موسوعة قانون المرافعات
1- الأحكام الصادرة بأداء النفقات والأجور والمرتبات.
2- إذا كان الحكم قد صدر تنفيذاً لحكم سابق حائز لقوة الأمر المقتضي أو مشمول بالنفاذ المعجل بغير كفالة أو كان مبنياً علي سند رسمي لم يطعن فيه بالتزوير وذلك متي كان المحكوم عليه خصماً في الحكم السابق أو طرفاً في السند.
3- إذا كان المحكوم عليه قد أقر بنشأة الإلتزام.
4- إذا كان الحكم مبنياً على سند عرفي لم يجحده المحكوم عليه.
5- إذا كان الحكم صادراً لمصلحة طالب التنفيذ في منازعة متعلقة به.
6- إذا كان يترتب على تأخير التنفيذ ضرر جسيم بمصلحة المحكوم له.
1- يجوز وفقاً للمادة 3/470 من قانون المرافعات السابق - الذى صدر الحكم المطعون فيه فى ظله و المقابلة للمادة 5/290 من قانون المرافعات القائم - الأمر بالنفاذ المعجل بكفالة أو بغير كفالة فى الأحكام الصادرة لمصلحة طالب التنفيذ فى المنازعات المتعلقة بالتنفيذ و إذ كانت دعوى الإستحقاق الفرعية من المنازعات المتعلقة بالتنفيذ ، فإنه يجوز شمول الحكم القاضى برفضها بالنفاذ المعجل بغير كفالة بحسبانه حكماً صادراً لمصلحة طالب التنفيذ ، و نفاذ هذا الحكم يكون بالمضى فى إجراءات البيع التى أوقفت بسبب رفع تلك الدعوى .
(الطعن رقم 595 لسنة 39 جلسة 1975/03/26 س 26 ع 1 ص 675 ق 134)
النفاذ المعجل القضائي هو الذي يتقرر بأمر من القضاء يتضمنه الحكم، فتأمر المحكمة بشمول حكمها بالنفاذ المعجل، وكان قانون المرافعات السابق يقسم هذا النفاذ إلى قسمين، قسم يكون فيه وجوبياً فلا تملك المحكمة عدم النص عليه، وقسم يكون جوازيا يخضع للتقدير المطلق للمحكمة. ولما صدر قانون المرافعات الحالي جعل النفاذ المعجل القضائي جوازياً في جميع الحالات وعدل بذلك عن النفاذ المعجل الوجوبي، كما جعل النص على شرط الكفالة في النفاذ المعجل القضائي جوازياً، ومن ثم يجوز للمحكمة أن تأمر بالنفاذ المعجل أو لا تأمر به، وإذا أمرت به جاز لها أن تنص علي شرط الكفالة أو تعفي منه، وكل ذلك يرجع إلي مطلق تقديرها، ويكفي تسبيباً للرفض أن تضمن حكمها أنها لا ترى موجباً للنفاذ المعجل، وإذا أمرت به، فيكفي أن تنوه إلي إحدى حالات المادة (290) من قانون المرافعات التي يخضع لها النفاذ.
وإذا طلب المدعي شمول الحكم بالنفاذ المعجل وفقاً لإحدى الحالات سالفة البيان ولم ترد المحكمة على هذا الطلب وأغفلته، فإنها تكون قد استعملت حقها في الرفض الضمني له، ولا يجوز الرجوع إليها في شأنه عملاً بالمادة (193) من قانون المرافعات التي ينحصر نطاقها في الطلب الموضوعي الذي يصلح لرفع دعوى به على إستقلال، وليس طلب النفاذ المعجل كذلك. كما لا يجوز الطعن في حكمها إستناداً إلى هذا الإغفال.
ولا يجوز للمحكمة أن تأمر بالنفاذ المعجل إلا إذا طلب المدعي ذلك، سواء في صحيفة إفتتاح الدعوى أو في أية حالة تكون عليها الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولي، فإذا أمرت به رغم عدم طلبه، فإنها تكون قد قضت بما لم يطلبه الخصوم ويتعين رفع التماس إعادة النظر لإلغاء الشق المتعلق بالنفاذ المعجل وبصفة وقتية الأمر بوقف التنفيذ، وقبل صدور هذا الأمر يكون الحكم واجب النفاذ ويلتزم قلم الكتاب بوضع الصيغة التنفيذية عليه، كما يلتزم قلم المحضرين بتنفيذه، وإذا رفع إشكال في التنفيذ إستناداً لهذا الوجه، فإنه يوقف التنفيذ مؤقتاً لحين الفصل فيه من قاضي التنفيذ الذي يتعين علي رفض الإشكال والاستمرار في التنفيذ لأنه لو قضي بوقف التنفيذ يكون قد مس حجية الحكم وفصل في أصل الحق. ويتم التنفيذ على مسئولية طالبه.
حالات النفاذ المعجل القضائي:
(1) الأحكام الصادرة بأداء النفقات والأجور والنفقات :
يجوز الأمر بالنفاذ المعجل في الأحكام الصادرة بتقرير نفقة للأقارب أو لأحد الزوجين من المحكمة المدنية تبعاً للحكم في نزاع موضوعي انعقد الإختصاص لها بنظره فيما بين هؤلاء، إذ يكون طلب النفقة تابعاً للنزاع الموضوعي فتختص به حتى لو كان الاختصاص بنظره ينعقد المحكمة أخري. وإذ تنص المادة (919) من قانون المرافعات على أن تختص محكمة المواد الجزئية بنظر دعاوى نفقة الأقارب والأصهار ونفقة الصغير ونفقة أحد الزوجين على الآخر، كما تنص المادة (187) منه على أن النفاذ المعجل بلا كفالة واجب بقوة القانون لكل حكم صادر بالنفقة، فإن مؤدى هذا، أن الحكم إذا كان صادراً بالنفقة من محكمة المواد الجزئية، فإنه يكون نافذاً نفاذاً معجلاً بقوة القانون، أما إن كان صادراً من غيرها، كان نفاذه جوازياً للمحكمة أن تأمر به أو ترفضه.
ويخرج عن هذا النطاق النفقة الوقتية التي تصدر على عريضة عملاً بالمادة (259) من القانون المدني، لنفاذها نفاذاً معجلاً بقوة القانون عملاً بالمادة (228) من قانون المرافعات، وأيضاً النفقة الوقتية التي يصدر بها حكم مستعجل.
وتكون الأحكام الصادرة بأداء الأجور والمرتبات جائزة أن تنفذ تنفيذاً معجلاً ويلحق بالأجر والمرتب ملحقاته کالبدلات والعلاوات وأي حق دوري متجدد يرتبه القانون علي قيام علاقة العمل أو يترتب عليها، ويخرج عن هذا النطاق التعويض عن الفسخ التعسفي أو الناشيء عن عمل غير مشروع إذا ألزم به رب العمل، ومناط النافذ المعجل توافر علاقة التبعية، فإذا انتفت فلا يشمل الحكم بالنفاذ المعجل، مثال ذلك المقابل الذي يقرره رب العمل لأحد المحامين شهرياً نظير استشارته في بعض الأمور، أو لأحد الأطباء للكشف الدوري علي العمال طالما انتفت علاقة التبعية بما تتطلبه من توجيه وإشراف.
(2) إذا كان الحكم قد صدر تنفيذاً لحكم سابق حائز لقوة الأمر المقضي أو مشمول بالنفاذ المعجل بغير كفالة أو كان مبنياً علي سند رسمي لم يطعن فيه بالتزوير متي كان المحكوم عليه خصماً في الحكم السابق أو طرفاً في السند :
مثال ذلك أن يصدر حكم بالتعويض المؤقت ويحوز قوة الأمر المقضي وبه تتقرر مسئولية المحكوم عليه، ومن ثم يجوز شمول الحكم الصادر بالتعويض النهائي بالنفاذ المعجل، والحكم الصادر بإلزام المحكوم عليه بالريع بعد صيرورة الحكم الصادرة بثبوت الملكية جائزاً قوة الأمر المقضي، والحكم الصادر بتسليم المبيع بعد الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المشمول بالنفاذ المعجل، ويتعين أن يكون المحكوم له والمحكوم عليه ماثلين بشخصهما أو بمن ينوب عنهما في الحكم السابق، فإذا قضى بصحة ونفاذ عقد البيع وتم شهره، فإن الحكم بالتسليم يجوز شموله بالنفاذ المعجل حتى لو تم تسليم المبيع لمشتر آخر لم يسجل عقده، إذ يكون ممثلاً في الحكم السابق في شخص البائع له.
وإذا تم البيع بموجب سند رسمي، فإن الحكم الذي يصدر بتنفيذ الإلتزامات التي تضمنت، يجوز شموله بالنفاذ المعجل إن لم يطعن فيه بالتزوير، فإن لم يتعلق الحكم بتنفيذ هذه الإلتزامات، فلا يعتبر مبنياً على السند الرسمي وبالتالي لا يجوز شموله بالنفاذ المعجل، كالحكم الصادر بفسخ هذا السند والمقرر أنه يجوز التنفيذ الجبري بموجب السند الرسمي أو رفع دعوى إستناداً إليه.
