موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

حسم المشروع في المادة 372 منه الخلاف الذي كان سائداً في الفقه حول أثر بطلان الحجز الأول على الحجز الثاني فقد ذهب رأي إلى بطلان الحجز الثانی کاثر لبطلان الحجز الأول وذهب رأي آخر إلى التفرقة بين البطلان الشكلي والبطلان الموضوعي أو بين البطلان الظاهر وغير الظاهر والقول بأن البطلان الشكلي أو الظاهر يؤدي إلى بطلان الحجز الثاني بعكس البطلان الموضوعي أو غير الظاهر وقد رأی المشروع تقنين الرأي الغالب في الفقه وهو الذي يذهب إلى أن الحجز متى تم صحيحاً في ذاته لا يتأثر ببطلان الحجز السابق عليه اعتباراً بأن كل حجز يكون عملاً إجرائياً مستقلاً تتوافر فيه عناصر العمل الإجرائي ولا يعتمد في صحته على الحجز السابق.

شرح خبراء القانون

إذا توالت الحجوز على نحو ما تقدم، وترتب علي ذلك تدخل الحاجز اللاحق في الحجز السابق بتحرير محضر جرد عن الأشياء السابق الحجز عليها، فإن كل حجز يعتبر مستقلاً عن الآخر من حيث صحته أو بطلانه، بحيث إذا رفعت منازعة موضوعية بالنسبة للحجز الأول وقضي فيها ببطلانه، فإن هذا البطلان ينحصر في الحجز الأول ولا يمتد أو يؤثر في الحجز الثاني حتى لو كان قد تم بطريق التدخل في الحجز الأول بتحرير محضر جرد استناداً لمحضر الحجز الأول، وحينئذ يعتد بالمحجوزات التي تضمنها محضر الجرد وبيوم البيع المحدد في الحجز الأول ويظل التزام الحارس قائماً بالنسبة للحجز الثاني طالما كان حاضراً وقت تحرير محضر الجرد أو أعلن به. وكانت هذه المسألة محل خلاف في ظل قانون المرافعات السابق، إذ كان يرى البعض أن بطلان الحجز الأول يؤدي إلي بطلان الحجز الثاني، بينما كان يري البعض الآخر عكس ذلك، وقد حسمت المادة (372) من قانون المرافعات هذا الخلاف إذ نصت علي أنه إذا وقع الحجز على المنقولات باطلاً فلا يؤثر ذلك على الحجوز اللاحقة على نفس المنقولات إذا وقعت صحيحة في ذاتها. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء العاشر، الصفحة : 228)

أثر بطلان الحجز الأول على الحجوز التالية الموقعة على ذات المال:

سبق أن ذكرنا أن الحجوز الموقعة على ذات المنقول لدى المدين تعتبر حجوزاً مستقلة بعضها عن البعض الآخر، ونتيجة لذلك فإن بطلان الحجز الأول لا يؤثر على الحجز الثاني ما دام هذا الأخير يعتبر في ذاته صحيحاً من كافة الوجوه، فإذا أبطل الحجز الأول تستمر مباشرة الإجراءات وتباع الأموال المحجوزة لمصلحة الحاجزين اللاحقين، فلا يرتبط مصير الحجوز التالية بمصير الحجز الأول.

وقد نصت على ذلك المادة 372 مرافعات - محل التعليق - بقولها: «إذا وقع الحجز على المنقولات باطلاً فلا يؤثر ذلك على الحجوز اللاحقة على نفس المنقولات إذا وقعت صحيحة في ذاتها، وقد حسم المشرع بهذا النص خلافاً كان سائداً في الفقه في ظل القانون السابق حول أثر بطلان الحجز الأول على الحجز الثاني، فقد ذهب رأي إلى بطلان الحجز الثاني كأثر لبطلان الحجز الأول وذهب رأي آخر إلى التفرقة بين البطلان الشكلي والبطلان الموضوعي أو بين البطلان الظاهر وغير الظاهر والقول بأن البطلان الشكلى أو الظاهر يؤدي إلى بطلان الحجز الثاني بعكس البطلان الموضوعي أو غير الظاهر، وقد قنن المشرع الراي الغالب في الفقه وهو الذي يذهب إلى أن الحجز متی تم صحيحاً في ذاته لا يتأثر ببطلان الحجز السابق عليه اعتباراً بأن كل حجز يكون عملاً إجرائياً مستقلاً تتوافر فيه عناصر العمل الإجرائي ولا يعتمد في صحته على الحجز السابق . (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء / السادس،  الصفحة :  309)

 

 

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثامن ، الصفحة / 112

تَجَزُّؤُ الْبُطْلاَنِ:

الْمُرَادُ بِتَجَزُّؤِ الْبُطْلاَنِ: أَنْ يَشْمَلَ التَّصَرُّفَ عَلَى مَا يَجُوزُ وَمَا لاَ يَجُوزُ، فَيَكُونُ فِي شِقٍّ مِنْهُ صَحِيحًا، وَفِي الشِّقِّ الآْخَرِ بَاطِلاً.

وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ مَا يُسَمَّى بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَهِيَ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا يَجُوزُ وَمَا لاَ يَجُوزُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ.

وَأَهَمُّ الصُّوَرِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي الْبَيْعِ وَهِيَ.

عَقْدُ الْبَيْعِ إِذَا كَانَ فِي شِقٍّ مِنْهُ صَحِيحًا، وَفِي الشِّقِّ الآْخَرِ بَاطِلاً، كَبَيْعِ الْعَصِيرِ وَالْخَمْرِ صَفْقَةً وَاحِدَةً، وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْمُذَكَّاةِ وَالْمَيْتَةِ، فَالصَّفْقَةُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ - عَدَا ابْنِ الْقَصَّارِ مِنْهُمْ - وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيَّةِ (وَادَّعَى فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ)، وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ.

وَذَلِكَ لأَِنَّهُ مَتَى بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الْبَعْضِ بَطَلَ فِي الْكُلِّ؛ لأَِنَّ الصَّفْقَةَ غَيْرُ مُتَجَزِّئَةٍ، أَوْ لِتَغْلِيبِ الْحَرَامِ عَلَى الْحَلاَلِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا، أَوْ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ.

وَالْقَوْلُ الآْخَرُ لِلشَّافِعِيَّةِ - قَالُوا: وَهُوَ الأَْظْهَرُ - وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّهُ يَجُوزُ تَجْزِئَةُ الصَّفْقَةِ، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِيمَا يَجُوزُ، وَيَبْطُلُ فِيمَا لاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّ الإِْبْطَالَ فِي الْكُلِّ لِبُطْلاَنِ أَحَدِهِمَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ تَصْحِيحِ الْكُلِّ لِصِحَّةِ أَحَدِهِمَا، فَيَبْقَيَانِ عَلَى حُكْمِهِمَا، وَيَصِحُّ فِيمَا يَجُوزُ وَيَبْطُلُ فِيمَا لاَ يَجُوزُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنْ عُيِّنَ ابْتِدَاءً لِكُلِّ شِقٍّ حِصَّتُهُ مِنَ الثَّمَنِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ نُعْتَبَرُ الصَّفْقَةُ صَفْقَتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ، تَجُوزُ فِيهِمَا التَّجْزِئَةُ، فَتَصِحُّ وَاحِدَةٌ، وَتَبْطُلُ الأُْخْرَى.

وَإِذَا كَانَ الْعَقْدُ فِي شِقٍّ مِنْهُ صَحِيحًا، وَفِي الشِّقِّ الآْخَرِ مَوْقُوفًا، كَالْجَمْعِ بَيْنَ مَا يَمْلِكُهُ وَمَا يَمْلِكُهُ غَيْرُهُ، وَبَيْعِهِمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً، فَإِنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ فِيهِمَا وَيَلْزَمُ فِي مِلْكِهِ، وَيَقِفُ اللاَّزِمُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ عَلَى إِجَازَتِهِ، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ عَدَا زُفَرَ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى قَاعِدَةِ عَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاءً، وَجَوَازِ ذَلِكَ بَقَاءً. وَعِنْدَ زُفَرَ: يَبْطُلُ الْجَمِيعُ؛ لأَِنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى الْمَجْمُوعِ، وَالْمَجْمُوعُ لاَ يَتَجَزَّأُ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يَجْرِي الْخِلاَفُ السَّابِقُ؛ لأَِنَّ الْعَقْدَ الْمَوْقُوفَ عِنْدَهُمْ بَاطِلٌ فِي الأَْصَحِّ.

كَذَلِكَ تَجْرِي التَّجْزِئَةُ فِي النِّكَاحِ، فَلَوْ جُمِعَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لاَ تَحِلُّ، كَمُسْلِمَةٍ وَوَثَنِيَّةٍ، صَحَّ نِكَاحُ الْحَلاَلِ اتِّفَاقًا، وَبَطَلَ فِي مَنْ لاَ تَحِلُّ.

التعليقات معطلة.