موسوعة قانون المرافعات
ويعلن هذا المحضر خلال اليوم التالي على الأكثر إلى الحاجز الأول والمدين والحارس إذا لم يكن حاضراً والمحضر الذي أوقع الحجز الأول.
ويترتب على هذا الإعلان بقاء الحجز لمصلحة الحاجز الثاني ولو نزل عنه الحاجز الأول كما يعتبر حجزاً تحت يد المحضر على المبالغ المتحصلة من البيع.
أحل المشروع نص الفقرة الأخيرة من المادة 371 منه محل الفقرة الثالثة من المادة 517 التي آثارت خلافاً فقهياً فقد أدت صياغتها بجانب من الفقه إلى القول بأن مجرد الاعتراض على رفع الحجز يعتبر حجزاً ثانياً وبالتالي لا يلزم لإجرائه انتقال المحضر وكتابة محضر جرد فرأی المشروع أن يعدل صياغة هذه الفقرة ليبرز أن الاعتراض على رفع الحجز هو مجرد أثر لإعلان محضر الجرد ولا يغني مجرد الاعتراض عن تحرير محضر جرد لکی يعتبر المنقول محجوزاً حجزاً ثانياً.
إذا أوقع الدائن الحجز على المنقولات الموجودة لدى المدين حجزاً تنفيذياً، فإن هذه المنقولات توصف وتقدر قيمتها بالتقريب في محضر الحجز ويعين عليها حارس ويحدد يوم لبيعها، ولما كانت كل أموال المدين ضامنة الحقوق جميع دائنيه، مما يجوز معه لدائن آخر التنفيذ علي ذات الأموال، فإن توجه المحضر للحجز عليها فتبين سبق الحجز عليها، فإنه لا يعيد حجزها وإنما يحرر محضراً يجرد فيه ما يوجد من منقولات، فإن تبين من الجرد وجود منقولات لم يسبق حجزها في الحجز الأول، اعتبر محضر الجرد بالنسبة لها محضر حجز أول مما يتعين معه إثبات مفرداتها بالتفصيل مع ذكر نوعها وأوصافها ومقدارها ووزنها أو مقاسها وبيان قيمتها بالتقريب، ويعين نفس الحارس حارساً عليها ويحدد لبيعها نفس اليوم المحدد في الحجز الأول، وفي هذه الحالة يعتبر المحضر الذي يحرره المحضر، محضر جرد وحجز، أما أن تبين من الجرد عدم وجود منقولات أخري غير التي تضمنها الحجز الأول، اكتفي بتحرير محضر جرد المحجوزات.
ويحرر محضر الجرد بناءً على صورة محضر الحجز السابق التي يقدمها الحارس للمحضر ويرشده عن المحجوزات التي تم الحجز عليها بنفس المحل الذي يحرر فيه المحضر محضر الجرد، فإن لم يجد المحضر الحارس ولم ينبهه أحد لوجود حجز سابق، فقام بتوقيع الحجز مرة أخري وأثبت البيانات المتعلقة بمحضر الحجز وقدر قيمة المحجوزات تقديراً مؤقتاً وعين حارساً وحدد يوماً للبيع، فلا يترتب على ذلك بطلان هذا الحجز، وإنما يتعين اعتباره محضر جرد إن كانت المحجوزات في الحجزين واحدة، فإن كانت زائدة في الحجز الثاني، تعين اعتبار المحضر، محضر جرد وحجز والاعتداد بتاريخ البيع المحدد في الحجز الأول وإعفاء الحارس الثاني من الحراسة وذلك بأمر إداري من قاضي التنفيذ، فإذا تبين أن البيع لم يتم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ توقيع الحجز الأول، وبالتالي أصبح هذا الحجز كأن لم يكن عملاً بالمادة (375) من قانون المرافعات، فإن المحضر الذي يحرره المحضر يظل محضر جرد إذ المقرر أن الحجز لا يرفع إلا قضاء أو رضاء، مما يحول دون المحضر وعدم الاعتداد بالحجز الأول ولو كان ظاهر البطلان (قارن أبو الوفا بند 169 ويري أن اعتبار الحجز كأن لم يكن في هذه الحالة يقع بقوة القانون وبغير حاجة إلى استصدار حكم يقرر ذلك) ويتعين على المحضر وقد سقط ميعاد البيع المحدد في الحجز الأول أو لم يحدد أصلاً عندما يبدأ الحجز تحفظياً، أن يحدد ميعاد للبيع بمحضر الجرد.