(3) إذا كان المحكوم عليه قد أقر بنشأة الالتزام :
يجوز للمحكمة أن تشمل حكمها بالنفاذ المعجل إذا أقر المحكوم عليه بنشأة الإلزام، كما لو أقر بقبض الدين الذي تضمنه عقد القرض أو بقيامه بفتح مطل علي ملك الجار أو ارتكابه الفعل الضار فلا يكفي أن يقر بتوقيعه على عقد القرض إذا تمسك ببطلانه لمخالفته للنظام العام كما لو كان الدين الذي تضمنه دین قمار، إذ يحول هذا الدفاع دون نشأة الالتزام، لكن إن لم يتمسك بذلك ودفع بإنقضاء الدين بالوفاء أو الإبراء أو المقاصة أو التقادم، فإن هذا الدفع لا يمتد إلي نشأة الالتزام، إنما لسبب لاحق عليه، بحيث إذا خلصت المحكمة إلى رفض هذا الدفع، ظل الإقرار بنشأة الالتزام قائماً مما يجيز لها أن تشمل حكمها بالنفاذ المعجل.
ويجب أن يكون الإقرار قضائياً صدر في جلسة المرافعة وأثبت في محضرها، أو تضمنته مذكرة مقدمة من المحكوم عليه.
(4) إذا كان الحكم مبنياً على سند عرفي لم يجحده المحكوم عليه:
يجوز للمحكمة أن تأمر بالنفاذ المعجل إذا أقامت قضاءها على محرر عرفي لم يجحده المحكوم عليه، كما لو رفعت دعوى بصحة ونفاذ عقد عرفي ولم يجحده البائع، فإن أقر به، وهو ما يتضمن إقراراً بنشأة التزامه ، فهو وجه آخر لشمول الحكم بالنفاذ المعجل.
لكن إذا حضر المدعي عليه وأنكر صدور المحرر منه أو قرر بأن التوقيع الوارد به ليس له، ولم يتخذ إجراءات الطعن بالتزوير، وخلصت المحكمة إلى صحة المحرر وقضت بناء عليه، فلا يجوز لها أن تأمر بالنفاذ المعجل بعد أن جحد المحكوم عليه السند العرفي الذي أقام عليه الحكم قضاءه وإذا اتخذ الأخير اجراءات الطعن بالتزوير وقضت المحكمة بصحة السند، فإن هذا القضاء لا يؤدي إلى اعتبار السند غیر مجحود، وإنما يظل مجحوداً مما يحول دون الأمر بالنفاذ المعجل.
وإذا رفعت دعوى التزوير الأصلية وقضي فيها نهائياً بصحة السند، ثم رفعت به دعوى، فإن السند لا يكون مجحوداً .
أما إذا لم يحضر المدعي عليه رغم إنعقاد الخصومة، فإن الحكم الذي يصدر بناء على السند العرفي، يجوز شموله بالنفاذ المعجل لعدم جحد المحكوم عليه له ولو لم تتضمن صحيفة الدعوي إشارة إليه، إذ طالما انعقدت الخصومة كان للأخير الحضور وتقديم أوجه دفاعه فيها وإلا جاز للمحكمة أن تقضي في الدعوى وفقاًً للنصوص الواجبة التطبيق ومنها إقامة قضاءها على السند العرفي الذي لم يجحده المحكوم عليه رغم إمكان ذلك، فقد جاء النص عاماً مطلقاً مما يحول دون تخصيصه. أنظر بهذا المعنى رمزي سيف بند 49 وأبو هيف بند 123 ومحمد حامد فهمي بند 38 وقارن أبو الوفا بند 37 ووالي بند 34 وقرراً أنه في حالة عدم حضور المدعى عليه يتعين أن تتضمن صحيفة الدعوى إشارة إلى السند حتي يمكن أن يقال أن الحكم قد صدر بناء على سند لم يجحده المحكوم عليه ، فإن لم تتضمن صحيفة الدعوى ذلك، فلا يجوز الأمر بالنفاذ المعجل.
وإذا كان السند العرفي صادراً من المورث وأنكره الورثة وحلفوا بأنهم لا يعلمون ما إذا كان صادراً من مورثهم من عدمه ، فلا يجوز للمحكمة أن تأمر بالنفاذ المعجل.
(5) إذا كان الحكم صادراً لمصلحة طالب التنفيذ في منازعة متعلقة به :
منازعات التنفيذ إما أن تكون وقتية كإشكالات التنفيذ ودعوى التنفيذ المستعجلة، وتنفيذ الأحكام الصادرة فيها نفاذاً معجلاً بقوة القانون عملاً بالمادة (288) من قانون المرافعات، ويترتب على رفع الإشكال وقف التنفيذ بينما لا يوقف برفع دعوى التنفيذ المستعجلة.
وإما أن تكون موضوعية، كدعوي بطلان الحجز أو رفعه ودعوي الاسترداد ودعوى الإستحقاق الفرعية، وقد ترفع قبل تمام التنفيذ أو بعد تمامه، وتنصرف الفقرة (5) إلي دعوى التنفيذ الموضوعية التي يرفعها المدين أو الغير ضد طالب التنفيذ، وهي لا تؤدي إلى وقف التنفيذ إذا رفعت قبل تمامه ما لم تتعلق بالإسترداد أو بالإستحقاق، ويصدر فيها قضاء موضوعي يحسم أصل الحق المتنازع فيه، فإذا قضي برفضها، دل ذلك على صحة إجراءات التنفيذ التي اتخذت، وحينئذ يجوز لقاضي التنفيذ أن يأمر بالنفاذ المعجل للحكم الذي أصدره متعلقاً بتلك المنازعة، سواء قضي برفض المنازعة أو ببطلانها أو بسقوطها أو باعتبارها كأن لم تكن، ويتعين على طالب التنفيذ أن يطلب الأمر بالنفاذ المعجل حتى يتصدى له قاضي التنفيذ، ويترتب على شمول الحكم بالنفاذ المعجل المضي في إجراءات التنفيذ من حيث توقفت أو البدء فيها إن لم تكن قد بدأت، كما لو بادر الدين برفع منازعة موضوعية ببطلان مقدمات التنفيذ فقضي برفضها وحينئذ يبدأ في التنفيذ.
وينصرف نص الفقرة سالفة البيان إلى الحكم الذي يصدر في منازعة متعلقة بالتنفيذ، فإن لم يكن كذلك. فلا تسري تلك الفقرة حتى لو تضمن قضاء بصحة الحجز، مثال ذلك أن يستصدر الدائن أمراً بالحجز التحفظي علي منقولات المدين ويرفع دعوى بثبوت الحق وصحة الحجز، فيصدر الحكم بذلك. فإنه لا يشمل بالنفاذ المعجل إذ لم يصدر في منازعة تنفيذ حتي لو تمسك المدين ببطلان الحجز أثناء نظر الدعوى .
(6) إذا كان يترتب على تأخير التنفيذ ضرر جسيم بمصلحة المحكوم له :
يجوز للمحكمة أن تأمر بالنفاذ المعجل إذا استخلصت من الوقائع المطروحة عليها أن التنفيذ إذا تأخر حتى انقضاء ميعاد الطعن أو صدور حكم من المحكمة الاستئنافية في حالة الطعن في الحكم، فقد يؤدي ذلك إلى الإضرار الجسيم بمصلحة المحكوم له، والمقصود بالضرر الجسيم. الضرر الذي قد يتحقق بدرجة غير يسيرة ولا يشترط أن يكون ناتجاً عن خطأ عمدي. ويستوي أن يكون مادياً أو أدبياً، فالحكم الذي يصدر بإزالة لافتة تحمل عبارة تسئ للمدعى، يترتب على تأخير تنفيذه ضرر جسيم بمصلحة المحكوم له وصدور الحكم ضد شركة في دور التصفية قد يترتب على تأخير تنفيذه ضرر جسيم بمصلحة المحكوم له عندما تكون شركة مدنية، وصدور الحكم على ملاك سفينة تم إصلاحها و تتأهب للسفر قد يترتب على تأخير تنفيذ الحكم ضرر جسيم بمصلحة المحكوم له الذي قام بالتوريد لها أو إصلاحها طالما كانت أجنبية أما إن كانت مصرية فقد لا يتوافر هذا الضرر.
وليس للضرر الجسيم الذي يجيز للمحكمة أن تأمر بالنفاذ المعجل معیار ثابت ولكنه يختلف من حالة إلي أخري ولذلك فإنه يخضع لتقديرها مما يوجب عليها تسبيب هذا الشق إذا أمرت بالنفاذ المعجل. أما إن لم تأمر به فإنه يكفي أن تقرر أنها لا تري موجباً له، ولها ألا تتصدى له سواء في الأسباب أو المنطوق، وحينئذ تكون قد رفضته ضمناً ولا يعتبر ذلك منها إغفالاً لطلب الانحصار الإغفال في الطلبات الموضوعية التي تصلح لرفع دعوي بها عملا بالمادة (193) من قانون المرافعات. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : التاسع ، الصفحة : 600)
حالات النفاذ المعجل المنصوص عليها في هذه المادة جوازية للمحكمة لها أن تأمر به ولها أن ترفض شمول الحكم بالنفاذ رغم توفر حالة من الحالات المنصوص عليها في هذه المادة وإذا أمرت المحكمة بالنفاذ فلها أن تشترط الكفالة ولها أن تعفي المحكوم له منها ويتعين تسبيب الحكم بالنفاذ المعجل وإلا كان باطلاً وذلك عملاً بالقاعدة العامة التي نص عليها المشرع في المادة 176 من القانون الجديد.
ويجب الأمر بالنفاذ المعجل المنصوص عليه في هذه المادة أن يطالبه المحكوم لصالحه ولا يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها ولا يكفي للأمر بالنفاذ المعجل أن يكون المحكوم لصالحه قد طلبه في صحيفة دعواه مستنداً إلي أحد الأسباب التي نصت عليها المادة بل ينبغي أن يكون الحكم في قضائه قد استند إلى إحدى تلك الحالات وأخذ بها.
