loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

الأخذ بنظام قاضي التنفيذ :

رأی المشروع تأكيداً لإشراف القضاء على اجراءات التنفيذ في كل مرحلة من مراحلها وجمعاً لشتات المسائل المتعلقة بالتنفيذ في يد قاض واحد قريب من محل التنفيذ أن يستحدث نظام قاض للتنفيذ يندب في مقر كل محكمة جزئية من بين قضاة المحكمة الإبتدائية مادة 274 من المشروع) وجعله يختص دون غيره بالفصل في جميع المنازعات المتعلقة بالتنفيذ أياً كانت قيمتها وسواء كانت بين الخصوم ام من الغير وسواء كانت منازعات موضوعية أو وقتية في صورة دعاوی أو إعتراضات أو إشکالات وجعل له سلطة قاضی الأمور المستعجلة في المنازعات الوقتية كما جعل له سلطة إصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ (مادة 275 من المشروع وتمكيناً الاشراف على إجراءات التنفيذ ومتابعتها نص المشروع على إنشاء ملف لكل طلب تنفيذ ولو لم تثر بشأنه منازعة ترفق به كل الأوراق المتعلقة بالتنفيذ وأوجب عرضه على قاضي التنفيذ عقب كل إجراء ليأمر بما يراه في شانه (المادة 278 من المشروع) .

جعل المشروع قاضي التنفيذ أحد قضاة المحكمة الإبتدائية في مقر كل محكمة جزئية على أن يكون إختياره بطريق الندب مادة 274 مشروع واسند اليه إختصاصاً شاملاً في جميع المسائل والمنازعات المتعلقة بالتنفيذ أياً كانت قيمتها وجعل إستئناف حكمه في المنازعات الموضوعية إلى المحكمة الإبتدائية إذا زادت قيمة النزاع على مائة وخمسين جنيهاً ولم تجاوز خمسمائة جنيه والى محكمة الإستئناف اذا زادت على ذلك كما تستأنف أحكامه في المنازعات الوقتية إلى المحكمة الإبتدائية (مادة 277 مشروع).

وبدیهی أن التظلم من الأوامر التي يصدرها قاضي التنفيذ يكون بالطريق المعتاد الذي رسمه قانون المرافعات للتظلم من الأوامر على العرائض .

 

المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 76 لسنة 2007 المعدل لقانون المرافعات :

جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أنه تفعيلاً لنظام تنفيذ الأحكام اتجه المشروع إلى إنشاء إدارة التنفيذ بمقر كل محكمة إبتدائية، وذلك برئاسة قاض . بمحاكم الإستئناف يعاونه عدد من قضاة المحكمة الإبتدائية بدرجة رئيس محكمة على الأقل من بينهم قاضي التنفيذ، وذلك ما كشف عنه العمل من سلبيات تعتري عملية تنفيذ الحكم والتي بدونها تظل الأحكام مجرد سطور على الأوراق حبيسة مدادها، وقد إقتضى هذا التفعيل قصر إستئناف أحكام قاضي التنفيذ أيا كانت قيمة المنازعة على المحكمة الإبتدائية فحسب، وإجراء التنفيذ بواسطة معاوني التنفيذ دون المحضرين، وهم فئة جديدة من معاوني القضاة تحدد بقرار من وزير العدل قواعد اختيارهم وتنظيم شئونهم ويلحق بالإدارة عدد من رجال الشرطة للمعاونة عند إتخاذ إجراءات التنفيذ وإعلاناتها.

وإستجابة للفلسفة التي قام عليها المشروع - من إنشاء إدارة التنفيذ - نصت المادة 274 في المشروع على أن يجرى التنفيذ تحت إشراف إدارة التنفيذ ، تنشأ بدائرة كل محكمة إبتدائية ، و أجازت لوزير العدل إنشاء فروع لها بدوائر المحاكم الجزئية.

وحددت المادة في فقرتها الثانية كيفية تشكيل هذه الإدارة، فأناطت رئاستها لقاض من قضاة محاكم الإستئناف، وأوكلت أمر الحمل بالإدارة لعدد كاف من قضاة الإستئناف، وكذلك قضاة المحكمة الإبتدائية، ممن تتوفر فيهم خبرة كافية فإشترطت الفقرة كونهم بدرجة رئيس محكمة على الأقل.

كما أوجبت المادة أن يكون قاضي التنفيذ من بين الرؤساء بالمحكمة الإبتدائية القائمين بالعمل في إدارة التنفيذ.

وفي صدد إستكمال تشكيل الإدارة ألحقت بالعمل العدد الكافي من معاونى التنفيذ والموظفين، و خولت المادة لوزير العدل سلطة تحديد قواعد اختيار موظفي الإدارة - سيما معاوني التنفيذ - وتحديد كيفية تنظيم شؤونهم حرصاً منها على أن يكونوا ممن تتوفر فيهم كفاية معينة، ومن يتمتعون بالتأهيل المناسب، الذي يعينهم على حسن أداء واجباتهم والإضطلاع بالمهام المنوطة بهم.

وحددت الفقرة الرابعة من المادة ذاتها إختصاصات مدير إدارة التنفيذ وقضاتها، فنصت على اختصاصهم بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ دون الأحكام والتي بقيت من إختصاص قاضي التنفيذ إستئثار، وجعلت التظلم من تلك القرارات بعريضة ترفع لمدير الإدارة، فضلاً عن إيلائها تنظيم الإدارة بقرار من وزير العدل.

الأحكام

1- مفاد نص المادتين 274 ، 275 من قانون المرافعات أن التنفيذ يجرى تحت إشراف قاض للتنفيذ بندب فى مقر كل محكمة جزئية من بين قضاة المحكمة الإبتدائية و يختص دون غيره بالفصل فى جميع منازعات التنفيذ الموضوعية و الوقتية أياً كان قيمتها ، و لقد إستهدف المشرع من وضع هذا النظام من جمع شتات المسائل المتعلقة بالتنفيذ فى يد قاض واحد قريب من محل التنفيذ و جعله يختص دون غيره بالفصل فى جميع المنازعات المتعلقة بالتنفيذ سواء أكانت منازعات موضوعية أم وقتية و سواء كانت بين الخصوم أو من الغير ، كما خوله سلطة قاضى الأمور المستعجلة عند فصله فى المنازعات الوقتية ، مما مقتضاه أن قاضى التنفيذ أصبح هو دون غيره المختص نوعياً بجميع منازعات التنفيذ الوقتية و الموضوعية أياً كانت قيمتها و ذلك فيما عدا ما إستثنى بنص خاص ، و من ثم فلا يفقد قاضى التنفيذ صلاحيته لنظر إشكال وقتى فى التنفيذ و لا يصلح سبباً لرده فصله فى إشكال وقتى سابق أو إصداره قرارات وقتية قبل نظر موضوعه أملتها ظروف الأحوال طبقاً للإختصاصات المخولة له قانوناً و لو كانت هذه القرارات أو تلك الإشكالات بصدد نزاع مردد بين الخصوم أنفسهم .

(الطعن رقم 2335 لسنة 50 جلسة 1990/01/18 س 41 ع 1 ص 196 ق 40)

2- ندب قاضى للتنفيذ فى مقر كل محكمة جزئية من بين قضاة المحكمة الإبتدائية و إختصاصه دون غيره بالفصل فى جميع منازعات التنفيذ الموضوعية و الوقتية و بإصدار القرارات و الأوامر المتعلقة بالتنفيذ لا يجعل منه دائرة من دوائر المحكمة الجزئية و من ثم فلا تعتبر إحالة الدعوى من محكمة المواد الجزئية المذكورة إليه مجرد قرار بإحالة الدعوى إدارياً من دائرة من دوائر المحكمة إلى دائرة أخرى من دوائرها و إنما هو فى حقيقته قضاء ضمنى بعدم إختصاص تلك المحكمة نوعياً بنظر الدعوى و بإحالتها إلى قاضى التنفيذ بإعتباره المختص بنظرها ، و مؤدى ذلك أن تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة 110 مرافعات .

