لم يرتب المشروع على عدم ذكر اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية في الحكم، البطلان لأن ذكر إسمه ليس بياناً أساسياً ما دامت النيابة قد أبدت بالفعل رأيها في مذكرتها، وثبت ذلك في الحكم. وعلة ذلك هي التخفيف من حالات البطلان (مادة 178، من المشروع).
وجاء في المذكرة الإيضاحية للقانون 13 لسنة 1971 عالج المشروع في المادة 178 ، مشكلة من أبرز المشاكل التي ترهق كاهل القضاء وتقطع الكثير من جهده ووقته، وهي مشكلة الإسراف في تسبيب الأحكام، وفيما ينبغي أن يشتمل عليه الحكم القضائي من عناصر وبيانات. وإذا كانت الغاية الأساسية من تسبيب الحكم في توفير الرقابة على عمل القاضي، والتحقق من حسن إستيعابه لوقائع النزاع، ودفاع طرقبه، والوقوف على أسباب قضاء المحكمة فيه، فإنه يكفي لتحقق هذه الغابة أن يشتمل الحكم على عرض وجيز لوقائع النزاع. وإجمال الجوهري من دفاع طرفيه، ثم إيراد الأسباب التي تحمل قضاء المحكمة فيه، وكل تجاوز لهذا القدر الواجب في التسبيب، هو تزيد لا غناء فيه ولا طائل من ورائه، ولقد جرى قانون المرافعات الحالي على سبق .التشريعات السابقة عليه من حيث الإسراف في تعداد العناصر التي ينبغي أن يشتمل عليها الحكم القضائي، فأوجبت المادة 178، أن يشتمل الحكم إلى جانب البيانات العامة المتعلقة باسماء الخصوم وصفاتهم - على ما قدموه من دفاع أو دفوع، وخلاصة ما إستندوا إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية، ومراحل الدعوى، ورأى النيابة ثم تذكر بعد ذلك أسباب الحكم ومنطوقه.
وقد كشف التطبيق العملي لهذا النص على إزدحام الأحكام القضائية في كثير من الأحيان بتعداد المستندات والوثائق والأوراق التي يقدمها الخصوم. ولو لم يكن يقتضيها الفصل في النزاع أو يتعلق بها دفاع . جوهرى للخصم، هذا بالإضافة إلى تفصيل الخطوات، والمراحل التي قطعها النزاع أمام المحكمة على نحو قد يطول سرده في بعض الأحوال، : ويغني عنه في جميع الأحوال ماسجلت محاضر الجلسات، وهي جميعها أمور تزدحم بها الأحكام القضائية، وقد تضيع في غمارها أمام القاضي معالم الطريق إلى نقاط النزاع الجوهري فضلاً عما يستغرقه إثباتها من وقت وجهد قد يكون من الأصوب توجيهه إلى باقي المنازعات المتعلقة أمام المحكمة.
لهذه الإعتبارات جميعها رؤى إعادة النظر في نص المادة 178، وتعديلها بما يحقق الإيجاز في تحرير الأحكام، ويقصر تسبيبها على العناصر الجوهرية اللازمة لإقامة الحكم دون إطالة أو تزيد. فقضى المشروع بان يشتمل الحكم - إلى جانب البيانات العامة المتعلقة بالمحكمة والخصوم - على عرض مجمل لوقائع النزاع، وطلبات الخصوم وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري، ورأى النيابة، ثم أسباب الحكم ومنطوقه، وبذلك أستبعد المشروع من بيانات الحكم بیان مراحل الدعوى إلقاء محاضر الجلسات، كما قصر ما ينبغي إثباته من دفاع الخصر على خلاصة موجزة لدفاعهم الجوهري، وهو الدفاع الذي تتأثر به نتيجة النزاع، و يتغير به وجه. الرأي في الدعوى - ولا يخفى ما في ذلك من توفير لجهة القاضي، ووقته وإتاحة المجال أمامه للمزيد من الإنتاج مع عدم الإخلال في الوقت ذاته بالضمانات الأساسية للأحكام القضائية .
1- أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الحكم طبقا لنص المادة 178 من قانون المرافعات يجب أن يكون مبنيا على أسباب واضحة جلية، كافية تحمل الدليل على أن القاضي بحث النزاع المطروح أمامه بحثا دقيقا وأن يبين في حكمه موضوع الدعوى وطلبات الخصوم وسند كل منهم وأن يذكر ما استخلص ثبوته من الوقائع وطريق هذا الثبوت، والذي طبقه من القواعد القانونية، فإذا هو قصر في ذلك كان حكمه باطلا، وأنه يتعين على محكمة الموضوع أن تبين الوقائع التي يستند إليها الحكم والأدلة التي أقنعتها بثبوتها، فلا يكفي أن تقرر المحكمة ثبوت وجود الواقعة أو عدم وجودها دون أن تبين كيف ثبت لها ذلك بأدلة يصح قانونا الأخذ بها، كما أنه من المقرر إنه يتعين على محكمة الموضوع أن تفصح عن مصادر الأدلة التي كونت منها عقيدتها وفحواها وأن يكون لها مأخذها الصحيح من الأوراق وأن يكون ما استخلصته منها سائغا ومؤديا إلى النتيجة التي خلصت إليها حتى يتأتى لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها على سداد الحكم.
( الطعن رقم 1069 لسنة 83 ق - جلسة 2 / 3 / 2023 )
2- المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن الغاية الأساسية من تسبيب الحكم - وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 13 لسنة 1973 بتعديل نص المادة 178 من قانون المرافعات - هى الرقابة على عمل القاضى والتحقق من حسن استيعابه لوقائع النزاع ودفاع طرفيه والوقوف على أسباب قضاء المحكمة فيه ، وعلى ذلك فإن مراقبة تطبيق القانون وتقرير أو نفى المدعى به من مخالفة أحكامه لا تكون إلا من خلال النظر فيما أقام الحكم عليه قضاءه من أسباب واقعية كانت هذه الأسباب أو قانونية ، والتأكد من أن قضاءه بنى من جهة الوقائع على أدلة تنتجه ومن جهة القانون على نصوص تنطبق على ما ثبت صدقه وتأكدت صحته من تلك الوقائع وهو ما لا يتأتى إلا من خلال النظر فى تلك الأسباب ، وفيما اشتمل عليه ملف الدعوى من عرض لوقائع النزاع ودفاع طرفيه وأدلتهما .
( الطعن رقم 1390 لسنة 70 ق - جلسة 25 / 11 / 2022 )
3- المقرر – فى قضاء محكمة النقض - أن المادة 178 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن يتضمن الحكم بيان أسماء الخصوم والقابهم وصفاتهم قد قصدت بذلك التعريف بأشخاص وصفات من تتردد بينهم الخصومة فى الدعوى التى يصدر فيها الحكم تعريفاً نافياً للجهالة أو اللبس حتى لا يكتنف الغموض شخص ـــــ المحكوم له أو المحكوم عليه ، وإذا رتبت هذه المادة البطلان على النقص أو الخطأ الجسيم فى أسماء الخصوم وصفاتهم إنما عنت النقص أو الخطأ اللذين يترتب عليهما التجهيل بالخصم أو اللبس فى التعريف بشخصه مما قد يؤدى إلى عدم التعرف على حقيقة شخصيته أو إلى تغيير شخص الخصم بآخر لا شأن له بالخصومة فى الدعوى .
( الطعن رقم 8891 لسنة 79 ق - جلسة 2017/03/21 )
4- المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن المادة 178 من قانون المرافعات إذ أوجبت اشتمال الحكم على أسماء القضاة الذين أصدروه ورتبت البطلان جزاء على عدم بيان أسمائهم , فإن المقصود بالقضاة فى هذه المادة هؤلاء الذين سمعوا المرافعة واشتركوا فى المداولة وفصلوا فى الدعوى , لا أولئك الذين حضروا تلاوة الحكم , ولما كان مناط المداولة بين القضاة الذين أصدروا الحكم هو توقيعهم على مسودته التى أوجب المشرع إيداعها عند النطق بالحكم على النحو المبين بالمادة 175 من قانون المرافعات , وهو إيجاب قصد به ضمان أن يكون الحكم قد صدر بعد مداولة شملت أسبابه ومنطوقه واستقرت عقيدة المحكمة بشأنه على أساس ما ورد بالمسودة التى وقعت وأودعت وقت النطق به . إذ كان البين من نسخة الحكم المطعون فيه الأصلية أنه أورد بمدوناته أسماء القضاة / .... , ...... , ...... الذين سمعوا المرافعة وفصلوا فى الاستئنافين بعد المداولة التى دلت عليها مسودته المودعة والمشتملة على أسبابه ومنطوقه وموقعاً عليها من هؤلاء القضاة بينما الهيئة التى قامت بتلاوة الحكم مشكلة من القضاة / ...... , ..... , ....... ، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه مبرءاً من قاله البطلان ، ويضحى النعى (بالبطلان لاشتراك أحد القضاة فى المداولة دون أن يسمع المرافعة) على غير أساس.
(الطعن رقم 11633 لسنة 80 ق - جلسة 2015/06/21 )
5- إذ كان الثابت من واقع نسخة الحكم المستأنف الأصلية أن المحكمة الابتدائية قد حكمت بعدم قبول دعوى الإخلاء لبطلان التكليف بالوفاء وقد تعلق حق طرفى النزاع بهذا الحكم دون غيره بمسودته المذكورة والتى لا تعدو أن تكون ورقة لتحضيره إلى حين إتمام النسخة الأصلية سالفة الذكر المحررة من الكاتب والموقع عليها من رئيس الجلسة فإن هذا القضاء لم يتضمن الحكم على الطاعن " المستأجر " بأى شيء ولم يلزمه بشئ ، وإذ استأنف الطاعن وحده ذلك الحكم الذى تحدد به مركزه القانونى فى الدعوى فإنه لا يجوز تسوئ مركز الطاعن وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى القضاء بفسخ عقد الإيجار سند الدعوى وإخلاء الطاعن من عين التداعى وتسليمها للمطعون ضده اعتداداً بما ورد بمسودة الحكم المستأنف من أن المحكمة الابتدائية قد حكمت فى الدعوى بالإخلاء للتكرار فى حين أعرض الحكم المطعون فيه عما هو ثابت بالنسخة الأصلية لذات الحكم الابتدائى التى تعلق بها مركز الطاعن والمتضمنة الحكم بعدم قبول الدعوى على نحو ما سلف بيانه فإن الطاعن يكون قد أضير بطعنه ومن ثم يضحى الحكم المطعون فيه معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه جزئياً " فيما قضى به من فسخ عقد الإيجار سند الدعوى وإخلاء الطاعن من عين التداعى وتسليمها للمطعون ضده " دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن ، ولا يغير من ذلك التصحيح الذى أجرته محكمة الاستئناف باستجواب الطرفين لإزالة التعارض القائم فى الأسباب والمنطوق بين مسودة الحكم المستأنف ونسخته الأصلية بعد أن تبينت اختلاطه بحكم آخر طالماً أن العبرة فى الأحكام هى بالنسخة الأصلية التى يحررها الكاتب ويوقع عليها رئيس الجلسة خاصة وأنه يجب أن يكون الحكم فى تلك النسخة الأصلية دالاً بذاته على استكمال شروط صحته بحيث لا يقبل تكملة ما نقص من بياناته الجوهرية بأية طريقة من طرق الإثبات ولا يجوز تصحيحها بأى ورقة أخرى فى الدعوى التى صدر فيها الحكم أو خارجه عن تلك الدعوى سيما وأن الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء الحكم المستأنف للبطلان المنصوص عليه فى المادة 178 من قانون المرافعات بعد أن تبين للمحكمة الاختلاف بين مسودته ونسخته الأصلية فى شأن مجمل وقائع الدعوى بطلبات الخصوم ودفوعهم وأوجه دفاعهم الجوهرية فيها وإذ كان هذا البطلان لا يتعلق بالنظام العام وكان تقرير الطعن المطروح لم يحو نعياً على ذلك الشق من قضاء الحكم ومن ثم يكون الشق المذكور خارجاً عن نطاق الطعن ويضحى قضاء الحكم المطعون فيه باتاً فى هذا الخصوص .
( الطعن رقم 2123 لسنة 82 ق - جلسة 2014/06/22 )
6- المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن الغاية الأساسية من تسبيب الحكم وعلى ما جاء فى المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 13 لسنة 1973 بتعديل نص المادة 178 من قانون المرافعات هى الرقابة على عمل القاضى والتحقق من حسن استيعابه لوقائع النزاع ودفاع طرفيه والوقوف على أسباب قضاء المحكمة فيه ، وعلى ذلك فإن مراقبة تطبيق القانون وتقرير أو نفى المدعى به من مخالفة أحكامه لا تكون إلا من خلال النظر فيما أقام الحكم عليه قضاءه من أسباب ، واقعية كانت هذه الأسباب أو قانونية ، ولا يكفى فى هذا الصدد مجرد النظر فى منطوقه .
( الطعن رقم 588 لسنة 71 ق - جلسة 2014/06/10 )
7- إذ كانت الفقرة الأولى من المادة 178 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 13 لسنة 1973 قد تضمنت ذكر البيانات التى يجب أن يتضمنها الحكم ومن بينها ما إذا كان صادراً فى مادة تجارية أو مسألة مستعجلة وكانت الفقرة الثالثة من ذات القانون قد بينت بيان حصر أى تلك البيانات يترتب على إغفاله بطلان الحكم وليس من ضمنها هذا البيان الذى قصد به ألا يخفى على المحضر الذى يتولى التنفيذ أن الحكم واجب النفاذ بقوة القانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بما له من سلطة فهم الواقع فى الدعوى على أن الخصوم تبادلوا الدعاوى جميعاً أخذاً ورداً فيما بينهما وتناضلوا فيها حسبما جاء بصحف التصحيح منهم ومذكرات دفاعهم وأن أوراق الدعوى بحالتها كافية لتكوين عقيدة المحكمة للفصل فى موضوعها ومن ثم يضحى النعى جدل موضوعى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض هذا فضلاً عن إغفال بيان ما إذا كان الحكم صادراً فى مادة تجارية أو مسألة مستعجلة ليس من البيانات التى رتبت المادة 178 من قانون المرافعات على إغفالها البطلان ويكون النعى على غير أساس .
( الطعن رقم 8479 لسنة 82 ق - جلسة 2014/04/08 )
8- إذ كان الثابت من أوراق الطعن أن عقد البيع والقرض مع ترتيب رهن رسمى عقارى الموثق رقم .... ج لسنة 2001 توثيق بنوك قد أبرم بتاريخ 17 / 9 / 2001 أى قبل العمل بقانون التمويل العقارى والذى بدأ سريانه بتاريخ 24/ 9 / 2001 ، وكانت المراكز القانونية تظل خاضعة للقانون الذى نشأت فى ظله باعتبار أنه تعبير عن إرادة ذوى الشأن فى نشوئها وأثارها وانقضائها ومن ثم لا ينطبق قانون التمويل العقارى - والذى لم يكن قد أخضع المراكز القانونية موضوع الطعن لقواعد آمرة من النظام العام - على العقد موضوع الطعن . ولما كان انعقاد الاختصاص للمحكمة الاقتصادية مناطه أن تكون المنازعة قد نشأت عن تطبيق قانون التمويل العقارى أو أى من القوانين المنصوص عليها بالمادة السادسة من القانون رقم120 لسنة 2008 وكانت المنازعة موضوع الطعن لم تنشأ عن تطبيق ذلك القانون وهو ما يخرجها عن اختصاص المحكمة الاقتصادية .
( الطعن رقم 13788 لسنة 81 ق - جلسة 2013/03/24 )
9- المادة 178 من قانون المرافعات إذ أوجبت إشتمال الحكم على أسماء القضاة الذين أصدروه ورتبت البطلان جزاء على عدم بيان أسمائهم , فإن المقصود بالقضاة فى هذه المادة هؤلاء الذين سمعوا المرافعة واشتركوا فى المداولة وفصلوا فى الدعوى , لا أولئك الذين حضروا تلاوة الحكم , ولما كان مناط المداولة بين القضاة الذين أصدروا الحكم هو توقيعهم على مسودته التى أوجب المشرع إيداعها عند النطق بالحكم على النحو المبين بالمادة 175 من قانون المرافعات , وهو إيجاب قصد به ضمان أن يكون الحكم قد صدر بعد مداولة شملت أسبابه ومنطوقه واستقرت عقيدة المحكمة بشأنه على أساس ما ورد بالمسودة التى وقعت وأودعت وقت النطق به . لما كان ذلك , وكان البين من نسخة الحكم المطعون فيه الأصلية أنه أورد بمدوناته بياناً بأسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة وفصلوا فى الدعويين بعد المداولة التى دلت عليها مسودته المودعة والمشتملة على أسبابه ومنطوقه موقعاً عليها من هؤلاء القضاة , ومن ثم فلا يعيب الحكم وقوع خطأ مادى فى لقب القاضى ..... الذى سمع المرافعة واشترك فى المداولة ووقع على مسودته , كما لا يعيبه وضع اسم الأخير أمام كلمة وكيل النيابة بمحضرى جلستى ...... و.....إذ الثابت من محضرى الجلستين 4 , 8 من نوفمبر 2006 أن الهيئة مشكلة من ثلاثة قضاة من بينهم القاضى " محمد جودة محمد " فضلاً عن أن جميع جلسات المرافعة وجلسة النطق بالحكم قد خلت من تمثيل النيابة بها , ويكون الحكم المطعون فيه مبرءاً من قالة البطلان .
( الطعن رقم 4457 لسنة 77 ق - جلسة 2010/11/09 - س 61 ص 902 ق 153 )
10- المادة 178 من قانون المرافعات أوجبت - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يتضمن الحكم بيان أسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم ، وقد قصدت بذلك التعريف بأشخاص وصفات من تتردد بينهم الخصومة فى الدعوى التى صدر فيها الحكم تعريفاً نافياً للجهالة أو اللبس حتى لا يكتنف الغموض شخص المحكوم له والمحكوم عليه ، ورتبت هذه المادة البطلان على النقص أو الخطأ الجسيم فى أسماء الخصوم وصفاتهم ، وهو النقص أو الخطأ اللذين يترتب عليهما التجهيل بالخصم أو اللبس فى التعريف بشخصيته ، ولا يغنى عن هذا البيان إمكان معرفة اسم الخصم من ورقة أخرى من أوراق الدعوى ولو كانت رسمية لأن الحكم يجب أن يكون مشتملاً بذاته على استكمال شروط صحته بحيث لا يقبل تكملة ما نقص فيه من البيانات الجوهرية التى يستلزمها القانون لصحته بأى دليل آخر غير مستمد منه .
( الطعن رقم 11081 لسنة 65 ق - جلسة 2008/04/15 - س 59 ص 455 ق 79 )
11- تقديراً لأهميته البالغة لتسبيب الأحكام وتمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة سلامة تطبيق القانون على ما صح من وقائع أوجب المشرع على المحاكم على نحو ما جاء بالمادة 178 من قانون المرافعات أن تورد فى أحكامها ما أبداه الخصوم من دفوع وما ساقوه من دفاع جوهرى ليتسنى تقدير هذا وذاك فى ضوء الواقع الصحيح من الدعوى ثم إيراد الأسباب التى تبرر ما اتجهت إليه المحكمة من رأى ، ورتب المشرع على قصور الأسباب الواقعة ، والإيرادات الموجزة للدفوع والدفاع الجوهرى الذى أثير فى الدعوى بطلان الحكم .
(الطعن رقم 10593 لسنة 76 ق - جلسة 2008/02/26 - س 59 ص 261 ق 49 )
12- أنه يتعين لسلامة الحكم أن يورد فى أسبابه الدفوع الشكلية وغيرها من الدفوع الموضوعية الأخرى والرد عليها أياً كان حظها من الصواب أو الخطأ وإلا كان ذلك مشوباً بالبطلان وذلك على هدى مما تقضى بهالمادة 178 من قانون المرافعات .
( الطعن رقم 1000 لسنة 75 ق - جلسة 2006/06/27 - س 57 ص 630 ق 120 )
13- إذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد استند فى دعواه ببطلان حكم التحكيم الصادر ضده إلى أنه قد فصل فى النزاع موضوع اتفاق التحكيم بينه وبين المطعون ضده خلافاً للحكم السابق صدوره بتاريخ 1991/4/27 فى الدعوى رقم ... لسنة 1990 مدنى المنصورة الابتدائية والتى كان قد أقامها ضد آخرين بصحة ونفاذ العقد الابتدائى المؤرخ 1984/10/10والمتضمن شرائه منهم الأرض محل النزاع مع التسليم وتدخل فيها المطعون ضده هجومياً بطلب تثبيت ملكيته لها وقضى فيها بطلباته وبرفض موضوع تدخل المطعون ضده ، وكان البين من اتفاق التحكيم المؤرخ 1998/3/14 أنه لم يتضمن ما يفيد تنازل الطاعن عن ذلك الحكم الصادر لصالحه فكان يتعين على هيئة التحكيم ألا تمس حجية الحكم النهائى السابق صدوره فى النزاع احتراماً لحجية الأحكام القضائية التى تسمو على اعتبارات النظام العام وإذ لم تفعل وفصلت فى النزاع بأحقية المطعون ضده فى الأرض محل النزاع ومنع تعرض الطاعن له وعدم جواز تنفيذه للحكم الصادر لصالحه فى الدعوى القضائية سالفة الذكر فإنها بذلك تكون قد أهدرت حجية الحكم السابق صدوره فى ذات النزاع بين الخصمين وإذ أغفل الحكم المطعون فيه بحث هذا الدفاع وانتهى به ذلك إلى رفض دعوى الطاعن فإنه يكون معيباً بالقصور فى التسبيب الذى جره إلى الخطأ فى تطبيق القانون .
( الطعن رقم 1626 لسنة 74 ق - جلسة 2006/04/20 - س 57 ص 388 ق 79 )
14- إذ كان الثابت من الأوراق أن دفاع الطاعنين أمام محكمة الاستئناف قد جرى على أنهم لا يحوزون أطيان التداعى ولا تربطهم بالمطعون ضده أية رابطة قانونية تجيز له طلب إلزامهم بالتسليم فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعرض لهذا الدفاع رغم أنه جوهرى يتغير به - إن صح - وجه الرأى فى الدعوى وأقام قضاءه بإلزامهم بتسليم أطيان التداعى على مجرد سابقة القضاء فى الاستئناف رقم ..... لسنة 55 ق المنصورة برفض طلبهم عدم الاعتداد بعقد المطعون ضده المسجل رغم أن ذلك لا يكفى وحده لحمل قضائه بالتسليم فإنه يكون فضلاً عن خطئه فى تطبيق القانون قد ران عليه القصور المبطل .
( الطعن رقم 4511 لسنة 73 ق - جلسة 2006/04/20 - س 57 ص 384 ق 78 )
15- إذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعن مثل أمام محكمة الاستئناف بعد وفاة مورثه ( خلال أجل التحقيق لدى نظر استئنافه دعواه بصورية عقد البيع الصادر منه للمطعون ضده ) وتمسك بصورية عقد البيع سند الدعوى الصادر من الأخير للمطعون ضده الأول وأنه يستر تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا الدفاع إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع ولم يعن بفحصه وتمحيصه رغم كونه دفاعاً جوهرياً من شأنه – لو صح – أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى وقضى بتأييد الحكم المستأنف على قالة تقاعس المستأنف عن إحضار شهوده وهو مالا يواجه هذا الدفاع أو يحمل رداً يغنى عن بحثه وتحقيقه فضلاً عن أن إجراءات الإثبات يجب أن تتخذ فى مواجهة طرفى الخصومة من غير خلافه فيها مما يعيب الحكم بالقصور المبطل .
( الطعن رقم 502 لسنة 65 ق - جلسة 2006/01/22 - س 57 ص 60 ق 13 )
16- لئن كان قضاء المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن إعمالاً لحكم المادة 3/99من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانونين رقمى 23 لسنة 1992 ، 18 لسنة 1999 هو جزاء يوقع على المدعى لإهماله فى اتخاذ ما تأمر به المحكمة قصد به تأكيد سلطتها فى حمل الخصوم على تنفيذ أوامرها إلا أن مناط توقيع هذا الجزاء أن تكون المحكمة قد التزمت لدى إصدارها الأمر أحكام القانون إعمالاً وتطبيقاً وأن تكون فى مكنة الخصوم تنفيذ ما أمرت به لا يحول بينهم وبين ذلك وجود مانع قانونى ليس لإرادتهم دخل فيه استحال معه عليهم تنفيذ أوامرها ويكون مرد ذلك عدم فطنتها للقاعدة القانونية التى كان عليها إعمالها طبقاً لواقع الدعوى المطروح عليها والثابت من أوراقهاوالمستندات المقدمة فيها من الخصوم على وجه سليم ، ذلك أن إعمال القانون وتطبيق أحكامه صميم اختصاصها وواجبها التى خولها القانون إياه لا يلقى بتبعته على عاتق الخصوم كما لا يخضع لإرادتهم .
( الطعن رقم 323 لسنة 65 ق - جلسة 2006/01/25 - س 57 ص 83 ق 18 )
17- المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن النص في المواد (167)، (170)، (178) أنه إذا اشترك أحد القضاة في المداولة ولم يكن قد سمع المرافعة في الدعوى أو إذا تخلف أحد القضاة الذين أصدروا الحكم عن حضور جلسة النطق به بسبب مانع قهري ولم يثبت بنسخة الحكم الأصلية أنه وقع على مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه وأن غيره حل محله وقت النطق به كان الحكم باطلا، وهذا البطلان يتعلق بالنظام العام.
( طعن رقم 753 لسنة 69 ق - جلسة 16/ 5/ 2005 )
18- إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً فى النتيجة التى انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً فى أسباب الحكم الواقعية بما يقتضى بطلانه عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 178 من قانون المرافعات ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر فى أثره فى الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجد مضت إلى فحصه لتقف على أثره فى قضائها فإن هى لم تفعل كان حكمها قاصراً .
( الطعن رقم 7954 لسنة 64 ق - جلسة 2005/02/17 - س 56 ص 184 ق 32 )
19- إذ كانت المادة 178 من قانون المرافعات قد أوجبت أن تشتمل الأحكام على الأسباب التى بنيت عليها وإلا كانت باطلة ، بما مقتضاه أنه يتعين على المحكمة أن تبين الوقائع والأدلة التى استندت إليها فى حكمها وكونت منها عقيدتها بحيث تستطيع محكمة النقض أن تراقب ثبوت الوقائع وأدلة هذا الثبوت لتتحقق من الأدلة التى يصح قانوناً بناء الحكم عليها وأن ما أثير حوله من دفاع لا يؤثر فيه ، فإذا تعذر تعيين الدليل الذى كونت منه المحكمة اقتناعها بوجهة نظرها فإن الحكم يكون قد عابه قصور يبطله .
( الطعن رقم 7022 لسنة 63 ق - جلسة 2004/05/27 س 55 ع 1 ص 577 ق 106 )
20- الحكم القطعى الصادر من المحكمة ولو كان فرعياً لم ينه الخصومة كلها كالحكم ببعض الطلبات أو حسم النزاع حول طريق الإثبات مع إحالة الدعوى إلى التحقيق أو خبير إذ يكون من حسن سير العدالة أن تستكمل المحكمة التى أصدرت هذا الحكم نظرها إلى أن يفصل فيها بحكم منهى للخصومة .
( الطعن رقم 9579 لسنة 65 ق - جلسة 2003/05/27 - س 54 ع 1 ص 902 ق 156 )
21- لما كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 29 من يناير سنة 1992 قد قضى إلى جانب صحة المحرر المطعون عليه بالإنكار من مورث الطاعنين – وهو حكم قطعى متعلق بالإثبات حسم النزاع حول صحة عقد الشركة المحرر بين هذا المورث والمطعون ضدهما – بإحالة الدعوى إلى خبير لتحقيق عناصرها فإن هذا القضاء القطعى ينعقد به اختصاصها نظر الدعوى استثناءً من أحكام القانون رقم 23 لسنة 1992 على نحو ما سلف بيانه وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم اختصاص تلك المحكمة بنظر الدعوى فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون .
( الطعن رقم 9579 لسنة 65 ق - جلسة 2003/05/27 - س 54 ع 1 ص 902 ق 156 )
22- إذ كان الثابت فى الأوراق أن مورثة الطاعن توفيت بتاريخ 16/9/1999 وأن المطعون ضدهما اختصماها فى الاستئناف بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 1/3/2000 بعد وفاتها فإن الخصومة بينها وبينهما لا تكون قد انعقدت لوفاتها قبل رفع الاستئناف ويكون الحكم الصادر فيه معدوما بالنسبة لها، ولا ينال من ذلك أن عناصر هذا الدفع لم تكن مطروحة على محكمة الاستئناف، ذلك أن الدفع بانعدام الحكم يجوز تقديم دليله والتمسك به فى أية مرحلة من مراحل التقاضي.
( الطعن رقم 5963 لسنة 70 ق - جلسة 2002/05/28 - س 53 ع 2 ص 712 ق 139 )
23- إذ كانت الغاية الأساسية من تسبيب الحكم وعلى ما جاء فى المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 13 لسنة 1973 بتعديل نص المادة 178 من قانون المرافعات - هي الرقابة على عمل القاضي والتحقق من حسن استيعابه لوقائع النزاع ودفاع طرفيه والوقوف على أسباب قضاء المحكمة فيه وعلى ذلك فإن مراقبة تطبيق القانون وتقرير أو نفي المدعى به من مخالفة أحكامه لا تكون إلا من خلال النظر فيما أقام الحكم عليه قضاءه من أسباب واقعية كانت هذه الأسباب أو قانونية - ولا يكفي فى هذا الصدد مجرد النظر فى منطوقه.
( الطعن رقم 5182 لسنة 63 ق - جلسة 2002/04/09 - س 53 ع 1 ص 484 ق 92 )
24- مفاد المادة 178 من قانون المرافعات أنه يجب أن يبين فى الحكم أسماء الخصوم وألقابهم وموطن كل منهم، والنقص أو الخطأ الجسيم فى هذا البيان يترتب عليه بطلان الحكم، وهو بطلان متعلق بالنظام العام يجوز التمسك به أمام محكمة النقض.
( الطعن رقم 8330 لسنة 65 ق - جلسة 2002/02/11 - س 53 ع 1 ص 288 ق 52 )
25- إن المادة 178 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن يتضمن الحكم بيان أسماء الخصوم وصفاتهم إنما قصدت بذلك التعرف بأشخاص وصفات من تتردد بينهم الخصومة فى الدعوى التي يصدر فيها الحكم تعريفا نافيا للجهالة أو اللبس حتى لا يكتنف الغموض شخص المحكوم له أو المحكوم عليه.
( الطعن رقم 377 لسنة 65 ق - جلسة 2002/01/26 - س 53 ع 1 ص 172 ق 31)
26- إن العمل الإجرائي الصادر من جهة لا ولاية لها عمل منعدم لا يرتب القانون عليه أثرا، ومن ثم فإنه لا يتحصن بفوات مواعيد الطعن فيه، ويجوز الحكم بانعدامه مهما استطالت المدة بين وقوعه وتاريخ الطعن فيه.
( الطعن رقم 34 لسنة 71 ق - جلسة 2001/11/27 )
27- إذ كان الثابت فى ورقة الحكم المطعون فيه أن ديباجته اشتملت على بيان أسماء القضاة الذين أصدروه أي الذين سمعوا المرافعة واشتركوا فى المداولة، ثم ذيل بأسماء القضاة الذين حضروا تلاوته على نحو يبين منه بوضوح أن السيد المستشار.......... الذي شارك فى إصداره، تخلف عن حضور جلسة النطق به حيث حل محله السيد المستشار.........وهو مالا يمارى فيه الطاعن، وكان النعي بهذا السبب لا يتسع للقول بأن السيد المستشار............ الذي شارك فى إصدار الحكم لم يوقع على مسودته، وإنما اقتصر على تعييب نسخته بأنها خلت من إثبات بيان انه وقع على هذه المسودة وهو ليس من البيانات التي أوجب القانون اشتمال ورقة الحكم عليها، فإنه يكون مبرءاً من عيب البطلان .
(الطعن رقم 817 لسنة 63 جلسة 2000/04/18 س 51 ع 1 ص 599 ق 107)
28- النص فى المادة 2/178، 3 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون 13 لسنة 1973 على أنه "....... كما يجب أن يشتمل الحكم على عرض مجمل لوقائع الدعوى، ثم طلبات الخصوم، وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري ورأى النيابة ثم تذكر بعد ذلك أسباب الحكم ومنطوقه. والقصور فى أسباب الحكم الواقعية...... يترتب عليه بطلان الحكم" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه تقديراً للأهمية البالغة لتسبيب الأحكام وتمكيناً لمحكمة الدرجة الثانية من الوقوف على مدى صحة الأسس التي بنيت عليها الأحكام المستأنفة أمامها ثم لمحكمة النقض من بعد ذلك من مراقبة سلامة تطبيق القانون على ما صح من وقائع، فقد أوجب المشرع على المحاكم أن تورد فى أحكامها ما أبداه الخصوم من دفوع، وما ساقوه من دفاع جوهري، ليتسنى تقدير هذه وتلك فى ضوء الواقع الصحيح فى الدعوى ثم إيراد الأسباب التي تبرر ما اعتنقته المحكمة من رأى، ورتب المشرع على القصور فى الأسباب الواقعية بطلان الحكم، كما أنه بحكم ما للدفوع من أهمية بارزة فى سير الخصومات أفرد لها المشرع الفصل الأول من الباب السادس من الكتاب الأول من قانون المرافعات مبيناً كيفية التمسك بها وآثارها ورتب على تلك الأهمية وجوب إيراد خلاصة موجزة لها فى الحكم وذلك فى إطلاق غير مقيد بوصف معين خلافاً لما وصف به الدفاع - الذي يجب إيراده والرد عليه - من أن يكون جوهرياً على تقدير منه بتحقق هذا الوصف فى الدفوع كافة بخلاف أوجه الدفاع التي قد يُغني بعضها عن البعض الأخر، أو ينطوي الرد على إحداها على معنى اطراح ما عداها، ثم استلزم القانون لسلامة الأحكام أن تورد الرد الواقعي الكافي على تلك الدفوع وعلى الجوهري من أوجه الدفاع مرتباً البطلان جزاء على تقصيرها فى هذا الشأن
(الطعن رقم 6100 لسنة 66 جلسة 1999/05/30 س 50 ع 1 ص 763 ق 150)
29- ولئن كان الحكم القضائي متى صدر صحيحاً يظل منتجاً اثاره فيمتنع بحث اسباب العوار التى تلحقه إلا عن طريق التظلم منها بطرق الطعن المناسبة ولا سبيل لإهدار هذا الحكم بدعوى بطلان أصلية أو الدفع به فى دعوى أخرى إلا أنه استثناءً من هذا الأصل العام، فى بعض الصور ، القول بإمكان رفع دعوى بطلان أصلية أو الدفع بذلك كما إذا تجرد الحكم من اركانه الأساسية بحيث يشوبه عيب جوهرى جسيم يصيب كيانه ويفقده صفته كحكم ويحول دون اعتباره موجوداً منذ صدوره فلا يستنفد القاضى سلطته ولايرتب الحكم حجية الأمر المقضى ولايرد عليه تصحيح لأن المعدوم لايمكن رأب صدعه.
(الطعن رقم 2718 لسنة 67 جلسة 1999/05/18 س 50 ع 1 ص 689 ق 138)
30- بصدور الحكم يمتنع على المحكمة التي أصدرته العدول عما قضت به، ويعمل بهذه القاعدة بالنسبة لسائر الأحكام القطعية موضوعية كانت أو فرعية أنهت الخصومة أو لم تُنهها، وحتى يخرج النزاع من ولاية المحكمة يتعين أن تكون قد فصلت فيه صراحة أو ضمناً ويستوي أن يكون حكمها صحيحاً أو باطلاً أو مبنياً على إجراء باطل، ذلك لأن القاضي نفسه لا يُسلط على قضائه ولا يملك تعديله أو إلغاؤه إلاّ إذا نص القانون على ذلك صراحة.
(الطعن رقم 5390 لسنة 62 جلسة 1999/04/18 س 50 ع 1 ص 508 ق 100)
31- إذ كان الثابت من الأوراق أمام محكمة الاستئناف أن الطاعن وجه خطابا بعلم الوصول للمطعون ضدها بتاريخ 29 / 5 / 1995 يخبرها فيه بأن موطنه الجديد الذى يرغب في إعلانه عليه بشأن عقد البيع موضوع الدعوى هو ... ميدان طلعت حرب قسم قصر النيل بالقاهرة وهو ذات الموطن الذى اتخذه له في إنذار العرض الموجه منه لها بتاريخ 26 / 12 / 1995 وفى صحيفة الدعوى المقامة منه ضدها والمقيدة برقم 4240 سنة 1996 مدنى الاسكندرية الابتدائية المودع صحيفتها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 26 / 8 / 1996 ، وبهذه المستندات فقد أفصح الطاعن على وجه لا يحتمل الشك بأنه يرغب في إعلانه على هذا الموطن في شأن أى نزاع خاص بعقد البيع محل التداعى وليس في الموطن الذى كان قد عينه في العقد المشار إليه وإذ أغفلت المطعون ضدها ما تضمنته تلك المستندات وقامت بإعلان الطاعن بصحيفة الاستئناف وبإعادة إعلانها بها على الموطن الذى كان معينا سلفا بعقد البيع ، فإن هذا الإعلان يكون قد وقع باطلا ، لما كان ذلك وكان الطاعن لم يحضر طيلة نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف فتعذر عليه التمسك ببطلان الصحيفة أمامها ، وكان مؤدى ما تقدم أن الخصومة لم تنعقد ، فإن الحكم المطعون فيه يكون منعدماً .
( الطعن رقم 4736 لسنة 67 ق - جلسة 21/ 11/ 1999 )
32- الأصل فى تصحيح الأحكام أن يكون بطرق الطعن المقررة فى القانون إلا أن مناط ذلك أن يكون الحكم قائمأً مرتباً اثارهالقانوتية حتى ولو أعتوره شائبة تصيب صحته، أما إذا تجرد الحكم من أحد أركانه الأساسية بحيث شابه عيب جوهرى جسيم يصيب كيانه ويفقده صفته كحكم ويحول دون اعتباره موجوداً منذ صدوره فإنه يكون حكماً منعدماً لا وجود له قانوناً فلا يستنفد به القاضى سلطته ولا يرتب الحكم حجية الأمر المقضى ولا يرد عليه التصحيح بأى من طرق الطعن المقررة للأحكام القائمة والتى تحوز حجية لأن المعدوم لا يمكن رأب صدعه وليس فى حاجة إلى ما يعدمه فهو فى القانون غير موجود أصلاً ، ويكون السبيل لتقرير ذلك هو طريق الدعوى المبتدأة أو بإنكاره والتمسك بعدم وجوده عند الاحتجاج به.
(الطعن رقم 951 لسنة 61 جلسة 1999/02/11 س 50 ع 1 ص 224 ق 41)
33- إذ كان المشرع قد حصر طرق الطعن فى الأحكام ووضع لها آجالاً محددة وإجراءات معينة فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يمتنع بحث أسباب العوار التي قد تلحق بالأحكام إلا عن طريق التظلم منها بطرق الطعن المناسبة لها بحيث إذا كان الطعن غير جائز أو كان قد أستغلق فلا سبيل إلى إهدار تلك الأحكام بدعوى بطلان أصلية، وذلك تقديراً لحجية الأحكام باعتبارها عنوان الحقيقة فى ذاتها، وأنه وإن جاز استثناء من هذا الأصل العام فى بعض الصور القول بإمكان رفع دعوى بطلان أصلية أو الدفع بذلك، غير أنه لا يتأتى إلا عند تجرد الحكم من أركانه الأساسية بحيث يشوبه عيب جوهري جسيم يصيب كيانه ويفقده صفته كحكم ويحول دون اعتباره موجوداً منذ صدوره فلا يستنفد القاضي بذلك سلطته ولا يرتب الحكم حجية الأمر المقضي ولا يرد عليه التصحيح لأن المعدوم لا يمكن رأب صدعه، أما إذا لم يتجرد الحكم من أركانه الأساسية بأن كان صادراً فى خصومة من محكمة فى حدود ولايتها القضائية مكتوباً شأنه شأن أي ورقة من أوراق المرافعات فلا سبيل لإهداره بدعوى بطلان أصلية ولو كان غير جائز الطعن فيه أو كان الخصم المتضرر منه قد أستنفد طرق الطعن كافة.
(الطعن رقم 4008 لسنة 62 جلسة 1999/02/25 س 50 ع 1 ص 310 ق 58)
34- النص فى المادة 162 من قانون المرافعات وإن جرى على أن "يترتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى الأصلية إلى أن يحكم فيه نهائيا....." بما ينبني عليه انعدام الحكم الصادر من القاضي فى الدعوى التي أوقفت بقوة القانون بسبب رده لانحسار ولايته عنها نتيجة هذا الوقف، إلا أن النص فى المادة 162 مكرراً على أنه "إذا قضى برفض طلب الرد أو سقوط الحق فيه أو عدم قبوله أو إثبات التنازل عنه، لا يترتب على تقديم أي طلب رد آخر وقف الدعوى الأصلية، ومع ذلك يجوز للمحكمة التي تنظر طلب الرد أن تأمر بناء على طلب أحد ذوي الشأن بوقف السير فى الدعوى الأصلية ويسري فى هذه الحالة حكم المادة السابقة" يدل - وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع قصد من استحداث هذا النص الأخير - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - علاج الحالات التي قد يعمد فيها الخصوم إلى تعطيل سير الدعوى الأصلية عن طريق طلبات الرد المتعاقبة، وذلك بأن جعل أي طلب آخر بالرد من أي من الخصوم ولو كان موجهاً إلى قاض آخر بعد القضاء برفض الطلب الأول أو بسقوط الحق أو بعدم قبوله أو بإثبات التنازل عنه لا يترتب على تقديمه وقف السير فى الدعوى ما لم تر المحكمة التي تنظر طلب الرد - وذلك بناء على طلب أحد ذوي الشأن - وقفها بما يكون معه هذا الوقف فى هذه الحالة أمراً جوازياً لها، وبالتالي فلا على المحكمة إن استمرت فى نظر الاستئناف رقم 894 لسنة 1988 مستعجل القاهرة ثم إصدار حكمها فيه رغم تقرير الطاعنة بتاريخ 1990/6/16 برد عضوي الدائرة التي تنظره بعد أن كانت المحكمة قد أثبتت بتاريخ 1988/11/30 تنازل المطعون ضدها الأولى عن طلب ردها للرئيس السابق للدائرة تنظر الاستئناف المشار إليه مادام أنه لم يثبت من الأوراق صدور أمر بوقف السير فيه من المحكمة التي تنظر طلب الرد الأخير ويكون الحكم فيه بمنأى عن قالة البطلان.
(الطعن رقم 4008 لسنة 62 جلسة 1999/02/25 س 50 ع 1 ص 310 ق 58)
35- إذ كان الثابت فى الأوراق - وباتفاق طرفى التداعى - وفاة مورثة الطاعنين قبل الطعن على قرار لجنة الطعن الضريبى بالدعوى رقم ........ سنة ........ الزقازيق الابتدائية - التى أقيمت باعتيار المورثة واخر مدعيين فيها - وكان أمر هذه الوفاة مطروحا على محكمة الاستئناف فإن الخصومة فى هذه الدعوى تكون قد ولدت معدومة بالنسبة لمورثة الطاعنين ويكون الحكم الصادر فيها منعدما لا سبيل لإنكاره إلا بطريق الدعوى المبتدأة - حيث يتقرر فيها إنعدامه - أو بالتمسك بعدم وجوده عند الاحتجاج به، وكان حقاً على تلك المحكمة والحال كذلك أن تقضى من تلقاء ذاتها بعدم جواز استئنافه لتعلق ذلك بالنظام العام إلا أنها وقد تنكبت هذا النظر فإن حكمها المطعون فيه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه.
(الطعن رقم 951 لسنة 61 جلسة 1999/02/11 س 50 ع 1 ص 224 ق 41)
36- لما كان الحكم المطعون فيه لم يتناول شق من الحكم الابتدائي بالإلغاء فمفاداة تأييده فى هذا الصدد.
(الطعن رقم 366 لسنة 63 جلسة 1998/03/16 س 49 ع 1 ص 232 ق 58)
37- إذا كان الثابت من الأوراق أن محكمة الاستئناف قد حكمت بتاريخ 1988/3/21 ببطلان الحكم المستأنف _ الذى قضى بصحة ونفاذ عقد البيع محل النزاع وذلك بسبب صدوره خلال فترة انقطاع الخصومة بقوة القانون لوفاة مورث الطاعنين والمطعون ضدهن من الخامسة وحتى الثامنة ، إلا أنها عادت وحكمت بتاريخ 1990/12/17 بتأييده لأسبابه فيما قضى من رفض الادعاء بتزوير عقد البيع سند الدعوى فإن حكمها يكون قد أيد حكماً باطلاً وأحال إلى عدم مما يبطله ويبطل بالتالى الحكم اللاحق عليه الصادر بتاريخ 1991/5/20 فى موضوع الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف .
(الطعن رقم 4158 لسنة 61 جلسة 1997/06/28 س 48 ع 2 ص 1021 ق 194)
38- لئن كان الأصل أن يكون كل حكم مستوفياً بذاته جميع أسبابه إلا أن القانون لا يحول دون أن تعتمد المحكمة الاستئنافية فى حكمها على الأسباب المدونة فيما يكون قد صدر من قبل من أحكام بين الخصوم أنفسهم فى ذات الدعوى شريطة ألا تكون قد أبطلت الأحكام التى أحالت إلى أسبابها وإلا كان حكمها قد أيد حكماً باطلاً وأحال إلى عدم مما يبطله .
(الطعن رقم 4158 لسنة 61 جلسة 1997/06/28 س 48 ع 2 ص 1021 ق 194)
39- لما كان أخذ محكمة الموضوع بتقرير الخبير المقدم فى الدعوى وأحالت فى بيان أسباب حكمها اليه وكان ما أورده الخبير لا يؤدى الى النتيجة التى انتهت اليها بحيث لا تصلح رداً على دفاع جوهرى تمسك به الخصوم كان حكمها معيباً بالقصور .
(الطعن رقم 9214 لسنة 65 جلسة 1997/01/26 س 48 ع 1 ص 213 ق 41)
40- لما كانت الفقرة الاولى من المادة 178 من قانون المرافعات قد تضمنت ذكر البيانات التى يجب ان يتضمنها الحكم وليس من بينها ما اذا كان صادراً فى منازعة تنفيذ او منازعة مدنية عادية، وكان الواقع فى الخصومة المطروحة ان محكمة اول درجة قد عرضت لها بحسبانها منازعة تنفيذ موضوعية وخلصت فى قضائها الى رفض الدعوى تأسيساً على عدم توافر احكام المادة 394 من نفس القانون بشأن دعوى استرداد الاشياء المحجوزة - لعدم ثبوت ملكية الطاعنة للمنقولات المحجوز عليها - فان الحكم المطعون فيه اذ اقام بالغاء الحكم المستأنف واحالة الدعوى الى قاضى التنفيذ بمحكمة الوايلى للاختصاص استناداً الى ان الحكم قد خلت ديباجته ومدوناته فضلاً عن اسبابه ومنطوقه مما يفيد انه صدر فى منازعة تنفيذ موضوعية وتحجب عن نظر موضوع الدعوى والفصل فيها، فانه يكون معيباً .
(الطعن رقم 1643 لسنة 59 جلسة 1996/12/18 س 47 ع 2 ص 1579 ق 288)
41- لما كان ذلك وكان الثابت مما ورد بديباجة الحكم الصادر بتاريخ 1988/3/27 من محكمة أول درجة والقاضي بندب خبير فى الدعوى أنه صدر فى غرفة مشورة مما مفاده صدوره فى غير علانية فإنه يكون باطلاً بطلاناً متعلقا بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسه وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على ما خلص إليه الخبير فى تقريره والذي شاب الحكم القاضي بندبه البطلان فإنه يكون باطلا بما يوجب نقضه.
(الطعن رقم 850 لسنة 60 جلسة 1996/12/05 س 47 ع 2 ص 1467 ق 266)
42- تضمين الحكم بيانه انه صدر بعد المداولة امر لم يوجبه القانون وكل ما فرضه فى المواد 166 وما بعدها من قانون المرافعات هو وجوب صدور الحكم بعد المداولة وقد خلا نص المادة 178 من ذلك القانون التى حددت البيانات التى يجب ان يتضمنها الحكم من النص على وجوب اثبات هذا البيان، واذ كان الاصل فى الإجراءات انها روعيت صحيحة وعلى من يدعى انها خولفت اقامة الدليل، وكان توقيع الهيئة التى اصدرت الحكم المطعون فيه على مسودته هو عنوان اجراء المداولة فيما بينهم قبل اصداره ولم تقدم الطاعنة دليلاً على خلاف ذلك فان خلو الحكم المطعون فيه أو محضر جلسة النطق به فى ذلك البيان لا يعيبه ولا يبطله .
(الطعن رقم 2439 لسنة 65 جلسة 1996/11/07 س 47 ع 2 ص 1266 ق 230)
43- التناقض الذى يفسد الحكم هو ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يكفى لحمل الحكم عليه، او ما يكون واقعا فى اسبابه بحيث لا يمكن معه ان يفهم على أى اساس قضت به المحكمة بما قضت به فى المنطوق.
(الطعن رقم 1430 لسنة 59 جلسة 1996/05/05 س 47 ع 1 ص 717 ق 134)
44- قاعدة " الغش يبطل التصرفات " هى قاعدة قانونية سليمة ولو لم يجز بها نص خاص فى القانون، وتقوم على اعتبارات خلقية وإجتماعية فى محاربة الغش والخديعة والاحتيال، وعدم الانحراف عن جادة حسن النية الواجب توافرة فى التصرفات والإجراءات عموماً صيانة لمصلحة الأفراد والجماعات ولذا يبطل الحكم إذا ثبت أنه صدر عن إجراءات تنطوى على غش بقصد منع المدعى عليه من العلم الدعوى وإبداء دفاعه فيها رغم استيفائها ظاهرياً لأوامر القانون.
(الطعن رقم 1629 لسنة 60 جلسة 1995/12/12 س 46 ع 2 ص 1363 ق 268)
45- إذ كان الثابت من تحقيقات الجنحة عن الواقعة محل الدعوى أن المقطورة المؤمن عليها لدى الشركة الطاعنة لم تصطدم بسيارة مورث المضرورين إنما الاصطدام قد حدث من السيارة القاطرة لها والغير مؤمن عليها لديها مما تنتفي معه مسئوليتها عن الحادث. وإذ خالف الحكم ذلك وقضى بإلزامها بالتعويض فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
(الطعن رقم 7169 لسنة 63 جلسة 1995/01/25 س 46 ع 1 ص 247 ق 49)
46- إذا كان الحكم قد بنى على واقعة لا سند لها فى أوراق الدعوى أو مستنده إلى مصدر موجود ولكنه مناقض لها أو مستحيل عقلا استخلاص تلك الواقعة منه فإنه يكون باطلا.