والحكم بالنفاذ في الطلب الأصلي يمتد إلي ملحقاته كالغرامة المحكوم بها معه والفوائد وذهب رأي إلي أن الحكم بالنفاذ المعجل لا يمتد إلي المصاريف المحكوم بها إلا أننا نخالف هذا الرأي ذلك أن النفاذ يمتد إلى ملحقات الطلب الأصلي أياً كانت ومن بينها المصاريف المحكوم بها وأية ذلك أن المصايف المحكوم بها تخضع من ناحية قابلية الاستئناف للطلب الأصلي ولو اقتصر الاستئناف على الحكم بالمصاريف فقط وكذلك فإن المحكوم عليهم بالتضامن يلزمون المصاريف متضامنين وفقاًً لنص المادة 184 (راجع في الرأي الأول فتحي والي بند 37 وكمال عبد العزيز الطبعة الثانية ص 564 وراجع في الرأي الثاني أبو الوفا في التعليق ص 889).
1- يقصد بالنفقة المنصوص عليها في الفقرة الأولي ما تقضي به المحكمة من نفقة واجبة أو نفقة وقتية والنفقة الوقتية هي التي يصدر بها حكم وقتي لدائن يتحقق احتياجه إليها ويرجح ثبوت حقه في دعوى الموضوع المرفوع بهذا الحق والنفقة الواجبة هي نفقة الأقارب وغيرها كالتي كان يحكم بها من القضاء المدني لأجنبي .
وكانت الأحكام الصادرة بالنفقات الواجبة للزوجة والأولاد والأقارب المصريين تخضع من حيث نفاذها المؤقت للائحة ترتيب المحاكم الشرعية (بالمرسوم بقانون 78 لسنة 1930) وكانت المادة 353 منها تنص على أن " التنفيذ المؤقت يكون واجباً لكل حكم صادر بالنفقة أو أجرة الحضانة أو الرضاع أو المسكن أو تسليم الصغير لامه". وإذ صدر القانون رقم 63 لسنة 1976 فنصت المادة الأولى منه في فقرتها الأولى على أن "تنظر الدعوى المتعلقة بنفقة الزوجة أو المطلقة أو الأبناء أو الوالدين على وجه الإستعجال ولطالب النفقة أن يستصدر أمراً من المحكمة المنظور أمامها الدعوى بتقدير نفقة وقتية له". كما نصت الفقرة الثانية منها على أن "النفاذ المعجل بغير كفالة واجب بقوة القانون لكل حكم صادر بالنفقة أو أجرة الرضاعة أو المسكن الزوجة أو المطلقة أو الأبناء أو الوالدين". وبذلك يكون المشرع قد عدل تعديلاً جزئياً نص المادة 353 من اللائحة بأن جعل النفاذ المعجل بقوة القانون واجب لكل حكم صادر بالنفقة أو أجرة الحضانة أو الرضاعة أو المسكن للزوجة أو المطلقة أو الأبناء أو الوالدين وبذلك يكون قد أستبعد من النفاذ المعجل وفقاًً لهذه المادة باقي نفقة الأقارب كالأخوة والأخوات كما أنه جعل النفاذ بقوة القانون بعد أن كان وفقاًً لما تنص عليه المادة 353 من اللائحة واجباً على المحكمة أن تقضى به وعلى ذلك فقد أصبح النفاذ المعجل في الحالات المبينة بالفقرة الثانية من المادة الأولي من القانون رقم 62 لسنة 1976 واجباً بقوة القانون حتى إذا لم تنص عليه المحكمة في منطوق حكمها ولو لم يطلبه الخصوم، ويكون قلم الكتاب ملزماً بإعطاء صورة تنفيذية منه لطالب التنفيذ رغم الطعن عليه بطرق الطعن المقررة قانوناً ويتعين على المحضر تنفيذه باعتباره أن النفاذ هنا واجب بقوة القانون وقد أشار البحث عما إذا كان نص المادة الأولي من القانون رقم 62 لسنة 1976 يعد إلغاء للمادة 353 من اللائحة أو مجرد تعديل لها.
وكان الرأي الذي أعلناه في الطبعة السابقة أن هذه المادة نسخت ضمناً جزء من حكم المادة 353 ولم تلغها إذ أوردت حكماً خاصاً بالنفاذ المعجل وبقوة القانون النفقة الزوجة والمطلقة والأبناء والوالدين فقط وتبقى جزءاً من نص المادة 353 لم ينسخ وهو الخاص بنفقة باقي الأقارب كالأخوة والأخوات.
وقد ألغي القانون رقم (1) لسنة 2000 لتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والقانون رقم 63 لسنة 1976 ، ونص في المادة 654 منه على أن " الأحكام والقرارات الصادرة بتسليم الصغير أو رؤيته أو بالنفقات او الأجور أو المصروفات وما في حكمها تكون واجبة النفاذ بقوة القانون وبلا كفالة " وقد نصت المادة 54 من ذات القانون على أن تكون القرارات الصادرة من محكمة أول درجة بصفة ابتدائية في مسائل الولاية على المال واجبة النفاذ ولو مع حصول استئنافها عدا الصادرة في مسائل ستة عددتها المادة ، و أجازت نفس المادة في عجزها للمحكمة المنظورة أمامها الاستئناف أن تأمر بوقف التنفيذ مؤقتاً حتى يفصل في الطعن وقد شرحنا هاتان المادتان بتفصيل في نهاية هذا المؤلف مع باقي مواد القانون رقم (1) لسنة 2000.
والأجور والمرتبات يقصد بها الأحكام الصادرة فيها في طلب موضوعي من محكمة الموضوع بالأجر أو المرتب فلا يشمل بالنفاذ المعجل الحكم الصادر فيما يطلبه العامل أو الموظف من معاش أو مكافأة أو تعويض إلا إذا ترتب علي تأخير التنفيذ ضرر جسيم بمصلحة المحكوم له وفي هذه الحالة يكون مبني النفاذ الفقرة الأخيرة من المادة ويشترط فضلاً عن ذلك أن يكون مطلوب المدعي في الدعوى التي صدر الحكم فيها مترتباً على عقد إجارة أشخاص أما الحكم الصادر بما يستحقه الطبيب أو المحامي أو المقاول من أجر فلا تسري عليه هذه الفقرة (التنفيذ للدكتور أبو الوفا ص 76).
2 - يفترض في الحالة الأولي المنصوص عليها في الفقرة الثانية أن يتحد الخصوم في دعويين ويصدر في الأولي حكم يحوز قوة الشيء المحكوم به ويفترض صدور هذا الحكم الذي يقبل النفاذ طبقاً للقواعد العامة ثم يصدر حكم آخر في دعوى أخرى بين نفس الخصوم لمصلحة المحكوم له أولا ضد ذات المحكوم عليه وأن يكون الحكم الثاني لا يجوز تنفيذه طبقاً للقواعد العامة ويفترض ثالثاً أن يكون الحكم الثاني قد صدر تنفيذا للحكم الأول في أن يكون هناك إرتباط قوي بين الدعويين بحيث يصدر الحكم الثاني نتيجة للأول ومن أمثلة هذه الحالة أن يقوم نزاع أمام القضاء في شأن تفسير حكم حائز قوة الشيء المحكوم به فيصدر الحكم المفسر لمصلحة المحكوم له أولاً أو أن يحكم على شخص جنائياً في جريمة تبديد ثم يصدر حكم من المحكمة المدنية باقتضاء قيمة المال المختلس.
3- بالنسبة للحالة الثانية المنصوص عليها في الفقرة الثانية فإنه يعمل بذات الشروط السابقة إذا كان الحكم الأول مشمولاً بالنفاذ المعجل بغير كفالة.
4 - الأصل أن السند الرسمي واجب النفاذ بذاته بغير حاجة إلى دعوى لاستصدار حكم يبني على هذا السند وإنما يتطلب القانون أن تتوافر في الدين الثابت بالسند الشروط اللازمة لإجراء التنفيذ بموجبه فإذا لم تتوافر كأن يكون الدين غير معلوم المقدار مثلاً وجب الالتجاء إلى القاضي واستصدار حكم بناء علي هذا السند ويشترط للحكم بالنفاذ المعجل في هذه الحالة أن يكون المحكوم عليه طرفاً في السند الرسمي وأن يكون السند غیر مطعون فيه بالتزوير وأن يكون الحكم صادراً بناء عليه بأن تكون الواقعة المنشئة للحق المدعى به والذي أكده الحكم ثابتة في السند الرسمي ولا يشترط إقرار المحكوم عليه بهذا الحق.
5- بالنسبة للفقرة الثالثة فإنه يشترط في هذه الحالة أن يكون المحكوم عليه قد أقر شفاهة أم كتابة في مذكرات قدمت للمحكمة بنشأة الإلتزام أي أقر بسبب أو منشأ التزامه سواء كان عقداً أم إرادة منفردة أم عملاً غير مشروع أم إثراء بلا سبب أم نص القانون ويشترط أن يشتمل الإقرار على أمرين أولهما نشأة الإلتزام والثاني صحته . والنزاع في بقاء الإلتزام بعد الإعتراف به لا يمنع من اعتباره قائماً أي إذا أقر المحكوم عليه بنشأة التزامه ولو نازع في بقاء الالتزام وادعي إنقضاءه بالوفاء أو بالتقادم أو بالفسخ.
وتأسيساً على ما تقدم إذا أقام المشتري دعوى بصحة ونفاذ عقده وطلب شمول الحكم بالنفاذ المعجل فحضر البائع وطلب رفض الدعوى على سند من أن العقد قد فسخ أو انقضى باي سبب من أسباب الفسخ أو الإنقضاء وتبين للمحكمة عدم صحة هذا الدفاع فإنه يجوز لها أن تشمل حكمها الصادر بصحة التعاقد - بالنفاذ المعجل، وكذلك الشأن إذا أقام البائع دعوى فرعية بالفسخ وانتهت المحكمة إلى رفضها وقضت بصحته ونفاذ العقد فإنه يجوز لها شمول الحكم بالنفاذ المعجل.