(الطعن رقم 1653 لسنة 48 جلسة 1983/05/22 س 34 ع 2 ص 1262 ق 252)

 

شرح خبراء القانون

التنفيذ الجبري:

تبدأ الخصومة أمام القضاء بإيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة، وتنعقد بإعلانها أو بحضور المدعي عليه، وتقدم الدفوع وأوجه الدفاع المتعلقة بالنزاع وعندما تتهيأ للحكم تصدر المحكمة الحكم، إما بإلزام المدعى عليه بأداء ما كان قد ألتزم به للمدعي أو بتنفيذ ما قرره القانون، ومتى إستوفى الحكم شروط السند التنفيذي، جاز للمحكوم له أن ينفذه جبراً على المدين بما لا يمس الحرية الشخصية له إذ لا يكره الدين علي القيام بعمل رغم إرادته حتى لو صدر ضده حكم بالقيام بذلك وحينئذ يلجأ الدائن إلي الغرامة التهديدية ليحكم بها على المدين إن لم يقم بالتنفيذ، مثال ذلك العقد الذي يبرم مع مطرب أو ممثل ويمتنع عن تنفيذه، وحينئذ يستصدر المتعاقد الآخر حكماً بإلزامه بالقيام بهذا العمل مع تغريمه مبلغاً معيناً عن كل يوم يتأخر فيه عن تنفيذ إلتزامه.

فإن لم يتطلب تنفيذ الإلتزام التدخل الشخصي للمدين على نحو ما تقدم. كان الحكم قابلاً للتنفيذ الجبري، إما بتوقيع الحجز التنفيذي على أمواله ، سواء أكانت عقاراً أم منقولاً ، لبيعها وإقتضاء الحق المنفذ به من ثمنها، وإما تنفيذ الحكم تنفيذاً مباشراً لإقتضاء ما قضي به بما لا يحتاج للتدخل الشخصي من المدين، كتسليم عين النزاع أو سد مطل أو هدم عقار أو إخلاء العين المؤجرة أو طرد الغاصب.

ووضع المشرع الضوابط التي يتعين الإلتزام بها للتنفيذ الجبري ورتب البطلان علي مخالفة الجوهري منها، بحيث إذا تحققت المخالفة شاب التنفيذ البطلان وتعين على الدائن إتخاذ الإجراءات من جديد بما يتفق وما تطلبه القانون مني قضى به، وتتمثل هذه الضوابط في أن التنفيذ الجبري يجب أن يتم بموجب سند تنفيذي متضمناً تکلیف المدين بالوفاء للدائن أو لمن حل محله قانوناً أو إتفاقاً تحديداً لأطراف هذا السند، وأن يكون الوفاء بالإلتزام الذي قضي به الحكم أو تضمنه السند وتحدد نطاق هذا الوفاء بموجبه، وأن تتوافر مقدمات التنفيذ قبل البدء فيه ومراعاة شروط وسيلة التنفيذ التي يباشر بموجبها إذ تختلف شروط التنفيذ بطريق حجز المنقول لدى المدين عنها في حجزه لدى الغير عنها في التنفيذ بحجز العقار.

ومتى تم التنفيذ وفقاً لهذه الضوابط مجتمعة، بأن كان بموجب سند تنفيذي وبين أطراف هذا السند عن الدين محل الإلتزام مع إستيفاء مقدمات التنفيذ ومراعاة شروط الوسيلة التي تم التنفيذ وفقاً لها، كان التنفيذ صحيحاً لا تنال منه منازعات المنفذ ضده.

أما إذا تخلفت تلك الضوابط أو بعضها أو أحدها ، كان التنفيذ علي غير ما يتطلبه القانون وهو ما يجعله مشوباً بالبطلان، وحينئذ يكون للمدين الحق في المنازعة فيه ، سواء قبل الشروع في التنفيذ أو بعد ذلك، فإذا تعددت مراحل التنفيذ، فتكون كل مرحلة مستقلة عن الأخري فيما يتعلق بالمنازعة فيها، فقد ينازع الدين بعد تمام المرحلة الأولي ، فإذا انصبت منازعته علي تلك المرحلة كانت تالية علي التنفيذ، أما إذا إنصبت علي المرحلة التالية التي لم تبدأ بعد، كانت منازعته سابقة على التنفيذ، ويختلف حكم كل من هذه المنازعات حسبما يقصد منها، فقد تنصرف إلي طلب إتخاذ إجراء وقتي وقد تنصرف إلي التصدي للموضوع الذي إنصبت عليه المنازعة عندما يراد حسمه. مثال ذلك أن يمر التنفيذ بمرحلتين، هما الحجز ثم البيع، فإذا كان الحجز قد توقع، أعتبر التنفيذ قد تم بالنظر إلى الحجز، ولم يتم بالنسبة للبيع كمرحلة ثانية، وبالتالي إذا نازع الدين في الحجز، كانت منازعته لاحقة للتنفيذ، أما إذا نازع في البيع كانت منازعته سابقة على التنفيذ.

وتختلف طبيعة المنازعة بحسب المطلوب فيها، فإن كان المطلوب إستصدار حكم بإتخاذ إجراء مؤقت، كانت المنازعة وقتية كطلب وقف تنفيذ الحكم مؤقتاً أما إن كان المطلوب إستصدار حكم موضوعي بعد التصدي المنازعة التنفيذ، كانت المنازعة موضوعية ، سواء إنحصرت في الإجراء الذي تم التنفيذ بمقتضاه كطلب بطلان الحجز أو رفعه لتعلق ذلك بذات موضوع الإجراء لما يتطلبه التصدي من بحث شروط صحة الحجز للوقوف على توافرها من عدمه وهو ما يمس صميم الموضوع ، وقد لا تنحصر المنازعة في الإجراء الذي تم التنفيذ بمقتضاه فحسب إنما تتعداه إلى الدين المنفذ من أجله، ويكون التصدي له مؤثراً في ذلك الإجراء من حيث الصحة والبطلان، مثال ذلك ، أن يتوقع حجز لإقتضاء دین ، فینازع الدين في إستحقاقه ويقدم الدليل على الوفاء به للدائن بعد صدور الحكم المنفذ به ويطلب القضاء ببراءة ذمته منه ويبطلان الحجز المتوقع، وحينئذ يتوقف مصير الحجز على القضاء في طلب براءة الذمة ، فإن أجيب هذا الطلب ترتب عليه القضاء ببطلان الحجز، وحتي ينعقد الاختصاص بهذه المنازعة لقاضي التنفيذ، يجب أن تنصب على الطلبين معاً ، براءة الذمة وبطلان الحجز، حتي تعتبر منازعة تنفيذ، فإن إقتصرت علي براءة الذمة وحدها خرجت عن اختصاصه لخروجها عن منازعات التنفيذ.

والسندات التنفيذية، هي التي يتطلب تنفيذها تدخل السلطة العامة لإجبار المدين على التنفيذ، فإن لم يتطلب التنفيذ هذا التدخل، كان السند غير تنفيذي لا يجوز تنفيذ ما تضمنه جبراً على المدين، مثال ذلك الحكم الذي يتضمن تكييفاً للعلاقة بين أطرافه كأن ينص على أن المحكوم عليه مستأجر العين مفروشة أو لعين توافرت فيها شروط الجدك أو بإعتبار التصرف وصية ، وأيضاً الحكم الذي يضفي صفة معينة على الخصم، كتعيين حارس أو مصفي أو وصي، إذ بمجرد صدوره یكون لهؤلاء صفة في تمثيل الأصيل، وهذه الأحكام لا تتطلب تدخل السلطة العامة لتنفيذها، يستوي أن تكون هذه الأحكام قد صدرت منهية للخصومة أو قبل ذلك. فإن تم التنفيذ الجبري بموجبها، كان باطلاً لعدم وجود سند تنفيذي.

وللمحكوم له أن يعدل عن التنفيذ الجبري وحينئذ يظل حقه فيه قائماً حتى ينقضي بالتقادم، فإن تمثل السند التنفيذي في عقد رسمي ، انقضى الحق الثابت به بالمدة التي ينقضي بها، فقد تكون خمس عشرة سنة أو خمس سنوات أو سنة واحدة ، إذ لا يترتب علي العقد الرسمي تعديلها، أما أن تمثل السند التنفيذي في حكم فإن الحق الذي صدر في شأنه يندمج فيه فلا يتقادم إلا بخمس عشرة سنة وهي مدة تقادم الحكم دون إعتداد بمدة تقادم الحق علي إستقلال ، فإن كانت قبل الحكم خمس سنوات أصبحت بعده خمس عشرة سنة ، ويتقادم السند التنفيذي، يفقد قوته التنفيذية ويمتنع تنفيذه جبراً ، ويلزم لذلك أن يتمسك الملتزم فيه بهذا التقادم عند التنفيذ.

