loading

موسوعة قانون المرافعات

الأحكام

1- لما كان الحكم المطعون فيه رقم.... محلا للطعن بالنقض فى الطعن رقم... وقضت محكمة النقض بتاريخ.... بعدم قبول الطعن، وإذ عادت الطاعنة وطعنت على الحكم المطعون فيه أمام محكمة الاستئناف التي أصدرته بالتماس إعادة النظر، وكان يتعين عليها أن تقضي فى الالتماس بعدم جوازه لما فى ذلك من مساس بحجية الحكم الصادر من محكمة النقض وإذ خالفت هذا النظر وتصدت لبحث مدى توافر أوجه الالتماس وانتهت بحكمها محل الطعن الماثل إلى عدم قبول الالتماس بما كان يتعين معه نقض الحكم إلا أنه ولما كان عدم قبول الالتماس وعدم جوازه يتساويان فى النتيجة بما لا يتحقق معه نقض الحكم سوى مجرد مصلحة نظرية بحتة فإنه يتعين الحكم برفض الطعن دون حاجة لبحث أسبابه.

(الطعن رقم 61 لسنة 69 جلسة 1999/10/26 س 50 ع 2 ص 1041 ق 204)

2- لما كان الثابت من الحكم الصادر فى الدعوى التماس إعادة النظر رقم 174 لسنة 15 ق استئناف الإسماعيلية المرفوع من الطاعن ضد نفس المطعون عليهم فى الطعن الماثل عن ذات الحكم بتاريخ1990/2/8 فى الاستئناف رقم 259 سنه 14 ق الإسماعيلية - المطعون عليه بالنقض - أنه قضى بتاريخ 1994/7/19 م بإلغاء الحكم الملتمس فيه فيما قضى به من تأييد الحكم المستأنف الصادر فى الدعوى رقم 1188 سنه 1986 مدنى كلى الإسماعيلية والحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم بانتهاء الدعوى، وكان قضاء محكمة الالتماس بإلغاء الحكم الملتمس فيه يترتب عليه زواله واعتباره كأن لم يكن ومن ثم فإن الطعن الماثل يكون قد زال محله ولم تعد هناك خصومة بين طرفية بما يتعين معه القضاء باعتبارها منتهية.

(الطعن رقم 964 لسنة 60 جلسة 1995/03/12 س 46 ع 1 ص 465 ق 92)

3- المحكمة وهى تنظر خصومة إلتماس إعادة النظر يتعين عليها أولاً- ومن تلقاء نفسها أن تتحقق من أن الطعن بالإلتماس قد رفع فى ميعاده صحيحاً من ناحية الشكل ومتعلقاً بحكم إنتهائى مبنيا على إحدى الأسباب التى وردت على سبيل الحصر بنص المادة241من قانون المرافعات، وعليها ومن تلقاء نفسها أن تقضى بعدم قبول الإلتماس إذا مت ظهر لها أنه لم بن على سبب من الأسباب التى حددها القانون

(الطعن رقم 888 لسنة 57 جلسة 1993/02/21 س 44 ع 1 ص 662 ق 110)

4- تقدير عناصر الغش إثباتا ونفيا من المسائل التى تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ما دامت تستند فى هذا التقدير إلى اعتبارات سائغة لها أصلها الثابت، ومن شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى خلصت إليها بما يكفى لحمل قضائها.

(الطعن رقم 2608 لسنة 56 جلسة 1992/06/21 س 43 ع 1 ص 832 ق 173)

5- مفهوم نص المادة 245 من قانون المرافعات أن الخصومة فى الالتماس تمر بمرحلتين إذ يتعين على المحكمة أن تتحقق أولا من أن الطعن بالالتماس قد رفع فى ميعاده صحيحاً من ناحية الشكل ومتعلقا بحكم انتهائى ومبنيا ومبينا على أحد الأسباب التى نص عليها القانون على سبيل الحصر وتنتهى هذه المرحلة إما بالحكم بعدم قبول الالتماس وإما أن تحكم بقبوله وفى هذه الحالة الأخيرة يترتب على هذا الحكم زوال الحكم الملتمس فيه واعتباره كأن لم يكن فى حدود ما دفع عنه الطعن وتبدأ المرحلة الثانية وهى الحكم فى موضوع الدعوى من جديد.

(الطعن رقم 2608 لسنة 56 جلسة 1992/06/21 س 43 ع 1 ص 832 ق 173)

6- القضاء فى طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بالتطبيق للمادة 251 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو قضاء وقتى لا يحوز قوة الأمر المقضى لأن الفصل فيه إنما يستند إلى ما تتبينه المحكمة من جسامة الضرر الذى يخشى وقوعه من التنفيذ وامكان تداركه وليس لهذا الحكم من تأثير على الفصل فى الطعن آخر يتردد بين الخصوم أنفسهم مهما كان الارتباط بين المخصومتين ومن ثم فليس للطاعنين أن يتحديا بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم 164 سنه 40ق.

(الطعن رقم 1078 لسنة 54 جلسة 1992/01/05 س 43 ع 1 ص 107 ق 26)

7- إعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تجديدها من الشطب فى الميعاد القانونى ولم يطلب المدعى السير فيها وفقاً لنص المادة 82 من قانون المرافعات، وكذلك سقوط الخصومة فى حالة عدم السير فى الدعوى بفعل المدعى أو إمتناعه المنصوص عليه فى المادة 134 من القانون سالف الذكر لونان من ألوان الجزاء قررهما المشرع لحكمة واحدة وهى تقصير المدعى فى موالاة السير فى الدعوى وحثه على متابعة إجراءاتها حتى لا تتراكم الدعاوى أمام المحاكم، الأمر الذى يقتضى توحيد الأثر المترتب بالنسبة للجزائين، ولم اكان المشرع قد رتب فى المادة 137 من قانون المرافعات على الحكم بسقوط الخصومة إلغاء جميع إجراءاتها بما فى ذلك صحيفة الدعوى إلا أنه مع ذلك لم يسقط الأحكام القطعية الصادرة فيها ولا الإجراءات السابقة على تلك الأحكام، وأجاز للخصوم التمسك بها ما لم تكن باطلة فى ذاتها، فإن هذه الأحكام تسرى بدورها فى حالة إعتبار الدعوى كأن لم تكن، إذ ليس فى نصوص قانون المرافعات ما يمنع من تطبيقها أو يدل على أن المشرع أراد أن يرتب على إعتبار الدعوى كأن لم تكن أثاراً أشد من الآثار التى رتبها على سقوط الخصومة كما أن الحكمة التى أملت على المشرع تقرير هذه الأحكام بالنسبة لسقوط الخصومة تتحقق كذلك فى حالة إعتبار الدعوى كأن لم تكن التى وإن يترتب عليها إلغاء إجراءاتها إلا أنه لا يسقط الحق فى الأحكام القطعية الصادرة فيها - والحكم القطعى هو الذى يضع حداً للنزاع فى جملته أو جزء منه أو فى مسألة فرعية عنه بفصل حاسم لا رجوع فيه من جانب المحكمة التى أصدرته، ومفاد نص المادة 138 من القانون سالف البيان أنه متى حكم بسقوط الخصومة فى إلتماس إعادة النظر قبل الحكم بقبول الإلتماس يترتب عليه سقوط الإلتماس ذاته أما بعد الحكم بقبول الإلتماس فتسرى القواعد السالفة الذكر.

(الطعن رقم 3327 لسنة 60 جلسة 1991/07/24 س 42 ع 2 ص 1482 ق 230)

8- مؤدى نصوص المواد من 241 وحتى 247 من قانون المرافعات والتى تحكم الطعن بطريق التماس إعادة النظر أن الأصل فى نظر الطعن أن الفصل فيه يمر على مرحلتين تقتصر أولاهما على التحقق من توافر شرائط قبوله الشكلية والموضوعية وتتناول الثانية الفصل فى الطلبات الموضوعية التى تناولها الالتماس، ومع ذلك يجوز للمحكمة أن تحكم فى قبول الالتماس وفى الموضوع بحكم واحد إذا كان الخصوم قد قدموا أمامها طلباتهم فى الموضوع، وكانت الغاية التى يستهدفها الملتمس من سلوكه طريق التماس إعادة النظر هو محو الحكم الملتمس فيه ليعود مركز فى الخصومة إلى ما كان عليه قبل صدوره حتى يتمكن من مواجهة النزاع والفصل فيه من جديد .

(الطعن رقم 2863 لسنة 57 جلسة 1991/01/10 س 42 ع 1 ص 156 ق 29)

9- القضاء فى طلب وقف تنفيذ الحكم الملتمس فيه هو قضاء وقتى لا يحوز - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوة الأمر المقضى لأن الفصل فى هذا الطلب إنما يستند إلى ما يبدو للمحكمة من ظاهر أوراق الدعوى بما يخولها أن تعدل عند الفصل فى الموضوع عن رأى إرتأته وقت الفصل فى هذا الطلب إذ ليس لحكمها فيه أى تأثير على الفصل فى الموضوع .