ومن المقرر أن مجرد إقرار البائع بصدور عقد البيع منه مع المنازعة في صحته كالدفع ببطلان لمخالفته للنظام العام أو للإكراه أو الغلط أو لعدم مشروعية المحل أو السبب فإن ذلك لا يعد إقراراً بأصل الالتزام الذي يشترط فيه إقرار البائع بأن العقد نشأ صحيحاً على النحو السالف بيانه وفي حالة ما إذا كان البائع أكثر من شخص وحضر بعضهم وأقر بنشأة الإلتزام وحضر الباقون ولم يقروا بذلك فإن النفاذ المنصوص عليه في الفقرة الثالثة يطبق علي الأولين دون الباقين الذين يجوز شمول الحكم بالنفاذ بالنسبة لهم عملاً بالفقرة الرابعة من المادة 290.
6- يشترط لتطبيق الفقرة الرابعة في هذه الحالة أن يكون السند صادراً من المحكوم عليه ولم يجحده أي لم ينازع فيه وعدم جحد السند لا يتطلب الاعتراف به من جانب المحكوم عليه ولا يتطلب أيضاً ثبوت صحته بصورة رسمية . وإذا أنكر المحكوم عليه الورقة أو أدعي تزويرها في قضية أخرى ثم حكم بصحتها وصار الحكم حائزاً قوة الشيء المحكوم به ثم صدر حكم في قضية أخرى على نفس المحكوم عليه واستند إلى ذات الورقة جاز للحكم بالنفاذ المعجل لأن هذه الورقة تعتبر في حكم الورقة غير المجحودة كما يشترط أن يبني الحكم على تلك الورقة.
وإذا لوح البائع بالطعن علي العقد بالتزوير ولم يسلك الإجراء الذي رسمه القانون فإن ذلك لا يعد منه جحداً للسند، أما بالنسبة للطعن بالإنكار أو الجهالة فإنه يكفي لإعتبارهما مطروحين على المحكمة أن يبدي البائع هذا الدفع علي وجه الجزم دون اتخاذ إجراء آخر.
أثر تسليم المدعى عليه بالطلبات :
إذا حضر المدعي عليه وأقر بالطلبات سواء حضر بنفسه أو بوكيل عنه يبيح له توكيله هذا الإقرار فإن الحكم في هذه الحالة يكون نهائيا ولا يجوز الطعن عليه وبالتالي فهو نافذ بطبيعته بقوة القانون ومن ثم فلا يجوز للمحكمة أن تشمله بالنفاذ المعجل وفقاً لنص المادة 290 لا استناداً لنص الفقرة الثالثة ولا عملا بالفقرة الرابعة ، ذلك أن الفقرة الثالثة مؤداها أن يقر البائع بأن عقد البيع قد نشأ صحيحاً ولو نازع في بقائه وهذا الأمر يختلف عن التسليم بالطلبات، كما أن عدم جحد البائع للعقد يختلف عن التسليم بالطلبات إذ يعتبر عدم جحد للسند حضور البائع الذي لاذ بالصمت ولم يبد دفاعاً أو طلبات وأيضا عدم حضوره كلية وليس هذا الشأن التسليم بالطلبات . وقد نادي رأي في الفقه بأن إقرار البائع في دعوى صحة التعقد أمام المحكمة بصحة العقد وقبض الثمن يعد منه تسليما بطلبات المدعي (المستشار رضا الخضيري في دعوى صحة التعاقد ص 365) وفي تقديرنا أن هذا القول محل نظر ذلك أن طلبات المشتري في الأغلبية الساحقة في دعاوی صحة التعاقد - إن لم يكن فيها كلها - تتناول فضلا عن الحكم بصحة العقد وشموله بالنفاذ المعجل طلباً آخر هو إلزامه بالمصاريف، فإذا أقر البائع بصحة العقد وقبض الثمن إلا أنه لم يقر بتحمله المصروفات فلا بعد ذلك منه تسليماً بطلبات المدعي، وذلك بصرف النظر عما إذا كانت المحكمة ستقضي بإلزام البائع المصروفات أم ستحمل بها المشتري ، إذ أن ذلك أمر آخر منفصل عن أثر التسليم بالطلبات على النفاذ المعجل. وقد ثار الخلاف حول ما إذا كان الحكم بفسخ عقد رسمي أو عقد ثابت في ورقة عرفية يعتبر صادراً بناء على ما هو ثابت بالورقة الرسمية أو الورقة العرفية وبذلك يجوز شمول الحكم بالنفاذ المعجل استناداً للفقرتين 2، 4 من هذه المادة أم أن الفسخ في أي من الحالتين يستند إلى أمر خارج عما ورد في العقدين ومن ثم لا يجوز شمول الحكم بالنفاذ فذهب الرأي الأول إلى أن فسخ العقد يعتبر تنفيذا له أي تنفيذا لشرط الفسخ فيه سواء أكان الشرط صريحاً فيه أم ضمنياً مستفاداً من طبيعته التنفيذ لحامد فهمي ص 35 ووجدي راغب ص 87). وقيل أن الفسخ لا يعتبر تنفيذا للعقد إلا إذا كان الفسخ مشروطا فيه صراحة كجزاء على الإخلال بشروطه (عبد الباسط جميعي رقم 1187 وفتحي والي رقم 40) وفي هذه الحالة يكون الحكم بالفسخ مشمولاً بالنفاذ وذهب رأي آخر إلى أن الحكم الذي يعتبر مبنياً على سند رسمي أو ورقة عرفية هو الحكم الصادر بتنفيذ الالتزامات الثابتة به والتي يشهد هو على صحتها ، أما الحكم الصادر بفسخه فهو يبني على وقائع خارجية عنه في الوقائع التي نسبت إلي أحد المتعاقدين وهو لا يشهد على ثبوتها او صحتها (رمزي سيف رقم 46 وأبو الوفا في التعليق ص 1135 ومحمد عبد الخالق عمر ص 238) وفي تقديرنا أن الرأي الأخير هو الذي يتفق وصحيح القانون.
7- قصد المشرع بالفقرة الخامسة تمكين طالب التنفيذ من تفادي الآثار المترتبة على مشاكسة خصمه الذي يسعي إلي وقف التنفيذ بإقامة عقبات غير جدية في سبيله ومثال هذه الحالة الحكم في دعوى رفع الحجز في حجز ما للمدين لدى الغير) والحكم في دعوى استرداد المنقولات المحجوزة أو الاستحقاق أو برفض الاعتراض على قائمة شروط البيع (راجع فيما تقدم التنفيذ للدكتور أبو الوفا ص 66 وما بعدها).
8- قررت الفقرة السادسة مبدأ عاما يجيز للقاضي أن يأمر بالتنفيذ إذا طلب منه وذلك في الحالات التي يترتب على تأخير التنفيذ ضرر للمحكوم له وعلى المحكمة في هذه الحالة أن تبين في حكمها المبررات التي استندت إليها في الأمر بالنفاذ ولا مانع من الاسترشاد بحالات الحكم بالنفاذ المعجل جوازاً التي كانت واردة في القانون القديم وحذفها المشرع في القانون الجديد مثل طلب إجراء الإصلاحات العاجلة. (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء السابع ، الصفحة : 157)
حالات النفاذ المعجل القضائي وحكم الكفالة فيها:
نصت المادة 290 مرافعات - محل التعليق - على حالات النفاذ المعجل القضائي، وهذه الحالات التي نصت عليها المادة المذكورة يكون للقاضي فيها أن يأمر بالنفاذ المعجل أو أن يرفض الأمر بالنفاذ المعجل، فالأمر بالنفاذ المعجل يكون جوازياً للقاضي في هذه الحالات، ويخضع لسلطته التقديرية، كذلك فإن الكفالة في هذه الحالات جميعاً جوازية للقاضي أيضاً مثلها في ذلك مثل النفاذ المعجل ذاته، فيجوز للقاضي أن يشترط تقديم كفالة لتنفيذ الحكم نفاذاً معجلاً ويجوز له أن يأمر بتنفيذه نفاذاً معجلاً دون كفالة، كذلك لا يستطيع القاضي أن يأمر بالنفاذ المعجل في هذه الحالات من تلقاء نفسه بل لابد أن يطلب منه ذلك، وهذا بعكس الحال في النفاذ المعجل القانوني كما أسلفنا.
وتختلف حالات النفاذ المعجل القضائي عن حالات النفاذ المعجل القانوني في أن حالات النفاذ المعجل القانوني قد وردت في القانون على سبيل الحصر فقد نص عليها في المادتين 288 و289 مرافعات، بينما حالات النفاذ المعجل القضائي ليست محصورة، وإنما هي واردة على سبيل المثال، لأن المشرع قد نص في المادة 290 على عدة حالات وأورد في ختام هذه المادة حكماً عاماً وهو «إذا كان يترتب على تأخير التنفيذ ضرر جسيم بمصلحة المحكوم له»، وقد قصد المشرع من تقرير هذا الحكم العام تحقيق المرونة والتيسير في إعمال قواعد النفاذ المعجل (أمينة النمر - أحكام التنفيذ الجبري - بند 135 ص 181) فيستطيع الخصم استناداً إلى ذلك أن يطلب شمول الحكم بالنفاذ المعجل في غير الأحوال الواردة في المادة المذكورة، كذلك إذا تبين القاضي من ظروف الدعوى أنه يترتب على تأخير التنفيذ ضرر جسيم بمصلحة المحكوم له فإنه يجوز له الحكم بالنفاذ المعجل حتى ولو لم تتوافر إحدى الحالات الأخرى المنصوص عليها في المادة 290 مرافعات (أمينة النمر الإشارة السابقة).