ويكون الحكم قابلاً للتنفيذ الجبري إن كان جائزاً تنفيذه جبراً علي المدين بحكم القانون، أو بأمر من المحكمة عندما تشمل حكمها بالنفاذ.، والعبرة في الحالة الأخيرة بشمول الحكم فعلاً بالنفاذ المعجل.

ومتى شملت المحكمة الإبتدائية حكمها بالنفاذ المعجل، وتم تنفيذه ثم قضت محكمة الإستئناف بإلغائه ورفض هذا الشق، فإن الحكم الإستئنافي يكون بدوره قابلاً للتنفيذ الجبري لإزالة آثار تنفيذ الحكم.

والحكم الذي يقتصر على تقرير حق أو إنشاء مركز قانوني لأحد الخصوم لا يكون قابلاً للتنفيذ الجبري، مثال ذلك الحكم بتقرير مبدأ مسئولية المدعى عليه وحق المدعي في التعويض، أو الحكم الذي يكيف العلاقة بين الخصوم أو يكيف عقد النزاع، إذ لم يتضمن إلزام أحد الخصوم بأداء معين.

الإشراف على إجراءات التنفيذ :

يجرى التنفيذ تحت إشراف إدارة التنفيذ الكائن مقرها بالمحكمة الإبتدائية بناء على طلب من المحكوم له، والأصل أن تعرض عليها إجراءات التنفيذ المزمع اتخاذها لإبداء توجيهاتها بشأنها والإجابة على ما يطرحه عليها معاون التنفيذ من إستفسارات ، وقد يتم ذلك شفاهة أو بالتأشير علي ملف التنفيذ أو علي المذكرة التي قد يطرحها المحضر عليها عندما تصادفه مسألة ويرغب في معرفة الإجراء الذي يتعين عليه إتخاذه بصددها، ويصدر مدير إدارة التنفيذ أو من يعاونه من القضاة هذه التعليمات بصفته الرئاسية لمعاون التنفيذ المنوط به التنفيذ ويكون لها الطابع الإداري البحت ومن ثم فإنها لا تكسب حقاً ولا تنال من حق، ويكون للخصوم إتخاذ كافة الإجراءات وطرح ما يعني لهم من منازعات ويتصدي لها قاضي التنفيذ بصفته القضائية .

ولذوي الشأن التظلم من القرارات والأوامر الصادرة من القضاة المعاونين لمدير إدارة التنفيذ بعريضة ترفع للأخير ويكون قراره نهائياُ لا يجوز الطعن فيه أو التظلم منه.

جدول التنفيذ :

لا يقوم قلم المحضرين بتنفيذ الأحكام والسندات التنفيذية من تلقاء نفسه وإنما بناء علي طلب يقدم من ذي الشأن، يضمنه صدور حكم أو سند تنفيذي لصالحه ضد المنفذ ضده، وينوه إلى السند التنفيذي بإيضاح رقمه وتاريخه والجهة الصادر منها وأنه استوفى الشروط اللازمة لتنفيذه جبراً على المدين فيه، ويرفق به السند التنفيذي، ويقدم الطلب إلى المحكمة التي يجري التنفيذ بدائرتها، فيقوم الموظف المختص بقيده بجدول التنفيذ قرین الرقم التالي لآخر رقم بالجدول، يكون هو رقم منازعة التنفيذ في حالة إثارة مثل هذه المنازعة، ولا يترتب أي بطلان علي عدم قيد طلب التنفيذ بالجدول المعد لذلك بإعتبار أن القيد مسألة تنظيمية، وبالتالي فإذا طرحت منازعة تنفيذ دون أن تكون مقيدة به، فإن قاضي التنفيذ يلتزم بالتصدي لها وكل ما يجب عليه أن يتحقق منه ينحصر في إنعقاد الخصومة في المنازعة سواء بإعلان صحيفتها أو بالحضور، ويجوز بعد ذلك قيد المنازعة دون إلتزام بالترتيب الذي كان يتعين أن تكون عليه .

وقد ترفع المنازعة قبل تقديم طلب التنفيذ، كما لو رفعت قبل الشروع في التنفيذ، وحينئذ تقيد بذات الجدول وتعطي الرقم التالي لآخر رقم بالجدول.

 ملف التنفيذ:

بمجرد قيد طلب التنفيذ، يخصص له ملف يودع به الطلب وجميع الأوراق التي تتعلق بالتنفيذ، كالسند التنفيذي والتوكيلات الخاصة ومحاضر الحجز والبيع وصحف المنازعات سواء كانت وقتية أو موضوعية، ويعرض الملف بما تضمنه علي قاضي التنفيذ عقب إتخاذ أي إجراء للنظر ولي أمر بما يراه مناسباً ، وإذا رفعت منازعة، وجب أن تودع نسخة الحكم الأصلية أو نسخة القرار أو الأمر الذي يصدره بملف التنفيذ، ويكون هذا الملف هو المعول عليه في إثبات كافة الإجراءات المتعلقة بالتنفيذ منذ تقديم طلب التنفيذ وحتى إقفال الملف بإتمام التنفيذ رضاء أو قضاء أو بصدور حکم نهائي ببطلانه.

مباشرة التنفيذ :

مفاد نص المادتين (6) ، (279) من قانون المرافعات أن كل تنفيذ يكون بواسطة المحضرين بناء على طلب الخصم ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. ومتى كان التنفيذ من إختصاص المحضرين، كانوا ملزمين بإجرائه متى إستوفى شروطه القانونية بأن تقدم الخصم بالسند التنفيذي الذي يصلح لتنفيذه جبراً و سند الوكالة عند تقديم الطلب بواسطة الوكيل، فإذا امتنع المحضر عند ذلك عن القيام بأي إجراء من إجراءات التنفيذ متعلقاً بعدم توافر الشروط اللازمة لإجرائه، جاز للخصم أن يتقدم بعريضة إلي قاضي التنفيذ الذي يتبعه المحضر متضمنة هذا الإمتناع إذا كان على غير حق، طالباً إجراء التنفيذ، ويرفق بها الأوراق التي سبق أن تقدم بها، ليصدر القاضي أمراً ولائياً بذلك أو يرفض إجراء التنفيذ بعد سماع أقوال المحضر، فإذا رفض إجراء التنفيذ، جاز للطالب أن يتظلم من هذا الأمر وفقاً للقواعد المتعلقة بالتظلم من الأوامر على العرائض، أما إذا أجاب الطالب وأمر بإجراء التنفيذ، جاز للمنفذ ضده أن يتظلم أيضاً من هذا الأمر، فإن بدأ المحضر في إجراء التنفيذ قبل الحكم في التظلم، جاز للمنفذ ضده أن يرفع منازعة في التنفيذ بتقديم إشكال بوقف التنفيذ مؤقتاً ، فإذا اجتمع التظلم مع الإشكال، وقضي في التظلم أولا بإلغاء الأمر، تعين القضاء في الإشكال" بوقف التنفيذ لزوال السند الذي تم التنفيذ بموجبه، أما إذا قضي في التظلم بتأييد الأمر، فإن هذا القضاء تكون له حجية وقتية لا يجوز مخالفتها، طالما لم تتغير الظروف التي صدر فيها عنها وقت نظر الإشكال، وكذلك الحال إذا قضي في الإشكال أولاً.

فإن لم يمتنع المحضر عن التنفيذ وعند الشروع فيه عرض إشكال من المدين أو الغير، وكان إشكالاً أولاً ، تعين علي المحضر أن يوقف التنفيذ مع تكليف الخصوم الحضور أمام قاضي التنفيذ ، وفي هذه الحالة يكون إمتناع المحضر عن التنفيذ قد تم بموجب الإشكال عملاً بالمادة (312) من قانون المرافعات، وليس من تلقاء نفسه عند تقديم طلب التنفيذ إليه، وعند نظر الإشكال يتقدم طالب التنفيذ بكل أوجه دفاعه للحكم بالاستمرار في التنفيذ، فإن لم يحدد المحضر جلسة لنظر الإشكال بعد وقف التنفيذ، ففي هذه الحالة يجوز لطالب التنفيذ أن يكلف المستشكل بالحضور أمام قاضي التنفيذ لنظر الإشكال، إذ يعتبر الإشكال مرفوعاً منذ عرضه علي المحضر، ويجوز لأي من الخصوم تحریکه بتكليف خصمه بالحضور، فإن لم يتخذ طالب التنفيذ هذا الإجراء ولكن تقدم بعريضة إلي قاضي التنفيذ تعين عليه أن يحدد هو جلسة لنظر الإشكال يكلف الخصوم حضورها بمعرفة قلم المحضرين، ولا يعتبر هذا التحديد أمراً ولائياً وإنما قراراً إدارياً بما لقاضي التنفيذ من سلطة الإشراف على أعمال المحضرين .

