سرعة الفصل في الدعوى :
أوجب المشروع على المحكمة الفصل في الدعوى إذا لم يحضر المدعى ولا المدعى عليه متى كانت صالحة للحكم فيها وذلك إذا كان الخصوم قد أبدوا أقوالهم فيها وإلا قررت المحكمة شطب الدعوى وتحكم المحكمة في الدعوى كذلك إذا غاب المدعي في الجلسة الأولى وحضر المدعى عليه (مادة 81 من المشروع) . بل أن غياب المدعى عليه في الجلسة الأولى لا يمنع من الفصل في الدعوى اذا كان قد اعلن لشخصه وهو ما يتحقق به عمله بقيام الدعوى أو كانت الدعوى من الدعاوى المستعجلة (المادة 83 من المشروع) أما في القانون القائم فانه اذا لم يحضر المدعي ولا المدعى عليه أو حضر المدعى عليه وحده ولم يبد طلبات ما شطبت الدعوى ولم يكن القانون القائم يجيز الفصل في غيبة المدعى عليه المتخلف في الجلسة الأولى إلا في الدعاوى المستعجلة .
كما عمد المشروع إلى تقصير مواعيد المرافعات منعا لتراكم القضايا أمام المحاكم دون إخلال بما تقتضيه العدالة من ضمانات ومن ذلك تقصير المدة التي تبقى فيها الدعوى قائمة بعد شطبها من ستة شهور الى ستين يوماً وذلك لحفز الخصوم على تعجيل السير في الدعوى منعاً لتراكم الدعاوى أمام القضاء بحيث إذا انقضت مدة الستين يوماً بعد الشطب ولم يطلب أحد من الخصوم السير في الدعوى فانها تعتبر کأن لم تكن (مادة 81 من المشروع ) ومنها تقصير مواعيد الطعن في الأحكام إلى ثلاثين يوماً سواء في الإستئناف أو إلتماس إعادة النظر وفي إستئناف المواد المستعجلة حدد ميعاد الإستئناف بعشرة أيام وقد كانت هذه المواعيد في القانون القائم ستين يوماً بالنسبة إلى الإستئناف وإلتماس إعادة النظر وفي المواد المستعجلة خمسة عشر يوماً (المادتان 227 ، 242 من المشروع) .
ومن ذلك أيضاً تقصير ميعاد إنقضاء الخصومة إلى ثلاث سنين بدلاً من خمس سنوات في القانون القائم (المادة 140 من المشروع ) ومنها تقصير ميعاد إعتبار أمر الأداء كان لم يكن لعدم إعلانه الى ثلاثة أشهر بدلاً من ستة شهور (المادة 205 من المشروع ) ومنه تقصير میعاد سقوط تسجيل تنبيه نزع الملكية من 240 يوماً إلى 90 يوما (المادة 414 من المشروع) .
کما رأى المشروع رفع النصاب الإنتهائي للقاضي الجزئي إلى 150 جنيهاً ونصابه الإبتدائي الى 500 جنيه بدلاً من 50 جنيها، 250 جنيهاً في القانون القائم عملاً على الفصل في كثير من المنازعات بأحکام نهائية وتقديراً للتغيير الذي طرأ على قوة النقد الشرائية (المادة 42 من المشروع) .
وتحقيقاً لذات الهدف اوجب المشروع أن تتصدى محكمة النقض الموضوع الدعوى إذا ما نقضت الحكم المطعون فيه إذا كان موضوع الدعوى صالحا للفصل فيه أو في شق منه واذا كان الطعن للمرة الثانية ورات محكمة النقض نقض الحكم في حين أن التصدي في الحالة الأولى جوازي في ظل القانون القائم (المادة 296 من المشروع) .
أضاف المشروع إلى المادة 241 منه حالة جديدة كانت من بين حالات إعتراض الخارج عن الخصومة على الحكم في القانون القائم م 1/450 مرافعات إذ رئی أنها في حقيقتها ليست حالة من حالات إعتراض الخارج عن الخصومة وإنما هي تظلم من الحكم من شخص معتبر ممثلاً في الخصومة وإن لم يكن خصماً ظاهراً فيها فيكون التظلم من الحكم أقرب الى الإلتماس في هذه الحالة منه إلى الإعتراض وجعل المشروع بدء الميعاد في الحالة الجديدة التي أضيفت لفقرة ثامنة للمادة 241 من اليوم الذي ظهر فيه الغش أو التواطؤ او الإهمال الجسيم وذلك ليحقق هذا النص حماية المحكوم عليه حماية فعلية م 242 من المشروع .
