موسوعة قانون المرافعات

الأحكام

1 ـ لما كانت الفقرة الاولى من المادة 178 من قانون المرافعات قد تضمنت ذكر البيانات التى يجب ان يتضمنها الحكم وليس من بينها ما اذا كان صادراً فى منازعة تنفيذ او منازعة مدنية عادية، وكان الواقع فى الخصومة المطروحة ان محكمة اول درجة قد عرضت لها بحسبانها منازعة تنفيذ موضوعية وخلصت فى قضائها الى رفض الدعوى تأسيساً على عدم توافر احكام المادة 394 من نفس القانون بشأن دعوى استرداد الاشياء المحجوزة - لعدم ثبوت ملكية الطاعنة للمنقولات المحجوز عليها - فان الحكم المطعون فيه اذ اقام بالغاء الحكم المستأنف واحالة الدعوى الى قاضى التنفيذ بمحكمة الوايلى للاختصاص استناداً الى ان الحكم قد خلت ديباجته ومدوناته فضلاً عن اسبابه ومنطوقه مما يفيد انه صدر فى منازعة تنفيذ موضوعية وتحجب عن نظر موضوع الدعوى والفصل فيها، فانه يكون معيباً .

(الطعن رقم 1643 لسنة 59 جلسة 1996/12/18 س 47 ع 2 ص 1579 ق 288)

2 ـ إذا رفعت الدعوى بطلب أحقية المدعين لزراعة محجوز عليها حجزاً صورياً بحجة أن المدعى عليه هو الزارع لها وأثبت الحكم أن إدعاء المدعى الأول أحقيته للزراعة المذكورة لاسند له من القانون استناداً إلى حجية حكم المحكمين الذى قضى فى مواجهته بأحقية المدعى عليه لهذه الزراعة وأن إدعاء باقى المدعين بأحقيتهم لها لا أساس له من الواقع فإن الحكم يكون قد أصاب إذا قضى برفض الدعوى بعد أن انهار أساسها دون حاجة للبحث فى صحة الحجز أو صوريته .

(الطعن رقم 93 لسنة 23 جلسة 1957/03/14 س 8 ع 1 ص 229 ق 29)

3 ـ إذا كان الطاعن يطلب فى الدعوى التى رفعها على المطعون ضده تثبيت ملكيته لذات المنقولات التى طالب بملكيته لها فى دعوى سابقة " دعوى استرداد أشياء محجوزة " ويستند فى طلباته إلى عقد البيع سنده فى تلك الدعوى السابقة التى مثل فيها الطاعن "كمسترد" ومورث المطعون ضدهم "كمدين" فإن وحدة الخصوم والسبب والموضوع تكون متوافرة فى الدعويين ولا يمنع من ذلك عدم إختصام الحاجز فى الدعوى الثانية إذ أن ذلك لا يمنع من إكتساب الحكم السابق قوة الأمر المقضى بالنسبة لمن كانوا خصوما فى الدعوى التى صدر فيها ذلك الحكم ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى الثانية لسبق الفصل فيها يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحاً .

(الطعن رقم 140 لسنة 34 جلسة 1967/06/15 س 18 ع 2 ص 1284 ق 195)

4 ـ لم يرتب قانون المرافعات - الحالى - البطلان جزاء على عدم إختصاص المدين فى دعوى الإسترداد على خلاف ما كان يقضى به قانون المرافعات الملغى فى المادة 478 منه .

(الطعن رقم 30 لسنة 25 جلسة 1959/03/19 س 10 ع 1 ص 232 ق 36)

5 ـ مؤدى صحة القول بقيام العرف - فى النزاع الماثل - على ملكية الزوجة لمثل المنقولات المحجوز عليها دون المدين ، هو قيام قرينة على هذه الملكية فى جانب الزوجة و لها وحدها الإستفادة منها إذا ما نازعت هى فيما توقع عليه الحجز و ليس لغيرها الإستناد إليها ، و هى قرينة تخضع لتقدير محكمة الموضوع .

(الطعن رقم 1442 لسنة 47 جلسة 1984/01/08 س 35 ع 1 ص 151 ق 32)

شرح خبراء القانون

أن ملكية المدين للمنقولات المحجوز عليها تحفظياً أو تنفيذياً شرط موضوعي لصحة الحجز وبقائه، سواء تم الحجز لدي الدين أو لدي الغير، وأنه يجب أن تقوم علاقة دائنية بين المحجوز عليه والدائن الحاجز، بحيث إذا انتفت تلك العلاقة، كان الحجز باطلاً لتخلف أحد الشروط الموضوعية اللازمة لصحته.

ويترتب على ذلك، أنه إذا توقع حجز على منقولات غير مملوكة للمدين، كان الحجز باطلاً، ويجوز معه للمالك اللجوء إلي قاضي التنفيذ بدعوى تنفيذ موضوعية باسترداد الأشياء المحجوزة وإلغاء الحجز الذي توقع عليها، يختصم فيها الدائن الحاجز والمحجوز عليه والحاجزين المتدخلين في الحجز السابق علي حجزهم، وأن تشتمل صحيفة الدعوى على بيان واف لأدلة الملكية وأن يودع المستندات المتضمنة ذلك عند رفع الدعوى، فإن تعلقت المحجوزات بمنقولات الزوجية، وكانت الدعوى مرفوعة من الزوجة، سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة، قامت قرينة تدل على ملكيتها لها، مما يغني عن إقامة الدليل على هذه الملكية، اكتفاء بالقرينة التي من شأنها إعفاء من تشهد له من إقامة الدليل على ملكيته، وفقاً للقواعد المتعلقة بالقرائن القانونية، والمقرر أن قرينة ملكية الزوجة المسلمة المنقولات الزوجية، قرينة قانونية مستمدة من الشريعة الإسلامية، كما أن قرينة ملكية الزوجة في شريعة الأقباط الأرثوذكس قرينة قانونية.

فإذا لم يلتزم المسترد بشيء مما تقدم، بأن لم يختصم في الصحيفة كل خصومه المشار إليهم، أو لم يبين أدلة ملكيته للمحجوزات بالصحيفة أو لم يودع المستندات علي نحو ما تقدم، فإن هذا لا يؤدي إلى القضاء برفض الدعوى أو بعدم قبولها. إذ يجوز للمستورد عند نظر دعواه أن يطلب أجلاً لتصحيح شكل الدعوى بإدخال من أغفله من الخصوم، أو لتقديم مستنداته أو إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ملكيته للمحجوزات، بحيث لا يقضي برفض الدعوى إلا إذا عجز المسترد عن إثبات ملكيته وكان قد اختصم جميع خصومه، فإن كان قد أغفل أحدهم، بينما يوجب القانون اختصامهم جميعاً، قضي بعدم قبول الدعوى.

لكن إذا لم يتم الإختصام لجميع الخصوم في صحيفة الدعوى، أو أغفل المسترد بيان أدلة ملكيته للمحجوزات دون أن يطلب إحالة الدعوى إلي التحقيق إذ يكفي هذا الطلب لتوافر أدلة الملكية، أو لم يودع مع الصحيفة مستنداته الدالة علي الملكية إذا كان استناده إليها، فإنه يجوز للحاجز أن يتقدم بطلب عارض وقتي عند نظر دعوى الاسترداد بالاستمرار في التنفيذ، وحينئذ يجب على قاضي التنفيذ إجابته لهذا الطلب، فيقضي بصفة مستعجلة بالاستمرار في التنفيذ ويحدد جلسة لنظر دعوى الاسترداد، ويكون قضاؤه بإجابة الطلب غير قابل لأي طعن، لكن إذا قضي برفضه، جاز الطعن فيه خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدوره أياً كانت قيمة الدعوى، وتختص بنظر الطعن المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية. وإذا حكم قاضي التنفيذ بالاستمرار في التنفيذ، جاز له أن يشترط إيداع الثمن خزينة المحكمة، فإن لم يضمن حكمه هذا الشرط، استحق الحاجز الثمن.

والحكم الصادر من قاضي التنفيذ بإجابة طلب الاستمرار في التنفيذ أو رفضه، حکم وقتي لا يقيده عندما يفصل في دعوى الاسترداد، ومن ثم يجوز له أن يقضي فيها بالاسترداد وإلغاء الحجز رغم قضائه في الطلب الوقتي بالاستمرار في التنفيذ أو العكس. ولا يحول دون التصدي للطلب الوقتي والقضاء فيه بالاستمرار في التنفيذ استحالة إعادة الحال إلى ما كان عليه إذا قضى بالاسترداد وإلغاء الحجز في الدعوى الموضوعية.

