الواقعية دون الأسباب القانونية التى لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم فى بيانها .

(الطعن رقم 522 لسنة 45 جلسة 1983/01/13 س 34 ع 1 ص 202 ق 50)

51- التناقض الذى يبطل الحكم وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة  التهاتر الذى يعترى الأسباب بحيث لا يفهم معه على أى أساس قضت المحكمة بها قضت به فى المنطوق  وليس من التناقض أن يكون فى عبارات الحكم ما يوهم بوقوع مخالفة بين الأسباب بعضها ما دام قصد المحكمة ظاهراً و رأيها واضحاً 

(الطعن رقم 522 لسنة 45 جلسة 1983/01/13 س 34 ع 1 ص 202 ق 50)

52- إذ كان الحكم المطعون فيه و قد إنتهى فى قضائه إلى ثبوت خطأ الطاعنين فى عدم تنفيذ الأمر الصادر من قاضى الأمور الوقتية بالسماح للمطعون ضده الأول بالسفر دون أن يستظهر ما يفيد وصول ذلك الأمر إليهما بعد إعلانه لمدير مصلحة الجوازات و ثبوت تقاعسهما و إهمالهما فى إتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذه إن كانت هذه الإجراءات تدخل فى نطاق العمل الوظيفى المسند إليهما ، كما أنه ساق القول بأن هذين الطاعنين أخلا بواجبات وظيفتهما بغية مساندة الطاعنة فى الطعن رقم ... فى الكيد لمطلقها و منعه من السفر فى عبارة مجملة مبهمة دون أن يورد الدليل الذى إستقى منه قيام التواطؤ ، لما كان ذلك . فإن الحكم المطعون فيه يكون عيباً بالقصور فى التسبيب .

(الطعن رقم 1834 لسنة 51 جلسة 1982/12/30 س 33 ع 2 ص 1279 ق 231)

53- إذ كان الثابت فى تحقيقات الجناية أن الحادث وقع أثناء قيام المطعون ضده الثانى بالعمل لحساب المجهود الحربى و فى منطقة العمل المخصصة لذلك و فى سريان عقد الإيجار المبرم بين الطاعنة و القوات المسلحة مما يشير إلى جدية دفاع الطاعنة حول عدم قيام علاقة التبعية بينهما و المطعون ضده الثانى وقت الحادث لو بحثته المحكمة على ضوء المستندات المقدمة من الطاعنة و حققته و إنتهت فيه إلى ثبوت عدم توافر علاقة التبعية فتنتفى بالتالى مسئولية الطاعنة عنه كمتبوعه لتغير وجه رأيها فى الدعوى و من ثم فهو دفاع جوهرى . و إذ أمسكت المحكمة عن ذلك و لم ترد على دفاع الطاعنة و ما قدمته من مستندات فى هذا الخصوص فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه القصور فى التسبيب بما يستوجب نقضه .

(الطعن رقم 574 لسنة 52 جلسة 1982/11/28 س 33 ع 2 ص 1065 ق 192)

54- لمحكمة النقض أن تصحح ما إشتملت عليه أسباب الحكم من أخطاء قانونية دون أن تنقض الحكم ما دام أنه قد إنتهى إلى النتيجة الصحيحة .

(الطعن رقم 115 لسنة 43 جلسة 1982/02/15 س 33 ع 1 ص 234 ق 42)

55- لا يعيب الحكم الإستئنافى إذ هو أيد الحكم الإبتدائى أن يجيل على ما جاء فيه سواء فى بيان وقائع الدعوى أو الأسباب التى أقيم عليها متى كانت تكفى لحمله و لم يكن الخصوم قد إستندوا أمام محكمة الإستئناف إلى أوجه دفاع جديدة تخرج فى جوهرها عما قدموه لمحكمة أول درجة .

(الطعن رقم 899 لسنة 43 جلسة 1981/12/10 س 32 ع 2 ص 2256 ق 411)

56- الطلب القضائي الذى تلتزم المحكمة بالرد عليه هو الذى يقدمه إليها الخصم فى صيغة صريحة جازمة إبتغاء صدور حكم أو قرار فى الدعوى لحماية حق أو مركز قانونى يدعيه قبل خصمه و لا يعتبر من هذا القبيل ما قد يثيره الخصم من تقريرات أو أوجه دفاع لا يرتب عليها المطالبة بصدور حكم أو قرار بشأنها أو مؤسس عليها .

(الطعن رقم 1339 لسنة 48 جلسة 1981/11/12 س 32 ع 2 ص 2019 ق 366)

57- الإبهام و الغموض و النقص فى تسبيب الحكم يعيبه و يستوجب نقضه و إذا كان الحكم الابتدائى قضى بالزام الطاعن بريع ثلاثة أرباع المنزل محل النزاع أرضاً و بناء و بتسليمه نصيبه فى هذا المنزل . و مؤدى هذا الحكم أن التسليم يشمل النصيب فى الأرض و البناء ، و إذ كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بتقرير الخبير المنتدب الذى انتهى إلي أن مبانى العقار موضوع النزاع أقامها الطاعن خلال سنتى 1967 ، 1968 بعد أن أزيلت المبانى القديمة سنة 1967 ، و قضى بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعن بأن يؤدى للمطعون عليه الريع المستحق عن ثلاثة أرباع الأرض فقط دون المبانى . غير أنه أيد حكم محكمة أول درجة فيما قضى به من تسليم المطعون عليه نصيبه فى المنزل دون أن يبين ما إذا كان هذا النصيب فى الآرض فقط حسبما ورد فى تقرير الخبير الذى أخذ به الحكم و أقام عليه قضاءه ، أم فى الآرض و المبانى وفقاً لمؤدى الحكم الابتدائى فانه يكون قد شابه الغموض .

(الطعن رقم 956 لسنة 49 جلسة 1980/11/25 س 31 ع 2 ص 1957 ق 362)

58- إذ كان الحكم المطعون فيه - قد إتخذ من تعدى الطاعن على ملكية المطعون عليها العقارات الواقعة به العين المؤجرة . بإقامة عمودين فى أرض الممر الخارجية عن نطاق تلك العين سنداً لإعتباره مخالفاً لشروط عقد الإيجار دون أن يبين الحكم وجه إتصال هذا التعدى على الملكية . المجاوز للعين المؤجرة و لا وجه لإعتبار أن مجرد الإضرار بالملكية ينطوى بذاته على إضرار بالعين أو بالمؤجر يبرر إنهاء العلاقة الإيجارية فى حكم المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 مع إنتفاء التلازم الحتمى بين الإخلال بالإلتزام القانونى المفروض على الكافة بعدم التعدى على ملكية الغير و بين إخلال المستأجر بإلتزامه العقدى بعدم إساءة إستعمال العين المؤجرة لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور فى التسبيب و الفساد فى الإستدلال .

(الطعن رقم 1038 لسنة 49 جلسة 1980/03/01 س 31 ع 1 ص 687 ق 134)

59- المادة 16 من قانون المرافعات توجب إضافة ميعاد مسافة -على الأساس البين بها- إلى الميعاد المعين فى القانون للحضور أو لمباشرة إجراء فيه ، و من ثم يجب أن يضاف إلى ميعاد الإستئناف ميعاد المسافة بين موطن المستأنف و مقر محكمة الإستئناف . و إذا كان من شأن إضافة ميعاد المسافة إلى الميعاد الأصلى للإستئناف أن يتكون من مجموعهما ميعاد واحد هو ميعاد الطعن فى الحكم بطريق الإستئناف ، و كانت المواعيد المحددة فى القانون للطعن فى الأحكام هى من النظام العام ، و كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن موطن الطاعن يقع بمستعمرة الجزائر مركز بلقاس ، كانت محكمة الإستئناف من تلقاء نفسها بسقوط الحق فى الإستئناف إستناداً إلى أنه رفع بعد إنقضاء أربعين يوماً من تاريخ صدور الحكم المستأنف ، و لم تعرض فى حكمها لبحث ما إذا كانت المسافة بين موطن الطاعن و مقر محكمة إستئناف المنصورة توجب إضافة ميعاد مسافة بإعتباره جزءاً من ميعاد الإستئناف ، فإن إغفال بحث هذه المسالة يكون قصوراً فى الحكم يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون .

(الطعن رقم 737 لسنة 47 جلسة 1980/02/19 س 31 ع 1 ص 548 ق 107)

60- تنص المادة 114 من القانون 61 لسنة 1968 بإصدار قانون المحاماة على أن "يدخل فى تقدير الأتعاب أهمية الدعوى و الجهد الذى بذله المحامى و النتيجة التى حققها ... " و بيان هذه الأمور يكون من العناصر الجوهرية التى يجب على الحكم إستظهارها عند القضاء بالأتعاب ، و إذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه رغم إحالته على أسباب قرار مجلس النقابة ، لم يبين الأعمال التى قام بها الطاعن - المحامى - و أهميتها و ما بذله من جهد و النتيجة التى حققها ، فإنه يكون معيباً بالقصور فى التسبيب .

(الطعن رقم 257 لسنة 42 جلسة 1979/02/08 س 30 ع 1 ص 511 ق 98)

61- إذ كان الواقع فى الدعوى أنها أقيمت بناء على تأخر الطاعنة فى سداد أجرة شهر يناير 1976 برغم إنقضاء خمسة عشر يوماً على تكليفها بوفائها ، و إن الحكم الإبتدائى إستجاب للأعذار التى قدمتها الطاعنة و لم يحكم بالإخلاء و رأى فيها مبررات مقبولة ، و كان المقرر فى قضاء هذه المحكمة ألا إلزام على محكمة الإستئناف إذا هى ألغت الحكم الإبتدائى ببحث أو تفنيد أسبابه إلا أنه يتعين أن تقيم قضاءه على أسباب كافية لحمله ، و كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه بإلغاء الحكم الإبتدائى على أسباب مرسلة ، دون أن يبين من الحكم أنه أهدر الأعذار التى قدمتها الطاعنة للتأخر عن الأجرة موضوع الدعوى الراهنة ، رغم أنها هى المدار الذى ينبغى أن تقبل أو تطرح المبررات فى خصوصها ، الأمر الذى من شأنه أن يجهل الأساس الذى أقام عليه قضاءه و يكون معيباً بالقصور فى التسبيب .

(الطعن رقم 589 لسنة 48 جلسة 1979/02/07 س 30 ع 1 ص 505 ق 97)

62- إذا كان ما أورده الحكم فيه بيان لما جاء بمستندات الدعوى فإنه لايعيبه إغفاله ذكر نصوص المستندات التى إعتمد عليها فى قضائه ، ما دام أن هذه المستندات كانت مقدمة إلى المحكمة و ترافع بشأنها الخصوم بما يكفى معه تقدير ما إستخلصته المحكمة منها .

(الطعن رقم 1018 لسنة 48 جلسة 1979/01/24 س 30 ع 1 ص 373 ق 73)

63- إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن قرار اللجنة الإستئنافية لفض المنازعات الزراعية معدوم الحجية أمام المحاكم العادية لصدوره خارج حدود ولاية هذه اللجنة ، و كانت هذه الدعامة تتفق مع صحيح حكم القانون و كافية لحمل ما قضى به من منطوقة فلا يبطله ما إشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية بإعماله أحكام القانون رقم 148 لسنة 1962 على واقعة الدعوى بعد إنتهاء نطاقه الزمنى و الصحيح أن القانون المنطبق على الواقعة هو القانون رقم 54 لسنة 1966 الذى قامت العلاقة الإيجارية المتنازع فيها و صدر قرار لجنة الفصل فى المنازعات الزراعية بشأنها بعد نفاذه فى 10 سبتمبر 1966 ذلك أن لمحكمة النقض و على ما جرى به قضاءها أن تصحح أسباب الحكم المطعون فيه بغير أن تنقضه متى كان سليماً فى النتيجة التى إنتهى إليها .

(الطعن رقم 80 لسنة 44 جلسة 1978/01/18 س 29 ع 1 ص 240 ق 51)

64- إذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بصحة التصرفين فى حدود ثلث كل منهما - بإعتبار أنهما صادرين فى مرض موت المورث - دون أن يستظهر عناصر التركة التى خلفها المورث أو يعنى ببحث ما إذا كانت التركة محملة بديون للغير أم لا مع أن هذا البيان لازم لتقدير الثلث الذى تخرج منه الوصية على النحو الذى يتطلبه القانون ، لما كان ذلك فإن الحكم يكون فوق خطئه فى تطبيق القانون ، قد جاء قاصراً عن بيان الأسباب التى إستند إليها فى تقييم القدر الجائز الإيصاء به .

(الطعن رقم 816 لسنة 43 جلسة 1977/12/06 س 28 ع 2 ص 1742 ق 299)

65- لا تثريب على محكمة الدرجة الثانية أن تأخذ بأسباب الحكم الإبتدائى دون إضافة متى رأت فى هذه الأسباب ما يغنى عن إيراد جديد .

(الطعن رقم 661 لسنة 40 جلسة 1975/06/10 س 26 ص 1174 ق 225)

66- لا يبطل الحكم متى كان سليماً فى نتيجته بتقادم الدعوى العمالية ما يكون قد ورد فى أسبابه من خطأ فى الاستناد إلى المادة 387/1 من القانون المدني - والصحيح أنها المادة 1/698 من ذات القانون - إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ .

(الطعن رقم 486 لسنة 38 جلسة 1974/12/28 س 25 ع 1 ص 1502 ق 254)

67- لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد وقائع النزاع وأسانيد الحكم الإبتدائى إشار إلى موجز لأسباب الإستئناف الذى رفعته الشركة (الطاعنة) عن هذا الحكم ثم اقتصر على إضافة العبارة الآتية " وحيث إن - ينقل بعد ذلك من الحكم رقم 56 سنة 24 ق تجارى ابتداء من السطر الثامن من الصفحة الثالثة حتى نهايته " دون أن تنقل الأسباب التى أحال عليها ثم قضى برفض الإستئناف وتأييد الحكم المستأنف . وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الأصل أن يكون الحكم مستوفياً بذاته جميع أسبابه ، وإذا صح للمحكمة أن تحيل على أسباب حكم آخر صدر فى دعوى أخرى ، فشرط ذلك أن يكون هذا الحكم قد سبق صدوره بين نفس الخصوم ومودعا ملف الدعوى وأصبح من ضمن مستنداتها و عنصراً من عناصر الإثبات فيها يتناضل الخصوم فى دلالته ، وإذ كان الحكم الصادر فى الإستئناف رقم 56 سنة 24 ق الذى أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه - فى مقام الرد على إستئناف الشركة الطاعنة - لم يكن مقدماً فى الدعوى الحالية فلا يعتبر من ضمن مستنداتها ، ولا يشفع فى ذلك أن الحكم المحال إلى أسبابه قد صدر من المحكمة نفسها فى نفس اليوم بين الخصوم أنفسهم إذ كان من المتعين على المحكمة وقد أحالت فى قضائها فى الدعوى الحالية على أسباب الحكم الصادر فى الإستئناف رقم 56 سنة 24 ق أن تورد الأسباب التى تصلح أسباباً لقضائها فيها ، وإذ هى لم تفعل واكتفت بإحالتها عليه على النحو سالف البيان ، فإن إحالتها تكون قاصرة لا تجزىء عن تسبيب قضائها ، ويكون الحكم المطعون فيه قد عاره بطلان جوهرى يستوجب نقضه .

(الطعن رقم 393 لسنة 39 جلسة 1974/10/29 س 25 ع 1 ص 1169 ق 195)

68- إذ كان إستناد المحكمة - فى دعوى ريع - إلى تقرير الخبير فى الدعوى السابقة - وهى دعوى ريع بين ذات الخصوم عن ذات الأطيان فى مدة سابقة - لم يكن على إعتبار أن الحكم الصادر فى تلك الدعوى له حجية تلزمها وإنما على أساس أنه من مستندات الدعوى الحالية يجوز التعويل عليه فى تكوين عقيدتها فى خصوص نصيب المطعون عليه فى الأطيان وما تغله من ريع ، ومن ثم فلا يصح الطعن فى الحكم بأنه خلاف القواعد الخاصة بقوة الشىء المقضى وجعل للحكم فى الخصومة الأولى حجية متعدية إلى غير موضوع الدعوى .

(الطعن رقم 339 لسنة 39 جلسة 1974/10/15 س 25 ع 1 ص 1146 ق 192)

69- متى كان الحكم المطعون فيه قد إقتصر فى أسبابه على الإشارة إجمالاً إلى أوراق الدعوى و مذكرات الطاعن بإعتبارها المصدر الذى إستقى منه واقعة وقف المطعون ضده عن عمله بعد أن أصدرت النيابة العامة قرار الحفظ دون بيان مؤدى هذه الأوراق و المذكرات بما يتعذر معه تعيين الدليل الذى كونت منه المحكمة إقتناعها بوجهة نظرها حتى يمكن الوقوف على أن ما أثير حوله من دفاع لا يؤثر فيه و التحقق من أنه من الأدلة التى يصح قانوناً بناء الحكم عليها ، فإن الحكم يكون قد عاره قصور يبطله .

(الطعن رقم 274 لسنة 38 جلسة 1974/05/11 س 25 ع 1 ص 854 ق 138)

70- إستخلاص النية هو من مسائل الواقع الذى يستقل به قاضى الموضوع ، ما دام إستخلاصه سائغا ، فإذا كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه دلل بأسباب سائغة على سوء نية الحائز فى حيازته للأرض المطالب بريعها ، فإن النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون فى هذا الشأن ، لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية فى تقدير الدليل ، لا يقبل أمام محكمة النقض .

(الطعن رقم 323 لسنة 37 جلسة 1972/05/09 س 23 ع 2 ص 819 ق 129)

71- إذ كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأن العقد انطوى على غش ، فإن النعى بذلك يعد سبباً جديدا لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض .

(الطعن رقم 343 لسنة 36 جلسة 1971/03/25 س 22 ع 1 ص 401 ق 63)

72- يجوز إثبات صحة الورقة أو تزويرها بكافة الطرق القانونية و منها القرائن القضائية ، و من ثم فلا على محكمة الموضوع إن هى أقامت قضاءها بصحة الورقة على ما إطمأنت إليه من القرائن ما دامت مؤدية إلى ما إستخلصته منها و إذا كان الحكم المطعون فيه قد إعتمد فى قضائه بصحة العقد على أن القرائن التى إستند إليها الحكم المستأنف لا تدل على تزوير العقد . علاوة على إقرار البائع أمام محكمة الإستئناف بصحته و بصدوره منه . و كانت هذه الإعتبارات من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى إنتهى إليها الحكم . فإن النعى عليه لا يعدو أن يكون مجادلة فى تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التى أخذت بها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .

(الطعن رقم 369 لسنة 38 جلسة 1974/01/22 س 25 ع 1 ص 216 ق 37)

73- الفوائد هى تعويض قانونى عن التأخير فى الوفاء بالإلتزام بدفع مبلغ من النقود مصدره عقد الوكالة التى ثبت قيامها بين الطرفين و التى تستحق من تاريخ المطالبة الرسمية عملاً بنص المادة 226 من القانون المدنى التى تقرر حكما عاما لإستحقاق فوائد التأخير عن الوفاء بالإلتزام إذا كان محله مبلغا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب و تأخر المدين فى الوفاء به ، و إذ رفض الحكم القضاء بهذه الفوائد دون أن يبين سبب الرفض و لم يفصح عما إذا كان ما قدره من أجر قد روعى فيه تعويض الطاعن عن التأخير فى الوفاء بالأجر المحكوم له به أم لا فإنه يكون قاصر التسبيب .

(الطعن رقم 112 لسنة 35 جلسة 1969/12/25 س 20 ع 3 ص 1322 ق 206)

74- وجوب ذكر أسباب الحكم ينطبق أيضا على القرارات الصادرة من مجلس القضاء الأعلى والمتعلقة بتعيين وترقية ونقل وندب وإعارة رجال القضاء والنيابة العامة وسائر شئونهم ، وذلك لتوفير المزيد من الضمانات التي تكفل للقاضي اطمئنانه واستقلاله.

 نقض دائرة طعون رجال القضاء - 26 يناير 2016 في الطعن رقم 268 لسنة 84 ق. رجال القضاء .  

75 - قضاء الحكم ليس هو منطوق الحكم وحده وإنما هو ذات القول الفصل في الدعوى أياً كان موضعه سواء في الأسباب أو في المنطوق ، باعتبار أن أسباب الحكم المرتبطة بمنطوقة ارتباطاً وثيقاً وحده لا تتجزأ يرد عليها ما يرد على المنطوق من قوة الأمر المقضي ، والمرجع هو حقيقة ما فصلت فيه المحكمة مما تعلق بمنطوقها أو كان هذا الأخير نتيجة لها .

( الطعن رقم 4838 لسنة 89 ق جلسة 23 / 2 / 2020 )
 
76المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي تثبت لديها أو استخلاص هذه الواقعة من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبته ، وأن مفاد نص المادة 176 من قانون المرافعات أن المشرع لم يقصد بإيراد الأسباب أن يستكمل الحكم شكلاً معيناً بل أن تتضمن مدوناته ما يُطَمئن المطلع عليه أن المحكمة قد حصلت الواقع المطروح عليها ومحصت ما قُدم إليها من أدلة وخلصت من ذلك إلى ما انتهت إليه من قضاء ، وهو ما يستلزم منها بحث كل دفاع جوهري يبديه الخصوم وتمحيص كل مستند مؤثر في الدعوى يستند إليه ويتمسك بدلالته كيما يحمل الحكم بذاته آيات صحته وينطق بعدالته ومطابقته للقانون فيكون بذلك موضع احترام وطمأنينة الخصوم والكافة ، وأنه إذا كانت النتيجة التي خلصت إليها المحكمة مجرد استنتاج أو كانت على غير أساس سليم من الأوراق فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور ، وأنه وإن كان فهم الواقع فى الدعوى من سلطة محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ، وأن ابتناء قضاء محكمة الموضوع على تحصيل مخالف للوقائع الثابتة بالدعوى يعيب حكمها بمخالفة للثابت بالأوراق ، وأنه وإن كان للمحكمة ألا تتقيد برأي الخبير المنتدب في الدعوي إذ لا يعدو أن يكون هذا الرأي عنصراً من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديرها ، إلا أنه إذا كان تقرير الخبير قد استوى على حجج تؤيدها الأدلة والقرائن الثابتة بالأوراق وكانت محكمة الموضوع قد أطرحت النتيجة التي انتهى إليها التقرير وذهبت بما لها من سلطة التقدير الموضوعية إلى نتيجة مخالفة وجب عليها وهي تباشر هذه السلطة أن تتناول في أسباب حكمها الرد على ما جاء بالتقرير من حجج وأن تقيم قضاءها علي أدلة صحيحة سائغة من شأنها أن تؤدي عقلاً إلي النتيجة التي انتهت إليها ولا تخالف الثابت بالأوراق ، وأن العقد ينعقد بالإيجاب والقبول بين طرفيه كتابةً أو شفاهةً أو اتخاذ مسلك لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته علي التراضي ، وأن التعرف علي ما عناه المتعاقدان من العقد هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ، إلا أنه متى استخلصت المحكمة ذلك فإن التكييف القانوني الصحيح لما قصده المتعاقدان وإنزال حكم القانون على العقد هو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض .
 