(الطعن رقم 2210 لسنة 63 جلسة 1994/12/07 س 45 ع 2 ص 1563 ق 293)
47- ولئن كان للمحكمة أن تستقى من تقرير باطل المعلومات التى يتبين لها صحتها إلا أن ذلك مشروط بان لا يكون قضاؤها مؤسسا أصلا على هذه المعلومات وحدها وألا يكون هذا التقرير الباطل هو الأساس الوحيد الذى بنى عليه حكمها بل يتعين أن يكون التقرير الذى تستند إليه دليلا سليما لا يشوبه بطلان، لا يقدح فى ذلك أن الأمر فى عمل الخبراء مرده إلى المحكمة التى لها الرأى الأعلى فى تقدير نتيجة عملهم وبحوثهم فى المسائل المتنازع عليها، إذ أن سلطة المحكمة فى تقدير أراء الخبراء محلها أن تكون هذه الأراء قد قدمت لها فى تقرير صحيح، لا فى تقرير باطل مناف للمقصود من تعيين ثلاثة خبراء.
(الطعن رقم 506 لسنة 62 جلسة 1994/04/10 س 45 ع 1 ص 673 ق 128)
48- متى أقام الحكم الاستئنافى قضاءه على أسباب خاصة به دون إحالة الى أسباب الحكم الابتدائى، فإن النعى على الحكم الأخير يكون غير مقبول .
(الطعن رقم 56 لسنة 60 جلسة 1994/02/15 س 45 ع 1 ص 358 ق 75)
49- النص فى المادة الثانية من الدستور على أن " الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ..." وفى المادة 165 منه على أن " السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على إختلاف انواعها ودرجاتها ن وتصدر أحكامها وفق القانون" وفى المادة 19 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 على أن " لغة المحاكم هى اللغة العربية، وعلى المحكمة أن تسمع أقوال الخصم أو الشهود الذين يجهلونها بواسطة مترجم بعد حلف اليمين " - يدل على أن المشرع عد اللغة العربية من السمات الجوهرية والمقومات الأساسية التى ينهض عليها نظام الدولة، مما يوجب على الجماعة بأسرها حكومة وشعبا بحسب الأصل الإلتزام بها دون أيه لغة أخرى كوسيلة للخطاب والتعبير فى جميع المعاملات وشتى المجالات على إختلافها. وحرص المشرع على تقنين هذا الحكم فى مجال القضاء بإيجاد نص صريح جلى المعنى قاطع الدلالة فى أن اللغة العربية هى المعتبره أمام المحاكم يلتزم بها المتقاضى والقاضى على السواء فيما يتعلق بإجراءات التقاضى أو الإثبات أو إصدار الأحكام . وقد عالج هذا النص الحالة التى يتحدث فيها الخصوم أو الشهود بلغة أجنبية فأوجب ترجمة أقواله إلى اللغة العربية، وحكمه يجرى كذلك على سائر المحررات المدونه بلغة أجنبية التى يتساند إليها الخصوم فيتعين لقبول هذه المحررات أن تكون مصحوبه بترجمة عربية لها لذات العله،وتحقيقا للغاية التى استهدفها المشرع من الإلتزام بإستخدام اللغة العربية بإعتبارها اللغة الرسمية للدولة وإحدى الركائز لإعمال سيادتها وبسط سلطانها على أراضيها مما يحتم على الجميع عدم التفريط فيها أو الإنتقاص من شأنها على أية صورة كانت، والقاعدة التى قننتها المادة 19 من قانون السلطة القضائية بهذه المثابة تعد من أصول نظام القضاء المتعلقة بالنظام العام . فيترتب على مخالفتها البطلان المطلق، ومن ثم يجوز للخصوم التمسك بهذا البطلان كما للمحكمة إثارته من تلقاء نفسها فى أية حالة كانت عليها الدعوى . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر حين استند فى قضائه بالزام الشركة الطاعنة بتحرير عقد لإيجار للمطعون ضده الأول عن الشقة موضوع النزاع إلى عقد إيجارها الأصلى الذى قدمه الأخير متخذا منه ركيزه أقام عليه قضاءه فيما ذهب إليه من صدور هذا العقد من المالك السابق للعقار الكائن به الشقة للمطعون ضده الثانى الذى تنازل عنها للمطعون ضده الأول بإعتبارها مكتبا للمحاماه على الرغم من كونه محررا باللغة الفرنسية دون تقديم ترجمة عربية لبياناته ونصوصه التى عول عليها الحكم فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
(الطعن رقم 2333 لسنة 59 جلسة 1994/01/16 س 45 ع 1 ص 158 ق 34)
50- الدائن الذى لا يختصم فى الدعوى التى ترفع من مدينه على آخر أو ترفع عليه يعتبر مائلا فيها بمدينة وبالتالى فإن هذا الدائن لا يعتبر من الغير بالنسبة إلى الحكم الذى يصدر فيهاعلى مدينة فتمتد إليه حجيته وذلك كله مالم يكن هذا الحكم قد صدر بناء على غش وتواطؤ بين مدينه وخصمه فى الدعوى إضرار به ففى هذه الأحوال يكون الدائن من الغير بالنسبة لهذا الحكم فلا يحتاج به ولا يكون ساريا فى مواجهته.
(الطعن رقم 2902 لسنة 59 جلسة 1993/12/16 س 44 ع 3 ص 422 ق 362)
51- لما كانت سلطة قاضى الموضوع فى العدول عن المدلول الظاهر لصيغ العقود والشروط وسائر المحررات مقيدة بأن يبين فى حكمة لما عدل عنه إلى خلافه وكيف أفادت تلك الصيغ المعنى الذى أخذ به ورجح أنه مقصود المتعاقدين بحيث يتضح لمحكمة النقض من هذا البيان أن القاضى اعتمد فى تأويله على اعتبارات معقولة يصح معها استخلاص ما استخلصه منها ، وكان البين من الطلب المؤرخ .......... أنه تضمن طلب ........... فى أن يحل محل الطاعن فى دينه قبل المطعون ضده وفى عدم مطالبة المدين الأصلى بهذا الدين، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على قوله ".......... أن هذا الاتفاق ليس إلا عقد كفالة " وكان الذى أورده الحكم المطعون فيه لا يبين منه الاعتبارات التى دعته إلى عدم الأخذ بظاهر عبارات الطلب وكيف أفادت تلك العبارات المعنى الذى استخلصه منها واستلزم أن يتضمن الطلب اتفاق المحال عليه والمطعون ضده لتتم حواله الدين فى حين أنه لا يلزم فى الاتفاق المباشر بين الدائن والمحال عليه شكل خاص بل يكفى أى تعبير عن الارادة ولو كان ضمنيا يدل على تراضى الطرفين واتجاه نيتها إلى أتمام حوالة الدين.
(الطعن رقم 1284 لسنة 58 جلسة 1993/06/22 س 44 ع 2 ص 745 ق 259)
52- حسن النية الذى يقضيه التملك بالتقادم الخمسى هو اعتقاد المتصرف إليه اعتقاداً سليماً تاماً حين التصرف أن المتصرف مالك لما يتصرف فيه، بحيث إذا شاب هذا الاعتقاد ثمة شك انتفى حسن النية . وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بسبق منازعته للمطعون ضدهما الأولين فى وضع يدهما على أطيان النزاع قبل تلقى حقهما بالعقد المسجل ........... بتاريخ ........... وقدم تدليلاً على دفاعه صورة المحضر ............. إدارى مركز .............. والمتضمن شكواه بتاريخ .......... من اغتصاب المطعون ضده الأول لأطيان النزاع، وكذلك صورة رسمية من الحكم الصادر فى دعوى منع التعرض ............. مدنى أبو كبير الجزئية والتى أقامها بتاريخ ............. على المطعون ضده الأول ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على أن المطعون ضدهما الأول والثانى تملكا أطيان النزاع بالتقادم الخمسى إذ خلت الأوراق من دليل على منازعة الطاعن لهما فى وضع يدهما عليها، وأنه لم يقدم دليلا على سوء نيتهما، مما يبين منه أنه لم يطلع على المستندات المقدمة من الطاعن ويبحثها لتقديره رغم ما قد يكون لها من دلالة مؤثرة فى الدعوى بشأن ثبوت حسن النية أو سوئها، فإنه يكون معيباً بمخالفة الثابت فى الأوراق والقصور فى التسبيب .
(الطعن رقم 1034 لسنة 58 جلسة 1993/06/15 س 44 ع 2 ص 682 ق 247)
53- لا يوجد فى القانون ثمة ما يمنع محكمة الاستئناف من أن تستند إلى الأسباب التى قام عليها الحكم الابتدائى فى خصوص مسألة بعينها وأن تحيل إليه بشأنها متى رأت فيها ما يغنى عن إيراد جديد وتعتبر أسباب الحكم الابتدائى فى هذا الخصوص جزءا متمما للحكم الاستئنافى.
(الطعن رقم 1099 لسنة 59 جلسة 1993/05/27 س 44 ع 2 ص 542 ق 225)
54- محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد إستقلالا على كل دفاع لخصم طالما أن الحقيقة التى إقتنعت بها وأوردت دليلها فيها الرد الضمنى المسقط له. (ال
طعن رقم 725 لسنة 58 جلسة 1993/04/18 س 44 ع 2 ص 147 ق 164)
55- متى كان الحكم فى الدعوى السابقة - بين ذات الخصوم - ليست له حجية فى النزاع المعروض، وكان التمسك به لا يعتبر دفاعاً جوهرياً قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى، فإن إغفال الحكم المطعون فيه الإشارة إليه لا يعيبه بالقصور فى التسبيب أو الإخلال بحق الدفاع .
(الطعن رقم 1788 لسنة 58 جلسة 1993/01/27 س 44 ع 1 ص 322 ق 60)
56- محكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير ملزمة بالرد فى حكمها على ما يثيره الخصوم فيما اختلفوا فيه أو على كل قرينة من القرائن غير القانونية التى يدلون بها استدلالاً على دفاعهم إذ فى قيام الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمنى المسقط لكافة الحجج والطلبات .
(الطعن رقم 2434 لسنة 58 جلسة 1993/01/07 س 44 ع 1 ص 171 ق 33)
57- إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين تمسكا بسقوط دعوى التعويض بالتقادم الثلاثى طبقا للمادة 172 من القانون المدنى، وإذ رفض الحكم هذا الدفع دون أن يتناول بما فيه الكفاية مدة سقوط دعوى المسئولية بالتقادم الثلاثى طبقا للمادة 172 من القانون المدنى وما إذا كانت قد اكتملت قبل نفاذ دستور1971من عدمه، فإنه يكون معيباً بالقصور فى التسبيب جره إلى الخطأ فى تطبيق القانون.
(الطعن رقم 1041 لسنة 58 جلسة 1993/04/14 س 44 ع 2 ص 104 ق 158)
58- إذ كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تقدير الدليل دون رقابة عليها فى ذلك لمحكمة النقض إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب التى أقامت عليها قضاءها سائغة فإذا أخذت بتقرير الخبير المقدم فى الدعوى وأحالت فى بيان أسباب حكمها إليه وكانت أسبابه لا تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها بحيث لا تصلح ردا على دفاع جوهرى تمسك به الخصوم فإن حكمها يكون معيباً بالقصور .
(الطعن رقم 563 لسنة 59 جلسة 1993/06/15 س 44 ع 2 ص 686 ق 248)
59- الدعاوى المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية يتعين نظرها فى غير علانية وبحضور أحد أعضاء النيابة لنص المادتين 871،887 من قانون المرافعات والواردتين فى الكتاب الرابع منه وكان البين من الأوراق أن محاضر جلسات 1989/12/6، 6/2/، 1990/110/10 وهى الجلسات التى نظرت فيها الدعوى أمام محكمة الاستئناف تضمنت ما يفيد عقدها فى علانية ولم يثبت حضور أحد أعضاء النيابة فى جلستى 6/2، 1990/3/7إلا أن المرافعة فيها لم تتناول مسائل متعلقة بالأحوال الشخصية الخاصة بأى من طرفى المنازعة بما لا يخل بالسرية المطلوب توافرها عند نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف ___ فضلاً عن أن النيابة العامة أبدت الرأى وثبت ذلك فى الحكم مما يكون معه هذا السبب على غير أساس __ من المقرر- وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن بيان رأى النيابة ليس من البيانات التى يترتب على إغفالها فى الحكم بطلانه ومن ثم فلا على الحكم المطعون فيه إن لم يعرض لدفاع الطاعنة فى هذا الشأن - بطلان حكم محكمة أول درجة لخلوه من بيان رأى النيابة العامة - لافتقاره إلى الأساس القانونى الصحيح.
(الطعن رقم 29 لسنة 61 جلسة 1992/09/15 س 43 ع 2 ص 1077 ق 218)
60- لا يقبل النعى على الحكم بدفاع لا صفة للطاعن فى إبدائه، وكانت الشركة المطعون ضدها الأخيرة لم تطعن على الحكم ولا صفة للطاعن فى تمثيلها فإن النعى - بأن الشركة المطعون ضدها الأخيرة لم تعلن بالدعوى ولم تدع أمام الخبير - أياً كان وجه الرأى فيه - يكون غير مقبول.
(الطعن رقم 1474 لسنة 58 جلسة 1992/07/28 س 43 ع 1 ص 1002 ق 208)
61- متى كان الحكم سليما فى نتيجته فلا يبطله ما يقع فى أسبابه من أخطاء قانونية ما دام أن هذا الخطأ لم يؤثر فى النتيجة الصحيحة التى إنتهى إليها، ولمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب دون أن تنقضه وأن تستوفى ما قصر فيه الحكم من أسباب قانونية.
(الطعن رقم 828 لسنة 58 جلسة 1992/06/18 س 43 ع 1 ص 828 ق 172)
62- الدفاع الذى تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه هو الدفاع الجوهري الذى من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي فى الدعوى والذى يكون مدعية قد أقام الدليل عليه أمام المحكمة أو طلب إليها وفقا للأوضاع المقررة فى القانون تمكينه من إثباته أمامها دون ذلك من أوجه الدفاع فإنه لا يعدو أن يكون من قبيل الرسل من القول الذى لا إلزام على محكمة الموضوع بالالتفات إليه لما كان ذلك وكانت أوراق الدعوى قد جاءت خلوا مما يدل على أن الطاعنة قد تقدمت إلى محكمة الموضوع بدرجتيها بصورة من تحقيقات المحضر رقم 2954 لسنة 1986 أو أنها طلبت إلى تلك المحكمة أن تأمر بضمه وكان لا إلزام على المحكمة بالسعى إلى إقامة الدليل على أوجه الدفاع غير المقرونة بما يثبتها فإن النعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
(الطعن رقم 107 لسنة 59 جلسة 1992/04/21 س 43 ع 1 ص 632 ق 132)
63- إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يصدر فى مادة تجارية فلا عليه إن لم يقض بإلزام المطعون ضده الأول بتقديم كفالة رغم شمول الحكم بالنفاذ المعجل ومن ثم يكون النعى على الحكم المطعون فيه بالسبب السادس غير مقبول.
(الطعن رقم 1935 لسنة 57 جلسة 1992/04/09 س 43 ع 1 ص 555 ق 118)
64- كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأى فى الحكم يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه بأسباب خاصة وإلا اعتبر حكمها خالياً من الأسباب متعيناً نقضه .
(الطعن رقم 702 لسنة 52 جلسة 1991/12/15 س 42 ع 2 ص 1853 ق 291)
66- مفاد الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات أنه إذا نقض الحكم نقضاً كلياً و إحيلت القضية إلى المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم أنه يتحتم على تلك المحكمة أن تتبع حكم النقض فى المسألة القانونية التى فصلت فيها المحكمة وكان يقصد بالمسألة القانونية فى هذا المجال أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وتبصر فإكتسب حكمها قوة الشىء المحكوم فيه فى حدود المسألة أو المسائل التى قد ثبت فيها بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية، أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت و كانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض ويكون للخصوم أن يطرحوا عليها أوجه دفاع ودفوع جديدة إلا ما كان قد سقط الحق فيه ويكون لها مطلق الحرية فى الفصل بما تراه فى كل ما يتعلق بموضوع الدعوى حسبه ما تكون به عقيدتها من كافة أوراقها ومستنداتها وهى مقيده فى هذا المجال بما أوجبته عليها المادة 176 من قانون المرافعات من أن يشتمل حكمها على أسباب التى بنى عليها وإلا كان باطلاً فيكون عليها أن تورد أسباباً جديدة تكون دعامة كافية لما إنتهت إليه كما يتعين عليها وفقاً للمادة 178 من ذات القانون أن تبين الوقائع والأدلة التى استندت إليها فى حكمها وكونت منها عقيدتها بحيث تستطيع محكمة النقض أن تراقب ثبوت الوقائع وأدلة هذا الثبوت لتحقق من أنه من الأدلة التى يصح قانوناً بناء الحكم عليها وأن ما أثير حوله من دفاع لا يؤثر فيه فإذا تعذر تعين الدليل الذى كونت منه المحكمة اقتناعها بوجهة نظرها فإن الحكم يكون قد عابه قصور يبطله.
(الطعن رقم 641 لسنة 60 جلسة 1991/04/28 س 42 ع 1 ص 939 ق 154)
67- لما كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لأقوال شهود الدعوى إيراداً ورداً و أغفل بحث دلالة أقوال شاهدى الطاعن ، و لو أنه عنى ببحثها لجاز أن يتغير وجه الرأى فى الدعوى، و من ثم فإنه يكون مشوباً بالقصور فى التسبيب .
(الطعن رقم 507 لسنة 54 جلسة 1990/02/21 س 41 ع 1 ص 544 ق 91)
68- أوجبت المادة 178 من قانون المرافعات أن يتضمن الحكم بيانات معينة من بينها " عرض مجمل لواقع الدعوى ثم طلبات الخصوم و خلاصة موجزه لدفوعهم ز دفاعهم الجوهري " إلا أنه يتعين لإعتبار هذا البيان جوهرياً يترتب على إغفاله البطلان أن يكون الحكم قد فصل فى النزاع بوقائعه التي قدمت بصددها أوجه الدفاع و الدفوع ، أما إذا إقتصر الحكم على قضاء ينصرف إلى بحث مدى توافر شروط معينة بوجبها القانون فى الطلب المتداعي بشأنه فلا على المحكمة إن هي أغفلت إيراد أوجه دفاع الخصوم التي لا تتصل بقضائها طالما كان حكمها مسبباً تسبيباً كافياً لتسويغ ما حكمت به .
(الطعن رقم 1389 لسنة 53 جلسة 1989/01/19 س 40 ع 1 ص 216 ق 46)
69- لما كان لمحكمة النقض من تلقاء نفسها - كما يجوز لكل من الخصوم و للنيابة - إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام و لو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو فى صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع و الأوراق التى سبق عرضها على محكمة الموضوع ، و وردت هذه الأسباب على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن و إكتسب قوة الشىء المحكوم فيه و كانت المادة 178 من قانون المرافعات تستوجب أن يبين فى الحكم أسماء القضاه الذين سمعوا المرافعة و إشتركوا فيه و حضروا تلاوته و ترتب جزاءً على بيان أسماء القضاه الذين أصدروه ، و كان الثابت من بيانات النسخة الأصلية للحكم المطعون فيه إنها إشتملت على أسم رئيس الدائرة التى أصدرته و خلت من أسمى عضوى هذه الدائرة فإنه يكون باطلاً ، و لما كان هذا البطلان قد ترتب على إغفال بيان جوهرى جعل الحكم لا يدل بذاته على إستكمال شروط صحته فإنه يكون بطلاناً متعلقاً بالنظام العام .
(الطعن رقم 1454 لسنة 52 جلسة 1988/06/28 س 39 ع 2 ص 1096 ق 181)
70- إذ كانت المادة 178 من قانون المرافعات قد نصت فى فقرتها الأولى على أنه يجب أن يبين فى الحكم أسماء القضاه الذين سمعوا المرافعة و أشتركوا فى الحكم و حضروا تلاوته كما نصت فى فقرتها الثانية على أن عدم بيان أسماء القضاه الذين أصدروا الحكم يترتب عليه بطلانه ، و كان المقصود بعبارة القضاه الذين أصدروا الحكم التى وردت فى تلك الفقرة الثانية إنما هم القضاه الذين فصلوا فى الدعوى لا القضاء الذين حضروا تلاوة الحكم ، لما كان ذلك و كان الحكم الإبتدائى قد أشتمل على بيان واضح دون تجهيل بأسماء القضاه الذين أصدروا الحكم فإن فى ذلك ما يكفى للأمته لإستيفاء البيان الذى يوجبه القانون ، و إذ كان الطاعن لا يمارى فى أن هؤلاء القضاه هم الذين سمعوا المرافعة و إشتركوا فى المداولة و وقعوا على مسودة الحكم و إنما إقتصر نعية على تعييب ذلك الحكم لإغفالة إثبات بيان أن القاضى ........... الذى حضر تلاوته لم يشترك فى المداولة و لم يوقع على مسودته و كان هذا الأمر محل النعى ليس من البيانات التى يتطلبها القانون ، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون صائباً إذ إلتزم هذا النظر فى رده على الدفع ببطلان الحكم المستأنف .
(الطعن رقم 2023 لسنة 54 جلسة 1988/03/31 س 39 ع 1 ص 582 ق 115)
71- و لئن كان محضر الجلسة يعتبر ورقة رسمية يعول عليها فى إثبات ما يدور بالجلسة و يقع فيها و ما يدلى به الخصوم من دفوع و أوجه دفاع و لا يقبل إنكار و إثبات ما يخالف ما ورد به إلا بطريق الطعن عليه بالتزوير طبقاً لنص المادة 11 من قانون الإثبات إلا أنه إذا أغفل محرره إثبات بيان أدلى به أثناء نظر الدعوى و أثبته القاضى بالرول الخاص به فإنه يعتبر مكملاً لمحضر الجلسة فى خصوص ما أثبت فيه و خلا منه محضر الجلسة ما دام لا يتعارض معه . لما كان ذلك و كان البين من محضر جلسة 1981/5/10 أمام محكمة أول درجة أنه تضمن إثبات حضور الأستاذ ... عن الأستاذ ... عن الطاعنة بتوكيل لم يدون كاتب الجلسة رقمه و ترك لذلك مساحة فارغة أثبت بعدها طلب الوكيل تأجيل نظر الدعوى للإطلاع . و إذ كان الثابت بالأوراق أن السادة قضاة محكمة أول درجة قد دون كل منهم فى الرول الخاص به رقم هذا التوكيل مما مفاده أن خلو محضر الجلسة من إثبات هذا الرقم و ترك المساحة التى كان مفروضاً أن يدون بها خالية كان من قبيل القصور عن ملاحقة ما يدلى به الخصوم و وكلاؤهم ، و لما كان هذا البيان الوارد برولات السادة القضاه لا يتعارض مع البيانات الأخرى الثابتة فى محضر الجلسة المذكور فإن هذه - الرولات تكون مكملة له فى إثبات سند وكالة الحاضر عن الطاعنة أمام محكمة أول درجة .
(الطعن رقم 1796 لسنة 53 جلسة 1987/11/30 س 38 ع 2 ص 1034 ق 219)
72- النقص أو الخطأ فى أسماء الخصوم و صفاتهم الذى لا يكون من شأنه التشكيك فى حقيقة الخصم و إتصالة بالخصومة المرددة فى الدعوى لا يعتبر - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - نقصاً أو خطأ جسيما مما قصدت المادة 178 من قانون المرافعات أن ترتب عليه بطلان الحكم . لما كان ذلك و كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المستأنفة الثالثة قد توفيت أثناء قيام الخصومة أمام محكمة الإستئناف فقضت تلك المحكمة بإنقطاع سير الخصومة بوفاتها ، ثم عجل المستأنفان الأول و الثانى " المطعون ضدهما " الإستئناف بصفتها وارثيها فإن مجرد إيراد اسمها فى ديباجة الحكم المطعون فيه دون إيضاح صفة المستأنفين الأول و الثانى بإعتبارهما وارثين لها ليس من شأنه أن يشكك فى حقيقة الخصمين المحكوم لهما و صفتهما من حيث إتصالهما بالخصومة المرددة فى الدعوى بدليل أن الطاعن إختصمهما فى الطعن الماثل بصفتهما المذكورة و من ثم فإن الأمر لا ينطوى على نقص أو خطأ جسيم مما يترتب عليه البطلان فى حكم المادة 178 من قانون المرافعات.
(الطعن رقم 452 لسنة 49 جلسة 1985/02/11 س 36 ع 1 ص 247 ق 56)
73- البطلان لعدم إعلان أحد الخصوم إعلانا صحيحاً و إن كان يترتب إذا ما تمسك به من شرع هذا البطلان لحمايته و هو من بطل إعلانه ، إلا أنه - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذا إستنفدت محكمة أول درجة ولايتها بالحكم فى موضوع الدعوى و شاب حكمها بطلان لعيب فى الإجراءات تعين على محكمة الإستئناف أن تفصل فى الموضوع بحكم جديد تراعى فيه الإجراءات الصحيحة الواجبة الإتباع ؛ لما كان ذلك و كان الحكم المطعون فيه قد إلتزم هذا النظر و قضى فى موضوع الدعوى بحكم جديد راعى فيه الإجراءات الصحيحة بعد أن أجاب الطاعنين إلى ما تمسكا به من بطلان إعلانهما ، أمام محكمة أول درجة بعد تعجيل السير فى الدعوى ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون .
(الطعن رقم 399 لسنة 50 جلسة 1984/01/18 س 35 ع 1 ص 227 ق 47)
74- لا تقوم الخصومة فى الدعوى إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة فإن رفعت الدعوى على متوفى كانت معدومة لا ترتب أثراً و لا يصححها أى إجراء لاحق و إذ كان الثابت أن الطاعنين قد إختصموا فى دعواهم مورث المطعون ضدهم عدا الأول الذى تبين أنه كان قد توفى قبل إيداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب فإن الخصومة فى الدعوى تكون معدومة بالنسبة له و لا يترتب على إيداع صحيفتها أى أثر و لو كان الطاعنون يجهلون وفاته إذ كان يتعين عليهم مراقبة ما يطرأ على خصومهم من وفاة قبل إختصامهم و تعجيل الطاعنين للدعوى و أختصاصهم الورثة فيها من بعد عديم الأثر لوروده على غير محل و ليس من شأنه تصحيح الخصومة المعدومة
(الطعن رقم 1606 لسنة 49 جلسة 1983/03/17 س 34 ع 1 ص 699 ق 147)
75- إذ كانت الدعوى قد رفعت بطلب الحكم بثبوت و صحة و نفاذ الوصية الصادرة للمطعون ضدها من مورث الطاعنة ، و كان الفصل فيها يتناول فضلاً عن ثبوت صحة صدور الوصية من الموصى مدى توافر أركان إنعقادها و شروط صحتها و نفاذها فى حق الورثة طبقاً للأحكام المنصوص عليها فى قانون الوصية الصادر به القانون رقم 71 لسنة 1946 و هو ما كان يدخل فى إختصاص المحاكم الشرعية ، و كان الإختصاص بنظرها ينعقد - وفقاً للقانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية و الملية - للمحكمة الإبتدائية فإنها تكون من الدعاوى التى أوجب المشرع على النيابة العامة أن تتدخل فيها بموجب نص المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 ببعض الإجراءات فى قضايا الأحوال الشخصية و الوقف ، و إذ رتب المشرع على عدم تدخل النيابة العامة فى هذه الدعاوى بطلان الحكم و هو إجراء يتعلق بالنظام العام ، و كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة لم تتدخل فى الدعوى إلى أن صدر فيها الحكم فإنه يقع باطلاً .
(الطعن رقم 33 لسنة 49 جلسة 1981/05/26 س 32 ع 2 ص 1618 ق 292)
76- إذ كان الثابت من المستندات المقدمة من الطاعنين بملف الطعن أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بدفاع مؤداه أن الرابطة القانونية بينهم و بين آخر هى مشاركته فى استغلال و إدارة جزء من الورشة المقامة على أرض النزاع و أن هذه مشاركة لا تعد تأجيراً من الباطن أو تنازلاً عن الايجار ، و كان الحكم المطعون فيه قد استند فى النتيجة التى خلص إليها على ما ساقه الخبير فى تقريره للتدليل على أن التصرف القانونى الذى أجراه الطاعن الأول و هو تأجير من الباطن و أن عقد الشركة المقدم هو عقد صورى و رتب الحكم على ذلك قضاءه بفسخ العقد حالة بأن وصف الرابطة بين الخصوم و إسباغ التكييف القانونى عليها - و هى مسألة قانونية بحتة - فلا يجوز للخبير أن يتطرق إليها ، و لا للمحكمة أن تنزل عنها لأنها ولايتها وحدها ، هذا إلى أن الحكم لم يتناول دفاع الطاعنين بالبحث و التمحيص ، و لم يورد أسباباً تكفى لحمل ما انتهى إليه من رفض ما تحاجوا به رغم أن مثل هذا الدفاع لو صح فإنه يؤثر فى النتيجة و يتغير به وجه الرأى مما مقتضاه أن تواجهه محكمة الموضوع صراحة و تفرد أسباباً للرد عليه ، و ما أغنى عنه إستنادها لما أورده الخبير فى هذا الصدد ، و إذ لا غناء عن أن تقول هى كلمتها فى شأنه ، و إذ كان ذلك . و كان الحكم المطعون فيه قد إلتفت عما أثاره الطاعنون من دفاع جوهرى فإنه يكون مشوباً بقصور فى التسبيب جره إلى خطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 69 لسنة 50 جلسة 1980/12/13 س 31 ع 2 ص 2032 ق 378)
77- الإبهام و الغموض و النقص فى تسبيب الحكم يعيبه و يستوجب نقضه و إذا كان الحكم الابتدائى قضى بالزام الطاعن بريع ثلاثة أرباع المنزل محل النزاع أرضاً و بناء و بتسليمه نصيبه فى هذا المنزل . و مؤدى هذا الحكم أن التسليم يشمل النصيب فى الأرض و البناء ، و إذ كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بتقرير الخبير المنتدب الذى انتهى إلي أن مبانى العقار موضوع النزاع أقامها الطاعن خلال سنتى 1967 ، 1968 بعد أن أزيلت المبانى القديمة سنة 1967 ، و قضى بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعن بأن يؤدى للمطعون عليه الريع المستحق عن ثلاثة أرباع الأرض فقط دون المبانى . غير أنه أيد حكم محكمة أول درجة فيما قضى به من تسليم المطعون عليه نصيبه فى المنزل دون أن يبين ما إذا كان هذا النصيب فى الآرض فقط حسبما ورد فى تقرير الخبير الذى أخذ به الحكم و أقام عليه قضاءه ، أم فى الآرض و المبانى وفقاً لمؤدى الحكم الابتدائى فانه يكون قد شابه الغموض .
(الطعن رقم 956 لسنة 49 جلسة 1980/11/25 س 31 ع 2 ص 1957 ق 362)
78- حددت المادة 178 من قانون المرافعات البيانات التى يجب اشتمال الحكم عليها و من بينها اسماء القضاة الذين أصدروه و رتبت المادة البطلان على خلو الحكم من هذا البيان ، و لم يتطلب المشرع فيما تطلبه من بيانات فى الحكم أن يذكر فيه إسم أمين السر ، الأمر الذى يفيد أن هذا البيان ليس جوهرياً فى نظر المشرع ، و متى كان ذلك فان خلو الحكم المطعون فيه من بيان إسم أمين السر لا يفسده .
(الطعن رقم 911 لسنة 44 جلسة 1980/05/03 س 31 ع 2 ص 1289 ق 245)
79- الحكم المطعون فيه متى كان قد أصاب صحيح القانون فى نتيجته فلا يبطله قصوره فى الإفصاح عن سنده القانونى ، إذ لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم فى بيانه من ذلك ، كما أن لها أن تعطى الوقائع الثابتة كيفها القانونى الصحيح ما دامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها .
(الطعن رقم 385 لسنة 44 جلسة 1980/04/24 س 31 ع 1 ص 1193 ق 230)
80- النص فى المادة 178 من قانون المرافعات معدلة بالقانون رقم 13 لسنة 1973 يدل على أنه تقديراً للأهمية البالغة لتسبيب الأحكام ، و تمكيناً لمحكمة الدرجة الثانية من الوقوف على مدى صحة الأسس التى بينت عليها الأحكام المستأنفة أمامها ثم لمحكمة النقض من بعد ذلك من مراقبة سلامة تطبيق القانون على ما صح من وقائع أوجب المشرع على المحاكم أن تورد فى أحكامها ما أبداه الخصوم من دفاع جوهرى ليتسنى تقدير هذا و تلك فى ضوء الواقع الصحيح فى الدعوى ثم إيراد الأسباب التى تبرر ما إتجهت إليه المحكمة من رأى ، و رتب المشرع على قصور الأسباب الواقعية بطلان الحكم ، كما أنه بحكم ما للدفوع من أهمية بارزة فى سير الخصومات أفرد لها المشرع الفصل الأول من الباب السادس من الكتاب الأول من قانون المرافعات مبيناً كيفية التمسك بها و آثارها و من ثم أوجب على المحاكم إيراد خلاصة موجزة لها فى إطلاق غير مقيد بوصف خلافاً لما وصف به الدفاع من أن يكون جوهرياً على تقدير منه بتحقق هذا الوصف فى الدفوع كافة بخلاف أوجه الدفاع التى قد يغنى بعضها عن البعض الآخر أو ينطوى الرد على أحداها على معنى إطراح ما عداها ثم إستلزم القانون لسلامة الأحكام أو تورد الرد الواقعى الكافى على تلك الدفوع و على الجوهرى من أوجه الدفاع .
(الطعن رقم 595 لسنة 49 جلسة 1980/02/09 س 31 ع 1 ص 455 ق 88)
81- السبيل لبحث أسباب العوار التى قد تلحق بالأحكام هو الطعن عليها بطرق الطعن التى حددها القانون على سبيل الحصر ، فإذا كان الطعن عليها غير جائز أو كان قد إستغلق فلا سبيل لإهدارها بدعوى بطلان أصلية لمساس ذلك بحجيتها إلا إذا تجردت هذه الأحكام من أركانها الأساسية . و إذا كان الطعن بالصورية لا يجرد الحكم من أركانه الأساسية ، فإنه يكون من غير الجائز رفع الدائن لدعوى بطلان الحكم - الصادر ضد مدينه- للصورية .
(الطعن رقم 567 لسنة 42 جلسة 1980/01/24 س 31 ع 1 ص 272 ق 57)
82- النص فى المادة 9 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية على أن ".... و تؤلف كل محكمة - إبتدائية - من عدد كاف من الرؤساء و القضاة و يندب أحد مستشارى محكمة الإستئناف التى تقع بدائرتها المحكمة الإبتدائية .... و يكون بكل محكمة عدد كاف من الدوائر يرأس كلا منها رئيس المحكمة أو أحد الرؤساء بها .... و تصدر الأحكام من ثلاثة أعضاء .... " ، يدل على أن المستشار المنتدب لرئاسة المحكمة الإبتدائية لا تتحدد ولايته بالعمل الإدارى بالمحكمة ، بل تمتد إلى ولاية القضاء بذاتها . و لو أراد المشرع غير ذلك ، لما نص على أن يرأس الدائرة رئيس المحكمة أو أحد الرؤساء بها . يؤكد ذلك ما أوردته المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المذكور من أن المادة 9 من القانون قد أسبغت على المستشار الذى يرأس المحكمة الإبتدائية ولاية الفصل فى الدعاوى التى ترفع للمحكمة الإبتدائية التى يرأسها . لما كان ذلك ، و كان الحكم الإبتدائى - المؤيد إستئنافياً - قد صدر من الدائرة الأولى المدنية بمحكمة شبين الكوم الإبتدائية المشكلة من السيد المستشار رئيس المحكمة و أحد القضاة بها ، و هو تشكيل يسوغه القانون ، فإن النعى عليه بالبطلان لذلك يكون غير سديد .
(الطعن رقم 713 لسنة 45 جلسة 1980/01/15 س 31 ع 1 ص 162 ق 36)
83- النص فى المادة 167 من قانون المرافعات على أنه لا يجوز أن يشترك فى المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة و إلا كان الحكم باطلاً ، و النص فى المادة 170 من هذا القانون على وجوب أن يحضر القضاة الذين إشتركوا فى المداولة تلاوة الحكم فإذا حصل لأحدهم مانع وجب أن يوقع مسودة الحكم ، ثم النص فى المادة 178 من هذا القانون على وجوب أن يبين فى الحكم أسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة و إشتركوا فى الحكم و حضروا تلاوته ، مفاده أن النعى ببطلان الحكم لصدوره من قضاة غير الذين سمعوا المرافعة يكون شاهده و دليل ثبوته هو نسخة الحكم ذاته و لا يكفى فى إثباته محضر الجلسة التى تلى بها منطوق الحكم ، ذلك أن العبرة سلامة الحكم فى هذا الصدد هو بالهيئة التى أصدرته لا الهيئة التى نطقت به ، إذ ليس ثمة ما يمنع من مشاركة قاض فى الهيئة التى نطقت بالحكم و حلوله محل القاضى الذى سمع المرافعة و إشترك فى إصدار الحكم و وقع مسودته ثم تغيب عن النطق به و هو بيان يثبت بنسخة الحكم الأصلية و لا يتطلب القانون إثباته بمحضر الجلسة .
(الطعن رقم 648 لسنة 49 جلسة 1980/04/24 س 31 ع 1 ص 1201 ق 231)
84- توجب المادة 178 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 13 سنة 1973 أن يشتمل الحكم على أسبابه الواقعية من عرض مجمل لوقائع الدعوى ثم طلبات الخصوم و خلاصة موجزة لدفوعهم و دفاعهم الجوهرى الذى تتأثر به نتيجة النزاع و يتغير به وجه الدعوى و رتبت البطلان جزاء على إغلفها أو القصور فيها ، لما كان ذلك ، و كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن منازعة طرفيه تدور حول المطالبة بقيمة سند إذنى مؤرخ 1973/11/1 دفع بأنه حرر بمناسبة عملية تجارية و ضماناً لها و هو موضوع يغاير وقائع الحكم المستأنف الذى يدور الخلاف بين طرفيه حول فوائد ما لم يدفع من الثمن ، مما تكون أسباب الحكم المطعون فيه قد خلت مما قدمه الخصوم من طلبات و أوجه دفاع أو دفوع و خلاصة ما إستندوا إليه من الأدلة الواقعية مخالفاً بذلك نص المادة 178 من قانون المرافعات مخالفة تستوجب نقضه .
(الطعن رقم 494 لسنة 46 جلسة 1980/03/04 س 31 ع 1 ص 719 ق 141)
85- العبرة فى الأحكام هى بالنسخة الأصلية التى يحررها الكاتب و يوقع عليها رئيس الجلسة فهى التى تحفظ بملف الدعوى و تكون المرجع فى أخذ الصورة التنفيذية و غيرها من الصور و مسودة الحكم لا تعدو أن تكون ورقة لتحضير الحكم ، و قد قدمت الصورة الرسمية مع هذا الطعن من واقع نسخة الحكم الأصلية المودعة ملف الدعوى و تعلق بها حق الطاعن و تبين أنها تغاير فى وقائعها وقائع الدعوى الماثلة ، و من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - وجب أن يكون الحكم دالاً بذاته على إستكمال شروط صحته ، بحيث لا تقبل تكملة ما نقص فيه من البيانات الجوهرية بأية طريقة من طرق الإثبات ، كما لا يقبل التصحيح بناء على ورقة أجنبية عن الدعوى التى صدر فيها .
(الطعن رقم 494 لسنة 46 جلسة 1980/03/04 س 31 ع 1 ص 719 ق 141)
86- النص فى المواد 167 ، 170 ، 178 من قانون المرافعات يدل على أنه إذا إشترك أحد القضاة فى المداولة و لم يكن قد سمع المرافعة فى الدعوى ، أو تخلف أحد القضاة الذين أصدورا الحكم فى جلسة النطق به بسبب مانع قهرى و لم يثبت فى الحكم أنه وقع على مسودته المشتملة على منطوقه و أسبابه ، و أن غيره حل محله وقت النطق به فإن الأمر المترتب على هذا العوار الذى يلحق بالحكم هو البطلان ، بيد أن المشرع لم يقرر بصريح هذه النصوص مساءلة القاضى عن التعويضات ، بينما النص فى الفقرة الثالثة من المادة 494 من هذا القانون تشترط لجواز المخاصمة أن يكون القانون قد نص على مسئولية القاضى عن المخالفة و عن التعويض عنها ، و لا يصح القياس فى هذه الحالة على حكم المادة 175 من قانون المرافعات التى تقرر مسئولية القاضى عن التعويض فى حالة عدم إيداع مسودة الحكم ملف الدعوى عند صدوره ، لأن تقرير مسئولية القاضى عن أعماله بدعوى المخاصمة هو إستثناء ورد فى القانون فى حالات معينة على سبيل الحصر فلا يجوز التوسع فيها أو القياس عليها .
(الطعن رقم 920 لسنة 46 جلسة 1980/02/14 س 31 ع 1 ص 514 ق 101)
87- المدين - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يعتبر ممثلاً لدائنه العادى فى الخصومات التى يكون المدين طرفاً فيها فيفيد الدائن من الحكم الصادر فيها لمصلحة مدينه كما يعتبر الحكم على المدين حجة علىدائنه فى حدود ما يتأثر به حق الضمان العام المقرر للدائن على أموال مدينه ، و للدائن و لو لم يكن طرفاً فى الخصومة بنفسه أن يطعن فى الحكم الصادر فيها بطريق الطعن العادية و غير العادية .
(الطعن رقم 567 لسنة 42 جلسة 1980/01/24 س 31 ع 1 ص 272 ق 57)
88- أوجبت المادة 178 من قانون المرافعات تضمين الحكم بيانات معينة حددتها من بينها أسماء الخصوم و صفاتهم و موطن كل منهم و نص ما قدموه من طلبات أو دفاع أو دفوع و خلاصة ما استندوا إليه من الأدله الواقعية و الحجج القانونية إلا أن هذه المادة - كما يبين من فقرتها الثانية - لم ترتب البطلان إلا على القصور فى أسباب الحكم الواقعية و النقص و الخطأ الجسيم فى أسماء الخصوم و صفاتهم و عدم بيان أسماء القضاه الذين أصدروا الحكم ، أما ما عدا ذلك من البيانات المذكورة فى الفقرة الأولى منها فإنه لا يترتب على إغفالها البطلان لما كان ذلك ، و كانت الشركة المطعون ضدها ذات شخصيه مستقلة عن شخصية رئيس مجلس إدارتها بإعتبارها الأصيلة فى الدعوى المقصودة بالخصومة دون ممثلها ، و كان ورود إسم رئيس مجلس إدارة هذه الشركة فى الحكم المطعون فيه ليس من شأنه التشكيك فى حقيقة الشركة و اتصالها بالخصومة المرددة فى الدعوى بدليل أن الطاعن خاصمها فى الطعن ، فإن هذا الخطأ لا يعتبر نقصا أو خطأ جسيما مما قصدت المادة 178 من قانون المرافعات أن ترتب عليه بطلان الحكم .
(الطعن رقم 685 لسنة 43 جلسة 1979/06/02 س 30 ع 2 ص 513 ق 281)
89- إذ كان الحكم المطعون فيه الذى قضى فى موضوع الإستئناف قد أورد فى أسبابه " و أمرت بضم المظروفين المطعون فيهما و فضتهما بعد التحقق من سلامة أختامهما و أطلعت على عقد الإيجار وورقة الإعلان المطعون فيهما بالتزوير . . " مما مفاده أن محكمة الإستئناف قد إطلعت على العقد و الإعلان المدعى بتزويرهما قبل إصدار حكمها المطعون فيه . و كان الأصل أن محضر الجلسة يكمل الحكم فى خصوص إثبات إجراءات نظر الدعوى ، فإن تعارضا كانت العبرة بما أثبته الحكم ، و لا يجوز للطاعن أن يجحده إلا بالطعن بالتزوير ، إذ كان ذلك فتكون مجادلة الطاعن فى صحة ما أثبته الحكم على غير أساس .
(الطعن رقم 692 لسنة 45 جلسة 1979/12/12 س 30 ع 3 ص 247 ق 384)
90- يجب وفقاً لنص المادة 178 من قانون المرافعات أن يبين فى الحكم أسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة و إشتركوا فى الحكم و حضروا تلاوته و أن عدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم يترتب عليه بطلان الحكم ، و إذ كان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه أنه صدر برئاسة المستشار .... و .... ثم تذيل بعبارة " صدر هذا الحكم و تلى علناً بمعرفة الهيئة الموضحة بصدره ، أما السيد المستشار .... الذى سمع المرافعة و حضر المداولة فقد وقع على مسودة الحكم ، فإن هذه العبارة لا تفيد فى معرفة أسماء المستشارين الثلاثة الذين فصلوا فى الدعوى بعد سماعهم المرافعة و إشتركوا فى الحكم . و أنه و إن كان ما يثبت فى محضر جلسة النطق بالحكم يعتبر مكملاً للحكم فى هذا الخصوص ، إلا أنه بالرجوع إلى محضر جلسة النطق بالحكم المطعون فيه ، يبين أنه ورد به أن المحكمة مشكلة بالهيئة السابقة و هى هيئة كما ورد بمحضر جلسة .... برئاسة المستشار .... و عضوية ثلاثة مستشارين .... و ..... و ...... , لما كان ذلك فأنه لا يعرف من بيانات الحكم المطعون فيه و بيانات محضر جلسة النطق به إسم المستشارين الآخرين اللذين سمعا المرافعة و إشتركا فى الحكم إلى جانب المستشار ...... ، و من ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالبطلان (1) .
(الطعن رقم 938 لسنة 45 جلسة 1978/11/16 س 29 ع 2 ص 1710 ق 328)
91- جرى به قضاء هذه المحكمة - نقصاً أو خطأ جسيماً مما قصدت إليه المادة 178 من قانون المرافعات أن ترتب عليه بطلان الحكم . لما كان ذلك و كان الثابت من الأوراق أن المستأنف عليه قد توفى أثناء قيام الخصومة أمام محكمة الإستئناف فقضت تلك المحكمة بإنقطاع سير الخصومة بوفاته ، ثم عجل الطاعن الإستئناف بصحيفة أعلنت للمطعون عليها بصفتها وارثة له ، فإن مجرد إيراد إسم الخصم المتوفى فى ديباجة الحكم المطعون فيه دون ذكر إسم وارثته لا يعتبر نصقاً فى التعريف بشخصها و لا يؤدى إلى تشكك الطاعن فى حقيقتها من حيث إتصالها بالخصومة المرددة فى الدعوى بدليل أنه إختصمها فى الطعن بإسمها .
(الطعن رقم 796 لسنة 44 جلسة 1978/03/07 س 29 ع 1 ص 695 ق 136)
92- النقص فى أسماء الخصوم و صفاتهم الذى لا يكون من شأنه التشكيك فى حقيقة الخصم و إتصاله بالخصومة المرددة فى الدعوى لا تعتبر - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - نقصاً أو خطأ جسيماً مما قصدت المادة 178 من قانون المرافعات أن ترتب عليه بطلان الحكم و إذ كان الثابت أن الطاعن قد عجل الإستئناف بصفته ممثلاً لدائنى تفليسة ... ... ... ... و أثبت فى ديباجة الحكم أنه مستأنف و مستأنف عليه بهذه الصفة . فإن الخطأ فى المنطوق و ذكر إسم ... ... ... ... ... " المشهر إفلاسه " عند الإلزام بالمصروفات ليس من شأنه التشكيك فى حقيقة الخصم المقضى ضده و بالتالى لا يرتب البطلان .
(الطعن رقم 556 لسنة 43 جلسة 1978/02/20 س 29 ع 1 ص 524 ق 103)
93- وفقاً للمادة 178 من قانون المرافعات يجب أن يبين فى الحكم أسماء الخصوم و ألقابهم و صفاتهم و موطن كل منهم و النقص أو الخطأ الجسيم فى هذا البيان يترتب عليه بطلان الحكم ، و هو بطلان متعلق بالنظام العام يجوز التمسك به أمام محكمة النقض ، و إذ كانت المحكمة قد أمرت بضم ملف القضية الصادر فيها الحكم المطعون فيه و ثبت من بياناته أنه أغفل فى نسخته أسم المطعون عليها الثانية رغم إختصامها أمام المحكمة الإستئنافية ، فإنه لا يكون بذاته دالاً على إستكمال شروط صحته ، و يكون قد أغفل بياناً جوهرياً من بياناته ، و هو ما يبطله .
(الطعن رقم 677 لسنة 43 جلسة 1978/01/04 س 29 ع 1 ص 84 ق 24)
94- إذ حصر المشرع طرق الطعن فى الأحكام و وضع لها آجالا محددة و إجراءات معينة فإنه - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يمتنع بحث أسباب العوار التى قد تلحق بالأحكام إلا عن طريق التظلم منها بطريق الطعن المناسبة لها ، بحيث إذا كان الطعن غير جائز أو كان قد إستغلق فلا سبيل لإهدار تلك الأحكام بدعوى بطلان أصلية ، و ذلك - تقديراً لحجية الأحكام بإعتبارها عنوان الحقيقة فى ذاتها ، و أنه أجاز إستثناء من هذا الأصل العام - فى بعض الصور - القول بإمكان رفع دعوى بطلان أصلية ، غير أن ذلك لا يتأتى إلا عند تجرد الحكم من أركانه الأساسية و ليس هذا هو الشأن فى الدعوى الحالية إذ أن العيب - الإدعاء بالصورية - الذى أثاره الطاعن - الدائن - بالنسبة لحكم النفقة - الصادر ضد المدين لصالح زوجته إن صح - لا يفقده الأركان الأساسية للأحكام .
(الطعن رقم 16 لسنة 44 جلسة 1977/04/13 س 28 ع 1 ص 962 ق 164)
95- إذ كانت المادة 187 من قانون المرافعات قد أوردت البيانات الواجب أن يشتمل عليها الحكم على سبيل الحصر ، و لم يرد من بينها رقم الدعوى ، فإن مقتضى ذلك أن الخطأ الوارد فى الحكم المطعون فيه فى خصوص هذا البيان لا يؤثر على سلامته و لا يجهل الحكم ، لما كان ذلك فإنه و إن كان يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أورد فى ديباجته أن الإستئناف مرفوع عن الحكم رقم 924 سنة 1967 ، مع أن صحة رقمه 924 سنه 1970 ، إلا أنه لما كان الثابت أن الدعوى الأخيرة هى التى كانت مرفقه بالملف الإستئنافى وكانت هذة الدعوى هى التى تناولها دفاع الطرفين الذى حصله الحكم المطعون فيه و قضى فى شأنه ، فإن النعى على الحكم بالبطلان لهذا السبب يكون فى غير محله .
