الأحكام القابلة للاستئناف :
تطبيقاً لمبدأ التقاضي على درجتين ، فإن القاعدة هي أن جميع الأحكام - الصادرة من محاكم الدرجة الأولى تقبل الطعن بالإستئناف ، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك (مادة 219/1 مرافعات) . وينص القانون في هذا الصدد على مبلغ معين يكون الحكم الصادر في قضية مقدرة بحدوده نهائيا غير قابل للإستئناف . ويسمى هذا المبلغ بالنصاب النهائي للمحكمة . وهذا النصاب هو خمسة آلاف جنيه بالنسبة للمحاكم الجزئية وأربعون ألف جنيه بالنسبة للمحاكم الإبتدائية.
فالدعوى التي لا تتجاوز قيمتها خمسة آلاف جنيه يكون الحكم الصادر فيها من المحكمة الجزئية إنتهائياً لا يجوز الطعن فيه بالإستئناف (مادة 1 / 42 معدلة بالقانون 76 لسنة 2007). والدعوي التي لا تتجاوز قيمتها أربعين ألف جنيه يكون الحكم الصادر فيها من المحكمة الإبتدائية إنتتهائياً لا يقبل الإستئناف (مادة 47 معدلة بالقانون 76 لسنة 2007). ويكون الأمر كذلك أياً كان نوع الدعوى ، شخصية أو عينية ، منقولة أو عقارية . وعلة تحديد نصاب نهائي للمحكمة هو ما يكلفه الإستئناف من نفقات سواء بالنسبة للخصوم أو بالنسبة للدولة.
أما الدعوى غير القابلة للتقدير ، فإن الحكم الصادر فيها يقبل الطعن فيها بالإستئناف دائماً.
وتعتبر قابلية الحكم للإستئناف أو عدم قابليته له مسألة متعلقة بالنظام العام".. فإذا رفع إستئناف عن حكم لا يجوز إستئنافه ، فان على المحكمة أن تقضى ولو من تلقاء نفسها بعدم جوازه . أما إذا قضت بعدم جواز الإستئناف بالنسبة لحكم مما يجوز إستئنافه فإنها تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه.
وتقدر قيمة الدعوى ، لمعرفة قابلية الحكم الصادر فيها للإستئناف ، وفقا للقواعد السابق بيانها بالنسبة لتقدير قيمة القضية لتحديد الإختصاص القيمى وبمرعاة أثر وحدة الخصومة على قواعد الإختصاص، فلا يجوز الإعتماد على تقدير قيمة الدعوى التي حددها المدعي وسكت عنها المدعى عليه مع ملاحظة ما يأتي :
1- العبرة بقيمة القضية ، وليس بما يحكم به القاضي . ذلك أنه لو نظر إلى قيمة الحكم لاستطاع القاضي جعل أحكامه كلها غير قابلة للإستئناف ، وذلك عن طريق تجزئة قراره في الدعوى الواحدة ، أو الحكم فقط بما يدخل في نصابه النهائي.
2- للعلة نفسها ، فإن قابلية الحكم للإستئناف لا ترتبط بالتكييف الذي يعطيه قاضي أول درجة لحكمه . فلو وصف هذا القاضي حكمه بأنه إنتهائي فلا يمنع هذا الوصف إستئناف الحكم لو كان يقبله ، كذلك لو وصف حكمه بأنه إبتدائي فإن هذا الوصف لا يجعله قابلا للاستئناف لو كان لا يقبله . فليس القاضي أول درجة أن يغير وصف الحكم كما يحدده القانون . فإن فعل ، كان من سلطة المحكمة الإستئنافية تحديد الوصف الصحيح كذلك فإن المحكمة الإستئنافية هي التي تحدد ما إذا كان الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة أول أو ثاني درجة ، وبالتالي يقبل أو لا يقبل الطعن بالإستئناف.
3- إذا رفع إستئناف عن حكم يقبل الاستئناف أمام المحكمة الإستئنافية المختصة ، ثم صدر قانون جديد يجعل الدعوى بحسب قيمتها أو نوعها من إختصاص حكم أول درجة غير التي تتبع المحكمة الإستئنافية ، فإن هذا التعديل لا يؤثر في إختصاص المحكمة الإستئنافية . ذلك أن قواعد الاختصاص إنما تتعلق بإختصاص محاكم الدرجة الأولى ، وينظر بالنسبة الاختصاص محكمة الإستئناف فقط إلى المحكمة التي أصدرت حكم أول درجة ، وما إذا كانت أحكامها تستأنف أمام المحكمة الإستئنافية التي رفع إليها الإستئناف.
4- إذا قضت المحكمة بعدم إختصاصها قيمياً بالدعوى وأحالت الدعوى إلى المحكمة المختصة بها ، فإن المحكمة المحالة إليها الدعوى إذ تلتزم بتحديد إختصاصها وفقاً للمادة 110 مرافعات تلتزم بتقدير الدعوى كما حددته المحكمة المحيلة ، وهذا التقدير يكون له قوة أيضاً بالنسبة لقابلية الحكم الصادر في الدعوى للإستئناف ونفس الأمر بالنسبة لإلتزام المحكمة المحال إليها بما يرد في أسباب الحكم المحيل من إعتبار الدعوى المحالة غير قابلة للتقدير ، إذا كان هذا الأساس هو الذي إنبنى عليه منطوق الحكم بعدم الإختصاص والإحالة.
5- لا يدخل في تقدير قيمة الدعوى كل طلب لا ينازع فيه الخصم الآخر (مادة 222 مرافعات) . فإذا تقدم المدعي بعدة طلبات تقوم على سبي قانوني واحد ، فجمعت قيمتها ، ثم أقر المدعى عليه بطلب منها فإن قيمة هذا الطلب لا تدخل في تقدير قيمة القضية بالنسبة لقابلية الحكم للإستئناف على أنه يلاحظ أنه إذا إشتملت القضية على طلب واحد من المدعي فإن إقرار المدعى عليه بجزء منه لا يؤثر في تحديد القيمة بالنسبة للإستئناف.
6- إذا كان محل الدعوى مبلغاً من النقود ، فقام المدعى عليه بعرض جزء منه عرضاً فعلياً على المدعي ، فإن هذا الجزء لا يحسب في تحديد قيمة القضية بالنسبة للإستئناف (مادة 223 مرافعات) ، ولو لم يقبل المدعي هذا العرض.
7- إذا قام المدعى بتعديل طلباته ، فإن العبرة بالنسبة للقابلية للإستئناف هو بالطلب بعد تعديله . فالعبرة في تحديد نصاب الإستئناف هو بالطلبات الختامية التي تبدي قبل قفل باب المرافعة.
8- إذا تعددت طلبات المدعى أو جمع بينها للإرتباط ، وجمعت قيمتها لتحديد المحكمة المختصة بسبب أنها تقوم على سبب قانوني واحد ، فالعبرة بالنسبة للقابلية للإستئناف هي أيضاً بقيمة هذه الطلبات مجتمعة . أما إذا لم تجمع القيمة فإن الإرتباط الذي برر الخروج على قواعد الإختصاص وجعل الإختصاص للمحكمة بأكبر الطلبين قيمة يبرر أيضاً النظر إلى قيمة هذا الطلب وحده بالنسبة لقابلية أي من الطلبين للإستئناف ولهذا فإن الحكم الصادر في أي من طلبات المدعى المرتبطة ينظر في قابليته للإستتئناف إلى قيمة أكبر الطلبات المرتبطة قيمة ونفس الأمر بالنسبة للإختصاص النوعي ، إذا كانت العبرة بنوع الدعوى وليس بقيمتها . إذ يكون الإختصاص بالطلبين للمحكمة الابتدائية المختصة نوعياً بأحد الطلبين المرتبطين . ويكون الحكم الصادر في الطلبين قابلاً للطعن فيه بالإستئناف .
ويلاحظ أن هذه القاعدة لا تنطبق إلا حيث يوجد إرتباط أما إذا جمعت طلبات بسبب وحدة المسألة القانونية المثارة ، فإن هذا الجمع لا يبرر - كما قلنا - الخروج على قواعد الإختصاص . ويؤدي أيضا بالنسبة للقابلية للإستئناف إلى النظر إلى كل طلب على حدة.