( الطعن رقم 20436 لسنة 91 ق - جلسة 12 / 3 / 2023 )
 
77- المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن مفاد نص المادة 176 من قانون المرافعات يدل على أن المشرع لم يقصد بإيراد الأسباب مجرد أن يستكمل الحكم شكلاً معيناً ، بل أن تتضمن مدوناته ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة حصلت الواقع المطروح عليها ، ومحصت ما قدم إليها من أدلة ، وخلصت من ذلك إلى ما انتهت إليه من قضاء ، وهو ما يستلزم منها بحث كل دفاع يبديه الخصم وتمحيص المستندات المقدمة إليها ، وأن يحمل الحكم آيات صحته وينطق بعدالته ومطابقته للقانون لكى يكون موضع احترام وطمأنينة للخصوم والكافة ، وأن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو استخلاص هذه الواقعة من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبته .
 
( الطعن رقم 2595 لسنة 87 ق - جلسة 24 / 2 / 2024 )
 
78- إذ كان الحكم الناقض عاب على الحكم المنقوض قصوراً في التسبيب لإغفاله الرد على دفاع الطاعنة الثانية فيما قررته من امتداد عقد الإيجار إليها لإقامتها بعين النزاع مع والدها المستأجر الأصلي حتى وفاته في 18/9/2010 ، ودللت على ذلك بإيصال سداد الأجرة الصادر لها من أحد ورثة المؤجر عن عام 2011 والذى لم يُطعن عليه بأيِّ مطعن وكان هذا الذى أورده الحكم الناقض لا يتضمن فصلاً في مسألة قانونية اكتسبت قوة الأمر المقضي بحيث تحول بين محكمة الإحالة وبين معاودة النظر في ذلك الدفاع ومستنداته أو تحول بينها وبين أن تبني حكمها على فهم جديد تحصله حرة من جميع عناصر الدعوى وهى في ذلك لا يقيدها إلا التزامها بتسبيب حكمها خضوعاً لحكم المادة 176 من قانون المرافعات فإن النعي بعدم اتباع قضاء النقض السابق صدوره في الدعوى يكون على غير أساس .
 
( الطعن رقم 3243 لسنة 87 ق  -  جلسة 16 / 4 / 2024 )
 
79- النص في المادة 176 من قانون المرافعات أن المشرع لم يقصد بإيراد الأسباب أن يستكمل الحكم شكلاً معيناً، بل أن تتضمن مدونات الحكم ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة قد ألمت بالواقع المطروح عليها ومحصت ما قُدم إليها من أدلة وما أبداه الخصوم من دفاع وحصلت من كل ذلك ما يؤدى إليه، ثم أنزلت حكم القانون، وذلك حتى يكون الحكم موضع احترام وطمأنينة للخصوم ويحمل بذاته آيات صحته وينطق بعدالته .
 
( الطعن رقم 14252 لسنة 84 ق - جلسة 13 / 6 / 2024 )
شرح خبراء القانون

وينطبق هذا النص على جميع الأحكام سواء كانت أحكاماً موضوعية أو أحكاماً مستعجلة بما فيها الحكم بإثبات الحالة . ووجوب بيان الأسباب التي إستند إليها الحكم من القواعد الأساسية التي تحرص عليها التشريعات المختلفة.

ويرمي تسبيب الحكم إلى تحقيق عدة أهداف فهو يدفع القضاة إلى التروي في الحكم قبل إصداره ، ويقدم للخصوم برهاناً على عدالة الحكم مما يؤدي بهم إلى إحترامه عن اقتناع بعدالته ، ويمكن الفقه من القيام ببحث علمي لإتجاهات القضاء ، وهو أخيراً يتيح لمحكمة النقض مراقبة سلامة الحكم ولم توجب المادة 176 مرافعات تسبيب الحكم بقصد إتمام الأحكام من حيث الشكل ، بل من أجل حمل القضاة على بذل الجهد في تمحيص القضايا لتجىء أحكامهم ناطقة بعدالتها وموافقتها للقانون ، وأخضع هذا التسبيب لرقابة محكمة النقض .

والواقع أن أي تطبيق القانون يفترض تفكيراً منطقياً أدي إليه . وبالتالي فإن كل حكم يفترض أسباباً له . ولهذا فإن الخلو من الأسباب لا يمنع من قيام الحكم بوظيفته ولا يحول - لذلك - دون حيازة الحكم حجية الأمر المقضى . وبالتالي لا يعتبر سبباً لرفع دعوى أصلية ببطلان الحكم.

ومن ناحية أخرى ، من المقرر أن بعض الأحكام لا تقتضي بطبيعتها ذكر أسبابها لأن الحكم نفسه يفصح عن سببه دون حاجة لذكره . من هذه الحكم بإجراء تحقيق أو أي إجراء من إجراءات الإثبات ، ولهذا نص القانون على أنه لا يلزم تسبيبه (مادة 5 إثبات) ، إذ الواضح أن سببه هو الحاجة إلى هذا الإجراء لأن المحكمة لم تجد في أوراق الدعوى ووقائعها ما يكفي لتكوين عقيدتها، أو الحكم بإلزام الخصم الخاسر بمصاريف الخصومة فسببه هو خسارة القضية ، أو الحكم برفض دعوى الضمان بعد رفض الدعوى الأصلية فسببه هو هذا الرفض  كذلك ، فإن من المقرر أنه لا حاجة لتسبيب الحكم إذا كان مضمونه يدخل في السلطة التقديرية الكاملة للقاضي ، كما هو الحال بالنسبة للحكم برفض منح مهلة للمدين.

وحيث يجب تسبيب الحكم ، فإن هذا التسبيب يخضع للقواعد الآتية :

1- يجب أن ترد الأسباب في ورقة الحكم : لأن القاعدة أن العمل القانوني يجب أن يحمل بنفسه دلیل صحته ، فلا يجوز أن يحيل الحكم إلی أسباب واردة في أحكام أخرى.

على أنه تجوز هذه الإحالة بشرط أن يكون الحكم المحال إليه صادراً في نفس القضية بين نفس الخصوم . واستثناءاً من هذا الشرط ، يجوز أن تستند المحكمة في حكمها إلى ما قضت به في قضية أخرى لم تكن بين نفس الخصوم متى كان ذلك لمجرد تدعيم الأدلة التي أوردتها وعولت عليها في حكمها ، كما يمكن للمحكمة أن تستند في قضائها إلى أوراق دعوى أخرى بين نفس الخصوم ولو اختلف موضوعها عن النزاع المطروح عليها بشرط أن تكون قد ضمت لملف النزاع وأصبحت تحت بصر الخصوم كعنصر من عناصر الإثبات يناضلون في دلالته.

وإعمالاً لذلك الشرط ، من المقرر أنه يمكن للمحكمة الاستئنافية أن تؤيد حكم محكمة أول درجة (لأسبابه) دون إضافة متى كانت كافية لحمل قضائها ، وتتضمن الرد المسقط لأسباب الإستئناف، وكان ما أثاره الطاعن في أسباب إستئنافه لا يخرج في جوهره عما كان معروضاً على محكمة أول درجة وتضمنه أسبابه ولا حاجة عند الإحالة لذكر ما ورد في حكم أول درجة من أسباب على أنه لا يكفي أن تحيل محكمة الإستئناف إلى دفاع أبدی أمام حكم أول درجة إذا كان هذا الحكم قد أورد هذا الدفاع في مدوناته دون أن يعرض له ولمحكمة الإستئناف أن تحيل إلى بعض أسباب حكم أول درجة وعندئذ تعتبر أسباب حكم أول درجة مكملة لأسباب حكم الإستئناف.

على أنه وإن جاز تسبيب الحكم بالإحالة إلى حكم آخر سبق صدوره بين الخصوم أنفسهم ، فإنه يشترط أن يكون الحكم المحال إليه قد أودع ملف الدعوى وأصبح بذلك ورقة من أوراقها، وأن يكون هذا الحكم صحيحاً لم يشبه البطلان ، وألا يكون قد ألغي بطريق من طرق الطعن وأن تكون أسباب الحكم المحال إليها غير معيبة وإلا إمتد العيب إلى الحكم المحيل إليها.  

ولمحكمة الإستئناف أن تضيف إلى هذه الأسباب أسباباً أخرى . وعندئذ يجب ألا يوجد تناقض بين ما أضافته من أسباب وأسباب حكم أول درجة .

2- يجب أن يستند الحكم إلى أدلة الإثبات المقدمة من الخصوم في القضية وألا يخالف الثابت بهذه الأدلة : فلا يجوز للقاضي أن يقضي بعلمه ، كما لا يجوز له أن يستند إلى أدلة إثبات مقدمة من الخصوم في قضية أخرى . ويكون الأمر كذلك ولو كانت هذه القضية منظورة أمامه هي الأخرى وكانت بين الخصوم أنفسهم . فمثل هذه الأدلة لا يصح الاستناد إليها إلا إذا ضمت ملف القضية التي يصدر فيها الحكم و أصبحت من عناصر الإثبات فيها بحيث يمكن أن يمتد إليها دفاعهم . ومن ناحية أخرى ، فإنه لا يجوز للقاضي مخالفة الثابت بموجب الأدلة المقدمة في القضية، أو يغفل الأدلة المؤثرة في الدعوى . وإذا كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها وترجيح بعضها على البعض الآخر إلا أنه لا يجوز لها أن تطرح ما يقدم إليها تقديماً صحيحاً من الأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن تدون في حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الأطراح وإلا كان حكمها قاصراً.

3- يجب أن تكون الأسباب كافية لحمل الحكم : لا يكفي أن يتضمن الحكم أسباباً ، بل يجب أن تكون هذه الأسباب كافية لحمله، وإلا كانت معيبة بالقصور في التسبيب ، ولتحقيق كفاية الأسباب ، يتعين :

(أ) أن تكون الأسباب واضحة ومحددة : بأن تبين المحكمة الوقائع التي يستند إليها الحكم والأدلة التي اقنعتها بثبوت أو نفي هذه الوقائع . فلا يكفي أن تقرر المحكمة ثبوت وجود الواقعة أو عدم وجودها دون أن تبين كيف ثبت لها ذلك بأدلة مما يصح قانوناً الأخذ به وذلك باستثناء ما يرد في الحكم من تقديرات واقعية لا تعدو أن تكون من قبيل ما يحصله القاضي إستقاءاً من علمه بالظروف العامة المعروفة لدى الجميع ، والتي لا تعتبر قضاءاً بالعلم الشخصي للقاضي.

وللمحكمة أن تشير إلى مستندات مقدمة إليها من الخصوم أو مبينة في مذكراتهم دون حاجة لذكر نصوصها في الحكم.

فإذا تعذر تعيين الدليل الذي كونت منه المحكمة اقتناعها وبنت عليه قضاءها فإن الحكم يكون معيبا مما يبطله ولهذا إذا إستندت المحكمة إلى عدة مصادر ، فيجب عليها أن تبين ماهية ما استمدته من كل مصدر  فليس للمحكمة أن تقتصر في أسبابها على الإشارة إجمالاً إلى مستندات الخصوم ومذكراتهم دون بيان فحوى هذه الأدلة ووجه الإستدلال بها ، مما يتعذر معه تعيين الدليل الذي كونت منه المحكمة إقتناعها بوجهة نظرها حتى يمكن الوقوف على أن ما أثير حوله من دفاع لا يؤثر فيه والتحقق من أنه من الأدلة التي يصح قانوناً بناء الحكم عليها.

كذلك ، فإنه لا يكفي أن ترفض المحكمة طلباً لأنه «على غير أساس» أو لغير ذلك من العبارات المبهمة العامة التي تعجز معها محكمة النقض عن مراقبة تكييف الوقائع وسلامة تطبيق القانون عليها.

على أنه ليس معنى هذا أن الأسباب يجب أن تكون مفصلة . فهي تكون كافية ولو أوجزت مادامت تفي بالغرض منها.

(ب) أن تكون الأدلة التي تستند إليها من شأنها أن تسوغ النتيجة التي إنتهت إليها . فلا يكفي أن تكون الأدلة التي تستند إليها المحكمة مما يجوز الإستناد إليه قانوناً ، بل يجب أن يكون إستدلال المحكمة بها مؤدياً للنتيجة التي إستخلصتها منها ، وإلا كان الحكم مشوباً بالفساد في الإستدلال . فإستخلاص نتيجة معينة من دليل ما يخضع لعملية منطقية يقوم بها القاضی مستعملاً ذكاءه ، وإذا لم يقم القاضي بها كما هو شأن «القاضي المعتاد» فخالف تقديره المنطق العادى ، فإن تقديره يعتبر غير سائغ.

ويتحقق الفساد في الإستدلال عند إستناد القاضي إلى أدلة غير صالحة موضوعياً للإقتناع بها ، أو عدم فهم القاضي للعناصر الواقعية . التي ثبتت لديه ، أو وقوع تناقض بين هذه العناصر لعدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي إنتهى إليها والعناصر التي بنى عليها حكمه ، أو إستخلاصه من الأوراق واقعة لا تنتجها .

(جـ) أن تبين المحكمة القاعدة القانونية التي طبقتها على وقائع القضية : ويلاحظ أن الفرض هو علم القاضي بالقانون ، ولهذا ليس على المحكمة أن تبين كيفية ثبوت القواعد القانونية التي طبقتها . كما أنه يكفي بيان القاعدة القانونية دون حاجة للإشارة إلى النص التشريعي الذي يتضمن القاعدة . ومن ناحية أخرى فإنه إذا طبقت المحكمة القاعدة القانونية الواجبة التطبيق على وقائع القضية وإنتهت إلى نتيجة قانونية سليمة ، فلا يعيب الحكم أن يقع في أسبابه خطأ في القاعدة القانونية ، أو قصور في الإفصاح عن هذه القاعدة، أو لا يكيف الحكم الواقعة قبل تطبيق القاعدة عليها، أو أن يعطيها تكييفاً غير صحيح.

(د) أن تورد المحكمة أسباباً تبرر رأيها بالنسبة لكل طلب أو دفع أو دفاع جوهری مما أبدى أمامها وذلك سواء أبديت من الخصوم أو من النيابة العامة ، وأياًً كان نوع الطلب أو الدفع ، سواء كان نفعاً شكلياً أو بعدم القبول أو دفعاً موضوعياً ، وأياً كان حظ الدفع من الصواب أو الخطأ، وإلا كان الحكم مشوباً بالبطلان  ويلاحظ التفرقة بين الدفع والدفاع ، فالمحكمة ملزمة بأن تورد رداً كافياً على كل دفع من الدفوع ، أما أوجه الدفاع فإنها ليست ملزمة إلا بالرد على الجوهري منها . وذلك لما للدفع من أهمية بارزة في الخصومة في حين أن أوجه الدفاع قد يغني بعضها عن بعض كما أن الرد على إحداها قد ينطوي على معنى إطراح ما عداها فالمحكمة ليست ملزمة بالرد على كل دفاع للخصم طالما أن الحقيقة التي اقتنعت بها و أوردتها فيها الرد الضمني على هذا الدفاع.

وإذا تعدد المحكوم عليهم واختلفت مراكزهم القانونية ، فيجب أن يتضمن الحكم أسباباً تحمل قضاءه بالنسبة لهم جميعاً ، وليس بالنسبة للبعض دون البعض الآخر ، فإذا اقتصرت أسباب الحكم على ما يحمل قضاءه بالنسبة لبعضهم دون أن يورد أسباباً تبرر قضاءه على بقية المحكوم عليهم ، كان الحكم باطلاً بالنسبة لهؤلاء لخلوه من الأسباب .

ويكفي أن تورد المحكمة سببة واحدة للرد على أكثر من إدعاء ما دام هذا السبب كافياً لدحضها ، أو سبباً واحداً لعدة قرارات ما دام كافياً لحملها.

على أنه يلاحظ أن المحكمة ليست ملزمة بإبداء رأيها وتسبيبه إلا بالنسبة لما يطرح عليها بالطريق القانوني في صورة طلب أو دفع أو دفاع يتعلق بالدعوى المطروحة أمامها ، ويكشف على وجه جازم عن المقصود به فلا يوجد قصور في التسبيب إذا أغفلت المحكمة الرد على طلب غير جائز تقديمه أمامها ، أو دفاع ظاهر البطلان ، أو على طلب شطب العبارات الجارحة من مذكرات الخصوم، أو الرد على مجرد إشارة من الخصم في دفاعه إلى أن الطرفين تاجران يمسكان دفاتر تجارية إذ لا يعد هذا طلباً بتقديم الدفاتر،أو الرد على مجرد عبارة بوجه حافظة المستندات المقدمة قبل المذكرة الختامية تفيد تمسك الطاعن بدفع من الدفوع مادامت صحيفة الطعن والمذكرات الختامية قد خلت من التمسك به.

وعلى العكس ، يجب على المحكمة أن تسبب قرارها بالنسبة للطلب أياً كان ما دام قد فصلت فيه . ولهذا فإنه إذا قدم الخصم طلباً أصلياً وآخر إحتياطياً فإن حكمها بإجابة الطلب الإحتياطي لا يعفيها من بحث الطلب الأصلي وإيراد الأسباب الكافية التي إعتمدت عليها في عدم إجابته كما أن عليها أن تبدي رأيها بالنسبة للدفاع الجوهري أو الدفع المعروض عليها سواء أبدى أمامها أو تمسك الخصم به في محضر أعمال الخبير المنتدب في الدعوى، أو في مذكرة مقدمة في قضية أخرى محال إليها.

(هـ) ألا تبنى المحكمة حكمها على وقائع أو مستندات لم تعط الفرصة للخصوم لمناقشتها : ذلك أن مبدأ المواجهة بين الخصوم يستلزم تمكين الخصوم من الإلمام بما يبدي ضدهم وتمكينهم من الدفاع بشأنه ، وهو ما يقتضي وجوب عدم بناء الحكم على وقائع أو مستندات لم تعط الفرصة للخصوم لمناقشتها . ولهذا إذا إنبني الحكم على مستندات لم يتمكن الخصم من الإطلاع عليها ، ورفضت المحكمة فتح باب المرافعة لتمكينه من هذا الاطلاع التقديم دفاعه بشأنها ، فإن الحكم يكون باطلاً للقصور في التسبيب.

ألا تكون الأسباب متناقضة فيما بينها أو مع المنطوق : يجب ألا يوجد تناقض بين أسباب الحكم .

ومن ناحية أخرى ، يجب ألا تكون الأسباب متناقضة مع المنطوق أي غير مؤدية قانوناً إلى القرار الذي يتضمنه الحكم .

على أنه يجب القول بوجود تناقض بين أسباب الحكم ومنطوقه ، النظر إلى ما إستند إليه الحكم ، وليس إلى العبارات التي قد ترد في الحكم أثناء سرد دفاع الخصوم ، ولو حدث السرد على نحو يوحي بإقتناع المحكمة به .

يمكن أن تكون الأسباب صريحة أو ضمنية : فلا يشترط أن تكون الأسباب صريحة . ويعتبر إقامة المحكمة قضاءها على ما يحمله سبباً ضمنياً للرد على ما يكون خصم قد أثاره من حجج بالنسبة للمسألة التي فصل فيها الحكم . وتلاحظ التفرقة بين القضاء الضمني و التسبيب الضمني .

وينطبق على الأسباب الضمنية كل ما سبق ذكره من شروط يجب أن تتوافر في تسبيب الحكم.

ينظر إلى أسباب الحكم التي بني عليها كوحدة واحدة : ولهذا فإنه إذا كان الحكم مقامة على جملة قرائن يكمل بعضها بعضاً فلا يجوز مناقشة كل قرينة على حده لإثبات عدم كفايتها في ذاتها . ومن ناحية أخرى ، فإنه إذا أقامت المحكمة قضاءها على عدة قرائن أو أدلة إستندت إليها مجتمعة ، ولا يبين أثر كل واحد منها في تكوين عقيدة المحكمة ولا ما كان ينتهي إليه قضاؤها لو أنها إستبعدت أحد هذه الأدلة لعيب شابه فإن تعيب إحداها يؤدی إلى قصور في التسبيب. وعلى العكس ، فإنه إذا إستند الحكم إلى دليلين ، أو دعامتين ، يكفي أحدهما لحمله ، فإن أسبابه تكون كافية ولو كان الدليل الآخر معيباً . وعندئذ لا يقبل النعي على هذا الدليل ، إذ هذا النعي بفرض صحته يكون غير منتج.

لا يعيب الحكم أن ترد فيه أسباب معيبة مادامت زائدة : والمقصود بالأسباب الزائدة تلك التي لم يكن الحكم في حاجة إليها لحمل قضائه ، فيستقيم الحكم بدونها . فإذا طعن في الحكم لما جاء فيه من أسباب معيبة ، وكانت هذه الأسباب زائدة ، كان النعي غير منتج. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني ،  الصفحة : 402 )

 

ضوابط تسبيب الأحكام

عبارة بعد سماع المرافعة والاطلاع على الأوراق والمداولة:

تبدأ المحكمة عند تسبیب حكمها بعبارة «بعد سماع المرافعة والإطلاع على الأوراق والمداولة قانوناً» وهي عبارة غير لازمة ولم يتطلبها المشرع لصحة الحكم ومن ثم لا يترتب البطلان على إغفالها، لتعلقها بالإجراءات التي إفترض المشرع أنها روعيت ، ويدل تصدير الحكم بها أن المحكمة إلتزمت بمضمونها وعلى من يدعى غير ذلك إثبات ما يدعيه ، وقد يكون هذا الإثبات میسوراً عندما يتعلق بعدم إطلاع المحكمة على المستند المطعون فيه بالتزوير إذا كان المظروف الذي يحتويه مازال مودعاً خزينة المحكمة منذ وروده من قسم أبحاث التزييف والتزوير رغم صدور الحكم، أو كان المظروف قد أرفق ضمن مستندات الدعوى وصدر الحكم بينما مازالت أختام هذا القسم موجودة عليه مما يقطع بأن المحكمة لم تقم بفضه عند المداولة، وأيضاً إذا كانت هيئة سابقة قامت بفضه وأعادت تحريره ولم تفضه الهيئة التي أصدرت الحكم، لكن إذ وجد هذا المظروف مفضوضاً وقت صدور الحكم تحقق بذلك إطلاع المحكمة على المستند ولو لم تنوه في الأسباب إلى أنها قامت بفضه.