(الطعن رقم 1758 لسنة 50 جلسة 1984/05/17 س 35 ع 1 ص 1338 ق 257)

شرح خبراء القانون

نظر الإلتماس :

يمر نظر الإلتماس على مرحلتين ، وتختلف سلطات وواجبات المحكمة والخصوم في المرحلتين :

(أ) مرحلة قبول إعادة النظر :

وفي هذه المرحلة ينحصر نطاق القضية في البحث في قبول الطعن أو عدم قبوله أو رفضه ، فتبحث المحكمة فيما إذا كان الطعن قد رفع خلال الميعاد وفي الشكل القانوني، وما إذا كان - بین الأسباب التي تشتمل عليها الصحيفة - يوجد سبب يبرر إعادة النظر ، وما إذا كان بين السبب والحكم المطعون فيه رابطة سببية بحيث أنه لولا الغش أو إخفاء المستند ... إلخ ما صدر الحكم على النحو الذي صدر به. فليس للقاضي أو الخصوم - في هذه المرحلة - مناقشة القضية التي صدر فيها الحكم سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون. والأصل أن ينحصر البحث في أسباب إعادة النظر التي تشتمل عليها الصحيفة ، ولكن تطبيقاً لمبدأ الإقتصاد في الإجراءات يرى بعض الفقهاء أنه يجوز للطاعن التمسك - أثناء هذه المرحلة - بأسباب جديدة لإعادة النظر ، وذلك حتى لا يضطر إلى التمسك بها في خصومة لاحقه . على أنه يجب لهذا أن يكون ميعاد الطعن بالنسبة لهذه الأسباب لازال قائماً وأن يكون الطعن قد رفع صحيحة في الميعاد .

وإذا رأت المحكمة قبول إعادة النظر ، فإنها تحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعتباره كأن لم يكن وتحدد جلسة للمرافعة في الموضوع ، ولا حاجة لإعلان الخصوم بها ، ولا يجوز الطعن في هذا الحكم إستقلالاً عن الحكم في الموضوع ، لأنه حكم غير منه للخصومة كلها . وإذا حكم بسقوط الخصومة في إلتماس إعادة النظر قبل الحكم بقبول الإلتماس ، ترتب على سقوط الخصومة سقوط الإلتماس ذاته ، أما إذا حكم بسقوط الخصومة بعد الحكم بقبول الإلتماس فتسري قواعد السقوط الخاصة بأول درجة أو بالإستئناف حسب الأحوال (مادة 138 مرافعات) . وإذا حكم بسقوط الخصومة في الإلتماس فإن هذا السقوط لا يؤثر في الحكم المطعون فيه تطبيقاً لنص المادة 137 ، بإعتباره حكماً قطعياً .

أما إذا رأت المحكمة عدم قبول الطعن أو رفضه ، فإنها تحكم بذلك .

(ب) مرحلة الفصل في الموضوع :

تبدأ هذه المرحلة فقط إذا انتهت المرحلة السابقة بحكم بقبول إعادة النظر ، ووفقاً للمادة 245 مرافعات للمحكمة أن تفصل بحكم واحد في قبول الإلتماس وفي الموضوع إذا كان الخصوم قد قدموا أمامها طلباتهم في الموضوع . فإذا رأت المحكمة أن الفصل في الموضوع يحتاج إلى تحقيق جديد فإنها تقبل إعادة النظر ، وتؤجل نظر الموضوع.

ولأن الهدف من هذه المرحلة هو إصدار حكم يحل محل الحكم الذي ألغي بقبول إعادة النظر، فإن القضية في هذه المرحلة تكون بنفس النطاق الذي كانت عليه قضية الموضوع قبل إصدار الحكم الملغى . على أن يقتصر نطاقها على الجزء من القضية الذي يتعلق به الجزء من الحكم محل الطعن إذا كان الحكم مكونة من عدة أجزاء وطعن في جزء منه فقط ، أو الجزء من الحكم الذي تعلق به سبب الطعن (مادة 245 / أخيرة) وذلك إلى جانب الأجزاء المعتمدة على هذا الجزء.

ونتيجة لهذا:

1- تبقى عناصر القضية التي لم يمسها هذا الحكم كما هي . فتبقى فاعلية أدلة الإثبات المقدمة فيها والسقوط الذي تحقق والمراكز الإجرائية التي للخصوم . ويعود مركز الملتمس في الخصومة إلى ما كان عليه قبل صدور الحكم الملتمس فيه ، فإن كان في مركز المستأنف عاد في مركز المستأنف . ولهذا ليس له التمسك بإعتبار الإستئناف كأن لم يكن إذ هذا حق المستأنف عليه.

2- للخصوم نفس السلطات التي كانت لهم قبل إصدار الحكم ، فلهم التقدم بوقائع وأدلة جديدة ، كما أن لهم التمسك بأوجه دفاع ودفوع جديدة .

3- تكون للمحكمة نفس السلطات التي لها عند بحث الموضوع ، ويكون لها أن تصدر تقديراً مغايراً للتقدير الذي اشتمل عليه الحكم المطعون فيه سواء من حيث تقدير الواقع أو من حيث تقدير القانون .(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني ،  الصفحة :   607 )

نظر الإلتماس :

إلتماس إعادة النظر، طريق من طرق الطعن غير العادية، قد تنظره المحكمة على مرحلتين، وقد تنظره على مرحلة واحدة ، فإذا توافرت مقومات نظره على مرحلة واحدة ، جاز لها بالرغم من ذلك نظره على مرحلتين، إذ رخص لها المشرع في ذلك.

وتنحصر المرحلة الأولى في شكل الإلتماس وهو ما يؤدي بالمحكمة إلى بحث الشروط اللازم توافرها لجواز الإلتماس، بحيث إن تخلفت قضت بعدم جوازه ، ووقفت عند هذا الحد، أما إن توافرت فلا تفصح المحكمة عن ذلك إلا إذا وجد دفع بعدم جواز الإلتماس وحينئذ تقضى برفض الدفع وبجواز الإلتماس. فإن لم يوجد هذا الدفع، إنتقلت إلى بحث شروط قبول الإلتماس، فإن تخلفت، قضت بعدم قبوله ووقفت عند هذا الحد، أما إن توافرت، أدى توافرها وتوافر شروط الجواز إلى نشوء الحق في الإلتماس، وهو حق معلق على شرط واقف هو رفع الإلتماس في الميعاد المحدد، بحيث إن تحقق الشرط ثبت الحق وتعين القضاء بقبول الإلتماس شكلاً ، أما إن تخلف الشرط برفع الإلتماس بعد الميعاد، أدى ذلك إلى عدم ثبوت الحق وإلى سقوطه بالتالي، فتقضي المحكمة بسقوط الحق في الإلتماس.

ومتى توافرت المقومات الشكلية للإلتماس بأن كان جائزاً ومقبولاً ومرفوعاً في الميعاد، تعين القضاء بقبوله شكلاً ويترتب على هذا القضاء وبقوة القانون زوال الحكم الملتمس فيه والآثار التي ترتبت عليه وبدون حاجة للنص على إلغاء هذا الحكم، ولكن لا تثريب على المحكمة إن قضت بقبول الالتماس شكلاً وبإلغاء الحكم الملتمس فيه ، إذ يعتبر النص على الإلغاء نافلة على نحو مايلي، وتكون المحكمة بهذا القضاء قد نظرت المرحلة الأولى، ويتعين عليها تحديد جلسة للمرافعة في الموضوع طالما لم يتناوله الخصوم قبل القضاء بقبول الإلتماس شکلاً ، وبهذه الجلسة تبدأ المرحلة الثانية التي تنظر فيها الدعوى مجددا ويكون للخصوم تقديم طلباتهم ودفوعهم وأوجه دفاعهم بالنسبة لما رفع عنه الإلتماس. أما إذا كان الخصوم قد سبق لهم تناول الموضوع، جاز للمحكمة أن تصدر حكماً واحداً في الشكل والموضوع أو تقضي في الشكل وتحدد جلسة لنظر الموضوع. دون حاجة لإعلان الخصوم بها، طالما كانت الخصومة في الإلتماس قد انعقدت سواء بالإعلان أو بالحضور .

 أولاً : جواز الإلتماس :

تلتزم المحكمة ومن تلقاء نفسها بحث الشروط اللازم توافرها لجواز الإلتماس لتعلق ذلك بالنظام العام بإعتبار الإلتماس طريقاً من طرق الطعن يخضع بالتالي للقواعد العامة المقررة للطعن في الأحكام، وعلى النحو الذي أوضحناه فيما تقدم، وتنحصر هذه الشروط فيما يلي .

(أ) أن يكون الملتمس محكوماً عليه :

يجب أن يكون الملتمس محكوماً عليه بتعدي حجية الحكم إليه، سواء مثل في الدعوى بنفسه أو بمن ينوب عنه، ضامناً لخصم أصيل، متدخلاً في الدعوى أو مدخلاً فيها، ولما كان طالب التدخل الإختصامي لا يعتبر خصماً إلا إذا قبلت المحكمة تدخله وصدر الحكم المنهي للخصومة في غير صالحه ، فإن لم تقبل المحكمة تدخله وفصلت في الموضوع، فلا يعتبر محكوماً عليه في موضوع الدعوى مما يحول دونه والطعن في هذا الشق سواء بالإستئناف أو الإلتماس، ويقتصر حقه في الطعن على الشق القاضي بعدم قبول ندخله إذ يعتبر محكوماً عليه فيه ، ويخضع في ذلك للقواعد المقررة بصدد طريق الطعن الذي يسلكه، ولما كان التماس إعادة النظر يرد على الأحكام الإنتهائية التي حسمت النزاع الموضوعي، وكان هذا القضاء لا يتعلق بمن رفضت المحكمة قبول تدخله فيه ، مما يحول دونه والطعن في هذا القضاء ، ومن ثم لا يجوز له الطعن فيه بالإلتماس إذ لا يعتبر محكوماً عليه، أما إن كان يطلب التدخل للإنضمام وكانت حجية الحكم تتعدى إليه ، جاز له الطعن بالإلتماس إذ يعتبر في حكم الخلف العام وفقاً للفقرة الثامنة من المادة (241) من قانون المرافعات وحينئذ يشترط إثبات غش من كان يمثله أو تواطئه أو إهماله الجسيم.