فإذا ظل الحجز الأول غير معلوم عند توقيع الحجز الثاني، فإن ذلك لا يحول دون قيامه طالما لم يقض ببطلانه، بحيث إذا اختص الحاجز الثاني بحصيلة التنفيذ كلها، جاز للحاجز الأول الرجوع عليه بما كان يخصه من هذه الحصيلة، وذلك بدعوى تنفيذ موضوعية ينعقد الاختصاص بها لقاضي التنفيذ.
إعلان محضر الجرد :
محضر الجرد، كمحضر الحجز، ورقة من أوراق المحضرين، يجب أن يشتمل على بياناتها على نحو ما أوضحناه فيما تقدم، وفضلاً عنها، يجب اشتماله على جرد لكل الأشياء التي سبق الحجز عليها بإرشاد الحارس عليها، وأن يتضمن ما قد يوجد زائداً عنها، وتعتبر الأشياء الزائدة محجوزة بمجرد ذكرها في محضر الجرد ويختص بثمنها الحاجز الثاني وحده ما لم يتدخل الحاجز الأول في الحجز الذي توقع عليها وذلك باتخاذ إجراءات جردها على نحو ما تقدم.
وبعد إتمام محضر الجرد، يقوم المحضر خلال اليوم التالي علي الأكثر بإعلانه إلى الحاجز الأول والمدين المحجوز عليه، فإن كان الحارس حاضراً سلمت له صورة منه، فإذا لم يكن حاضراً تعين إعلانه به، وعلى المحضر أن يعلن زميله الذي أوقع الحجز الأول وذلك بقلم المحضرين، لشخصه إن كان مازال يعمل بالقلم فإن تبين نقله أو تركه العمل، تم الإعلان لمن حل محله وأصبح مختصاً بالتنفيذ محل محضر الجرد وتودع الصورة المعلنة بملف التنفيذ وتعلي به للعمل بمقتضاها عند بيع المحجوزات وبذلك تتحقق الغاية من الإجراء (ويرى أبو الوفا بند 179 إتمام الإعلان للمحضر دون قلم المحضرين، ويري والي بند 159 أن الإعلان يتم لقلم المحضرين وليس للمحضر بشخصه).
فإن كان المحضر الذي حرر محضر الجرد هو نفسه الذي أوقع الحجز السابق، وجب إعلانه في مواجهة قلم المحضرين حتي ينتج الإعلان أثره إذا ما نقل هذا المحضر أو ترك عمله عند التنفيذ (يرى أبو الوفا بالموضوع السابق عدم لزوم الإعلان في هذه الحالة).
ويترتب على إعلان المذكورين، التزام الحاجز الأول بمباشرة الإجراءات اللازمة للبيع قبل انقضاء ثلاثة أشهر على توقيع حجزه وإلا جاز للحاجز الثاني الحلول محله في مباشرتها. وليعلم المدين بالحجز الجديد الذي توقع على أمواله لرفع ما يعلن له من منازعات، وليستمر الحارس في التزامه بالنسبة . للحجز الثاني أيضاً، وليستمر المحضر في البيع وعدم الكف عنه حتى تكفي حصيلة التنفيذ للوفاء بالدينين معاً ويعتبر الثمن محجوزاً تحت يده.
فإن لم يتم هذا الإعلان أو كان باطلاً، فلا تترتب أي من الآثار سالفة البيان فيمتنع علي الحاجز الثاني الحلول أو مباشرة الإجراءات ويظل للمدين الحق في رفع منازعاته ويجوز للحاجز الأول أن ينزل عن حجزه ولا يصبح الثمن محجوزاً تحت يد المحضر لصالح الحاجز الثاني بحيث إذا اختص به الحاجز الأول انتفت مسئولية المحضر وأيضاً مسئولية الحاجز الأول كما لو لم يكن هناك حجز آخر، ويجوز للحارس إنهاء حراسته إذا اتفق الحاجز الأول والمدين على ذلك.
الحجوز التي يرد عليها التدخل والجرد :
للدائن أن يحجز على منقولات مدینه حجزاً تنفيذياً أو تحفظياً ويتم كل منهما بواسطة المحضرين، كما أن توقيع الحجزين لا يحول دون توقيع حجز آخر سواء كان تنفيذياً أو تحفظياً إعمالاً لقواعد الضمان العام. ويتم الحجز اللاحق بطريق التدخل في الحجز السابق باتخاذ اجراءات الحجز المقررة بالنسبة للحجز اللاحق، بحيث إذا انتقل المحضر لتوقيعه وتبين له وجود حجز سابق، فإنه لا يوقع الحجز الذي توجه لتوقيعه، وإنما يكتفي بتحرير محضر جرد علي نحو ما تقدم، يستوي أن يكون كل من الحجزين تحفظياً أو تنفيذياً أو أن أحدهما تنفيذياً والآخر تحفظياً، وبتحرير محضر الجرد يتم تدخل الحاجز اللاحق في الحجز السابق ويعتبر بذلك حاجزاً لذات المنقولات.