النزول عن الحق في الاستئناف :
يجوز ولو قبل بدء الخصومة أمام محكمة أول درجة النزول عن الحق في الإستئناف، رغم أن هذا الحق لا ينشأ إلا بعد صدور الحكم . ونتيجة لهذا ، فإنه يمكن الإتفاق مقدماً ولو قبل رفع الدعوى على أن يكون حكم أول درجة إنتهائياً غير قابل للإستئناف ( 2/219 مرافعات) . ويشترط لذلك أن تتوافر في المتنازل سواء بإرادته المنفردة أو في إتفاق ، أهلية التصرف في الحق محل النزاع ، ذلك أن النزول عن الإستئناف قد يؤدي إلى النزول عن هذا الحق وعلى العكس ، فإن الحكم الذي لا يقبل الطعن فيه بالإستئناف لا يصبح قابلاً له ولو إتفق الأطراف على ذلك . ويكون إستئناف هذا الحكم غير مقبول ، ولو تم هذا الإتفاق بعد صدور الحكم ، وهو عدم قبول يتعلق بالنظام العام ، فيمكن التمسك به في أية حالة كانت عليها القضية ، و على القاضي الحكم به من تلقاء نفسه ، ويمكن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 528)
الطعن بالإستئناف ، طريق من طرق الطعن العادية يرد على الأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى في حدود نصابها الإبتدائي .
فإن كانت محكمة الدرجة الأولى، محكمة ابتدائية، فإنها تختص بالحكم إبتدائياً في جميع الدعاوى المدنية والتجارية التي ليست من إختصاص محكمة المواد الجزئية ويكون حكمها إنتهائياً إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز عشرة آلاف جنيه.
أما إن كانت محكمة الدرجة الأولى، محكمة المواد الجزئية، فإنها تختص بالحكم ابتدائيا في الدعاوى المدنية والتجارية التي لا تجاوز قيمتها عشرة آلاف جنية، ويكون حكمها إنتهائياً إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز ألفي جنية. كذلك تختص بالحكم إبتدائياً مهما تكن قيمة الدعوى و إنتهائياً إذا لم تجاوز قيمتها ألفي جنية بالدعاوى المتعلقة بالإنتفاع بالمياة وتطهير الترع والمساقى والمصارف، وبدعاوی تعيين الحدود وتقدير المسافات فيما يتعلق بالمباني والأراضي والمنشآت الضارة إذا لم تكن الملكية أو الحق محل نزاع، وبدعاوی قسمة المال الشائع، و بالدعاوى المتعلقة بالمطالبة بالأجور والمرتبات وتحديدها.
ولا يجوز الطعن بالاستئناف إلا في الأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى في حدود نصابها الإبتدائي، فإن صدر الحكم في حدود النصاب الإنتهائى فلا يجوز الطعن فيه بالإستئناف إلا بالشروط التي نصت عليها المادة (221 ، 222) من قانون المرافعات.
فإن صدر الحكم إبتدائياً من المحكمة الإبتدائية، جاز للمحكوم عليه الطعن فيه بالإستئناف أمام محكمة الإستئناف التي تتبعها المحكمة الإبتدائية التي أصدرت الحكم المستأنف.
أما إن صدر الحكم إبتدائياً من محكمة المواد الجزئية ، جاز للمحكوم عليه الطعن فيه بالإستئناف أمام المحكمة الإبتدائية منعقدة بهيئة إستئنافية ، سواء كان صادراً في دعوى مما تختص بها محكمة المواد الجزئية بصفة أصلية بأن كانت قیمتها لا تجاوز عشرة آلاف جنية أو كانت تختص بها بصفة إستثنائية ولو كانت قیمتها تجاوز هذا المبلغ وهي الدعاوى المشار إليها فيما تقدم والتي تختص بها المحكمة الأخيرة نوعاً مهما تكن قیمتها.
وإذا تعددت الطلبات في الدعوى وكانت كلها ناشئة عن سبب قانوني واحد، فإن النصاب الإبتدائي للمحكمة يتحدد بالنظر إلى قيمة هذه الطلبات جملة واحدة ، دون إعتداد بقيمة كل طلب على حدة ، فإن كان أحدهما قابل للتقدير إعتبرت الدعوى مجهولة القيمة وإذا كانت جملة الطلبات تجاوز النصاب الإنتهائي للمحكمة الإبتدائية ، كان كل طلب منها على حدة تجاوز قيمته هذا النصاب حتى لو كانت قيمته تندرج تحت هذا النصاب، مما مفاده أن الحكم الصادر في هذه الطلبات يعتبر إبتدائياً ويجوز الطعن فيه بالإستئناف حتی لو كانت قيمة كل طلب على حدة تندرج تحت النصاب الإنتهائي للمحكمة ، مثال ذلك أن يرفع الوارث دعوى بتثبيت ملكيته لأعيان التركة المتمثلة في أرض زراعية وأرض فضاء ومنزل، قيمة كل منها أربعة آلاف جنيه ، فإن قيمة الدعوى تقدر بمجموع هذه الطلبات، ويكون الحكم الصادر فيها إبتدائياً لصدوره في حدود النصاب الإبتدائي للمحكمة، إذ تضمنت الدعوى طلبات متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد وهو حق الإرث ، ويكون هذا الحكم جائزاً إستئنافه، فلا يعتد في هذا الصدد بقيمة كل طلب على حدة حتى لو إنحصر الإستئناف في أحدها.
أما إن كانت هذه الطلبات ناشئة عن أسباب قانونية متعددة ، قدرت قيمة كل منها على حدة، وإنعقد الإختصاص للمحكمة المواد الجزئية متى كان كل منها يدخل في إختصاصها، فإن كانت قيمة أحد هذه الطلبات لا تجاوز ألفي جنيه، كان الحكم إنتهائياً بالنسبة لهذا الطلب وابتدائياً بالنسبة للطلبين الأخريين، لدخول كل منهما في نصابها الابتدائي .
وإذ يدل نص المادة (219) من قانون المرافعات على جواز إستئناف الأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى في إختصاصها الإبتدائي، فإن مفهوم مخالفته يدل على عدم جواز إستئناف الأحكام الصادرة في حدود النصاب الإنتهائي ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
فإذا رفع المدعي دعواه أمام المحكمة الإبتدائية وقدرت قيمتها بما يجاوز عشرة آلاف جنيه، ثم عدل طلباته إلى ما لا يجاوز هذا المبلغ، ظل الإختصاص منعقداً لها رغم دخول هذه القيمة في نصاب محكمة المواد الجزئية ، ويكون الحكم الذي تصدره المحكمة الإبتدائية داخلاً في نصابها الإنتهائي وبالتالي لا يجوز الطعن فيه إلا وفقاً للمادتين (221)، (222) من قانون المرافعات.
المحكمة الإستئنافية :
محاكم الدرجة الأولى تنحصر في المحاكم الإبتدائية ومحاكم المواد الجزئية ، وتنصرف عبارة المحكمة الإستئنافية ، إلى محكمة الإستئناف التي تستأنف أمامها الأحكام الصادرة من المحاكم الإبتدائية ، كما تنصرف تلك العبارة إلى المحكمة الإبتدائية عندما تنعقد بهيئة إستئنافية وتستأنف أمامها الأحكام الصادرة من محاكم المواد الجزئية.
ويدخل في عداد محاكم الدرجة الأولى، محاكم الأمور المستعجلة ومحاكم التنفيذ، وصاحب الولاية في المحاكم الأخيرة هو قاضي التنفيذ، إذ ينعقد له وحده الإختصاص بنظر منازعات التنفيذ الموضوعية والمستعجلة، ويعتبر قاضي التنفيذ قاضياً جزئياً عندما يفصل في منازعة تنفيذ مستعجله، كالإشكال ودعوى عدم الاعتداد بالحجز، فتستأنف أحكامه الصادرة في هذه المنازعة أمام المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة إستئنافية ، كما يعتبر قاضي التنفيذ قاضياً جزئياً عندما يفصل في منازعة تنفيذ موضوعية، كدعوى بطلان الحجز وبراءة ذمة المحجوز عليه، متى كانت قيمة هذه الدعوى تدخل في نطاق الاختصاص القيمي للقاضي الجزئي، فإن جاوزت ذلك ودخلت قيمة الدعوى نطاق الإختصاص القيمي للمحكمة الإبتدائية، ظل قاضي التنفيذ مختصاً بها، وحينئذ يستأنف حكمه الصادر فيها أمام محكمة الإستئناف.