صفة الملتمس :

يجب على الملتمس أن يرفع الإلتماس بذات الصفة التي كانت له وقت صدور الحكم، فإن رفعه بصفة أخرى أدى ذلك إلى المغايرة بين الملتمس وبين المحكوم عليه، وينتفي بذلك أحد الشروط اللازمة لجواز الإلتماس، مثال ذلك أن يصدر الحكم ضد الممثل القانوني لشركة ويرفع الإلتماس بصفته الشخصية، وإذ تتعلق صفة الملتمس بجواز الإلتماس، وبالتالي تتعلق بالنظام العام مما تتصدى لها المحكمة ولو من تلقاء نفسها.

مصلحة الملتمس:

لا يكفي لجواز الإلتماس أن يكون الملتمس محكوماً عليه وأن يرفع الالتماس بذات الصفة التي كانت له وقت صدور الحكم الملتمس فيه، وإنما يجب أيضاً أن تكون له مصلحة حقيقية يقرها القانون يقصد إلى تحقيقها، بحيث إذا انتفى تخلف أحد الشروط الواجب توافرها لجواز الإلتماس، مثال ذلك أن يقضي ضد المدين بتثبيت ملكية عقار إستناداً إلى عقد بيع مسجل، فيرفع أحد الدائنين إلتماساً في هذا الحكم الإنتهائي ويتبين أن الغير الذي لم يمثل في الدعوى تملك العقار بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، إذ لو ألغي حكم تثبيت الملكية ما عادت من ذلك منفعة على الملتمس .

والعبرة بتوافر المصلحة بوقت صدور الحكم بحيث إن زالت بعد ذلك ، ظل الإلتماس جائزاً ويتعين على المحكمة الفصل فيه كما لو كانت المصلحة مازالت قائمة ، أما إن إنتفت قبل صدور الحكم أدى ذلك إلى عدم جواز الإلتماس.

(ب) يجب ألا يكون الملتمس قد قبل الحكم :

يترتب على قبول المحكوم عليه للحكم عدم جواز الطعن فيه بالإلتماس بشرط توافر ذلك بعد ثبوت الحق في الإلتماس بأن يعلم المحكوم عليه بتوافر أحد أوجه الإلتماس ومع ذلك يقبل الحكم عن طواعية واختيار.

 يجب ألا يكون قد قضى للملتمس بكل طلباته :

يرمي الطاعن بطعنه إلى القضاء له بطلباته التي قدمها للمحكمة، فإذا قضت له بها كاملة، فلا تكون له ثمة مصلحة من الطعن.

(د) يجب ألا يكون الطعن بالإستئناف جائزاً :

الطعن بالإلتماس طریق من طرق الطعن غير العادية، ومن ثم لا يجوز اللجوء إليه إلا إذا إستغلقت الطرق العادية، بحيث إذا تبين للمحكمة جواز الطعن في الحكم الملتمس فيه بالإستئناف ، تعين عليها أن تقضي ومن تلقاء نفسها بعدم جواز الإلتماس، مثال ذلك أن يصدر الحكم إبتدائياً بناء على غش المحكوم له ويظهر هذا الغش أثناء نظر الدعوى مما يجيز الطعن فيه بالإستئناف وفقاً للمادة (228) من قانون المرافعات، فإن طعن فيه بالإلتماس تعين القضاء بعدم جوازه، وأيضاً إذا كان الحكم إنتهائياً جائزاً الطعن فيه بالإستئناف وفقاً للمادتين (221) ، (222) من ذات القانون، إذ لا يكفي أن يكون الحكم انتهائياً لا يجوز الطعن فيه بالإلتماس، وإنما يجب ألا يكون قابلاً للطعن بأحد الطرق العادية ، وذلك كله على التفصيل المتقدم.  

ومتى توافرت تلك الشروط، كان الإلتماس جائزاً ما لم يوجد نص خاص يحظر الطعن في الحكم بأي طريق من طرق الطعن .

ثانياً : قبول الإلتماس :

متى تحققت المحكمة من توافر الشروط المتقدمة، كان الإلتماس جائزاً ، وحينئذ تنتقل لبحث الشروط اللازمة لقبوله ، فإذا تخلفت، قضت بعدم قبوله ووقفت عند هذا الحد دون التصدي للموضوع، أما إن تبين لها توافرها، أدى ذلك إلى نشوء حق الملتمس في الطعن بالإلتماس، وحتى تقضي المحكمة بقبول الإلتماس شکلاً ، يجب ألا يكون هذا الحق قد سقط وذلك برفع الإلتماس بعد الميعاد المحدد، فإن كان قد رفع في الميعاد، فإن الملتمس يكون قد حفظ حقه في الطعن، ويكون الإلتماس قد إستوفى مقوماته ويتعين قبوله شكلاً.

ويجب لقبول الإلتماس أن يبني على أحد الأوجه التي تضمنتها المادة (241) من قانون المرافعات على سبيل الحصر وأن يكون الوجه قد إستوفى شروطه على نحو ما تطلبته تلك المادة ، ويصح الإستناد لأكثر من وجه، فإن تبين للمحكمة أن الملتمس لم يستند إلى أي من هذه الأوجه، أو تبين عدم توافر الشروط اللازم توافرها في هذا الوجه، قضت بعدم قبول الإلتماس ووقفت عند هذا الحد إذ يحول هذا القضاء دون التصدي للموضوع.

وإذ تتعلق تلك الأوجه بطرق ونطاق الطعن، ومن ثم تتصل بالنظام العام وتتصدى لها المحكمة من تلقاء نفسها.

ولما كانت صفة الملتمس ضده تتعلق بقبول الإلتماس وغیر متعلقة بجوازه، ومن ثم لا تتعلق بالنظام العام، فإن المحكمة لا تتصدى لها من تلقاء نفسها، وإنما يجب أن يدفع الأخير بعدم قبول الإلتماس لرفعه على غير ذي صفة.

أما صفة الملتمس، فتعلق بجواز الإلتماس، ولذلك تتعلق بالنظام العام مما تتصدى له المحكمة ولو من تلقاء نفسها.

ولإتصال ميعاد الإلتماس بالنظام العام، فإن المحكمة تلتزم ببحثه من تلقاء نفسها، فإن إلتزمه الملتمس، قضت بقبول الإلتماس شکلاً ، ويترتب على هذا القضاء، وبقوة القانون، زوال الحكم الملتمس فيه وإعتباره كأن لم یکن دون حاجة إلى النص على ذلك، وطالما زال الحكم تبعته حجيته التي كانت له ويعاد طرح الموضوع من جديد.

ثالثاً : التصدي للموضوع:

بعد أن تفرغ المحكمة من بحث المقومات الشكلية للإلتماس وتقضي بقبوله شكلاً على التفصيل المتقدم، فقد رخص لها المشرع بأن تعتبر هذه المرحلة قائمة بذاتها حتى لو كان الخصوم قد تناولوا خلالها التصدي للموضوع، وحينئذ تحدد جلسة مقبلة لنظر الموضوع بعد أن قضت بقبول الإلتماس شکلاً، وبتلك الجلسة تبدأ المرحلة الثانية التي تقتصر على التصدي للموضوع، وتكون هذه المرحلة لازمة إذا كان الخصوم لم يتعرضوا للموضوع خلال المرحلة الأولى، مما يوجب على المحكمة أن تقضي بقبول الإلتماس شكلا وتحدد جلسة مقبلة لنظر الموضوع دون حاجة إلى إعلان الخصوم بها حتى لو لم يسبق للملتمس ضده الحضور بأي من جلسات المرافعة أو جلسة النطق بالحكم بقبول الإلتماس شكلاً، إذ طالما قد أعلن بالإلتماس إعلاناً قانونياً أفترض علمه بالجلسة التي تحدد لنظر الموضوع، وإنعقدت الخصومة في الإلتماس ، ويقتصر هذا العلم على هذا النطاق ولا يمتد إلى بدء ميعاد الطعن في الحكم الذي يصدر في الإلتماس، إذ يظل هذا البدء خاضعاً للقواعد العامة المقررة في المادة (213) من قانون المرافعات، مما مؤداه أنه في حالة عدم الحضور بأي من الجلسات، فإن ميعاد الطعن في الحكم الذي يصدر في الإلتماس يبدأ من تاريخ إعلانه لشخص الملتمس ضده أو في موطنه، أما إذا حضر أي من جلسات المرافعة ولو في المرحلة الأولى فقط من مرحلتي الالتماس، فإن ميعاد الطعن يبدأ من تاريخ صدور الحكم في موضوع الالتماس حتى لو تغيب في جميع جلسات المرحلة الثانية المخصصة لنظر الموضوع دون حاجة لإعلانه على نحو ما تقدم .