يبين مما تقدم، أن التنفيذ يقف بقوة القانون فور رفع دعوى الاسترداد الأولى ويظل موقوفاً حتى يقضي في هذه الدعوى أو في الطلب العارض الوقتي بالإستمرار في التنفيذ بناء على طلب الحاجز، فإن كان هناك حاجز آخر تدخل في الحجز، جاز له أن يطلب الإستمرار في التنفيذ إذا لم يتقدم الحاجز الأول بهذا الطلب، إذ المقرر أن للحاجز المتدخل الحق في مباشرة الإجراءات إذا لم يباشرها الحاجز الأول.

نطاق دعوى الاسترداد :

يدل نص المادة (394) من قانون المرافعات على أن دعوى الاسترداد، هي دعوى ملكية، ومن ثم لا يجوز رفعها إلا إستناداً إلى ملكية المدعي للأشياء المحجوزة أو إلي حق متفرع عن الملكية، كحق الإنتفاع وحق الاستغلال، وهي حقوق عينية واردة على المحجوزات، ومن ثم لا ترد الدعوى على الحقوق الشخصية كالإيجار الوارد عليها، وإنما يرد على تلك الحقوق منازعات التنفيذ التي تتناسب معها، كالإشكال ودعوى التنفيذ الموضوعية، وحينئذ يوقف البيع مؤقتاً لحين إنقضاء الإيجار إذا تعلقت المنازعة بإشكال وقتي، فإن تعلقت المنازعة بدعوى تنفيذ موضوعية، قضي فيها باستمرار التنفيذ بالبيع بعد انقضاء الإيجار.

دعوى الاسترداد والإشكال الوقتي :

ترد دعوى الاسترداد على تنفيذ يتم علي مرحلتين، الأولي تتعلق بالحجز بينما تتعلق الثانية بالبيع، وتستقل كل منهما عن الأخرى فيما يتعلق بمنازعات التنفيذ التي ترفع في شأن أي منهما، فقد ترفع المنازعة قبل الحجز أو بعده. وقد ترفع قبل البيع أو بعده.

وأوضحنا فيما تقدم عندما تناولنا منازعات التنفيذ، أنها تتمثل في الإشكال الوقتي الذي يرفع قبل تمام أية مرحلة، ويترتب عليه وقف التنفيذ بقوة القانون ويسعى به المستشكل إلى استصدار حكم وقتي بوقف التنفيذ، فإن سعي إلي استصدار حكم موضوعي يحسم به أصل الحق، قبل تمام ذات المرحلة، لجأ إلي دعوي التنفيذ الموضوعية السابقة على التنفيذ، ولا يترتب على رفعها وقف التنفيذ، فإن كان التنفيذ قد تم، جاز اللجوء إلى دعوى التنفيذ المستعجلة لاستصدار حكم بعدم الاعتداد به، وهو حكم وقتي، وبديهي أنه لا يترتب عليها وقف التنفيذ الذي تم ولا وقف المرحلة التالية، فإذا أراد المنفذ ضده استصدار حكم موضوعي، لجأ إلى دعوى التنفيذ الموضوعية التالية لتمام التنفيذ لاستصدار حكم ببطلان التنفيذ، وأيضاً لا يترتب عليها وقف التنفيذ الذي تم ولا وقف المرحلة التالية.

وبإعمال هذه القواعد على دعوى الاسترداد، وهي دعوى موضوعية يقصد بها أصلاً إسترداد المنقولات المحجوز عليها ويتبع ذلك القضاء بإلغاء الحجز الذي توقع عليها، وبذلك تكون دعوى تنفيذ موضوعية تالية على توقيع الحجز وسابقة على إجراء البيع، ووفقاً للقواعد العامة المتعلقة بمنازعات التنفيذ، لا يترتب على رفعها وقف تنفيذ المرحلة التالية على الحجز الذي تم وهي مرحلة البيع، إلا أن المشرع خرج على تلك القواعد بالنص في المادة (393) من قانون المرافعات على أنه إذا رفعت دعوى إسترداد الأشياء المحجوزة وجب وقف البيع.

لكن إذا كان المسترد موجوداً وقت شروع المحضر في توقيع الحجز، جاز له رفع إشكال في التنفيذ بالحجز، وحينئذ يلتزم المحضر بوقف التنفيذ وتحديد جلسة لنظر الإشكال أمام قاضي التنفيذ على التفصيل الذي أوضحناه من قبل، فإذا تبين لقاضي التنفيذ من ظاهر الأوراق توافر الدلائل على صحة المنازع قضي بوقف التنفيذ مؤقتاً لحين رفع دعوى الاسترداد خلال أجل يحدده في الحكم، بحيث إذا انقضى الميعاد دون رفعها، جاز للحاجز رفع دعوى مستعجلة أمام قاضي التنفيذ للحكم بالإستمرار في التنفيذ، إذ تزول الحجية المؤقتة للحكم الصادر بوقف التنفيذ بمجرد انقضاء الميعاد المحدد به لرفع دعوى الاسترداد، بإعتبار أن الحكم في هذه الحالة يكون معلقاً على شرط موقف لم يتحقق.   

وإذا رفعت تلك الدعوى، فإن قاضي التنفيذ لا يتقيد عند الفصل فيها بالحكم الوقتي الذي كان قد أصدره في الإشكال، إذ المقرر أن حجية الحكم الوقتي تقف عند نظر الدعوى الموضوعية .

فإذا تمت مرحلة الحجز دون أن يرفع المسترد إشكالاً وقتياً أو دعوى استرداد فإن مرحلة البيع لا توقف إلا إذا بادر المسترد برفع تلك الدعوى أو برفع إشكال وقتي أمام المحضر عند الشروع في التنفيذ، فيوقف قاضي التنفيذ إجراءات البيع ويحدد للمستشكل ميعاداً لرفع دعوى الاسترداد على نحو ما تقدم فإن لم يحدد ميعاداً لذلك، جاز استصدار أمر على عريضة منه، بذلك، ويري أبو الوفا بند 187 أنه إذا توقع الحجز، جاز وقف التنفيذ بالبيع، إما بدعوى الاسترداد أو بالإشكال الوقتي، بينما يرى راتب بند 512 أنه إذا توقع الحجز التنفيذي على المنقولات التي يدعي الغير ملكيته لها فلا يجوز له الممانعة في بيعها بإشكال يرفع أمام قاضي التنفيذ بصفته المستعجلة وإنما له الحق في دعوي الاسترداد يرفعها إلى قاضي التنفيذ بصفته محكمة موضوع.  

والرأي الأخير يتعارض مع القواعد المتعلقة بالإشكال الوقتي في حالة تعدد مراحل التنفيذ، إذ تستقل كل مرحلة بالمنازعة الموضوعية والوقتية الخاصة بها، وسواء رفع الإشكال قبل الحجز أو قبل البيع، فإنه يستند إلي عناصر موضوعية تتعلق بعدم ملكية المنفذ ضده للمنقولات، وهي عناصر يجوز استناد المستشكل إليها دون أن يعتبر ذلك مساساً منه بأصل الحق طالما كان ما تغياه هو استصدار حكم وقتي بوقف التنفيذ، ويتصدي قاضي التنفيذ لهذه العناصر من ظاهر المستندات، لا يقضي بأحقية المسترد للمنقولات وإلغاء الحجز، وإنما ليقضي فقط بوقف التنفيذ مؤقتاً وهو إجراء وقتي لا يمس أصل الحق.

دعوى التنفيذ المستعجلة بالاستمرار في البيع:

تنص المادة (392) من قانون المرافعات على أنه إذا رفعت دعوى استرداد الأشياء المحجوزة وجب وقف البيع إلا إذا حكم قاضي التنفيذ بإستمرار التنفيذ بشرط إيداع الثمن أو بدونه. مما مؤداه، أنه يترتب على رفع تلك الدعوى، وقف البيع بقوة القانون دون حاجة إلي حكم بذلك، ويظل البيع موقوفاً كأثر لرفع دعوى الاسترداد إلى أن يحكم قاضي التنفيذ بإجراء البيع. ولا يحكم بذلك من تلقاء نفسه إنما بناء على طلب الدائن الحاجز أو المدين نفسه أو المتدخل في الحجز، إذ تنحصر ولاية قاضي التنفيذ في الطلبات التي تطرح عليه سواء بصحيفة الدعوى أو بناء علي طلب عارض، ولما كانت دعوى الاسترداد تنحصر الطلبات فيها في أحقية المدعي للمنقولات المحجوزة وإلغاء الحجز، ومن ثم لا يجوز لقاضي التنفيذ أن يحكم بالاستمرار في التنفيذ إلا بناء على طلب ممن له مصلحة فيه وإلا كان حكمه مشوباً بعيب القضاء بما لم يطلبه الخصوم، وهو ما أكدته المادة (394) من قانون المرافعات.