(الطعن رقم 348 لسنة 43 جلسة 1977/02/23 س 28 ع 1 ص 542 ق 100)
96- إذ أوجبت المادة 178 من قانون المرافعات أن يتضمن الحكم بيان أسماء الخصوم و صفاتهم قد قصدت بذلك التعريف بأشخاص و صفات من يتردد بينهم الخصومة فى الدعوى التى يصدر فيها الحكم تعريفاً نافياً للجهالة أو اللبس حتى لا يكتنف الغموض شخص المحكوم له أو المحكوم عليه ، و إذ رتبت هذه المادة البطلان على النقص أو الخطأ فى أسماء الخصوم فى أسماء الخصوم و صفاتهم إنما عنت النقض أو الخطأ اللذين يترتب عليهما التجهيل بالخصم أو اللبس فى التعريف بشخصيته مما قد يؤدى إلى عدم التعرف على حقيقة شخصيته أو إلى تغير شخص الخصم بأخر لا شأن له بالخصومة فى الدعوى ، و إذن فمتى كان النقص أو الخطأ فى أسماء الخصوم و صفاتهم ليس من شأنه التشكيك فى حقيقة الخصم و إتصاله بالخصومة المرددة فى الدعوى فإنه لا يعتبر نقصاً أو خطأ جسيماً مما يترتب عليه البطلان المنصوص عليه فى المادة المشار إليها ، و لما كان الثابت أن الدعوى رفعت إبتداء بالطلب المقدم من المطعون عليها بصفتها طلبت فيه سلب ولاية الطاعن على إبنه التاجر و تعيينها وصية عليه ، و قضى الحكم الإبتدائى لها بطلباتها فإستأنفه الطاعن و إختصمها بصفتها المشار إليها ، فإن الإشارة فى ديباجة الحكم المطعون فيه إلى أن المطعون عليها وصية على القاصر لا يؤدى إلى التشكيك فى صفتها الحقيقة من حيث أتصالها بالخصومة المرددة فى الدعوى و لا يترتب عليه البطلان.
(الطعن رقم 31 لسنة 44 جلسة 1976/12/08 س 27 ع 2 ص 1721 ق 317)
97- لئن كانت النيابة العامة بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 أصبحت طرفاً أصلياً فى قضايا الأحوال الشخصية التى لا تختص بها المحاكم الجزئية ، إلا أن القانون - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لم يوجب على النيابة إبداء رأيها فى كل خطوة من خطوات الدعوى و لا فى كل جزئية من جزئيات النزاع و إنما أوجب إبداء رأيها فى القضية على أى وجه . و إذ كان الطاعنان لا يجادلان فى أن النيابة قد أبدت رأيها فى الدعوى قبل صدور الحكم بإحالة الدعوى إلى التحقيق أمام محكمة الإستئناف فإن عدم إبدائها رأيها عقب سماع الشهود يكون محمولاً على أنها لم تجد فى الدعوى ما يدعوها لتغيير رأيها السابق أو الإدلاء بقول جديد . لما كان ما تقدم ، و كان لا محل للقول بأن مذكرة النيابة كانت من بين العمد التى أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه لأن دورها فى هذا المجال لا يخرج عن المعاونة بإبداء الرأى للمحكمة من وجهة نظر القانون المجردة دون أن يكون مقيداً لها ، فإن النعى - بالبطلان - يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 12 لسنة 45 جلسة 1976/06/09 س 27 ع 1 ص 1327 ق 252)
98- أوجبت المادة 178 من قانون المرافعات فى فقرتها الأولى تضمين الحكم بيانات معينة عددتها هذه الفقرة من بينها نص ما قدمه الخصوم من طلبات أو دفاع أو دفوع و خلاصة ما إستندوا إليه من الإدلة الواقعية و الحجج القانونية إلا أن هذه المادة كما يبين من فقرتها الثانية لم ترتب البطلان إلا على القصور فى أسباب الحكم الواقعية و النقض أو الخطأ الجسيم فى أسماء الخصوم و صفاتهم و كذا عدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم أما ما عدا ذلك من البيانات المذكورة فى الفقرة الأولى فإنه لا يترتب على إغفالها بطلان الحكم ، و مؤدى ذلك أن إغفال الحكم ذكر وجه دفاع أبداه الخصم لا يترتب عليه بطلان الحكم إلا إذا كان هذا الدفاع جوهرياً و مؤثراً فى النتيجة التى إنتهى إليها الحكم بمعنى ان المحكمة لو كانت قد بحثته لجاز أن تتغير به هذه النتيجة إذ يعتبر عدم بحث مثل هذا الدفاع قصوراً فى أسباب الحكم الواقعية مما يترتب عليه البطلان طبقاً للفقرة الثانية من المادة 178 من قانون المرافعات سالفة الذكر .
(الطعن رقم 592 لسنة 40 جلسة 1976/03/30 س 27 ع 1 ص 792 ق 154)
99- الأصل فى الإجراءات أنها روعيت . و إذ كان يبين من الحكم المطعون فيه ، أن الثابت من تقارير مكتب الخبراء المقدمة أمام محكمة الدرجة الأولى و محاضر أعمالها ، أن الطاعن قد وجهت إليه الدعوى للحضور بكتب مسجلة عدة مرات طبقاً لأحكام القانون فلم يحضر ، و كان المشرع لم يوجب على الخبير إرفاق إيصال الخطاب الموصى عليه ، و كان إغفال إرفاق هذه الإيصال لا ينفى واقعة الإخطار ذاتها ، و كانت أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد عدم وصول ذلك الإخطار إليه ، فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض الدفع ببطلان أعمال الخبير لما تقدم يكون قد إلتزم صحيح القانون .
(الطعن رقم 738 لسنة 45 جلسة 1980/01/22 س 31 ع 1 ص 340 ق 50)
100- نصت المادة السابعة من الإعلان الدستوري الصادر فى 10 من فبراير سنة 1953 ومن بعدها المادة 178 من دستور الجمهورية المصرية الصادر فى 16 من يناير سنة 1956 والمادة 63 من الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة الصادر فى 5 من مارس سنة 1958 والمادة 155 من الدستور الصادر فى 24 من مارس سنة 1964 - نصت جميعاً على أن " تصدر الأحكام و تنفذ باسم الأمة " . أما دستور جمهورية مصر العربية الصادر فى 21 من رجب سنة 1391 الموافق 11 من سبتمبر سنة 1971 فقد نص فى المادة 72 على أن " تصدر الأحكام و تنفذ باسم الشعب " وقد ردد كل من قوانين السلطة القضائية الصادرة بالقوانين أرقام 56 لسنة 1959 , 43 لسنة 1965 , 46 لسنة 1972 فى المواد 25 و 25 و 20 على التوالي النص الوارد فى الدستور الذي صدر كل منها فى ظله , كما نصت المادة الثانية من دستور سنة 1956 على أن " السيادة للأمة " . أما دستور سنة 1964 فقد نص فى مادته الثانية على أن " السيادة للشعب " كما جرى نص المادة الثالثة من الدستور الراهن على أن " السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات " . ولما كان يبين من استقراء هذه النصوص جميعاً , أن الشارع سواء فى الدستور أو فى قانون السلطة القضائية , لم يعرض البتة للبيانات التي يجب إثباتها فى ورقة الحكم , وأنه إذ عبر عن قصده بنصه على أن تصدر الأحكام و تنفذ باسم الأمة - أو الشعب - قد أفصح عن أن هذا الصدور فى ذاته لا يتطلب أي عمل إيجابي من أي أحد , لأنه لو أراد ذلك لعبر عنه بقوله " يجب أن تصدر الأحكام باسم الأمة أو الشعب " . لما كان ذلك , وكانت المادتان 178 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - فى شأن بيانات الحكم - و 310 من قانون الإجراءات الجنائية فى شأن مشتملاته - قد استهلتا أولاهما بعبارة " يجب أن يبين فى الحكم ... " والأخرى بعبارة " يجب أن يشتمل الحكم ... " ولم يرد بأيتهما ذكر للسلطة التي تصدر الأحكام باسمها , فإن مؤدى ما تقدم أن الشارع سواء بمقتضى الدستور أو سواه من القوانين , لا يعتبر من بيانات الحكم صدوره باسم الأمة أو الشعب , وأن قضاء الدستور بصدور الحكم بهذه المثابة ليس إلا إفصاحاً عن أصل دستوري أصيل وأمر مسبق مقضي مفترض بقوة الدستور نفسه , من أن الأحكام تصدر باسم السلطة العليا صاحبة السيادة وحدها ومصدر السلطات جميعاً - الأمة أو الشعب - لكون ذلك الأصل واحداً من المقومات التي ينهض عليها نظام الدولة , كشأن الأصل الدستوري بأن الإسلام دين الدولة , وبأن الشعب المصري جزء من الأمة العربية , وذلك الأمر يصاحب الحكم ويسبغ عليه شرعيته منذ بدء إصداره , دون ما مقتض لأي التزام بالإعلان عنه من القاضي عند النطق به أو الإفصاح عنه فى ورقه الحكم عند تحريره , و من ثم فإن إيراد ذلك بورقة الحكم أثناء تحريره , ومن بعد صدوره بالنطق به , ليس إلا عملاً مادياً لاحقاً كاشفاً عن ذلك الأمر المفترض ، و ليس منشئاً له . و من ثم فإن خلو الحكم مما يفيد صدوره باسم الأمة أو الشعب لا ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته .
( الطعن رقم 1015 لسنة 43 ق - جلسة 1974/01/21 )
101- طالب التدخل الهجومى لا يعتبر خصماً فى الدعوى الأصلية أو طرفاً فى الحكم الصادر فيها , إذا ما قُضى بعدم قبول تدخله أو رفض طلباته . فإن لازم ذلك قانوناً عدم اندماج خصومتى التدخل والدعوى الأصلية , واستقلال كل منهما عن الأخرى فى كافة الآثار ومنها المصروفات القضائية شاملة الرسوم , وهو ما يؤيده ما أوجبته المادة الثامنة من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية فى المواد المدنية من استحقاق رسم على طلبات المتدخل فى الدعوى هجومياً , وما تضمنته المادة 178 من قانون المرافعاتمن الحكم بمصاريف التدخل على المتدخل الهجومى إذا ما حكم بعدم قبول تدخله أو رفض طلباته .
( الطعن رقم 6010 لسنة 71 ق - جلسة 2013/01/08 )
102- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الغاية الأساسية من تسبيب الحكم وعلى ما جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 13 لسنة 1973 بتعديل نص المادة 178 من قانون المرافعات - هي الرقابة على عمل القاضي والتحقق من حسن استيعابه لوقائع النزاع ودفاع طرفيه والوقوف على أسباب قضاء المحكمة فيه، وعلى ذلك فإن مراقبة تطبيق القانون وتقرير أو نفي المدعى به من مخالفة أحكامه لا تكون إلا من خلال النظر فيما أقام الحكم عليه قضاءه من أسباب – واقعية كانت هذه الأسباب أو قانونية - وإذ كانت رقابة محكمة النقض على عمل محكمة الاستئناف والتأكد من أن قضاءها بني من جهة الوقائع على أدلة تنتجه ومن جهة القانون على نصوص تنطبق على ما ثبت صدقه وتأكدت صحته من تلك الوقائع لا تتأتى إلا من خلال النظر في أسباب الحكم الاستئنافي وفيما اشتمل عليه ملف الدعوى من عرض لوقائع النزاع ودفاع طرفيه وما قدم من عناصر الإثبات فيه، ومن ثم فإن خلو الأوراق المطروحة على محكمة النقض من ذلك الحكم ومما قدم في الدعوى من عناصر الإثبات يعجزها عن أداء وظيفتها في مراقبة الحكم المذكور ويوجب عليها نقضه، ليس على أساس أنه بني على مخالفة معينة منضبطة أمكن إدراك وقوعها أو العلم بها، وإنما على أساس احتمال وقوع هذه للمخالفة وعجز المحكمة عن ضبطها والقول بوقوعها على وجه اليقين؛ لما كان ذلك، وكان التقرير بصحة أو عدم صحة المدعى به في سبب الطعن يستلزم الاطلاع على الحكمين الابتدائي والمطعون فيه وما اشتمل عليه الملفان الابتدائي والاستئنافي من عناصر الإثبات في الدعوى، وهو ما خلت منه الأوراق بعد إجابة قلمي الحفظ بمحكمة شمال للقاهرة الإبتدائية ومحكمة استئناف القاهرة بدشت هذين الملفين بمضي المدة القانونية، ومن ثم فإن ذلك مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون وتقرير أو نفي المدعى به في سبب الطعن من مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكامه، مما يوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.
( الطعن رقم 917 لسنة 73 ق - جلسة 2023/5/11 )
( الطعن رقم 544 لسنة 73 ق - جلسة 11 / 5 / 2023 )
103- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن البين من استقراء النصوص الدستورية وقوانين السلطة القضائية المتعاقبة أن الشارع لم يعرض للبيانات التي يجب إثباتها في ورقة الحكم، وأنه إذ عبر عن قصده بنصه على أن تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب فقد أفصح عن أن هذا الصدور في ذاته لا يتطلب أي عمل إيجابي من أي أحد، لأنه لو أراد ذلك لعبر عنه صراحة، وكانت المادة 178 من قانون المرافعات المتعلقة ببيانات الحكم قد خلت من ذكر السلطة التي تصدر الأحكام باسمها، فإن مؤدى ما تقدم أن الشارع لا يعتبر من بيانات الحكم صدوره باسم الشعب، وأن قضاء الدستور بصدور الحكم بهذه المثابة ليس إلا إفصاحا عن أصل دستوري أصيل، وأمر مسبق مقضي مفترض بقوة الدستور نفسه، في أن الأحكام تصدر باسم السلطة العليا صاحبة السيادة وحدها ومصدر السلطات جميعاً - الشعب - لكون ذلك الأصل واحدًا من المقومات التي ينهض عليها نظام الدولة، ومن ثم فإن إيراد ذلك بورقة الحكم أثناء تحريره، ومن بعد صـدوره بالنطق به، ليس إلا عملًا ماديًا لاحقًا كاشفًا عن ذلك الأمر المفترض وليس منشئًا له، ومن ثم فإن خلو الحكم مما يفيد صدوره باسم الشعب لا ينال من شرعيته ولا يترتب عليه بطلانه. ولما كان البيان الخاص بصدور الحكم باسم الشعب لا يتعلق بالنظام العام داخل مصر، ومن ثم فإن إضافته في أحكام المحكمين أو خلوها منه لا يؤدي إلى بطلانها . لما كان ذلك، وكان حكم التحكيم رقم 37 لسنة 2014 دوّن في ديباجته أنه صدر باسم الشعب فإن ذلك لا يؤدى إلى بطلانه. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلانه لصدروه باسم الشعب، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه دون بحث باقي أسباب الطعن الأخرى.
( الطعن رقم 6976 لسنة 91 ق - جلسة 26 / 2 / 2024 )
104- النص في المادة 178 من قانون المرافعات على أنه " يجب أن يشتمل الحكم على عرض مجمل لوقائع الدعوى ثم طلبات الخصوم وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري ورأى النيابة ثم تذكر بعد ذلك أسباب الحكم ومنطوقه وأن القصور في أسباب الحكم الواقعية يترتب عليه بطلان الحكم " يدل على انه تقديراً للأهمية البالغة لتسبيب الأحكام وتمكيناً لحكم الدرجة الثانية من الوقوف على مدى صحة الأسس التي بنت عليها الأحكام المستأنفة أمامها ثم لمحكمة النقض بعد ذلك من مراقبة سلامة تطبيق القانون على ما صح من وقائع - أوجب المشرع على المحاكم أن تورد في أحكامها ما ابدأه الخصوم من دفوع وما ساقوه من دفاع جوهري ليتسنى تقدير هذا وتلك في ضوء الواقع الصحيح في الدعوى ثم إيراد الأسباب التي تبرر ما اتجهت إليه المحكمة من رأى ورتب المشرع على قصور الأسباب الواقعية بطلان الحكم .
( الطعن 4067 لسنة 93 ق - جلسة 18 / 2 / 2024 )
105- مؤدى النص في المادة 178 من قانون المرافعات على أنه تقديراً للأهمية البالغة لتسبيب الأحكام وتمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة سلامة تطبيق القانون على ما صح من وقائع ، أوجب المشرع على المحاكم أن تورد في أحكامها ما أبداه الخصوم من دفوع وما ساقوه من دفاع جوهري ثم إيراد الأسباب التي تبرر ما اتجهت إليه المحكمة من رأي ورتب المشرع على قصور الأسباب الواقعية بطلان الحكم .
( الطعن رقم 16660 لسنة 91 ق - جلسة 22 / 2 / 2023 )
106- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مؤدى نص الفقرة الثالثة من المادة 178 من قانون المرافعات أن بيانات الحكم التي يترتب على إغفالها بطلانه تنحصر في أسباب الحكم الواقعية والنقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم وعدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم، فلا يترتب البطلان على عدم بيان الحكم نوع المادة التي صدر فيها، وبما يضحى النعي على غير أساس .
( الطعن رقم 15920 لسنة 90 ق - جلسة 8 / 7 / 2021 )
107- لما كان طالب التدخل الهجومي – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – لا يعتبر خصماً في الدعوى الأصلية أو طرفاً في الحكم الصادر فيها إذا ما قُضي بعدم قبول تدخله أو رفض طلباته، فإن لازم ذلك قانوناً عدم اندماج خصومتي التدخل والدعوى الأصلية واستقلال كل منهما عن الأُخرى في كافة الآثار ومنها المصروفات القضائية شاملة الرسوم، وهو ما يؤيده ما أوجبته المادة الثامنة من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية في المواد المدنية من استحقاق رسم على طلبات المتدخل في الدعوى هجومياً، وما تضمنته المادة 178 من قانون المرافعات من الحكم بمصاريف التدخل على المتدخل الهجومي إذا ما حكم بعدم قبول تدخله أو رفض طلباته .
( الطعن رقم 1361 لسنة 89 ق - جلسة 12 / 6 / 2024 )
بيانات ورقة الحكم :
لأن الحكم تترتب عليه آثار هامة تتعلق بمنح الحماية القضائية ، فقد أوجب القانون أن تتضمن ورقة الحكم بيانات معينة هي (مادة 178 معدلة بالقانون 13 لسنة 1973) :
1- صدور الحكم باسم الشعب : تنص المادة (100) من الدستور المصري الحالي الصادر سنة 2014 على أن : «تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب» . فالشعب هو مصدر السلطات ومنها السلطة القضائية . على أنه إذا لم يشتمل الحكم على هذا البيان أو ورد معيباً فلا يبطل الحكم ، إذ لا شك - دون هذا البيان - أن الحكم ما دام قد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون قد صدر باسم الشعب.
2- بيان المحكمة التي أصدرت الحكم : والمقصود من بيان اسم المحكمة التأكد من أن الحكم قد صدر من محكمة مختصة . ولا يهم بیان المكان الذي تقع به المحكمة بعد بيان المحكمة . فعدم بيان مكان المحكمة لا يترتب عليه بطلان الحكم.
3- تاريخ الحكم : والمقصود تاريخ النطق به ، وذلك لمعرفة ميعاد الطعن في الحكم الذي يبدأ من صدور الحكم ، ولتحديد الوقت الذي تسري فيه حجية الأمر المقضي . على أنه يلاحظ أن وجود خطأ مادي في هذا التاريخ ، أو إغفال الحكم له لا يؤدي إلى بطلان الحكم إذا كان التاريخ قد ثبت في مسودة الحكم ، أو ثبت في محضر الجلسة التي صدر فيها الحكم ، إعتباراً بأن الأصل في ثبوت تاريخ إصدار الحكم هو محضر الجلسة.
4- بيان ما إذا كان الحكم صادراً في مادة تجارية أو مادة مستعجلة : وذلك لأن الحكم الصادر في مادة من هذه يكون نافذاً معجلاً بقوة القانون ، فيجب أن يتضح هذا من ورقة الحكم . فإذا كان الحكم صادراً في مادة مدنية ، فلا يلزم بيان هذا في الحكم.
5- أسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة وإشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته : وذلك للتأكد من أن الحكم قد صدر من قضاة صالحين لإصداره ، وأن القضاة الذين سمعوا المرافعات هم الذين تداولوا لإصداره وحضروا النطق به . وتنص المادة 3 / 178 صراحة على البطلان جزاءاً لعدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم على أن هذا البطلان مقصور على الخطأ في أسماء القضاة الذين فصلوا في الدعوى دون الذين حضروا النطق به ويكفي ذكر أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم وذلك في صدر الحكم دون حاجة لإعادتها مرة أخرى في خاتمته.
6- إسم عضو النيابة الذي أبدي رأيه في القضية إن كانت النيابة قد تدخلت في الخصومة ، ورأى النيابة العامة . وقد كانت المادة 2 / 349 من مجموعة 1949 تنص صراحة على البطلان جزاء عدم بيان أسم عضو النيابة ، وجرى قضاء النقض على الحكم به ولكن مجموعة 1968 لم تشأ أن تنص على هذا البطلان «لأن ذكر إسمه ليس بياناً أساسياً مادامت النيابة قد أبدت بالفعل رأيها في مذكرتها وثبت ذلك في الحكم» ومن ناحية أخرى ، لم ينص القانون على البطلان جزاءاً لخلو الحكم من بيان رأى النيابة ، وقد حكم بأن هذا النص لا يترتب عليه البطلان ما لم تكن النيابة قد طلبت الكلمة الأخيرة وحيل بينها وبين ما أرادت ، كما حكم بأنه لأن حضور النيابة غير لازم في الجلسة وفقاً للمادة 91/2 مرافعات ، فإن خلو الحكم ومحضر النطق به مما يفيد تمثيل النيابة لا يترتب عليه بطلان الحكم.
7- أسماء الخصوم و ألقابهم وصفاتهم وموطن كل منهم وحضورهم وغيابهم . ووفقاً للمادة 2 / 178 يترتب على النقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم بطلان الحكم . وينطبق النص على الخصم بالمعنى القانوني - الصحيح ، ولا يعتبر كذلك من يختصم لصدور الحكم في مواجهته دون أن يوجه طلباً أو يوجه إليه طلب والمقصود بالنقص أو الخطأ الجسيم ذلك الذي يشكك في تعيين الخصم أو في تحديد صفته في الخصومة ومن باب أولى ، يكون الحكم باطلاً إذا أغفل اسم الخصم في الحكم أو إذا حدد الخصوم بأنهم ورثة فلان دون بيان أسمائهم أما إذا ذكر ما يفيد في تعيين الخصم بحيث لا يكون النقص أو الخطأ من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم أو إتصاله بالخصومة ، فلا يكون الحكم باطلاً ولو لم يذكر إسمه كاملاً ، أو لم تحدد حقيقته بدقة كما أن الحكم يكون صحيحاً ولو أغفل أسم الخصم، إذا كان الحكم قد أحال إلى أسباب الحكم الإبتدائي المطعون فيه، وكان هذا الأخير قد بين في أسبابه أسم الخصم، مما يؤدي إلى عدم التشكيك في شخصه.
أما موطن الخصوم أو نكر حضورهم أو غيابهم ، فلم ينص القانون على البطلان جزاء لها .
8- عرض مجمل لوقائع الدعوى :
وقد كانت المادة 178 - عند صدورها سنة 1968 - تتطلب بيان «مراحل الدعوى» ، وكان المقصود بذلك وقائع الدعوى على نحو تفصيلي يبين الخطوات والمراحل التي قطعها النزاع أمام المحكمة . ولما كان هذا البيان يرهق كاهل القضاة لما يستغرقه من وقت وجهد ، ويغني عنه ما سجلته محاضر الجلسات ، فقد عدل القانون رقم 13 لسنة 1973 عن هذا النص مكتفياً ببيان عرض مجمل للوقائع فيكفي أن يذكر في الحكم بإيجاز ما يكون ذكره من الوقائع ضرورياً للفصل في الدعوى لتعلقه بسير الخصومة فيها ، وبإعتباره حلقة من حلقاتها قام بين الخصوم نزاع بشأنه فإن لم يشتمل الحكم على هذه الوقائع الضرورية فقد جرى قضاء النقض - رغم عدم النص - على الحكم بالبطلان كما يكون الحكم باطلاً إذا ذكر العناصر الواقعية في الدعوى إجمالاً بحيث تعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون عليها.
9- طلبات الخصوم ، وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري :
وبهذه الصياغة التي أخذ بها المشروع في تعديله للمادة 178 بالقانون 13 لسنة 1973 ، لم يعد يلزم إشتمال الحكم على بيان كل ما قدمه الخصوم من دفاع أو على بيان خلاصة ما إستندوا إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية كما كانت تنص المادة 178 قبل تعديلها . وهدف التعديل هنا أيضاً هو التخفيف عن كاهل القضاة عند كتابة الأحكام . وقد سارت محكمة النقض قبل التعديل في الإتجاه نفسه والهدف من بيان طلبات الخصوم هو معرفة نطاق سلطة المحكمة . أما بیان دفوع الخصوم ودفاعهم الجوهري فالهدف منه مراقبة بيان المحكمة لأسباب الحكم ، إذ المحكمة ملزمة ببحث دفوع الخصوم ودفاعهم الجوهري ويلاحظ أنه يجب بيان جميع الدفوع أما أوجه الدفاع فيكفي بيان الجوهري منها ويؤدي إغفال هذا البيان - رغم عدم النص - إلى بطلان الحكم والمقصود بالدفاع الجوهرى الدفاع الذي يؤثر في النتيجة التي إنتهى إليها الحكم بحيث أن المحكمة لو كانت قد بحثته لجاز أن تتغير به هذه النتيجة.
ويلاحظ أن هذا البيان يكون لازماً فقط إذا كان الحكم قد فصل فى النزاع الذي قدمت بصدده أوجه الدفاع والدفوع . أما إذا إقتصر الحكم على قضاء ينصب رئيس محكمة الإستئناف حسب الأحوال حتى تنظره المحكمة وتفصل فيه فلا على المحكمة إذ هي أغفلت إيراد أوجه دفاع الخصوم التي لا تتصل بقضائها طالما كان حكمها مسبباً تسبيباً كافياً لتسويغ ما حكمت به . ولهذا فإنه لا يعيب الحكم إغفال بيان الدفوع و أوجه الدفاع المتعلقة بالموضوع إذا كانت المحكمة قد قضت بعدم إختصاصها بالدعوى أو بعدم قبولها أو بسقوط حق المدعي لسبب أوردته وأقامت حكمها عليه .
10- أسباب الحكم ومنطوقه ، كما ورد في مسودة الحكم ، وسنتناول أسباب الحكم - لأهميتها – بالتفصيل فيما بعد . أما المنطوق فهو قرار المحكمة بالنسبة للطلبات المعروضة عليها ، ويجب على المحكمة أن تفصل و في كل ما يقدم لها من طلبات ، وألا تقضي بأكثر من المطلوب . ولا يعيب المنطوق عدم وصفه بأنه حضوري أو غيابي ، فهذا الوصف لا يستمد مما جاء في الحكم ولكن من حقيقة الواقع كما تكشفه أوراق الدعوى ولكن يعيب المنطوق وجود تناقض به بحيث لا يعرف المنطوق الحقيقي ، أو وجود تناقض بين أجزائه بحيث لا تستقيم معاً فإذا أمكن التوفيق بين أجزاء المنطوق . فلا يوجد تناقض . ومثال التناقض في المنطوق الحكم برفض دعوى الملكية وتعويض المدعي عن الإعتداء الواقع على ملكيته ، والحكم بالمقاصة مع إلزام المدعي عليه بدفع كل الدين .
على أنه يلاحظ أن منطوق الحكم يمكن أن يرد في أسبابه المتصلة به إتصالاً وثيقاً . ولهذا فإن تناقض المنطوق يمكن أن يرفعه ما جاء في هذه الأسباب المكملة له وإذا خلا الحكم من أي منطوق ، أو كان المنطوق متناقضاً بطل الحكم إذ لا يمكن أن يحقق وظيفته.
قواعد عامة بالنسبة لبيانات الحكم :
تخضع بيانات الحكم سالفة الذكر لقواعد عامة أهمها ما يلي :
(أ) أنه تطبيقاً للقاعدة العامة بالنسبة لشكل العمل الإجرائي ، لا يلزم أن و ترد هذه البيانات بالترتيب الذي نصت عليه المادة 178 مرافعات . فلا يبطل الحكم لمجرد مخالفة هذا الترتيب وذلك بإستثناء توقيع القاضي أو رئیس الدائرة الذي يجب أن يرد في نهاية الحكم.
(ب) أن الحكم بإعتباره عملاً إجرائياً لا يبطل لخلوه من بيان - مهما بدت أهميته - لم يتطلبه القانون . ذلك أن بطلان أي عمل إجرائي لعيب شکلی يفترض نقص أو خطأ مقتضى شكلي تطلبه القانون . ولهذا لا يبطل الحكم بسبب عدم اشتماله على بيان رقم الدعوى التي صدر فيها، أو بسبب وقوع خطأ في هذا الرقم ، أو بسبب عدم إشتماله على بيان اسم كاتب الجلسة، أو على بيان أن الحكم قد صدر بعد المداولة، أو لخطئه في بيان اسم وكيل الخصم ، أو اختلاف هذا الاسم في محضر الجلسة عنه في الحكم فكل هذه البيانات لم تنص عليها المادة 178 ضمن بيانات الحكم. كما أن مجرد الخطأ المادي لا يؤدي إلى بطلان الحكم.
(ج) أن ورقة الحكم يجب أن تستكمل بذاتها كل عناصرها الشكلية ، فلا يجوز تكملة ما فيها من نقص بأي طريق من طرق الإثبات ، ولا يجوز جحد الثابت بورقة الحكم أو بمسودته إلا بطريق الطعن بالتزوير . وإذا تعارض ما جاء في الحكم مع ما جاء في محضر الجلسة فالعبرة بما جاء في الحكم، ومن ناحية أخرى فإنه لا يجوز تصحيح بيانات الحكم من ورقة أجنبية عن الدعوى التي صدر فيها على أنه يمكن للمحكمة أن تحيل بالنسبة لوقائع الدعوى ودفاع الخصوم ودفوعهم إلى حكم سابق صادر في ذات الخصومة بين الخصوم أنفسهم.
(د) أنه وإن كانت المادة 178/2 قد نصت على البطلان جزاءاً لتخلف بعض البيانات دون البعض الآخر فليس معنى هذا وجوب الحكم بالبطلان المنصوص عليه ، أو وجوب عدم الحكم بالبطلان بالنسبة لما لم ينص القانون على البطلان جزاءاً له .. إذ يخضع الأمر للقواعد العامة لحالات البطلان والتي تنص عليها المادة 20 مرافعات .
(هـ) أنه إذا ورد العيب في حكم محكمة أول درجة ، وطعن في هذا الحكم بالإستئناف ، فإن المحكمة الإستئنافية تعيد نظر القضية بصرف النظر عما شاب هذا الحكم من عيوب . فإن أصدرت فيها حكماً فالعبرة بهذا الحكم دون حكم أول درجة . ولهذا لا يجوز بعد صدور حكم ثانی درجة التمسك أمام محكمة النقض أو الالتماس بعيب - أياً كان - ورد في حكم أول درجة.
ويجب التفرقة بين الدفاع المنتج والدفاع غير المنتج . فإذا تعلق الأمر بدفاع منتج أي جوهري ، من شأنه لو صح التأثير في المنطوق «بحيث يتغير به وجه الرأي في الدعوى» وتم التمسك به بطريق الجزم ، فإن على المحكمة بحثه والرد عليه وإلا شاب حكمها قصور في التسبيب ؛ ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع فإن عليها أن تنظر في أثره في الدعوى ، فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر جديته حتى إذا رأت أنه متسم بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها ، فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصراً قصوراً يبطله. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 390)
بيانات الحكم
عدم الالتزام بالترتيب الوارد بالمادة (178):
تضمنت المادة (178) البيانات الواجب إشتمال نسخة الحكم الأصلية عليها، ولم تتطلب الإلتزام بالترتيب الوارد بها عند تحريرها، فقد نهج المشرع النهج التشريعي الحديث بطرح الشكليات والأخذ بالغاية والمضمون، ولم يرتب البطلان إلا لخلو النسخة الأصلية من أحد البيانات الجوهرية.
أولاً : صدور الحكم باسم الشعب أو الأمة :
تنص المادتان (72) من الدستور و (20) من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 على أن تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب، ومؤدى النصين أن الشعب هو مصدر السلطات مما يوجب أن تكون الأحكام التي تصدرها السلطة القضائية منسوبة للشعب، وأن السلطة التنفيذية ملزمة بالتعاون مع موظفي السلطة القضائية المنوط بهم تنفيذها إذا ما تطلب التنفيذ ذلك.
ولما كان المبدأ المتقدم قد إستقر في وجدان الجماعة، إلتزاماً بأسس الديموقراطية فإن الإلتزام به أصبح نابعاً من هذا الوجدان دون حاجة للنص عليه ، لا في الدستور أو القانون أو الحكم، بحيث إذا جاء الحكم خلواً منه ، فإن سلطة إصداره وتنفيذه تكون مستمدة من سلطة الشعب مصدر السلطات.
وكانت محكمة النقض، تعتبر هذا البيان جوهرياً يترتب البطلان على إغفاله ثم عدلت الهيئة العامة للدوائر المدنية والجنائية عن هذا الرأي وقضت بأن خلو الحكم منه لا ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته.
ثانياً : المحكمة التي أصدرت الحكم :
إذ أوجبت المادة (178) تضمين الحكم اسم المحكمة التي أصدرته ومكانها، إلا أن هذه المادة ، كما يبين من فقرتها الثالثة، لم ترتب البطلان إلا للقصور في أسباب الحكم الواقعية والنقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم وعدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم، ومؤدى ذلك أن عدم بيان إسم المحكمة التي أصدرت الحكم ومكانها لا يترتب عليه بطلان، ويمكن التحقق من ذلك بالتعرف على المحكمة التي قيدت بها الدعوى التي صدر الحكم فيها للوقوف على اسمها ومكانها، وغالباً ما يتضمن الحكم رقم الدعوى الصادر فيها مقروناً بإسم المحكمة وهو ما يكفي لتوافر هذا البيان إذ لم يحدد النص موضعاً معيناً أو ترتيباً خاصاً فيما يتعلق ببيانات الحكم.
ويترتب على ذلك أن اسم المحكمة إذا جاء مضافاً لرقم الدعوى، توافر البيان، فإن لم يتضمن الحكم البيان على هذا النحو، ولم يذكر في صدر الحكم، فإن هذا الإغفال لا يرتب بطلانه.
ثالثاً : تاريخ الحكم :
إذ أوجبت المادة (178) تضمين الحكم بيانات معينة من بينها تاریخ إصداره، إلا أن هذه المادة كما يبين من فقرتها الثالثة، لم ترتب البطلان إلا على القصور في أسباب الحكم الواقعية والنقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم وعدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم، ومؤدى ذلك أن إغفال إثبات تاريخ صدور الحكم لا يترتب عليه بطلانه أو إثباته التقويم الهجري دون الميلادي.
كما أن الترتيب الذي ورد بالمادة سالفة البيان ليس حتماً، ومن ثم يكفي لتوافر البيان المتعلق بالحكم أن يرد التاريخ في صدر الحكم أو في نهايته ، ويمكن التحقق من هذا البيان بالرجوع إلى محضر الجلسة المتضمن منطوق الحكم، فيكون تاريخ هذا المحضر هو تاريخ الحكم، ولا يلزم للاحتجاج بذلك أن يكون محضر الجلسة غير موقع من رئيس الدائرة ، فإن كان الحكم ما يبدأ ميعاد الطعن فيه من تاريخ صدوره. تعيين إحتساب الميعاد وفقاً لتاريخ محضر الجلسة ، فإن تبين عدم إثبات المنطوق بمحضر الجلسة، ظل الحكم صحيحاً ولكن تنفتح مواعيد الطعن فيه دون إعتداد بالتاريخ الوارد بمسودته ، إذ لم يتطلب القانون إثبات تاريخ عند تحريرها ولم يوجبه كبيان من بياناتها (قارن نظرية الأحكام بند 47 ويرى أبو الوفا الإعتداد بتاريخ المسودة، فإن جاءت خلواً منه ، كان الحكم باطلاً).
رابعاً : المادة أو المسألة الصادر فيها الحكم :
وفقاً للمادتين (288) ، (289) يكون النفاذ المعجل واجباً بقوة القانون في الأحكام الصادرة في المواد التجارية و المسائل المستعجلة ، ولذلك أوجبت المادة (178) تضمين الحكم بياناً بنوع المادة التي صدر فيها إذ كان صادراً في مادة تجارية أو مسألة مستعجلة حتى يتم تنفيذه وفقاً للنفاذ المعجل الواجب بقوة القانون، فإذا صدر في إحداها وجاء خلواً من بيانها، فلا يترتب على ذلك بطلانه وإنما يحول دون تنفيذه وفقاً للنفاذ المعجل الواجب بقوة القانون.
ويقتصر هذا البيان على الأحكام الصادرة في المواد التجارية و المسائل المستعجلة ويستوي في المسائل المستعجلة أن يكون الحكم صادراً من قاضي الأمور المستعجلة أو من قاضي التنفيذ بصفته قاضياً للأمور المستعجلة أو من محكمة الموضوع في شق مستعجل فتنص في حكمها على صدوره في مسألة مستعجلة، ومن ثم لا يكون لهذا البيان مقتضى إذا كان الحكم صادراً في دعوى مدنية أو بحرية أو عمالية موضوعية أو في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية أو مادة تنفيذ موضوعية.
خامساً : أسماء القضاة :
توجب الفقرة الأولى من المادة (178) أن يتضمن الحكم بياناً بأسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في المداولة وأصدروا الحكم وحضروا تلاوته ، ورتبت الفقرة الثالثة من نفس المادة البطلان جزاء لعدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروه، وهو بطلان يتعلق بأسس التنظيم القضائي ومن ثم فهو متعلق بالنظام العام يجوز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى وللمحكمة التصدي له من تلقاء نفسها، كما يجوز التمسك به ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، ولها إثارته من تلقاء نفسها، كما يجوز ذلك للنيابة أن كانت ماثلة في الدعوى.
وينصرف نص الفقرة الثالثة سالفة البيان إلى القضاة الذين سمعوا المرافعة وتداولوا فيما بينهم ووقعوا مسودة الحكم إذ بذلك يتم إصدار الحكم والفصل في الدعوى ، فإن كانوا هم أنفسهم الذين نطقوا بالحكم، فإن البيان المتعلق بأسمائهم يكون قد توافر بتضمين ديباجة الحكم هذه الأسماء لما يدل عليه من أن هؤلاء القضاة هم الذين أصدروا الحكم، وحينئذ لا يترتب البطلان إلا إذا خلت الديباجة من أسمائهم أو من اسم أحدهم، وإذا أثبت في محضر الجلسة أن المرافعة سمعها أكثر من عدد القضاة المقرر قانوناً بينما إقتصر الحكم على العدد المقرر، فإن البيان المتعلق بأسماء القضاة يكون قد توافر، إذ لا يوجد ما يحول قانوناً دون أن يسمع المرافعة أي عدد من القضاة طالما اقتصر إصدار الحكم على العدد المقرر.
وإذا تغيب أحد القضاة الذين أصدروا الحكم عن جلسة النطق به وحل آخر محله، وجب بيان ذلك في نسخة الحكم بحيث تتضمن أسماء القضاة الذين اصدروه ، وأسماء القضاة الذين نطقوا به، فإذا جاء الحكم خلواً من اسم أحد القضاة الذين أصدروه أدى ذلك إلى بطلانه ، أما إذا تضمن اسماء هؤلاء جميعاً ، كان صحيحاً حتى لو أغفل اسم أحد القضاة الذين نطقوا به باعتبار أن النطق بالحكم إجراء تابع لاصداره ، فإن كان من الأحكام التي يبدأ ميعاد الطعن فيها من تاريخ صدروه ، تعيين حساب الميعاد على هذا الأساس و من تاريخ النطق به دون إشتداد بإغفال اسم أحد القضاة الذين نطقوا به.
ووقوع خطأ في اسم أحد القضاة الذين أصدروا الحكم لا يؤدي الى بطلانه ويمكن تصحيح هذا الخطأ بالرجوع للاسم الصحيح بمحضر الجلسة ، فإن كان بدوره قد تضمن ذات الخطأ، كان ذلك من قبل الخطأ المادي في الحكم لا يؤثر على كيانه ولا يفقده ذاتيته في معنى المادة 191 وتتولى المحكمة تصحيحه من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم ولا يصلح سبباً للطعن فيه أو طلب بطلانه.
وتستدل المحكمة على هذا الخطأ من مقارنة الإسم الوارد بنسخة الحكم الأصلية بالاسم الوارد بمحضر جلسة النطق بالحكم، ويمكنها بذلك من التحقق مما إذا كان هناك خطأ مادی أم أن قاض آخر قد اشترك في إصدار الحكم دون أن يكون قد سمع المرافعة، فإذا تبين لها توافر الخطأ المادي وأن الاسم الوارد بالحكم هو لنفس القاضي الذي سمع المرافعة وفقاً لما تضمنه محضر الجلسة رفضت الدفع المتعلق ببطلان الحكم، مثال ذلك أن يكون القاضي الذي سمع المرافعة ووقع المسودة اسمه «عبد المجيد» وفقاً لما تضمنه الحكم بينما اسمه الحقيقي هو «عبد الحمید» سواء تضمن ذلك محضر جلسة النطق بالحكم أو کان مطابقاً لما ورد بالحكم طالما خلصت المحكمة إلى توافر الخطأ المادي بأسباب سائغة مستندة الى نسخة الحكم الأصلية ومحضر جلسة النطق بالحكم ولا تعتد بأي شهادة رسمية صادرة من قلم الكتاب.
والعبرة بنسخة الحكم الأصلية الموقع عليها من رئيس الجلسة وكاتبها، ومن ثم لا يعتد في هذا الصدد بصورة هذه النسخة التي يسلمها قلم الكتاب ولو كانت تنفيذية، بحيث إذا تمسك المنفذ ضده ببطلانها لخلوها من أسماء القضاة أو أحدهم فإن قاضي التنفيذ لا يوقف التنفيذ لعدم إستيفاء السند التنفيذي مقوماته إستناداً لما تبين له من الصورة التنفيذية وإنما يجب عليه أن رفض هذا الدفاع لمساسه بحجية الحكم، إذ تثبت الحجية للحكم ولو كان مشوباً بالبطلان، وأن تقرير ذلك يخرج عن ولاية قاضي التنفيذ، وبالتالي إن لم توجد أسباب أخرى مؤدية لوقف التنفيذ، قضى برفض الطلب والإستمرار في التنفيذ.
إسم عضو النيابة:
توجب الفقرة الأولى من المادة (178) تضمين الحكم بياناً باسم عضو النيابة الذي أبدي رأيه في القضية إن كانت النيابة ممثلة فيها، إلا أن هذه المادة لم ترتب البطلان وفقاً لفقرتها الثالثة إلا على القصور في أسباب الحكم الواقعية والنقص والخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم وكذا عدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم، مما مؤداه أن إغفال إثبات اسم عضو النيابة لا يترتب عليه بطلائه.
وكانت الفقرة الثانية من المادة (349) من قانون المرافعات السابق تنص على بطلان الحكم إن لم يتضمن إسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية، ولذلك جرى قضاء النقض على أن الشارع أعتبر البيان الخاص باسم عضو النيابة الذي أبدي رأيه في القضية بياناً جوهرياً لازماً لصحة الحكم مما يقتضى إعتبار البطلان المترتب على إغفاله من النظام العام ولا يغني عن ذلك ذكر الحكم أن النيابة أبدت رأيها في المذكرة المقدمة منها دون تعيين اسم عضو النيابة الذي، أبدى هذا الرأي. (انظر في هذا القضاء : مجموعة المبادئ القانونية للمؤلف، الجزء الخامس، ص 207 وما بعدها ؛ نقض 25/ 12/ 1996 فيما يلي).
وبصدور قانون المرافعات الحالي أغفل النص في الفقرة الثالثة من المادة (178) على البطلان بسبب عدم بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية، فأصبح هذا البيان ليس من البيانات الجوهرية التي يترتب البطلان على إغفالها، و استقر قضاء النقض على ذلك.
أسماء الخصوم وصفاتهم
أوجبت الفقرة الأولى من المادة (178) تضمين الحكم بياناً بأسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم وموطن كل منهم وحضورهم وغيابهم، ورتبت الفقرة الثالثة من نفس المادة البطلان بسبب النقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم ومفاد ذلك أن بطلان الحكم رهين بالنقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم، ولا يمتد هذا البطلان للحكم الذي يخلو من بیان موطن الخصم أو ما يفيد حضوره أو غيابه ، بإعتبار أن البيانات الأخيرة ليست من البيانات الجوهرية التي يرتب القانون البطلان بسبب إغفالها سواء أغفلت تماماً فلم تذكر بالحكم أو تضمنها الحكم مخالفة للواقع بذکر موطن غير الموطن الحقيقي للخصم أو تضمنت مدوناته حضور الخصم في حين أنه لم يحضر أو العكس، أو تضمنت حضور وكيل عن الخصم بينما لم يقدم سند وكالته عنه كدليل على توافر صفته ولم يثبت هذا السند بمحضر الجلسة مما مفاده أن يكون للخصم الحق في الطعن في الحكم من تاريخ إعلانه به وليس من تاريخ صدوره، ولا يجوز للطاعن الإستناد لبطلان الحكم بسبب الخطأ في إثبات حضوره، إذ أن هذا الخطأ ليس من البيانات الجوهرية التي يترتب البطلان على تردي الحكم فيه.
وإذا تضمنت نسخة الحكم الأصلية بطريق الخطأ حضور المدعى عليه ، في حين أنه لم يسبق حضوره أي من الجلسات وفقاً لمحاضر الجلسات ، فلا يعتد بهذا الخطأ وحينئذ يبدأ ميعاد الطعن من تاريخ إعلان الحكم وليس من تاريخ صدوره.
والنقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم من قبيل العيوب التي تنال من صحة الحكم وتشوبه بالبطلان، وليس من قبيل الخطأ المادي الذي يقع في الحكم ومن ثم يكون تداركه عن طريق الطعن فيه وليس عن طريق اللجوء الذات المحكمة التي أصدرته لتصحيحه لخروج ذلك عن نطاق المادة (191) وخضوعه لنص المادة (178) ، ذلك لأنه وإن كانت ديباجة الحكم يحررها قلم الكتاب تحت إشراف رئيس الجلسة، إلا أنه متى تم التوقيع على نسخة الحكم الأصلية ، امتنع على رئيس الجلسة وعلى قلم الكتاب إجراء أي تعديل على أي من بياناتها، ويقتصر التعديل على الأخطاء المادية في نطاق المادة (191) ولا يتم التعديل بطريق التصحيح وإنما بالتأشير به على نسخة الحكم الأصلية دون المساس بما دون بها.
والخطأ الجسيم في أسماء الخصوم، من مسائل القانون التي تخضع فيها المحكمة الإستئنافية لرقابة محكمة النقض.
والخصم الذي ترتب البطلان على خلو الحكم من اسمه أو الخطأ الجسيم في هذا الاسم، هو الخصم الحقيقي الذي يتناضل مع باقي الخصوم بقيامه بتوجيه طلبات إليهم أو توجه إليه طلبات منهم، أما الخصم غير الحقيقي وهو خصم المواجهة الذي إختصم ليصدر الحكم في مواجهته فلا يترتب البطلان على إغفال اسمه أو الخطأ الجسيم في هذا الاسم طالما وقف من الخصومة موقفاً سلبياً في جميع مراحلها، فلم يتقدم بطلبات ولم يبد دفوعاً فيها، إما إن تقدم بطلب أو أبدی دفاعاً ، فيصبح بذلك خصماً حقيقياً.
ويترتب البطلان على خلو الحكم من إسم أحد الخصوم، سواء كان محكوماً له أو محكوماً عليه، ولتعلقه بالحكم وبياناته وما يترتب عليه من تغيير في نطاق الخصومة وما يتصل بتنفيذ الحكم، فهو متصل بالتنظيم القضائي مما يجعله متعلقاً بالنظام العام ومن ثم يكون لكل ذي مصلحة التمسك به بحيث إذا كان الموضوع لا يقبل التجزئة أو صدر الحكم في إلتزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون إختصام أشخاص معينين فيها كدعوى الشفعة، جاز الكل خصم أن يتمسك ببطلان الحكم لإغفال إسم أحد الخصوم أو الخطأ جسيم في هذا الاسم، وللمحكمة التصدي له من تلقاء نفسها، ويجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض ولو لم تتضمنه صحيفة الطعن، ولهذه المحكمة التصدي له من تلقاء نفسها متی ورد على الجزء المطعون فيه من الحكم.
فإن كان الموضوع مما يقبل التجزئة، فلا يجوز التمسك بالدفاع إلا للخصم الذي تقرر لمصلحته، وهو من يناله ضرر من هذا الإغفال أو الخطأ، مثل المحكوم له وإذا ما أغفل الحكم اسمه أو أخطأ فيه أو أغفل اسم أحد المحكوم ضدهم أو أخطأ في اسمه خطأ جسيماً إذ لا يصلح الحكم في هذه الحالة کسند تنفيذي ضد المحكوم عليه، وللأخير مصلحة في الطعن في الحكم والتمسك بالدفع، فقد يطعن فيه المحكوم له وتصحح المحكمة الإستئنافية هذا البطلان بتضمين حكمها اسم المحكوم عليه وتصحيحه ثم تأييد الحكم المستأنف. أما إن لم يطعن المحكوم عليه في الحكم لهذا السبب، فلا يجوز لغيره من المحكوم عليهم التمسك بهذا البطلان عندما يطعن في الحكم لإنتفاء مصلحته فيه لقابلية الموضوع للتجزئة.
وإذا تعلق الدفع بالخطأ في إسم أحد الخصوم، وجب للقضاء ببطلان الحكم أن يكون هذا الخطأ جسيماً ، أي يكون من شأنه التجهيل بشخص الخصم مما يمتنع معه على خصمه التعرف عليه وتوافر الشك فيه على نحو يتسع معه نطاق الخصومة عما كانت عليه قبل صدور الحكم، بأن ذكر اسم لا يطابق الاسم الذي تضمنته صحيفة الدعوى ، أما إذا انتفى هذا التجهيل، فلا يبطل الحكم، مثال ذلك، أن ينقطع سير الخصومة لوفاة خصم أو فقده أهلية الخصومة أو زوال صفة من كان ينوب عنه، ثم يجدد السير في الدعوى بإختصام الورثة أو من حل محل من فقد أهلية الخصومة أو زالت صفته ، ثم يصدر الحكم بالإسم الذي كان عليه قبل الإنقطاع، وحينئذ لا يكون هناك محل للدفع بالبطلان لإنتفاء التجهيل وذلك بإستئناف السير في الدعوى بعد مثول الورثة ومن في حكمهم.
