loading

موسوعة قانون المرافعات

الأحكام

1- مفاد النص فى المادة 228 من قانون المرافعات يدل - على أن المشرع قد اختار أن يطلق سلطة محكمة الاستئناف فى التحقق من توافر الغش ولم يشأ أن يقيدها كما فعل فى حالتى صدور الحكم بناء على ورقة مزورة أو الشهادة الزور التى استلزم لإثباتها إقرار الفاعل أو صدور حكم وذلك حتى يرفع الحرج عن المحاكم وعن الناس فى حالة الغش لتتفهم المحكمة الواقعة المطروحة عليها وما احاطها من ظروف وملابسات وتقدر الأدلة المطروحة عليها وتفاضل بينها فتلحق ما يفيد الظن الراجح بالثابت لأنه أقرب إليه والبينة المرجوحة بغير الثابت لأنها إليه أقرب وذلك صميم عمل محكمة الموضوع وسبب سلطتها فى فهم الواقع وتقدير الأدلة والذى جعل المشرع يخولها سلطة استنباط القرائن القضائية .

(الطعن رقم 5562 لسنة 64 جلسة 2005/01/10 س 56 ص 77 ق 13)

2- النص فى المادة 213 من قانون المرافعات على أن (يبدأ ميعاد الطعن فى الحكم منن تاريخ صدوره ما لم ينص القانون على غير ذلك، ويبدأ هذا الميعاد من تاريخ إعلان الحكم إلى المحكوم عليه فى الأحوال التي يكون فيها قد تخلف عن الحضور فى جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاعه أمام المحكمة ولا أمام الخبير....) وفي المادة 228 من ذات القانون على أنه (إذا صدر الحكم بناء على غش وقع من الخصم أو بناء على ورقة مزورة..... فلا يبدأ ميعاد استئنافه إلا من اليوم الذي ظهر فيه الغش أو الذي أقر فيه بالتزوير فاعله أو حكم بثبوته.......) يدل على أن الأصل أن يبدأ سريان ميعاد الاستئناف من تاريخ صدور الحكم الابتدائي أو من تاريخ إعلانه إلى المحكوم عليه فى الحالات المحددة فى المادة 213 سالفة الذكر وذلك ما لم يكن هذا الإعلان صادراً بناءً على غش وقع من الخصم أو بناء على ورقة حكم بتزويرها أو أقر به فاعله فلا يبدأ سريان ميعاد الاستئناف عندئذ إلا من وقت ظهور الغش للمحكوم عليه أو من تاريخ إقرار فاعل التزوير بارتكابه أو صدور حكم بثبوته .

(الطعن رقم 406 لسنة 63 جلسة 2000/02/29 س 51 ع 1 ص 376 ق 68)

3- إذ كان الثابت أن الطاعنة تمسكت فى صحيفة الاستئناف ببطلان إعلانها بالحكم الصادر من محكمة أول درجة لوقوع تزوير فى الإعلان بإثبات المحضر على خلاف الحقيقة انتقاله إلى محل إقامتها وتسليمه صورة الإعلان إلى..........صهرها المقيم معها فى حين أنه لم ينتقل والمذكور ليس صهرها ولا يقيم معها بل هو الخفير النظامي المرافق له وقد سارعت لإثبات ذلك فى المحضر رقم......... وأوردت كل ذلك فى مذكرة شواهد التزوير - ولما كان الادعاء بالتزوير هو السبيل الوحيد للطاعنة لإثبات عكس ما أثبته المحضر فى صحيفة الإعلان وهو دفاع جوهري من شأنه أن صح انفتاح ميعاد استئناف الحكم فإن تحقيقه يكون منتجاً فى النزاع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر على سند من أن المحضر متى انتقل إلى موطن الشخص المراد إعلانه وذكر أنه سلم صورة الإعلان إلى احد أقاربه أو أصهاره المقيمين معه فإنه لا يكون مكلفاً بالتحقق من صفه من تسلم منه الإعلان، وانتهى به ذلك إلى رفض الطعن بالتزوير لأنه غير منتج فى النزاع وهو مالا يواجه دفاع الطاعنة الذي يهدف إلى إثبات تزوير محضر الانتقال ذاته فإنه يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون الأمر الذي انتهى به إلى القضاء خطأ بسقوط الحق فى الاستئناف لرفعه بعد الميعاد وحجبه عن بحث باقي دفاع الطاعنة بالنسبة لتزوير إعلان صحيفة الدعوى وتحقيق دفاعها فى موضوعها .

(الطعن رقم 406 لسنة 63 جلسة 2000/02/29 س 51 ع 1 ص 376 ق 68)

4- إذ كانت الطاعنة قد تمسكت بمذكراتها المقدمة لمحكمة الاستئناف بجلسة .... بدفاع حاصلة أن الحكم المستأنف صدر بناء على غش من المطعون ضدهما الأول والثانى بأن استهدفا عدم علمها بقيام الخصومة فعمدا إلى إعلانها بصحيفة الدعوى وبالحكم الابتدائى فى موطن عمها المطعون ضده الثالث المتواطىء معهما بزعم أنها تقيم معه فى منزله فى حين أنها تقيم فى موطن آخر مع زوجها وذلك للحيلولة دون مثولها فى الدعوى وإبداء دفاعها فيها ، كما تمسكت بأن ميعاد الاستئناف لا يبدأ سريانه إلا من وقت علمها بالغش الذى لم تعلم به إلا عند استئنافها الحكم ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بسقوط الحق فى الاستئناف على ما أورده بأسبابه " بأن الطاعنة أقامت استئنافها بعد انقضاء ميعاده الذى بذأ سريانه من تاريخ إعلانها بالحكم المستأنف الذى سبق القضاء برفض إدعائها بتزويره ، وعدم تقديمها ثمه مطاعن أخرى على هذا الإعلان الذى قضى بصحته بجلسة 1982/12/15 وهو قول لا يواجه دفاع الطاعنة بوقوع غش فى إعلانها بصحيفة افتتاح الدعوى وبالحكم الانتدائى وهو دفاع جوهرى يتغير به - إن صح - وجه الرأى فى شكل الاستئناف فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور .

(الطعن رقم 3274 لسنة 58 جلسة 1992/12/31 س 43 ع 2 ص 1492 ق 302)

5- مفاد نص المادة 379 من قانون المرافعات السابق- الذى يحكم واقعة النزاع- أن المشرع جعل سريان مواعيد الطعن فى الأحكام من تاريخ صدورها كأصل عام إلا ما استثنى منها بنص خاص، وكان نص المادة 403 من قانون المرافعات السابق المطابق لنص المادة 228 من القانون الحالى يدل على أن الغش الذى لا ينفتح ميعاد الاستئناف إلا بظهوره هو ما كان خافيا على الخصم طيلة نظر الدعوى بحيث لم تتح له الفرصة لتقديم دفاعه وتنوير حقيقته للمحكمة فتأثر به الحكم، أما إذا تواطأ الخصمان على إقرار المدعى عليه للمدعى بحق يدعيه الأخير لنفسه وذلك أضرارا بحقوق الدائنين، فإن ذلك أضرارا بحقوق الدائنين ، فإن ذلك لا يعد غشا بالمعنى الذى عناه المشرع بالنص السالف فلا ينفتح به ميعاد الطعن على الحكم بالنسبة لدائنى ذلك الخصم استعمالا لحقهم فى الدعوى غير المباشرة.

