لما كان قانون المرافعات القائم قد أكتفي في المادة 462 منه بمعالجة حالة وفاة المدين قبل البدء في التنفيذ فقد رأى المشرع في المادة 284 منه الأخذ بهذه القاعدة ذاتها مع تعميم حكمها على حالة وفاة المدين بعد البدء في التنفيذ أو قبل تمامه، وذلك لتوافر العلة في الحالتين كما رأی تعميم قاعدة عدم التنفيذ قبل ورثة المدين إلا بعد مضي ثمانية أيام من تاريخ إعلانهم بالسند التنفيذي على حالة فقد أهلية المدين أو زوال صفة من يباشر الإجراءات عنه لا لأن إجراءات التنفيذ تعد خصومة يرد عليها الإنقطاع بل لأن كل إجراء لا يعد صحيحاً إلا إذا اتخذ في مواجهة ذي الصفة وبشرط أن تتوافر لديه الأهلية التي يوجبها القانون أما كيفية الرجوع على التركة ومدى ملزومية الوارث بالديون فمحلها أحكام القانون المدني والأحوال الشخصية.
1- مفاد نص المادة 130 من قانون المرافعات أن مجرد وفاة الخصم أو فقد أهلية الخصومة يترتب عليه لذاته انقطاع سير الخصومة ، أما بلوغ الخصم سن الرشد فإنه لا يؤدى بذاته إلى انقطاع سير الخصومة ، و إنما يحصل هذا الإنتفاع بسبب ما يترتب على البلوغ من زوال صفة من كان يباشر الخصومة عن القاصر ، و فى إجراءات التنفيذ لا يحدث أى انقطاع للخصومة إذا فقد المنفذ ضده أهليته أو زالت صفة نائبه بعد بدء التنفيذ و إنما يجب توجيه الإجراءات اللاحقة على تحقق هذه الحالة إلى نائبه ، أو إلى المنفذ ضده إذا كانت قد اكتملت أهليته حسب الأحوال .
(الطعن رقم 277 لسنة 42 جلسة 1980/12/18 س 31 ع 2 ص 2067 ق 385)
2- إذ كان المحكوم له بالتعويض قد حول إلى بنك مصر الحكم الذى صدر لمصلحته فى القضية رقم . . . . . جنح مستأنفة القاهرة قاضياً بإلزام . . . . . . . . " الطاعن " بأن يدفع له مبلغ ثلاثة آلاف جنيه ، فقد إنتقل الحق المقضى له إلى البنك المحال إليه و إنتقل إليه أيضاً الحق فى تنفيذ الحكم المحال ، و قد قام البنك فعلاً - بصفته خلفاً خاصاً للمحكوم له - و على ما هو ثابت بالأوراق بإقتضاء مبلغ التعويض من المحكوم عليه " . . . . . . . . " و لما كان هذا الأخير قد طعن بالنقض فى حكم التعويض سالف الذكر فى مواجهة خصمه المحكوم له بالتعويض ، و لم يختصم - و ما كان له أن يختصم - بنك مصر فى هذا الطعن و كانت حوالة حكم التعويض و إقتضاء قيمته لا تجعل البنك ممثلاً فى الخصومة التى قامت أمام محكمة النقض ، فإن الحكم الصادر فيها بنقض الحكم بالتعويض لا يكون حجة عليه لأنه لم يكن طرفاً فى الطعن المشار إليه لا حقيقة و لا حكماً ، و من ثم فلا يصح التنفيذ ضده بحكم النقض لإسترداد ما كان قد قبضه - بإعتباره محالاً إليه - نفاذاً لحكم التعويض المنقوض . و إذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر ، و كان النزاع فى هذه الدعوى لا يثور حول حق الطاعن فى إسترداد ما دفعه لبنك مصر " المطعون عليه " نفاذاً لحكم التعويض و إنما يثور حول ما إذا كان الحكم بنقض حكم التعويض يصلح أداة للتنفيذ به قبل ذلك البنك ، فإن إستناد الطاعن إلى قواعد حوالة الحق و إلى أحقية الطاعن فى إسترداد ما دفعه يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 218 لسنة 39 جلسة 1975/05/04 س 26 ع 1 ص 913 ق 176)
3- إنه و إن كان يجب إختصام وكيل الدائنين فى الإجراءات التى تتخذ بعد شهر إفلاس المدين ، و يترتب على إغفال إختصامه فيها عدم جواز الإحتجاج بها على جماعة الدائنين ، إلا أنه لا محل لهذا الإختصام إذا كانت الإجراءات قد تمت و بلغت نهايتها بحكم مرسى المزاد قبل شهر الإفلاس ، ذلك أن المادة 678 من قانون المرافعات السابق الذى إتخذت الإجراءات فى ظله قد أوجبت على قلم الكتاب أن يقوم بالنيابة عن ذوى الشأن بطلب تسجيل حكم مرسى المزاد خلال ثلاثة الأيام التالية لصدوره ، و من ثم فإن قلم الكتاب يعتبر نائباً عن ذوى الشأن ، و قائماً مقامهم بحكم القانون فى طلب تسجيل حكم مرسى المزاد . و إذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر و إعتبر التسجيل الذى تم بناء على طلب قلم الكتاب غير نافذ فى حق جماعة الدائنين و رتب على ذلك القضاء بتثبيت ملكية التفليسة للأطيان المحكوم برسوم مزادها على البنك الطاعن . فإنه يكون قد خالف القانون .
(الطعن رقم 351 لسنة 37 جلسة 1973/01/25 س 24 ع 1 ص 87 ق 17)
المدين المحجوز عليه والحلول محله :
يجب أن يكون المنفذ ضده مديناً شخصياً لطالب التنفيذ وأن يشهد علي ذلك السند التنفيذي ذاته، وأن يرد التنفيذ على أموال المدين، حال حياته أو بعد وفاته، إذ لا تركة إلا بعد سداد الديون. فيقع باطلا التنفيذ الذي يتم على غير الملتزم في هذا السند حتى لو كان هذا الغير متضامناً مع الملتزم طالما لا يلزمه هذا السند بشيء، كالدين والكفيل والشريك المتضامن، وإذا صدر الحكم ضد المورث فلا يجوز تنفيذه علي الوارث إلا في حدود ما آل إليه من التركة ودون حاجة لاستصدار حكم جديد لانصراف التنفيذ إلى التركة، كما لا يجوز تنفيذ الحكم الصادر ضد شركة علي أحد الشركاء ولو كان هو الشريك المتضامن ورغم اعتباره مديناً متضامناً معها.