1- فى قضاء محكمة النقض أن النص فى المادة 241/3 من قانون المرافعات على أن " للخصوم أن يلتمسوا إعادة النظر فى الأحكام الصادرة بصفة انتهائية فى الأحوال الأتية : 1 ............. 2 ........................... 3 إذا كان الحكم قد بُنى على شهادة شاهد قُضى بعد صدوره بأنها مزورة . " يدل على أن المشرع حدد أسباب إعادة النظر على سبيل الحصر فلا يجوز الخروج عنها أو القياس عليها وذلك لأن الأصل هو أن المحكمة متى فصلت فى نزاع فلا يجوز لها إعادة النظر فيه ، إنما أجاز الشارع لها استثناء فى حالات معينة تصحيح حكمها رجوعاً إلى الحق والعدل وهذه الحالات منها ، إذا بُنى الحكم على شهادة قضى بعد صدوره بأنها مزورة ، ويُشترط لقبول الالتماس فى هذه الحالة أن يُبنى الحكم على شهادة شاهد بحيث تكون هذه الشهادة ذات تأثير على ما ورد فى الحكم ولولا اعتقاد المحكمة بصحتها ما قضت باتجاه الرأى الذى نحت إليه ، وأن يثبت تزوير هذه الشهادة بحكم من القضاء يصدر بعد صدور الحكم وقبل رفع الالتماس ، فلا يُقبل الالتماس إذا كان بغرض السعى إلى إثبات تزوير الشهادة ، لما كان ذلك ، وكان النص فى المادة 242 من قانون المرافعات بعد أن حدد ميعاد الالتماس بأربعين يوماً أورد أنه لا يبدأ فى الحالة المبينة بالفقرة الثالثة من المادة السابقة إلا من اليوم الذى حكم فيه على شاهد الزور ، فإن مفاد ذلك أن الأمر يتعلق بحجية حكم جنائى
(الطعن رقم 7226 لسنة 74 جلسة 2014/01/12)
2- النص فى المادة 241 من قانون المرافعات على أن " للخصوم أن يلتمسوا إعادة النظر فى الأحكام الصادرة بصفة إنتهائية فى الأحوال الآتية 1، 2، 3، 4 إذا حصل الملتمس بعد صدور الحكم على أوراق قاطعة فى الدعوى كان خصمه قد حال دون تقديمها و فى المادة 242 على ألا يبدأ ميعاد الالتماس فى هذه الحالة " إلا من اليوم الذى ظهرت فيه الورقة المحتجزة ". يدل على أن مناط قبول الالتماس فى هذه الحالة أن تكون الورقة التى يحصل عليها الملتمس بعد صدور الحكم قاطعة فى الدعوى بحيث لو قدمت لغيرت وجه الحكم فيها لمصلحة الملتمس ، وأن تكون قد احتجزت بفعل الخصم أو حال دون تقديمها بالرغم من التزامه قانوناً بذلك، وأن يكون الملتمس جاهلاً أثناء الخصومة وجودها تحت يد حائزها فإذا كان عالماً بوجودها ولم يطلب إلزام حائزها بتقديمها فلا يقبل منه الالتماس، ولما كان البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن أوراق الدعوى خلت مما يفيد ان الشفيعة حالت دون تقديم عقد القسيمة بأن حجزته تحت يدها أو منعت من كان العقد تحت يده من تقديمه، وأن الملتمسه (الطاعنة ) لم تكن تجهل أثناء الخصومة وجود ورقة هذا العقد تحت يد حاجزها بدليل ارتكازها بالسبب الأول من أسباب استئنافها على وقوع هذه القسمة، وكان لهذا الذى أقام الحكم قضاءه عليه أصل ثابت بالأوراق التى خلت من الإدعاء بالتواطؤ محل النعى، كما خلت من أية مطالبة من الطاعنة بإلزام أحد من خصومها بتقديم ورقة عقد القسمة بالرغم من أحقيتها فى ذلك بإعتبارها خلفاً خاصاً للبائعين فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ فى القانون. (الطعن رقم 305 لسنة 58 جلسة 1991/04/23 س 42 ع 1 ص 917 ق 149)إذ كان قضاء الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه، يعتبر وجهاً من وجوه التماس إعادة النظر، إلا أنه إذا لم يشتمل الحكم على الأسباب التي بُنى عليها هذا القضاء فإنه يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - باطلاً عملاً بالمادة 176 من قانون المرافعات ويجوز الطعن فيه بالنقض لوقوع هذا البطلان فيه طبقاً للفقرة الثانية من المادة 248 من ذات القانون.
(الطعن رقم 1314 لسنة 67 جلسة 1999/03/25 س 50 ع 1 ص 461 ق 90)
ميعاد الإلتماس :
ميعاد الإلتماس أربعون يوماً (مادة 242 مرافعات) .
وتختلف الواقعة التي يبدأ منها هذا الميعاد بإختلاف سبب الإلتماس :
(أ) فإذا كان أحد الأسباب الثلاثة الأولى ، فإن الميعاد يبدأ من اليوم الذي ظهر فيه الغش ، أو الذي أقر فيه بالتزوير فاعله أو حكم بثبوته أو الذي حكم فيه على شاهد الزور ، أو اليوم الذي ظهرت فيه الورقة المحتجزة ( 242/ 1 مرافعات) . ولا يقصد بظهور الورقة المحتجزة حيازة الملتمس لها حيازة مادية وإنما يكفي أن تنكشف له الورقة وتصبح في متناول يده بحيث يمكنه الإطلاع عليها.