(الطعن رقم 2259 لسنة 51 جلسة 1992/01/26 س 43 ع 1 ص 229 ق 50)

6- النص فى المادة 228 من قانون المرافعات على أنه " إذا صدر الحكم بناء على غش وقع من الخصم أو بناء على ورقة مزورة أو بناء على شهادة زور أو بسبب عدم إظهار ورقة قاطعة فى الدعوى إحتجزها الخصم فلا يبدأ ميعاد إستئنافه إلا من اليوم الذى ظهر فيه الغش أو الذى أقر فيه بالتزوير فاعله أو حكم بثبوته أو الذى حكم فيه على شاهد الزور أو اليوم الذى ظهرت فيه الورقة التى إحتجزت " يدل على أن الغش الذى لا ينفتح ميعاد الإستئناف إلا بظهوره هو ما كان حالة خافياً على الخصم طيلة نظر الدعوى بحيث لم تتح له الفرصة لتقديم دفاعه فيه وتنوير حقيقته للمحكمة فتأثر به الحكم فإذا كان الخصم مطلعاً على أعمال خصمه ولم يناقشها أو كان فى وسعه تبين غشه وسكت عنه ولم يفضح أمره، فإنه لا يكون هناك ثمة غش يجيز الإستئناف بعد الميعاد المحدد بالمادة 227 من قانون المرافعات.

(الطعن رقم 1247 لسنة 54 جلسة 1991/11/24 س 42 ع 2 ص 1673 ق 263)

7- ولئن كان إستئناف الحكم فى هاتين الحالتين - يطرح حتماً - على المحكمة الإستئنافية الغش المدعى به بما يوجب عليها التحقيق من وقوعه و أثره فى الحكم و وقت ظهوره توصيلاً لتحديد بدء سريان ميعاد الإستئناف إلا أن الفصل فى شكل الإستئناف لا يتسع - عند عدم الإقرار بالتزوير من مرتكبه - لإثبات تزوير الورقة التى قام عليها الحكم المستأنف ، إذ لا ينتج فى إثباته سوى سبق صدور حكم بالتزوير فى دعوى أخرى ، و هو أمر متعلق بالنظام العام.

(الطعن رقم 309 لسنة 52 جلسة 1985/06/06 س 36 ع 2 ص 877 ق 181)

8- يدل النص فى المادتين 213 و 228 من قانون المرافعات على أن الأصل أن يبدأ سريان ميعاد الإستئناف من تاريخ صدور الحكم الإبتدائى أو من تاريخ إعلانه إلى المحكوم عليه فى الحالات المحددة بالمادة 213 سالفة الذكر ، و ذلك ما لم يكن هذا الحكم صادراً بناء على غش وقع من الخصم أو بناء على ورقة حكم بتزويرها أو أقر به فاعله ، فلا يبدأ سريان ميعاد الإستئناف عندئذ إلا من وقت ظهور الغش للمحكوم عليه أو من تاريخ إقرار فاعل التزوير بإرتكابه أو صدور حكم بثبوته.

(الطعن رقم 309 لسنة 52 جلسة 1985/06/06 س 36 ع 2 ص 877 ق 181)

9- إستخلاص عناصر الغش من وقائع الدعوى و تقدير ما يثبت به هذا الغش و ما لا يثبت به يدخل فى السلطة التقديرية لقاضى الموضوع بعيداً عن رقابة محكمة النقض متى كان إستخلاصه سائغاً و مستمداً من وقائع ثابتة فى الأوراق .

(الطعن رقم 1340 لسنة 50 جلسة 1984/12/10 س 35 ع 2 ص 2029 ق 384)

10- النص فى المادة 228 من قانون المرافعات على أن إذا صدر الحكم بناء على غش وقع من الخصم أو بناء على ورقة مزورة أو بناء على شهادة زور أو بسبب عدم إظهار ورقة قاطعة فى الدعوى إحتجزها الخصم فلا يبدأ ميعاد استأنفه إلا من اليوم الذى ظهر فيه الغش أو الذى أقر فيه بالتزوير فاعله أو حكم بثبوته أو الذى حكم فيه على شاهد الزور أو اليوم الذى ظهرت فيه الورقة التى إحتجزت " يدل على أن الغش الذى لا ينفتح ميعاد الإستئناف إلا بظهوره هو ما كان حاله خافياً على الخصم طيلة نظر الدعوى بحيث لم تتح له الفرصة لتقديم دفاعه فيه و تنوير حقيقته للمحكمة فتأثر به الحكم و إن إحتجاز الورقة القاطعة فى الدعوى و التى لا يبدأ الميعاد إلا بظهورها هى التى يجهل الخصم وجودها أو فحواها و لا يعلم بشخص محتجزها أما إذا كان يعلم بوجود الورقة فقد تكفلت المادتان 20 ، 26 من قانون الإثبات ببيان إلزام الخصم أو غير الخصم بتقديمها .

(الطعن رقم 1379 لسنة 51 جلسة 1984/11/11 س 35 ع 2 ص 1827 ق 346)

11- مفاد نص المادة 213 من قانون المرافعات يدل على أن المشرع جعل سريان مواعيد الطعن فى الأحكام من تاريخ صدورها كأصل عام إلا ما استثنى منها بنص خاص ، و إذ كان النص فى المادة 228 مرافعات على أنه "إذا صدر الحكم بناء على غش وقع من الخصم أو بناء على ورقة مزورة أو بناء على شهادة زور أو بسبب عدم اظهار ورقة قاطعة فى الدعوى احتجزها الخصم فلا يبدأ ميعاد استئنافه إلا من اليوم الذى ظهر فيه الغش أو الذى أقر فيه بالتزوير فاعله أو حكم بثبوته . . " لما كان ذلك و كان الثابت من الأوراق أن - الطاعن قد مثل أمام المحكمة الابتدائية و لم يقدم للمحكمة الاستئنافية حكما بثبوت تزوير الورقة التى صدر بناء عليها حكم محكمة أول درجة أو اقرار المتمسك بها بتزويرها عملاً بنص المادة 228 من قانون المرافعات فإن الحكم المطعون فيه إذ احتسب ميعاد الطعن فى الحكم المستأنف من تاريخ صدوره يكون قد التزم صحيح القانون .

(الطعن رقم 316 لسنة 50 جلسة 1983/11/17 س 34 ع 2 ص 1633 ق 321)

12- إذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه وقف عند القضاء بسقوط حق الطاعن فى الاستئناف لعدم انطباق نص المادة 228 من قانون المرافعات ، و لم يعرض لميعاد إعلان صحيفة الاستئناف أو لموضوع النزاع فإن النعى عليه بالشق الثانى من السبب الثانى و السبب الثالث بالقصور فى التسبيب و الاخلال بحق الدفاع يكون غير مقبول .