ويجوز تقديم هذا الطلب عند نظر دعوى الاسترداد كطلب عارض، إما بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاها في الجلسة ويثبت في محضرها، وهو طلب وقتي، ولا يجوز تقديم هذا الطلب على هذا النحو إلا أمام محكمة الدرجة الأولي، فإن كانت دعوى الاسترداد منظورة أمام المحكمة الاستئنافية. امتنع تقديمه إليها وإنما يجوز في هذه الحالة رفع دعوى تنفيذ مستعجلة أمام قاضي التنفيذ بالاستمرار في التنفيذ، وهو طلب يختلف عن الطلبات التي كانت مطروحة في دعوى الاسترداد من حيث الطبيعة والموضوع، ومن ثم لا يتقيد قاضي التنفيذ بالحكم المستأنف، ويكون له أن يقضي بالاستمرار في التنفيذ أو برفض الدعوى حسبما يتبينه من ظاهر المستندات، ويكون قضاء وقتي لا يمس به أصل الحق المطروح على المحكمة الاستئنافية وليس من شأنه المساس بحجية الحكم المستأنف.

ويخضع الحكم الصادر في الطلب المستعجل للإجراءات والمواعيد المقررة في شأن الأحكام المستعجلة، فيكون استئنافه دائماً أمام المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية خلال خمسة عشر يوماً مهما كانت قيمة الدعوى، سواء قدم كطلب عارض أو بدعوى مبتدأة، ولو كانت قيمة المنقولات المحجوزة تجاوز نصاب القاضي الجزئي.

اعتبار دعوى الاسترداد كأن لم تكن:

إعتبار الدعوى كأن لم تكن بقوة القانون، يعني أن المحكمة يجب عليها القضاء بذلك إذا ما دفع أمامها بهذا الدفع دون أن يكون لها أية سلطة تقديرية، ولكنها لا تقضي به من تلقاء نفسها لعدم تعلق الدفع بالنظام العام وكل ما تملكه هو التحقق من توافر السبب الذي يرتب هذا الجزاء، ويعتبر - الحكم في هذه الحالة مقرراً لتلك الحالة وليس منشئاً لها إذ تتحقق بقوة القانون فور توافر سببها.

وتعتبر الدعوى كأن لم تكن بقوة القانون في حالات ثلاث:

1- إذا لم يتم تكليف المدعى عليه بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب، عملا بالمادة (70) من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1976 الذي جعل توقيع هذا الجزاء جوازياً للمحكمة، وأصبح بالتالي لا يقع بقوة القانون، وكانت حالة المادة (70) قبل تعديلها هي الحالة الوحيدة التي عنتها المادتان (395)، (396 ) من قانون المرافعات بنصهما على أن دعوى الاسترداد (إذا أعتبرت كأن لم تكن) وكان يجب إلغاء هذه العبارة عند تعديل المادة (70) إذا لم يعد لها تطبيق بعد ذلك، لأن الحالتين الأخرتين اللتين تعتبر الدعوى فيهما كأن لم تکن، تعطيان الحاجز الحق في المضي في التنفيذ قبل أن تتحقق موجبات الجزاء عملاً بالمادتين سالفتي البيان، إذ يترتب هذا الحق فور شطب الدعوى أو وقفها جزاء دون انتظار توافر الشروط التي تعتبر معها كأن لم تكن بقوة القانون.

2- إذا ظلت الدعوى مشطوبة ولم تجدد خلال ستين يوماً عملاً بالمادة (82) من قانون المرافعات، وعملاً بالمادتين (395)، (396) من ذات القانون، يجوز للحاجز المضي في التنفيذ فور شطب الدعوى دون انتظار لتوقيع الجزاء باعتبارها كأن لم تكن، ومن ثم لا تنصرف عبارة (إذا أعتبرت الدعوى كأن لم تكن) لهذه الحالة إذ يحق للحاجز المضي في التنفيذ فور شطب الدعوى.

3- إذا مضت مدة الوقف الجزائي ولم يطلب المسترد السير في الدعوى خلال ثلاثين يوماً أعتبرت الدعوى كأن لم تكن بقوة القانون عملاً بالمادة (99) بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992، وعملاً بالمادتين (395)، (396) يجوز للحاجز المضي في التنفيذ فور الحكم بالوقف الجزائي دون إنتظار التوقيع الجزاء ومن ثم لا تنصرف العبارة سالفة البيان لهذه الحالة إذ يحق للحاجز المضي في التنفيذ فور الوقف.

مفاد ذلك أنه لا يجوز للحاجز المضي في التنفيذ عند مخالفة المادة (70) إلا إذا حكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن .

ومتى نشأ للحاجز الحق في المضي في التنفيذ، تعين عليه أن يتقدم بطلب بذلك إلي قلم المحضرين الذي كان يباشر التنفيذ قبل رفع دعوي الاسترداد وأن يرفق به صورة رسمية من القرار أو الحكم الصادر بالشطب أو بالوقف أو بإعتبار الدعوى كأن لم تكن إستناداً إلى المادة (70) من قانون المرافعات عندما تنقضي ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب دون أن يتم تكليف المدعى عليهم الحضور، بحيث إذا لم يقدم الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن، وجب علي قلم المحضرين الإمتناع عن التنفيذ إذ لم يعد يكفي في ذلك المادة (70) بعد تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1976 المضي في التنفيذ المجرد إنقضاء الميعاد المحدد للتكليف بالحضور بل يجب أن يصدر حكم بذلك، إذ أصبح هذا الجزاء لا يقع بقوة القانون .(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء العاشر، الصفحة :  258)

لما كانت دعوى الاسترداد قصد بها طلب ملكية المنقولات المحجوزة وكان من آثارها وقف وبطلان إجراءات الحجز فإنه يتعين رفع الدعوى علي كل من المدين المحجوز عليه والدائن الحاجز والحاجزين المتدخلين لأن الأول هو صاحب الشأن بصدد ملكية المنقول والثاني والآخرين هم أصحاب مصلحة أكيدة في الإبقاء علي الحجز وعدم اختصام أحد هؤلاء الأشخاص أو عدم اشتمال صحيفة الدعوى على بيان لأدلة الملكية يترتب عليه الحكم بناء على طلب الحاجز بالاستمرار في التنفيذ بغير انتظار الفصل في دعوى الاسترداد . وبالنسبة للمحكمة المختصة بنظرها قيميا في ظل القانون الملغي فقد كانت للمحكمة الابتدائية أو محكمة المواد الجزئية بحسب قيمتها وقيمتها تقدر على أساس قيمة الأشياء المحجوزة وبالنسبة للمحكمة المختصة محلياً بنظرها فذهب رأي في ظل القانون القديم إلى أنها باعتبارها إشكالاً موضوعياً في التنفيذ تختص بها المحكمة التي أصدرت الحكم إن كان الحجز حاصلاً بمقتضى حكم أو المحكمة المختصة طبقاً للقواعد العامة وإن كان الحجز حاصلاً بمقتضى عقد رسمي وذهب رأي آخر إلي أن المحكمة المختصة محلياً هي محكمة موطن المدين المحجوز عليه أما بالنسبة للقانون الجديد فإن اللجنة التشريعية بمجلس الأمة صرحت بأن دعاوى الاسترداد تكون من إختصاص قاضي التنفيذ وحجتها في ذلك أنها من المنازعات الموضوعية المتعلقة بالتنفيذ وبذلك أصبح قاضي التنفيذ مختصاً بدعوى الاسترداد مهما تكن قيمتها .

إثبات الملكية في دعوى الاسترداد:

ذهب رأي أن الحيازة هي التي تنظم عبء الإثبات في هذه الحالة إعمالاً لنص المادة 965 مدني القائلة بأن من يحوز حقاً يعتبر صاحبه حتى يقوم الدليل على العكس ومقتضى هذه القاعدة أن الأشياء المحجوزة أن كانت وقت حجزها في حيازة المحجوز عليه كان علي المسترد أن يثبت إنها مملوكة له وأن وجودها في حيازة المدين لم يكن على سبيل الملك وإن كانت في حيازة المسترد کان علي المدين والحاجز أن يثبتا أنها مملوكة للمدين وأن وجودها في حيازة المسترد لم يكن على سبيل الملك وذهب رأي إلى أن المفروض أن الحجز يقع على منقولات المدين ليست في حيازة الغير ثم يدعي طالب الاسترداد ملكيته لها ومؤدى هذا أن المسترد هو المكلف بإثبات هذه الملكية لأن المادة 394 تفرض هذا بل وجبه وتوجب عليه أن يضمن صحيفة دعواه بياناً وافياً بأدلة الملكية وأن يودع عند القيد. ما لديه من مستندات (راجع في تأييد الرأي الأول التنفيذ للدكتور رمزي سيف ص 185 وفي تأييد الرأي الثاني للدكتور أبو الوفا ص 150). أما في حالة ما إذا كان المسترد والمدين المحجوز عليه مشتركين في معيشة بمنزل واحد كالإبن وأبيه والأخ وأخيه والزوج وزوجته فتكون الحيازة مشوبة باللبس والغموض فإذا كان العقار الموجود به المنقولات المحجوزة ملكاً للمدين أو مستأجراً باسمه فإنه يعتبر حائزاً لها ومن ثم يقع عبء إثبات الملكية علي المسترد وإذا كان العقار الموجود به المنقولات المحجوزة ملكاً للمسترد لا للمدين أو مستأجراً بإسمه فالمفروض أن الحجز يقع على مال في حيازة الغير وللأخير رفع دعوى بطلب بطلان الحجز إنما إذا لم تكن الحيازة ثابتة لأحدهما دون الأخر كأن يكونا مشتركين في المعيشة في منزل أحد أفراد الأسرة فقد اختلف الرأي بإثبات الملكية فذهب رأي إلى أنه المسترد على إعتبار أنه المكلف بموالاة إجراءات يقتضيها الحكم له بالملكية وذهب رأي إلي أنه الدائن على إعتبار أنه المدعي في واقع الأمر .