(ب) وإذا كان السبب هو القضاء بأكثر أو بما لم يطلبه الخصوم أو كون المنطوق مناقضاً بعضه لبعض ، بدأ الميعاد - تطبيقاً للقواعد العامة - من صدور الحكم .
(ج) وإذا كان السبب هو صدور حكم على من لم يمثل تمثيلاً صحيحاً ، فيبدأ الميعاد من إعلان الحكم إلى من يمثل المحكوم عليه تمثيلاً صحيحاً (مادة 242/ 2 مرافعات) ، أو إلى المحكوم عليه نفسه إذا لم يعد في حاجة إلى هذا التمثيل . ويراعي بالنسبة لإعلان الحكم ما سبق من قواعد بالنسبة لإعلان الحكم لبدء ميعاد الطعن .
(د) وإذا كان السبب هو غش أو تواطؤ أو إهمال جسيم من «ممثل» من امتدت إليه حجية الحكم ، بدأ الميعاد من ظهور هذا الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم (مادة 242/ 3 مرافعات) .
على أنه يلاحظ أنه أياً كان سبب الإلتماس – بإستثناء السبب الأخير - فإن الميعاد لا يبدأ إلا من إعلان الحكم في الحالات التي - وفقاً لما سبق فی القواعد العامة - لا يبدأ الميعاد إلا من هذا الإعلان ، إذا كان هذا الإعلان قد حدث بعد إكتشاف الواقعة سبب الإلتماس.
فإذا إنقضى ميعاد الإلتماس سقط الحق فيه وفقاً للقواعد العامة. كما يسقط هذا الحق أيضاً في حالة قبول الحكم . على أن هذا القبول لا ينتج أثره إلا إذا كان لاحقاً لظهور العيب سبب الإلتماس . (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 606)
ميعاد الطعن بإلتماس إعادة النظر:
إلتماس إعادة النظر طریق من طرق الطعن في الأحكام، يخضع من حيث الشكل للأحكام العامة المقررة في شأنها ، وللأحكام الخاصة المقررة في شأن هذا الطريق. ولا ينشأ الحق في الطعن إلا إذا توافرت الشروط اللازمة لجوازه وقبوله بحيث إذا تخلفت قضت المحكمة بعدم جوازه أو بعدم قبوله وهو ما يعني أن الحق فيه لم ينشأ ، أما إذا توافرت، نشا الحق في الطعن، ويكون حينئذ معرضاً للسقوط إن لم يحفظ وذلك بإتمام الإجراءات الشكلية خلال الميعاد المحدد للطعن.
وإذ تنص المادة (242) من قانون المرافعات على أن ميعاد إلتماس إعادة النظر أربعون يوماً ، مما يوجب رفعه خلال هذا الميعاد إذا نشأ الحق فيه وإلا سقط هذا الحق.
ويجب على المحكمة قبل بحث ميعاد الإلتماس أن تتحقق أولاً من نشوء حق الملتمس في ولوج هذا الطريق، بتوافر الشروط اللازمة لجوازه ثم توافر حالة من الحالات اللازمة لقبوله، فإن تحققت من توافر ذلك، إنتقلت إلى التصدي للميعاد ، فإن كان قد رفع خلاله، فإنه يكون قد إستوفى مقوماته الشكلية ، ومن ثم تقضي بقبوله شكلاً، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بصدد الحكم في الإلتماس فيما بعد.
ويبدأ ميعاد الالتماس في حالة وقوع غش من المحكوم عليه من اليوم التالي لظهور الغش إذ لا يحتسب اليوم الذي حدثت فيه الواقعة المجرية للميعاد، وينتهي بإنقضاء اليوم الأربعين ما لم يصادف عطلة رسمية فيمتد الأول يوم عمل يلي تلك العطلة وذلك عملاً بالمادة (18) من قانون المرافعات، كما يضاف إليه ميعاد مسافة عملاً بالمادة (16) من ذات القانون.
ولا يتوافر الحق في الإلتماس إلا إذا تحقق الغش بالمعنى والشروط المقررة بالفقرة الأولى من المادة (241) فإن تخلفت تعين القضاء بعدم قبول الإلتماس، وإن توافرت ولم يرفع الإلتماس خلال الأربعين يوماً سالفة البيان، تعين القضاء بسقوط الحق فيه.
وإن رجع سبب الإلتماس إلى تزوير الأوراق التي بني عليها الحكم، بدأ ميعاد الإلتماس من اليوم التالي الذي أقر فيه المحكوم له بتزويرها، فإن كان قد صدر حكم بهذا التزوير، بدأ الميعاد من اليوم التالي لصيرورة هذا الحكم نهائياً وباتاً، والمقرر أن للمحكوم عليه الطعن في الحكم ولو قبل بدء الميعاد المحدد له، وحينئذ يتوقف مصير شكل الالتماس على صيرورة الحكم الصادر بالتزوير نهائياً، فإن ألغى، تعين القضاء بعدم قبول الإلتماس، إذ يتعين على المحكمة التي تنظر الإلتماس في هذه الحالة ألا تتصدى للشكل إلا بعد صيرورة الحكم نهائياً، إذ بهذه الصيرورة ينشأ الحق في الإلتماس، أما إذا ألغى إستئنافياً ، تخلف نشوء الحق مما يوجب القضاء بعدم القبول.