وإن كان نص المادة (245) من قانون المرافعات يدل على أن للخصوم الحق في تقديم طلباتهم في الموضوع وإبداء دفوعهم وأوجه دفاعهم سواء المؤيدة للحكم الملتمس فيه أو المناقضة له سواء بصحيفة الإلتماس أو بالمرافعة الشفوية أو المكتوبة قبل الحكم بقبول الإلتماس ، فليس معنى ذلك إسقاط أو وقف حجية الحكم بعد أن حاز قوة الأمر المقضي بإمتناع الطعن فيه بأحد الطرق العادية وإنما تمكيناً للمحكمة من التصدي لشكل الإلتماس وموضوعه بمنطوق واحد إذا رأت ذلك عملاً بحقها المقرر بالمادة سالفة البيان .

فتظل رغم ذلك، قوة الأمر المقضي ثابتة للحكم رغم عودة الخصوم إلى المجادلة فيه ، ولا تزول حجيته إلا بقبول الإلتماس شکلاً ، وحينئذ يعتبر الحكم كأن لم يكن ولا يرد ذكر له بعد هذا القضاء فلا تتناوله المحكمة بالإلغاء أو التأييد أو التعديل إذ لا يرد ذلك على زوال، وإن أشارت إليه كانت إشارتها نافلة لا أثر لها على قضائها، وذلك في الحدود التي رفع عنها الالتماس.

ويكفي للحكم في الإلتماس في مرحلة واحدة ، أن يضمن الملتمس صحيفة الإلتماس طلباته ودفوعه وأوجه دفاعه الموضوعية إلى جانب أسباب الإلتماس، وأن يتقدم الملتمس ضده بمذكرة رداً على أسباب الإلتماس وما تناولته الصحيفة من طلبات وأوجه دفاع موضوعية، أو يترافع الخصمان في ذلك، أو يتبادلان المذكرات في هذه المسائل.  

ويخضع الإلتماس عند التصدي للموضوع لكل ما تخضع له الدعوى أمام المحكمة التي تنظره، وللمحكمة اتخاذ كل ما يلزم للقضاء في الموضوع سواء بإحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير أو إستجواب خصم أو وقف الالتماس اتفاقاً أو تعليقاً أو جزاء وإخضاعه لكافة الآثار المترتبة على ذلك، ولها شطبه واعتباره كأن لم يكن والقضاء بانقضائه أو سقوط الخصومة فيه، وللخصوم إبداء ما يعن لهم من دفوع وأوجه دفاع وتقديم الطلبات العارضة وطلب إحالته إلى التحقيق واتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير وتوجيه اليمين الحاسمة ، وكل ما كان يجوز لهم اتخاذه قبل صدور الحكم الملتمس فيه ، إذ بزواله عادوا إلى ما كانوا عليه قبل صدوره، كما لو كانت الدعوى تنظر لأول مرة.

ولا يترتب على زوال الحكم زوال الإجراءات التي كانت قد تمت في الدعوى، فتظل قائمة يتجادل الخصوم في صحتها أو بطلانها أو دلالتها دون التقيد بما تضمنه الحكم في شأنها بعد أن زالت حجيته، وللمحكمة أن تستند إلى دليل كان الحكم قد رفضه أو العكس طالما لم يكن هو وجه الإلتماس الذي أدى إلى زوال الحكم الملتمس فيه، كالأوراق المزورة أو الشهادة الزور التي بني الحكم عليها.

وإذا كانت الدعوى التي صدر فيها الحكم الملتمس فيه تخضع لإجراءات معينة ومواعيد محددة مما يتطلب القضاء بقبولها شكلا ثم التصدي للموضوع، وكان المقرر أن المحكمة لا تعيد النظر إلا في الطلبات التي تناولها الإلتماس، ومن ثم إذا كان الحكم الملتمس فيه قد قبل الدعوى - أو الإستئناف - شکلاً ثم تصدى للموضوع، وانحصر الإلتماس في شق الحكم الموضوعي، فإنه يتعين على المحكمة عند الحكم في الإلتماس ألا تقضي مرة أخرى بقبول الدعوى شکلاً، وإلا كان قضاؤها بذلك نافلة، وإنما تقصر قضاءها على موضوع الدعوى.

وحينئذ يعود الملتمس إلى وضعه الذي كان عليه قبل صدور الحكم الملتمس فيه، فإن كان في ذلك الوقت مدعياً ، ظل كذلك عندما تتصدى محكمة الإلتماس للموضوع، وإن كان مدعياً عليه ظل كذلك، ويتمثل الموضوع الذي تنظره محكمة الإلتماس في ذات موضوع الدعوى التي صدر فيها الحكم الملتمس فيه.

 وفي الحدود التي تناولها الإلتماس، بحيث إذا قضت محكمة الإلتماس، برفض الالتماس انصرف ذلك إلى الطلبات التي فصل فيها الحكم الملتمس فيه والتي تضمنتها صحيفة الالتماس، فإن توافرت الأدلة بالنسبة لتلك الطلبات أمام المحكمة التي تنظر الإلتماس أجابت الملتمس إليها كما لو كانت تنظر الموضوع لأول مرة للقضاء فيه.

سقوط الخصومة في الإلتماس :

أن الفصل في الإلتماس يتم على مرحلتين، تبدأ الأولى بإيداع صحيفة الإلتماس قلم الكتاب وتنتهي بقبول الإلتماس شکلاً ، وفي خلال هذه المرحلة يظل الحكم الملتمس فيه قائماً بحجيته التي توقف مؤقتاً فور إيداع الصحيفة قلم الكتاب .

بينما تبدأ المرحلة الثانية إبتداءً من قبول الإلتماس شکلاً وتنتهي بالفصل في الموضوع، وفي هذه المرحلة يزول الحكم الملتمس فيه ويعتبر كأن لم يكن ولا يكون له أي أثر أو وجود وتزول معه حجيته التي كانت موقوفة في المرحلة السابقة ويعتبر موضوع الدعوى مطروحاً على المحكمة بالحالة التي كان عليها قبل صدور الحكم.

فإذا قضى بسقوط الخصومة في الإلتماس في المرحلة الأولى، أدى ذلك إلى إلغاء جميع الإجراءات التي تمت بما في ذلك صحيفة الإلتماس وزال كل أثر كان قد ترتب عليها ويعتبر الإلتماس كأن لم يكن، مما مؤداه أن الحجية التي كانت قد توقفت تعود إلى الحكم فيحوز بذلك قوة الأمر المقضي ويمتنع على الملتمس رفع التماس جديد حتى لو إستند فيه إلى وجه آخر غير الوجه الذي أقام عليه التماسه السابق أو كان الميعاد ممتداً .

ويعتبر الملتمس في هذه الحالة في حكم المدعي، بحيث إذا توقف السير في الالتماس مدة ستة أشهر من آخر إجراء صحيح في الدعوى وكان ذلك بفعله أو امتناعه ، جاز للملتمس ضده أن يطلب الحكم بسقوط الخصومة في الإلتماس.

أما إذا قضى بالسقوط في المرحلة الثانية، وكان الإلتماس مرفوعاً أمام محكمة الدرجة الأولى، فإن الخصوم يعودون إلى الحالة التي كانوا عليها قبل رفع الدعوى إذ يترتب على قبول الإلتماس زوال الحكم الملتمس فيه واعتباره كأن لم يكن وزوال كافة الآثار التي كانت قد ترتبت عليه، وطرح الدعوى من جديد على المحكمة كما لو كانت مرفوعة لأول مرة ولم يقض فيها من قبل وتنظرها على هذا الأساس، ومن ثم فإذا وقف السير فيها لمدة ستة أشهر من آخر إجراء صحيح فيها بفعل المدعى أو إمتناعه، سواء كان المدعي هو الملتمس أو الملتمس ضده، جاز للمدعى عليه أن يطلب الحكم بسقوط الخصومة ، إذ يعود لكل خصم صفته التي كانت له قبل صدور الحكم الملتمس فيه، فيظل المدعي مدعيا ويظل المدعى عليه كذلك إذ تنحصر المرحلة الثانية في نظر الدعوى كما رفعت إبتداء وإذا قضت المحكمة في هذه المرحلة بسقوط الخصومة ، وكان الحكم الملتمس فيه قد زال قبل البدء فيها ، فإن السقوط يرد على الدعوى وتترتب كافة الآثار التي تترتب على سقوط الخصومة في الدعوى المبتدأة ، فتسقط الأحكام الصادرة فيها بإجراء الإثبات وإلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك رفع الدعوى ولكن لا يسقط الحق في أصل الدعوى ما لم يرتبط ذلك بميعاد معين يكون قد اقتضى كما في دعوى الشفعة ، ولا يسقط الحق في الأحكام القطعية الصادرة فيها ولا في الإجراءات السابقة لتلك الأحكام والتي كانت أساساً لها كصحيفة افتتاح الدعوى أو الإقرارات الصادرة من الخصوم أو الأيمان التي حلفوها ولا يمنع السقوط من التمسك بإجراءات التحقيق وأعمال الخبرة التي تمت ما لم تكن باطلة في ذاتها، وذلك إعمالاً لنص المادة (137) من قانون المرافعات .