ولا يجوز التنفيذ على الدولة وأشخاص القانون العام، ولا على الحكومات الأجنبية إلا إذا باشرت عملاً تجارياً.
ويرد الانقطاع على كل خصومة مطروحة على القضاء بمختلف محاكمه ودرجاته ولو تمثلت في خصومة تنفيذ وقتية أو موضوعية كإشكالات التنفيذ ودعاوى التنفيذ المستعجلة والموضوعية، باعتبار أن هذه الخصومة دعوى قضائية تخضع للقواعد العامة المتعلقة بالاجراءات القضائية، أما إذا إتخذت اجراءات التنفيذ دون منازعة فيها، فإن الإنقطاع لا يرد عليها، بحيث إذا توفي أحد طرفيها أو فقد أهليته أو زالت صفة من كان يباشر تلك الإجراءات نيابة عنه، حل محله فيها وارثه أو قيمه أو من أصبح ذات صفة في النيابة عنه. فإن كان هو المنفذ ضده، وجهت الإجراءات لوارثه ومن في حكمه، سواء كان التنفيذ لم يشرع فيه بعد، أو كان قد بدء فيه ولكنه لم ينم، وتوجه الإجراءات بإعلان السند التنفيذي إلى الورثة جملة واحدة في آخر موطن كان لمورثهم بغیر بیان لأسمائهم وصفاتهم بأن يوجه الإعلان إلي ورثة المدين، ويشترط لذلك أن يتم الإعلان قبل انقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ الوفاة، بحيث إذا تم على نحو ما تقدم بعد هذا الميعاد كان باطلاً، إذ يتعين على الدائن، متى انقضى هذا الميعاد أن يعلن كل وارث باسمه، لشخصه أو في موطنه بالسند التنفيذي، ورأي المشرع أن في انقضاء هذا الميعاد ما يكفي ليتحرى الدائن عن موطن كل وارث وإعلانه به، ورتب البطلان علي مخالفة ذلك، ويخضع الإعلان حينئذ لكافة القواعد المقررة في شأن إعلان السند التنفيذي علي التفصيل المتقدم، ولما كانت هذه المهلة مقررة لمصلحة الدائن، فيكون له التنازل عنها وإعلان كل وارث لشخصه أو في موطنه.
ومتي تم إعلان السند التنفيذي، سواء للورثة جملة واحدة ، أو لكل وارث على حدة وفقاً لما تقدم، فإن التنفيذ يجب البدء فيه أو الاستمرار فيه بعد مضي ثمانية أيام من تاريخ إعلان السند التنفيذي وإلا كان باطلا، ويجب أن يتم الإعلان بموطن المورث الذي كان له عند وفاته، وأن تسلم الصورة إلي أحد ممن يجوز تسليمها إليه وفقاً للمادة العاشرة من قانون المرافعات وإلا كان الإعلان باطلا، ومن ثم يجوز تسليمها لأحد الورثة الذي ينتصب في هذه الحالة نائبا عن باقي الورثة ، أو لمن يقر أنه وكيل لأحد الورثة أو أنه يعمل في خدمته، أو أنه أحد الساكنين مع أحد الورثة من الأزواج والأقارب والأصهار، إذ أعتد المشرع بموطن المورث وجعل منه موطناً لورثته خلال الثلاثة أشهر التالية لتاريخ الوفاة، ولو لم يكن لهم إقامة مستقرة به ، فإذا أمتنع الوارث أو غيره ممن يجوز تسليم الصورة له عن استلامها أو عن التوقيع بالإستلام، أثبت المحضر ذلك في حينه وسلم الصورة لجهة الإدارة وهوما يتحقق به العلم الظني، ويكون الإعلان صحيحاً ، أما إذا لم يجد المحضر بموطن المورث أحد من هؤلاء، أو رفض من وجده عن ذكر إسمه وعلاقته بالورثة، أو وجد المسكن مغلقاً ، تعين علي المحضر إرجاء الإعلان لوقت آخر، إذ يقع الإعلان باطلاً إذا أعلنه في هذه الحالة لجهة الإدارة إلا إذا ثبت أن أحد الورثة قد تسلم صورته من جهة الإدارة.
ولا موجب لإعلان السند التنفيذي إذا تحققت الغاية من هذا الإجراء، بمثول الورثة ومن في حكمهم في الإجراءات، سواء نازعوا فيها أو لم ينازعوا.
وإذا فقد المدين أهليته لأي سبب، أو زالت صفة من كان يباشر الإجراءات نيابة عنه، فلا يجوز البدء في التنفيذ أو الاستمرار فيه إلا بعد إعلان السند التنفيذي للقيم أو لمن أصبحت له الصفة في تمثيله، وإنقضاء ثمانية أيام من تاريخ هذا الإعلان، ويوجه الإعلان لأي منهما لشخصه أو في موطنه الأصلي وإلا كان باطلاً ، ولم يحدد المشرع میعاداً لإعلانهما.
فإذا توقع الحجز بعد موت المدين أو بعد فقده للأهلية أو بعد زوال صفة من كان يباشر الإجراءات نيابة عنه. دون إعلان السند التنفيذي على نحو ما تقدم، كان الحجز باطلاً ، لأن إجراءات التنفيذ تعد خصومة يرد عليها الإنقطاع، بل لأن كل إجراء لا يعد صحيحاً إلا إذا اتخذ في مواجهة ذي الصفة وبشرط أن تتوافر لديه الأهلية التي يوجبها القانون (أنظر بهذا المعنى المذكرة الإيضاحية ونقض 1980/12/18 فيما يلي، وقارن أبو الوفا في التنفيذ بند 112 ويري أن بطلان التنفيذ في الحالات سالفة البيان يرجع إلى قواعد الإنقطاع).
ويكفي توافر أهلية الإدارة في المنفذ ضده ، فيجوز توجيه الإجراءات إلي القاصر المأذون بإدارة الأموال محل التنفيذ، و للحارس القضائي .
والمقرر أنه يترتب على حكم إشهار الإفلاس غل يد المفلس عن إدارة أمواله أو التصرف فيها وفقد أهليته في التقاضي بشأنها ويحل محله في تلك الأمور وکیل الدائنين. (بهذا المعنى أبو الوفا بند 111 وراتب بند 495 وقارن فتحي والي بند 88 ويري أنه يشترط في المنفذ ضده أهلية التصرف إذا تعلق التنفيذ بنزع ملكية عقار لأنه من شأنه إخراج العقار من ملكه).