وبالنسبة لدعاوى الاسترداد التي ترفعها الزوجات المسلمات بمناسبة الحجوز على الأمتعة الموجودة في منزل الزوجية لديون على الأزواج فذهب رأي إلى أنه على الزوجة باعتبارها مدعية إثبات ملكيتها للمحجوزات بكافة طرق الإثبات وذهب رأي آخر إلى أنه ما دام المسترد والمحجوز عليه مشتركين في معيشة واحدة كان على الحاجز أن يثبت أن الحجز الذي أوقعه حجز صحيح أي يثبت أن الأشياء المحجوزة مملوكة لمدينة (التنفيذ للدكتور أبو الوفا ص 512 والتنفيذ للدكتور رمزي سيف ص (186).

أما بالنسبة لقضاء المحاكم فالرأي الراجح أن المسترد هو الذي يقع عليه عبء إثبات ملكية المنقولات المحجوزة في جميع الحالات وهذا الرأي هو الذي نؤيده حتى بالنسبة لمنقولات الزوجة المسلمة المحجوز عليها بمنزل الزوجية لأن القرينة - القائمة على أن العرف جرى على دخول الزوجات بجهاز يمتلكه - في حقيقتها قرينة قضائية وليست قرينة قانونية وبالتالي فهي لا تكفي بذاتها دليلاً كاملاً علي الملكية إلا أنها تعزز الأدلة الأخرى التي تقدمها الزوجة، وقد أقرت محكمة النقض حديثاً رأينا أنها قرينة قضائية.

وإن كان المشرع قد أوجب إختصام من عددتهم المادة إلا أن إغفال ذلك بالنسبة الأحدهم لا يرتب البطلان أو عدم القبول وفقط يكون الجزاء هو الحكم بالاستمرار في التنفيذ إذا طلبه الدائن الحاجز فضلاً عن أن الحكم لا يكون حجة في هذه الحالة إلا على من اختصم في الدعوى وكان طرفاً فيها وإذا طلب الحكم بالاستمرار في التنفيذ مع تحقق سببه المبين في المادة وجب على المحكمة القضاء به .

وقد أوجب المشرع أن تشتمل صحيفة الدعوى علي بيان واف لأدلة الملكية حتى يتمكن المدعى عليهم من معرفة ما يستند إليه المسترد في دعواه فيستعد في أول جلسة للرد عليه دون حاجة إلي تأجيل الدعوى وحتى يتمكن القاضي الذي يطلب منه الحكم بالاستمرار في التنفيذ من التحقق من جدية الدعوى وحتى يضيق الفرصة في مواجهة من يرفع دعوى كيدية يختلق أدلتها بعد رفعها أثناء المرافعة فيها ومن ثم لا يتحقق مقصود المشرع إذا لم يذكر إطلاقاً أدلة الملكية أو إذا ذكرت بصورة مبهمة كأن يقول المدعي في صحيفته أنه يمتلك بالشراء دون أن يشير إلي اسم البائع وتاريخ البيع أو أي شيء عن ملابساته (محمد حامد فهمي بند 207 ورمزي سيف بند 260 ووالي بند 441 والتعليق لأبو الوفا ص 1361) وإذا كان المدعي يستند في إثبات ملكيته لشهادة الشهود فيرى البعض أنه يتعين ذكر أسماء هؤلاء الشهود والوقائع التي يشهدون بها ( أبو الوفا في التعليق ص 1361) إلا أننا نرى أنه يكفي أن يذكر المدعي 

في هذه الحالة في صحيفة الدعوى أنه يركن في إثبات دعواه إلي شهادة الشهود.

وتقدير ما إذا كان ما أورده المدعي في صحيفة دعواه من بيان الأدلة الملكية وافياً بما أوجبه المشرع أم لا مسألة تخضع لتقدير المحكمة.

والحكم بالاستمرار في التنفيذ وفقاً لصريح نص المادة لا يقبل الطعن فيه إلا أن الحكم برفض طلب الإستمرار في التنفيذ لم يحظر الطعن عليه ومن ثم يقبل الطعن فيه وفقاً للقواعد العامة (كمال عبد العزيز الطبعة الثانية ص 661 وفتحي والي بند 369 وأبو الوفا في التعليق ص 1117).

والحكم الصادر في دعوى الاسترداد تكون له حجية الأمر المقضي في شأن ملكية المنقولات فتمتنع المنازعة في شأنها بين المسترد والمحجوز عليه في دعوى تالية ولو لم يختصم فيها الحاجز.

 وإذا قضي برفض طلب ثبوت الملكية فلا حاجة إلى التعرض لصحة أو بطلان أو صورية الحجز.

ودعوى الاسترداد لها شقان الأول خاص بالملكية وهي الأساس والثاني بطلان الحجز الذي يترتب على ثبوت الملكية فإذا اختصم المدعي الحاجز وحده وطلب بطلان الحجز تأسيساً على ملكيته للمنقولات المحجوزة وجب الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لطلب الملكية لعدم اختصام المدين الذي لا تثبت الملكية إلا في مواجهته وإذا اختصم المدين المحجوز عليه وحده دون الدائن الحاجز فإن الدعوى المرفوعة تعتبر دعوى ملكية عادية وتكون مقبولة ولكن لا تؤثر في كيان الحجز، وكل ما تقدم يؤدي إلي رفض طلب بطلان التنفيذ.

وإذا أغفل المدعي إختصام أحد ممن نصت عليهم المادة جاز له اختصامه قبل إقفال باب المرافعة.

وإذا لم تشتمل صحيفة الدعوى على بيان واف لأدلة الملكية فلا تبطل ما دامت لا تجهل بمطلوب المدعي وذلك عملاً بالمادة 63 مرافعات وإن كان هذا لا يمنع الحاجز من أن يطلب من المحكمة الاستمرار في التنفيذ.

وإذا لم يودع طالب الاسترداد المستندات المؤيدة لدعواه وقت تقديم صحيفتها جاز للمحكمة أن تحدد له ميعاداً لتقديمها وجاز لها إعمال المادة 97 من قانون المرافعات (التعليق لأبو الوفا ص 1119) ويرى أيضاً أنه إذا لم يطلب الحاجز أو المتدخل الإستمرار في التنفيذ فليس هناك ما يمنع المدين المحجوز عليه من طلبه إذا كانت له مصلحة في ذلك التعليق ص 1117) إلا أن هذا الرأي يخالف صريح النص الذي خول هذا الحق للحاجز وحده.

ولا يجوز توجيه اليمين الحاسمة إلى الدائن الحاجز وحده في دعوى الاسترداد لأن اليمين ليست حاسمة في هذا الشأن لأن ملكية المحجوزات يتنازعها شخص آخر هو المدين إلا إذا كان المدين قد سلم للمدعي بملكيته للمحجوزات (راجع مؤلفنا في التعليق على قانون الإثبات الطبعة التاسعة ص 1129 وما بعدها).

ويجوز للحاجز أن يطلب من المحكمة التي تنظر دعوى الاسترداد بطلب عارض أن تقضي له بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب كيدية الدعوى عملاً بالمادة 1/125 من قانون المرافعات بإعتبار أن هذا الطلب إنما هو تعويض عن ضرر لحقه من الدعوى الأصلية، وتدخل المحكمة في تقديرها عند الحكم بالتعويض ما نشأ عن رفع الدعوى من تأخير التنفيذ وعدم حصول المنفذ على حقه في الوقت المناسب وما تحمله من نفقات يسبب رفع دعوى الاسترداد كأتعاب المحامي وتنقله من موطنه إلى مقر المحكمة لمتابعة الجلسات والمصاريف التي تكبدها في سبيل تجهيز مستنداته للتدليل على عدم أحقية المسترد في المنقولات المحجوزة أما الضرر الأدبي فيتمثل في قلق المنفذ نتيجة خشيته من احتمال توصل خصمه إلى إثبات صحة ادعائه.