أما إذا كان الإلتماس مرفوعاً أمام المحكمة الإستئنافية ، سواء كانت محكمة الإستئناف أو المحكمة الإبتدائية منعقدة بهيئة إستئنافية ، فإنه يترتب على الحكم بسقوط الخصومة في الإلتماس، إعتبار الحكم الإبتدائي انتهائياً ، إذ زال الحكم الإستئنافي الملتمس فيه بموجب الحكم الذي قضى بقبول الإلتماس وهو حكم قطعي لا يسقط بسقوط الخصومة في الإلتماس، سواء قضى بالسقوط في المرحلة الأولى أو الثانية وأياً ما كان قضاء الحكم.

ويرى أبو الوفا في الدفوع بند 343 أنه إذا كان حكم محكمة الدرجة الثانية - المطعون فيه بإلتماس إعادة النظر - مؤيداً لحكم محكمة الدرجة الأولى، فلا يتصور إعتبار الحكم مؤيداً لأنه يطابق حکم محكمة الدرجة الثانية الذي ألغي بصدور الحكم بقبول الإلتماس، ففي هذه الحالة يبطل كل حكم صدر في القضية ويعود الخصوم إلى الحالة التي كانوا عليها قبل رفع الدعوى .

وتنص الفقرة الثانية من المادة (138) من قانون المرافعات على أنه «متى حكم بسقوط الخصومة في إلتماس إعادة النظر قبل الحكم بقبول الإلتماس سقط طلب الإلتماس نفسه أما بعد الحكم بقبول الإلتماس فتسرى القواعد السالفة الخاصة بالإستئناف أو بأول درجة حسب الأحوال». ومؤدى القواعد الخاصة بالإستئناف المشار إليها في هذه الفقرة، أن القضاء بسقوط الخصومة في الإلتماس بعد الحكم بقبول الإلتماس شکلاً ، يترتب عليه أن يصبح الحكم الإبتدائي انتهائياً ، فقد زال الحكم الإستئنافي فور قبول الإلتماس وبدأت المرحلة الثانية التي تنحصر في نظر الموضوع من جديد كما لو كانت المحكمة الاستئنافية تنظره لأول مرة وفقاً لما تضمنته صحيفة الاستئناف ومرافعة الخصوم المكتوبة والشفوية تمهيداً للقضاء بتأييد الحكم المستأنف أو تعديله أو إلغائه. دون الإعتداد بقضائها السابق الذي لم يصبح له وجود بعد زواله، ويدل ذلك على أن زوال الحكم الإستئنافي لم يتبعه زوال الحكم الابتدائي، ومن ثم فإذا قضت المحكمة في هذه المرحلة بسقوط الخصومة في الالتماس، فإن السقوط يتعلق بالخصومة المطروحة على المحكمة الإستئنافية كما لو كانت هي الخصومة في الإستئناف وتنظرها المحكمة لأول مرة ، فتخضع لما تخضع له هذه الخصومة عند القضاء بسقوطها ، ويترتب على ذلك إلغاء كل الإجراءات التي تمت فيها بما في ذلك صحيفة الإستئناف وما يترتب عليها من آثار، ويسترد الحكم الإبتدائي حجيته التي كانت له قبل رفع الإستئناف ويصبح انتهائياً، سواء كان الحكم الإستئنافي قد قضى بتأييده أو تعديله أو إلغائه، إذ يتساوى زوال الحكم الأخير مع عدم صدوره أصلاً .

نطاق الإلتماس :

قد تقتصر الدعوى على طلب موضوعي واحد ويصدر حكم إنتهائي يطعن فيه بإلتماس إعادة النظر، يتناول هذا الطلب، فإذا قضى بقبول الإلتماس شکلاً ، زال الحكم برمته وتبعه ما ترتب عليه من قضاء كالمصاريف القضائية ومقابل أتعاب المحاماة إذ تلتزم المحكمة بالتصدي لها تبعاً لإصدارها الحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامها ومن تلقاء نفسها، وحتى لو طلبها الخصوم ولم يتناولها الإلتماس إذ تتبع الحكم الموضوعي وجوداً وعدماً ، فإن كان الحكم الملتمس فيه قد قضى برفض الدعوى وهو ما يوجب إلزام المدعى المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة إن كان قد حضر محام مع المدعى عليه، بينما أجابه الحكم الصادر في موضوع الإلتماس لطلباته، تعين على المحكمة أن تضمن الحكم الأخير إلزام الملتمس ضده المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة إن كان قد حضر محام مع الملتمس وتشمل المصاريف والأتعاب المستحق منها منذ رفع الدعوى أو الإستئناف حتى صدور الحكم في موضوع الالتماس وذلك وفقاً للقواعد التي تضمنتها المادة (184) من قانون المرافعات.

ويأخذ حكم الطلب التابع عند تحديد نطاق الإلتماس ، الطلب المرتبط بالطلب الأصلي أو المندمج فيه على نحو ما تقدم، مثال ذلك الدعوى التي ترفع بطلب تثبيت ملكية عقار وإزالة ما عليه من منشآت، فإذا صدر الحكم بذلك وطعن فيه بالإلتماس في الشق المتعلق بالطلب الأصلي وهو تثبیت الملكية، فإن القضاء بقبول الإلتماس شكلاً يؤدي إلى زوال الحكم برمته ولو أن الإلتماس لم يتناول الشق الصادر في طلب الإزالة بإعتبار أن الطلب الأخير متفرع من طلب تثبيت الملكية ومترتب عليه ولا يستقل عنه، ويخضع بالتالى لما يخضع له الأصل دون حاجة إلى تناوله بالإلتماس أو النص عليه في الحكم الصادر في موضوعه، بحيث إذا قضى هذا الحكم برفض طلب تثبيت الملكية إستتبع ذلك حتماً رفض طلب الإزالة ولو لم ينص الحكم على ذلك، فقد زال الحكم الملتمس فيه برمته وقضى مجدداً برفض الدعوى وهو قضاء ينصرف إلى رفض كل الطلبات المقدمة فيه. وتعتبر الفوائد مرتبطة بأصيل الدين تبقى ببقائه وتزول بزواله.

وقد تندمج الطلبات، سواء قدمت في دعويين ضمتهما المحكمة ففقد كل منهما ذاتيته لوحدة الخصوم والموضوع والسبب، أو قدم أحد الطلبين كطلب عارض، ويترتب على ذلك أن قبول الإلتماس في الحكم يؤدي إلى زواله برمته ولو لم يتناول إلا أحد الطلبات المندمجة، ويطرح الدعوى من جديد في كل ما قدم فيها من طلبات، مثال ذلك، أن يطلب المدعي التنفيذ العيني لإلتزام مدينه ، کهدم المباني المخالفة لحق الإرتفاق بالمطل، أو تسليم محل الإلتزام، وتجد المحكمة توافر الإرهاق بالنسبة للمدين إذا قضت بالتنفيذ العيني، فتقضي ومن تلقاء نفسها بالتنفيذ بطريق التعويض، ومتى قضى بقبول الالتماس المرفوع عن هذا القضاء، طرح الموضوع برمته على المحكمة للفصل فيه مجدداً على النحو الذي كانت قد رفعت به الدعوى إبتداء ، ومن ثم يجوز للمحكمة أن تقضي بالتنفيذ العيني ولا يعتبر ذلك إضراراً بحق الملتمس بعد أن سقط حقه في التمسك بالحكم الملتمس به بالقضاء بقبول الإلتماس الذي ترتب عليه زوال هذا الحكم وإعتباره كأن لم يكن بقوة القانون، وبالتالى لم یکن لهذا الحكم وجود عند القضاء في موضوع الالتماس حتى تتقيد به المحكمة. .

وإذا تضمنت الدعوى طلباً أصلاً وآخراً إحتياطياً ، وقضي للمدعي بأحدهما فلا يجوز له الطعن لعدم القضاء له بالطلب الآخر، شأن الإلتماس في ذلك شأن سائر طرق الطعن، إذ لا يجوز ولوجها لمن قضى له بطلبه الأصلي أو الإحتياطي. ولا يترتب على رفع الإلتماس بالنسبة للطب الإحتياطي وقبوله شکلاً طرح الطلب الأصلي على المحكمة، إذ يستقل كل منهما عن الآخر ولا يعتبر أحدهما مرتبطاً أو مندمجاً في الآخر، ولا يجوز القياس على الفقرة الثانية من المادة (229) من قانون المرافعات، فقد جاء هذا النص في شأن الإستئناف کطریق عادي ولا مقابل له في الإلتماس الذي خصه المشرع بالأحكام الإنتهائية.