فإذا كان كل من الحجزين تحفظياً، ورفع كل حاجز دعوي بثبوت الحق وصحة الحجز، أو تقدم بطلب لاستصدار أمر بالأداء وصحة الحجز، وقام من استصدر الحكم أولاً بإعلان سنده التنفيذ مع صورة من محضر الحجز التحفظي وضمن الإعلان تحديد يوم للبيع، فإن هذه الإجراءات لا تنال من الحجز التحفظي الآخر، بحيث إذا تم البيع وجب علي المحضر أن يودع المبالغ المتحصلة كلها خزانة المحكمة حتى يفصل في الدعوى الأخري، فإذا قضي فيها بثبوت الحق وصحة الحجز واستوفى الحكم مقومات السند التنفيذي، قام من صدر لصالحه بإعلانه للمدين مع صورة من محضر الحجز التحفظي، ويترتب على ذلك اشتراكه في توزيع حصيلة التنفيذ وكذلك الحال إذا كان الحجز الذي توقع أولاً تنفيذياً والثاني تحفظياً أو العكس.
ولما كان حجز ما للمدين لدى الغير يتم بإعلان ورقة الحجز للمحجوز لديه دون تدخل من المحضر، وبذلك تتعدد الحجوز بقدر تعدد الدائنين ولا يرد عليها اجراءات الجرد أو التدخل. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء العاشر، الصفحة : 223)
من النص المتقدم يتضح أن الشيء المحجوز لا يجوز حجزه مرة أخرى بالإجراءات العادية وإذا كان المحضر جاهلا حصول حجز سابق وأوقع حجزاً ثانياً فلا يبطل الأخير وإنما يكون بالنسبة إلى الأشياء السابق حجزها بمثابة محضر جرد وينتج الآثار التي ينتجها محضر الجرد ولا ينتج آثاراً غيرها. والقاعدة أنه على الرغم من تدخل دائنين في الحجز فإن الحاجز الأول دون غيره يبقى ملتزماً بموالاة السير في إجراءات التنفيذ إلي أن يتم بيع الأشياء المحجوزة وإذا قام دائن متدخل بتلك الإجراءات فلا يعتد بها لأن كل ما يملكه الدائن المتدخل هو الإشتراك مع الحاجز في اقتضاء دينه من ثمن ما يباع من أموال لكن إذا لم يباشر الحاجز الأول الإجراءات المؤدية إلى البيع عن إهمال أو تواطؤ مع المدين مع المدين للإضرار بالدائنين المتدخلين أو بسبب حصوله على حقه فيجوز للدائنين المتدخلين أن يحلوا محله في إجراء البيع طبقاً للمادة 392. (الدكتور أبو الوفا في التنفيذ ص 474 وما بعدها).
وإذا يتم إعلان محضر الجرد إلي من عددتهم الفقرة الثانية أو وقع الإعلان باطلاً لم ينتج أثره فلا يلزم من لم يعلن بما يرتبه عليه الإعلان من التزامات، فإذا لم يعلن المحضر الذي أجري الحجز الأول بمحضر الجرد فلا يلزم بعدم الكف عن البيع بعد وصول الثمن إلي ما يكفي دين الحاجز الأول على أنه إذا - كان المحضر الذي اجري محضر الجرد هو بذاته الذي أجري. الحجز الأول فلا يلزم الإعلان .(كمال عبد العزيز في الطبعة الثانية ص 649).
وقد ذهب رأي إلى أن الإعلان يكون لقلم المحضرين الذين يتبعه المحضر الذي قام بالحجز الأول. (محمد حامد فهمي هامش 166 والدكتور فتحي والي بند 159) إلا أن هناك رأي آخر يستلزم أن يكون الإعلان الشخص المحضر. (التنفيذ الدكتور أبو الوفا هامش 398).
وكنا قد ذهبنا في الطبعة الثامنة إلى مسايرة الرأي الثاني وكانت حاجتنا في ذلك أنه يتفق وصراحة النص إلا أننا نعدل عنه بعد أن أمعنا النظر فيه ونؤيد الرأي الأول لأمرين أولهما أن قسم المحضرين يحتفظ لديه بسجلات تقيد بها الحجوزات ومن ثم ينبغي أن يكون الإعلان له ليؤشر أمام الحجز الأول بتوقيع الحجز الثاني وثانيهما أن المحضر الذي وقع الحجز الأول معرض لترك العمل بقلم المحضرين الذين يعمل به كما إذا نقل أو إستقال أو أحيل إلى المعاش ومن ثم فإن إعلانه بالحجز في هذه الحالة يكون - فضلاً عن صعوبته غير مجد.