(الطعن رقم 316 لسنة 50 جلسة 1983/11/17 س 34 ع 2 ص 1633 ق 321)

13- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن قاعدة "الغش يبطل التصرفات" هي قاعدة قانونية سليمة ولو لم يجرِ بها نص خاص في القانون ، وتقوم على اعتبارات خُلُقية واجتماعية في محاربة الغش والخديعة والاحتيال وعدم الانحراف عن جادة حسن النية الواجب توفرها في التصرفات والإجراءات عموماً صيانةً لمصلحة الأفراد والجماعات ؛ ولذا يبطل الإعلان إذا ثبت أن المعلن قد وجهه بطريقة تنطوي على غش رغم استيفائه ظاهرياً لأوامر القانون حتى لا يصل إلى علم المعلن إليه لمنعه من الدفاع في الدعوى أو ليفوت عليه المواعيد ، وأن تعمد الخصم إخفاء قيام الخصومة عن خصمه للحيلولة دون مثوله في الدعوى وإبداء دفاعه فيها يُعد من قبيل الغش في حكم المادة 228 من قانون المرافعات ، وكان استخلاص عناصر الغش وتقدير ما يثبُت به هذا الغش وما لا يثبُت به من سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً .

 

(الطعن رقم 16711 لسنة 76 ق - جلسة 17 / 12 / 2022)

الفقه الإسلامي

ميعاد الاستئناف :

تنص المادة (10) فقرة أخيرة من قانون المحاكم الإقتصادية على أنه ومع مراعاة أحكام المادة (5) من هذا القانون يكون ميعاد الإستئناف أربعين يوماً من تاريخ صدور الحكم ، وذلك فيما عدا الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة والطعون المقامة من النيابة العامة.

فالقاعدة هي أن يكون ميعاد الاستئناف أربعين يوماً من صدور الحكم المستأنف . وهو نفس ما ينص عليه قانون المرافعات بصفة عامة بالنسبة لميعاد الاستئناف للأحكام غير الصادرة من المحاكم الإقتصادية .

ولم يتضمن قانون المحاكم الإقتصادية ما ينص عليه قانون المرافعات من استثناءات تقضي ببدء الميعاد في بعض الأحوال من إعلان الحكم (مادة ۲۱۳ مرافعات) ، أو بدء الميعاد من واقعة أخرى غير صدور الحكم أو إعلانه ، إذ تنص المادة ۲۲۸ مرافعات على أنه في حالة صدور الحكم الابتدائي بناء على غش وقع من الخصم أو بناء على ورقة مزورة أو بناء على شهادة زور أو بسبب عدم إظهار ورقة قاطعة في الدعوى احتجزها الخصم ، لا يبدأ ميعاد الاستئناف إلا من اليوم الذي ظهر فيه الغش أو الذى أقر فيه بالتزوير فاعله أو حكم بثبوته أو الذي حكم فيه على شاهد الزور ، أو اليوم الذي ظهرت فيه الورقة التي احتجزت .

ورغم خلو قانون المحاكم الاقتصادية من هذه الإستثناءات ، فإنها تنطبق أيضا على الأحكام الصادرة منها إعمالا لنص المادة الرابعة من قانون إصدار المحاكم الإقتصادية .

وقد استثنى قانون المحاكم الإقتصادية من ميعاد الأربعين يوما الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة والطعون المقدمة من النيابة العامة ، وذلك دون بيان ميعاد الطعن في الحالتين . ولهذا فإنه يجب تطبيق الميعاد الذی تنص عليه المادة 227/ 2 و 3 من قانون المرافعات . فيكون الميعاد خمسة عشر يوما في المواد المستعجلة ، وستين يوما بالنسبة للنائب العام أو من يقوم مقامه. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني ،  الصفحة : 797)

 

ويتوافر الغش بالاحتيال والخديعة وذلك بمباشرة الإجراء على غير مقومات صحته عن قصد تحقيقا لغرض غير مشروع، مثال ذلك أن يعلم المدعي موطن المدعى عليه ومع ذلك يعلنه بمحل إقامة له آخر بصحيفة الدعوى وبالحكم الصادر فيها مستهدفا عدم علمه بقيام الخصومة والحكم الصادر فيها منعا له من الحضور لإبداء أوجه دفاعه أو الطعن في الحكم خلال الميعاد لإسقاط حقه فيه.

ولا يقتصر البطلان على الإعلانات فحسب، وإنما يمتد أيضاً إلى إجراءات التنفيذ، واستناداً إلى القاعدة المتقدمة، فإن للمحكمة الإستئنافية وهي بصدد التصدي لشكل الإستئناف في عنصره المتعلق بالميعاد أن تبحث في تحقق الغش الذي شاب تلك الإعلانات ومتی ثبت لها، قضت ببطلانها وببطلان الحكم المستأنف ووقفت عند هذا الحد لتعلق البطلان بصحيفة الدعوى وإعلانها ولعدم انعقاد الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى. أما إذا تعلق البطلان بإعلان الحكم وحده، قضت ببطلانه وأنفتح بذلك ميعاد الإستئناف فتقبله شکلاً، ويحسب هذا الميعاد إعتبارا ً من تاريخ ظهور الغش وقد يكون هو تاريخ تنفيذ الحكم إذا تم في المواجهة أو تاريخ العلم بالحكم عن أي طريق دون إعتداد بتاريخ إعلان الحكم.

ومتى تحقق الغش ورفع الإستئناف خلال الميعاد المقرر له إعتباراً من تاريخ ظهور الغش، كان مقبولاً شكلاً متى إستوفى باقي مقومات هذا القبول، والتزمت محكمة الإستئناف بالتصدي لأسبابه بحيث إذا إمتد الغش الإعلان صحيفة الدعوى وترتب على ذلك عدم إنعقاد الخصومة قضت ببطلان الحكم، ووقفت عند هذا الحد، أما إن إقتصر الغش على إعلان الحكم، تصدت للأسباب الموضوعية.  

وإذا استأنف المحكوم عليه الحكم الصادر ضده وبعد أن قضى بتأییده إستئنافياً ظهر الغش الذي أقترفه المحكوم له وأدى إلى صدور الحكم لصالحه، جاز للمحكوم عليه الطعن في الحكم الإستئنافي بإلتماس إعادة النظر وفقاً للمادة: (241) من قانون المرافعات، إذ ينصرف نص هذه المادة الأحكام الإنتهائية بينما ينصرف نص المادة (228) للأحكام الإبتدائية التي يقتصر طعن فيها على طرق الطعن العادية.

فإن كان الحكم صادراً بصفة إنتهائية ولم يخضع لنص المادتين (221) ، (222) من قانون المرافعات ، ثم ظهر الغش، فلا يجوز الطعن فيه بالاستئناف لأنه لم يكن خاضعا له وقت صدوره، وإنما يجوز الطعن فيه بإلتماس إعادة النظر، ولأن الحكم لا يعتبر إبتدائياً حتى يجوز الطعن فيه بالإستئناف إلا إذا كان صادراً في حدود النصاب الإبتدائي للمحكمة ، فإن كان صادراً في حدود النصاب الإنتهائي، فإنه لا يجوز الطعن فيه بالإستئناف إلا في الحالات الإستثنائية التي حددها القانون وإلا خضع لما تخضع له الأحكام الإنتهائية من حيث الطعن ويجوز بالتالي الطعن فيه بإلتماس إعادة النظر إذا تحقق في شأنه وجه من أوجه هذا الإلتماس المنصوص عليها بالمادة (241 ) سالفة البيان.