إذ يترتب على التقرير بالطعن بالتزوير، طرح الإدعاء بالتزوير على المحكمة وإلتزامها بإتخاذ الإجراءات اللازمة للحكم فيه، فإن كان المحرر مودعا ملف الدعوي، أو أودع به بعد ذلك، وجب علي المحكمة أن تحرر محضراً متضمناً بياناته وتوقع عليه هي والكاتب والخصوم، ثم تحرر المحرر أو تكلف قلم الكتاب بذلك وإيداع المظروف خزينة المحكمة ويكفي في ذلك، أن تثبت المحكمة بمحضر الجلسة تحرير المحرر وتأمر بإيداعه خزينة المحكمة، ومتى وجدت أن الإدعاء بالتزوير منتج في الدعوى قضت بتحقيقه بشهادة الشهود أو بالمضاهاة أو بكليهما، و بعد تنفيذ هذا القضاء، تقوم بإصدار حكم في الأدعاء بالتزوير ، إما برد و بطلان المحرر، أو بصحته ، ولا يكفي لصحة هذا الحكم أن تكون قد إطلعت على المحرر قبل تحريزه وفحصه قبل إصدار حكم التحقيق والتأكد من أن الطعن فيه بالتزوير منتج في الدعوى، وإنما يجب عليها قبل أن تصدر الحكم برده و بطلانه أو بصحته ، أن يكون تحت بصرها وقت إصدار هذا الحكم لتمحيصه على هدي ما إستخلصته من التحقيق الذي أمرت به وصولا إلى القضاء في الأدعاء بالتزوير وفقاً لما إطمأنت إليه من ذلك.

فإن ثبت عدم إطلاع المحكمة على المحرر، كان حكمها مشوباً بالبطلان الخلوة من التسبيب الذي يقيمه، ويقع على عاتق من يتمسك بهذا البطلان، عبء اثبات أن المحكمة قضت في الإدعاء بالتزوير بدون أن تطلع علي المحرر المطعون فيه ويكون له ذلك بكافة الطرق، كتقديم شهادة من قلم الكتاب بعدم ضم المظروف الخاص بالمحرر قبل صدور الحكم أو أن المظروف مودع ملف الدعوي بالأختام التي كان عليها وقت إيداعه خزينة المحكمة أو بأختام قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي.

فان لم يقم الدليل الساطع على عدم اطلاع المحكمة على المحرر فلا يجوز النعي على قضائها لخلو أسبابه من إطلاعها عليه، إذ تصدر الأحكام بما يفيد الإطلاع على الأوراق، والأصل في الإجراءات أنها روعيت ما لم يقم الدليل على عكس ذلك، وبالتالي تفيد هذه العبارة إطلاع المحكمة على المحرر بإعتباره من أوراق الدعوى التي جاء بالحكم إطلاع المحكمة عليها. ولو لم يتضمن محضر الجلسة أن المحكمة ضمت المظروف وقامت بفضه، إذا لعبرة بما تضمنه الحكم وليس بما جاء بمحضر الجلسة.

وإذا شاب البطلان الحكم الابتدائي ، جاز تصحيحه في الإستئناف بقيام المحكمة الإستئنافية بالإطلاع على المحرر والتصدي للإدعاء بالتزوير أو لا، ثم تحدد جلسة لنظر الموضوع، ولا يجوز لها الإحالة إلى أسباب الحكم المستأنف، إذ تمتنع هذه الأحالة إذا قضت المحكمة ببطلان الحكم المستأنف، وطالما أن بطلان الحكم لا يتعلق بصحيفة إفتتاح الدعوى أو الطعن بالتزوير، فإنها تتصدى للموضوع. ولا يقتصر البطلان علي الحكم الصادر في الادعاء بالتزوير، وإنما يمتد إلى الحكم المنهي للخصومة برمته.

ويمتد الإلتزام بالإطلاع على المحرر المطعون فيه بالتزوير الى المحكمة الإستئنافية ، سواء تم الإدعاء بالتزوير أمامها أو أمام محكمة الدرجة الأولي، حتي لو كانت المحكمة الأخيرة قد إطلعت على المحرر، إذ يجب على المحكمة الإستئنافية مراقبة محكمة الدرجة الأولى فيما إستخلصته من الأدلة التي طرحت عليها، وهو ما يتطلب تمحيص المحرر لمعرفة ما إذا كانت محكمة الدرجة الأولي قد إعتدت في قضائها بحالته ومدي تطابق ذلك مع التحقيق الذي أجرته أم يختلف عنه حتي تتمكن من تكوين عقيدتها للقضاء بتأييد الحكم المستأنف أو إلغائه.

تحصيل فهم الواقع والقصور في الأسباب الواقعية :

بعد العبارة التي تضمنها البند السابق، تسرد المحكمة وقائع الدعوى بإجمال ما تضمنته صحيفتها وبيان لطلبات المدعي والإشارة إلى ما قدمه من مستندات وخلاصة موجزة لدفوع المدعى عليه وأوجه دفاعه الجوهرية ورأي النيابة العامة إن كانت ممثلة في الدعوى، وبعد ذلك تبدأ المحكمة في تسبيب حكمها غير ملزمة بالتكييف الذي أسبغه الخصوم على الدعوى فتنزل عليها التكييف الصحيح الذي يتفق مع وقائع النزاع وبما يتفق مع الأسباب الواقعية وهي جوهر حكمها بحيث إذا أخطأت فيها أستبعد ذلك حتماً خطأ الحكم الذي تصدره ، أما إن صحت صح الحكم حتى لو أخطأت في تطبيق القانون عليها طالما خلصت إلى النتيجة الصحيحة إذ لمحكمة الطعن تصحيح ما شاب الحكم من خطأ في الأسباب القانونية وذلك على ما أوضحناه بالمادة (178).

ويجب حتى يستقيم الحكم أن تتضمن أسبابه أن المحكمة فهمت الواقع المطروح في الدعوى مستخلصة ذلك من المستندات المقدمة فيها وصلاحية هذه المستندات كأدلة قانونية تستند إليها الأسباب الواقعية. ولا يكفي لسلامة الحكم توافر تلك الأدلة ، بل يجب أن تكون المحكمة قد إستخلصتها بما يتفق وقواعد تفسير المستندات. فإن أخطأت هذا التفسير، جرها ذلك إلى الخطأ في فهم الواقع، وهو ما يصم قضاءها بالمسخ والفساد في الاستدلال، طالما تعلق هذا الخطأ بأسباب واقعية مؤثرة، فإن لم تكن مؤثرة فلا ينال الخطأ فيها من صحة الحكم.

وقد رتبت المادة (178) من قانون المرافعات البطلان على القصور في أسباب الحكم الواقعية المؤثرة في قضائه.

الخطأ في الإسناد

إذا أسند الحكم واقعة إلى أحد الخصوم وأقام عليها قضاءه ، وجب أن يكون هذا الإسناد صحيحاً تدل عليه ما تضمنته أوراق الدعوى، وهو ما يوجب على المحكمة تمحيص الأمر الذي إستندت إليه وإعطاءه وصفه الصحيح الذي يتفق مع القانون حتى ينهض كدليل، بحيث إن أخطأت في ذلك كان قضاؤها مشوباً بالخطأ في الإسناد مما يتوافر به الخطأ في تحصيل الواقع، مثال ذلك أن تسند إلى الخصم أنه أقر بواقعة معينة، بينما يكون ما قرره لم يتضمن إقراراً، وهو ما كان يوجب عليها أن تبين عناصر الإقرار ثم تقرر ما إذا كانت هذه العناصر قد توافرت في أقوال الخصم فتكون هذه الأقوال قد تضمنت إقراراً، أم لم تتوافر فلا تنطوي هذه الأقوال على إقرار.

كفاية الرد الضمني على أوجه الدفاع :

المقرر أن الدفاع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه بأسباب خاصة، هو الذي يقدم لها صريحاً على وجه جازم يدل على تصميم صاحبه عليه كاشفاً عن المقصود منه، وأن إغفال الفصل في وسائل الدفاع لا يعيب الحكم بالقصور أو الإخلال بحق الدفاع، متى أقامت المحكمة قضاءها على أسباب سائغة مؤدية إلى النتيجة التي خلصت إليها، وهو ما يتوافر به الرد الضمني على هذه الأوجه وإن الحكم يستقيم بدون التصدي لها. مثال ذلك أن يطلب الخصم ندب خبير لتحقيق مسألة معينة، وتجد المحكمة في مستندات الدعوى ما يغني عن إجابة الخصم لهذا الطلب، فتستند إليها في قضائها، وهو ما يتضمن رداً ضمناً بأن المحكمة وجدت في أوراق الدعوى ما يغني عن ندب خبير.

ولا يصح الرد الضمني إلا عندما تتضمن الأوراق ما يكفي لتحقيق ما تضمن الدفاع، أما إذا خلت الأوراق أو الأسباب من ذلك، فإن عدم رد المحكمة على الدفاع بأسباب خاصة، لا يعتبر رفضاً ضمنياً له، إنما يعيب قضاؤها بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن القصور.

والمقرر أنه إذا قضت المحكمة ضمناً برفض دفع هام، وكان الحكم لا يشتمل في أسبابه على ما يمكن حمل هذا القضاء الضمني عليه، فإن الحكم يكون خالياً من الأسباب الواقعية التي بني عليها مما يعيبه بالبطلان، إذ يجب أن تتضمن أسباب الحكم على نحو لا يدع مجالاً للشك أن إرادة المحكمة قد اتجهت إلى ما قضت به على هدي الوقائع والأدلة المطروحة عليها حسبما تدل عليه الأسباب التي أقامت عليها قضاءها، فإن خلت تلك الأسباب مما يساند القضاء الضمني، كان الحكم مشوباً بالقصور المبطل، إن كان من شأن إغفال الدفاع، تغيير وجه الرأي في الدعوى . وانظر : بند «إغفال الدفوع وأوجه الدفاع والطلبات غير الموضوعية»، بالمادة (195) فيما يلي.

ويجب على من يتمسك بهذا القصور أن يقيم الدليل عليه ، بخلو أسباب الحكم مما يصلح لإقامة قضاء ضمني برفض الدفاع .

التسبيب في حالة الاستناد لدعوى أخرى:

يجوز لأي من الخصوم أن يبني أوجه دفاعه على ما تضمنته دعوى أخرى كانت مرددة بين نفس الخصوم في الدعوى القائمة، ومتى تبين للمحكمة الجدوى من ذلك ، جاز لها ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بضم تلك الدعوى أو تكليف الخصم بتقديم صور رسمية من مستنداتها، ومتى تم ذلك ، أصبحت أوراق الدعوى أو الصور الرسمية من مستندات الدعوى المنظورة ، وحينئذ يجب على المحكمة أن تبين في أسباب حكمها تنفيذ الضم أو تقديم الصور الرسمية، ثم تستند إلى ما تضمنته أو الصور في قضائها، فإن لم تتضمن الأسباب ما يفيد الضم إكتفاءً بتنفيذ قرارها بالضم، دون أن تبين هذا التنفيذ في الأسباب، كان قضاؤها مشوباً بمخالفة القانون لأن مناط الإستناد إلى دعوى أخرى أن تكون هذه الدعوى بين يدي المحكمة ويتحقق ذلك بضمها وأن الحكم وحده هو الذي يدل على ذلك عندما يكون محلاً للمحاكمة من محكمة الطعن، وقد يكفي أن تتضمن أسبابه ما يفيد الإطلاع على الدعوى ، لأن هذا الإطلاع يدل على الضم.

الإحالة لأسباب حكم صدر في دعوى أخرى :

أوضحنا فيما تقدم أن الأصل في الحكم أن يكون مستوفياً بذاته جميع أسبابه ومقوماته إلا أنه يجوز الإحالة إلى أسباب حكم سابق صدر في ذات الدعوى، أما إذا كان هذا الحكم صادراً في دعوى أخرى، وجب الإمكان الإحالة إلى أسبابه ، أن يكون صادراً بين نفس الخصوم وأن يكون مودا ملف الدعوى الصادر فيها الحكم اللاحق حتى يكون من ضمن مستنداتها وعنصراً من عناصر الإثبات فيها يتناضل الخصوم في دلالته، فإن لم يكن صادراً بين الخصوم ولكنه مودعاً ملف الدعوى. فلا يجوز الإحالة إلى أسبابه ، وباعتباره من ضمن مستندات الدعوى وعنصراً من عناصر الإثبات فيها، جاز الإستناد إليه كقرينة مؤيدة لوجهة نظر المحكمة. وإن كان الحكم السابق صادراً بين الخصوم أنفسهم ولكنه غير مودع ملف الدعوى، فلا يجوز الإحالة لأسبابه حتى لو كان قد صدر في نفس الجلسة التي صدر فيها الحكم الذي أحال إليه ، لكن إذا ضمنت المحكمة مسودة الحكم تكليفاً لقلم النسخ بنقل جزء معين من أسباب الحكم الصادر في نفس الجلسة، وقام قلم النسخ بذلك فإن الحكم يكون قد إستوفى بذاته جميع أسبابه ولا تكون ثمة إحالة، فإن لم يقم قلم النسخ بنقل الأسباب حسبما تضمنته المسودة ، تحققت الإحالة إلى حكم لم يكن مودعاً ملف الدعوى مما يشوبه بالبطلان لخلوه من الأسباب.

وإذا أودع الحكم السابق الصادر بين نفس الخصوم ملف الدعوى ، كان للمحكمة الإحالة إليه، ويشترط لذلك ألا يكون هذا الحكم قد ألغى أو نقض إذ يصبح بذلك ورقة عادية، خلافاً للأحكام الصادرة في الدعوى الواحدة على نحو ما تقدم إذ يكون للمحكمة الإستئنافية الإحالة إلى أسباب الحكم المستأنف حتى لو ألغته.

ولا تكون الحكم السابق حجية إلا فيما فصل فيه بين الخصوم أنفسهم صراحة أو ضمناً سواء في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة بالمنطوق إرتباطاً وثيقاً ، فإن كان الحكم السابق صادراً بين نفس الخصوم، ولكن لم تتوافر في شأنه باقي شروط الحجية ، جاز لأي من الخصوم الإستناد إليه لتجلية بعض المسائل المتنازع عليها والتدليل عليها، ومتى ضم الحكم السابق، جاز للمحكمة أن تحيل إلى أسبابه ، وحينئذ تعتبر الأسباب التي تم الإحالة إليها مكملة لأسباب الحكم، ومستندة إليها بحيث إذا ألغى الحكم المحال إليه، إنحل بما تضمنه من أسباب ، وبالتالي ينهار الحكم المحيل لخلوه من الأسباب، أما إن كان الحكم لم يحل إلى تلك الأسباب، وإنما نقلها إلى أسبابه ، فإن إستعارته لها يجعله قائماً بذاته ومنبت الصلة بالحكم السابق بحيث إذا ألغي هذا الحكم فانه يكون لهذا الإلغاء أثر عليه ، فإن كان صحيحاً يظل كذلك، وتظل الأسباب المستعارة خاصة به هو دون الحكم السابق.

الإحالة لأسباب حكم سبق صدوره في الدعوى:

الأصل أن يستقل كل حکم ویستوفی بذاته جميع أسبابه ومقومات صحته حتى لو تعددت الأحكام الصادرة في دعوى واحدة ، ولكن قد يترتب على هذا الأصل ترديد المحكمة لوقائع الدعوى وما قدم فيها من مستندات ودفوع وأوجه دفاع سبق لها أن ضمنتها حكماً سابقاً أصدرته في نفس الدعوى تعلق بشق من النزاع وتفادياً لهذا الترديد، كان للمحكمة أن تحيل في حكمها اللاحق إلى حكمها السابق فيما تضمنه من وقائع ومستندات ودفوع وأوجه دفاع طالما أن شيئاً من ذلك لم يستجد بعد صدور الحكم السابق، أما إذا استجدت وقائع كما لو تدخل خصم في الدعوى للإختصام بطلبات معينة أو للإنضمام، أو قدمت مستندات أو أبديت دفوع وأوجه دفاع جديدة ، تعب على المحكمة إذا أحالت للحكم السابق أن تضمن أسبابها كل ما استجد بعده والتحدث عن ذلك وعن دلالته إذا تصدت للموضوع في حكمها اللاحق وإلا كان مشوباً بالقصور المبطل لخلوه من الأسباب الواقعية. ويجب أن يكون الحكم السابق صادراً في ذات الدعوى الصادر فيها الحكم وتصح هذه الإحالة حتى لو كان الحكم السابق صادراً من هيئة مغايرة للهيئة التي أصدرت الحكم اللاحق طالما صدر الحكمان من محكمة واحدة دون إعتداد بتغير الدائرة، فقد يصدر الحكم السابق من الدائرة الأولى ثم تحال الدعوى للدائرة الثانية في ذات المحكمة، وحينئذ يجوز لهذه الدائرة أن تحيل لأسباب الحكم السابق. كذلك الحال إذا صدر حكم بعدم الإختصاص وبإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى، فإنه يجوز للمحكمة المحال إليها أن تحيل إلى أسباب الحكم السابق بالرغم من صدوره من محكمة أخرى إذ يكفي للإحالة أن يكون الحكم السابق صادراً في ذات الدعوى الصادر فيها الحكم اللاحق. ويشترط لصحة الحكم الأخير أن تكون أسباب الحكم السابق كافية فيما تمت الإحالة إليه، بحيث إن كانت قاصرة إمتد هذا القصور إلى الحكم اللاحق وشابه البطلان.

وللمحكمة الإستئنافية أن تحيل إلى أسباب الأحكام التي سبق لها إصدارها على نحو ما تقدم، كما يجوز لها أن تحيل إلى أسباب الحكم المستأنف فيما تضمنته هذه الأحكام من وقائع أو مستندات أو دفوع أو أوجه دفاع أو أسباب الإستئناف ما لم تر إيضاحاً لشيء من ذلك حتى تقيم قضاءها على أسباب كافية لحمله، وإذا جدت وقائع أو مستندات أو دفوع أو أوجه دفاع أو أسباب للإستئناف غير التي تضمنها الحكم السابق وجب عليها أن تضمن حكمها كل ما إستجد وإلا كان حكمها مشوباً بالقصور المبطل لخلوه من الأسباب الواقعية، ويشترط لهذا البطلان أن يكون ما أغفلته المحكمة في الأسباب جوهرياً من شأن إغفاله أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن لم يكن كذلك انتفى القصور عن الحكم.

وللمحكمة الإستئنافية الإحالة لأسباب الحكم المستأنف حتى لو قضت بإلغائه.

الإحالة لتقرير خبير الدعوى :

عندما تستعين المحكمة بأهل الخبرة، فإنها تصدر حكماً بندب خبير في الدعوى تعهد إليه ببحث بعض المسائل وتظل هي الخبير الأعلى، ومتى باشر الخبير المأمورية، فإنه يكون مفوضاً من المحكمة قائماً مقامها في بحثه لما يتضمنه حكم الندب من إنابة قانونية يعمل الخبير بموجبها تحت مراقبة المحكمة، ويكون لها الأخذ بتقريره أو طرحه دون معقب عليها في ذلك إعمالاً لدلالة الإنابة ، فإذا هي اطمأنت للأسس التي إستند إليها الخبير في تقريره ، كان لها الأخذ بها والإحالة إليها في قضائها كما لو كان هذا التقرير صادراً عنها بموجب الحكم ، الذي أصدرته بندب الخبير، ذلك أن المقرر أن المنتدب يستمد سلطته ممن ندبه ويكون نائباً عنه.

ومتى أحالت المحكمة إلى الأسباب التي تضمنها التقرير، أصبح التقرير جزء من الحكم فيما تمت الإحالة إليه، فإذا نعي على الحكم بسبب هذه الإحالة ، تم حسم هذا النعي ببحث موضوع الإحالة من التقرير.

إمتناع الإحالة عند بطلان الحكم السابق أو التقرير :

إذا كان الأصل - على نحو ما تقدم - هو إستقلال الأحكام عن بعضها حتى لو كانت صادرة في دعوى واحدة ، وكان في الإحالة إلى أسباب حكم سابق إستثناء من هذا الأصل، وحينئذ يجد الحكم اللاحق ما يقيمه في أسباب الحكم السابق مستنداً إليه كدعامة له، ومن ثم يجب أن يكون الحكم السابق صحيحاً مستوفياً جميع أسبابه ومقوماته حتى يظل ركيزة وسنداً للحكم اللاحق، أما إذا تداعی وانهار أدى ذلك إلى تداعي وإنهيار الحكم اللاحق، ومن ثم يجب على المحكمة إذا أتضح لها بطلان الحكم السابق ألا تحيل إلى أسبابه وإنما تقيم قضاءها على أسباب مستقلة خاصة بها حتى تنأى به عن البطلان لما هو مقرر من أن ما بني على باطل يكون باطلاً.

ولا يترتب البطلان لمجرد الإحالة لأسباب الحكم الباطل إلا إذا كان الحكم اللاحق لم يقم قضاءه على أسباب خاصة به وكافية لحمله، أما إن أحال وفي نفس الوقت أقام قضاءه على أسباب خاصة به وكافية لحمله، فإن البطلان لا يمتد إليه ولو وصف تلك الأسباب بالإيجاز.

وذلك على التفصيل الذي أوضحناد بالمادة (121) بند «التصدي للبطلان».

وأيضاً إذا تبين للمحكمة بطلان تقرير الخبير، وجب عدم الإحالة إليه أو الإستناد إلى ما تضمنه وإلا شاب حكمها البطلان.

الإحالة لأسباب الحكم المستأنف

يترتب على الإستئناف نقل الدعوى بما صدر فيها من أحكام إلى المحكمة الإستئنافية ومن ثم تكون الأحكام الصادرة من هذه المحكمة ومن المحكمة الإبتدائية أحكاماً صادرة في دعوى واحدة مما يجوز معه للمحكمة الإستئنافية أن تحيل في قضائها إلى الأحكام الصادرة من المحكمة الإبتدائية و المستأنفة أمام المحكمة الإستئنافية ، وقد تقتصر الإحالة على وقائع النزاع والمستندات المقدمة والدفوع وأوجه الدفاع التي كانت مطروحة على المحكمة الإبتدائية، وحينئذ يجب على المحكمة الإستئنافية إذا جدت وقائع أو مستندات أو دفوع أو أوجه دفاع بعد صدور الحكم المستأنف أن تضمنها أسباب حكمها، فإذا اكتفت بالإحالة بالرغم من خلو هذا الحكم منها، كان الحكم الإستئنافي مشوباً بالقصور المبطل لخلوه من الأسباب الواقعية، ويشترط للقضاء بهذا البطلان أن تنطوي المسائل التي أغفلتها المحكمة على أوجه دفاع جوهرية مما يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن لم تكن كذلك فلا قصور.

وقد يحيل الحكم الإستئنافي إلى الحكم المستأنف إحالة مطلقة عندما يكون الحكم الأخير قد تضمن الرد الكافي على كل أسباب الإستئناف فيأخذ الحكم الإستئنافي من أسباب الحكم المستأنف أسباباً له ويقضي بتأييده.