ولذلك يعتقد بعض الفقهاء أن الحالة السادسة المنصوص عليها في المادة 290 كان يمكن الاكتفاء بها وحدها (عبدالباسط جمیعی - المباديء العامة في التنفيذ - ص 87)، لأنها تغني عن باقي الحالات بحيث يترك للقضاء في كل حالة تقدير ما إذا كان من الملائم شمولها أو عدم شمولها بالنفاذ المعجل على ضوء المعيار المرن الذي قرره المشرع في الحالة السادسة، وهو وقوع ضرر جسيم بمصالح المحكوم له إذا ما تراخى التنفيذ أو تأخر، وتعتبر الحالات الخمسة السابقة على هذه الحالة والمنصوص عليها في المادة المذكورة مجرد أمثلة للنفاذ المعجل القضائي وقد كان منصوصاً عليها في قانون المرافعات السابق، واحتفظ بها المشرع في القانون الحالي، وأضاف إليها المعيار المرن في الفقرة الأخيرة من المادة السالفة الذكر.
مبررات النفاذ المعجل القضائي:
ويرد الفقه حالات النفاذ المعجل القضائي إلى أحد اعتبارين عبدالباسط جميعي - المبادئ العامة في التنفيذ - ص 88، وجدي راغب ص 78)، الأول: هو حاجة الاستعجال أو السرعة في التنفيذ، الثاني: هو قوة سند الحق المحكوم به حيث يستخلص المشرع من هذا احتمال تأييد الحكم إذا طعن فيه بالاستئناف، وبالتالي رجحان الحق في التنفيذ الجبري، وكل اعتبار من هذين الاعتبارين يبرر شمول الحكم بالنفاذ المعجل، وسوف نستعرض هذه الحالات فيما يلي:
أولاً : الحالات التي ترجع إلى حاجة الاستعجال في التنفيذ:
وفي هذه الحالات تكون بصدد أحكام موضوعية لا أحكام وقتية مستعجلة (وجدي راغب ص 78) ويبرر النفاذ المعجل فيها حاجة الاستعجال في تنفيذها، بينما الأحكام المستعجلة تنفذ نفاذاً معجلاً بقوة القانون وهذه الحالات هي .
الحالة الأولى: الأحكام الصادرة بأداء النفقات وذلك قبل العمل بالقانون رقم (1) لسنة 2000 أما الصادرة بعد العمل به فهی نافذة بقوة القانون بلا كفالة:
يقصد بهذه الأحكام أحكام الإلزام الموضوعية التي تصدر باداء نفقة واجبة لأحد الأقارب أو الأزواج، أما الحكم بأداء نفقة وقتية فهو يعتبر حكماً مستعجلاً ومن ثم ينفذ نفاذاً معجلاً بقوة القانون طبقاً للمادة 288 مرافعات.
ويقصد بالحكم الصادر بأداء النفقة الحكم الصادر بتقرير النفقة أو زيادتها، وذلك لأن الحكم بزيادة النفقة صورة من صور أدائها، كما أن حكمة النفاذ توفر في الحالتين، ولكن الحكم الصادر بإسقاط النفقة لا يجوز شموله بالنفاذ المعجل (رمزي سيف - بند 45 ص 45)
وينفذ الحكم الصادر بأداء النفقة نفاذاً معجلاً، أيا كان المصدر المنشئ للالتزام بالنفقة سواء كان نص القانون أو الاتفاق بين الملتزم بالنفقة ومستحقها، ويرى البعض أنه يجوز نفاذ الأحكام التي تصدر في قضايا التعويض عن حادث أدى إلى وفاة عائل أسرة أو عجزه عن كسب قوته نفاذا معجلا (انظر في ذلك: جارسونيه ج 6 بند 143 هامش رقم 2، جلاسون ج 3 بند 889 ص 354 عبدالحميد أبو هيف - ص 82 هامش رقم 2، أحمد أبوالوفا ص 88) على أساس أن لهذه التعويضات صنفة النفقة الواجبة.
والهدف من شمول الأحكام الصادرة بأداء النفقات بالنفاذ المعجل هو التعجيل بحصول المحكوم له على ما يمكنه من مواجهة مطالب الحياة أمينة النمر - بند 136 ص 182) فالغالب أن تكون المبالغ المحكوم بها هي مورد رزقه الوحيد.
وينبغي ملاحظة أنه وفقاً للمادة 65 من القانون (1) لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية الصادر في 29/ 1/ 2000 فإن الأحكام والقرارات الصادرة بالنفقات تكون واجبة النفاذ بقوة القانون وبلا كفالة، وهذه المادة تطبق على الأحكام الصادرة بالنفقات بعد العمل بهذا القانون.
الحالة الثانية: الأحكام الصادرة بأداء الأجور والمرتبات: ويقصد بها الأحكام الصادرة في دعاوى المطالبة بالأجر أو المرتب الناشىء عن عقد العمل ويجب أن يكون الأجر ناشئاً عن علاقة عمل لا عن عقد مقاولة، ويستوي أن يكون العمل خاضعاً لقانون العمل أو لأحكام عقد العمل الفردي (رمزی سيف - بند 52 ص 52 ، وجدي راغب ص 79) إذ يجوز أن يشمل بالنفاذ المعجل الحكم بأجر خادم من خدم المنازل أو عامل عرضى، وقد كان القانون الملغي يحدد المرتبات بأنها مرتبات المستخدمين، بيد أن القانون الحالي اعتد فقط بكون الحكم صادراً بأجر أو مرتب أياً كانت صفة المحكوم له .
والأحكام التي تشمل بالنفاذ المعجل هي فقط الأحكام الصادرة بالأجر أو المرتب، فإذا لم يكن المطلوب أجراً، وإنما تعويضاً أو معاشاً أو مكافأة فلا يجوز شمول الحكم الصادر به بالنفاذ المعجل، كذلك إذا لم يكن مطلوب المدعي في الدعوى التي صدر الحكم فيها ناشئاً عن عقد عمل بل هو مجرد أتعاب مقابل القيام ببعض الأعمال مثل ما يطلبه الطبيب أو المحامي من أتعاب .. فإنه لايجوز شمول الحكم أيضاً بالنفاذ المعجل إذ لا يسرى عليه نص المادة 290/ 1 مرافعات.
الحالة الثالثة - إذا كان يترتب على تأخير التنفيذ ضرر جسيم بمصلحة المحكوم له:
استحدث المشرع في القانون الحالي هذه الحالة، وقد ورد النص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 290، وقد صاغها الشارع صياغة مرنة استهدف منها مواجهة كل حالة يرى القاضي فيها أن تأخير التنفيذ يترتب عليه ضرر جسيم بمصلحة المحكوم له، واستغنى الشارع بهذا النص عن إيراد بعض الحالات التي كان يوردها القانون القديم كحالة إجراء الإصلاحات العاجلة ودعاوى الحيازة، وبذا أزال الشارع الجمود الذي كان يغل يد القاضي في ظل القانون القديم.
ولا يكفي الضرر العادي لتبرير شمول الحكم بالنفاذ المعجل لأن تأخير تنفيذ الحكم يضر دائماً بمصلحة المحكوم له، وإنما يجب أن يكون هذا الضرر جسيماً ولكن ما المقصود بالضرر الجسيم بمصلحة المحكوم له الذي إذا ترتب على تأخير التنفيذ فإنه يكون مبرراً لشمول الحكم بالنفاذ المعجل؟.
وفقاً للاتجاه الذي ترجحه في الفقه فإن تقدير جسامة الضرر يعتبر مسألة نسبية تتوقف على الظروف الموضوعية والشخصية الملابسة (رمزي سيف - بند 52 ص 52 ، وجدي راغب - ص 79)، والتي يمكن أن يكون من صورها الحكم بإجراء الإصلاحات العاجلة أو الحكم بالإخلاء عند انتهاء عقد الإيجار أو فسخه والحكم برد الحيازة عند سلبها، أو أن يكون المحكوم عليه مهدداً بخطر الإعسار أو الإفلاس، ويجب أن يأخذ القاضي في اعتباره مدى احتمال تأييد الحكم إذا طعن فيه بالاستئناف بعد ذلك (أحمد أبوالوفا - بند 28 ص 82، أمينة النمر - بند 135 - ص 181، محمد. عبدالخالق به بند 244 ص 242، وجدي راغب.. الإشارة السابقة، لأن الضرر الجسيم يجب أن يكون من مبناه قوة سند المحكوم له بحيث يرجع معه احتمال تأييد الحكم إذا طعن فيه بعدئذ، فلا يحكم القاضي بالنفاذ المعجل إلا إذا رجح لديه احتمال تأييد الحكم في الاستئناف، كذلك يجب أن يدخل القاضي في تقديره الموازنة بين ما يحتمل أن يصيب المحكوم عليه من ضرر بسبب التأخير في التنفيذ وما يحتمل أن يصيب المحكوم له من ضرر بسبب النفاذ المعجل (وجدي راغب - ص 79 )، فيدخل في اعتباره ليس فقط ما سوف يصيب المحكوم له من ضرر إذا لم ينفذ الحكم نفاذاً معجلاً، بل أيضاً الضرر الذي سوف يصيب المحكوم عليه إذا نفذ الحكم نفاذاً معجلاً، ويوازن بين الضررين.
