loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

حرص المشروع على ألا يقف بالقاضي عند الدور السلبي تاركاً الدعوى المناضلة أطرافها يوجهونها حسب هواهم ووفق مصالحهم الخاصة فمنحه مزيداً من الإيجابية التي تحقق هيمنته على الدعوى إعتباراً بأن القضاء هو قبل كل شيء وظيفة عامة لا ينبغي أن تجري على مشيئة الأفراد .

وتحقيقاً لذلك عمد المشروع في نصوصه الى البعد عن الأخذ بالمعايير الجامدة الضيقة واتجه إلى الأخذ بمعايير موضوعية مرنة تتسع المزيد من حرية تقدير القاضی ومن ذلك ما سبقت الاشارة اليه في تنظيم المشروع للبطلان وحالات الحجز التحفظي وحالات النفاذ المعجل كما أن منها ما اتجه إليه المشروع من عدم حصره للحالات التي يجوز فيها للقاضى الأمر بإدخال من لم يختصم في الدعوى على نحو ما يفعل القانون القائم بل أجاز له ادخال كل من يرى إدخاله لمصلحة العدالة او لإظهار الحقيقة (المادة 118 من المشروع) .

ومن جهة اخرى أتجه المشروع في سبيل تحقيق مزيد من هيمنة القاضي على الدعاوى إلى إعطائه السلطة في تسييرها عن طريق حقه في تقدير قبول المستندات بعد الموعد المحدد لها وحقه في عدم تأجيل الدعوى أكثر من مره لسبب يرجع الى الخصوم وحقه في تغريم من يتخلف عن تنفيذ قراراته من الخصوم أو من العاملين بالمحكمة وحقه في تغريم الأخيرين عند تخلفهم عن القيام بواجباتهم في المواعيد المحددة لها وحقه في تغريم طالب الاعلان الذي يعمد إلى ذکر بیانات غير صحيحة عن موطن خصمه بقصد عدم وصوله الإعلان إليه وحقه في تغريم الخصم الذي يتخذ اجراء أو يبدی طلباً أو دفعاً أو دفاعاً بسوء نية .

هذا وقد أستبعد المشروع الباب السابع من الكتاب الأول من القانون القائم الخاص باجراءات الإثبات إتجاهاً منه إلى تجميعها ومواد القانون المدني التي نتناول الأحكام الموضوعية للإثبات في تقنين مستقل إتقاء لتبعيض الأحكام التي تتناول الإثبات موضوعاً وإجراء .

كما لم يتعرض المشروع للكتاب الرابع من القانون الحالي الخاص بالإجراءات في مسائل الأحوال الشخصية تقديراً منه لإرتباط هذه الإجراءات بالقانون المنظم للأحكام الموضوعية لتلك المسائل على أن يترك الأمر بعد الإنتهاء من هذا القانون للفكرتين اللتين تنازعان مكان المواد الإجرائية بين الإبقاء عليها في قانون المرافعات أو تضمينها القانون المنظم للأحكام الموضوعية .

ومن جهة أخرى أستبعد المشروع الباب الثالث عشر من الكتاب الأول من القانون القائم الخاص بإعتراض الخارج عن الخصومة على الحكم الصادر فيها إذ ان هذا النظام يعمل به وفقاً لحكم المادة 450 من القانون الحالي في حالتين أولاهما حالة من يعتبر الحكم الصادر في الدعوى حجة عليه ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها اذا أثبت غش من كان يمثله أو تواطؤه أو إهمال الجسيم وقد رأی المشروع جعل هذه الحالة من حالات إلتماس إعادة النظر تقديراً منه بأنها تظلم من شخص معتبر ممثلاً في الخصومة وان لم يكن خصماً ظاهراً فيها فيكون التظلم من الحكم أقرب الى الالتماس في هذه الحالة منه إلى الإعتراض (مادة 241 من المشروع) أما الحالة الثانية فخاصة بالدائنين والمدينين المتضامنين أو في إلتزام غير قابل للتجزئة اذا صدر حكم على دائن او مدين آخر منهم فتغني عنها القواعد العامة وحكم القانون المدني في المادة 296 منه الذي يقضي بان التضامن يقوم فيما يفيد وليس فيما يضر .

وأخيراً فقد أسقط المشروع الباب الثالث من الكتاب الثالث من القانون القائم الخاص بالتنصل من أعمال الوكيل بالخصومة حتى يخضع التوكيل بالخصومة لحكم القواعد العامة شأنه في ذلك شأن كل إخلال بتعاقد من حيث البطلان والتعويضات عن الضرر الذي لحق الموكل من تصرفات الوكيل خاصة وأن تنظيم القانون القائم للتنصل قد نقل عن القانون الفرنسي وهو محل نقد هناك رغم ما يبرر الأخذ به عندهم من وجود نظام وكلاء الدعاوى الذي لا يعرفه القانون المصرى .

وإذا كان ما سلف يمثل الإطار العام للمشروع ففيما يلي تفصيل اهم الاحكام التي إستحدثها .

عدل المشروع الحالة السابعة من حالات الإلتماس التي أوردتها المادة 241 منه وذلك لتعميم حكم البند 7 من المادة 417 من القانون الحالي ليشمل كافة حالات النيابة القانونية والقضائية دون النيابة الاتفاقية إذ أن النص القائم كان قاصراً عن معالجة بعض حالات النيابة القانونية أو القضائية مثل حالة الحارس القضائي والسنديك ومصفى الشركة دون مبرر لهذا الإغفال .

الأحكام

1- مفاد النص فى المادة (565/1) من قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 أن المشرع وضع شرطين لقبول الاعتراض على حكم شهر الإفلاس أولهما : أن يكون المعترض من غير الخصوم فى دعوى الإفلاس ولم يكن طرفاً فيها . ثانياً : أن يكون له مصلحة فى الاعتراض على الحكم الصادر بإشهار الإفلاس . لما كان ما تقدم ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأعمل أحكام المادة (241) من قانون المرافعات والتى تنظم شروط قبول الالتماس بإعادة النظر فى الأحكام إذ أورد فى أسبابه إلى ضرورة توافر شرطين فى رفع الاعتراض أولهما أن يكون الحكم معتبراً حجة على المعترض ولم يكن قد أدخل أو تدخل فى الخصومة الأصلية بشرط أن يثبت غش من كان يمثله أو تواطؤه أو إهماله الجسيم . ثانيهما : إذا كان المعترض دائناً أو مديناً متضامناً مع من صدر ضده الحكم أو كان دائناً أو مديناً معه بالتزام غير قابل للتجزئة ، وخلصالحكم إلى رفض الاعتراض لكون الأوراق قد جاءت خالية من توافر الغش والإهمال الجسيم من جانب المعترض حال كون ذلك غير لازم فى شروط الاعتراض ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً .

(الطعن رقم 959 لسنة 73 جلسة 2004/11/22 س 55 ع 1 ص 759 ق 139)

 2- متى كانت أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه قد انحسرت فى أنه صدر استناداً إلى غش ارتكبه أحد الخصوم أثر فى قضائه فإن الطعن عليه يكون طبقاً للمادة 241 / 1 من قانون المرافعات بطريق التماس إعادة النظر وليس الطعن بطريق النقض .

(الطعن رقم 7879 لسنة 66 جلسة 2003/12/23 س 54 ع 2 ص 1381 ق 246)

3- النص فى المادة 241 من قانون المرافعات على أن " للخصوم أن يلتمسوا إعادة النظر فى الأحكام الصادرة بصفة انتهائيه فى الأحوال الآتية ___.إذا وقع من الخصم غش كان من شأنه التأثير فى الحكم " يدل على أن مناط جواز التماس إعادة النظر فى الحكم هو أن يكون الحكم الملتمس إعادة النظر فيه انتهائياً غير قابل للطعن فيه بطريق الطعن العادية وذلك تمشياً مع الأصل العام القاضى بعدم جواز الطعن بالطريق غير الاعتيادية فى الأحكام الصادره من محاكم الدرجة الأولى ولو كانت مواعيد الطعن فيها بالطرق العادية قد انقضت.

(الطعن رقم 2238 لسنة 60 جلسة 1995/01/08 س 46 ع 1 ص 114 ق 25)

4- تقدير عناصر الغش إثباتا ونفيا من المسائل التى تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ما دامت تستند فى هذا التقدير إلى اعتبارات سائغة لها أصلها الثابت، ومن شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى خلصت إليها بما يكفى لحمل قضائها.

(الطعن رقم 2608 لسنة 56 جلسة 1992/06/21 س 43 ع 1 ص 832 ق 173)

5- الغش الذى يبنى عليه الإلتماس بالمعنى الذى تقصده المادة 1/241 من قانون المرافعات ، هو الذى يقع ممن حكم لصالحة فى الدعوى بناء عليه ، و لم يتح للمحكمة أن تتحرز عند أخذها به بسبب عدم قيام المحكوم عليه بدحضه و تنويرها فى حقيقة شأنه لجهلة به و خفاء أمره عليه بحيث يستحيل كشفه ، فإذا كان مطلعاً على أعمال خصمه و لم يناقشها أو كان فى وسعه تبين غشه و سكت عنه و لم يفضح أمره ، أو كان فى مركز يسمح له بمراقبة تصرفات خصمه و لم يبين أوجه دفاعه فى المسائل التى يتظلم فيها فإنه لا يكون ثمة وجه للإلتماس . لما كان ذلك و كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإقتضاء الغش على أن محضر الايداع المؤرخ 1980/4/3 قوام الغش المدعى به كان مودعاً من المطعون ضده الأول بحافظة المستندات المقدمة بجلسة 1980/3/21 فى مواجهة الطاعن دون أن يبدى عليه مطعناً رغم أنه كان فى مكنته التلويح بأن ذلك الإيداع ليس خاصاً بدعوى الشفعه - فإن الحكم إذ خلص من ذلك إلى عدم قبول الالتماس فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 1866 لسنة 54 جلسة 1988/04/26 س 39 ع 1 ص 685 ق 134)

6- الغش الذى يبنى عليه الإلتماس بالمعنى الذى تقصده المادة 241 / 1 من قانون المرافعات هو الذى يقع ممن حكم لصالحه فى الدعوى بناء عليه . و لم يتح للمحكمة أن تتحرز عند أخذها به بسبب عدم قيام المحكوم عليه بدحضه و تنويرها فى حقيقة شأنه لجهله به و خفاء أمره عليه بحيث يستحيل كشفه , فإذا كان مطلعا على أعمال خصمه و لم يناقشها أو كان فى وسعه تبين غشه و سكت عنه و لم يفضح أمره , أو كان فى مركز يسمح له بمراقبة تصرفات خصمه و لم يبين أوجه دفاعه فى المسائل التى يتظلم منها فإنه لا وجه للالتماس . لما كان ذلك و كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الحكم رقم 520 لسنة 1973 أحوال شخصية بندر طنطا قوان الغش المدعى سبق عرضه على محكمة الإستئناف فى مواجهة الطاعنة و لم تبد عليه مطعنا رغم أنه كان فى مكنتها التلويح بعدم نهائيته , فإن ذلك الحكم إذ خلص إلى عدم وقوع غش من المطعون عليه و رتب على ذلك . قبول لإلتماس قانه لا يكون قد خالف القانون .

(الطعن رقم 13 لسنة 46 جلسة 1977/12/21 س 28 ع 2 ص 1871 ق 320)

7- الغش لا يعتبر سبباً لإلغاء الأحكام الإنتهائية عن طريق رفع دعوى مستقلة أو فى صورة دفع لدعوى مبتدأة ، و إنما هو سبب لإلتماس إعادة النظر فيها و هذا الطريق لا يقبل فى أحكام محكمة النقض التى لا يجوز الطعن فيها بأى طريق من طرق الطعن و هى نهاية المطاف فى الخصومة

(الطعن رقم 290 لسنة 35 جلسة 1970/06/11 س 21 ع 2 ص 1031 ق 165)

8- مؤدى نص المادة 241 من قانون المرافعات يدل على أنه يشترط لقبول الالتماس إعادة النظر وفقا للفقرة الثانية من المادة 241 من قانون المرافعات أن يثبت بإقرار الخصم أو بحكم من القضاء بعد صدور الحكم الملتمس فيه تزوير الورقة أو الأوراق التي اتخذ منها الحكم الملتمس فيه عمادا لقضائه بحيث إنه لولا وجودها واعتقاد المحكمة التي أصدرت الحكم بصحتها ما قضت بما قضت به لمصلحة الخصم المتمسك بها ومتى توافرت هذه الشروط وجب على المحكمة قبول التماس إعادة النظر باعتبار أنه لا يقصد به تجريح الحكم الملتمس فيه وإنما يرفع إلى نفس المحكمة التي أصدرته بهدف تصحيح خطأ ناجم عن سهو غير متعمد منها أو بسبب يرجع إلى فعل الخصوم يكفى تنبيهها إليه لتدارك الخطأ الذى وقع منها متى تبينت سببه رجوعا إلى الحق والعدل .

(الطعن رقم 3613 لسنة 82 جلسة 2016/05/16)

9- إذ كان البين من مدونات الحكم الملتمس فيه رقم .... لسنة 44 ق المنصورة " مأمورية الزقازيق " أنه أقام قضاءه فى دعوى الضمان المرفوعة على الطاعنين بإلزامهم فى حدود ما آل إليهم من تركة مورثهم بالتعويض المقضى به فى الدعوى الأصلية على إخلال المورث بالتزاماته المنصوص عليها فى العقد المؤرخ ../../1997 المبرم بينه وبين الهيئة المطعون ضدها الثالثة مما مفاده أن الحكم الملتمس فيه قد تساند إلى هذا العقد واتخذ من نصوصه أساسا وعمادا لقضائه المتقدم ، وإذ ثبت تزوير ذلك العقد بالحكم الصادر فى الدعوى .... لسنة 1997 الزقازيق الذى صار نهائيا وباتا بفوات مواعيد الطعن وذلك بعد صدور الحكم الملتمس فيه فإن الالتماس المرفوع من الطاعنين لإعادة النظر فى الحكم الملتمس فيه وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة 241 من قانون المرافعات فيما قضى به فى دعوى الضمان المقامة ضدهم يكون قد اكتملت له مقومات وشرائط قبوله ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض التماس الطاعنين على سند من أن العقد السالف البيان المقضى بتزويره لم يكن الدعامة الأساسية التى قام عليها قضاء الحكم الملتمس فيه فى دعوى الضمان المذكورة بالمخالفة للثابت من مدونات هذا الحكم فإنه يكون معيباً بمخالفة الثابت فى الأوراق .

(الطعن رقم 3613 لسنة 82 جلسة 2016/05/16)

10- وما أثاره الطاعن من أنه تم العبث بتوقيعي رئيس الجلسة وكاتبها ببعض محاضر الجلسات فإنه ينطوي على ادعاء بالتزوير لا تكشف الأوراق بذاتها عن صحته دون تحقيق، ويصلح - إن صح - أن يكون من أحوال التماس إعادة النظر وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة 241 من قانون المرافعات.

(الطعن رقم 547 لسنة 66 جلسة 2001/05/21 س 52 ع 2 ص 693 ق 142)

11- مجرد التمسك بالورقة المزورة لا يكفى فى ثبوت العلم بتزويرها ما دام الحكم لم يقم الدليل على أن المتهم هو الذى قارف التزوير أو اشترك فيه _ لما كان الحكم المطعون فيه لم يورد الدليل على نسبة التزوير أو الاشتراك فيه إلىالطاعن _ واكتفى بإستخلاص على الطاعن بتزوير المحررين من مجرد تقديمهما فى الدعوى المدنية _ فإنه يكون قاصراً .

(الطعن رقم 14797 لسنة 59 جلسة 1992/10/25 س 43 ع 1 ص 916 ق 140)

12- النص فى المادة 241 من قانون المرافعات على أن " للخصوم أن يلتمسوا إعادة النظر فى الأحكام الصادرة بصفة إنتهائية فى الأحوال الآتية 1، 2، 3، 4  إذا حصل الملتمس بعد صدور الحكم على أوراق قاطعة فى الدعوى كان خصمه قد حال دون تقديمها و فى المادة 242 على ألا يبدأ ميعاد الالتماس فى هذه الحالة " إلا من اليوم الذى ظهرت فيه الورقة المحتجزة ". يدل على أن مناط قبول الالتماس فى هذه الحالة أن تكون الورقة التى يحصل عليها الملتمس بعد صدور الحكم قاطعة فى الدعوى بحيث لو قدمت لغيرت وجه الحكم فيها لمصلحة الملتمس ، وأن تكون قد احتجزت بفعل الخصم أو حال دون تقديمها بالرغم من التزامه قانوناً بذلك، وأن يكون الملتمس جاهلاً أثناء الخصومة وجودها تحت يد حائزها فإذا كان عالماً بوجودها ولم يطلب إلزام حائزها بتقديمها فلا يقبل منه الالتماس، ولما كان البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن أوراق الدعوى خلت مما يفيد ان الشفيعة حالت دون تقديم عقد القسيمة بأن حجزته تحت يدها أو منعت من كان العقد تحت يده من تقديمه، وأن الملتمسه (الطاعنة ) لم تكن تجهل أثناء الخصومة وجود ورقة هذا العقد تحت يد حاجزها بدليل ارتكازها بالسبب الأول من أسباب استئنافها على وقوع هذه القسمة، وكان لهذا الذى أقام الحكم قضاءه عليه أصل ثابت بالأوراق التى خلت من الإدعاء بالتواطؤ محل النعى، كما خلت من أية مطالبة من الطاعنة بإلزام أحد من خصومها بتقديم ورقة عقد القسمة بالرغم من أحقيتها فى ذلك بإعتبارها خلفاً خاصاً للبائعين فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ فى القانون. (الطعن رقم 305 لسنة 58 جلسة 1991/04/23 س 42 ع 1 ص 917 ق 149)إذ كان قضاء الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه، يعتبر وجهاً من وجوه التماس إعادة النظر، إلا أنه إذا لم يشتمل الحكم على الأسباب التي بُنى عليها هذا القضاء فإنه يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - باطلاً عملاً بالمادة 176 من قانون المرافعات ويجوز الطعن فيه بالنقض لوقوع هذا البطلان فيه طبقاً للفقرة الثانية من المادة 248 من ذات القانون.

(الطعن رقم 1314 لسنة 67 جلسة 1999/03/25 س 50 ع 1 ص 461 ق 90)

13- فى قضاء محكمة النقض أن النص فى المادة 241/3 من قانون المرافعات على أن " للخصوم أن يلتمسوا إعادة النظر فى الأحكام الصادرة بصفة انتهائية فى الأحوال الأتية : 1 ............. 2 ........................... 3 إذا كان الحكم قد بُنى على شهادة شاهد قُضى بعد صدوره بأنها مزورة . " يدل على أن المشرع حدد أسباب إعادة النظر على سبيل الحصر فلا يجوز الخروج عنها أو القياس عليها وذلك لأن الأصل هو أن المحكمة متى فصلت فى نزاع فلا يجوز لها إعادة النظر فيه ، إنما أجاز الشارع لها استثناء فى حالات معينة تصحيح حكمها رجوعاً إلى الحق والعدل وهذه الحالات منها ، إذا بُنى الحكم على شهادة قضى بعد صدوره بأنها مزورة ، ويُشترط لقبول الالتماس فى هذه الحالة أن يُبنى الحكم على شهادة شاهد بحيث تكون هذه الشهادة ذات تأثير على ما ورد فى الحكم ولولا اعتقاد المحكمة بصحتها ما قضت باتجاه الرأى الذى نحت إليه ، وأن يثبت تزوير هذه الشهادة بحكم من القضاء يصدر بعد صدور الحكم وقبل رفع الالتماس ، فلا يُقبل الالتماس إذا كان بغرض السعى إلى إثبات تزوير الشهادة ، لما كان ذلك ، وكان النص فى المادة 242 من قانون المرافعات بعد أن حدد ميعاد الالتماس بأربعين يوماً أورد أنه لا يبدأ فى الحالة المبينة بالفقرة الثالثة من المادة السابقة إلا من اليوم الذى حكم فيه على شاهد الزور ، فإن مفاد ذلك أن الأمر يتعلق بحجية حكم جنائى

(الطعن رقم 7226 لسنة 74 جلسة 2014/01/12)

14- التماس إعادة النظر يعتبر طريقا غير عادى للطعن فى الأحكام الصادرة بصفة إنتهائية فى الحالات التى عددتها المادة 241 من قانون المرافعات على سبيل الحصر ، إلا أن النص فى المادة 272 من القانون المشار إليه على أنه " لا يجوز الطعن فى أحكام محكمة النقض بأى طريق من طرق الطعن " يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع قد منع الطعن فى أحكام هذه المحكمة بأى طريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية باعتبارها نهاية المطاف فى الخصومة ولم يستثنى من ذلك سوى ما نصت عليه المادة 2/147 من قانون المرافعات من جواز سحب الحكم الصادر من محكمة النقض وإعادة النظر فى الطعن فى حالة قيام سبب من أسباب عدم الصلاحية بأحد قضاة محكمة النقض الذين أصدروا الحكم ، لما كان ذلك وكان الحظر الوارد فى المادة 272 المشار إليها قد جاء عاما ومطلقا وكان تصدى محكمة النقض للموضوع والحكم فيه بعد نقض الحكم المطعون فيه وفقا لنص المادة 269 من قانون المرافعات لا يغير من طبيعة هذا الحكم وإعتباره صادرا من محكمة النقض فلا يعتبر بمثابة حكم صادر من محكمة الإستئناف فإن حظر الطعن الوارد بنص المادة 272 من قانون المرافعات وفيما عدا الحالة المنصوص عليها فى المادة 147/2 من هذا القانون يسرى على جميع الأحكام الصادرة من محكمة النقض سواء اقتصر قضاؤها فيها على الحكم فى الطعن أو شمل الحكم فى الموضوع فى الأحوال المقررة قانوناً وكان الطعن المعروض قد أقيم التماسا لاعادة النظر فى الحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم 1119 لسنة 56 ق على سند من نص المادة 241/4 من المرافعات وليس إستنادا لنص المادة 2/147 من هذا القانون فإن الطعن يكون غير جائز .

(الطعن رقم 2606 لسنة 59 جلسة 1994/01/20 س 45 ع 1 ص 227 ق 48)

15- المسائل المتعلقة بالنظام العام تعد مطروحة دائماً على المحكمة ولها أن تحكم فيها من تلقاء نفسها ولو لم يطلب منها الخصوم ذلك فإن قضاء المحكمة فى أمر منها بما يقتضيه النظام العام لا يجوز الطعن فيه بطريق إلتماس إعادة النظر على أساس أنه قضاء بما لم يطلبه الخصوم، لما كان ذلك وكان عدم مراعاة مواعيد الطعن فى الأحكام يترتب عليه سقوط الحق فى الطعن ويوجب على المحكمة أن تقضى بذلك عملاً بنص المادة 215 من قانون المرافعات - وكانت محكمة الإستئناف - إعمالاً لذلك قضت بسقوط الحق فى الإستئناف المرفوع من الطاعن بعد الميعاد الذى حدده القانون على نحو ما سلف بيانه فى الرد على الطعن الأول رقم 888 لسنة 57ق، فإن الحكم المطعون فيه إذ إلتزم هذا النظر وقضى بعدم قبول إلتماس الطاعن إعادة النظر فى ذلك القضاء المؤسس على أنه قضاء بما لم يطلبه الخصوم قد وافق صحيح القانون ويضح النعى فى غير محله.

(الطعن رقم 888 لسنة 57 جلسة 1993/02/21 س 44 ع 1 ص 662 ق 110)

16-  الطعن بالنقض لا يقبل فى حالة الحكم بشئ لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه ، إلا إذا كانت المحكمة قد بينت فى حكمها المطعون فيه وجهه نظرها فيما حكمت به و أظهرت فيها أنها قضت بما قضت به مدركة حقيقة ما قدم لها من طلبات و علمت أنها بقضائها هذا المطعون فيه أنها تقضى لما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه و مع ذلك أصرت على القضاء مسببة أياه فى هذا الخصوص ، أما إذا لم يبد من الحكم أنه يقصد تجاوز طلبات الخصوم و أن يحكم لهم بأكثر مما طلبوه فإن سبيل الطعن عليه إنما يكون بإلتماس إعادة النظر وفقاً لنص الفقرة الخامسة فى المادة 241 من قانون المرافعات .

(الطعن رقم 48 لسنة 53 جلسة 1990/01/23 س 41 ع 1 ص 225 ق 45)

17- الحكم بشىء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه و إن كان يعد وجهاً من وجوه الطعن بإلتماس إعادة النظر وفقاً للمادة 241 من قانون المرافعات إلا أنه ينبغى فى هذا الصدد الوقوف على الطلب ذاته الذى طرحه الخصم وصولاً إلى تبيان ما إذا كان القاضى قد حكم فى حدوده أم تجاوزه و دون اعتداد بما قدم من الخصم من مستندات تأييداً و تدعيماً لهذا الطلب ، فإذا ما صدر الحكم و كان قضاؤه موافقاً لمطلب المدعى من دعواه بغير أن يفطن إلى حقيقة تجاوز هذا الطلب لما تضمنه المستند الذى قدم إثباتاً له فإن ذلك لا يعتبر قضاء بأكثر مما طلبه الخصم ، بل هو خطأ أعترى قضاء الحكم لمخالفته الثابت بورقة من أوراق الدعوى وعدم إدراكه الواقع فى النزاع المعروض مما لا يعتبر سبباً يجيزه القانون للطعن فى الحكم بطريق إلتماس إعادة النظر .

(الطعن رقم 1589 لسنة 55 جلسة 1987/12/03 س 38 ع 2 ص 1045 ق 221)

18- لما كان يتعين على المحكمة أن تتقيد و تلتزم حدود الطلبات فى الدعوى فلا تقضى فيها بما لم يطلبه الخصوم و لا بأكثر مما طلبوه طالما لم يثبت أن الطلبات التى أقامت الدعوى على أساسها قد عدلت ، كما أنها غير ملزمة بلفت نظر الخصم إلى قانون آخر قد يقرر له حقوقاً أخرى لم يطلبها فى الدعوى و حسبها أن تقيم قضاءها وفقاً لطلبه المطروح عليها بما يكفى لحمله كما أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الطعن بالنقض لا يقبل فى حالة الحكم بشىء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه إلا إذا كانت المحكمة قد بينت فى حكمها المطعون فيه وجهة نظرها فيما حكمت به و أظهرت فيه أنها قضت بما قضت به مدركة حقيقة ماقدم لها من الطلبات و عالمة أنها بقضائها هذا المطعون فيه أنها تقضى بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه و مع ذلك أصرت على القضاء مسببة أياه فى هذا الخصوص ، أما إذا لم تبد من الحكم أنه يقصد تجاوز طلبات المطعون فيه و أنه يحكم له بأكثر مما طلبه فإن سبيل الطعن عليه أنما يكون بإلتماس أعادة النظر وفقاً لنص الفقرة الخامسة من المادة 241 من قانون المرافعات .

(الطعن رقم 111 لسنة 51 جلسة 1982/01/17 س 33 ع 1 ص 125 ق 24)

19- العبرة فى طلبات الخصوم فى الدعوى هى بما يطلبوه على وجه صريح و جازم ، و تتقيد المحكمة بطلباتهم الختامية ، بحيث إذا أغفل المدعى فى مذكراته الختامية - التى حدد فيها طلباته تحديداً جامعاً - بعض الطلبات التى كان قد أوردها فى صحيفة إفتتاح الدعوى . فإن فصل المحكمة فى هذه الطلبات الأخيرة يكون قضاء بما لم يطلبه الخصوم ، وهى إذ تقضى بشىء لم يطلبوه أو بأكثر مما طلبوه ، وهى مدركة حقيقة ما قدم لها من طلبات و عالمة بأنها إنما تقضى بما لم يطلبه الخصوم ، أو بأكثر مما طلبوه ، مسببة إياه فى هذا الخصوص ، فيكون سبيل الطعن عليه هو النقض ، أما إذا لم تتعمد المحكمة ذلك و قضيت بما صدر به حكمها عن سهو و عدم إدراك ، دون أى تسبيب لوجهة نظرها ، كان هذا من وجوه إلتماس إعادة النظر طبقاً للفقرة الخامسة من المادة 241 من قانون المرافعات .