ويتحقق الخطأ في أسماء الخصوم بتردي الحكم فيه ، أما إذا نقلت ديباجة الحكم المتعلقة بأسماء الخصوم من واقع صحيفة الدعوى التي وردت بها تلك الأسماء مشوية بالخطأ، فإن الحكم يكون بريئاً من التردي في الخطأ وبالتالي لا ينعي عليه بالبطلان، كما لا يعتبر ذلك من قبيل الخطأ المادي ومن ثم يمتنع على المحكمة تصحيحه على نحو ما أوضحناه بالمادة (191)، ويكون المدعى وشأنه في النزاع ولا يساغ له الطعن في الحكم لهذا السبب، ما لم يكن قد تم تصحيح الاسم بمحضر الجلسة.
وإذا أخطأت محكمة الدرجة الأولى في اسم أحد الخصوم، كان للمحكمة الاستئنافية تدارك هذا الخطأ وتصحيح الاسم بعد أن يقضي ببطلان الحكم المستأنف، وإذا أغفل الحكم الاستئنافي اسم أحد الخصوم أو أخطأ فيه، فلا يجوز النعي عليه بالبطلان إذا كان هذا الاسم وارداً وصحيحاً بالحكم المستأنف متى قضى الحكم الإستئنافي بتأييده أو إلغائه والإحالة إليه، أما إذا قضى ببطلانه وهو يحول دون الإحالة إليه فإنه يكون مشوباً بالبطلان.
ولما كان القانون لم يحدد موضعاً معيناً من الحكم لإثبات البيان المتعلق بأسماء الخصوم، وكانت الأسباب تكون مع المنطوق وحدة واحدة ، جاز تضمين الأسباب تلك الأسماء.
ولما كان الشخص المعنوي هو المعني بالخصومة ، فإن النقص أو الخطأ الجسيم في إسمه يؤدي إلى بطلان الحكم حتى لو ورد اسم الممثل القانوني له صحيحا، أما إن ورد اسم الشخص المعنوي صحيحا، فإن الحكم يكون صحيحا حتى لو ورد اسم ممثله القانوني مشوبا بالنقص أو بالخطأ الجسيم.
الخطأ في اسم النائب :
العبرة باسم الأصيل دون نائبه، بحيث إذا تضمن الحكم اسم الأصيل وأغفل اسم نائبه أو أورده مشوباً بخطأ جسيم، فلا يكون باطلاً ، أما إذا أورد اسم الأصيل مشوباً بالخطأ أو أغفله وكان من شأن ذلك التجهيل به، كان الحكم باطلاً حتى لو تضمن إسم نائبه. بإعتبار أن الأصيل هو المعنى بالخصومة دون نائبه ، وأن تنفيذ الحكم يتم في مواجهته هو وعلى أمواله، ولذلك يكفي أن يرد إسمه صحيحاً بالحكم دون إعتداد بما يشوب إسم النائب من نقص أو خطأ قد يؤدي إلى التجهيل به أو اللبس في التعرف عليه طالما أن هذا لا يمتد للأصيل، وإذا توفى النائب الذي كان يباشر الخصومة وحل غيره محله ، فإن صدور الحكم باسم النائب المتوفى بصفته نائباً عن الأصيل الذي تضمن الحكم اسمه ، لا يعيب الحكم، ويكون الأصيل و المعني بالحكم فيتم تنفيذ الحكم وفقاً لذلك، مما يحول دون قاضي التنفيذ والحكم بوقف التنفيذ لمساس ذلك بحجية الحكم وهو الممتنع عليه.
ويسرى ذلك على كافة أنواع النيابة عن الأصيل، كالوكالة والنيابة عن ناقصي وعديمي الأهلية والحراسة والنيابة عن الأشخاص المعنوية.
الخطأ في اسم الممثل القانوني للشخص المعنوي:
ساوى المشرع بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي، من حيث الاسم والموطن والذمة المالية ، وأوجب أن يكون للأخير ممثل قانوني يباشر عنه التصرفات والإجراءات، واعتبر الشخص المعنوي هو وحده المعني بذلك، وبالتالي تنصرف إليه آثار تلك التصرفات والإجراءات إذ تعتبر صادرة منه أو موجهة إليه دون ممثله القانوني، ويترتب على ذلك، أنه يحاج بالأوراق القضائية متى إشتملت على أنه هو الأصيل فيها بأن تضمنت اسمه ومركز إدارته، فيكون هو المعني بها، حيث تكون صحيحة طالما تضمنت اسمه دون لبس أو تجهيل، وحينئذ لا يعتد بالخطأ الذي وقع في اسم ممثله القانوني أو حتى إغفال هذا الاسم.
رقم الدعوى وبيان مراحلها :
يتضمن الحكم بيانا برقم الدعوى التي صدر فيها، وإذ لم يرد هذا البيان ضمن البيانات التي أوجبتها المادة (178) على سبيل الحصر، فإن إغفاله أو الخطأ فيه لا يؤدي إلى بطلان الحكم، لكن إذا ضم للملف الإستئنافي دعوى غير المستأنف حكمها، ولم تتنبه المحكمة الإستئنافية لذلك وفصلت في الإستئناف بهذه الحالة، فإنها تكون قد حكمت في غير الخصومة المطروحة عليها، ولم تنعقد أمامها ويبقى الحكم المستأنف معلقا أمامها لعدم فصلها في الإستئناف المرفوع عنه ، ولا يعد الحكم الذي أصدرته فصلاً فيه، ومع ذلك لا يجوز الرجوع إليها مباشرة للفصل في الحكم المستأنف الذي أغفلت الفصل فيه، إنما يتعين الطعن في قضائها والنعي عليه بالبطلان لصدوره في غير الخصومة المنعقدة أمامها، وذهبت بعض دوائر محكمة النقض إلى إعتبار الحكم الذي يصدر في خصومة غير منعقدة حكماً معدوماً. (انظر: بند «بطلان الأحكام وإنعدامها فيما يلي).
أما عن مراحل الدعوى، فقد كانت المادة (349) من قانون المرافعات السابق توجب أن يتضمن الحكم بياناً بمراحل الدعوى، ولما صدر قانون المرافعات أبقت المادة (178) منه على هذا البيان ، إلا أن المشرع تناولها بالتعديل بموجب القانون رقم 13 لسنة 1973 وبمقتضاه أستبعد هذا البيان، فلم تعد المحكمة ملزمة بتضمين حكمها بياناً بمراحل الدعوى، ذلك لأن الدعوى طالما استقامت وأصبحت مهيأة للحكم فيها فلا حاجة بالمحكمة للوقوف على المراحل التي مرت بها، فإن كانت قد شطبت أو وقف السير فيها لأي سبب من الأسباب ، فإنها لا تطرح على المحكمة من جديد إلا إذا عجلها الخصم في مواجهة الآخر، وإذا شاب هذا التعجيل البطلان، فلا تملك المحكمة التصدي له من تلقاء نفسها لعدم تعلقه بالنظام العام، أما إذا تمسك الخصم بدفع تعلق بإحدى هذه المراحل تصدت المحكمة لتلك المرحلة تمهيداً للفصل في الدفع، کالدفع بإعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تجديدها من الشطب في الميعاد، والدفع بالبطلان لعدم الإلتزام بأحكام الإنقطاع، والدفع ببطلان التحقيق أو تقرير الخبير.
وللخصوم الرجوع لمحاضر الجلسات والإجراءات التي إتخذت متعلقة بسير الخصومة و المودعة ملف الدعوى للوقوف على المراحل التي مرت بها.
الأسباب الواقعية :
يقصد بالأسباب الواقعية، ما يتصل منها بوقائع النزاع الدائر بين الخصوم وما اكتنفه من ظروف وما تقدموا به من دفوع أياً كانت إذ يجب على المحكمة أن تتناولها إيراداً ورداً ، أما أوجه الدفاع، فلا تلتزم المحكمة بالتصدي لها إلا إذا كانت جوهرية والسبب الذي يستند إليه المدعى في دعواه ، على أن تعرض المحكمة لذلك دون إسهاب، عرضاً مجملاً يدل على إلمامها بتلك الوقائع وبما يتسع لدفوع وأوجه دفاع الخصوم ثم للأسباب التي تستند إليها المحكمة في قضائها، عندما تستند إلى الواقع إقامة هذا القضاء، فإن كانت قد أغفلت ذلك في العرض المجمل للوقائع، كان لها تدارکه بالتعرض له في أسبابها لتستخلص منه دعامة لقضائها.
ولما كانت وقائع النزاع، هي الأساسي الذي يقوم عليه الحكم، تعين لصحته أن تكون المحكمة قد ألمت بها إلماماً صحيحاً عن بصر وبصيرة. فإن هي أخطأت فهمها ونحت عن مضمونها منحى آخر جرها إلى الخروج عن تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً ، فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور المبطل لما شابه من خطأ في الأسباب الواقعية، وعدم تحصيلها لفهم الواقع في الدعوى.
ويعد العرض المجمل لوقائع الدعوى، تورد المحكمة ما أبداه كل خصم من دفوع وأوجه دفاع جوهري وذلك إستكمالاً لأسباب الحكم الواقعية، سواء وردت هذه الدفوع وأوجه الدفاع بمرافعة الخصوم الشفوية أو المكتوبة ، مع إلتزامها ببيان الأدلة التي استند إليها سواء تضمنتها محاضر الجلسات كالإقرارات القضائية أو حوافظ المستندات أو دعاوی منضمة.
ويجب أن تتضمن الأسباب الواقعية كل دفع أبداه الخصوم، طالما كان دفعاً بالمعنى الذي عرفه القانون به ، فإن لم يكن كذلك وكان في حقيقته وجه دفاع، فإن المحكمة لا تلتزم بالتنويه إليه إلا إذا كان جوهرياً حتى تلتزم بالرد عليه في أسباب حكمها، بإعتبار أن المادة (178) قصرت أوجه الدفاع التي يجب أن تتضمنها الأسباب الواقعية على أوجه الدفاع الجوهرية وهي التي من شأنها التأثير في الحكم وقد تؤدي إلى تغيير وجه الرأي فيه، ومن ثم يجب أن تعرض المحكمة لها، فإن هي أغفلتها في أسباب الحكم الواقعية ولم تعرض لها في الأسباب التي أقامت عليها قضاءها، كان حكمها مشوباً بالقصور المبطل، فإن هي أغفلتها في الأسباب الواقعية ولكن تصدت لها في الأسباب التي أقامت قضاءها عليها، إنتفى القصور عن الحكم لتحقيق الغاية التي قصدها المشرع من تضمين أسباب الحكم لأوجه الدفاع الجوهرية. وبذلك تكون المحكمة قد تناولتها إيراداً ورداً.
أما إن لم تكن أوجه الدفاع جوهرية، وهي التي لا يتغير بإغفالها وجه الرأي في الحكم، فلا تثريب على المحكمة إن هي أغفلتها في الأسباب الواقعية ، أو أوردتها بها ولكن لم ترد عليها في الأسباب التي أقامت عليها قضاءها.
ومن الأسباب الواقعية، طلبات الخصوم، سواء كانت قد أبديت بصحيفة إفتتاح الدعوى أو أثناء نظرها بطلب عارض، ويكفي لصحة الحكم التصدي لهذه الطلبات بالمنطوق ولو أغفلتها المحكمة بالأسباب الواقعية طالما عرضت لها في الأسباب التي أقامت عليها قضاءها لتحقق الغاية التي قصدها الشارع.
والعبرة في ذلك بالطلبات الأخيرة لخصوم، فإن أغفلتها المحكمة وتناولت الطالبات السابقة بالبحث وأصدرت قضاءها فيها، كان حكمها مشوباً بالقصور المبطل فضلاً عن مخالفة الثابت في الأوراق المتمثلة في المذكرات ومحاضر الجلمات والصحف التي تضمنت التعديل في الطلبات، وتكون قد قضت بما لم يطلبه الخصوم عن سهو منها ومن ثم يكون الطعن في حكمها بطريق التماس إعادة النظر وفقاً للمادة ( 241/ 5) .
وقد تناولنا بالمادة (176) فيما تقدم كيفية تحصيل فهم الواقع في الدعوى وأن القصور في أسباب الحكم الواقعية يؤدي إلى بطلان الحكم، وأن الخطأ في تفسير المستندات يؤدي إلى الخطأ في تحصيل فهم الواقع وبالتالي إلى القصور في التسبيب ويقصد بأسباب لحكم، الأسباب أو المدونات التي تقيم المحكمة حین قضاها ، وتكون منها عقيدتها فيما انتهت إليه في منطوق حكمها، وهي التي تنسب إليها ويخاصم قضائها بسببها.
وتبدأ المحكمة في تدوينها بعد أن تفرغ من الأسباب الواقعية، وتستهلها بتصفية الدفوع المبداة بحسب ترتيب كل منها، تتصدى أولاً للدفع بعدم سماع الدعوى، ثم الدفع بعدم جوازها، ثم عدم قبولها، ثم بطلان صحيفة إفتتاحها، ثم إعتبارها كأن لم تكن، ثم سقوطها وانقضاؤها ، فإذا قبلت أياً منها، وقفت عند هذا الحد وقضت بإعماله، وحينئذ لا تتصدى لأوجه الدفاع تعلقة بالموضوع لأن مناط هذا التصدي انتفاء أي من الدفوع التي تحول دون حكمة ونظر الدعوى، أما إذا توافر أحدها واستوفی شرائطه القانونية، حال دون تحكمه ونظر الدعوى بما تضمنته من طلبات.
فإن خلصت المحكمة إلى رفض ما أبدی من دفوع، أو كان الخصوم لم يتقدموا بشيء منها، تناولت المحكمة أوجه الدفاع الجوهرية لتمحيصها عن بصر وبصيرة ، على هدي ما قدم بشأنها من أدلة أو قرائن والترجيح بينها للأخذ بالدليل الذي يعتد به القانون أو بما يطمئن إليه وجدانها. وحينئذ تعتد بالواقعة التي تأيدت بالدليل الراجح وتطبق القانون في شأنها وترتب على ذلك منطوق حكمها، مثال ذلك ، أن يرفع المؤجر دعوى إخلاء لتنازل المستأجر عن الإيجار دون إذن ويقيم المؤجر الدليل على ذلك بشهادة الشهود، وينفي المستأجر التنازل بشهادة الشهود أيضاً، وتطمئن المحكمة لشهود المؤجر فيقوم دليله على ثبوت واقعة الدعوى، وحينئذ تطبق المحكمة النص المتضمن الجزاء على التنازل عن الإيجار وتقضي في المنطوق بالإخلاء.
وإذا حدد القانون طريقاً للمفاضلة بين الأدلة، التزمت به المحكمة وتناولته في الأسباب ، مثال ذلك أن يتنازع خصمان على ملكية وحدة سكنية ، ويركن أحدهما إلى العقد العرفي الأسبق تاريخاً ، بينما يركن الآخر إلى العقد الشهر ووضع اليد، وحينئذ تجرى المحكمة المفاضلة بين العقدين وتعتد بالتصرف الأسبق ولو لم يكن مشتبهاً ، فقد تضمن قانون إيجار الأماكن نصاً يقرر بطلان التصرف اللاحق الوارد على الوحدة المبيعة ولو كان مسجلاً أو كان مصحوباً بوضع اليد.
وتقوم أسباب الحكم على ما قد تستخلصه المحكمة من الأسباب الواقعية، وحينئذ يجب أن يكون هذا الإستخلاص سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي خلصت إليها المحكمة و مستمداً من أدلة قائمة في الدعوى ، فإذا إنتفى ذلك كان الحكم مشوباً بالقصور المبطل، كما تقوم أسباب الحكم على فهم القانون، فإذا أخطأته المحكمة أو أغفلت إعمال النص الواجب التطبيق كان المحكمة الطعن تدارك ذلك فتصحح الأسباب القانونية أو تكملها دون أن تمس الحكم طالما لم يجره هذا الخطأ أو القصور إلى نتيجة خاطئة ، إذ اقتصر البطلان الذي نصت عليه المادة (178) على الخطأ أو القصور في الأسباب الواقعية.
إسم أمين السر:
أوردت المادة (178) البيانات الواجب إشتمال نسخة الحكم الأصلية عليها، وهو بيان حصر وليس من بينها البيان الخاص باسم أمين السر، ومن ثم إذا جاء الحكم خلواً منه أو ورد مشوباً بالخطأ فلا ينعى عليه بالبطلان لهذا السبب.
بطلان الحكم :
متى إستوفى الحكم مقوماته، أدى ذلك إلى وجوده وأصبح له كيان مستثناً فلا يرتد إلى العدم، ولكنه يتأثر بالإجراءات التالية لبدء الخصومة متى كانت من الأسس التي بني عليها، یکون صحيحاً إذا إستوفت الشروط اللازمة لصحتها ويكون باطلاً إذا شابها البطلان، وتكون طبيعة بطلانه من طبيعة بطلانها، فإن كان بطلانها نسبياً، كان بطلانه، كذلك ، وإن كان بطلانها متعلقاً بالنظام العام، كان بطلانه متعلقاً بهذا النظام.
فإذا خلت صحيفة إفتتاح الدعوى من توقيع محام، أو جاء إعلان الصحيفة خلواً من توقيع المحضر، كانت الصحيفة والإعلان باطلين بطلاناً متعلقاً بالنظام العام، فإذا صدر الحكم، كان بدوره باطلاً بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام تتصدى له المحكمة الإستئنافية من تلقاء نفسها ولا يلزم التمسك به في صحيفة الإستئناف .
فإن لم يتعلق البطلان بالنظام العام، فإن بطلان الحكم المبنى عليه لا يكون متعلقاً بالنظام العام، مثال ذلك بطلان الإجراءات التي تتخذ في فترة الإنقطاع، فقد تقرر بطلانها حماية لورثة المتوفي ومن في حكمهم. ومن ثم فهو بطلان نسبي، فإذا ما صدر الحكم أيضاً خلال فترة الإنقطاع كان بدوره باطلاً بطلاناً نسبياً فلا يجوز أن يطلب بطلانه إلا هؤلاء بحيث إذا طعنوا على الحكم ولم يتمسكوا ببطلانه ، فليس للمحكمة التصدي له وليس للمستأنف عليه التمسك بذلك ، ولا يجوز للمستأنف التمسك به أمام المحكمة إذ يسقط حقه فيه لعدم إبدائه في صحيفة الإستئناف. (ویری أبو الوفا في الأحكام بند 142 أنه يجب على المستأنف التمسك بالبطلان في صحيفة الإستئناف وإلا سقط حقه فيه).
وإذا لم تعلن صحيفة الدعوى، فإن الخصومة لا تنعقد، ولما كان هذا الإعلان من الإجراءات التالية لبدء الخصومة ، فإن الحكم الذي صدر فيها يكون باطلاً إذا بني على إجراء باطل وهو عدم الإعلان الذي أدى إلى عدم إنعقاد الخصومة ، وتعددت مبادئ النقض بهذا المعنى.
وقد لا يستند البطلان إلى نشئ في القانون، وإنما إلى عيب جوهري يشوب الحكم، کصدور الحكم في إحدى مسائل الأحوال الشخصية من قاض ذمي على مسلم بالمخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، التي تحظر ولاية الذمي على المسلم، باعتبار أن القضاء ولاية.
وقد يستند البطلان إلى عيب في ذات الحكم، كخلوه من بيان جوهري مما نصت عليه المادة (178) أو لعيب في التسبيب وفقاً للمادة (176)، وهو بطلان متعلق بالنظام العام لمساسه بالتنظيم القضائي، وقد تناولنا تلك البيانات فيما تقدم، وتحيل إلى بند «تكملة البيانات الناقصة و تداركها، فيما يلي وأوضحنا بالمادة (170) أثر زوال ولاية القاضي وخلصنا إلى أن ذلك يؤدي إلى بطلان الحكم وليس إنعدامه.
ذلك لأن صحة الخصومة عند البدء فيها بإيداع صحيفتها قلم الكتاب ، تكون معلقة على شرط صحة الصحيفة وصحة إعلانها، فإذا تحقق الشرط واستمرت الإجراءات وكان الحكم الذي يصدر فيها صحيحاً، أما إذا تخلف الشرط وشاب الصحيفة وجه من أوجه البطلان، بعدم التوقيع عليها من محام أو لخلوها من بعض بياناتها أو لعدم إعلانها للمدعى عليه أو شاب الإعلان وجه من أوجه البطلان وتمسك به المدعى عليه ، فإن هذا البطلان يرتد إلى بدء الخصومة وفقاً للأثر الرجعي للبطلان، ويؤدي إلى زوالها بعد توافر وجودها، بحيث إذا قررت المحكمة الإستئنافية هذا البطلان وجب عليها الوقوف عند هذا الحد، ولا تفصل في الموضوع إذ صدر الحكم المستأنف في غير خصومة قائمة والطعن ما هو إلا محاكمة للحكم المطعون فيه فيما فصل فيه ولا تكون محكمة الدرجة الأولى قد إستنفدت ولايتها به وحتي ينظر النزاع على درجتين وهو من الأصول المتعلقة بالنظام العام، ولا تعيد الدعوى المحكمة الدرجة الأولى إذ يترتب على الأثر الرجعي للبطلان زوال الخصومة ، ومن ثم لا توجد خصومة قائمة حتى تنظرها محكمة الدرجة الأولى، وحينئذ يكون المدعي وشأنه في رفع دعوى جديدة منبتة الصلة بالدعوى السابقة التي زالت كل آثارها.
ولا يجوز للمدعى تجديد دعواه السابقة بتصحيح الإجراء الباطل، بأن يعلن المدعى عليه إعلاناً صحيحاً، إذ زالت الخصومة برمتها وفقاً للأثر الرجعي للبطلان. (انظر: الطعن 419 لسنة 43 ق بالمادة 233).
ولا يدل ذلك على إنعدام الخصومة ، لأن مقتضى إنعدام الشیء عدم وجوده منذ البدء ، أما زوال الخصومة فهو يعني أنها وجدت ثم زالت بعد هذا الوجود.
فإن صحت الصحيفة وإعلانها، تحقق الشرط الموقف، وإنعقدت الخصومة و كانت محلاً للحكم الذي يصدر فيها، وتستنفد محكمة الدرجة الأولى ولايتها به، بحيث إذا شابه بطلان، لخلوه من بعض بياناته الجوهرية ، أو بسبب بطلان في الإجراءات أثر فيه، قضت المحكمة الإستئنافية ببطلانه وتصدت للموضوع بعد تدارك وتصحيح هذا البطلان، فإن كان البطلان راجعاً إلى عدم إخطار النيابة العامة بوجود قاصر في الدعوى، قامت المحكمة الإستئنافية بهذا الإخطار تصحيحاً للبطلان الذي شاب الحكم المستأنف، وإن كان البطلان راجعاً إلى عدم تمثيل النيابة العامة أمام محكمة الدرجة الأولى ، ضمت المحكمة الاستئنافية ممثل النيابة العامة إلى هيئتها، وإن كان راجعاً إلى إغفال أسم أحد القضاة أو الخصوم أو الخطأ فيه وتعذر تدارك ذلك من واقع محضر جلسة النطق بالحكم، قضت ببطلان الحكم وتصدت للموضوع، أما أن أمكنها تدارك هذا البطلان، فإنها لا تبطل الحكم، وإذا تبين لها زوال ولاية أحد قضاة الهيئة التي أصدرت الحكم عند إصداره، أو صدور الحكم من هيئة غير مشكلة على نحو ما تطلبه القانون، كما لو صدر من محكمة ابتدائية دون أن ينضم إليها مهندس وفقاً لما توجبه المادة (18) من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 ، أو صدور الحكم من قاض فرد زالت ولايته وقت صدوره، فإنها في جميع هذه الحالات تقضي ببطلان الحكم وتتصدى للموضوع، الإستنفاد محكمة الدرجة الأولى ولايتها، ولا يعتد في هذه الحالات بتعذر تدارك وتصحيح البطلان الذي شاب الحكم المستأنف.
ومتى قضت المحكمة الإستئنافية ببطلان الحكم المستأنف، وجب عليها أن تقيم قضاءها على أسباب مستقلة خاصة بها دون أن تحيل لأسباب الحكم المستأنف على نحو ما أوضحناه بالمادة (176).
بطلان الأحكام والقابلية للتجزئة:
الحكم، كإجراء قضائي ، غير قابل للتجزئة، فإن كان صحيحاً في شق منه وباطلاً في شق آخر، وجب تغليب الصحة على البطلان، سواء كان صادراً ضد محكوم عليه واحد أو ضد متعددين، فإن حاز في شق منه قوة الأمر المقضي، ثم شابه البطلان بعد ذلك عند صدوره في الشق الآخر، إمتنع الطعن فيه لهذا السبب ، وإذا كان صادراً في حدود النصاب الإنتهائي للمحكمة، فلا يجوز الطعن فيه بالإستئناف لأن البطلان الذي شابه لا يكون قد أثر فيه بعد أن تحصن من البطلان عندما حاز في شق منه قوة الأمر المقضي ، حتى لو تعلق البطلان بالنظام العام إذ تسمو حجية الأحكام على إعتبارات هذا النظام، مثال ذلك أن يصدر حكم في شق من النزاع ويحوز قوة الأمر المقضي، ثم يصدر الحكم في الشق الآخر مشوباً ببطلان فيه أو في الإجراءات، ويطعن الحكم عليه في هذا الشق متمسكاً ببطلان الحكم ويتحقق موجب البطلان، وحينئذ ترفض محكمة الطعن إجابة الطاعن إلى البطلان.
مناط تعلق بطلان الأحكام بالنظام العام :
إذا أغفل الحكم بياناً يتعلق بالتنظيم القضائي، كالبيان المتعلق بأسماء القضاة الذين أصدروه، أو شاب هذا البيان نقصاً، أو إذا لم ينطق الحكم في جلسة علنية ، أو لم يرد بنسخته الأصلية اسم عضو النيابة متى كان القانون يوجب تدخل النيابة العامة في الدعوى، كان الحكم باطلاً بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام لمساس البيان بالتنظيم القضائي.
أما إن أغفل الحكم بياناً غير متعلق بهذا التنظيم أو أخطأ فيه أو أورده باطلاً . فإن الحكم يكون باطلاً عملاً بالمادة (178) من قانون المرافعات، ولتعلق البيان بأسماء الخصوم، فإن البطلان لا يكون متعلقاً بالنظام العام وبالتالي لا تتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها وإنما بناء على طلب من تقرر البطلان لصالحه. ومثل ذلك البطلان المترتب على عدم إخطار النيابة بوجود قصر في الدعوى ، وقد تناولنا ذلك في بند «بطلان الحكم» فيما تقدم
إنعدام الحكم
أركان الحكم :
الحكم، هو الإجراء المكتوب الذي يصدر بناء على طلب قضائي، من جهة أو قاض له ولاية القضاء، في خصومة قائمة. ويتضمن هذا التعريف أركان الحكم التي يستقيم باكتمالها وينهار بتخلف أي منها، وذلك على التفصيل التالي:
أولاً : يجب أن يكون الحكم مكتوباً :
الحكم، كإجراء قضائي ، يجب أن يكون مكتوباً ، سواء بخط اليد أو مطبوعاً بأية وسيلة، وأن يكون موقعاً من القاضي الذي أصدره أو من رئيس الهيئة التي أصدرته ، إذ لا يستكمل هذا الركن مقوماته إلا بهذا التوقيع، ومن ثم يجب أن يثبت صدور الحكم وأنه كان مكتوباً، فإن لم يقم الدليل على صدوره، فلا يساغ القول بوجود حکم مكتوب لأن صدوره هو مناط كتابته ، وطالما لم يثبت صدوره فإن الورقة التي استوفت الشكل المقرر للحكم، تكون مصطنعة وعديمة الحجية وهو ما ينحدر بها إلى العدم.
وإذا أفصح القاضي في الجلسة عن رأيه في الدعوى شفاهة ، فلا يعتبر ذلك حكما فيها، وإنما سبباً لعدم صلاحيته لنظرها، فإن إستمر القاضي في نظر الدعوى رغم ذلك دون أن يرده أحد من الخصوم، فإن الحكم الذي يصدر كتابة متضمناً هذا الرأي يتحقق به هذا الركن ويحول دون انعدامه.
صدور الحكم من محكمة في حدود ولايتها :
الحكم، هو الإجراء الذي تصدره جهة بما لها من سلطة قضائية خصها المشرع بها، سواء كانت هذه الجهة محكمة أو لجنة ، فإن صدر عن غيرها، فلا يكون حكما، ومن ثم لا يحوز حجية الأمر المقضي ولا يعتد به ويعتبر معدوماً.
ويترتب على ذلك، أن الحكم إذا صدر من جهة لها سلطة قضائية بأن خولها المشرع ولاية حسم المنازعات التي تعرض عليها، وكانت الخصومة مرددة بين أطراف تحقق لهم الوجود القانوني عند البدء فيها، فإن الحكم يكون قد إستوفى مقوماته وأركان وجوده ، ولا ينال من هذا الوجود أية شائبة تعلق بالإجراءات التالية لبدء الخصومة ، فقد يكون من شأن هذه الشوائب أن تنال من صحة الحكم دون أن ترتد لوجوده ، إعتباراً بأن هذا الوجود أمر سابق على تلك الشوائب.
ومتى توافرت للجهة سلطة وولاية القضاء والفصل في الخصومات ، وكان لطرفي الخصومة وجود قانوني، إستوفت الأحكام التي تصدرها مقومات وجودها ولو كانت هذه الجهة غير مختصة نوعياً أو ولائياً بإصدارها، إذ يعتبر تجاوز هذا الإختصاص شائبة تعيب الحكم ولا تنال من كيانه أو تنحدر به إلى الإنعدام ويكون تدارك هذا العيب عن طريق الطعن فيه بالطريق المناسب وليس عن طريق دعوى مبتدأة.
ولا يترتب على مخالفة الإختصاص الولائي، سلب ولاية الجهة صاحبة الإختصاص، إذ تؤدي هذه المخالفة إلى إغتصاب ولاية هذه الجهة وإعتداء على إختصاصها، مما يجعل لها الحق في مجابهة هذا الإعتداء وسبيلها إلى ذلك بعدم الإعتداء بحجية الحكم الصادر من الجهة سالبة الولاية، حتى لو كانت تلك الجهة الأخيرة قد خلصت في قضائها إلى إنعقاد الإختصاص الولائي لها، فإذا تعارضا ، سلباً أو إيجاباً، وجب الرجوع إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في هذا التنازع.
وإذا يترتب على ذلك ، إنه يجوز لنفس الخصوم رفع دعوى جديدة أمام جهة القضاء التي كانت تختص ولائياً ، رغم سبق حضورهم أمام الجهة التي صدر الحكم من إحدى محاكمها، فأصبح هذا الحكم حجة لهم أو عليهم، فإن كانوا قد إرتضوا إختصاص تلك المحكمة، فإن هذا الرضاء لا يعتد به لتعلق الإختصاص الولائي بالنظام العام، فإذا تمسك أحدهم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، فإن المحكمة التي تنظر الدعوى الجديدة لا تعتد بهذا الدفع ولها أن تلتفت عنه لتعارضه مع ولايتها.
ويترتب على مخالفة الإختصاص الولائي، إحتمال تعارض الأحكام النهائية بسبب تنازع هذا الإختصاص، فقد يصدر في الموضوع الواحد المتحد خصوماً وسبيا ، حكم نهائي من القضاء العادي، بينما يصدر في نفس الموضوع حكم آخر من القضاء الإداري يناقض الحكم السابق، وعند تنفيذ أي من الحكمين ينازع المنفذ ضده إستناداً للحكم المناقض والصادر لصالحه ، وحينئذ لا يختص قاضي التنفيذ بهذه المنازعة رغم تعلقها بتنفيذ حكم قد يكون صادراً من جهة القضاء التي يتبعها، وإنما تختص به المحكمة الدستورية العليا عملاً بالفقرة ثالثاً من المادة (25) من قانون هذه المحكمة الذي يجري بأن تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بالفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها.
فإن كان الحكمان صادران من جهة واحدة ، كجهة القضاء العادي ، إختص قاضي التنفيذ بالمنازعة، وأمر بتنفيذ الحكم الذي صدر أولاً ، إذ يكون قد قضى الخصومة، وبالتالي يكون الحكم التالي منعدماً لصدوره في غير خصومة ، ولا يكون قاضي التنفيذ في هذه الحالة قد تعرض لحجية الحكم الأخير، لأن الحكم المعدوم لا حجية له.
أما إذا صدر الحكم من قاضي ليست له ولاية القضاء، فإن الحوار يتعلق بالحكم في ذاته ، ولا يتعلق بمقتضيات صحة عمل القاضي، إذ لا يساغ في هذه الحال نسبة الحكم إلى قاض، لأن من زالت ولايته لا يعتبر قاضياً وبالتالي لا يتعلق الحكم بمقتضيات صحة عمل القاضي وإنما يلحق العوار بالحكم ذاته فينحدر به إلى العدم فالقاضي الذي يتقدم باستقالته ، تزول عنه ولاية القضاء فور تقديمها ولو قبل قبولها، إذ تعتبر الإستقالة مقبولة فور تقديمها بقوة القانون، ويترتب على ذلك أن القاضي إذا أصدر حكماً أو وقع على مسودة حكم بعد أن قدم إستقالته ، كان الحكم معدوماً، حتى لو قبلت الإستقالة بعد ذلك.
أما القاضي الذي ينقل، فإن ولاية القضاء لا تزول عنه حتى لو أصدر حكماً بعد إبلاغه بقرار النقل، فإن الحوار الذي يلحق بالحكم يتعلق حينئذ بمقتضيات صحة عمل القاضي أو قضائه في النزاع دون أن يمتد إلى العمل أو القضاء في ذاته كإجراء مستقل عن عمل القاضي، وبذلك يكون الحكم باطلاً وليس منعدماً .
ويرى أبو الوفا في نظرية الأحكام بند 137 وما بعده ، انعدام الحكم إذا صدر من قاض زالت ولايته أو من قاض لم يحلف اليمين أو من قاض موقوف عن عمله أو إذا حجر عليه أو من قاضيين بينما يوجب القانون صدوره من ثلاثة، أو صدوره في خصومة لم تنعقد أو لم تكن لأحد الخصوم أهلية التقاضي أو صدوره على من أخرجته المحكمة من الدعوى أو على من لم يكن ممثلاً فيها أو على المدعي الذي كان قد توفي قبل انعقاد الخصومة بإعلان صحيفتها للمدعى عليه بعد هذه الوفاة والحكم الذي لم يوقعه رئيس الهيئة التي أصدرته.
مخالفة الحكم للشريعة الإسلامية:
إن كانت الحجية تسمو على إعتبارات النظام العام بحيث يعتد بما تضمنه الحكم وإعتباره عنواناً للحقيقة حتى لو كانت هذه الحقيقة مخالفة للنظام العام وهو من الأسس التي تقوم عليها الدولة. والمقرر أن النظام العام يختلف في الدولة الواحدة من وقت لآخر وبالتالي يمثل قاعدة مرنة قابلة للتعديل والتغيير.
خلافاً للقواعد التي تضمنتها الشريعة الإسلامية الغراء، وهي قواعد جاء بها الكتاب والسنة، لا تقبل التبديل أو التغيير حتى قيام الساعة، ولا يجوز مخالفتها، وإن صدر حكم على خلافها، كان معدوماً لا حجية له مهما مضى عليه من زمن ويكفي جحده وإنكاره، فلا يعتبر هذا الحكم باطلاً، لأن الحكم الباطل إن لم يطعن فيه، حاز قوة الأمر المقضي وصار عنواناً للحقيقة التي تضمنها قضاؤه، وهو ما تأباه قواعد الشريعة الإسلامية، كالحكم الذي يقسم التركة على خلاف ما تضمنته سورة النساء.
ويخرج عن هذا النطاق المسائل التي لم يرد بشأنها نص محكم، وتكون محل إجتهاد من الفقهاء، فإن إنتظامها نص في القانون الوضعي کان هو الواجب التطبيق.
وإن صدر الحكم في مسألة شرعية، فلا يكفي لوجوده، أن يكون صادراً من جهة لها إختصاص قضائي وبين خصوم توافر لهم الوجود القانوني عند بدء الخصومة. إنما يلزم ألا يخالف نصاً في القرآن الكريم أو السنة الشريفة إلا إذا اتصل به قضاء في محل مجتهد فيه ، ومن النصوص المحكمة التي لا إجتهاد فيها ولا تأويل لها، نصوص المواريث وما انتهى إليه الإجماع بالنسبة لها في حالة العول، بحيث إذا خالفها الحكم كان مشوباً بعيب جوهري جسيم ينحدر به إلى الإنعدام مما يوجب إهداره والالتفات عنه وإعتباره كأنه لم يصدر فلا يحوز أية حجية ولا يرتب حقاً مهما إنقضى عليه الزمن ودون حاجة إلى الطعن فيه. ولكل محكمة إهداره من تلقاء نفسها إذا إستند إليه من صدر لصالحه ويمتنع مجرد المفاضلة بينه وبين النص الكريم الذي خالفه.
فإن جاءت المخالفة لنص من النصوص غير المحكمة ولم يرد إجماع في شأنه وإنما تعددت الآراء الفقهية في تفسيره، كان الحكم صحيحا ولو لم يأخذ بأي من هذه الآراء إذ لا يقتصر الإجتهاد على السلف.
ولما كان المقرر أنه لا ولاية لذمي على مسلم ومن ثم يكون الحكم الصادر بالمخالفة لذلك باطلاً بطلاناً مطلقاً ومن هذا القبيل الأحكام التي تصدر في دعاوى الوصية.
إنعدام الحكم لصدوره بعد طلب الترك :
يقصد بترك الخصومة التنازل عنها والتخلي عن الإجراءات التي تمت فيها، ويقدم طلب الترك من المدعى أو من الطاعن بصفة صريحة قاطعة في الدلالة على إنصراف قصده إلى ذلك، ولا يلزم النص على ترك الخصومة حتى تقضي المحكمة بإثبات الترك ، وإنما يكفي أن يتضمن الطلب ما يدل على إنصراف قصد المدعى إلى تركه الخصومة ، فقد يطلب إلى المحكمة إثبات تنازله عن الدعوى وحينئذ ينصرف ذلك التعبير الصريح إلى ترك الخصومة ، فتقضي المحكمة بإثبات ترك المدعى للخصومة، ولا تثريب عليها إذا قضت بإثبات تنازله عن الدعوى إذ ينصرف ذلك إلى تركه الخصومة ، ما لم يوجد نص يفرق بين التنازل والترك كما في النص المتعلق برد القضاة على نحو ما يلي .
ولا تبحث المحكمة الأسباب التي أدت بالمدعى إلى ترك الخصومة وإنما يقتصر بحثها في مدى توافر الشروط اللازمة لذلك، فإذا تبين لها توافرها قضت بإثبات ترك المدعي - أوالطاعن - للخصومة وإلا طرحت هذا الطلب ولو ضمناً كما إذا ثبت لديها إنتفاء الشروط اللازمة لذلك فتصدت لموضوع الدعوى وقضت فيه وهو ما ينطوي على قضاء ضمني برفض طلب الترك ولا تلتزم في هذه الحالة بالرد عليه ولكن يخضع قضاؤها للطعن إذا كانت شروط الترك متوافرة، وحينئذ تقضى المحكمة الإستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف و بإثبات ترك المدعي للخصومة.
و للمدعي ترك الخصومة في أية حالة تكون عليها الدعوى ولم يقيده المشرع بوقت معين لإبداء هذا الطلب ومن ثم يجوز له إبداؤه بعد صدور حکم تمهيدي في الدعوى ولو بعد تنفيذه. فإذا أبدی قبل ذلك أمام عضو الدائرة المنتدب للتحقيق، وجب إثبات ذلك في محضر التحقيق، فإن لم يكن المدعى عليه قد أبدى طلباً في الدعوى تعين على المحقق إعادة الدعوى للمرافعة حتى تنظر المحكمة بكامل هيئتها في طلب الترك والقضاء بإثبات ترك المدعى للخصومة، ولما كان إبداء طلب الترك في الحالة التي لم يكن المدعى عليه قد تقدم بطلب يعتبر إسقاطاً من المدعي لحقه في الإستمرار في الخصومة ومن ثم ينتج الترك أثره فور إبداء الطلب دون حاجة لصدور حكم بإثبات الترك مما يترتب عليه بطلان الإجراءات التي تتخذ بعد ذلك ومنها سماع أقوال الشهود، وهو بطلان نسبي لا يجوز التمسك به إلا من تقرر لمصلحته أما إذا تبين للمحقق سبق إبداء المدعى عليه لأحد الطلبات، كان له الإستمرار في سماع الشهود دون أن يتصدى لطلب الترك إكتفاء بإثباته بمحضر التحقيق، وإذا أبدى الطلب أمام الخبير، أثبته في محضر أعماله وأعاد الأوراق للمحكمة للفصل في طلب الترك ، إما بإثباته أو برفضه وإعادة الدعوى للخبير لمباشرتها وفقاً للحكم التمهيدي السابق كما لا يحول دون الترك إصدار حكم قطعي في شق من النزاع وفي هذه الحالة لا يمتد الترك إلى هذا الشق إلا وفقاً للمادة (145) .
وإذ يترتب على إبداء المدعى طلبه بترك الخصومة دون أن يكون المدعى ، عليه قد تقدم بطلبات عارضة، أن تنقضي الخصومة حتماً وبقوة القانون دون حاجة لصدور حکم، وبالتالي لا توجد بعد تقديم الطلب خصومة تكون محلاً لحكم قضائي إذ تنحسر ولاية القاضي عن التصدي للخصومة المنقضية، بحيث إن صدر حكم فيها، كان منعدماً لفقد ركن أساسي يتمثل في الفصل في خصومة. وقد إعتبرت محكمة النقض الحكم الذي يصدره القاضي في دعوی أوقفت بقوة القانون بسبب طلب رده هو حكم منعدم لإنحسار ولايته عنها (راجع: نقض 1999/2/25 بالمادة 162 مكرراً).
وإذ يترتب على وفاة أحد الخصوم قبل أن تتهيأ الدعوى للحكم في موضوعها إنقطاع سير الخصومة بقوة القانون بغير حاجة لصدور حكم به دون توقف على علم الخصم الآخر بحصول هذه الوفاة، وهو ما يترتب عليه وقف الدعوى ، وقد إستقر القضاء على بطلان الإجراءات والأحكام التي تصدر خلال فترة الإنقطاع دون إنعدامها. (راجع ما أوضحناه ببند «الطريق الأول للتعجيل : إعلان صحيفة التعجيل» بالمادة (133) فيما تقدم).
وللمدعي إبداء طلب ترك الخصومة خلال فترة حجز الدعوى للحكم وذلك بإعلان منه للمدعى عليه على يد محضر أو بيان صريح في مذكرة موقعة منه أو من وكيله بشرط إطلاع خصمه عليه، وحينئذ تقضى المحكمة بإثبات الترك ولو لم تكن قد صرحت بتقديم مذكرات أو مستندات طالما ثبت لها أن المدعى عليه لم يبد طلباته أثناء نظر الدعوى، ويعتبر طلب الترك في هذه الحالة إسقاطاً من المدعي لحقه في الاستمرار في إجراءات الخصومة مانعاً من إصدار حكم في الموضوع بحيث إن صدر کان منعدماً لصدوره في خصومة منقضية. أما إذا تبين أن المدعى عليه أبدى طلباته، طرحت المحكمة طلب الترك ما لم يكن قد أثبت بالمذكرة عند إطلاعه عليها أو بالإعلان قبوله للترك.
وترك الخصومة تصرف إرادي يجب أن يكون صادراً عن إرادة صحيحة ، ويقع باطلاً إذا شابها عيب من العيوب المفسدة لها وفقاً للقواعد العامة المقررة في القانون المدني، كما يبطل إذا بني على غش بإعتبار أن الغش يبطل التصرفات ولو لم يجر نص بذلك.
وإذا كانت الدعوى لا تستقيم إلا بإختصام خصم معين تمكيناً له من مواجهة المدعى فيها، فلا يجوز للأخير ترك الخصومة بالنسبة له ، مثال ذلك أن الدعاوى التي ترفع بهدم عقار، يجب أن يختصم فيها الجهة القائمة على أعمال التنظيم، ومتى مثلت في الدعوى، فلا يجوز للمدعي ترك الخصومة بالنسبة لها.
كما يمتنع ترك الخصومة إذا تعلقت بالنظام العام، كدعوى بطلان البيع الصادر لأجنبي، إذ يوجب القانون على المحكمة أن تتصدى لمثل هذه الدعاوى من تلقاء نفسها، وبالتالي تلتفت عن طلب ترك الخصومة فيها.
مناط الانعدام لعوار بيانات الحكم
يتعلق بطلان الحكم بالعوار الذي يتصل بمقتضيات صحة عمل القاضي أو قضائه ، دون أن يمتد إلى العمل أو القضاء في ذاته كإجراء مستقل عن عمل القاضي.
أما الإنعدام فيتعلق بالعوار الذي يلحق العمل أو القضاء في ذاته كإجراء ناتج من عمل القاضي أو قضائه.
فيتحقق البطلان بالعوار فيما يتطلبه القانون في عمل القاضي أو عند مباشرة القاضي لعمله، أما الانعدام فيتحقق بالعوار فيما يتطلبه القانون في الإجراء ذاته. فالبيانات التي يجب أن تتضمنها نسخة الحكم الأصلية ، هي من عمل القاضي، إذ يوجب القانون عليه أن يبين المحكمة التي أصدرت الحكم وتاريخ إصداره ومكانه وما إذا كان صادراً في مادة تجارية أو مسألة مستعجلة ، وأسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة وإشتركوا في إصدار الحكم وحضروا تلاوته وعضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية إن كان، وأسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم وموطن كل منه. وحضورهم وغيابهم، وعرض مجمل الوقائع الدعوى ثم طلبات الخصوم وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري، ورأي النيابة، وإن القصور في أسباب الحكم الواقعية والنقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم وعدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم، كل ذلك يتعلق بمقتضيات صحة تشمل القاضي، إذ ألزمه القانون بها، وبالتالي فإن العوار الذي يشوب البيان الجوهري منها، يؤدي إلى بطلان الحكم وليس انعدامه.
ولما كانت الخصومة تنقضي بصدور حكم نهائي فيها على نحو ما تقدم، وبالتالي لم تعد هناك خصومة قائمة ، وكان المقرر أن الأحكام التي تصدر من المحكمة الإستئنافية هي أحكام نهائية ، فإن الحكم الذي يصدر منها تنقضي به الخصومة التي كانت قائمة قبل صدوره ، بحيث لو صدر حكم آخر في نفس الخصومة ، ولو من نفس المحكمة، كان معدوماً لوروده على غير محل وفي خصومة غير قائمة ، فاقداً ركناً من أركانه
وإذ تنص المادة (170) من قانون المرافعات على أنه يجب أن يحضر القضاة الذين إشتركوا في المداولة تلاوة الحكم فإذا حصل لأحدهم مانع وجب أن يوقع مسودة الحكم. مفاده أنه إذا تخلف أحد القضاة الذين إشتركوا في المداولة و أصدروا الحكم عن حضور جلسة النطق به ، فإنه يتعين أن يوقع على مسودته على أن يحل غيره محله وقت النطق بالحكم مع إثبات ذلك في الحكم، فإن توافر خطأ في هذه البيانات ، تعلق بمقتضيات صحة عمل القاضي أو عدم صحته ، وبالتالي يترتب على هذا الخطأ بطلان الحكم وليس إنعدامه.
ولكن إذا تعلق العوار بالحكم في ذاته، أدى إلى إنعدامه وليس بطلانه ، إذ يترتب على هذا العوار أن يفقد الحكم أحد أركانه، مثال ذلك، أن تتضمن ديباجة الحكم ما يدل على أن القضاة الذين تضمنتهم هذه الديباجة هم الذين أصدروا الحكم كما لو تضمنت عبارة «صدور هذا الحكم بمعرفة الهيئة التالية ......،… ،..... .
مفاده أن الهيئة التي أصدرت الحكم هي التي تضمنتها ديباجته، وحينئذ إذا تغيب أحد أعضائها وجب أن يذيل الحكم بأسماء القضاة الذين حضروا النطق به، وحينئذ يستقيم الحكم وتكون الخصومة التي كانت قائمة قد إنقضت به.
فإذا تضمنت نسخة الحكم الأصلية، في الديباجة أسماء الهيئة التي أصدرته ثم ذیل بهيئة أخرى مغايرة تضمنت تلك النسخة في ذيلها، أن تلك الهيئة بدورها هي التي أصدرت الحسم، مفاده أن نسخة الحكم الأصلية قد تضمنت هيئتين كل منها أصدر الحكم.
وترتيباً على القواعد القانونية سالفة البيان، فإن الهيئة التي أصدرت الحكم أولاً، تكون هي صاحبة الولاية في إصداره، وبالتالي يحوز قضاؤها قوة الأمر المقضي، وينقضي النزاع الذي كان مردداً بين الخصوم، ولا يوجد نزاع بعد ذلك يكون محلاً لقضاء لاحق، بحيث إن صدر حكم لاحق للحكم الأول كان معدوماً، وكما تقول محكمة النقض من أنه متى صدر حكم نهائي ، فإنه تنقضي بذلك الحكم الدعوى ولا يجوز إعادة نظرها من جديد لإستنفاد ولاية المحاكم بالنسبة لها، فإذا صدر حكم تال للحكم الأول في ذات الموضوع وبين ذات الخصوم كان الحكم الثاني صادراً من محكمة لا ولاية لها في نظر النزاع، ومن ثم فهو معلوم الحجية لصدوره في غير خصومة ولا تكون له حرمة أو قوة الأمر المقضي، ولا يلزم الطعن فيه أو رفع دعوى بطلان أصيلة بل يكفي إنكاره والتمسك بعدم وجوده في أي دعوى يراد التمسك فيها بحجية هذا الحكم.
وإزاء اللبس التي تضمنته نسخة الحكم الأصيلة ، يتعذر معرفة أي من الهيئتين هي التي أصدرت الحكم ليحوز قضاؤها قوة الأمر المقضي، ويكون بالتالى الحكم الذي أصدرته الهيئة الأخرى معدوماً، وإذ خلت تلك النسخة من دليل يقيني يشير إلى الهيئة التي أصدرت الحكم من الهيئتين سالفتي الذكر، ومن ثم يثور الشك في ذلك، فقد تكون هي التي تضمنتها الديباجة فينعدم الحكم الذي أصدرته الهيئة التي ذيلت بها نسخة الحكم، وقد تكون الهيئة الأخيرة هي التي أصدرت الحكم فينعدم الحكم الذي أصدرته الهيئة التي تضمنتها الديباجة.
وأمام هذا اللبس يتماحي الحكم برمته، وتتماحی نسخته الأصلية لخلوها مما يفيد صدورها من هيئة ذات ولاية وهو ما ينحدر بها إلى العدم.