ومن البديهي أن المحكمة لا تقضي برفض طلب التعويض إستناداً إلي أن الطاعن حكم عليه بالغرامة التي أجازت المادة 397 الحكم بها علي المسترد حتى لو كانت هي الحد الأقصى لما قضت به المادة، ذلك أن الحكم بالغرامة إنما هو إجراء أجازه القانون لكي يحد من الدعاوى الكيدية ويؤدي إلي خزانة المحكمة ولا يستفيد منه الحاجز شيئاً، وقد صرحت المادة 397 في فقرتها الأخيرة بأن الحكم بالغرامة على المسترد لا يخل بالتعويضات إن كان لها وجه.(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء : السابع، الصفحة : 491)

شروط دعوى الاسترداد :

لكي تعتبر الدعوى المرفوعة من قبل دعاوى الاسترداد يجب أن تتوافر الشروط التالية :

أولاً - يجب أن ترفع الدعوى من شخص من الغير له حق على المال المحجوز غير جائز له، والمقصود بالغير هنا من لم يكن طرفاً في التنفيذ ويستند على حق يتعلق بالمنقول محل التنفيذ، ولا يشترط في رافع دعوى الاسترداد أن يدعي حق الملكية ذاته بل قد يكون أساس منازعته أی حق يرد على المنقولات المحجوز عليها .

وتفترض دعوى الاسترداد أن المنقول ليس في حيازة رافع الدعوى ولذلك يشترط في رافع هذه الدعوى ألا يكون حائزاً للمال الذي وقع عليه الحجز، لأن حجز المنقولات إذا تم على أموال في حيازة الغير يكون باطلاً، ولا تكون الدعوى المرفوعة منه في هذه الحالة دعوى استرداد فلا يتقيد فيها بالقواعد الخاصة بهذه الدعاوى التي نص عليها المشرع.

ثانياً . يجب أن يطلب المدعي الحكم له بملكية المنقولات المحجوزة أو ثبوت ای حق آخر عليها يتعارض معه الحجز، كما يجب أن يطلب فضلاً عن ذلك بطلان إجراءات الحجز وإلغاءها، فدعوى الاسترداد تهدف إلى أمرين : الأولى تقرير ملكية المسترد للمنقولات المحجوزة أو أي حق آخر عليها، والثاني بطلان الحجز الموقع على هذه المنقولات.

ولذلك يجب أن يطلب المدعي الطلبين معاً وإلا لا تعتبر الدعوى دعوی إسترداد، فلا تكون بصدد دعوى استرداد إذا اقتصر المدعي على طلب تقرير الملكية دون أن يطلب بطلان الحجز، ففي هذه الحالة تكون الدعوى دعوى ملكية عادية تنظرها المحكمة المختصة طبقاً للقواعد العامة و يتعين على قاضي التنفيذ الذي ترفع إليه هذه الدعوى أن يحكم بعدم الاختصاص والإحالة وفقاً للمادة 110 مرافعات.

كذلك لا تكون بصدد دعوى إسترداد إذا طلب المدعى بطلان الحجز دون أن يبنى هذا الطلب على ملكيته للمنقولات المحجوزة أو أي حق آخر يتعلق بها.  

ونظراً لكون القضاء بالملكية والقضاء بالبطلان هو قضاء في الموضوع، فإن دعوى الاسترداد تكون في حقيقتها منازعة موضوعية في التنفيذ.

ثالثاً : يجب أن ترفع الدعوى بعد توقيع الحجز وقبل البيع، وذلك لأن دعوى الاسترداد ترمي إلى تخليص المنقولات المحجوزة من الحجز الموقع عليها، ولتحقيق هذا الهدف بحيث تصبح المنقولات طليقة من قيد الحجز ينبغي أن ترفع الدعوى في الفترة الزمنية بين توقيع الحجز وقبل البيع ولذلك لا تعد من دعاوى الاسترداد دعوى الملكية العادية التي ترفع قبل توقيع البيع، كما أن الدعوى التي ترفع بعد تمام البيع أياً كانت طلبات المدعي فيها لا تعتبر من دعاوى الاسترداد أيضاً.

رابعاً : يجب أن ترفع الدعوى على كل من الدائن الحاجز والمدين المحجوز عليه والحاجزين المتدخلين في الحجز «مادة 394 مرافعات - محل التعليق» والمقصود بالدائن الحاجز هنا الحاجز الأول على المنقوله وعلة ضرورة اختصام هؤلاء جميعاً هي أن المدعي من ناحية بطلب الحكم له بالملكية أو ثبوت حقة على المال وهذا يقتضي توجيه الطلب إلى المدين للمحجوز عليه وصدور الحكم في مواجهته ومن ناحية أخرى يطلب الحكم ببطلان إجراءات الحجز وإلغائها وهذا يقتضي صدور الحكم في هذا الطلب في مواجهة الدائن الحاجز المباشر لهذه الإجراءات، كما أن الدائنين الحاجزين المتدخلين في الحجز شأنهم بالنسبة للحجز هو شأن الحاجز الأول ولذلك يجب اختصامهم أيضاً لأن لهم جميعاً مصلحة أكيدة في الإبقاء على الحجز، ويلاحظ أن المقصود بالدائنين الحاجزين المتدخلين هنا الدائنون المتدخلون في الحجز بطریق جرد الأشياء المحجوزة فلا يدخل فيهم الدائنون الحاجزون على الثمن تحت يد المحضر، وذلك لأن حق الدائن الحاجز على الثمن يتعلق بحصيلة التنفيذ وليس بالمال محل التنفيذ ومن ثم لا يجب اختصامه في دعوى الاسترداد.

فإذا لم يتم إختصام أحد ممن سبق ذكرهم فإن الدعوى تكون مقبولة ولكن لا يكون الحكم الصادر حجة في مواجهة من لم يتم اختصامه، فإذا اختصم المدين المحجوز عليه وحده دون الدائن الحاجز فإن الدعوى المرفوعة تعتبر دعوى ملكية عادية وتكون مقبولة وصحيحة ولكن لا تؤثر في كيان الحجز فلا يكون لها أي أثر في الحجز، ولا يتصور عدم اختصام المدين المحجوز عليه لأن المطلوب الأول في دعوى الاسترداد هو ملكية الأشياء المحجوز عليها ولا صفة للدائن الحاجز في توجيه هذا الطلب إليه بل يجب أن يوجه طلب الملكية إلى المحجوز عليه لأنه هو الوحيد صاحب الصفة في توجيه طلب ملكية المنقولات إليه، كذلك لا يتصور أن يستقيم طلب بطلان الحجز وحده دون بنائه على طلب الملكية الذي يجب أن يبدى في مواجهة المدين المحجوز عليه وإذا لم يتم إختصام الحاجز الأول أو الحاجزين المتدخلين فإن الحكم الذي يصدر في الدعوى لا يكون له أثر في مواجهتهم، ومع ذلك يجوز لرافع الدعوى تصحيح شكلها باختصام من يوجب القانون اختصامهم.

إذن لا يترتب على عدم اختصام أحد ممن عددتهم المادة البطلان أو عدم القبول وإنما ينحصر الجزاء في عدم قيام الحكم حجة عليهم فضلاً عن جواز طلب الحكم بالاستمرار في التنفيذ (نقض 1959/3/19 - لسنة 10 ص 232) والحكم بالاستمرار في التنفيذ في هذه الحالة وجوبي على المحكمة متى طلب منها ذلك وتحققت من المخالفة (محمد كمال عبد العزيز - ص 661).

وفضلاً عن هؤلاء الأشخاص الذين نصت عليهم المادة 394 مرافعات، فقد جرى العمل على اختصام قلم المحضرين القائم بالتنفيذ، وذلك حتى يمتنع المحضر عن إجراء البيع، ولكن لا جزاء على عدم اختصام قلم المحضرين لأن القانون لم ينص على وجوب ذلك.

خامساً : يجب أن تشتمل صحيفة الدعوى على بيان واف لأدلة الملكية وحكمة ذلك تمكين المدعى عليهم من معرفة الأدلة التي يستند إليها المدعي فيستعدون للرد عليه في أول جلسة دون حاجة لطلب التأجيل للإستعداد وحتى يتمكن القاضي من التحقق من جدية هذه الدعوى، كما أن البيان الوافي لأدلة الملكية يؤدي إلى تضييق الفرصة في مواجهة المشاكس سيء النية الذي يرفع دعوى استرداد كيدية ليتوصل إلى وقف التنفيذ ثم بعد ذلك يلفق ما يشاء من أدلة الملكية فالمشرع يتطلب من رافع هذه الدعوى أن يكون إثبات ملكيته حاضراً وقت رفع الدعوى.