ويترتب على إعلان محضر الجرد ثلاثة أمور أولها المعارضة في رفع الحجز لأول أي إلزم الحاجز الأول بإبقاء الحجز وعدم النزول عنه وتكليفه السير في إجراءات البيع في الميعاد المحدد له وتكليف الحارس المحافظة على المحجوزات لمصلحة الحاجزين جميعاً فإن أهمل الحاجز الأول أو تنازل عن الحجز كان للحاجز الثاني الحلول محله وثانيها تكليف المحضر بإجراء البيع في الميعاد المحدد له وعدم الكف عنه إلا إذا أصبح المتحصل كافياً لحقوق الحاجزين جميعاً فإذا لم تكن قيمة المحجوزات كافية لهذه الحقوق وجب عليه إيداعها خزانة المحكمة وثالثها حلول الحاجز الثاني محل الحاجز الأول في إجراء البيع إذا أهمل الأخير طلب إجرائه في الميعاد المحدد له وذلك وفقاً للمادة 392. (كمال عبد العزيز الطبعة الثانية ص 649 والتعليق لأبو الوفا الطبعة الخامسة ص 1337).
وإذا لم يتم إعلان محضر الحجز إلى أحد ممن ورد حصرهم في المادة 371 أو كان إعلانه باطلاً فإنه لا ينتج أثره و بالتالي لا يلزم بما يتعين عليه عمله. (أبو الوفا في التعليق الطبعة الخامسة ص 1338). (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء السابع ، الصفحة : 458)
(هذه المادة تقابل المادة 517 من قانون المرافعات السابق، وقد عدلت هذه المادة بالقانون 76 لسنة 2007 باستبدال عبارة (معاون التنفيذ) بكلمة (المحضر).
تدخل دائنين آخرين في الحجز:
إن الضمان العام لدائني المدين يعني أن جميع أمواله تكون ضامنة حقوق دائنيه، فكل مال من أموال المدين يعتبر ضماناً لكل ديونه، ومجرد توقيع الحجز على مال من أموال المدين لا يخرجه عن ملكه فلا يمنع غير الحاجز من دائنيه من التنفيذ على المال والاشتراك مع الحاجز الأول من قسمة ثمن الأشياء المحجوزة بعد بيعها، فالحاجز الأول لا يمنحه حجزه امتیاز يتقدم به على غيره من الدائنين في استيفاء حقه من ثمن الأشياء المحجوزة، بل يجوز لكل دائن أن يدخل في إجراءات التنفيذ، ولكن لا يستفيد من الحجز سوی الدائن الذي يوقعه والدائنون الذين يدخلون في إجراءاته، أما غير هؤلاء من الدائنين فلا يبحث عنهم ولا يوزع عليهم شئ من ثمن الأشياء المحجوزة.
ولقد أخذ القانون المصرى بالقاعدة المقررة في القانون الفرنسي والتي يعبرون عنها بقولهم أن الحجز على الحجز لا يجوز، وليس المقصود بهذه القاعدة منع الدائنين من توقيع حجز آخر على نفس أموال المدين التي سبق توقيع الحجز عليها، ولكن المقصود هو تنظيم إجراءات خاصة في حالة توقيع حجز ثان لمصلحة دائن آخر غير الحاجز الأول، وهذا التنظيم يهدف إلى توحيد إجراءات التنفيذ عند تعدد الحجوز، بحيث لا يبدأ الحاجز الثاني إجراءات الحجز من جديد بل يتدخل في إجراءات الحجز القائم.
وهذه القاعدة مقررة لمصلحة المدين ودائنيه على السواء .. إن تؤدي إلى توفير النفقات والوقت والجهد ومنع اضطراب الإجراءات، فالمال يتم وضعه تحت يد الفضاء بالحجز الأول وليس من المنطقي أن يبدأ الحاجز الثاني من جديد إجراء وضع هذا المال تحت يد القضاء وهو موضوع من قبل ولو افترضنا أن كل دائن يبدأ الحجز من جديد فإن ذلك سوف يستتبع حتماً تعدد الحراسة وتعدد الحراس. وتعدد. أجورهم بالتالي، كما أن ذلك سوف يؤدى إلى ترك زمام السير في إجراءات البيع والإعلان عنه في أيد متعددة وفي ذلك تعقيد للأمور مما ينتج عنه اضطراب في الإجراءات، فالحجز أياً كان نوعه أو ترتيبه يؤدي إلى بيع المال فيجب أن يتم التنسيق بين هذه الحجوز حتى يتم البيع في يوم واحد إذ من غير المتصور أن يرد بیعان أو أكثر على مال واحد.