وعندما تناولنا الطعن بالإستئناف، فإننا نستعمل عبارة «محكمة الإستئنافه في المسائل التي تختص بها وحدها، فإن إشتركت فيها مع المحكمة الإبتدائية منعقدة بهيئة إستئنافية ، فإننا نستعمل عبارة «المحكمة الإستئنافية، كما لو كان الإستئناف عن حكم يجوز صدوره من المحكمة الابتدائية أو من محكمة المواد الجزئية وفقاً لقيمة الدعوى، وحينئذ نستعمل عبارة «المحكمة الإستئنافية » لأن الإستئناف يرفع في هذه الحالة إلى محكمة الإستئناف إذا كانت الدعوى مما تختص به المحكمة الإبتدائية قيمياً، أو يرفع إلى المحكمة الإبتدائية منعقدة بهيئة إستئنافية إذا كانت الدعوى مما تختص به محكمة المواد الجزئية.
النص على إعتبار الحكم نهائياً:
إذ جرى نص المادة (219) من قانون المرافعات على أن للخصوم في غير الأحوال المستثناة بنص في القانون أن يستأنفوا أحكام محاكم الدرجة الأولى الصادرة في إختصاصها الإبتدائي ، يدل على عدم جواز إستئناف هذه الأحكام إذا وجد نص في القانون يمنع الإستئناف فيها، ويكون المشرع بذلك لم يحظر الإلتجاء إلى القضاء أصلاً وإنما قصد إلى نظر النزاع على درجة واحدة ، وليس في ذلك مساس بحق التقاضي مما يحظره الدستور وبالتالي لا يكون هذا النص مخالفاً له مما يحول دون الدفع بعدم دستوريته (انظر: الفقرة الثانية من المادة (46) والمادة (68) والفقرة الثانية من المادة (304) من قانون المرافعات).
وكان نص المادة (117) من القانون رقم 116 لسنة 1964 يجري بعدم جواز نظر كافة الجهات القضائية لدعاوى التعويض المشار إليها بالنص، وهو بذلك يحظر استعمال حق التقاضي بالمخالفة لأحكام الدستور وقد أصدرت المحكمة العليا حكما بعدم دستوريته في الدعوى رقم 3 لسنة 1974 عليا دستورية ونشر في 1974/5/19 بالجريدة الرسمية العدد 19 س 17.
الإتفاق على مخالفة الحكم الإبتدائي :
المقرر أن الخصوم في الأحكام الصادرة في المسائل المدنية والتجارية أن يتفقوا على خلاف ما قضت به سواء تم ذلك فور صدورها أو بعد صيرورتها حائزة قوة الأمر المقضي، إذ لهم الحق في الصلح عليها أو التنازل عنها.
ومتى تم الاتفاق قبل صيرورة الحكم نهائيا، وتضمن صلحاً على ألحق المقضي به، حل هذا الاتفاق محل الحكم وأصبح هو الواجب التنفيذ مما يحول دون الاحتجاج بالحكم إذ تنتفي حجيته بما أتفق عليه الخصوم، ويترتب على ذلك عدم جواز الطعن فيه بالإستئناف من المحكوم عليه ، وتختلف هذه الحالة عن حالة القبول المانع من الطعن لإنصرافها إلى الرضا بكل ما قضى به، أما الحالة الماثلة فتنصرف إلى تعديل فيما قضى به أي قبول جزئي للحكم، كما يترتب عليه أنه يجوز رفع دعوى جديدة في حالة إخلال أحد الخصوم بالاتفاق دون دفعها بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها لإختلاف الموضوع في الدعويين.
وإن تم الاتفاق بعد صيرورة الحكم نهائياً، كان في ذلك تنازلاً عنه مما يفقده حجيته ويحول دون تنفيذه جبرا.
الإتفاق على نهائية الحكم الذي يصدر:
إن كان للمشرع أن ينص على إعتبار الحكم الذي قد يصدر في بعض الدعاوى نهائياً يمتنع الطعن فيه ، فإنه يجوز ذلك بإتفاق يتم بين الخصوم سواء قبل نشوب النزاع أو بعد رفع الدعوى. فقد يتفق المتعاقدان في أي من العقود الملزمة للجانبين أو الملزمة لجانب واحد على أن الحكم الذي يصدر في نزاع ينشب عن تنفيذه من محكمة الدرجة الأولى يكون انتهائياً رغبة منهما في حسم کل نزاع بأول حكم ينهي الخصومة فيه وحينئذ لا يجوز لمن صدر الحكم الإبتدائي ضده أن يطعن فيه بالإستئناف أو بأي طريق آخر من طرق الطعن الجائزة وإلا قضت المحكمة بعدم جوازه.
كما يجوز الإتفاق على ذلك بعد رفع الدعوى بموجب اتفاق منفصل عن مستنداتها، ولكن لا يوجد ما يحول دون إرفاقه بمستندات الدعوى، ويكون الإتفاق ملزم للطرفين وإن تعددوا طالما وقع عليه كل الخصوم، فإن لم يوقع عليه البعض كان غير ملزم لهم، ولا يجوز لمن يشترك في الإتفاق أن يتحلل منه بأرادته المنفردة سواء قبل صدور الحكم أو بعد صدوره.
ويستند الإتفاق بإعتبار الحكم إنتهائياً إلى نص الفقرة الثانية من المادة (219) من قانون المرافعات، وقد جاء عاماً مطلقاً بعدم جواز الإستئناف وإستثناء من القاعدة العامة التي تضمنتها الفقرة الأولى من ذات المادة، كان المقرر أن المطلق يؤخذ على إطلاقه ولا يجوز التوسع في تفسير القاعدة الإستثنائية، مما مؤداه عدم جواز إستئناف الحكم إذا أتفق الخصوم على إعتباره نهائياً، حتى لو شابه بطلان أو وقع بطلان في الإجراءات أثر فيه قياساً على الحالة التي يحظر فيها المشرع الإستئناف بالنسبة لبعض الأحكام ويظل الحظر قائما حتى لو صدر الحكم في حدود النصاب الإنتهائي للمحكمة وشابه بطلان أو وقع بطلان في الإجراءات أثر فيه.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : السادس ، الصفحة: 177)
الإتفاق على أن يكون حكم محكمة الدرجة الأولي إنتهائياً هو بمثابة تصرف في الحق وعلى ذلك يتعين أن يكون لكلا الطرفين أهلية التصرف في الحق محل التداعي.
وإن جاز الإتفاق علي نهائية حكم محكمة الدرجة الأولي إلا أنه لا يجوز الإتفاق على عرض النزاع مباشرة على محكمة الدرجة الثانية لمخالفة ذلك لقواعد أصول التقاضي المتعلقة بالنظام العام .
وهذه المادة وإن كانت تجيز علي سبيل الإستثناء إتفاق الخصوم مقدماً على أن يكون حكم محكمة الدرجة الأولي إنتهائياً فإنه لا يجوز بأي حال الإتفاق علي أن ينزل أحد الخصوم وحده عن حقه في الإستئناف دون الخصم الأخر لأن مثل هذا الإتفاق لا يؤمن معه الإعتراف ، ويكون مفروضاً من الجانب القوى في العقد ، فضلاً عن إخلاله بإجراءات التقاضي التي تجيز الإستئناف المقابل من جانب المستأنف عليه في جميع الأحوال . كل هذا فضلاً عن صریح الفقرة الثانية من المادة لا تجيز إلا الإتفاق على أن يكون الحكم إنتهائياً أي إتفاق الطرفين على إنتهائيته بالنسبة لهما (العشماوي بند 1195 والتعليق لأبو الوفا الطبعة الخامسة ص 842).
إستئناف الأحكام الصادرة في دعاوى الأحوال الشخصية قبل صدور القانون رقم (1) لسنة 2000 وبعده كان من المقرر قبل صدور القانون رقم (1) لسنة 2000 أن مسائل الأحوال الشخصية ولاية علي النفس تخضع في إستئنافها لأحكام لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة بالمرسوم بقانون 78 لسنة 1931 فهي التي تحدد الأحكام الجائز إستئنافها وتلك التي لا يجوز إستئنافها ونصاب الإستئناف ومداه ونطاقه .