وإذا أقامت المحكمة الإستئنافية قضاءها على أسباب خاصة بها بالإضافة إلى أسباب الحكم المستأنف، فإن ذلك ينصرف إلى الأخذ بأسباب الحكم الأخير التي لا تتعارض مع أسباب الحكم الإستئنافي ولو لم تفصح المحكمة الإستئنافية عن ذلك في قضائها ومن ثم لا يساغ القول بوجود تعارض في أسباب الحكم.

وللمحكمة الإستئنافية إذا قضت بإلغاء الحكم المستأنف أن تحيل إليه فيما يتعلق بالوقائع والمستندات والدفوع وأوجه الدفاع ولو إختلفت مع محكمة الدرجة الأولى في تفسير تلك المستندات أو لم تسايرها فيما خلصت إليه بالنسبة لهذه الدفوع وأوجه الدفاع.

فإن كان الحكم المستأنف باطلاً ، فلا يجوز للمحكمة الإستئنافية أن تحيل إلى أسبابه ، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة (221) بند «التصدي للبطلان».

الأسباب القانونية

متى خلصت المحكمة من تحصيل فهم الواقع في الدعوى ، وإعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها الصحيح، غير مقيدة في ذلك بالتكييف الذي أسبغه المدعى عليها، فإن ذلك يبين لها النصوص القانونية التي تحكم مقطع النزاع، فتحصیل فهم الواقع في الدعوى يرتبط إرتباطاً وثيقاً بالأسباب القانونية ، بحيث إذا أخطأت المحكمة في فهم الواقع الصحيح جراها ذلك إلى الخطأ في تحديد النصوص القانونية التي تنطبق على هذا الواقع، فتحكم في الدعوى بموجب نصوص غير منطبقة، فيكون قضاؤها معياً ما لم تكن قد إنتهت إلى نتيجة صحيحة، فيستقيم الحكم بها ويكون لمحكمة الطعن تصحيح هذه الأسباب.

وأيضاً إذا أغفل الحكم بيان الأسباب القانونية التي أقام عليها قضاءه ، فإن هذا الإغفال لا ينال منه طالما إنتهى إلى نتيجة صحيحة، إذ يتعين على محكمة الطعن في هذه الحالة تدارك ذلك ببيان الأسباب القانونية التي تقيم الحكم.

التسبيب المتعلق بمستندات الدعوى :

مستندات الدعوى هي كل ما يقدم فيها متضمناً دليلاً أو دفاعاً أو رداً على دفاع، سواء قدم إلى قلم الكتاب عند إيداع الصحيفة به، أو إلى المحكمة عند نظر الدعوى، أو إلى الخبير المنتدب، وتنصرف إلى الأوراق المستندية والمذكرات وتقارير الخبراء وشرائط التسجيل والصور الفوتوغرافية وغير ذلك مما يتضمن إثباتاً معيناً.

ومتى تقدم الخصم بأي من هذه المستندات أو أودع الخبير تقريره ، تعين على المحكمة الإطلاع عليه والإشارة إليه في أسباب حكمها، وإذا إستند إليه الخصم في إثبات واقعة معينة منتجة في الدعوى. وجب على المحكمة أن تتعرض لذلك وتقول كلمتها في دلالة هذا المستند على إثبات تلك الواقعة دون حاجة الذكر نصه إذ يكفي الإشارة لدلالته، فإن لم تفعل وإكتفت بإشارة إليه دون التحدث عن دلالته، وكان قد تضمن دفاعاً جوهرياً قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى ، فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور المبطل لتعلقه بالأسباب الواقعية ، أما إن لم يكن متضمناً دفاعاً جوهرياً فإن طرحه والإلتفات عنه لا يعيب الحكم.

وتلتزم المحكمة بالتحدث عن المستند ولو لم يتمسك الخصم بدلالة معينة يتضمنها متى كانت واضحة وظاهرة بحيث يمكن للمحكمة الوقوف عليها، فإن التفتت عنه كان حكمها مشوباً بالقصور المبطل لتعلقه بالأسباب الواقعة.

وتلتزم المحكمة بالتحدث عن المستند على نحو ما تقدم متى كان مؤثراً في الحكم سواء كان قطعياً أو تمهيداً، فإن كان تمهيداً ولم يحسم المسألة التي تعلق بها المستند، فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تتحدث عنه.

ولا تلتزم المحكمة بإجابة طلب التصريح بإستخراج مستند من جهة معينة ما لم يقدم الخصم ما يفيد تعذر الحصول عليه بدون هذا التصريح ومن ثم إذا إلتفتت عن هذا الطلب ولم تتحدث عنه فإن حكمها لا يكون مشوباً بالقصور.

الغاية من تسبيب الأحكام

ترمي الأحكام إلى حسم المنازعات التي قد تنشب بين الخصوم، والطلب القضائي هو السبيل إلى ذلك ، وقد كفل الدستور حق التقاضي الذي يتفرع منه حق الدفاع، مما يوجب على القاضي التصدي لكل طلب يقدم له، وسماع أقوال الخصوم وكل ما يتقدمون به من أوجه دفاع للنظر فيها عن بصر وبصيرة حتى إذا أصدر حكمه كان عنواناً للحقيقة واطمأن كل خصم أن أوجه دفاعه تصدي القاضي لها وطبق عليها النصوص القانونية التي تنظمها وخلص من كل ذلك إلى ما قضى به ، فإن كان هذا الإستخلاص سائغاً رضی الخصوم به وقبلوا هذا القضاء، أما إن تبين لهم وجود عيب في التسبيب طعنوا في الحكم.

عدم تسبيب الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات :

تنص الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أن «الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات لا يلزم تسبيبها ما لم تتضمن قضاء قطعياً ، مما مفاده أن المحكمة عندما تصدر حكماً بإجراء من إجراءات الإثبات ، كإحالة الدعوى إلى التحقيق أو باستجواب الخصوم أو بإلزام خصم بتقديم ورقة تحت يده أو بتوجيه اليمين أو بالإنتقال للمعاينة أو بندب خبير، فإنها لا تلتزم بتسبیب حكمها إكتفاء بالمنطوق.

أما إذا تصدت المحكمة لشق قطعي في الحكم الذي تصدره بإجراء من إجراءات الإثبات ، وجب عليها تسبيبه ، كما يجب عليها تسبيب الحكم إذا أبدى المدعى عليه دفاعاً بعدم القبول أو بعدم الإختصاص أو بإعتبار الدعوى كأن لم تكن لما يوجبه القانون في مثل هذه الحالة من التصدي للدفع أولا والحكم فيه بقضاء قطعي، فإن كان بقبول الدفع وقفت عند هذا الحد، وإن كان برفضه قضت بإجراء الإثبات بعد تسبيب الحكم للتصدي للدفع.

وإذا صدر الحكم في طعن ، وجب على المحكمة التي تنظر الطعن أن تفصل في الشكل بقضاء قطعي قبل أن تتصدى للموضوع، فإن رأت إصدار حكم بإجراء من إجراءات الإثبات المنوه عنها فيما تقدم، وجب عليها أن تفصل في شكل الطعن، فإن لم يكن مقبولاً ، قضت بسقوط الحق فيه أو بعدم قبوله أو بعدم جوازه حسب الأحوال ووقفت عند هذا الحد، أما إن كان . مقبولاً ، قضت بقبوله شكلاً وقبل الفصل في الموضوع باتخاذ إجراء الإثبات الذي خلصت إليه ، ويكون ذلك بقضاء مسبب لتضمن الحكم شق قطعي تمثل في قبول الطعن شکلاً ، بحيث إذا قصرت محكمة الطعن حكمها على المنطوق وحده دون أسباب بالرغم من تضمنه هذا الشق القطعي كان الحكم باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام لخلوه من الأسباب، والسبيل إلى تقرير هذا البطلان يكون عن طريق الطعن فيه ، فإذا إنقضى ميعاد الطعن حاز الحكم قوة الأمر المقضي وامتنع النعي عليه في هذا الشق بأي طريق كان وأصبح عنواناً للحقيقة لأن حجية الأحكام تسمو على إعتبارات النظام العام. على أن يكون الطعن بعد الحكم المنهي للخصومة عملاً بالمادة (212) من قانون المرافعات.

أما إذا كانت محكمة الطعن سبق لها أن قضت بحكم مسبب بقبول الطعن شكلاً وباتخاذ أحد إجراءات الإثبات، ثم رأت إصدار حكم بإجراء آخر، أو بذات الإجراء السابق إذا كان الحكم الصادر به قد سقط ، جاز لها أن تتصدر الحكم الجديد قاصراً على هذا الإجراء دون أن تتصدى للشكل إذا سبق أن أصدرت قضاء قطعيا فيه لا يمتد إليه السقوط، وحينئذ لا تثريب عليها إن هي لم تسبب الحكم الجديد لإنحصاره في إجراء من إجراءات الإثبات ، وإذا تزيدت في هذا الحكم غير المسبب وضمنته قضاء بقبول الطعن شكلاً ، فإن هذا التزين لا يبطل الحكم لوروده على قضاء قطعي سابق إستوفى مقومات صحته فلا يتسلط عليه ويعتبر القضاء اللاحق نافلة.  

وتسري هذه الأحكام سواء كانت محكمة الطعن محكمة إبتدائية أو إستئنافية ، فقد خص المشرع المحكمة الإبتدائية بنظر بعض الطعون الصادرة من لجان إدارية وإعتبرها محكمة طعن بالنسبة للقرارات التي تصدرها هذه اللجان، کالنص الوارد في قانون إيجار الأماكن الذي جعل من المحكمة الإبتدائية محكمة طعن في بعض القرارات.

تعديل الأسباب بعد النطق بالحكم

متى نطقت المحكمة بالحكم، أودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه وإمتنع إعطاء صور منها ولكن يجوز للخصم الإطلاع عليها لحين تحریر نسخة الحكم الأصلية والتوقيع عليها من رئيس الدائرة وحينئذ يجوز للخصوم طلب صور منها، فإذا تبين للمحكمة قبل توقيع النسخة الأصلية ، أن الأسباب تتطلب إيضاحاً لبعض العبارات الواردة بالمسودة أو رفعاً للتناقض شابها أو استكمالاً للأسباب القانونية أو الواقعية، كان لها الحق في تعديل الأسباب بما لا يتضمن إضافة تنال من المنطوق أو حذفاً يؤدي إلى القصور في الأسباب الواقعية أو تناقضاً لما يترتب على ذلك من بطلان الحكم وقد كان صحيحاً قبل تعديل الأسباب، ويكون السبيل إلى تصحيح ذلك بالطعن في الحكم. (أنظر بهذا المعنى نظرية الأحكام بند 50).

عيوب تسبيب الأحكام

عيوب التسبيب:

إذ أوجب المشرع أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة ، فإنه يكون قد ألزم القضاة ببيان الأسانيد التي يقيمون عليها قضاءهم دلالة على تمحيصهم طلبات الخصوم وأوجه دفاعهم وحتى يعلم المحكوم عليه بالأسباب التي أدت إلى خسارته للدعوى ويعكف على دراستها بحيث إن تبين لها صحتها قبل الحكم وإلا طعن فيه، وكما يترتب على الأسباب بث الطمأنينة لدى المتقاضين فإنها تعصم القضاء وتنأى به عن أي قول ويعجز محكمة الطعن عن مراقبة تطبيق القانون.

لذلك يجب أن تكون الأسباب كافية لحمل قضاء الحكم، فإذا شابها شائبة نالت منها تعدى ذلك إلى الحكم ذاته وأدت إلى بطلانه، ونتناول فيما يلي الشوائب التي تعيب التسبيب.

أولاً : القصور:

ينصرف القصور إلى تخلي المحكمة عن أهم واجباتها وهو تمحيص دفاع الخصم وفهم المراد منه ثم إنزال حكم القانون عليه ، سواء جاء هذا الدفاع بالمرافعة الشفوية أو المكتوبة أو بمستند دلل الخصم على ما تضمنه من دفاع، ولا يكفي أن تتصدى المحكمة لدفاع الخصم وإنما يجب أن تفهم مرماه حتی يكون ردها متمشياً مع واقع الدفاع، مثال ذلك أن يتمسك الخصم بصورية عقد البيع الصادر من مورثه لوارث آخر وبأنه يخفي وصية، ومؤدى هذا الدفاع أن البيع صادر حقيقة من المورث ولكنه في حقيقته مضاف إلى ما بعد الموت فيأخذ حكم الوصية، مما يوجب على المحكمة تحقيقه لمعرفة ما إذا كان البيع صدر منجزاً أم مضافاً إلى ما بعد الموت، وتقضي في الدعوى على هدى ذلك، فإن لم تحقق هذه الصورية وإكتفت بالقول بأن عقد البيع صادر من ، المورث واكتفت بذلك في رفض الدفع بالصورية ، فإن تسبيب الحكم فيما يتعلق بهذا الدفع يكون مشوباً بالقصور المبطل لتعلقه بأسباب الحكم الواقعة.

ويجب لتوافر القصور المبطل ، أن يكون الدفاع الذي أغفلت المحكمة الرد عليه أو ردت عليه دون أن تمحصه للوقوف على حقيقة مرماه ، جوهرياً مما قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن لم يكن الدفاع جوهرياً ، فإن إغفال المحكمة الرد عليه أو إذا أخطأت في فهمه وفي الرد عليه، لا يؤدي إلى بطلان حكمها، وتعتبر الأسباب المتعلقة بهذا الدفاع نافلة يستقيم الحكم بدونها، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير منتج ، مثال ذلك أن يتمسك الخصم بحكم لا حجية له في النزاع، كما لا يتوافر القصور إذا تمسك الخصم بدفاع ظاهر الفساد، كمن يستند إلى التملك بالتقادم القصير إستناداً إلى عقد بيع غير مسجل إذ يشترط في السبب الصحيح أن يكون مسجلاً ، ومن ثم إذا أغفلت المحكمة الرد على هذا الدفاع، فإن حكمها يكون بريئاً من شائبة القصور، كما ينتفى القصور عندما تطرح المحكمة دفاعا لم يقدم الخصم الدليل عليه.

وينحصر القصور المبطل في الأسباب الواقعية وهي التي تتعلق بوقائع النزاع على نحو ما تقدم، ومن ثم يخرج عن هذا النطاق القصور أو الخطأ في الأسباب القانونية إذ لمحكمة الطعن إستكمالها أو تصحيحها دون أن تمس الحكم المطعون فيه طالما إنتهى إلى النتيجة الصحيحة.

ويقتصر التمسك بالقصور على الخصم الذي أغفلت المحكمة الرد على دفاعه ومن ثم لا يجوز للخصم الآخر أن يتمسك بذلك.

بیان مواطن القصور

الطعن في الحكم بمثابة طلب مقدم لمحكمة الطعن لإجراء محاكمة للحكم ذاته ، وهو ما يتطلب بيان الأوجه التي تردى فيها الحكم، فإن تعلق الوجه بقصور الحكم، وجب بیان ماهية هذا القصور من واقع ورقة الحكم، حتی تتصدى المحكمة لهذا النعي وتقرر ما إذا كان هذا الوجه يتحقق به القصور من عدمه، وتلتزم محكمة الطعن بالرد على هذا الوجه إذا كان يتفق وصحيح القانون، أما إن كان ظاهر الفساد، فلا تكون المحكمة بحاجة إلى الرد عليه، فإن تعلق وجه القصور بدفاع جوهري، وجب أن يكون من شأنه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، وهو ما يتطلب من الطاعن أن يوضح ذلك فلا يكفي أن يورد الدفاع ويقرنه بأنه دفاع جوهري، إذ في هذه الحالة يكون نعيه مبهماً ومجهلاً.

الطلب أو الدفاع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه :

يجوز للخصوم تقديم الطلبات العارضة والدفوع وأوجه الدفاع، سواء شفها على أن تثبت في محضر الجلسة، أو بمذكرة قدمت قبل إقفال باب المرافعة ، ويجب حتى تلتزم المحكمة بالتصدي لهذه الطلبات أو أوجه الدفاع أن يقدمها الخصم أثناء المرافعة أو في فترة حجز الدعوى للحكم طالما كانت المحكمة قد صرحت بتقديم مذكرات، وأن تتضمن صراحة على وجه جازم يقرع سمع المحكمة كاشفاً عن المقصود منها، فلا تكفي في ذلك التقريرات القانونية، فالمدعي الذي يطلب إلزام المدعى عليهم بتنفيذ التزامهم بالتضامن فيما بينهم، يجب عليه أن يطلب ذلك صراحة على وجه جازم، بأن يطلب إلزام المدعى عليهم بدفع مبلغ التعويض الذي يقضي له بالتضامن فيما بينهم، فإذا إكتفى بسرد التقريرات القانونية بأن المسئولين عن الفعل الضار يكونون مسئولين بالتضامن فيما بينهم قبل المضرور، فهذه التقریرات لا يتوافر بها طلب التضامن، بحيث إن لم تقض المحكمة بالتضامن، فلا يكون قضاؤها مشوباً بالقصور.

الدفاع الجوهري:

الدفاع الجوهري ، هو الوجه الذي من شأنه لو تمسك به الخصم أن يتوافر الإحتمال بتغيير وجه الرأي في الدعوى، فليس من شأن الأخذ بهذا الدفاع أن يقضي على خلاف ما قضى به، وإنما قد يؤدي إلى تغيير وجه الرأي في الدعوى وقد لا يؤدي إلى ذلك، فتمسك المسئول في دعوى التعويض بأن الحكم الجنائي الصادر بإدانته لم يصبح باتاً وتقديمه شهادة من النيابة المختصة برفع طعن بالنقض في هذا الحكم وشهادة من محكمة النقض بأن الطعن لم يفصل فيه بعد، فهذا الوجه ينطوي على دفاع جوهري، فإن أخذت به المحكمة، وجب عليها وقف دعوى التعويض تعليقا على صدور حكم بات ، فقد أدى الأخذ بهذا الدفاع، إلى وقف الدعوى، فإذا صدر حكم النقض برفض الطعن، فإن الرأي بالنسبة للمسئولية لن يتغير، إذ يلتزم القاضي المدني بالحكم الجنائي وبالتالي كان يتعين عليه القضاء بالتعويض قبل إبداء الدفع ، وهذا الرأي لم يتغير حتى بعد الأخذ بالدفع طالما تحقق الخطأ ببیتوتة الحكم الجنائي، لكن إذا نقض الحكم وقضى بالبراءة أدى ذلك إلى تغيير وجه الرأي في الدعوى، إذ يترتب على ذلك رفض دعوى التعويض لإنتفاء ركن الخطأ ، يدل ذلك على أن الدفاع الجوهري لا يؤدي حتماً إلى تغيير وجه الرأي في الدعوى، ولكن قد يؤدي إلى ذلك.  

وطالما أن الدفاع الجوهري قد يؤدي إلى تغيير وجه الرأي في الدعوى ، فإن المحكمة يجب عليها أن تتصدى له إيراداً ورداً ، بحيث إن أغفلته أو أوردته دون أن ترد عليه بأسباب خاصة ، كان قضاؤها مشوباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع أما إن كان الدفاع غیر مؤثر، ولا يؤدي إلى تغيير وجه الرأي في الدعوى ، كان غير جوهري، فلا يعيب الحكم عدم التصدي له إيراداً ورداً.

وإعتبار الدفاع جوهرياً أو غير جوهري، من مسائل القانون التي تخضع فيها محكمة الموضوع لرقابة محكمة النقض، وإذا أغفلت محكمة الدرجة الأولى دفاعاً ورأت المحكمة الإستئنافية أنه غير جوهري، فلا تلتزم بالرد عليه بأسباب خاصة، وحينئذ يتضمن قضاؤها رفضاً ضمنياً له.

ويجب أن يكون الدفاع مقدما للمحكمة على نحو يقره القانون حتی تلتزم بالرد عليه، فقد يقدم شفاهة ويثبت في محضر الجلسة، وقد يقدم بمذكرة، وفي هذه الحالة يجب أن تكون المذكرة مقدمة بجلسة المرافعة، فإن قدمت في فترة حجز الدعوى للحكم، وجب أن يكون باب المرافعة مازال مفتوحاً وذلك بأن تصرح المحكمة بتقديم مذكرات خلال المدة التي تحددها لكل خصم، فإذا إنتهت المدة المحددة للخصم أقفل باب المرافعة بالنسبة له بحيث لو قدم مذكرة بعد إقفال باب المرافعة، إستبعدتها المحكمة حتى لو تضمنت دفاعاً جوهرياً، لكن إذا أعادت المحكمة الدعوى للمرافعة، أصبح هذا الدفاع مقدماً في الدعوى والتزمت المحكمة بالتصدي له، وإذا جاء الدفاع مذكرة ضمن عبارة أمرت المحكمة بمحوها. إمتد المحو للدفاع ولو كان جوهرياً.

الدفاع العاري عن الدليل :

الدفاع والطلب القضائي يقدمان للمحكمة للفصل فيهما، ويجب تقديم أي منهما صراحة وعلى وجه جازم يقرع سمعها، ولا يكفي ذلك لتتصدى لهما، وإنما يجب إقامة الدليل لإثبات الحق فيهما حتى لو تعلق الدفاع بالنظام العام، إذ لا تحل المحكمة محل صاحب الطلب أو الدفاع للتدليل على حقه فيه ، بحيث إن تخلى عن هذا الإثبات کان دفاعه عار عن الدليل، وبالتالي تلتفت عنه المحكمة بإعتباره مجرد قول مرسل لا تلتزم بتحقيقه.

عدم الرد على دفاع لا سند له من القانون:

الدفاع الذي لا يستند إلى سند من القانون، يكون دفاعاً ظاهر الفساد لا تلتزم المحكمة بالتصدي له إيراداً ورداً ، وحينئذ لا ينعي على قضائها بالقصور ، لأن مناط هذا النعي أن يؤسس الدفاع على نص قانوني يستمد منه الخصم الحماية لحقه بالوسيلة التي يراها، سواء تعلقت بطلب قضائي أو أوجه دفاع، فالمستأجر الذي يعترض على دعوى رجوع المؤجر بالأجرة، إستناداً إلى تملكه العين المؤجرة بالتقادم رغم إقراره بسداد الأجرة خلال مدة تقل عن خمس عشرة سنة، فإن هذا الدفاع يكون ظاهر الفساد ولا سند له من القانون، مما لا تلتزم المحكمة معه بالتصدي له، ولا ينطوي هذا الإغفال على قصور أو إخلال بحق الدفاع.

عدم التزام المحكمة بتعقب الخصم في كافة أوجه دفاعهم :

تلتزم المحكمة بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله ، وهي في هذا الصدد تمحص كل دفاع جوهري تضمنته المرافعة الشفوية أو المكتوبة أو دلل الخصم عليه بمستند تقدم به وكان منتجاً في الدعوى، ويترتب على الالتفات عن ذلك بطلان الحكم لقصوره في أسبابه الواقعية.

