إذا قدم المدعى عليه طلباً عارضاً ، فإن الطعن في الحكم الصادر في أحد الطلبين الأصلي أو العارض ، تقدر قيمته بأكبر الطلبين قيمة . وهو ما يعني أن تقديم طلب عارض قد يؤدي إلى جعل الحكم الصادر في الطلب الأصلي قابلاً للإستئناف ، بعد أن كان - لو لم يقدم الطلب العارض - لا يقبله . وقد خشي المشرع أن يستغل المدعى عليه هذه القاعدة ، فيبادر في كل دعوی بتقديم طلب عارض موضوعه تعويضه عن رفع الدعوى أو عن سلوك المدعي فيها تزيد قيمته عن النصاب النهائي ، فقرر أنه بالنسبة لهذا الطلب العارض بالتعويض تكون العبرة - مهما كانت قيمته - بقيمة الطلب الأصلي وحده (مادة 224 مرافعات) .
فإذا كان الطلب الأصلي غير مقدر القيمة فإن الحكم في الطلب العارض يقبل الإستئناف مهما قلت قيمته ، لأن الطلبات غير القابلة للتقدير تعتبر متجاوزة النصاب النهائي للمحكمة . وتطبيقاً لهذا فإنه إذا رفع العامل دعوى بطلب المقابل النقدى لرصيد إجازاته ، فإن دعواه تكون غير قابلة للتقدير ، فإذا قدم طلباً عارضاً للحكم له بالمبلغ الذي إستظهره تقرير الخبير ، فإن الحكم الصادر في هذا الطلب مهما قلت قيمته لا يدخل في النصاب الإنتهائي للمحكمة الإبتدائية ويجوز إستئنافه. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 533)
نصاب الإستئناف إذا قدم أي من الخصوم طلباً عارضاً :
الطلب الأصلي، هو الذي تتضمنه صحيفة إفتتاح الدعوى، أما الطلب العارض، فهو الذي يقدم للمحكمة خارج نطاق هذه الصحيفة حتى لو تضمنته المذكرة الشارحة التي يقدمها المدعي مع صحيفة إفتتاح الدعوى لقلم الكتاب عند رفع دعواه ، مفاد ذلك أن الطلب الأصلي لا يقدم إلا من المدعي.
وقد تتضمن صحيفة افتتاح الدعوى عدة طلبات، فتكون كلها طلبات أصلية سواء طلب المدعي القضاء له بها جميعاً بصفة أصلية أو طلب القضاء ببعضها بصفة أصلية والبعض الآخر بصفة إحتياطية، ويقدر نصاب الإستئناف حينئذ بالنظر لما إذا كانت جميع الطلبات ناشئة عن سبب قانوني واحد فتكون العبرة بالقيمة الإجمالية لها، أو كانت ناشئة عن أسباب قانونية مختلفة، فيقدر نصاب الإستئناف بإعتبار کل طلب مستقل عن الطلبات الأخرى، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة (223) فيما تقدم.
أما الطلب العارض، فيقدم من المدعى أو من المدعى عليه أو من الغير الذي تدخل في الدعوى للإختصام أو أدخل فيها إذ لا يجوز لمن تدخل للإنضمام تقديم طلبات للقضاء له بها، فإن قدم من المدعي وتناول تعديلا للطلب الأصلي، كانت العبرة في تقدير قيمة الدعوى وفي تحديد نصاب الإستئناف بقيمة الطلب العارض بإعتباره آخر طلب للمدعى عملاً بالمادة (225) من قانون المرافعات، وإن قدم الطلب العارض من الخصم المتدخل للإختصام، كانت العبرة في تقدير قيمته وفي تحديد نصاب الإستئناف في الحكم الصادر فيه بقيمة الطلب العارض نفسه بإعتباره دعوی فرعية قائمة بذاتها خصوماً وموضوعاً وسبباً ، أما إن قدم الطلب العارض من المدعى عليه، رداً على الطلب الأصلي، قدرت قيمة الدعوى وتحدد نصاب الإستئناف على أساس الأكبر قيمة من الطلبين : الأصلي أو العارض.