وإذا وقعت مقاومة أو تعد علي المحضر وجب عليه أن يتخذ جميع الوسائل التحفظية وأن يطلب معونة القوة العامة والسلطة المحلية.

إنتفاء الوكالة عن المحضر:

يلتزم المحضر بالقيام بإجراءات التنفيذ متى توافرت الشروط اللازمة لذلك بأن يكون بید طالب التنفيذ سند تنفيذي صادر لصالحه وأن يتقدم بطلب لمحكمة التنفيذ، ومتى توافرت تلك الشروط، وجب على المحضر إجراء التنفيذ وإمتنع عليه الإمتناع أو التنحي عن ذلك، فهو يقوم بالتنفيذ بموجب المادة (279) من قانون المرافعات عندما تتوافر الشروط اللازمة لذلك بإعتباره موظفاً عاماً يباشر أعمال وظيفته وفقاً للقانون وما يصدر إليه من أوامر وتعليمات من قاضي التنفيذ وليس من طالب التنفيذ، وينتفي بذلك المقومات التي تجعل منه وكيلاً عن الأخير.

وإن كانت المادة (282) من ذات القانون قد أوجبت عليه قبض الدين من المنفذ ضده عند عرضه عليه مع إعطاء مخالصة وذلك دون تفويض خاص، فإن قبضه الذين لا يدل على أنه نائب قانوني عن طالب التنفيذ وإنما مكلفا بقبول هذا الوفاء شأنه في ذلك شأن قلم الكتاب عند إيداع المبلغ المعروض إيداعاً مبرئاً للذمة يقوم مقام الوفاء، ولا يساغ القول بإعتبار قلم الكتاب نائباً عن الموفي. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء : التاسع، الصفحة : 144)

 

حيث كان المشرع عند إصداره قانون المرافعات الحالي عام 1998 قد إستحدث فيه نظاماً خاصاً لقاضي التنفيذ قال أنه يلائم البيئة المصرية ونظامها القضائي وتفادي فيه ما يمكن أن يوجه للنظم التي إستعرضها في كثير من التشريعات العراقي واللبناني والإيطالي من عيب وما يمكن أن تثيره من صعوبات في العمل وأنه يهدف إلى توفير إشراف فعال متواصل للقاضي على إجراءات التنفيذ في كل خطوة من خطواته وعلى القائمين به في كل تصرف يتخذ منهم كما يهدف إلى جمع شتات المسائل المتعلقة به في ملف واحد وفي يد قاض واحد قريب من محل التنفيذ يسهل علي الخصوم الإلتجاء إليه وأنه ومن أجل ذلك خول المشرع هذا القاضي إختصاصات وسلطات واسعة وشاملة لكل ما يتعلق بالتنفيذ فجعله مختصاً دون غيره بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ وبالفصل في كل المنازعات المتعلقة به سواء أكانت منازعات موضوعية أو وقتية وسواء أكانت من الخصوم أم من الغير كما خوله سلطة قاضي الأمور المستعجلة عند فصله في المنازعات الوقتية التي يكون المطلوب فيها إجراءاً وقتياً ونص المشرع على أن تتبع أمام قاضي التنفيذ الإجراءات المتبعة أمام المحكمة الجزئية ما لم ينص القانون على خلافها .

وجعله أحد قضاة المحكمة الإبتدائية في مقر كل محكمة جزئية على أن يكون إختياره بطريق الندب " المذكرة الإيضاحية للقانون".

ولكن المشرع عاد وبموجب القانون 76 لسنة 2007 إلي الفصل وإعادة توزيع  ما كان القاضي التنفيذ - وحده دون غيره - من إختصاصات شاملة بينه وبين إدارة أنشأها وأسماها إدارة التنفيذ.

حيث إختص قاضي التنفيذ بإصدار الأحكام في منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية إما إصدار القرارات والأوامر المتعلقة بإجراءات التنفيذ والإشراف عليه فاختص بها إدارة التنفيذ.

فأصبحت هذه الإدارة هي المختصة بالإشراف علي وإدارة عملية وإجراءات التنفيذ والإشراف على القائمين عليه من معاوني التنفيذ والموظفين وتنظيم شئونهم.

كما أنها هي التي يجب أن يتقدم إليها - كل من يسعى إلي تنفيذ حكم واجب النفاذ قانوناً - بطلب إلي مديرها لتنفيذ الحكم (المادة 278) وهو – أو أي من أعضاءها - الذي يصدر القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ وهم من يعرض عليهم ملف التنفيذ عقب كل إجراء من إجراءاته كما ويتم عرض ما قد يثور بين معاوني التنفيذ وذوى الشأن من خلافات علي مدير إدارة التنفيذ وهو الذي يصدر الأوامر اللازمة لتذليل ما قد يعترض معاون التنفيذ من عقبات كحدوث مقاومة أو تعد عليه حيث يجب علي معاون التنفيذ عرض ذلك علي مدير الإدارة قبل أن يطلب معونة القوة العامة أو السلطة المحلية (المادة 279).

فأصبح شتات إجراءات التنفيذ من بدايتها لنهايتها في يد إدارة التنفيذ وليقتصر بذلك الدور قاضي التنفيذ على إصدار الأحكام في منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية التي ترفع إليه بالطرق القانونية التي رسمها القانون لينتهي دوره عند هذا الحد وتكون أحكامه في تلك المنازعات بمالها من حجية ضمن ما يتضمنه ملف التنفيذ عند عرضه على إدارة التنفيذ وقد جعل المشرع لذوى الشأن الحق في التظلم من قرارات وأوامر إدارة التنفيذ المتعلقة بالتنفيذ بطلب يقدم على عريضة إلى مدير إدارة التنفيذ ويكون قراره في التظلم المرفوع إليه نهائياً ويقدم التظلم إليه حتى ولو كان القرار أو الأمر المتظلم منه صادراً منه نفسه.

أما أحكام قاضي التنفيذ في منازعات التنفيذ - الوقتية أو الموضوعية - فقد أجاز المشرع الطعن عليها بالإستئناف وأياً ما كانت قيمتها أمام المحكمة الإبتدائية بهيئة استئنافية (المادة 277 مرافعات).

وقد رأى المشرع أن يكون تشكيل إدارة التنفيذ برئاسة أحد قضاة محكمة الإستئناف ويعاونه عدد كاف من قضاء تلك المحكمة أيضاً وهؤلاء يتم ندبهم بواسطة وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى كما يعاونهم عدد آخر من قضاة المحكمة الابتدائية بدرجة رئيس محكمة على الأقل وهؤلاء تختارهم الجمعية العمومية للمحكمة الإبتدائية.

 ويتم إلحاق عدد كاف من الموظفين من معاوني التنفيذ - وهو الاسم الذي إستبدل المشرع به إسم (المحضر الذي كان مختصا بالتنفيذ (محضري التنفيذ) فأصبح من يلحق بإدارة التنفيذ من بين المحضرين يسمي معاون تنفيذ وما عداهم ما زال محتفظاً بإسمه كمحضري الإعلانات - ويحدد وزير العدل قواعد اختيار معاوني التنفيذ وموظفي إدارة التنفيذ وتنظيم شئونهم بقرار يصدره.

 كما جعل المشرع تنظيم إدارة التنفيذ ذاتها بقرارات يصدرها وزير العدل.

وجعل لكل محكمة إبتدائية إدارة التنفيذ بمقرها كما أجاز - بقرار من وزير العدل – إنشاء فروع لإدارة تنفيذ المحاكم الإبتدائية بدوائر محاكمها الجزئية.

 أما عن قاضي التنفيذ فهو أحد قضاة المحكمة الإبتدائية يوزع عليه العمل طبقا لقرار الجمعية العمومية للمحكمة ، وقد جرى العمل على أن تندب الجمعية العمومية قاض من قضاتها يختص بنظر منازعات التنفيذ التي تقع بالمدينة التي بها مقر المحكمة الإبتدائية ، وأن تندب أحد قضاة المحكمة الجزئية قاضياً للتنفيذ بالإضافة إلى عمله الأصلي وهذا لا يعني أن قاضي التنفيذ دائرة من دوائر المحكمة الجزئية وإنما هو محكمة قائمة بذاتها لها إختصاصاً النوعي التي تستقل به .