فينفذ الحكم على من ألزمه بأداء معين، سواء كان هو المدين الأصلي أو من حل محله على نحو ما تقدم، وينحصر التنفيذ على النطاق الذي تضمنه السند التنفيذي. فإذا قضى بتسليم حصة شائعة في عقار، فلا يجوز تسلیم حصة مفرزة حتى لو كانت تقل عن الحصة المقضي بها. وإذا قضي بتقرير حق بالمطل في أحد الطوابق، فلا يجوز فتح مطل في طابق آخر ولا في نفس الطابع بموضع غير الذي حدده الحكم وبالمساحة التي حددها بالنسبة للمطل. وذلك على نحو ما أوضحناه بصدد محل التنفيذ.
فإذا أثيرت منازعة من المنفذ ضده تتعلق بانتفاء الشروط اللازم توافرها في المنفذ ضده، كما لو نازع في إعتباره مديناً شخصياً لطالب التنفيذ مستنداً في ذلك إلى أن الحكم صادر ضد مورثه ولا يجوز تنفيذه إلا علي تركته دون أموال الوارث الخاصة، أو إلى أن الحكم صادر ضد الشركة ولا يجوز تنفيذه علي الشريك ولو كان مديناً متضامناً معها طالما أنه لم يختصم في الدعوى ولم يلزمه الحكم بشيء، إذ لا يكفي أن يكون المنفذ ضده مديناً شخصياً لطالب التنفيذ وإنما يجب أن يكون ملزماً بأداء معين بموجب السند التنفيذي، وإن كان مديناً شخصياً لطالب التنفيذ في التزام بالتضامن ولكن قام مدين آخر بالوفاء بما قضى به، فلا يجوز للأخير وقد حل حلولاً قانونية محل الدائن أن يرجع علي باقي المدينين إلا بقدر حصة كل منهم في الدين، بحيث إن رجع بما يجاوزها، جاز المنازعة في ذلك، وحينئذ يقضي بوقف التنفيذ فيما جاوز تلك الحصة. وتنحصر المطالبة بالنسبة لكل مدين في قدر حصته.
وإذا نازع المنفذ ضده إستناداً إلى إختلاف إسمه عن الإسم الذي تضمنه السند التنفيذي، تعين علي قاضي التنفيذ التصدي لهذه المنازعة من ظاهر المستندات، فإن تبين له أن المنفذ ضده هو المعني بالسند التنفيذي وأن الإختلاف اليسير الذي تحقق لا ينال من هذا الإستخلاص، فإنه يقضي برفض المنازعة، كما لو تضمن هذا السند اسم «عبد المجيد» بينما أسم المنازع «عبد الحميد». (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : التاسع ، الصفحة : 570)
أولاً : أهلية طرفي التنفيذ:
هناك شروط معينة يجب توافرها في الدائن مباشر إجراءات التنفيذ وفي المنفذ ضده، فبالنسبة لطالب التنفيذ فيه يكفي أن يكون له أهلية الإدارة في حالة الحجز على المنقول وفي حالة التنفيذ على العقار لأنها إجراءات يستهدف بها تحصيل الدين وهو عمل من أعمال الإدارة وبالتالي لا يشترط فيه أهلية التصرف وعلى ذلك يجوز للقاصر المأذون له بإدارة أمواله والوكيل العام وكذلك الوصي والقيم مباشرة الإجراءات دون الحصول على إذن من محكمة الأحوال الشخصية أما إذا كان مباشر الإجراءات ليست له أهلية الإدارة بأن كان عديم الأهلية أو قاصراً لم يؤذن له بالإدارة فن التنفيذ يكون باطلاً ويجوز للمنفذ ضده أن يرفع إشكالاً في التنفيذ ويتعين على قاضي التنفيذ في هذه الحالة أن يقضي بوقف التنفيذ إلي أن يعين ممثل قانوني لمباشرة التنفيذ.
وبالنسبة لأهلية المنفذ ضده قد أختلف الفقهاء في هذا الشأن فذهب الرأي الأول إلى أنه لا تشترط أهلية في المنفذ ضده فيجوز التنفيذ ضد عديم الأهلية وإن كان يتعين توجيه الإجراءات إلى من يمثله أو يمثل ناقص الأهلية ( المبادئ العامة في التنفيذ للدكتور عبد الباسط جميعي ص 18) ونادي الرأي الثاني بأنه يتعين أن يتوافر في المنفذ ضده أهلية التصرف في بعض الحالات وأهلية الإدارة في حالات أخرى فتشترط أهلية التصرف إن كان التنفيذ بنزع ملكية عقار أو منقول لأنه يترتب عليه إخراج المال من ملكية المنفذ ضده وتكفي أهلية الإدارة بالنسبة التنفيذ المباشر کتسليم عقار أو منقول أو هدم بناء أو إغلاق باب أو نافذة او فتح مطل لأنه لا يعدو أن يكون اقتضاء لمحل الالتزام الأصلي الذي يجوز للمدين المأذون له بالإدارة الوفاء به إختياراً وفقاً لنص المادة 56 من قانون الولاية على المال ( الدكتور فتحي والي في التنفيذ الجبري بند 88 والدكتور وجدي راغب في التنفيذ ص 285) أما الرأي الثالث فيقول أن العبرة في أهلية المنفذ ضده هي معرفة ما إذا كان السند التنفيذي متعلقاً بالتزام ناشئ عن الإدارة القانون بها وما إذا كان التنفيذ يتم على الأموال المأذون بإدارتها فعند توافر منين الشرطين تكفي أهلية الإدارة وعند تخلف أحداهما فلا بد من توافر أهلية التصرف لدى المنفذ ضده ( مبادئ التنفيذ للدكتور عبد الخالق عمر ص 173).
وأوجب الرأي الرابع أن تكون للمنفذ ضده ذات الأهلية الواجب توافرها فيمن ترفع عليه الدعوي أمام القضاء فإذا كان قاصراً أو من في حكمه وجب توجيه إجراءات التنفيذ أياً كان نوعها لمثله القانوني سواء أكان الوصي أم الولي أم القيم عليه (القضاء المستعجل للمستشار محمد عبد اللطيف الطبعة الرابعة ص 554 وما بعدها و أبو هيف في التنفيذ رقم 274 وأبو الوفا في إجراءات التنفيذ الطبعة الثامنة ص 290 ومحمد حامد فهمي في التنفيذ رقم 133).