ويخضع تقدير توافر الضرر الجسيم من عدمه لسلطة المحكمة التي تأمر بالنفاذ، ولكن يجب على المحكمة أن تسبب حكمها سبباً كافياً (فتحى والى - بند 34 ص66 ، وقارن أحمد أبو الوفا بند 38 ص 95 حيث يرى أن مجرد شمول الحكم بالنفاذ المعجل تطبيقاً للفقرة السادسة من المادة 290 يشف عن سبب هذا الشمول ولا يتطلب تبريراً خاصاً ويكون لمحكمة الطعن مراجعة هذا التقدير بعدئذ عملاً بالمادة 292 مرافعات)، بحيث تحدد بدقة الظروف الواقعية التي تبرر حدوث الضرر الجسيم، ولذلك إذا اقتصرت المحكمة مثلاً على القول بأنه يترتب على تأخير التنفيذ ضرر جسيم، فإنها تكون قد استندت على أسباب عامة وغامضة لا تصلح لتسبيب أمرها بالنفاذ المعجل، كذلك يجب أن يكون الضرر الجسيم مترتباً على تأخير التنفيذ وليس بسبب عامل آخر لا علاقة له بتأخير التنفيذ.
الحالة الرابعة - الأحكام الصادرة في الدعاوى العمالية:
طبقاً للمادة السادسة من قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 فإنه يجوز شمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة في الدعاوى التي يرفعها العمال والصبية المتدرجون وعمال التلمذة والمستحقون عنهم في المنازعات المتعلقة بأحكام قانون العمل، والحكمة من النفاذ المعجل في هذه الحالة تكمن في رغبة المشرع في توفير حماية سريعة وفعالة لحقوق العمال (محمد عبدالخالق عمر - بند 243 - ص242 و ص 243 ).
ثانياً: الحالات التي ترجع إلى قوة سند الحق:
وفي هذه الحالات يكون الحكم الابتدائي مبنياً على سند قوي مما يقلل احتمال إلغاء هذا الحكم إذا ما طعن فيه ويرجح احتمال تأييده، وهذه الحالات هي :
الحالة الأولى: إذا كان الحكم صادراً لمصلحة طالب التنفيذ في منازعة متعلقة به :
وصورة هذه الحالة أن يكون طالب التنفيذ قد شرع في التنفيذ بمقضتی سند تنفيذي جائز تنفيذه سواء كان حكماً أو غير حكم، ثم ثارت منازعة موضوعية متعلقة بالتنفيذ من شأن رفعها وقف التنفيذ، ثم حكم في هذه المنازعة لصالح طالب التنفيذ، فهذا الحكم يجوز شموله بالنفاذ المعجل، وذلك بالاستمرار في التنفيذ السابق.
ومن أمثلة هذه الحالة الاعتراض على قائمة شروط البيع إذا ما صدر حكم لمصلحة طالب التنفيذ، إذ يؤدي الاعتراض إلى وقف التنفيذ وقد يصدر الحكم الفاصل في الاعتراض لصالح طالب التنفيذ، كالحكم بعدم قبول الدعوى أو رفضها أو بعدم الاختصاص أو ببطلان صحيفتها أو غير ذلك، ففي هذه الحالة يجوز شمول هذا الحكم بالنفاذ المعجل.
ومن أمثلة ذلك أيضاً الحكم في دعوى رفع حجز ما للمدين لدى الغير، فإذا طلب المحجوز عليه رفع الحجز وصدر حكم برفض الدعوى أو بعدم قبولها أو بزوال الخصومة فيها، فإنه يجوز شمول هذا الحكم بالنفاذ المعجل لأنه صادر لصالح طالب التنفيذ، ويكون تنفيذ هذا الحكم استمراراً في التنفيذ السابق.
ويلاحظ أن هذه الحالات تتعلق بالأحكام الصادرة في منازعات التنفيذ الموضوعية، أما الأحكام الصادرة في منازعات التنفيذ الوقتية فإنها تكون دائماً مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون لأنها أحكام مستعجلة، وذلك سواء صدر الحكم في الإشكال الوقتي لمصلحة طالب التنفيذ في المنفذ ضده فهى تكون مشمولة بالنفاذ المعجل دائماً طبقاً لنص المادة 288 مرافعات. والحكمة من جواز شمول الحكم الصادر في المنازعة الموضوعية المتعلقة بالتنفيذ بالنفاذ المعجل في هذه الحالة هي تمكين طالب التنفيذ من تفادي الآثار المترتبة على مشاكسة خضمة الذي يسعى إلى وقف التنفيذ بإقامة عقبات غير جدية في سبيله (أحمد أبوالوفا - بند 37 ص 91 ، فإذا ما قضت المحكمة لصالح طالب التنفيذ كان لها أن تشمل حكمها بالنفاذ المعجل استجابة لطلبه إذا اتضح لها أن خصمه قد أقام المنازعة بغرض الكيد والمشاكسة ووقف إجراءات التنفيذ، وبذلك تفسد المحكمة سعي الخصم المشاكس ويتمكن طالب التنفيذ من الاستمرار في إجراءاته، ولكن يخضع ذلك لتقدير المحكمة وفقاً لظروف المنازعة.
وإذا كان الأصل وفقاً للمادة 290 أن الحكم الصادر في منازعة موضوعية متعلقة بالتنفيذ يكون جائزاً تنفيذه بأمر المحكمة نفاذاً معجلاً فقد استثني المشرع دعوى استرداد المنقولات المحجوزة من ذلك، إذ نص في المادة 395 على أنه يحق للحاجز أن يمضي في التنفيذ إذا حكمت المحكمة بشطب الدعوى أو بوقفها عملاً بالمادة 99 أو إذا اعتبرت كأن لم تكن، أو حكم باعتبارها كذلك، كما يحق له أن يمضي في التنفيذ إذا حكم في الدعوى برفضها أو بعدم الاختصاص أو بعدم قبولها، أو ببطلان صحيفتها أو بسقوط الخصومة فيها أو بقبول تركها، ولو كان هذا الحكم قابلا للاستئناف، وبهذا النص شمل المشرع الحكم الصادر في دعوى الاسترداد والمنهي للخصومة فيها لصالح طالب التنفيذ بالنفاذ المعجل بقوة القانون، ولم يجعله خاضعاً للنفاذ المعجل الجوازی مثل سائر الأحكام الصادرة لصالح طالب التنفيذ في كافة المنازعات الموضوعية المتعلقة به، وبذلك لا يخضع الحكم الصادر في دعوى الاسترداد لصالح طالب التنفيذ لسلطة المحكمة من حيث شموله بالنفاذ المعجل، بل إنه ينفذ نفاذاً معجلاً بقوة القانون.
الحالة الثانية : إذا كان الحكم قد صدر تنفيذاً لحكم سابق:
يشترط لتوافر هذه الحالة ثلاثة شروط: الأول: أن يكون الحكم المراد شموله بالنفاذ المعجل مبنياً على الحكم السابق، أي أن يكون الحكم السابق حجة في إثبات الواقعة المنشئة للحق المدعى به في الدعوى التي صدر فيها الحكم الجديد، ومن أمثلة ذلك الحكم على المشتري برد العين البيعة للبائع بعد سبق الحكم بفسخ العقد، والحكم بتسليم الشيء المبيع تنفيذاً للحكم السابق صدوره بصحة عقد البيع (انظر حكم محكمة استئناف القاهرة 1950 / 12 / 19 - المنشور في المحاماة 32 ص 673 )، والحكم بمبلغ معين كتعويض بعد الحكم بالمسئولية عن التعويض دون تحديد مقدار هذا التعويض، والحكم على ناظر الوقف المعزول بتسليم أعيان الوقف بعد صدور حكم بعزل ناظر الوقف وتعيين آخر بدلاً منه (انظر حكم محكمة استئناف مصر في 1919 / 12 / 8 ب المجموعة الرسمية 21 عدد )41.
والشرط الثاني: أن يكون الحكم السابق قد حاز قوة الأمر المقضي أو مشمول بالنفاذ المعجل بغير كفالة، أي أن يكون الحكم السابق واجب النفاذ، إما طبقاً للقواعد العامة لكونه نهائياً وإما لشموله بالنفاذ المعجل بغير كفالة.
والشرط الثالث: أن يكون المحكوم عليه في الحكم الجديد خصماً في الخصومة التي صدر فيها الحكم السابق، أي أن يكون كل من الحكمين حجة المحكوم له في مواجهة المحكوم عليه.
الحالة الثالثة: إذا كان الحكم مبنياً على سند رسمي:
الأصل أن السند الرسمي (الموثق) واجب النفاذ بذاته دون حاجة إلى رفع دعوى لاستصدار حكم ينبني على هذا السند، ولكن يتطلب القانون أن تتوافر في الدين الثابت فيه الشروط اللازمة في محل السند التنفيذي، فإذا لم تتوافر هذه الشروط كأن يكون الحق الثابت فيه غير معين المقدار أو معلقاً على شرط واقف أو محله أداء غير قابل للتنفيذ الجبري، فإنه في مثل هذه الحالات يلزم صدور حكم لتحديد مقدار الحق أو تأکید وجوده أو بإلزام المدين بالتعويض جزاء الامتناع عن الأداء غير القابلة للتنفيذ الجبري، كذلك إذا كان السند محرراً خارج البلاد فإنه لا يجوز تنفيذه إلا بعد الالتجاء إلى القضاء للتحقق من توافر الشروط المطلوبة لرسمية السند طبقاً لقانون البلد الذي تم فيه وأيضاً للتحقق من خلوه مما يخالف النظام العام والآداب في مصر وقد رأى المشرع جواز شمول الحكم بالنفاذ المعجل إذا كان هذا الحكم قد صدر بناء على سند رسمی غير قابل للنفاذ بذاته إلا بعد استصدار حكم يبنى علیه ويشترط لشمول الحكم بالنفاذ المعجل في هذه الحالة ثلاثة شروط:
الشوط الأول: ألا يكون السند الرسمي قد تم الطعن فيه بالتزوير، لأن الطعن بالتزوير يؤدي إلى التشكيك في السند ويزعزع ما له من قوة في الإثبات نظراً لاحتمال الحكم بتزويره ومن ثم انعدام قيمته كورقة رسمية لها حجية في الإثبات، ويكفي لمنع شمول الحكم بالنفاذ المعجل مجرد الطعن في السند بالتزوير حتی لو رفض هذا الطعن فيما بعد، ولكن لا يكفي مجرد إنكار الخط أو التوقيع أو المنازعة في صحة السند أو في تفسيره (فتحى والي - بند 34 - ص 94 )
الشرط الثاني: أن يكون المحكوم عليه طرفاً في السند الرسمي، أو خلفاً عاماً أو خاصاً لمن هو طرف فيها.