فالطلب العارض هو الذي يتقدم به أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى، وتقدر قيمته يوم التقدم به، فإذا تناول تعديل الطلب الأصلي، وجب الإعتداد بهذا التعديل عند تحديد نصاب الإستئناف، مثال ذلك أن تتجاوز قيمة الطلب الأصلي المقدم للمحكمة الإبتدائية عشرة آلاف جنيه وهو النصاب الابتدائي لهذه المحكمة، ثم يتقدم المدعى بطلب عارض يعدل به الطلب الأصلي إلى أربعة آلاف جنيه، وحينئذ تظل المحكمة الإبتدائية مختصة فيها بنظر الدعوى ولكن يكون الحكم الذي تصدره فيها داخلا في نصابها الإنتهائي فلا يجوز إستئنافه إلا عملاً بالمادتين (221)، (222) من قانون المرافعات ، وبذلك يتأثر نصاب الإستئناف بالطلب العارض وتكون المحكمة بذلك قد إلتزمت قواعد الإختصاص دون مخالفتها، أما إن خالفتها، بأن كانت الدعوى وقت رفعها إليها لم تتجاوز قيمتها عشرة آلاف جنيه إذ ينعقد الإختصاص حينئذ لمحكمة المواد الجزئية بحيث إن تصدت المحكمة الإبتدائية لها، تكون قد خالفت قواعد الإختصاص مما يجوز معه إستئناف حكمها. (أنظر: نقض 1962/5/24 بالمادة 221) كذلك إذا رفعت الدعوى أمام محكمة المواد الجزئية بطلب أصلي مما تختص به قيما ثم تقدم المدعى بطلب عارض يتناول تعديل الطلب الأصلي إلى ما يتجاوز عشرة آلاف جنيه وجب القضاء بعدم الإختصاص وإحالة الدعوى إلى المحكمة الإبتدائية ويكون الحكم الصادر فيها جائزاً إستئنافه بعد أن أدى الطلب العارض إلى رفع القيمة لتصل إلى نصاب الإستئناف.
وقد يكون الطلب الأصلي غير مقدر القيمة، مما تختص به المحكمة الإبتدائية ، كطلب تقديم حساب ، ثم يعدل المدعي هذا الطلب إلى المبلغ الذي أسفر عنه تقرير الخبير، فإن كان مما تختص به المحكمة الجزئية ظل الإختصاص القيمي منعقداً للمحكمة الإبتدائية بإعتبار الطلب الجديد طلباً عارضاً مكملاً للطلب الأصلي مما تختص به المحكمة الإبتدائية مهما كانت قيمته ولكنه يدخل في نصابها الإنتهائي ويكون الحكم الذي تصدره غير جائز استئنافه. وذلك عملاً بالفقرة الثالثة من المادة (47) من قانون المرافعات وما نصت عليه المادة (223) منه.
نصاب الإستئناف إذا قدم المدعى عليه طلباً عارضاً:
تقدر قيمة الدعوى يوم رفعها وتحصل عنها الرسوم القضائية وفقا لهذا التقدير، وإذ أجاز القانون للمدعي والمدعى عليه تقديم طلبات عارضة أثناء نظر الدعوى، أدى ذلك إلى تعديل قيمتها عما كانت عليه وتعين تحصيل الرسوم المستحقة عن الطلب العارض، فإن كان الطلب مقدما من المدعي ، وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة (47) من قانون المرافعات، سويت الرسوم وفقاً لآخر طلباته، أما إن كان مقدماً من المدعى عليه التزم بالرسوم وفقاً لقيمته بإعتباره دعوی فرعية إذا قضى فيها لصالحه ، ألزمت المحكمة المدعى مصاريفها ورفضت الدعوى الأصلية وألزمت المدعى المصاريف، والعكس صحيح.
ومتى قدم المدعى عليه طلباً عارضاً يجابه به الدعوى الأصلية ، نكون بصدد دعويين مرتبطتين إرتباط لزوم إذ لا يجوز الفصل في إحداهما إلا على هدى الحكم الذي قد يصدر في الأخرى ، ويترتب على ذلك أن قيمة الدعوى تقدر على أساس الأكبر قيمة بالنظر إلى الطلبات التي تضمنتها الدعوى الأصلية والطلبات التي تضمنتها الدعوى الفرعية إذ تندمج الطلبات في الدعويين وتكون كلها ناشئة عن سبب قانوني متماثل مما يؤدي إلى تقدير قيمة الدعوى وتحديد نصاب الاستئناف وفقاً لأكبر الدعويين قيمة.