وأوضح الرأي الخامس أن الخلاف السابق لا يجدي وأنه يتعين في حالة ما إذا لم تتوافر في المنفذ ضده الأهلية اللازمة لمباشرة التنفيذ ضده إتخاذ إجراءات التنفيذ ضد من يمثله قانوناً كالولي أو الوصي أو القيم (قضاء الأمور المستعجلة للأستاذين راتب ونصر الدين كامل الطبعة السابعة ص 897 وما بعدها ).
وفي تقديرنا أن الرأي الرابع هو السديد وأن الرأي الخامس لا يحسم الخلاف في حالة ما إذا كان المنفذ ضده قاصراً مأذوناً له بالإدارة وما إذا كان يجوز التنفيذ ضده أم أن التنفيذ يوجه إلي وصيه أو وليه الشرعي وترتيباً على ما تقدم إذا وجه الدائن أي إجراء من إجراءات التنفيذ إلي المدين القاصر - إلا إذا كان مأذوناً له بالإدارة وفي الحالات التي يجوز له الوفاء - فإن هذا الإجراء يكون باطلاً ويجوز لممثله القانوني أن يستشكل فيه ويتعين على قاضي التنفيذ في هذه الحالة أن يأمر بوقف التنفيذ.
وإذا قضي بإشهار إفلاس المدين فإنه يترتب علي هذا الحكم غل يده عن التصرف في أمواله أو إدارتها ويتعين توجيه إجراءات التنفيذ إلى وكيل الدائنين فإذا اتخذت الإجراءات ضد المدين جاز لوكيل الدائنين أن يرفع إشكالاً في التنفيذ ويتعين على قاضي التنفيذ في الحالة إجابته لطلبه.
وإذا تصادف عدم وجود ممثل قانوني لعديم الأهلية أو ناقصها أو كان ممثله القانوني هو نفسه طالب التنفيذ فيتعين على طالب التنفيذ أن يطلب من محكمة الأحوال الشخصية تعين قيم أو وصي خصومة لمباشرة إجراءات التنفيذ في مواجهته وبعد أن يتم تعيينه تجري إجراءات التنفيذ في مواجهته أما إذا بدأت إجراءات التنفيذ لدى المدين ثم قام به سبب من أسباب انقطاع الخصومة الثلاثة .
وهي الوفاء أو فقد الأهلية أو زوال صفة من يباشر الإجراءات عنه قبل البدء في التنفيذ أو قبل تمامه فلا تصح إجراءات، الحجز أو التنفيذ التي تتم بعد قيام سبب الانقطاع إلا بعد إعلان السند التنفيذي إلى من يقوم مقام المدين أو من في حكمه وبعد انقضاء ثمانية أيام كاملة من هذا الإعلان وذلك وفقاً لنص المادة 284 / 1 من قانون المرافعات فإذا إستمر طالب التنفيذ في الإجراءات دون تباع ما أوجبته هذه المادة كان التنفيذ باطلا ويجوز لنائب المدين أو من حل محله أن يلجأ قاضي التنفيذ بطلب وقف التنفيذ أما إذا توفي طالبي التنفيذ أو أهليته أثناء إجراءات التنفيذ فإن ذلك لا يؤثر في صحة الإجراءات التي تمت قبل وفاته ولا يؤدي إلي إنقطاع سير الإجراءات وإنما يستمر الورثة أو القيم أو المحال إليه الحق في مباشرة الإجراءات.
ثانياً : صفة مباشر التنفيذ :
يتعين أن يكون طالب التنفيذ له صفة في التنفيذ الذي يباشره أي أن يكون هو الشخص الذي أعطاه السند التنفيذي الحق في التنفيذ الجبري الذي يباشره ولا يشترط أن يكون هو الدائن الذي ورد إسمه في السند التنفيذي إذ قد يحول حقه لغيره وقد يتوفى فيباشر ورثته التنفيذ وقد يطرأ عليه عارض ينقص أهليته أو يعدمها ففي هذه الحالات يكون لمن حل محل الدائن الأصلي أن يباشر إجراءات التنفيذ بشرط أن يقوم بإعلان سند حلوله محل الأصيل إلي المدين فيتعين على الورثة إعلان مدينهم بإعلان الوارثة ويتعين على الموصى له إعلان مدينه بعقد الوصية والمحال له الحق إعلان مدينة بعقد الحوالة وكذلك يجوز للدائن أن يوكل آخر في مباشرة التنفيذ وعلى ذلك إذا لم يراع المنفذ الشروط والإجراءات المتقدمة ورفع المنفذ ضده إشكالاً وقتياً في التنفيذ واستبان له أن السند التنفيذي قد خلا مما يفيد أن مباشر الإجراءات له صفة في التنفيذ أو أنه لم يتخذ الإجراءات التي استوجبها القانون في حالة حلوله محل الدائن فإنه يقضي بوقف التنفيذ مؤقتاً حتى يقدم ما يدل على صفته أو على اتخاذه الإجراءات التي استوجبها القانون كإعلان المنفذ ضده بعقد الحوالة أو إعلام الورثة.
ويتعين أن تظل الصفة قائمة الطالب التنفيذ وقت مباشرة إجراءات التنفيذ فإذا كان الدين المنفذ به قد انقضى بأي سبب من أسباب الانقضاء كالوفاء أو الإبراء والمقاصة القانونية أو التقادم فإنه لا يجوز إجراء التنفيذ وذلك بشرط أن يكون سبب إنقضاء لاحقا لصدور الحكم فإذا تحقق سبب ترتب عليه إنقضاء الدين علي النحو السابق كان للمنفذ ضده أن يقيم إشكالاً مؤقتاً بطلب وقف التنفيذ ويتعين على قاضي التنفيذ إجابته لطلبه متى كان ظاهر المستندات يؤيده كذلك يتعين ألا يتجاوز التنفيذ حدود المديونية كما قررها السند التنفيذي فإذا قضي السند التنفيذي بإلزام المدين بتسليم جزء من عقار شائعاً فإنه لا يجوز تنفيذه بتسليم هذا الجزء مفرزاً ، وإذا كان السند التنفيذي قد قضى بتسليم أرض مبينة حدودها في الحكم فلا يجوز مخالفة هذه الحدود عند التسليم وتسليم أرض مبينة في العقد ما دام أن الحكم قد أورد حدوداً تختلف عنها وإذا صدر حكم على شركة فلا يجوز تنفيذه على مال خاص لأحد الشركاء ففي جميع الحالات المتقدمة يتعين على قاضي التنفيذ إذا رفع إليه إشكال وقتي في التنفيذ واستبان له ظاهر الأوراق وقوع المخالفة أن يقضي بوقف التنفيذ. ( قضاء الأمور المستعجلة للأستاذين راتب ونصر الدين كامل الطبعة السابعة ص 897 وما بعدها ).