إذن الحجز الأول لا يمنع من توقيع حجز ثان على ذات المال الذي تم حجزه، وإنما هذا الحجز الثاني يتم بطريقة مختلفة عن الحجز الأول، وهذه الطريقة تتمثل في التدخل في إجراءات الحجز الأول بحيث تتوحد إجراءات التنفيذ على المال مما يؤدي إلى توفير وقت وجهد ونفقات المتقاضين ويمنع اضطراب الإجراءات، والتدخل في حجز المنقول لدى المدين يتم بطريقين: الطريق الأول يسمى جرد الأشياء المحجوزة، وقد نص المشرع على هذا الطريق في المادة 371 محل التعليق، والطريق الثاني. يسمى توقيع الحجز على الثمن تحت يد المعاون وقد نص المشرع على هذا الطريق في المادة 374 مرافعات.
التدخل عن طريق جرد الأشياء المحجوزة:
وهذا الطريق يكون للدائن الذي بيده سند تنفيذى، فهذا الدائن هو فقط الذي يستطيع أن يتدخل في الحجز عن طريق جرد الأشياء المحجوزة ويلاحظ أن هناك بعض الحالات يحدث فيها تعدد للحاجزين، ولكن يتم الحجز بإجراءات واحدة وهذه الحالات لا تثير صعوبة ولم يهتم الشرع بتنظيمها ولا تعنينا في هذا المقام.
ومن هذه الحالات أن يتقدم دائنان أو أكثر بيد كل منهما سند تنفيذي خاص به ويطلبان من ذات المعاون المختص توقيع الحجز على منقولات مدين واحد معين، ففي هذه الحالة ينتقل المعاون إلى المكان الذي توجد به المنقولات ويجرى حجزاً واحداً لصالح جميع الدائنين، وهذه الحالة متصور حدوثها ولكنها لا تثير أية صعوبة.
ومن هذه الحالات أيضاً أن يطلب دائن من معاون توقيع حجز المنقول لدى المدين، ويطلب دائن ثان من معاون ثان توقيع حجر ثان على ذات المنقولات المملوكة لذات المدين ويذهب المعاون الثاني إلى مكان المنقولات المراد حجزها فيجد المعاون الأول في مكان الحجز، ففي هذه الحالة يجب على المعاون الثاني أن يطلب من المعاون الأول توقيع حجز واحد لصالح جميع الدائنين، وتختلف هذه الحالة عن الحالة الأولى في أننا هنا نواجه اثنين من المعاونين .. أما في الحالة الأولى فلم يكن موجوداً من الأصل إلا معاون واحد، وهذه الحالة لا تثير صعوبة أيضاً.
وإنما اهتم المشرع بتنظيم حالة تتابع الحجوز، وتفترض هذه الحالة أن يذهب المعاون لتوقيع الحجز، فيكتشف أن هناك حجزاً قد أجرى قبل هذا على نفس المنقولات، وقد نظم المشرع هذه الحالة في المادة 371 محل التعليق، وفقاً لهذه المادة، إذا ورد حجز أول على المنقول لدى المدين، ثم جاء دائن ثان معه سند تنفيذي وأراد توقيع حجز على المال المحجوز من قبل وطلب. ذلك من المعاون فإنه يجب على المعاون أن ينتقل إلى المكان الذي توجد به الأشياء المراد حجزها، فإذا وجد هناك الشخص الذي عين لحراسة المنقولات السابق حجزها فإن القانون يوجب على هذا الحارس أن يبرز المعاون الذي انتقل لتوقيع الحجز الثانی صورة محضر الحجز وأن يقدم له الأشياء المحجوزة، وإذا تعمد الحارس عدم إبراز صورة محضر الحجز الأول للمعاون، وترتب على ذلك الإضرار بأي من الحاجزين الأول أو الثاني فإنه يعاقب بعقوبة التبديد «مادة 373 »
وفي هذه الحالة لا يقوم المعاون بتوقيع عجز ثان بذات الإجراءات التي تم بها توقيع الحجز الأول، ولكن يجب عليه أن يقوم بتحرير محضر جرد، يجرد فيه الأشياء التي سبق حجزها، ويجب أن يشتمل هذا المحضر على البيانات التي سبق ذكرها في محضر الحجز الأول مع الاكتفاء بالنسبة لبيان الأشياء المحجوزة ووصفها وتقدير قيمتها على نقل ما جاء في المحضر الأول بعد التأكد من صحتها، كما يجب أن يذكر في محضر الجرد نفس يوم البيع الذي سبق تحديده في محضر الحجز الأول، إذ الهدف الأساسي من التدخل في الحجز عن طريق جرد الأشياء المحجوزة هو بيع ذات المال المحجوز في يوم واحد بالنسبة لجميع الحاجزين، وبعد الانتهاء من جرد الأشياء المحجوزة يجب على المعاون أن يعين حارس الحجز الأول حارساً عليها إن كانت في نفس المحل.