ولا يتوافر الحق في الإلتماس في حالة تزوير الأوراق إلا إذا تحققت كافة الشروط المقررة بالفقرة الثانية من المادة (241) من قانون المرافعات.
وعلى نحو ما تقدم يبدأ ميعاد الإلتماس في حالة الشهادة الزور من اليوم التالي لصدور الحكم النهائي بإدانة الشاهد، ولا ينشأ الحق في الإلتماس لهذا السبب إلا بتوافر الشروط المقررة بالفقرة الثالثة من المادة سالفة البيان.
وإذا رفع الالتماس بعد حصول الملتمس على أوراق قاطعة في الدعوى بعد صدور الحكم الملتمس فيه، بدأ الميعاد من اليوم التالي لظهور تلك الأوراق، والقول في هذه الحالة بقول الملتمس ما لم يقم دليل يخالفه، والعبرة بواقع الحال إن توافر الدليل عليه ولو جاء على خلاف إقرار الملتمس وحينئذ يبدأ ميعاد الإلتماس وفقا لهذا الواقع ولا يعتد بإقرار الملتمس. ولا يتوافر الحق في الإلتماس إلا إذا تحققت الشروط التي أوجبتها الفقرة الرابعة من المادة (241) من قانون المرافعات.
وإذا قضى الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه، أو إذا كان منطوق الحكم مناقضاً بعضه لبعض. كان الالتماس في هذه الحالة مخاصمة القضاء الحكم، ويبدأ میعاده وفقاً للقواعد العامة، والأصل أن يبدأ من تاريخ صدور الحكم، ما لم يكن المحكوم عليه قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات ولم يقدم مذكرة بدفاعه أو كان قد إنقطع تسلسل الجلسات وحينئذ يبدأ الميعاد من تاريخ إعلان الحكم. ولا ينشا الحق في الإلتماس في هذه الحالات إلا إذا توافرت الشروط المقررة لكل منها وفقاً للفقرتين الخامسة والسادسة من المادة (241) سالفة البيان.
وإذا صدر الحكم على شخص طبيعي أو إعتباري لم يكن ممثلاً تمثيلاً صحيحاً في الدعوى وكانت النيابة عنه قانونية أو قضائية فلا يبدأ ميعاد الإلتماس إلا من اليوم التالي لقيام المحكوم له بإعلان الحكم إلى من يمثل المحكوم عليه تمثيلاً صحيحاً، وحتي ينفتح ميعاد الإلتماس يجب أن يتم الإعلان الشخص الممثل القانوني أو القضائي للمحكوم عليه، فإن لم يعلن لشخصه تعين إعلانه في موطنه وفقاً للقواعد المقررة بالمادة (213) من قانون المرافعات، فإن شاب الإعلان البطلان فلا ينفتح الميعاد.
ويبدأ الميعاد بالنسبة لمن تتعدى إليه حجية الحكم من اليوم الذي ظهر فيه الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم، ولا ينشأ الحق في الإلتماس إلا إذا توافرت الشروط المقررة بالبند الثامن من المادة (241) من قانون المرافعات.
فإذا إختصم المدين في الدعوى، وقبل صدور الحكم فيها قضي بإشهار إفلاسه ، ترتب على هذا القضاء فقده لأهلية التقاضي ما يوجب إدخال وكيل الدائنين في الدعوى إن لم يتدخل هو، وإلا كان الحكم صادراً على خصم لم يمثل تمثيلاً صحيحاً في الدعوى، بحيث إن کان صادراً بصفة إنتهائية، جاز الوكيل الدائنين الطعن فيه بإلتماس إعادة النظر، ويبدأ ميعاد هذا الطعن إعتباراً من اليوم التالي لقيام المحكوم له بإعلان الحكم لوكيل الدائنين لشخصه أو في موطنه عملاً بالمادة (213) من قانون المرافعات. ولا تتعدى حجية الحكم في هذه الحالة إلى دائني المحكوم عليه إذ يشترط لذلك أن يكون ماثلاً بشخصه في الدعوى کاملاً لأهلية التقاضي أو ممثلاً تمثيلاً صحيحاً فيها.
ويراعى أن فقد أهلية الأصيل لا يؤدي إلى إنقطاع سير الخصومة وأن الذي يؤدي إلى ذلك هو فقد أهلية من يمثله قانوناً أو قضاءً.