والمقصود بزوال الصفة المنصوص عليه في المادة هو زوال صفة من يباشر الإجراءات عن الخصم يقتضي نيابة قانونية أو قضائية كزوال صفة الولي أو الوصي أو القيم أو الوكيل عن النائب أما زوال صفة الوكيل الإتفاقي فلا أثر لها لأن التنفيذ لا يوجه ضد الوكيل الإتفاقي وإنما يوجه ضد المدين الأصيل .
وبناء على ما تقدم لا يجوز التنفيذ ضد الشركة بموجب حكم صادر ضد شخص أحد الشركاء ولو كان مديراً لها ما دام لم يصدر الحكم ضده بهذه الصفة ولا يجوز التنفيذ بموجب حكم صادر بالتصديق علي صلح ضد من لم يكن طرفاً فيه ، والحكم الصادر ضد أحد المدينين المتضامنين لا يجوز تنفيذه ضد ضامنه والحكم الصادر ضد المحيل لصالح المحال عليه لا يجوز تنفيذه قبل المحال له الذي لم يكن طرفاً فيه.
ويعتبر ذا صفة في التنفيذ ضده الخلف العام والخلف الخاص .
والمقصود بالمدين في نص المادة هو المحجوز عليه أو المحجوز لديه.
وإذا كانت المادة لم ترتب البطلان صراحة على مخالفة أحكامها إلا أنه يتعين الرجوع للقواعد العامة في البطلان والمنصوص عليها في المادة 20 مرافعات وترتيباً على ذلك فإن مخالفة نص المادة يعتبر عيباً جوهرياً مؤداه عدم تحقق الغاية من الإجراء ومن ثم يتعين الحكم بالبطلان مني أثبت المتمسك به حصول تلك المخالفة إلا أنه يجوز للدائن أو المنفذ أن يثبت تحقق الغاية من الإجراء رغم وقوع المخالفة وهذا البطلان نسبي مقرر لمصلحة من قام به سبب الإنقطاع أو من يقوم مقامه فإذا تعدد المدنيون فلا يجوز أن يتمسك بالبطلان إلا ورثة المتوفي منهم وكذلك إذا كان ورثة المدين أو من في حكمهم على علم بقيام إجراءات التنفيذ وقاموا بالرد على الإجراءات بما يفيد اعتبارها صحيحة فإن هذا يعتبر مسقطاً لحقهم في التمسك بالبطلان عملاً بالمادة 22 مرافعات .
(راجع فيما تقدم أبو هيف بند 277 وفتحي والي بند 88 وكمال عبد العزيز الطبعة الثانية ص 556 وأبو الوفا في التعليق ص 875).
وذهب رأي إلى أنه تخلف شرط الصفة في المنفذ ضده كان التنفيذ باطلاً بطلاناً مطلقاً ( عمر بند 194 و راغب ص 267 وكمال عبد العزيز في الطبعة الثانية ص 557) وكنا قد خالفنا هذا الرأي في الطبعة السابقة وذهبنا إلى أن البطلان في هذه الحالة بطلان نسبي وكان سندنا أن محكمة النقض قد استقر قضاؤها على أن عدم توافر الصفة في الخصومة أمر ليس متعلقاً بالنظام العام وأن ذلك يطبق من باب اولى على الصفة بالنسبة للمنفذ ضده إلا أن الوضع اختلف الآن بعد تعديل المادة 3 من قانون المرافعات بالقانون 81 لسنة 1996 واعتبار الصفة من النظام العام ومن ثم فلا مناص من اعتبار تخلف شروط الصفة في المنفذ ضده يترتب عليه بطلان التنفيذ بطلاناً مطلقا . (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء : السابع ، الصفحة : 130)
(أ) فبالنسبة لطالب التنفيذ: نص المشرع في المادة 2/284 على أنه يجوز قبل انقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ وفاة المدين أن تعلن الأوراق المتعلقة بالتنفيذ إلى ورثته جملة في آخر موطن لمورثهم بغير بيان أسمائهم وصفاتهم، ويسري هذا النص سواء كانت الوفاة قد تمت قبل بدء التنفيذ أو أثناءه، وهذا النص مقرر لمصلحة طالب التنفيذ حتى لا يضطر إلى أن يعلن الأوراق بمجرد وفاة المدين إلى كل وارث باسمه، وفي موطنه الخاص، وقد يؤدي بحثه عن هذا البيانات إلى سقوط حق له ولكن إذا كان طالب التنفيذ يعلم أسماء الورثة وصفاتهم واختار إعلانهم بأسمائهم في مواطنهم الخاصة فإنه لا يترتب أى بطلان على ذلك، لأن القاعدة الواردة في المادة 2/284 مقررة لمصلحة طالب التنفيذ، وليس للورثة أو غيرهم التمسك بها، ولذلك إذا خالفها طالب التنفيذ فإنه لا يترتب على مخالفته أي بطلان لأنه لا يجوز أن يضار من قاعدة مقررة لمصلحته.
أما بعد انقضاء ثلاثة أشهر فإنه يجب على طالب التنفيذ أن يوجه إجراءات التنفيذ إلى كل الورثة بأسمائهم وصفاتهم، وفي موطن كل منهم أي يجب توجية الإجراءات باسم كل وارث، وفي موطنه ولا يكفي توجيه الإجراءات جملة، لأنه يفترض بعد انقضاء ثلاثة شهور من الوفاة أن طالب التنفيذ قد تمكن من معرفة الورثة جميعاً ومواطنهم.
فإذا قام طالب التنفيذ بعد مرور ثلاثة أشهر من تاريخ الوفاة بإعلان الورثة جملة بغير بيان أسمائهم وصفاتهم في آخر موطن لمورثهم، فإن مثل هذا الإعلان يكون باطلاً ويجوز للورثة وذي المصلحة أن يتمسك به، بيد أن هذا البطلان يزول بالتنازل عنه.