- إجراء حجز أول بمناسبة حجز ثان :
أثناء قيام المعاون بتحرير محضر الجرد قد يجد منقولات لدى المدين لا يشملها محضر الحجز الأول كما هو واضح من الصورة التي أبرزها له الحارس، وفي هذه الحالة لا يوجد ما يمنع المعاون من الحجز على هذه المنقولات.
والحجز على هذه المنقولات التي لم يشملها محضر الحجز الأول من الجائز أن يقوم بذكرها في محضر الجرد ذاته، ومن الجائز أيضاً أن يحرر بها محضراً مستقلاً بحجزها.
فإذا تم حجزها في محضر الجرد فإنها تعلن مع إعلان هذا المحضر إلى الأشخاص الوارد ذكرهم في المادة 371 - محل التعليق - وكما سوف نوضح بعد قليل.
أما إذا حرز بهذه الأشياء محضر حجز مستقل فلا داعي لإعلانه إلى الأشخاص المذكورين في المادة 371 ، وإنما يجب أن تراعى فيه إجراءات الحجز الأول التي سبق لنا دراستها.
ويلاحظ أن الحجز على المنقولات التي لم يسبق الحجز عليها يتم لمصلحة الحاجز الثاني وحده فقط، ومع ذلك لا يوجد ما يمنع من أن يطلب الحاجز الأول الحجز على مثل هذه المنقولات حجزاً ثانياً متبعاً الإجراءات التي نصت عليها المادة 379، أي يطلب تحرير محضر جرد يؤدي إلى تدخله في حجز هذه المنقولات .
عدم معرفة المعاون بسبق الحجز على المنقولات:
إذا ذهب المعاون لتوقيع الحجز على المنقولات ولم يجد الحارس هناك ولم يجد أحداً ليخبره بأنه قد سبق الحجز على المنقولات.
ففي هذه الحالة لو أوقع المعاون عندئذ عليها حجزاً مبتدأ وعين عليها حارساً وحدد للبيع موعداً فإن إجراءاته في ذلك تكون صحيحة، وغاية الأمر أنه سيحصل التعارض نظراً لتحديد موعد للبيع في الحجز الأول وموعد آخر في الحجز الثاني، فيكون ذلك مثاراً لاعتراض الحاجز الذي لم يحل موعد بيعه ويؤدي هذا الاعتراض إذا رفع على صورة إشكال إلى إدارة التنفيذ إما إلى إيقاف البيع - ويتم فى فترة الوقف توحيد الإجراءات بتحديد موعد وأحد للبيع بناء على الحجزين معاً - وإما إلى الاستمرار في البيع مع إيداع المتحصل منه في خزانة المحكمة ويكون من الميسور في هذه الحالة الأخيرة إيقاع الحجز على هذا الثمن المتحصل من البيع من جانب الدائن المعترض .
إعلان محضر الجرد وآثاره:
يجب على المعاون وفقاً لنص المادة 371/ 2 - محل التعليق - أن يقوم بإعلان محضر الجرد في خلال اليوم التالي على الأكثر إلى كل من:
1- الحاجز الأول : والغرض من الإعلان إليه أن يستمر هذا الحاجز في الإجراءات حتى تمام البيع في اليوم المحدد له، ليس فقط لصالحه بل أيضاً لصالح الحاجز الثاني المتدخل.
2 - المدين المحجوز عليه: وذلك إذا كان الحجز قد تم في غيبته وفي غير موطنه، أما إذا كان المحجوز عليه موجوداً لحظة الجرد هو أو نائبه فيكتفي بتسليم بصورة من محضر الجرد إليه أو إلى نائبه.
3- حارس الأشياء المحجوزة: وذلك إذا كان غائباً، فإن كان حاضراً فإنه يوقع على محضر الجرد ويعطي صورة منه، ويعتبر إعلانه أو تسليمه صورة من محضر الجرد بمثابة اعتباره حارساً أيضاً لمصلحة الحاجز الثاني.