مثال ذلك ، أن يرفع المدعي دعوى مطالبة بريع إستناداً إلى ملكيته للعقار يجابها المدعى عليه بطلب عارض بثبوت ملكيته هو لذات العقار، فتكون كل من الدعوى الأصلية والطلب العارض بإعتباره دعوی فرعية، مرتبطة ببعضهما إرتباط لزوم، مما يتعين معه أن تقدر قيمة الطلبين المرتبطين بقيمة أكبرهما وقد تماثل السبب في كل منهما وهو الإدعاء بالملكية مما يجعل إرتباطهما إرتباط لزوم.
فإن كانت قيمة العقار لا تجاوز أربعين ألف جنيه ظل القاضي الجزئي مختصاً بنظر الدعوى متى كان الريع في حدود هذا المبلغ، ويكون الحكم الذي يصدره جائزاً إستئنافه ولو كان الريع داخلاً في حدود نصابه الإنتهائي كما لو كان دون خمسة آلاف جنيه بينما قيمة العقار تدخل في النصاب الإبتدائي له، أما إن كانت قيمته تجاوز أربعين ألف جنيه، إنعقد الإختصاص بالطلب العارض للمحكمة الإبتدائية، ولما كان هذا الطلب مرتبطاً بالطلب الأصلي إرتباط لزوم، ومن ثم تعين على القاضي الجزئي إحالتهما إلى المحكمة الإبتدائية المختصة عملاً بالمادتين (46)، (47) من قانون المرافعات، ويكون الحكم الصادر فيهما جائراً إستئنافه من أي من الخصمين دون النظر إلى كل طلب على حدة، بحيث إن كانت قيمة أحد الطلبين تدخل في النصاب الإنتهائي للمحكمة ، فيجوز للمحكوم عليه فيه إستئنافه ، فقد قدرت قيمة الدعوى وحدد نصاب الإستئناف في الحكم الصادر فيها بأكبر الطلبين قيمة ، كانت قيمة الطلب العارض أكبر في المثال المتقدم من قيمة الطلب الأصلي ، قدرت قيمة الدعوى بقيمة الطلب الأول وتحدد نصاب الإستئناف وفقاً لذلك دون إعتداد في هذا الصدد بقيمة الطلب الأصلي حتى لو صدر الحكم ضد المدعي في هذا الطلب إذ يجوز له استئنافه أيا ما كانت قيمته.
فإن أبقى القاضي الجزئي طلب الريع الذي يختص قیماً به، وكان هذا الطلب يدخل في إختصاصه النهائي وقضى فيه إستناداً للمادة (46) من قانون المرافعات وأحال الطلب العارض للمحكمة الإبتدائية، فإن حكمه يكون مشوباً بمخالفة قاعدة إختصاص متعلقة بالنظام العام جائراً إستئنافه عملاً بالمادة (221) من قانون المرافعات، لأن مناط إختصاص القاضي الجزئي بالطلب الأصلي ألا يترتب على ذلك ضرر بسير العدالة، بحيث إن توافر هذا الضرر إنتفي اختصاصه به ويكون قد خالف قاعدة إختصاص متعلقة بالنظام العام.
وإذا كانت قيمة كل طلب على حدة تدخل في النصاب الإنتهائي للمحكمة، كان الحكم الصادر في الدعوى غير جائز إستئنافه حتى لو كان مجموع الطلبين يدخل في النصاب الابتدائي للمحكمة.
ولا تقدر قيمة الدعوى بقيمة أكبر الطلبين إلا إذا كان الطلب العارض مما يجوز للمدعى عليه تقديمه عملاً بالمادة (125) من قانون المرافعات فإن لم يكن كذلك ظلت الدعوى مقدرة بقيمة الطلب الأصلي الذي تضمنته صحيفة إفتتاح الدعوى وتحدد نصاب الإستئناف في الحكم الصادر في الطلب الأخير وفقاً لهذه القيمة دون إعتداد بقيمة الطلب العارض، ويتحدد نصاب الإستئناف في الحكم الصادر بعدم قبول هذا الطلب وفقا لقيمته مستقلاً عن الطلب الأصلي.