(الطعن رقم 128 لسنة 48 جلسة 1981/01/26 س 32 ع 1 ص 331 ق 66)

20- اذ كان القول بأن الطاعن يستحق فوائد عما يستحقه بذمة المطعون ضدها مقابل نصيبها فى تكاليف المبانى التى أقامها من ماله حتى لا يحكم لها بما تطالب به من ريع حصتها فى المبانى هو من الطلبات العارضة و التى تمتنع على المحكمة إثارتها و الفصل فيها من تلقاء نفسها و إذا تنكبت ذلك و قضت للطاعن بفوائد لم يطلبها تجاوز ما تطالب به المطعون ضدها فإنه يكون قد قضى بما لم يطلبه المدعى عليه - الطاعن - و يجوز إلتماس إعادة النظر فى حكمها طبقاً للمادة 241 بند "5" من قانون المرافعات

(الطعن رقم 754 لسنة 40 جلسة 1978/01/25 س 29 ع 1 ص 309 ق 63)

21- الحكم بشئ لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه هما من وجوه الإلتماس طبقا لنص الفقرة الخامسة من المادة 241 من قانون المرافعات ، و بمقتضاه يعاد عرض النزاع على المحكمة التى فصلت فيه ليستدرك القاضى ما وقع فيه من سهو غير متعمد فيبادر إلى إصلاحه متى تنبه إلى سببه فإن كانت المحكمة قد بينت فى حكمها المطعون فيه وجهة نظرها منه و أظهرت فيه أنها قضت بما قضت به مدركة حقيقة ما قدم لها من الطلبات و عالمة بأنها بقضائها هذا المطعون فيه إنما تقضى بما يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه و مع ذلك أصرت على هذا القضاء مسسبة إياه فى هذا الخصوص ، إمتنع الطعن على الحكم بطريق الإلتماس  وكان سبيل الطعن عليه فى هذه الحالة هو النقض ، و إذ كان الثابت من صحيفة الإستئناف أن المطعون ضدهم طلبوا فى السبب الثانى إستبعاد مبلغ 23641 جنيهاً و 74 مليماً من أصول التركة و هو قيمة الأطيان التى تصرف فيها المورث للغير و كان الحكم الإستئنافى الملتمس فيه قد قبل هذا السبب و إنتهت المحكمة إلى أن قيمة هذه التصرفات المستبعدة هى مبلغ 26124 جنيهاً و 615 مليماً و هو المبلغ الذى قوم به الخبير أطيان المورث جميعها ، فإن الحكم المطعون فيه إذا خلص إلى أن هذا الحكم الملتمس فيه قدر عن إدراك و تعمد قيمة الأطيان المبيعة بالمبلغ الذى حدده الخبير مقابلاً لها دون باقى الأطيان التى لم يتصرف فيها المورث يكون قد أخطأ فى فهم الواقع فى الدعوى و لم يستظهر عناصر النزاع على الوجه الثابت بها مع أن ذلك لازم لتقدير ما إذا كانت المحكمة قد قدرت قيمة الأطيان المستبعدة بالمبلغ الذى ذكرته عن إدراك و تعمد أم أن ذلك كان عن سهو غير متعمد ، و فى ذلك ما يعيبه و يوجب نقضه .

(الطعن رقم 696 لسنة 40 جلسة 1976/05/27 س 27 ع 1 ص 1211 ق 230)

22- لما كان الحكم المطعون فيه رقم.... محلا للطعن بالنقض فى الطعن رقم... وقضت محكمة النقض بتاريخ.... بعدم قبول الطعن، وإذ عادت الطاعنة وطعنت على الحكم المطعون فيه أمام محكمة الاستئناف التي أصدرته بالتماس إعادة النظر، وكان يتعين عليها أن تقضي فى الالتماس بعدم جوازه لما فى ذلك من مساس بحجية الحكم الصادر من محكمة النقض وإذ خالفت هذا النظر وتصدت لبحث مدى توافر أوجه الالتماس وانتهت بحكمها محل الطعن الماثل إلى عدم قبول الالتماس بما كان يتعين معه نقض الحكم إلا أنه ولما كان عدم قبول الالتماس وعدم جوازه يتساويان فى النتيجة بما لا يتحقق معه نقض الحكم سوى مجرد مصلحة نظرية بحتة فإنه يتعين الحكم برفض الطعن دون حاجة لبحث أسبابه.

(الطعن رقم 61 لسنة 69 جلسة 1999/10/26 س 50 ع 2 ص 1041 ق 204)

23- التناقض الذى يصلح سبباً للطعن بالنقض هو ما يلحق أسباب الحكم بأن تتماحى هذه الأسباب فينفى بعضها بعضاً بحيث لا يبقى منها ما يمكن حمل الحكم عليه أو أن تناقض هذه الأسباب منطوق الحكم فلا تصلح أساساً له، بحيث لا يفهم على أى أساس قضت المحكمة بما قضت المحكمة بما قضت به أما حالة إذا كان منطوق الحكم مناقضاً بعضه فإنها من أحوال الطعن بطريق التماس إعادة النظر وفقاً لنص الفقرة السادسة من المادة 241 من قانون المرافعات.

(الطعن رقم 3816 لسنة 60 جلسة 1995/01/30 س 46 ع 1 ص 279 ق 55)

24- يدل نص المادة 241 من قانون المرافعات على أن مناط جواز إلتماس إعادة النظر المبنى على وقوع تناقض بمنطوق الحكم أن يكون الحكم الملتمس إعادة النظر فيه إنتهائياً غير قابل للطعن فيه بطرق الطعن العادية و أن يقع التناقض فى منطوقه هو ، فلا يجوز الإلتماس فى الحكم الإستئنافى الذى إقتصر على تأييد الحكم الإبتدائى لوقوع تناقض بمنطوق هذا الأخير .

(الطعن رقم 1696 لسنة 49 جلسة 1984/03/15 س 35 ع 1 ص 687 ق 130)

25- البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن عرض لتوافر الشروط الشكلية واعتبر أن اختصام المطعون ضدهما - الملتمسين - فى الاستئناف بصفتيهما الشخصية بدلاً من المدعى العام الاشتراكى – بعد أن زالت الصفة لكليهما فى التقاضى بشأن أموالهما لصدور حكم ضدهما من محكمة القيم بفرض الحراسة على هذه الأموال بالحكم الصادر فى دعوى القيم رقم ..... لسنة .... حراسات – يدخل فى مفهوم السبب السابع من أسباب الالتماس الوارد ذكرها على سبيل الحصر فى المادة 241 من قانون المرافعات منتهياً إلى انعدام الحكم المستأنف الملتمس فيه كأثر لذلك وإذ كان من شأن تقرير انعدام الحكم الملتمس فيه - وفق منطق الحكم المطعون فيه - فقدان وصفه كحكم واعتباره غير موجود منذ صدوره فلا يرد عليه تصحيح فإن قضاءه برفض الالتماس يعد فصلاً فى موضوعه ومن ثم يضحى هذا الحكم منهياً للخصومة بما يجوز معه الطعن عليه بطريق النقض .

(الطعن رقم 731 لسنة 70 جلسة 2004/01/13 س 55 ع 1 ص 109 ق 23)

26- مفاد نص الفقرة السابعة من المادة 241 من قانون المرافعات إنه إذا صدر حكم وحاز قوة الأمر المقضى وثبت بعد ذلك بعد ذلك أن الخصم الذى صدر الحكم ضده لم يكن ممثلا فى الخصومة التى صدر فيها تمثيلا صحيحاً بشخصه أو بمن ينوب عنه قانوناً فإن قوة الأمر المقضى التى اكتسبها الحكم لا تعصمه من الطعن عليه بطريق الالتماس لهذا السبب- فيما عدا النيابة الاتفاقية - وأن تبت المحكمة فى حالة قبول الطعن فى مسألة تمثيل الخصم مجددا طالما ثبت لديها عدم صحة هذا التمثيل فى تلك الخصومة بدليل مقطوع به اعتباراً بأن عدم تمثيل الخصم فى الخصومة على وجه صحيح يؤدى إلى بطلان إجراءاتها بما فى ذلك الحكم الصادر فيها.

(الطعن رقم 1909 لسنة 51 جلسة 1992/02/23 س 43 ع 1 ص 365 ق 79)

27- النص فى المادة 241 من قانون المرافعات يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه يشترط لقيام الوجه الثامن من أوجه الالتماس أن يكون الحكم حجة على الملتمس دون أن يكون ماثلا فى الدعوى بشخصه ، و ثانيهما أن يثبت غش من كان يمثله أو تواطؤه أو إهماله الجسيم ، ثالثا أن تقوم علاقة سببية بين الغش أو التؤاطؤ أو الإهمال الجسيم وبين الحكم بحيث يكون هو الذى أدى إلى صدوره على الصورة التى صدر بها ، وأن ظواهر الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم لاتقع تحت حصر و تستقل بتقديرها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تؤدى إلى ما انتهت إليه من نتيجة وبما يكفى لحمل قضائها .

(الطعن رقم 2944 لسنة 67 جلسة 1999/12/23 س 50 ع 2 ص 1303 ق 257)

28- متى كان الحكم ... قابلا للإستئناف أصلاً لصدوره من محكمة كلية بوصفها محكمة أول درجة و فى نطاق إختصاصها الإبتدائى ، فإن عدم إستنفاد ... المحكوم عليه طريق الطعن العادى فيه بالإستئناف حتى صار نهائياً ، لا يحول بين الطاعن و بين الطعن عليه بطريق التماس إعاده النظر بمقتضى البند الثامن من المادة 241 من قانون المرافعات طالما لم يكن مختصما فى تلك الدعوى ، و يكون الحكم الصادر فى هذا الإلتماس - شأنه شأن الحكم محل الإلتماس - قابلا للطعن بطريق الإستئناف.

(الطعن رقم 233 لسنة 50 جلسة 1985/01/31 س 36 ع 1 ص 194 ق 46)

29- متى كانت حجية الأحكام ليست قاصرة على أطرافها الذين كانوا ممثلين بأشخاصهم فيها بل هى تمتد أيضاً إلى من كان ماثلاً فى الدعوى بمن ينوب عنه كدائنى الخصم العاديين ، فإن حكم النفقة الصادر على المطعون ضده الأول لصالح زوجته - يسرى فى حق الطاعن( الدائن ) بإعتباره فى حكم الخلف العام بالنسبة لمدينه المطعون ضده - المذكور - و قد أتاح القانون للطاعن سبيل التظلم من هذا الحكم بطريق إلتماس إعادة النظر بشرط إثبات غش مدينه المذكور أو تواطئه ، و ذلك إعمالاً للفقرة الثامنة من المادة 241 من قانون المرافعات .

(الطعن رقم 16 لسنة 44 جلسة 1977/04/13 س 28 ع 1 ص 962 ق 164)

30- إذ كان الطلب الماثل طعنا بالتماس إعادة النظر فى الحكم الصادر بتاريخ 21/5/1996 فى الطلب رقم.... لسنة 63 ق "رجال القضاء" وقد استند إلى نص المادة 241 من قانون المرافعات, ولم يستند إلى أي من أسباب عدم الصلاحية الواردة فى المادة 146 من قانون المرافعات, على سبيل الحصر ومن ثم فإن الالتماس يكون غير جائز ويتعين عدم قبوله.

(الطعن رقم 286 لسنة 63 جلسة 2001/02/06 س 52 ع 1 ص 33 ق 5)

31- إلتماس إعادة النظر فى أحكام المحاكم العسكرية وفقاً لقانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 يعتبر بديلاً عن الضمانات التى كفلها القانون العام عن طريق الطعن بالنقض فى أحكام المحاكم العادية بما لازمه أن الحكم الصادر من تلك المحاكم العسكرية لا يكون باتاً إلا بإستنفاد طريق الطعن عليه بإلتماس إعادة النظر أو بفوات ميعاده .

(الطعن رقم 1129 لسنة 52 جلسة 1987/03/26 س 38 ع 1 ص 452 ق 100)

32- المادة 45 من قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 تمنع الإدعاء بالحقوق المدنية أمام المحاكم العسكرية و من ثم فإن سريان التقادم الثلاثى المسقط لدعواهم لا يبدأ إلا من تاريخ الحكم النهائى فى الجنحة المذكورة بإدانة الجاني . لما كان ذلك و كان إلتماس إعاده النظر فى أحكام المحاكم العسكرية يعرض على سلطة أعلى من السلطة التى صدقت على الحكم بديلاً عن الضمانات التى كفلها القانون العام عن طريق الطعن بالنقض فى أحكام المحاكم العادية كما أشارت إلى ذلك المذكرة الإيضاحية لقانون الأحكام العسكرية المشار إليه و كان الحكم الصادر فى الدعوى الجنائية لم يصبح نهائياً تنقضى به الدعوى الجنائية بإستيفاء طرق الطعن فيه إلا من تاريخ رفض السلطة العسكرية المختصة الطعن المرفوع عنه الإلتماس فإن سريان التقادم لا يبدأ إلا من اليوم التالى لهذا التاريخ على ما سلف بيانه .

(الطعن رقم 1180 لسنة 48 جلسة 1981/11/17 س 32 ع 2 ص 2044 ق 370)

33- إنه و إن كان إلتماس إعادة النظر يعتبر طريقاً غير عادى للطعن فى الأحكام الصادرة بصفة إنتهائية فى الحالات التى عددتها المادة 241 من قانون المرافعات على سبيل الحصر إلا ان النص فى المادة 272 من القانون المشار إليه على أنه لا يجوز الطعن فى أحكام محكمة النقض بأى طريق من طرق الطعن عادية أو غير عادية بإعتبارها نهاية المطاف فى الخصومة . و قد ورد هذا الحظر المطلق مؤكداً لما كانت تنص عليه صراحة المادة 448 من قانون المرافعات السابق و المادة 27 من القانون رقم 57 لسنة 1959 الخاص لحالات و إجراءات الطعن أمام محكمة النقض بقولهما " لا يجوز المعارضة فى أحكام محكمة النقض الغيابية ، و لا يقبل الطعن فى أحكامها بطريق إلتماس إعادة النظر ". لما كان ذلك فإن إلتماس إعادة النظر الذى أقامته الشركة الملتمسة فى الحكم الصادر من محكمة النقض بتاريخ 1977/7/13 بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه فى الطعن رقم 714 لسنة 47 قد يكون غير جائز .

(الطعن رقم 1312 لسنة 47 جلسة 1980/03/31 س 31 ع 1 ص 1003 ق 195)

 34- يشترط لقبول التماس إعادة النظر وفقًا للمادة 241(4) من قانون المرافعات أن تكون الأوراق التى حصل عليها المُلتَمِس قاطعة فى الدعوى بحيث لو قُدمت لغيرت وجه الحكم فيها لمصلحة المُلتَمِس، وأن يكون المُلتَمَس ضده هو الذى حال دون تقديم تلك الأوراق بأن احتجزها تحت يده أو منع من كانت الأوراق تحت يده من تقديمها، وأن يكون المُلتَمِس جاهلاً أثناء الخصومة بوجود الأوراق تحت يد حائزها. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم الصادر بتاريخ 13/6/2017 من محكمة النقض فى الطعن رقم ... لسنة 86 ق أن الشركة الطاعنة تمسكت بهذا الدفاع فى دعويى البطلان، وكان سببًا من أسباب طعنها على الحكم الصادر فى تلك الدعوى، ورد عليه حكم النقض بما مؤداه أنه من سلطة هيئة التحكيم أن تجتمع فى أى مكان تراه مناسبًا للقيام بأى إجراء من إجراءات التحكيم ومن ذلك إجراء المداولة بين أعضائها. فاختيار مكان معين للتحكيم لا يعنى وجوب اتخاذ جميع إجراءات التحكيم فى هذا المكان. كما أن اختيار الأطراف لمكان التحكيم ينطوى ضمنًا على اختيارهم للقانون الإجرائى لهذا المكان  lex arbitriلتخضع له إجراءات التحكيم ما لم يعلنوا صراحة عن إرادتهم باختيار قانون آخر. ولهذا يجب التفرقة بين المكان الجغرافى الذى تنعقد فيه جلسات التحكيم venue of arbitration وبين مكان التحكيم كفكرة قانونية (مقر التحكيم) seat of arbitration. وبالتالى فإن إجراء هيئة التحكيم للمداولة وتوقيع أعضائها على الحكم خارج القاهرة لا يغير من حقيقة صدوره فى القاهرة باعتبارها المقر القانونى للتحكيم ومن ثم فلا يترتب عليه بطلانه. ويبين مما قاله حكم محكمة النقض على النحو المتقدم، أن سبب الطعن الماثل لم يكن خافيًا على الشركة الطاعنة حال نظر دعويى بطلان حكم التحكيم محل الطعن بالتماس إعادة النظر، هذا إلى أن حصولها على شهادات رسمية من مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية كان أمرًا متاحًا لها دائمًا منذ صدور حكم التحكيم والاطلاع على توقيعات المحكمين، علاوة على أنه يستحيل القول بأن المطعون ضدها الثانية حالت دون استخراج أو تقديم تلك الأوراق بأن احتجزتها تحت يدها أو منعت من كانت الأوراق تحت يده من تقديمها. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى رفض هذا السبب من أسباب التماس إعادة النظر، فإن النعى عليه فى هذا الخصوص يكون على غير أساس .

( الطعن رقم 10103 لسنة 86 ق - جلسة 23 / 4 / 2019 )

35- إذا كانت المادة 241 / 8 من قانون المرافعات تنص على أنه للخصوم أن يلتمسوا إعادة النظر في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية في الأحوال الآتية ... لمن يعتبر الحكم الصادر في الدعوى حجة عليه ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها بشرط إثبات غش من كان يمثله أو تواطئه أو إهماله الجسيم " مما مفاده أن القانون أجاز لمن يمتد إليه أثر الحكم الصادر في الدعوى ويعتبر حجة عليه مع أنه لم يكن ماثلاً فيها بشخصه أن يطعن فيه بطريق التماس إعادة النظر ذلك أن جواز الالتماس في الحكم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحجيته فكلما كان هذا الحكم حجة على شخص لم يكن طرفاً في الخصومة بنفسه يكون له الحق في سلوك هذا الطريق وكانت حجية الأحكام تتعدى الخصوم إلى خلفهم فيكون الحكم الصادر على الخصم حجة على خلفه ومنهم دائنوه .

( الطعن رقم 1628 لسنة 71 ق - جلسة 6 / 6 / 2024 )

شرح خبراء القانون

( ملحوظة هامة : حكمت المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 10 / 1 / 2024 فى الدعوى رقم 95 لسنة 43 ق   بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (243) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، في مجال سريانه على البند رقم (6) من المادة (241) من القانون ذاته ) ( مركز الراية للدراسات القانونية )

وأسباب إلتماس إعادة النظر وفقاً للمادة 241 مرافعات هي :

السبب الأول : إذا وقع من الخصم غش أثر في الحكم :

وقد عرفته محكمة النقض بأنه الذي يتم بعمل إحتيالي يقوم به الملتمس ضده ينطوي على تدليس يعمد إليه الخصم ليخدع المحكمة ويؤثر في عقيدتها فتتصور الباطل صحيحاً وتحكم بناء على هذا التصور لصالح من إرتكب الغش ضد خصمه الذي كان يجهل هذا الغش وكان يستحيل عليه كشفه أو دحضه .

فيشترط لتوافر هذا السبب :

(أ) غش يتوجه إلى أحد مصادر معلومات القاضي أو يؤدي إلى منع الخصم من حقه في الدفاع.

ويعتبر غشاً الوسائل الإحتيالية . فلا يعد كذلك مجرد الكذب أو إستعمال حيلة مشروعة أثناء الدفاع ، أو السكوت بعض الوقت عن إبداء دفاع معين ، أو العدول عن تعديل الطلبات متى تم وفقاً للقانون ، كما لا يعتبر غشاً حلف يمين كاذب وتقدير ما يعتبر غشاً وما لا يعتبر أمر يخضع لتقدير المحكمة التي يرفع إليها الإلتماس و تتحقق المحكمة من توافر الغش بسلطتها المطلقة «لتتفهم الواقعة المطروحة عليها وما أحاطها من ظروف وملابسات وتقدر الأدلة المطروحة عليها وتفاضل بينها فتلحق ما يفيد الظن الراجح بالثابت لأنه أقرب إليه ، والبينة المرجوحة بغير الثابت لأنها إليه أقرب» .

(ب) أن يصدر الغش من المحكوم له أو من ممثله ، سواء كان ممثلاً قانونياً أو إتفاقياً وينسب الغش إلى الخصم ولو صدر من الغير إذا كان الخصم قد ساهم فيه أو إستعمله عالماً به ويتصور أن يكون الغش في صورة تواطؤ بين الخصم وبين ممثل الطاعن ولكن هل يعتبر غشاً تواطؤ الخصمين فيما بينهما لإخفاء الحقيقة عن القاضي  يذهب البعض إلى هذا على أساس أن التواطؤ غشان (غش من كل من الخصمين) لا غش واحد ، فيجب - من باب أولى - أن يجيز لكل من الخصمين الطعن بالتماس إعادة النظر . ولكن الرأي الراجح أن تواطؤ الخصمين لا يعتبر غشاً وفقاً للمادة 241 / 1 مما يبرر إعادة النظر . ذلك أن المشرع يفترض لإمكان إعادة النظر ألا يكون الطاعن عالما بالغش أثناء الخصومة ، ولهذا يجعل ميعاد الطعن من يوم اكتشاف الغش ، ولا شك في علم المتواطئ بالغش المشترك فيه . فليس له - إن رأي مصلحته في الطعن - أن يلتمس إعادة النظر بعد صدور الحكم.

(ج) أن يكون الغش خافياً على ملتمس إعادة النظر طوال نظر الدعوى بحيث لم تتح له الفرصة لتقديم دفاعه فيه وتنوير حقيقته للمحكمة . فإذا كان عالما به وتناوله في دفاعه ورجحت المحكمة بشأنه قول خصم على آخر ، وعلى أساسه حكمت له إمتناعاً منها ببرهانه ، فلا يصلح سبباً للإلتماس .

(د) أن يكون الغش قد أثر في إصدار الحكم ، بمعنى أن يكون التقدير الذي إشتمل عليه الحكم قد تحدد إستناداً إلى التمثيل المزيف للحقيقة الراجع إلى الغش ، بحيث أنه بغير هذا الغش ما صدر الحكم بالمضمون الذي صدر به.

السبب الثاني : إذا كان الحكم قد بني على أوراق ثبت فيما بعد تزويرها أو على شهادة حكم فيما بعد بأنها مزورة :

وعلة هذا السبب الذي تنص عليه المادة 241 في الفقرتين 2 ، 3 مرافعات أن الحكم قد إستند أساساً إلى دليل ثبت فساده ، ويشترط لتوافر هذا السبب :

1- أن تكون أدلة الإثبات التي ثبت فيما بعد فسادها هي أوراق عرفية أو رسمية أو شهادة شاهد . فلا توجد بشأن أدلة إثبات أخرى ، كما لو تعلق الأمر بحلف يمين أو إقرار . والعلة بالنسبة لحلف اليمين أن اليمين يحتفظ بقوته ولو ثبت فيما بعد أنه يمين كاذب.

2- أن يكون الحكم قد بني على هذا الدليل : أي أنه لولا هذا الدليل لما صدر الحكم بالمضمون الذي صدر به . ولا يهم وجود أدلة أخرى في القضية مادام الحكم قد بني على هذا الدليل.

3- أن يثبت تزوير الدليل : ويكون هذا الثبوت بالنسبة للمحررات بصدور حكم بالتزوير سواء كان مدنياً أو جنائياً ، أو بإقرار من محرر الورقة بتزويرها . ويستوي أن يكون التزوير مادية أو معنوية أما بالنسبة الشهادة الشاهد ، فلا يكون هذا الثبوت إلا بصدور حكم بأنها مزورة ، فلا يكفي مجرد الإقرار .

4- أن يثبت هذا التزوير بعد صدور الحكم الملتمس إعادة النظر فيه، وقبل رفع الإلتماس . ذلك أنه إذا كان ثابتة قبل الحكم فإن الحكم إذ ينبني عليه يعتبر مشوباً بخطأ في الإجراء ، ولا يكون سبيل الطعن فيه هو الإلتماس . ومن ناحية أخرى فإنه إذا لم يكن التزوير ثابتاً قبل رفع الإلتماس ، فإن الإلتماس يكون قد رفع لغير السبب الذي رفع من أجله.

السبب الثالث : ظهور أوراق قاطعة في الدعوى بعد صدور الحكم كان الخصم المحكوم له قد إحتجزها أو حال دون تقديمها : ويشترط لتوافر هذا السبب:

1- وجود أوراق قاطعة في الدعوى ، فلا يكفي في القانون المصري أي مستند إذا لم يكن ورقة مكتوبة . ولهذا فإنه لا يكفي وجود شريط مسجل أو مصور ، أو إقرار غير قضائي . ويجب أن تكون هذه الأوراق قاطعة في الدعوى ، بمعنى أن تكون من شأنها لو أطلع عليها القاضي قبل إصداره الحكم أن يغير تقديره بالنسبة لثبوت الوقائع . وتقدير أثر الورقة مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.

2- أن يكون المحكوم له قد إحتجزها أو حال دون تقديمها في الخصومة . ويفترض هذا أن يكون المحكوم له ملزماً بتسليمها أو وضعها تحت تصرف الطاعن ، إذ بغير هذا لا يكون فعل الخصم هو الذي حال دون تقديم الورقة فإذا لم يوجد هذا الإلتزام ، فلا تتوافر هذه الحالة . ونتيجة لهذا فإن مجرد التدليس المستخدم من الخصم لمنع خصمه من معرفة وجود الورقة لا يصلح سبباً لإلتماس إعادة النظر وفقاً لهذه الحالة (إلا أنه قد يصلح وفقاً لحالة الغش السابقة . ومن ناحية أخرى ، فإنه يكفي فعل الخصم ولو لم يكن مشوباً بالتدليس.

3- أن تظهر الأوراق بعد صدور الحكم المطعون فيه : وهو ما يعني أن يكون الطاعن جاهلاً وجود هذه الأوراق قبل صدوره . فإذا كان عالما بوجودها ولم يطلب إلزام من تحت يده بتقديمها ، فليس له الطعن بالإلتماس على أساس ظهورها بعد الحكم  كما يجب أن يكون قد علم بهذه الأوراق قبل رفع الإلتماس.

السبب الرابع : إذا قضى الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه :

وفي هذه الحالة يعتبر أن الحكم قد نقصه مفترض ضروري هو الطلب القضائي ، ولهذا فإن الحكم يكون باطلاً ، مثاله أن يطالب (أ) بتقرير حق انتفاع على منزل أو يطالب بمبلغ ألف جنيه ، فيحكم القاضي بتقرير حق إرتفاق له شيء لم يطلبه أو بتقرير حق ملكية له أو بمبلغ ألفي جنيه (أكثر مما طلبه) . أو يطالب المدعي بالدين فيقضي له بالفوائد رغم عدم طلبها .

ويتعلق هذا السبب بالحكم بقبول الطلب ، وليس برفضه ، فللمحكمة أن ترفض طلباً ولو لم يطلب المدعى عليه هذا الرفض دون أن يعتبر هذا قضاء بما لم يطلبه المدعى عليه ، ويكون هذا إذا ثبت لها عدم توافر الوقائع المنشئة الحق المدعى . ومن ناحية أخرى ، يقتصر الأمر على ما يفترض طلبا من أحد الخصوم ، فما يكون للمحكمة القضاء به من تلقاء نفسها لا يجوز الطعن فيه على أساس أنه قضاء بغير أو بأكثر مما طلب . وأخيراً ، فإنه لا يعتبر قضاء بما لم يطلبه الخصم إذا تعلق بأمر يدخل ضمنا في طلب الخصم ، ذلك أن الطلبات - كما قدمنا - قد تكون صريحة أو ضمنية.

السبب الخامس : إذا كان منطوق الحكم مناقضاً بعضه لبعض :

والمقصود هو التناقض فى المنطوق ، وليس التناقض في الأسباب وقد سبق بيان معنى هذا التناقض.

السبب السادس : الحكم على شخص لم يمثل تمثيلاً قانونياً صحيحاً في الدعوى :

وهذه الحالة تفترض أن المحكوم عليه شخص إعتباری لم يمثله من له سلطة تمثيله قانوناً ، أو شخص طبيعى لم يصح تمثيله في الخصومة كما هو الحال بالنسبة لحكم يصدر ضد قاصر دون أن يمثله وصيه أو وليه الذي له سلطة تمثيله ، أو حكم يصدر ضد الورثة دون أن يمثلهم مصفى التركة . وعلى العكس لا يدخل في هذه الحالة عدم صحة الوكالة في الخصومة أو خروج الوكيل عن نطاق وكالته ، كما لا يدخل فيها حالة ما إذا كان التمثيل القانوني صحيحاً ولكن الممثل القانوني أهمل في الدفاع عن مصالح الخصم الذي يمثله.

السبب السابع : إذا كان الحكم حجة على شخص دون أن يكون قد أدخل أو تدخل في الخصومة ، إذا أثبت هذا الشخص غش من كان يمثله فيها أو تواطؤه أو إهماله الجسيم  ويشترط لتوافر هذا السبب :

1- أن المحكوم عليه الذي يطعن في الحكم لم يكن طرفاً في الخصومة التي صدر فيها ، سواء طرفاً أصلياً أو كان قد أدخل أو تدخل فيها .

2- أن يكون الطاعن ممن تمتد إليه حجية هذا الحكم أو تنعكس عليه ، ومثاله وارث المحكوم عليه أو دائنه ولو كان دائناً عادياً أو من يوجد في مركز قانوني معتمد على الحق الذي تناوله الحكم المستأجر من الباطن بالنسبة لحكم يقرر بطلان عقد الإيجار الأصلي . ويكفي أن تثبت هذه الصفة وقت رفع الإلتماس. 

3- أن يكون الطاعن قد لحقه ضرر من هذا الحكم ، ولهذا فإنه إذا حصل دائن على حكم ضد مدين له ، فليس لدائن آخر إلتماس إعادة النظر إذا كانت أموال المدين كافية للوفاء بحقوق جميع دائنيه .