ويجب حتى يكون بيان الأدلة وافياً أن يكون واضحاً محدداً غير وارد في عبارات مبهمة كان يقول المدعي في صحيفته أنه يملك الشيء بالشراء دون أن يشير إلى إسم البائع وتاريخ البيع وملابساته وشهوده، بل يجب إذا ادعى ملكية المنقولات المحجوزة عن طريق الشراء أن يذكر إسم المشتري وتاريخ الشراء وثمنه ومكانه وظروفه وشهوده. وتقدير ما إذا كان البيان الخاص بأدلة الملكية وافياً أو غير واف يرجع إلى مطلق السلطة التقديرية للمحكمة المرفوع إليها دعوى الاسترداد (رمزی سیف - بند 260، محمد حامد فهمید بند 207، فتحي والي - بند 441)، ولكن لا يؤدي عدم تقديم بيان واف بأدلة الملكية إلى البطلان وإنما يترتب عليه جزاء خاص نصت عليه المادة 394 مرافعات - محل التعليق - وهو الحكم بناء على طلب الحاجز بالاستمرار في التنفيذ رغم رفع دعوى الاسترداد وهذا الحكم وجوبي على المحكية إذ لا تملك المحكمة بصدده أية سلطة تقديرية متى طلبه الحاجز ومتى ثبت عدم كتابة البيان الخاص بإدلة الملكية، كما أن هذا الحكم لا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن ولكن يلاحظ أنه إذا كان الحكم بالاستمرار في التنفيذ طبقاً للمادة 394 لا يقبل الطعن، فإن الحكم برفض طلب الاستمرار في التنفيذ يقبل الطعن طبقاً للقواعد العامة (أحمد أبو الوفا - بند 191، فتحى والى - بند 369).

سادساً : يجب أن يودع رافع الدعوى المستندات الدالة على الملكية عند تقديم صحيفة الدعوى لقلم الكتاب، ففضلاً عن ضرورة ذكر جميع البيانات الخاصة بالملكية في صحيفة الدعوى يجب أن يرفق المدعى جميع المستندات المؤيدة لهذه البيانات بصحيفة الدعوى كعقد البيع وإيصالات المخالصة بالثمن وغير ذلك من المستندات، وعلة ذلك تمكين المدعى عليهم من الإطلاع عليها قبل الجلسة المحددة لنظر القضية فلا يضطرون إلى التمسك بتأجيلها للإطلاع على مستندات خصمهم ولا تضطر المحكمة إلى هذا التأجيل، والجزاء المترتب على عدم إيداع هذه المستندات هو أن تحكم المحكمة بناء على طلب الحاجز بالاستمرار في التنفيذ وهذا الحكم لا يقبل الطعن فيه.

 إجراءات دعوى الاسترداد والاختصاص بها والإثبات فيها:

ترفع دعوى الاسترداد - كأية دعوی - وفقاً للإجراءات المعتادة في رفع الدعاوى، أي بصحيفة تودع قلم الكتاب وتقيد ثم تعلن للمدعی عليهم مع تكليفهم بالحضور أمام قاضي التنفيذ، ولكن رغبة من المشرع في ضمان جدية دعوى الاسترداد من ناحية ولخطورة الآثار التي تترتب على مجرد رفع هذه الدعوى من ناحية أخرى، فقد استلزم المشرع في المادة 394 مرافعات فضلاً عن ضرورة رفع دعوى الاسترداد على الدائن الحاجز والمحجوز عليه والحاجزين المتدخلين، أن تشتمل صحيفتها على بيان واف لأدلة الملكية، وأن يودع المدعي عند تقديم الصحيفة لقلم الكتاب ما لديه من المستندات، وإلا وجب الحكم بناء على طلب الحاجز بالاستمرار في التنفيذ دون انتظار الفصل في الدعوى ولا يجوز الطعن في هذا الحكم.

وهذه الدعوى تعتبر إشكالاً موضوعياً في التنفيذ، ولذلك يختص بها نوعياً قاضى التنفيذ ويكون الاختصاص المحلى بها لمحكمة التنفيذ التي يجرى التنفيذ تحت إشرافها (عبد الباسط جمیعی - الوجيز - ص 205 فتحی والی - بند 366 ص 652، رمزی سینه بند 266 ص 271)، أي محكمة التنفيذ التي يقع المنقول محل الحجز في دائرتها مادة 276/ 1 مرافعات».

وعبء الإثبات في دعوى الاسترداد يقنع على رافعها، لأنه لا يعتبر حائزاً إذ المنقولات في حيازة المدين المحجوز عليه، ووفقاً للمادة 964 مدنی فإن من كان حائزاً للحق اعتبر صاحبه حتى يقدم الدليل على العكس، ولذلك لايقع عبء الإثبات على المدين المحجوز عليه لأن الفرض أن المنقولات التي يتم الحجز عليها تكون في حيازته وإنما يكون على المسترد الذي يدعي امتلاكه للمنقولات المحجوزة ان يثبت ذلك.

وعبء إثبات ملكية المنقولات المحجوزة يكون على المسترد في جميع الحالات حتى ولو كان يشارك المحجوز عليه في حيازة هذه المنقولات كحالة الزوج والزوجة والابن ووالده والإخوة الذين يعيشون معاً، فمثلاً إذا حجز دائن الزوج على منقولات الزوجة الموجودة في مسكنهما ورفعت الزوجة دعوى إسترداد فإن عبء إثبات ملكيتها لهذه المنقولات يقع عليها.

ولكن قد يحدث أن يكون المدين متواطئاً مع الغير إضراراً بالحاجز، فإذا ما رفع الغير دعوى الاسترداد مدعياً ملكية المنقولات المحجوزة. فإن المدين يقر له ملكية هذه المنقولات المحجوزة - فما أثر هذا الإقرار؟ . 

في هذه الحالة يجب أن نفرق بين أثر الإقرار في العلاقة بين الحاجز والمدين وأثره في العلاقة بين المدين والغير (فتحى والى - بند 372 - ص 661 وص 662)، ففي العلاقة بين الحاجز والمدين لا يكون للإقرار أية حجية، لأن الإقرار يعتبر عملاً قانونياً صادراً عن المدين المحجوز عليه بعد الحجز، وهو لذلك لا ينفذ في مواجهة الدائن الحاجز مثله في ذلك مثل سائر تصرفات المدين بعد الحجز، ولا يحتاج الدائن الحاجز لأجل عدم نفاذ الإقرار في مواجهته أن يثبت عدم صحة الإقرار لصوريته أو إن يثبت تواطؤ المدين مع الغير غشا به.

بينما في العلاقة بين المدين والغير فإن للإقرار حجيته الكاملة، فيلتزم به المدين ويتحمل مغبته ولا يملك التحلل عنه ومن آثاره، اللهم إلا إذا أثبت صوريته، وفقاً لقواعد القانون المدني، ونتيجة لذلك فإنه إذا صدر الحكم برفض دعوى الاسترداد رغم وجود الإقرار الصادر من المدين، فإن هذا الحكم لا يمنع من إنتاج الإقرار أثره في العلاقة بين المدين والغير، لأن هذا الحكم لا تكون له حجية بالنسبة لنفي الملكية عن الغير وتأكيدها للمدين إلا في نطاق خصومة التنفيذ، أما خارج نطاق هذه الخصومة في العلاقة بين الغير والمدين فإنه لا حجية له.

الآثار المترتبة على رفع دعوى الاسترداد:

لقد فرق القانون بالنسبة للآثار المترتبة على رفع دعوى الاسترداد بين دعوى الاسترداد الأولى ودعوى الاسترداد الثانية، فيترتب على رفع دعوى الاسترداد الأولى وقف التنفيذ بقوة القانون، بينما لا يترتب هذا الأثر على دعوى الاسترداد الثانية إلا بناء على حكم من قاضي التنفيذ.

الآثار المترتبة على رفع دعوى الاسترداد الأولى :

يترتب على مجرد رفع دعوى الاسترداد. أثر قانونى مهم هو وقف التنفيذ، وهذا الأثر يترتب أتوماتيكياً أي بقوة القانون ولمجرد رفعها، وقد نصت على ذلك المادة 393 بقولها «إذا رفعت دعوى. استرداد الأشياء المحجوزة وجب وقف البيع إلا إذا حكم قاضي التنفيذ باستمرار التنفيذ بشرط إيداع الثمن أو بدونه .