وليس معنى ذلك أن تلتزم المحكمة بتتبع كافة مناحي دفاع الخصم والرد عليه بأسباب خاصة ، وإنما يكفي أن تقيم المحكمة قضاءها على أسباب کافية لحملة مستمدة الأدلة عليه من مستندات الدعوى المؤدية إليه، ولا تثريب عليها بعد ذلك إن التفتت عن دفاع جاء بمذكرة أو بمستند قدم إليها طالما كانت الأدلة التي استندت إليها كافية لحمل قضائها، إذ يتضمن قضاؤها حينئذ الرد الضمني المسقط لهذا الدفاع.

ذلك أن المحكمة لا تلتزم إلا بالتصدي للدفاع الجوهري إيراداً ورداً ، بإعتبار أن من شأن هذا الدفاع تغيير وجه الرأي في الدعوى، أما أوجه الدفاع الأخرى التي لا تتضمن دفاعاً جوهرياً ، فلا تلتزم المحكمة بتعقبها والرد عليها، وفي إغفالها لها الرفض الضمني طالما أقامت قضاءها على أسباب كافية لحمله، دون أن ينعي على هذا القضاء القصور أو الإخلال بحق الدفاع، لأن هذا الحق لا ينشأ إلا إذا كان من شأن الدفاع تغییر وجه الرأي في الدعوى بما يتطلب أن يكون دفاعاً جوهرياً ، لأنه في هذه الحالة قد يؤثر على الحقوق المكتسبة للخصم فيسعى إلى حمايتها بالتمسك به.

ومناحي الدفاع التي لا تلتزم المحكمة بالتصدي لها إيراداً ورداً ، هي الأقوال التي تتضمن دفاعاً مرسلاً ليس من شأنه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى إذا أغفلته المحكمة، مثال ذلك القرائن الفاسدة، أما القرائن المؤثرة التي قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى، فإنها تنطوي على دفاع جوهري ومن ثم تلتزم المحكمة بالتصدي لكل منها.

الدعامات المتعددة :

تنصرف دعامات الحكم إلى الأدلة والقرائن، وللمحكمة أن تقيم قضاءها على دليل واحد يستقيم الحكم به، فإن لم تتوافر أدلة في الدعوى ، جاز للمحكمة أن تقيم قضاءها على عدة قرائن تستنبطها من الوقائع المطروحة عليها، وقد تكون هذه القرائن مستقلة أي لا تترتب إحداها على الأخرى ، وحينئذ إذا وجدت بينها قرينة فاسدة، إستقام الحكم لو كانت باقي القرائن صحيحة، أما إذا كانت هذه القرائن متساندة ، أي تترتب إحداها على الأخرى، فإن فساد إحداها يؤدي إلى فساد الحكم، لعدم توافر الدعامات التي تقيمه، وبالتالي يكون مشوباً بالقصور لخلوه من الأسباب الواقعية اللازمة الإقامة قضائه.

بطلان الحكم للقصور في أسبابه الواقعية :

تناولنا فيما تقدم ماهية أسباب الحكم الواقعية ، ببند «تحصيل فهم الواقع والقصور في الأسباب الواقعية»، وهي التي يجب أن تحيط المحكمة بها عن بصر وبصيرة، فإن جاءت قاصرة، أدى هذا القصور إلى بطلان الحكم لأنه في هذه الحالة لا يكون قد حسم النزاع لما يتطلبه ذلك من الوقوف على كل عنصر من عناصره والتصدي له، فإن أغفلت المحكمة أي من هذه العناصر التي تمثل الواقع في النزاع، فإنها تكون قد قصرت في تحصيله ویکون قضاؤها مشوباً بالقصور في فهم الواقع وهو ما يجره إلى عدم الفصل في النزاع المطروح، فيبقى النزاع معلقاً وكأن لم يصدر فيه حكم، ولذلك يكون الحكم المشوب بالقصور في أسبابه الواقعية حكماً باطلاً .

والسبيل إلى تصحيح هذا البطلان يكون بالطعن فيه، فإن كان إبتدائياً وجب الطعن فيه بالإستئناف حتى لو كان صادراً في حدود النصاب الإنتهائي للمحكمة عملاً بالمادة (221) من قانون المرافعات.

والبطلان المبني على القصور في الأسباب الواقعية متعلق بالنظام العام مما يوجب على المحكمة الإستئنافية التصدي له من تلقاء نفسها، وسواء تصدت له من تلقاء نفسها أو تضمنته صحيفة الإستئناف، فإن المحكمة الإستئنافية يجوز لها أن تقضي ببطلان الحكم صراحة بالنص على بطلانه في المنطوق، أو تقضي ببطلانه ضمنا دون النص على ذلك في المنطوق إكتفاء بتضمين أسباب حكمها قصور الحكم المستأنف في تحصيل الأسباب الواقعية، ويجب عليها في الحالتين أن تقيم قضاءها على أسباب خاصة بها، دون أن تحيل إلى أسباب الحكم المستأنف وإلا أمتد البطلان إلى قضائها. على ما أوضحناه بالمادة (221) بند «التصدي للبطلان».

أما القصور في أسباب الحكم القانونية فلا تؤدي إلى بطلانه ، إذ تتداركها المحكمة التي تنظر الطعن، على ما أوضحناه فيما تقدم.

ثانياً : الفساد في الاستدلال :

تتحقق شائبة الفساد في الإستدلال عندما تستخلص المحكمة نتيجة معينة من واقعة ليس من شأنها أن تؤدي إليها إلا إحتمالاً إذ قد تسفر تلك الواقعة عن هذه النتيجة وقد لا تسفر عنها، وتقيم المحكمة قضاءها على هذا الإستخلاص وهو إستخلاص فاسد، بينما كان يجب عليها أن تقيم هذا القضاء على القطع واليقين وعلى أسباب لا تقبل التأويل وإلا كان قضاؤها مشوباً بالبطلان لفساده في الإستدلال.

فيكون الحكم مشوباً بالفساد فى الإستدلال إذا إنطوت أسبابه على عيب ينال من سلامة الإستنباط ويتحقق ذلك عندما تستند المحكمة في إقتناعها إلى أدلة غير صالحة من ناحية الواقع للإقتناع بما خلصت إليه، أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي خلصت إليها، أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي خلصت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر.

وتظل هذه الشائبة عالقة بالحكم عند الطعن فيه، بحيث إن رجح الإحتمال الذي غلبته المحكمة، زالت الشائبة وترتب على ذلك تأييد الحكم، أما إن لم يرجح هذا الإحتمال وأقام الطاعن الأدلة على ما يخالفه، كان الحكم مشوباً بالفساد فى الإستدلال خليق بالإلغاء.

ومتى نعي على الحكم الفساد في إستدلال، تعين على الطاعن إقامة الدليل على نعيه بطرق الإثبات المقررة قانوناً وتلتزم المحكمة بتمكينه من هذا الإثبات ، ولها من تلقاء نفسها أن تأمر بالتحقيق أو تندب خبيراً لإستجلاء وجه الحق. مثال ذلك أن يرفع المؤجر دعوى إخلاء لعدم الوفاء بالأجرة وعندما يقضي برفضها يطعن في الحكم ويستند إلى سبب جديد لطلب الإخلاء ينصرف إلى التنازل عن الإيجار، وترفض محكمة الإستئناف هذا السبب قولاً بأن المؤجر لم يتمسك به أمام محكمة الدرجة الأولى، مما يجعل حكمها مشوباً بالفساد في الإستدلال إذ تكون قد إستخلصت نتيجة مؤداها عدم التنازل عن الإيجار من واقعة لا تؤدي إليها إلا إحتمالاً وهي عدم تمسك المؤجر بهذا التنازل أمام محكمة الدرجة الأولى، لأنه لو كان قد تمسك بذلك وتمكن من إثباته لقضي بالإخلاء أما إن لم يتمكن لقضي برفض الإخلاء ومن ثم فإن رفض الإخلاء ما كان إلا إحتمالاً.

وإذا طعن على عقد بالصورية تعين على المحكمة أن تستدل على صوريته أو عدم صوريته من أدلة مستقلة عنه تشهد عليها، فإن هذه خلصت إلى عدم صوريته من واقع بنوده، كان حكمها مشوباً بالفساد فى الإستدلال.

ثالثاً: المسخ :

يتعلق المسخ بتفسير المحكمة لما تضمنته نصوص المستندات المقدمة في الدعوى بحيث إذا فسرتها على عكس دلالتها، كان ذلك مسخاً لها، والمسخ في اللغة هو التحويل، فتحویل المعنى إلى غير المراد منه، يعتبر مسخاً، مثال ذلك أن يعلق العقد على شرط فاسخ مما مؤداه إنفساخ العقد بتحقق الشرط ، ومع ذلك تفسره المحكمة على أنه شرط واقف وتلزم الخصم بتنفيذ العقد وترفض فسخه.

رابعاً : التناقض :

يتحقق التناقض في الأسباب عندما تتضمن إتجاهين متضادين بحيث يتفق أحدهما مع المنطوق الذي يعتبر مبنياً على هذا الإتجاه ولا تقوم له قائمة بدونه بينما يكون الإتجاه الآخر مناقضاً ومغايراً تماماً الإتجاه الأول، بحيث إذا إقتصرت الأسباب على الإتجاه الآخر لكانت منبتة الصلة بالمنطوق وليس من شأنها إقامته بل على العكس تؤدي إلى منطوق مضاد لمنطوق الحكم، ويترتب على تناقض الأسباب بعضها مع البعض الآخر أن تتماحی مما يوجب طرحها وإستبعادها ويصبح الحكم خلواً من الأسباب، إذ يتعذر معرفة أي من الإتجاهين بني عليه الحكم الذي يجب أن يدل بذاته على صحة أسبابه ومن ثم يمتنع على الخصم الذي صدر لصالحه أن يطلب الإكتفاء بالأسباب التي تقيم المنطوق وإستبعاد الأسباب التي تناقضه، وليس للمحكمة الإستئنافية ذلك إذ يتعين عليها القضاء ببطلان الحكم المستأنف دون أن تحيل إلى أسبابه لتقيم قضاءها على أسباب خاصة بها وتفصل في الدعوى من جديد، وإن كان قضاؤها يتفق مع منطوق الحكم المستأنف فإنها لا تقضي بتأييده لأن الحكم الباطل عدم فلا يرد عليه تأييد، وإنما تصدر المحكمة الإستئنافية حكماً مستقلاً متضمناً الأسباب التي بني عليها والمنطوق الذي خلصت إليه، كذلك إذا كانت المحكمة الإستئنافية خلصت إلى منطوق يخالف منطوق الحكم المستأنف فإنها لا تقضي بإلغائه إكتفاء بالقضاء ببطلانه وتصدر حكماً مستقلاً متضمناً الأسباب التي بني عليها والمنطوق الذي خلصت إليه.

ولا يتحقق التناقض إلا إذا كان قائماً بين الأسباب المرتبطة بالمنطوق إرتباطاً وثيقاً بحيث لا تقوم له قائمة بدونها، فإذا توافر ذلك بالنسبة لبعض الأسباب وكانت كافية وحدها لإقامة المنطوق ، فلا ينال من الحكم تناقضها مع البعض الآخر من الأسباب الزائدة التي لو إستبعدت لاستقام الحكم بدونها.

ويتحقق التناقض عندما تتجه الأسباب إلى ما يخالف المنطوق بحيث يتعذر إقامة المنطوق على هذه الأسباب، أما إذا تعارض المنطوق مع بعضه، وجب تدارك ذلك بالطعن في الحكم بإلتماس إعادة النظر وفقاً للمادة (241/ 6) من قانون المرافعات.

ولا يترتب البطلان الوقوع تعارض بين الأسباب ومحضر الجلسة ، إذ يعتد  في هذه الحالة بما جاء بأسباب الحكم.

التناقض مع الأسباب الزائدة :

الأسباب الزائدة، هي أسباب نافلة لا حاجة للحكم إليها، إذ يستقيم بدونها، ويمكن الإستدلال عليها، بأنها لو إستبعدت، ظل المنطوق قائماً على أسباب الحكم الأخرى، أما إذا تبين أن المنطوق يقوم عليها ويستند إليها بحيث إذا إستبعدت تعذر معرفة الأساس الذي يقوم عليه المنطوق، كانت هذه الأسباب مكملة للمنطوق ولا غنى عنها لإقامة الحكم، وبالتالي أسباباً أصيلة وليست زائدة وهي التي يتماحي الحكم إذا وقع تناقض فيها، إذ يتعذر في هذه ، الحالة معرفة أي من أجزاء الأسباب هي التي أقام الحكم عليها قضاءه، إذ يؤدي هذا التناقض إلى أن يقين المحكمة قد إستقر على ما يخالف ما تضمنه منطوق الحكم، وبالتالي يتناقض المنطوق في الشق الآخر من الأسباب التي تتعارض مع شقها المؤيد للمنطوق، وهو ما يؤدي إلى تماحي الأسباب ، أما إن كان شق الأسباب التي تتعارض مع المنطوق ، يستقيم المنطوق بدونها، فإنها تكون أسباب زائدة لا حاجة للحكم إليها ويستقیم بدونها وبالتالي لا يؤدي تناقضها مع شق آخر من الأسباب أو مع المنطوق إلى تماحي الأسباب، وهو ما يحول دون التمسك بها للنعي على الحكم.

خامساً : الخطأ في تطبيق القانون :

تتحقق شائبة الخطأ في تطبيق القانون عندما يحدد المشرع نطاقاً معيناً لسريان النص القانوني فتتجاوزه المحكمة عند تطبيق النص على واقعة النزاع، وهي بذلك تخضع لرقابة محكمة النقض بإعتبار أن هذا التجاوز من مسائل القانون. مثال ذلك أن المشرع وضع نصوص إكتساب الملكية بالتقادم الطويل وحدد نطاقها بشروط متعلقة بالحيازة فأوجب أن تكون بنية التملك وأن ترد على عقار مما يجوز تملكه بوضع اليد، وأن تكون هادئة ظاهرة مستمرة مدة خمس عشرة سنة دون إنقطاع ، ومن ثم يجب على المحكمة وهي بصدد تطبيق تلك النصوص أن تتحقق من توافر كل هذه الشروط على النزاع المطروح وأن تفسر كلا منها التفسير الذي يتفق ومراد المشرع، فإن هي أخطأت في شيء من ذلك، كان حكمها مشوباً بالخطأ فى تطبيق القانون، وتخضع في ذلك لرقابة محكمة النقض، بحيث إذا توافرت هذه الشائبة أو جاءت الأسباب مبهمة مما يحول دون محكمة النقض ومراقبة تطبيق القانون، وجب نقض الحكم، و شائبة الخطأ في تطبيق القانون التي تعيب الحكم هي التي يبنى المنطوق على أساسها متى كان غير صحيح وإلا كانت من التقريرات القانونية التي لا تكتسب حجية وتكون نافلة.

سادساً : مخالفة القانون :

يجب على المحكمة أن تلتزم بأحكام القانون الموضوعية والإجرائية عندما تتصدى للنزاع، فإن خالفتها كان حكمها مشوباً بمخالفة القانون، فإذا رفعت دعوى بصحة ونفاذ عقد ، وطعن فيه بأنه يخفي وصية ، تعين على المحكمة أن تفصل في هذا الطعن وتنزل بالعقد تكييفه الصحيح سواء كان بيعاً أم وصية لتطبق عليه الأحكام القانونية التي تتفق وهذا التكييف ثم تقضي بصحته ونفاذه سواء بإعتباره بيعاً أو وصية ، فإن خالفت ذلك وقضت بصحته ونفاذه قولاً بإتساع التركة لنفاذه في الحالين، كان حكمها مشوباً بمخالفة القانون متى صدر المنطوق مستنداً إلى تلك المخالفة وكان غير صحيح، أما إن لم يكن لها تأثير في المنطوق، إمتنع النعي على الحكم بسببها وكان لمحكمة النقض تصحيح الأسباب القانونية الخاطئة ما لم تكن نافلة.

سابعاً : مخالفة الثابت في الأوراق :

يجب على المحكمة عند إصدار الحكم، الإطلاع على أوراق الدعوى ومستنداتها للقضاء وفقاً لما تضمنته من أدلة وإقرارات، وينصرف لفظ الأوراق لكل ما يقدم فيها من مستندات ومذكرات ومن تقارير الخبراء وما يثبت بمحاضر الجلسات، وتتوافر الشائبة أن أغفلت المحكمة الإطلاع على الأوراق وقضت على خلاف الثابت فيها، أو إذا اطلعت عليها ونأت في تفسير ما تضمنته عن مدلولها الصحيح مخالفة بذلك القواعد المقررة في تفسير العقود والمحررات.

كما يجب على المحكمة أن تقيم قضاءها على الأدلة المقدمة لها بحيث إن أقامت هذا القضاء على واقعة لا دليل عليها،. كان حكمها مشوباً بمخالفة الثابت في الأوراق.

ثامناً : الإبهام والغموض :

يكون الحكم مشوباً بالإبهام والغموض عندما تكون أسبابه خالية من الأسس التي من شأنها إقامة المنطوق وهو ما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون كما يحول دون المحكوم عليه ومعرفة الأسباب التي أدت بالحكم عليه ، فقد تستند المحكمة في إلزام المدين بدفع الدين المطالب به إلى قولها بأنه قد عجز عن إثبات براءة ذمته دون أن تدلل على قيام الإلتزام ومدى مسئولية المدين عن تنفيذه.

تاسعاً : الإخلال بحق الدفاع :

كفل الدستور حق الدفاع للكافة ، والقضاء هو المنوط به صيانة الحقوق ، بما في ذلك هذا الحق، في الحدود التي قررها القانون، وقد يستعمل الخصم هذا الحق في مرافعته الشفوية أو المكتوبة دون قيد عليه في ذلك من المحكمة إلا أن يخرج عن مضمون هذا الحق بأن يبتعد في مرافعته عن الموضوع محل النزاع والذي يجب أن ينحصر دفاعه فيه ، بحيث إن خرج عن نطاقه، ونبهته المحكمة إلى ذلك طالبة منه الإلتزام بنطاق النزاع، فلا تكون بذلك قد أخلت بحقه فى الدفاع.

ويجب على المحكمة أن تمكن الخصم من إبداء أوجه دفاعه، فلا تتصدی للدعوى في غفلة منه رغم إبداء أوجه دفاع من الخصم الآخر، فقد تحجز المحكمة الدعوى للحكم وتصرح للخصوم بتقديم مذكرات في مدة تجعلها مناصفة بينهم، فيتقدم الخصم الذي تنتهي بالنسبة له المدة المحددة بمذكرة يضمنها طلباً عارضاً ، ففي هذه الحالة، يجب على المحكمة أن تعيد الدعوى للمرافعة لتمكن الخصم الآخر من تقديم أوجه دفاعه المتعلقة بهذا الطلب ، فإن لم تفعل وتصدت للطلب ، كان قضاؤها مشوباً بالإخلال بحق الدفاع ، وأيضاً إذا قبلت مذكرة في تلك الفترة دون إطلاع الخصم عليها.

وإذا قدمت دفوع شكلية وحجزت المحكمة الدعوى للحكم فيها، وجب عليها ألا تتصدى للموضوع وإلا كان قضاؤها مشوباً بالإخلال بحق الدفاع.

ويبين من مدونات هذا المبدأ أن وفاة والد الطاعن قد حدثت قبل أن تتهيأ الدعوى للحكم في موضوعها إلا أن أحداً لم ينبه المحكمة إلى ذلك بالجلسة التالية للوفاة ، فقررت التأجيل لإعلان من لم يحضر من الخصوم بقرار تحديد جلسة لنظر الموضوع بعد الحكم في الطعن بالتزوير، فحضر الطاعن وقدم شهادة بوفاة والده وطلب الحكم بإنقطاع سير الخصومة فلم تستجب له المحكمة ولم يثبت لها وجود ورثة غيره، فإن الدعوى تستأنف سيرها بهذا الحضور مما يحول دون إنقطاعها وهو ما أدى بالمحكمة إلى حجزها للحكم وصرحت للطاعن بتقديم مذكرة فاقتصر فيها على الحكم بإنقطاع سير الخصومة بالمخالفة النص المادة (133).

الجزاء المترتب على عيوب التسبيب :

يجب أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة، ويمتد هذا البطلان إلى الأحكام المشوبة بالقصور في التسبيب أو بالتناقض الذي تتماحی به أسباب الحكم فلا يعرف على أي أساس أقام قضاءه، أو بالإيهام والغموض والنقص في الأسباب الواقعية أو الخطأ فيها.

أما عيوب التسبيب الأخرى، مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله . ومخالفة الثابت في الأوراق، إذا بنی المنطوق على الأسباب المتعلقة بها، فلا يترتب عليها البطلان إنما تكون من أسباب النعي على الحكم.

ويترتب على ذلك أن الأحكام المشوبة بالبطلان يجوز إستئنافها ولو كانت صادرة بصفة إنتهائية عملاً بالمادة (221) بينما لا يجوز ذلك بالنسبة للأحكام المشوية بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ تخضع للقواعد العامة المقررة في الإستئناف.

والبطلان المترتب على عيوب التسبيب ليس متعلقاً بالنظام العام ومن ثم لا يجوز التمسك به إلا لمن تقرر المصلحته من الخصوم وليس المحكمة الإستئناف التصدي له من تلقاء نفسها ولا يستقيم حكمها إلا إذا أقامته على أسباب خاصة بها دون الإحالة لأسباب الحكم المستأنف وإلا كان مشوباً بدوره بالبطلان لإستناده إلى حكم باطل.

أما محكمة النقض ، فقد خصها المشرع بمراقبة صحة تطبيق القانون فإن تعذر عليها ذلك لقصور الأسباب أو إبهامها أو عدم بيان الأسانيد التي أقام عليها الحكم قضاءه، نقضت الحكم من تلقاء نفسها.

ومتى كان الحكم مشوباً بالقصور المبطل، وجب على المحكمة الإستئنافية التصدي لهذا البطلان إذا تمسك المستأنف به لتقضي به وهو ما يحول دونها والإحالة إلى أسباب الحكم المستأنف أو القضاء بتأييده أو إلغائه أو تعديله إذ لا يرد ذلك على حكم باطل، وإنما يجب عليها أن تقيم قضاءها على أسباب خاصة بها وتفصل في الدعوى من جديد بعد أن إستنفدت محكمة الدرجة الأولى ولايتها بإصدار الحكم الباطل.