وينحصر نطاق المادة (228) من قانون المرافعات في الغش الذي يقترفه المحكوم له بمنأى عن المحكوم عليه ليحول به بين الأخير ومواجهة الخصومة والحكم الذي يصدر فيها، فقد يرفع المحكوم له الدعوى إبتداءً ويتحايل عند إعلانها بأي وجه من أوجه التحايل لإخفائها عن خصمه، بتوجيه الإعلان إلى مكان لا يقيم به هذا الخصم عادة أو إلى موطنه الذي يقيم به مع علمه بأن الخصم وأسرته والمقيمين معه غائبين عن هذا الموطن ولن يتحقق علمه حتى يتم الفصل في الدعوى أو حتى ينقضي الميعاد المحدد لإتخاذ إجراء معين، وقد يتمثل التحايل في تسخیر شخص يحضر أمام المحكمة على أنه هو المدعى عليه ثم يقيم المحكوم عليه الدليل على هذا التسخير، وفي الحالة الأخيرة يبدأ ميعاد الإستئناف من وقت إكتشاف هذا الغش المتمثل في التسخير وقد يتحقق ذلك عند إعلان السند التنفيذي، إذ يعتبر الحكم حينئذ قد صدر حضورياً وبالتالي يبدأ ميعاد إستئنافه من تاريخ صدوره وليس من تاريخ إعلانه، فلا يعلن لبدء الميعاد، وإنما يعلن بعد انقضاء ميعاد الإستئناف بإعتباره قد أصبح سنداً تنفيذياً ، مما يوجب على المحكوم عليه أن يستشكل في تنفيذه ويتمسك بإنعدامه أمام قاضي التنفيذ لعدم إنعقاد الخصومة كما يبادر في نفس الوقت بإستئنافه ، إذ يبدأ ميعاد الإستئناف في هذه الحالة من تاريخ إعلان السند التنفيذي الذي تحقق فيه علم المحكوم عليه بالغش.  

أما إذا كان المحكوم عليه على علم بالإجراءات التي إتخذها المحكوم له، وأن الأول تواطأ مع الثاني لإستصدار حكم إضرارا ً بمن ينوب المحكوم عليه عنهم، كدائني الأخير، فإن هذا الغش والتواطؤ لا ينال من طبيعة الحكم فيكون حضورياً يبدأ ميعاد الطعن فيه من تاريخ صدوره أما بالنسبة لدائني المحكوم عليه ، فإنهم يعتبروه في هذه الحالة من طبقة الغير فلا يحاجون بالحكم، ولذلك يجب على الدائن أن يتدخل في الدعاوى التي يرفعها مدينة أو التي ترفع عليه لمنع مثل هذا التواطؤ.

بدء ميعاد الإستئناف بإقرار المحكوم له بتزويره سند الدعوي :

يدل ظاهر نص المادة (228) من قانون المرافعات أن الإقرار بالتزوير الذي يترتب عليه بدء ميعاد الاستئناف يجب أن يكون صادراً من مرتکب التزوير ولو لم يكن هو الخصم المثل في الدعوى الذي إقتصر نشاطه على إستعمال السند المزور. وليس هذا المعنى هو المراد بنص هذه المادة ويكفي أن يقر الخصم بتزوير هذا السند دون إعتداد بفاعله، وحتى يحاج الخصم بالإقرار يجب أن يكون صادرا منه.

وجاء الإقرار بالنص عاماً مطلقاً ومن ثم ينصرف الإقرار الذي عنته المادة (228) إلى الإقرار غير القضائي الذي تضمنه محضر إداري أو صدر في دعوى أخرى ويخضع لتقدير محكمة الاستئناف وهي تتصدى لشكل الإستئناف بحيث إذا اطمأنت إليه وكان الإستئناف قد رفع خلال الميعاد محسوباً من تاريخ هذا الإقرار، قبلته شکلاً ، فإن لم تطمئن إليه أو كان الإستئناف قد رفع بعد الميعاد محسوباً على نحو ما تقدم، قضت بسقوط الحق فيه.

ويكفي لقبول الإستئناف الإدعاء بصدور الإقرار من المحكوم له شفاهة أمام شهود متى شهد هؤلاء بذلك بمحضر إداري وإطمأنت المحكمة لتلك الشهادة، وقد يكتفى بإقرار وکیل له. .

وفي حالة الإقرار بالتزوير يحسب ميعاد الإستئناف والبدء فيه على نحو ما تقدم حتى لو كان المستأنف سبق حضوره أمام محكمة الدرجة الأولى أو كان قد أعلن بالحكم وإنقضت مواعيد الطين دون رفعه، إذ أن الإقرار في هذه الحالة سبب مستقل يبدأ به الميعاد الحقيقي للإستئناف. وإذا كان المحكوم عليه قد رفع إستئنافاً قبل صدور هذا الإقرار وقضى فيه بالتأييد ، جاز رفع إلتماس إعادة النظر في الحكم الإستئنافي خلال أربعين يوماً من صدور الإقرار عملا بالمادة (341) من قانون المرافعات والتي تنصرف للأحكام الإنتهائية بينما تنصرف المادة (228) للأحكام الإبتدائية التي يقتصر الطعن فيها على الطرق العادية وذلك على التفصيل المتقدم .

ويتعلق نص المادة (228) بشكل الإستئناف مما يتعين معه توافر مقومات هذا الشكل عند رفع الإستئناف وذلك بتقديم الإقرار الصادر من المحكوم له كدليل على رفع الاستئناف في الميعاد، فإن لم يقدم على هذا النحو وطلب المستأنف إستجواب المستأنف عليه للإقرار بالتزوير، كان طلبه ظاهر الفساد لا يحتاج رداً وتكتفي المحكمة بالحكم بسقوط الحق في الإستئناف إذ لا يجوز رفع الإستئناف ليتمكن المستأنف من إثبات الإقرار ولو بتوجيه اليمين الحاسمة فضلاً عن إمتناع توجيهها لتعلقها بإثبات جريمة جنائية.

والإقرار بوجه عام، اعتراف الشخص بواقعة من شأنها أن تنتج ضده آثاراً قانونية بحيث تصبح في غير حاجة إلى الإثبات وينحسم النزاع في شأنها. والأصل أن يكون الإقرار صريحاً ولا يجوز قبول الإقرار الضمني ما لم يقم دليل يقيني على وجوده وفحواه. ويجب أن يكون الإقرار صادرا من المقر على سبيل الجزم واليقين تعبيراً عن إرادة جدية حقيقية غير مشوبة بإكراه أو تدليس وإلا كان الإقرار قابلاً للإبطال، وهو دفاع يجوز إبداؤه أمام محكمة الإستئناف .

ولا يكفي مجرد إكتشاف التزوير وقيام الحكم على السند المزور، بل يجب صدور إقرار به على نحو ما تقدم.

ولا يمتد هذا الأثر إلى الإقرار الصادر من غير المحكوم له حتى لو أدعى هذا الغير أنه الفاعل الأصلي للتزوير، بحيث إذا إستند الملتمس إلى إقرار الغير، كان الإلتماس غير مقبول حتى لو كان الإقرار قضائياً إذ يقتصر أثر الإقرار على المقر.

 بدء ميعاد الإستئناف بالحكم بتزوير سند الدعوى:

يبدأ ميعاد الإستئناف، وفقاً للمادة (213) من قانون المرافعات من تاريخ صدور الحكم أو من تاريخ إعلانه بحسب الأحوال، ويسقط الحق فيه إذا انقضى هذا الميعاد دون رفعه. ومع ذلك أجاز المشرع رفع الإستئناف وقبوله شكلاً بالرغم من إنقضاء أي من الميعادين سالفي الذكر وذلك إذا تبين للمحكوم عليه أن الحكم صدر بناء على سند مزور وأنه لولا هذا التزوير ما صدر الحكم ضده، وهو ما يندرج تحت مدلول الغش والإحتيال، ولا ينهض دليل على ذلك إلا بالحكم بتزوير هذا السند، فلا يكفي مجرد إكتشاف التزوير.