4- أن يثبت غش من امتدت حجية الحكم منه إلى الطاعن ، أو تواطؤه أو إهماله الجسيم . ويستوي أن يصدر الغش من «ممثل» الطاعن أو أن يكون هناك تواطؤ بينه وبين الخصم الآخر أضراراً بالطاعن ، بل إنه يكفي إثبات الطاعن أن هذا «الممثل» قد أهمل في الدفاع عن حقه إهمالاً جسيماً . وتقدير توافر الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم مسألة موضوعية لا تخضع لرقابة محكمة النقض . على أنه يجب إثبات قیام رابطة سببية بين الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم ومضمون الحكم ، أي أن يكون هو الذي أدى إلى صدور الحكم على النحو الذي صدر به .

الطعن المقابل بإلتماس إعادة النظر :

يمكن تصور تقديم إلتماس إعادة النظر كطعن مقابل ، وذلك في فرضين :

الأول : إذا تمسك أحد طرفي الخصومة بحكم قضائي صدر لمصلحته ، فإن للطرف الآخر أن يتقدم بطلب عارض إلى المحكمة لإعادة النظر في هذا الحكم . ويجب عندئذ أن يكون الحكم المطلوب إعادة النظر بشأنه قد صدر من نفس المحكمة ، إذ هي وحدها المختصة بإعادة النظر فيه.

الثاني : أن يرفع إلتماساً بإعادة النظر بالنسبة لجزء من الحكم ، فيتقدم المطعون ضده بالتماس مقابل لإعادة النظر بشأن الجزء من الحكم الذي صدر الغير صالحه .

ولأن المشرع المصرى لم ينظم الطعن المقابل بإلتماس إعادة النظر ، فإنه يخضع من حيث شكله الإجراءات الطلبات العارضة . على أنه باعتباره إلتماساً بإعادة النظر يجب أن يشتمل على بيان الحكم محل الالتماس وأسباب هذا الالتماس . ومن ناحية أخرى يجب أن يقدم الطعن المقابل في ميعاد إلتماس إعادة النظر وألا يكون الملتمس قد سبق له قبول الحكم . فالقانون لا يجيز تقديم إلتماس فرعي يقبل ولو بعد انقضاء الميعاد أو قبول الحكم ، كما فعل بالنسبة للإستئناف . ذلك أنه إن صح القول بأن المحكوم عليه عندما يفوت ميعاد الإستئناف أو يقبل الحكم يفعل هذا على أساس قبول الطرف الآخر للحكم ، فإن هذا غير صحيح بالنسبة لمن يفوت ميعاد الإلتماس أو يقبل الحكم بعد تبين سبب الإلتماس.

الطعن بإلتماس إعادة النظر:

ينظم قانون المحاكم الإقتصادية الطعن في أحكام المحاكم الإقتصادية بالإستئناف والنقض . ولم يرد في القانون أي نص يتعلق بالطعن بإلتماس إعادة النظر . وتطبيقاً للمادة الرابعة من قانون إصدار قانون المحاكم الإقتصادية التي تنص على تطبيق قانون المرافعات «فيما لم يرد بشأنه نص خاص» في قانون المحاكم الإقتصادية ، يجوز الطعن في أحكام المحاكم الإقتصادية بإلتماس إعادة النظر وفقاً لما تنص عليه المادة 241 وما بعدها من قانون المرافعات المدنية والتجارية . فخلو قانون المحاكم الاقتصادية من تنظيم الطعن بالتماس إعادة النظر لا يحول دون الأخذ به بالنسبة لأحكام هذه المحاكم ، تطبيقاً للمادة الرابعة من قانون إصدار قانون المحاكم الإقتصادية .(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني ،  الصفحة :  594)

الأحكام التي يجوز الطعن فيها بإلتماس إعادة النظر:

إلتماس إعادة النظر طريق من طرق الطعن غير العادية يلجأ إليه المحكوم عليه متى كان الحكم الملتمس فيه قد صدر بصفة إنتهائية وإمتنع الطعن فيه بأي من الطرق العادية وحاز بذلك قرة الأمر المقضي، كالأحكام الصادرة من المحاكم الإستئنافية إذ تحوز قوة الأمر المقضي فور صدورها، ولا يحول جواز الطعن فيها بالنقض من جواز الطعن فيها بإلتماس إعادة النظر بإعتبار أن الطعن بالندم بدوره طريق غير عادي من طرق الطعن، ولا يحول الطعن فيها بالفعل بالنقض من اللعن فيها بإلتماس إعادة النظر، وأيضاً الأحكام الصادرة من المحكمة الإبتدائية بصفة إنتهائية، فإنه يشترط لجواز الطعن فيها بإلتماس إعادة النظر ألا يكون الطعن فيها بالإستئناف جائزاً إذ تحوز بذلك قوة الأمر المقضي، أما إن جاز الطعن فيها بالإستئناف عملاً بالمادتين (221)، (222) من قانون المرافعات، فلا يجوز الطعن فيها بالإلتماس حتى لو لم يدرك الملتمس جواز الطعن في الحكم الملتمس فيه بالإستئناف ، بأن يكون الحكم قد صدر بالمخالفة لقواعد الإختصاص النوعي أو الولائي أو وقع بطلان فيه و في الإجراءات أثر في الحكم أو صدر على خلاف حکم سابق، ويجوز في هذه الحالات الطعن بالإستئناف في الحكم إذ يكون قد حاز حجية الأمر المقضي دون قوة الأمر المقضي، فإن أغفل المحكوم عليه هذا الطريق العادي رغم جوازه، امتنع عليه اللجوء إلى الطريق غير العادي حتى لو توافر وجه من أوجه الإلتماس، إذ يترتب على الإستئناف إعادة طرح الدعوى على المحكمة الإستئنافية في حدود ما رفع عنه الإستئناف مما يجوز معه طرح أوجه الدفاع والأسباب التي تكون قد ظهرت بعد صدور الحكم وقبل رفع الإستئناف حتی لو تمثلت في أحد الأوجه التي تصلح لرفع إلتماس إعادة النظر، كما لو ظهر أن صدور الحكم كان بناء على غش المحكوم له طالما كان الإستئناف بالنسبة له جائزاً رغم صدوره بصفة إنتهائية لتوافر إحدى الحالات السابقة، ولما كانت أوجه الإلتماس تصلح أسباباً للإستئناف، وكان المقرر أنه يجوز تقديم أسباب جديدة أثناء نظر الإستئناف ، فإنه يجوز طرح ما قد يتوافر من هذه الأوجه على المحكمة الإستئنافية أثناء نظر الإستئناف كأسباب له.

فإن لم يلتزم المحكوم عليه بذلك ورفع إلتماساً عن حکم صادر من محكمة الدرجة الأولى بصفة إنتهائية، وجب على المحكمة التي تنظر الإلتماس، وهي ذات المحكمة التي أصدرت الحكم، أن تقضي بعدم جواز الإلتماس، إستناداً إلى أن الحكم كان قد إنفتح بالنسبة له طريق الطعن بالإستئناف وكان يتعين معه الطعن فيه بهذا الطريق مما لا يجوز معه اللجوء إلى طريق الإلتماس لما فيه من تسلط المحكمة على قضائها في هذه الحالة، وللملتمس ضده إثارة هذا الدفع وحينئذ يتعين عليه إثبات عناصره ببيان الإجراء الباطل أو الشائبة التي أدت إلى بطلان الحكم وإلا قضت المحكمة برفضه إن لم تتبين هي هذه العناصر لتعلق الدفع بالنظام العام، وقد تتصدی له من تلقاء نفسها.

ومتی رفع الإلتماس عن حكم إنتهائي مما يجوز الطعن فيه بالإستئناف وكان ميعاد الإستئناف قد إنقضى، أدى ذلك إلى سقوط الحق فيه إذا رفع، إذ لا يترتب على رفع الإلتماس وقف ميعاد الإستئناف.

والعبرة بإعتبار الحكم إنتهائياً ، هو بوقت صدور، كالحكم الصادر من المحاكم الإستئنافية ، سواء كانت محاكم الإستئناف أو محاكم الدرجة الأولى بالنسبة للأحكام التي تصدرها في حدود نصابها الإنتهائي.

والأحكام الصادرة من محاكم الإستئناف، يجوز الطعن فيها بالطرق غير العادية كألتماس إعادة النظر والنقض، فإن توافر في شأنها سبب من أسباب النقض وفقاً للمادة (248) من قانون المرافعات، ووجه من أوجه الإلتماس، وجب رفع إلتماس إلى محكمة الإستئناف، والطعن فيه بالنقض أمام محكمة النقض خلال الميعاد المقرر.

أما الأحكام الصادرة من المحكمة الإبتدائية بهيئة إستئنافية ، فيجوز الطعن فيها بالإلتماس، كما يجوز الطعن فيها بالنقض إذا صدرت في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز «قوة» الأمر المقضي وذلك عملاً بالمادة (249 ) من قانون المرافعات.

ويجوز الطعن بإلتماس إعادة النظر في الأحكام الإنتهائية الصادرة من محاكم الدرجة الأولى متى كان الطعن فيها بالإستئناف غیر جائز وذلك على التفصيل المتقدم، ولا يجوز الطعن فيها بالنقض إلا إذا كانت فاصلة في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز «قوة» الأمر المقضي، فإن كان حائزاً «حجية» الأمر المقضي جاز الطعن فيه بالإستئناف عملاً بالمادة (222) من قانون المرافعات وحينئذ لا يجوز الطعن فيه بإلتماس إعادة النظر أو بالنقض.

وإن لم يكن الحكم إنتهائياً وقت صدوره، بأن كان إبتدائياً ، خضع الطرق الطعن العادية ، فإن لم يطعن فيه، أو طعن فيه وتأييد، صار إنتهائياً ، ولما كانت هذه الإنتهائية ثبتت له بعد صدوره، سواء بإنقضاء ميعاد الطعن أو بتأييده ، فلا يجوز الطعن فيه بإلتماس إعادة النظر. وأيضاً إذا طعن فيه وقضت محكمة الطعن بسقوط الحق في الطعن أو بإعتباره كأن لم يكن أو بإنقضائه وترتب على ذلك إعتبار الحكم المستأنف نهائياً، فإنه يمتنع الطعن فيه بالإلتماس، ويسرى ذلك إذا ترك المستأنف إستئنافه.

وإذ ورد نص المادة (241 ) من قانون المرافعات عاماً مطلقاً، فإنه يمتد إلى كل حكم يصدر بصفة إنتهائية ولا يجوز تخصيصه وقصره على فئة معينة من تلك الأحكام، ولما كانت الأحكام الوقتية والمستعجلة قد تصدر بصفة إنتهائية، فإنه يجوز الطعن فيها بإلتماس إعادة النظر، ويحوز الحكم الصادر في الإلتماس حجية وقتية لا تتقيد بها المحكمة عند الفصل في الموضوع، وإن صدر الحكم في الموضوع قبل صدور الحكم في الإلتماس، أعتبر الإلتماس منتهياً.

وفي المسائل الشرعية يخضع الحكم لإلتماس إعادة النظر وفقاً لقانون المرافعات وذلك بعد إلغاء المواد (329) - (335) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالقانون رقم 462 لسنة 1955 والتي كانت تنظيم هذا الإلتماس بالنسبة للأحكام النهائية الصادرة في المسائل الشرعية.

وقد صدر القانون رقم 1 لسنة 2000 في شأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، ونص في المادة الرابعة على إلغاء لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 والكتاب الرابع من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 77 لسنة 1949 والذي استمر العمل به بعد صدور قانون المرافعات الحالي. كما نص في المادة الأولى منه على أن تسري أحكامه على إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية والوقف ويطبق فيما لم يرد بشأنه نص خاص فيه أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية.

كما نصت المادة (56) منه على أن «طرق الطعن في الأحكام والقرارات المبينة به في الإستئناف والنقض والتماس إعادة النظر، وتتبع - فيما لم يرد به حکم خاص في المواد الآتية - القواعد والإجراءات المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية». 

وعملاً بالمادة (64) من القانون المشار إليه رقم 1 لسنة 2000 لا يجوز إلتماس إعادة النظر في مسائل الولاية على المال إلا في القرارات الإنتهائية الصادرة فى المواد الآتية : (1) توقيع الحجر أو تقرير المساعدة القضائية أو إثبات الغيبة. (2) تثبيت الوصي المختار أو الوكيل من الغائب. (3) عزل الوصي والقيم والوكيل أو الحد من سلطته. (4) سلب الولاية أي وقتها أو الحد منها. (5) إستمرار الولاية أو الوصاية على القاصر. (6) الفصل في الحساب .

وإذا لم تتضمن المواد التالية للمادة (56) سالفة البيان أي نص خاص ينظم إلتماس إعادة النظر في مسائل الأحوال الشخصية إلا نص المادة (64) على نحو ما تقدم، فإن كافة المسائل الأخرى تخضع للقواعد التي تضمنها قانون المرافعات في شأن إلتماس إعادة النظر.

ولما كانت الأحكام الصادرة من محكمة النقض باتة وقاطعة ينحسم بها النزاع وتنقضي بها الخصومة وهي نهاية المطاف في التقاضي، وبالتالي لا يجوز الطعن فيها بإلتماس إعادة النظر حتى لو توافر وجه من أوجه الإلتماس.

ولا يكفي أن يصدر الحكم بصفة إنتهائية حتى يجوز الطعن فيه بالإلتماس، وإنما يجب ألا يكون المشرع قد حظر الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن، وحينئذ يمتد الحظر إلى الإستئناف وإلتماس إعادة النظر حتى لو وقع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أو توافرت أوجه الإلتماس أو صدر على خلاف حکم سابق.

 أوجه إلتماس إعادة النظر:

متی صدر الحكم من محكمة الدرجة الأولى، فإنه يحوز حجية الأمر المقضي فور صدوره ولو كان قابلا للطعن وحتى لو طعن فيه بالإستئناف إذ لا يترتب على هذا الطعن إلا وقف تلك الحجية مؤقتاً، وأوجب المشرع نظر الدعوى على درجتين على أن يطرح النزاع مرة ثانية أمام المحكمة الإستئنافية في الحدود التي رفع الإستئناف عنها، ومؤدى ذلك طرح جميع الأسباب التي يستند إليها المستأنف سواء ما سبق له طرحه على محكمة الدرجة الأولى أو ما يری طرحه منها لاول مرة أمام المحكمة الإستئنافية ، بإعتبار أن الطعن بالإستئناف طريق عادي من طرق الطعن ودرجة ثانية لنظر ذات النزاع الذي كان مطروحاً على محكمة الدرجة الأولى.

فإذا أمتنع هذا الطريق، إما لصدور الحكم من محكمة الدرجة الأولى بصفة إنتهائية في غير حالات المادتين (221) ، (222) من قانون المرافعات، أو لصدور الحكم من المحكمة الإستئنافية ، فإن المشرع أجاز الطعن فيه بالطرق غير العادية إذا توافر وجه من الأوجه التي تجيز هذا الطعن، وإلا كان الطعن غير مقبول ، وقد حدد المشرع هذه الأوجه على سبيل الحصر، سواء في الطعن بإلتماس إعادة النظر أو في الطعن بالنقض وهو تحديد متعلق بأسس التنظيم القضائي وبالتالى بالنظام العام مما يوجب على المحكمة التصدي له من تلقاء نفسها إذ المقرر أيضاً أن جواز الطعن يتصل بالنظام العام.

ويجب عدم الخلط بين أسباب الإستئناف وأوجه إلتماس إعادة النظر في حالة وجود تشابه بينها، وتنصرف أسباب الإستئناف إلى الحكم الصادر بصفة ابتدائية إذ يجوز الطعن فيه بالاستئناف ، بينما تنظر في أوجه الإلتماس إلى الحكم الصادر بصفة إنتهائية وكان لا يجوز الطعن فيه بالإستئناف، کاحکم الصادر من محكمة الدرجة الأولى في حدود نصابها الإنتهائي غير مشوب بعيب ما نصت عليه المادتان (221) ، (222) من قانون المرافعات.

فقد تضمنت المادة (228) من قانون المرافعات الأوجه الأربعة الأولى التي تضمنتها المادة (241) من ذات القانون، وإلتزاماً بما تقدم، فإذا توافر وجه منها في حكم صادر من محكمة الدرجة الأولى في حدود نصابها الإبتدائي، تعيين الطعن فيه بالإستئناف وفقاً للمادة (228) بحيث إذا طعن فيه بالإلتماس، وجب القضاء بعدم جوازه، فقد كان أحد طرق الطعن العادية مفتوحا وهو ما يحول دون اللجوء لطريق غير عادي. وإذا توافر وجه منها في حکم صادر بصفة إنتهائية، تعيين الطعن فيه بالتماس إعادة النظر. مثال ذلك أن يصدر حكم في حدود النصاب الإبتدائي بناء على غش، ومن ثم يجوز الطعن فيه بالإستئناف وفقاً للمادة (228) فإن كان ما صادراً في حدود النصاب الإنتهائي غير مشوباً بأحد العيوب المنصوص عليها في المادتين (221) ، (222) تعين الطعن فيه بإلتماس إعادة النظر.

وإذ يتعلق هذا البحث بجواز الطعن بالإلتماس من عدمه وهو ما يمس النظام العام ومن ثم تعين على المحكمة التصدي له ولو من تلقاء نفسها على هدي المواد (221)، (222)، (228)، (241) من قانون المرافعات ، فإذا تبين لها صدور الحكم بصفة إنتهائية مشوباً ببطلان يتعلق بالنظام العام، أو شاب أحد الإجراءات بطلان من هذا القبيل أثر في الحكم، مما كان يتعين معه الطعن في الحكم بالاستئناف، فإنها تقضي بعدم جواز الإلتماس، أما إن كان البطلان غیر متعلق بالنظام العام، فإن عدم التمسك به يجعل الحكم صحيحاً منذ صدوره، وبالتالي يجوز الطعن فيه بالإلتماس.

وإذا طعن بالإلتماس وتبين صدور الحكم على خلاف حکم سابق لم يحز قوة الأمر المقضي، تعيين القضاء بعدم جواز الإلتماس إذ كان طريق الطعن بالإستئناف مفتوحاً أمام الطاعن مما يحول دونه واللجوء لطريق غير عادي من طرق الطعن حتى لو توافرت أوجه الإلتماس إذ يصح طرحها كأسباب للإستئناف. وإذا دفع بعدم جواز الإلتماس لصدور حكم سابق، تعين على الدافع إقامة الدليل عليه وإلا كان دفعه عارياً عن الدليل ولا تلتزم المحكمة بتحقيقه بالرغم من تعلق الدفع بالنظام العام، وحينئذ تقبل الإلتماس إذا توافرت مقوماته.

الوجه الأول: وقوع غش من المحكوم له :

ويتوافر الغش بالإحتيال والخديعة بمباشرة الإجراء على غير مقومات صحته عن قصد تحقيقاً لغرض يرمي إلى جلب منفعة على غير مقتضى العدل والحق وبالمخالفة لحسن النية الواجب توافره في كافة المعاملات، مثال ذلك أن يعلم المدعي موطن المدعى عليه الذي فيه إستقراره ورغم ذلك يعلنه بصحيفة الدعوى بمحل إقامة عارض حتى لا يصل الإعلان إيه فيصدر الحكم وفقا للأدلة المقدمة من المدعي ودون سماع أوجه دفاع المدعى عليه. وقد يتحقق الغش أيضاً بالنسبة لإعلان الحكم الصادر في السن ، بأن يعلنه في مسكن على أنه موطن المحكوم عليه على خلاف الحقيقة ويقرر المعلن إليه أنه قريب للمحكوم عليه وذلك بالتواطؤ مع المدعي. وحينئذ يتم إعلان الحكم ويتحقق العلم الظني وفقاً لنص المادة (213) من قانون المرافعات، ويستند الأخير إلى ذلك لوضع الصيغة التنفيذية على الحكم فور إنقضاء ميعاد الإستئناف، ولا يعلم المحكوم عليه بالحكم إلا عند البدء في تنفيذه ، ومن هذا التاريخ يظهر الغش ويبدأ ميعاد الإستئناف، عملا بالمادة (228) من قانون المرافعات عندما يكون الحكم صادراً في حدود النصاب الإبتدائي ، فإن كان صادراً في حدود النصاب الإنتهائي، فإن ميعاد إلتماس إعادة النظر يبدأ من ذات التاريخ، مع مراعاة أن الحكم الصادر بصفة إنتهائية لا يجوز الطعن فيه بالإلتماس إلا إذا كان غير مشوب بأحد العيوب المنصوص عليها بالمادتين (221)، (222) من قانون المرافعات، فإن كان مشوباً بأحدها تعين الطعن فيه بالإستئناف دون الإلتماس .

مفاد ذلك، أن الإجراءات التي شابها الغش متمثلة في إعلان الدعوى و الحكم لتكون قد قدمت في غيبة المحكوم عليه مما يحول دون إكتشافه الغش أثناء الإستناد إليها وأن إكتشافه لها تم بعد صدور الحكم مما يجوز معه أن يطعن فيه بالإلتماس.

أما إن حضر المحكوم عليه أثناء نظر الدعوى ولم يتمسك بهذا الدفاع رغم ظهوره، فلا يجوز له بعد ذلك رفع إلتماس إستناداً إليه.

ولا يجوز الطعن بالإلتماس إلا في الأحكام الصادرة بصفة إنتهائية سواء من محكمة الدرجة الأولى عند صدور الحكم في حدود نصابها الإنتهائي أو من المحاكم الإستئنافية سواء كانت محكمة الإستئناف أو المحكمة الإبتدائية منعقدة بهيئة إستئنافية ، والعبرة بإعتبار الحكم صادراً بصفة إنتهائية في معنى المادة (241) بوقت صدوره.

ويشترط لإعتبار الغش وجها للإلتماس، توافره أثناء نظر الدعوى وعدم ظهوره إلا بعد صدور الحكم لأنه لو ظهر قبل ذلك إنتفى عنه الخفاء فلا يصلح وجها للإلتماس ذلك أن الخفاء من الشروط الواجب توافرها بحيث إذا تخلف وكانت عناصر الغش ظاهرة أثناء نظر الدعوى أو كان يمكن تبينها، تعين على الخصم كشف أمرها فإن لم يفعل فلا يصلح الغش وجهاً للإلتماس ، كما يجب أن يكون الغش واقعاً من المحكوم له ، فإن وقع من غيره بدون تواطؤ، فلا يصلح وجها للإلتماس، وأن يكون مؤثراً أقام عليه الحكم قضاءه سواء كدليل منفرد أو ضمن أدلة متساندة.

ومتى توافرت هذه الشروط قبلت المحكمة الإلتماس عملاً بالمادة (245).

ومتى أقام المحكوم عليه التماسا استند فيه إلى الغش، تعين عليه أن يدلل على وجوده أثناء نظر الدعوى ببيان الوقائع التي تدل عليه، وهو تدليل يخضع لتقدير المحكمة وهي تنظر في قبول الإلتماس بحيث إن خلصت إلى عدم تضمن هذه الوقائع على الغش أو انتفاء الشروط اللازمة له، قضت بعدم قبول الإلتماس.

وإستخلاص عناصر الغش أو تخلفها، من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض بشرط أن يكون إستخلاصها سائغاً له أصل في الأوراق.

الوجه الثاني: الإقرار بتزوير الأوراق أو صدور حكم بتزويرها :

للمحكوم عليه الطعن بالتماس إعادة النظر في الحكم الصادر بصفة إنتهائية إذا صدر من المحكوم له بعد الحكم إقرار بتزوير الأوراق التي بني عليها أو قضى بتزويرها.

ويتطابق هذا الوجه مع ما تضمنته المادة (228) من قانون المرافعات ، ولكن يختلف نطاق كل منهما على التفصيل الذي أوضحناه فيما تقدم، إذ يتعلق الوجه الماثل بالأحكام الصادرة بصفة إنتهائية، بينما تتعلق المادة (228) بالأحكام الصادرة بصفة ابتدائية.

والإقرار بوجه عام، هو اعتراف شخص بواقعة من شأنها أن تنتج ضده آثاراً قانونية بحيث تصبح في غير حاجة إلى الإثبات وينحسم النزاع في شأنها، والأصل أن يكون الإقرار صريحاً، ولا يجوز قبول الإقرار الضمني ما لم يقم دليل يقيني على وجوده وفحواه، ويجب أن يكون الإقرار صادراً من المقر على سبيل الجزم واليقين تعبيراً عن إرادة جدية حقيقية غير مشوبة بإكراه أو تدلیس وإلا كان الإقرار قابلاً للإبطال وهو دفاع يجوز إبداؤه أمام المحكمة التي تنظر الإلتماس.

وإذ تنص المادة (243) من قانون المرافعات على أن ميعاد الإلتماس أربعون يوماً ولا يبدأ في حالة الإقرار بالتزوير إلا من اليوم الذي أقر فيه بالتزوير فاعله، مما مفاده أن الإلتماس لا يكون مقبولاً إلا إذا كان مستنداً إلى هذا الإقرار الذي هو أحد مقومات هذا القبول، فإن لم يقدم دليل توافره ، تعين القضاء بعدم قبول الإلتماس شكلاً ، ولا يجوز للملتمس أن يطلب إستجواب الملتمس ضده ليقر بالتزوير أو يطلب توجيه اليمين الحاسمة إليه لمخالفته في هذه الحالة للنظام العام لورودها على إثبات جريمة جنائية، ولا تلتزم المحكمة بالرد على أي من الطلبين لظهور فسادهما ولأنه لا يجوز رفع الإلتماس تمكيناً للملتمس من إثبات مقومات قبوله.

ذلك لأن المقرر، أنه في حالة الإدعاء بالتزوير، لا يكفي الإدعاء وحده لرفع الإلتماس، وإنما يجب لقبول الإلتماس أن يقر مرتكب التزوير بارتكابه أو أن يصدر حكم بات ضده، وحينئذ يتحقق موجب قبول الإلتماس، بإعتبار أن الإلتماس غاية لإصلاح حکم بني على ورقة مزورة وليس وسيلة لإثبات التزوير، وهو ما يتطلب صدور الإقرار بالتزوير أو صدور حکم بالتزوير قبل رفع الإلتماس، وإلا تعين القضاء بعدم قبوله.  

ولا يلزم أن يكون المحكوم له هو مرتكب التزوير كفاعل أصلي، إنما يكفي أن يكون شريكاً فيه بالإتفاق أو التحريض أو المساعدة أو أن يقتصر دوره على إستعمال المحرر مع علمه بتزويره، وحينئذ ينتج إقراره بتزوير المحرر أثره القانوني بقبول الإلتماس، ولا يمتد هذا الأثر إلى الإقرار الصادر من غير المحكوم له حتى لو ادعى هذا الغير أنه الفاعل الأصلي للتزوير، بحيث إذا إستند الملتمس إلى إقرار الغير كان الإلتماس غیر مقبول حتى لو كان الإقرار قضائياً إذ يقتصر أثر الإقرار على المقر.

ويكون الإقرار قضائياً أو غير قضائي، ولما كان الإقرار القضائي هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة، بينما الإقرار غير القضائي هو أعتراف الخصم بواقعة قانونية مدعى بها عليه خارج مجلس القضاء أو أمام محكمة لا تنظر الدعوى محل الواقعة المعترف بها. فإن الإقرار المعني بالمادة (241) يكون غير قضائي ويخضع لتقدير المحكمة التي تنظر الإلتماس وهي تتصدى لشكل الإلتماس بحيث إذا اطمأنت إليه وكان الإلتماس قد إستوفي باقي مقوماته قبلته شكلاً وإلا قضت بعدم قبوله.

ويكفي لقبول الإلتماس الإدعاء بصدور الإقرار من المحكوم له شفاهة أمام شهود متی شهد هؤلاء بذلك وأطمأنت المحكمة إلى تلك الشهادة التي تضمنها محضر إداري، وقد يكتفى بإقرار وكيل المحكوم له.

كما يجوز الإلتماس إذا قضى بتزوير الأوراق التي بني عليها الحكم الملتمس فيه ، ويجب صدور حكم نهائي حائز قوة الأمر المقضي بتزوير المحرر الذي أقام عليه الحكم الملتمس فيه قضاءه، والحكم بتزوير المحرر من مقومات قبول الإلتماس ومن ثم لا يجوز قبول الإلتماس قبل صدور هذا الحكم ولا أن يطلب في الإلتماس إتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير إثباتاً لذلك، ويتعين على المحكمة في هذه الحالة أن تقضي بعدم قبول الإلتماس دون الرد على هذا الطلب بإعتباره ظاهر الفساد ولإمتناع رفع الإلتماس قبل إستيفاء مقومات قبوله.

والحكم الذي يصدر بتزوير الأوراق التي بني عليها الحكم الملتمس فيه ، قد يكون حكماً جنائياً صدر في الدعوى التي رفعت لتقرير هذا التزوير، وقد تكون دعوى مدنية أي دعوى تزوير أصلية برد وبطلان هذه الأوراق، وتلك الدعوى الأخيرة لا تكون مقبولة إذا كانت تلك الأوراق قد تبين تزويرها في الدعوى التي صدر فيها الحكم الملتمس فيه ولم ترفع بشأنها دعوى تزوير فرعية، ومن ثم يتعين لقبول دعوى التزوير الأصلية أن يكون التزوير واضحاً جلياً قبل صدور الحكم، فإن لم يكن كذلك جاز رفع تلك الدعوى ما لم تكن الأوراق مشتركة بين الخصوم.