 وقد قضى في ذلك.

ندب قاض للتنفيذ في مقر كل محكمة جزئية من بين قضاة المحكمة الإبتدائية وإختصاصه دون غيره بالفصل في جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أياً كانت قيمتها وبإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ لا يجعل منه دائرة من دوائر المحكمة الجزئية ومن ثم فلا تعتبر إحالة الدعوى من محكمة المواد الجزئية المذكورة إليه مجرد قرار بإحالة الدعوى إدارياً من دائرة من دوائر المحكمة إلي دائرة أخرى من دوائرها وإنما هو في حقيقته قضاء ضمني بعدم إختصاص تلك المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى قاضي التنفيذ بإعتباره المختص بنظرها.

وتختلف الإجراءات التي تتبع أمام محكمة التنفيذ بإختلاف نوع المنازعة التي تنظرها ، فالمنازعات الوقتية التي ينظرها بصفته قاضياً للأمور المستعجلة تطبق عليها القواعد والإجراءات التي تطبق على المسائل المستعجلة من حيث طريقة رفع الدعوى والسير فيها وشروط قبولها وحجية الأحكام الصادرة فيها، أما المنازعات الموضوعية فتطبق عليها الإجراءات المقررة لرفع الدعوى الجزئية والحكم الذي يصدر فيها له حجيته أمام محكمة الموضوع وأمام القضاء المستعجل .

ويعتبر قاضي التنفيذ صاحب الولاية العامة بالفصل في منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية طبقاً للأصل العام المقرر في المادة 275 مرافعات إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك وعلى ذلك فالأصل العام أن قاضي التنفيذ يختص حده دون غيره بجميع منازعات التنفيذ إلا إذا منعه الشارع من نظرها بنص صريح وأسندها إلى غيره كما سنبين فيما بعد .

وإختصاص قاضي التنفيذ بنظر منازعات التنفيذ اختصاص نوعي متعلق بالنظام العام فلا يجوز للخصوم الاتفاق على إختصاص محكمة أخرى و للخصوم التمسك بذلك في أية حالة كانت عليها الدعوى ، وعلى المحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها ، وعلي ذلك إذا رفعت منازعة تنفيذ أمام محكمة خلاف محكمة التنفيذ تعين عليها أن تقضي بعدم إختصاصها وإحالتها إلي محكمة التنفيذ عملاً بالمادة 110 مرافعات كما أنه إذا رفعت منازعة لا تتعلق بالتنفيذ إلي قاضي التنفيذ تعين عليه أن يقضي بعدم إختصاصه وإحالة الدعوى إلي المحكمة المختصة .

 وقد أورد الشارع في النص عبارة " منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية " ولم يذكر عبارة " إشكالات التنفيذ المستعجلة والموضوعية " لأن العبارة الأولى أعم وأشمل ذلك أن منازعات التنفيذ تشمل إشكالات التنفيذ وتشمل غيرها من المنازعات حول التنفيذ التي لا تعتبر إشكالاً .

ويختص قاضي التنفيذ بإعتباره فرعاً من جهة القضاء العادي بمنازعات تنفيذ الأحكام والأوامر والقرارات الصادرة عنها في تشكيلها المتعلق بالمواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية أيا كان محل التنفيذ سواء كان مالا أو غير ذلك کتسليم الصغير أو حضانته ، أما فيما عدا ذلك فيختص كأصل عام بمنازعات التنفيذ المتعلقة بسندات لم تصدر من جهة القضاء أو غيرها إذا كان التنفيذ وارداً على مال للأفراد ولم يكن القانون ينص صراحة على عقد الإختصاص النظر تلك المنازعات لجهة أخرى ومن ثم فهو يختص بمنازعات التنفيذ علي مال تنفيذاً لحكم صادر من جهة القضاء الإداري إلا إذا كان أساس المنازعة مسألة من اختصاص هذه الجهة وحدها ، كما يختص بالمنازعات المتعلقة بالحجز الإداري ولكن لا يختص بطلب وقف تنفيذ القرار الإداري ، ويختص أيضا بنظر المنازعات الناشئة عن تنفيذ السندات الرسمية وهذا هو الإختصاص الوظيفي. وإختصاص النوعي يشمل الأنزعة المتقدمة مهما بلغت قيمة النزاع وذلك بالنسبة للاختصاص القيمي.

 ومن أمثلة منازعات التنفيذ الموضوعية الدعوى ببطلان حكم مرسي المزاد وإستحقاق العقار سواء كانت الدعوى شاملة للطلب أم قاصرة علي الطلب الأول وحده.

 وعدم الإعتداد بالحجز طلب وقتي يهدف إلى منع التنفيذ ومن ثم فهو منازعة في التنفيذ ويختلف عن الإشكال في التنفيذ في أنه لا يوقف التنفيذ بمجرد رفعه ويجوز الفصل فيه حتى ولو كان التنفيذ قد تم ويخضع طلب عدم الإعتداد بالحجز سواء أكان حجزاً تنفيذياً أو تحفظياً علي المنقول أو حجز ما للمدين لدي الغير أو التنفيذ علي العقار للشروط التي يخضع لها الطلب الوقتي المستعجل بمعني أنه يتعين أن يتوافر فيه ركناً الإستعجال وعدم المساس بأصل الحق وعليه وهو يفصل في هذا الأمر بصفة وقتية أن يبحث من ظاهر المستندات ما إذا كان قد شاب الحجز بطلان ظاهر لا يحتمل شكا ولا تأويلا وفي هذه الحالة يقضي بعدم الإعتداد . وقد أورد المشرع بعض حالات عدم الإعتداد بالحجز في نصوص خاصة منها المادة 351 التي أجازت القاضي التنفيذ أن يحكم بصفة مستعجلة في مواجهة الحاجز في قبض دينه من المحجوز لديه رغم الحجز وذلك في الحالات التي بينتها تلك المادة ومؤدي هذه المادة إذ حكم القاضي للدائن بقبض دينه رغم الحجز فإنه يكون قد حكم ضمناً بعدم الإعتداد بالحجز .

على أن الحالات المنصوص عليها في تلك المادة لم ترد على سبيل الحصر ويجوز لقاضي التنفيذ كلما كان ظاهر الأوراق ينبئ عن بطلان الحجز أن يقضي بصفة مستعجلة بعدم الإعتداد به وإن كان قاضي التنفيذ بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة ممنوع عليه المساس بأصل الحق إلا أنه يجوز له أن يتعرض للمسائل القانونية مثار الخلاف ويأخذ بما يراه دون أن يعد ذلك مساساً بأصل الحق.

 وكذلك يختص قاضي التنفيذ بالفصل في منازعات التنفيذ علي العقار.

وكما يختص قاضي التنفيذ بمنازعات التنفيذ التي تثار من طرفي التنفيذ فإنه يختص أيضاً بالمنازعة التي يثيرها الغير.

ومنازعات التنفيذ التي تدخل في إختصاص قاضي التنفيذ النوعي ينبغي أن تتعلق بالأعمال الإجرائية التي ترمي إلي إقتضاء الدائن حقه جبراً عن مدينة فيخرج منها كأصل عام ما يثور من منازعات علي التنفيذ الإختياري كالمنازعة حول صحة العرض والإيداع على النحو الذي سنبينه بتفصيل.

 أما بالنسبة لإدارة التنفيذ وما صار لها - دون قاضي التنفيذ - من سلطة الإشراف علي القائمة بالتنفيذ وتوجيههم أن تصدر أمراً بحسم الخلافات التي تثور بين المحضر وبين الخصوم أو مع الغير بشأن أي إجراء من إجراءات التنفيذ وكل قرار تصدره في هذا الشأن يودع ملف التنفيذ ويكون عبارة عن تأشيرة تصدر في غيبة الخصم وبغير حاجة لإعلانه وسماع دفاعه بشرط أن تكون هذه الخلافات حلها واضح لا يحتمل شکاً ولا تأويلاً ولا تستدعي الإلتجاء القاضي التنفيذ بصفته القضائية كمنازعة تنفيذ ليصدر حكما فيها ومن أمثلة ذلك إمتناع معاون التنفيذ عن التنفيذ لأسباب قانونية ، كما إذا كان السند التنفيذي غير مستوف لشروطه القانونية كأن يكون أمراً على عريضة سقط بعدم تقديمه التنفيذ خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره (مادة 200 مرافعات) أوامر أداء اعتبر كأن لم يكن لعدم إعلانه للمدين خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدوره (مادة 207 مرافعات) أو حكمها سقط بالتقادم أو يكون بدين غير معين المقدار ففي جميع هذه الحالات يكون لصاحب الشأن أن يرفع الأمر بعريضة إلي مدير إدارة التنفيذ يتضرر فيها من إمتناع المعاون فإذا تبين له أن إمتناعه له ما يبرره القيامة علي سند قانوني فإنه يصدر أمراً برفض الطلب أما إذا تبين له أن امتناع المعاون لا يقوم علي سند قانوني أو كان لأسباب مادية فإنه يصدر أمره للمعاون لمباشرة التنفيذ وإذا أصدر أمره برفض الطلب فيكون أمام طالب التنفيذ الحق في التظلم في الأمر إلي مدير إدارة التنفيذ ويكون قراره فيه نهائياً .