(ب) أما بالنسبة للورثة: فقد نص المشرع في المادة 1/284 على أنه وإذا توفي المدين ... قبل البدء في التنفيذ و قبل إتمامه فلا يجوز التنفيذ قبل ورثته.... إلا بعد مضي ثمانية أيام من تاريخ إعلانهم بالسند التنفيذي ".
وهذا يعني أنه حتى ولو كان قد سبق إعلان السند التنفيذى إلى المورث أي المدين المتوفي، فإنه يجب أيضاً إعلانه إلى الورثة كما يجب أن تنقضي ثمانية أيام كاملة قبل إتخاذ إجراءات التنفيذ ضدهم، والحكمة من ذلك (جلاسون - ج 4 - بند 1137 - ص 101 جارسونيه - ج 4 - بند 47 - ص 134 ، فتحی والی - بند 86- ص 156 ). هي إتاحة الفرصة للورثة حتى يمكنهم الإستعداد للوفاء اختياراً إن أرادوا تفادي إجراءات التنفيذ ضدهم أو الإستعداد لمواجهة هذه الإجراءات إذا لم يقوموا بالوفاء الإختياري، وفي ظل قانون المرافعات السابق كان يقتصر تطبيق ذلك على حالة حدوث الوفاة قبل البدء في التنفيذ، وذلك وفقاً للمادة 462 من هذا القانون، ولكن عدم المشرع ذلك في قانون المرافعات الحالي بحيث لا يجوز التنفيذ قبل الورثة إلا بعد مضي ثمانية أيام من تاريخ إعلانهم بالسند التنفيذي سواء حدثت الوفاة قبل بدء التنفيذ أو بعد بدئه، وذلك لتوافر العلة في الحالتين .
وهناك تساؤل يثور في الفقه عما إذا كان يجوز اتخاذ إجراءات التنفيذ ضد بعض الورثة أو ضد واحد منهم فقط دون إختصام الباقين على أساس أن الوارث. ينتصب خصماً على التركة وفقاً للقاعدة الشرعية التي تقضي بأن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الدورية أمام القضاء، ومن ثم لا يلزم إختصام جميع الورثة في إجراءات التنفيذ؟ ولم تحسم محكمة النقض هذه المسألة فذهبت في حكم لها إلى أن هذه القاعدة قد تكون صحيحة ممكناً الأخذ بها لو أن الوارث كان قد خاصم او خوصم طالباً الحكم للتركة نفسها بكل حقها أو مطلوباً في مواجهته الحكم على الشركة نفسها بكل ما عليها، أما إذا كانت دعوى الوارث تهدف إلى تبرئته من نصيبه من الدين فإنه لا يكون نائباً شرعياً عن عموم التركة لأنه يعمل لنفسه ولمصلحته الشخصية في حدود نصيبه (انظر: حكم محكمة النقض الصادر في 1935/4/11 - المنشور في مجموعة عمر - ج 1- رقم 246 ص 574)، بينما ذهبت في حكم آخر إلى أن الوارث الذي لم يظهر في الخصومة يعتبر ممثلاً فيها عن طريق نيابة الوارث الأخر أو بعبارة أدق عن طريق المورث الذي تلقى الحق عنه إلا أنه مع ذلك لا يعتبر محكوماً عليه مباشرة بل يكون من الغير (انظر: حكم محكمة النقض الصادر في 1949/5/19 - المنشور في مجموعة عمر۔ ج 5 - رقم 441 ص 770) . ولكننا نؤيد رأياً قال به البعض في الفقه (عبدالباسط جمیعی - ص 28 - ص 29). بأن تمثيل الوارث لباقي الورثة إنما يصح بالنسبة لما ينفع لا بالنسبة لما يضر لأن إختصام أحد الورثة قد يكون ذريعة للتواطؤ، ولذلك يجوز لأحد الورثة أن ينفذ بحق التركة على الغير أو أن يحصل على حكم لصالح التركة ضد الغير، ولكن لا يجوز أن يكون الحكم الصادر ضده أحد الورثة أو بعض الورثة حجة على الباقين كما لا يجوز أن يجري التنفيذ ضده بعض الورثة أو ضد واحد منهم لأن ذلك أمر ضار، ولذا لا ينبغي الاكتفاء فيه بإختصام وارث دون آخر بل لابد من إختصام الورثة جميعاً، ودليل ذلك ما نصت عليه المادة 463 من قانون المرافعات السابق، والمادة 284 من قانون المرافعات الحالي بأن إعلان أوراق التنفيذ يتم للورثة جملة في خلال الثلاثة شهور التالية لوفاة المدين، وهذا يعني أنه بعد انقضاء هذه المدة يجب إعلان كل من الورثة على انفراد وهو ما يستفاد منه أنه يجب توجيه إعلان خاص لكل واحد من الورثة وأنه لا يكفي إعلان البعض منهم دون البعض الآخر بأوراق التنفيذ، فتمثيل الوارث لباقي الورثة يصح فقط بالنسبة لما ينفعهم لا بالنسبة لما يضرهم.
ثانياً - أهلية الأداء: يجب أن توجه إجراءات التنفيذ إلى من هو أهل لذلك، والأهلية اللازم توافرها فيمن توجه إليه الإجراءات هي أهلية الوفاء فلا تكفي أهلية الإدارة، وأهلية الوفاء هي أهلية التصرف، وتظهر أهمية اشتراط أهلية التصرف في التنفيذ بنزع الملكية لأن نزع الملكية تؤدي إلى إخراج المال من ملك المنفذ ضده أي التصرف فيه، ولذلك إذا اتخذ الدائن إجراءات التنفيذ في مواجهة ناقص الأهلية أو عديمها كانت باطلة، والغرض من ذلك هو حماية مصالح الأشخاص عديمي الأهلية وناقصيها لأنه ليس في وسعهم أن يدافعوا عن مصالحهم، وليس معنى ذلك عدم جواز التنفيذ ضد ناقص الأهلية أو عديمها على من الممكن ذلك، ولكن يشترط لصحة الإجراءات أن توجه الأوراق المتعلقة بالتنفيذ، وأن تتخذ إجراءات التنفيذ ضد من يمثله.