كما يجوز رفع دعوى جنائية بهذا التزوير بمعرفة النيابة العامة أو بطريق الإدعاء المباشر.

ومتی حاز حكم التزوير قوة الأمر المقضي التزمت به المحكمة التي تنظر الإلتماس.

وإذا رفع الإلتماس بعد صدور الحكم بتزوير المحرر ولكن قبل صيرورته نهائياً وباتاً ، فإن المحكمة توقف الإلتماس ليقدم الملتمس شهادة بهذه الصيرورة، وعلى هديها تفصل في شكل الإلتماس بالقبول أو بعدمه إذا كان قد ألغى الحكم إستئنافياً.

ويجب لقبول الإلتماس أن يكون الحكم الملتمس فيه قد أقام قضاءه على الأوراق المزورة كدلیل منفرد في الدعوى أو كدلیل متساند ضمن أدلة أخرى بحيث لا يعرف ماذا يكون قضاء الحكم لو ثبت التزوير قبل صدوره، أما إذا إستند إليها كدليل مستقل وكانت هناك أدلة أخرى تكفي لحمل قضائه، مما مؤداه أنه لو ثبت له تزويرها ما تغير قضاؤه الملتمس فيه، فإن الإلتماس لا يكون مقبولاً کإستناده أساساً إلى أقوال الشهود ثم إلى الأوراق المزورة. كذلك الحال إذا أقام قضاءه دون الإستناد إليها.

تزوير الحكم أو محاضر جلساته :

يترتب على صدور الحكم الإستئنافي إنقضاء الخصومة التي كانت مرددة - بين الخصوم وإستنفاد المحكمة ولايتها في نظرها باعتبار الحكم الإستئنافي نهائياً ترتب عليه حسم النزاع، فإذا أدعى المحكوم عليه تزوير محاضر الجلسات،  وتبين أن ما تضمنته هذه المحاضر قد أقام الحكم عليها قضاءه فتكون بالتالي أساساً له، فإذا أجرى تحقيق في واقعة التزوير، كان ذلك كافياً لرفع إلتماس لإعادة النظر في الحكم متى أقر فاعل التزوير بارتكابه له، فإن لم يقر به، وتبين من البحث الفني تحقق التزوير، وجب تحريك الدعوى الجنائية، ومتی صدر فيها حكم بات بالإدانة، تحقق موجب رفع الإلتماس، لأنه في حالة الإدعاء بالتزوير، لا يكفي هذا الادعاء وحده لرفع الإلتماس، وإنما يجب القبول الإلتماس أن يقر مرتكب التزوير بارتكابه أو أن يصدر حكم بات ضده ، وحينئذ يتحقق موجب قبول الإلتماس، بإعتبار أن الإلتماس غاية الإصلاح حكم بني على ورقة مزورة وليس وسيلة لإثبات التزوير وهو ما يتطلب صدور الإقرار بالتزوير أو صدور حکم بالتزوير قبل رفع الإلتماس وإلا تعين القضاء بعدم قبوله.

فإن كان التزوير الذي أقر فاعله بارتكابه، لم يؤسس الحكم عليه قضاؤه، فلا يصلح لرفع الإلتماس إذ يكون غير منتج فلن يمس الحكم، ولكن يصلح لرفع الدعوى الجنائية.

فإذا تعلق التزوير بالحكم، بتغيير في أسبابه أو منطوقه، بعد النطق به ، سواء في مسودته أو في نسخته الأصلية ، فإن هذا التزوير لا يصلح سبباً للطعن فيه، لأن المراد بالإلتماس، ليس تعييب الحكم في ذاته أو محاكمة له، وإنما محوه بسبب تغيير الحقيقة فيه ، فإن تم ذلك بعد النطق به ، ونسب إلى القضاة الذين أصدروه ، تم تصحيح ذلك عن طريق دعوى المخاصمة، أما إذا نسب التغيير لغير القضاة الذين أصدروه ، فإن تصحيحه يتم عن طريق التماس إعادة النظر بعد إعداد الدليل على التزوير. إما بإقرار مرتكبه بارتكابه أو بصدور حکم بات ضده بهذا التزوير، بناء على دعوى جنائية تحركها النيابة العامة أو بدعوی تزوير أصلية أمام المحكمة التي أصدرت الحكم الابتدائي إذ ينعقد الاختصاص لها بنظرها. (انظر: بند «الطعن بالتزوير أمام محكمة النقض»، بصدد النقض وأجاز الطعن بتزوير الحكم).

يدل ما تقدم، على أن الإدعاء بتزوير الحكم أو محاضر الجلسات، لا يصلح سبباً للطعن في الحكم بطريق النقض أو الإستئناف، وإنما يتم تدارك ذلك عن طريق إلتماس إعادة النظر، ومتى قضى بقبوله زال الحكم الملتمس فيه واعتبر كأن لم يكن، وأصدرت حكماً جديداً منبت الصلة بالحكم السابق تراعي فيه عدم الإضرار بالطاعن (الملتمس) فقد ثبت التزوير لديها، وقد ترده إلى ما كان عليه قبل تزويره.

الوجه الثالث: صدور حكم على شاهد الزور:

يتطابق هذا الوجه مع ما تضمنته المادة (228) من قانون المرافعات، ولكنه يختلف نطاق كل منهما على التفصيل الذي أوضحناه فيما تقدم، إذ يتعلق الوجه الماثل بالأحكام الصادرة بصفة إنتهائية، بينما تتعلق المادة (228) بالأحكام الصادرة بصفة إبتدائية.

ويجب لقبول الإلتماس استناداً إلى هذا الوجه، أن يصدر حكم بصفة إنتهائية استناداً إلى أقوال شاهد أو أكثر ثم يقضي بعد ذلك بمعاقبة الشاهد بتهمة الشهادة الزور التي شهد بها أمام المحكمة التي أصدرت الحكم سالف البيان، فلا يكفي أن يعاقب على شهادة زور شهد بها في دعوى أخرى.

كما يجب أن تكون المحكمة قد استندت في قضائها إلى هذه الشهادة وعولت عليها في قضائها بحيث إن تخلفت ما قضت بما تضمنه الحكم الملتمس فيه طارحة ما عداها من الأدلة والقرائن التي توافرت لديها.  

ويجب أن تنصب الشهادة على الوقائع التي تضمنها الحكم الصادر ضد الملتمس، وأن تكون العقوبة الجنائية متعلقة بها، فلا يكفي أن يحكم على الشاهد بالعقوبة عن شهادة أدلى بها في دعوى منضمة طالما كانت مستقلة عن الدعوى الأصلية ولم يترتب على الضم إندماجهما معاً ، أما إن أدى إلى الاندماج فقدت كل منهما استقلالها وكانت الشهادة الزور التي تتم في إحداهما مؤثرة في الأخرى مما يجيز الطعن بالإلتماس. إذ تمتد حجية الحكم للدعويين معاً .

ويجب أن يصبح الحكم الجنائي الصادر على الشاهد نهائياً وباتاً بفوات ميعاد الطعن فيه أو بتأییده إستئنافياً ، وعدم الطعن فيه بالنقض أو بصدور الحكم في هذا الطعن برفضه ، فإن رفع الإلتماس قبل صيرورة الحكم نهائياً، تعین وقف الإلتماس تعليقا على تحقق هذه الصيرورة تمهيداً للفصل في الشكل، بحيث إذا صار نهائياً تعين قبوله شكلاً ، أما إن ألغي تعين القضاء بعدم قبوله ، كما يقضي بذلك إذا رفع الالتماس قبل صدور الحكم الجنائي على الشاهد حتى لو صدر هذا الحكم قبل الفصل في الإلتماس، إذ ينظر إلى قبول الطعن وقت رفعه، فإن توافرت مقوماته في هذا الوقت كان مقبولاً ، ولا يعتد بتوافرها بعد رفعه، ومتى قضى بعدم قبول الإلتماس في هذه الحالة، أمتنع رفع إلتماس آخر بعد صدور الحكم على الشاهد.

والحكم على شاهد الزور بالعقوبة الجنائية، أيا ما كانت، وهو الدليل الوحيد الذي يقبل معه الإلتماس، فلا يغني عنه دليل آخر حتى لو كان إقراراً من الشاهد، وإنما للمحكوم عليه الإستناد إلى هذا الإقرار لاستصدار حكم و جنائي سواء عن طريق الإدعاء المباشر أو الدعوى العمومية التي ترفعها النيابة - العامة، ثم رفع الإلتماس بعد صدور الحكم .

الوجه الرابع: الحصول على أوراق قاطعة في الدعوى :

يتطابق هذا الوجه مع ما تضمنته المادة (228) من قانون المرافعات، ولكن يختلف نطاق كل منهما على التفصيل الذي أوضحناه فيما تقدم، إذ يتعلق الوجه الماثل بالأحكام الصادرة بصفة إنتهائية، بينما تتعلق المادة (228) بالأحكام الصادرة بصفة إبتدائية.

ويجب لقبول الإلتماس استناداً إلى هذا الوجه، أن توجد مستندات من شأنها حسم النزاع لمصلحة الملتمس ويستحيل عليه الوقوف عليها لعدم علمه بوجودها وأن تكون قد حجبت عن المحكمة بفعل الملتمس ضده، فإن لم تكن المستندات قاطعة في الدعوى وإنما تخضع كدليل لتقدير المحكمة بحيث يكون لها الأخذ بها أو طرحها كما في الإقرار غير القضائي، كان الالتماس غير مقبول، ويجب أن تكون الأوراق قد حجبت عن الملتمس إذ يجوز للخصم طالما علم بوجود مستند قاطع في الدعوى تحت يد خصمه أن يطلب إلزامه بتقديمه حتى يكون تحت بصر المحكمة فإن لم يفعل فلا يجوز له من بعد صدور الحكم ضده أن يطعن فيه بالإلتماس.

ولا يكفي لقبول الإلتماس وجود أوراق قاطعة في الدعوى لم تطرح على المحكمة، بل يجب أن تكون قد حجزت بفعل صادر من المحكوم له، سواء كان هو الذي حجزها بنفسه أو بتحريض منه أو بإتفاق معه، فإن لم يكن له شأن في احتجازها عن المحكمة فلا يقبل الالتماس.

الوجه الخامس: القضاء بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثره منه :

المقرر أن المحكمة تلتزم بنطاق الخصومة من حيث طلبات الخصوم فيها والعبرة بالطلبات الختامية، بحيث إذا قضت بالطلبات التي تضمنتها صحيفة افتتاح الدعوى وأغفلت بذلك الطلبات الختامية، فإنها تكون قد أغفلت الطلبات الأخيرة مما يوجب الرجوع إليها للفصل فيها عملا بالمادة (193) من قانون المرافعات ، ولا يجوز في هذه الحالة الطعن في الحكم بأي طريق من طرق الطعن.

أما إذا قضت المحكمة بطلب لم يطرحه الخصم عليها أو بأكثر مما طلبه منها عن سهو وعدم إدراك، فإنه يجوز الطعن في الحكم بالتماس إعادة النظر لصدوره خارج نطاق الخصومة المطروحة تمكينا للمحكمة من العودة إلى هذا النطاق طالما لم تصدر قضاءها عن إدراك وتصميم مسببة إياه بما يدل على أنها أصدرته في خدود الطلبات التي ألزمها القانون بالتصدي لها، كما لو كلفت الواقعة واعتبرتها تخضع للمسئولية التقصيرية مما يوجب الحكم بالتضامن متى طلبه المضرور بينما كانت الواقعة في حقيقتها لا توجب القضاء بذلك، أو قضت بالمقاصة القضائية بين الريع المستحق والفوائد المستحقة عن المبلغ المطالب به مقابل الإنشاءات، أو قضت بالفوائد بالرغم من عدم طلبها، أو قضت بمبلغ يجاوز المطلوب دون سهو وعن قصد وإدراك، فإن حكمها حينئذ يكون مشوباً بمخالفة القانون ويجوز الطعن فيه بالإستئناف إن كان صادراً من محكمة الدرجة الأولى أو بالنقض إن كان صادرا من محكمة الإستئناف.

مفاد ذلك أن المحكمة إذا أغفلت طلبا، تعيين إعادة طرحه عليها، وإن قضت في طلب غير مطروح عليها أو بأكثر من الطلب المطروح، وكان ذلك عن سهو منها بعدم وقوفها على الطلبات المطروحة عليها وذلك بإغفال الرجوع إلى مذكرات الخصوم أو محاضر الجلسات التي تضمنت تعديلاً للطلبات، فإن الطعن في الحكم يكون بإلتماس إعادة النظر. أما إن لم يكن قضاؤها عن سهو، بل عن قصد وإدراك موضحة وجهة نظرها فيه، فإن قضاءها يكون مشوباً بمخالفة القانون ما يجيز الطعن فيه بالإستئناف أو النقض وفقا لما تقدم.

ويكفي أن تحقق المحكمة الغاية من الطلب القضائي وتكون بذلك قد التزمت نطاقه وهو ما ينأى بقضائها عن شائبة القضاء بما لم يطلبه الخصوم، مثال ذلك، أن يطلب المدعي سد مطل غير قانوني، فتقضي المحكمة بتعديل وضع المطل ليصبح منوراً ، وتكون الغاية من الطلب قد تحققت إذ أدى هذا القضاء إلى عدم إستعمال المطل فيما كان قد أنشئ من أجله وهو الإطلاع على الجار و تحول إستعماله إلى إنارة المكان فقط وهو ما يجيزه القانون، وتكون المحكمة قد أجابت المدعى إلى طلبه، وبالتالي لا يجوز له الطعن في قضائها سواء بالإستئناف أو الإلتماس أو النقض إذا قضت محكمة الإستئناف بتأييد الحكم الإبتدائي الذي تضمن هذا القضاء .

والقضاء ببعض الطلبات أو بأقل من الطلبات المطروحة مع تسبيب ذلك يعتبر رفضاً لما لم يشمله الحكم ويجيز الطعن بالإستئناف أو النقض بحسب الأحوال.

الوجه السادس: تناقض المنطوق مع بعضه:

الأحكام التي تصدر بصفة إنتهائية تكون واجبة النفاذ فور صدورها ويتم تنفيذها وفقاً لما تضمنه منطوقها وهو ما يوجب أن يكون التنفيذ ممكناً وفقاً للمنطوق، فإن تعذر ذلك بعدم معرفة حقيقة ما قضى به الحكم وذلك بوجود تناقض في منطوقه ، تعين الرجوع إلى نفس المحكمة عن طريق الطعن في حكمها بإلتماس إعادة النظر حتى لو أمكن رفع هذا التناقض بالرجوع إلى الأسباب حتى لا يترك لجهة التنفيذ تحديد نطاق الحكم، سواء تمثلت تلك الجهة في قاضي التنفيذ عندما يطلب منه المحضر المنوط به للتنفيذ تحديد الكيفية التي يتم التنفيذ بها وبالتالي تحديد نطاق الحكم، أو تمثلت تلك الجهة في قلم المحضرين، مثال ذلك أن يصدر حكم من محكمة الدرجة الأولى بإلزام المدعى عليه بجزء من مبلغ التعويض المطلوب، فيطعن فيه كل من المدعي والمدعى عليه بالإستئناف، وتضم المحكمة الإستئنافين، ثم تقضي في الإستئناف المرفوع من المدعى عليه برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وفي الإستئناف المرفوع من المدعي بتعديل الحكم المستأنف برفع مبلغ التعويض، وبذلك يتوافر التناقض فى المنطوق ويتعذر على المدعي تنفيذ الحكم الإستئنافي فقد قضى بتأييد نفس الحكم مما يحول دون المطالبة بالزيادة المقضي بها إستئنافياً ، وكان يتعين على المحكمة في هذه الحالة بعد قبول الإستئنافين شكلاً ، أن تقضي في موضوعهما برفض الإستئناف الأول وبتعديل الحكم المستأنف برفع مبلغ التعويض، وأيضاً إذا رأت أن الإستئناف الأول في غير محله وأن الإستئناف الثاني يتطلب ندب خبير أو إحالة إلى التحقيق، فإنها بعد قبولهما شكلا ، تقضي في موضوع الإستئناف الأول برفضه، وقبل الفصل في موضوع الاستئناف الثاني بإحالته إلى التحقيق أو بندب خبير، مع مراعاة الشق الخاص بالمصاريف فتلزم بها المستأنف في الإستئناف الأول ، وترجئ البت فيها في الثاني .

مفاد ذلك، أنه يتعين على المحكمة الاستئنافية حتى تعصم قضاءها من شائبة التناقض، ألا تصدى في المنطوق للحكم المستأنف إلا مرة واحدة ، سواء بالتأييد أو بالإلغاء أو بالتعدیل ، فلا يجوز لها أن تقضي بتأييده في أحد الإستئنافين وفي ذات الوقت تقضي بإلغائه أو تعديله في الإستئناف الآخر .

وحتى في الإستئناف الواحد يتعين عدم التردي في تلك الشائبة ، فإن رأت المحكمة الاستئنافية أن الحكم المستأنف صحيح في شق منه ويستحق التعديل في شقه الآخر، فلا تقضي بتأييده في الشق الأول وتعديله في الشق الآخر، إذ يتحقق بذلك التناقض في المنطوق، وإنما يجب عليها، بعد قبول الإستئناف شكلاً ، أن تقضي في موضوعه بتعديل الحكم المستأنف في شقه المشار إليه ورفض ما عدا ذلك من طلبات وحينئذ ينصرف الرفض إلى الشق الأول، مثال ذلك أن يقضي للمدعي بمبلغ على سبيل التعويض والفوائد بواقع 4% فيستأنف طالباً زيادة التعويض والفوائد بواقع 5% وترى المحكمة صحة تقدير التعويض وأن الدين تجاري، فتقضي بتعديل الحكم المستأنف يجعل الفوائد بواقع 5% وترفض ما عدا ذلك من الطلبات.

ويقصد بالمنطوق في هذا الصدد، شق الحكم الذي يتضمن قضاءً قطعياً أينما وجد، فإذا تضمنت الأسباب قضاءً قطعياً، كان هذا القضاء بمثابة منطوق للحكم وتعين ألا يكون متناقضاً مع بعضه أو مع المنطوق المكمل له الذي أوردته المحكمة بعد الأسباب.

ويخرج عن نطاق هذا الوجه، تناقض الأسباب بعضها مع البعض الآخر أو تناقضها مع المنطوق على التفصيل الذي أوضحناه بصدد عيوب التسبيب.

الوجه السابع: عدم تمثيل المحكوم عليه تمثيلاً صحيحاً :

النيابة عن الخصم، سواء كان شخصاً معنوياً أو طبيعياً ، تكون قانونية أو قضائية أو اتفاقية، فإن حدد القانون للشخص نائباً عنه يمثله في التصرفات والإجراءات كانت النيابة قانونية كالولي بالنسبة للقاصر والوزير بالنسبة لوزارته والمحافظ ورئيس الحي، وإذا حدد القاضي للشخص نائباً عنه، كانت النيابة قضائية كالوصي والقيم والحارس ووكيل الدائنين، فإن أختار الشخص من ينوب عنه ، كانت النيابة اتفاقية.

وينحصر نطاق الوجه السابق في النيابتين القانونية والقضائية دون النيابة الاتفاقية. فإن صدر الحكم بصفة إنتهائية ضد الأصيل في مواجهة شخص لا صفة له في تمثيله جاز لصاحبه الصفة الطعن في الحكم بالتماس إعادة النظر وأن يطلب بذات الصحيفة وبصفة مستعجلة وقف التنفيذ عملاً بالمادة (244) من قانون المرافعات.

فالحكم الذي يصدر بصفة إنتهائية ضد الشخص المعنوي في مواجهة من لا ينوب عنه يجوز الطعن فيه بالإلتماس، كذلك الحكم الذي يصدر ضد المفلس في مواجهته شخصياً دون أن يتدخل وكيل الدائنين أو يدخل في الدعوى، والحكم الذي يصدر ضد الشركة وهي في دور التصفية دون أن يختصم المصفي وهو صاحب الصفة في الدعاوى التي ترفع من أو على الشركة، والحكم الصادر في شأن الأموال محل الحراسة دون إختصام الحارس.

وإذا رفعت الدعوى على من ينوب عن الخصم نيابة صحيحة، ثم زالت صفته بعد أن تهيأت الدعوى للحكم، فإن الأصيل يحاج بالحكم الذي يصدر ضده ولا يجوز له الطعن فيه بالإلتماس وإنما بالإستئناف أو النقض بحسب الأحوال متى كان قابلا لذلك. لكن إذا زالت هذه الصفة قبل أن تتهيأ الدعوى للحكم، أدى ذلك إلى إنقطاع سير الخصومة وبطلان الحكم مما يوجب الطعن فيه بالاستئناف إن كان صادراً من محكمة الدرجة الأولى ولو بصفة إنتهائية عملاً بالمادة (221) من قانون المرافعات، أو بالنقض إن كان صادراً من محكمة الإستئناف، وبالتالي لا يجوز الطعن فيه بالإلتماس .

وكل إجراء يتخذ صحيحاً في مواجهة النائب تترتب عليه آثاره، فإذا أعلن النائب بصحيفة الاستئناف ثم أعيد إعلانه وصدر الحكم دون أن يحضر فلا يجوز للأصيل أن يطعن فيه بالإلتماس (قارن أبو الوفا في التعليق ويقرر بجواز الإلتماس إذا أعلن بالخصومة من يمثل ناقص الأهلية أو من في حكمه ومع ذلك تخلف عن الحضور وصدر الحكم عليه في غيبته وذلك لأن ناقص الأهلية يعتبر غير ممثل في هذه الحالة لامتناع ممثلة عن مباشرة مهنته على وجه الإطلاق . والصحيح أن ناقص الأهلية أو من في حكمه ممثل في الخصومة تمثيلاً صحيحاً وقد إتخذت الإجراءات في مواجهة ممثله ولا يساغ القول بتخلف التمثيل والتنصل من الحكم بالتالي في حالة الإمتناع عن حضور الجلسات.

وإذ أغفل المشرع عند إصدار قانون المرافعات الحالي النص في الفقرة السابعة من المادة (241) على حكم خاص بناقص الأهلية ، فإنه بذلك يكون قد أخضع حكمه للقواعد العامة. ومؤداها أن تمثيل ناقص الأهلية في إجراءات التقاضي يكون بمن ينوب عنه كالولي أو الوصي أو القيم، بحيث إن لم يتدخل أحدهم أدى ذلك إلى بطلان الإجراءات وبطلان الحكم الصادر في الدعوى ويكون الطعن فيه بطريق الإستئناف ولو كان صادراً في حدود النصاب الإنتهائي للمحكمة عملاً بالمادة (221) من قانون المرافعات، ويبدأ ميعاد الإستئناف من تاريخ إعلان الحكم لمن ينوب عن ناقص الأهلية. فإن لم يطعن في الميعاد حاز الحكم قوة الأمر المقضي بالرغم من أن ناقص الأهلية لم يكن ممثلاً تمثيلاً صحيحاً في الدعوى وهو ما إعتنقه المشرع في المادة (242) من قانون المرافعات. فإن كان الحكم صادراً من محكمة الإستئناف جاز الطعن فيه بالإلتماس لإنغلاق طرق الطعن العادية.

قارن أبو الوفا في التعليق ويرى أن الحكم إذا صدر ضد ناقص الأهلية بصفة إنتهائية وكانت الإجراءات قد إتخذت في مواجهته جاز لممثله الطعن فيه بالإلتماس، ويضيف في الأحكام بند 137 أن الحكم يكون منعدماً إذا صدر ضد شخص لم يكن ممثلاً تمثيلاً صحيحاً في الدعوى، كما يرى فتحي والي صفحة 803 أنه يجوز الطعن بالإلتماس في الحكم الصادر بصفة إنتهائية ضد (ناقص الأهلية).

الوجه الثامن : تعدي الحجية لمن لم يتدخل في الدعوى :

كانت الفقرة الأولى من المادة (450) من قانون المرافعات السابق تنص على أنه يجوز لمن يعتبر الحكم الصادر في الدعوى حجة عليه ولم يكن قد . أدخل أو تدخل فيها أن يعترض على هذا الحكم بشرط إثبات غش من كان يمثله أو تواطؤه أو إهماله الجسيم.

ولما صدر القانون الحالي، ورئي أن ما تضمنته هذه الفقرة في حقيقته ليس حالة من حالات إعتراض الخارج عن الخصومة وإنما هو تظلم من الحكم من شخص يعتبر ممثلاً في الخصومة وإن لم يكن خصما ظاهرا يسعى بإعتراضه إلى إلغاء الحكم أو تعديله وهو بذلك يعتبر طعناً فيه، على خلاف ما كانت تقرره المذكرة الإيضاحية للقانون السابق، وأدى هذا الفهم إلى إضافة بند جديد للمادة (241) تضمن ما كانت تنص عليه الفقرة سالفة البيان.

ويجب لقبول الإلتماس وفقاً لهذا الوجه أن تتوافر الشروط التالية :

(1) ألا يكون الملتمس قد إختصم في الدعوى :

المقرر أن من توجه إليه إجراءات الخصومة يصبح خصما فيها، سواء حضر أو تخلف عن الحضور، وسواء كان خصماً أصلياً أو مدخلاً أو متدخلاً للإنضمام أو للإختصام، ويكون الحكم الذي يصدر حجة له أو عليه ويجوز له بالتالي الطعن فيه بطرق الطعن المقررة للخصم الأصيل حتى لو لم يطعن فيه الخصم الذي إنضم إليه في حالة التدخل الإنضمامي.

مما مفاده أن من ينوب عنه الدين إذا تدخل في الدعوى أو أدخل فيها، أصبح خصماً له ما للخصوم من حقوق، ويكون له بالتالي الطعن في الحكم الذي يصدر ضد مدينه بجميع الطرق المقررة للأخير، فإن كان الحكم إنتهائياً وظهر غش المحكوم له عند نظر الدعوى، تعين الطعن فيه بالإستئناف عملاً بالمادة (228) من قانون المرافعات وإمتنع الطعن بالإلتماس، وإذا ظهر الغش بعد الحكم، جاز الطعن بالإلتماس ويبدأ الميعاد من تاريخ ظهور الغش، إذ طالما تم التدخل أو الإدخال، فإن ميعاد الإلتماس يبدأ من هذا التاريخ، سواء صدر الحكم في المواجهة أو في الغيبة وذلك خلافاً لقواعد الطعن بالإستئناف، ويكون الإلتماس مقبولاً ولو لم يتوافر التواطؤ أو الخطأ الجسيم.

وإذا إمتنع في هذه الحالة على الخصم الأصيل الطعن بإلتماس إعادة النظر، امتد ذلك إلى من تدخل أو أدخل في الدعوى، فقد ثبت له الحق المقرر للخصم الأصيل من إبداء الدفوع وأوجه الدفاع ومراقبة مسلك من انضم إليه في الخصومة لتقويم أي إنحراف له يترتب عليه الإضرار بمصلحته.

فإن لم يتم الإختصام على هذا النحو، وكانت حجية الحكم تتعدى إلى من لم يختصم، مما يحول دونه ومراقبة مسلك من تتعدى الحجية منه ، جاز لمن لم يختصم إذا صدر الحكم ضد من كان ينوب عنه أن يطعن فيه بالتماس إعادة النظر إذا توافرت الشروط الأخرى اللازم توافرها لقبول إلتماسه.

(ب) أن تتعدى حجية الحكم إلى الملتمس :

الأصل في حجية الأحكام أنها نسبية لا يضار ولا يفيد منها غير من إختصم في الدعوى، وإستثناء من هذا الأصل فإن هذه الحجية تمتد إلى من كان ماثلاً في الدعوى بمن ينوب عنه بموجب رابطة الإستخلاف أو علاقة الدائنية في حدود ما يتأثر به حق الضمان العام المقرر للدائن على أموال مدینه. فالحكم الذي يصدر ضد المدين تتعدى حجيته إلى خلفه العام كالوارث والموصى له بسهم شائع في التركة إذ يأخذ حكم الوارث، كما تتعدى إلى الدائن العادي باعتباره في حكم الخلف العام، أما الدائن المرتهن فإن حقه يتعلق بالعين المرهونة الضامنة للدين فلا تتعدى حجية الحكم إليه، وتثبت علاقة الدائنية لكل من ترتب له في ذمة الدين حقوق شخصية تتأثر بما قد يصدر ضد الأخير من أحكام تنال من هذه الحقوق، فإذا تناول المستأجر عن الإيجار استنادا إلى الحق الذي يخوله له عقد الإيجار، وهو ما يخضع لأحكام الحوالة، فإن الحكم الذي يصدر بفسخ هذا العقد تتعدى حجيته إلى المتنازل له إذا قضى بذلك قبل نفاذ الحوالة. ومن ثم يجوز للمتنازل له الطعن في الحكم بإلتماس إعادة النظر متى توافرت الشروط اللازمة لذلك، ويسري على الإيجار من الباطن الذي يبرم وفقاً لشروط عقد الإيجار وأحكام القانون المتعلقة بالنظام العام، بحيث إذا تم التنازل أو الإيجار من الباطن بالمخالفة لها، فإن المتنازل له أو المستأجر من الباطن يكون دائناً للمستأجر الأصلي بحقوق شخصية ومع ذلك لا يجوز له الطعن في الحكم بالإلتماس لانتفاء المصلحة التي يقرها القانون بالنسبة له إذ لا يترتب على إلغاء الحكم تمكينه من عين النزاع التي لم يثبت له حق عليها، ذلك أن الطعن بالإلتماس طریق من طرق الطعن التي يتعين لقبول أي منها توافر المصلحة التي يقرها القانون للطاعن ولا يعتد بالمصلحة الفعلية.