ورغم أن دعوى الاسترداد. تعتبر إشكالاً موضوعياً في التنفيذ والقاعدة العامة في هذا النوع من الإشكالات هي أن مجرد رفعه لا يؤدي إلى وقف التنفيذ وإنما الوقف يكون نتيجة للحكم في الإشكال، فإن المشرع قد خرج على هذه القاعدة العامة بتقريره أن مجرد رفع هذه الدعوى يترتب عليه وقف التنفيذ، وعلة هذا الخروج هي حماية مالك الشيء المحجوز أو صاحب الحق عليه من أن يباع ملكه قبل الفصل في الدعوى، فقد لا يجديه استرداده بعد ذلك وهو مال منقول إذا ما كان المشتري حسن النية.

وهذا الأثر الواقف لدعوى الاسترداد يترتب ولو لم يتم اختصام الحاجز أو أحد المتدخلين في الحجز، ولو لم يراع المسترد الإجراءات الواجبة عند رفع الدعوى التي أشرنا إليها سابقاً، ويحدث هذا الأثر أيضاً دون حاجة لصدور حكم به لأنه يتم بقوة القانون لمجرد رفع الدعوى أي إعتباراً من تاريخ إيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب محكمة التنفيذ المختصة بعد أداء الرسم كاملاً، ويستمر هذا الوقف قائماً إلى أن يتم الفصل في دعوى الاسترداد بحكم جائز النفاذ سواء كان هذا الحكم، جائز النفاذ وفقاً للقواعد العامة أو مشمولاً بالنفاذ المعجل .

ولكن هذا الأثر الواقف لدعوى الاسترداد قد يزول برغم بقاء الدعوى كما أنه يزول بزوالها ذاتها أو بحدوث أمر يعرقل السير فيها.

أولاً - زوال الأثر الواقف للتنفيذ رغم بقاء دعوى الاسترداد:

ويتحقق هذا الزوال في صورتين:

(أ) لقاضي التنفيذ بناء على طلب أحد الحاجزين أن يحكم بصفة مستعجلة بالاستمرار في التنفيذ، ويرفع الطلب هنا إلى نفس القاضي الذي رفعت أمامه دعوى الاسترداد، ولقاضي التنفيذ سلطة تقديرية في الحكم أو عدم الحكم بالاستمرار في التنفيذ، فهو يوازن بين مصالح رافع دعوى الاسترداد ومصالح طالب الاستمرار في التنفيذ، ولذلك يقوم بفحص أدلة دعوى الاسترداد فحصاً سطحياً ويقارن بين الضرر الذي يصيب الحاجز من وقف التنفيذ والضرر الذي يصيب رافع دعوى الاسترداد من السير في التنفيذ، وله أن يأمر بالاستمرار في التنفيذ إذا وجد أن الدعوى هي نتيجة تواطؤ بين المدين ورافعها أو أن الحاجزين يصابون من وقف التنفيذ بضرر جسيم لا يتناسب مع الضرر الذي يصيب رافعها من الاستمرار في التنفيذ، وإذا حكم قاضي التنفيذ بالاستمرار في إجراء البيع وقدر في نفس الوقت ضرورة حماية رافع دعوني الاسترداد فإنه له أن يأمر بإيداع الثمن المتحصل من البيع خزانة المحكمة إلى حين الفصل في الدعوى، والحكم الصادر بالاستمرار في التنفيذ يجوز الطعن فيه دائماً بالاستئناف باعتباره حكماً صادراً في مادة مستعجلة، ولكن يكون قابلاً للتنفيذ فوراً بإعتباره مشمولاً بالنفاذ المعجل بقوة القانون.

(ب) على قاضي التنفيذ الذي رفعت إليه دعوى الاسترداد أن يحكم بناء على طلب الحاجز بالاستمرار في التنفيذ دون انتظار الفصل في الدعوى. إذا لم يختصم فى الدعوى من يجب اختصامهم وهم الحاجز والمحجوز عليه والحاجزون المتدخلون، أو إذا لم تشتمل صحيفتها على بيان واف لأدلة الملكية أو إذا لم يودع عند تقديمها ما لدى المسترد من مستندات مادة 394 مرافعات، والحكم بالاستمرار في التنفيذ وجوبی على المحكمة في هذه الحالة، إذ ليست لها سلطة تقديرية وذلك على خلاف الحالة السابقة، فإذا ما طلب الحكم من المحكمة الإستمرار في التنفيذ فإن سلطتها تنحصر في التحقق من حصول الإخلال بالقواعد السابقة فإذا ثبت لها هذا الإخلال فليس لها تقدير ملاءمة الإستمرار في التنفيذ أو رفض الحكم به فإذا قضت بالاستمرار في التنفيذ فإن حكمها لا يقبل الطعن فيه بأي طريق وذلك وفقاً للمادة 394 أما إذا رفضت الحكم بالإستمرار في التنفيذ فإنه يجوز الطعن في هذا التحكم طبقاً للقواعد العامة بعكس الحال بالنسبة لحكمها بالاستمرار في التنفيذ.

وينبغي ملاحظة أن دعوى الاسترداد إذا رفعت بالمخالفة للمادة 394 أی لم يتم اختصام من نصت عليهم هذه المادة او لم تشتمل صحيفة الدعوى على بيان واف بإدلة الملكية أو لم يودع الملغي عند تقديم صحيفة الدعوى ما لديه من مستندات، ورغم ذلك لم يطلب أحد الاستمرار في التنفيذ فإن هذه الدعوى المغيبة تسير سيراً عادياً ويصدر فيها حكم وقد يكون لصالح رافعها، إنه لاتستطيع المحكمة أن تحكم بما لم يطلبه الخصوم، ولذلك تنتج هذه الدعوى المخالفة للمادة 394 جميع آثارها في وقف التنفيذ، مادام لم يطلب ذو المصلحة من المحكمة الاستمرار في التنفيذ.

ثانياً : زوال الأثر الواقف لدعوى الاسترداد بزوالها أو بحدوث ما يعرقلها:

تقضي المادة 395 مرافعات بأنه "يحق للحاجز أن يمضي في التنفيذ إذا حكمت المحكمة بشطب الدعوى أو بوقفها عند بالمادة 99 أو إذا اعتبرت كأن لم تكن أو حكم باعتبارها كذلك كما يحق له أن يمضي في التنفيذ إذا حكم في الدعوى برفضها أو بعدم الاختصاص أو بعدم قبولها أو ببطلان صحيفتها أو بسقوط الخصومة فيها أو بقبول تركها ولو كان هذا الحكم قابلاً للاستئناف .

فقد قدر المشرع أن الأثر الخطير والمهم الذي يترتب على مجرد رفع دعوى الاسترداد وهو وقف التنفيذ يجب ألا يبقى إلا لمصلحة المدعي الذي يحضر أمام القاضي ويمتثل لأوامره، فإذا لم يحضر المدعى ولا المدعى عليه ولم تكن الدعوى صالحة للفصل فيها وقررت المحكمة شطب الدعوى وفقاً للمادة  82 مرافعات، أو امتنع المدعى عن تنفيذ أمر للقاضي فحكم القاضي بوقف الدعوى جزاء له تطبيقاً للمادة 99 مرافعات، فإن الأثر الواقف لدعوى الاسترداد يزول نتيجة لذلك.

كذلك فإنه ينتج عن زوال الخصومة لأي سبب زوال الأثر الواقف المترتب على رفع دعوى الاسترداد، ولذلك فإن للحاجز أن يمضي في التنفيذ إذا اعتبرت الدعوى كأن لم تكن أو حكم باعتبارها كذلك، أو حكم بعدم الاختصاص بها أو بعدم قبولها أو ببطلان صحيفتها أو سقوط الخصومة فيها أو بقبول تركها، وللحاجز الإستمرار في التنفيذ حتى ولو كان الحكم بأحد هذه الأمور حكماً إبتدائياً قابلاً للطعن فيه بالإستئناف .(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء : السادس،  الصفحة :  351)

 

 

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الحادي والعشرون ، الصفحة / 22

دَلِيلٌ

التَّعْرِيفُ:

الدَّلِيلُ لُغَةً: هُوَ الْمُرْشِدُ وَالْكَاشِفُ، مِنْ دَلَلْتُ عَلَى الشَّيْءِ وَدَلَلْتُ إِلَيْهِ.

وَالْمَصْدَرُ دُلُولَةٌ وَدَلاَلَةٌ، بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا وَضَمِّهَا. وَالدَّالُّ وَصْفٌ لِلْفَاعِلِ.

وَالدَّلِيلُ مَا يُتَوَصَّلُ بِصَحِيحِ النَّظَرِ فِيهِ إِلَى الْعِلْمِ بِمَطْلُوبٍ خَبَرِيٍّ وَلَوْ ظَنًّا، وَقَدْ يَخُصُّهُ بَعْضُهُمْ بِالْقَطْعِيِّ.