ويتحقق ذلك بصدور حكم نهائي حائز قوة الأمر المقضي بتزوير السند الذي أقام عليه الحكم السابق قضاءه ، ومن ثم لا يجوز الطعن بالاستئناف في الحكم السابق إلا إذا وجد حکم حائز قوة الأمر المقضي بتزوير السند سالف البيان، مما مقتضاه ، أنه لا يجوز إستصدار هذا الحكم بعد رفع الإستئناف سواء من المحكمة المرفوع لها الإستئناف بدعوى تزوير فرعية أو من محكمة أخرى مدنية أو جنائية.

لكن إذا تحقق الشرط وصدر حكم نهائي من محكمة مدنية في دعوى تزوير أصلية أو فرعية ، أو من محكمة جنائية ، جاز للمحكوم عليه الذي فوت ميعاد الإستئناف أن يطعن في الحكم خلال الميعاد المقرر للإستئناف والذي يبدأ من تاريخ صيرورة حكم التزوير نهائياً بتفويت ميعاد الطعن فيه أو بصدور الحكم في الطعن المرفوع عنه إذ يترتب على صدور الحكم بالتزوير إعتبار الحكم السابق إبتدائياً يبدأ ميعاد إستئنافه من تاريخ الحكم الصادر بالتزوير على نحو ما تقدم.

وإذا رفع الإستئناف قبل تحقق الشرط المنوه عنه، وجب على المحكمة الإستئنافية القضاء بسقوط الحق في الإستئناف طالما كان الميعاد المقرر لرفعه قد انقضى، وإذا أبدى المستأنف دفاعاً بتزوير سند الدعوى وإتخذ إجراءات الطعن بالتزوير، وهو دفاع يتعلق بموضوع النزاع مما لا يجوز التصدي له إلا إذا قبلت المحكمة الإستئناف شكلاً، وإذ يتعين القضاء بسقوط الحق فيه، فإن المحكمة تقف عند هذا الحد دون أن تتصدى لموضوع الإستئناف أو شق متعلق به ملتفتة عن كل ذلك ومنه الطعن بالتزوير.

فإن رفع الإستئناف عن الحكم الصادر ضد المحكوم عليه قبل صيرورة الحكم الصادر بالتزوير نهائياً ، تعين وقف الإستئناف تعليقاً على توافر هذه الصيرورة تمهيداً للفصل في شكله، بحيث إذا صار نهائياً قبلت المحكمة الإستئنافية شكلاً، أما إن ألغي وجب القضاء بسقوط الحق فيه ، وكذلك الحال إذا تم تحريك الدعوى الجنائية ضد المحكوم له سواء من النيابة العامة أو من المحكوم عليه كمدعي بالحقوق المدنية.

وإن كان المحكوم عليه قد إستأنف الحكم الصادر ضده بعد صدوره أو بعد إعلانه به وقضت محكمة الإستئناف بتأييده. ثم صدر حكم تزوير سند الدعوى، جاز للمذكور الطعن في الحكم الإستئنافية بالتماس إعادة النظر عملاً بالمادة (241) من قانون المرافعات التي تنصرف للأحكام الإنتهائية بينما تنصرف المادة (228) للأحكام الابتدائية التي يقتصر الطعن فيها على الطرق العادية وذلك على التفصيل المتقدم

وكانت المحكوم عليها - الطاعنة - قد استأنفت الحكم الصادر ضدها وطعنت بالتزوير في عقد البيع الذي إنبنى عليه الحكم المستأنف توصلا لإثبات تزويره وأنفتح ميعاد الاإستئناف بالنسبة لها، فقضت محكمة الإستئناف بقبول الادعاء بالتزوير توصلاً إلى الفصل في شكل الإستئناف رغم أنه دفاع قد يتعلق أيضاً بموضوع الإستناف. مما أدى بمحكمة النقض إلى التصدي لهذا الشق وقضت بنقضه وإعتبار الحكم الصادر في موضوع الادعاء بالتزوير ملغياً بعد أن نقضت الشق المتعلق بسقوط حق الطاعنة في الإثبات.

والمقرر أن المحرر الذي يقدم في الدعوى، يطعن عليه بموجب دعوى التزوير الفرعية في نفس الدعوى الأصلية بحيث إذا صدر الحكم في الدعوى الأخيرة دون رفع دعوى التزوير الفرعية، أمتنع بعد ذلك رفع دعوى تزوير أصلية لإثبات تزوير المحرر الذي كان مطروحاً بالدعوى التي صدر فيها الحكم.

 بدء ميعاد الإستئناف بالحكم على شاهد الزور:

أوضحنا فيما تقدم أن ميعاد الإستئناف، يبدأ من تاريخ صدور الحكم أو من تاريخ إعلانه، بحيث إذا إنقضى أي من الميعادين بحسب الأحوال سقط الحق في الإستئناف وذلك عملاً بالمادة (213) من قانون المرافعات، إلا أن المشرع إستثنى بعض الحالات من هذه القاعدة وهي التي نص عليها في المادة (228) من ذات القانون ومنها الحكم على شاهد الزور بحيث إذا كان المحكوم عليه ماثلاً في الدعوى التي صدر فيها الحكم ضده أو كان قد أعلن به. ولم يطعن في الحكم خلال الميعاد المحدد لذلك، فلا يسقط حقه في الإستئناف إذا توافرت حالة من الحالات سالفة البيان والتي بمقتضاها يبدأ ميعاد الإستئناف من تاريخ تحققها وليس من تاريخ صدور الحكم أو إعلانه.

فإذا صدر حكم في مواجهة المحكوم عليه أو في غير مواجهته وأعلن به. ولم يستأنفه خلال الميعاد، وبعد ذلك صدر حكم على الشاهد الذي أقام الحكم الأول قضاءه على ما تضمنته شهادته بإنزال عقوبة الشهادة الزور عليه ، فإنه وفقا لنص المادة (228) لا يكون ميعاد الإستئناف قد بدأ سواء من تاريخ صدور الحكم أو من تاريخ إعلانه، وإنما يبدأ من تاريخ صيرورة الحكم الصادر على الشاهد نهائياً بعدم إستئنافه في الميعاد أو بالفصل في الإستئناف .

وإن رفع الإستئناف عن الحكم الصادر ضد المحكوم عليه قبل صيرورة الحكم الصادر على شاهد الزور نهائياً ، تعيين وقف الاستئناف تعليقا على تحقق هذه الصيرورة تمهيدا للفصل في شكله. بحيث إذا صار نهائياً قبلته شکلاً، أما إن ألغي قضت بسقوط الحق فيه، كذلك الحال إذا تم تحريك الدعوى الجنائية ضد الشاهد سواء بمعرفة النيابة العامة أو المحكوم عليه كمدعي بالحقوق المدنية.