إذ يترتب على صدور الحكم من هيئتين، حسبما دلت عليه نسخته الأصلية ، توافر التجهيل بذات الحكم لعدم معرفة أي من الهيئتين قد صدر الحكم منها حتى ينسب إليها، وإزاء هذا التجهيل يتهاتر الحكم ويفقد ركناً من أركانه متمثلاً في وجوب صدوره من هيئة ذات ولاية ، ولا ينال من ذلك توافر الولاية لكل من الهيئتين إذ يجب أن تنفرد إحداهما بإصداره، لأن المقرر في قضاء النقض أن الحكم يتهاتر إذا صدر من هيئتين ويفقد حجيته ولا يعتد به كحكم بحيث إذا إستند إليه أحد الخصوم، طرحه القاضي واستخلص الأدلة من سواه وهو الأمر الذي لا يتحقق إلا في حالة إنعدام الحكم ما لم تتضمن نسخة الحكم الأصلية ذاتها ما يزيل هذا اللبس ويؤكد أن ما وقع فيها هو من قبيل الخطأ المادي البحت الذي لابس تحرير تلك النسخة وأن الحكم قد أصدرته هيئة واحدة، وذلك على التفصيل المتقدم. ويجب أن يكون هذا الإستخلاص سائغاً ومستمداً من نسخة الحكم الأصلية وفقاً لأحد اتجاهين في قضاء النقض، أو مستمداً من محضر جلسة النطق بالحكم وفقاً للإتجاه الآخر، على نحو ما تقدم. والمقرر قانوناً أن الأحكام يجب أن تبنى على الجزم واليقين وأن نسخة الحكم الأصلية هي عنوان الحقيقة والتي يستقر بموجبها حقوق الخصوم ولا يجوز تصحيح ما تضمنته بأية أدلة أخرى أو الرجوع في هذا الصدد المحاضر الجلسات أو مسودة الحكم.
فالدليل الذي يستمد الحكم منه كيانه وأركانه هو نسخته الأصلية.
مفاد ذلك أن نسخة الحكم الأصلية هي وحدها التي يعتد بها، فإن تبين منها إفتقاد الحكم لأركانه، أو لشروط صحته وجب القضاء بإنعدامه، أو بطلانه ، ولا يقبل تكملة ما نقص فيها من البيانات الجوهرية بأية طريق من طرق الإثبات ، وهو ما يعني إمتناع الرجوع إلى محاضر الجلسات أو مسودة الحكم لرأب صدعه.
الدعوى الأصلية ببطلان الحكم :
الدعوى الأصلية ببطلان الحكم، هي الدعوى المبتدأة التي ترفع بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة التي ينعقد لها الاختصاص بنظر تلك الدعوى، وبذلك توجد وسيلتان لتقرير بطلان الحكم، الأولى إثارة البطلان في ذات الدعوى التي صدر فيها الحكم، فتكون تلك الوسيلة بمثابة إجراء فرعي أو دعوی فرعية ببطلان الحكم، باعتبارها قد أثيرت من خلال الدعوى الأصلية التي صدر فيها الحكم ويكون ذلك بالطعن في الحكم بالطريق المقرر قانوناً ، ولما كان الإستئناف ينقل ذات الدعوى التي صدر فيها الحلم، فإن إثارة البطلان في صحيفة الإستئناف يعتبر أنه أثير في ذات الدعوى، فيكون التمسك بالبطلان حينئذ بمثابة دعوی فرعية بالبطلان.
وطالما إنحصر النعي في بطلان الحكم دون أن يمتد إلى إنعدامه، فلا يجوز اللجوء إلى الدعوى الأصلية ببطلانه وإلا كانت غير مقبولة ، إذ تعتبر طعناً فيه بغير الطريق الذي رسمه القانون التقرير هذا البطلان. (راجع : نقض 11/ 1/ 1968 بند «الأسباب المؤدية لبطلان الحكم، فيما تقدم).
أما الوسيلة الثانية، فتمثل في إثارة البطلان في دعوى أخرى غير الدعوى التي صدر فيها الحكم، فترفع دعوى جديدة، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة المختصة يطلب فيها تقرير بطلان الحكم، وتلك الدعوى هي التي أطلق عليها القانون مسمى «الدعوى الأصلية ببطلان الحكم».
ولكل دعوى نطاقها، وفقاً لطبيعة البطلان الذي شاب الحكم، فإن كان البطلان يرجع إلى مخالفة الحكم للإجراءات التي تطلبها القانون، مما يجعله مشوباً بالبطلان، فإن النعي عليه بذلك يكون بطريق الطعن فيه والتمسك ببطلانه بموجب هذا الطعن، ولا يصحح هذا البطلان إلا بهذا الطريق، سواء تعلق البطلان بمصلحة الخصم أو كان بطلاناً جوهرياً يمس النظام العام، كتصدي المحكمة لدعوى غير موقع على صحيفتها من محام أو لدعوى لم يوقع إعلانها من المحضر، أو تتعلق هذه المخالفات بالنظام العام وتؤدي إلى بطلان الحكم بطلاناً جوهرياً ، فإن لم يطعن في الحكم رغم ما شابه من بطلان ، وإنقضى ميعاد الطعن حاز قوة الأمر المقضي وأصبح عنواناً للحقيقة حتى لو صدر بالمخالفة للنظام العام، بإعتبار أن حجية الأحكام تسمو على إعتبارات النظام العام، طالما كان مستوفياً مسودته بأركانه ، وحينئذ لا يجوز رفع دعوى أصلية ببطلانه.
فإن كان البطلان الذي شاب حکم، ينال من مقوماته وأركانه، فإنه بذلك يفقد صفته كحكم قضائي، وبالتالي لا تكون له حجية الأمر المقضي التي تحول دون المساس به ، ويصبح مجرد ورقة رسمية لم تحسم النزاع الذي كان مردداً من قبل، مما يجوز معه الرجوع إلى ذات المحكمة التي أصدرته ، ولأي دائرة بها، إذا إنعقد الإختصاص لها بالدعوى وفقاً للقواعد العامة ، لتقرر بطلانه ، فإن كانت مدة سقوط الخصومة المنصوص عليها في المادة (134) من قانون المرافعات قد إنقضت جاز للمدعي في الدعوى الأصيلة بالبطلان أن يضيف إلى البطلان طلباً آخر هو سقوط الخصومة.
فإن تعلقت الدعوى بحکم صادر من المحكمة الإستئنافية ، وجب رفع الدعوى الأصلية ببطلان حكمها إلى محكمة الدرجة الأولى المختصة قيمياً بنظرها، لتقرر بطلان الحكم ويترتب على صيرورة الحكم نهائياً زوال الحكم الإستئنافي.
وسقوط الخصومة في الإستئناف عملاً بالمادة (134) سالفة البيان، وعملاً بالمادة (138) من قانون المرافعات يترتب على الحكم بسقوط الخصومة في الإستئناف إعتبار الحكم المستأنف إنتهائياً . وذلك على التفصيل الذي أوضحناه ببند «الآثار المترتبة على بطلان الأحكام وإنعدامها» فيما يلي
ويسرى ما تقدم كذلك إذا كانت مدة إنقضاء الخصومة قد إكتملت وفقاً للمادة (140) من قانون المرافعات.
ولا تعتبر المحكمة التي تقضي ببطلان حكمها أنها قد تسلطت على قضائها، لأن مناط هذا التسلط أن يكون الحكم قائماً مستوفياً أركانه.
يدل ما تقدم، على أن سقوط الخصومة أو إنقضاءها، قد يترتب على الحكم ببطلان الحكم، فإن كان صادراً من المحكمة الإستئنافية ، وجب رفع الدعوى الأصيلة ببطلان حكمها إلى محكمة الدرجة الأولى المختصة قيمياً بنظرها، إذ يعتبر الحكم المعدوم مجرد عقبة مادية تواجه صاحب الحق، فأجاز له القانون إزالة تلك العقبة باللجوء لدعوى البطلان الأصلية ، وحينئذ تقدر قيمتها بقيمة هذا الحق، ويكون الحكم المعدوم منبت المصلحة بالمحكمة التي أصدرته فيما يتعلق بتحديد المحكمة المختصة بنظر الدعوى ببطلانه.
فإن كان المطروح على المحكمة الإبتدائية أو المحكمة الجزئية ، دفاع يتعلق بإنعدام حجية الحكم الإستئنافي بسبب تجرده من أركانه، فإنه يتعين عليها التصدي لهذا الدفاع تمكيناً لها من الفصل في الدعوى المطروحة عليها والتي قدم فيها هذا الدفاع، وحينئذ تبحث أوجه الدفاع، لا لتقضي ببطلان الحكم الإستئنافي، وإنما لتتحقق من مدى صحة الدفاع، فإن تبين لها أن الحكم تجرد فعلاً من أركانه ، فإنها تطرحه ولا تعتد به وتستبعده عند إقامة قضائها، ويجب عليها في هذه الحالة أن تبين بإجلاء الأسباب التي إستندت إليها والأركان التي افتقدها الحكم والتي أدت إلى إنحداره إلى العدم.
وإنعدام الحكم ينصرف قانوناً إلى بطلانه ، فلم يعرف القانون دعوی باسم دعوى انعدام الحكم، وإنما الذي نص عليه هو «الدعوى الأصيلة ببطلان الحكم» لكن إذا قضت المحكمة في منطوق حكمها «بإنعدام الحكم» فلا يترتب على ذلك تعييب حكمها، إذا ينصرف ذلك قانوناً إلى «بطلان الحكم» ذلك لأن الخطأ الشائع يرد إلى أصله الذي يعنيه هذا الخطأ.
فقد أضفى المشرع الحجية على الأحكام القضائية فور صدورها، وحال بذلك دون تردید ذات النزاع الذي فصل فيه الحكم أمام أية محكمة أخرى، بحيث إن تبين للمحكوم عليه عوار في الحكم، تعين عليه الطعن فيه بالطرق المقررة قانوناً متمسكاً بهذا العوار، فإن لم يطعن وحاز الحكم قوة الأمر المقضي، أو كان الحكم صادراً بصفة إنتهائية ما لا يجوز الطعن فيه ، فإنه يصبح عنواناً للحقيقة ويمتنع إهدار حجيته برفع دعوى أصلية ببطلانه، لأن مناط ذلك أن يكون الحكم قد تجرد من أركانه الأساسية مما ينحدر به إلى العدم فيكون منذ صدوره معدوماً، فلا تكون له حجية مما يجوز معه للمحكوم عليه رفع دعوى أصلية ببطلانه يطلب فيها القضاء بتقرير بطلان الحكم، إذ أن تلك الدعوى هي الإجراء الذي يؤدي إلى ذلك، ولأن القانون لا يعرف الدعوى الأصلية بإنعدام الحكم، وللقاضي إلتزاماً بالقانون أن يعتبر الدعوى الأخيرة إذا رفعت بطلب الإنعدام، أنها دعوى أصلية ببطلان الحكم ويقضي بذلك وحينئذ يتضمن قضاؤه إنعدام الحكم، لأن بطلان الحكم يصحح عن طريق الطعن فيه وليس عن طريق الدعوى المبتدأة فقد خصها المشرع بحالة انعدام الحكم لتجرده من أركانه الأساسية.
السبب في الدعوى الأصلية ببطلان الحكم :
يقصد بالسبب في الدعوى، الأساس الذي يستند إليه المدعى في دعواه ، فقد يكون عقداً أو إرادة منفردة أو فعلاً غير مشروع أو إثراء بلا سبب أو نصاً في القانون، ومتی إستند المدعى إلى سبب معين ، إلتزمت به المحكمة ، فلا يجوز لها تغييره سواء قضت للمدعى بطلباته أو رفضت دعواه، وللمحكمة الحق في تكييف الدعوى وإعطائها وصفها الصحيح الذي كان يتعين على المدعى أن يلتزمه، بحيث إن أخطأ في ذلك قامت المحكمة بالتكييف الصحيح وهي بذلك لا تكون قد غيرت سبب الدعوى.
والسبب في الدعوى الأصلية ببطلان الحكم، هو نص القانون الذي يوجب أن يستوفى الحكم أركانه وإلا كان معدوماً ، وهو سبب يختلف عن الأسباب التي تؤدي إلى بطلان الحكم والتي تضمنتها نصوص قانونية ، کالشأن المترتب على عدم علانية الجلسات، أو عدم تمثيل النيابة في الدعوى، أو إختلاف الهيئة التي أصدرت الحكم عن التي نطقت به مع خلو نسخة الحكم الأصلية من الإشارة إلى ذلك.
فإذا إستند المدعى إلى تخلف ركن من أركان الحكم، إلتزمت المحكمة بهذا السبب ، سواء قضت بقبول الدعوى أو برفضها، ولا يجوز لها تغييره والإستناد في قضائها إلى سبب آخر من أسباب البطلان، ما لم يكن ذلك مترتباً على خطأ المدعي في تكييف دعواه ، فتناول المحكمة تصحيح هذا التكييف، ولا تكون بذلك قد غيرت سبب الدعوى وإنما أبقت عليه ، كما لو رفع المدعي دعواه الأصلية ببطلان الحكم مستنداً إلى إختلاف الهيئة التي أصدرت الحكم عن التي نطقت به مع خلو نسخة الحكم الأصلية من الإشارة إلى ذلك، فتكيف المحكمة تلك الدعوى بأنها ليست دعوى أصلية ببطلان الحكم ملتزمة بنفس السبب الذي إستند إليه المدعي، وتقضي برفض الدعوى.
تقدير قيمة الدعوى الأصلية ببطلان الحكم :
تقدر قيمة الدعوى الأصلية ببطلان الحكم، بقيمة الدعوى التي صدر فيها هذا الحكم، دون إعتداد بما قضى به، لأن الحكم لو كان قد صدر صحيحاً مستوفياً أركانه، كان ينظر إلى قيمة الدعوى التي صدر فيها الحكم لتحديد نصاب إستئنافه دون إعتداد بما قضى به، ويترتب على طلب إنعدامه بقاء الحق الذي صدر في شأنه على الحالة التي كان عليها قبل صدوره.
ويترتب على ذلك، رفع الدعوى الأصلية ببطلان الحكم أمام المحكمة التي تختص فيما بنظرها وقت رفعها، سواء كانت إبتدائية أو جزئية حتى لو كان الحكم صادراً من المحكمة الإستئنافية ، لتعلق الدعوى بواقعة مادية تتمثل في الحكم المعدوم الذي حال دون صاحب الحق وإقتضاء حقه.
الآثار المترتبة على بطلان الأحكام وانعدامها :
متى إستوفى الحكم مقوماته على نحو ما تقدم، بزغ إلى الوجود وأصبح له كيان فلا يرتد إلى العدم وإنما قد تشوبه بعد، بزوغه شوائب تؤدي إلى بطلانه إذا كانت تلك الشوائب قد علقت بإجراءات قضائية أدت إلى بطلانها واستند الحكم إليها في إقامة قضائه أو كانت لازمة لسير الدعوى وصدوره، كما لو إستند إلى دليل باطل أو صدر رغم إنقطاع سير الخصومة وقبل تعجيلها.
ولا ينال هذا البطلان من حجية الحكم التي تثبت فور صدوره ويمتنع معها على الخصوم وعلى جميع جهات القضاء العودة إلى بحث النزاع من جديد وإن كانت هذه الحجية تقف مؤقتاً عند الطعن فيه ، فإن ذلك لا يمتد إلى محكمة الطعن تمكينا لها من بحث أسباب الطعن.
فإن لم يطعن في الحكم وحاز قوة الأمر المقضي فلا سبيل لإهداره ويمتنع رفع دعوى مبتدأة ببطلانه وإلا قضى بعدم قبولها إذ كان السبيل لتدارك ما شابه من بطلان بالطعن فيه بالطريق المناسب، وإلا حاز قوة الأمر المقضي وأصبح عنواناً للحقيقة وتطهر من كل بطلان ولو تعلق البطلان بالنظام العام إذ تسمو حجية الأحكام على إعتبارات هذا النظام.
كما لا يجوز الإحتجاج بهذا البطلان أمام أية محكمة غير المحكمة التي يرفع الطعن إليها، فيمتنع الإحتجاج بذلك أمام قاضي التنفيذ عند نظر الإشكال في تنفيذه إن كان مشمولاً بالنفاذ المعجل لما يترتب على ذلك من التعرض لحجيته وهو غير جائز .
أما الإنعدام فيمتد إلى كيان الحكم ذاته ويمحوه فيصبح كأنه لم يصدر من قبل ويعود الخصوم والموضوع إلى الوضع السابق على رفع الدعوى، سواء رجع الإنعدام إلى صدور الحكم من جهة خارج حدود ولايتها أو لإنتفاء الوجود القانوني لأحد الخصوم، أو صدوره في غير خصومة أو في خصومة منقضية أو صدوره شفاهة أي غير مكتوب ، وهو ما يحول دون قيام الخصومة ، ومن ثم لا يتصور وجود أثر لها.
ولا يكتسب الحكم أية حجية حتى لو إنقضت مواعيد الطعن فيه دون طعن، ولا تستنفد المحكمة التي أصدرته ولايتها في شأن الموضوع محل هذا الحكم ومن ثم يجوز رفع الدعوى ذاتها أمامها من جديد ولها إصدار حكم فيها ولو خالف الحكم الذي سبق لها إصداره بين نفس الخصوم وفي ذات الموضوع ولا تكون بذلك قد تسلطت على قضائها إذ لا يعتبر الحكم السابق قضاء لها إذ صدر معدوماً فلا وجود له، ولا يرد عليه الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لأن مناط ذلك وجود حكم سابق والحكم المعدوم ليس كذلك.
ولكل جهة قضائية إهدار الحكم واعتباره كأنه لم يصدر فلا تعتد به في دعوى أخرى ولا يكون محل لدفع أو دفاع موضوعي، وإذا رفع عنه إشكال في التنفيذ كان القاضي التنفيذ وقف تنفيذه لإنعدام السند التنفيذي متى إتضح له هذا الإنعدام من ظاهر المستندات ، كما لو تبين وفاة المحكوم عليه قبل رفع الدعوى.
ويجوز لأي من الخصوم التمسك بالإنعدام وللمحكمة أن تتصدى له من تلقاء نفسها طالما أن حكمها لن يحوز الحجية إذا أصدرته ، وهي في ذلك لا تتقيد بتكييف الخصوم أو بطلباتهم، فقد يطلب الخصم الحكم بالبطلان وتتبين المحكمة تجرد الحكم من أركانه، وحينئذ تقضى بالإنعدام وتقف عند هذا الحد، فلا تعيد الدعوى المحكمة الدرجة الأولى ولا تتصدى للموضوع لإنعدام الخصومة القضائية متى رجع الإنعدام إلى صدور الحكم من جهة خارج حدود ولايتها أو لإنتفاء الوجود القانوني لأحد الخصوم، أما إن رجع الإنعدام المخالفة نص في القرآن أو السنة، قضت المحكمة الإستئنافية بإنعدام الحكم المستأنف وبإعادة الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى للفصل فيها مجدداً ، لأنها لم تستنفد ولايتها بحكمها المعدوم، ولا يعتبر الموضوع أنه قد سبق التصدي له والفصل فيه منها، مما يحول دون المحكمة الإستئنافية والتصدي للموضوع حتى تنظر الدعوى على درجتين ، كما يمتنع عليها الوقوف عند حد تقرير الإنعدام ، فقد استقامت الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى وانعقدت الخصومة فيها ويجوز رفع دعوى مبتدأة بانعدام الحكم أمام المحكمة التي أصدرته وتقدر قيمتها بقيمة الدعوى التي صدر فيها الحكم المعدوم، ويخضع الحكم الصادر بالإنعدام للقواعد العامة المقررة للطعن .
وإذ تنشأ الخصومة بإنعقادها، والسبيل إلى ذلك هو إعلان صحيفة الدعوى إعلاناً قانونياً صحيحاً ، أو حضور المدعى عليه ولو كان إعلانه مشوباً بالبطلان، ومتى نشأت الخصومة ، تعيين الإستمرار في إجراءاتها حتى تنقضي بصدور حكم نهائي يحسم النزاع بين الخصوم بصفة باتة، ما لم تكن قد إنقضت قبل صدور هذا الحكم عندما يتوقف السير فيها لأي سبب من الأسباب ، وإنقضت على ذلك الوقف المدة المقررة للإنقضاء والحكم الذي تنقضي به الخصومة ، هو الحكم الذي أسبغ عليه المشرع الحجية التي تحول دون إثارة ذات النزاع مرة أخرى، ولا يتحقق ذلك إلا إذا كان الحكم صحيحاً.
فإن كان الحكم باطلاً، فإما أن يكون هذا البطلان بمنأى عن مقومات الحكم وأركانه الأساسية، وحينئذ يمكن تدارك هذا البطلان بالطعن فيه، فإن كان الحكم صادراً من محكمة الدرجة الأولى، وجب الطعن فيه بطريق الإستئناف، فإن تبين لها أن البطلان لم يمتد لصحيفة إفتتاح الدعوى ، صححت هذا البطلان وتصدت للموضوع، أما إن امتد البطلان لتلك الصحيفة، قضت ببطلان الحكم المستأنف، ووقفت عند هذا الحد.
يدل ذلك على أنه إذا صحت إجراءات الخصومة ، فإن صدور حكم باطل فيها، لا يؤدي إلى انقضائها إذ تظل الخصومة قائمة أمام المحكمة رغم صدوره، إلا أن ولاية محكمة الدرجة الأولى تستنفد فور صدور الحكم في الموضوع حتى لو كان الحكم باطلاً ، ويترتب على الإستئناف نقل الخصومة إلى المحكمة الإستئنافية ومتى قضت ببطلان الحكم ظلت الخصومة معلقة أمامها، فلا تنقضي إلا بصدور الحكم المنهي لها.
أما إن امتد البطلان لصحيفة افتتاح الدعوى، وهو ما يحول دون نشوء الخصومة ، بحيث إذا قضت المحكمة الإستئنافية ببطلان الحكم لهذا السبب ، فلن توجد بعد ذلك خصومة معلقة يصح أن تكون محلاً لحكم جديد.
فالبطلان الذي لم يتعلق بأحد أركان الحكم، لا يجوز تصحيحه إلا بطريق واحد هو الطعن فيه ، فإن لم يسلك المحكوم عليه هذا الطريق، حاز الحكم رغم بطلانه قوة الأمر المقضي وأصبح عنواناً للحقيقة. ولا يجوز إهدار حجيته على سند من مخالفته للنظام العام، إذ تعلو حجية الأحكام على إعتبارات هذا النظام.
أما إن تعلق البطلان بمقومات الحكم وأركانه الأساسية، على نحو ما تقدم، فلا يصدق عليه وصف الأحكام ولا تترتب عليه الآثار التي ترتبها، فلا تكون له حجية، ولا تنقضي به الخصومة وإن أدى إلى توقف إجراءاتها، إلا أنها حقيقة وقانوناً مازالت قائمة أمام ذات المحكمة التي أصدرت الحكم، وتظل معلقة أمامها حتى يعجل السير فيها إن لم تكن قد سقطت أو إنقضت عملاً بالمادتين (134)، (140) من قانون المرافعات، وتحسب مدة السقوط أو الإنقضاء إعتباراً من تاريخ آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي ، ولما كان الحكم الذي تجرد من أركانه، لا يعتبر إجراءً صحيحاً من تلك الإجراءات ، وبالتالي لا تبدأ منه مدة السقوط أو الإنقضاء، مما يوجب الرجوع إلى الإجراءات التي إتخذت في الخصومة قبل صدور هذا الحكم، فإن تبين أن آخر إجراء صحيح إتخذ فيها إنقضت عليه مدة السقوط أو الإنقضاء، كانت الخصومة. معرضة للدفع بذلك إذا ما عجلها المدعى، وإلا كان التعجيل بمنأى عن هذا الدفع، وحينئذ يعاد طرح الدعوى على ذات المحكمة التي كانت قد أصدرت الحكم، ولا ترمي بسبب ذلك بأنها تسلطت على قضائها.
وإذا رفعت الدعوى الأصلية ببطلان الحكم إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم، وطلب فيها تقرير بطلان الحكم والتصدي بعد ذلك للموضوع، إنصرف ذلك إلى نظر الموضوع وعدم الإقتصار على تقرير البطلان، وبالتالي فإن إجراءات الخصومة لا توقف بعد القضاء ببطلان الحكم، وإنما يستمر السير فيها حتى يصدر حكم صحيح في الموضوع، خلافاً لما إذا إنحصرت الطلبات في تقرير بطلان الحكم فقط، لأنه في هذه الحالة تقف المحكمة عند تقرير البطلان، وبموجب هذا القضاء تقف إجراءات الخصومة ، التي تظل على الحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم الباطل، فإن كانت صحيحة بقيت كذلك إذ لم يمتد إليها البطلان الذي شاب الحكم، ويمتنع رفع دعوى جديدة بذات الطلبات وبين نفس الخصوم طالما أن الدعوى السابقة باقية ومعلقة أمام نفس المحكمة أو أمام محكمة أخرى. فإن لم تكن الدعوى السابقة قد سقطت أو إنقضت وفقاً للمادتين (134)، (140) من قانون المرافعات، وجب على صاحب المصلحة فيها تعجيل السير فيها أمام نفس المحكمة للفصل في الطلبات فيها، أما إذا كانت الدعوى سقطت أو إنقضت، فإنه يمتنع أيضاً رفع دعوى جديدة بذات الطلبات وبين نفس الخصوم، إذ طالما لم يصدر حكم بسقوط الخصومة أو إنقضائها، فإن الدعوى السابقة تظل معلقة أمام المحكمة، مما يوجب تعجيل السير فيها للقضاء بسقوط الخصومة أو إنقضائها، وحينئذ تزول الآثار التي كانت قد ترتبت عليها ومنها قطع التقادم، بحيث لو رفعت دعوى جديدة، ظلت آثار الدعوى المسابقة قائمة، فيظل التقادم مقطوعاً ما لم يتمسك المدعى عليه بسقوط الخصومة في الدعوى السابقة أو بإنقضائها، مما يوجب على المحكمة ضمها، فتندمج الدعويان ومتی قضت المحكمة بالسقوط أو الإنقضاء ، زالت آثار الدعوى السابقة ، فإن كانت مدة التقادم قد اكتملت عند رفع الدعوى الثانية، وتمسك المدعى عليه بالتقادم، قبلت المحكمة هذا الدفع.
فإن كان الحكم الباطل صادراً من المحكمة الإستئنافية، ورفعت دعوى أصلية ببطلانه ، على نحو ما تقدم، فإنه يترتب على صدور حكم نهائي بالبطلان، زوال الحكم الإستئنافي، ولكن تظل الخصومة الإستئنافية قائمة، لأنها لا تنقضي إلا بالحكم الذي إستوفي أركانه، ومن ثم يجوز للمحكوم له تعجيلها ما لم تكن قد سقطت أو إنقضت عملاً بالمادتين (134)، (240) من قانون المرافعات، وفي الحالة الأخيرة يجب على المستأنف عليه رفع دعوى أمام المحكمة الإستئنافية لتقرير السقوط أو الإنقضاء حتى يصبح الحكم المستأنف إنتهائياً لإمكان تنفيذه ، وله أن يدفع بالسقوط أو الإنقضاء إذا قام المستأنف بتعجيل الإستئناف .
وطالما انحصرت الطلبات في بطلان الحكم الإستئنافي، وقضى بذلك ، فإن هذا القضاء لا ينهي الخصومة أمام المحكمة الإستئنافية ، فتظل معلقة أمامها ، على نحو ما تقدم، وتظل حجية الحكم المستأنف موقوفة على نحو ما كانت عليه عند رفع الاستئناف ، بإعتبار أن حجية الحكم الإبتدائي تقف مؤقتاً برفع إستئناف عنه وتظل كذلك حتى يصدر حكم ننهي الخصومة في الاستئناف ، وطالما صدر الحكم الإستئنافي باطلاً ، فلا تنتهي به الخصومة ، وتظل تبعاً لذلك حجية الحكم المستأنفة موقوفة ، فلا یعتبر إنتهائياً مما يحول دون وضع الصيغة التنفيذية عليه وإلا كان محلاً للإشكال في التنفيذ.
وحتى يمكن تنفيذ الحكم المستأنف بعد القضاء نهائياً ببطلان الحكم الإستئنافي ، أن يتم تعجيل السير في الإستئناف لإستصدار حكم بتأييد الحكم المستأنف، وذلك في الحالة التي لا تكون فيها خصومة الإستئناف قد سقطت أو إنقضت وقت التعجيل، فإن كانت قد سقطت أو إنقضت، فإنه يتعين تعجیل الإستئناف للقضاء بذلك ، ومتى صدر الحكم بسقوط الخصومة أو بإنقضائها، اعتبر الحكم المستأنف إنتهائياً، فتوضع عليه الصيغة التنفيذية ، وتتخذ إجراءات التنفيذ.
والمقرر عملاً بالمادة (139) من قانون المرافعات، أن مدة سقوط الخصومة تسري في حق جميع الأشخاص ولو كانوا عديمي الأهلية أو ناقصيها، بمعنى أن مدة السقوط لا يرد عليها وقف أو إنقطاع لأي سبب من الأسباب، ومن ثم لا يجوز التمسك بوقف المدة إستناداً إلى عدم الإحاطة بما قد يلحق الحكم من عوار.
ويترتب على القضاء بإنعدام الحكم الإستئنافي زواله وإعتباره كأن لم يكن من يوم صدوره وينحصر هذا الأثر في الحكم وحده كإجراء وبالتالي لا يرتد إلى الإجراءات السابقة عليه ومن ثم تبقى صحيفة الإستئناف قائمة مع ما ترتب عليها من آثار ومنها إعتبار الإستئناف مرفوعاً وتظل الخصومة منعقدة إذا كان المستأنف عليه سبق حضوره أو قدم مذكرة أو أعلن. ومن تلك الآثار أيضاً وقف حجية الحكم الإبتدائي وبالتالى وقف قوته التنفيذية لحين الفصل في الإستئناف ، أو الحكم بسقوط الخصومة فيه أو إنقضائها، ولما كان الحكم بسقوط الخصومة في الإستئناف أو إنقضائها لا يتعلق بالنظام العام، ومن ثم لا تتصدى له محكمة الإستئناف من تلقاء نفسها، ومن ثم إذا عجل المستأنف الإستئناف بعد صدور الحكم بإنعدام الحكم الإستئنافي، وجب على المستأنف عليه التمسك بالسقوط أو الإنعدام، إذا كانت المدة اللازمة لذلك، قد إنقضت بين أخر إجراء صحيح تم في الخصومة وبين تعجيل السير في الإستئناف فلما كان الحكم الإستئنافي قد قضى بإنعدامه، فلا يعتبر إجراءاً صحيحاً تبدأ منه مدة إنقضاء الخصومة ، وإنما ترتد تلك المدة إلى تاريخ الإجراء الصحيح السابق عليه وهو قرار حجز الإستئناف للحكم.
ولما كان عدم السير في خصومة الإستئناف في هذه الحالة لم يرجع إلى فعل المستأنف أو إمتناعه ومن ثم لا تخضع هذه الخصومة للسقوط عملاً بنص المادة (134) من قانون المرافعات، وإنما تخضع للإنقضاء عملاً بنص المادة (140) من ذات القانون بحيث إذا إنقضت المدة المنصوص عليها بها، جاز للمستأنف عليه التمسك بإنقضائها إذا عجل المستأنف الخصومة ، فإن لم يكن قد عجلها، تعين على المستأنف عليه تعجيلها طالباً القضاء بإنقضاء الخصومة في الإستئناف. ومتى قضى بذلك زال الأثر الذي كان قد ترتب على رفع الإستئناف فيزول وقف حجية الحكم الإبتدائي ويصبح نهائياً حائزاً قوة الأمر المقضي ويكسب صفة السند التنفيذي حتى لو طعن بالنقض في الحكم الصادر بالإنعدام.
فإن بدأ المحكوم له إبتدائياً في التنفيذ قبل ذلك، وإستشكل المحكوم عليه ، وجب القضاء بوقف التنفيذ، ولا يترتب على رفع الإشكال وقف مدة إنقضاء الخصومة، لأن مناط ذلك إعلان المحكوم له بصحيفة التعجيل في الميعاد إعلاناً قانونياً صحيحاً.
وإذا عن للمستأنف عليه التصدي للموضوع في صحيفة التعجيل، وجب عليه أن يصدرها بالدفع بإنقضاء الخصومة قبل أن يتعرض للموضوع أو لأي دفع موضوعي، بإعتبار أن الدفع بالإنقضاء من الدفوع الشكلية التي لا تتعلق بالنظام العام ومن ثم يسقط الحق فيها بالتعرض للموضوع، ويترتب على هذا السقوط تصدي محكمة الإستئناف للموضوع وتصدر فيه حكماً بدلاً من الحكم المعدوم .
فإن كان الحكم الذي قضى بإنعدامه، صادراً من محكمة إبتدائية، فإن الآثار التي رتبتها صحيفة الدعوى تظل قائمة ، فتعتبر الدعوى مرفوعة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم وتظل لها الولاية في التصدي لها رغم سبق تصديها لموضوعها، إذ يعتبر هذا التصدي كأن لم يكن لأن الحكم المعدوم كان هو وسيلته ومن ثم يمتد الإنعدام إلى هذا التصدي وبالتالي تصبح المحكمة وكأنها لم تتصد للموضوع أي أنها لم تستنفد ولايتها بشأنه.
ويترتب على ذلك، أنه إذا إستأنف المحكوم عليه الحكم طالباً تقریر إنعدامه وقضت بذلك محكمة الإستئناف، تعين عليها عدم الوقوف عند هذا الحد، وإنما تعيد الدعوى المحكمة الدرجة الأولى للفصل في الموضوع.
فإن كان ميعاد الإستئناف قد إنقضى، ومع ذلك رفع الإستئناف، فلا تنقضي المحكمة بسقوط الحق فيه، لأن الحكم المعدوم لا يرد عليه الطعن. ومن ثم يتعين عليها أن تقضي بعدم إختصاصها بنظره وتقف عند هذا الحد، وحينئذ يجوز للمستأنف رفع دعوى أصلية ببطلان الحكم لا يتقيد بميعاد لرفعها، وهذا هو الإجراء الواجب إتباعه إن كان ميعاد الإستئناف قد إنقضى.
ومتى قضى في الدعوى ببطلان الحكم، وجب تعجيل الدعوى الموضوعية قبل إنقضاء الخصومة فيها ، وذلك على التفصيل المتقدم .
وإذا كان الحكم صادراً بصفة إنتهائية أو شمولاً بالنفاذ المعجل وتم تنفيذه، رغم بطلانه أو إنعدامه فليس من شأن هذا التنفيذ أن يحول دون طلب بطلانه عن طريق الطعن فيه ، أو طلب إنعدامه برفع دعوى مبتدأة ببطلانه ، إذ ينتفي بالتنفيذ الجبري الرضاء بالحكم، كما لا يجوز التمسك بتحقق الغاية من الحكم عملاً بالمادة (20) من قانون المرافعات ، بإعتبار أن الغاية التي يعتد بها هي تلك التي تتحقق وفقاً للشكل الذي رسمه القانون الإجراء، وأن الحكم الباطل أو المعدوم جاء على غير هذا الشكل.
مفاد ما تقدم أنه يترتب على فقد أي من مقومات الحكم سالفة البيان، إنعدامه وإنهياره فلا يكون له ثمة حجية وإن كان قد صدر من محكمة ذات سلطة قضائية ، فأنها لا تستنفد به ولايتها على ذات النزاع محل الدعوى ، بإعتبار أن هذا الحكم الصادر منها لا يعتبر قد فصل في خصومة ، وإذا تقرر إنعدامه بعد الطعن فيه ، وجب على المحكمة الإستئنافية عندما تقرر الإنعدام لعدم تحقق الوجود القانوني لأحد طرفي الخصومة كما لو تبين وفاة المدعى أو المدعى عليه قبل بدء الخصومة ، أن تقف عند هذا الحد، فلا تعيد الدعوى المحكمة الدرجة الاولى إذ إنعدمت الخصومة ولا يوجد ما يجوز لها الفصل فيه ، ولا تتصدى للموضوع إذ لم تستنفد محكمة الدرجة الأولى ولايتها، وحينئذ يكون المدعى أو ورثته وشأنهم في رفع دعوى جديدة بعد إنعدام الدعوى الأولى وعدم ترتب أية آثار على رفعها. فإن لم يطعن في الحكم، كان لكل ذي مصلحة رفع دعوى مبتدأة بإنعدامه أمام المحكمة المختصة تقدر قيمتها بقيمة الدعوى التي صدر فيها.
تناقض الأحكام
المنازعة في تنفيذ حكمين متناقضين:
مفاد المادة (20) من قانون المحكمة الدستورية العليا، أن هذه المحكمة تختص دون غيرها بالفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات إختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها.
وقد تناولنا فيما تقدم بصدد الركن الثاني من أركان الحكم، أنه إذا صدر حكم من جهة قضائية، ورأت جهة أخرى من جهات القضاء أن الإختصاص الولائي منعقد لها دون غيرها ، فلها أن تصدر حكماً في الدعوى دون أن تعتد بأي حكم سبق صدوره من غيرها. وهو ما قد يؤدي إلى تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة، إذ قد يصدر الحكم الأول برفض الدعوى بينما يصدر الثاني بإجابة المدعى إلى طلباته ، فإذا قام المدعي الذي صدر الحكم لصالحه بإتخاذ إجراءات التنفيذ أمام قاضي التنفيذ إستناداً إلى سنده التنفيذي المتمثل في الحكم النهائي الصادر لصالحه، فرفع المنفذ ضده إشكالاً في تنفيذ الحكم إستناداً إلى أن ذات الحق المنفذ به قضى برفضه في دعوى كانت مرددة بينه وبين طالب التنفيذ وأن السبب في الدعويين كان واحداً ، تعين على قاضي التنفيذ أن يأمر بوقف الإشكال تعليقاً على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا فيما يتبع في تلك المنازعة، وتحدد لطالب التنفيذ میعاداً لرفع دعواه.
وعلى هدي القضاء الذي يصدر من المحكمة الدستورية العليا، وبعد تعجيل الإشكال ، يفصل فيه قاضي التنفيذ، فإذا قضت المحكمة الدستورية بأن الحكم الصادر لصالح طالب التنفيذ هو الواجب التنفيذ، نظرت الإشكال وفقاً للأسباب التي يتقدم بها المستشكل بعد إستبعاد السبب المتعلق بالحكم السابق صدوره برفض الدعوى باعتبار أن هذا الحكم صادر من جهة لا ولاية لها : بإصداره ، فيكون عديم الحجية، أما إذا قضت المحكمة الدستورية بأن الحكم الصادر برفض الدعوى هو الواجب التنفيذ لصدوره من الجهة صاحبة الولاية بإصداره، حكم قاضي التنفيذ بقبول الإشكال ويوقف تنفيذ الحكم التنفيذي.
وبالنسبة للتناقض في المسائل الجنائية، راجع المواد (226) - (231) من قانون الإجراءات الجنائية.
ولا يمتد نص المادة (25) سالفة البيان إلى التناقض بين حكمين صادرين من محكمتين تابعتين لجهة قضائية واحدة (الدعاوى 20 ، 21 ، 22 لسنة 22 ق تنازع ؛ 3، 5، 14 لسنة 23 ق تنازع ؛ و لسنة 24 ق تنازع). وقضت فيها المحكمة الدستورية العليا بعدم القبول ونشرت الأحكام في 2003/1/29 ؛ 2003/3/26 ؛ 2003/4/24)
وقد تناولنا فيما تقدم، أن الخصومة تنقشي بصدور حكم نهائي فيها، وأنه إذا صدر حكم بعد ذلك في ذات الخصومة ، من ذات المحكمة أو من محكمة أخرى تابعة لجهة قضائية واحدة، كان الحكم اللاحق معدوماً، سواء كان موافقاً للحكم السابق أو كان متعارضاً معه، لوروده على خصومة غير قائمة.
وينطوي الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بتحديد الحكم الواجب التنفيذ على قضاء في تنازع الإختصاص الإيجابي الذي نصت عليه المادة (24) من قانون هذه المحكمة، إذ يترتب على صدور حکمين نهائيين من جهتين من جهات القضاء متناقضين، أن كل جهة إدعت أنها مختصة ولائياً بنظر الدعوى، فصدر الحكمان المتناقضان اللذان أثير بصدد تنفيذهما منازعة التنفيذ، وبتحديد الحكم واجب التنفيذ منهما، تكون المحكمة الدستورية العليا قد حددت أن الجهة القضائية التي أصدرت هذا الحكم، هي المختصة ولائياً بنظر الدعوى وفي هذا القضاء حسم لهذا التنازع رغم أن الدعوى رفعت إليها بشأن الفصل في منازعة تنفيذ ولم ترفع أصلاً بتحديد الجهة القضائية التي ينعقد لها الإختصاص الولائي.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الرابع ، الصفحة : 393)
الحكم بإعتباره ورقة شكلية يجب أن يكون مستكملاً بذاته شروط صحته بحيث لا يقبل تكملة ما نقص فيه من البيانات بأني طريق من طرق الإثبات وهو باعتباره محرر رسمي لا يجوز إقامة الدليل على مخالفة بياناته للواقع إلا بطريق الإدعاء بالتزوير والمقصود بهذه البيانات ما نسب إلى رئيس الجلسة وكاتبها كتاريخ الحكم وأسماء القضاة الذين أصدروه ومطابقة نصه لما حصل النطق به شفوياً .
2- خلو الحكم من بيان مكان المحكمة التي أصدرته لا يترتب عليه البطلان مادام قد ذكر فيه اسم المحكمة التي أصدرته .
3 - تظهر فائدة شمول الحكم للبيان الخاص بصدوره في مادة تجارية أو مسألة مستعجلة في تنفيذ الحكم تنفيذاً معجلاً إذ أن الأحكام الصادرة في المواد التجارية . وفي المسائل المستعجلة واجبة النفاذ بقوة القانون بغير نص على ذلك في الحكم.
4- يوجب القانون أن يشتمل الحكم على أسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة . وإشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته فإن اشترك أحدهم في إصدار الحكم ولم يحضر النطق به وجب ذكر ذلك ، في الحكم وإغفال ذلك في الحكم يترتب عليه البطلان وفقاً لصريح نص المادة 170 .
5- أوجب القانون أن يذكر في الحكم رأي النيابة إن كانت ممثلة في الدعوى ولا يشترط ذكر أسم عضو النيابة الذي أبدي الرأي ، غير أنه إذا أغفل الحكم بيان رأي النيابة في مدوناته فلا يترتب على ذلك محكمة النقض في أحكامها الحديثة .
6- يعتبر ذكر أسماء الخصوم وصفاتهم من البيانات الأساسية التي رتب المشرع على إغفالها البطلان . ( راجع أحكام النقض في نهاية المادة ).
7- لا يترتب على إغفال الحكم إثبات حضور الخصوم أو غيابهم البطلان إذ أنه ليس من البيانات الأساسية وقد استقر قضاء النقض علي ذلك وان الغبرة في ذلك هي حقيقة الواقع المستمد من أوراق الدعوى.
8- أسباب الحكم هي بيان الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي بني عليها القاضي حكمه وهي شرط من شروط صحته ويجب أن يكون تسبيب الحكم تسبيباً حقيقياً وكاملاً ولذلك يبطل الحكم إذا شابه عيب من العيوب الأتية :
1- أن يكون الحكم خاليا من الأسباب ويعتبر بمثابة الخلو من الأسباب أن تكون الأسباب متناقضة تتهاتر فيما بينها فتسقط فيصبح الحكم بغير أسباب .
2- أن تكون متعارضة مع المنطوق بحيث لا يمكن حمل الحكم علي أي سبب منها فمثل هذا الحكم أقل إقتناعاً للمطلع من الحكم الخالي من الأسباب وسنعود لبحث هذا الأمر بتفصيل أوفي.
3- أن تكون الأسباب أسباباً عامة مجملة تصلح عامة مجملة تصلح لكل طلب كقول المحكمة حيث أن المدعي اثبت ما يدعيه من ملكية العين المتنازع عليها دون أن تبين الأدلة التي إستندت إليها وكيف أنها تفيد الملكية ذلك أن تسبيب الحكم الذي يتطلبه القانون هو التسبيب الحقيقي الذي يقنع المطلع على الحكم بعدالته لا مجرد إستيفاء شكل الحكم.
4- أن يكون التسبيب تسبيباً جزئياً بمعنى أن تتعدد طلبات الخصوم ودفوعهم فلا تسبب المحكمة إلا بعضها وتترك البعض الآخر بدون أسباب كما إذا قضت المحكمة في الدعوى بطلب دین وفوائده بالدين فقط ورفضت طلب الفوائد وإقتصرت في أسباب حكمها على تبرير قضائها بالدين دون أن تورد الأسباب التي تبرر رفض الفوائد فالتسبيب يجب أن يكون كاملاً بحيث يكون لكل طلب أو دفع أبدي في الدعوى أسباب خاصة ما لم يكن بعض الطلبات مبيناً على البعض الآخر بحيث أن تسبيب قبول البعض أو رفضه يقتضي قبول أو رفض البعض الآخر ، غير أن المحكمة غير ملزمة بتتبع أقوال الخصوم وتضمین أسباب حكمها رداً على كل منها إستقلالاً وحسبها أن تورد تعليلاً سائغاً لقضائها فيه من الأدلة ما يكفي لحمله.
5- أن تكون الأسباب من الإبهام بحيث تعجز محكمة النقض عن إجراء رقابتها على تطبيق القانون كما إذا لم تتمكن المحكمة من أن تبين ما إذا كان الحكم قد بني على أمور متعلقة بالوقائع أو بني علي مسائل قانونية أو لم تتمكن من إستظهار القاعدة القانونية التي أخذ بها الحكم لتستبين ما إذا كان قد طبقها تطبيقاً سليماً أو أخطأ في تطبيقها ولكن لا يعيب الحكم إغفاله نكر مواد القانون التي طبقها على واقعة الدعوى متى كان نص القانون الواجب التطبيق مفهوماً من الوقائع التي أوردها الحكم.
6- الحكم بإعتبار ورقة من أوراق المرافعات يجب أن يكون مشتملاً بذاته على جميع أسبابه ولذلك يعيب الحكم أن يحيل تسبيبه علي أوراق أخري وإنما يجري الفقه والقضاء علي جواز إحالة الحكم في تسبيبه علي حكم آخر سبق صدوره في الدعوى بين نفس الخصوم كأن تؤيد المحكمة الإستئنافية الحكم المستأنف للأسباب التي بنته المحكمة الإبتدائية عليه ولكن يقتضي ذلك أمرين الأول أن يكون الحكم الإبتدائي غير معيب في تسبيبه ما لم تتدارك المحكمة الإستئنافية في حكمها ما يشوب الحكم الإبتدائي من قصور في التسبيب . ويجوز للمحكمة الإستئنافية الإحالة في بيان وقائع الدعوى على ما ورد بالحكم الإبتدائي حتى لو كانت قد إنتهت إلى إلغائه وأخذت بنظر مغاير لما ورد بالحكم الإبتدائي سواء كان مرد ذلك تقدير الأدلة أو تطبيق القانون ولا يعيب الحكم عدم ذكر أسماء وكلاء الخصوم والأمر الثاني ألا يكون قد أبدي أمام المحكمة الإستئنافية دفوع أو طلبات جديدة تقتضي تسبيباً خاصاً بحيث لا تصلح أسباب الحكم الإبتدائي أسباباً لها وكذلك يجوز تسبيب الحكم بالإحالة على أسباب حكم آخر صدر في دعوى أخري بشرط أن يكون هذا الحكم قد سبق صدوره بين نفس الخصوم وأن يكون قد أودع في ملف الدعوى وأصبح بذلك ورقة من أوراقها وألا يكون قد ألغي لأن إلغاء الحكم بأي طريقة من طرق الطعن يجرده من كل أثر قانوني . ( الوسيط في المرافعات للدكتور رمزي سیف الطبعة الثامنة بند 499).
هذا ويلاحظ أن الترتيب الوارد في المادة ليس وجوبياً وعدم إتباعه لا يترتب عليه البطلان وإذا وقع الحكم في أخطاء أخرى غير التي وردت بالنص علي سبيل الحصر فإن ذلك لا يعيب الحكم كما لو ذكر رقم الدعوى خطأ. وخلو الحكم من أنه صدر باسم الشعب لا يعيبه لأن النص في الدستور علي أن تصدر الأحكام وتنفذ باسم الأمة أو الشعب إنما يفصح عن أن ذلك أمر مفترض بقوة الدستور نفسه ولا يبطل الحكم مجرد القصور في أسبابه القانونية ، مادام أنه لم يؤثر في النتيجة الصحيحة التي إنتهي إليها .
أما القصور في أسباب الحكم الواقعية فيؤدي إلي بطلانه. كما إذا أغفلت المحكمة وقائع هامة أو مسختها أو أغفلت الرد على دفاع جوهري أو مستند هام لم يختلف الخصوم علي دلالته وحجيته أو إستخلصت غير ما تستشفه الأدلة دون أن تعمل منطقاً سليماً أو خالفت الثابت في الأوراق . ( نظرية الأحكام الدكتور أبو الوفا ص 322).
وإذا أبدي الخصم دفاعاً جوهرياً بمحضر أعمال الخبير وجب علي الحكم الرد عليه وإلا كان قاصراً.
ولا يلزم أن يبين في الحكم مراحل النزاع والخطوات التي قطعتها الدعوى ما لم يكن ذكر ذلك ضرورياً للفصل في الدعوى لتعلقه بسير الخصومة فيها .
الحكم المعدوم والحكم الباطل :
تظهر أهمية التفرقة بينهما في أن الحكم الباطل يعد قائمة منتجاً لإثارة إلى أن يلغي عند الطعن عليه بأحد الطرق التي رسمها القانون فإن مضي ميعاد الطعن تحصن الحكم الباطل وأصبحت له حجيته ويعد كما لو كان قد صدر صحيحاً في الأصل ولا يجوز رفع دعوى مبتدأه بطلب بطلانه كما لا يجوز لقاضي التنفيذ أن يوقف تنفيذه لبطلانه أما الحكم المعدوم فلا يعد حكماً ويعتبر معدوم الحجية ويجوز رفع دعوى مبتدأه ببطلانه ويجوز لقاضي التنفيذ أن يقضي بوقف تنفيذه.
والحكم المعدوم والحكم الباطل كلاهما يصيبه عيب إلا أنه بالنسبة للحكم المعدوم فإن العيب يكون جوهرياً يصيب کيان الحكم ويفقده أحد أركانه وبالتالي يفقد صفته كحكم.
وأركان الحكم ثلاثة :
(1) أن يصدر من محكمة تتبع جهة قضائية .
(2) وأن يصدر من هذه المحكمة بما لها من سلطة قضائية ( أي في خصومة ) .
(3) وأن يكون مكتوباً شأنه شأن أي ورقة من أوراق المرافعات.