الشرط الثالث: أن يكون الحكم مبنياً على السند الرسمي، أي أن تكون الواقعة المنشئة للحق المدعى به والذي أكده ثابتة في السند الرسمي، ولا يثير هذا الشرط صعوبة إذا كان الحكم قد قضى بتنفيذ الالتزام الثابت بالسند الرسمی؛ وإنما تثور صعوبة في حالة الحكم بفسخ العقد الرسمي، فقد اختلف الفقه بالنسبة للحكم الابتدائي الصادر بفسخ عقد رسمي هل يعتبر مبنياً على العقد الرسمي أم لا؟.
فذهب رأي في الفقه (رمزي سيف - بند 47 - ص 47 أحمد أبو الوفا ۔ بند - 37 ص 86 ، محمد عبدالخالق - بند. 237 - ص 238) إلى أن الحكم لا يعتبر مبنياً على السند الرسمي ولا يجوز شموله بالنفاذ المعجل إلا إذا قضى بتنفيذ الالتزام الثابتة فيه، ولما كان الفسخ بتأسيس على وقائع خارجة عن العقد، فإن الحكم الصادر بفسخ العقد لا يعد مبنياً عليه ولذلك لا يجوز شموله بالنفاذ المعجل.
وذهب رأي آخر (جلاسون وتيسيه وموريل - ج 3 - بند 888 ص 350، جارسونيه وسيزاربری - ج 6 - بند 121 ص 218) إلى أن الحكم بفسخ العقد يعتبر نتيجة لهذا العقد، إذ هو تنفيذ الشرط الفاسخ الوارد في العقد سواء كان شرطاً صريحاً لو ضمنياً، ولذلك يعتبر الحكم بالفسخ مبنياً على العقد ومن ثم يجوز شموله بالنفاذ المعجل.
بينما ذهب رأي ثالث (عبدالباسط جمیعی - التنفيذ - بند 199 ص 206 ، ص 207، فتحی والی - بند 34 ص 70) إلى وجوب التفرقة بين وجود شرط فاسخ صريح في العقد وبين تخلفه، فإذا وجد شرط فاسخ صريح فإن الحكم الذي يفسخ العقد لا يعتبر حكماً منشئاً لحالة قانونية جديدة بل هو حكم مؤكد لحالة قانونية تحققت قبل صدوره ومصدر هذه الحالة هو العقد ولذلك فإن الحكم بالفسخ في هذه الحالة. يعتبر حكماً مبنياً على العقد الرسمي، أما إذا لم يوجد شرط فاسخ مريح في العقد، وفسخ العقد بناء على الشرط الفاسخ الضمني المفترض في جميع العقود، فإن الحكم بالفسخ يكون منشئاً لحالة قانونية جديدة ليس مبناها العقد بل مبناها عدم تنفيذه وهو ما لا يمكن أن يستمد أو يثبت من العقد ذاته بل من وقائع خارجة عنه، ولذلك لا يعتبر الحكم مبنياً على العقد الرسمي.
ونعتقد أن الرأي الأول هو الأولى بالاتباع، لأنه في جميع الأحوال يقوم الفسخ على وقائع خارجة عن العقد ولذلك تنتفي المحكمة من شمول الحكم بالنفاذ المعجل (محمد عبدالخالق عمر بند 237 ص 238)، إذ أن الحكمة من شمول الحكم به بالنفاذ المعجل تكمن في أن الأمر المحكوم به أدنى إلى التحقق والثبوت لأن السند الرسمي يشهد على صحته، بينما الفسخ يبنى على وقائع خارجة عن السند الرسمي وهي الوقائع التي تفيد عدم تنفيذ العقد. لالتزامه (رمزي سيف - بند 47 ص 47) فمثلاً فسخ عقد البيع لعدم قيام البائع بالتزامه بتسليم العين المبيعة يبنى على واقعة لا يشهد السند الرسمي عليها ولا تفيد في ثبوتها، ولذا لا يجوز شمول الحكم الصادر بفسخ العقد بالنفاذ المعجل لأنه لا يعتبر مبنياً على السند الرسمي.
الحالة الرابعة : إذا كان المحكوم عليه قد أقر بنشأة الالتزام:
والمقصود بذلك أن يكون المحكوم عليه قد أقر بأصل الالتزام أي بنشأة الالتزام صحيحاً أياً كان مصدر الالتزام سواء كان تعاقدياً أو غير تعاقدي، وأياً كان الدليل عليه سواء كان كتابياً أو غير كتابي، ويجب أن يشتمل الإقرار على قيام الالتزام وعلى صحته أي يجب أن يقر المحكوم عليه بأن أصل الالتزام قد نشأ صحيحاً.
وتفترض هذه الحالة أن يكون المحكوم عليه قد أقر بأن أصل الالتزام قد نشأ صحيحاً ثم نازع بعدئذ في بقاء الالتزام لأي سبب من الأسباب، كما لو زعم مثلاً انقضاءه بالتقادم أو المقاصة، ولكن لا يشترط في هذه الحالة أن يكون المحكوم عليه مقراً بطلبات خصمه المحكوم بها إلى أن مثل هذا الإقرار يعتبر قبولاً للحكم مانعاً من الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن، مما يجعل الحكم قابلاً للتنفيذ وفقاً للقواعد العامة، ولا يندرج في هذه الحالة أن يكون الالتزام ثابتاً في ورقة مدعی صدورها من المحكوم عليه إذا اعترف المحكوم عليه بصحة الورقة أي اعترف بصدورها منه إذا ما نازع في صحة الالتزام ذاته مدعياً بطلانه للخطأ أو الإكراه أو غير ذلك لأنه بإدعائه البطلان إنما ينكر نشأة الالتزام صحيحاً (رمزی سیف - بند 48 ص 49 )، ولذا لا يجوز شمول الحكم بالنفاذ المعجل.
ويرى البعض (فتحی والی - بند 34 ص 72)، أنه يجب أن يكون الإقرار بنشأة الالتزام إقراراً قضائياً، أي أن يتم في مجلس القضاء وتخضع حجيته لتقدير القاضي، فوفقاً لهذا الرأي يجب أن يحدث الإقرار أثناء الخصومة ولا يكفي إقرار المدين بالالتزام في عمل سابق على بدء الخصومة ولكن لا يشترط أن يكون الإقرار قضائياً حدث أثناء الخصومة التي انتهت بالحكم الذي يشمل بالنفاذ المعجل بل يكفي أن يكون الإقرار قد حدث في خصومة سابقة، كما لا يشترط أن يكون الإقرار في مذكرة مكتوبة ويكفي أن يحدث هذا الإقرار مشافهة كما يمكن ان يكون صريحاً أو ضمنياً مستفاداً من مسلك المدعى عليه في الخصومة.
ولكننا لا نؤيد هذا الرأي، لأن نص القانون ورد عاماً (محمد عبدالخالق عمر - بند 238 ص 239 )، ولم يشترط المشرع أن يكون الإقرار قضائياً حتى يمكن شمول الحكم المبنى عليه بالنفاذ المعجل، ولذلك فإنه من الممكن أن يستند النفاذ المعجل إلى الإقرار غير القضائي، فالإقرار أياً كان نوعه يكفي لشمول الحكم بالنفاذ المعجل القضائي، كما أنه يجب ملاحظة أن الإقرار القضائي الذي يتم في خصومة سابقة لا يعتبر إقراراً قضائياً في الخصومة اللاحقة، ولو بين نفس الخصوم وبالنسبة لنفس الواقعة ( عبدالرزاق السنهورى - الوجيز في شرح القانون المدني سنة 1966 الجزء الأول - بند 732 ص 681 -682 )، إذ تقتصر قوة الإقرار القضائي على الدعوى التي صدر فيها، وهو يعتبر إقراراً غير قضائي في أية دعوى أخرى .
الحالة الخامسة: إذا كان الحكم مبنياً على سند عرفي لم يجحده المحكوم عليه :
ويشترط لشمول الحكم بالنفاذ المعجل في هذه الحالة توافر الشروط التالية:
الشرط الأول: أن يكون الحكم مبنياً على سند عرفى يكون المحكوم عليه أو سلفه طرفاً فيه ويقصد بالسند الورقة العرفية المثبتة للالتزام، فإذا لم يبن الحكم على السند وبني على أدلة أخرى، أو لم يكن المحكوم عليه طرفاً في السند أو خلفاً لمن هو طرف فيه فإنه لا يجوز شمول الحكم بالنفاذ المعجل.