وإذا تبين رفع الإلتماس بعد انقضاء الميعاد على نحو ما تقدم، تعين القضاء بسقوط الحق فيه حتى لو تقدم الملتمس أثناء نظر الإلتماس بدليل على تحقق وجه آخر مما كان يجيز رفع الإلتماس، إذ يتعلق الإلتماس بالوجه الذي بني عليه دون إعتداد بما عداه مما قد يظهر بعد رفع الإلتماس كما لو إستند الملتمس إلى الغش ثم ظهرت أوراق قاطعة في الدعوى. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : السابع ، الصفحة : 228)
وفقاً لنص المادة فإن ميعاد الإلتماس أربعون يوماً والأصل أن ميعاد الطعن في الحكم وفقاً للقواعد العامة يبدأ من يوم صدور الحكم أو من تاريخ إعلانه إلا أنه بالنسبة للإلتماس فإن بداية ميعاد رفعه تختلف بإختلاف الواقعة سبب الإلتماس ، فإذا كان السبب إحدى الحالات المبينة في الفقرات الأربعة من المادة 241 فإن الميعاد يبدأ من اليوم الذي ظهر فيه الغش ، أو الذي أقر فيه بالتزوير مرتكبه أو صدور حكم بثبوته أو حكم فيه على شاهد الزور أو اليوم الذي ظهرت فيه الورقة المحتجزة . ولا يقصد بظهور الورقة المحتجزة حيازة الملتمس لها حيازة مالية وإنما يكفي أن تكشف له الورقة وتصبح في متناول يده بحيث يمكنه الإطلاع عليها .
وبالنسبة للحالتين المنصوص عليها في الفقرتين الخامسة والسادسة من المادة 241 فيبدأ الميعاد طبقاً للقواعد العامة .
ويبدأ الميعاد بالنسبة للحالة المنصوص عليها في الفقرة السابعة من المادة 241 طبقاً للقواعد العامة أيضاً وبذلك تكون بدايته تاريخ إعلان الحكم إلى من يمثل المحكوم عليه تمثيلاً صحيحاً أو إلي المحكوم عليه نفسه إذا أصبح في غير حاجة إلى هذا التمثيل.
وبالنسبة للحالة المبينة في الفقرة الثامنة من المادة 241 فيبدأ الميعاد من الوقت الذي ظهر الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم من ممثل من امتدت إليه حجية الحكم.
وجدير بالذكر أنه فيما عدا الحالة المبينة بالفترة الأخيرة من المادة 241 (الثامنة) فإنه وفقاً للقواعد العامة لا يبدأ إلا من تاريخ إعلان الحكم - وذلك في الحالات التي لا يبدأ إلا من هذا الإعلان - إذا كان هذا الإعلان قد حدث بعد إكتشاف الواقعة سبب الإلتماس .
وغني عن البيان أنه إذا رفع الإلتماس بعد موعده تعين على المحكمة ومن تلقاء نفسها أن تقضي بسقوطه عملاً بالمادة 215 مرافعات .
كذلك لا جدال في أن الإلتماس يسقط الحق فيه أيضاً في حالة قبول الحكم إلا أنه يتعين أن يكون هذا القبول تالیاً لظهور السبب الذي من أجله رفع الإستئناف أما القبول السابق عليه فلا يعتد به .
(الوسيط في قانون القضاء المدني للدكتور فتحي والي طبعة سنة 1993 ص 768 وما بعدها ومرافعات العشماوي بند 1311 ومرافعات الدكتور رمزي سیف بند 719 والتعليق الدكتور أبو الوفا الطبعة الخامسة ص 920).
ويضاف إلى ميعاد المتقدم ميعاد مسافة يحتسب من موطن الملتمس إلى مقر المحكمة المختصة بنظره ويقف ميعاد الإلتماس بما تقف به مواعيد الطعن كما يقف بالأسباب العامة التي توقف مواعيد السقوط كالقوة القاهرة والحائل القانوني إلا أنه إستثناء من القاعدة العامة جعل المشرع ميعاد الطعن بالإلتماس في حالات خاصة عددتها المادة لا يبدأ إلا من الوقت الذي حددته المادة . (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء : السادس ، الصفحة : 707)
ميعاد الطعن بإلتماس إعادة النظر :
ميعاد الطعن بالإلتماس هو أربعون يوماً يبدأ طبقاً للقاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 213 من تاريخ صدور الحكم.
وإنما إذا كان سبب الإلتماس الغش أو تزوير الأوراق التي بني عليها الحكم، أو شهادة الزور، أو الحصول على أوراق قاطعة، فإن الميعاد لا مبدا إلا من اليوم الذي ظهر فيه الغش أو الذي نشبت فيه التزوير، أو الذي حكم فيه على شاهد الزور، از الذي ظهرت فيه الورقة المحتجزة. كذلك إذا كان عيب الإلتماس أن المحكوم عليه لم يكن ممثلاً تمثيلاً صحيحاً ، فإن الميعاد لا يبدأ إلا من اليوم الذي يعلن فيه الحكم على من يقتل المحكوم عليه تمثيلاً صحيحاً إعمالاً للفقرة الثانية من المادة 242 محل التعليق.