أما بعد صدور القانون رقم (1) لسنة 2000 فقد بينت المادة 56/ 1 منه طرق الطعن في الأحكام والقرارات المعنية بالقانون المذكور ومنها الإستئناف ونصت المادة 55 عنه على بعض حالات يكون فيها القرار الصادر من المحكمة نهائياً ، كما نصت المادة 20 منه على أن الحكم الصادر بالخلع غير قابل للطعن فيه بأي طريقة من طرق الطعن ، كذلك فقد نصت المادة 9 من ذات القانون على حالات معينة يكون الحكم الصادر منها من المحكمة الجزئية نهائياً ، ثم أوجبت المادة 56 من نفس القانون في فقرتها الثانية أتباع فيما لم يرد به حكم خاص في المواد التالية لها القواعد والإجراءات المنصوص عليها في قانون المرافعات ، ومؤدى ذلك كله أن نص المادة 219 مرافعات تسري علي إستئناف دعاوی الأحوال الشخصية فيما عدا المسائل التي ورد نص خاص على إستئنافها في القانون رقم (1) لسنة 2000.
مدى جواز إستئناف الحكم الحكم الصادر بناء علي اليمين الحاسمة :
من المقرر أن الحكم الصادر بناء علي اليمين الحاسمة هو حكم حاسم للخصومة لا يجوز الطعن عليه سواء حلفها من وجهت إليه فحكم لصالحه أو نكل عنها فحكم ضده أو ردها علي خصمه فحلفها ، ذلك أن توجيه اليمين معناه الاحتكام إلي ذمة الحالف ، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون توجيه اليمين أو حلفها أو النكول عنها مطابق للقانون فإن وجهت اليمين عن واقعة مخالفة للنظام العام أو غیر متعلقة بشخص من وجهت إليه أو كانت غير منتجة في الإثبات وأعملت المحكمة أثرها سواء بحلفها أو النكول عنها أو ردها فإن الحكم يكون قد خالف القانون ويجوز الطعن عليه بالإستئناف وبالتالي بالنقض في حالاته، إلا أن شرط ذلك أن تكون اليمين وحدها فاصلة في النزاع وحاسمة له بحيث ينتهي بها حتماً موضوعه ، أما إذا إنصبت اليمين علي جزء من النزاع أو مسألة أولية فيه دون أن تؤدي إلي حسمه كله أو تمسك الخصم أمام محكمة الإستئناف بدفاع . موضوعي منتج في الدعوى لم يشمله الحلف ، فإن الإستئناف يكون جائزاً بشرط أن تلتزم المحكمة بحجية تلك اليمين بحيث يمتنع علي الخصوم أن يعودوا إلى المنازعة فيما انصبت عليه وحسمته .
يجوز إستئناف الحكم الصادر من المحكمة الإبتدائية في دعوى التعويض عن نزع الملكية :
كان قانون نزع الملكية السابق لسنة 1954 يقضي بعدم جواز استئناف الأحكام الصادرة من المحكمة الإبتدائية في دعاوى التعويض عن نزع الملكية إلا أنه وفقاً للمادة 6 من القانون رقم 10 لسنة 1990 والذي ألغى القانون السابق أصبحت هذه الطعون تخضع للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون المرافعات من حيث جواز الطعن فيها ومن ثم يجوز إستئناف هذه الأحكام مهما كانت قيمة الدعوى لأن القانون 10 لسنة 1990 جعل المحكمة الإبتدائية مختصة بنظر الطعون مهما كانت قيمة الدعوى وبالتالي يجوز إستئنافها دون تقيد بنصاب الإاف .
الطعن بالاستئناف من طرفي الحكم كل منهما بطعن مستقل وصدور حكم في أحد الإستئنافين وأثر ذلك على الآخر :
في حالة ما إذا صدر حكم وإستأنفه كل من المدعي والمدعى عليه في الدعوى الأصلية كما إذا صدر حكم في دعوى المسئولية فاستأنفه طرفاً الحكم كما إذا كان قد صدر بإلزام المسئول بأن يؤدي مبلغاً معيناً كتعويض للمضرور فاستأنفه المحكوم عليه ( المسئول ) طالبا إلغاءه أو تخفيض المبلغ المحكوم به كما طعن عليه بالإستئناف أيضاً المضرور طالباً زيادة المبلغ المحكوم به فإنه يتعين ضم أحد الاستئنافين للأخر للإرتباط ولنظرهما معاً سواء كانا قد رفعا أمام دائرة واحدة أو كان أحدهما قد رفع أمام دائرة غير الدائرة التي تنظر الآخر ويجب في هذه الحالة على إحدى الدائرتين إحالة الإستئناف المطروح عليها إلى الدائرة الأخرى وقد جرت كثير من المحاكم علي وضع قاعدة مؤداها أن الدائرة التي يرفع إليها الاستئناف الأول تظل مختصة بنظره وأن الدائرة التي رفع إليها الاستئناف اللاحق هي التي تحيله للدائرة التي تنظر السابق وهذه القاعدة وإن كانت غير ملزمة إلا أنها جديرة بالإتباع حتى لا يترك للخصوم حرية إختيار الدائرة التي تنظر الإستئنافين فإذا تمت الإحالة وأمرت المحكمة بضم الإستئنافين فإن قواعد العدالة توجب أن يحكم في موضوعهما معاً، غير أنه يجوز للمحكمة أن تقضي في أحدهما بحكم نهائي و تستبقي الأخر للفصل في موضوعه كما إذا أنهت الخصومة في الأول بحكم شكلي دون أن تتطرق الموضوعه كالحكم بسقوط الحق في الإستئناف لرفعه بعد الميعاد أو الحكم ببطلان صحيفة الإستئناف لعدم التوقيع عليها من محام أو الحكم بإعتبار الإستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه صحيفته في خلال المدة التي حددها القانون فيجوز للمحكمة في هذه الحالة أن ترجئ الفصل في موضوع الإستئناف الأخر والذي رأت أن الفصل فيه يستدعي إجراء التحقيق أو تحليف اليمين.
غير أنه قد يحدث عند نظر المحكمة أحد الإستئنافين ألا ينبهها أحد الخصوم إلي قيام الاستئناف الأخر فتفصل المحكمة في أحدهما بحكم موضوعي منه للخصومة ثم تفاجأ بعد ذلك بالإستئناف الأخر وهنا يثور البحث عن مصير هذا الإستئناف الأخير مثال ذلك أن يصدر حكم بإلزام المسئول بمبلغ معين كتعويض فيستأنفه طالباً إلغاءه أو تخفيض المبلغ المحكوم به كما يطعن عليه المضرور بدوره بالإستئناف طالباً زيادة التعويض فإذا قضت المحكمة في موضوع أحد الإستئنافين كما سلف القول فإنه لا مناص في هذه الحالة من أن تقضي في الإستئناف الأخر بعدم جواز نظر الدعوى الإستئنافية السابقة الفصل فيها عملاً بالمادة 101 من قانون الإثبات سواء كان الحكم الأول قد صدر بتأييد الحكم المستأنف أو بإلغائه أو بتعديله وسواء كان الحكم قد صدر من نفس الدائرة أو من دائرة أخرى وسواء كان قد صدر في الإستئناف الذي رفع أولاً أو الإستئناف اللاحق وسواء كان حكمها صحيحاً أو باطلاً . وقد أقرت محكمة النقض وجهة النظر هذه التي تبنيها منذ فترة طويلة في حكم من أحدث أحكامها وقد أوردناه بعد الشرح مباشرة.
ومن البديهي أنه في حالة ما إذا كان الحكم الأول لم يفصل في موضوع الإستئناف بأن أنهي الخصومة بحكم شكلي كما هو الشأن في الأمثلة التي سبق ضربها فإن الحكم لا حجية له بالنسبة للإستئناف الآخر وتقضي المحكمة فيه من الناحيتين الشكلية والموضوعية.
ولا يشترط للحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها أن يبدي أحد من الخصوم الدفع بل يتعين علي المحكمة إذا تبين لها قيام الدليل عليه من المستندات التي تحويها الدعوى بين دفعيتها أن تقضى به من تلقاء نفسها لأن هذا الدفع متعلق بالنظام العام وفق ما تقضى به المادة 101 من قانون الإثبات و السالف الإشارة إليها سواء كانت هذه الأوراق قد قدمت ممن كان الدفع في مصالحه أو ممن كان ضد مصلحته.
وجدير بالذكر أنه إذا طلب أحد الخصوم ضم الإستئناف الأخر وأرشد عن رقمه تعين على المحكمة إجابته لطلبه فإن لم تفعل وقضت في الإستئناف المطروح عليها كان حكمها مخالفة للقانون كما لا يجوز لها أن تقضى فيه إذا تأخر ضم الإستئناف الآخر لأن طالب الضم لا شأن له بذلك بل هو من صميم عمل قلم الكتاب.