ويجب أن تنصب الشهادة على الوقائع التي تضمنها الحكم الصادر ضد المحكوم عليه، وأن تكون العقوبة الجنائية متعلقة بها، فلا يكفي أن يحكم على الشاهد عن وقائع أخرى وحتى لو تعلقت بدعوى منظمة طالما كانت مستقلة عن الدعوى الأصلية ولم تعول المحكمة في قضائها على الشهادة التي تمت فيها، أما إن أدى الإرتباط إلى فقد كل من الدعويين إستقلاله، فإن الشهادة الزور التي تتم في إحداها تكون مؤثرة في الأخرى. مثال ذلك أن يرفع المشتري دعوى بصحة ونفاذ العقد، بينما يرفع البائع دعوى أخرى بفسخه، ويشهد الشاهد زوراً في الدعوى الأخيرة ويقضي بفسخ العقد، ثم يصدر بعد ذلك حكم بمعاقبته.

وإذا تعددت في ذات الدعوى الوقائع التي تناولها الشاهد، وعولت المحكمة في قضائها على بعضها بينما عوقب الشاهد بالنسبة للبعض الآخر، فلا يترتب على ذلك بدء ميعاد الإستئناف من تاريخ الحكم على الشاهد إنما من تاريخ الحكم في الدعوى الأصلية أو من تاريخ إعلانه، إذ المقرر أن للمحكمة أن تأخذ ببعض أقوال الشاهد دون البعض الآخر وفقا للسلطة المقررة لها في تقدير الدليل، ويتحقق ذلك عندما تستند المحكمة للبعض الآخر من الشهادة في دعوى منظمة مستقلة عن الدعوى الأصلية، إذ للمحكمة أن تقيم قضاءها على الأدلة المتوافرة في دعوى أخرى منضمة.

وفي الدعاوى المدنية والتجارية، يجوز للمحكمة أن تقيم قضاءها على شهادة شاهد واحد، خلافا للبيئة الشرعية فقد تحدد نصابها برجلين أو رجل وامرأتين، فإذا تعدد شهود الإثبات أو النفي في أية مسألة ، فلا يعتد إلا بالشهادة التي عولت عليها المحكمة وحكم على من أدلى بها بعقوبة الشهادة الزور، سواء من محكمة جنائية أو من غيرها، فإن لم تعول المحكمة على شهادته ، فإن ميعاد الإستئناف يبدأ من تاريخ صدور الحكم أو إعلانه.

وإذا صدر الحكم في مواجهة المحكوم عليه أو أعلن به، فطعن فيه بالاستئناف وتأيد استئنافيا ثم حكم بعد ذلك على شاهد الزور، جاز الطعن في الحكم الإستئنافي بإلتماس إعادة النظر عملا بالمادة (241) من قانون المرافعات التي تنصرف للأحكام الإنتهائية بينما تنصرف المادة (228) للأحكام الإبتدائية التي يقتصر الطعن فيها على الطرق العادية على التفصيل المتقدم .

بدء ميعاد الإستئناف بظهور السند القاطع في الدعوى :

إذا صدر الحكم ضد المحكوم عليه . وفقاً للأدلة التي توافرت في الدعوى ثم ظهر بعد ذلك سند. قاطع فيها من شأنه تغيير وجه الرأي في الحكم الذي صدر فيها ويترتب عليه ألا يقضي بما تضمنه الحكم أو يقضي به مقيداً لصالح المحكوم عليه ، فإن ميعاد الإستئناف في هذه الحالة لا يبدأ من تاريخ صدور الحكم أو إعلانه وإنما من تاريخ ظهور هذا السند، متى كان الخصم الآخر قد أخفاه بطريق الغش حتى يتمكن من إستصدار حكم لصالحه أو حال دون تقديمه ولم يكن المحكوم عليه عالما به ولم يكن باستطاعته أن يتبين وجوده.

مثال ذلك أن يوجد عقار شائع وتتم قسمته بين الشركاء، وبعد ذلك يبيع أحدهم ما خصه منه، فيرفع أحد الشركاء السابقين دعوى شفعة في الحصة المبيعة إستناداً إلى قيام حالة الشيوع، ويقضي له بذلك، وكان الشفيع قد أخفي نسخة عقد القسمة الخاصة به أو حال دون البائع وتقديم نسخته، ثم ظهرت إحدى النسختين بعد الحكم، وهي قاطعة في الدعوى وتؤدي حتماً إلى رفضها، ولم يكن المحكوم عليه عالما بوجودها لعدم إخباره بها ولعدم شهر عقد القسمة الذي يعتبر نافذاً بين الشركاء دون شهر، ولم يكن باستطاعته أن يتبين وجوده، لكن إذا تم شهره، إفترض علمه به وبالتالي بالسند القاطع في الدعوى مما يحول دونه والإستناد لنص المادة (228).

فإن كان قد رفع إستئنافاً. زي عن الحكم عند صدوره أو عند إعلانه به، وقضى بتأييده، ثم ظهر السند القاطع في الدعوى، جاز للمحكوم عليه أن يطعن في الحكم الإستئنافي بالتماس إعادة النظر عملا بالمادة (341) من قانون المرافعات التي تنصرف للأحكام الإنتهائية بينما تنصرف المادة (228) للأحكام الإبتدائية التي يقتصر الطعن فيها على الطرق العادية وذلك على التفصيل المتقدم. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء :  السادس/ الصفحة 364)

تناولت هذه المادة ثلاث حالات أجاز المشرع فيها استئناف الحكم دون التقيد بالميعاد المنصوص عليه في المادة 227 وهي :

1- إذا صدر الحكم بناء على غش وقع من الخصم كما إذا تعمد المدعي إعلان المدعي عليه وإعادة إعلانه بصحيفة الدعوى في غير موطنه وبذلك استطاع أن يحصل علي حكم في غفلة منه ثم أعلنه به في نفس المكان ففي هذه الحالة لا يبدأ ميعاد الإستئناف إلا من اليوم الذي ظهر فيه الغش وهو اليوم الذي كشف فيه المدعى عليه حصول المدعي على الحكم بطريق التحايل.

2- أن يصدر الحكم بناء علي شهادة زور كما إذا صدر حكم بمبلغ معين تأسيساً على شهادة شاهد أدلي بها على خلاف الحقيقة فهنا لا يبدأ ميعاد الإستئناف إلا من اليوم الذي أقر فيه بالتزوير فاعله، ويشترط في الإقرار أن يكون قضائياً وفق نص المادة 103 من قانون الإثبات أو حكم بثبوته سواء من المحكمة المدنية أو الجنائية أو في حالة ما إذا حكم على الشاهد بالعقوبة من المحكمة الجزائية بسبب هذه الشهادة التي أدلى بها زوراً.