الشرط الثاني: ألا يجحد المحكوم عليه السند الصادر منه أو من سلفه، إذ الجحود يؤدي إلى هدم قوة الورقة العرفية في الإثبات، ومن ثم لا يكون هناك مبرر للنفاذ المعجل.
ويلاحظ أن الجحود يتحقق إذا ما أنكر المحكوم عليه ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة على الورقة العرفية، أما إذا كان المحكوم عليه خلفاً عاماً أو خاصاً فإنه يكفي لتوافر الجحود أن يحلف يميناً أنه لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق (مادة 14 من قانون الإثبات)، ولذلك لا يعتبر جحوداً الادعاء ببطلان التصرف الثابت في الورقة أو المنازعة في تفسير مضمونها وجدي راغب - ص 83).
وعدم جحود السند واقعة سلبية لا تقتضي الإقرار الإيجابي بصحة السند العرفي، ولذلك إذا حضر المحكوم عليه أمام القضاء ولم ينكر السند ولم يعترف به فإنه يجوز شمول الحكم بالنفاذ المعجل، كما أنه إذا رفعت دعوى بطلب الحكم بحق ثابت في سند عرفي ولم يحضر المدعى عليه وصدر حكم بناء على السند العرفي فإنه يجوز شموله بالنفاذ المعجل أيضاً (رمزي سيف - بند 49 ص 50).
ولا يعتبر السند العرفي مجحوداً إذا كان قد حكم نهائياً بصحته في دعوى سابقة بإنكاره أو بالادعاء بتزويره، كما لا يعتبر مجحوداً أيضاً إذا كان التوقيع فيه مصدقاً عليه، إذ لا أثر لإنكار المحكوم عليه في مثل هذه الحالات على قوة السند العرفي في الإثبات.
سريان قواعد النفاذ المعجل على أوامر الأداء:
وبذلك تتضح لنا مما تقدم حالات النفاذ المعجل القضائي، ويلاحظ أن أمر الأداء تسري عليه أحكام النفاذ المعجل التي تسري على الأحكام القضائية ولذلك إذا توافرت حالة من الحالات الست المنصوص عليها في المادة 290 وطلب من القاضى شمول الأمر بالنفاذ المعجل فإنه يجوز للقاضي ذلك.
عدم امتداد النفاذ المعجل إلى المصاريف:
ويرى البعض في الفقه (أحمد أبوالوفا - ص66 هامش رقم 1) أن شمول الحكم بالنفاذ المعجل ينبسط على سائر أجزاء الحكم بما في ذلك أصل المبلغ والمصاريف القضائية وأتعاب المحاماة مادام محكوماً بها ولكننا نؤيد ما ذهب إليه البعض (فتحى والي - بند 34 ص 63 محمد عبدالخالق - بند 231 ص 234 ). من عدم امتداد النفاذ المعجل إلى المصاريف لأن النفاذ المعجل ورد استثناء لاعتبارات قدرها المشرع لا تصدق على الحكم بالمصاريف، كما أن الحكم بالمصاريف يستقل عن الحكم في القضية، ولذا يشمل النفاذ المعجل الطلب الأصلي وملحقاته ولا يمتد إلى المصاريف (يلاحظ أن القانون المصرى لا يتضمن نصاً خاصاً في هذا الصدد، بعكس الحال في القانون الفرنسي إذ تنص المادة 515 /2 من قانون المرافعات الفرنسي على أنه لا يجوز أن يؤمر بالنفاذ المعجل بالنسبة للمصاريف، وهو ما كان ينص عليه القانون الفرنسي القديم أيضاً
انظر: فنسان - المرافعات - طبعة 1976 بند 562 ص 741 : جابيو - المرافعات - بند 295 ص 426 ).
الكفالة جوازية في حالات النفاذ المعجل القضائي:
وفيما يتعلق بالكفالة في حالات النفاذ المعجل القضائي فإنها جوازية كما ذكرنا، فقد يكون الحكم مشمولاً بالنفاذ المعجل بكفالة أو بغير كفالة وفقاً لما تراه المحكمة، وإذا لم تأمر المحكمة بتقديم كفالة في هذه الحالات اعتبر سكوتها إعفاء منها، لأن الأصل أن يكون التنفيذ بغير كفالة، وتقديم الكفالة هو قيد له، والقيود لا تتحقق إلا بنص في القانون أو بحكم القضاء، وحيث لا نص في القانون ولا حكم من القضاء فلا يجب تقييد ما هو مطلق.(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء / الخامس، الصفحة : 1054)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع عشر ، الصفحة / 141
الضَّمَانُ وَالْكَفَالَةُ:
الضَّمَانُ وَالْكَفَالَةُ قَدْ يُسْتَعْمَلاَنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ الضَّمَانُ لِلدَّيْنِ وَالْكَفَالَةُ لِلنَّفْسِ، وَهُمَا مَشْرُوعَانِ لِلتَّوْثِيقِ. إِذْ فِيهِ ضَمُّ ذِمَّةِ الْكَفِيلِ إِلَى ذِمَّةِ الأْصِيلِ عَلَى وَجْهِ التَّوْثِيقِ، وَالأْصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ( وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ).
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأْكْوَعِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِرَجُلٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ دِينَارَانِ، قَالَ: هَلْ تَرَكَ لَهُمَا وَفَاءً؟ قَالُوا: لاَ، فَتَأَخَّرَ فَقِيلَ: لِمَ لاَ تُصَلِّي عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: مَا تَنْفَعُهُ صَلاَتِي وَذِمَّتُهُ مَرْهُونَةٌ إِلاَّ إِنْ قَامَ أَحَدُكُمْ فَضَمِنَهُ. فَقَامَ أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ: هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
وَلأِنَّ الْكَفَالَةَ تُؤَمِّنُ الدَّائِنَ عَنِ التَّوَى بِإِفْلاَسِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَعْدَمَ الْمَضْمُونُ أَوْ غَابَ أَنَّ الضَّامِنَ يَغْرَمُ الْمَالَ. وَإِذَا حَضَرَ الضَّامِنُ وَالْمَضْمُونُ وَهُمَا مُوسِرَانِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: لِلطَّالِبِ أَنْ يُطَالِبَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا؛ لأِنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الضَّامِنِ فَمَلَكَ مُطَالَبَتَهُ كَالأْصِيلِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ لِمَالِكٍ.
وَفِي قَوْلِهِ الآْخَرِ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ مَعَ وُجُودِ الأْصِيلِ إِلاَّ إِذَا تَعَذَّرَتْ مُطَالَبَةُ الأْصِيلِ؛ لأِنَّ الْكَفَالَةَ لِلتَّوَثُّقِ فَلاَ يُسْتَوْفَى الْحَقُّ مِنَ الْكَفِيلِ إِلاَّ عِنْدَ تَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ مِنَ الأْصِيلِ كَالرَّهْنِ.
هَذَا وَشُرُوطُ الضَّمَانِ وَمَنْ يَصِحُّ مِنْهُ وَمَا يَصِحُّ بِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَيْ: (كَفَالَةٌ وَضَمَانٌ).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الحادي والعشرون ، الصفحة / 274
- الاِلْتِزَامُ:
أَصْلُ الاِلْتِزَامِ اللُّزُومُ، وَمَعْنَى اللُّزُومِ فِي اللُّغَةِ الثُّبُوتُ وَالدَّوَامُ، يُقَالُ لَزِمَ الشَّيْءُ يَلْزَمُ لُزُومًا أَيْ ثَبَتَ وَدَامَ، وَلَزِمَهُ الْمَالُ وَجَبَ عَلَيْهِ، وَلَزِمَهُ: وَجَبَ حُكْمُهُ، وَأَلْزَمْتُهُ الْمَالَ وَالْعَمَلَ فَالْتَزَمَهُ، وَالاِلْتِزَامُ أَيْضًا الاِعْتِنَاقُ.
وَالاِلْتِزَامُ أَيْضًا: إِلْزَامُ الشَّخْصِ نَفْسَهُ مَا لَمْ يَكُنْ لاَزِمًا لَهُ، أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ قَبْلُ، وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى شَامِلٌ لِلْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ.
وَهَذَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ جَرَتْ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالاَتُ الْفُقَهَاءِ حَيْثُ تَدُلُّ تَعْبِيرَاتُهُمْ عَلَى أَنَّ الاِلْتِزَامَ عَامٌّ فِي التَّصَرُّفَاتِ الاِخْتِيَارِيَّةِ، وَهِيَ تَشْمَلُ جَمِيعَ الْعُقُودِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُعَاوَضَاتُ وَالتَّبَرُّعَاتُ، وَهُوَ مَا اعْتَبَرَهُ الْحَطَّابُ اسْتِعْمَالاً لُغَوِيًّا.
قَالَ الْحَطَّابُ: وَالاِلْتِزَامُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ هُوَ إِلْزَامُ الشَّخْصِ نَفْسَهُ شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ مُطْلَقًا أَوْ مُعَلَّقًا عَلَى شَيْءٍ، فَهُوَ بِمَعْنَى الْعَطِيَّةِ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ وَالْحَبْسُ (الْوَقْفُ) وَالْعَارِيَّةُ، وَالْعُمْرَى، وَالْعَرِيَّةُ، وَالْمِنْحَةُ، وَالإِْرْفَاقُ وَالإِْخْدَامُ، وَالإِْسْكَانُ، وَالنَّذْرُ، قَالَ الْحَطَّابُ فِي كِتَابِهِ تَحْرِيرِ الْكَلاَمِ: وَقَدْ يُطْلَقُ فِي الْعُرْفِ عَلَى مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ الْتِزَامُ الْمَعْرُوفِ بِلَفْظِ الاِلْتِزَامِ.