لا يجوز الطعن بالإستئناف على الحكم الصادر في دعوى إثبات الحالة :
من المقرر أنه في حالة ما إذا أقيمت دعوى بطلب إثبات حالة ولم تضمن الطلب فيها أي طلب موضوعي فإن الحكم الصادر فيها إذا أجابه المدعي لطلبة لا يكون جائز إستئنافه لأن الهدف من الدعوى في هذه الحالة لا يكون سوى اتخاذ إجراءات تحفظية بقصد إعداد الدليل مقدما لحين موضوع النزاع على محكمة الموضوع وبالتالي لا يكون لرافعها ثمة مصلحة من إستئنافها. (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء : الخامس ، الصفحة : 337)
التعريف بالإستئناف وماهيته والتفرقة بينه وبين الطعن بالنقض والطعن بالإلتماس :
الإستئناف هو طريق طعن عادي في الأحكام الإبتدائية التي تصدر من محاكم الدرجة الأولى ، وهي برفع إلى محكمة أعلى من المحكمة التي أصدرت الحكم ، بهدف إلغاء الحكم المطعون فيه او تعديله.
إذ تنقسم طرق الطعن في الأحكام بصفة عامة إلى نوعين : طرق عادية وطرق غير عادية ، فالإستئناف والمعارضة طريقان عاديان ، والتماس إعادة النظر والنقض و اعتراض الخارج عن الخصومة طرق غير عادية . وفي ظل قانون المرافعات المصري الحالي رقم 13 لسنة 1968 لم يعد هناك مجال لطرفي المعارضة إلا بالنسبة للأحكام الصادرة في مواد الأحوال الشخصية ، كما ألغي هذا القانون طریق إعتراض الخارج عن الخصومة وأدمج بعض أحواله في أسباب إلتماس إعادة النظر.
وهذا التقسيم الطرق الطعن إلى عادية وغير عادية هو تقسيم فقهی ، وأساسه أن طرق الطعن العادية لم يحصر القانون أسبابها ولم يحدد حالاتها ، فيجوز سلوكها لمجرد عدم رضاء المحكوم عليه بالحكم وأيا كان سبب عدم رضائه ، متعلقاً بالوقائع أو متعلقاً بالقانون ، مادام الحكم من نوع يقبل الطعن فيه بهذه الطرق ومتى توافرت شروط قبول هذا الطعن ، ولكن هذا لا بني أن المحكوم عليه أن يطعن في الحكم الصادر ضده بطرق الطعن العادية بغير إبداء أسباب الطعن ، بل يجب أن تشتمل صحيفة الطعن على أسبابه ، فمثلاً صحيفة الإستئناف يجب أن تشتمل على أسباب الإستئناف وإلا كانت باطلة ( انظر المادة 230 مرافعات )، وإنما يعني ذلك أن للطاعن بطرق الطعن العادية أن يؤسس طعنه على ما يتراءى له من الأسباب ، دون أن يكون مقيدا في ذلك بأسباب معينة محددة سلفا في صلب القانون .
بينما طرق الطعن غير العادية حصر المشرع أسبابها وحدد حالاتها ، ومن ثم لا يقبل الطعن بها إلا لسبب من العيوب التي نص عليها القانون ، فلا يجوز سلوك طرق الطعن غير العادية إلا إذا كان عدم رضاء المحكوم عليه بالحكم يمكن رده إلى سبب من الأسباب المحددة التي جعلها القانون مناطاً لجواز الطعن ، فمثلا لا بغي للطعن بالنقض مجرد عدم رضاء المحكوم عليه بالحكم إذا كان مرد ذلك نزاعاً على الوقائع ، وإنما يجب أن يكون عدم رضائه مرده كون الحكم المطعون فيه مبنياً على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه او في تأويله، أو وقوع بطلان في الحكم ، أو بطلان في الإجراءات اثر في الحكم ، أو إذا كان الحكم إنتهائياً وفصل في نزاع خلافاً لحكم اخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضى ، فيجب أن يؤسس الطعن بالنقض على سبب من هذه الأسباب التي حددها المشرع في صلب قانون المرافعات في المادتين 428 ، 429 منه .
بيد أن هذا التقسيم الطرق الطعن إلى عادية وغير عادية ، رغم انه تقسیم نقه إلا أن له فوائده العملية ( انظر : موريل المرافعات - بند 605 ص 473 ، رمزى سيف - الوسيط - بند 587 ومابعده - ص 762 فتحي والي - الوسيط - طبعة 1986 بند 438 ص 665 ، احمد مسلم - اصول المرافعات - بند 636 ص 697 ، محمد وعبد الوهاب العشماوي - قواعد المرافعات - ج 2 - بند 1129 ص 753) ، وتتمثل هذه الفوائد العملية فى أن الحكم لا يجوز تنفيذه - كقاعدة - مادام قابلاً للطعن فيه بطريق عادي كالإستئناف أو - به من باب أولى - إذا تم الطعن فيه بطريق من هذه الطرق العادية ، ولكن يستثنى من هذه القاعدة الحالات التي أجاز فيها القانون تنفيذ الحكم تنفيذاً معجلاً ، بينما يكون الحكم واجب التنفيذ - كقاعدة - متى أصبح غير قابل للطعن فيه بطريق عادي وحتى لو كان قابلاً الطعن فيه بطريق غير عادي ، فقابلية الحكم للطعن فيه بطريق من الطرق غير العادية ، بل الطعن في نيلا بطريق من هذه الطرق لا يمنع من تنفيذه ، ولكن يرد على هذه القاعدة تحفظ أورده قانون المرافعات المالي في حالة الطعن في الحكم بالتماس إعادة النظر أو بالنقض ، فقد أجاز المشرع لمحكمة الإلتماس أو لمحكمة النقض أن تأمر قبل الفصل في الطعن بوقف التنفيذ مؤقتاً إذا كان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه . ( مادة 2/244 ومادة 2/251 مرافعات ).
كذلك يجب على الطاعن بطريق من طرق الطعن غير العادية أن يقيم الدليل على قيام سبب من أسبابها التي نص عليها القانون ، ولا يتعين ذلك بالنسبة للطاعن بطريق من طرق الطعن العادية لأن القانون لم يحصر حق الطاعن بطريق عادي في الطعن بحالات معينة ، بينما الطاعن بطريق غير عادي فإن القانون يحصر حقه في الطعن بحالات معينة ، تعلق بعیوب في الحكم ولا يكون له الحق في الطعن إلا إذا ثبت توافر حالة منها .
كما أن طرق الطعن العادية، ومنها الإستئناف ، بجب سلوكها أولا قبل سلوك طرق الطعن غير العادية ، فإذا كان الحكم قابلاً للطعن فيه بطرق عادية ولم تسلك أمتنع الطعن بالطرق غير العادية رغم قابلية الحكم أصلاً لها ، وهذا يعني أنه إذا كان الحكم قابلاً للطعن فيه بطريق طعن عادی ، وكان في نفس الوقت مشوباً بعيب يجيز الطعن فيه بطريق غير عادي ، فالأصل أن يبدأ بالطعن في الحكم بالطريق العادي ، ولذلك منع المشرع الطعن بالإلتماس والنقض في الأحكام الابتدائية حن بعد فوات ميعاد الإستئناف ، فمن فوت على نفسه الطعن في الحكم بالإستئناف ، سقط حقه في الطعن نيه بإلتماس أو بالنقض ، وفي هذا تختلف المعارضة عن الإستئناف ، فالمحكوم عليه بحكم غيابي يجوز له أن يطعن فيه بالإلتماس أو بالنقض وإنما يعتبر طعنه بأحد هذين الطريقين نزولاً عن المعارضة ، أما المحكوم عليه بحكم إبتدائي فلا يجوز له الطعن في الحكم بالإلتماس أو النقض لا قبل فوات ميعاد الإستئناف ولا بعده ، فالأحكام التي يطعن فيها بطريق الطعن غير العادية ، يجب أن تكون قد صدرت بصفة إنتهائية. ( أنظر المادتين 241 ، 248 مرافعات ).
كما أن الحكم لا يعتبر جائزاً لقوة الأمر المقضي به مادام قابلاً للطعن فيه بالطرق العادية ، فإذا أصبح غير قابل للطعن فيه بها أعتبر جائزاً لتلك القوة ، ولو كان قابلا للطعن فيه بطرق غير عادية .