وَلِذَلِكَ كَانَ تَعْرِيفُ أُصُولِ الْفِقْهِ بِأَنَّهُ «أَدِلَّةُ الْفِقْهِ» جَارِيًا عَلَى الرَّأْيِ الأَْوَّلِ الْقَائِلِ بِالتَّعْمِيمِ فِي تَعْرِيفِ الدَّلِيلِ بِمَا يَشْمَلُ الظَّنِّيَّ؛ لأَِنَّ أُصُولَ الْفِقْهِ الَّتِي هِيَ أَدِلَّةُ الْفِقْهِ الإِْجْمَالِيَّةِ تَشْمَلُ مَا هُوَ قَطْعِيٌّ، كَالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَمَا هُوَ ظَنِّيٌّ كَالْعُمُومَاتِ وَأَخْبَارِ الآْحَادِ وَالْقِيَاسِ وَالاِسْتِصْحَابِ. وَمِنْ هُنَا عَرَّفَهُ فِي الْمَحْصُولِ وَفِي الْمُعْتَمَدِ بِأَنَّهُ: «طُرُقُ الْفِقْهِ»؛ لِيَشْمَلَ الْقَطْعِيَّ وَالظَّنِّيَّ.

الأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الأْمَارَةُ:

الأْمَارَةُ فِي اللُّغَةِ: الْعَلاَمَةُ وَزْنًا وَمَعْنًى - كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ - وَهِيَ عِنْدَ الأْصُولِيِّينَ: مَا أَوْصَلَ إِلَى مَطْلُوبٍ خَبَرِيٍّ ظَنِّيٍّ.

وَلَمْ يُفَرِّقِ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ الأَْمَارَةِ وَالدَّلِيلِ. وَعِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ: الأَْمَارَةُ مَا يُؤَدِّي النَّظَرُ الصَّحِيحُ فِيهِ إِلَى الظَّنِّ، سَوَاءٌ أَكَانَ عَقْلِيًّا أَمْ شَرْعِيًّا. أَمَّا الْفُقَهَاءُ فَالأَْمَارَاتُ الْعَقْلِيَّةُ عِنْدَهُمْ أَدِلَّةٌ كَذَلِكَ.

ب - الْبُرْهَانُ:

الْبُرْهَانُ: الْحُجَّةُ وَالدَّلاَلَةُ، وَيُطْلَقُ خَاصَّةً عَلَى مَا يَقْتَضِي الصِّدْقَ لاَ مَحَالَةَ. وَهُوَ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ مَا فَصَلَ الْحَقَّ عَنِ الْبَاطِلِ، وَمَيَّزَ الصَّحِيحَ مِنَ الْفَاسِدِ بِالْبَيَانِ الَّذِي فِيهِ.

ج - الْحُجَّةُ:

الْحُجَّةُ: الْبُرْهَانُ الْيَقِينِيُّ، وَهُوَ مَا تَثْبُتُ بِهِ الدَّعْوَى مِنْ حَيْثُ الْغَلَبَةُ عَلَى الْخَصْمِ.

وَالْحُجَّةُ الإِْقْنَاعِيَّةُ، هِيَ الَّتِي تُفِيدُ الْقَانِعِينَ الْقَاصِرِينَ عَنْ تَحْصِيلِ الْمَطَالِبِ بِالْبَرَاهِينِ الْقَطْعِيَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَرُبَّمَا تُفْضِي إِلَى الْيَقِينِ بِالاِسْتِكْثَارِ.

الأَْدِلَّةُ الْمُثْبِتَةُ لِلأَْحْكَامِ:

الأَْدِلَّةُ الْمُثْبِتَةُ لِلأَْحْكَامِ نَوْعَانِ: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ. فَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ وَهِيَ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالإِْجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ، الَّتِي تَرْجِعُ إِلَيْهَا أَدِلَّةُ الْفِقْهِ الإِْجْمَالِيَّةُ، وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ كَثِيرٌ جَمَعَهَا الْقَرَافِيُّ فِي مُقَدِّمَةِ الذَّخِيرَةِ، مِنْهَا: الاِسْتِحْسَانُ، وَالْمَصَالِحُ الْمُرْسَلَةُ، وَسَدُّ الذَّرِيعَةِ، وَالْعُرْفُ، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ، وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا، وَالاِسْتِصْحَابُ، وَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَغَيْرِهَا وَيُقْصَدُ بِالأَْحْكَامِ: الأَْحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ الْخَمْسَةُ: الْوُجُوبُ، وَالنَّدْبُ، وَالإِْبَاحَةُ، وَالْكَرَاهَةُ، وَالْحُرْمَةُ. وَالأَْحْكَامُ الْوَضْعِيَّةُ: كَالشَّرْطِ، وَالْمَانِعِ، وَالسَّبَبِ وَنَحْوِهَا.

الدَّلِيلُ الإِْجْمَالِيُّ وَالدَّلِيلُ التَّفْصِيلِيُّ:

عَرَّفَ الأُْصُولِيُّونَ أُصُولَ الْفِقْهِ لَقَبًا بِأَنَّهُ «أَدِلَّةُ الْفِقْهِ الإِْجْمَالِيَّةُ» مِنْ حَيْثُ إِنَّ مَوْضُوعَهُ الأَْدِلَّةُ الإِْجْمَالِيَّةُ، وَهِيَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالإِْجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ، وَهِيَ الأَْدِلَّةُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا، وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ أَدِلَّةٍ مُخْتَلَفٍ فِيهَا إِلاَّ أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى الأَْرْبَعَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَهِيَ الاِسْتِحْسَانُ، وَالاِسْتِصْحَابُ، وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ، وَالاِسْتِصْلاَحُ. وَعِلْمُ أُصُولِ الْفِقْهِ يَبْحَثُ فِي إِثْبَاتِ حُجِّيَّةِ الأَْدِلَّةِ وَطُرُقِ دَلاَلَتِهَا عَلَى الأَْحْكَامِ.

وَالدَّلِيلُ إِنْ نُظِرَ إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الأَْحْكَامِ كَانَ دَلِيلاً إِجْمَالِيًّا، وَإِنْ نُظِرَ إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الأَْحْكَامِ كَانَ دَلِيلاً تَفْصِيلِيًّا. وَمِثَالُ ذَلِكَ قوله تعالي وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ. فَمِنْ حَيْثُ إِنَّهُ أَمْرٌ، وَأَنَّ الأَْمْرَ يُفِيدُ الْوُجُوبَ، كَانَ دَلِيلاً إِجْمَالِيًّا.

وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهُ أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِوُجُوبِ الصَّلاَةِ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ كَانَ دَلِيلاً تَفْصِيلِيًّا.

الدَّلِيلُ الْقَطْعِيُّ وَالدَّلِيلُ الظَّنِّيُّ:

تَنْقَسِمُ الأَْدِلَّةُ السَّمْعِيَّةُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ مِنْ حَيْثُ الثُّبُوتُ وَالدَّلاَلَةُ:

قَطْعِيُّ الثُّبُوتِ وَالدَّلاَلَةِ، كَبَعْضِ النُّصُوصِ الْمُتَوَاتِرَةِ الَّتِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى (تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ)

وَقَطْعِيُّ الثُّبُوتِ ظَنِّيُّ الدَّلاَلَةِ، كَبَعْضِ النُّصُوصِ الْمُتَوَاتِرَةِ الَّتِي يُخْتَلَفُ فِي تَأْوِيلِهَا.

وَظَنِّيُّ الثُّبُوتِ قَطْعِيُّ الدَّلاَلَةِ، كَأَخْبَارِ الآْحَادِ ذَاتِ الْمَفْهُومِ الْقَطْعِيِّ.

وَظَنِّيُّ الثُّبُوتِ وَالدَّلاَلَةِ، كَأَخْبَارِ الآْحَادِ الَّتِي مَفْهُومُهَا ظَنِّيٌّ.

وَرَتَّبَ أُصُولِيُّو الْحَنَفِيَّةِ عَلَى هَذَا التَّقْسِيمِ ثُبُوتَ الْحُكْمِ بِقَدْرِ دَلِيلِهِ:

فَبِالْقِسْمِ الأَْوَّلِ يَثْبُتُ الْفَرْضُ، وَبِالْقِسْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ يَثْبُتُ الْوُجُوبُ، وَبِالْقِسْمِ الرَّابِعِ يَثْبُتُ الاِسْتِحْبَابُ وَالسُّنِّيَّةُ.

وَهَذَا التَّقْسِيمُ جَارٍ عَلَى اصْطِلاَحِ الْحَنَفِيَّةِ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ، خِلاَفًا لِلْجُمْهُورِ. وَيُنْظَرُ فِي تَفْصِيلِ مَا تَقَدَّمَ: الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ فِي مَوَاضِعِهِ. وَكَذَلِكَ مُصْطَلَحُ: «اسْتِدْلاَل» «وَتَرْجِيح.

التعليقات معطلة.