الحالة الثالثة أن يصدر الحكم بسبب عدم إظهار ورقة قاطعة في الدعوى إحتجزها الخصم وكان خصمه يجهل وجودها أو فحواها ولا يعلم بالشخص الذي إحتجزها كما إذا حصل المدعي على حكم بإلزام المدعى عليه بمبلغ معين استنادا لإيصال مديونيته إلا أن المدين كان قد سدد هذا الدين ولم يسترد سنده ثم عثر شخص بعد ذلك علي مذكرة بها بيان بخط الدائن وتوقيعه تتضمن تخالصه عن هذا الدين وسلمها للمدين فهنا لا يبدأ ميعاد الإستئناف إلا من اليوم الذي حصل فيه المدين على المفكرة. (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء : الخامس ،  الصفحة : 434 )

 بداية ميعاد الطعن في الحكم بالإستئناف من واقعة أخرى غير تاريخ صدوره وغير تاريخ إعلانه: ربط المشرع في المادة 228 محل التعليق بداية الطعن في الحكم بالإستئناف، بوقائع أخرى غير يوم صدور الحكم، وغير تاريخ إعلانه، فوفقاً للمادة 228 ينفتح ميعاد الطعن بالاستئناف من اليوم الذي يظهر فيه الغش، أياً كانت طريقة الظهور، والمكلف بإثبات هذا الغش هو الخصم صاحب المصلحة في الطعن أو من اليوم الذي يقر فيه بالتزوير فاعله أياً كانت طريقة هذا الإقرار، أو من اليوم الذي صدر فيه الحكم بثبوت التزوير، أو من اليوم الذي يعلن فيه هذا الحكم بحسب الأحوال (مادة 213 )، أو من يوم صدور الحكم علي شاهد الزور، أو من يوم إعلان هذا الحكم (مادة 213 )، أو من يوم ظهور الورقة التي احتجزت أيا كانت کيفية هذا الظهور .

ويشترط لإعمال المادة 228 أن يكون الحكم الصادر، والمراد الطعن فيه بالإستئناف، قد بني على هذه الوقائع، ويقصد ببناء الحكم على هذه الوقائع، قیام صلة وثيقة بين منطوق الحكم، وبين الغش، أو التزوير، أو غير ذلك من الوقائع المذكورة في المادة 228 سالفة الذكر، أما إذا وجد إلي جانب هذه الوقائع وقائع أخرى، بحيث يمكن تأسيس منطوق الحكم عليها، فإن الطعن في هذا الحكم يخضع للقواعد العامة (نبیل عمر - بند 199۔ ص 292).

وحكمة المادة 228 أن المشرع قدر أن من الأحكام ما يصدر، بناء على غش يقع من الخصم، أو بناء على ورقة مزورة، أو بناء على شهادة زور، او بسبب عدم إظهار ورقة قاطعة في الدعوى يكون الخصم قد احتجزها، وأن ظهور الغش، او ثبوت التزوير، أو شهادة الزور، أو ظهور الورقة التي احتجزها الخصم غالباً ما يستغرق وقتاً ينقضي قبله ميعاد الطعن بالاستئناف، وأن من العدالة أن يتاح للخصم المحكوم عليه أن يطعن في مثل هذا الحكم بطريق الإستئناف . كطريق عادى للطعن - إذا تكشف الغش أو التزوير أو الوقائع الأخرى سالفة الذكر، ولهذا نص المشرع في المادة 228 محل التعليق على أن يبدأ ميعاد استئناف تلك الأحكام.

".... من اليوم الذي ظهر فيه الغش، أو الذي أقر فيه بالتزوير فاعله، أو حكم بثبوته، أو الذي حكم فيه على شاهد الزور، أو اليوم الذي ظهرت فيه الورقة التي احتجزت.

وفي حالة الغش فإنه يشترط لبدء ميعاد الإستئناف من يوم ظهوره، أن يقع الغش من المحكوم له، أو من وكيله، وأن يكون خافياً على المستأنف فلا يعتبر كذلك ما قد تتناوله الخصومة، ويكون محل أخذ ورد بين أطرافها، وأن يكون مؤثراً في الحكم، أي أن توجد علاقة سببية بين مضمون الحكم وبين الوقائع المكونة للغش. (عبدالمنعم حسنی - بند 566 ص 502).

كما يشترط في حالة صدور الحكم بناء على ورقة مزورة، أن يبني الحكم على ورقة مزورة، أي أن تقوم علاقة سببية بين الحكم، وبين الورقة المزورة، وأن يثبت تزوير الورقة، إما بإقرار فاعله، أو بالحكم بثبوته، وأن يثبت التزوير بعد الحكم وقبل رفع الإستئناف، فلا يجوز أن يتخذ الإستئناف وسيلة لإثبات التزوير.

وفي حالة صدور الحكم بناء علي شهادة زور، فإنه يشترط أن یبنی الحكم على الشهادة الزور، وأن يثبت زور الشهادة بحكم من القضاء المدني أو الجنائي، وأن يقضي بزور الشهادة بعد الحكم وقبل رفع الإستئناف.

كما يشترط في حالة صدور الحكم بسبب عدم إظهار ورقة قاطعة، أن تكون الورقة قاطعة في الدعوى، وأن يكون المستأنف ضده قد حال دون تقديمها للمحكمة التي أصدرت الحكم، وأن يحصل المستأنف على الورقة بعد صدور الحكم وقبل رفع الإستئناف (عبدالمنعم حسنی - ص 502  وص 503 ).

وفي الحالات سالفة الذكر لا يبدأ ميعاد الإستئناف إلا من اليوم الذي ظهر فيه الغش (إذا صدر الحكم بناء على غش وقع من الخصم)، أو اليوم الذي أقر فيه بالتزوير فاعله، أو حكم بثبوته (إذا صدر الحكم بناء على ورقة مزورة)، أو الذي حكم فيه على شاهد الزور (إذا صدر الحكم بناء على شهادة الزور)، أو اليوم الذي ظهرت فيه الورقة التي إحتجزت (إذا صدر الحكم بسبب عدم إظهار ورقة قاطعة في الدعوى إحتجزها الخصم)، وينبغي ملاحظة أنه لا يقصد بلفظ والظهور،، الذي يبدأ به ميعاد الإستئناف في الحالة الأخيرة، أن يحوز المستأنف الورقة حيازة مادية، وإنما يكفي أن تتكشف له الورقة وتصبح في متناول يده و تحت نظره، بحيث يمكن الإطلاع عليها دون ما حال أو عائق. قارب: (نقض 1962/6/7 السنة 12 ص 782، عبد المنعم حسني  ص 503).

ومما هو جدير بالتنويه إليه أن حساب ميعاد الطعن - أياً كانت ألوانة التي يبدأ بها - يخضع للقواعد العامة في المواعيد، ومن ثم فإنه يبدا من اليوم التالي لهذه الواقعة، ويمتد إذا صادف اليوم الأخير منه عطلة رسمية .

(نقض 1968/11/19 - السنة 19 ص 1391)، ويضاف إليه ميعاد مسافة بين موطن الطاعن ومقر المحكمة التي يطعن في الحكم أمامها نقض 1967/4/5 - السنة 18 ص786)، وبقن الميعاد إذ تحققت أثناءه قوة نادرة (نقض 1968/2/20 السنة 19 ص315)، أو حادث مفاجيء (فتحى والى - الوسيط - بند 354 ص 696 ). (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء : الرابع ،  الصفحة :  837)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الرابع عشر ، الصفحة / 45

أ - التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ:

إِذَا حَصَلَ التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ بِرُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ كُلِّ أَوْ بَعْضِ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِحُضُورِ الْقَاضِي تَكُونُ شَهَادَتُهُمْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ، وَلاَ يَصِحُّ الْحُكْمُ بِمُوجَبِ

شَهَادَتِهِمْ؛ لأِنَّ الشُّهُودَ لَمَّا أَكْذَبُوا أَنْفُسَهُمْ بِالرُّجُوعِ تَنَاقَضَ كَلاَمُهُمْ، وَالْقَضَاءُ بِالْكَلاَمِ الْمُتَنَاقِضِ لاَ يَجُوزُ؛ لأِنَّهُ لاَ يَدْرِي أَصَدَقُوا فِي الأْوَّلِ أَمْ فِي الثَّانِي، وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يَحْكُمُ بِمُوجَبِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ؛ لأِنَّهَا قَدْ أُدِّيَتْ فَلاَ تَبْطُلُ بِرُجُوعِ مَنْ شَهِدَ بِهَا كَمَا لَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ بَعْدَ الْحُكْمِ.