ومثل الخلف العام ومن في حكمه، الخلف الخاص كمشترى العقار الذي لم يسجل عقده حتى صدور الحكم ضد البائع له ، فإذا رفع الغير على البائع دعوى بإستحقاق العقار المبيع، فإن الحكم الذي يصدر قبل قيام المشتري بتسجيل عقده ، تتعدى إليه حجيته باعتباره كان ماثلاً في الدعوى بمن ينوب عنه وهو البائع، مما يجيز له الطعن في الحكم بإلتماس إعادة النظر متى توافرت الشروط اللازمة لذلك ، أما إذا صدر الحكم بعد قيام المشتري بتسجيل عقده ، كان من الغير فلا تتعدى إليه حجينه إذ لا يكون البائع حينئذ ممثلاً له في الدعوى حتى لو كانت قد رفعت قبل التسجيل ما لم تكن صحيفة دعوى الإستحقاق قد سجلت قبل تسجيل عقد البيع، فإن الحكم الذي يصدر تتعدى حجيته إلى المشتري ولو كان قد سجل عقده قبل صدور الحكم، طالما تم هذا التسجيل بعد تسجيل صحيفة دعوى الإستحقاق، وحينئذ يجوز للمشتري الطعن فيه بإلتماس إعادة النظر.

توافر الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم:

يجب لقبول الإلتماس في الوجه الماثل، أن يكون المحكوم عليه في الحكم الملتمس فيه، قد توافر في حقه الغش بقصد الإضرار بكل من تتعدى إليه حجية الحكم متى أدى ذلك إلى صدور الحكم ضده كعدم التمسك بالمقاصة وإخفاء الدليل عليها أو إتلاف المستند القاطع في الدعوى. ويتحقق التواطؤ إذا أقر الخصم بالحق محل النزاع على خلاف الواقع لقاء جعل معين، كما يتحقق الإهمال الجسيم إذا تخلى عن مباشرة إجراءات الدعوى مما أدى إلى إعتبارها كأن لم تكن أو إنقضائها أو عدم تقديم الدفوع وأوجه الدفاع الكفيلة برفض طلبات خصمه وكانت واضحة جلية لا تخفى على الخصم العادي، وينتفي الخطأ الجسيم بمباشرة الإجراءات التي يتطلبها القانون ويستوي أن يباشرها الخصم بنفسه أو بواسطة محاميه.

ولا يقتصر هذا الأثر على المدين شخصياً، بل يمتد لكل من ينوب عنه نيابة قانونية أو قضائية، كالولي أو الوصي أو وكيل الدائنين أو الحارس القضائي إذا ثبت في حق أي منهم الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم.

(د) أن يلحق ضرر بالملتمس :

يجب القبول الالتماس في الوجه الماثل، أن يلحق ضرر بالملتمس بسبب تعدي الحجية إليه، لأن المصلحة هي مناط كل طعن، بحيث إذا إنتفت مصلحة الطاعن تعين القضاء بعدم قبول الطعن، فإن تعدد الدائنون أصحاب حقوق الإمتياز کالمؤجر وبائع المنقول، وأوقع الأول حجزاً تحفظياً على منقولات المستأجر التي تمثل كل أمواله وكانت لا تفي بدين الأجرة ثم إستصدر أمرا بالأداء بصفة إنتهائية ، فإن امتداد حجيته إلى بائع المنقول لا يرتب ضرراً له لأنه لو ألغي الأمر ما عادت عليه منفعة لضآلة حصيلة التنفيذ ومن ثم لا يجوز له رفع إلتماس بإعادة النظر.

أثر تخلف شروط الطعن بالإلتماس :

إذا تخلفت الشروط اللازمة للطعن بإلتماس إعادة النظر، جاز الطعن بالاستئناف أو النقض وفقاً للقواعد المقررة في هذا الصدد، فإذا صدر الحكم في حدود النصاب الإبتدائي، جاز لمن تتعدى إليه حجيته أن يطعن فيه بالإستئناف، فإن كان صادراً من محكمة الإستئناف جاز له الطعن فيه بالنقض.

فإن رفع الالتماس رغم عدم توافر الشروط اللازمة لذلك، وهو ما يتعلق بقبوله وتتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها لإتصاله بالنظام العام، مما يوجب عليها القضاء بعدم قبوله، وهو حكم قطعي ينهي الخصومة في الإلتماس مما يجوز معه الطعن فيه على استقلال بذات الطرق التي تجيز الطعن في الحكم المطعون فيه بالإلتماس.

فإن كان الحكم صادرا من المحكمة الجزئية ، ورفع إليها التماس في شأنه قضت بعدم قبوله، فإن إستئناف الحكم الأخير يرفع إلى المحكمة الإبتدائية منعقدة بهيئة إستئنافية ، بحيث إذا خلصت المحكمة الإستئنافية إلى إلغاء الحكم الصادر في الإلتماس، تعين عليها القضاء بقبول الإلتماس وتحديد جلسة لنظر الموضوع إذ إستنفدت محكمة الدرجة الأولى ولايتها في نظر موضوع الإلتماس بعد أن تصدت للشروط اللازمة لقبول الإلتماس وهو ما يؤدي حتماً إلى تعرضها للموضوع. وإذا كان الحكم صادراً من المحكمة الإبتدائية، كان الطعن فيه أمام محكمة الإستئناف، فإن كان الحكم صادراً من المحكمة الأخيرة كان الطعن فيه أمام محكمة النقض، ولما كانت الأحكام الصادرة من محكمة النقض لا تخضع لأي طعن فلا يجوز الطعن فيه بالإلتماس.

الإلتماس في قضاء المحاكم العسكرية :

وفقاً لقانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 82 لسنة 1968 لا يجوز الادعاء مدنياً أمام القضاء العسكري، مما يتعين معه رفع الدعوي المدنية أمام القضاء المدني، ويشترط لذلك أن يصبح الحكم الصادر من القضاء العسكري باتاً وذلك بفوات ميعاد الطعن فيه بإلتماس إعادة النظر، وعملاً بالمادة 114 منه فإن الإلتماس يقدم كتابة في ظرف خمسة عشر يوما، ويبدأ هذا الميعاد بالنسبة للحكم الحضوري المصدق عليه، من تاريخ النطق به. وبالنسبة للحكم الغيابي من تاريخ إعلان الحكم بعد التصديق عليه أو من تاريخ القبض علي المحكوم عليه أيهما أقرب، بحيث إذا أعلن الحكم الغيابي بعد التصديق عليه، فإن ميعاد الطعن فيه بالإلتماس يبدأ من تاريخ هذا الإعلان ولو تم القبض على المحكوم عليه قبل انقضاء هذا الميعاد، وحينئذ لا يبدأ ميعاد جديد من تاريخ القبض وإنما يجري الميعاد الذي بدأ بالإعلان.

فإن لم يعلن الحكم الغيابي ولم يتم القبض علي المتهم وإنقضت ثلاث سنوات من تاريخ صدوره، إنقضت الدعوى الجنائية العسكرية، وبدأ تقادم دعوى التعويض، فإن كانت محكمة الدرجة الأولي المدنية قضت بالتعويض بالرغم من هذا الإنقضاء، كان للمحكمة الإستئنافية تدارك ذلك أن كان الإستئناف مرفوعاً من المسئول استناداً الى ذلك، فان لم يطلب هذا الإنقضاء وطلب وقف الدعوى تعليقاً على صيرورة الحكم باتا، وهو الأمر المتعذر السقوط الحكم الغيابي، فإن المحكمة تتصدى للموضوع من واقع أوراق الدعوى لاستخلاص أركان المسئولية وعناصر الضرر. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء : السابع ، الصفحة : 174)

 

التعريف بالتماس إعادة النظر وماهيته : التماس إعادة النظر طريق طعن غير عادي في الأحكام الإنتهائية أمام نفس المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لسبب أو أكثر، من الأسباب التي تنص عليها القانون في المادة 241 مرافعات على سبيل الحصر .

ويرفع الإلتماس إلى نفس المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون في لأن الإلتماس يبني على أسباب لو أن المحكمة تنبهت إليها لتغير حكمها وإنما غابت عنها هذه الأسباب لسهو غير متعمد منها أو لسبب بوجع إلي فعل الخصوم، ويكفي تنبيهها إليه لتتدارك ما وقع منها من خطأ متى تبينت سببه (رمزی سیف ص 859).

ويجوز أن تكون المحكمة التي تنظر الالتماس مؤلفة من نفس القضاة الذين أصدروا الحكم المطعون فيه، وقد نص المشرع على ذلك في الفقرة الرابعة من المادة 243 مرافعات. والالتماس طريق طعن غير عادي. كما ذكرنا، وهو يتمپز عن طرق الطعن العادية والمعارضة والاستئناف بأنه ليس مقصودا به إصلاح الحكم الذي يتظلم منه الخصم، وإنما يرمي إلى محو الحكم ذاته ليعود مركز الملتمس في الخصومة إلى ما كان عليه قبل صدوره ويتمكن بذلك من مواجهة النزاع من جديد والحصول على حكم آخر بعد أن تخلص من قوة الشيء المقضي به. (محمد عبدالوهاب العشماوي - ص 918 و 919) .

ونتيجة لذلك فإنه لا يجوز إلا على أساس أن المحكمة لم تخطىء عندما أصدرت حكمها، فإذا كان يبين من حكمها أنها قضت بشيء لم يطلبه الخصوم أو باكثر مما طلبوه عن قصد وعمله وأنها كانت مصرة على ماقضت به وأوردت له أسبابا في هذا الخصوص لم يجز التماس اعادة النظر في هذا الحكم وإنما يجب اللجوء إلى طريق النقض، (نبيل عمر۔ الطعن بالتماس إعادة النظر بند 81 في محمد وعبدالوهاب العشماوي - يند 1276 ) .

والإلتماس كالمعارضة في الأحكام الغيابية التي لا تجوز إلا في مسائل الأحوال الشخصية، من حيث كونه يعرض على نفس المحكمة التي أصدرت الحكم ولكنه يتميز عنها بكونه لا يتناول إلا الأحكام الإنتهائية وبكونه لا يقبل إلا إستناداً إلى سبب من الأسباب التي ذكرها القانون على سبيل الحصر ويتميز عن الاستئناف بأنه لا يعرض على محكمة عليا بل يعرض على نفس القضاة الذين أصدروا الحكم، ويجب أن يستند دائما إلى سبب خاص (محمد وعبدالوهاب العشماوي - ص 918 و 919) منصوص عليه في القانون، بينما الإستئناف يجوز رفعه من كل خصم يتضرر من الحكم لأي سبب كان، كما أن الإستئناف يرفع على محكمة أعلى من المحكمة التي أصدرت الحكم (راجع تفصيلات ذلك في مؤلفنا: الطعن بالإستئناف).

2- الأحكام الجائز الطعن فيها بالتماس إعادة النظر: واضح من نص المادة 241 مرافعات - محل التعليق - أن الأحكام الجائز الطعن فيها بالالتماس في الأحكام الصادرة بصفة إنتهائية، أي الأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الثانية، أو من محاكم الدرجة الأولى في حدود نصابها الإنتهائي، أما الأحكام الإبتدائية فلا يجوز الطعن فيها بالإلتماس ولو شاب الحكم سبب من أسباب الإلتماس، لأن هذه الأحكام قابلة للطعن فيها بالإستئناف فاولى بالمحكوم عليه أن يطعن فيها بالطريق العادي أي الإستئناف بدلاً من الطعن فيها بطريق غير عادي، وعلى ذلك فإن الأحكام الإبتدائية لا يجوز الطعن فيها بالإلتماس حتى بعد فوات ميعاد الإستئناف وصيرورتها إنتهائية، فالمحكوم عليه الذي يفوت ميعاد الإستئناف يمتنع عليه الطعن بالإلتماس (رمزی سيف ص 860 ، فتحى والى ص 758 )، وبعبارة أخرى الحكم الذي يقبل الطعن فيه بالإلتماس يجب أن يكون إنتهائياً من وقت صدوره.

فإذا كان الحكم يقبل الطعن بالإستئناف، فإنه عن طريق الإستئناف يمكن معالجة الخطأ المشوب به الحكم، ولا حاجة للطعن فيه بإعادة النظر فتحي والي - ص 857 ).

إذن لايجوز الركون إلى طريق الطعن بالإلتماس إلا بعد الركون لطرف الطعن العادية فإذا كان الحكم قابلاً للإستئناف وفوت الخصم میعاد الإستئناف أو نزل عنه أو أقام الإستئناف ثم قضى بعدم قبوله لرفعه بعد الميعاد أو بسقوط او ترك الخصومة به فلا يجوز الالتماس. وكذلك الأمر إذا كان الملتمس قد قبل الحكم (محمد عبدالوهاب العشماوي بند.1278 رمزی سیف بند 707 - أحمد أبو الوفا في المرافعات بند 632 ، كمال عبدالعزيز ص 483 ، وقارن عبد الحميد. أبو هيف - المرافعات بند 1267 حيث يرى جواز الإلتماس في جميع الأحكام الإنتهائية سواء كانت صادرة إنتهائية من أول الأمر أو كانت إبتدائية وأصبحت نهائية لفوات ميعاد الإستئناف). وقد قبضت محكمة النقض بعدم جواز الطعن بالطرق غير الاعتيادية في الأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى ولو كانت مواعيد الطعن فيها بالطرق العادية قد إنقضت (نقض 1969/5/27 طعن 295 لسنة 35 قضائية ) .ولكن يستثنى من ذلك الإلتماس الذي ترفع وفقاً للبند الثامن من المادة 241 من يعتبر الحكم حجة عليه دون أن يكون قد أدخل او تدخل في الدعوى، إذ يجوز له رفع الإلتماس في حكم أول درجة الذي كون المحكوم عليه، ميعاد إستئنافه.(نقض 1985/1/31 - طعن 233 لسنة 50 قضائية، سنة 36 ص 194 ، كمال عبدالعزيز الطعن الطبعة الثالثة سنة 1995 ص 1613) .

وإذا كان الحكم إنتهائياً فإنه يجوز الطعن فيه بالإلتماس. ويستوي أن يكون الحكم قابلاً للطعن بالنقض أو غير قابل له (فتحی والی - ص 758)، كما يستوي أن تكون الأحكام الإنتهائية صادرة من محكمة عادية أو محكمة استثنائية ما لم يمنع القانون المنشيء. للمحكمة الاستثنائية المنظمة لها ولو عن طريق إعادة النظر بنص صريح فيه كما قبل الأحكام الإنتهائي تم إعادة النظر أياً كانت طبيعتها سواء كانت أحكام إلزام أو تقرير أو منشئة، وأياً كان مضمونها سواء كانت بقبول الدعوى أو بعد قبولها أو رفضها (موريل - المرافعات - بند 346 ص 502 ، فتحي والي ص 759).

ويلاحظ أن الأحكام الإنتهائية يجوز الطعن فيها بالإلتماس ولو كانت غيابية صادرة في مسائل الأحوال الشخصية قابلة للطعن بالمعارضة فيكون الحكم قد صدر غيابياً لايمنع من اعتباره انتهائياً مادام غیر قابل للطعن فيه بالإستئناف، بالرغم من أن المعارضة طريق طعن عادی و الالتماس طریق غیر عادی، فالمشرع لم يطبق بالنسبة للمعارضة القاعدة التي طبقها بالنسبة للاستئناف، ومقتضاها أن قابلية الحكم للطعن فيه بطريق عادي مانعة من الطعن فيه بطريق غير عادي.

كما أن الحكم الإنتهائي يجوز الطعن فيه بالإلتماس ولو كان حكماً صادراً أثناء سير الدعوى، وإنما لايجوز للخصم في هذه الحالة أن يطعن في الحكم فور صدوره، وإنما يطعن فيه بعد صدور الحكم المنهي للخصومة، ما لم يكن الحكم الصادر أثناء سير الدعوى من الأحكام الجائز الطعن فيها فور صدورها إستثناء وفقاً للمادة 212 .

ويقتضي ذلك أن يكون الحكم المنهى للخصومة قابلاً للطعن فيه بالإلتماس بمعنى أنه مشوب أيضاً بسبب من أسباب الإلتماس، أما إذا كان الحكم الصادر أثناء سير الدعوى مشوباً بسبب من أسباب الإلتماس وكان الحكم المنهي للخصومة غير مشوب بأي منها فيجوز الالتماس في الحكم الصادر أثناء سير الدعوى وحده إذا كان إلغاء الحكم الصادر قبل انتهاء الخصومة يستتبع إلغاء الحكم المنهي للخصومة لاعتماده عليه، وإلا امتنع الطعن فيه لانعدام مصلحة الطاعن في الطعن. (رمزی سیف  ص 860 و 861 ، أحمد أبو الوفا المرافعات - بند 525 . محمد وعبد الوهاب العشماوي ص 921 ).

ويجوز الطعن بالإلتماس في أحكام محكمة أول درجة مستعجل صدرت بصفة إنتهائية سواء صدرت في حدوده النصاب الإنتهائي للمحكمة أو بالنظر إلى نص القانون على عدم جواز الطعن فيها، وذلك وفقاً للتكييف الصحيح لطلبات الخصوم دون إعتداد بما أطلقوه على وقائع النزاع من أوصاف أو كيوف إن العيرة هي بحقيقة الدعوى وموضوعها والطلبات الختامية فيها دون إعتداد بما أسبغه الحكم على نفسه من أوصاف، فإذا وصف الحكم نفسه خطأ بأنه غیر إنتهائي جاز الطعن عليه بالإلتماس متى كان يعتبر وفقاً لصحيح القانون حكما انتهائياً والعكس صحيح (نبيل عمر بند 59 - ناشد حنا - التماس إعادة النظر ص 7) إذ العبرة : بالطلب دون نظر لما قضى به، فإذا كان المطلوب يدخل في النصاب الإنتهائي للمحكمة أعتبر الحكم إنتهائياً وجاز الطعن فيه بالإلتماس ولو كان الحكم قد قضى بما يجاوز ذلك النصاب والعكس صحيح كذلك. (كمال عبد العزيز - ص 1611)

وتنبغي ملاحظة أنه إذا كان الحكم مختلطاً بأن تضمن قضاء في حدود النصاب الإنتهائي للمحكمة التي أصدرته وقضاء فيما يجاوز هذا النصاب، مع إرتباط أجزائه إرتباطاً لايقبل التجزئة فقد ذهب البعض إلى أن الأمر مرده إلى صاحب الشأن فإن اختار طريق الطعن بالإلتماس في الشق الإنتهائي شمل طعنه الشق الآخر، فإن أختار الطعن بالإستئناف في الشق غير الإنتهائي فإن الأثر الناقل للإستئناف يطرح الشق النهائي من الحكم (نبيل عمر بند 67 ).

وفي حالة الإتفاق على إعتبار حكم أول درجة نهائياً، فإذا كان الاتفاق قد تم قبل صدور الحكم وفقاً للمادة 219 مرافعات فإن الحكم يكون غير قابل للإستئناف وبالتالي يكون انتهائياً فيجوز الطعن فيه بالإلتماس ، أما ما إذا كان الاتفاق قد تم بعد صدور الحكم فإن هذا الإتفاق لاينفي عن الحكم كونه كان غير إنتهائي عند صدوره وبالتالي لايقبل الطعن بالإلتماس فضلاً عن أنه يتضمن الإقرار بقبول الحكم بحالته وأيا كانت العيوب التي شابته (نبيل عمر بند 75).

ويجوز الطعن بالإلتماس في الأحكام الإنتهائية ولو كانت قابلة للإستئناف إستثناء بموجب المادتين 221 و 222 مرافعات، إذ جواز الطعن فيها بالاستئناف إستثناء الحالات التي حددتها المادتان المذكورتان، لا ینفی عنها وصف كونها انتهائية وهو مناط جواز الطعن فيها بالإلتماس ومن ثم يجوز الطعن فيها بأي من الطريقتين أو بالطريقتين معاً متى توافرت شروطهما (نبيل عمر بند 72).

ويلاحظ أن الأحكام الصادرة قبل صدور الحكم المنهي للخصومة كلها تقبل الطعن فيها بالإلتماس في الحدود التي تجيز فيها المادة 212 مرافعات الطعن في تلك الأحكام، وكما ذكرنا آنفا وبالتالي لا يجوز الطعن بالإلتماس في تلك الأحكام ولو كانت صادرة برفض بعض الطلبات أو : حسمت شقاً من النزاع، مالم تندرج تحت أحد الأنواع الأربعة من الأحكام التي أجاز فيها النص إستثناء الطعن في الأحكام التي تصدر قبل صدور الحكم المنهى للخصومة كلها وليس الأحكام الوقتية والأحكام المستعجلة والأحكام الصادرة بوقتي الدعوى، والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري. وإذ كان الحكم مختلطاً أي تضمن شفا يقبل الطعن وفقاً للمادة 212 مرافعات وشقاً لا يقبل الطعن على إستقلال، فإن كان بينهما ارتباط وثيق لايقبل التجزئة وجب الطعن في الحكمين معا دون انتظار صدور الحكم المنهي للخصومة كلها (نبيل عمر بند 69 ، كمال عبدالعزيز ص 1612).

وينبغي أيضاً ملاحظة أن المطاعن التى نشوب الحكم الشرعي لا يجوز الطعن بها في الحكم في الموضوع، فعند النظر في شروط قبول طريق من طرق الطعن غير العادية يجب مراعاة ذلك في كل حكم على حدة أو في كل جزء من أجزاء الحكم في نفس الدعوى، وكون الحكم مستوجباً الطعن فيه لا يؤثر على حكم آخر، إلا إذا كان الحكم الثاني مترتباً على صدور الحكم الأول. (أحمد أبو الوفا - المرافعات - بند 632 ص 927).

وإلتماس إعادة النظر في الأحكام العسكرية يعتبر بديلاً للطعن بالنقض، فهو يعرض على سلطة أعلى من السلطة التي صدقت على الحكم ويوفر الضمانات التي كفلها القانون عن طريق الطعن بالنقض.

( المذكرة الإيضاحية لقانون الأحكام العسكرية، نقض 1981/11/17 طعن 1180 لسنة 48 قضائية، سنة 32 ص 2044 ، وأيضاً نقض 1987/3/26 طعن 1129 لسنة 53 قضائية سنة 28 ص 452 ، ونقض  1986/1/5 طعن 15477 لسنة 52 قضائية).

ويلاحظ أنه لا يجوز الطعن في أحكام محكمة النقض بإلتماس إعادة النظر:

إن من المقرر وفقاً للمادة 272 مرافعات أنه لا يجوز الطعن في أحكام محكمة النقض بأي طريق من طرق الطعن ومؤدى ذلك أنه لا يجوز الطعن عليها بأي طريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية باعتبارها نهاية المطاف في الخصومة وذلك باستثناء ما نصت عليه المادة 2/147 من قانون المرافعات من قيام سبب من أسباب عدم الصلاحية بأحد  قضاة المحكمة الذين أصدروا الحكم، وتأسيساً على ذلك لا يجوز الطعن على أحكامها بإلتماس إعادة النظر. ويسري: الحظر الوارد في المادة 272 حتى لو تصدت محكمة النقض الموضوع وحكمت فيه بيد نقض الحكم المطعون فيه ومن ثم فلا يجوز بدوره الطعن عليه بإلتماس إعادة النظر.

وقد حدث جدل في الفقه حول جواز الطعن بالتماس في الأحكام المستعجلة، فذهب رأى إلى عدم جواز الطعن بالإلتماس في الأحكام المستعجلة على أساس أن الحكم المستعجل قضاء وقتی يجوز تعديله بالرجوع فيه إلى المحكمة التي أصدرته أو إلى محكمة الموضوع إذا كان النزاع على الموضوع مطروحاً عليها دون حاجة إلى الطعن فيه بالإلتماس، فالحكم الوقتي له حجية وقتية وأثر لا يتعلق بالموضوع، فالأحكام الوقتية الجائز تعديلها والرجوع فيها من جانب المحكمة التي أصدرتها بأن يطرح عليها النزاع من جديد بالإجراءات المعتادة لرفع الدعاوى بغير حاجة إلى الطعن فيها بطريق الالتماس، هذا فضلاً عن أنه إذا كان الطعن بالإلتماس لا يقبل بالنسبة إلى الحكم الذي يقبل الطعن فيه بطرق الطعن العادية، فمن باب أولى لا يقبل إذا كان من الجائز إعادة النزاع إبتداءً أمام محكمة الدرجة الأولى. (من أنصار هذا الرأي: فنسان بند 652 ص 850 ، موریل بند 146 ص 501، جلاسون ج 2 بند 461 ، محمد حامد فهمي بند 729 ، أحمد أبو الوفا المرافعات - ص 927 ، فتحي والي - بند 375 ص 759 ، محمد على راتب بند 101 ص 244 ).

ولكننا لانؤيد هذا الرأي، لأنه لو صح هذا الرأي لما جاز الطعن في هذه الأحكام بالاستئناف، فالقانون يجيز الطعن في هذه الأحكام بالاستئناف، رغم أن حجج هذا الرأي تنطبق أيضا على الإستئناف، والراجح أنه يجوز الطعن في الأحكام المستعجلة بالالتماس إذا كانت انتهائية وشابها سبب من أسباب الإلتماس، شأنها في ذلك شأن غيرها من الأحكام، كما أن الرأي الأول غير مقنع لأن تعديل الحكم الوقتي بدعوى مبتدأة مشروط بتغير الظروف التي صدر فيها، كذلك فإن نص المادة 241 - محل التعليق - يجيز الطعن بالإلتماس بالأحكام الانتهائية أيا كانت سواء موضوعية أو وقتية، فالنص جاء عاما بحيث يتسع لها فلا يجوز الانتقاص منه بغير نص، فإن في القول بأن الحماية التي تضفيها حماية وقتية لحين الفصل في النزاع من محكمة الموضوع هو قول محل نظر لأن الفضل في الإلتماس بحسبانه طعنا على حكم. مستعجل ستتبع فيه إجراءات القضاء المستعجل وستتقيد فيه المحكمة بما تتقيد به من قيود فى الدعوى المستعجلة ومنها بعدم المساس بأصل الحق وتوافر الاستعجال، بحيث إذا اتضح أن التثبيت من توافر إحدى حالات الإلتماس يقتضي تحقيقاً موضوعياً أو أن القول به فيه مساس بأصل قضت بعدم قبول الإلتماس. ولعله من الصور التي لان يجدي فيها تعليل الرأي الصورة التي تقضي فيها المحكمة بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه. (من أنصار هذا الرأي: رمزی سیف - ص 861 ، محمد وعبد الوهاب العشماوي - بند 1281 وهامشه، كمال عبد العزيز - ص 483 و 484).

3- الأحكام غير الجائز الطعن فيها بالإلتماس وقاعدة عدم جواز الإلتماس بعد الإلتماس : يتضح لنا بما تقدم أن الأحكام الابتدائية أي غير الإنتهائية لا يجوز الطعن فيها بالإلتماس .

4- يمتنع الطعن بالإلتماس في بعض الأحكام ولو قام بها سبب من أسبابه ، إما لمنع المشرع الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن، وإما لنص المشرع على منع الطعن فيها بالإلتماس: كالأحكام الصادرة من محكمة النقض، فلا يجوز الطعن في أحكام محكمة النقض بالإلتماس لأنها تقبل الطعن بأي طريق (نقض 1970/6/11 سنة 21 ص 1031) . ومن الأحكام التي منع المشرع الطعن فيها بالإلتماس الأحكام الصادرة برفض الإلتماس والأحكام التي تصدر بعد قبول الإلتماس في موضوع الدعوى ، ومنع الالتماس في الحكم الصادر برفض الإلتماس أو في الحكم في موضوع الدعوى بعد قبول الإلتماس ،  ينصرف إلى الملتمس، كما . ينصرف أيضا إلى الملتمس ضده عملاً بالقاعدة المقررة في المعارضة .

وينبغي ملاحظة أنه يمتنع الطعن بالإلتماس في الحكم الواحد مرة ثانية عملاً بالقاعدة المقررة في فقه المرافعات القائلة بأن الإلتماس لا يجوز بعد الإلتماس، ولو كان الطعن الثاني مبنياً على أسباب جديدة غير الأسباب التي بني عليها الإلتماس الأول، ولو كانت هذه الأسباب لم تتكشف إلا بعد الحكم بقبول الإلتماس الأول أو رفضه. وأساس هذه القاعدة التي يقول بها الفقه والقضاء ضرورة منع تعدد طرق الطعن الواحد عن ذات الحكم حسماً للنزاع حتى نستقر الحقوق المحكوم بها لأصحابها، ولكن منع الإلتماس بعد الإلتماس لاتسرى إلا على الملتمس أما المدعى عليه في دعوى الإلتماس فيجوز له أن يرفع التماسا إذا كان ميعاد الالتماس ممتداً (رمزي سيف ص 862 و 863 محمد عبدالوهاب العشماوی بند 1322، محمد. حامد فهمي بند 249 ، أحمد أبو الوفا ص 927 وص 929)، وقد قضت محكمة النقض بأنه لايجوز الطعن بطريق الإلتماس في حكم سبق الطعن فيه بهذا الطريق ولو لسبب آخر (نقض 1977/1/22 في الطعن 385 لسنة 42  قضائية).

