موسوعة قانون المرافعات
الكف عن البيع :
المقرر وفقاً لقواعد الضمان العام أن كل أموال المدين ضامنة لحقوق دائنيه، مما يجوز معه للدائن أن يحجز على كل أموال المدين ولو كانت قيمة هذه الأموال تجاوز بكثير حق الدائن، وتواجه هذه المسألة بدعوي قصر الحجز والإيداع مع التخصيص، فإن لم يسلك المدين المحجوز عليه هذا الطريق، واستمرت اجراءات التنفيذ على المنقولات المحجوزة، فإن المحضر يلتزم بالتوقف عن البيع بمجرد وصول أثمان المنقولات إلي مبلغ يكفي لوفاء الديون - المحجوز من أجلها والمصاريف. يستوي في ذلك الحجز الأول والحجوز التي توقعت بعده بطريق التدخل في الحجز الأول وذلك بتحرير محضر جرد على التفصيل الذي أوضحناه فيما تقدم، ويشترط لذلك إعلان محضر الجرد للمحضر الذي أوقع الحجز الأول حتى لا يكف عن البيع ويبقى الحجز المصلحة الحاجز الثاني ويعتبر التدخل حجزاً تحت يد المحضر على المبالغ المتحصلة من البيع، فإن لم يتم إعلان المحضر بمحضر الجرد، فلا يلتزم بالاستمرار في البيع وإنما يجب عليه أن يكف عن البيع عندما ينتج عنه مبلغ كاف لوفاء دین الحاجز الأول والمصاريف، ولكن لا يترتب على هذا الكف زوال الحجز عن باقي المحجوزات التي تضمنها محضر الجرد وهو بمثابة محضر حجز، فيظل الحجز قائماً بالنسبة لها، ويكون للدائن الذي حرر محضر الجرد أن يستصدر أمراً على عريضة من قاضي التنفيذ بتحديد يوم للبيع، فإن لم يكن الثمن كافياً للوفاء بدينه، فلا يجوز له الرجوع على الدائن السابق ولا علي المحضر.
لكن إذا أعلن المحضر بمحضر الجرد واستمر في البيع حتى نتج منه مبلغ كاف لوفاء دین الحاجز الأول والحاجز المتدخل والمصاريف التي يقدرها المحضر، تعيين الكف عن البيع فوراً وتحرير محضر بيع وكف، ويترتب عليه زوال الحجز عن باقي المحجوزات فور تحرير المحضر بقوة القانون دون حاجة لاستصدار حكم بذلك، بحيث إذا تصرف المدين فيها وكان هو الحارس ثم تبين عند توزيع حصيلة التنفيذ عدم كفايتها للوفاء بالديون والمصاريف، فلا يعتبر المدين مبدداً، وإن كانت تلك المنقولات مازال في حيازته امتنع بيعها، الامتناع مباشرة إجراءات التنفيذ من جديد بذات السند التنفيذي.
ومتى كف المحضر عن البيع، فإن الثمن المتحصل يخصص للوفاء بديون الحاجزين السابقين على الكف والمصاريف، بحيث إذا توقعت حجوز أخرى بعد الكف على الثمن المتحصل من البيع تحت يد المحضر أو غيره ممن يكون تحت يده الثمن كخزينة المحكمة، فإن هذه الحجوز لا تمس ديون الحاجزين السابقين ومصاريفهم، وإنما تتناول فقط ما زاد على تلك الديون والمصاريف. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء العاشر، الصفحة : 250)
متى كف معاون التنفيذ عن البيع لكفاية المتحصل لوفاء الحاجز أو الحاجزين فإن الحجز على الأشياء التي لم يحصل بيعها ينتهي فوراً وتزول آثاره ويسترد المدين حق التصرف فيها لأن تخصيص الدائن الحاجز بالمبلغ المتحصل من البيع هو بمثابة الوفاء إليه بمطلوبه ولا يكون هناك محل بعدئذ لقيام الحجز على غير ما بيع من أموال المدين (التنفيذ الدكتور أبو الوفا ص 469) .