ويتقرر البطلان عن طريق الطعن في الحكم بحيث إذا حاز قوة الأمر المقضي حاز حجية مطلقة وإمتنع طلب بطلانه بدعوى مبتدأة لأن حجية الأحكام تسمو على إعتبارات النظام العام عندما يتصل بطلانه بهذا النظام.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء : الرابع ، الصفحة : 211)

 

يوجب القانون في المادة 174 تسبيب الأحكام وإلا كانت باطلة ويلزم ذلك أيا وكانت المحكمة التي أصدرتها وسواء أكانت قطعية أما الأحكام غير القطعية الصادرة باتخاذ إجراءات الإثبات فلا يلزم تسبيبها ما لم تتضمن قضاءً قطعياً وذلك عملاًَ بالمادة 5 من قانون الإثبات ولأن النطق بها يفصح في ذاته عن سبب إصدارها . والأسباب تشمل الحجج القانونية والأدلة الواقعية التي بني عليها الحكم ولتسبيب الحكم الفوائد الآتية :

(1) أنه يحمل القاضي علي العناية بحكمه وتقضي العدالة في قضائه فيكون الحكم نتيجة أسباب معينة واضحة ومحصورة أسفر عنها تمحيص مزاعم الخصوم ووزن ما إستندوا إليه من أدلة واقعية وحجج قانونية .

(2) إقناع الخصوم بعدالة الأحكام حتى تنزل من نفوس المتقاضين منزلة الإحترام .

(3) التمكين من ممارسة الرقابة التي قررها القانون على أعمال القضاة وأخصها رقابة محكمة النقض على سلامة تطبيق القانون وتفسيره. (الوسيط في المرافعات للدكتور رمزي سيف الطبعة الثامنة ص 672).

ومما هو جدير بالذكر أن أعمال القضاة تختلف لزوم تسبيبها ، ومن حيث مدى هذا التسبيب إذ تختلف في هذا الصدد الأحكام القضائية عن الأعمال الولائية عن الأعمال اللازمة لتيسير الخصومة ، كما تختلف الأحكام القطعية عن أحكام الإثبات التي تختلف بدورها تبعاً لما إذا كانت قد اقتصرت علي الأمر بإتخاذ إجراء من إجراءات الإثبات أم قضت برفض طلب إتخاذه أو قضت برفض العدول عن إتخاذ الإجراء ، أو برفض الأخذ بنتيجته (كمال عبد العزيز الطبعة الثالثة الجزء الأول ص 997).

وبالنسبة للأعمال الولائية فإنه وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 195 مرافعات لا يلزم تسبيب الأمر علي عريضة إلا إذا كان مخالفاً لأمر سابق فعندئذ يجب ذكر الأسباب التي إقتضت إصدار الأمر الجديد وإلا كان باطلاً ، سواء صدر الأمر السابق من القاضي نفسه أو من غيره وسواء علم به القاضي أم لم يعلم وسواء كان الأمر السابق صادراً بالموافقة الكلية أو الجزئية ولكن لا يلزم تسبيب الأمر الجديد إذا كان الأمر سابق صادراً بالرفض.

وبالنسبة للأحكام والقرارات المتعلقة بسير الخصومة من حيث وجوب التسبيب والإعفاء منه فإن الأمر يختلف تبعاً لما إذا كانت سلطة المحكمة إزاءها مقيدة أو مطلقة أو تقديرية مقيدة إذ في الحالة الأول حيث تنعدم سلطة القاضي في تقدير كما هو الشأن في وقف الدعوى بقوة القانون لتقديم طلب رد القاضي أو إعادة الدعوى للمرافعة لوفاة أحد القضاة أو حالة النزاع إلى محكمة أخرى لقيام نفس الخصومة أمامها فلا تكون المحكمة ملزمة بتسبيب حكمها إذ تنحصر مهمة القاضي في مجرد التعبير عن إرادة القانون وكذلك في الحالة الثانية حيث يكون القاضي سلطة تقديرية مطلقة فلا يلزم تسبيب الحكم مادام هو قد استعمل سلطة خولها له القانون على نحو مطلق لا يخضع للرقابة بما تنتفي معه الحكمة من التسبيب مثال ذلك سلطة القاضي في إلزام كل من الخصمين بالمصاريف في حالة إحقاق كل منهما في بعض الطلبات عملاً بالمادة 186 مرافعات وسلطته في تقدير النفقة الوقتية والحكم بشأن قبول الطلب العارض في غير الحالات التي يلزمه فيها القانون بقبولها وكذلك رفض منح المدين مهلة للوفاء بالتزامه أما الحالة الثالثة حيث يكون القاضي سلطة تقديرية ولكنها ليست مطلقة أو غير كاملة فإنه يتعين تسبيب الحكم.

وعملاً بالمبادئ المتقدمة فإن المحكمة لا تلتزم بتسبيب القرار الذي تصدره بحجز الدعوى للحكم سواء صرحت بتقديم مذكرات أو لم تصرح وسواء وافق الخصوم كلهم أو بعضهم علي ذلك أو عارضوا وبالنسبة لإعادة الدعوى للمرافعة بعد حجزها للحكم فقد بينا في شرح المادة 173 مرافعات أن هذا النص وإن كان قد أوجب على المحكمة أن تسبب قرارها إلا أن مخالفته لا يترتب عليه أي بطلان.

وإذا تقدم أحد الخصوم أثناء فترة حجز الدعوى للحكم بطلب إعادة الدعوى للمرافعة ورفضته المحكمة سواء كان الرفض صريحاً أم ضمنياً كالتأشير عليه بإرفاقه بملف الدعوى فإن المحكمة لا تلتزم بتسبيب هذا القرار غير أنه إذا أرفق أحد الخصوم بطلبه مستندات وكانت المحكمة قد صرحت بتقديمها في فترة حجز الدعوى للحكم وكان من شأنها أن تجعل إعادة الدعوى للمرافعة ضرورياً تعين على المحكمة إذا رفضت الطلب إعلان سبب قرارها.

 وإذا صدرت المحكمة قرارها بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لقيام نفس النزاع أمام المحكمة المحال إليها عملاً بالمادة 112/1 مرافعات فلا يلزم تسبيب هذه القرار، أما صدور قرار الإحالة بسبب الإرتباط عملاً بالفقرة الثانية من ذات المادة فإنه واجب تسبيبة لأن تقرير الإرتباط الذي يقتضي الخروج على القواعد المألوفة في الإختصاص أو في طرق الطعن كما هو الشأن في الإختصاص بالطلبات العارضة أو الإضافية أو بإعتبار خاص بالدعوى هو قاضي الدفع مما يوجب بوجه عام تسبيبه . ( كمال عبد العزيز في طبعته الثالثة الجزء الأول ص 1012).  وبالنسبة للحكم الصادر بوقف الدعوى فإنه يتعين التعرض لكل حالة من حالات الوقف الثلاثة على حدة :

أولاً : بالنسبة الوقف التعليقي المنصوص عليه في المادة 129 مرافعات فإنه يتعين تسبيب الحكم الذي قضى به حكم قطعي يجوز حجية الأمر المقضي ولا يجوز العدول عنه كذلك يتعين تسبیب رفض إجابة هذا الطلب على النحو الذي أوضحناه في شرح المادة 129.

أما تسبيب الحكم الصادر بالوقف الجزائي فقد أختلف الفقه في شأنه فذهب رأي إلى عدم لزوم تسبيبه إستناداً إلى سلطة المحكمة في شأنه مطلقة إذ تملك القضاء به ولو إعترض المدعي عليه ( تسبيب الأحكام للدكتور عزمي عبد الفتاح ص 174) بينما ذهب رأي آخر إلي لزوم تسبيبه لأن المحكمة لا تستطيع القضاء به عند إعتراض المدعى عليه. ( الدكتور أبو الوفا في نظرية الأحكام بند 120 والأستاذ كمال عبد العزيز الجزء الأول ص 1013) ونحن نؤيد الرأي الثاني خصوصاً أن المادة 99 مرافعات بعد تعديلها بالقانون 23 لسنة 1992 أوجبت الحكم بإعتبار الدعوى كأن لم تكن جزاء عدم تعجيل السير فيها بعد الوقف خلال ثلاثين يوماً أو جزاء عدم تنفيذ ما أمرت به المحكمة وهو جزاء خطير ويوجب أن تتضمن أسباب الحكم بالوقف تحديد ما أمرت به المحكمة ولم يقم به المدعي .

ويبقي بعد ذلك الوقف الإتفاقي المنصوص عليه في المادة 128 مرافعات فقد ذهب الرأي السائد في الفقه أن الحكم الصادر به لا يلزم تسبيبه لأن المحكمة تقضي به بناء على طلب طرفي الخصومة وبالتالي لا يجوز الطعن عليه .(عزمي عبد الفتاح في تسبيب الأحكام ص 175 وإبراهيم سعد في القانون القضائي الخاص الجزء الأول بند 392 ونظرية الأحكام لأبو الوفا بند 253).

بينما نادي الرأي الأخر بأن الحكم بالوقف الاتفاقي يقبل الطعن على إستقلال عملاً بعموم نص المادة 212 مرافعات ، ومن ثم يتعين تسبيبه حتى يمكن المحكمة الإستئناف أن تبسط رقابتها على سلامته . ( كمال عبد العزيز الجزء الأول ص 1014) ونحن من أنصار الرأي الأول لأن إتفاق الخصومة على الوقف بمثابة قبول ضمني للحكم الصادر به وبالتالي يمتنع عليهم الطعن عليه فضلاً عن أنه لأي من الخصوم في الوقف الإتفاقي أن يطلب السير في الدعوى قبل إنتهاء المدة المتفق على وقف الدعوى فيها.

والقرار الصادر بشطب الدعوى حسبما أفصحت عنه المادة 82 مرافعات هو قرار وليس حكماً ومن ثم لا يلزم تسبيبه.

وقد ذهب رأي إلي عدم لزوم تسبيب القرار الذي تصدره المحكمة بإثبات ترك الخصومة أو التنازل عن إجراء من إجراءاتها وحجته في ذلك أن ما يصدر من القاضي في هذا الشأن ليس حكماً وليس له دور فيه حيث يتقرر الأثر بإرادة ذوي الشأن . (عزمي عبد الفتاح في تسبيب الأحكام ص 176).

ولكننا نؤيد الرأي الآخر الذي يفرق بين الترك والتنازل عن الإجراء أو الورقة فبالنسبة للأجراء الثاني وهو المنصوص عليه في المادة 144 مرافعات فإن الإجراء ينتج أثره بمجرد إعلان صاحب الشأن عن إرادته في النزول ولا يلزم أن يصدر بذلك حكم أو قرار إذ أن صاحب الشأن متى نزل عن الإجراء أو الورقة وقع نزولاً باتاً أما ترك الخصومة المنصوص عليه في المادة 141 مرافعات فهو لا يقع إلا بحكم المحكمة التي يتعين عليها بحث ما إذا كانت قد توافرت فيه الشروط القانونية أم لا ومن ثم يلزم تسبيبه . ( كمال عبد العزيز الجزء الأول الطبعة الثالثة ج 1014) ونحن من أنصار هذا الرأي.

 ونظراً لأن انقطاع سير الخصومة يقع بقوة القانون عملاً بالمادة 130 مرافعات  وبالتالي فإن الحكم به لا يعدو تقريراً لحكم القانون وبالتالي لا يلزم تسبيبه.

وقد ثار خلاف بين الشراح فيما إذا كان الحكم الذي يصدر بسقوط الخصومة أو إنقضائها يلزم تسبيبه أم لا فاتحة الرأي الأول إلي عدم لزوم ذلك لأن أثر السقوط أو الإنقضاء يترتب بقوة القانون متى تمسك به صاحب الشأن ولا يكون للقاضي سلطة تقديرية في هذا الشأن . ( عزمي عبد الفتاح في تسبيب الأحكام ص 177) بينما نادي الرأي الثاني بلزوم تسبيب الحكم بالسقوط والإنقضاء لأن الأمر لا يقتصر على المحكمة لا تملك سلطة تقديرية عند توافر شروطها ، وإنما يسبق ذلك النظر في مدي توافر هذه الشروط بحيث إذا لم تتوافر أمتنع القضاء بالسقوط أو الإنقضاء . ( كمال عبد العزيز الجزء الأول ، الطبعة الثالثة ص 1014) وهذا الرأي هو الذي يتفق وصحيح القانون.

والحكم بإلزام من خسر الدعوى بمصاريفها يفصح بذاته عن أسبابه ومن ثم لا يلزم تحرير أسباب له كما أن الحكم بتقسيم المصاريف عملاً بالمادة 186 مرافعات لا يلزم تسبيبه لأن المحكمة تتمتع في هذا الصدد بسلطة تقديرية كاملة.

ومن المقرر أن الإعفاء من تسبيب الحكم المنصوص عليه في الفقرة الأولي من المادة الخامسة من قانون الإثبات لا يسري على الأحكام الصادرة من قاضي الأمور المستعجلة بندب خبير لإثبات الحالة عملاً بالمادتين 133 ، 134 من قانون الإثبات ، أو سماع شاهد وفقاً للمادة 96 من القانون نفسه إذ أن هذه الأحكام تقيد القاضي الذي أصدرها وتلزم الخصم في الدعوى التي صدر فيها.

 أثر الحكم :

الحكم الصادر في النزاع على حق من الحقوق إذ يفصل في هذا النزاع لا ينشئ للمحكوم له حقاً وإنما يقرره ولذلك يقال أن الحكم مقرر للحق وليس منشئاً له فالحكم للدائن بدين علي مدينة لا ينشئ حق له قبل المدين وإنما هو يقرر حقاً كان موجوداً من قبل صدور الحكم ، والحكم بالملكية لشخص في نزاع عليها بينه وبين آخر لا ينشئ حق ملكية للمحكوم له وإنما يقرر حق الملكية الذي كان موجوداً من قبل وينبني على هذا أن الحق المحكوم به يبقى بعد الحكم به مستنداً إلى سببه الأصلي ومحتفظاً بخصائصه وما كان له من تأمينات بيد أنه إذا كان الحكم لا ينشئ الحق للمحكوم له وإنما يقرره فحسب فإنه ينشئ مزايا لم تكن له قبل صدور الحكم أهمها :

(1) تأكيد الحق بقطع النزاع فيه ومنع المحكوم عليه من تجديده في المستقبل .

(2) أن الحق المحكوم به لا يسقط إلا بمضي خمس عشرة سنة ولو كان أصلاً من الحقوق التي تسقط بمدة أقصر .

(3) يخول الحكم للمحكوم له أن ينفذ بحقه تنفيذاً جبرياً على المحكوم عليه .

وإذا كان الأصل في الأحكام أنها مقررة للحقوق فإن من الأحكام ما هو منشی لها خلافاً للأصل العام وذلك إذا كان من شأن الحكم أن ينشئ حالة جديدة لم تكن قائمة قبل صدوره مثال ذلك الحكم بإجراء تحفظي كالحكم بتعيين حارس قضائي والحكم بالطلاق والتفريق بين الزوجين. الأحكام المنشئة للحقوق لا تقوم آثارها من تاريخ صدور الحكم ، أما الأحكام المقررة للحقوق فترتد أثرها إلى ما قبل ذلك . ( مرافعات رمزي سیف الطبعة الثامنة بند 508 ) .

في حالة قيام تعارض بين الحكم وبين ما أثبت بمحضر الجلسة فالعبرة بما ورد بالحكم :

من المقرر أنه في حالة قيام تعارض بين الحكم و بين ما أثبت بمحضر الجلسة فالعبرة بما ورد بالحكم ذلك أن محضر الجلسة يحرره كاتب الجلسة في حين أن الحكم يحرره قاضي المحكمة الذي أصدر الحكم أن كانت محكمة جزئية أو أحد أعضاء المحكمة التي أصدرت الحكم إن كان صادراً من محكمة إبتدائية أو محكمة إستئناف أو محكمة النقض. (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء : الرابع ، الصفحة : 673)

 المقصود بتسبيب الحكم وأهمية تسبيب الأحكام :

يقصد بتسبيب الحكم بيان الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي بني عليها القاضي حكمه.

ولاشك في أن تسبيب الحكم هو أشق المهمات الملقاة على عاتق القاضي، لأن كتابته وأسبابه تتطلب منه فضلاً عن إقتناعه هو بما اختاره من قضاء أن يقتنع به أصحاب الشان وكل من يطلع على حكمه بقصد مراقبته.

ويقصد بضمانة تسبيب الأحكام ما يأتي :

أ - التحقق من أن القاضي قد اطلع على وقائع القضية وجميع المستندات والأوراق المقدمة فيها وإتصل علمه بجميع ما أبداه الخصوم من طلبات ودفوع.

ب - التحقق من أن القاضي قد استخلص الوقائع الصحيحة في الدعوى من واقع إثبات يجيزه المشرع، تم صحيحاً في مواجهة أصحاب الشأن، أو من واقع الأوراق المقدمة فيها والأدلة بحسب قوتها التي يمنحها إياها القانون الموضوعی.

جـ - التحقق من أن القاضي قد فهم ما أحاط بالدعوى من مسائل قانونية، وأنه قد كيفها التكييف الصحيح بعد التحقق من توافر شروطه، وأنه قد أرسى عليها الآثار القانونية الصحيحة.

التحقق من أن القاضي لم يخل بدفاع جوهري من شأنه لو صح لتغير وجه الرأي في الدعوى.

ولتسبيب الأحكام أهمية كبرى، فالتسبيب هو مظهر قيام القاضي بما عليه من واجب تدقيق البحث وإمعان النظر لتعرف الحقيقة التي تشف عنها أحكامه، وېه وحده يسلم من مظنة التحكم والاستبداد، ويرتفع عنه الشك و الريب والشبهات، فالتسبيب يحمل القاضي على العناية بحكمه وتوخي العدالة في قضائه حتى لا يصدر الحكم تحت تأثير عاطفة عارضة أو على أساس فكرة مبهمة لم تستبين معالمها وخفيت تفاصيلها، وإنما يكون الحكم نتيجة أسباب معينة واضحة محصورة أسفر عنها تمحيص مزاعم الخصوم ووزن ما إستندوا إليه من أدلة واقعية وحجج قانونية.

كما أن التسبيب يضفى الاطمئنان على نفوس المتقاضين، فهو يقنع الخصوم بعدالة الأحكام حتى تنزل من نفوس المتقاضين منزلة الاحترام .

كذلك فإن التسبيب يؤدي إلى تحقيق الرقابة التي قررها القانون على أعمال القضاة وأخصها رقابة محكمة النقض على سلامة تطبيق القانون وتفسيره، فالقضاء المسبب يمكن المحكمة الإستئنافية من تقدير الأحكام المطعون فيها، ويمكن محكمة النقض من مراقبتها حتى تشرف على تطبيق القانون وتقرير القواعد القانونية الصحيحة فيما يختلف فيه من المسائل وتثبيت القضاء بصددها. (أحمد أبو الوفا نظرية الأحكام بند 65 ص 172 وص 173 ، رمزى سيف بند 532 ص 674 و ص 675).  

وجوب اشتمال الحكم على أسبابه وإلا كان باطلاً :

نتيجة لأهمية التسبيب ولتحقيق الإعتبارات سالفة الذكر، يوجب القانون في المادة 176 محل التعليق تسبيب الأحكام وإلا كانت باطلة، ويلزم ذلك أياً كانت المحكمة التي أصدرتها وسواء أكانت قطعية أم وقتية.

ولكن هناك بعض الأحكام من المقرر أنها لاتقتضي بطبيعتها ذكر أسبابها لأن الحكم نفسه يفصح عن سببه دون حاجة لذكره وهی :

الأحكام غير القطعية الصادرة باتخاذ إجراءات الإثبات ،فلا يلزم تسبيبها ما لم تتضمن قضاءً قطعياً وذلك عملاً بالمادة 5 من قانون الإثبات، لأن النطق بها يفصح في ذاته عن سبب إصدارها، فسبب إصدار الحكم غير القطعي بإجراء الإثبات أن المحكمة لم تجد في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها (نقض 2 / 6/ 1966 سنة 17 ص 1314)، كما أن هذه الأحكام لا تقبل الطعن المباشر عملاً بالمادة 212 مرافعات كما أن الحكم بإجراء الإثبات غير القطعي لاحجية له، وتملك المحكمة العدول عنه عملاً بالمادة 9 من قانون الإثبات (نقض 18 / 11 / 1978 ، طعن 462 لسنة 45 ق) بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر، بل إن المحكمة تملك ألا تأخذ بنتيجة الإجراء عملاً بالمادة 9 من قانون الإثبات أيضاً بشرط أن تبين أسباب ذلك في حكمها.

إنما إذا فصلت المحكمة في أسباب الحكم بإجراء الإثبات في شق من النزاع، أو في قبول الإثبات بطريق معين، أو في مسألة إجرائية كإختصاص المحكمة أو قبول الدعوى، أو ثبوت الصفة أو ما إلى ذلك، فإن هذا الفصل يعتبر حكماً قطعياً، وإن كان وارداً في الأسباب، ولو لم يظهر له مظهر صريح في المنطوق، ومثل هذا الحكم يعتبر قضاءً مزدوجاً إحتوي في منطوقه على قرار بإجراء الإثبات وفي أسبابه على حكم قطعى في مسألة من مسائل الدعوى.

وقد تحكم المحكمة في أساس الدعوى، ثم تأمر بإتخاذ إجراء من إجراءات الإثبات، كما إذا قضت بأحقية العامل في إعانة غلاء المعيشة، وندبت خبيراً لتقدير التعويض أو قضت بأحقية الخصم في الأخذ بالشفعة وندبت خبيراً في أية مسألة متعلقة بالدعوى، ففي كل هذه الأحوال يشتمل الحكم على قضاء قطعی موضوعى يلزم تسبيبه، وإلا إعتبر الحكم الموضوعي باطلاً لعدم تسبيبه. (أحمد أبو الوفا نظرية الأحكام بند 69 ص 179 و ص 180).

ب - الحكم بإلزام الخصم الخاسر بمصاريف الخصومة فسببه هو خسارة القضية .

ج - الحكم برفض دعوى الضمان بعد رفض الدعوى الأصلية فسببه هو هذا الرفض.

(نقض 22/ 2/ 1966، سنة 17 ص 384).

من المقرر أنه لا حاجة لتسبيب الحكم إذا كان مضمونه يدخل في السلطة التقديرية الكاملة للقاضي كما هو الحال بالنسبة للحكم برفض منح مهلة المدين.

(موریل بند 559 مكرراً ص 440، فتحی والی بند 339 ص 637 ص 638).

وفيما عدا هذه الأحكام سالفة الذكر، فإن الأصل أن جميع الأحكام يجب تسبيبها فقد جاء نص المادة 176 الذي يوجب تسبيب الأحكام عاماً، كما أن الحكمة من التسبيب متوافرة بالنسبة لجميع الأحكام، وتكون الأحكام باطلة إذا لم تشتمل على الأسباب التي بنيت عليها.