وعن الركن الأول ينبغي أن يصدر الحكم من قاض له الصفة قبل زوالها فإذا زالت صفته إنعدم حكمه الذي يصدر بعد زوال الصفة فالحكم الذي يصدر من شخص لا يعد قاضياً لا يكون حكماً أو من قاض لم يحلف اليمين القانونية أو من قاض زالت عنه ولاية القضاء بسبب العزل أو الإحالة على المعاش أو الإستقالة كما يعتبر معدوماً الحكم الصادر من قاض موقوف بصفة مؤقتة عن عمله أو من قاض صدر حكم بالحجر عليه قبل إصدار حكمه كما يعتبر معدوماً الحكم الذي يصدر من محكمة غير مشكلة وفقاً لأحكام القانون فإذا صدر من قاضيين في دعوى ينبغي أن تنظرها محكمة مشكلة من ثلاثة قضاة كان معدوماً وإذا صدر من ثلاثة قضاة باعتبارها دائرة إستئنافية ينبغي تشكيلها من مستشارين كان معدوماً أما إذا صدر حكم من قاض غير صالح لنظر الدعوى لتوفر سبب من أسباب عدم الصلاحية فإنه يكون باطلاً ولا يكون معدوماً . كما يعتبر باطلاً الحكم الصادر في دعوى لم تمثل فيها النيابة العمومية في الحالات التي يوجب القانون تمثيلها فيها كما أن تخلف أحد القضاة الذين إشتركوا في المداولة عن الحضور في جلسة النطق بالحكم دون أن يوقع علي مسودة الحكم يبطله ولا يعدمه.
ويعتبر الحكم الصادر من جهة قضائية غير مختصة إختصاصاً وظيفياً قائماً متمتعاً بحجية أمام تلك المحاكم ولكنه يعد معدوماً أمام الجهات القضائية الأخرى المختصة أصلاً بالفصل في هذا النزاع ولكن الحكم الصادر من محكمة غير مختصة نوعياً أو محلياً يتمتع بكامل حجيته وتسري كافة آثاره وإن كان يجوز الطعن فيه إن كان ميعاد الطعن ما زال قائماً.
أما عن الركن الثاني فقد كان الرأي السائد فقها وقضاء أنه يتعين لإنعقاد الخصومة أن تعلن صحيفتها إلي المدعى عليه إلا أنه بعد التعديل الذي أدخل على المادة 18 مرافعات بالقانون 23 لسنة 1992 فإن حضور المدعى عليه بدون إعلان يؤدي إلي أن تستقيم الدعوى وتأسيساً علي ذلك فإنه يعتبر معدوماً الحكم الصادر علي من لم يعلن إطلاقاً بصحيفة الدعوى ولم يحضر بأي جلسة أثناء نظر الدعوى أو علي من تم إعلانه بإجراء معدوم ولم يحضر فترة تداول الدعوى كذلك يعتبر معدوماً الحكم الصادر علي من توفي أو فقد أهليته قبل رفع الدعوى ، أما إذا كان من صدر عليه الحكم ناقص الأهلية فإن البطلان يكون نسبياً.
وغني عن البيان أنه في حالة ما إذا ثبت بحكم من القضاء تزوير محضر إعلان المدعى عليه الذي لم يحضر بأي جلسة فإن هذه من أوضح حالات إنعدام الحكم.
ولا يعتبر الحكم معدوماً إذا صدر علي من أعلن بصحيفة إعلاناً باطلاً وإنما يعتبر باطلاً.
وإذا توفي الخصم أو فقد أهليته أثناء نظر الدعوى وصدر الحكم عليه دون أن يمثل في الخصومة من يقوم مقامه ودون أن يعلن بقيام هذه الخصومة فإن هذا الحكم بعد باطلاً ولا يعد معدوماً.
وعن الركن الثالث فإنه يتعين أن يكون الحكم مكتوباً وإلا كان معدوماً كذلك إذا لم يوقع عليه رئيس الهيئة التي أصدرته وكذلك الحكم الذي لم يذكر فيه إطلاقاً إسم المحكوم له أو المحكوم عليه.
هذا ونشير إلي أن الحكم الباطل تصححه الأجازة ما لم يكن البطلان متعلقاً بالنظام العام أما الحكم المعدوم فلا تصححه الاجازة.
ومن المقرر أن بطلان الإجراءات السابقة على الحكم لا تعدمه مادام أن الحكم متكامل الشكل بنفسه.
يجوز رفع دعوى أصلية ببطلان الحكم المعدوم :
من المسلم به أن المشرع حصر طرق الطعن في الأحكام ووضع لها آجالاً محددة وإجراءات معينة وبالتالي فإن الأصل العام أنه لا يجوز بحث ما يوجه إلي الحكم من عيوب إلا بالطعن بالطرق التي رسمها القانون ، غير أنه استثناء من هذه القاعدة الأصولية يجوز رفع دعوى أصلية بطلب بطلان الحكم.
وقد سبق أن بينا الفرق بين الحكم المعدوم والباطل في الحالات التي يكون فيها معدوماً .
وبديهي أنه لا يجوز الإلتجاء لدعوى البطلان الأصلية إلا إذا كان الحكم غير جائز الطعن عليه أو كان قد استغلق ، أما إذا لم يتجرد الحكم من أركانه الأساسية فلا سبيل لإهداره بدعوى بطلان أصلية حتى ولو كان غير جائز الطعن فيه أو كان الخصم المتضرر منه قد إستنفد طرق الطعن كافة.
وإذا كان لا جدال في أن الإخلال بحق الدفاع يعيب الحكم إلا أن هذا العيب لا يصل به إلى درجة الإنعدام ، ومؤدى ذلك أنه لا يجوز رفع دعوى أصلية يبطلان الحكم لهذا السبب ، وتفريعا على ذلك إذا أخلت المحكمة بمبدأ تمكين الخصم من إبداء دفاعه في الحالات التي يكون له الحق فيه كما إذا صرحت للمدعي بتقديم مذكرة ولم تصرع للمدعى عليه بالرد عليها ، فإن هذا البطلان لا يجرد الحكم من أركانه الأساسية وبالتالي فلا يجوز رفع دعوى أصلية.
وجدير بالذكر أنه إذا صرحت المحكمة للمدعي بتقديم مذكرة بدفاعه ولم تصرح للمدعى عليه بالرد عليها ، إلا أن المدعي لم يقدم مذكرة فإن قرار المحكمة وإن خالف القانون إلا أنه لا يترتب عليه بطلان الحكم لأنه لم يترتب عليه أي أثر قانوني كذلك إذا قدم المدعى المذكرة إلا أن المحكمة إستبعدتها إما لتقديمها بعد الميعاد وإما لعدم إعلان أحد الخصوم بها فإن الحكم يكون مبرءاً من العيب.
وغني عن البيان أن رفع دعوى مبتدأة بإنعدام الحكم لا يترتب عليه وقف حجيته وتظل سارية حتى يصدر حكم بإنعدامه فتزول حجيته بأثر رجعي.
لا يجوز للمحكمة أن تندب خبيرة لإبداء رأيه في مسألة قانونية أو في وصف الرابطة بين الخصوم :
لفت نظرنا أثناء تتبعنا لقضاء المحاكم أن كثيراً من القضاة يطلبون من الخبير إبداء رأيه في مسألة قانونية أو في وصف الرابطة بين الخصوم وإسباغ التكييف القانوني عليها مثال ذلك أن تقوم خصومة بين طرفين أحدهما يدعي أن ما يربطه بالآخر هو عقد وكالة ويدعى الآخر أن أساس الرابطة عقد مقاولة ويثور النزاع على قيمة هذا العمل فتندب المحكمة خبيراً لبيان ما إذا كان العمل قد أجرى على سبيل الوكالة أم علي سبيل المقاولة وبيان قيمة العمل فالشق الأول من الحكم خاطئ لأن الحكم يوكل إلي الخبير للفصل في مسألة قانونية وهي تكييف العلاقة وصحيح في شقه الثاني لأنه يكلف الخبير بعمل فني وهو تقدير قيمة الأعمال التي أجريت ومثال ذلك أيضاً أن يرفع مؤجر دعوى على مستأجر يطلب فيها إخلاؤه من العين المؤجرة على سند أنه أجرها من الباطن فيدفع المستأجر الدعوى بأن العلاقة بينه وبين الشخص الآخر هي مشاركة في إستغلال وإدارة العين ولا تعد تأجيراً من الباطن فتندب المحكمة خبيراً لبيان أي القولين هو الصحيح وفي هذه الحالة وأمثالها تكون المحكمة قد وقعت في خطأ فادح وأيدت محكمة النقض هذا النظر بحسم حينما قالت في صراحة ووضوح أن وصف الرابطة بين الخصوم وإسباغ التكييف القانوني عليها هي مسألة قانونية بحتة فلا يجوز للخبير أن يتطرق إليها ولا للمحكمة أن تنزل عنها لأنها في ولايتها. وحدها ولا يجوز لها أن تستند إلى ما أورده الخبير في هذا الصدد ولا غناء عن أن تقول هي كلمتها في شأنها فإن إستندت إلي تقرير الخبير في هذا الشأن كان حكمها مشوباً بالقصور في التسبيب غير أن هذا لا يمنع المحكمة من الإستعانة بأقوال الشهود الذين سمعهم الخبير ومن مناقشته لطرفي الخصومة لتستخلص من ذلك تكييف العلاقة القانونية أو وصفي الرابطة بشرط أن تنشئ لحكمها أسباباً جديدة ولا تحيل إلي تقرير الخبير في ذلك .
في حالة قضاء المحكمة بوجود مانع أدبي حال بين الخصم وبين حصوله علي دليل كتابي تعين عليها أن تورد أسباباً لذلك.
إذا قضت المحكمة بوجود مانع أدبي من الحصول على دليل كتابي فيتعين عليها أن تبين ظروف الحال التي اعتمدت عليها في تبرير عدم الحصول على دليل كتابي مثال ذلك أن يستند المدعي في إثبات دعواه إلي شهادة الشهود فيدفع المدعي عليه بعدم جواز الإثبات بالبينة لأن قيمة الدين تزيد على مائة جنيه فيواجه المدعي هذا الدفع بأن هناك مانع أدبي حال بينه وبين الحصول على دليل كتابي فإن إستجابت المحكمة له فإنه يتعين عليها أن تبين ظروف الحال والملابسات التي استندت إليها في أن عدم حصول الدائن على دليل كتابي كان له ما يبرره وأن يكون ذلك بأسباب سائغة مقبولة.
لا يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تستند إلى أسباب حكم محكمة أول درجة رغم عدم صلاحيتها لنظر الدعوى :
إذا صدر حكم من محكمة أول درجة رغم عدم صلاحيتها لنظر الدعوى سواء فطنت إلى ذلك أم لم تفطن إليه وطعن على هذا الحكم بالإستئناف وقضت محكمة الطعن بتأييده لأسبابه فإن هذا الحكم يضحي بدوره باطلاً ما دام أنها لم تنشئ لنفسها أسباباً مستقلة.
لا يجوز للمحكمة أن ترفض طلب الخصم بندب خبير إذا كان ذلك هو وسيلته الوحيدة في الإثبات :
إذا طلب الخصم سواء كان مدعي أو مدعي عليه ندب خبير في الدعوى لإثبات مسألة معينة وكان إثبات هذه المسألة مؤثر في الدعوى وكان ذلك هو وسيلته الوحيدة في الإثبات فلا يجوز للمحكمة الإلتفات عن هذا الطلب دون أن تقسطه حقه من الرد وإلا كان حكمها مشوباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب مثال ذلك أن يطلب الخصم ندب خبير للإطلاع علي دفاتر الشركة محل النزاع وأن يصفي الحساب حالة أن الاطلاع علي هذه الدفاتر لا يكفي لذلك بل لا بد من بحث وتدقيق ومقارنة وخصم وإضافة في الحسابات المثبتة بالدفاتر كما أن شهادة الشهود لا تكفي في هذا الشأن ، فإذا عن المحكمة الإعراض عن هذا الطلب فيجب أن تبين في حكمها ذلك بأسباب سائغة تؤدى إلى إقتناعها بأدلة أخرى مقدمة في الدعوى.
يكون باطلاً الحكم الذي يبني على واقعة لا سند لها في أوراق الدعوى أو مستندة إلي مصدر موجود ولكنه مناقض لها أو يستحيل عقلاً إستخلاص تلك الواقعة منها :
من المقرر - كان سبق أن أوضحنا - أن الحكم يجب أن يبني على أسباب سائغة وتؤدي لمنطوقه فإذا كان قد بني علي واقعة لا سند لها في أوراق الدعوى أو مستندة إلي مصدر موجود ولكنه مناقض لها أو يستحيل عقلاً إستخلاص تلك الواقعة منه كان باطلاً.
وتأسيساً على ما تقدم إذ أورد الحكم في أسبابه أن المدعي أو المدعى عليه قدم سنداً معيناً ورتب عليه ثبوت الدعوى أو نفيها حالة أن أوراق الدعوى جاءت خالية منه فإن الحكم يكون باطلاً.
وإذا قدم المدعى عليه مستنداً صريحاً واضحاً بتخلصه مع المدعي إلا أن الحكم ذهب إلى عكس ذلك كان باطلاً.
إذا إستخلصت المحكمة الإستئنافية مبني وقائع الدعوى نتيجة مخالفة لما المستخلصة منها الحكم المستأنف فإنه يتعين عليها تسبيب إستخلاصها :
في حالة ما إذا إستخلصت محكمة أول درجة من وقائع الدعوى نتيجة سائغة ومقبولة غير أن المحكمة الإستئنافية إستخلصت، من نفس الوقائع نتيجة مخالفة لما إستخلصه الحكم المستأنف، فإنه يتعين عليها في هذه الحالة أن تبين الأسباب التي من أجلها إستخلصت من هذه الوقائع النتيجة العكسية التي إنتهت إليها.
يتعين على المحكمة الرد على الدفوع التي بيدها نية الخصوم وعلى الجوهري من الدفاع وإلا كان الحكم معيباً :
إذا أبدى في دعوى المسئولية أمام المحكمة أية دفوع كالتقادم أو البطلان أو دفع أمام المحكمة الإستئنافية بعدم قبول الدعوى ترفعها من غير ذي صفة فإنه يتعين على المحكمة أن ترد على هذا الدفع بصراحة وإلا كان حكمها معيباً بالبطلان حتى ولو كان الدفع ظاهر الفساد و هذا على خلاف الرد على الدفاع ، فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد عليه إلا إذا كان دفاعاً جوهرياً . أما إذا كان الدفاع غير جوهري بأن كان ظاهر الفساد أو ظاهر البطلان فلا يترتب على عدم الرد عليه إخلال بحق الدفاع .
إذا قدم أحد الخصوم مستنداً للتدليل على قيام المسئولية أو نفيها أو انقضائها ولم يتناوله الحكم في أسبابه فإنه يكون مشوباً بالقصور.
إذا قدم أحد الخصوم في الدعوى مستنداً للتدليل على قيام المسئولية أو نفيها أو إنقضائها فإنه يتعين على المحكمة أن تتعرض له وتناقشه فإذا أقام ورثة المجني عليه دعوى يطالبون فيها المسئول بالتعويض عما أصاب مورثهم من ضرر قبل وفاته فقدم المسئول محضر صلح يتضمن تصالح المورث المذكور عن حقه قبل وفاته وقبضه حقوقه إلا أن المحكمة لم تتعرض لهذا المستند فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور الذي يبطله.
إذا قدم المضرور دليلاً على أحد عناصر الضرر وطرحته المحكمة فإنه يتعين عليها بيان سبب ذلك :
من المستقر عليه أن لمحكمة الموضوع أن تقضي بتعويض إجمالي عن عناصر الضرر دون أن تكون ملزمة ببيان المبلغ الذي قضت به بالنسبة لكل منها على حدة غير أنه يتعين عليها في هذه الحالة أن تبين عناصر الضرر التي رأت أن المضرور يستحق التعويض عنها وأن تناقش كل عنصر منها على حدة وتبين ما إذا كان الطالب يستحقه أم لا فإذا قد الطالب دليلاً على أحد هذه العناصر ورأت المحكمة إطراحه وتقدير التعويض على خلافه تعين عليها أن تبين سبب ذلك فإذا ركن المضرور إلى دليل كتابي حجة على المسئول في تقدير التعويض ورأت المحاكمة مخالفته أو عدم الأخذ به فإنه يجب عليها أن تضمن حكمها أسباب مخالفته أو أطراحه فإن لم تفعل كان حكمها مشوباً بعيب القصور.
لا يجوز للمحكمة أن تقضي في المسائل الفنية بعلمها :
من المقرر أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي في المسائل الفنية بعلمها بل يتعين عليها أن تستعين بخبير فني في هذا المضمار فإذا نسب المدعي خطأً فنياً للطبيب الذي أجرى له عملية جراحية فلا يجوز للمحكمة أن تقضي في الدعوى دون الإستعانة بخبير فني كالطبيب الشرعي أو أحد أساتذة كلية الطب المتخصصين مثال ذلك أن يؤسس المدعي دعواه على أن قيام الطبيب بإجراء عملية جراحة له بالعين الثانية بعد مضي عدة أيام من العملية التي أجراها له في عينه الأولى بعد خطأ مهنياً فلا شك في أن معرفة ما إذا كان هذا الفعل يكون خطا أم لا يستطيع أن يجزم به إلا خبير على النحو السابق ومن ثم لا يجوز القاضي أن يقرر وجود خطا من الطبيب بناء على معلوماته الشخصية وإلا كان حكمه خاطئاً .
إذا قضت المحكمة بفسخ عقد البيع تعين عليها أن تضمن أسباب الحكم أن البائع أخل بالتزامه :
نصت المادة 157/ 1 من القانون المدني على أنه في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بإلتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد أعذاره المدين أن يطلب بتنفيذ العقد أو فسخه مع التعويض في الحالين إن كان له مقتض ".
ومؤدي هذه المادة أن الفسخ القضائي يقع عند تخلف أحد المتعاقدين عن الوفاء بإلتزامه رغم أن الوفاء لا يزال ممكناً ، فإذا تخلف البائع عن ذلك جاز للمشتري أن يطلب التنفيذ أو الفسخ فإذا إختار الفسخ ورأت المحكمة إن طلبه جدير بالإجابة فإنه يتعين عليها أن تبين في حكمها بأن إخلال البائع بإلتزامه إخلالاً يستوجب الفسخ فإن لم تفعل كان حكمها مشوباً بالقصور في التسبيب ويكون نقضه من محكمة النقض أمراً محتوماً .
على المحكمة أن تتقيد بطلبات الخصوم والجزاء على مخالفة ذلك :
لا جدال في أنه يتعين على المحكمة أن تتقيد بطلبات الخصوم فلا يجوز لها أن تقضي بما لم يطلبوه أو بأكثر مما طلبوه حتى لو تبين لها من ظروف الدعوى أحقيتهم فيه.
ومن المقرر أن خروج المحكمة على طلبات الخصوم يؤدي إلى إعتباره وارداً على غير محل وبالتالي باطلاً بطلاناً مطلقاً لتعلقه بالنظام العام.
في حالة وجود تعارض بين أسباب الحكم وما ورد بمحضر الجلسة فإنه يجب الإعتداد بما أثبت بالحكم :
في حالة ما إذا تبين وجود تعارض بين أسباب الحكم وما ورد بمحضر الجلسة فإنه يجب الإعتداد بما أثبت بالحكم وقد إستقر على ذلك قضاء النقض.
لا يعتبر من بيانات الحكم صدوره بإسم الأمة أو الشعب :
لم يرد بالمادة 178 مرافعات ذكر للسلطة التي تصدر الأحكام باسمها ومؤدي ذلك أن المشرع سواء بمقتضى الدستور أو سواء من القوانين لا يعتبر من بيانات الحكم صدوره باسم الأمة أو الشعب ومن ثم لا يعيبه خلوه من هذا البيان .
إستناد الحكم إلي جملة أدلة وأثر ثبوت فساد إحداها :
إذا كان الحكم قد بني علي جملة أدلة وثبت فساد إحداها فإنه يجب التفرقة بين حالتين أولاهما أن تكون الأدلة التي إستند إليها الحكم مجتمعة لا يبين أثر كل منها على حدة في تكوين عقيدة المحكمة كما إذا وردت متساندة وكل منها تأكيد للأدلة الأخرى وتأييد لها ولم يكن إحداها بمفردها صالحة لأن تكون ركيزة كافية لحمل قضائه مثال ذلك أن يبني الحكم علي جملة قرائن يساند بعضها بعضاً فإن فساد إحداها يترتب عليه بطلان الحكم أما إذا كانت إحدى دعامات الحكم مستقلة عن الدعامات الأخرى وتكفي لحمل قضائه فإن فساد هذه الدعامات الأخرى كلها أو بعضها لا يبطل الحكم مثال ذلك أن تقضي المحكمة بمسئولية مالك السيارة على أساس المسئولية الشيئية ومسئولية المتبوع وثبت فساد إحدى هاتين الدعامتين فإن ذلك لا يؤثر في الدعامة الأخرى الصحيحة لأن المسئولية الشيئية ومسئولية المتبوع من أنظمة المسئولية التقصيرية تكمل كل منهما الأخرى وليس في القانون ما يمنع من أن تتحقق مسئولية مالك السيارة علي الأساسين معاً فالسيارة تعتبر في حراسة مالكها ولو أسند قيادتها إلي سائق تابع له ، ومن ثم يسأل المتبوع عن أخطاء تابعة فضلاً عن مسئوليته كحارس على السيارة عما تلحقه من ضرر بالغير.
التناقض الذي يقع في أسباب الحكم أو بين أسبابه ومنطوقه يترتب عليه بطلانه :
من المقرر أنه إذا وقع تناقض في أسباب الحكم أدي إلي أن تتماحي بحيث لا يبقى بعدها ما يكفي لحمل الحكم عليه فإن ذلك يؤدي لبطلانه كما إذا ذكر الحكم في دعوى تعويض أن المدعى عليه قد إرتكب خطأ ثم عاد بعد ذلك وقرر أن ما حدث من المتهم لا يشكل خطأ.
كذلك يبطل الحكم إذا وقع تناقض بين أسبابه ومنطوقه لأن من أثر هذا التناقض الإعتداد بالمنطوق وحده وهي ما يؤدي إلى إعتبار الحكم قائماً على غير أساس كما إذا نفي في دعوى مسئولية إرتكاب المدعى عليه أي خطأ ثم عاد في منطوق الحكم وقضى عليه بالتعويض.
ويتعين ملاحظة أن تناقض أسباب الحكم مع بعضها أو مع المنطوق التي تبطله هي اللازمة للفصل في الدعوى أما إذا كانت قد وردت تزيدا فإنها لا تؤدي لبطلانه.
لا يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تحيل في أسباب حكمها لحكم أول درجة الذي قضت ببطلانه :
من المقرر - أنه يجوز للمحكمة الإستئنافية أن تحيل إلي أسباب محكمة أول درجة إلا أن شرط ذلك أن يكون الحكم المحال إليه صحيحاً ألا يشوبه عيب يبطله ، أما إذا قضت ببطلانه سواء كان حكمها في الأسباب أو المنطوق فلا يجوز لها أن تحيل إليه مثالى ذلك أن تقرر في أسبابها ببطلان الحكم المستأنف لسبب من الأسباب كما إذا لم يوقع مسودته أحد أعضاء الهيئة التي أصدرته فلا يجوز لها بعد ذلك أن تحيل إلي أسبابه حتى ولو بالنسبة لسرده وقائع الدعوى.
لا يجوز للمحكمة الإستئنافية أن تحيل لأسباب الحكم الإبتدائي إذا كان الخصوم قد إستندوا أمام محكمة الإستئناف إلي أوجه دفاع تخرج في جوهرها عما قدموه لمحكمة أول درجة :
من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة الإستئنافية إن أحالت في أسباب حكمها الأسباب الحكم الإبتدائي إلا أن ذلك مشروط بألا يستند الخصوم أمام المحكمة الإستئنافية لأوجه دفاع تخرج في جوهرها عما قدموه لمحكمة أول درجة كما إذا ركن المستأنف أمام المحكمة الإستئنافية إلي دفاع لم يبده أمام محكمة أول درجة لو صح لترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى فهنا يتعين على المحكمة الإستئنافية أن تقسط هذا الدفاع حقه في الرد فإن لم تفعل واكتفت بالإحالة إلي أسباب الحكم المستأنف كان حكماً مشوباً بالقصور الذي يبطله.
لا يجوز للمحكمة أن تطلب من الخبير بيان مدى أحقية المدعي في دعواه :
لاحظنا أثناء تتبعنا لقضاء المحاكم أن كثيراً من الأحكام الصادرة بندب الخبير تطلب منه بيان مدى أحقية المدعي في دعواه وهذا خطأ فادح من المحكمة لأن بيان مدى أحقية المدعي في دعواه أمر من صميم إختصاص المحكمة ولا يجوز لها أن تتخلى عنه و تعهد به إلي الخبير لأنه بمثابة طلب من الخبير أن يحكم في الدعوى ، كذلك إذا أبدي المدعي عليه دفعاً أو دفاعاً موضوعياً فلا يجوز للمحكمة أن تطلب من الخبير بيان مدى أحقيته في هذا الدفع أو الدفاع .
أخذ الحكم بتقرير الخبير الذي إنتهى إلى نتيجة لا تؤدي إليها أسبابه باطل :
من المقرر أن تقرير الخبير يجب أن يكون متسقاً في أسبابه مع نتيجته فإذا لم يكن كذلك وإنتهي إلي نتيجة لا تؤدي إليها أسبابه وأخذ به الحكم دون أن يزيل هذا التضارب في أسبابه فإنه يكون باطلاً مثال ذلك أن يورد الخبير في أسباب تقريره أن المضرور قد تخلف لديه من إصابته عاهة مستديمة ثم ينتهي في نتيجته إلي شفائه بدون عاهة.
إستناد الحكم في قضائه إلي عقد محرر باللغة الأجنبية دون تقديم ترجمة له باللغة العربية يترتب عليه بطلانه بطلاناً مطلقاً :
مؤدي نص المادة 2 من الدستور أن اللغة العربية هي لغة الدولة الرسمية. كما نصت المادة 19 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 على أن لغة المحاكم هي اللغة العربية وعلى المحكمة أن تسمع أقوال الخصوم أو الشهود الذين يجهلونها بواسطة مترجم بعد حلف اليمين ومؤدي ذلك أن المحررات المدنية بلغة أجنبية يشترط لقبولها أن تكون مصحوبة بترجمة عربية لها وهذا الأمر متعلق بالنظام العام ويترتب على مخالفته البطلان المطلق ، وتأسيساً على ذلك لا يجوز لمحكمة أن تستند في قضائها إلي عقد محرر بلغة أجنبية دون تقديم ترجمة له باللغة العربية وإلا كان مصيره البطلان المطلق . وجدير بالذكر أن المحكمة لا يجوز لها أن تمتنع عن قبول عقد حرر بلغة أجنبية إذا كان غير مصحوب بترجمة له وإنما عليها أن تقبله ثم لا تعول عليه ولا تستند إليه في قضائها ولا يشترط أن تكون الترجمة صادرة من جهة رسمية غير أنه إذا نازع الخصم في عدم مطابقة الترجمة لما ورد بالمحرر تعين على المحكمة أن تتحقق من ذلك ولها أن تستعين في ذلك بخبير يتقن اللغة المكتوب بها المحرر. وغني عن البيان أنه يجوز للخصم الذي قدم المحرر بدون ترجمة أن يتدارك ذلك ويقدم الترجمة بأي جلسة تالية حتى حجز الدعوى للحكم.
لا يجوز للمحكمة أن تعدل عما أصدرته من أحكام قطعية أنهت الخصومة أو لم تنهها ولو كان ذلك في أسباب حكمها :
من المقرر أنه لا يجوز للمحكمة أن تعدل عما يصدر عنها من أحكام قطعية سواء أكانت أحكاماً موضوعية أو فرعية وسواء أنهت الخصومة أو لم تنهها وسواء كان الحكم القطعي قد ورد في منطوق الحكم أو في أسبابه وسواء كان ما فصلت فيه صريحاً أو ضمنياً حتى لو كانت هذه الأحكام باطلة أو مبنية علي إجراء باطل وسواء كانت الهيئة التي عدت عن الحكم القطعي هي بذاتها الهيئة التي سبق أن أصدرت الحكم القطعي أم كانت هينة أخرى وذلك عملاً بقاعدة أصلية مسلم بها في قانون المرافعات وهي ألا يسلط قضاء علي قضاء من نفس درجته .
وتأسيساً على ما تقدم إذا رفعت دعوى أمام المحكمة الإبتدائية وأصدرت فيها حكماً كيفيتها فيها بأنها دعوى تعويض عن الضرر الشخصي وأحالت الدعوى التحقيق فلا يجوز لنفس المحكمة سواء كانت نفس الدائرة التي أصدرت الحكم الأول أو دائرة أخرى أن تعود وتكيف الدعوى بأنها تعويض عن المسئولية الشيئية حتى ولو كان الحكم الأول قد فصل فيما فصل في أسبابه .
وجدير بالذكر أن عدم جواز عدول المحكمة عما يصدر عنها من أحكام يسري على محاكم الدرجة الأولي ومحاكم الدرجة الثانية .
الحكم الصادر قبل الفصل في الموضوع بأن الإدعاء بالتزوير منتج لا يجوز العدول عنه ولو في أسباب الحكم :
وينبني على ما تقدم أنه في حالة ما إذا طعن علي السند بالتزوير وأصدرت المحكمة قبل الفصل في الموضوع حكماً قضت فيه بقبول الادعاء بالتزوير وبإجراء التحقيق بوسيلة ما کندب خبير لإجراء المضاهاة أو إجراء التحقيق بشهادة الشهور وأسست قضاءها على أن الادعاء بالتزوير منتجا في النزاع فلا يجوز لها بعد ذلك العدول عن هذا القضاء بحجة أن الطعن بالتزوير غير منتج لأن المحكمة قد إستنفدت ولايتها حينما قضت بإعتبار الطعن بالتزوير منتجا ولا يجوز لها أن تعود إلى مناقشة ما فصلت فيه.
لا تثريب على المحكمة إن قضت على خلاف ما يشعر به الحكم التمهيدي :
من المقرر أن الحكم التمهيدي لا يكتسب حجية الشيء المحكوم فيه فيجوز القضاء على خلاف ما يشعر به فإذا قضت المحكمة بندب خبير لأداء مأمورية معينة وبعد أن قدم تقريره أحالت الدعوى للتحقيق لإثبات ونفي المأمورية التي إنتدب من أجلها الخبير وبعد أن سمعت الشهود عادت وإستندت في حكمها إلي تقرير الخبير رغم أن الشهود شهدوا على خلاف ما جاء به ، فلا تثريب عليها في ذلك .
إعتبار رول القاضي مكملاً لمحضر الجلسة :
من المقرر أنه في حالة ما إذا أغفل كاتب الجلسة إثبات بیان معين أدلي به أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى إلا أن القاضي أو رئيس الدائرة أثبته في الرول الخاص به فإن هذا الرول يعتبر مكملاً لمحضر الجلسة في خصوص ما أثبت به وخلا منه محضر الجلسة مادام لا يتعارض معه فإذا أثبت القاضي بالرول الخاص به حضور محام عن أحد الخصوم وأثبت رقم توكيله فإن ذلك يكمل محضر الجلسة في هذا الخصوص مادام أن الكاتب قد غفل عن إثبات ذلك ومادام أن ما ثبت بالرول لا يتعارض مع ما ورد بمحضر الجلسة أما إذا كان الكاتب قد أثبت بمحضر الجلسة أن هذا الخصم لم يحضر فلا يجوز إعتبار الرول في هذه الحالة مكملاً لمحضر الجلسة لتعارضة معه. (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الرابع ، الصفحة : 685)
بيانات الحكم:
لا شك في أهمية آثار الحكم فهو يتمتع بحجية الأمر المقضي، وله قوة تنفيذية وبه تستنفد الحكمة ولايتها بشأن النزاع المطروح عليها وبمقتضاه يمنح القضاء حمايته من صدر لصالحه الحكم، ولذلك أوجب الدستور والقانون في 178 ، مرافعات محل التعليق أن يتضمن الحكم بيانات ومشتملات معينة، يجب على القاضي عند تحريره للحكم أن يذكرها، وسوف نوضح هذه البيانات بالتفصيل فيما يلي:
البيان الأول: صدور الحكم باسم الشعب:
تنص المادة 72 من الدستور الحالي الصادر سنة 1972 ، على أن تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب...»، وقد نصت على ذلك أيضاً المادة 20 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ، فالشعب هو السلطة العليا في البلاد، وبعبارة أخرى هو مصدر السلطات، ومنها السلطة القضائية، وصدور الحكم باسم السلطة العليا في البلاد، يؤكد أن القوة العامة من وراء من أصدره، وتستوجب تنفيذه، ولكن إذا لم يرد في الحكم هذا البيان أو ورد معيبا فلا يبطل الحكم لأن الحكم ما دام قد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون فقد صدر باسم الشعب (حكم الهيئتين العامتين لمحكمة النقض الصادر في 21 / 1 / 1974 ، طعن رقم 1015 لسنة 4 قضائية - سنة 23 ص 3). وقد كانت محكمة النقض تقضي ببطلان الأحكام التي لا يتضمن بیان صدورها باسم الأمة أو باسم الشعب، وكانت تعتبر هذه القاعدة من النظام العام .
(نقض 28 يونية 1956، طعن رقم 13 لسنة 25 قضائية أحوال شخصية. ونقض 4 مايو 1961، السنة 12 ص 453، ونقض 22 / 12/ 1970، سنة 21 ص 1270)
ولكن قضت الهيئة الجنائية والهيئة المدنية لمحكمة النقض مجتمعتين بأن خلو الحكم مما يفيد صدوره باسم الأمة أو الشعب الإينال من شرعين، أو بمس ذاتيته، لأن الواضح من نصوص الدستور، وقوانين السلطة القضائية المتعاقبة أن الشارع لم يتعرض فيها البتة للبيانات التي يجب إثباتها في ورقة الحكم. والنص على أن الأحكام تصدر وتنفذ باسم الأمة أو الشعب يقنع عن أن هذا الصدور في ذاته أمر مفترض بقوة الدستور نفسه ولا يتطلب أي عمل إيجابي من أحد ولا يعتبر من بيانات الحكم. فإيراد اسم الأمة أن الشعب بورقة الحكم ليس إلا عملاً مادياً لا حقاً كاشفاً عن ذلك الأمر المقترض، وليس متمماً له .
(حكم الهيئتين 21/ 1/ 1974 سنة 23 ص 3 مشار إليه آنفا و نقض جنائي 21/ 1/ 1974 ، الطعن رقم 1015 سنة 43 ق جنائي، ويراجع أيضا نقض 27/ 2/ 1979، الطعن رقم 2 لسنة 43 ق، ونقض 25/ 4/ 1978 رقم 67 لسنة 44 ق).
ومن الأفضل أن يتوج الفاضي حكمه ويداه «بسم الله الرحمن الرحيم»، ثم يذكر أنه صدر باسم الشعب، ای يذكر اسم الله تعالى أولاً ثم بعد ذلك اسم الشعب. وينبغي ملاحظة أنه لا يبطل الحكم خلو محضر الجلسة مما يفيد صدور الحكم باسم الشعب.
(نقض 12/ 5/ 1974 - س 25 ص 859).
البيان الثانی: بیان اسم للمحكمة التي أصدرت الحكم:
والهدف من هذا البيان التأكد من أن الحكم قد صدر من محكمة مختصة (فتحی والی - بند 238 ص 628)، والراجح أنه لا يترتب البطلان على عدم تبیان اسم المحكمة لأن المفروض أنه صدر من المحكمة التي أودع بها (أحمد أبو الوفا نظرية الأحكام من 125)، وقد ذهب رأی. إلى أنه لا يترتب على ذلك البطلان متى أمكن معرفة المحكمة (محمد وعبد الوهاب العشماوي - بند 1067)، بينما ذهب رأي ثالث إلى أنه يترتب على ذلك البطلان (عبد المنعم الشرقاوى - الوجيز في المرافعات - طبعة 1951 - بند 370 ص 433).
البيان الثالث: تاريخ إصدار الحكم:
أی تاريخ النطق به، وذلك المعرفة بدء ميعاد الطعن في الأحكام، ولتحديد الوقت الذي تسري فيه حجية الأمر المقضي (فتحى والی بند 338 ص 638)، على أنه يلاحظ أن وجود خطأ مادى في هذا التاريخ. أو إغفال الحكم له لا يؤدي إلى بطلان الحكم إذا كان التاريخ قد ثبت في محضر الجلسة التي صدر فيها الحكم ذلك أن الأصل في ثبوت تاريخ إصدار الحكم هو محضر الجلسة.
(نقض 7/ 12/ 1978 ، في الطعن رقم 400 لسنة 45 ق، ونقض 17/ 2/ 1973 ، مجموعة النقض سنة 24 ص 255)، فالعبرة في إثبات تاريخ صدور الحكم بما تتضمنه محاضر الجلسات دون ما يرد على خلافها بجدول المحكمة (نقض 17/ 2/ 1973 ، سنة 24 ص 255). وقد قضت محكمة النقض بأن إغفال تاريخ إصدار الحكم لا يؤدي إلى بطلانه لأن المادة 178 لم ترتب البطلان جزاء لهذا الإغفال.
(نقض مدنى 3/ 12/ 1979 - في الطعن رقم 20 لسنة 47 ق).
البيان الرابع: مكان إصدار الحكم:
أي المكان الذي تقع به المحكمة التي أصدرته، ولكن لا يترتب البطلان لعدم بيان مكان إصدار الحكم متى تضمن الحكم اسم المحكمة التي أصدرته.
(نقض 24/ 6/ 1969 ، س 20 ص 1043، ونقض 12/ 5/ 1974 - سنة 25 ص 859 ).
البيان الخامس: بيان ما إذا كان الحكم مارا في مادة تجارية أو مادة مستعجلة:
وذلك لأن الحكم الصادر في مادة من هذه يكون نافذاً معجلاً بقوة القانون (راجع تفصيلات ذلك: مؤلفنا- التنفيذ - ص 302 وما بعدها). فيجب أن ينفخ هذا من ورقة الحكم، فإذا كان الحكم صادراً في مادة مدنية، فلا يلزم بيان هنا في الحكم.
(نقض 9/ 5/ 1968 ، سنة 19 ص 934).
ويلاحظ أنه لا يترتب البطلان على إغفال بيان ما إذا كان الحكم صادراً في مادة تجارية أو مستعجلة (نقض 25/ 5/ 1977 طعن رقم 47 لسنة 43 ق)، لعدم النص صراحة على البطلان (نقض 6/ 6/ 1988 ، في الطعن رقم 824 السنة 52 ق)، وإنما يعطل تنفيذه تنفيذاً معجلاً بقوة القانون إذ يمتنع على المحضر تلك (أحمد أبوالوفا : نظرية الأحكام ص 126). كما بلاحظ أنه لا يترتب البطلان على وصف الحكم بأنه حضوري أو غیابی .
(نقض 23/ 12/ 1975 - طعن رقم 567 لسنة 39 ق، نقض 9/ 5/ 1972 ، سنه 23 ص 828).
البيان السادس : أسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته:
والهدف من ذلك التأكد من أن الحكم قد صدر من قضاة صالحين لإصداره (فتحی والی بند 338 ص 629)، وأن القضاة الذين سمعوا المرافعات هم الذين تداولوا لإصداره، وحضروا النطق به إعمالاً للمائتين 167 و 170 ، مرافعات وتنص المادة 178/ 3 صراحة على البطلان جزاء لعدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم (نقض 18/ 5/ 1973- سنة 23 ص 959) على أن هذا البطلان مقصور على الخطأ في أسماء القضاة الذين فصلوا في الدعوى دون الذين حضروا النطق به (نقض مدنى 24 يناير 1978 - في الطعن رقم 678 لسنة 43 ق، ونقض 21/ 12/ 1989 ، في الطعن 1695 لسنة 55 ق). ويكفي ذكر أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم، وذلك في صدر الحكم دون حاجة لإعادتها مرة أخرى في خاتمته .
(نقض 13/ 1/ 1966، سنة 17 ص 123).
وينبغي ملاحظة أنه يجب أن يتضمن الحكم أسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة وإشتركوا في الحكم ، وتخلفوا عن الحضور في جلسة النطق به، وإثبات اشتراكهم في المداولة، وتوقيعهم على المسودة (أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام - ص 113).
كما يلاحظ أن الخطأ الذي يرد في أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم يمكن تصحيحه بما يستمد مما هو ثابت من محضر جلسة النطق بالحكم الذي يعد مكملاً له دون غيره من الأدلة الأخرى.
(نقض 26 / 10/ 1971 - سنة 22 ص 844).
وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت الخصومة التي فصل فيها الحكم تنطوي على دعوى مما يوجب القانون بشأنها تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وكان الخصوم مسلمين، فإنه يجب أن يكون جميع القضاة الذين اشتركوا في إصدار الحكم أي الذين سمعوا المرافعات، وتداولوا في إصداره من المسلمين،. ذلك أنه من الأصول المقررة التي انعقد عليها الإجماع في الشريعة الإسلامية إستعداداً من الكتاب والسنة أنه يشترط في ولاية القاضي الذي يفصل في أنزعه المسلمين أن يكون مسلماً فيحظر على غير المسلم ولاية القضاء على المسلم لإنتفاء هذه الولاية شرعاً . فإذا كان أحد القضاة الثلاثة الذين إشتركوا في إصدار الحكم غیر مسلم، فإن الحكم يكون باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام. ويكون لكل ذي مصلحة التمسك به في أي حالة كانت عليها الدعوى، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها وفقاً للمادة 253/ 3 من قانون المرافعات، بل أن هذا البطلان لا يقوم إذا إقتصرت مشاركة غير المسلم على مجرد حضور جلسة النطق بالحكم (نقض مدني 23 / 3/ 1989 ، في الطعن رقم 2474 لسنة 56 ق ). وقد كان القانون المطبق في النزاع هو قانون الوصية المستمد من أحكام الشريعة الإسلامية). وقد ذهب رأي إلى أن هذا الحكم محل النظر، على أساس أنه بمنطقه يؤدي إلى بطلان كل حكم يشترك في إصداره قاض غير مسلم على خصم مسلم دون تفرقة بين قضية بطبق فيها حكم مستمد من الشريعة أو حكم غير مستمد منها، مادام لا ولاية لغير مسلم على مسلم، وهو بهذا - وفقاً لهذا الرأي - يخالف مبادىء الدستور . المصرى التي تقرر المساواة بين المواطنين في الحقوق، ومنها حق تولي السلطات، والوظائف العامة دون تمييز. (فتحی والی - بند 338 ص 630 هامش 1).
ولكننا لا نؤيد هذا الرأي على إطلاقه، لأن هناك فارقاً بين حق تولی وظيفة القضاء، وبين تحديد ولاية القاضي، فمثلاً ، إذا جاز تولی غیر المسلم وظيفة القضاء فيمكن تحديد ولايته في نطاق معين بأن تقتصر على الفصل في قضايا غير المسلمين المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية فقط، ولا يكون له ولاية في غيرها.
وحكم النقض سالف الذكر يتفق مع مبادئ الدستور المصري الحالي الذي نص في المادة الثانية منه على أن د. مبادىء الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع»، وهذا الحكم يتفق مع الشريعة الإسلامية التي من المصدر الرئيسى للتشريع وفقاً للدستور، فالقاعدة في الشريعة الإسلامية أنه لا ولاية لغير المسلم على المسلم (راجع تفاصيل ذلك: مؤلفنا: تحديد نطاق الولاية القضائية والإختصاص القضائي - ص 395 وما بعدها وص 401 وما بعدها).
ولكن هذه القاعدة تأثر تطبيقها - شأنها في ذلك شأن قواعد الشريعة الإسلامية الأخرى - بالظروف التي مرت بها البلاد الإسلامية من ضعف وخضوعها للاستعمار الأجنبي الذي قام بتوطين قوانينه بها بدلاً من الشريعة الإسلامية، وألغى أداة تطبيق هذه الشريعة، وهو القضاء الإسلامي، وآخر نماذجه في مصر كانت المحاكم الشرعية، التي كانت لها الولاية كاملة قبل الاستعمار ثم بتأثير المستعمر. وجبروته تم إضعاف ولايتها، وأنشئت بجوارها محاكم أخرى إقتطعت من ولايتها شيئاً فشيئاً حتى تم إلغاؤها، ولن يتسع المقام لتوضيح تفاصيل ذلك.
وفي ظل النظام القانوني المصري الحالي ليس من المنطقي، ولا من الإنصاف، وبعد أن إنحسر تطبيق الشريعة الإسلامية في مجال الأحوال الشخصية، أن يقوم قاض غير مسلم بالفصل في إحدى قضايا الأحوال الشخصية التي ثارت بين مسلمين، ولذلك لم يكن حكم النقض موفقاً عندما لم ينقض الحكم المطعون فيه لبطلانه يسبب مشاركة قاض غير مسلم في حضور جلسة النطق بالحكم، لأن النطق بالحكم مظهر من مظاهر ولاية القضاء، وقد سبقت لنا الإشارة إلى ذلك عند إشارتنا لهذا الحكم عند تعليقنا على المادة 170 مرافعات فيما مضى .
وعلى أية حال لو تم احترام دستور البلاد بتطبيق المادة الثانية منه فإن هذا الجدل لن يكون له محل.
البيان السابع: اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية إن كانت النيابة العامة قد تدخلت في الخصومة:
نصت المادة : 178 مرافعات - محل التعليق - على هذا البيان، ولكن لم تنص على البطلان كجزاء. لإغفاله، فاسم عضو النيابة ليس بياناً أساسياً ما دامت النيابة قد أبدت بالفعل رأيها في مذكراتها، وثبت ذلك في الحكم (المذكرة الإيضاحية القانون المرافعات مشار إليها آنفا)، ولا يترتب على إغفاله البطلان .
البيان الثامن: بيان تشكيل المحكمة: إذ يجب أن يصدر الحكم من محكمة مشكلة تشكيلاً صحيحاً فإذا تضمن الحكم الصادر من محكمة الإستئناف أنه صدر من محكمة مشكلة من أربعة مستشارين وقع باطلاً.
(نقض 18/ 5/ 1972 ، سنة 23 ص 959) .
البيان التاسع: أسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم وموطن كل منهم وحضورهم وغيابهم :
فطبقاً للمادة 178/ 2 - محل التعليق - يترتب على النقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم بطلان الحكم، وينطبق النص على الخصم بالمعنى القانوني الصحيح (فتحی والی - ص 631 وما بعدها، أي من يوجه طلباً للقاضی أو يوجب إليه طلب، ولا يعتبر كذلك من يختصم لصدور الحكم في مواجهته دون أن يوجه طلباً أو بوجه إليه طلب (نقض مدنى 10/ 1/ 1979- في الطعن رقم 223 لسنة 44 ق). والمقصود بالنقص أو الخطأ الجسيم ذلك الذي يشكك في تعيين الخصم أو في تحديد صفته في الخصومة. (نقض مدنى 6 / 12/ 1966 - سنة 17 ص 1775 و نقض تجاری 6 / 6 / 1988 ، في الطعن رقم 1824، لسنة 52 ق). ومن باب أولى، يكون الحكم باطلاً إذا أغفل اسم الخصم في الحكم (نقض مدنى 24 / 4/ 1968، سنة 19 ص 830)، ويكون الحكم باطلاً أيضاً إذا حدد الخصوم بانهم ورثة فلان دون بيان أسمائهم (نقض مدنى 18/ 1/ 1968، سنة 19 ص 130)، على أن الحكم يكون صحيحاً ، ولو أغفل اسم الخصم، إذا كان الحكم قد أحال إلى أسباب الحكم الإبتدائي المطعون فيه، وكان هذا الأخير قد بين في أسبابه اسم الخصم، مما يؤدي إلى عدم التشكيك في شخصه. (نقض مدني 4/ 2/ 1980 - في الطعن رقم 43 لسنة 49 ق). أما إذا ذكر الحكم ما يفيد في تعيين الخصم بحيث لا يكون النقص أو الخطأ من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم أو إتصاله بالخصومة، فلا يكون الحكم باطلاً ، ولو لم يذكر إسمه كاملاً (موریل بند 566 ص 445، فتحی والی - ص 631)، أو ذكر إسم الخصم المتوفي بعد اختصام ورثته (نقض 19/ 11/ 1981، في الطعن رقم 305 لسنة 47 ق)، أو ذكر اسم الخصم الذي توفي أثناء نظر الدعوى في ديباجة الحكم دون ذكر أسماء ورثته الذين عجلت الدعوى قبلهم ما دام لا يؤدي هذا التشكيك في حقيقتهم. من حيث اتصالهم بالخصومة (نقض إيجارات 22/ 2/ 1982، في الطعن رقم 515 لسنة 46 ق). أو لم تحدد حقيقته بدقة (نقض مدنی 11/ 5/ 1972، سنة 23 ص 876). أما موطن . الخصوم أو ذکر حضورهم أو غيابهم، فلم ينص القانون على البطلان جزاء لها، وقد حكم بأن إغفال ذكر موطن أحد الخصوم لا يترتب عليه بطلان الحكم (نقض مدنى 19/ 6/ 1969 ، سنة 20 ص 1002). كما لا يترتب البطلان على إغفال الحكم إثبات حضور الخصوم .
(نقض أحوال شخصية 21/ 12/ 1982، في الطعن رقم 15 لسنة 52 ق).
(نقض مدنى 10/ 1/ 1974 ، سنة 25 ص 139).
فالنقص أو الخطأ في أسماء الخصوم لا يترتب عليه البطلان ما دام ليس شأنه التشكيك في صفة الخصم، وإتصاله بالخصومة المحددة في الدعوى (نقض 8/ 12/ 1976 ، في الطعن 31 لسنة 44 ق، نقض 8/ 2/ 1975 ، سنة 24 ص 161، نقض 20/ 6/ 1957 ، سنة 8 ص 60)، وتطبيقاً لذلك فإنه إذا ورد في صدر الحكم اسم من توفي من الخصوم قبل صدور الحكم، وأغفل ذكر اسم وارثه فإن ذلك لا يبطل الحكم لأنه ليس من شأنه التشكيك في حقيقة الخصوم، وإتصالهم بالخصومة (نقض 13/ 4/ 1970 ، سنة 21 ص 1782 ، نقض 22/ 2 / 1982مشار إليه أنفا)، كما لا يترتب البطلان على الخطأ غير الجسيم (نقض 10/ 6/ 1954 ، سنة 5 ص 942)، ولكن لا يغنى عن هذا البيان إمكان معرفة أسماء الخصوم من ورقة أخرى من أوراق الدعوى نقض 31/ 12/ 1953 ، سنة 7 ص 553)، ولا يترتب البطلان على إغفال موطن الخصم ما دام قد ذكر إسمه ولقبه ووظيفته ومحل عمله نقض 6/ 1/ 1971 ، سنة 22 ص 27)، ولا على الخطأ في اسم ممثل الشركة متى كان لا يشكك في حقيقتها، وإتصالها بالخصومة (نقض 19/ 6/ 1966 - سنة 17 - ص 412).