وإذا تعددت الطلبات وإستقل كل منها عن الآخر، وقضت المحكمة في كل منها، فإن الإلتماس الذي يرفع عن أحدها لا يمتد إلى الآخر، بحيث إذا قضی بقبول الإلتماس شكلاً ، أدى ذلك إلى زوال شق الحكم الخاص بالطلب الذي تناوله الإلتماس وإقتصر نطاقه على هذا الشق وحده ، ويمتنع بالتالي على المحكمة أن تعيد النظر في باقي الطلبات التي تضمنها قضاء الحكم إذ ظلت له حجيته وقوة الأمر المقضي بالنسبة لها مما يحول دون العودة إلى التصدي لها، فإن أخطأت المحكمة وتصدت لها مجدداً ، كان قضاؤها نافلة لا ينال من تلك الحجية متعيناً الإلتفات عنه. مثال ذلك أن تقضي المحكمة بصحة ونفاذ عقد البيع وتسليم المبيع للمشتري ، فيطعن البائع بالإلتماس في شق الحكم المتعلق بالتسليم، وحينئذ ينحصر نطاق الإلتماس في هذا الشق وحده ، بحيث لو قضی بقبول الإلتماس تصدت المحكمة للتسليم فقط دون الشق الذي قضى بصحة ونفاذ العقد. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء : السابع ، الصفحة : 258)

وقف تنفيذ الحكم الملتمس فيه:

الطعن بإلتماس إعادة النظر، طريق من طرق الطعن غير العادية، يرد على الأحكام الصادرة بصفة انتهائية، وهي بذلك تكون حائزة قوة الأمر المقضي فور صدورها، وقابلة للتنفيذ الجبري، حتى لو طعن فيها بالإلتماس إذ لا يترتب على هذا الطعن وقف تنفيذها إلا إذا طلب الملتمس ذلك ، سواء بصحيفة الطعن أو بطلب عارض أثناء نظر الإلتماس ولو بعد الميعاد المحدد لرفعه، وفي ذلك يختلف الطعن بالإلتماس عن الطعن بالنقض، فقد أوجبت المادة (351) من قانون المرافعات أن تتضمن صحيفة الطعن بالنقض طلباً بوقف التنفيذ إذا أراد الطاعن ذلك، خلافاً للمادة (244) فلم تورد هذا القيد.

ويجب النظر طلب وقف التنفيذ، أن يكون الحكم الملتمس فيه حائزاً قوة الأمر المقضي فور صدوره وأن تتوافر بالنسبة له إحدى حالات إلتماس إعادة النظر حتى يمكن قبول الإلتماس، وأن يكون قد رفع في الميعاد، وحينئذ ينشأ الحق في الإلتماس وتترتب عليه آثاره ومنها طلب وقف التنفيذ. فإن كان الحكم صادراً بصفة إنتهائية ويجوز الطعن فيه بالإستئناف عملاً بالمادتين (221)، (222) من قانون المرافعات، فلا يجوز الطعن فيه بالإلتماس وبالتالي يمتنع على المحكمة التصدي لطلب وقف التنفيذ لأن مناط ذلك أن يكون الإلتماس مقبولاً شكلاً.

ولا يكفي أن يطلب الملتمس وقف التنفيذ، وإنما يجب أن تتحقق المحكمة من ظاهر المستندات أن التنفيذ يترتب عليه ضرر جسيم يتعذر تداركه إذا قضى في الموضوع لصالح الملتمس، واستخلاص توافر الضرر الجسيم من إطلاقات المحكمة دون معقب عليها طالما كان إستخلاصها سائغاً ، ملتزمة فيه بمعيار شخصي بالنظر إلى الملتمس ضده وظروفه، وقد يكون الضرر جسيماً بالنسبة الشخص بينما لا يكون كذلك بالنسبة لغيره ، فإن تبين لها سوء أحوال الملتمس ضده المادية أو صدور أحكام مخلة بالشرف ضده ، كان في ذلك ما يبرر وقف التنفيذ خلافاً لما إذا كان مليئاً موسراً حسن السمعة.

ويتعين على المحكمة أن تتصدى لطلب وقف التنفيذ مع الحكم بقبول الإلتماس شکلاً متى رأت نظر الالتماس على مرحلتين وفقا للمادة (245) من قانون المرافعات ، أما إذا كان الخصوم قد تناولوا الموضوع بدفوعهم وأوجه دفاعهم، فإن المحكمة في هذه الحالة تفصل في الإلتماس برمته شكلاً وموضوعاً بحكم واحد يكون واجب التنفيذ فور صدوره مما يغني عن التصدي لطلب وقف التنفيذ.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء : التاسع، الصفحة : 283)

تنظر الخصومة في الإلتماس علي مرحلتين إذ يتعين علي المحكمة أن تتحقق ولا من أن الطعن بالإلتماس قد رفع في ميعاده صحيحاً من ناحية الشكل و متعلقا بحكم إنتهائي مبنياً على أحد الأسباب التي نص عليها القانون . وللمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم قبول الالتماس إذا ظهر لها أنه يبن علي سبب من الأسباب التي حصرها القانون . وتنتهي هذه المرحلة أما بالحكم بعدم قبول الإلتماس وإما أن تحكم بقبول الإلتماس ويترتب على هذا الحكم زوال الحكم الملتمس فيه وإعتباره كأن لم يكن في حدود ما رفع عنه الطعن والمرحلة الثانية هي الحكم في موضوع الدعوى من جديد وتحدد المحكمة جلسة للمرافعة في الموضوع على أنه يجوز لها أن تحكم في قبول الإلتماس وفي الموضوع بحكم واحد إذا كان الخصوم قد قدموا أمامها طلباتهم في الموضوع أو مكنوا من ذلك . (مرافعات الدكتور أبو الوفا ص 1051 والتعليق ص 924).

وإذا قضت المحكمة بقبول الإلتماس وأجلت الدعوي لنظر الموضوع بعد أن رأت أن الفصل فيه يحتاج لمرافعة أو تحقيق فإن بحثها يدور في نفس النطاق الذي كانت عليه قبل إصدار الحكم الذي زال بقبول الإلتماس ويترتب على ذلك النتائج التالية :

1 - يعود الملتمس إلي نفس الوضع الذي كان عليه قبل صدور الحكم الملتمس فيه فإن كان مستأنفاً عاد إلى نفس مركزه.

2- للخصوم كافة الصلاحيات التي كانوا يتمتعون بها قبل صدور الحكم فيجوز أن يركنوا لوقائع وأدلة جديدة كما يجوز لهم التمسك بدفوع جديدة سواء كانت موضوعية أو قانونية .

3- للمحكمة نفس الصلاحيات التي خولها لها المشرع عند بحث الموضوع فيجوز لها أن تقدر الدليل أو تستنتج من الوقائع ما يغاير ما سبق أن انتهت إليه في الحكم الملتمس فيه كما أن لها أن تكيف الواقعة تكييفاً قانونياً مختلفاً . (الوسيط في قانون القضاء المدني للدكتور فتحي والي طبعة سنة 1993 ص 771) .

قضاء المحكمة بقبول الإلتماس وإعتبار الحكم الملتمس فيه كأن لم يكن وتحديد جلسة لنظر الموضوع لا يجوز الطعن فيه إستقلالاً :

في حالة ما إذا تحققت المحكمة من توافر شروط الإلتماس الشكلية والموضوعية على النحو السابق وقضت بقبول الإلتماس في الحكم الملتمس فيه وإعتباره كأن لم يكن وحددت جلسة لنظر موضوع الإلتماس فإن الحكم لا ينهي الخصومة أمام محكمة الإلتماس إذ مازال موضوعه مطروحاً عليها لم تقل كلمتها فيه ولا يعتبر من الأحكام الوقتية أو المستعجلة أو الصادرة بوقف الدعوى او القابلة للتنفيذ الجبري التي يجوز الطعن فيها على إستقلال قبل الحكم الصادر في الموضوع وذلك كله عملاً بالمادة 212 مرافعات. ( حكم النقض رقم 4 ) . (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء : السادس ،  الصفحة : 715)

 

الفصل في الطعن بالإلتماس:

تنظر الخصومة في الإلتماس على مرحلتين، تفصل المحكمة في المرحلة الأولى في جواز قبول الإلتماس وتنظر في الثانية الموضوع، وإن كان يجوز لها أن تقضي في الأمرين معا بحكم واحد إذا كان الخصوم قد قدموا إليها طلباتهم في الموضوع (نقض 1991/1/10 طعن رقم 2863 لسنة 57 ق ) ويلاحظ أن الملتمس غیر ملزم ببيان طلباته الموضوعية بصحيفة الإلتماس - ويرى البعض في الفقه أن منع الحكمة من نظرة الأمرين معا في حالة عدم تقديم هذه الطلبات متعلق بالنظام العام (محمد وعبد الوهاب العشماوي بند 1315). وسوف نوضح المرحلتين اللتين تمر بهما خصومة الإلتماس فيما يلي: -

1- المرحلة الأولى : النظر في جواز قبول الإلتماس: ففي هذه المرحلة تنظر المحكمة في قبول الالتماس أي تنظر فيما إذا كان الالتماس رفع في الميعاد، عن حكم قابل للإلتماس وبناء على سبب من الأسباب الثمانية التي ذكرها القانون، وتنتهي هذه المرحلة إما بحكم بعدم قبول الإلتماس، وفي هذه الحالة ينتهي الأمر عند هذا الحد ويحكم على الملتمس بغرامة لا تقل عن ستين جنيهاً، ولا تجاوز مائتي جنيه وبالتعويضات إن كان لها .