وطالما قدم المدعى عليه الطلب العارض، فإن قيمة الدعوى تقدر على أساس أكبر الطلبين قيمة ويتحدد نصاب الإستئناف وفقاً لهذه القيمة سواء فصلت المحكمة في الطلبين معا أو أغفلت أحدهما، فإن كان الطلب الذي أغفلته يدخل في نصابها الإنتهائي بينما يدخل الطلب الآخر في نصابها الإبتدائي، كان لمن أغفلت المحكمة طلبه الرجوع إليها للفصل فيه ويكون حكمها الصادر في هذا الطلب جائراً إستئنافه، فإن كان قد تم إستئناف الحكم الذي فصلت فيه المحكمة ، جاز للمحكمة الإستئنافية ضم الإستئنافين للإرتباط وليصدر فيهما حكم واحد، فإن لم يكن قد صدر الحكم بعد في الطلب الذي أغفلته المحكمة، وكان الحكم الصادر أولاً يحاج به الخصم الآخر، تعين على المحكمة الإستئنافية وقف الإستئناف حتى يصدر الحكم في الطلب المشار إليه منعاً لتعارض الأحكام.
وإن كان أحد الطلبين غير قابل للتقدير، اعتبرت قيمة الدعوى تريد عن النصاب الإنتهائي للمحكمة ويكون الحكم جائزاً إستئنافه.
أثر الطلب العارض والدفع الموضوعي في تحديد نصاب الإستئناف:
قد يختلط الطلب العارض بالدفع الموضوعي، ويمكن التفرقة بينهما بالنظر إلى الغرض الذي يرمي إليه الخصم، فإن كان القصد دفع طلبات الخصم الآخر وعدم القضاء له بها والوقوف عند هذا الحد، كان الإجراء المقدم منطوياً على دفع موضوعي لهذه الطلبات، أما إن كان القصد لا ينحصر في عدم القضاء للخصم بطلباته وإنما يمتد إلى القضاء بمحل هذه الطلبات كلها أو بعضها للخصم الآخر، كان الإجراء منطوياً على طلب عارض.
مثال ذلك أن يرفع المدعي دعوى مطالبة بريع عن غصب الملكية ، ويدفعها المدعى عليه بإكتسابه ملكية العقار الطالب بريعه بالتقادم ويقف عند هذا الحد، وحينئذ يكون قد إستند إلى دفع موضوعي بحيث إذا أخذت به المحكمة أدى إلى رفض دعوى الريع والوقوف عند هذا الحد. أما إذا دفع المدعى عليه الدعوى بإکتسابه الملكية بالتقادم ولم يقف عند هذا الحد إنما طلب القضاء له بتثبيت ملكيته هو لذات العقار، فإنه يكون قد إستند إلى طلب عارض، وحينئذ تقدر قيمة الدعوى ويحدد نصاب الإستئناف على أساس أكبر الطلبين وهما طلب الريع وطلب تثبيت الملكية، بينما في الحالة السابقة تظل الدعوى مقدرة بقيمة الريع ويحدد نصاب الإستئناف وفقاً لذلك بإعتبار أن طلب الريع هو الطلب الوحيد في الدعوى وأن الدفع الموضوعي لا ينال من قواعد التقدير. ويراعى أن المدعي في دعوى الريع يتحمل عبء إثبات السبب الذي إكتسب الملكية بمقتضاه وللمدعى عليه نفي ذلك بكافة الطرق وتستند المحكمة في رفض دعوى الريع إلى عدم ملكية المدعى ولا يدل ذلك على ملكية المدعى عليه لعقار النزاع مما مفاده أن الحكم الصادر بالرفض لا تكون له حجية في الدعوى التي يرفعها الأخير بتثبيت ملكيته للعقار. وراجع نقض 1981/11/8 فيما تقدم.
وفي حالة الطلب العارض ، يقدم كل خصم أدلته على ثبوت الملكية له، وتقضي المحكمة على هدى هذا الإثبات في الدعوى الأصلية والطلب العارض، فلا تقف عن حد الفصل في الدعوى الأولى، وإنما يمتد قضاؤها إلى الفصل في الطلب العارض.