البيان العاشر: عرض مجمل لوقائع الدعوى
فقد أوجبت المادة 178 - محل التعليق - اشتمال نسخة الحكم الأصلية على عرض مجمل لوقائع الدعوى. وقبل تعديل المادة 178، كانت تتطلب بیان مراحل الدعوى، وكان المقصود بذلك وقائع الدعوى على نحو تفصیلی پیين الخطوات والمراحل التي قطعها النزاع أمام المحكمة، وكان هذا البيان يرهق كاهل القضاة لما يستغرقه من وقت وجهد. ويغني عنه. ما سجلته محاضر الجلسات، فلما صدر القانون رقم 13 لسنة 1973، عدل فذلك النص مكتفياً ببيان عرض مجمل للوقائع المذكرة الإيضاحية لقانون 13 لسنة 1973، المعدل للمادة 178 ، مشار إليه آنفا)، فيكفي أن يذكر في الحكم بإيجاز ما يكون ذكره من الوقائع ضرورياً الفصل في الدعوى المتعلقة بسير الخصومة فيها، وباعتباره حلقة من حلقاتها قام بين الخصوم نزاع بشأنه.
البيان الحادي عشر: طلبات الخصوم، وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم. الجوهري ورأى النيابة، والهدف من بیان طلبات الخصوم هو معرفة نطاق سلطة الحكمة، أما بیان دفوع الخصوم، ودفاعهم الجوهري فالهدف منه مراقبة بيان المحكمة الأسباب الحكم (فتحى والى ص 632)، إذ المحكمة ملزمة ببحث دفوع الخصوم، ودفاعهم الجوهري، ويجب بيان جميع الدفوع، أما أوجه الدفاع فيكفي بيان الجوهرى منها (نقض إيجارات 26/ 11/ 1984 ، في الطعن رقم 85 لسنة 54 ق). ولهذا فإغفال هذا البيان - رغم عدم النص - يؤدي إلى البطلان (نقض 22/ 6/ 1967 ، سنة 18 ص 1348، نقض 4/ 3/ 1980، في الطعن رقم 494 لسنة 46 ق، فتحي والي ص 632 و ص 633)، والمقصود بالدفاع الجوهرى الدفاع الذي يؤثر في النتيجة التي إنتهى إليها الحكم، بحيث إن المحكمة لو كانت قد بحثته لجاز أن تتغير به هذه النتيجة.
(نقض تجاری 28/ 12/ 1981، في الطعن رقم 126 لسنة 42 ق، ونقض مدني 22/ 6/ 1967 ، سنة 18 ص 1348).
وينبغي ملاحظة أن هذا البيان يكون لازما فقط إذا كان الحكم قد فصل في النزاع الذي قدمت بصدده أوجه الدفاع والدفوع، أما إذا اقتصر الحكم على قضاء ينصرف إلى بحث مدى توافر شروط معينة يوجبها القانون في الطلب حتى تنظره الحكمة، وتفصل فيه، فلا على المحكمة إذا هي أغفلت إيراد أوجه دفاع الخصوم التي لا تتصل بقضائها طالما كان حكمها مسبباً نسبياً كافياً لتسويغ ما حكمت به (فتحي والى ص 633)، ولهذا فإنه لا يعيب الحكم إغفال بيان الدفوع وأوجه الدفاع المتعلقة بالموضوع إذا كانت المحكمة قد قضت بعدم إختصاصها بالدعوى أو بعدم قبولها أو بسقوط حق المدعی السبب أوردته، وأقامت حكمها عليه ( ولهذا إذا قضت المحكمة في دعوى رد - بسقوط حق المدعي في طلب الرد لعدم تقديم طلب الرد قبل إبداء أي دفع أو دفاع تطبيقاً للمادة 151 مرافعات، فلا تثريب على الحكم إن لم يورد بياناً مفصلاً لأسباب الرئ لتعلق تلك بأمور لا يقتضيها مقام الجزاء الذي إنتهى إلى تطبيقه (نقض مدنی 19/ 1/ 1989 ، طعن رقم 1389 ، لسنة 53 ق)، ويلاحظ أن إغفال بيان رأي النيابة لا يترتب عليه بطلان الحكم.
(نقض 22/ 3/ 1983 . طعن 48 لسنة 48 ق - مشار إليه آنفا).
البيان الثاني عشر: أسباب الحكم ومنطوقه كما ورداً في مسودة الحكم: أما أسباب الحكم فهي الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي بنت المحكمة على أساسها منطوق حكمها، وتسمى أيضاً بالحيثيات لأنها تبدأ عادة بعبارة: «حيث إن، أو ما في معناها كعبارة «ربما أن»، وقد سبق لنا الحديث عن الأسباب عند تعليقنا على المادة 176، فيما مضى، وسوف نوضح بعد قليل ضرورة كفاية أسباب الحكم، وجزاء قصور أسباب الحكم الواقعية.
ومنطوق الحكم هو نص ما حكمت به المحكمة في الطلبات التي عرضها عليها الخصوم، وهذا الجزء من الحكم هو أهم أجزائه، وهو الذي يجب أن يتلى شفوياً في الجلسة، وبه تتحدد حقوق الخصوم المحكوم بها، لدلك فهو الذي يحوز الحجية، وهو الذي يطعن فيه المحكوم عليه.
والمنطق هو قرار المحكمة بالنسبة للطلبات المعروضة عليها، ويجب على المحكمة أن تفصل في كل ما يقدم لها من طلبات، وألا تقضي بأكثر من المطلوب فتحی والی ص 633). ولا يعيب المنطوق عدم وصفه بأنه حضوري او غیابی فهذا الوصف لا يستمد مما جاء في الحكم، ولكن من حقيقة الواقع كما تكشفه أوراق الدعوى (نقض مدنی 9 / 5 / 1972 ، سنة 23 ص 719). ولكن يعيب المنطوق وجود تناقض به حيث لا يعرف المنطوق الحقيقي أو وجود تناقض بين أجزائه بحيث لا تستقيم معاً (نقض مدنى 30/ 5/ 1968 ، سنة 19 ص 1045)، ولكن ينبغي ملاحظة أن منطوق الحكم. يمكن أن يرد في أسبابه المتصلة به إتصالاً. وثيقا، ولهذا فإن تناقض المنطوق يمكن أن يرفعه ما جاء في هذه الأسباب المكملة له (نقض مدنى 25/ 10/ 1966 سنة 17 ص 1582). وإذا خلا الحكم من أي منطوق، أو كان المنطوق متناقضاً بطل الحكم، إذ لا يمكن أن يحقق وظيفته (فحي والی ص 634).
البيان الثالث عشر: توقيع رئيس الجلسة وكاتبها: ولم يتطلب القانون توقيع جميع القضاة الذين أصدروا الحكم، بل يكفي عند تعددهم توقيع رئيس الدائرة التي أصدرته، ويبدو أن المشرع اكتفى بتوقيع باقي القضاة على مسودة الحكم. فإذا لم يوقع الرئيس على الحكم كان الحكم باطلاً ، والمقصود هو رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم، والذي وقع على مسودته، فإذا كان قد قام مانع حال دون حضوره جلسة النطق بالحكم فإنه يكفي توقيعه، ولا يلزم توقيع رئيس الجلسة التي نطق فيها بالحكم.
(نقض مدنى 21/ 12/ 1989 ، في الطعن رقم 1695 لسنة 55 ق).
فإذا قام مانع لدى رئيس الدائرة - سواء كان هذا المانع بزيل صفته أو لا - بعد التوقيع على مسودة الحكم، والنطق به يمنعه من تحرير النسخة الأصلية أو التوقيع عنية، يرى البعض في الفقه أنه لا يؤثر هنا في صحة الحكم، ويجب على أحد أعضاء الدائرة أن يقوم بمهة كتابة نسخة الحكم الأصلية، والتوقيع عليها، فإذا كان الحكم صادراً من قاض فرد، قام بهذه المهمة رئيس المحكمة الكلية أو رئيس محكمة الإستئناف حسب الأحوال، ذلك أن الحكم يعتبر أنه قد أصدر بمجرد النطق به، ولا يعدو كتابة نسخة الحكم الأصلية إلا مجرد توثق له. ويكون الأمر كذلك سواء كتب رئيس الدائرة أو القاضی نسخة الحكم الأصلية، ولم يوقع عليها أو قام المانع قبل كتابة هذه النسخة، ولا محل للقياس على المادة 312 ، من قانون الإجراءات الجنائية التي تورد حكماً خاصاً. (فتحی والی ص 634 هامش 4). ولكن يذهب رأي آخر في الفقه إلى القياس على المادة 312، من قانون الإجراءات الجنائية (أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام - بند 47، كمال عبدالعزيز ص 177). كما أن العمل في الحاكم جرى في هذه الحالة على أن ينسب رئيس المحكمة أحد قضاة المحكمة أو رؤسائها لتوقيع نسخة الحكم الأصلية، وذلك قياسا على نص المادة 312، من قانون الإجراءات الجنائية.
وعدم توقيع كاتب الجلسة على الحكم لا يترتب عليه بطلان (نقض 16/ 12/ 1965، سنة 16 ص 1278)، لأن الحكم كعمل إجرائي ليس عمل الكاتب (فتحی والي ص 634)، بل هو عمل القضاة الذين أصدروه.
ويجب توقيع جميع أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم على مسودته المشتملة على أسبابه، وجزاء ذلك بطلان الحكم، وتوقيع أعضاء الهيئة على الورقة المتضمنة الحكم لا يكفي منى كانت منفصلة عن الأسباب (نقض 11/ 3/ 1969 ، سنة 20 ص 412)، ويظل الحكم لتحريره على أوراق منفصلة، وعدم توقيع القضاة على كل ورقة من أوراقه - وهذا البطلان يتعلق بالنظام العام، والتمسك به في ملحق تقرير الطعن بالنقض جائز.
(نقض 19/ 11/ 1969، سنة 20 ص 1211) .
ولا يجب تعدد توقيعات الرئيس والقضاة بتعدد أوراق المسودة، وإنما يكفي التوقيع على الورقة الأخيرة المشتملة على جزء من الأسباب اتصل بالمنطوق .
(نقض 28/ 12/ 1971، سنة 22 ص 2115، ونقض 28/ 2/ 1978، رقم 754 لسنة 42 ق).
لا يشترط ترتيب البيانات في ورقة الحكم على النحو الوارد في المادة 178 - محل التعليق - : ينبغي ملاحظة أن ترتيب البيانات الوارد في المادة 178 مرافعات - محل التعليق - ليس حتمياً فلا يترتب على الإخلال به البطلان.
(نقض 26/ 4/ 1956 سنة 7 ص 553، ونقض 31/ 12/ 1964 سنة 15 ص 1288 ، ونقض 5/ 4/ 1966 سنة 17 ص 797).
لا عبرة بأي بيان آخر لم ينص عليه القانون وخلو الحكم منه لايرتب بطلاناً : لا يغيب الحكم خلوه من أى بیان آخر مهما كان هاما طالما لم ينص عليه القانون، كذلك لا يعيبه ما يقع فيه من أخطاء في غير البيانات التي حددها النص كرقم الدعوى.
(نقض 26/ 4/ 1973 سنة 24 ص 682 ، ونقض 13/ 4/ 1972 سنة 23 ص 715 ونقض 13/ 2/ 1977 ، في الطعن 348 لسنة 43 ق، نقض 7/ 3/ 1988، طعن 488 لسنة 53 ق).
فالحكم باعتباره عملاً إجرائياً لا يبطل لخلوه من بیان - مهما بدت أهميته - لم يتطلبه القانون، لأن بطلان أي عمل إجرائي لعيب، شكلي يفترض نقصا أو خطأ، مقتضى شکلی تطلبه القانون (فتحي والى ص 635)، ولهذا لا يبطل الحكم بسبب عدم اشتماله على بيان رقم الدعوى التي جندر فيها (نقض 16 / 11/ 1965 سنة 16 ص 1016 مشار إليه آنفا)، أو على بيان اسم كاتب الجلسة (نقض مدنى 1/ 3 / 1967 سنة 18 ص 522) أو على بيان أن الحكم قد صدر بعد المداولة (نقض مدنى 24 / 3/ 1966 سنة 17 ص 708) ، أو لخطئه في بیان اسم وكيل الخصم، أو اختلاف هذا الاسم في محضر الجلسة عنه في الحكم (نقض مدنى 19 / 1 1974 سنة 25 ص 187)، فكل هذه البيانات لم تنص عليها المادة 178 ضمن بيانات الحكم التي سبق لنا ذكرها.
يجب أن يكون الحكم دالاً بذاته على بياناته وعلى إستكمال شروط صحته : فلا يقبل تكملة النقص في بياناته الجوهرية بأي دليل آخر غير مستمد منه (نقض 23/ 2/ 1977 في الطعن 7 لسنة 45 ق) وهو باعتباره ورقة رسمية لا يجوز إقامة الدليل على مخالفة بياناته المنسوبة إلى المحكمة وكاتب الجلسة كتاريخ الحكم وأسماء القضاة الذين أصدروه ومطابقته لما نطق به شفوياً، إلا عن طريق الطعن بالتزوير (أحمد أبوالوفا ۔ نظرية الأحكام بند 47، كمال عبدالعزيز ص352).
فينبغي أن تستكمل ورقة الحكم بذاتها كل عناصرها الشكلية فلا يجوز تكملة ما فيها من نقص بأي طريق من طرق الإثبات (فتحي والي ص 635 ) ، كما لا يجوز تصحيحها بناء على ورقة أجنبية عن الدعوى التي صدر فيها (نقض مدني 4 / 3/ 1980، في الطعن رقم 494 لسنة 46 ق و 24 / 4/ 1968 سنة 19 ص 83). على أنه يمكن للمحكمة أن نحيل بالنسبة لوقائع الدعوى ودفاع الخصوم ودفوعهم إلى حكم سابق صادر في ذات الخصومة بين نفس الخصوم (نقض مدنى 24 / 6/ 1969 سنة 20 ص 1043) ، كما أن مجرد الخطا المادي لا يؤدي إلى بطلان الحكم (نقض مدنى 26/ 4/ 1973، سنة 24 ص 181 كان الخطأ هو نسبة رقم إستئناف الطاعنة إلى إستئناف المطعون عليه في ديباجة الحكم، ونقض 7/ 12/ 1978، في الطعن رقم 400 لسنة 45 ق كان الخطأ في تاريخ صدور الحكم).
ينبغي ملاحظة أنه إذا ورد العيب في حكم أول درجة، وطعن في هذا الحكم بالإستئناف، فإن المحكمة الإستئنافية نعيد نظر القضية بصرف النظر عما شاب هذا الحكم من عيوب، فإن أصدرت فيها حكما فالعبرة بهذا الحكم دون حكم أول درجة (فتحی والی ص 636)، ولهذا لا يجوز بعد صدور حکم ثانی درجة التمسك بعيب - أياً كان - ورد في حكم أول درجة (نقض أحوال شخصية 29 / 12/ 1971 س 22 ص 1136 ، ونقض مدني 5/ 5/ 1965 سنة 16 ص 557)، وينطبق هذا أيضاً على أسباب الحكم الإبتدائي المعينة ما دام حکم ثانی درجة لم يحل إليها.
(نقض مدنى 30 /6 / 1965 سنة 16 ص 883 فتحي والي - الإشارة السابقة).
مدى جواز إبطال الحكم لمخالفة المادة 178 مرافعات - محل التعليق: لم يرتب نص المادة 178 البطلان صراحة إلا على القصور في أسباب الحكم الواقعية، والنقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم، وعدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم، والراجح في الفقه أنه على من يتمسك بالبطلان لغير هذه البيانات أن يقيم الدليل على تخلف الغاية إعمالاً للمادة 20 مرافعات (فتحی والی ۔ بند 338 ص 635 وص 636، كمال عبد العزيز ص 354 و ص 355، أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام بند 50 ص 128).
فإذا كانت الفقرة الثانية من المادة 178 قد نصت على البطلان جزاء التخلف بعض البيانات دون البعض الآخر، فليس معنى هذا وجوب الحكم بالبطلان المنصوص عليه، أو وجوب عدم الحكم بالبطلان بالنسبة لما لم بنص القانون على البطلان جزاء له إذ يخضع الأمر لما تنص عليه المادة 20 مرافعات من قواعد (فتحی والی بند 338 ص 635 وص 636، وراجع تعليقنا على المادة 20 المنظمة للبطلان في الجزء الأول من هذا المؤلف ص 363 وما بعدها)، فالمادة 178 بعد أن سردت في فقرتها الأولى جميع بيانات الحكم جاءت في الفقرة الثانية منها ترتب البطلان جزاء مخالفة بعضها دون البعض الآخر، وليس معنى هذا أن نقص البيانات الأخرى أو الخطأ فيها لايرتب أى بطلان (أحمد أبوالوفا - نظرية الأحكام ص 128). ولكن اتجاه محكمة النقض عكس ذلك، فهي تتجه إلى أن البيانات غير المنصوص علي البطلان. جزاء لها في الفقرة الثانية من المادة 178 لا يترتب على إغفالها بطلان الحكم. (نقض مدنی 19/ 6/ 1969 سنة 20 ص 1002)، و قد جاء به أن البيانات التي لم تنص المادة 178/ 2 على البطلان جزاء لها لا يترتب على إغفالها بطلان الحكم، وأيضاً نقض عمال 3/ 12/ 1979 في الطعن رقم 20 لسنة 47 ق. وجاء فيه إن إغفال إثبات . تاريخ الحكم لا يترتب عليه بطلان لأن المادة 178 لم تنص على البطلان . جزاء لإغفاله)، وقد إضطرت محكمة النقض إتساقاً مع مذهبها هذا إلى القول بأن البطلان جزاء على عدم إشتمال الحكم على طلبات الخصوم وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري هو بطلان منصوص عليه في المادة 178 / 2 التي تقضي بالبطلان للقصور في أسباب الحكم الواقعية إعتباراً بأن ذلك البيان يعتبر جزءاً من أسباب الحكم. (نقض مدنى 4/ 3/ 1980 - في الطعن رقم 494 لسنة 46 ق)، وهو تعليل محل نظر وفقاً للرأي الراجح في الفقه إذ المادة 178 / 1 بعد أن أشارت إلى ذلك البيان أضافت ثم تذكر بعد ذلك أسباب الحكم، مما مفاده أن ذلك ليس جزءاً من أسباب الحكم .. واتجاه محكمة النقض في عدم الحكم بالبطلان غير المنصوص عليه إتجاه محل نظر الراجح في الفقه لمخالفته للمادة 20 مرافعات التي تعرف بطلاناً بغیر نص . وهو أيضاً مخالف لما ذهبت إليه محكمة النقض نفسها من الحكم بالبطلان لمخالفة غير ما أشارت إليه المادة 178/ 1 من بيانات (كتوقيع رئيس الجلسة على الحكم). (فتحى والى - بند 338 ص 636 هامش 1 بها).
عدم تعلق بطلان الأحكام بالنظام العام في كل الأحوال : قضت محكمة النقض بأن البطلان الذي رتبه الشارع جزاء مخالفة الأوضاع أو إغفال بيان من البيانات الجوهرية اللازمة لصحة الحكم هو بطلان من النظام العام يجوز التمسك به في أي وقت أمام محكمة النقض كما يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ( 25 / 2 / 1961 سنة 12 ص 30). غير أنه يلاحظ أن الفقه والقضاء قد جريا على تقرير البطلان جزاء تخلف أو نقص البيانات الجوهرية ولو لم تكن من بين البيانات المنصوص عليها في الفقرة الثانية كما يقرران أن البطلان المقرر في الفقرة الثانية من المادة 178 لا يتعلق كله بالنظام العام ، فهما لم يطلقا القول بتعلق البطلان في جميع الأحوال بالنظام العام بل هما يميزان بين البطلان المتعلق بالنظام العام وبين البطلان الذي لا يتعلق بالنظام العام وفقاً لظروف كل مخالفة ( أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام - بند 50 ص 127 و 128 و ص 129 ، كمال عبد العزيز ص 360 ، محمد وعبد الوهاب العشماوي - ج 2 بند 1066 - ص 702 ، رمزی سیف 569 ، وانظر أيضاً الأحكام القضائية العديدة التي سبق لنا الإشارة إليها ).
التفرقة بين الحكم المعدوم والحكم الباطل وجواز رفع دعوى أصلية ببطلان الحكم المعدوم ( أي بطلب إنعدامه ) والمحكمة المختصة بهذه الدعوى : سبق لنا في الجزء الأول من هذا المؤلف بمناسبة تعليقنا على المادة 20 مرافعات أن عرفنا البطلان وأشرنا إلى التفرقة بينه وبين الانعدام ( راجع الجزء الأول من هذا المؤلف : بند 780 وما بعده ص 368 ومابعدها ).
والآن وبمناسبة التعليق على المادة 178 ، فإننا نوضح أن للتفرقة بين الحكم المعدوم والحكم الباطل أهمية تبدو في أن الحكم الباطل يعد قائماً منتجاً لآثاره إلى أن يلغي عند الطعن عليه بأحد الطرق التي رسمها القانون فإن مضى مبعاد الطعن تحصن الحكم الباطل وأصبحت له حجيته وبعد كما لو كان قد صدر صحيحاً في الأصل ولا يجوز رفع دعوى مبتدأة بطلب بطلانه ، كما لا يجوز لقاضي التنفيذ أن يوقف تنفيذه البطلانه أما الحكم المعدوم فلا يعد حكماً ويعتبر معدوم الحجية ويجوز رفع دعوى مبتدأة ببطلانه ای بطلب إنعدامه ، ويجوز لقاضي التنفيذ أن يقضي بوقفه، والحكم المعدوم هو والعدم سواء ولا يرتب أي أثر قانوني، ولا تزول حالة انعدامه بالرد عليه بما يفيد إعتباره صحيحاً أو بالقيام بعمل أو إجراء باعتباره كذلك.
والحكم المعدوم والحكم الباطل كلاهما يصيبه عيب إلا أنه بالنسبة للحكم المعدوم فإن العيب يكون جوهرياً يصيب كبان الحكم ويفقده أحد أركانه، وبالتالي يفقده صفته كحكم (أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام - بند 126 ص 320) ، فحالات الإنعدام هي أعنف من حالات البطلان ، وأمعن في الخروج على القانون ، ولذلك فإن الحكم الباطل نصححه الإجازة ما لم يكن البطلان متعلقاً بالنظام العام أما الحكم المعدوم فلا تصححه الإجازة. والقاعدة أن الحكم القضائي متى صدر يظل منتجا آثاره وأهمها حجية الأمر المقضي فلا يجوز المساس به إلا عن طريق الطعن فيه بإحدى طرق الطعن المقررة فإن إستغلق سبيل الطعن صار الحكم صحيحاً بصفة نهائية وتحصن ما يكون قد شابه من عيوب فلا يمكن التمسك ببطلانه عن طريق الدعوى الأصلية أو الدفع أو المنازعة في التنفيذ، غير أن المسلم به من جهة أخرى أن هناك عيوباً جسيمة تمنع من إعتبار الحكم موجوداً منذ صدوره فلا يستنفد سلطة القاضي أو يرتب حجية الأمر المقضي ولا يرد علية التصحيح لأن غير الموجود لا يمكن تصحيحه ، ومن ثم يجوز التمسك بهذا العيب بطريق الدعوى الأصلية أو الدفع أو الطلب العارض أو المنازعة في التنفيذ، كما يجوز ذلك بداهة بسلوك طريق الطعن المناسب ، ويطلق على الأثر الذي ترتبه تلك العيوب الجسيمة الإنعدام تمييزاً له عن البطلان القابل للتصحيح بانغلاق سبل الطعن (وجدي راغب - النظرية العامة للعمل القضائي - ص 403 وما بعدها ، عبد المنعم الشرقاوى المرافعات ص 532 ، رمزي سیف ص 712 ، السنهوري الوسيط الجزء الثاني ص 648 عز الدين عبد الله في بحثه عن آثار الأحكام الأجنبية المنشور بمجلة العلوم القانونية والاقتصادية سنة 1961 ، كمال عبد العزيز ص 355، وقارن فتحی والی مبادئ القضاء المدني بند 317 ونظرية البطلان بند 250 وما بعده حيث ينكر فكرة الانعدام ويرى أن فكرة البطلان تكفي لترتيب ذات الآثار والمهم هو في الأثر المترتب على تلك العيوب الجسيمة ووسيلة التمسك به ، وقد كانت محكمة النقض قد إستقرت في أحكامها علي عدم جواز التمسك ببطلان الحكم إلا عن طريق الطعن فيه بطرق الطعن المقررة إحتراماً للأحكام وتقديراً لحجيتها باعتبارها عنوان الحقيقة في ذاتها (نقض 16/ 5/ 1967 سنة 18 ص 977 ، ونقض 16/ 5/ 1967 سنة 18 ص 104 ونقض 9 / 1/ 1968 سنة 19 ص 5، ونقض 30/ 6/ 1970 سنة 21 ص 1092) ، ثم أخذت تشير في أحكامها التالية إلى أنه يستثنى من ذلك الحكم الذي يتجرد من أركانه الأساسية (نقض 7/ 3/ 1972 سنة 23 ص 31 ، ونقض 13/ 4/ 1977 ، في الطعن 16 لسنة 44 ونقض 27/ 4/ 1977 ، في الطعن 427 لسنة 41) ، وبذلك أقرت فكرة العيب الجسيم الذي لا يقبل التصحيح بانفلاق سبل الطعن ويجوز التمسك به عن غير طريق الطعن، غير أنها لم تتعرض لتحديد المقصود بالأركان الأساسية.
وقد ثار خلاف حول تحديد المعيار المميز بين الإنعدام والبطلان فیری البعض أن العيب العدم للحكم هو الذي ينقصه ركنا من أركانه (رمزی سیف بند 611) ، بينما يرى البعض أن الحكم المعدوم هو الذي فقد ركناً من اركانه الأساسية أو شابه عيب جوهري أصاب كيانه ويحمر هذه الأركان في ثلاثة أركان أولها: صدوره من محكمة تتبع جهة قضائية ويناقش في هذا الصدد اثر تعيب صفة القاضي أو زوالها أو تشكيل المحكمة أو نیام سبب من أسباب عدم الصلاحية أو الرد أو عدم الإختصاص، وثانيها: صدوره في خصومة ويناقش في هذا الصدد أثر عدم إعلان صحيفة الدعوى أو بطلانه أو تعيب أهلية الخصوم وثالثها: تحرير الحكم (أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام بند 137 وما بعده ) في حين يقول البعض أن العيوب التي لا تقبل التصحيح هي تلك التي لا تمكن الحكم من تحقيق وظيفته (فتحی والى نظرية البطلان بند 346) ويميز البعض بين الإنعدام الفعلي بتخلف أحد العناصر التي لا يتصور بغيرها وجود الحكم من الناحية المادية وبين الإنعدام القانوني الذي يحصره في عدم انعقاد الخصومة ونخلف الإرادة وإغفال التوقيع وأن يباشر العمل فرد عادي او يعتدي على مبدأ الفصل بين السلطات (فتحي سرور في رسالته نظرية البطلان في قانون الإجراءات الجنائية بند 137 وما بعده). بينما يرى البعض التفرقة بين مقتضيات وجود الحكم فهي التي تعتبر أركانه الأساسية بحيث يؤدي تخلفها إلى إنعدامه وبين مقتضيات صحة الحكم التي يقتصر أثر تخلفها على بطلانه (وجدي راغب - النظرية العامة للعمل القضائي ص 403 وما بعدها ، ويؤيده كمال عبد العزيز ص 356 وما بعدها)، ومقتضيات وجود الحكم أو أركان الأساسية هي مقومات اللازمة لأداء وظيفته القانونية والتي يفرضها المنطق القانوني حتى يعتبر عملاً قضائياً حتى إذا تخلف أحدهما إنخلعت عنه طبيعته القضائية فيكون معدوما . أما مقتضيات الصحة فهي تلك العناصر القانونية المختلفة التي يشترطها القانون في الحكم ليؤدي وظيفته الفضائية على الوجه الأكمل والتي لا يحول تخلفها دون إعتباره أداة للوظيفة القضائية وإن أدى إلى قهوره في أداء هذه الوظيفة على الوجه الأكمل .
وتنقسم مقتضیات وجود الحكم أو أركانه الأساسية إلى أركان موضوعية أو داخلية تتعلق بمضمونه وهي الإرادة والمحل والسبب ، وأركان شكلية أو خارجية تتعلق بنظامه الخارجي وهي الشخص أي القاضي والمطالبة القضائية، والشكل بالمعنى الضيق ولكل من هذه الأركان عناصر وشروط تعتبر مقتضيات صحة لا مقتضیات وجود فلا يترتب على تخلفها إنعدام الحكم (وجدي راغب - الإشارة السابقة).
والراجح أن الحكم يعتبر معدوما إذا فقد ركنا من أركانه (أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام - بند 136 وما بعده ص 320 وما بعدها) ، وأركان الحكم ثلاثة هي :
أ- الركن الأول : أن يصدر من محكمة تتبع جهة قضائية :
إذ يجب أن يصدر الحكم من قاض له الصفة قبل زوالها، فإذا زالت صفته إنعدم حكمه الذي بصدره بعد زوال الصفة ، فالحكم الذي يصدر من شخص لا يعد قاضياً لا يكون حكماً أو من قاض لم يحلف اليمين القانونية أو من قاض زالت عنه. ولاية القضاء بسبب العزل أو الإحالة إلى المعاش أو الإستقالة ، كما يعتبر معدوماً الحكم الصادر من قاض موقوف بصفة مؤقتة عن عمله أو من قاض صدر حكم بالحجر عليه قبل إصدار حكمه كما يعتبر معدوماً الحكم الذي يصدر من محكمة غير مشكلة وفقاً لأحكام القانون ، فإذا صدر من قاضيين في دعوى ينبني، أن تنظرها محكمة مشكلة من ثلاثة قضاة كان معدوماً (نقض 25/ 6/ 1953، طعن رقم 14 سنة 21 قضائية ، أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام ص 323). وإذا صدر من ثلاثة قضاة باعتبارها دائرة استئنافية ينبغي تشكيلها من مستشارين كان معدوماً ، أما إذا صدر حكم من قاض غير صالح لنظر الدعوى لتوفر سبب من أسباب عدم الصلاحية فإنه يكون باطلاً ولا يكون معدوماً ، كما يعتبر باطلاً الحكم الصادر في دعوى لم تمثل فيها النيابة العمومية في الحالات التي يوجب القانون تمثيلها فيها ، كما أن تخلف أحد القضاة الذين اشتركوا في المداولة عن الحضور في جلسة النطق بالحكم دون أن يوقع على مسودة الحكم يبطله ولا يعدمه (أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام بند 137 ص 321 وما بعدها).
ويعتبر الحكم الصادر من جهة قضائية غير مختصة إختصاصاً وظيفياً قائماً متمتعاً بحجيته أمام تلك المحاكم ولكنه يعد معدوماً أمام الجهات القضائية الأخرى المختصة اصلاً بالفصل في هذا النزاع ولكن الحكم الصادر من محكمة غير مختصة نوعياً أو محلياً بتمتع بكامل حجيته وتسرى كافة آثاره وإن كان يجوز الطعن فيه إن كان ميعاد الطعن مازال قائماً (أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام بند 137 ص 325). ومتی إنقضت مواعيد الطعن فيه أصبح باتاً .
ب - الركن الثاني : أن يصدر من المحكمة بما لها من سلطة قضائية أي في خصومة : فليس حكماً ذلك الذي يصدر من القاضي بناء على سلطته الولائية وإنما هو أمر ، كما أن الحكم يصدر في خصومة ، وكان الرأي السائد فقها وقضاء أنه يتعين لانعقاد الخصومة أن تعلن صحيفتها إلى المدعى عليه إلا أنه بعد التعديل الذي أدخل على المادة 68 من القانون 23 لسنة 1992 فإن حضور المدعى عليه بدون إعلان يؤدي إلى أن تستقيم الدعوى وتأسيساً على ذلك فإنه يعتبر معدوماً الحكم الصادر على من لم يعلن إطلاقاً بصحيفة الدعوى ولم يحضر بأي جلسة اثناء نظر الدعوى أو على من تم إعلانه بإجراء معدوم ولم يحضر فترة تداول الدعوى كذلك يعتبر معدوماً الحكم الصادر على من توفى أو فقد أهليته قبل رفع الدعوى ، أما إذا كان من صدر عليه الحكم ناقص الأهلية فإن البطلان يكون نسبياً (أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام - بند 128 ص 325 وما بعدها، الديناصوري وعكاز - ص 885).
وفي حالة ماذا أثبت بحكم من القضاء تزوير محضر إعلان المدعى عليه الذي لم يحضر بأي جلسة فإن الحكم يكون منعدماً.
ولا يعتبر الحكم معدوماً إذا صدر على من أعلن بصحيفة إعلاناً باطلاً وإنما يعتبر باطلاً.
وإذا توفي الخصم أو فقد أهليته أثناء نظر الدعوى وصدر الحكم عليه دون أن يمثل في الخصومة من يقوم مقامه ودون أن يعلن بقيام هذه الخصومة فإن هذا الحكم بعد باطلاً ولا يعد معدوماً (أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام بند 138 ص 325 وما بعدها ).
ويلاحظ أن الإخلال بحق الدفاع بعيب الحكم إلا أن هذا العيب لا يصل به إلى درجة الإنعدام ، ومؤدى ذلك أنه لايجوز رفع دعوى أصلية بطلان الحكم لهذا السبب ، وتفريعاً على ذلك إذا أخلت المحكمة بمبدأ تمكين الخصم من إبداء دفاعه في الحالات التي يكون له الحق فيها كما إذا صرحت للمدعي بتقديم مذكرة ولم تصرح للمدعى عليه بالرد عليها ، فإن هذا البطلان لا يجرد الحكم من أركانه الأساسية ، وبالتالى فلا يجوز رفع دعوى أصلية ببطلانه.
وإذا صرحت المحكمة للمدعى بتقديم مذكرة بدفاعه ولم تصرح للمدعى عليه بالرد عليها ، إلا أن المدعي لم يقدم مذكرة فإن قرار المحكمة وإن خالف القانون إلا أنه لا يترتب عليه بطلان الحكم لأنه لم يترتب عليه أي أثر قانونی، كذلك إذا قدم المدعى المذكرة إلا أن المحكمة إستبعدتها إما لتقديمها بعد الميعاد وإما لعدم إعلان أحد الخصوم بها فإن الحكم يكون مبرءاً من العيب ، غير مشوب بالبطلان.
وقد قضت محكمة النقض بأن الخصومة لا تنعقد إلا بين أطراف أحياء وإلا كانت معدومة لا يصححها أي إجراء لاحق (نقض 26 / 3 / 1987 - طعن رقم 752 لسنة 53 قضائية) ، ولكن بالنسبة لخصومة الطعن فقد قضت محكمة النقض بأن إنعدام الخصومة في الطعن بالنسبة لمن رفع عليه بعد وفاته، لا يحول دون إمكان تصحيحها بإجراء لاحق متى كان هذا الإجراء قد تم في المواعيد المقررة للطعن .
( نقض 10/ 2/ 1994، طعن رقم 6718 لسنة 62 ق).
وقضت محكمة النقض بأن الدفع بعدم إنعقاد الخصومة بين الأطراف الواجب إختصامهم قانوناً لا يسقط بعدم إبدائه في صحيفة الإستئناف، وأنه إذا علم الخصم أثناء نظر الإستئناف بوفاة المدعى عليه قبل رفع الدعوى جاز لكل ذي مصلحة منهم الدفع بإنعدام الحكم الابتدائي.
(نقض 14/ 2/ 1979 ، طعن رقم 1017 لسنة 48 ق).
جـ - الركن الثالث: أن يكون الحكم مكتوباً شأنه شأن أی برة من اوراق المرافعات: فالحكم غير المكتوب يعتبر معدوماً، كذلك الحكم الذي لم يوقع عليه رئيس الهيئة التي أصدرته أو الذي لم يذكر فيه إطلاقاً اسم المحكوم له والمحكوم عليه (أحمد أبوالوفا - نظرية الأحكام - بند 139 ص 330).
ولكن لا يعتبر معدوماً الحكم الصادر دون مراعاة لحكم المادة 116 أو المادة 167 أو المادة 170 ، أو المادة 174، أو المادة 178/ 2 ، أو الحكم غير المسبب أو الذي لم تودع أسبابه في الميعاد المقرر قانوناً (أحمد أبو الوفا - الإشارة السابقة).
ويتضح مما تقدم أركان الحكم الثلاثة، فإذا تجرد الحكم من أحدهما كان منعدماً، ويجوز رفع دعوى أصلية بطلب إنعدامه، فرغم أن الأصل العام أنه لا يجوز بحث ما يوجه إلى الحكم من عيوب إلا بالطعن عليه بالطرق التي رسمها القانون، غير أنه إستثناء من هذه القاعدة يجوز رفع دعوى أصلية بطلب إنعدام الحكم إلا أن ذلك ناصر على الحالات التي يتجدد فيها الحكم من أركانه الأساسية، كما إذا رفعت الدعوى على ميت أو علي مجنون أو على خصم في غيبته بدون إعلانه بصحيفة الدعوى، أو إذا كان قد أعلن بها غشا في موطن وهمي بقصد التعميم عليه وإيهام المحكمة بأنه قد تم إعلانه.
ويلاحظ أن رفع دعوى مبتدأة بإنعدام الحكم، لا يترتب عليه وقف حجيته وتظل سارية. حتى يصدر حكم بإنعدامه فتزول حجيته بأثر رجعي.
كما أن القاعدة أن التنازل مقدماً أثناء نظر الدعوى - عن الطعن في الحكم الصادر فيها - عند من يقر هذا التنازل، لا يتضمن التنازل عن التمسك بإنعدام الحكم أو بطلانه، بل يجوز التمسك بهذا أو ذاك رغم التنازل، لأنه إنما ينصب على عدم التظلم من القضاء الموضوعي للمحكمة، ولأنه لا يجوز الإتفاق مقدماً على التنازل عن التمسك ببطلان الإجراءات إذ لا يؤمن معه الاعتساف (أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام - بند 143 ص 323).
وينعقد الإختصاص بنظر الدعوى الأصلية بانعدام الحكم لذات المحكمة التي أصدرته ووفق الإجراءات المعتادة لرفع الدعاوی، وذلك لأن المحكمة بإصدار حكم معدوم لا تستنفد ولايتها بالنسبة للنزاع، وبعبارة أخرى لا تنتهي مهمة المحكمة إلا بإصدار الحكم في الدعوى سواء أكان صحيحاً أم قابلاً للبطلان، إنما لا تنتهى مهمتها بأمر معدوم، وإذا كانت الخصومة معدومة، فتعد هي والحكم الصادر في حكم العدم، ومن ثم فالدعوى بطلب انعدام حکم ترفع إلى ذات المحكمة التي أصدرته بطلب سحبه وإعادة النظر في الموضوع - إن شاء ذلك صاحب المصلحة - وبشرط إستيفاء ما كان سبباً في إنعدام الحكم، وتستكمل الإجراءات من آخر إجراء صحيح تم في الخصوبة، أو تعاد الخصومة من جديد بإجراء صحيح إذا كانت الأولى معدومة (أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام - بند 145 ص 335).
ومن ناحية أخرى، فإن سلامة التنظيم القضائي تتطلب أن تفصل في الدعوى بإنعدام الحكم ذات المحكمة التي أصدرته، حتى لا تمكن محكمة من الإشراف على قضاء صادر من محكمة أعلى درجة منها، إذ قد يصدر الحكم المعدوم من محكمة الإستئناف فكيف يسمح لمحكمة إبتدائية أن تنظر في طلب إنعدامه، أو قد يصدر الحكم المعدوم من محكمة إبتدائية في إستئناف حكم صدر من محكمة جزئية، فكيف يسمح لمحكمة جزئية أن تنظر في طلب إنعدامه، وإذا كانت القاعدة أن القضاء لا يسلط على قضاء أخر إلا إذا كان الأول أعلى درجة من الثاني، فكيف السبيل إلى تبرير إقامة دعوى أمام محكمة إبتدائية بطلب إنعدام حكم صدر من محكمة الإستئناف، ومن ناحية أخرى، روح التشريع تؤيد ذلك فالمادة 134 مثلاً تنص على أن الدعوى بطلب إسقاط الخصومة ترفع إلى ذات المحكمة التي تنظر هذه الخصومة سواء أكانت هي محكمة إستئناف أم محكمة نقض .
وإذن الدعوى بإنعدام الحكم ترفع إلى ذات المحكمة التي أصدرته ووفق الإجراءات المعتادة لرفع الدعاوی. وجدير بالذكر أن المادة 147/ 2 تؤيد ذلك إذ تنص على أنه إذا صدر حكم من محكمة النقض من دائرة غير صالحة لنظر الدعوى عملاً بالمادة 146 جاز لصاحب الشأن أن يطلب منها إلغاء الحكم (لبطلانه في رأی أو لانعدامه في رای آخر)، وينظر أمام دائرة أخرى، لأن الأولى غير صالحة لنظره.
ومن ناحية نصاب إستئناف الحكم الصادر بانعدام الحكم، فإنه يعتبر حكماً فرعياً .
ومن ثم يخضع من ناحية تقدير نصاب إستئنافه لقيمة الدعوى (مادة 226):
وإنما هذه الإجراءات المتقدمة لا تتبع بالنسبة للدعوى بطلب بطلان حكم إيقاع بيع العقار على مشتريه بالمزاد (أحمد أبوالوفا- نظرية الأحكام ص 325 وص 336).
قضاء النقض مستقر على أنه لا يجوز للمحكمة أن تندب خبيراً لإبداء رأيه في مسألة قانونية أو في وصف الرابطة بين الخصوم وأنه لا يجوز للمحكمة أن ترفض طلب الخصم بندب خبير إذا كان ذلك هو وسيلته الوحيدة في الإثبات : لوحظ في العمل أن بعض القضاة يطلبون من الخبير إبداء رأيه في مسألة قانونية أو في وصف الرابطة بين الخصوم وإسباغ التكييف القانونى عليها مثال ذلك أن تقوم خصومة بين طرفين: أحدهما يدعي أن ما يربطه بالآخر هو عقد وكالة ، وبدعى الآخر أن أساس الرابطة عقد مقاولة ، ويثور النزاع على قيمة هذا العمل فتندب المحكمة خبيراً البيان ما إذا كان العمل قد أجرى على سبيل الوكالة أم على سبيل المقاولة ، وبيان قيمة العمل، فالشق الأول من الحكم خاطيء لأن الحكم بكل إلى الخبير الفصل في مسألة قانونية وهي تكييف العلاقة. وصحيح في شقه الثاني لأنه يكلف الخبير بعمل فني وهو تقدير قيمة الأعمال التي أجريت ، ومثال ذلك أيضاً أن يرفع مؤجر دعوى على مستأجر يطلب فيها إخلاءه من العين المؤجرة على سند أنه أجرها من الباطن فيدفع المستأجر الدعوى بأن العلاقة بينه وبين الشخص الآخر هي مشاركة في إستغلال وإدارة العين ولا تعد تأجيراً من الباطن فندب المحكمة خبيراً لبيان أي القولين هو الصحيح (الديناصوری وعكاز ص 888 وص 889)، ولا شك في أنه في هذه الحالة وأمثالها تكون المحكمة قد وقعت في خطأ فادح وخالفت ما إستقر عليه قضاء محكمة النقض في أن وصف الرابطة بين الخصوم وإسباغ التكييف القانوني عليها هي مسألة قانونية بحتة فلا يجوز للخبير أن يتطرق إليها ولا للمحكمة أن تنزل عنها لأنها في ولايتها وحدها ولا يجوز لها أن تستند إلي ما أورده الخبير في هذا الصدد ولا غناء عن أن تقول هي كلمتها في شأنها فإن استندت في تقرير الخبير في هذا الشأن كان حكمها مشوباً بالقصور في التسبيب (نقض 13/ 12/ 1980 ، طعن 69 لسنة 50 ق)، غير أن هذا لايمنع المحكمة من الإستعانة بأقوال الشهود الذين سمعهم الخبير ومن مناقشته لطرفي الخصومة لنستخلص من ذلك تكييف العلاقة القانونية، أو وصف الرابطة بشرط أن تنشيء لحكمها أسباباً جديدة ولا تحيل إلى تقرير الخبير في ذلك.
وإذا قضت المحكمة بوجود مانع أدبي من الحصول على دليل كتابي فيتعين عليها أن تبين ظروف الحال التي إعتمدت عليها. في تبرير عدم الحصول على دليل كتابي مثال ذلك أن يستند المدعي في إثبات دعواه إلى شهادة الشهود فيدفع المدعى عليه بعدم جواز الإثبات بالبينة لأن قيمة الدين تزيد على مائة جنيه، فيواجه المدعي هذا الدفع بأن هناك مانعاً أدبياً حال بينه وبين الحصول على دليل كتابي، فإن إستجابت المحكمة له، فإنه يتعين عليها أن تبين ظروف الحال والملابسات التي إستندت إليها في أن عدم حصول الدائن على دليل كتابي كان له ما يبرره ، وأن يكون ذلك بأسباب سائغة مقبولة، فتقدير المانع من الحصول على سند كتابي - وعلى ماجرى به قضاء محكمة النقض - من الأمور الواقعية التي يستقل بها قاضى الموضوع ، إلا أنه يتعين عليه أن يؤسس قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله.. . (نقض 19/ 12/ 1980 ، طعن رقم 919 لسنة 48 قضائية).
وإذا صدر حكم من محكمة أول درجة رغم عدم صلاحيتها لنظر الدعوى ، سواء فطنت إلى ذلك أم لم تفطن إليه وطعن على هذا الحكم بالإستئناف وقضت محكمة الطعن بتأييده لأسبابه فإن هذا الحكم يضحي بدوره باطلاً مادام أنها لم تنشئ لنفسها أسباباً مستقلة الديناصوري وعكاز - الإشارة السابقة).
كذلك لا يجوز للمحكمة أن ترفض طلب الخصوم بندب خبير إذا كان ذلك هو وسيلته الوحيدة في الإثبات ، فإذا طلب الخصوم سواء كان مدعياً أو مدعي عليه ندب خبير في الدعوى لإثبات مسألة معينة ، وكان إثبات هذه المسألة مؤثراً في الدعوى ، وكان ذلك هو وسيلته الوحيدة في الإثبات، فلا يجوز للمحكمة الإلتفات عن هذا الطلب دون أن تقسطه حقه من الرب وإلا كان حكمها مشوباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب. مثال ذلك أن يطلب الخصم ندب خبير للإطلاع على دفاتر الشركة محل النزاع وأن يصفي الحساب حالة أن الاطلاع على هذه الدفاتر لا يكفي لذلك ، بل لابد من بحث وتدقيق ومقارنة . وخصم وإضافة في الحسابات المثبتة بالدفاتر كما أن شهادة الشهود لا تكفي في هذا الشأن وإذا عن للمحكمة الإعراض عن هذا الطلب فيجب أن تبين في حكمها ذلك بأسباب سائغة تؤدي إلى إقتناعها بأدلة أخرى مقدمة في الدعوى.
(نقض 13/ 1/ 1986، طعن رقم 522 لسنة 55 قضائية).
وجوب تسبيب الحكم تسبيباً كافياً : سبق لنا عند تعليقنا على المادة 176 مرافعات فيما مضى أن أوضحنا قواعد التسبيب وعيوبه (راجع تعليقنا على المادة 176 مرافعات فيما مضى) ، وذكرنا أن من عيوب تسبيب الحكم عدم كفاية الأسباب ، ورأينا تأجيل الحديث عن هذا العيب إلى التعليق على المادة 178 التي نصت صراحة على البطلان كجزاء على القصور في أسباب الحكم الواقعية ، وسوف نتحدث الآن بالتفصيل عن ضرورة كفاية أسباب ، ثم من القصور في أسباب الحكم الواقعية كعيب مبطل له ، فيجب أن تكون أسباب الحكم كافية ، إذ لا يكفي أن يتضمن الحكم أسباباً بل يجب أن تكون هذه الأسباب كافية لحمله وإلا كانت معيبة بالقصور في التسبيب ، وهناك أمور معينة يجب توافرها لتحقيق. كفاية الأسباب (فتحی والی بند 339 ص 640 - ص 645)، وقد إستقر عليها قضاء النقض ، وهذه الأمور هي:
أولاً : يجب أن ترد الأسباب واضحة محددة :
وذلك بأن تبين المحكمة الوقائع التي يستند إليها الحكم والأدلة التي أقنعتها بثبوتها، فلا يكفي أن تقرر المحكمة ثبوت وجود الواقعة أو عدم وجودها دون أن تبين كيف ثبت لها ذلك بأدلة مما يصح قانوناً الأخذ به (نقض مدنى 29/ 6/ 1967 سنة 18 ص 1450) وذلك بإستثناء ما يرد في الحكم من تقريرات واقعية لا تعدو أن تكون من قبيل ما يحصله القاضي استقاء من علمه بالظروف العامة المعروفة لدى الجميع ، والتي لا يعتبر قضاء بالعلم الشخصي للقاضي (نقض مدنى 4/ 1/ 1990، في الطعن رقم 357 لسنة 56 ق).
وللمحكمة في سبيل هذا أن تشير إلى مستندات مقدمة إليها من الخصوم أو مبينة في مذكراتهم دون حاجة لذكر نصوصها في الحكم (نقض مدنى 26 / 1 / 1980 في الطعنين رقمي 424 و 426 لسنة 43 ق و 24/ 1/ 1979 - في الطعن رقم 1018 لسنة 48 ق ، نقض 15/ 2/ 1972 سنة 23 ص 168) ، فإذا تعذر تعيين الدليل الذي كونت منه المحكمة إقتناعها وبنت عليه قضاءها فإن الحكم يكون معيباً مما يبطله (نقض إيجارات 26/ 11/ 1984 في الطعن رقم 369 لسنة 54 ق). ولهذا إذا إستندت المحكمة إلى عدة مصادر، فيجب عليها أن تبين ماهية ما إستمدته من كل مصدر (نقض إيجارات 19/ 11/ 1984، في الطعن 846 لسنة 53 ق)، فليس للمحكمة أن تقتصر في أسبابها على الإشارة إجمالاً إلى مستندات الخصوم ومذكراتهم دون بيان مؤداها مما يتعذر معه تعيين الدليل الذي كونت منه الحكمة إقتناعها بوجهة نظرها حتى يمكن الوقوف على أن ما أثير حوله من دفاع لا يؤثر فيه ، والتحقق من أنه من الأدلة التي يصح قانوناً بناء الحكم عليها.
(نقض مدنى 11/ 5/ 1974 سنة 25 ص 854، نقض عمال 11/ 1/ 1981 ، في الطعن رقم 52 لسنة 50 ق). كما أنه لا يكفي أن ترفض المحكمة طلباً لأنه "على غير أساس أو الغير ذلك من العبارات المبهمة العامة التي تعجز معها محكمة النقض عن مراقبة تكييف الوقائع وسلامة تطبيق القانون عليها .
(نقض مدنی 5/ 1/ 1972 ، سنة 23 ص 23).