وجه (مادة 246 مرافعات)، وإما بالحكم بقبول الالتماس، وفي هذه الحالة يلغى الحكم المطعون فيه كله أو جزؤه الذي قبل الإلتماس فيه وتعود الخصومة إلى الحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المطعون فيه، وبالحكم بقبول الإلتماس تدخل دعوى الإلتماس في المرحلة الثانية.  

فيتعين على المحكمة ومن تلقاء نفسها أن تتحقق أولاً من أن الطعن بالإلتماس قد برفع في ميعاده صحيحاً من ناحية الشكل و متعلقاً بحكم إنتهائي مبنياً على أحد الأسباب التي نص عليها القانون والتي وردت فيه على سبيل الحصر وعلى المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم قبول . الإلتماس إذا ظهر لها أنه لم يين على سبب من الأسباب التي حصرها القانون. وتنتهي هذه المرحلة إما بالحكم بعدم قبول الإلتماس، أو أن تحكم بقبول الالتماس، ويترتب على هذا الحكم زوال الحكم الملتمس فيه من الوجود في حدود ما وقع عنه الطعن وزوال كافة الآثار القانونية التي ترتبت على قيامه. (أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 946 ).

إذ يجب على المحكمة في هذه المرحلة أن تتحقق من أربعة أمور أولها أن الإلتماس قد قدم في الميعاد فإذا كان قد قدم بعد الميعاد فإن التمسك بظهور ورقة جديدة مزورة أثناء نظره لا يصحح شكله (نقض 1962/6/7 - سنة 13 ص 782). وثانيها أن الناس قد بني على أحد الوجوه التي نص عليها القانون على سبيل الحصر. وثالثها أن الحكم. المطعون فيه لم يسبق رفع إلتماس فيه، ورابعها إستكمال إجراءات الإنتهاء للشروط القانونية. فإذا تحققت من توافر هذه الأمور قضت بقبول الإلتماس وعندئذ يلغى الحكم المطعون فيه كله أو الجزء الذي قبل الالتماس فی شأنه وتعود الخصومة إلى الحالة التي كانت عليها قبل .. صدور الحكم المطعون عليه ثم تبدأ المرحلة الثانية. أما إذا تخلف أحد هذه الأمور قضت بعدم قبول الإلتماس وينتهى الأمر عند هذا الحد ويمتنع على المحكمة حينئذ أن تتعرض لما أثاره الطاعن في سبب طعنه من طلبات تتعلق بموضوع الإلتماس (نقض 1953/4/3 - مجموعة القواعد، ج 1 سنة 4 ص 296) ولا يجوز الطعن في حكمها بالمقاس جدید کمثالاً يجوز الطعن في الحكم المطعون فيه بالإلتماس مرة ثانية سواء من الملتمس أو خشيه غير أنه إذا قضى ببطلان صحيفة الإلتماس. جاز للملتمس رفعه ثانية إذا كان الميعاد مفتوحاً (كمال عبد العزيز : ص 1638 و1639).

ويلاحظ أنه لا يجوز الطعن على إستقلال في الحكم الصادر بإعتبار الحكم الملتمس فيه كان لم يكن وتجديد جلسة لنظر الموضوع.(نقض 1991/10 طعن 2863 سنة 57 قضائية، نقض 1982/5/6 طعن 649 لسنة 48 قضائية - سنة 32 ص 493 ).

كما يلاحظ أنه في هذه المرحلة الأولى ليس للقاضي أو الخصوم مناقشة القضية التي صدر فيها الحكم سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون (فتحى والى  - بند 379 ص 770 و 771  والمراجع المشار إليها  فيه).

والأصل أن ينحصر البحث في أسباب إعادة النظر التي تشتمل عليها الصحيفة، ولكن تطبيقاً لمبدأ الإقتضاء في الإجراءات يرى بعض الفقهاء أنه يجوز للطاعن التمسك - أثناء هذه المرحلة - بأسباب جديدة لإعادة . النظر، وذلك حتى لا يضطر إلى التمسك بها في منظومة لاحقة على أنه يجب لهذا أن يكون ميعاد الطعن بالنسبة لهذه الأسباب ما زال قائماً افتحي والي - الإشارة السابقة) وإذا رأت المحكمة قبول الطعن، فإنها تحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن و تحدد جلسة للمرافعة في الموضوع ولا حاجة لإعلان الخصومة بها، وكما ذكرنا آنفاً لا يجوز الطعن في هذا الحكم إستقلالاً عن الحكم في الموضوع بإعتباره حكماً غير منه للخصومة كلها (نقض 1991/1/10 ، مشار إليه آنفاً) أما إذا رأت المحكمة عدم قبول الطعن، أن رفضة، فإنها تحكم بذلك. وفي حالة الرفض ووفقا للمادة 246 يجب على المحكمة إلزام الملتمس بغرامة من ثلاثين إلى مائة جنيه إلا إذا كان سبب الإلتماس هو أحد السببين الأخيرين في المادة 241 ، فعندئذ يجب عليها مصادرة الكفالة المقدمة من الملتمس لها أو بعضها ولا يخل هذا بحق الملتمس ضده في التعويض.

وجدير بالذكر أنه لا يجوز الحكم بالغرامة عند الحكم بإعتبار الإلتماس كأن لم يكن وفقاً للمادة 182. (نقض 1991/7/24 في الطعن 3327 لسنة 60 ق ).

ب - المرحلة الثانية : الفصل في الموضوع : وهذه المرحلة نبدا فقط إذا إنتهت المرحلة السابقة بحكم بقبول إعادة النظر، ووفقاً للمادة 245 - محل التعليق - للمحكمة أن تفصل بحكم واحد في قبول الإلتماس وفي الموضوع إذا كان الخصوم قد قدموا أمامها طلباتهم في الموضوع (نقض 1991/1/10 ، في الطعن رقم 2892 لسنة 57 ق) وترافعوا في الموضوع أو مكنوا من ذلك ، فإذا رأت المحكمة أن الفصل في الموضوع يحتاج إلى تحقيق جديد فإنها تقبل إعادة النظر ، وتؤجل نظر الموضوع فتحي والي - ص 771).

ففي هذه المرحلة أي مرحلة الحكم في موضوع الدعوى تحدد المحكمة جلسة للمرافعة في موضوع الدعوى والحكم فيها بدون حاجة إلى إعلان جديد ، وتنتهي هذه المرحلة بحكم في موضوع الدعوى يحل محل الحكم الذي ألغي بقبول الإلتماس ، ما لم تنته الخصومة قبل الفصل في موضوع الدعوى بسبب من الأسباب المنهية للخصومة ، قبل الفصل في موضوعها أو بإنقضائها بالتقادم  فتناول المحكمة في هذه المرحلة موضوع الدعوى طبقاً للقواعد التي تمر بها الدعوى المبتدأة، ويعوضها ما يعترض هذه الدعوى ولكن لا يجوز المحكمة أن تتناول غير الطلبات التي تناولها الإلتماس ما لم تكن مرتبطة - بعضها إرتباطاً لا يقبل التجزئة ، كما أن المحكمة لا تعود للموضوع إلا بالنسبة للشخص الذي قبل إلتماسه : ثم تصدر المحكمة حكماً جديداً في الموضوع له كل آثار الأحكام ( كمال عبد العزيز - ص 1639).

ونطاق القضية أمام محكمة الإلتماس يتحدد بما كان مطروحاً في الدعوى قبل إصدار الحكم الملغي ولكن في حدود ما قبل عنه الإلتماس وتبقي عناصرها الموضوعية والإجرائية فنتيجة لكون الهدف من هذه المرحلة هو إصدار حكم يحل محل الحكم الذي ألغى بقبول إعادة النظر فإن القضية في هذه المرحلة تكون بنفس النطاق الذي كانت عليه قضية الموضوع قبل إصدار الحكم الملغى ، ويترتب على ذلك أن تبقى. عناصر هذه القضية التي لم يمسها هذا الحكم كما في ، فتبقى أدلة الإثبات المقدمة فيها والسقوط الذي تحقق والمراكز الإجرائية التي للخصوم،فيعود مركز الملتمس في الخصومة إلى ما كان عليه قبل صدور الحكم الملتمس فيه ، فإن كان في مركز المستأنف عاد في مركز المستأنف. (نقض 1991/7/24 - في الطعن 3337 لسنة 60 ق ) .

للخصوم نفس السلطات التي كانت لهم قبل إصدار الحكم، فلهم التقدم بوقائع وأدلة جديدة ، كما أن لهم التمسك بأوجه دفاع ودفوع جديدة ، كذلك تكون للمحكمة نفس السلطات التي لها عند بحث الموضوع. فيكون لها أن تكيف الواقعة تكييف مختلفاً كما يكون لها أن تصدر تقديراً مغايراً للتقدير الذي إشتمل عليها القانون المطعون فيه سواء من حيث تقدير الواقع أو من حيث تقدير القانون في فتحی والی - ص 772).

وتنبغي ملاحظة أن القضاء برفض الإلتماس موضوعاً يتساوى في نتيجته مع الحكم بعدم جوازه فيكون النعي بذلك أمام محكمة النقض غير منتج . ( نقض 1964/12/31 - طعن 305 سنة 30  فضائية - سنة 15 ص 1395 ) .