ويبدأ الميعاد في الحالة الأخيرة المنصوص عليها في المادة 241 من اليوم الذي ظهر فيه الغش أو التواطؤ أو الإهمال، وذلك إعمالاً للفقرة الأخيرة من المادة 242 محل التعليق.
وحكمة الإستثناء في الحالات المتقدمة تحقيق حماية المحكوم عليه، لأن سبب الإلتماس فيها قد لا يظهر إلا بعد إنقضاء الميعاد - طبقاً للقاعدة العامة - من يوم صدور الحكم، ولكن هذا الإستثناء، مقرر للمحكوم عليه فلا يحرمه من الإستفادة من القاعدة أي من حق الطعن في الميعاد محسوباً من إعلان الحكم في الحالات التي يبدأ فيها الميعاد من الإعلان، ولا يحول دون ذلك إنقضاء الميعاد طبقاً للقاعدة الإستثنائية. فإذا بنی حکم على الغش بعد صدوره وقبل إعلانه، وكان الحكم صادراً في حالة يبدأ ميعاد الطعن فيها من الإعلان، للمحكوم عليه أن يطعن فيه بالإلتماس مادام ميعاد الطعن محسوباً من يوم إعلان الحكم لم ينقض ولو كان قد مضى على ظهور الغش أكثر من أربعين يوماً (حكم محكمة إستئناف أسيوط في 1938/12/19 - منشور في المجموعة الرسمية - سنة 30 ص 53 ، رمزي سيف - بند 685 ص 872) .
إذن وفقاً للمادة 22 مرافعات- محل التعليق . فإن ميعاد الطعن بالإلتماس أربعون يوماً ، ولكن تختلف الواقعة التي يبدأ. منها هذا الميعاد - باختلاف سبب الالتماس وذلك على النحو التالي:
أولاً : إذا كان أحد الأسباب الثلاثة الأولى، فإن الميعاد يبدأ من اليوم الذي ظهر فيه الغش، أو الذي أقر فيه بالتزوير فاعله أو حكم بثبوته أو الذي حكم فيه على شاهد الزور أو اليوم التي ظهرت فيه الورقة المحتجزة (مادة 1/242). ولا يقصد بظهور الورقة المحتجزة حيازة الملتمس لها حيازة مادية وإنما يكفي أن تنكشف له الورقة وتصبح في متناول يده بحيث يمكنه الإطلاع عليها (نقض 1962/6/7 - سنة 13 ص 782 ) .
ثانياً : إذا كان السبب هو القضاء بأكثر أو بما لم يطلبه الخصوم أن كون المنطوق مناقضاً بعضه لبعض، بدا البعاد - تطبيقاً للقواعد العامة - من صدور الحكم.
ثالثاً : إذا كان السبب هو صدور حكم على من لم يمتثل تمثيلاً صحيحاً فيبدأ الميعاد من إعلان الحكم إلى من يمثل المحكوم عليه تمثيلاً صحيحاً (مادة 2/ 242 ) ، أو إلى المحكوم عليه نفسه إذا لم يعد في حاجة إلى هذا التمثيل.
رابعاً : إذا كان السبب هو غش أو تواطؤ أن إهمال جسيم من ممثل من إمتدت إليه حجية الحكم، بذا الميعاد فن ظهور هذا الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم (مادة 3/242 مرافعات).
وتنبغي ملاحظة أنه أياً كان سبب الإلتماس - بإستثناء الحالة الأخيرة فإن الميعاد لا يبدا إلا من إعلان الحكم في الحالات التي - وفقاً للقواعد . العامة . لا يبدأ الميعاد إلا من هذا الإعلان، إذا كان هذا الإعلان قد حدث بعد إكتشاف الواقعة سبب الإلتماس (رمزي سيف - الإشارة السابقة - فتحي والي - ص 768 و ص 769 ). فإذا انقضى میعاد الإلتماس سقط الحق فيه وفقاً للقواعد العامة، كما يسقط هذا الحق أيضاً في حالة قبول الحكم على أن هذا القبول لا ينتج أثره إلا إذا كان لاحقا ظهور العيب سبب الإلتماس (فتحي والی الإشارة السابقة والمراجع المشار إليها - فيه) .وقد حكم بانه إذا رفع الإلتماس بعد الميعاد بالنسبة للسبب الرفيع من أجله، فلا يصحح شكل صحيفة الإلتماس التمسك بسبب آخر لا يزال الميعاد ممتداً بالنسبة له ما دام هذا السبب لم يبد في صحيفة الالتماس .
(نقض 1962/6/7 - سنة 13 ص 782 مشار إليه آنفا).
ويضاف إلى ميعاد الالتماس میعاد مسافة يحتسب من موطن الملتمس إلى مقر المحكمة المختصة ويقف ميعاد الالتماس بما تقف به مواعيد الطعن كما يقف بالأسباب العامة التي توقف مواعيد السقوط كالقوة القاهرة والحائل القانوني (محمد وعبد الوهاب العشماوي بند 1311 ) .