ويقصد بالديون المحجوز من أجلها حقوق الدائنين الذين حجزوا على المنقول أو حجزوا على الثمن تحت يد المحضر من أصل وفوائد (والى بند 248 ومحمد حامد فهمي بند 187). (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء السابع ، الصفحة : 484 )
الكف عن البيع:
لا يشترط وجود تناسب بين مقدار المحجوز من أجله وقيمة الأموال المحجوز عليها، كما أن للحجز أثراً كلياً أي أنه يقيد سلطة المدين المحجوز عليه في التصرف في المال المحجوز عليه أياً كانت قيمة الدين، ولذلك قد يقع الحجز على منقولات تفوق قيمتها قيمة الدين المحجوز من أجله ولكن التنفيذ يجب أن يقدر بقدره أي يجب ألا يتجاوز التنفيذ مقدار الحق المطلوب التنفيذ به، ولذلك قرر المشرع نظام الكف عن البيع، وقد نصت عليه المادة 390 من قانون المرافعات - محل التعليق.
فيجب على المعاون أن يكف عن البيع إذا كانت المبالغ المتحصلة منه كافية لوفاء الديون المحجوز من أجلها هي والمصاريف، ويترتب على الكف عن البيع أن تصبح باقي المنقولات المحجوز عليها والتي لم يتم بيعها طليقة من قيد الحجز، ومن ثم تنفذ تصرفات المدين فيها سواء كانت سابقة أو لاحقة على الحجز، ويجب رد المنقولات التي لم تبع إلى المدين إذ يزول الحجز عنها فوراً بمجرد الكف عن البيع، ويترتب هذا الأثر حتى ولو ثبت فيما بعد أن المعاون كان مخطئاً في تقديره فلم تكف المبالغ المحصلة للوفاء بحقوق الدائنين الحاجزين وبمصاريف التنفيذ، وعندئذ يكون المحضر مسئولاً في مواجهة الحاجزين .
كما يترتب على الكف عن البيع أن تخصص المبالغ المتحصلة من هذا البيع لوفاء الديون المحجوز من أجلها هي والمصاريف، فيختص الدائنون الحاجزون ومن اعتبر طرفاً في الإجراءات بحصيلة التنفيذ، دون أي إجراء آخر، وعلى من يكون عنده هذا المتحصل سواء أكان المعاون أم المحجوز لديه أم كانت المحكمة أم غيرهم من الأمناء حسب الأحوال، أن يدفع لكل من حضر دينه بعد تقديم سنده أو بعد موافقة المدين، ثم يسلم الباقي للمدين، ويختص الحاجزون بحصيلة التنفيذ حتى ولو لم تكن كافية لأداء كل ديونهم وهنا لا يملك المعاون أن يؤدي لهم هذه الديون وإنما تودع الحصيلة خزينة المحكمة.
والمقصود بالديون المحجوز من أجلها حقوق الدائنين الذين حجزوا على المنقول أو حجزوا على الثمن تحت يد المعاون من أصل وفوائد (محمد حامد فهمي - التنفيذ - بند 187 فتحى والى - التنفيذ الجبري - بند 284).
وإذا حدث الكف عن البيع فإن الحجوز التي توقع على الثمن تحت يد المعاون لا تتناول إلا ما يزيد عن وفاء حقوق الدائنين الحاجزين قبل الكف، وذلك على تقدير أن المعاون يعتبر نائباً عن أولئك الدائنين الحاجزين في قبض حقوقهم بحيث يصبح المبلغ المتحصل من البيع ملكاً لهم في حدود ما يكفيهم، وليس ملكاً للمدين فلا يصبح الحجز عليه من سائر دائنيه، ولا شك في أن الكف عن البيع يحقق مصلحة المدين ومصلحة الدائنين الحاجزين، فبالكف عن البيع لن يضار المدين. ببيع ما يزيد عن أمواله عن حاجة الدائنين الحاجزين، كما أن الدائنين الحاجزين لن يزاحمهم غيرهم من الدائنين بالحجز على الثمن بعد البيع، إذ يخصص لهم ما یفی حقوقهم. (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء / السادس، الصفحة : 332)