نصاب الإستئناف عند طلب المدعى عليه التعويضات:
أجازت المادة (123) من قانون المرافعات للمدعى عليه أن يقدم طلباً عارضاً بالحكم له بالتعويض عن ضرر لحقه من الدعوى الأصلية أو من إجراء اتخذ فيها، ووفقاً للقاعدة العامة التي تضمنتها الفقرة الأولى من المادة (224) من ذات القانون، يكون تقدير قيمة الدعوى وتحديد نصاب الإستئناف على أساس الأكبر قيمة من الطلبين الأصلي أو العارض، ومقتضى ذلك تمكين المدعى عليه من تحديد نصاب الإستئناف بإرادته المنفردة وذلك برفع قيمة التعويض الذي يطالب به إذا كانت قيمة الدعوى الأصلية تدخل في النصاب الإنتهائي للمحكمة حتى يتمكن من إستئناف الحكم أن صدر في غير صالحه. و للحيلولة دون المدعي عليه وهذا التحايل أورد المشرع بالفقرة الثانية من المادة الأخيرة إستثناء من تلك القاعدة العامة وذلك بتقدير قيمة الدعوى في هذه الحالة وبالتالي تحديد نصاب الإستئناف على أساس قيمة الطلب الأصلي وحده حتى لو تجاوزته التعويضات المطلوبة، وينحصر هذا الإستثناء في النطاق المتعلق بتقدير قيمة الدعوى وتحديد نصاب الإستئناف دون أن يتجاوزه ، ومفاد ذلك، أن الدعوى الأصلية إذا رفعت إلى محكمة المواد الجزئية لإختصاصها بنظرها، ثم قدم المدعى عليه طلباً عارضاً بالتعويضات بما يجاوز النصاب الإبتدائي لهذه المحكمة، وهو ما يخرج عن إختصاصها القيمي ولا تملك الحكم فيه ويتعين عليها القضاء بعدم إختصاصها بنظره وإحالته إلى المحكمة الإبتدائية وتبقى الدعوى الأصلية للفصل فيها، وحينئذ يخضع الحكم الصادر من المحكمة الإبتدائية للقواعد العامة في تحديد نصاب الإستئناف، كما يخضع الحكم الصادر في الدعوى الأصلية لذات القواعد بعد أن أنبتت الصلة بين الدعويين بإحالة الدعوى الفرعية إلى المحكمة الإبتدائية. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : السادس ، الصفحة : 308)
إذا قدم المدعى عليه في أثناء الخصومة طلباً عارضاً كان تقدير نصاب الإستئناف بالنسبة للحكم الصادر في الطلبين الأصلي أو العارض بالأكبر قيمة من الطلبين الأصلي أو العارض فإذا كانت قيمة أحد الطلبين تزيد عن النصاب الإنتهائي لمحكمة الدرجة الأولي كان الدرجة الأولي كان الحكم الصادر في هذا الطلب وفي الطلب الآخر داخلاً في حدود النصاب الإنتهائي حتى لو كان الطلبين ناشئين عن سبب واحد أما إذا كان كلا الطالبين يدخل في حدود مصاب الإنتهائي فلا يجوز إستئناف أي منهما ولو كان مجموعهما يجاوز نصاب الإستئناف .
غير أنه إذا كان موضوع الطلب العارض تعويضات عن رفع الدعوى الأصلية أو عن طريق السلوك فيها تكون العبرة بقيمة الطلب الأصلي وحده وعلة هذا الإستثناء دفع إحتيال المدعى عليه لجعل الحكم الصادر في الدعوى قابلاً للإستئناف بتوجيهه طلباً عارضاً وذلك بطلب تعويض عن رفع الدعوى الأصلية.
وإذا أغفلت المحكمة الحكم في الطلب المقدم من المدعى عليه والذي تزيد قيمته على نصاب الإستئناف فإن الحكم في الطلب الأصلي يقبل الإستئناف ولو كانت قيمته أقل من نصاب الإستئناف.
وإذا منع المشرع الطعن في نوع من الأحكام دون أن يمنع قبول طلبات عارضة أثناء نظرها كما كان الحال في قانون إيجار الأماكن قبل إلغاء المادة 20 من القانون 49 لسنة 1977 فقد ذهب رأي إلي أن الطلب العارض يعتبر مستقلاً عن الدعوي الأصلية ويجوز إستئنافه وحده تبعاً لقيمته هو دون إعتداد بقيمة الدعوى الأصلية ( رمزي سیف الطبعة الثامنة ص 811) ونادي الرأي الآخر بأن الدعوى بشقيها تكون قابلة للإستئناف ( أبو الوفا في التعليق الطبعة . الخامسة ص 856) وفي تقديرنا أن الرأي الثاني هو الصحيح . (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء : الخامس ، الصفحة : 401)
تقدير نصاب الاستئناف إذا قدم المدعى عليه طلباً عارضاً : وفقاً للفقرة الأولى من المادة 224 محل التعليق. إذا ما تقدم المدعى عليه طلباً عارضاً كان تقدير نصاب الإستئناف على أساس الأكبر قيمة من الطبيين : الأصلي أو العارض، ومثال ذلك أن ترفع دعوى أمام المحكمة الجزئية بطلب دین قدره ثلاثون جنيها، فيدلي المدعى عليه بطلب عارض قيمته تسعون جنيها، فلولا هذا الطلب العارض لكان الحكم الصادر في الدعوى غير قابل للإستئناف، وإنما بمقتضى القاعدة الواردة في الفقرة الأولى من المادة 224 ، يكون التقدير على أساس الأكبر قيمة من الطلبين، ولما كان الطلب العارض في هذا المثال قيمته تسعون جنيهاً ، فيكون الحكم الصادر في الدعوى بشقيها قابلاً للطعن فيه بالاستئناف (أنظر : إستئناف مختلط 1943/4/29 - مجلة التشريع والقضاء 55 ص 151)، وهذه القاعدة سالفة الذكر تطبق عند الإدلاء بدعوى التزوير الفرعية، أو دعوى تحقيق الخطوط الفرعية من جانب المدعى عليه، فهي تعد بمثابة طلب عارض (أحمد أبو الوفا التعليق ص 856).