والحكم الباطل يجوز الطعن فيه بطرق الطعن الجائزة قانوناً ، كما يجوز إستئنافه على سبيل الإستثناء عملاً بالمادة 221 ولو كان إنتهائياً ويجوز الطعن فيه بالنقض إذا كان صادراً من محكمة الإستئناف.

وإذا إعتمد الحكم في الموضوع على حكم آخر غير مسبب إعتبر مبنياً على إجراء باطل، ويكون قابلاً للإلغاء على الرغم من أنه يعد صحيحاً سليماً في ذاته (أحمد أبو الوفا نظرية الأحكام ص 173).

القواعد الأساسية لتسبيب الأحكام :

أهم القواعد الأساسية لتسبيب الأحكام هي :

أولاً : أن تتضمن الأسباب سرد الوقائع الكاملة المكونة للدعوى، وأن يكون سرد هذه الوقائع دون خطأ أو تحريف: ولا يلزم تعقب حجج الخصوم بل يكفي ذكر مضمونها (نقض 14/ 6/ 1959،  سنة 10 ص 404، نقض 22/ 10/ 1959، سنة 10 ص 590) ولا يلزم ذكر أسماء الشهود ونصوص أقوالهم ، بل يكفي ذكر مضمونها، كذلك الحال بالنسبة إلى نصوص المستندات التي يعتمد عليها الحكم. نقض 26/ 1/ 1981، في الطعنين رقمي 424  426 لسنة 43 ق.

نقض 15 / 2 / 1972  سنة 22 ص 168، نقض 24 / 1/ 1979 . في الطعن 1018 لسنة 48 ق)، وبالنسبة إلى الأحكام الفرعية بذكر الوقائع المتعلقة بها وحدها، فإذا أصدرت المحكمة حكماً فرعياً متصلاً بسير الدعوى أو إثباتها أو متعلقاً بإختصاص المحكمة بنظر الدعوى، فإنه يكتفي بالنسبة له بذكر الوقائع المتصلة بالخصومة في المسألة الفرعية وحدها.

ثانياً : أن تتضمن الأسباب إستخلاصاً للتصحيح من وقائع الدعوى وتقديره وأن يستند الحكم إلى أدلة الإثبات المقدمة من الخصوم في القضية وألا يخالف الثابت بهذه الأدلة : وإستخلاص الواقع في الدعوى هو التحقق والتثبت من الوجود المادي لوقائعها المدعاة، فلا يجوز للقاضي أن يقضي بناء على معلوماته الشخصية. (نقض 26/ 10/ 1953، طعن رقم 256 لسنة 21 ق ، نقض 26/ 3/ 1959، سنة 10 ص 259)، ولا تجوز إقامة الحكم على واقعة لا سند لها في أوراق القضية، ولا تجوز إقامة الحكم على مخالفة الثابت في الأوراق أو القرائن دون ما سبب يذكر.

ولا يجوز للقاضي أن يستند إلى أدلة إثبات مقدمة من الخصوم في قضية أخرى، ويكون الأمر كذلك ولو كانت هذه القضية منظورة أمامه هي الأخرى ، وكانت بين الخصوم أنفسهم، فمثل هذه الأدلة لا يصح الإستناد إليها إلا إذا ضمت الملف القضية التي يصدر فيها الحكم وأصبحت من عناصر الإثبات فيها بحيث يمكن أن يمتد إليها دفاعهم.

(نقض 17/ 5 / 1978 مجلة إدارة قضايا الحكومة سنة 1978 عدد 3 ص 225، نقض 24/ 5 / 1977 طعن رقم 691 لسنة 43 ق). ومن ناحية أخرى، فإنه لا يجوز للقاضي مخالفة الثابت بموجب الأدلة المقدمة في القضية.

(نقض 13/ 5/ 1985 في الطعن رقم 521 لسنة 51 ق ، فتحي والي ص 640).

ثالثاً : أن تتضمن الأسباب تكييف الوقائع الصحيحة وإرساء القاعدة القانونية وآثارها عليها : والتكييف هو إعمال القاعدة القانونية وإرساؤها على ما ثبت من وقائع الدعوى، أو هو وصف هذه الوقائع وإبرازها كعناصر أو شروط أو قيود للقاعدة القانونية الواجبة التطبيق، ومن أهم القواعد الأساسية في التكييف ما يلي :

(1) يجب تكييف الدعوى وفق الوصف المقرر لها في القانون ، ولا يعتد بتكييف الخصوم لها إذا كان خاطئاً لايتمشى مع القانون.

(2) يجب تكييف الدعوى في حدود طلبات الخصوم ودفوعهم .

(3) تعتبر القواعد القانونية الصرفة قائمة في الدعوى ومن عناصرها فتطبقها المحكمة من تلقاء نفسها وبغير حاجة إلى التمسك بها من جانب صاحب المصلحة. إستثناء لا تحكم المحكمة من تلقاء نفسها بإعمال الجزاء المترتب على مخالفة القواعد الإجرائية إلا إذا نص القانون على ما يخالف ذلك.

(4) العبرة بصدور الحكم موافقاً للقانون ولو لم يذكر فيه القاعدة القانونية التي بني عليها.

(5) لا يعيب الحكم إغفاله ذكر مواد القانون التي طبقها على وقائع الدعوى متى كانت النصوص الواجب إعمالها مفهومة من الوقائع التي أوردها (راجع نقض 4/ 2/ 1960 ، السنة 11 ، ص 117 ، ونقض 15 / 10/ 1959 ، السنة 10 ص 574).

(6) العبرة في التكييف بتوخي معاني القانون لربط . فهم الواقع بها، ولايعتد بذات ألفاظ القانون وعباراته (أحمد أبو الوفا : نظرية الأحكام بند 112 وما بعده ص 275 وما بعدها).

رابعاً : إتساق منطوق الحكم مع أسبابه ، وألا تكون الأسباب متناقضة فيما بينها : فيجب توافر رباط منطقي بين الحكم وأسبابه حتى بعد منطوق الحكم مبنياً على أسبابه، ومن ثم يعيب الحكم تناقض منطوقه مع أسبابه، أو تناقض أسبابه بحيث يصبح خالياً من الأسباب التي تبرره، وإذا تناقضت أسباب الحكم مع منطوقه بحيث يعد مجرداً من الأسباب، فإنه يكون باطلاً (نقض 22 / 3 / 1956 ، سنة 7 ص 351 ، ونقض 21/ 1/ 1943، مجموعة القواعد القانونية 4 ص 39 ، أحمد أبو الوفا نظرية الأحكام بند 121 ص 287 . وأيضاً بند 66 وما بعده ص 174 وما بعدها).

فيجب ألا يوجد تناقض بين أسباب الحكم، ويوجد هذا التناقض على ماجرى عليه قضاء محكمة النقض إذا أدى التناقض إلى «ما تتماحی به الأسباب، بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه ، أو بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه (نقض مدنی 10/ 1/ 1991 ، في الطعن 2207 لسنة 56 ق، ونقض 13/ 1/ 1982، في الطعن رقم 445 لسنة 45 ق، ونقض 1979/1/24 في الطعن رقم 1018 لسنة 48 ق، ونقض 1/ 1/ 1974 مجموعة النقض سنة 25 ص 92)، (ونقض 5/ 1/ 1971 ، سنة 22 ص 9 ق ، ونقض 26/ 11/ 1964، سنة 15 ص 1037 ، فتحی والی بند 339 ص 140).

ومن ناحية أخرى، يجب ألا تكون الأسباب وإن لم تتناقض مع بعضها متناقضة مع المنطوق، كما ذكرنا ای غیر مؤدية قانوناً إلى القرار الذي يتضمنه الحكم، على أنه يجب للقول بوجود تناقض بين أسباب الحكم ومنطوقة النظر إلى ما إستند إليه الحكم، وليس إلى العبارات التي قد ترد في الحكم أثناء سرد دفاع الخصوم، ولو حدث السرد على نحو يوحي باقتناع المحكمة به.

(نقض 31/ 1/ 1974 سنة 25 ص 259).

خامساً : يجب أن تكون الأسباب كافية: إذ لايكفي أن يتضمن السكم أسبابا، بل يجب أن تكون هذه الأسباب كافية لحمله (موريل المرافعات بند 559 ص 399 وص 440، فتحی والی بند 339 ص 640) وإلا كانت معيبة بالقصور بالتسبيب، وقد قررت المادة 178 مرافعات أن هذا القصور في الأسباب الواقعية يؤدي إلى البطلان.

فإذا كان المشرع يوجب تسبيب الأحكام تسبيباً جدياً ليحقق غاية المراد منه، وإذن ليس يكفي أن تبدى أسباب مبهمة أو غامضة أو مجملة أو متهاترة أو متخاذلة أو ناقصة أو متناقضة بمحو بعضها بعضاً أو مضطربة ليس يكفي أن تبدي مثل هذه الأسباب لاعتبار الحكم صحيح الشكل من ناحية التسبيب، ولايعقل أن يكون مقصود قانون المرافعات أن يأتي القاضي باية أسباب خاطئة أو غامضة ، فيصبح حكمه صحيح الشكل، أو أن يردد مثل هذه العبارات: أن الدعوى قد أقيمت على أساس صحيح، أو أنها فاسدة، أو أن بنوع المدعى عليه ظاهرة الفساد، أو أن إحالة الدعوى على التحقيق فيه مضيعة للوقت ، وأن المدعي محق. فيما يدعيه (أحمد أبو الوفا التعليق ص 703).

وفي هذا الصدد قالت محكمة النقض أن المشرع لم يقصد إلزام المحكمة بتسبيب أحكامها أن يستكمل شكلها باعتبارها من أوراق المرافعات، فيكتفي فيها بمطلق الأسباب ولو جاءت مبهمة نضع لكل حكم أو غامضة أو مجملة لا تقنع المطلع عليها بعدالتها، وإنما لا يؤدي التسبيب ثمرته إلا إذا كان كافياً وكفيلاً بأن يحقق المقصود منه، وإلا استطاع قاضی الموضوع أن يجهل طريق الرد على أحكامه، فيكتفي باسباب مجملة او غامضة أو ناقصة أو أسباب يخلط فيها بين ما سنقل هو بتحقيقه والحكم فيه من جهة الموضوع وبين ما نراقبه فيه محكمة النقض من ناحية القانون، فتكون بذلك الأحكام المسببة خير تسبيب في المعرضة لهذه الرقابة دون الأحكام الأخرى غير المسببة ، (نقض 19/ 11/ 1931 المحاماة 12 ص 218). وقالت إذا كانت القاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة، وفي وزن الأدلة وتقديرها وترجيح بعضها على بعض، فإن خضوعه لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم بحكم القانون وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون يحتم عليه أن يسبب حكمة التسبيب الكافي لتمكين محكمة النقض من إجراء هذه المراقبة، فإن قصر في حكمه عن ذلك فعجزت محكمة النقض عن التقرير بنفي الماعی به من مخالفة القانون أو من الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، نقضت الحكم لخلوه من الأسباب الموضوعية، أو لعدم قيامه على أساس قانونی.

(نقض 23/ 3/ 1932، المحاماة 13 ص 1098 ، ونقض 26/ 4/ 1934 المحاماة 14 ص 421).

ولتحقيق كفاية الأسباب يجب أن ترد أسباب الحكم واضحة محددة، وأن تكون الأدلة من شأنها أن تسوغ النتيجة التي إنتهت إليها، وأن تبين المحكمة القاعدة القانونية التي طبقتها على وقائع القضية، وأن تورد المحكمة أسباباً تبرر رأيها بالنسبة لكل طلب أو دفع أو دفاع جوهری مما أبدى أمامها.

(نقض 31/ 3/ 1985 في الطعن رقم 1981، لسنة 51 ق ، فتحي والى بند 339 ص 640 وما بعدها).

سادساً : يجب أن ترد الأسباب في ورقة الحكم : ينبغي أن تتضمن ورقة الحكم أسبابه، لأن القاعدة أن العمل القانوني يجب أن يحمل بنفسه دلیل صحته (فتحی والی بند 339 ص 638 وص 639). فلا يجوز أن يشير الحكم إلى أسباب واردة في أحكام أخرى، على أنه تجوز هذه الإحالة إذا كان الحكم المحال إليه صادراً في نفس القضية بين نفس الخصوم (على أنه لا يوجد ما يمنع من أن تستند المحكمة في حكمها إلى ما قضى به في قضية أخرى لم تكن بين نفس الخصوم، متى كان ذلك لمجرد تدعيم الأدلة التي أوردتها وعولت عليها في حكمها، نقض مدني 3/ 3/ 1965 مجموعة النقض سنة 16 ص 244 ، ونقض 25/ 10/ 1984 في الطعن رقم 1778 لسنة 50 ق، كما يمكن للمحكمة أن تستند في قضائها إلى أوراق دعوى أخرى بين نفس الخصوم ولو إختلف موضوعها عن النزاع المطروح عليها بشرط أن تكون قد ضمت الملف النزاع وأصبحت تحت بصر الخصوم كعنصر من عناصر الإثبات يناضلون في دلالته نقض 30/ 11/ 1981 في الطعن رقم 226 لسنة 48 ق). ولهذا من المقرر أنه يمكن للمحكمة الإستئنافية أن تؤيد حكم محكمة أول درجة لأسبابه، دون إضافة متى كانت كافية لحمل قضائه وتتضمن الرد المسقط لأسباب الإستئناف نقض مدني 17/ 11 / 1989 في الطعن رقم 1983 لسنة 57 ق. وأن يكون ما أثاره الطاعن في أسباب إستئنافه لا يخرج في جوهره عما كان معروضاً على محكمة أول درجة وتضمنه أسبابه، نقض تجاري 26 / 10/  1978 . في الطعن رقم 1595 لسنة 52 ق، ونقض مدني 27/ 4/ 1967 مجموعة النقض سنة 18 ص 889 رقم 136 ولا حاجة عند الإحالة لذكر ما ورد في أسباب حكم أول درجة من أسباب نقض مدني 26/ 1/ 1981 في الطعنين رقمي 424 و 426 لسنة 43 ق. أو أن تحيل إلى بعض أسبابه (نقض مدنی 7/ 2/ 1967 سنة 18 ص 543) وعندئذ تعتبر أسباب حكم أول درجة مكملة لأسباب حكم الإستئناف (نقض مدنى 25/ 10/ 1984 في الطعن رقم 1881 لسنة 50 ق) على أنه وإنجاز،تسبيب الحكم بالإحالة إلى حكم أخر سبق صدوره بين نفس الخصوم فإنه يشترط أن يكون الحكم المحال إليه قد أودع ملف الدعوى وأصبح بذلك ورقة من أوراقها (نقض مدني 29/ 10/ 1974 سنة 25 ص 1160، نقض 5/ 2/ 1964 سنة 15، ص 186). وأن يكون هذا الحكم صحيحاً لم يشبه بطلان ، وألا يكون قد ألغي بطريق من طرق الطعن (نقض إيجارات 12/ 11/ 1984 في الطعنين 1327 ، 1467 لسنة 54 ق) ، وأن تكون أسباب الحكم المحال اليها غير معيبة وإلا امتد العيب إلى الحكم المحيل إليها، كما يجب عند الإحالة على أسباب حكم أول درجة ألا تكون قد أبديت طلبات أو دفوع أمام المحكمة الإستئنافية، إذ عندئذ يجب على هذه المحكمة أن تضيف إلى الإحالة تسبيباً لرأيها بالنسبة لهذه الطلبات أو الدفوع (نقض مدني 16/ 4/ 1989 ، في الطعن 233 لسنة 52 ق، فتحي والي ص 639).

ومن ناحية أخرى، فإنه يمكن للحكم أن يحيل في أسبابه إلى ما يعتبر مكملاً له من أوراق التحقيق (فتحی والی ص 639)، ولهذا فإنه يجوز للحكم أن يحيل إلى تقرير الخبير في القضية بما يتضمنه من أسباب، فيصبح هذا التقرير بالإحالة جزءاً متمماً للحكم (نقض تجاری 6 / 6 / 1988 فى الطعن 1147 لسنة 54 ق، ونقض مدنی 22 / 2 / 1982 ، في الطعن رقم 515 لسنة 46 ق، ونقض 1981/1/12 في الطعن رقم 420 لسنة 47 ق). على أنه يجب أن يكون تقرير الخبير غير مشوب بالنقص أو الغموض وإلا شاب الحكم القصور في التسبيب.

(نقض 8/ 3/ 1990 في الطعن 331 لسنة 54 قضائية، فتحي والي ص 639 وص 640).

أهم عيوب التسبيب:

تحقيقاً للأغراض المتقدمة يجب أن يكون تسبيب الحكم تسبيباً حقيقياً وكاملاً ، ولذلك يطل الحكم إذا شابه عيب من عيوب التسبيب ومن أهم عيوب التسبيب ما يلي :

تعارض الأسباب مع المنطوق :

أن تكون الأسباب متعارضة مع المنطوق بحيث لا يمكن حمل الحكم على أي سبب منها ، فمثل هذا الحكم أقل إقناعاً للمطلع عليه من الحكم الخالي من الأسباب، وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض بأن تبني الحكم تقرير الخبير على ما فيه من تعارض بين الأسباب والنتيجة، وعدم توضيحه الأسباب التي ترفع هذا التعارض، بعيبه بعيب التناقض في التسبيب.

(نقض 19/ 3/ 1959، سنة 10 ص 235، وانظر أيضاً : 16/ 6/ 1956، منشور في المحاماة سنة 36 ص 1266).

خلو الحكم من أسبابه أو التناقض:

أن يكون الحكم خالياً من الأسباب، ويعتبر بمثابة الخلو من الأسباب أن تكون الأسباب متناقضة تهاتر فيما بينها فتسقط فيصبح الحكم بغير أسباب، كأن تقرر المحكمة في أسباب حكمها إلتزام المدعى عليه بالتعويض عن فعل ضار ، وأن الفعل يرجع إلى خطئه وحده بينما تقرر في معرض آخر أن المدعی مخطئ، لأن تصرفه لا يخلو من الرعونة التي لولاها لأمكن تفادي الضرر ( محمد حامد فهمي بند 628، رمزى سيف بند 534 ص 675).

التسبيب الجزئي :

أن يكون التسبيب نسبياً جزئياً بمعنى أن تتعدد طلبات الخصوم ودفوعهم، فلا تسبب المحكمة إلا بعضها وتترك البعض الآخر بدون أسباب، كما إذا قضت المحكمة في الدعوى بطللب دین وفوائده، بالدين فقط ورفضت طلب الفوائد واقتصرت في أسباب حكمها على تبرير قضائها بالدين دون أن يورد الأسباب التي تبرر رفض الفوائد. (نقض 28/ 3/ 1953، في المحاماة سنة 35 ص 91) فالتسبيب يجب أن يكون كاملاً بحيث يكون لكل طلب أو دفع أبدى في الدعوى أسبابه الخاصة، ما لم يكن بعض الطلبات مبنياً على البعض الأخر بحيث إن تسبيب قبول البعض أو رفضه يقتضي قبول أو رفض البعض الآخر، كذلك لا يعتبر عنيا في التسبيب أن تكون أسبابه الفعلية المستفادة من وقائع الدعوى، وما قدم فيها من أدلة وحجج أسباباً عامة تصلح لكل جزء من أجزاء الدعوي (رمزي سیف ص 677).

ولكن إذا كان يجب على المحكمة أن تسبب قضاءها بالنسبة لكل الطلبات والدفوع؛ فإن المحكمة غير ملزمة بتتبع أقوال الخصوم وتضمين أسباب حكمها رداً على كل منها إستقلالاً ، وحسبها أن تورد تعليلاً سائغاً لقضائها فيه من الأدلة ما يكفي لحمله (نقض 12/ 2/ 1959، في 14/ 6/ 1959، وفی 22/ 10/ 1959، وفی 26/ 11/ 1959، فی مجموعة أحكام محكمة النقض المدنية سنة 10 في صفحات 165، 404 ، 590 ، 703 على التوالي). فإذا ألغت محكمة الإستئناف حكماً إبتدائياً فلا تلتزم بالرد على جميع ما ورد في هذا الحكم من الأدلة، وإنما يكفيها أن تورد تعليلاً سائغاً لما قضت به (نقض 24/ 6 / 1958، سنة 9 ص 630).

وإنما تلتزم المحكمة بتحقيق دفاع الخصوم الجوهري الذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإذا عارض محكوم عليه في حكم موصوف بأنه حضوری وتمسك في معارضته ببطلان تكليفه بالحضور وبطلان إعذاره، فلا يجوز للمحكمة أن تلتفت عن تحقيق هذا الدفاع الجوهري الذي يترتب على ثبوت إعتبار الحكم غيابياً وجواز المعارضة فيه. فإغفال المحكمة عن تحقيق هذا الدفاع الجوهرى قصور في التسبيب. (نقض 27/ 2/ 1958، سنة 9، ص 168).

عمومية الأسباب:

أن تكون الأسباب أسباباً عامة مجملة تصلح الكل طلب كقول المحكمة حيث إن المدعي أثبت ما يدعيه من ملكية العين المتنازع عليها، ، دون أن تبين الأدلة التي إستند إليها وكيف أنها تفيد . الملكية، وقولها حيث إن المدعى عليه قد عجز عن إثبات براءة ذمته، دون أن تناقش الأدلة التي قدمها، وأن تبين عدم كفايتها لإثبات براءة ذمته، وقولها حيث إن مزاعم المدعي لا أساس لها من الصحة، دون أن تمحص الأدلة التي بني عليها هذه المزاعم، وقولها «إن طلب المدعي لا يستند إلى ما يبرره»، دون أن تبين مبررات هذا القول وهكذا، فمثل هذه الأقوال تنطوي على قصور مخل ينحدر إلى درجة عدم التسبيب (حكم المحكمة الإدارية العليا 10/ 2/ 1955 ، منشور في المحاماة سنة 38 ص 78)، فإن تسبيب الحكم الذي يتطلبه القانون هو التسبيب الحقيقي الذي يقنع المطلع على الحكم بعدالته لا مجرد إستيفاء شكل الحكم. نقض 19/ 11/ 1931 ، منشور في ملحق مجلة القانون والاقتصاد سنة 3 رقم 7).

عدم بيان الأسباب بورقة الحكم:

الحكم بإعتباره ورقة من أوراق المرافعات يجب أن يكون مشتملاً بذاته على جميع أسبابه كما سبق أن ذكرنا، ولذلك يعيب الحكم أن يحيل في تسبييه على أوراق أخرى، وإنما يجري الفقه والقضاء على جواز إحالة الحكم في تسبيبه على حكم آخر سبق صدوره في الدعوى بين نفس الخصوم، كان تؤيد المحكمة الإستئنافية الحكم المستأنف للأسباب التي بنته المحكمة الابتدائية عليها ولكن يقتضي ذلك أمرين:

الأول : أن يكون الحكم الإبتدائي غير معيب في تسبيه ما لم تتدارك المحكمة الإستئنافية في حكمها ما يشوب الحكم الإبتدائي من قصور في التسبيب .