ووفقاً للمادة 1/284 مرافعات إذا كان المنفذ ضده هو المدين، وفقد أهليته سواء قبل بدء التنفيذ أو بعد بدئه، ولكن قبل تمامه فإنه يجب إعلان من يقوم مقامه بالسند التنفيذي قبل البدء في التنفيذ أو الاستمرار في مواجهته، ولا يجوز التنفيذ إلا بعد مضي ثمانية أيام من تاريخ الإعلان بالسند التنفيذي.
وإذا لم يكن لناقص الأهلية أو عديمها من يمثله، كما لو كان مجنوناً لم يحجر عليه رغم شیوع أمره، ولم يعين له قيم أو كان قاصراً، وتم بدین له وصي، فإنه من حق طالب التنفيذ أن يطلب من المحكمة المختصة تنصيب من يمثل ناقص الأهلية أو عديمها حتى يتسنى توجيه إجراءات التنفيذ ضده.
وإذا كان الوصي نفسه هو الذي يرغب في التنفيذ ضد القاصر فإنه يجب عليه إما أن يعتزل الوصاية. ويطلب من المحكمة تعيين وصی بدله أو على الأقل أن يطلب من المحكمة تعيين وصى خصومة ليتخذ إجراءات التنفيذ ضده، وما يصدق على الوصی يصدق على القيم إذا ما أراد اتخاذ إجراءات تنفيذية ضد المحجوز عليه، وحكمة ذلك أن مصلحة ممثل ناقص الأهلية أو عديمها قد تتعارض مع مصلحة من يمثله كما أنه لا يجوز للشخص أن يتقاضى مع نفسه.
إذن ينبغي أن تتخذ إجراءات التنفيذ في مواجهة من يمثل ناقض الأهلية أو عديمه، وعلى هذا الممثل أن يدافع عن مصالح وحقوق من يمثله، فيقوم بفحص أوراق التنفيذ، والتمسك بما قد يكون في الإجراءات من عيوب لإبطاله لأنه يسأل إذا كانت هذه العيوب ظاهرة، ولم يتمسك بها، إذ لا ينحصر دور من يمثل عديم الأهلية أو ناقصها في مجرد تمثيله بصورة سلبية بل يجب عليه أن يتصرف في كل ما يتعلق بالتنفيذ كما لو كان واقعاً على أمواله أو بالطريقة التي يتصور أن ناقص الأهلية أو عديمها كان يتصرف فيها لو كان كامل الأهلية، وقد نصت المادة 43 من قانون الولاية على المال على أنه يجب على الوصي أن يعرض على المحكمة بغير تأخير ما يتخذ قبل القاصر من إجراءات التنفيذ وأن يتبع في شأنها ما تأمر به المحكمة.
أن نص الفقرة الأولى من المادة 284 - محل التعليق - يعنى أنه حتى ولو كان قد سبق إعلان السند التنفيذى إلى المورث أي المدين المتوفي، فإنه يجب أيضاً إعلانه إلى الورثة كما يجب أن تنقضي ثمانية أيام كاملة قبل اتخاذ إجراءات التنفيذ ضدهم والحكمة من ذلك هي إتاحة الفرصة للورثة حتى يمكنهم الاستعداد للوفاء اختياراً إن أرادوا تفادي إجراءات التنفيذ ضدهم أو الاستعداد لمواجهة هذه الإجراءات إذا لم يقوموا بالوفاء الإختياري، وفي ظل قانون المرافعات السابق كان يقتصر تطبيق ذلك على حالة حدوث الوفاة قبل البدء في التنفيذ وذلك وفقاً للمادة 462 من هذا القانون، ولكن عمم المشرع ذلك في قانون المرافعات الحالي بحيث لا يجوز التنفيذ قبل الورثة إلا بعد مضى ثمانية أيام من تاريخ إعلانهم بالسند التنفيذى سواء حدثت الوفاة قبل بدء التنفيذ أو بعد بدئه وذلك لتوافر العلة في الحالتين.
أيضاً أن نص الفقرة الثانية من المادة 284 - محل التعليق - يسري سواء كانت الوفاة قد تمت قبل بدء التنفيذ أو أثنائه، وهذا النص مقرر لمصلحة طالب التنفيذ حتي لا يضطر إلى أن يعلن الأوراق بمجرد وفاة الدين إلى كل وارث باسمه وفي موطنه الخاص، وقد يؤدي بحثه عن هذه البيانات إلى سقوط حق له. ولكن إذا كان طالب التنفيذ يعلم أسماء الورثة وصفاتهم، واختار إعلانهم بأسمائهم في مواطنهم الخاصة فإنه لا يترتب أى بطلان على ذلك، لأن القاعدة الواردة في المادة 2/ 284 مقررة لمصلحة طالب التنفيذ، وليس للورثة أو غيرهم التمسك بها، ولذلك إذا خالفها طالب التنفيذ فإنه لا يترتب على مخالفته أی بطلان لأنه لا يجوز أن يضار من قاعدة مقررة لمصلحته.
أما بعد انقضاء ثلاثة أشهر فإنه يجب على طالب التنفيذ أن يوجه إجراءات التنفيذ إلى كل الورثة بأسمائهم وصفاتهم وفي موطن كل منهم أي يجب توجيه الإجراءات باسم كل وارث، وفي موطنه، ولا يكفي توجيه الإجراءات جملة، لأنه يفترض بعد انقضاء ثلاثة شهور من الوفاة أن طالب التنفيذ قد تمكن من معرفة الورثة جميعاً ومواطنهم.
فإذا قام طالب التنفيذ بعد مرور ثلاثة أشهر من تاريخ الوفاة بإعلان الورثة جملة بغير بيان أسمائهم وصفاتهم في آخر موطن لمورثهم فإن مثل هذا الإعلان يكون باطلاً ويجوز للورثة وذوي المصلحة أن يتمسكوا به، بيد أن هذا البطلان يزول بالتنازل عنه.