 ونرى أن ذلك لا يمنع صاحب الشأن من أن يرفع الأمر إلي قاضي التنفيذ بدعوى مستعجلة يطلب فيها الإستمرار في التنفيذ.

 كما نري بقاء ولاية قاضي التنفيذ في إصدار أوامر ولائية علي عريضة في مسائل تتعلق بالتنفيذ أيا كانت طريقته سواء كان بحجز المنقول أو حجز ما للمدين لدي الغير ، مثل الأمر بتنفيذ السندات الرسمية المحررة في بلد أجنبي والمنصوص عليه في المادة 300 مرافعات و الأمر بتوقيع الحجز التحفظي علي منقولات المدين وتقدير دين الحاجز تقديراً مؤقتاً إذا لم يكن بيد الدائن سند تنفيذي أو حكم غير واجب النفاذ أو كان دينه غير معين المقدار عملا بالمادة 319 مرافعات والأمر بتوقيع حجز ما للمدين لدى الغير إذا لم يكن بيد الدائن حكم أو سند تنفيذي أو كان دينه غير معين المقدار (مادة 327 مرافعات) والأمر بتقدير أجر الحارس علي المنقولات المحجوزة (مادة 367 مرافعات) والإذن بجني أو حصاد المزروعات المحجوز عليها (مادة 370 مرافعات) والأمر ببيع الأسهم والسندات القابلة للتداول بمعرفة سمسار (مادة 400 مرافعات) والأمر بتحديد جلسة بيع العقار (مادة 426 مرافعات) ويتبع في تقديمها وإصدار الأمر فيها نفس الإجراءات المنصوص عليها في قانون المرافعات في باب الأوامر علي العرائض ويجوز التظلم منها على النحو المقرر في المواد من 197 إلي 200 مرافعات.  (التعليق على قانون المرافعات ، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء : السابع ،  الصفحة : 4)

 

إستهدف المشرع من نظام قاضي التنفيذ تحقيق غايتين هما :

(أ) الأولى: تدعيم رقابة القضاء على كافة إجراءات التنفيذ، بحيث يكون لقاضي التنفيذ الإشراف الفعال والتواصل على إجراءات التنفيذ في كل خطوة من خطواته وكذا الإشراف على الأشخاص القائمين به.

(ب) الثانية : توحيد الإختصاص بالمسائل المتعلقة بالتنفيذ في يد قاض واحد ، بحيث يكون هذا القاضی مختصاً دون غيره بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ وبالفصل في جميع المنازعات المتعلقة به سواء كانت منازعات موضوعية أو وقتية وسواء كانت من الخصوم أم من الغير، وبحيث يكون هذا القاضي قريباً من محل التنفيذ ويسهل على الخصوم الإلتجاء إليه، ولاشك في أن تركيز كل مسائل التنفيذ في يد قاض واحد يؤدي إلى هيمنة هذا القاضي عليه مما يقلل فرص التلاعب فيه (وجدي راغب - ص 247)، كما أن ذلك يؤدي أيضاً إلى وجود قضاة متخصصين في التنفيذ.

(ويلاحظ البعض أحمد أبو الوفا - التعليق - الطبعة السادسة سنة 1990 - ص 1036). أن القانون الحالي لم يقصد من هذا النظام أن يسند إلى قاضي التنفيذ مهمة أو سلطة تختلف عن المقرر في القانون السابق، كما لم يقض القانون الحالى أن ينزع من قلم المحضرين اختصاصاته في اتخاذ إجراءات التنفيذ.

تحديد قاضي التنفيذ في ظل المادة 274 قبل تعديلها بالقانون 76 لسنة 2007 :

حدد المشرع في المادة 274 مرافعات - محل التعليق - قاضي التنفيذ بأنه أحد قضاة المحكمة الإبتدائية يندب في مقر كل محكمة جزئية ويعاونه عدد من المحضرين، ويتم هذا الندب عن طريق الجمعية العمومية للمحكمة الإبتدائية ، فقاضي التنفيذ لايمثل محكمة خاصة أو استثنائية بل هو جزء لا يتجزأ من النظام القضائي المدني (محمد عبدالخالق عمر بند 26 ص 21)، وهو قاض فرد وليس دائرة من دوائر المحكمة (فتحی والی - بند 78 - ص 139)، كما أنه لا يوجد إلا على مستوى محكمة أو درجة فقط أي المحكمة الجزئية ، فلا يوجد محكمة استئنافية خاصة بالتنفيذ كما لا توجد دوائر مخصصة في المحاكم الإستئنافية لنظر الإستئناف المرفوع ضد أحكام قاضي التنفيذ .

وبذلك يوجد قاضي تنفيذ في مقر كل محكمة جزئية حتى في المدن التي توجد بها محكمة إبتدائية، ولذلك يوجد فارق بين قاضي التنفيذ أو محكمة التنفيذ ومحكمة الأمور المستعجلة، إذ بينما توجد محاکم تنفيذ بقدر عدد المحاكم الجزئية في المدينة التي يوجد بها مقر المحكمة الإبتدائية فإنه على العكس من ذلك لا توجد سوی محكمة واحدة للأمور المستعجلة في المدينة التي بها مقر المحكمة الابتدائية.

وذهب رأى في الفقه إلى أن محكمة قاضي التنفيذ محكمة مستقلة ليست مجرد دائرة في المحكمة الجزئية (رمزي سیف بند 207 ص 201)، كما أنها ليست محكمة جزئية (احمد مسلم - أصول المرافعات - بند 118 ص 111)، ولكننا نعتقد مع البعض (محمد عبدالخالق. عمر - بند 278 ص 292)، أن هذا الرأي يصعب الأخذ به لأن كثيراً من أحكام قاضي التنفيذ من الممكن أن تستأنف أمام المحكمة الإبتدائية ولا يتصور ذلك في النظام القضائي المصري إلا إذا كانت محكمة التنفيذ في مستوى أقل من مستوى المحكمة الإبتدائية وهو مستوى المحكمة الجزئية التي تعتبر أدنى المحاكم درجة.

قاضي التنفيذ قاض جزئی تتبع أمامه الإجراءات المقررة أمام المحكمة الجزئية: رغم أن قاضي التنفيذ طبقاً للمادة 274 يندب من قضاة محكمة الإستئناف أو من قضاة المحكمة الإبتدائية إلا أنه يعتبر قاضياً جزئياً ويمارس عمله على هذا الأساس أي على أساس كونه قاضياً جزئياً ، وتتبع أمام قاضي التنفيذ الإجراءات المقررة أمام المحكمة الجزئية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، ونتيجة لذلك يكون ميعاد الحضور أمام قاضي التنفيذ ثمانية أيام وفقاً لنص المادة 66 مرافعات اللهم إلا إذا كانت المنازعة مستعجلة فيكون ميعاد الحضور أربعاً وعشرين ساعة ، أما إذا نص القانون صراحة على مخالفة القواعد والإجراءات المقررة أمام المحكمة الجزئية فإنه يجب إتباع النص الخاص.

ويلاحظ أن إدارة التنفيذ وفقاً للمادة 274 المعدلة بالقانون 76 لسنة 2007 يرأسها قاضي بمحكمة الإستئناف ، ويعاونه عدد كاف من قضائها يندبهم وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى، وقضاه من المحاكم الإبتدائية بدرجة رئيس محكمة على الأقل تختاره الجمعية العمومية للمحكمة .

يلاحظ أنه: لم يقصد القانون الحالي من هذا النظام أن يسند إلى قاضي التنفيذ مهمة أو سلطة تختلف عن المقرر في القانون القديم كما لم يقصد أن تنزع من قلم المحضرين اختصاصاته في إتخاذ إجراءات التنفيذ (أحمد أبو الوفا - التعليق - طبعة خامسة - ص 1012).