الثاني : ألا يكون قد أبدى أمام محكمة الإستئناف دفوع أو طلبات جديدة تقتضي تسبيباً خاصاً بحيث لا تصلح أسباب الحكم الإبتدائي أسباباً لها : (رمزي سیف ص 678 وص 679).  

كذلك يجوز تسبيب الحكم بالإحالة على أسباب حكم آخر صدر في دعوى أخرى، بشرط أن يكون هذا الحكم قد سبق صدوره بين نفس الخصوم ، وأن يكون قد أودع في ملف الدعوى، وأصبح بذلك ورقة من أوراقها وعنصراً من عناصر الإثبات فيها يناضل الخصوم في دلالته نقض 27/ 5/ 1953، في المحاماة 35 ص 627). وإلا يكون قد ألغي، لأن إلغاء الحكم باي طريق من طرق الطعن يجرده من كل أثر قانونی ويصبح شأنه شأن الأوراق العادية التي لا يجوز تسبيب الحكم بالإحالة على ما تضمنته.(نقض 24/ 3/ 1955، في المحاماة سنة 36 ص 719).

وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض ببطلان حكم لعيب في تسبيبه لأنه أحال في مقام الرد على دفاع أحد الخصوم في الدعوى على أسباب حكم آخر لم يكن مقدماً في الدعوى، كما أنه صدر في دعوى أخرى لم يكن هذا الخصم طرفاً فيها. (نقض 13/ 3/ 1958، في مجموعة أحكام محكمة النقض المدنية سنة 9 ص 182).

الإبهام والغموض:

جرى قضاء محكمة النقض على أنه يعتبر عيباً في التسبيب مبطلاً للحكم أن تكون الأسباب من الإبهام، بحيث تعجز المحكمة عن إجراء رقابتها على تطبيق القانون، كما إذا لم تتمكن المحكمة من أن تتبين ما إذا كان الحكم قد بني على أمور متعلقة بالوقائع أو بنی على مسائل قانونية، أو لم تتمكن من إستظهار القاعدة القانونية التي أخذ بها الحكم لتستبين ما إذا كان قد طبقها تطبيقاً سليماً أو أخطأ في تطبيقها، فمثل هذا الغموض يعتبر قصوراً في الأسباب مبطلاً للحكم (نقض 16/ 3/ 1933، في ملحق مجلة القانون والاقتصاد للسنة 3، ص 112)، ولكن لا يعيب الحكم إغفاله ذكر مواد القانون التي طبقها على واقعة الدعوى متي كان نص القانون الواجب التطبيق مفهوماً من الوقائع التي أوردها الحكم (نقض 7/ 4/ 1955، في المحاماة سنة 36 ص 848 رمزي سیف بند 543 ، ص 675 - 679) .(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء : الثالث  ، الصفحة : 825)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثامن ، الصفحة / 116

الْبَاطِلُ لاَ يَصِيرُ صَحِيحًا بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ:

التَّصَرُّفَاتُ الْبَاطِلَةُ لاَ تَنْقَلِبُ صَحِيحَةً بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ، وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِنَفَاذِ التَّصَرُّفَاتِ الْبَاطِلَةِ، فَإِنَّ ثُبُوتَ الْحَقِّ وَعَوْدَتِهِ يُعْتَبَرُ قَائِمًا فِي نَفْسِ الأَْمْرِ، وَلاَ يَحِلُّ لأَِحَدٍ الاِنْتِفَاعُ بِحَقِّ غَيْرِهِ نَتِيجَةَ تَصَرُّفٍ بَاطِلٍ مَا دَامَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ. فَإِنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لاَ يُحِلُّ حَرَامًا وَلاَ يُحَرِّمُ حَلاَلاً.

هَذَا هُوَ الأَْصْلُ، وَالْقُضَاةُ إِنَّمَا يَقْضُونَ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ لَهُمْ مِنْ أَدِلَّةٍ وَحُجَجٍ يَبْنُونَ عَلَيْهَا أَحْكَامَهُمْ، وَقَدْ تَكُونُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ.

وَلِذَلِكَ يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم  فِيمَا رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ عَنْهُ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ بِمَا أَسْمَعُ، وَأَظُنُّهُ صَادِقًا، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ.

وَمُضِيِّ فَتْرَةٍ مِنَ الزَّمَنِ عَلَى أَيِّ تَصَرُّفٍ، مَعَ عَدَمِ تَقَدُّمِ أَحَدٍ إِلَى الْقَضَاءِ بِدَعْوَى بُطْلاَنِ هَذَا التَّصَرُّفِ، رُبَّمَا يَعْنِي صِحَّةَ هَذَا التَّصَرُّفِ أَوْ رِضَى صَاحِبِ الْحَقِّ بِهِ. وَمِنْ هُنَا نَشَأَ عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِهَا بِحَسَبِ الأَْحْوَالِ، وَبِحَسَبِ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَبِحَسَبِ الْقَرَابَةِ وَعَدَمِهَا، وَمُدَّةِ الْحِيَازَةِ، لَكِنَّ مُضِيَّ الْمُدَّةِ الَّتِي تَمْنَعُ سَمَاعَ الدَّعْوَى لاَ أَثَرَ لَهُ فِي صِحَّةِ التَّصَرُّفِ، إِنْ كَانَ بَاطِلاً. يَقُولُ ابْنُ نُجَيْمٍ الْحَقُّ لاَ يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ، قَذْفًا أَوْ قِصَاصًا أَوْ لِعَانًا أَوْ حَقًّا لِلْعَبْدِ.

وَيَقُولُ يَنْفُذُ قَضَاءُ الْقَاضِي فِي الْمَسَائِلِ الْمُجْتَهَدِ فِيهَا، إِلاَّ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا: لَوْ قَضَى بِبُطْلاَنِ الْحَقِّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، أَوْ بِصِحَّةِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، أَوْ بِسُقُوطِ الْمَهْرِ بِالتَّقَادُمِ.

وَفِي التَّكْمِلَةِ لاِبْنِ عَابِدِينَ: مِنَ الْقَضَاءِ الْبَاطِلِ: الْقَضَاءُ بِسُقُوطِ الْحَقِّ بِمُضِيِّ سِنِينَ. ثُمَّ يَقُولُ. عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ ثَلاَثِينَ سَنَةً، أَوْ بَعْدَ الاِطِّلاَعِ عَلَى التَّصَرُّفِ، لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى بُطْلاَنِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ مَنْعٍ لِلْقَضَاءِ عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى، مَعَ بَقَاءِ الْحَقِّ لِصَاحِبِهِ، حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ يَلْزَمُهُ.

وَفِي مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ: تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِحَدٍّ قَدِيمٍ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لأَِنَّهَا شَهَادَةٌ بِحَقٍّ، فَجَازَتْ مَعَ تَقَادُمِ الزَّمَانِ.

وَالْمَالِكِيَّةُ - وَإِنْ كَانُوا يَشْتَرِطُونَ لِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى حِيَازَةَ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ مُدَّةً تَخْتَلِفُ بِحَسَبِهِ مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ - إِلاَّ أَنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِ الْمُدَّعِي حَاضِرًا مُدَّةَ حِيَازَةِ الْغَيْرِ، وَيَرَاهُ يَقُومُ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالتَّصَرُّفِ وَهُوَ سَاكِتٌ. أَمَّا إِذَا كَانَ يُنَازِعُهُ فَإِنَّ الْحِيَازَةَ لاَ تُفِيدُ شَيْئًا مَهْمَا طَالَتِ الْمُدَّةُ، وَفِي فَتْحِ الْعَلِيِّ لِمَالِكٍ رَجُلٌ اسْتَوْلَى عَلَى أَرْضٍ بَعْدَ مَوْتِ أَهْلِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، مَعَ وُجُودِ وَرَثَتِهِمْ، وَبَنَاهَا وَنَازَعَهُ الْوَرَثَةُ، وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى مَنْعِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ رُؤَسَاءِ بَلْدَتِهِمْ، فَهَلْ لاَ تُعْتَبَرُ حِيَازَتُهُ وَلَوْ طَالَتْ مُدَّتُهَا؟ أُجِيبَ: نَعَمْ. لاَ تُعْتَبَرُ حِيَازَتُهُ وَلَوْ طَالَتْ مُدَّتُهَا... سَمِعَ يَحْيَى مِنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: مَنْ عُرِفَ بِغَصْبِ أَمْوَالِ النَّاسِ لاَ يَنْتَفِعُ بِحِيَازَتِهِ مَالَ غَيْرِهِ فِي وَجْهِهِ، فَلاَ يُصَدَّقُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ عَطِيَّةٍ، وَإِنْ طَالَ بِيَدِهِ أَعْوَامًا إِنْ أَقَرَّ بِأَصْلِ الْمِلْكِ لِمُدَّعِيهِ، أَوْ قَامَتْ لَهُ بِهِ بَيِّنَةٌ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا صَحِيحٌ لاَ خِلاَفَ فِيهِ؛ لأَِنَّ الْحِيَازَةَ لاَ تُوجِبُ الْمِلْكَ، وَإِنَّمَا هِيَ دَلِيلٌ عَلَيْهِ تُوجِبُ تَصْدِيقَ غَيْرِ الْغَاصِبِ فِيمَا ادَّعَاهُ مَنْ تَصِيرُ إِلَيْهِ؛ لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَخْذُ مَالِ أَحَدٍ، وَهُوَ حَاضِرٌ لاَ يَطْلُبُهُ وَلاَ يَدَّعِيهِ، إِلاَّ وَقَدْ صَارَ إِلَى حَائِزَةٍ إِذَا حَازَهُ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ وَنَحْوَهَا.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثاني عشر ، الصفحة /

تَعْلِيلٌ

التَّعْرِيفُ :

1 - التَّعْلِيلُ لُغَةً: مِنْ عَلَّ يَعُلُّ وَاعْتَلَّ أَيْ: مَرِضَ فَهُوَ عَلِيلٌ. وَالْعِلَّةُ: الْمَرَضُ الشَّاغِلُ. وَالْجَمْعُ عِلَلٌ وَالْعِلَّةُ فِي اللُّغَةِ أَيْضًا: السَّبَبُ. وَاصْطِلاَحًا: تَقْرِيرُ ثُبُوتِ الْمُؤَثِّرِ لإِثْبَاتِ الأْثَرِ وَقِيلَ: إِظْهَارُ عِلِّيَّةِ الشَّيْءِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ تَامَّةً أَمْ نَاقِصَةً

وَالْعِلَّةُ عَرَّفَهَا الأْصُولِيُّونَ بِقَوْلِهِمْ: الْعِلَّةُ هِيَ الْوَصْفُ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُكَلَّفِ مِنْ دَفْعِ مَفْسَدَةٍ أَوْ جَلْبِ مَنْفَعَةٍ.

وَلِلْعِلَّةِ أَسْمَاءٌ مِنْهَا: السَّبَبُ وَالْبَاعِثُ وَالْحَامِلُ وَالْمَنَاطُ وَالدَّلِيلُ وَالْمُقْتَضِي وَغَيْرُهَا.

وَتُسْتَعْمَلُ الْعِلَّةُ أَيْضًا بِمَعْنَى: السَّبَبِ، لِكَوْنِهِ مُؤَثِّرًا فِي إِيجَابِ الْحُكْمِ، كَالْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ سَبَبٌ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ. كَمَا تُسْتَعْمَلُ الْعِلَّةُ أَيْضًا بِمَعْنَى: الْحِكْمَةِ، 

وَهِيَ الْبَاعِثُ عَلَى تَشْرِيعِ الْحُكْمِ أَوِ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا شُرِعَ الْحُكْمُ

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأْصُولِيِّ.

تَعْلِيلُ الأْحْكَامِ :

الأْصْلُ فِي أَحْكَامِ الْعِبَادَاتِ عَدَمُ التَّعْلِيلِ؛ لأِنَّهَا قَائِمَةٌ عَلَى حِكْمَةٍ عَامَّةٍ، وَهِيَ التَّعَبُّدُ دُونَ إِدْرَاكِ مَعْنًى مُنَاسِبٍ لِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا أَحْكَامُ الْمُعَامَلاَتِ وَالْعَادَاتِ وَالْجِنَايَاتِ وَنَحْوِهَا، فَالأَْصْلُ فِيهَا: أَنْ تَكُونَ مُعَلَّلَةً؛ لأِنَّ مَدَارَهَا عَلَى مُرَاعَاةِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ، فَرُتِّبَتِ الأَْحْكَامُ فِيهَا عَلَى مَعَانٍ مُنَاسَبَةٍ لِتَحْقِيقِ تِلْكَ الْمَصَالِحِ.

وَالأَْحْكَامُ التَّعَبُّدِيَّةُ لاَ يُقَاسُ عَلَيْهَا لِعَدَمِ إِمْكَانِ تَعْدِيَةِ حُكْمِهَا إِلَى غَيْرِهَا.

وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (تَعَبُّدِيٌّ).

فَوَائِدُ تَعْلِيلِ الأْحْكَامِ :

لِتَعْلِيلِ الأْحْكَامِ فَوَائِدُ مِنْهَا: أَنَّ الشَّرِيعَةَ جَعَلَتِ الْعِلَلَ مُعَرِّفَةً وَمُظْهِرَةً لِلأَْحْكَامِ كَيْ يَسْهُلَ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا وَالْتِزَامُهَا.

وَمِنْهَا أَنْ تَصِيرَ الأْحْكَامُ أَقْرَبَ إِلَى الْقَبُولِ وَالاِطْمِئْنَانِ

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأْصُولِيِّ.

تَعْلِيلُ النُّصُوصِ :

اخْتَلَفَ الأْصُولِيُّونَ فِي تَعْلِيلِ النُّصُوصِ عَلَى أَرْبَعَةِ اتِّجَاهَاتٍ:

أ - أَنَّ الأْصْلَ عَدَمُ التَّعْلِيلِ، حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ.

ب - أَنَّ الأْصْلَ التَّعْلِيلُ بِكُلِّ وَصْفٍ صَالِحٍ لإِضَافَةِ الْحُكْمِ إِلَيْهِ، حَتَّى يُوجَدَ مَانِعٌ عَنِ الْبَعْضِ.

ج - أَنَّ الأْصْلَ التَّعْلِيلُ بِوَصْفٍ، وَلَكِنْ لاَ بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ يُمَيِّزُ الصَّالِحَ مِنَ الأْوْصَافِ لِلتَّعْلِيلِ وَغَيْرِ الصَّالِحِ.

د - أَنَّ الأْصْلَ فِي النُّصُوصِ التَّعَبُّدُ دُونَ التَّعْلِيلِ

وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (تَعَبُّدِيٌّ) وَفِي الْمُلْحَقِ الأْصُولِيِّ.

مَسَالِكُ الْعِلَّةِ :

 وَهِيَ الطُّرُقُ الَّتِي يَسْلُكُهَا الْمُجْتَهِدُ لِلْوُقُوفِ عَلَى عِلَلِ الأْحْكَامِ.

الْمَسْلَكُ الأْوَّلُ: النَّصُّ الصَّرِيحُ.

وَهُوَ أَنْ يُذْكَرَ دَلِيلٌ مِنَ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ عَلَى التَّعْلِيلِ بِوَصْفٍ، بِلَفْظٍ مَوْضُوعٍ لَهُ فِي اللُّغَةِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى نَظَرٍ وَاسْتِدْلاَلٍ.

وَهُوَ قِسْمَانِ:

الأْوَّلُ: مَا صُرِّحَ فِيهِ بِكَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةً أَوْ سَبَبًا لِلْحُكْمِ.

الثَّانِي: مَا جَاءَ فِي الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ مُعَلَّلاً بِحَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ التَّعْلِيلِ.

الْمَسْلَكُ الثَّانِي: الإْجْمَاعُ.

الْمَسْلَكُ الثَّالِثُ: الإْيمَاءُ وَالتَّنْبِيهُ.

وَهُوَ أَنْ يَكُونَ التَّعْلِيلُ لاَزِمًا مِنْ مَدْلُولِ اللَّفْظِ، لاَ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ دَالًّا بِوَضْعِهِ عَلَى التَّعْلِيلِ. وَهُوَ عَلَى أَقْسَامٍ تُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأْصُولِيِّ.

الْمَسْلَكُ الرَّابِعُ: السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ.

وَهُوَ حَصْرُ الأْوْصَافِ فِي الأْصْلِ، وَإِبْطَالُ مَا لاَ يَصْلُحُ مِنْهَا لِلتَّعْلِيلِ، فَيَتَعَيَّنُ الْبَاقِي لِلتَّعْلِيلِ.

الْمَسْلَكُ الْخَامِسُ: الْمُنَاسَبَةُ وَالشَّبَهُ وَالطَّرْدُ:

يَنْقَسِمُ الْوَصْفُ الْمُعَلَّلُ بِهِ إِلَى قِسْمَيْنِ:

أ - مَا تَظْهَرُ مُنَاسَبَتُهُ لِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَيُسَمَّى الْمُنَاسِبَ. وَهُوَ أَنْ يَتَرَتَّبَ الْحُكْمُ عَلَى وَصْفٍ ظَاهِرٍ مُنْضَبِطٍ، يَلْزَمُ مِنْ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عُلَيَّةَ مَصْلَحَةٌ لِلْمُكَلَّفِ مِنْ دَفْعِ مَفْسَدَةٍ أَوْ جَلْبِ مَنْفَعَةٍ. وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِالإْخَالَةِ وَبِالْمَصْلَحَةِ وَبِالاِسْتِدْلاَلِ وَبِرِعَايَةِ الْمَقَاصِدِ. وَيُسَمَّى اسْتِخْرَاجُهَا تَخْرِيجَ الْمَنَاطِ.

ب - مَا لاَ تَظْهَرُ مُنَاسَبَتُهُ لِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَيَنْقَسِمُ إِلَى نَوْعَيْنِ:

الأْوَّلُ : أَنْ لاَ يُؤَلَّفَ مِنَ الشَّارِعِ اعْتِبَارُهُ فِي بَعْضِ الأْحْكَامِ، وَيُسَمَّى الْوَصْفَ الطَّرْدِيَّ.

الثَّانِي: أَنْ يُؤَلَّفَ مِنَ الشَّارِعِ اعْتِبَارُهُ فِي بَعْضِ الأْحْكَامِ، وَيُسَمَّى الْوَصْفَ الشَّبَهِيَّ.

الْمَسْلَكُ السَّادِسُ: تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ وَتَحْقِيقُ الْمَنَاطِ وَالدَّوَرَانِ :

وَهِيَ رَاجِعَةٌ فِي حَقِيقَتِهَا إِلَى الْمَسَالِكِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَمُنْدَرِجَةٌ تَحْتَهَا.

وَتَنْقِيحُ الْمَنَاطِ: هُوَ إِلْحَاقُ الْفَرْعِ بِالأْصْلِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا.

أَمَّا تَحْقِيقُ الْمَنَاطِ: فَهُوَ أَنْ يَجْتَهِدَ الْمُجْتَهِدُ فِي إِثْبَاتِ وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي الصُّورَةِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ النِّزَاعِ.

وَأَمَّا الدَّوَرَانُ: فَهُوَ أَنْ يُوجَدَ الْحُكْمُ عِنْدَ وُجُودِ الْوَصْفِ، وَيَرْتَفِعُ بِارْتِفَاعِهِ

وَفِي بَعْضِ هَذِهِ الْمَسَالِكِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.

الْحَدِيثُ الْمُعَلَّلُ :

هُوَ الَّذِي اطُّلِعَ فِيهِ عَلَى عِلَّةٍ تَقْدَحُ فِي صِحَّتِهِ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَهُ السَّلاَمَةُ مِنْهَا، وَهُوَ مِنْ شأَنْوَاعِ الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثالث والثلاثون ، الصفحة / 333

صِيغَةُ الْحُكْمِ:

لاَ يَشْتَرِطُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَلْفَاظًا مَخْصُوصَةً وَصِيَغًا مُعَيَّنَةً لِلْحُكْمِ بَلْ كُلُّ مَا دَلَّ عَلَى الإْلْزَامِ فَهُوَ حُكْمٌ، كَقَوْلِهِ: مَلَّكْتُ الْمُدَّعِيَ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ، أَوْ فَسَخْتُ هَذَا الْعَقْدَ، أَوْ أَبْطَلْتُهُ أَوْ رَدَدْتُهُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الأْلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى نَفْيٍ أَوْ إِثْبَاتٍ بَعْدَ حُصُولِ مَا يَجِبُ فِي شَأْنِ الْحُكْمِ مِنْ تَقَدُّمِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ.

وَذَهَبَ شَمْسُ الإْسْلاَمِ مَحْمُودٌ الأْوزْجَنْدِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْقَاضِي: قَضَيْتُ أَوْ حَكَمْتُ أَوْ أَنْفَذْتُ عَلَيْكَ الْقَضَاءَ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ مَا يَقُولُ بِهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَأَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي: حَكَمْتُ أَوْ قَضَيْتُ، لَيْسَ بِشَرْطٍ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ صِيغَةَ الْحُكْمِ الصَّحِيحِ: حَكَمْتُ أَوْ قَضَيْتُ بِكَذَا، أَوْ أَنْفَذْتُ الْحُكْمَ بِهِ، أَوْ أَلْزَمْتُ الْخَصْمَ بِهِ.

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا قَالَ الْقَاضِي:

ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّ لِهَذَا عَلَى هَذَا كَذَا وَكَذَا، هَلْ يَكُونُ حُكْمًا؟ فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُعَدُّ حُكْمًا؛ لأِنَّهُ لَيْسَ بِإِلْزَامٍ، وَالْحُكْمُ إِلْزَامٌ.

وَذَهَبَ أَبُو عَاصِمٍ الْعَامِرِيُّ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الأْئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ وَاخْتِيَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ - مِنَ الْحَنَفِيَّةِ - وَفِي الْخَانِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى إِلَى أَنَّ الْقَاضِيَ إِذَا قَالَ: ثَبَتَ عِنْدِي، يَكْفِي، وَكَذَا: ظَهَرَ عِنْدِي، أَوْ: صَحَّ عِنْدِي، أَوْ قَالَ: عَلِمْتُ، فَهَذَا كُلُّهُ حُكْمٌ.

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا سُئِلَ الْقَاضِي عَنْ حُكْمٍ فَأَفْتَى بِأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَوْ لاَ يَصِحُّ فَلاَ يَكُونُ إِفْتَاؤُهُ حُكْمًا يَرْفَعُ الْخِلاَفَ؛ لأِنَّ الإْفْتَاءَ إِخْبَارٌ بِالْحُكْمِ لاَ إِلْزَامٌ، أَمَّا إِذَا حَكَمَ بِفَسْخٍ أَوْ إِمْضَاءٍ فَيَكُونُ حُكْمًا.