ويلاحظ أنه إذا كانت المادة لم ترتب البطلان صراحة على مخالفة أحكامها إلا أنه يتعين الرجوع للقواعد العامة في البطلان والمنصوص عليها في المادة 20 مرافعات وترتيباً على ذلك فإن مخالفة نص المادة يعتبر عيباً جوهرياً. مؤداه عدم تحقق الغاية من الإجراء، ومن ثم يتعين الحكم بالبطلان مني أثبت المتمسك به حصول تلك المخالفة إلا أنه يجوز للدائن أو المنفذ أن يثبت تحقق الغاية من الإجراء رغم وقوع المخالفة وهذا البطلان نسبي مقرر لمصلحة من قام به سبب الإنقطاع أو من يقوم مقامه فإذا تعدد المدينون فلا يجوز أن يتمسك بالبطلان إلا ورثة المتوفي منهم، وكذلك إذا كان ورثة المدين أو من في حكمهم على علم بقيام إجراءات التنفيذ وقاموا بالرد على الإجراءات بما يفيد اعتبارها صحيحة فإن هذا يعتبر مسقطاً لحقهم في التمسك بالبطلان عملاً بالمادة 22 مرافعات (عبدالحميد أبوهيف - طرق التنفيذ والتحفظ - بند 277، فتحى والي - بند 88، أحمد أبو الوفا. ص 1142 كمال عبدالعزيز ص 556، عزالدين الديناصور وحامد عكاز - التعليق - ص 1267 ).
وإذا تخلف شرط الصفة في المنفذ ضده كان التنفيذ باطلاً بطلاناً مطلقاً (وجدي راغب - ص 267 كمال عبدالعزيز ص 557 ، محمد عبدالخالق عمر - بند 194 )، وقد ذهب رأي إلى أن البطلان في هذه الحالة بطلان نسبي على أساس أنه إذا كانت محكمة النقض قد استقر قضاؤها على أن عدم توافر الصفة في الخصومة أمر ليس متعلقاً بالنظام العام فإن ذلك يطبق من باب أولى على الصفة بالنسبة للمنفذ ضده (عز الدين الديناصوري وحامد عكاز - التعليق - ص 1267 )
وينبغي ملاحظة أن المقصود بالمدين في نص المادة 284 - محل : التعليق - هو المحجوز عليه أو المحجوز لديه لأن الأخير يعتبر مديناً للمحجوز عليه.
كما أن المقصود بزوال الصفة في المادة 284 - محل التعليق - هو زوال صفة من يباشر الإجراءات عن الخصم بمقتضى نيابة قانونية أو قضائية كزوال صفة الولي أو الوصي أن القيم أو الوكيل عن النائب.
وينبغي على الخصم أن يخطر خصمه بإنقضاء وكالة المحامي، وإلا صح إعلانه في مكتب هذا المحامي عملاً بالمادة 212 ، وذلك في الأحوال التي يجوز فيها الإعلان في الموطن المختار المعين مسبقاً قبل الخصم أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 1143 ) . (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء : الخامس، الصفحة : 889)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع عشر ، الصفحة / 71
تَنْفِيذٌ
التَّعْرِيفُ:
التَّنْفِيذُ فِي اللُّغَةِ: جَعْلُ الشَّيْءِ يُجَاوِزُ مَحَلَّهُ.
يُقَالُ: نَفَذَ السَّهْمُ فِي الرَّمِيَّةِ تَنْفِيذًا: أَخْرَجَ طَرَفَهُ مِنَ الشِّقِّ الآْخَرِ. وَنَفَذَ الْكِتَابُ أَرْسَلَهُ: وَنَفَذَ الْحَاكِمُ الأْمْرَ أَجْرَاهُ وَقَضَاهُ.
وَالاِصْطِلاَحُ الشَّرْعِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَالنَّفَاذُ تَرَتُّبُ الآْثَارِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْحُكْمِ.
وَقَدْ يُطْلَقُ لَفْظُ «تَنْفِيذٍ» عَلَى إحَاطَةِ الْحَاكِمِ عِلْمًا بِحُكْمٍ أَصْدَرَهُ حَاكِمٌ آخَرُ عَلَى وَجْهِ التَّسْلِيمِ، وَيُسَمَّى اتِّصَالاً. وَيُتَجَوَّزُ بِذِكْرِ (الثُّبُوتِ) (وَالتَّنْفِيذِ) قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ عَلَيْهِ فِي زَمَانِنَا هَذَا غَالِبًا.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَفَاذِ الْحُكْمِ أَوِ الْعَقْدِ وَتَنْفِيذِهِمَا هُوَ: أَنَّ النَّفَاذَ صِحَّةُ الْعَقْدِ أَوِ الْحُكْمِ وَتَرَتُّبُ آثَارِهِ الْخَاصَّةِ مِنْهُ، كَوُجُوبِ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَانْتِقَالُ مِلْكِيَّةِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَالثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ. أَمَّا التَّنْفِيذُ فَهُوَ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ أَوِ الْحُكْمِ وَإِمْضَاؤُهُ بِتَنْفِيذِ عُقُوبَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي، وَالثَّمَنِ لِلْبَائِعِ مِنَ الْعَاقِدِ طَوْعًا أَوْ بِإِلْزَامٍ مِنَ الْحَاكِمِ. قَالَ الْفُقَهَاءُ: إنَّ التَّنْفِيذَ لَيْسَ بِحُكْمٍ، إنَّمَا هُوَ عَمَلٌ بِحُكْمٍ سَابِقٍ وَإِجَازَةٌ لِلْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ.
وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ الْحُكْمَ بِالْمَحْكُومِ بِهِ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ.
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْقَضَاءُ:
الْقَضَاءُ فِي اللُّغَةِ: الْحُكْمُ وَمِنْهُ قوله تعالى (وَقَضَى رَبُّك أَلاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاهُ).
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالتَّنْفِيذِ أَنَّ التَّنْفِيذَ يَأْتِي بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَالْقَضَاءُ سَبَبٌ لَهُ
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
يَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ، أَوِ الْوَرَثَةِ تَنْفِيذُ وَصَايَا الْمَيِّتِ بِشُرُوطِهَا، وَعَلَى الْحَاكِمِ، أَوْ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ تَنْفِيذُ الْعُقُوبَاتِ عَلَى مَنْ حُكِمَ عَلَيْهِ، وَعَلَى مَنِ الْتَزَمَ حُقُوقًا مَالِيَّةً بِاخْتِيَارِهِ، أَوْ أَلْزَمَهُ الشَّارِعُ حَقًّا تَنْفِيذُ مَا لَزِمَهُ مِنْ حُقُوقٍ، وَعَلَى الْحَاكِمِ التَّنْفِيذُ جَبْرًا عَلَى مَنِ امْتَنَعَ عَنِ التَّنْفِيذِ طَوْعًا إذَا طَلَبَ صَاحِبُ الْحَقِّ حَقَّهُ.