فإذا كان كلا الطلبين يدخل في حدود النصاب الإنتهائي، فلا يجوز الإستئناف ولو كان مجموعهما يتجاوز هذا النصاب، أما إذا كان أحدهما أو كلاهما يتجاوز النصاب، فالإستئناف جائز دائماً ، ولو كان الطلبان ناشئين عن سند واحد. (نقض 1953/12/3 - لسنة 5 ص 223 ، محمد عبدالوهاب العشماوی - بند 1217 ، محمد كمال عبد العزيز ص 448).
وعند تقدير نصاب الإستئناف، لا يعتد بالطلبات العارضة التي يتنازل عنها صاحبها صراحة أو ضمناً، قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى الأصلية، وتطبيقا لذلك إذا لم يتمسك المدعى عليه في طلباته الختامية بالطلب العارض الذي يكون قد أبداه في الدعوى الأصلية، فإن هذا الطلب يعتبر غير مطروح على المحكمة (قارب: نقض 1968/5/9 - لسنة 19 ص 924)، ويتعين بالتالي ألا يدخل في الحساب عند تقدير نصاب الإستئناف (عبدالمنعم حسنی بند 524 ص 460).
فالمناط في جواز الإستئناف أو عدم جوازه هو قيمة الطلب الأكبر: الأصلي أو العارض، فلا يعتد بمجموع الطلبين، فقد أسلفنا أنه إذا كان كلا الطلبين يدخل في النصاب النهائي، فلا يجوز الإستئناف، ولو كان مجموع الطلبين يتجاوز هذا النصاب.
ومن البديهي أنه يتم تقدير قيمة كل من الطلب الأصلي والطلب العارض، وفقاً لقواعد تقدير قيمة الدعوى عملاً بنص المادة 222 مرافعات، ويكون الطلب غير القابل للتقدير - بحسب تلك القواعد - هو الأكبر قيمة في جميع الحالات، سواء أكان هو الطلب الأصلي أو العارض.
وقاعدة تقدير نصاب الإستئناف على أساس الأكبر قيمة من الطلبين:
الأصلي أو العارض، يعمل بها سواء قضت المحكمة في موضوع الطلب العارض مع الدعوى الأصلية، أو إستبقت الطلب العارض للحكم فيه بعد تحقيقه (أنظر المادة 2/127 مرافعات)، بل إنه بعمل أيضاً بنفس القاعدة ولو أغفلت المحكمة الحكم في الطلب العارض (أنظر المادة 193 مرافعات)، وعلة ذلك أن المشرع يحدد نصاب الإستئناف على أساس الطلبات التي تقدم من الخصوم، لا الطلبات التي تفصل فيها المحكمة (أحمد أبو الوفا- نظرية الأحكام ص 739 )، والمادة 224 محل التعليق تشير إلى ذلك بقولها وإذا قدم المدعى عليه طلباً عارضاً كان التقدير... ويتعين في الحالات المتقدمة أن يكون الحكم منا يقبل الطعن فيه على الإستقلال عملاً بنص المادة 212 مرافعات عبدالمنعم حسنی ص 460 و ص 461 )، إذن إذا أغفلت المحكمة في الطلب المقدم من المدعى عليه، والذي تزيد قيمته على نصاب الإستئناف، فإن الحكم في الطلب الأصلي يقبل الإستئناف، ولو كانت قيمته أقل من نصاب الإستئناف .