وقد نص المشرع في المادة 247 مرافعات على أن الحكم الذي يصدر به نص الالتماس أو الحكم الذي يصدر في موضوع الدعوى بعد قبوله لا يجوز الطعن في أيهما بالإلتماس، ويذهب البعض في الفقه إلى أنه لا يجوز الطعن بالإلتماس في الحكم الإبتدائي الذي إستؤنف وحكم من محكمة ثاني درجة بتأييده بأسبابه، لأنه يجب رفع الإلتماس عن الحكم الاستئنافي الذي أصبح مشوباً بنفس الخطأ الموجود بالحكم الأول (محمد وعبدالوهاب العشماوي به بند 1282 ص 922 ).  

لايجوز الإلتماس الفرعي مدى جواز رفع التماس فرعی من الملتمس ضده قياساً على الاستئناف الفرعي من المستأنف عليه، بمعنی أن يكون للملتمس ضده أن يرفع إلتماساً بعد قبوله الحكم أو بعد فوات ميعاد الإلتماس على أساس أنه إنما قبل الحكم أو فوت میعاد الالتماس فيه اعتماداً على أن خصمه سوف لايطعن فيه بالإلتماس: لم ينص القانون على جواز رفع التماس فرعی كما فعل بالنسبة للإستئناف. ولذلك فإن الراجح هو أنه لا يجوز رفع التماس فرعی، لأن النص على جواز رفع استئناف فرعي ممن قبل الحكم أو فوت ميعاد استئنافه نص استثنائی جاء على خلاف القواعد العامة التي تقضي بأن قبول الحكم أو فوات ميعاد الطعن فيه مانع من الطعن، ولذلك لا يجوز القياس علية، لاسيما أن الإلتماس طريق طعن غير عادي فلا يجوز الترخيص في قبوله، فالإلتماس طریق غير عادي لا يجوز التوسع فيه ولا قياس حالاته على غيره من طرق الطعن العادية، ومع ذلك نرى جواز إعادة الطعن بالإلتماس بعد رفض التماس آخر إذا حدثت أسباب بعد الحكم بالرفض أو لم تكتشف إلا بعد هذا الحكم. (من هذا الرأي أيضاً : أحمد أبو الوفد المرافعات - بند 636 ص 928) ونقترح أن ينص المشرع على ذلك، وهو ما أخذ به المشرع الفرنسي في قانون المرافعات الحالي في المادة 603 منه، وسوف نعود إلى الإشارة لذلك مرة أخرى عند تعليقنا على المادة 247 مرافعات).

فلا يقبل الإلتماس الفرعي وذلك لأن القانون لم يصرح بجوازه کما فعل بالنسبة للإستئناف الفرعي، ولأن الأصل ألا يقبل الطعن في الأحكام إلا في الميعاد الذي حدده له القانون وفقاً للمادة 215 مرافعات. (أحمد أبو الوفا المرافعات - ص926 رمزي سیف، ص 863 محمد وعبدالوهاب العشماوي - بند 1285 ص 924 و 925) .

وقد ذهب رأي مرجوح في الفقه الفرنسي إلى جواز رفع الالتماس الفرعي ولو مضى بميعاد الإلتماس الأصلي باعتبار أن الخصم لم يرض بالحكم العيب إلا باعتبار أن خصمه قد رضی به فإذا انتهى هذا الإعتبار جاز له رفع الالتماس وذلك قياسا على الإستئناف الفرعي ولتوفر حكمة التشريع في الحالتين ، ولكن هذا الرأي ليس له أنصار في الفقه المصري كما أنه لم يأخذ به القضاء المصرى بل المعمول به هو الرأي الأول القائل بعدم جواز الإلتماس الفرعي لعدم النص قانوناً .

الخصوم في الالتماس: شروط الملتمس وشروط الملتمس ضده سبق أن أوضحنا عند تعليقنا على المادة 211 مرافعات فيما مضى الشروط الواجب توافرها في الطاعن والمطعون ضده، وهذه الشروط تنطبق على الملتمس والملتمس ضده، فقد وردت المادة 211 ضمن مواد الأحكام العامة في طرق الطعن وهي واجبة التطبيق في حالة الالتماس باعتباره طريقا من طرق الطعن تجرى عليه القواعد التي أوردها المشرع في العمل الخاص بالأحكام العامة (راجع تعليقنا على المواد 211 إلى 218 مرافعات)،ونشير هنا إلى أنه تطبيقا لهذه القاعد يشترط في الملتمس أن يكون خصما في الدعوى بنفسه أو بواسطة غيره فلايجوز للنيابة كخصم منضم أن تلجأ إلى الالتماس، وأن يكون ذا مصلحة في إبطال الحكم والعبرة في ذلك بوقت صدور الحكم لا وقت الطعن. وأن يكون ذا أهلية، وألا يكون قد سبق وقيل الحكم.

ويشترط فيمن يوجه إليه الإلتماس أن يكون خصماً في الحكم أو خلفا عاما له أو من خلفائه الخاصين الذين كان يمثلهم في الخصومة (محمد وعبدالوهاب العشماوي بند 1283 وبند 1284).

7- أسباب الطعن بالالتماس: نص القانون في المادة 241 مرافعات - محل التعليق - على حالات التماس إعادة النظر أي أسبابه، وهي ثمانية أسباب، وقد حددها القانون على سبيل الحصر (نقض 1984/12/24 طعن رقم 1945 لسنة 50 قضائية، نقض 1968/3/5 سنة 19 ص 497) لأن الالتماس كما ذكرنا طريق غير عادي للطعن في الحكم، ولذلك أسبابه محددة ومحصورة في صلب المادة 241مرافعات، فلا يجوز القياس عليها، لأن الأصل هو أن الحكمة متى فصلت في نزاع فلا يجوز لها إعادة النظر فيه، إنما أجاز المشرع لها إستثناء في حالات معينة - تصحيح حكمها رجوعاً إلى الحق والعدل.  

ويلاحظ هنا أنه لا يجوز رفع دعوى أصلية ببطلان الحكم استنادا إلى الزعم بعدم صحة التمثيل القانوني أو الغش أو التواطؤ إذ سبيل التمسك بذلك هو التماس إعادة النظر، وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض بأن أسباب العوار التي تلحق بالأحكام سبيله الطعن عليها، وأن شرط رفع دعوى أصلية ببطلان الحكم تجرد الحكم من أركانه الأساسية ادعاء عدم تمثيل الخصم صحيحاً في الدعوى أو غشه أو تواطؤه. سبيله. التماس إعادة النظر، (مادة 8,7/241 مرافعات)، (نقض 1987/1/22  طعن 72 سنة 51 قضائية)، وقضت أيضا بأن الغش بفرض وقوعه لا يعتبر سبباً لإلغاء الأحكام الانتهائية عن طريق رفع الدعوى المستقلة أو في صورة رفع الدعوى المبتدأة، وإنما هو سبب التماس إعادة النظر في الحكم الصادر فيها. (نقض 1990/11/20 طعن 162 سنة 58 قضائية) .

ويتحدد نطاق الإلتماس بما پني عليه من أسباب تندرج تحت بنوده المادة 241 - محل التعليق - ونطاق الالتماس يتحدد بالأسباب التي يتبنى عليها داخله فما نص عليه القانون على سبيل الحصر: (نقض 1968/3/5 طعن 302 لسنة 33 قضائية سنة 19 ص 487 ).

وجدير بالذكر أن بعض أسباب الإلتماس الواردة في المادة 241 يمكن أن تؤدي إلى قابلية الحكم للطعن فيه بالنقض أو بالتماس إعادة النظر، ونبغ في هذا الضدك ملاحظة ما يأتي :

أ- أن الحكم النهائي إذا كان يقبل النقض كما يقبل الإلتماس، فإن تحديد نطاق كل من الطريقين كون على أساس أن الناس إعادة النظر يفترض أن القاضي عند إصداره الحكم الباطل قد أصدره بغير علم أو بغير إدراك للواقع أو لحكم القانون، أما إذا كانت المخالفة بإدراك كامل من القاضي، فهو لم يطبق القانون مقدران خطأ أن هذا ليس حكم القانون، كان نقضي المحكمة بالفوائد قاصدة إلى القضاء بها دون طلب أو تقضي بما يجاوز الطلب وهي مدركة ما قدم لها من طلب وأنها تجاوز هذا الطلب - فإن الطريق يكون هو الطعن بالنقض (نقض تجارى 1988/3/28 في الطعن رقم 2390 لسنة 51 ق - ونقض مدني 1981/1/26 في الطعن رقم 128 لسنة 48 ق، ونقض 1982/1/17 في الطعن 111 لسنة 51 ق ، ونقض 1978/1/25 في الطعن 754 لسنة 40 ، ونقض 1974/4/14 لسنة 25 ص 681 رقم 109، ونقض 1972/3/11 سنة 23 ص 394 ، وموریل بند 648 ص 759 فنسان: بند  653 ص 851 حاشية، فتحی والی بند 376  ص 759 وهامش 7 بها .

ب- أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بصفة انتهائية إذا شابه عيب يبطله مما يعتبر في نفس الوقت سبباً للإلتماس، فإنه إذ يقبل الطعن بالاستئناف لا يقبل الطعن - رغم توافر السبب - بالتماس إعادة النظر. رمزي سیف: بند 863 ص 871 ، فتحى والى الإشارة السابقة) .

وسوف نوضح الآن بالتفصيل الأسباب الثمانية لإلتماس إعادة النظر فيما يلي: 

السبب الأول للطعن بالإلتماس: الغش الصادر من الخصم المؤثر في الحكم: وفقاً للفترة الأولى من المادة 241 مرافعات - محل التعليق - فإنه يعتبر سبباً من أسباب الطعن بالإلتماس وقوع غش من الخصم كان من شأنه التأثير في الحكم، ولتوافر هذا السبب ينبغي أن تحقق الشروط التالية:

أ- الشرط الأول: أن يحدث غش: ويقصد بالغش العمل الإحتيالي المخالف للنزاهة الذي يكون من شأنه تضليل الحكمة، وصور الغش كثيرة تختلف باختلاف الأحوال، ومثلها سرقة المراسلات التي يرسلها الخصم إلى محاميه ومنع وصول تعليمات الخصم إلى وكيله، والعمل على عدم وصول الإعلان إلى المعلن إليه. والاتفاق مع وكيل الخصم إضراراً بموكله، وإرشاد الشهود أو التأثير عليهم وخلف اليمين كذباً وغير ذلك وإذا كان مجرد الكذب على الخصم لا يعتبر غشاً يبرر الطعن في الحكم بالإلتماس، وإذا كان على الخصم أن يفند أقوال خصمه وبين ما فيها من مجافاة للحقيقة، إلا أن القضاء يميل إلى إعتبار الكذب المتعمد في رواية الوقائع المهمة وإخفاء الحقائق القاطعة للجهولة من الخصم الآخر غشاً مفسداً للحكم يجيز الطعن فيه، واعتبار الأفعال التي أتاها الخصم غشاً أمر متروك لتقدير الحكمة (رمزی سيف - بند 677 ص 863 وص 864).

فالغش يشمل كل أنواع التدليس والمفاجاة والوسائل التي تستعمل بواسطة خصم في مواجهة خصم آخر بقصد تضليل المحكمة وايقاعها في الخطأ، كما إذا منع الخصم وصول الإعلان إلى من أعلن إليه كما ذكرنا آنفا وإذا اتفق مع محامی خصمه على خيانة موكله، أو إذا أستعمل وسائل الإكراه ليمنع خصمه من إبداء دفاعه.

والغش يتوجه إلى أحد مصادر معلومات القاضي أو يؤدي إلى منع الخصم من حقه في الدفاع كتعبد الخصم إخفاء قيام الخصومة عن خصمه للحيلولة دون مثوله في الدعوى وإبداء دفاعه فيها (نقض 1985/6/2 طعن رقم 209 لسنة 52 قضائية)، ويعتبر غشاً الوسائل الإحتمالية فلا يعد كذلك مجري الكذب أو إستعمال حيلة مشروعة أثناء الدفاع، أو السكوت بعض الوقت عن إبداء دفاع معين (فتحی والی بند 276 ص 760 والمراجع المشار إليها فيه)، أو العدول عن تعديل الطلبات متی تم وفقاً للقانون (نقض 1966/2/24 سنة 17 ص 467 ) .كما لا يعتبر غشاً حلف يمين كاذب (فتحي وإلى ص 761 والمراجع المشار إليها فيه إذ لايعتبر الحنث في اليمين الحاسمة غشاً لأن موجهها لا يملك إثبات كذبها ويتقيد بنتائج الحلف ولو كان كاذباً ، ما لم يكن توجيه اليمين نتيجة أعمال الغش الصادرة من خصمه ففي هذه الحالة يجوز لموجه اليمين طلب التماس الحكم الصادر ضده مستنداً إلى هذا الوجه، وذلك بإعتبار أن الصلح الناتج عن توجيه اليمين قد شابه غش يجعله باطلاً فإذا كان قد صدر حكم بناء على هذا الصلح الباطل جاز النمام هذا الحكم لبنائه على غش صدر من الخصم وترتب عليه مندور حكم لمصلحته (جارسونيه المرافعات ج 6 ص 785 ، محمد و عبدالوهاب العشماوي بند 1290 ص 930)، وتقدير ما يعتبر غشاً وما لايعتبر أمر يخضع لتقدير المحكمة التي يرفع إليها الالتماس (رمزی سيف - بند 677 ص 863 وفتحي والي - الإشارة السابقة محمد وعبدالوهاب العشماوي بند  1288 ص 927) .

فالغش بالمعنى الذي قصدته المادة 241 مرافعات - محل التعليق - في فقرتها الأولى هو كل أعمال التدليس والمفاجآت الكاذبة التي يعمد إليها الخصم ليخدع المحكمة ويؤثر بذلك في اعتقادها، فتتصور الباطل صحيحا وتحكم بناء على هذا التصور لصالح من ارتكب الغش ضد الملتمس (حكم محكمة القضاء الإداري 1953/4/1 مجموعة أحكام المحكمة السنة 7 ص 805  حكم رقم 475 ) .

وتحديد هذه الأعمال لمعرفة ما يعتبر غشاً وما لايعتبر قد يكون دقيقا في كثير من الأحيان، ويحسن - كما ذكرنا آنفا۔ ترك منا الأمر لتقدير المحكمة حسب ظروف كل حالة (محمد و عبدالوهاب العشماوي ج 2 ص 927)، وإنما ينبغي ملاحظة أن مجرد الغبن الذي يصيب الخصم من الحكم لا يكفي لتكوين الغش، لأن الغبن ليس سبباً من أسباب إبطال العقود فمن باب أولى لا تأثير له في الأحكام. كذلك من المتفق عليه أن مجرد إنكار المدعى عليه لدعوى خصمه لا يكفي لإعتباره غشاً مجيزاً للإلتماس (حكم محكمة كوم حمادة الجزئية 1930/10/21 المحاماة السنة 11 ص 420 رقم 230)، كذلك تفنن الخصم في أساليب دفاعه لا يكفي لتكوين الغش، الجيز للإلتماس (إستئناف مختلط 1934/2/8 المحاماة السنة 15 ص 389 رقم 185 قسم ثان)، وذلك لأن الإلتماس ليس طريقاً عادياً للطعن يتدارك به الخصم ما فاته من دفاع وفي فرنسا قضي بأنه يكفى لقيام الغش أن يلتزم الخصم السكوت بالنسبة لواقعة معينة بقصد الخداع (نقض فرنسي دائرة العرائض 1931/6/8 مشار إليه بدالوز العملی ج 3 ص 685 بند 10)، وعلى شرط أن يبدو السكوت على نحو يؤكد صحة الواقعة بقصد الوصول إلى النتيجة التي رغب الخصم في الإستفادة منها (حكم محكمة باريس 1946/6/5 - مشار إليه بدالوز العملی ج 3 ص 685 بند 10) بیستوى أن يصدر هذا السكوت أو التأكيد من الصم أو وكيله في الدعوى (دالوز العمل ج 3 ص 685  بند 11 وحكم محكمة القضاء الإداري المصرية 19532/11 مجموعة أحكام المحكمة السنة 7 ص 642 قاعدة رقم 377)، ومن الأمثلة الأخرى على حصول الغش الجيو طلب الإلتماس مايلي: -

(أ) إذا مع الخصم وصول الإعلانات الرسمية إلى المقصود إعلانهم.

(ب) إذا حصل على التعليمات التي بعثها الخصم إلى الحامي عنه وحال دون وصولها إليه :

(ج) إذا رفع دعوى ضد شخص مع أنه سبق أن رفعها ضد مورث هذا الشخص وخسرها ولكنه أخفى هذا الحكم السابق وكان خصمه يجهله. مجدد ولكن يلاحظ هنا أنه إذا كان الحكم الثانى مخالفاً للأول وشروط قوة الشيء المقضي به متوافرة فالإستئناف جائز ولا محل لطلب الإلتماس .

(د) إذا تنازل بطريقة صورية عن دعوی حتی يوهم خصمه أنه عدل عن النزاع ثم عاد إلى المخاصمة بعد ضياع وسائل الدفاع التي عنده.

(هـ) إذا حصل شخص على حكم بإلغاء بيع بدعوى أنه صدر من قاصر وتبين بعد ذلك أن هذا القاصر كان بالغاء .

(و) إذا حصل صلح بين الخصوم ترتب عليه أن بعضهم أعتقد أن النزاع إنتهى بعقد الصلح وإنقطع عن الحضور المحكمة وانتهز الخصم فرضية عدم حضور خصمه  المترتب على الصلح وترافع في الدعوى بغير أن يشير للصلح وقضت له المحكمة بطلباته حضورياً۔ (جارسونيه : المرافعات ص 784 بند 465 محمد و عبدالوهاب العشماوي ج2 ص 929 وهامش رقم 4 بها).

ولكن لا يجوز التماس إعادة النظر تحت شعار تنميته إقناع المحكمة ببرهان عشة إذ إن برهنة الضم على دعواه بالحجج المعلومة لخصمه حق لكل خصم في دعوى ينفتح به باب الدفاع والتنوير للمحكمة أمام الخصم الآخر وليس ذلك من الغش في شيء. (نقض مدنى 1975/2/23 سنة 26 ص 457 ، ونقض 1966/11/30 سنة 17 ص 1758 ، نقض 1947/2/11 - مجموعة 25 سنة ج 1 رقم 2 ص 295)، وإنما يعتبر غشاً إذا عند الخصم إلى إغواء الشهود أو تهديدهم حتی حملهم على إنكار ما هو في مصلحة خصمة (محمد و عبدالوهاب العشماوي ج2 ص 929 ، نقض 1947/2/11 مجموعة 25 سنة ج 1 ورقم 2 ص 295).

ب - الشرط الثاني: أن يصدر الغش من الخصم المحكوم له او من ممثله: فينبغي أن يقع الغش من المطعون ضده (نقض 1994/4/21 طعن 5293 و 4809 لسنة 62 قضائية، ونقض 1939/10/19 - مجموعة أحكام النقض في 25 سنة ج 1 بند 1 ص 295 ، حكم محكمة القضاء الإداري في 1953/3/11 . مجموعة أحكام هذه المحكمة السنة 7 رقم 377 رقم 642 ، ونفض 1966/2/24 لسنة 17 ص 467 )، أو وكيله، أما الغش الذي يقع من الغير فلا يصلح سبباً للإلتماس ما لم يكن الخصم شريكا فيه وينبني على ذلك أنه إذا صدر حكم لمصلحة محكوم لهم متعددين وكان قد صدر غش من أحدهم دون إشتراك الآخرين فيه فإن الطعن في الحكم بالإلتماس لا يتناول من الحكم إلا ما كان في صالح من صدر منه الغش دون زملائه من المحكوم لهم الذين قضى لهم (رمزی سینه بند 677 ص 864 ).

فلا تأثير للغش الذي يصدر من الغير مهما كان له من الأثر في الحكم، ويترتب على وجوب أن يكون الغش صادراً من الخصم أن الإلتماس لا يتناول من الحكم إلا ما هو في صالح من صدر منه الغش ولو كان معه أشخاص آخرون فضي لمصلحتهم بالحكم المذكور (محمد عبدالوهاب العشماوي - ج 2 بند 1292 ص 931 ).

ويعتبر الغش صادراً من الخصم إذا كان قد صدر من أشخاص يعملون لمصلحته وبطريق النيابة عنه كالمحامي أن الوكيل (جارسونيه ج 1 بند 466، وجلاسون ج 2 بند 1059) أو بالإشتراك معه ولكن اعمال الغش التي تصدر عن الوكيل خارجاً عن الخصومة لايحتج بها على الموكل ما لم يكن قدم علم بها وإستغلها في استصدار حكم لمصلحته.

كما يعتبر في حكم الغش الصادر من الخصم ما يصدر من الأشخاص الذين هو مسئول عنهم مدنياً (جارسونيه الإشارة السابقة، جلاسون الإشارة السابقة)، أو هم مسئولون عنه، ولو لم يكونوا خصوماً في الدعوى الموجهة إليه. (محمد وعبدالوهاب العشماوي بند 1392 ص 931 ) .

إذن يجب أن يصدر الغش من المحكوم به أو من ممثله، سواء كان ممثلاً قانونياً أو إتفاقياً. وينسب الغش إلى الخصم ولو صدر من النير إذا . كان الخصم قد ساهم فيه أو إستعمله عالما به (فتحی والی ص 761 والمراجع المشار إليها فيه). ويتصور أن يكون الغش في صورة تواطؤ بين الخصم وبين ممثل الطاعن (موريل - بند 174 ص 502 ، فتحی والی - الإشارة السابقة)، ويثور التساؤل عما إذا كان يعتبر غشاً تواطؤ الخصمين فيما بينهما لإخفاء الحقيقة عن القاضي؟ يذهب البعض في الفقه إلى هذا على أساس أن التواطؤ غشان (غش من كل من الخصمين) لا غش واحد، فيجب - من باب أولى - أن يجيز لكل من الخصمين الطعن بالتماس إعادة النظر. ولكن الراي الراجح أن تواطؤ الخصمين لا يعتبر غشاً وفقاً للمادة 1/241 مما يبرر إعادة النظر. ذلك أن المشرع يفترض الإمكان إعادة النظر الا يكون الطاعن عالماً بالغش أثناء الخصومة، ولهذا يجعل ميعاد الطعن من يوم إكتشاف الغش، ولا شك في علم المتواطىء بالغش المشترك فيه. فليس له - أن رأى مصلحته في الطعن - أن يلتمس إعادة النظر بعد صدور الحكم (فتحي والى ص 761 المصادر المشار إليها فيه).

ج - الشرط الثالث: أن يحصل الغش في مواجهة المحكوم عليه.

د- الشرط الرابع: يجب أن يكون الغش خافياً على الملتمس حتى صدور الحكم المطعون فيه : فينبغي أن يكون الغش قد خفي على الملتمس، ولم يدحضه لجهله به وإخفاء أمره عليه، فإذا أثبت أن المحكوم عليه كان مطلعاً على أعمال خصمه، ولم يناقشها أو كان في مركز يسمح بمراقبة تصرف خصمه، ولم يبين أوجه دفاعه فإنه لا وجه للإلتماس (نقض 1994/4/21 - طعن رقم 4809 وطعن رقم 5293 لسنة 62 قضائية)، وإذا كان الملتمس عالماً بالغش وتناوله في دفاعه، ورجحت المحكمة بشأنه قول خصم على آخر وعلى أساسه حکمت له اقتناعاً منها ببرهانه، فلا يصلح سبباً للإلتماس. (نقض 1981/5/25 ، طعن 171 لسنة 48 ق، فتحى والى - ص 762 ).

فخفاء الغش على الملتمس يقتضي ألا تكون الوقائع المدعى بأنها تكون الغش قد سبق عرضهما، ومناقشتها أمام المحكمة بين طرفي الخصومة. (نقض 1952/4/15 ، منشور في المحاماة - سنة 34 ص 734 ).

إذن يجب ألا يكون المحكوم عليه عالماً بذلك الغش أثناء الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه (نقض 1986/1/14 ، لسنة 52 ق ، محكمة القضاء  الإداري 1952/1/1 ، المحاماة 34 ص 99 ، ونقض 1947/12/11 ، مجموعة  القواعد القانونية 5 ص 502 ، وتقض 1943/12/31 - مجموعة القواعد القانونية 4 ص 23 ، ونقض 1953/4/17 ، لسنة 3 ص 923 ، ونقض 1966/2/24 ، السنة 17 ص 467)، وألا تكون الخصومة السابقة قد تعرضت لهذا الغش، وتناوله الحكم الصادر فيها (نقض 1966/11/30 ، سنة 17 ص 1758 ، واستئناف القاهرة 1962/5/29 ، المجموعة الرسمية السنة 60 ص 1010 ونقض 1965/2/24 ، سنة 17 ص 467 )، فالغش المجيب للإلتماس هو الذي يكون خافيا على الخصم طيلة سير الخصومة وحتى صدور الحكم بحيث لم تتح له الفرصة لتقديم دفاعه فيه وتنوير المحكمة في حقيقته لجهله به، فتأثر به الحكم (نقض 1947/12/11 ، مجموعة 25 سنة ج  1 ص 295 رقم 3)، أما ما تناولته الخصومة، وكان محل أخذ ورد بين طرفيها، وعلى أساسه رجحت المحكمة قول خصم على آخر وحكمت له إقتناعاً منها ببرهانه (نقض 1947/2/11 ، مشار إليه آنفا) فإنه لا يجوز إلتماس الحكم بناء عليه، ولو كان غشاء لأن الخصم كان على علم به نقض 1952/4/17 ، مجموعة 25 سنة ج 1 ص 295 رقم 3 ، نقض  1942/13/31 ، مجموعة 25 سنة ص 296 رقم 4 محمد وعبدالوهاب العشماوي - ج 2 بند 1293  ص 932 )، كذلك إذا ظهر الغش قبل صدور الحكم ومع ذلك لم يثره الخصم فإنه لا يقبل منه إلتماس بعد ذلك استناداً إليه.

ومع ذلك يقبل الإلتماس بناء على غش ظهر قبل صدور الحكم إذا كان الخصم الذي علم به في حالة يستحيل معها عليه كشف حقيقته للمحكمة أو كان علمه به ناقصاً أو مبهما (محمد وعبدالوهاب العشماوي الإشارة السابقة، إستئناف مختلط  1938/4/26 ، منشور في المحاماة سنة 19 ص 600 رقم 247) .

هـ - الشرط الخامس: أن يكون الغش قد أثر في حكم المحكمة: أي أثر في إصدار الحكم، أي أن يكون الغش قد أثر في رأي المحكمة بحيث يتضح أنه لولا الغش لتغير حكم المحكمة، وقد عبر القانون عن ذلك بقوله من شأنه التأثير في الحكم.. فإذا كانت المحكمة لم تعتمد على الوقائع المكونة للغش في حكمها فلا يصلح الغش سبباً للإلتماس.

فتأثير الغش في إصدار الحكم يعني أن يكون التقدير الذي إشتمل عليه الحكم قد تحدد استناداً إلى التمثيل المزيف للحقيقة الراجع إلى الغش، بحيث إنه بغير هذا الغش ما صدر الحكم بالمضمون الذي صدر به (فتحي والي - ص 762 والمراجع المشار إليها فيه).  

وبعبارة أخرى يجب أن يكون الغش مؤثراً في رأي القضاة بحيث لو علموا به لاتخذ حكمهم اتجاها آخر (استئناف مصر 1939/10/22 ، المحاماة السنة 20  ص 929  رقم 387  و 1943/5/27 ، المحاماة السنة 15 ص 325 رقم 155)، فلا تأثير للغش إذا كانت الوقائع التي تناولها لم تعتمد عليها المحكمة في حكمها ولم يكن من شأنها أن تؤثر في رأيها إذا ثبتت لها حقيقتها ( جارسونيه ج6 بند 467 واستئناف 1906/4/5 مجموعة الأحكام 7 ص 200 وقضاء إداري 1953/4/1 مجموعة أحكام المحكمة السنة 7 ص 805  حكم رقم 475، محمد وعبد الوهاب العشماوي ج 2 بند 1294 ص 932)، ولذلك يجب على الخصم الملتمس أن يثبت وجود الغش وأن يثبت أيضا تأثيره في رأي القضاة بالمعنى الذي أوضحناه آنفا.

تتضح لنا مما تقدم الشروط الواجب توافرها في الغش يعتبر سبباً للإلتماس، وتنبغي ملاحظة أن تقدير توافر عناصر الغش يخضع لتقدير محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة إذ تقدير عناصر الغش إثباتاً ونفياً من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض مادامت تستند في هذا التقدير إلى إعتبارات سائغة لها أصلها الثابت، ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها بما يكفي لحمل قضائها. (نقض 1992/6/21 ، طعن رقم 2608 لسنة 56 قضائية).

وإذا تخلفت الشروط الواجب توافرها في الغش، فإنه لا يصلح سبباً للإلتماس، وعلى الطاعن بالإلتماس أن يبحث عن سبب آخر من الأسباب المنصوص عليها في المادة 241  لتأسيس طعنه.