وفي الحالات التي لا يبدأ فيها ميعاد الطعن في الأحكام وفقاً للقواعد العامة إلا منذ تاريخ إعلان الحكم، فإن ميعاد الإلتماس، لا بيده إلا بعد . تاريخ هذا الإعلان متی تم بعد التواريخ التي حددها النص أي بعد ظهور الغش أو الإنذار بتزوير الورقة أو الحكم بتزويرها أو بتزوير الشهادة أو . الحصول على الورقة القاطعة، أما إذا تم الإعلان الحكم قبل تحقق ذلك . فلا يبدأ ميعاد الطعن إلا من تاريخ تحقيقه (فتحی والی - بند 376 ، رمزي سيف - بند 685 نبيل عمر - بند 275 ص. 279، كمال عبد العزيز - ص 1635).
وجدير بالذكر أنه إذا كان الحكم يتوافر بصدده سبب من أسباب الإلتماس وسبب من أسباب النقص وجب الطعن فيه بالنقض، كما إذا أخطأت المحكمة في تطبيق القانون أو لم تسبب حكمها فلا أهمية لقيام سبب الإلتماس (جامد فهمي ومحمد حامد فهمي - النقض في المواد المدنية رقم 116 م 400) لأن الطعن بالإلتماس وحده لا يجدي في هذا الصدد.
وإذا كان قد إنقضى ميعاد الطعن بالنقض في مثل الحكم المتقدم وأغلق سبيل الطعن فيه جاز الطعن فيه بالإلتماس بالإعتداد بالميعاد الذي پبدأ من اليوم الذي ظهر فيه الغش ... إلخ. ويقتصر الطعن بطبيعة الحالة على ما أتصل بسببه المقرر في المادة 241 . (أحمد أبو الوفا التعليق - ص 942 ) . (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء : الخامس ، الصفحة : 69)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الحادي والأربعون ، الصفحة / 166
شَهَادَةُ الزُّورِ:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْقَضَاءَ يَنْفُذُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إِذَا كَانَ الْمَحَلُّ قَابِلاً، وَالْقَاضِي غَيْرُ عَالِمٍ بِزُورِهِمْ. وَذَلِكَ فِي الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، وَالْفُسُوخِ كَالإِْقَالَةِ وَالطَّلاَقِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ: شَاهِدَاكِ زَوَّجَاكِوَقَالَ الصَّاحِبَانِ وَزُفَرُ: يَنْفُذُ ظَاهِرًا فَقَطْ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، لأِنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ حُجَّةٌ ظَاهِرًا لاَ بَاطِنًا، فَيَنْفُذُ الْقَضَاءُ كَذَلِكَ؛ لأِنَّ الْقَضَاءَ يَنْفُذُ بِقَدْرِ الْحُجَّةِ.
أَمَّا إِذَا عَلِمَ الْقَاضِي بِكَذِبِ الشُّهُودِ فَلاَ يَنْفُذُ حُكْمُهُ أَصْلاً.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يُنْقَضُ الْحُكْمُ إِنْ ثَبَتَ بَعْدَ الْحُكْمِ كَذِبُهُمْ إِنْ أَمْكَنَ، وَذَلِكَ قَبْلَ الاِسْتِيفَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتِ الْكَذِبُ إِلاَّ بَعْدَ الاِسْتِيفَاءِ لَمْ يَبْقَ إِلاَّ غُرْمُ الشُّهُودِ الدِّيَةَ أَوِ الْمَالَ، وَلاَ يَتَأَتَّى نَقْضُ الْحُكْمِ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: إِذَا ثَبَتَ كَوْنُ الشُّهُودِ شُهُودَ زُورٍ وَجَبَ نَقْضُ الْحُكْمِ.
انْظُرْ: (شَهَادَة الزُّورِ ف 8 - 9).
الرُّجُوعُ عَنِ الشَّهَادَةِ:
لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي عَدَمِ نَقْضِ الْحُكْمِ إِذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ وَكَانَ رُجُوعُهُمْ بَعْدَ الْحُكْمِ إِنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ فِيهِ مِنَ الأْمْوَالِ، أَمَّا إِنْ كَانَ الْحُكْمُ فِي قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَكَانَ رُجُوعُ الشُّهُودِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الاِسْتِيفَاءِ فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ لِحُرْمَةِ الدَّمِ وَلِقِيَامِ الشُّبْهَةِ، وَإِذَا كَانَ بَعْدَ الاِسْتِيفَاءِ فَلاَ يُنْقَضُ الْحُكْمُ، وَيُلْزَمُ الشُّهُودُ بِالضَّمَانِ أَوِ الْقَصَاصِ حَسَبَ الأْحْوَالِ.
وَتَفْصِيلُ مَا يُرْجَعُ بِهِ عَلَى الشُّهُودِ فِي الأْمْوَالِ وَالْجِنَايَاتِ وَغَيْرِهَا يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِ (شَهَادَة ف 48، وَرُجُوع ف 37، وَضَمَان ف 142).