ب - التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الاِسْتِيفَاءِ:

إِذَا وَقَعَ التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الاِسْتِيفَاءِ فَيُنْظَرُ: إِذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ عُقُوبَةً كَالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ لَمْ يَجُزِ اسْتِيفَاؤُهُ، فَعَلَيْهِ إِذَا رَجَعَ الشُّهُودُ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْقَتْلِ الْعَمْدِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ إِنْفَاذِهِ فَلاَ يَنْفُذُ وَلاَ يَجْرِي الْحُكْمُ؛ لأِنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَرُجُوعُ الشُّهُودِ مِنْ أَعْظَمِ الشُّبُهَاتِ؛ وَلأِنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ عُقُوبَةٌ وَلَمْ يَتَعَيَّنِ اسْتِحْقَاقُهَا وَلاَ سَبِيلَ إِلَى جَبْرِهَا فَلَمْ يَجُزِ اسْتِيفَاؤُهَا كَمَا لَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ قَبْلَ الْحُكْمِ.

أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مَالاً فَيُسْتَوْفَى وَلاَ يُنْقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي. لأِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحُكْمُ بِالْكَلاَمِ الْمُتَنَاقِضِ غَيْرَ جَائِزٍ، فَلاَ يَجُوزُ أَيْضًا نَقْضُ الْحُكْمِ بِهِ؛ وَلأِنَّ الْكَلاَمَيْنِ الْمُتَنَاقِضَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ فِي الدَّلاَلَةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَقَدْ رَجَحَ الأْوَّلُ عَلَى الثَّانِي بِاتِّصَالِهِ بِالْقَضَاءِ، وَالْمَرْجُوحُ لاَ يُعَارِضُ الرَّاجِحَ فَلاَ يَخْتَلُّ الْحُكْمُ وَلاَ يُنْقَضُ؛ وَلأِنَّ رُجُوعَ الشُّهُودِ عَنِ الشَّهَادَةِ إِقْرَارٌ مِنْهُمْ بِأَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا سَبَبًا لِضَيَاعِ الْمَالِ وَلِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِمْ، إِلاَّ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ إِقْرَارُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ صَحِيحًا وَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ أَفْسَقَ النَّاسِ، إِلاَّ أَنَّ إِقْرَارَهُ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَوْ كَانَ أَعْدَلَ النَّاسِ، فَلِذَلِكَ وَإِنْ صَحَّ الرُّجُوعُ الْمَذْكُورُ فِي حَقِّ الشَّاهِدِ إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ فِي حَقِّ الْغَيْرِ أَيْ فِي حَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.

هَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْفُتْيَا مِنْ عُلَمَاءِ الأْمْصَارِ.

وَحُكِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالأْوْزَاعِيِّ أَنَّهُمَا قَالاَ: يُنْقَضُ الْحُكْمُ إِذَا اسْتَوْفَى الْحَقَّ؛ لأِنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمَا، فَإِذَا رَجَعَا زَالَ مَا يَثْبُتُ بِهِ فَنُقِضَ الْحُكْمُ، كَمَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمَا كَانَا كَافِرَيْنِ.

ج - التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ الاِسْتِيفَاءِ:

إِذَا وَقَعَ التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ الاِسْتِيفَاءِ فَإِنَّهُ لاَ يُبْطِلُ الْحُكْمَ وَلاَ يَلْزَمُ الْمَشْهُودَ لَهُ شَيْءٌ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مَالاً أَوْ عُقُوبَةً؛ لأِنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَمَّ بِاسْتِيفَاءِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَوُصُولِ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الشُّهُودِ فِي الْجُمْلَةِ.

وَلِلْفُقَهَاءِ تَفَاصِيلُ فِي مُخْتَلَفِ مَسَائِلِ الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ وَتَضْمِينِ الشُّهُودِ بِسَبَبِ رُجُوعِهِمْ تُنْظَرُ فِي أَبْوَابِ الْبَيِّنَاتِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ وَفِي مُصْطَلَحَيْ (شَهَادَةٌ، ضَمَانٌ).

التُّهْمَةُ فِي الشَّهَادَةِ:

أَصْلُ رَدِّ الشَّهَادَةِ، وَمَبْنَاهُ التُّهْمَةُ: وَالشَّهَادَةُ خَبَرٌ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ، وَحُجَّتُهُ بِتَرَجُّحِ جَانِبِ الصِّدْقِ فِيهِ، فَإِذَا شَابَتِ الْحُجَّةَ شَائِبَةُ التُّهْمَةِ ضَعُفَتْ، وَلَمْ تَصْلُحْ لِلتَّرْجِيحِ.

وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ مُتَّهَمٍ».

أَسْبَابُ تُهْمَةِ الشَّاهِدِ

مِنْ أَسْبَابِ تُهْمَةِ الشَّاهِدِ:

مَا يَرْجِعُ لِمَعْنًى فِي نَفْسِ الشَّاهِدِ كَالْفِسْقِ إِذَا ثَبَتَ؛ لأِنَّ مَنْ لاَ يَنْزَجِرُ عَنْ غَيْرِ الْكَذِبِ مِنْ مَحْظُورَاتِ دِينِهِ فَلاَ يُؤْمَنُ أَلاَّ يَنْزَجِرَ عَنِ الْكَذِبِ فِي الشَّهَادَةِ، فَلاَ تَحْصُلُ بِشَهَادَتِهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ.وَلِلتَّفْصِيلِ يُرْجَعُ إلَى (فِسْقٌ).

وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى مَعْنًى فِي الْمَشْهُودِ لَهُ: كَالإْيثَارِ لِلْقَرَابَةِ.

وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى خَلَلٍ فِي التَّمْيِيزِ وَإِدْرَاكِ الأْمُورِ عَلَى حَقِيقَتِهَا: كَالْغَفْلَةِ وَالْعَمَى، وَالصِّبَا وَنَحْوِ ذَلِكَ.

هَذَا وَلَمْ نَقِفْ عَلَى خِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي رَدِّ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ بِتُهْمَةِ الْكَذِبِ.

وَلَمْ يَخْتَلِفْ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِي رَدِّ شَهَادَةِ كُلِّ مَنْ لَهُ مَصْلَحَةٌ فِي مَوْضُوعِ الشَّهَادَةِ بِتُهْمَةِ جَرِّ النَّفْعِ لِنَفْسِهِ أَوْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا، كَالشَّرِيكِ فِيمَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ، وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ عَلَى عَمَلٍ قَامَ بِهِ هُوَ كَمَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ قَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ يَتَحَمَّلُونَهُ، وَشَهَادَةُ الْغُرَمَاءِ بِفِسْقِ شُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ وَذَلِكَ بِتُهْمَةِ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ النَّفْسِ.وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ: (شَهَادَةٌ).