وقد مضت الإشارة إلى أن قضاء المحكمة بقبول الإلتماس وإعتبار الحكم الملتمس فيه كان لم يكن وتحديد جلسة لنظر الموضوع لا يجوز الطعن فيه إستقلالاً ، ففي حالة ما إذا تحققت المحكمة من توافر شروط الإلتماس الشكلية والموضوعية على النحو السابق وقضت بقبول الإلتماس في الحكم الملتمس فيه وإعتباره كأن لم يكن وحددت جلسة النظر موضوع الإلتماس فإن هذا الحكم لا حين هي الخصومة أمام محكمة إلتماس إذ ما زال موضوعه مطروحاً عليها لم تقل كلمتها فيه، ولا يعتبر من الأحكام الوقتية والمستعجلة أو الصادرة بوقف الدعوى أو القابلة للتنفيذ الجبرى التي لا يجوز الطعن فيها على إستقلال قبل الحكم الصادر في الموضوع، وذلك عملاً بالمادة 212 مرافعات ( نقض 1991/1/10 - طعن 2863 لسنة 57 قضائية ) .

قضاء المحكمة بقبول الإلتماس وإعتبار الحكم الملتمس فيه كأن لم يكن وتحديد جلسة لنظر الموضوع لا يجوز الطعن فيه إستقلالاً. (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء : الخامس  ،  الصفحة :  85)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الحادي والأربعون ، الصفحة / 166

شَهَادَةُ الزُّورِ:

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْقَضَاءَ يَنْفُذُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إِذَا كَانَ الْمَحَلُّ قَابِلاً، وَالْقَاضِي غَيْرُ عَالِمٍ بِزُورِهِمْ. وَذَلِكَ فِي الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، وَالْفُسُوخِ كَالإِْقَالَةِ وَالطَّلاَقِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه  لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ: شَاهِدَاكِ زَوَّجَاكِوَقَالَ الصَّاحِبَانِ وَزُفَرُ: يَنْفُذُ ظَاهِرًا فَقَطْ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، لأِنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ حُجَّةٌ ظَاهِرًا لاَ بَاطِنًا، فَيَنْفُذُ الْقَضَاءُ كَذَلِكَ؛ لأِنَّ الْقَضَاءَ يَنْفُذُ بِقَدْرِ الْحُجَّةِ.

أَمَّا إِذَا عَلِمَ الْقَاضِي بِكَذِبِ الشُّهُودِ فَلاَ يَنْفُذُ حُكْمُهُ أَصْلاً.

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يُنْقَضُ الْحُكْمُ إِنْ ثَبَتَ بَعْدَ الْحُكْمِ كَذِبُهُمْ إِنْ أَمْكَنَ، وَذَلِكَ قَبْلَ الاِسْتِيفَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتِ الْكَذِبُ إِلاَّ بَعْدَ الاِسْتِيفَاءِ لَمْ يَبْقَ إِلاَّ غُرْمُ الشُّهُودِ الدِّيَةَ أَوِ الْمَالَ، وَلاَ يَتَأَتَّى نَقْضُ الْحُكْمِ.

وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: إِذَا ثَبَتَ كَوْنُ الشُّهُودِ شُهُودَ زُورٍ وَجَبَ نَقْضُ الْحُكْمِ.

انْظُرْ: (شَهَادَة الزُّورِ ف 8 - 9).

 الرُّجُوعُ عَنِ الشَّهَادَةِ:

 لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي عَدَمِ نَقْضِ الْحُكْمِ إِذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ وَكَانَ رُجُوعُهُمْ بَعْدَ الْحُكْمِ إِنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ فِيهِ مِنَ الأْمْوَالِ، أَمَّا إِنْ كَانَ الْحُكْمُ فِي قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَكَانَ رُجُوعُ الشُّهُودِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الاِسْتِيفَاءِ فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ لِحُرْمَةِ الدَّمِ وَلِقِيَامِ الشُّبْهَةِ، وَإِذَا كَانَ بَعْدَ الاِسْتِيفَاءِ فَلاَ يُنْقَضُ الْحُكْمُ، وَيُلْزَمُ الشُّهُودُ بِالضَّمَانِ أَوِ الْقَصَاصِ حَسَبَ الأْحْوَالِ.

وَتَفْصِيلُ مَا يُرْجَعُ بِهِ عَلَى الشُّهُودِ فِي الأْمْوَالِ وَالْجِنَايَاتِ وَغَيْرِهَا يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِ (شَهَادَة ف 48، وَرُجُوع ف 37، وَضَمَان ف 142).

شَهَادَةُ الأْصْلِ لِفَرْعِهِ وَعَكْسُهُ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِلآْخَرِ:

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الأْصْلِ لِفَرْعِهِ، وَالْفَرْعُ لأِصْلِهِ.

وَيَرَى الْجُمْهُورُ عَدَمَ قَبُولِ شَهَادَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلآْخَرِ، خِلاَفًا لِلشَّافِعِيَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِقَبُولِهَا لاِنْتِفَاءِ التُّهْمَةِ.

وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ ظَهَرَ أَنَّ الشَّاهِدَ ابْنُ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ وَالِدُهُ، وَالْقَاضِي لاَ يَرَى الْحُكْمَ بِهِ نَقَضَهُ بَعْدَ إِثْبَاتِ السَّبَبِ وَلَمْ يُنَفِّذْهُ لأِنَّهُ حُكْمٌ بِمَا لاَ يَعْتَقِدُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يَرَى الْحُكْمَ بِهِ لَمْ يَنْقُضْهُ لأِنَّهُ يَحْكُمُ بِمَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ فِيمَا هُوَ سَائِغٌ فِيهِ، أَشْبَهَ بَاقِيَ مَسَائِلِ الْخِلاَفِ، وَهَذَا إِذَا كَانَ الْقَاضِي مُجْتَهِدًا.

الدَّفْعُ مِنَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً لَمْ يَعْلَمْهَا:

إِذَا قَالَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ: لَدَيَّ بَيِّنَةٌ لَمْ أَعْلَمْهَا قَبْلَ الْحُكْمِ وَطَلَبَ سَمَاعَهَا وَنَقْضَ الْحُكْمِ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَلاَ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، فَقَدْ سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى دَيْنًا فِي تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَصَدَّقَهُ الْوَارِثُ فِي ذَلِكَ وَضَمِنَ لَهُ إِيفَاءَ الدَّيْنِ، ثُمَّ ادَّعَى الْوَارِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ كَانَ قَضَى الْمَالَ فِي حَيَاتِهِ وَأَرَادَ إِثْبَاتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، قَالَ: لاَ تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلاَ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُسْمَعُ مِنْ بَيِّنَتِهِ، فَإِنْ شَهِدَتْ بِمَا يُوجِبُ الْفَسْخَ فُسِخَ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: لاَ يُسْمَعُ مِنْهَا، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إِنْ قَامَ بِهَا عِنْدَ ذَلِكَ الْقَاضِي الْحَاكِمِ نَقَضَهُ، وَإِنْ قَامَ عِنْدَ غَيْرِهِ لَمْ يَنْقُضْهُ.

وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بَعْدَ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي وَتَعْدِيلِهَا فَقَدْ أَقَامَهَا فِي أَوَانِ إِقَامَتِهَا، فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا حَتَّى قَضَى الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي وَسَلَّمَ الْمَالَ إِلَيْهِ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يُسْنِدِ الْمِلْكَ إِلَى مَا قَبْلَ إِزَالَةِ الْيَدِ فَهُوَ الآْنَ مُدَّعٍ خَارِجٌ، وَإِنْ أَسْنَدَهُ وَاعْتَذَرَ بِغَيْبَةِ الشُّهُودِ وَنَحْوِهَا فَهَلْ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَهَلْ تُقَدَّمُ بِالْيَدِ الْمُزَالَةِ بِالْقَضَاءِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا نَعَمْ، وَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ الأَْوَّلُ لأَِنَّهَا إِنَّمَا أُزِيلَتْ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ، وَقَدْ ظَهَرَتِ الْحُجَّةُ، فَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْحُكْمِ لِلْمُدَّعِي وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ إِلَيْهِ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ وَقُدِّمَتْ عَلَى الصَّحِيحِ لِبَقَاءِ الْيَدِ حِسًّا.

ي- إِذَا لَمْ يُعَيَّنِ الْقَاضِي مِنْ قِبَلِ وَلِيِّ الأْمْرِ:

إِذَا اتَّفَقَ أَهْلُ بَلَدٍ قَدْ خَلاَ مِنْ قَاضٍ عَلَى أَنْ يُقَلِّدُوا عَلَيْهِمْ قَاضِيًا، فَإِنْ كَانَ إِمَامُ الْوَقْتِ مَوْجُودًا بَطَلَ التَّقْلِيدُ، وَمِنْ ثَمَّ تَبْطُلُ جَمِيعُ أَحْكَامِهِ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ ثَمَّةَ إِمَامٌ صَحَّ التَّقْلِيدُ وَنُفِّذَتْ أَحْكَامُهُ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ تَجَدَّدَ بَعْدَ نَظَرِهِ إِمَامٌ لَمْ يَسْتَدِمِ النَّظَرَ إِلاَّ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يُنْقَضْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْكَامِهِ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.

وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (قَضَاء ف 23).