4- المعاون الذي أوقع الحجز الأول: والمقصود بذلك ليس المعاون بشخصه ولكن إدارة التنفيذ التي يتبعها المعاون الذي أوقع الحجز الأول وذلك حتى تراعي إدارة التنفيذ عند بيع المنقولات المحجوزة مصلحة الحاجز الثاني أيضاً، فلا يكف عن البيع إلا إذا تحصل ما يكفي الحاجز الأول والحاجز الثاني، ولا يفي للحاجز الأول بكامل حقه إذا كان الثمن لا يكفي حقوق الاثنين بل يقسم قسمة غرماء بينهما.
ولا ينتج محضر الجرد إثره في مواجهة هؤلاء الأشخاص إلا بإعلانه إعلاناً صحيحاً إليهم، فإذا لم يتم الإعلان أصلاً إلى هؤلاء الأشخاص أو وقع هذا الإعلان باطلاً فإنه لا ينتج أي أثر في مواجهتهم، أي أن التدخل في الحجز بتحرير محضر الجرد يعتبر كأنه لم يكن، إذ التدخل بطريق الجرد لا يتم بمجرد ذكر المنقولات المحجوزة في محضر الجرد فقط بل إنه عمل مركب يتكون من ذكر هذه الأشياء في محضر الجرد من ناحية، ثم إعلان هذا المحضر إعلاناً صحيحاً في الميعاد الذي حددته المادة 371 إلى الأشخاص للسابق تحديدهم من ناحية أخرى، وبتمام ذلك بصورة صحيحة فإن التدخل يكون صحيحاً أيضاً.
ويترتب على إعلان محضر الجرد ما يلي:
1- المعارضة في رفع الحجز الأول: أی مطالبة الحاجز الأول بإبقاء الحجز قائماً وعدم النزول عنه وتكليفه السير في إجراءات البيع حتى يتم هذا البيع في اليوم المعين له، وأيضاً تكليف حارس الحجز الأول بالمحافظة على المنقولات المحجوزة لمصلحة الحاجز الأخير فضلاً عن مصلحة الحاجز الأول.
فإذا أهمل الحاجز الأول السير في الإجراءات أو تنازل عنها كان للدائن المعارض في رفع الحجز حق الحلول محله في مباشرة الإجراءات، وإذا أهمل حارس الحجز في أداء واجباته فإنه يكون مسئولاً في مواجهة الدائن المعارض في رفع الحجز .. فضلاً عن مسئوليته في مواجهة الحاجز الأول.
وينبغي ملاحظة أن الإعلان في ذاته يعتبر بمثابة معارضة في رفع الحجز الأول بالمفهوم الذي أوضحناه آنفاً.
2- تكليف المعاون ببيع الأشياء المحجوزة في اليوم المحدد لذلك، مع منعه من الكف عن البيع إلا إذا أصبح المتحصل عن البيع كافياً لأداء حق الدائن المتدخل فضلاً عن حق الحاجز الأول.
3- منع المعاون من أداء حق الحاجز الأول من ثمن ما بيع، إذا لم يكف هذا الثمن للوفاء بحقه مع حق الدائن المتدخل، وفي هذه الحالة يجب إيداع الثمن خزانة المحكمة لتقسيمه بين الحاجزين قسمة غرماء.
- الحلول محل الحاجز الأول:
القاعدة أنه على الرغم من تدخل دائنين في الحجز، فإن الحاجز الأول - دون غيره منهم - يقي ملزوماً بموالاة السير في إجراءات التنفيذ إلى أن يتم بيع الأشياء المحجوزة، ولكن إذا لم يباشر. الحاجز الأول الإجراءات المؤدية إلى البيع عن إهمال أو تواطؤ مع المدين للإضرار بالدائنين المتدخلين أو بسبب حصوله على حقه فيجوز للدائنين المتدخلين أن يحلوا محله في إجراء البيع، ويجوز لهم تعجيل البيع إذا كان الحاجز الأول قد حدد له ميعاداً بعيداً بشرط ألا يكون التحديد بأمر من القاضي.
ويلاحظ أن تعدد الحجوز يفترض تعدد الدائنين الحاجزين، ولكن لا مانع من تعدد الحجوز من نفس الدائن، وقد يحدث ذلك إذا وقع الدائن حجزاً لاستيفاء حق يؤكده سند تنفيذي معين، ثم حصل على سند تنفيذي لاحق على الحجز الأول يؤكد حقاً أخر له في مواجهة نفس المدين، فيستطيع عندئذ أن يوقع بموجب السند التنفيذي الثاني حجزاً ثانياً على نفس المنقولات، كما يتصور حدوث ذلك إذا كان السند التنفيذي الثاني موجوداً عند الحجز الأول ولكنه يؤكد حقاً لم يعين مقداره أو لم يحل أداؤه بعد.