شَهَادَةُ الأْصْلِ لِفَرْعِهِ وَعَكْسُهُ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِلآْخَرِ:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الأْصْلِ لِفَرْعِهِ، وَالْفَرْعُ لأِصْلِهِ.
وَيَرَى الْجُمْهُورُ عَدَمَ قَبُولِ شَهَادَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلآْخَرِ، خِلاَفًا لِلشَّافِعِيَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِقَبُولِهَا لاِنْتِفَاءِ التُّهْمَةِ.
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ ظَهَرَ أَنَّ الشَّاهِدَ ابْنُ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ وَالِدُهُ، وَالْقَاضِي لاَ يَرَى الْحُكْمَ بِهِ نَقَضَهُ بَعْدَ إِثْبَاتِ السَّبَبِ وَلَمْ يُنَفِّذْهُ لأِنَّهُ حُكْمٌ بِمَا لاَ يَعْتَقِدُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يَرَى الْحُكْمَ بِهِ لَمْ يَنْقُضْهُ لأِنَّهُ يَحْكُمُ بِمَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ فِيمَا هُوَ سَائِغٌ فِيهِ، أَشْبَهَ بَاقِيَ مَسَائِلِ الْخِلاَفِ، وَهَذَا إِذَا كَانَ الْقَاضِي مُجْتَهِدًا.
الدَّفْعُ مِنَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً لَمْ يَعْلَمْهَا:
إِذَا قَالَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ: لَدَيَّ بَيِّنَةٌ لَمْ أَعْلَمْهَا قَبْلَ الْحُكْمِ وَطَلَبَ سَمَاعَهَا وَنَقْضَ الْحُكْمِ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَلاَ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، فَقَدْ سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى دَيْنًا فِي تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَصَدَّقَهُ الْوَارِثُ فِي ذَلِكَ وَضَمِنَ لَهُ إِيفَاءَ الدَّيْنِ، ثُمَّ ادَّعَى الْوَارِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ كَانَ قَضَى الْمَالَ فِي حَيَاتِهِ وَأَرَادَ إِثْبَاتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، قَالَ: لاَ تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلاَ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُسْمَعُ مِنْ بَيِّنَتِهِ، فَإِنْ شَهِدَتْ بِمَا يُوجِبُ الْفَسْخَ فُسِخَ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: لاَ يُسْمَعُ مِنْهَا، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إِنْ قَامَ بِهَا عِنْدَ ذَلِكَ الْقَاضِي الْحَاكِمِ نَقَضَهُ، وَإِنْ قَامَ عِنْدَ غَيْرِهِ لَمْ يَنْقُضْهُ.
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بَعْدَ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي وَتَعْدِيلِهَا فَقَدْ أَقَامَهَا فِي أَوَانِ إِقَامَتِهَا، فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا حَتَّى قَضَى الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي وَسَلَّمَ الْمَالَ إِلَيْهِ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يُسْنِدِ الْمِلْكَ إِلَى مَا قَبْلَ إِزَالَةِ الْيَدِ فَهُوَ الآْنَ مُدَّعٍ خَارِجٌ، وَإِنْ أَسْنَدَهُ وَاعْتَذَرَ بِغَيْبَةِ الشُّهُودِ وَنَحْوِهَا فَهَلْ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَهَلْ تُقَدَّمُ بِالْيَدِ الْمُزَالَةِ بِالْقَضَاءِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا نَعَمْ، وَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ الأَْوَّلُ لأَِنَّهَا إِنَّمَا أُزِيلَتْ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ، وَقَدْ ظَهَرَتِ الْحُجَّةُ، فَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْحُكْمِ لِلْمُدَّعِي وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ إِلَيْهِ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ وَقُدِّمَتْ عَلَى الصَّحِيحِ لِبَقَاءِ الْيَدِ حِسًّا.
ي- إِذَا لَمْ يُعَيَّنِ الْقَاضِي مِنْ قِبَلِ وَلِيِّ الأْمْرِ:
إِذَا اتَّفَقَ أَهْلُ بَلَدٍ قَدْ خَلاَ مِنْ قَاضٍ عَلَى أَنْ يُقَلِّدُوا عَلَيْهِمْ قَاضِيًا، فَإِنْ كَانَ إِمَامُ الْوَقْتِ مَوْجُودًا بَطَلَ التَّقْلِيدُ، وَمِنْ ثَمَّ تَبْطُلُ جَمِيعُ أَحْكَامِهِ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ ثَمَّةَ إِمَامٌ صَحَّ التَّقْلِيدُ وَنُفِّذَتْ أَحْكَامُهُ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ تَجَدَّدَ بَعْدَ نَظَرِهِ إِمَامٌ لَمْ يَسْتَدِمِ النَّظَرَ إِلاَّ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يُنْقَضْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْكَامِهِ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (قَضَاء ف 23).