ولكن ليس معنى هذا أن الأسباب يجب أن تكون مفصلة ، فهي تكون كافية ولو أوجزت مادامت تفي بالغرض منها.
(نقض مدنى 23/ 1/ 1991 ، في الطعن 822 لسنة 59 ق ، فتنكر والی ص 640 و ص 641).
ثانياً : يجب أن تورد المحكمة أسباباً تبرر رأيها بالنسبة لكل طلب أو دفع أو دفاع جوهري مما أبدي. أمامها: (نقض مدنى 31 / 3/ 1985 ، في الطعن رقم 1981 ، لسنة 51 ق). وذلك سواء أبديت من الخصوم أو من النيابة العامة، وأياً كان نوع الطلب أو الدفع، ويلاحظ التفرقة بين الدفع والدفاع، فالحكمة ملزمة بأن تورد رداً كافياً على كل دفع من الدفوع، أما أوجه الدفاع فإنها ليست ملزمة إلا بالرد على الجوهري منها. وذلك لما للدفع من أهمية بارزة في الخصومة في حين أن أوجه الدفاع قد يغني بعضها عن بعض، كما أن الرد على إحداها قد ينطوي على معنى إطراح ما عداها.
(نقض إيجارات 26 / 11/ 1982 ، في الطعن رقم 85 لسنة 54، فتحي والي ص 643 - 645).
ولكن يجب ملاحظة أن المحكمة ليست ملزمة بإبداء رأيها وتسبيبه إلا بالنسبة لما يطرح عليها صريحاً معيناً بالطريق القانوني في صورة طلب أو دفع أو دفاع يتعلق بالدعوى المطروحة أمامها، ويكشف على وجه جازم عن المقصود به (نقض مدني 6/ 6/ 1988 ، في الطعن 1147 لسنة 54 ق). فلا يوجد قصور في التسبيب إذا أغفلت المحكمة الرد على طلب غير جائز تقديمه أمامها (نقض مدنى 25/ 2/ 1990 ، في الطعن رقم 495 لسنة 54 ق) إذا قدم طلب جديد غير مقبول لأول مرة أمام محكمة الإستئناف فلا عليها إن هي لم تعر هذا الطلب التفاتاً إذ هو ليس دفاعاً صريحاً بما تلتزم الرد عليه) أو دفاع ظاهر البطلان (نقض عمال 24/ 1/ 1983، في الطعن رقم 997 لسنة 46 ق). أو على طلب شطب العبارات الجارحة من مذكرات الخصوم (نقض مدنى 1/ 2/ 1977 ، في الطعن رقم 65 لسنة 41 ق). أو الرد على مجرد إشارة من الخصم في دفاعه إلى أن الطرفين تاجران يمسكان دفاتر تجارية، إذ لا بعد هذا طلباً بتقديم الدفاتر (نقض مدنی 20/ 5/ 1971، سنة 22 ص 969). أو الرد على مجرد عبارة بوجه حافظة المستندات المقدمة. تدل المذكرة الختامية تفيد تمسك الطاعن بدفع من الدفوع مادامت صحيفة الطعن والمذكرات الختامية قد خلت من التمسك به (نقض مدنى 15/ 12/ 1977 ، في الطعن رقم 472 لسنة 44 ق) وعلى العكس، يجب على المحكمة أن تسبب قرارها بالنسبة للطلب أياً كان ما دام قد فصلت فيه، ولذلك فإنه إذا قدم الخصم طلباً أصلياً وآخر إحتياطياً ، فإن حكمها بإجابة الطلب الإحتياطي ألا يعفيها من بحث الطلب الأصلي وإيراد الأسباب الكافية التي إعتمدت عليها في عدم إجابته (نقض مدنى 28 / 5 / 1977 ، مجلة إدارة قضايا الحكومة 97 العدد 4 - ص 177 رقم 12) . كما أن عليها أن تبدي رأيها بالنسبة للدفاع الجوهري أو الدفع المعروض عليها سواء أبدى أمامها أو تمسك الخصم به في محضر أعمال الخبير المنتدب في الدعوى (نقض مدنى 26/ 11/ 1973 ، سنة 24 ص 1142) ، كما حكم بأنه إذا قدمت مذكرة إلى محكمة الإستئناف أحال فيها الخصم إلى دفاعه في مذكرة مقدمة منه في إستئناف أخر محجوز للحكم مع الإستئناف الأول لذات الجلسة، فإن إغفال الحكم بحث ما ورد بها من دفاع بشأن التمسك بعته البائع يعتبر قصوراً في التسبيب (نقض مدني 5 / 4 / 1977 ، في الطعن رقم 36 لسنة 43 ق). وأيضاً عليها أن تبدي رأيها في الدفع الذي أبدى في مرحلة سابقة بحيث أصبح مطروحاً عليها (نقض مدنى 21 / 6 / 1989 في الطعن 2031 لسنة 57 ق و 28/ 6/ 1990 ، فی الطعن 113 لسنة 58 ق)، ولا يكفي أن تحيل محكمة الإستئناف إلى أسباب الحكم المستأنف إذا كان هذا الحكم قد أورد الدفاع في مدوناته دون أن يعرض له (نقض مدنى 8/ 12/ 1983، في الطعن رقم 597 لسنة 49 ق). ونفس الأمر بالنسبة لما يجب على المحكمة النظر إليه من تلقاء نفسها، دون دفع من الخصم.
نقض مدنی 2 / 5 / 1973 ، سنة 24 ص 703).
ويكفي أن تورد المحكمة سبباً واحداً للرد على أكثر من إدعاء ما دام هذا السبب كافياً لدحضها، أو سبباً واحداً لعدة قرارات ما دام كافياً لحملها (فتحى والى - ص 644).
ويلاحظ أنه لا تلتزم المحكمة بتعقب جميع الأقوال والمستندات والحجج التي قدمها الخصوم ومناقشتها جميعاً ، وحسبها أن تقيم حكمها على ما يصلح من الأدلة لحملة (نقض تجاري 29/ 4/ 1985 ، في الطعن رقم 116 لسنة 50 و 25 / 10/ 1984 ، في الطعن 17 لسنة 50 ق ونقض مدني 6/ 3/ 1974 ، سنة 25 ص 479 و 10/ 1/ 1974 ، سنة 35 ص 139 ، ونقض 17/ 12 / 1973، سنة 24 ص 1268 و 17/ 2/ 1973 ، سنة 24 ص 265، ونقض 21/ 11/ 1962، سنة 13 ص 1046)، إذ لو ألزمت المحكمة بذلك لفتح الباب أمام كيد الخصوم لتأخير الفصل في القضية، فضلاً عن أن في ثبوت الوقائع كما إستخلصتها المحكمة وإقتنعت بها الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها (نقض إيجارات 19/ 11/ 1984 ، في الطعن رقم 276 لسنة 54 ق، ونقض مدني 5/ 12/ 1982، في الطعن رقم 2062 لسنة 51 ق، ونقض 23/ 2/ 1972 ، سنة 23 ص 227). ويجب التفرقة بين الدفاع المنتج والدفاع غير المنتج، فإذا تعلق الأمر بدفاع منتج أي جوهري من شأنه لو صح التأثير في المنطوق بحيث يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فعلى المحكمة بحثه والرد عليه وإلا شاب حكمها قصور في التسبيب (فتحی والی ص 645، نقض مدنى 25/ 6/ 1979، فى الطعن رقم 622 لسنة 45 ق و17/ 2/ 1974، مجموعة النقض سنة 25 ص 1142 - وكان الخصم قد تمسك بصورية العقد، و 3 / 5/ 1973 ، مجموعة النقض 24 ص 19 ويتعلق بقرائن قضائية تمسك بها الخصم فلم تطلع المحكمة عليها ولم تبحثها، و 6 / 11 / 1974، مجموعة النقض سنة 25 ص 195 يتعلق بالدفع بالوقف لحين الفصل في مسألة أولية، ونقض مدنی 15/ 1/ 1989، في الطعن رقم 132 لسنة 56 ق - وكان الطاعن قد تمسك بدفاع مؤداه أن العبارات التي تتضمن قذفاً وسباً، مما يستلزمه الحق في الدفاع).
ومن ثم فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب إذا قدم الخصم مستندات من شأنها التأثير في الدعوى وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها كلها أو بعضها مع ما قد يكون لها من الدلالة نقض إيجارات (26/ 11/ 1984، في الطعن رقم 369 لسنة 54 ق)، كما يكون الحكم مشوباً بالقصور إذا لم يعرض لأقوال شهود الدعوى إيراداً ورداً ، وأغفل بحث دلالة أقوال بعض الشهود ولو عني ببحثها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى (نقض مدنى 21/ 2/ 1990، في الطعن رقم 507 لسنة 54 ق). وعلى العكس لا يعاب الحكم بقصور لعدم الرد على دفاع غير جوهري أی غير منتج (نقض مدني 5/ 12/ 1982 ، في الطعن رقم 2062 لسنة 51 ق، و 31/ 3/ 1979، في الطعن رقم 41 لسنة 45 ق، و 6/ 2/ 1973، مجموعة النقض سنة 24 ص 114- عدم التحدث عن بعض القرائن ما دامت غير قاطعة فيما أريد الإستدلال بها عليه، ونقض 17 / 2 / 1972 ، سنة 22 ص 448 - التمسك بحجية الحكم لا يعد دفاعاً جوهرياً طالما أن الحكم ليست له حجية). كما أن المحكمة غير ملتزمة . عند تسبيب حكمها - بالرد على أي دفاع ولو كان جوهرياً ما دام عارياً عن الدليل.
(نقض مدنى 12/ 12/ 1974، سنة 25 ص 1427، ونقض 6/ 1/ 1973 سنة 24 ص 40، فتحی والی - ص 645).
ثالثاً : يجب أن تكون الأدلة من شأنها أن تسوغ النتيجة التي انتهت إليها المحكمة : فلا يكفي أن تكون الأدلة التي تستند إليها المحكمة، مما يجوز الإستناد إليه قانوناً، بل يجب أن يكون إستدلال المحكمة بها مؤدياً للنتيجة التي إستخلصتها منها، وإلا كان الحكم مشوباً بالفساد فى الإستدلال. فإستخلاص نتيجة معينة من دليل ما يخضع لعملية منطقية يقوم بها القاضي مستعملاً ذكاءه، وإذا لم يقم القاضي بها، كما هو شأن القاضي المعتاد، فخالف تقديره المنطق العادية، فإن تقديره يعتبر غير سائغ (فتحى والی ص 641 وص 642)، ومن التطبيقات الفضائية في هذا الشأن أنه يوجد فساد في الإستدلال إذا كان الحكم لم يجب الخصم إلى طلب تحقيق بصمة الأصبع المنسوب إلى البائعة التوقيع بها على عقد البيع إستناداً إلى مجرد القول بأن تلك البصمة قد تعذر تحقيق صحتها بالمضاهاة لأن البصمتين اللتين أخذنا لهذا الغرض وجدتا مطموستين، فإن هذا ليس من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي إنتهى إليها في هذا الخصوص، إذ لم يثبت إستحالة الحصول على بصمات أخرى للبائعة تصلح للمضاهاة (نقض مدنى 14/ 5/ 1974، سنة 25 ص 878)، وأنه إذا ذكر المطعون عليهم في صحيفة إفتتاح الدعوى. لبيان موطنهم الأصلي أنهم «من بندر منفلوط ، واستدل الحكم على كفاية هذا البيان بسبق تسلم الخطابات المرسلة من مكتب الخبراء إلى المطعون عليهم والتي لم يوضح على مظاريفها عنوان تفصيلى، وكان تسليم هذه الخطابات لهم لا يفيد بطريق اللزوم أنها سلمت إليهم في موطنهم، ولا أن تلك البيانات كافية للتعرف على هذا الموطن ، فإن الحكم يكون مشوباً بالفساد فى الإستدلال.
(نقض مدنى 18/ 11/ 1976 ، مجلة إدارة قضايا الحكومة 1977 - عدد 4 ص 172 رقم 10).
رابعاً : يجب أن تبين المحكمة القاعدة القانونية التي طبقتها على وقائع القضية : وينبغي ملاحظة أن الفرض هو علم القاضي بالقانون، ولهذا ليس على المحكمة أن تبين كيفية ثبوت القواعد القانونية التي طبقتها ، كما أنه يكفى بیان القاعدة القانونية دون حاجة للإشارة إلى النص التشريعي الذي يتضمن القاعدة، ومن ناحية أخرى فإنه إن طبقت المحكمة القاعدة القانونية الواجبة التطبيق على وقائع القضية وإنتهت إلى نتيجة قانونية سليمة، فلا يعيب الحكم أن يقع في أسبابه خطأ في القاعدة القانونية (نقض مدنى 1 / 2 / 1976، سنة 24 ص 135 و 29 / 11 / 1966، سنة 17 ص 1250)، أو قصور في الإفصاح عن هذه القاعدة (نقض مدنى 24 / 4 / 1980 ، في الطعن رقم 385 لسنة 44 ق. و 22 / 1 / 1979 ، في الطعنين رقمي 602 و 648 لسنة 47 ق، و 27/ 12/ 1975، سنة 26 ص 1704)، أو لا يكيف الحكم الواقعة قبل تطبيق القاعدة عليها (نقض مدنى 27 / 2 / 1973 ، سنة 24 ص 42)، أو أن يعطيها تكييفاً غير صحيح فلمحكمة النقض أن تعطي الوقائع الثابتة تكييفها القانوني الصحيح ما دامت لا تعتمد فيه على ما حصلته محكمة الموضوع منها (نقض مدنى 24 / 4 / 1980، في الطعن رقم 385 لسنة 44 ق، ونقض 27 / 12 / 1970 ، مشار إليه آنفا، فتحی والی ص 642).
وينبغي ملاحظة أنه لا يعيب الحكم أن ترد فيه أسباب معينة ما دامت زائدة : والمقصود بالأسباب الزائدة تلك التي ما كان الحكم في حاجة إليها لحمل قضائه فيستقيم الحكم بدونها (نقض 27 / 11/ 1989 ، في الطعن رقم 229 لسنة 54 قضائية، نقض 17/ 2 / 1973، سنة 24 ص 255 ). فإذا طعن في الحكم لما جاء فيه من أسباب معينة ، وكانت هذه الأسباب زائدة، كان النعي غير منتج (نقض أحوال شخصية 16/ 2 / 1982، في الطعن رقم 6 لسنة 51 ق ، نقض مدنى 12/ 3 / 1975 ، سنة 26 ص 568 ، ونقض 14/ 3/ 1974، سنة 25 ص 502 ونقض 1 / 1 / 1974 ، سنة 25 ص 92 ، فتحی والی ص 647).
قصور أسباب الحكم الواقعية جزاؤه البطلان وفقاً لنص المادة 178 - محل التعليق - أما قصور أسباب الحكم القانونية فيجعله مشوباً بالخطأ فى تطبيق القانون وأهمية التفرقة بين الحكم الباطل والحكم المشوب بالخطأ في تطبيق القانون : نصت الفقرة الثانية من المادة 178 مرافعات - محل التعليق - على أن القصور في أسباب الحكم الواقعية يترتب عليه بطلان الحكم، أما قصور الأسباب القانونية فلايبطل الحكم (نقض 12 / 6 / 1973 ، سنة 24 ص 885)، وإنما يجعله مشوباً بعيب الخطأ في تطبيق القانون وهو وجه للطعن بالنقض.
فمؤدى الفقرة الثانية من المادة 178 أن القصور في أسباب الحكم القانونية لا يؤدي إلى بطلانه، وهي بهذا تخصص المادة 176، فمتى كانت أسباب الحكم الواقعية صحيحة سليمة. وكانت النتيجة التي إنتهى إليها تتمشى مع نصوص القانون، وكانت القاعدة التي أخذ بها هي التي طبقت على الوقائع الثابتة، فإن الحكم يكون صحيحاً سليماً لا مطعن عليه (حامد فهمي ومحمد حامد فهمي النقض بند رقم 199).
والقصور في أسباب الحكم الواقعية يؤدى إلى بطلانه، كما إذا أغفلت المحكمة وقائع هامة، أو مسختها، أو أغفلت الرد على دفاع جوهري، أو مستند هام لم يختلف الخصوم على دلالته وحجيته، أو رفضت إثبات واقعة جوهرية في الدعوى، أو لم تدون طریق ثبوت الأدلة، أو إستخلصت غير ما تكشفه تلك الأدلة دون أن تعمل منطقاً سليماً في هذا الصدد (أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام ص 307)، أو لم تورد الرد الواقعي الكافي على دفوع الخصوم.
(نقض 2 / 2 / 1987 ، الطعن رقم 1124 سنة 50 ق، ونقض 9 / 2 / 1980 السنة 31 ص 455).
وإذا كانت أسباب الحكم الواقعية سليمة صحيحة، وكانت النتيجة التي انتهى إليها صحيحة قانوناً ومتمشياً مع الثابت من وقائع الدعوى، فإن الحكم بعد صحيحاً ولو لم تذكر فيه القاعدة القانونية التي طبقت بصدده ولا يعيب الحكم - في الصورة المتقدمة - قصور أسبابه القانونية، كما إذا ذكرت أخطاء قانونية في الأسباب، أو تناقض بعض الأسباب القانونية مع البعض الآخر متى بني على أسباب صحيحة كافية، لأن المقصود بالخطأ في القانون کسب للطعن بالنقض هو ذلك الخطأ الذي يشرب منطوق الحكم دون أسبابه وبعبارة أخرى، هو الخطأ الذي يبني الحكم عليه، وهو في هذه الحالة وحدها يكون سبباً من أسباب الطعن بالنقض (حامد ومحمد حامد فهمي بند رقم 199)، كما أن الطعن في الحكم لا يجدي إذ لا مصلحة المحكوم عليه في تمسكه بالخطأ القانوني الثابت في الأسباب لأن تصحيحها لا يغير من وجه الدعوى لا يؤثر فيما قضت به المحكمة، ولا تمسه تلك الأسباب الخاطئة بأي ضرر يبرر بطلان الحكم.
وعلى العكس، إذا وردت في أسباب الحكم تقديرات المبادئ قانونية سليمة صحيحة، فإنها لا تؤثر في تصحيح المنطوق، إذا كان قد صدر مخالفاً للقانون، ولم يين عليها التقديرات الصحيحة (أحمد أبو الوفا ۔ نظرية الأحكام ص 308).
وإذا كانت أسباب الحكم الواقعية سليمة صحيحة، وكانت النتيجة التي إنتهى إليها تخالف القانون وغير متمشية معه، فإنه يكون مشوباً بخطأ في تطبيق القانون، ولا يكون باطلاً، سواء ذكرت أسباب قانونية خاطئة. أو لم تذكر أسباب قانونية على وجه الإطلاق، وذلك لأن المادة 178 / 2 مقتضاها حتماً أن القصور في أسباب الحكم القانونية. لا يرتب بطلانه نقض 16 / 6 / 1955 ، سنة 6 عدد 3 ص 1266، ونقض 25/ 5/ 1950 سنة 1 ص 534، و نقض 3 / 4 / 1952، سنة 3 ص 862) - إلا فالقول بغير هذا يؤدي إلى إعتبار جميع الأحكام المشوبة بخطأ في تطبيق القانون باطلة في ذات الوقت، وهذه نتيجة غير مستساغة وتؤدي إلى إجازة إستئناف جميع الأحكام الإنتهائية المشوبة بخطأ في تطبيق القانون بصفة إستثنائية، وعملاً بالمادة 221 بمقولة أنها باطلة. وإذا كان هناك قصور في أسباب الحكم الواقعية، وفي أسبابه القانونية أيضاً، فإن الحكم يكون باطلاً، ويكون مشوباً بخطأ في تطبيق القانون، إذا أمكن إدراك هذا الخطأ، وقيل في هذا الصدد، أن الطعن بالنقض في الحكم على أساس قانوني، إذ كان لا يقوم في الواقع على مخالفة معينة منضبطة يمكن إدراك وقوعها والعلم بها من الحكم نفسه وبناء النقض علي أساسها، بل يقوم على إحتمال وقوعها وعجز محكمة النقض عن ضبطها (نتيجة قصور في أسباب الحكم الواقعية) والقول بوقوعها على جهة اليقين، فهذا الطعن، وهذا هو جوهره، لا يمكن إدراجه تحت حالة الطعن بمخالفة القانون، بل الإشكال به إدخاله تحت حالة الطعن ببطلان الحكم لعدم إشتماله على الأسباب الكافية التي يكون قد بني عليها (حامد فهمي ومحمد حامد فهمى رقم 199). وإذن إذا عجزت محكمة النقض عن التقرير بنفي ما إدعي به مخالفة القانون أو الخطأ في تطبييقه أو في تاویله، فإن الحكم يكون باطلاً لقصور أسبابه الواقعية (أحمد أبوالوفا ۔ نظرية الأحكام بند 129 ص 309).
وهناك أهمية للتفرقة بين الحكم الباطل والحكم المشوب بخطأ في تطبيق القانون، فخلو الحكم من الأسباب و ولاشك عيب شكلى يؤدى إلى بطلانه عملاً بالمادة 176 (نقض 12 / 1 / 1984 ، الطعن رقم 223 لسنة 50 ق)، وكذلك الحال إذا كان التسبيب مشوهاً أو غامضاً أو ناقصاً أو مبهماً أو متهاتراً أو خاطئاً على التفصيل المتقدم، أما الخطأ في تطبيق القانون فهو عيب في صميم موضوع الحكم.
والحكم الذي يخالف قواعد الإختصاص - أياً كان نوعه - يعتبر مشوباً بخطأ في تطبيق القانون، وإنما لا يعتبر باطلاً.
(نقض 26/ 5/ 1980 - طعن رقم 390 لسنة 36 ق).
وتبدو أهمية التفرقة بين بطلان الحكم وخطئه في تطبيق القانون من ناحية طرق الطعن الجائزة بالنسبة إلى كل منهما، فالمادة 221 نجيز - على سبيل الإستثناء - إستئناف الأحكام الإنتهائية الصادرة من محاكم الدرجة الأولى إذا كانت باطلة أو مبنية على إجراء باطل، ولم تجزه إذا بني الحكم على مخالفة أخرى للقانون. والمادة 250 تجيز للنائب العام أن يطعن بطريق النقض لمصلحة القانون في الأحكام الإنتهائية - أياً كانت المحكمة التي أصدرتها، إذا كان الحكم مبنياً على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو تاويله، ولم تجزه لمجرد صدور هذه الأحكام باطلة أو مبنية على إجراءات باطلة.
دراسة تفصيلية
لقصور أسباب الحكم الواقعية
كعیب مبطل له وموجه للطعن فيه بالنقض
فضلاً عن إعتبار عدم كفاية أسباب الحكم الواقعية عيباً مبطلاً له وفقاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة 178 مرافعات، فإنه يعتبر أيضاً وجهاً للطعن بالنقض في الحكم (راجع تفصيلات ذلك : مؤلفنا أوجه الطعن بالنقض المتصلة بواقع الدعوى دار النهضة العربية - بند 31 وما بعده ص 121 وما بعدها).
فقد إستقر قضاء محكمة النقض الفرنسية ومحكمة النقض المصرية على إعتبار عدم كفاية الأسباب الواقعية، أي إنعدام الأساس القانوني للحكم وجها للطعن بالنقض ( انظر العديد من أحكام النقض الفرنسية والمصرية في مؤلفنا أوجه الطعن بالنقض، هامش ص 121 - 125 ونذكر منها على سبيل المثال :
(نقض 10 / 6 / 1969 سنة 20 ص 903 ، نقض 19/ 12/ 1957 - سنة 8 ص 921، نقض 14/ 6 / 1973 سنة 24 ص 919، نقض 8 / 2 / 1979 سنة 30 ص 511).
والأسباب الواقعية هي الأسباب التي تبرر الواقع الذي إستخلصه القاضي ، بينما الأسباب القانونية هي الأسباب التي تبرر إرساء القاعدة القانونية التي إختارها بصدد هذا الواقع.
فتتمثل الأسباب الواقعية في الوقائع ووسائل الدفاع والأدلة التي يستند إليها الحكم في تقرير وجود أو عدم وجود الواقعة أو الوقائع الأساسية التي تعد عنصراً يلزم وجوده ويطبق عليه القانون تطبيقاً سليماً.
وتكون هذه الأسباب كافية إذا أوضحت أن الوقائع اللازمة التطبيق القاعدة القانونية قد توافرت في الدعوى ، وهي تكون غير كافية إذا لم يتضح منها ذلك لقصورها عن إيراد العناصر الواقعية الكافية التبرير القاعدة القانونية التي طبقها القاضي، وهذا القصور في الأسباب الواقعية يترتب عليه بطلان الحكم، وهو ما قرره المشرع المصري في المادة 178 / 3 مرافعات.
والقصور في أسباب الحكم الواقعية هو الذي يؤدي إلى بطلانه وفقاً للمادة 178 / 3 مرافعات، وهو الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القاضي للقانون على وقائع الدعوى تطبيقاً صحيحاً ، ولذا فهي تنقض الحكم لعدم كفاية أسبابه الواقعية، أما القصور في أسباب الحكم القانونية، فإنه لا يعجز محكمة النقض عن ممارسة دورها في رقابة قاضي الموضوع (فرانسر ریجو - طبيعة رقابة محكمة النقض - بند 99 - 10 ص 160 - 163، مارتي - التمييز بين الواقع والقانون بند 139 ص 282 ، حامد، ومحمد حامد فهمي بند 199 ص 458، مؤلفنا أوجه الطعن بالنقض ص 124 وما بعدها). ولا يؤدي إلى بطلان الحكم إذا كان وافی الأسباب الواقعية صحيح النتيجة قانوناً ، ولمحكمة النقض أن تستكمل أسباب الحكم القانونية (نقض 12/ 6/ 1973 ، السنة 24 ص 880 ، ونقض 18/ 4/ 1977 ، السنة 28 ص 974، ونقض 27/ 12/ 1975 ، السنة 26 ص 1704، ونقض 4 / 4 / 1979، السنة 30 ص 16، ونقض 7/ 4/ 1975 ، السنة 26 ص 755، ونقض 13 / 3 / 1977 ، السنة 28 ص 633). بل إن لها أن تصحح الأسباب القانونية الخاطئة ولا تنقض الحكم إذا ما كان سليماً في نتيجة (نقض 27/ 3/ 1969 ، السنة 20 ص 486 نقض 30 / 12 / 1976، السنة 27 ص 1857، ونقض 1 / 1 / 1977 ، السنة 28 ص 143، ونقض 22 / 1 / 1979 ، السنة 30 ص 323).
فقصور الأسباب الواقعية للحكم عن إيراد وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها ووجوه نزاع الأخصام وطلباتهم، الإيراد الوافي يعوق محكمة النقض عن أداء مهمتها في رقابة صحة تطبيق القانون، فهذا القصور يعجزها عن معرفة ما إذا كانت القاعدة القانونية التي طبقت في الدعوى هي التي تنطبق عليها أولاً ، بينما قصور الحكم عن إيراد الأسباب القانونية اللازمة الكافية، أو الخطأ في بعض هذه الأسباب، ليس بمعجزها عن أداء دورها، ومتى رأت أن الحكم صحيح النتيجة قانوناً، وأن القاعدة التي أخذ بها هي التي تطبق على الوقائع الثابتة، فإنها تستكمل الأسباب القانونية اللازمة وتستدرك ما وجدته في بعض الأسباب من الأخطاء القانونية، (حامد فهمي و محمد حامد فهمي - النقض في المواد المدنية - بند 199 ص 458).
والقصور في الأسباب القانونية الذي لا يطل الحكم له عدة صور (عزمى عبد الفتاح - تسبيب الأحكام - ص 392 وما بعدها). فقد يرجع إلى تطبيق نص قانوني غير النص واجب التطبيق (نقض 27/ 3/ 1977، السنة 28 ص 786، ونقض 18/ 1/ 1978، سنة 29 ص 240)، أو عدم ذكر النص القانوني الذي طبقه الحكم، أو عدم تكييف الواقعة، قبل تطبيق النص عليها أو إعطائها وصفاً قانونياً غير صحيح، ففي هذه الصور لا يؤدي قصور الأسباب القانونية إلى بطلان الحكم ما دامت نتيجته صحيحة.
وينتج عيب عدم كفاية الأسباب الواقعية للحكم من العرض غير الكامل للوقائع، بحيث لا تستطيع محكمة النقض أداء دورها في مراقبة صحة تطبيق القانون على وقائع الدعوى وهكذا أطرد قضاء محكمة النقض على أن عيب القصور في أسباب الحكم الواقعية أو إنعدام الأساس القانوني يتوافر كلما كانت الأسباب لا تسمح لمحكمة النقض بممارسة رقابتها على الحكم المطعون من حيث صحة تطبيق القانون على وقائع الدعوى (انظر على سبيل المثال: نقض 24/ 11/ 1949 ، في الطعن رقم 61 - منشور في مجموعة عمر - 37 نقض 4 3 / 1965 - سنة 16 ص 285 ، نقض 26/ 4/ 1962 - سنة 14 ص 638).
وقد درج الفقه والقضاء الفرنسيان على إستعمال إصطلاح إنعدام الأساس القانوني للحكم كمرادف لإصطلاح عدم كفاية الأسباب الواقعية، ويرجع ذلك إلى أن أساس الحكم يجب أن يدل عليه تقريب أو مقارنة الوقائع التي أثبتها بالنص القانوني الذي طبقه، فإذا لم تسمح أسباب الحكم بإجراء هذه المقارنة لقصورها عن بيان العناصر الواقعية الضرورية لتبرير النص الذي طبقه، فإن الحكم ينعدم أساسه القانوني، إذ لا ينتج هذا العيب إلا من العرض غير الكامل لوقائع الدعوى كما أسلفنا. (راجع: مؤلفنا أوجه الطعن بالنقض والمراجع المشار إليها فيه).
فمحكمة النقض وهي في سبيل التحقق من تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً ، تقبس ما أثبته الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى بما يكون قد أخذ به فيها من القواعد القانونية، فإن اتضح لها من هذا القياس أن بالحكم مخالفة ظاهرة للقانون أو خطأ في تطبيقه نقضت الحكم على أساس ظهور هذه المخالفة، بينما إذا ظهر أن أسباب الحكم لا تسمح لها بإجراء هذا القياس لقصورها عن إيراد العناصر الواقعية اللازمة لتبرير ما طبقه الحكم من القواعد القانونية، فإنها تنقضه لعدم ظهور ما قام عليه الحكم من أساس قانوني يجب أن يقام عليه إقامة صحيحة.
ويجب على الطاعن بالنقض إذا نبي على الحكم قصوره في الأسباب الواقعية أن يبين في الطعن المقدم منه مواطن القصور ، فهذا شرط شكلي لصحة الطعن على الحكم بالقصور، وقد استقر قضاء النقض على ذلك (انظر: على سبيل المثال: نقض 17 / 2 / 1970 - مجموعة أحكام النقض - السنة 21 ص 1263، ونقض 27 / 6 / 1977 - مجموعة أحكام النقض - السنة 28 ص 1519، ونقض 5 / 11 / 1974 - مجموعة أحكام النقض - السنة 25 ص 1190 ، ونقض 16/ 1/ 1977- مجموعة أحكام النقض - السنة 28 ص 244، ونقض 7 / 4 / 1977 - مجموعة أحكام النقض - السنة 28 ص 955).
ولذلك ينبغي على الطاعن بالنقض أن يميز بين عيب عدم كفاية أسباب الحكم الواقعية وبين ما قد يختلط به من عيوب أخرى قد تشوب الحكم، فيجب عليه التمييز بين عيب عدم كفاية أسباب الحكم الواقعية وبين إنعدام الأسباب، وبين هذا العيب وعيب مخالفة القانون بالمعنى الضيق، وبينه وبين مسخ أو تحريف الواقع، وأيضاً أن يفرق بينه وبين زوال الأساس القانوني للحكم، كما يجب على الطاعن أن يعرف أيضاً حالات أو صور عدم كفاية الأسباب الواقعية، وهذا ما سوف نوضحه بشيء من التفصيل فيما يلي:
أولاً : تمييز عيب عدم كفاية الأسباب الواقعية. عما قد يختلط به . من عيون الحكم الأخرى:
فينبغي التمييز بين عبب عدم كفاية الأسباب الواقعية وبين عيب إنعدام الأسباب، فكل منهما يعتبر وجهاً مستقلاً متميزاً من أوجه الطعن بالنقض، فعدم كفاية الأسباب الواقعية يعتبر عيباً موضوعياً فهو عيب في صميم موضوع الحكم، ومن ثم لا يمكن بحثه إلا إذا كان الحكم صحيحاً من حيث الشكل، بينما إنعدام الأسباب عيب في الشكل، فإذا ما إنعدمت الأسباب فإن الحكم بفقد مقوماته ولا مجال لبحثه من الناحية الموضوعية، ولذا فإنه إذا شاب الحكم عیب إنعدام الأسباب، سواء كان هذا الإنعدام كلياً أو جزئياً ، فإنه لا يمكن بحث عيب عدم الكفاية، لأن الحكم في هذه الحالة لا يعتبر صحيحاً من الناحية الشكلية، ولذلك لا مجال لبحثه من الناحية الموضوعية.
وتظهر أهمية التمييز بين عيب عدم كفاية الأسباب الواقعية وعيب انعدام الأسباب بالنسبة لسلطة محكمة النقض عند نظر الطعن (جاك بوريه - النقض في المواد المدنية - بند 2241، أرنست فای - بند 120 ص 134 - 135، أحمد صاوي - نطاق رقابة محكمة النقض - بند 100 ص 163، حامد فهمي ومحمد حامد فهمي - بند 197 ، ص 453 - 454. مؤلفنا: أوجه الطعن بالنقض ص 137 وما بعدها)، فعند الطعن في الحكم لإنعدام الأسباب تنحصر سلطة محكمة النقض في بيان أن الحكم ليس مسبباً كلياً ، أو أنه ليس مسببا في جزء منه دون أن تبدي رأيها في قيمته القانونية، بينما عند الطعن في الحكم لإنعدام الأساس القانوني أي لعدم كفاية أسبابه الواقعية، فإن محكمة النقض تبحث القيمة القانونية للحكم مبينة أوجه القصور، فنشاط محكمة النقض بالنسبة لكل عيب يختلف عن الآخر، فنظراً لكون خلو الحكم من الأسباب هو عيب في شكل الحكم، بينما عدم قيام الحكم على أساس قانونی هو عيب في صميم موضوع الحكم، فإن محكمة النقض متى رأت. نقض الحكم المطعون فيه لخلوه من الأسباب ينبغي أن تبين في حكمها. ما الذي قصر قاضی الموضوع في الإجابة عنه بأسباب خاصة من طلبات الخصوم ووجوة دفاعهم، وأن تقتصر على هذا البيان بغير أن تبدي رايها القانوني، فيما كان ينبغي أن يجاب به على هذا الطلب أو هذا الوجه من الدفاع الذي سكن الحكم عنه، بينما إذا رأت محكمة النقض نقض الحكم على تقدير أنه لم يقم على أساس قانوني، فإنه ينبغي لها أن تتعرض للمساءلة القانونية التي قام عليها الحكم فتذكر ما الذي نقض الحكم من البيانات الضرورية المتعلقة بالشروط والأركان اللازمة قانوناً لتبرير وجهة الحكم في تطبيق . القانون، وأن تعتمد في حكمها على النص القانوني الذي لم يستطع الحكم تبرير تطبيقه في الدعوى.
كما ينبغي التمييز بين عيب عدم كفاية أسباب الحكم الواقعية وبين مخالفته للقانون بالمعنى الضيق (راجع: جاك بورية - بند 2225 أرنست فای - بند 121 ص 139 ، أحمد صاوي - نطاق رقابة محكمة النقض - بند 106 ص 172 - 173، عزمى عبد الفتاح - تسبيب الأحكام - ص 382 - 383، مؤلفنا أوجه الطعن بالنقض ص 138 وما بعدها)، فرغم أن عيب عدم كفاية أسباب الحكم الواقعية أي إنعدام أساسه القانوني يمثل . مخالفة للقانون بالمعنى الواسع، لأن كل أوجه الطعن بالنقض تعتبر صوراً المخالفة القانون بالمعنى الواسع إلا أنه يتعين التمييز بين الطعن في الحكم بالنقض لإنعدام أساسه القانوني وبين الطعن فيه لمخالفته للقانون بمعناه الضيق، فالطعن في الحكم بالنقض لإنعدام أساسه القانوني يفترض عدم كفاية أسبابه الواقعية بينما يفترض الطعن بالنقض المبني على أساس مخالفة القانون بالمعنى الضيق أن الحكم توافرت أسبابه الواقعية إلا أن القاضي أخطأ في تطبيق القانون على الواقع أو أخطأ في تفسيره.
ورغم أن عيب عدم كفاية الأسباب الواقعية نشبة عيب مخالفة الحكم للقانون بالمعنى الضيق، في أن كل عيب منهما يعتبر عيباً موضوعياً في الحكم لاشكليا فيه، إلا أن عيب مخالفة القانون يتعلق بمنطوق الحكم، بينما عيب عدم كفاية الأسباب الواقعية يتعلق بأسباب الحكم الواقعية دون أسبابه القانونية التي يمكن إستبدالها بأسباب صحيحة (انظر مؤلفنا : أوجه الطعن بالنقض - بند 40 ص 138 وما بعده، والمراجع العديدة المشار إليها فيه).
كذلك ينبغي التمييز بين عيب عدم كفاية أسباب الحكم الواقعية وبين مسخ أو تحريف القاضى للواقع، وقد سبق أن أوضحنا أن المسخ أو التحريف بعني عدول القاضي وميله عن المعنى الواضح والمحدد العبارات المحرر إلى معنى لا تفيده ينتج آثاراً قانونية مختلفة وذلك نتيجة لتفسيره له رغم أن عباراته واضحة ومحددة المعنى لا تحتاج إلى تفسير، فالمسخ أو التحريف يفترض وجود تقديرات معينة تتعلق بالوقائع الثابتة بالمحرر، بينما عدم كفاية الأسباب الواقعية يفترض عدم وجود واقعية كافية أو غير محددة فعيب عدم كفاية الأسباب الواقعية يفترض عرضاً غير كامل لوقائع الدعوى على نحو ما أوضحنا فيما تقدم، ولذلك لا يوجد تشابه بين رقابة محكمة النقض على المسخ والتحريف وبين رقابتها لعدم كفاية الأسباب الواقعية، إذ تنصب الرقابة على المسخ والتحريف على نوعية التسبيب، بينما تنصب الرقابة على مدى كفاية الأسباب الواقعية على كمية الأسباب ولايصح الخلط بين الرقابة على الكيف وبين الرقابة على الكم، وهكذا فإن وجه الطعن بالنقض لحدوث مسخ أو تحريف له طبيعته الخاصة التي تتميز عن طبيعة وجه الطعن بالنقض لعدم كفاية الأسباب الواقعية، ولكل من الوجهين إستقلاله عن الآخر (مؤلفنا : أوجه الطعن بالنقض - بند 41 ص 140 والمراجع المشار إليها فيه) .
كما ينبغي التفرقة بين عيب عدم كفاية الأسباب الواقعية أي إنعدام الأساس القانوني للحكم، وبين زوال الأساس القانوني للحكم، إذ يفترض زوال الأساس القانوني للحكم أن الحكم لحظة صدوره کان صحيحاً من حيث ما تضمنه من إثباتات واقعية أي كان متوافر الأساس القانوني وكان صحيحاً أيضاً من حيث ما إرتكز عليه من أسباب قانونية، ثم زال اساسه القانوني بعد ذلك نتيجة لحدوث واقعة لاحقة لصدوره ، ومثال ذلك إذا ما حكم بتزوير مستند بني عليه الحكم، أو إذا صدر قانون جديد بإلغاء النص الذي بني عليه الحكم وذلك باثر رجعي، كذلك بفقد الحكم أساسه القانوني نتيجة لإلغاء الحكم القضائي الذي بني عليه، فنقض حكم يستتبع بقوة القانون نقض كافة الأحكام التالية له والمبنية عليه والتي تعبر بنقض الحكم ملغاة، كذلك الأحكام التي ترتبط بالحكم الملغي برابطة غير قابلة للإنفصام.
وإذا كان زوال الأساس القانوني للحكم يفترض صحة الحكم عند صدوره وكفاية أسبابه الواقعية عندئذ، فإن إنعدام الأساس القانوني يفترض عدم كفاية الأسباب الواقعية عند صدور الحكم، ولذلك فإن كلا منهما يعتبر وجهاً مستقلاً من أوجه الطعن بالنقض .
ثانياً : حالات عدم كفاية الأسباب الواقعية :
أوضحنا فيما تقدم أن عيب عدم كتابة أسباب الحكم الواقعية ينتج من العرض غير الكامل لوقائع الدعوى، بحيث لاتمكن محكمة النقض من أداء دورها في رقابة صحة تطبيق قاضي الدعوى القانون على وقائعها نتيجة لهذا العرض غير الكامل للوقائع، ومضت الإشارة أيضاً إلى تطبيقات عديدة لمحكمة النقض بشأن هذا العيب الذي قد يشوب الحكم، وهي تطبيقات متنوعة، وقد حاول البعض في الفقة الفرنسي إجراء تقسيم منطقي لصور أو حالات عدم كفاية أسباب الحكم الواقعية (أرنست فای : محكمة النقض - بند 121 من ص 135 إلى ص 139).
وباستقرائه لأحكام النقض رد صور إنعدام الأساس القانوني للحكم أي عدم كفاية أسبابه الواقعية إلى خمس مجموعات متجانسة، وهذه المجموعات الخمس هی :
المجموعة الأولى: وهي تشمل الحالات التي تعرض فيها القاضي الأسباب عرضاً معقداً متداخلاً بحيث لا تسمح بمعرفة ما إذا كان القاضي قد فصل في الواقع أم في القانون، ففي هذه الحالات يدمج قاضي الموضوع حاصل فهم الواقع في الدعوى بحاصل فهم حكم القانون في هذا الواقع، ومن ثم لا تدرى محكمة النقض مع هذا الإدماج هل حكم القاضي في الدعوى على حاصل فهم الواقع فيها أم على أساس تطبيق القانون على هذا الواقع؟، ومثال ذلك أن يلصق القاضي صفة التاجر بشخص معين ويقف عند ذلك دون بيان الأساس الذي تتولد منه هذه الصفة، فلا يبين القاضي لم كان هذا الشخص تاجراً ، وما إستخلص کونه تاجراً ، ومثال ذلك أيضاً ترتيب المسئولية على شخص وإلزامه بالتعويض دون بيان أساس مساءلته ووجه إهماله أو تقصيره، ومن أمثلة ذلك أيضاً قول المحكمة أن العلاقة بين الخصمين هي بيع لا إجارة دون بيان موجب ذلك، أو الحكم بسقوط الدين بالتقادم من المدين وعدم سقوطه عن الضامن دون توضيح سبب هذه التفرقة بين المدين وضامنه ومبررات سقوط الدين بالتقادم أو عدم سقوطه.
المجموعة الثانية : وتشمل الحالات التي ترد فيها الأسباب بعبارات في ذروة الإبهام والتعميم بحيث لا تسمح لمحكمة النقض بممارسة مهمتها في الرقابة على الحكم (نقض مدنى 10/ 3/ 1932- منشور في ملحق مجلة القانون والإنتماء - السنة 5 بند 9 ، ونقض 2/ 5/ 1963 - سنة 14 - ص 368، وأيضاً نقض مدنى 14/ 3/ 1965 السنة 16 ص 285، و نقض مدنى 30/ 3/ 1975 - السنة 26 ص 702 ، ونقض مدني 4/ 3/ 1976 . السنة 27 - ص 574). ومن أمثلة ذلك أن يكتفي الحكم الصادر بإلزام المستأنف بالتعويض الذي طلب المستأنف عليه إلزامه به عن إجراءات الكيدية، القول بان المستانف كان متهوراً في إستثنانه أو أن إستئنافه كان إجراءً کردیاً ، دون أن يبين أسس ذلك.
المجموعة الثالثة: وهي تشمل الحالات التي لا تفسر فيها الأسباب شرطاً لتبرير السمة القانونية التي أضافها القاضي على الوقائع والنتائج التي إستخلصها منها، ففي هذه الحالات يأخذ الحكم في إعتباره بعض الوقائع دون بيان الشرط الضروري اللازم الذي يتطلبه القانون عند تكييف الوقائع التطبيق حكم القانون عليها، أی أن أسباب الحكم فيها تكون قد عنيت بذكر بعض العناصر الواقية وسكتت عن إيراد مانزل منها منزلة الشرط اللازم لتبرير التكييف القانوني الذي أعطى لوقائع النزاع، ومن أمثلة ذلك أن يصدر الحكم بمسئولية شخص عن حادث وتعويض خصمه نتيجة الثبوت حصول الخطأ وحصول الضرر ولكنه لا يبحث ولا يتحدث عن علاقة السببية بين الخطأ والضرر، ومن أمثلة ذلك أيضاً أن يقرر الحكم أن أمراً ما ثابت من دفاتر التاجر ويحتج عليه بها دون أن يبين أولاً أن الذي يزاد محاجته بهذه الدفاتر مستوف لشروط التاجر، ومن ذلك أيضاً أن يذكر الحكم المطعون فيه أن الثابت من ظروف الدعوى أن هناك بيعاً تم الإتفاق فيه على المبيع، ثم يسكت الحكم عن ذكر تمام الإتفاق على الثمن.
المجموعة الرابعة: وهي تشمل الحالات التي تكون فيها أسباب الحكم قاصرة عن بيان واقعة ما البيان الكافي لتحديدها وتمكين محكمة النقض من إجراء الرقابة على ما طبقه الحكم عليها من القواعد القانونية، ومثال ذلك أن يقرر الحكم أن المزارع الذي إشترى بعض المحاصيل من السوق وباعها مع محاصيله لا يمكن إعتبار بيعه لهذه المحصولات جميعها عملاً تجارياً ، دون أن يبين هذا الحكم الباعث الذي دفع هذا المزارع على شراء ما إشتراه من السوق ولا أن كمية ما إشتراه كانت لا تذكر بجانب ما نتج له من زراعته.
كما تشمل هذه المجموعة أيضاً الحالات التي تكون فيها أسباب الحكم قد سكتت عن الإجابة على زعم موضوعي هام إذا صح تغير له وجه الرأي في الدعوى، ومثال ذلك أن يقرر الحكم نفي الحادث القهري المدعى به سبباً لتبرير تأخير إرسال البضاعة دون أن يبين الظروف التي إستند إليها في إثبات عدم قيام الحادث القهري.
المجموعة الخامسة: وهي تضم الحالات التي يقوم فيها الحكم على سبب عقیم غیر منتج ويبقى المسالة الأصلية التي هي جوهر النزاع في الدعوى معلقة بغير حل، ويحدث ذلك إما نتيجة لأن القاضی أساء فهم هذه المسالة فأجاب عليها بما لا يناسبها وينصب عليها، أو نتيجة لأنه قدر خطأ أن حلها أصبح عديم الفائدة في الدعوى بعد أن قام بحل نقطة أخرى رأی أنها هي الأولى يجعلها مناط الحكم، وبعبارة أخرى فإن ذلك يحدث إما نتيجة لعدم فهم القاضي لجوهر النزاع المطروح عليه وإما نتيجة تقديره الخاطيء أن بحث إحدى نقاط النزاع ليس بحثاً منتجاً مكتفياً بالحل الذي إنتهى إليه في نقطة أخرى، ومن تطبيقات محكمة النقض المصرية لهذه الحالات : نقض مدنى 14/ 5/ 1936 في الطعن رقم 99 ، لسنة 5 ق، ونقض 24/ 4/ 1969 سنة 20 ص 676، نقض 12/ 5/ 1976 سنة 27 ص 1087)، ومن أمثلة هذه الحالات أن يقرر الحكم الصادر برفض الدعوى التي رفعها الراسي عليه المزاد طالباً بها إبطال عقد إجارة عقده المدين أثناء إجراءات البيع الجبري، أن المدعي الراسي عليه المزاد كان بعلم بهذه الإجارة، مع أن دعوى البطلان المرفوعة كانت مبينة على أن الإجارة صورية، ولا يهم في قبول هذه الدعوى أن يكون مدعیها عالماً بحصول الإجارة أو غير عالم، ومن ذلك أيضاً أن يقول القاضي وهو في صدد حل النزاع القائم بين طرفي الخصومة على صحة عقد متنازع فيه بينهما، أن لا فائدة من بحث صحة هذا العقد الإمكان إعتبار الدعوى من قبيل دعاوى الإثراء بلا سبب، بغیر ان بيين في حكمه ما بيرر هذا النظر قانوناً (مؤلفنا: أوجه الطعن بالنقض بند 44 وما بعدة ص 146 وما بعده والمراجع والأحكام العديدة المشار إليها فيه).
وإذا أمعن الجزء النظر فني جت منه الحالات التي ضمنها المجموعات الخمس سالفة الذكر، وتأملها جيداً، فإنه يجدها تدور حول فكرة واحدة وهي أن الفوز بسبب عدم كتابة الأسباب يتحقق كلما كانت الأسباب الواقعية التي ذكرها القاضي لا تسمع لمحكمة النقض بالتحقق من أن القانون قد طبق تطبيقاً صحيحاً، فالمعنى الجامع فيها هو قصر الحكم عن إيراد ما ثبت من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها إيراداً وافياً يمكن محكمة النقض من التحقق من أن القانون قد طبق تطبيقاً صحيحاً ، وينبغي ملاحظة أن محكمة النقض تتمتع بسلطة واسعة في تقدير عدم كفاية الأسباب، ولذلك فإن الحالات سالفة الذكر الواردة بهذا التقسيم الفقهي ليست على سبيل الحصر .(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء : الثالث ، الصفحة : 850)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثالث والثلاثون ، الصفحة / 333
سِجِلُّ الْحُكْمِ:
- إِذَا انْتَهَى الْقَاضِي مِنْ نَظَرِ الدَّعْوَى وَأَصْدَرَ حُكْمَهُ، فَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ حُكْمَهُ فِي سِجِلٍّ مِنْ نُسْخَتَيْنِ يُبَيِّنُ فِيهِ مَا وَقَعَ بَيْنَ ذِي الْحَقِّ وَخَصْمِهِ، وَمُسْتَنَدَ الدَّعْوَى مِنَ الأَْدِلَّةِ وَمَا حَكَمَ بِهِ الْقَاضِي فِيهَا، وَتُسَلَّمُ إِحْدَى النُّسَخِ لِلْمَحْكُومِ لَهُ وَالأْخْرَى تُحْفَظُ بِدِيوَانِ الْحُكْمِ مَخْتُومَةً مَكْتُوبًا عَلَيْهَا اسْمُ كُلٍّ مِنَ الْخَصْمَيْنِ، وَذَلِكَ دُونَ طَلَبٍ فَإِنْ طَلَبَ الْخَصْمُ أَنْ يُسَجَّلَ لَهُ الْحُكْمُ، فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي إِجَابَتُهُ وَتَفْصِيلُ أَحْكَامِ السِّجِلِّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (سِجِلّ ف 8 وَمَا بَعْدَهَا).