ونظراً لكون الطعن العادي - كالإستئناف - يرمي إلى تأکيد عدالة الحكم ، إذ لا يفترض طريق الطعن العادي عيباً معيناً في الحكم بل يفترض عدم عدالته - من وجهة نظر الطاعن - تتركز في خسارته للقضية فإن القاضي الذي ينظر الطعن العادي ، تكون له نفس سلطات القاضي الذي أصدر الحكم المطعون فيه ، أما الطعن غير العادي فلانه يرمي إلى معالجة عيوب محددة ، فإن سلطات القاضي تكون - عادة - محددة النص على إزالة هذه العيوب ( فتحی والی - بند 438 ص 666).
كذلك فإنه يترتب على الطعن بطریق عادی ، تجديد النزاع وإعادة الحكم فيه من جميع الوجوه في حدود ما حصل الطعن فيه ، أما الطعن بطريق غير عادي فلا يترتب عليه إلا النظر في العيوب المعينة التي بني عليها الطعن في الحكم.
والإستئناف هو الوسيلة التي يطبق بها مبدأ مهم ، من المبادئ الأساسية في النظام القضائي هو مبدأ التقاضي على درجتين ، وبمقتضى هذا المبدأ يكون للمحكوم عليه أن يعيد طرح النزاع أمام محكمة أعلى درجة من المحكمة التي أصدرت الحكم ، لتعدد بحث النزاع والفصل فيه من جديد ، ويسمى حق المحكوم عليه هذا بالإستئناف ، وتسمى المحكمة التي يرفع إليها الإستئناف بمحكمة الدرجة الثانية ، وتسمى المحكمة التي فصلت في الدعوى أولاً بمحكمة الدرجة الأول مستأنف ويسمى المطعون ضده بالمستأنف عليه .
والحكمة من تقرير المشرع للإستئناف كطريق من طرق الطعن هي أن الأحكام القضائية عرضة للخطأ. فالقضاة بشر غير معصومين من الخطأ . ولذلك وجب أن يكون عملهم خاضعاً لرتابة محكمة أعلى - تتمكن من تصحيحه إذا لم تجده صواباً ۔ على أن يكون عرض أعمالهم عليها حاصلاً بإرادة الخصوم وبناء على طلبهم ، وعلى هذا النحو فإن الإستئناف بمثل ضمانة كبرى من ضمانات التقاضي، بل إنه يعتبر من أسس التنظيم القضائي.
ونظراً لكون التقاضي على درجتين، فإن الإستئناف لا يكون إلا مرة واحدة، فلا يجوز الإستئناف إلا مرة واحدة، بمعنى أن الأحكام الإستئنافية لا يجوز الطعن فيها بالإستئناف مرة أخرى، ويلاحظ أن الأحكام التي تصدر قابلة للإستثناف من محاكم الدرجة الأولي توصف عموماً بأنها أحكام إبتدائية، حتى ولو كانت صادرة من محاكم جزئية.
محاكم الإستئناف : تستأنف الأحكام الصادرة من محاكم . الدرجة الأولى أمام محكمة أعلى درجة من بين محاكم الدرجة الثانية وتسمى محاكم الدرجة الثانية عموماً بمحاكم الإستئناف وهي :
أ- المحاكم الإبتدائية (الكلية المنعقدة بهيئة إستئنافية بالنسبة للمحاكم الجزئية:
وتستأنف أم أيها الأحكام الصادرة إبتداء من المحاكم الجزئية أو من قاضي الأمور المستعجلة. (مادة 2/47 مرافعات)، كما تستأنف أمامها أحكام قاضي التنفيذ في المنازعات الموضوعية، إذا زادت قيمة النزاع على ألف جنيه ولم تجاوز عشرة آلاف جنيه (مادة 1/277 مرافعات) وتستأنف أمامها دائماً أحكامه في المنازعات الوقتية (مادة 2/277 مرافعات).
ففي نظامنا القضائي تقوم المحاكم الإبتدائية ( الكلية ) بوظيفة محاكم الإستئناف إلى جانب وظيفتها كمحاكم أول درجة .
فهذه المحاكم تنظر أنواعاً معينة من القضايا لأول مرة أي بصفة إبتدائية ، ولذلك سميت بالمحاكم الإبتدائية فهي تعتبر محاكم أول درجة بالنسبة للمنازعات التي لا تختص بها المحاكم الجزئية ، ويطلق على المحاكم الإبتدائية في العمل أيضاً أسم المحاكم الكلية بإعتبارها صاحبة الإختصاص الكلى الشامل أصلا ً.
فبالإضافة إلى وظيفة المحكمة الإبتدائية ( الكلية) كمحكمة أول درجة فإنها تقوم بوظيفة محكمة ثاني درجة بالنسبة للأحكام التي تقبل الأسنان ، والصادرة من الحاكم الجزئية التي توجد في دائرتها ،فهی تفصل في الطعون المقدمة إليها عن أحكام المحاكم الجزئية التابعة لها ، يطبق على الخصومة المرفوعة إليها بهذا الوصف ما يطبق بشأن خصومة الإستئناف في عمومها ، من حيث إجراءات رفعها وشروط قبولها وسلطة الخصوم في تحديد نطاقها الموضوعي أو الشخصي .
إذ تعتبر المحاكم الإبتدائية هيئة إستئنافية بالنسبة للاحكام الصادرة من المحاكم الجزئية، التي تقبل الطعن بالإستئناف ، فضلاً عن أن هذه المحاكم الإبتدائية تعتبر محاكم أول درجة بالنسبة للمنازعات التي لا تختص بها المحاكم الجزئية .
وفي العمل يشار إلى المحكمة الإبتدائية حينما نعمل كمحكمة إستئناف بإصطلاح . المحكمة الإبتدائية دائرة إستئنافية ، أو إستئناف کلی .
وقد جرى العمل على تخصيص دائرة إستئنافية أو أكثر بكل محكمة إبتدائية لنظر الطعون التي تقدم إليها، وهي تصدر أحكامها في الإستئنافات المرفوعة إليها من ثلاثة قضاة . ( مادة 5/9 من قانون السلطة القضائية ) .
وتوجد المحاكم الإبتدائية في كل عاصمة من عواصم محافظات الجمهورية ، وبها عدد كاف من القضاة والرؤساء ، ويرأسها مستشار بندب من بين مستشارى محاكم الإستئناف بقرار من وزير العدل ، بعد أخذ رأي مجلس القضاء الأعلى لمدة سنة على الأكثر قابلة للتجديد ( مادة 3/9 من قانون السلطة القضائية ).
ويلاحظ أن المحكمة الإبتدائية عندما تنفذ كمحكمة ثاني درجة ، فإنها تنعقد في شكل دائرة إستثنائية ، وقد سبقت الإشارة إلى أنها تصدر أحكامها الإستئنافية من ثلاثة قضاة ، فهي لا تختلف في تشكيلها سواء كانت للدرجة الأولى ، أو كانت محكمة للدرجة الثانية .
ب - محاكم الإستئناف ( العالي ) بالنسبة للمحاكم الإبتدائية (کدرجة أولى ):
وتستأنف أمامها الأحكام الصادرة إبتدائياً من المحاكم الابتدائية ( مادة 48 مرافعات ) .
كما تستأنف أمامها أحكام قاضي التنفيذ في المنازعات الموضوعية التي تزيد قيمتها على عشرة آلاف جنيه ( مادة 1/277 مرافعات ).
وتسمى هذه المحاكم بمحاكم الإستئناف العالى تمييزاً لها عن المحاكم الإبتدائية المنعقدة بهيئة إستئنافية .
ومحاكم الإستئناف دائماً محاکم ثانی درجة ، ومع ذلك قد ينص المشرع في حالات خاصة على بعض الدعاوى التي ترفع لأول مرة أمام هذه المحاكم ، وفي هذه الحالات تكون هذه المحاكم بمثابة محكمة أول درجة بالنسبة لهذه الدعاوى ، ومع ذلك فإن الأحكام الصادرة في مثل هذه الحالة تكون أحكاماً نهائية ، ومثال ذلك. دعاوى رد القضاة ( مادة 164 مرافعات ) ودعاوى مخاصمتهم ( مادة 495 مرافعات ).
ومقر محاكم الإستئناف في القاهرة والإسكندرية وطنطا والمنصورة والإسماعيلية وبني سويف وأسيوط وقنا، ويؤلف كل منها من رئيس وعدد كاف من الرؤساء والنواب ورؤساء الدوائر والمستشارين وتصدر الأحكام من ثلاث مستشارين .