9- السبب الثاني للطعن بالإلتماس : تأسيس الحكم على ورقة مزورة: وفقاً للفقرة الثانية من المادة 241 مرافعات - محل التعليق - يجوز الطعن في الحكم بالإلتماس إذا حصل بعد الحكم إقرار بتزوير الأوراق التي بني عليها أو قضى بتزويرها.

وقد يختلط هذا الوجه للإلتماس بالوجه السابق الخاص بالغش، إذا كان الخصم الذي كسب الدعوى قد تمسك بورقة مزورة وهو يعلم بتزويرها، إذ يكون هذا بمثابة غش منه.

ويكون الالتماس جائزا في هذه الحالة سواء أكان تزوير الورقة بعمل الخصم أم بعمل شخص آخر خارج عن الخصومة، وذلك بخلاف الحال بالنسبة للغش إذ يلزم أن يكون صادراً من الخصم.

ولكن لا يعتبر وجهاً لإلتماس كون الحكم ذاته مزوراً، بل في هذه الحالة يجوز للمتضرر من الحكم أن يطعن فيه بالتزوير وبتوصل لمحوه بهذه الواسطة. (محمد و عبدالوهاب العشماوي - بند 1295 ص 933).

 ولا يجوز أن يتخذ الالتماس وسيلة لإثبات التزوير (نقض 1985/12/26 ، طعون أرقام 563 و 582 و 676  لسنة  52 قضائية نقض 1954/12/2 ، طعن رقم 162 ، ورقم 184  لسنة 21  قضائية سنة 5 ص 296 ).

وتنبغي ملاحظة أن المحكوم عليه بناء على ورقة مزورة لم يطعن عليها فرعياً بالتزوير لا يستطيع بعد صدور الحكم النهائي أن يرفع دعوى أصلية بالتزوير، وذلك عملاً بنص المادة 59 من قانون الإثبات فلا يكون له من سبيل سوى تحريك الدعوى الجنائية، أو أن يقضي بتزوير الورقة نفسها في دعوى أخرى بين خصوم أخرين (كمال عبد العزيز ص 162).

يشترط للطعن بالإلتماس بناء على هذا السبب توافر الشروط التالية:

أ- الشرط الأول: أن يكون الحكم قد بني على الورقة المزورة أي أن الحكم تأسس على الورقة المزورة: فلا يقبل الإلتماس ولو ثبت تزوير ورقة من الأوراق المقدمة في الدعوى، إذا كانت هناك أوراق أو - وقائع أخرى هي التي بني عليها الحكم، فإذا كان الحكم قد بني على الورقة المزورة وعلى أدلة أخرى فلا يقبل الإلتماس إلا إذا كان للورقة أثرها في تكوين عقيدة المحكمة على نحو ما قضت به في الحكم بحيث أنه لولا وجود الورقة المزورة لتغير وجه الحكم في الدعوى، وتقدير ذلك متروك للمحكمة التي تنظر الإلتماس (رمزی ستيف - بند 678 ص 865).

وشرط تأسيس الحكم على الورقة المزورة شرط ثابت بنص القانون ومجمع عليه فقها وقضاء، فلا يكفي لقيام وجه الإلتماس المستند إلى تزوير ورقة، أن يكون قد حصل الإقرار بتزويرها أو صدر حكم بذلك، بل يجب أن يكون المطعون فيه بالإلتماس قد أسس على هذه الورقة، وأن يتبين أن الاستدلال بها كان سبباً حاسماً لما قضى به، فمهما كان التزوير ثابتاً أو مؤكداً فلا يصلح سبباً للإلتماس ما لم يكن للورقة المزورة تأثير حاسم في صدور الحكم على الوجه الذي صدر به.

ويترتب على ذلك أنه لا يقبل الإلتماس إذا كان الحكم قد أسس على أسانيد ووقائع أخرى، وكانت الأسباب التي أستر عليها الحكم المطعون فيه مغنية عن الورقة المزورة، ولم تكن هذه الورقة في السند الوحيد الذي بني عليه الحكم المطعون فيه بالإلتماس (محمد وعبد الوهاب العشماوي - بند 1299 ص 935 ).

وذهب رأى إلى إشتراط أن يبنى الحكم المطعون فيه على الورقة المزورة، بحيث تكون تلك الورقة ذات تأثير كلى على ما ورد بالحكم المطعون فيه ولولا وجودها واعتقاد المحكمة بصحتها ما قضت لمصلحة المتمسك بها، أحمد أبو الوفا - المرافعات - بند 634 ص 939 و 940 )، فإذا قدمت في الخصومة التي صدر فيها الحكم ورقة مزورة وإنما لم بين عليها الحكم فلا يقبل الإلتماس ، وإذا بني الحكم على ورقة مزورة ، وعلى أدلة أخرى فلا يقبل الإلتماس إذا ثبت أن الحكم بني على أسباب أخرى، وأنه لم يكن للورقة المزورة شأن كبير في هذا الصدد، وإذا حكم إبتدائياً بناء على ورقة مزورة ثم تأيد الحكم أو الغي في الاستئناف بناء على أسباب أخري قاطعة في الدعوى فلا سبيل إلى الإلتماس لإن الورقة المزورة لم تكن أساس الحكم النهائي المطعون فيه، وإذا ثبت تزوير الورقة في تاريخها لا موضوعها فلا يقبل الالتماس إذا كان هذا التاريخ لا يؤثر في الحكم النهائي الصادر في موضوع الدعوى. (أحمد أبو الوفا - الإشارة السابقة).

فينبغي أن تتوافر رابطة سببية بين الورقة وبين الحكم الملتمس فيه بأن يكون لها تأثير حاسم في صدوره. فإذا كان يبين من أسباب الحكم أنه بني على عدة أدلة من بينها الورقة التي انكشف تزويرها استبان من الأسباب أن قضاء الحكم يستقيم على ما عداها من أدلة فلا يكون هناك محل للإلتماس لإنتفاء رابطة السببية (أحمد أبو الوفا - المرافعات - ص 872 ، العشماوي بند 1295 ، نبيل عمر - الالتماس بند 142 ، فتحی والی بند 376 ، كمال عبدالعزيز - ص 1621 ،وقارن عبد المنعم حسنى طرق الطعن ص 518 حيث يرى أنه يكفي للإلتماس أن يكون للورقة تأثير في الحكم أيا كان نوع هذا التأثير ولو لم يكن حاسماً).

ب - الشوط الثاني: أن يثبت تزوير الورقة بإحدى الوسيلتين اللتين نص عليهما القانون في المادة 241 مرافعات - محل التعليق -: أي بإقرار مرتكب التزوير أو التمسك بالورقة، أو بحكم من القضاء بتزويرها سواء من محكمة مدنية أو جنائية .

وثبوت التزوير بأحد هذين الطريقين لازم، فالدليل على التزوير من غير طريق تقديم حكم قضى بتزوير الورقة في تهمة تزوير، أو من القضاء المدني في دعوى تزوير أو إقرار من تسب إليه التزوير بصدور لا يقبل أمام المحكمة التي تنظر الإلتماس. وقد ثار خلاف بشأن مخالفة إذا قضت المحكمة الجنائية بتزوير الورقة مع براءة المنسوب إليه تزويرها لعدم توافر القصد الجنائي فذهب رأي إلى صلاحية هذا الحكم لإثبات التزوير كوجه للإلتماس وذهب رأي آخر إلى عدم صلاحيته ويجوز ثبوت التزوير بحكم أجنبي فإن اشترط البعض أن يصدر عليه أمر بتنفيذه وينبغي أن يثبت تزوير الورقة بأحد الطريقين السالفين بعد صدور الحكم وقبل رفع الإلتماس (ناشد حنا بند 106 وما بعده، رمزی سیف بند 712 ، أحمد أبو الوفا بند 634، نبيل عمر بند 138 ومابعده، فتحی والی بند 376 ، كمال عبدالعزيز - ص 1630 ،محمد وعبدالوهاب العشماوي بند 1297 ص 934 ).

وتنبغي ملاحظة أنه لا يلزم أن يكون الإقرار بالتزوير إقرارا قضائيا إذا جاء النص عاماً فيتسع لكل إقرار ولو لم يكن قضائيا (نبيل عمر بند 150 ) .

كما أن سبب الإلتماس يقتصر على ثبوت الورقة التي أثرت في الحكم، فلا يمتد إلى حالة إلغائها أو إبطالها لسبب آخر غير التزوير كالغلط أو الغبن الفاحش (ناشد حنا ص 128 ، نبيل عمر بن 154).

ج - الشرط الثالث: أن يثبت تزوير الورقة بإحدى الوسيلتين بعد صدور الحكم المراد الطعن فيه وقبل رفع الإلتماس: فلا يقبل الإلتماس إنا لم يثبت التزوير قبل رفع الإلتماس وكان غرض الملتمس الوصول في أثناء الالتماس إلى إثباته، فالالتماس وسيلة لإصلاح حكم بني يعلى ورقة . مزورة. وليس وسيلة لإثبات التزوير. (نقض 1954/12/2 - المحاماة سنة 26 ص  9 ، نقض 1985/12/26 مشار إليه آنفا).

وإذا توافرت الشروط سالفة الذكر جاز الالتماس سواء أكان مرتكب التزوير هو الملتمس ضده أم كان شخصاً آخر ، وسواء كان خصماً في الدعوى أم لم يكن خصماً فيها وسواء أكان الملتمس شده عالماً بتزوير الورقة أم غير عالم به، فإن كان عالما بتزويرها وقدمها مع علمه بتزويرها كان هذا منه غشا (رمزي سیف ص 866).

1- السبب الثالث للطعن بالإلتماس بناء الحكم على شهادة مزورة: وفقاً للبند الثالثة من المادة 241 مرافعات - محل التعليق - يعتبر سببا للطعن بالإلتماس حالة إذا كان الحكم قد بنى على شهادة شاهد قضى بعد صدوره بأنها مزورة، لأن الحكم في هذه الحالة يكون مبنياً على دليل مزور مما يفسده، ويمكن إعتبار هذا السبب صورة من صور السبب الثاني بمعناه العام، والحكمة فيهما واحدة لأن شهادة الشاهد المزورة لا تعدو في حقيقتها أن تكون دليلاً مزوراً فإذا كان الحكم قد أسس عليها وجب أن يفتح للخصم الذي أضر به ذلك باب الإلتماس.

ويشترط لقبول الإلتماس لهذا السبب توافر الشروط التالية:

أ- الشرط الأول: أن يبني الحكم المطعون فيه على شهادة شاهد بحيث تكون هذه الشهادة ذات تأثير كلى على ما ورد في الحكم المطعون فيه، ولولا اعتقاد المحكمة بصحتها ما قضت باتجاه الرأي الذي نحت إليه.

فينبغي أن يكون الحكم المطعون فيه قد بنى على الشهادة المزورة، أي أن يكون مؤسساً عليها، فإذا كان الحكم قد استند إلى هذه الشهادة المزورة ضمن شهادات أخرى، وكان من الممكن أن يقوم الحكم على ما تبقى من الشهادات بعد استبعاد هذه الشهادة التي تثبت تزويرها، فإن تزوير هذه الشهادة لا يقبل كسبب للإلتماس في الحكم في مثل هذه الحالة، وتقدير ذلك متروك للمحكمة بحسب كل حالة (محمد وعبد الوهاب العشماوي - بند 1301 - ص 936).

ب - الشرط الثاني: أن يثبت تزوير للشهادة بحكم من القضاء بسواء من القضاء المدني أو الجنائي، ويلاحظ أن المشرع استلزم بالنسبة لهذا السبب ثبوت تزوير الشهادة بحكم من القضاء، ولم يذكر إقرار الشاهد بتزوير الشهادة كوسيلة لإثبات التزوير كما فعل بالنسبة لإثبات تزوير الورقة التي يبنى عليها الحكم، ويرى البعض أن هذه التفرقة غير مفهومة فالفكرة التي يقوم عليها الطعن بالنسبة للسببين واحدة ألا وهي بناء الحكم على دليل مزور، وليس لاختلاف وسيلة إثبات التزوير بالنسبة لكل من الدليلين مقتضى. (رمزی سیف - ص 866).

ولكن مادام القانون لم يذكر صورة إقرار الشاهد بأن شهادته مزورة فإن مثل هذا الإقرار لا يصلح وجهاً لالتباس إعادة النظر.

ج - الشرط الثالث: أن يثبت تزوير الشهادة بحكم من القضاء يصدر بعد صدور الحكم المراد الطعن فيه وقبل رفع الالتماس، فلا يقبل الإلتماس إذا لم يكن قد قضى قبل رفعه بأن الشهادة التي بني عليها الحكم مزورة، وإنما كان غرض الملتمس من إلتماسه السعي لإثبات تزوير الشهادة (رمزي سیف - ص 897 ، أحمد أبوالوفا - المرافعات - ص 930 ) . 

السبب الرابع للإلتماس: حصول الملتمس بعد صدور الحكم على أوراق قاطعة في الدعوى كان خصمه قد حال دون تقديمها: ومثال ذلك إذا كان الحكم المطعون تنمية قد صدر بإلزام الشخص بدفع مبلغ معين لأنه لم يقدم مخالصة كانت تحت يد خصمه ثم تحصل عليها بعد صدور الحكم عليه.  

وينبغي التفرقة بين هذا السبب وسبب الغش، فإذا كان الخصم قد حجز الورقة مع علمه بأنها قاطعة في الدعوى، ويريد. بحجزها أن يحصل على حكم لمصلحته، تحقق عندئذ وجه الغش ، وأما إذا كان لا يعرف لها هذه الأهمية، ولم يكن يقصد بحجزها الحصول على حكم لا يطابق الحقيقة تحقق هذا الوجه من أوجه الالتماس (جارسونیه ج 6 بند 470 وهامش رقم 2 بها، محمد وعبدالوهاب العشماوي بند 1304 ص 937).

ويشترط لقبول الالتماس لهذا السبب أن تتوافر الشروط الآتية:

أو الشرط الأول: أن تكون الورقة التي حصل عليها الملتمس قاطعة في الدعوى بحيث إنه لو كانت قد قدمت فيها لتغير حتما رأى المحكمة فيما قضت به، أي لو كانت قدمت في الدعوى لغيرت وجه التحكم فيها المصلحة الملتمس كالمخالصة عن بين، وتنبغي ملاحظة، أنه لا يكفي أي مستند إذا لم يكن ورقة مكتوبة ، ولهذا فإنه لا يكفي وجود شريط مسجل أو مصور، أو إقرار غير قضائي (فتحى والي - ص 763). ويجب أن تكون هذه الأوراق قاطعة في الدعوى كما ذكرنا بمعنى أن تكون من شأنها لو اطلع عليها القاضي قبل إصداره الحكم أن بغير تقديره بالنسبة الثبوت الوقائع، وتقدير أثر الورقة مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب. سائغة. (نقض 1968/12/21 ، سنة 19 ص 1611).

ب  - الشوط الثاني : أن تكون الورقة قد حجزت أثناء نظر القضية بفعل الخصم الآخر، ويتعين أن تكون الورقة قد حجزت حاجزاً مادياً بمعرفته فمجرد السكوت عن الإشارة إليها أو حجزها بمعرفة شخص خارج عن الخصومة بغير تواطؤ مع المحكوم له لا يجيز الإلتماس. كذلك لا يقبل الإلتماس إذا حجزها خصم في الدعوى لا شأن له بما قضى به الحكم الملتمس فيه، وقيل في رأی أنه يشترط أن يكون الحجز بقصد الغش، وقيل في رأی آخر أنه لا يشترط النش، وبهذا يتميز هذا السبب عن السبب الأول من أسباب الإلتماس، إذ لو إشترط الغش في هذه الحالة لما كان هناك ما يدعو إلى إيراد هذا السبب من أسباب الإلتماس  جارسونيه وج 6 بند : 470 ،أحمد أبو الوفا المرافعات- ص 631)، فإذا لم يكن عدم تقديم الورقة من فعل الخصم، وإنما كان بسبب إهمال الملتمس أو فعل الغير فلا يجوز الإلتماس، كذلك لا يتجاوز الإلتماس لهذا السبب إذا كان في محكمة الإلتماس الاستفادة من الورقة لوجود أصلها في السجلات التي يمكنه الإطلاع عليها، فينبغي أن يثبت أن الخصم الذي خسر الدعوى كان مستحيلاً عليه الإستفادة من الورقة.

إذن وفقاً لهذا الشرط يجب أن يكون المحكوم له في الحكم المراد الطعن عليه بالإلتماس قد احتجز الورقة او حال عن تقديمها في الخصومة. ويفترض هذا أن يكون المحكوم له ملزماً بتسليمها أو وضعها تحت تصرف الطاعن، إذ بغير هذا ألا يكون فعل الخصم هو الذي حال دون تقليم الورقة (فتحي والي ص 764 والمراجع المشار إليها فيه، فإذا لم يوجد هذا الالتزام فلا تتوافر هذه الحالة، ونتيجة لهذا فإن مجرد التدليس المستخدم من خصم لمنع خصمه من معرفة وجود الورقة لاصل سبباً التماس إعادة النظر وفقاً لهذه الحالة إلا أنه قد يصلح وفقاً لحالة الغش السابقة، ومن ناحية أخرى، فإنه يكفي فعل الخصم ولو لم يكن مشوباً بالتدليس. (نقض 1991/4/23 ، في الطعن 305 لسنة 58 قضائية ، فتحی والی - الإشارة السابقة).

ج - الشرط الثالث: يجب ألا يكون الملتمس على علم بوجود الورقة تحت يد خصمة، فإذا كان عالما بوجودها تحت يد خصمه، ولم يطلب منه تقديمها فلا يقبل الإلتماس. (نقض 1991/3/24 ، طعن 354 لسنة 59 قضائية، وطعن 207 لسنة 52 قضائية، نقض 1986/1/14 - طعن 859 لسنة 58 قضائية) .

د- الشرط الرابع: أن يحصل الملتمس بعد صدور الحكم المطعون فيه على الورقة بحيث تكون تحت يده وقت رفع الالتماس، فينبغي أن تظهر الورقة بعد صدور الحكم المطعون فيه، ولا يعني ظهور الورقة حصول الملتمس عليها ماديا، وإنما يكفي أن تكشف له بحيث يمكنه الاطلاع عليها (نقض 1962/6/7 ، طعن 525  لسنة 26 قضائية سنة 13 ص 782 )، ولكن لا يجوز الطعن بالإلتماس على أساس ظهور الورقة بعد الحكم المراد الطعن فيه بالإلتماس: (نقض 1991/4/23 -  طعن 305 لسنة 58 قضائية).

12 - السبب الخامس للإلتماس: إذا قضى الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه: ويتحقق هذا السبب عندما تقضي المحكمة بشيء لم يطلبه الخصم في صحيفة دعواه أو في صحيفة إستئنافه او طلباته الختامية كان بحكم. لشخص بملكية عين مع أنه لم يطلب غير حق الانتفاع: بها أو حق الإرتفاق عليها، أو عندما يقضي له باكثر مما طلب كأن بطلي ألف جنيه فيقضي له بالفين أو يطلب الخصم رفض طلب التعويض او الفوائد دون أصل الدين فتقضي المحكمة برفض الجمع افي تقضي لشخص بطلباته الأصلية والإحتياطية معاً أو تقضي بالنفاذ المعجل بغير طلب من الخصم (محمد و عبدالوهاب العشماوي - بند 1306 ص 939)، ولكن لا يقبل الإلتماس إذا قضت المحكمة بشيء لم يطلبه الخصوم، ولكنه يدخل ضمناً في طلباتهم، كما أن الطلبات قد تكون صريحة أو ضمنية، ولذلك إذا طلب الدائن التنفيذ العيني، فوجد القاضي فيه إرهاقاً للمدين وقضى بدلا منه بالتعويض النقدي، فإن هذا القضاء لا بعد قضاء بما لم يطلبه الخصم إذ إن طلب التنفيذ العيني يفترض ضمناً طلب التعويض حالة تعذر التنفيذ. (نقض مدنى 1975/12/3 ، سنة 26 ص 1537 رقم 288 ) .

إذ لا يعتبر ما يدخل في الطلب المطروح قضاء بما لم يطلبه الخصوم، فمثلاً القضاء في الدعوى المرفوعة بطلب تصفية الشركة بحل الشركة وتصفيتها لا يعتبر قضاء بما لم يطلبه الخصوم لأن تصفية الشركة يقتضي حلها (نقض 1979/3/5 ، طعن 24 لسنة 44 قضائية لسنة 30 العدد الأول ص 713)، وإذ كان الريع يعتبر بمثابة تعويض لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثماره ويلزم به من ارتكب فعل النصب، ومن ثم فإن القضاء به لا يجاوز طلب المحكوم له القضاء له بالتعويض عن الغصب ومن بين عناصره مدة الإنتفاع بارضة. (نقض 1983/6/16 ، طعن 108 سنة 50 قضائية).

إذ من القواعد المقررة في فقه المرافعات أن المحكمة تلتزم في حكمها حدود الطلبات المقدمة إليها بحيث يمتنع عليها الحكم في غير ما طلب منها القضاء فيه، فإذا قضت المحكمة بما لم يطلبه الخصوم جاز الطعن في حكمها بالإلتماس كأن تحكم على مدينين بالتضامن إذا كان المحكوم له لم يطلب إلزامهم بالتضامن، أو أن تحكم بالملكية وبالريع إذا اقتصر الخصم على طلب الملكية، أو نحكم بكل الدين على المدين إذا كان الدائن قد طلب الحكم بجزء منه فقط، وكالحكم على شخص شخصياً إذا كان مختصماً في الدعوى باعتباره نائبا عن غيره (رمزی سیف - بند 681 ص 868).

ويلاحظ أن هذا الوجه من وجوه الإلتماس يثير صعوبة، لأنه يصلح أيضاً سبباً للطعن في الحكم بالنقض لأن قضاء المحكمة بما لم يطلبه الخصوم فيه مخالفة للقانون تصلح سبباً للطعن فيه بالنقض، والرأي الذي يميل إليه الفقه والقضاء أنه يجب التفرقة بين وضعين : الأول أن تقضي المحكمة بما لم يطلب منها عامدة مدركة حقيقة ما قدم لها من طلبات، وفي هذه الحالة يكون سبيل الطعن في الحكم هو الطعن بالنقض لأنه لا جدوى من الرجوع إلى نفس المحكمة عن طريق الإلتماس (حامد فهمي ومحمد حامد فهمى - النقض في المواد المدنية والتجارية ص 402 ) ، والثاني أن تحكم المحكمة بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر منه دين قصد منها إلى تجاوز طلبات الخصوم، وإنما كان قضاؤها بما يجاوز طلبات الخصوم نتيجة لعدم إدراكها نطاق الدعوى، وطلبات الخصوم وفي هذه الحالة يكون سبيل الطعن في الحكم هو التماس إعادة النظر لأنه يكفي في هذه الحالة تنبيه المحكمة إلى ما وقع منها من سهو غير . متعمد لتبادر إلى إصلاحه متى تبينت سببه .

ولكن لا يعتبر قضاء بما لم يطلب من المحكمة حكمها بأمر متعلق بالنظام العام لأن الأمور المتعلقة بالنظام العام تعتبر مطروحة على المحكمة، ولو لم يطرحها الخصوم عليها يطلب أو دفع (نقض 1993/2/21 ، الطعنان رقما 888 لسنة 57 قضائية، و 1405 لسنة 58 قضائية)، كما أنه لا يعتبر قضاء بما لم يطلب من المحكمة يجيز الطعن في حكمها أن تحكم بأمر يدخل في سلطتها بمقتضى القانون كالحكم بإجراء من إجراءات التحقيق، أو الحكم من تلقاء نفس المحكمة إذا قضت بعدم إختصاصها بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة عملاً بنص المادة 110. (رمزی سیف بند 681 ص 869 ).

إذ للمحكمة أن تقضي بما يدخل في سلطتها وفقاً للقانون، ولو لم يطلب منها الخصوم ذلك، كالحكم من تلقاء نفسها بإتخاذ إجراء من إجراءات الإثبات، وكذلك لا يعتبر قضاء بما لم يطلبه الخصوم أن تحكم المحكمة بأمر تتضمنه طلبات الخصوم، كما ذكرنا آنفا، كما إذا طلب المدعي الحكم على المدين والضامن، وكان الضامن قد طلب الحكم له على المدين بما عساه يحكم به عليه للمدعي، فحكمت المحكمة بإلزام الضامن وبعدم إختصاصها بالنسبة للمدين، فاستأنف الضامن الحكم، وطلب الحكم على المدين، فلا يعتبر قضاءً بما لم يطلبه الخصوم أن تحكم محكمة الإستئناف بإلغاء الحكم الإبتدائي بعدم الإختصاص لأن طلب الطاعن الحكم على المدين يتضمن حتماً طلب إلغاء الحكم بعدم الاختصاص بالنسبة للمدين (رمزی سيف الإشارة السابقة).

ويلاحظ أن العبرة في تحديد الطلبات هي بالطلبات المطروحة على المحكمة بقصد التحكم بها دون إعتداد بما قدم من الخصوم من مستندات  .

إذا الطلب الذي يقدم للقاضي هو الذي يهدد النزاع، وهو الذي يجب الرجوع إليه لمعرفة إن كان القاضي قد حكم قيما طلبه الخصوم أم جاوزه او أهمل بعضه والمعتبر فی إلتزام الحكم طلبات الخصوم هو عدم مجاوزة القدر المطلوب دون التزام العناصر التي بنى عليها .

السبب السادس للإلتماس : إذا كان منطوق الحكم مناقضاً بعضه لبعض : وفقاً للبند السادس من المادة 241 مرافعات - محل التعليق - يجوز الطعن بالإلتماس إذا كان منطوق الحكم مناقضاً بعضه البعض بمعنى أنه يستحيل التوفيق بين أجزاء المنطوق بحيث يستحيل تنفيذها معاً ، كان تقضي المحكمة بإلزام المدين، وفي نفس الوقت بإجراء المقاصة بين الدين المحكوم به، ودين على الخصم، أو أن تحكم برفض دعوى إستحقاق، وفي نفس الحكم نحكم بإلزام الضامن بالتعويض عن الإستحقاق، أو أن تحكم بإعتماد تقرير الخبير مع القضاء بما يخالف ما ورد في التقرير (رمزي سیف ص 869 وص 870 ، محمد وعبدالوهاب العشماوي - بند 1309 ص 941 )، أو إذا قضت المحكمة ببطلان عمل الخبير، واستندت في ذات الوقت إلى ما جاء بتقريره.

ولكن يلاحظ أن التناقض الذي يصلح سبباً للإلتماس هو التناقض بين أجزاء منطوق الحكم، أما التناقض بين الأسباب بعضها مع البعض الآخر فلا يصلح سبباً للإلتماس، ولكن قد يصلح سبباً للنقض إذا تهاترت الأسباب بحيث أصبح الحكم غير مسبب أو مسبباً تسبيباً غير كاف (نقض 1984/12/24 - طعن 1945، لسنة 50 قضائية، نقض 1975/3/13 ، سنة 26 ص 568)، كذلك لا يصلح سبباً للإلتباس التناقض بين الأسباب والمنطوق، وإنما يعتبر ذلك عيباً في التسبيب مبطلاً للحكم بما يجيز الطعن فيه بالنقض: (إستئناف القاهرة 1962/5/29 ، منشور في المجموعة الرسمية سنة 60  ص 101، رمزي سيف - الإشارة السابقة، أحمد أبو الوفا - المرافعات ص 933).

إذن العبرة أن يتناقض المنطوق بعضه مع البعض الآخر بحيث يجعل تنفيذه مستحيلاً ، فلا يعتد في هذا الصدد بالتناقض بين حكمين كل منهما حائز لقوة لا شيء المحكوم به، ولا بعد بالتناقض بين منطوق الحكم وأسبابه، ولا يعتد بالتناقض بين بعض. أسباب الحكم، والبعض الآخر، وإن كان هذا التناقض قد يؤدي إلى إعتبار الحكم خالياً من الأسباب التي تبرره فيعتبر باطلاً (أحمد أبو الوفا - التعليق ص 939 و ص 937)، مما يجيز الطعن فيه بالنقض كما ذكرنا آنفا.

ويجب أن يقع التناقض في منطوق ذات الحكم المطعون فيه بالإلتماس، فلا يقبل الطعن على الحكم الإستئنافي الذي إقتصر منطوقه على تأييد حكم أول درجة بسبب تناقض منطوق الحكم المستأنف (نقض 1984/3/15 ، طعن 1696 لسنة 48 قضائية سنة 35 - ص 687 ) ، إذ لا يجوز الإلتماس الوقوع تناقض بين حكم محكمة الإستئناف مع منطوق الحكم الإبتدائي.

14- السبب السابع للإلتماس : إذا صدر الحكم على شخص طبيعي أو إعتباري لم يكن ممثلاً تمثيلا صحيحاً في الدعوى، وذلك فيما عدا حالة النيابة الإتفاقية : إذا كان المحكوم عليه في الحكم شخصا إعتبارياً لم يمثله. من له سلطة تمثيله قانوناً أو شخصا طبيعيا لم يتم تمثيله في الخصومة تمثيلاً صحيحاً كأن يكون قاصراً لم يمثله وصيه أو وليه الذي له سلطة تمثيله، ففي مثل هذه الأحوال يجوز الطعن بالإلتماس وفقاً لنص البند السابع من المادة 241 مرافعات - محل التعليق.