وقد خول المشرع في المادة 274 قاضي التنفيذ سلطة الإشراف على إجراءات التنفيذ في كل خطوة من خطواته وكذلك الإشراف على القائمين بالتنفيذ في كل تصرف يتخذونه أو إجراء يباشرونه ، وتحقيقاً لذلك نصت المادة 278 مرافعات على أن: " يعد بكل إدارة تنفيذ سجل خاص تقيد فيه طلبات التنفيذ التي تقدم إلى مدير إدارة التنفيذ .

وينشأ لكل طلب ملف تودع به جميع الأوراق المتعلقة بهذه الطلبات .

ويعرض الملف على مدير إدارة التنفيذ أو أي من قضاتها عقب كل إجراء ، ويثبت به ما يصدره من قرارات وأوامر ، وما يصدره قاضي التنفيذ من أحكام .

ومن المقرر أن إجراءات بيع العقار جبراً المبينة بالفصل الثالث من الباب الثالث ينبغي اتباعها، فإذا خلت هذه النصوص من بيان حكم معين يتعلق بسير الإجراءات أمام قاضي التنفيذ وجب الرجوع إلى القواعد العامة في قانون المرافعات، وترتيباً على ذلك إذا كانت إجراءات التنفيذ الجبري لم يرد بها نص خاص بوقف الدعوى جزاء أمام قاضي التنفيذ لعدم تنفيذ قرار المحكمة عملاً بنص المادة 99/ 2 من قانون المرافعات وما يترتب على هذا الوقف من جواز الحكم بإعتبار الدعوى كأن لم تكن فإنه يرجع إلى القواعد العامة في قانون المرافعات المتعلقة بهذا الأمر(الديناصوري وعكاز - ص  918).

إدارة التنفيذ هي الأن السلطة المناط بها التنفيذ طبقاً لتعديل المادة 274 بالقانون 76 لسنة 2007 ونقد اتجاه المشرع إعتبار التنفيذ عملاً إدارياً وجعل إدارة التنفيذ في مقر المحكمة الإبتدائية بعيداً عن محل التنفيذ في كثير من الأحوال وجعل إصدار الأوامر على العرائض المتعلقة بالتنفيذ من إختصاص مدير إدارة التنفيذ ومن يعاونه من القضاه وحرمانه من صدر ضده أمر على العريضة من التظلم أمام المحكمة المختصة وفقا للمادة 197 مرافعات :

أنشأ المشرع بمقتضى القانون رقم 76 لسنة 2007 إدارة للتنفيذ يجرى التنفيذ تحت إشرافها ، وهي تنشأ بمقر كل محكمة إبتدائية ، وأجاز القانون الوزير العدل إنشاء فروع لها بدوائر المحاكم الجزئية .

وحددت المادة 274 في فقرتها الثانية كيفية تشكيل هذه الإدارة ، فأناطت رئاستها لقاض من قضاة محاكم الإستئناف ، وأوكلت أمر العمل بالإدارة لعدد كاف من قضاة الإستئناف ، وكذلك قضاة المحاكم الإبتدائية ، ممن تتوفر فيهم خبرة كافية فاشترطت الفقرة كونهم بدرجة رئيس محكمة على الأقل .

كما أوجبت المادة أن يكون قاضي التنفيذ من بين الرؤساء بالمحكمة الإبتدائية القائمين بالعمل في إدارة التنفيذ .

وفي صدد إستكمال تشكيل الإدارة ألحقت بالعمل العدد الكافي من معاوني التنفيذ والموظفين ، و خولت المادة لوزير العمل سلطة تجنيد قواعد إختيار موظفي الإدارة - سيما معاوني التنفيذ - وتحديد كيفية تنظيم شؤونهم حرصاً منها على أن يكونوا ممن تتوافر فيهم كفاية معينة ، ومن يتمتعون بالتأهيل المناسب ، الذي يعينهم على حسن أداء وواجباتهم والإضطلاع بالمهام المنوطة بهم .

وحددت الفقرة الرابعة من المادة ذاتها إختصاصات مدير إدارة التنفيذ وقضاتها، فنصت على اختصاصهم بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ دون الأحكام والتي بقيت من اختصاص قاضي التنفيذ استئثاراً ، وجعلت التظلم من تلك القرارات بعريضة ترفع لمدير الإدارة ، فضلاً عن إيلائها تنظيم الإدارة بقرار من وزير العدل ، وبذلك أصبحت سلطة التنفيذ تتمثل في إدارة التنفيذ.

ويلاحظ أن اتجاه المشرع في المادة 274 المعدلة في إستبدال إدارة التنفيذ بقاضي التنفيذ يفصح عن اعتباره التنفيذ عملاً إدارياً رغم أنه عملا قضائيا بل هو من أهم صور الحماية القضائية، وكان يجب إبقاء التنفيذ تحت إشراف القضاء وليس تحت إشراف الإدارة ، وإذا كان المراد بمدير التنفيذ وظيفة إدارية للإشراف على قضاة التنفيذ مثل وظيفة المستشار رئيس المحكمة الإبتدائية ، فيمكن تسميتها بإدارة قضاء التنفيذ ولذلك كان من الأفضل إبقاء نص المادة 274 كما هو بأن يجرى التنفيذ تحت إشراف قاضي التنفيذ :

وطبقاً للمادة 274 المعدلة تكون إدارة التنفيذ في مقر كل محكمة ابتدائية ، ويجوز لوزير العدل إنشاء فروع لها بدائرة محكمة جزئية ، وبهذا عدل المشرع عما كانت تنص عليه المادة 274 قبل تعديلها من وجود قاضي للتنفيذ في دائرة كل محكمة جزئية ، وركز التنفيذ في المحكمة الكلية، ويبدوا هذا التركيز واضحاً من النص على أن معاوني التنفيذ والموظفين يلحقون بالإدارة " في مقر المحكمة الكلية ، نص على أن إصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ يكون من إختصاص مدير التنفيذ أو من يعاونه من قضاتها ، وليس من المفهوم تركيز إدارة التنفيذ في المحكمة الكلية بعيداً عن محل التنفيذ (الدكتور فتحي والي - ندوة تعديل قانون المرافعات - غير منشورة) ، ويؤدي هذا من الناحية العملية إلى صعوبات كثيرة .

وطبقاً للمادة 274 المعدلة يرأس إدارة التنفيذ قاض بمحكمة الإستئناف ويعاونه عدد كاف من قضاتها وقضاة المحاكم الإبتدائية بدرجة رئيس محكمة على الأقل ويكون من بينهم قاضي التنفيذ، وإذا كان هدف المشرع بهذا النص أن يكون قاضي التنفيذ بدرجة رئيس محكمة ابتدائية على الأقل ، فقد كان من الممكن تحقيق الهدف بالنص في المادة 274 على أن : " يجرى التنفيذ تحت إشراف قاضى للتنفيذ يندب في مقر كل محكمة جزئية من بين قضاة المحكمة الإبتدائية بدرجة رئيس محكمة على الأقل ، وليس من المنطقي أن تشتمل إدارة التنفيذ على قصاه غير قضاة التنفيذ كما قد يفهم من صياغة نص المادة 274 المعدلة .

وقد قصر المشرع في المادة 274 المعدلة إختصاص قاضي التنفيذ على الفصل في منازعات التنفيذ أما الإشراف على التنفيذ وإصدار الأوامر على العرائض المتعلقة به فجعل من اختصاص مدير إدارة التنفيذ ومن يعاونه من القضاة، وهو يوجد في مقر المحكمة الكلية، بينما الإشراف وإصدار الأوامر المتعلقة بالتنفيذ تقتضي بطبيعتها أن تصدر قريباً من محل التنفيذ من قاضي من مقر المحكمة الجزئية، والفصل بينهما بهذه الصورة يؤدي إلى مشاكل عملية .