ويجوز أن تعقد محكمة الإستئناف في أي مكان آخر في دائرة إختصاصها - أو خارج هذه الدائرة عن الضرورة - وذلك بقرار يصدر من وزير العدل بناء على طلب رئيس محكمة الإستئناف .
وذلك يجوز تألیف دائرة إستئناف بصورة دائمة في أحد مراكز المحاكم الإبتدائية، بقرار يصدر من وزير العدل بعد أخذ رأي الجمعية العامة لمحكمة الإستئناف ( مادة 6 من قانون السلطة القضائية ).
وفي بداية العهد بالتنظيم القضائي كانت في مصر محكمة إستئنافية واحدة مقرها بالقاهرة ، ثم أنشئت محكمة إستئناف أسيوط في سنة 1926 ، ثم محكمة إستئناف الإسكندرية في سنة 1945 . وتوالى بعد ذلك إنشاء محاكم الأسنان الأخرى.
الأحكام غير الجائز إستئنافها بنص في القانون : منع المشرع إستئناف الأحكام الصادرة في بعض الدعاوى مهما بلغت قيمة الدعوى ، ويرجع المنع في الحالات التي نص عليها القانون إلى إعتبارات خاصة، تختلف بإختلاف هذه الحالات، وتقوم في الغالب على رغبة المشرع في التعجيل بالبت في النزاع وتقصير أمد التقاضي ، إذ لم يقتصر خروج المشرع على القاعدة العامة في تمييز الأحكام القابلة للإستئناف على إجازة إستئناف بعض الأحكام ، رغم صدورها في حدود النصاب الإنتهائي المقرر للمحكمة التي أصدرتها، كما سبق أن أوضحنا، وإنما أتخذ هذا الخروج صورة عكسية ، فمنع المشرع الطعن بالإستئناف في الأحكام الصادرة في بعض الدعاوی ، بصرف النظر عما تقضي به القاعدة العامة ، فلم يجز إستئناف الحكم أياً كانت قيمة الدعوى التي صدر فيها ،أي حتى لو كانت قيمتها تتجاوز حدود النصاب الإنتهائي لمحكمة الدرجة الأولى التي أصدرت الحكم، ( يراجع في ذلك للمؤلف : الطعن بالإستئناف - دار الفكر العربي ص 82 وما بعدها ) ومن أمثلة هذه الأحكام غير الجائز إستئنافها :
1- الحكم الصادر من قاضي التنفيذ في طلب تأجيل البيع في التنفيذ العقاري ( مادة 436 مرافعات ).
2- الحكم الصادر من محكمة المواد الجزئية بإحالة الدعوى الأصلية والطلب العارض أو المرتبط بحالتهما إلى المحكمة الإبتدائية المختصة ( مادة 2/46 مرافعات ) . ويلاحظ أن الممنوع من الطعن فيه هو الحكم الصادر من المحكمة الجزئية بإحالة الدعوى الأصلية ، والطلب العارض أو المرتبط إلى المحكمة الإبتدائية، ولكن هذا المنع لا يسري على الحكم برفض الإحالة ( كمال عبد العزيز - ص 104 ، عبد المنعم حسنی ، طرق الطعن في الأحكام ، ص 340) ، ولا يسرى المنع أيضا على الحكم الصادر بإحالة الطلب العارض أو المرتبط وحده ( فتحي والى - قانون القضاء المدني - ص 595، وقارن عكس ذلك : رمزي سيف، الوسيط، ص 229) ، كذلك لا يسرى المنع على الحكم بعدم إختصاص المحكمة الجزئية بنظر الطلب العارض ، إذ يقبل هذا الحكم الطعن وفقاً للقواعد العامة ( المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 100 لسنة 1962).
3- الحكم الذي يصدر في المنازعة في اقتدار الكفيل أو الحارس أو في كفاية ما يودع خزانة المحكمة من النقود أو الأوراق المالية على ذمة الكفالة ( مادة 1/295 مرافعات ).
4- الحكم الصادر من قاضي التنفيذ بوقف البيع ، أو المضي فيه بسبب رفع دعوى الإستحقاق الفرعية ( مادة 456 مرافعات ).
5- ما تنص عليه المادة 2/191 مرافعات من عدم جواز الطعن على إستقلال في القرار الذي يصدر برفض طلب تصحيح الحكم.
6- ما تنص عليه المادة 2/432 مرافعات من أنه لا يقبل الطعن بأي طريق في الحكم الذي بصدره قاضي التنفيذ في أوجه البطلان في الإعلان عن البيع.
7- ما تنص عليه المادة 3/304 مرافعات من أن الحكم الصادر في طلب قصر الحجز ، غير قابل للطعن بأي طريق.
8- ما تنص عليه المادة 394 مرافعات من عدم جواز الطعن في الحكم الذي يصدر بناء على طلب الحاجز بالإستمرار في التنفيذ عند رفع دعوى الإسترداد ، وعدم قيام المدعي فيها بإيداع ما لديه من مستندات عند تقديم الصحيفة لقلم الكتاب .
9- ما تنص عليه المادة 395 من القانون التجاري السابق من أنه لا تقبل المعارضة ولا الإستئناف في الأحكام المتعلقة بتعيين أو إستبدال مأمور التفليسة أو وكلاء المدانين ، ولا في الأحكام الصادرة بالإفراج عن المفلس أو بإعطائه إعانة له أو لعائلته ، ولا في الأحكام التي صرح فيها ببيع الأمتعة او البضائع التي للتفليسة ، ولا في الأحكام الصادرة بتأخير عمل الملح أو بتقدير الديون المتنازع فيها تقديراً مؤقتاً ، ولا في الأحكام الصادرة في التظلم من الأوامر التي أصدرها مأمور التفليسة على حسب حدود وظيفته. ( نقض 1979/5/14 - الطعن رقم 611 لسنة 46 قضائية ).
10- ما تنص عليه المادة 1/74 من قانون الإثبات من عدم جواز الطعن بأي طريق في قرار المحكمة الصادر في التظلم ، من رفض مد الميعاد المحدد للتحقيق .
11- ما تنص عليه المادة 145 من قانون الإثبات من أنه لا يجوز الطعن بأي طريق في الحكم الصادر في طلب رد الخبير .
12- ما تنص عليه المادة 4/152 من قانون الإثبات من أنه لا يقبل الطعن في الحكم الصادر بإبدال الخبير ، وإلزامه برد ما قبضه من الأمانة.
وغير ذلك من الأمثلة التي لا يتسع المقام لحصرها ، إذ لن يتسع المجال التعقب جميع النصوص التشريعية التي تمنع من الطعن في الأحكام بالإستئناف ، ولكن نود الإشارة إلى أن منع الطعن بالإستئناف في الحكم يرجع دائماً إلى نص القانون . إن القانون مر الذي ينص على أن حكماً معيناً لا يجوز الطعن فيه بالإستئناف، كما ينبني ملاحظة أن النصوص المانعة من الطعن بالإستئناف في بعض الأحكام ترد في قانون المرافعات كما ترد أيضاً في فروع القانون الأخرى.
جواز الإتفاق على أن يكون حكم محكمة الدرجة الأولى نهائياً وفقاً للمادة 2/219 مرافعات محل التعليق :
يجوز، ولو قبل رفع الدعوى أمام محكمة أول درجة، الإتفاق على أن يكون حكم هذه المحكمة إنتهائياً غير قابل للإستئناف ، وقد نص المشرع على ذلك صراحة نص الفقرة الثانية من المادة 219 محل التعليق رغم أن . الحق في الإستئناف لا ينشأ إلا بعد صدور حكم محكمة أول درجة ويسمى هذا الإتفاق بالإختصاص التحكيمي ( عبد الباسط جمیعی به نظام الطعن في الأحكام - ص 45 ، المذكرة الإيضاحية للقانون ) ، فالحق في الإستئناف كغيره من الحقوق يجوز الإتفاق على النزول عنه، وهذا الاتفاق يكون أقرب شبهاً بنظام التحكيم ، ولا بمثل هذا الإتفاق حرماناً للخصم من حق الإلتجاء الى القضاء بقدر ما هو منظم لهذا الحق بالإستغناء عن الإلتجاء لمحكمة الدرجة الثانية ، وقصر ممارسة حق التقاضي على محاكم الدرجة الأولى. وذلك برغبة طرفي النزاع .