وينطبق النص في حالة عدم التمثيل على وجه الإطلاق، وينطبق فتى حالة عدم التمثيل الصحيح، وإنما لا ينطبق النص في حالة تقصیر من يمثل المحكوم عليه في الدفاع عنه مادام تمثيله له صحيحاً، ويندرج تحت حكم الفقرة السابعة من المادة 141 مرافعات - محل التعليق خالة حضور القاصر الجلسة ومباشرة الخصومة دون الوصي عليه، كما يندرج فيها أيضاً حالة عدم حضور ممثل الشخص الطبيعي أو الإعتباري أو عدم حصول الوصي على الإذن الذي قد يستوجبه القانون لرفع الدعوى أو لإجراء الدفاع فيها ما لم ينص القانون على جزاء خاص في هذه الأحوال أحمد أبو الوفا - المرافعات ص 434).

وينطبق نص المادة 7/249 أيضا إذا أعلن بالخصومة في مثل ناقص الأهلية أو من في حكمه، ومع ذلك تخلف عن الحضور وصدر الحكم عليه في غيبته، وذلك لأن ناقص الأهلية يعتبر غير ممثل في هذه الحالة الامتناع ممثله عن مباشرة مهنته على وجه الإطلاق، (جلاسون ج 2 بند 924 ص 432 ، أحمد أبو الوفا - الإشارة السابقة) .

ولا يقبل الالتماس في كل هذه الأحوال إلا من ناقص الأهلية أو من في حكمه الذي لم يكن ممثلاً تمثيلاً صحيحاً في الدعوى. ولا يندرج في هذه الحالة عدم صحة الوكالة في الخصومة أو خروج الوكيل عن نطاق وكالته. كما لا يدخل فيها حالة ما إذا كان التمثيل القانوني صحيحا، ولكن الممثل القانوني أهمل في الدفاع عن مصالح الخصم الذي يمثله رمزي سيف - بند 683 ص 780 ، فتحی والی - ص 765 ، وقارن محمد وعبدالوهاب العشماوي بند 1309 حيث يذهبان إلى أن النص يشمل حالة إهمال الممثل القانوني الصحيح في أداء واجبه في الدفاع ولكن عيب هذا الرأي أنه يؤدي إلى تحول الإلتماس إلى طريق طعن عادي بعكس هدف الشارع ، كما أن هذا الرأي لا يتفق مع نص المادة 241 فالنص قاطع في أن سبب الطعن هو العيب في صفة من كان يمثل المحكوم عليه وليس سلوكه في الدعوى).

ويلاحظ البعض أنه قد يغني هذا السبب من أسباب الإلتماس أن الحكم - الصادر ضد من لم يمثل تمثيلاً صحيحاً لا بقوم حجة عليه بما يتيح له التمسك بذلك عند الاحتجاج عليه به، كما أنه يقع باطلاً بما يتيح إستئناف الحكم الإنتهائي عملاً بالمادة 221 مرافعات أو الطعن في الحكم الإستئنافي بالنقض (نبيل عمر - الإلتماس بند 181).

ويقتصر نطاق نص المادة 7/241  - محل التعليق - على النيابة القانونية كنيابة الولي الطبيعي أو الوصي على القاصر أو القيم على المحجور عليه، أو وكيل النائبة او النيابة القضائية كالحارس القضائي والسنديك أي وكيل الدائنين، ولا يمتد حكمها بصريح النص إلى النيابة الاتفاقية أي الوكالة حيث تحكمها القواعد القانونية المتعلقة بالوكالة من حيث انعقادها ونطاقها وأثرها وإنقضائها (نبيل عمر - الإلتماس بند 162 ، 181) ، سواء كان عاماً ام خاصاً وسواء كان شركة أو جمعية أو مؤسسة أو غير ذلك من الأشتاين الإعتبارية وبرجع في تحديد ممثلها وسلطانه إلى سند إنشائها، والقواعد القانونية التي تحكم هذا التمثيل كمال عبدالعزيز ص 1628 وص 1626 ). كما يشمل النص التمثيل القانوني أو القضائي للأشخاص الطبيعيين وفقاً للقواعد القانونية التي تحكم قيام نيابة الغير عن عديم أو ناقص الأهلية ونطاقها وقيودها وأثرها، ويرجع في شأن تحديد نطاق التمثيل القضائي إلى الحكم الذي قضى بذلك، ويعالج النص حالة الحكم، ضد الشخص الإعتباري أو الطبيعى دون ان يكون له بمثل صحيح في الدعوى کصدور، الحكم على الشخص الإعتباري في مواجهة من ليس له سلطة تمثيله، أو صدور الحكم ضد القاصر أو المحجور عليه في غير مواجهة الولى أن الوصي أو القيم، أو ضد ورثة دون مصفي التركة (فتحی والی ص 765)، أو إلى أصحاب الشأن في شأن يختص به الحارس القضائی دون إختصامه كما يعالج حالة التمثيل غير الصحيح كما ذكرنا آنفا، كان توجه الدعوى إلى الشخص الإعتباري لغيري ممثله القانوني أو إذا وجهت إلى ممثله القانوني الذي زالت صفته في تمثيله أثناء نظرها دون إختصام صاحب الصفة الجديد، أو أن توجه الدعوى إلي النائبة القانوني أو القضائي عن الشخص الطبيعي في أمر يخرج أساساً من نطاق النيابة كإختصام الولى على المال مع شأن يتصل بالولاية على النفس أو زوال صفة النائب أثناء نظر الدعوى دون إختصام النائب الجديد. كما يعالج النص حالة مجاوزة نطاق التمثيل أو تخلف أحد الشروط التي يتطلبها القانون لممارسة النائب سلطانه كشرط حصول الوصي على إذن من المحكمة لمباشرة التصرف أو الدعوى، إذ إن نيابة النائب إنما تتجدد بما يملكه قانوناً أو قضاء من سلطات وبالقيود المفروضة على هذه السلطات، ومن ثم تنتفي صفته في تمثيل الأصيل عند مجاوزة تلك السلطات أو مخالفة هذه القيود (كمال عبدالعزيز - الإشارة السابقة).

وتنبغى ملاحظة أنه إذا صدر حكم على شخص طبيعي أو اعتباري لم يكن ممثلاً تمثيلاً صحيحاً في الدعوى، فإن الحكم يكون باطلاً ، فإذا كان الحكم صادراً من محكمة من محاكم الدرجة الأولى في حدود نصابها" الإنتهائي فإنه يكون قابلاً للطعن فيه بالإستئناف عملاً بنص المادة 221  مرافعات مما يحول دون الطعن فيه بالإلتماس .

كذلك إذا كان الحكم صادرة من محاكم الإستئناف التي يجوز الطعن في أحكامها بالنقض، فلا يجوز الطعن فيه بالإلتماس إلا إذا كانت المحكمة قد سهت عما يعيب تمثيل المحكوم عليه وإلا كان سبيل الطعن في الحكم هو الطعن بالنقض تأسيساً على العلي الجامع في أسباب الإلتماس : وهو وقوع سهو أو خطا لو كانت المحكمة قد تنبهت إليه لما وقعت فيه، ولو رفع لها الأمر فيه بعد وقوعه لإستدركته بسحب الحكم الذي أصدرته وإعتاضت عنه بحكم آخر دون مضافة عليها في ذلك (رمزى سيف - بند 683 ص 871 و 872) .

15 - السبب الثامن للإلتماس : إذا كان الحكم حجة على شخص دون أن يكون قد أدخل أو تدخل في الخصومة : وفقاً للبند الثامن من المادة 241 مرافعات - محل التعليق - يجوز الطعن بالإلتماس لمن يعتبر الحكم الصادر في الدعوى حجة عليه، ولم يكن قد أدخل أن تدخل فيها بشرط إثبات غش من كان يمثله أو تواطئه أو إهماله الجسيم، وقد أضاف المشرع في القانون الحالي هذه الحالة من حالات إلتماس إعادة النظر ومقتضاها إنه يجوز لمن صدر عليه حكم يعتبر حجة عليه، ولم يكن قد أبخل أو تدخل في الدعوى لأنه يعتبر ممثلاً في الخصومة، وإن لم يكن خصماً : ظاهر فيها ، وإنما هو ممثلة في الخصومة بواسطة غيره كالدائن الذي يعتبر ممثلاً في الدعوى بمدينه يجوز أن يطعن في الحكم، ويشترط القبول الإلتماس من في هذه الحالة أن يثبت غش من كان يمثل الطاعن أو تواطؤه أو إهماله الجسيم.

وقد كانت هذه الحالة في القانون السابق من حالات إعتراض الخارج عن الخصومة على الحكم الصادر فيها، وإنما رأی واضع القانون الجديد أنها ليست من حالات الاعتراض لأن من صدر عليه الحكم ليس خارجاً عن الخصومة، وإنما هو معتبر ممثلاً في الخصوبة، فهي تظلم من الحكم أقرب إلى الإلتماس منها إلى إعتراض الخارج من الخصومة (المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات الحالي - مشار إليها آنفا)، ولذلك أضاف المشرع هذه الحالة لحالات إلتماس إعادة النظر.

وثمة شروط معينة لقيام هذا السبب من أسباب إلتماس إعادة النظر، ولتحديد هذه الشروط قالت محكمة النقض أنه يشترط لقيام الوجه الثامن من أوجه الإلتماس أن يكون الحكم حجة على المعترض دون أن يكون ماثلاً في الدعوى بشخصه وثانيها أن يثبت غش من كان يمثله أو تواطؤه أو إهماله الجسيم، وثالثها أن تقوم علاقة سببية بين الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم وبين الحكم بحيث يكون هو الذي أدى إلى صدوره على الصورة التي صدر بها. (نقض 1977/1/15 ، طعن 18 سنة 41 قضائية ) .

فينبغي لتحقق هذا السبب من أسباب الإلتماس أن تتوافر الشروط التالية:

1- الشرط الأول : ألا يكون الملتمس طرفاً في الدعوى التي صدر فيها الحكم سواء كان طرفاً أصلياً أو تدخلاً إنضمامياً أو إختصامياً ، فلا يقبل الالتماس إذن من مدعي عليه تغيب عن الحضور في جميع الجلسات أو ممن تدخل في الخصومة تدخلاً إنضمامياً أو إختصامياً ، ولا يجوز الالتماس فمن أدخل في الخصومة بناء على طلب أحد الخصوم أو بناء على أمر من الحكمة ولا يقبل ممن لا يسري عليه الحكم الصادر في الدعوى وحسبه أن يدفع بإنتفاء حجيته في مواجهته. (أحمد أبو الوفا - المرافعات - ص 135).  

ب - الشرط الثاني: أن تمتد حجية الحكم إلى الملتمس أو تنعكس على مركزه القانوني: ومثال ذلك وارث المحكوم عليه أو دائنه، ولو كان دائناً عادياً.  

(نقض 1977/4/13 - في الطعن 16 لسنة 44 قضائية).

أو من يوجد في مركز قانوني معتمد على الحق الذي تناوله الحكم كالمستأجر من الباطن بالنسبة لحكم يقرر بطلان عقد الإيجار الأصلي (فتحي والي - ص 766 والمراجع المشار إليها فيه). ويكفي أن تثبت هذه الصفة وقت رفع الإلتماس.

(نقض 1974/3/6 - سنة 25  ص 584).

ج- الشرط الثالث : أن يكون الطاعن قد لحقه ضرر من هذا الحكم، ولذلك فإنه إذا حصل دائن على حكم ضد مدين له، فليس لدائن آخر إلتماس إعادة النظر إذا كانت أموال المدين كافية للوفاء بحقوق جميع دائنيه (فتحى والي - ص 766 المصادر المشار إليها فيه).

د- الشرط الرابع: أن يثبت غش من إمتدت حجية الحكم منه إلى القطاع أو تواطؤه أو إهماله الجسيم، ويستوي أن يصدر الغش من ممثل، الطاعن أي أن يكون هناك تواطؤ بينه وبين الخصم الآخر إضراراً بالطاعن (نقض 1974/3/26 ، سنة 25 ص 548)، بل إنه يكفي إثبات الطاعن أن هذا «الممثل قد أهمل في الدفاع عن حقه إهمالاً جسيماً ، وتقدير توافي الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم مسالة موضوعية لا تخضع لرقابة محكمة النقض (نقض 1974/3/26 - مشار إليه آنفا، فتحي والي ص : 767 ) أنه يجب إثبات قیام رابطة مغربية بين الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم ومضمون الحكم. أي أن يكون هو الذي أدى إلى صدور الحكم على النحو الذي صدر به. (نقض 1962/1/24 - سنة 14 ص 710 ، فتحى والى الإشارة السابقة).

إذن يشترط أن يثبت الآتي غش من كان يمثله أو تواطئه أو إهماله الجسيم ومثال الغش أن يخلى الخصم مستندات هامة في الدعوى أو أن يحلف اليمين المتممة كذباً . ومثال الإهمال الجسيم أن يهمل في موالاة إجراءات الخصومة فيحكم بإعتبارها كأن لم تكن أو بسقوطها، أو يهمل في إبداء دفوع شكلية أو دفع بعدم القبول، إذا كان قبولها من شأنه أن يؤثر على أصل الحق المدعي به : وإنما لا يعتبر غشاً أو إهمال الإمتناع عن الطعن في الحكم أو الإمتناع عن التمسك بالبطلان (أحمد أبو الوفا - المرافعات ص 935).

هـ - الشرط الخامس: أن يكون الحكم الملتمس فيه صادراً بعد نشوء العلاقة القانونية بين الملتمس والمحكوم عليه. (أحمد ابوالوفا الإشارة السابقة، عبد المنعم الشرقاوي - إعتراض الخارج عن الخصومة على الحكم الصادر فيها - مقال بمجلة القانون والإقتصاد سنة 19 - العددان الأول والثاني) . (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء : الخامس  ،  الصفحة :  8)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الرابع عشر ، الصفحة / 45

أ - التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ:

إِذَا حَصَلَ التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ بِرُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ كُلِّ أَوْ بَعْضِ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِحُضُورِ الْقَاضِي تَكُونُ شَهَادَتُهُمْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ، وَلاَ يَصِحُّ الْحُكْمُ بِمُوجَبِ

شَهَادَتِهِمْ؛ لأِنَّ الشُّهُودَ لَمَّا أَكْذَبُوا أَنْفُسَهُمْ بِالرُّجُوعِ تَنَاقَضَ كَلاَمُهُمْ، وَالْقَضَاءُ بِالْكَلاَمِ الْمُتَنَاقِضِ لاَ يَجُوزُ؛ لأِنَّهُ لاَ يَدْرِي أَصَدَقُوا فِي الأْوَّلِ أَمْ فِي الثَّانِي، وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يَحْكُمُ بِمُوجَبِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ؛ لأِنَّهَا قَدْ أُدِّيَتْ فَلاَ تَبْطُلُ بِرُجُوعِ مَنْ شَهِدَ بِهَا كَمَا لَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ بَعْدَ الْحُكْمِ.

ب - التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الاِسْتِيفَاءِ:

إِذَا وَقَعَ التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الاِسْتِيفَاءِ فَيُنْظَرُ: إِذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ عُقُوبَةً كَالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ لَمْ يَجُزِ اسْتِيفَاؤُهُ، فَعَلَيْهِ إِذَا رَجَعَ الشُّهُودُ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْقَتْلِ الْعَمْدِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ إِنْفَاذِهِ فَلاَ يَنْفُذُ وَلاَ يَجْرِي الْحُكْمُ؛ لأِنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَرُجُوعُ الشُّهُودِ مِنْ أَعْظَمِ الشُّبُهَاتِ؛ وَلأِنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ عُقُوبَةٌ وَلَمْ يَتَعَيَّنِ اسْتِحْقَاقُهَا وَلاَ سَبِيلَ إِلَى جَبْرِهَا فَلَمْ يَجُزِ اسْتِيفَاؤُهَا كَمَا لَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ قَبْلَ الْحُكْمِ.

أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مَالاً فَيُسْتَوْفَى وَلاَ يُنْقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي. لأِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحُكْمُ بِالْكَلاَمِ الْمُتَنَاقِضِ غَيْرَ جَائِزٍ، فَلاَ يَجُوزُ أَيْضًا نَقْضُ الْحُكْمِ بِهِ؛ وَلأِنَّ الْكَلاَمَيْنِ الْمُتَنَاقِضَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ فِي الدَّلاَلَةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَقَدْ رَجَحَ الأْوَّلُ عَلَى الثَّانِي بِاتِّصَالِهِ بِالْقَضَاءِ، وَالْمَرْجُوحُ لاَ يُعَارِضُ الرَّاجِحَ فَلاَ يَخْتَلُّ الْحُكْمُ وَلاَ يُنْقَضُ؛ وَلأِنَّ رُجُوعَ الشُّهُودِ عَنِ الشَّهَادَةِ إِقْرَارٌ مِنْهُمْ بِأَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا سَبَبًا لِضَيَاعِ الْمَالِ وَلِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِمْ، إِلاَّ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ إِقْرَارُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ صَحِيحًا وَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ أَفْسَقَ النَّاسِ، إِلاَّ أَنَّ إِقْرَارَهُ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَوْ كَانَ أَعْدَلَ النَّاسِ، فَلِذَلِكَ وَإِنْ صَحَّ الرُّجُوعُ الْمَذْكُورُ فِي حَقِّ الشَّاهِدِ إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ فِي حَقِّ الْغَيْرِ أَيْ فِي حَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.

هَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْفُتْيَا مِنْ عُلَمَاءِ الأْمْصَارِ.

وَحُكِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالأْوْزَاعِيِّ أَنَّهُمَا قَالاَ: يُنْقَضُ الْحُكْمُ إِذَا اسْتَوْفَى الْحَقَّ؛ لأِنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمَا، فَإِذَا رَجَعَا زَالَ مَا يَثْبُتُ بِهِ فَنُقِضَ الْحُكْمُ، كَمَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمَا كَانَا كَافِرَيْنِ.

ج - التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ الاِسْتِيفَاءِ:

إِذَا وَقَعَ التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ الاِسْتِيفَاءِ فَإِنَّهُ لاَ يُبْطِلُ الْحُكْمَ وَلاَ يَلْزَمُ الْمَشْهُودَ لَهُ شَيْءٌ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مَالاً أَوْ عُقُوبَةً؛ لأِنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَمَّ بِاسْتِيفَاءِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَوُصُولِ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الشُّهُودِ فِي الْجُمْلَةِ.

وَلِلْفُقَهَاءِ تَفَاصِيلُ فِي مُخْتَلَفِ مَسَائِلِ الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ وَتَضْمِينِ الشُّهُودِ بِسَبَبِ رُجُوعِهِمْ تُنْظَرُ فِي أَبْوَابِ الْبَيِّنَاتِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ وَفِي مُصْطَلَحَيْ (شَهَادَةٌ، ضَمَانٌ).

التُّهْمَةُ فِي الشَّهَادَةِ:

أَصْلُ رَدِّ الشَّهَادَةِ، وَمَبْنَاهُ التُّهْمَةُ: وَالشَّهَادَةُ خَبَرٌ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ، وَحُجَّتُهُ بِتَرَجُّحِ جَانِبِ الصِّدْقِ فِيهِ، فَإِذَا شَابَتِ الْحُجَّةَ شَائِبَةُ التُّهْمَةِ ضَعُفَتْ، وَلَمْ تَصْلُحْ لِلتَّرْجِيحِ.

وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ مُتَّهَمٍ».

أَسْبَابُ تُهْمَةِ الشَّاهِدِ

مِنْ أَسْبَابِ تُهْمَةِ الشَّاهِدِ:

مَا يَرْجِعُ لِمَعْنًى فِي نَفْسِ الشَّاهِدِ كَالْفِسْقِ إِذَا ثَبَتَ؛ لأِنَّ مَنْ لاَ يَنْزَجِرُ عَنْ غَيْرِ الْكَذِبِ مِنْ مَحْظُورَاتِ دِينِهِ فَلاَ يُؤْمَنُ أَلاَّ يَنْزَجِرَ عَنِ الْكَذِبِ فِي الشَّهَادَةِ، فَلاَ تَحْصُلُ بِشَهَادَتِهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ.وَلِلتَّفْصِيلِ يُرْجَعُ إلَى (فِسْقٌ).

وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى مَعْنًى فِي الْمَشْهُودِ لَهُ: كَالإْيثَارِ لِلْقَرَابَةِ.

وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى خَلَلٍ فِي التَّمْيِيزِ وَإِدْرَاكِ الأْمُورِ عَلَى حَقِيقَتِهَا: كَالْغَفْلَةِ وَالْعَمَى، وَالصِّبَا وَنَحْوِ ذَلِكَ.

هَذَا وَلَمْ نَقِفْ عَلَى خِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي رَدِّ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ بِتُهْمَةِ الْكَذِبِ.

وَلَمْ يَخْتَلِفْ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِي رَدِّ شَهَادَةِ كُلِّ مَنْ لَهُ مَصْلَحَةٌ فِي مَوْضُوعِ الشَّهَادَةِ بِتُهْمَةِ جَرِّ النَّفْعِ لِنَفْسِهِ أَوْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا، كَالشَّرِيكِ فِيمَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ، وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ عَلَى عَمَلٍ قَامَ بِهِ هُوَ كَمَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ قَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ يَتَحَمَّلُونَهُ، وَشَهَادَةُ الْغُرَمَاءِ بِفِسْقِ شُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ وَذَلِكَ بِتُهْمَةِ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ النَّفْسِ.وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ: (شَهَادَةٌ).

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الحادي والأربعون ، الصفحة / 166

شَهَادَةُ الزُّورِ:

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْقَضَاءَ يَنْفُذُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إِذَا كَانَ الْمَحَلُّ قَابِلاً، وَالْقَاضِي غَيْرُ عَالِمٍ بِزُورِهِمْ. وَذَلِكَ فِي الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، وَالْفُسُوخِ كَالإِْقَالَةِ وَالطَّلاَقِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه  لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ: شَاهِدَاكِ زَوَّجَاكِوَقَالَ الصَّاحِبَانِ وَزُفَرُ: يَنْفُذُ ظَاهِرًا فَقَطْ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، لأِنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ حُجَّةٌ ظَاهِرًا لاَ بَاطِنًا، فَيَنْفُذُ الْقَضَاءُ كَذَلِكَ؛ لأِنَّ الْقَضَاءَ يَنْفُذُ بِقَدْرِ الْحُجَّةِ.

أَمَّا إِذَا عَلِمَ الْقَاضِي بِكَذِبِ الشُّهُودِ فَلاَ يَنْفُذُ حُكْمُهُ أَصْلاً.

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يُنْقَضُ الْحُكْمُ إِنْ ثَبَتَ بَعْدَ الْحُكْمِ كَذِبُهُمْ إِنْ أَمْكَنَ، وَذَلِكَ قَبْلَ الاِسْتِيفَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتِ الْكَذِبُ إِلاَّ بَعْدَ الاِسْتِيفَاءِ لَمْ يَبْقَ إِلاَّ غُرْمُ الشُّهُودِ الدِّيَةَ أَوِ الْمَالَ، وَلاَ يَتَأَتَّى نَقْضُ الْحُكْمِ.

وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: إِذَا ثَبَتَ كَوْنُ الشُّهُودِ شُهُودَ زُورٍ وَجَبَ نَقْضُ الْحُكْمِ.

انْظُرْ: (شَهَادَة الزُّورِ ف 8 - 9).

 الرُّجُوعُ عَنِ الشَّهَادَةِ:

 لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي عَدَمِ نَقْضِ الْحُكْمِ إِذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ وَكَانَ رُجُوعُهُمْ بَعْدَ الْحُكْمِ إِنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ فِيهِ مِنَ الأْمْوَالِ، أَمَّا إِنْ كَانَ الْحُكْمُ فِي قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَكَانَ رُجُوعُ الشُّهُودِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الاِسْتِيفَاءِ فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ لِحُرْمَةِ الدَّمِ وَلِقِيَامِ الشُّبْهَةِ، وَإِذَا كَانَ بَعْدَ الاِسْتِيفَاءِ فَلاَ يُنْقَضُ الْحُكْمُ، وَيُلْزَمُ الشُّهُودُ بِالضَّمَانِ أَوِ الْقَصَاصِ حَسَبَ الأْحْوَالِ.

وَتَفْصِيلُ مَا يُرْجَعُ بِهِ عَلَى الشُّهُودِ فِي الأْمْوَالِ وَالْجِنَايَاتِ وَغَيْرِهَا يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِ (شَهَادَة ف 48، وَرُجُوع ف 37، وَضَمَان ف 142).

شَهَادَةُ الأْصْلِ لِفَرْعِهِ وَعَكْسُهُ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِلآْخَرِ:

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الأْصْلِ لِفَرْعِهِ، وَالْفَرْعُ لأِصْلِهِ.

وَيَرَى الْجُمْهُورُ عَدَمَ قَبُولِ شَهَادَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلآْخَرِ، خِلاَفًا لِلشَّافِعِيَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِقَبُولِهَا لاِنْتِفَاءِ التُّهْمَةِ.

وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ ظَهَرَ أَنَّ الشَّاهِدَ ابْنُ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ وَالِدُهُ، وَالْقَاضِي لاَ يَرَى الْحُكْمَ بِهِ نَقَضَهُ بَعْدَ إِثْبَاتِ السَّبَبِ وَلَمْ يُنَفِّذْهُ لأِنَّهُ حُكْمٌ بِمَا لاَ يَعْتَقِدُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يَرَى الْحُكْمَ بِهِ لَمْ يَنْقُضْهُ لأِنَّهُ يَحْكُمُ بِمَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ فِيمَا هُوَ سَائِغٌ فِيهِ، أَشْبَهَ بَاقِيَ مَسَائِلِ الْخِلاَفِ، وَهَذَا إِذَا كَانَ الْقَاضِي مُجْتَهِدًا.

الدَّفْعُ مِنَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً لَمْ يَعْلَمْهَا:

إِذَا قَالَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ: لَدَيَّ بَيِّنَةٌ لَمْ أَعْلَمْهَا قَبْلَ الْحُكْمِ وَطَلَبَ سَمَاعَهَا وَنَقْضَ الْحُكْمِ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَلاَ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، فَقَدْ سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى دَيْنًا فِي تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَصَدَّقَهُ الْوَارِثُ فِي ذَلِكَ وَضَمِنَ لَهُ إِيفَاءَ الدَّيْنِ، ثُمَّ ادَّعَى الْوَارِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ كَانَ قَضَى الْمَالَ فِي حَيَاتِهِ وَأَرَادَ إِثْبَاتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، قَالَ: لاَ تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلاَ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُسْمَعُ مِنْ بَيِّنَتِهِ، فَإِنْ شَهِدَتْ بِمَا يُوجِبُ الْفَسْخَ فُسِخَ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: لاَ يُسْمَعُ مِنْهَا، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إِنْ قَامَ بِهَا عِنْدَ ذَلِكَ الْقَاضِي الْحَاكِمِ نَقَضَهُ، وَإِنْ قَامَ عِنْدَ غَيْرِهِ لَمْ يَنْقُضْهُ.

وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بَعْدَ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي وَتَعْدِيلِهَا فَقَدْ أَقَامَهَا فِي أَوَانِ إِقَامَتِهَا، فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا حَتَّى قَضَى الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي وَسَلَّمَ الْمَالَ إِلَيْهِ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يُسْنِدِ الْمِلْكَ إِلَى مَا قَبْلَ إِزَالَةِ الْيَدِ فَهُوَ الآْنَ مُدَّعٍ خَارِجٌ، وَإِنْ أَسْنَدَهُ وَاعْتَذَرَ بِغَيْبَةِ الشُّهُودِ وَنَحْوِهَا فَهَلْ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَهَلْ تُقَدَّمُ بِالْيَدِ الْمُزَالَةِ بِالْقَضَاءِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا نَعَمْ، وَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ الأَْوَّلُ لأَِنَّهَا إِنَّمَا أُزِيلَتْ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ، وَقَدْ ظَهَرَتِ الْحُجَّةُ، فَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْحُكْمِ لِلْمُدَّعِي وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ إِلَيْهِ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ وَقُدِّمَتْ عَلَى الصَّحِيحِ لِبَقَاءِ الْيَدِ حِسًّا.

ي- إِذَا لَمْ يُعَيَّنِ الْقَاضِي مِنْ قِبَلِ وَلِيِّ الأْمْرِ:

إِذَا اتَّفَقَ أَهْلُ بَلَدٍ قَدْ خَلاَ مِنْ قَاضٍ عَلَى أَنْ يُقَلِّدُوا عَلَيْهِمْ قَاضِيًا، فَإِنْ كَانَ إِمَامُ الْوَقْتِ مَوْجُودًا بَطَلَ التَّقْلِيدُ، وَمِنْ ثَمَّ تَبْطُلُ جَمِيعُ أَحْكَامِهِ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ ثَمَّةَ إِمَامٌ صَحَّ التَّقْلِيدُ وَنُفِّذَتْ أَحْكَامُهُ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ تَجَدَّدَ بَعْدَ نَظَرِهِ إِمَامٌ لَمْ يَسْتَدِمِ النَّظَرَ إِلاَّ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يُنْقَضْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْكَامِهِ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.

وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (قَضَاء ف 23).