- مبدأ استقلال الحجوز الموقعة على ذات المال:
ثمة إجماع في الفقه على أنه إذا تم توقيع حجز أول ثم أوقعت حجوز أخرى على ذات المال السابق حجزه عن طريق التدخل في الحجز الأول . فإن كل حجز من هذه الحجوز يحتفظ باستقلاله عن غيره من الحجوز.
فتعاقب الحجوز على ذات المال لا يخل باستقلالها، فإذا تم توقيع حجز أول على المنقولة لدى المدين من جانب أحد الدائنين بمقتضى سند تنفيذي، ثم جاء دائن آخر بيده سند تنفيذى مختلف. ليوقع حجزاً جديداً بطريق التدخل بجرد الأشياء المحجوزة، فإن الحجز الثاني رغم وروده على ذات المال إلا أنه يتم لصالح دائن آخر بمقتضى سند تنفيذي مختلف حتى لو اتحد في النوع مع السند التنفيذي الخاص بالحاجز الأول. فرغم هذا الاتحاد إلا أنه يختلف في المضمون، فقد يتعلق بدين مختلف او بمقدار مختلف أو بسبب مختلف عن السند الأول، بل حتى إذا اتحد مع السند الأول في كل هذه الأمور فإنه نظراً لاختلاف صاحبه يعتبر سنداً تنفيذياً مختلفاً عن السند الأول، أضف إلى ذلك أن التدخل في الحجز يتم بتحرير محضر جرد، وهذا المحضر يتم إعلانه إلى أشخاص مختلفين عن الأشخاص الذين يجب إعلان محضر الحجز إليهم، وهذا الإعلان يولد آثاراً تختلف في كثير من النواحي عن الآثار التي يولدها محضر الحجز، بل إن تمام الحجز يتولد في الحجز الأول الذي يرد على المنقولات لدى المدين بمجرد ذكرها في محضر الحجز، بينما في التدخل عن طريق تحرير محضر الجرد فإن الحجز لا ينتج آثاره إلا بتمام الإعلان المنصوص عليه في المادة 371 إعلاناً سليماً، وكل ذلك يؤكد أن كلا الحجزين الواردين على ذات المنقول لدى المدين يعتبر حجزاً مستقلاً بعضها عن بعض وأن جمعها وحدة المال الذي يرد الحجز عليه.
- أثر الإشكال الموجه إلى الحجز الأول في غيره من الحجوز الموقعة على ذات المال :
ونقصد بالإشكال في التنفيذ هذا الإشكال الوقتي الأول الذي يؤدي مجرد رفعه إلى وقف التنفيذ مؤقتاً، أما الإشكالات الموضوعية فرفعها لا يؤدي بذاته إلى وقف التنفيذ كقاعدة عامة والذي يؤدي إلى وقف التنفيذ هو الحكم الذي يصدره في الإشكال الموضوعي، وذلك مالم ينص القانون على أن مجرد رفع الإشكال يؤدى إلى وقف التنفيذ، أما حيث لا نص في القانون على ذلك، فإن مجرد رفع الإشكال الموضوعي لا يؤدى بذاته إلى وقف التنفيذ، فإذا وجه إشكال الحجز الأول فإن هذا الحجز يقف دون الحجز الثاني الذي يستمر، ما لم يرفع الإشكال بالنسبة للحجزين معاً.
أما إذا رفع إشكال عن الحجز الأول وأدی رفع هذا الإشكال إلى وقف التنفيذ، ثم صدر الحكم بالاستمرار في التنفيذ، وبعد ذلك تدخل دائن آخر في الحجز بتحرير محضر الجرد، ثم رفع إشكال تال بالنسبة إلى الحجزين معاً، فإن هذا الإشكال يعتبر إشكالاً ثانياً بالنسبة إلى الحجز الأول ويعتبر أشكالاً أول بالنسبة إلى الحجز الثاني.
وينبغي ملاحظة أنه إذا وقفت إجراءات حجز نتيجة رفع إشكال، ثم أعقب ذلك حجز أخر على ذات المال المحجوز وتم البيع، فإن الحاجز الأخير لا يختص وحده بالثمن لأن وقفت الحجز الأول لا يترتب عليه كقاعدة إلا مجرد وقف الإجراءات دون زوال أثر الحجز الذي يعتبر قائماً منتجاً أثره على الرغم من وقفه، ويجب في مثل هذه الحالة أن يودع الثمن في خزانة المحكمة حتى يتقرر مصير الحجز الأول وبعد ذلك يتم التوزيع، فإذا حكم باستمرار التنفيذ ولم تكف حصيلة البيع لسداد جميع الديون بالكامل فإن الدائنين جميعاً يقتسمون هذه الحصيلة قسمة غرماء. (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء / السادس، الصفحة : 298)