وإذا كان من الجائز الإتفاق مقدماً، ولو قبل رفع الدعوى، على أن يكون حكم أول درجة إنتهائياً غير قابل للإستئناف ، فالعكس غير صحيح ، فالحكم الذي لا يقبل الطعن فيه بالإستئناف لا يصبح قابلاً له ولو انفق الأطراف على ذلك ، ويكون إستئناف هذا الحكم غير مقبول ، ولو تم هذا الإتفاق بعد صدور الحكم ، وهو عدم قبول يتعلق بالنظام العام ، فيمكن التمسك به في أية حالة كانت عليها القضية، وعلى القاضي الحكم به من تلقاء نفسه، ويمكن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ( فتحی والی ۔ بند 363 ص 719 ). كما أنه لا يجوز الإتفاق على رفع النزاع مباشرة إلى محكمة الدرجة الثانية ، لتعلق ذلك بالإختصاص النوعي المتعلق بالنظام العام ( محمد كمال عبد العزيز - ص 435 ، عبد المنعم حسنى - ص 345 ).
وإذا كان المشرع يجيز على سبيل الإستثناء إتفاق الخصوم مقدماً على أن يكون حكم محكمة الدرجة الأولى إنتهائياً ، على تقدير أن هذا الإتفاق هو شبيه بنظام التحكيم ( المذكرة الإيضاحية ) فإنه لا يجوز بأي حال من الأحوال الإتفاق على أن أحد الخصوم ينزل وحده عن هذا الإستئناف دون الخصم الآخر . لأن مثل هذا الإتفاق لا يؤمن معه الإعتراف ، ويكون مفروضاً من الجانب القوي في العقد ، فضلاً عن إخلاله بإجراءات التقاضي التي تجيز الاستئناف المقابل من جانب المستانف عليه في جميع الأحوال ، كما أن صریح نص المادة 2/219 لا يجيز إلا الإتفاق على أن يكون الحكم نهائياً، أي اتفاق الطرفين على إنتهائية الحكم بالنسبة لهما (أحمد أبو الوفا - التعليق ص 842 ونظرية الأحكام بند 421 ص 754 ) ، فالقانون يجيز الإتفاق ولا يجيز نزول أحد الخصوم وحده عن الطعن في وقد عمم المشرع حكم الحالة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 217 مرافعات على حالة فقد أهلية المحكوم له للتقاضي أثناء ميعاد الطعن وعلى حالة وفاة أو زوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه، في مثل هذه الحالة يجوز رفع الطعن وإعلانه إلى من فقد الأهلية أو إلى من توفي ومن كان يباشر الخصومة عنه أو إلى من زالت صفته على أن بعاد إعلان الطعن إلى من يقوم مقام الخصم، لشخصه أو في موطنه قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى أو في الميعاد الذي تحدده المحكمة لذلك، وقد نص المشرع على ذلك في الفقرة الثانية من المادة 217 مرافعات - محل التعليق - وفي هذه الصورة ينتج رفع الطعن وإعلانه - رغم بطلان كل منهما لتوجيهه إلى شخص لأهلية لديه أو صفة في توجيهه إليه - أثراً قانونياً هو حفظ حق المحكوم عليه في الطعن من السقوط. (نقض 1981/3/30 - في الطعن رقم 395 لسنة 46 قضائية).
ويتم الطعن صحيحاً بتوجيهه إلى ورثة الخصم المتوفي جملة بصفتهم كورثة دون ذكر أسمائهم أو إلى الخصم الذي فقد أهليته أو توفي من كان يباشر الخصومة عنه أو زالت صفته متى تم ذلك في الميعاد ولو لم يتم إعادة إعلان الطعن إلا بعد الميعاد إلى أن إجراء إعادة الإعلان أمر منفصل عن رفع الطعن. (نفض 1967/5/23 لسنة 18 ص 1073 ) ، وإذا كانت الحكمة من ذلك في حاجة الطاعن إلى وقت ليتمكن من معرفة من حل محل من قام به سبب الإنقطاع إلا أن الإجراء يكون صحيحاً ولو كانت لدى الطاعن قبل رفع الطعن الفرصة الكافية إذ لا محل عند تطبيق النص إلى البحث عن الحكمة منه. (نقض 1968/10/15 سنة 19 ص 1258 ) . إذ يمكن للطاعن الإستفادة من هذه الرخصة ولو كانت لديه الفرصة الكافية للتحري عن محل إقامة جميع الورثة، كما يجب إعلان الطعن إلى الورثة جملة أو إلى الخصم الذي فقد أهليته أو توفي من كان يباشر الخصومة عنه أو من زالت صفته قبل مضي الثلاثة شهور التي يعتبر باطلة ، فإنه يجوز إستئنافه رغم الإتفاق على نهائيته ، وذلك عملاً بالمادة 221 مرافعات التي تجيز إستئناف الأحكام الإنتهائية الصادرة من محاكم الدرجة الأولى ، متى كانت باطلة أو مبنية على إجراءات باطلة ، والذي يملك رفع الإستئناف هو الخصم الذي تقرر البطلان لمصلحته ، أما خصمه فلا يملك الإستئناف ولو بصورة فرعية ولو لم يتسبب في البطلان ، وذلك لأن هذا البطلان لا يهدر إتفاق الخصوم عملاً بالمادة 2/219 ، لأن المشرع إذا كان يجيز في المادة 221 إستئناف الحكم كوسيلة لإلغاء الحكم الإنتهائي الباطل ، فإن ذلك مشروط برفعه من جانب صاحب المصلحة في التمسك بالبطلان ، أي من تقرر البطلان لمصلحته - وحده - وذلك على تقدير أن هذا الإستئناف هو وسيلة إلغاء الحكم وليس وسيلة تصحيح لقضاء الحكم الموضوعي ( أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام - ص 754 و 755).
وينبغي ملاحظة أن الأحكام الصادرة في مواد الأحوال الشخصية تخضع في إستئنافها للقواعد العامة المقررة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ( كمال عبد العزيز - ص 435 - ونقض 1966/3/9 - لسنة 17 ص 515 ، ونقض 1977/4/23 في الطعن رقم 32 لسنة 44 ق )، كما أن الحكم الصادر بناء على اليمين الحاسمة سواء بحلفها أو بالنكول منها لا يجوز إستئنافه ، ومناط عدم جواز استئناف الأحكام الصادرة بناء على اليمين أن يكون الخصم الموجه إليه اليمين قد حلفها أو نكل عنها طبقاً للقانون ( نقض 1961/11/9 - لسنة 12 ص 658 ، ونقض 1980/3/25 الطعن رقم 340 لسنة 45 قضائية )
كذلك ينبغي ملاحظة أن القواعد المتعلقة بقبول الإستئناف تتعلق . بالنظام العام فيجوز التمسك بعدم قبول الإستئناف ، سواء لدخول . الدعوى في النصاب الإنتهائي لمحكمة الدرجة الأولى ، أو لورود هذا المنع في نص خاص في أية حالة كانت عليها الدعوى ، ويتعين على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها مالم تكن قد قضت بقبول الإستئناف، إذ لا تملك العودة إلى ما قضت فيه، ولو أبديت لها أسباب عدم قبول أخرى جديدة، ولو كانت هذه الأسباب تتعلق بالنظام العام (محمد وعبد الوهاب العشماوي - بند 1197، محمد. كمال عبد العزيز - ص 435 نقض 1951/11/15 - لسنة 3 ص 37 ) وذلك احتراما لحجية الأحكام.
ومما هو جدير بالتنويه إليه أنه لا يجوز الإتفاق على نهائية الحكم إذا كان موضوع النزاع متعلقاً بالنظام العام، وإذا كان من القصور تفويت ميعاد الطعن بإرادة المحكوم عليه مما ينتهي إلى نفس النتيجة، أي إلى صيرورة الحكم الإبتدائي إنتهائياً غير قابل للطعن فيه بالإستئناف، غير أن الإتفاق على نهائية الحكم بما يفيد التنازل عن حق الطعن فيه بالإستئناف يجب ألا يقيد صاحبه في حالات النظام العام، فيكون له العدول عنه مادام ميعاد الطعن قائماً (عبدالباسط جمعی - نظام الطعن ص 47، والتعسف في إستعمال حق التقاضى - ص 2 وما بعدها، ونبيل عمر - ص 50 و 51 وعبد المنعم حسني - ص 346 ، ونقض 1961/2/2 - لسنة 12 ص 132 ، ونقض 1967/10/17 - لسنة 18 ص 1521). (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء : الرابع ، الصفحة : 624)