وقد نصت المادة 274 المعدلة على أن التظلم من القرارات أو الأوامر المتعلقة بالتنفيذ والصادرة من مدير إدارة التنفيذ ترفع إلى مدير إدارة التنفيذ ، ويعتبر القرار الصادر منه في التظلم نهائياً غير قابل للطعن بأي طريقة ، وهذا النص يعني أنه إذا أصدر مدير إدارة التنفيذ أمراً على العريصة فإنه يختص وحده بالتظلم منه، وأيضاً يعني أن ما يصدر في التظلم يعتبر قراراً وليس حكماً ، بينما المسلم به أن ما يصدر في النظام يعتبر حكماً قضائياً بالمعنى الصحيح يقبل الطعن بطرق الطعن التي تقبلها الأحكام ، وهذا يدل على إعتبار المشرع مدير إدارة التنفيذ قائماً بأعمال إدارية، فضلاً على أنه يحرم من يصدر ضده الأمر على عريضة من التظلم أمام المحكمة المختصة طبقاً للمادة 197 من قانون المرافعات، وقد خلط المشرع بينما يصدر من قرارات من مدير إدارة التنفيذ بإعتباره مشرفاً على إجراءات التنفيذ وما يصدر منه بصفة ولائية إذ عندئذ يصدر أوامر على عرائض يجب أن تخضع لقواعد الأوامر على العرائض سواء في التظلم أو في غير ذلك من القواعد المنظمة لها .

تنبيه :

ينبغي إستبدال عباراتا (معاون التنفيذ) و (معاوني التنفيذ) بكلمتي (المحضر) و (المحضرين) أينما وردت أياً منهما في هذا الكتاب الثاني الخاص بالتنفيذ في جميع نصوصه ومواده والتعليق عليها إعمالاً للتعديل التشريعي الصادر بالقانون 76 لسنة 2007 . (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء : الخامس  ،  الصفحة :  775 )

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الرابع عشر ، الصفحة / 71

تَنْفِيذٌ

التَّعْرِيفُ:

التَّنْفِيذُ فِي اللُّغَةِ: جَعْلُ الشَّيْءِ يُجَاوِزُ مَحَلَّهُ.

يُقَالُ: نَفَذَ السَّهْمُ فِي الرَّمِيَّةِ تَنْفِيذًا: أَخْرَجَ طَرَفَهُ مِنَ الشِّقِّ الآْخَرِ. وَنَفَذَ الْكِتَابُ أَرْسَلَهُ: وَنَفَذَ الْحَاكِمُ الأْمْرَ أَجْرَاهُ وَقَضَاهُ.

وَالاِصْطِلاَحُ الشَّرْعِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَالنَّفَاذُ تَرَتُّبُ الآْثَارِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْحُكْمِ.

وَقَدْ يُطْلَقُ لَفْظُ «تَنْفِيذٍ» عَلَى إحَاطَةِ الْحَاكِمِ عِلْمًا بِحُكْمٍ أَصْدَرَهُ حَاكِمٌ آخَرُ عَلَى وَجْهِ التَّسْلِيمِ، وَيُسَمَّى اتِّصَالاً. وَيُتَجَوَّزُ بِذِكْرِ (الثُّبُوتِ) (وَالتَّنْفِيذِ) قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ عَلَيْهِ فِي زَمَانِنَا هَذَا غَالِبًا.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَفَاذِ الْحُكْمِ أَوِ الْعَقْدِ وَتَنْفِيذِهِمَا هُوَ: أَنَّ النَّفَاذَ صِحَّةُ الْعَقْدِ أَوِ الْحُكْمِ وَتَرَتُّبُ آثَارِهِ الْخَاصَّةِ مِنْهُ، كَوُجُوبِ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَانْتِقَالُ مِلْكِيَّةِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَالثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ. أَمَّا التَّنْفِيذُ فَهُوَ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ أَوِ الْحُكْمِ وَإِمْضَاؤُهُ بِتَنْفِيذِ عُقُوبَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي، وَالثَّمَنِ لِلْبَائِعِ مِنَ الْعَاقِدِ طَوْعًا أَوْ بِإِلْزَامٍ مِنَ الْحَاكِمِ. قَالَ الْفُقَهَاءُ: إنَّ التَّنْفِيذَ لَيْسَ بِحُكْمٍ، إنَّمَا هُوَ عَمَلٌ بِحُكْمٍ سَابِقٍ وَإِجَازَةٌ لِلْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ.

وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ الْحُكْمَ بِالْمَحْكُومِ بِهِ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

الْقَضَاءُ:

الْقَضَاءُ فِي اللُّغَةِ: الْحُكْمُ وَمِنْهُ  قوله تعالى (وَقَضَى رَبُّك أَلاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاهُ).

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالتَّنْفِيذِ أَنَّ التَّنْفِيذَ يَأْتِي بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَالْقَضَاءُ سَبَبٌ لَهُ

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

يَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ، أَوِ الْوَرَثَةِ تَنْفِيذُ وَصَايَا الْمَيِّتِ بِشُرُوطِهَا، وَعَلَى الْحَاكِمِ، أَوْ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ تَنْفِيذُ الْعُقُوبَاتِ عَلَى مَنْ حُكِمَ عَلَيْهِ، وَعَلَى مَنِ الْتَزَمَ حُقُوقًا مَالِيَّةً بِاخْتِيَارِهِ، أَوْ أَلْزَمَهُ الشَّارِعُ حَقًّا تَنْفِيذُ مَا لَزِمَهُ مِنْ حُقُوقٍ، وَعَلَى الْحَاكِمِ التَّنْفِيذُ جَبْرًا عَلَى مَنِ امْتَنَعَ عَنِ التَّنْفِيذِ طَوْعًا إذَا طَلَبَ صَاحِبُ الْحَقِّ حَقَّهُ.

مَنْ يَمْلِكُ التَّنْفِيذَ:

يَخْتَلِفُ مَنْ لَهُ سُلْطَةُ التَّنْفِيذِ بِاخْتِلاَفِ الْحَقِّ الْمُرَادِ تَنْفِيذُهُ:

فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ الْمُنَفَّذُ عُقُوبَةً كَالْحَدِّ، وَالتَّعَازِيرِ وَالْقِصَاصِ، فَلاَ يَجُوزُ تَنْفِيذُهُ إلاَّ بِإِذْنٍ مِنَ الإْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. لأِنَّ ذَلِكَ يَفْتَقِرُ إلَى الاِجْتِهَادِ، وَالْحَيْطَةِ، وَلاَ يُؤْمَنُ فِيهِ الْحَيْفُ وَالْخَطَأُ، فَوَجَبَ تَفْوِيضُهُ إلَى نَائِبِ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ؛ وَلأِنَّهُ «صلى الله عليه وسلم كَانَ يُقِيمُ الْحُدُودَ»، وَكَذَا خُلَفَاؤُهُ.

وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (اسْتِيفَاءٌ).

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، تَنْفِيذُ الْعُقُوبَةِ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْمَعْصِيَةِ لأَِنَّهُ نَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْكُلُّ مَأْمُورٌ بِهِ.

أَمَّا إذَا كَانَ الْحُكْمُ الْمُنَفَّذُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ الْمَالِيَّةِ، فَالتَّنْفِيذُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، فَإِذَا امْتَنَعَ بِلاَ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ نَفَّذَهُ الْحَاكِمُ بِقُوَّةِ الْقَضَاءِ بِنَاءً عَلَى طَلَبِ صَاحِبِ الْحَقِّ، وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحَيْ: (اسْتِيفَاءٌ - وَحِسْبَةٌ).

الأْمْرُ بِتَنْفِيذِ حُكْمِ الْقَاضِي:

إذَا طُلِبَ مِنَ الْقَاضِي تَنْفِيذُ حُكْمٍ أَصْدَرَهُ هُوَ نَفَّذَهُ وُجُوبًا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ إذَا كَانَ ذَاكِرًا أَنَّهُ حُكْمُهُ. أَمَّا إذَا نَسِيَ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ أَنَّهُ حُكْمُهُ، فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ تَنْفِيذِهِ لِمَا حَكَمَ بِهِ.

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ تَنْفِيذُهُ حَتَّى يَتَذَكَّرَ، وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى أَنَّهُ حُكْمُهُ، أَوْ رَأَى وَرَقَةً فِيهَا أَنَّهُ حُكْمُهُ؛ لأِنَّهُ يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ إلَى الْعِلْمِ وَالإْحَاطَةِ بِالتَّذَكُّرِ فَلاَ يَرْجِعُ إلَى الظَّنِّ؛ وَلإِمْكَانِ التَّزْوِيرِ فِي الْخَطِّ.

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى أَنَّهُ حُكْمُهُ لَزِمَهُ قَبُولُهَا، وَإِمْضَاءُ الْحُكْمِ، وَقَالُوا: لأِنَّهُ لَوْ شَهِدَا عِنْدَهُ بِحُكْمِ غَيْرِهِ قُبِلَ، فَكَذَلِكَ هُنَا.