وينبغي ملاحظة أن تطبيق المادة 224 محل التعليق. يقتصر على تقدير نصاب إستئناف الحكم الذي يصدر في الدعاوى المتضمنة طلباً عارضاً وفقاً للتحديد سالف الذكر، ومن ثم لا تطبق المادة 224 عند ضم الدعاوى المستقلة (نقض 1953/6/18 - لسنة 4 ص 1178)، ولا عند حصول التدخل الإنضمامي أو الهجومي. (نقض 1953/12/3 - لسنة 5 ص 223)، ما لم تكن الدعوى مرفوعة للمطالبة بجزء من حق، وتدخل الغير في الدعوى منازعاً في الحق كله، و طالباً الحكم لنفسه به، فإن قيمة الدعوى عندئذ تقدر بقيمة طلب التدخل، بإعتبار أنه قيمة الحق بأكمله، وفقاً لحكم المادة 40 مرافعات (أمينة النمر- تقدير قيمة الدعوى - ص 103 وما بعدها، عبد المنعم حسنى - ص 461 ).
وإذا منع المشرع الطعن في الحكم الصادر في نوع من الدعاوى، دون أن يمنع قبول طلبات عارضة أثناء نظرها كما هو الحال بالنسبة للمنازعات الإيجارية الحكومة بالقانون رقم 121 لسنة 1947، وكما هو الحال في دعاوى الطعن على تقدير اجرة المساكن طبقاً للمادة 20 من القانون 49 لسنة 1977، أعتبر الطلب العارض مستقلاً عن الدعوى الأصلية، وجاز إستئنافه وحده تبعاً لقيمته هو دون إعتداد بقيمة الدعوى الأصلية (أحمد أبو الوفا المرافعات - بند 102، كمال عبد العزيز- ص 448، الديناصوری وعكاز ص 682 ، محمد وعبدالوهاب العشماوی - بند 1217).
تقدير نصاب الإستئناف إذا كان موضوع الطلب العارض تعويضاً عن رفع الدعوى الأصلية أو عن طريق السلوك فيها: أوردت المادة 224 في فقرتها الأولى القاعدة العامة في تقدير نصاب الإستئناف، إذا قدم المدعى علبه طلباً عارضاً ، أما الفقرة الثانية من هذه المادة فقد إستثنت حالة ما إذا كان موضوع الطلب العارض تعويضات عن رفع الدعوى الأصلية، أو عن طريق السلوك فيها، وقضت بأن تكون العبرة عندئذ بقيمة الطلب الأصلي وحده، والحكمة في ذلك واضحة وهي دفع إحتيال المدعى عليه (رمزی سیف - الوسيط ص 812 ، أحمد أبو الوفا۔ المرافعات - ص823 ، عبدالمنعم حسنی ص 462 ، نبيل عمر- ص 126 ، محمد وعبد الوهاب العشماوي ص 865)، وقد يتمثل إحتيال المدعى عليه لجعل الحكم الصادر في الدعوى الأصلية قابلاً للإستئناف، بينما هو بحسب الأصل لا يقبل الطعن فيه بالإستئناف في تقديم طلب عارض يطلب فيه التعويض عن رفع الدعوى الأصلية، بمقولة أنها قد قصد بها الكيد له أو عن طريق السلوك فيها.
ويلاحظ أن التعويض عن رفع الدعوى الأصلية الذي يقدم في صورة طلب عارض يصدر دائماً عن المدعى عليه، أما طلب التعويض عن طريق السلوك في الدعوى فيتصور صدوره من المدعي، أو المدعى عليه على السواء، ففي الفقرة الثانية من المادة محل التعليق، لم يخصص المشرع الطلب العارض بالتعويض بكونه مقدماً من المدعى عليه، كما هو الشأن في الفقرة الأولى من المادة، وإنما أطلق الحكم ليشمل فضلا عن طلب المدعي عليه التعويض، طلب المدعي الحكم له بالتعويض عن الأضرار التي تكون قد لحقته نتيجة سلوك المدعي في الدعوى، وكذا طلب الغير التعويض عن الضرر الذي قد يلحقه بسبب إختصامه أمام المحكمة (عبدالمنعم حسنی - ص 462 ، وص 463 ، أمينة النمر النصاب النهائي للمحاكم ص 49). (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء : الرابع ، الصفحة : 751)