موسوعة قانون المرافعات

الأحكام

1- مفاد النص في الفقرة الأولى من المادة 487 من قانون المرافعات أن كل ما اشترطه المشرع لحصول العرض أن يتم بإعلان الدائن به على يد محضر فإذا رُفض العرض – وأًيا كان سبب رفضه – وكان المعروض نقودًا قام المحضر بإيداعها خزانة المحكمة في اليوم التالي لتاريخ العرض على الأكثر طبقًا لما أوردته المادة 488 من ذات القانون ، فإذا ما تم هذا الإجراء صحيحًا فإنه يقوم مقام الوفاء المبرئ لذمة المدين من المبلغ المعروض على ما تقضي به المادة 339 من القانون المدني. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قام بعرض القسط الأول بموجب إنذار عرض مؤرخ 27/3/2013 قبل رفع الدعوى فرفض المطعون ضده استلامه فأودعه خزينة المحكمة بذات التاريخ ، كما أنه قام بعرض باقي الثمن عليه أثناء تداول الدعوى أمام محكمة الاستئناف فرفض استلامه فأودعه خزينة المحكمة قبل حجز الاستئناف للحكم ومن ثم فقد انقضى بذلك التزام الطاعن بثمن المبيع قبل صدور الحكم المطعون فيه بما يمتنع معه قانوناً الحكم بفسخ البيع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد الحكم الابتدائي في قضائه بفسخ العقد وتسليم العين المبيعة على ما ذهب إليه في أسبابه من أن الإيداع الذي تم بباقي الثمن قد تأخر أكثر من ثماني سنوات منذ تاريخ تحرير العقد ولا يقيه من إيقاع الفسخ القضائي، فإنه يكون معيبًا بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن .

( الطعن رقم 16709 لسنة 91 ق - جلسة 27 / 9 / 2022 )

 2- مفاد نص المادة 487 من قانون المرافعات أن كل ما اشترطه المشرع لحصول العرض أن يتم إعلان الدائن به على يد محضر ، وإذ لم يضع المشرع قواعد خاصة لإعلان الأوراق المتضمنة عرضاً بالوفاء فإنه يسرى فى شأنها القواعد العامة فى إعلان الأوراق بمعرفة المحضرين ، ومنها ما تنص عليه المادة العاشرة من ذات القانون على أن " تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو فى موطنه 000 وإذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه فى موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى من يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل فى خدمته 000 " ، ومن ثم فإن العرض الحقيقى يكون صحيحاً إذا تم إعلانه وفقاً لما تقدم حتى ولو كان المخاطب معه شخصاً آخر غير الدائن أو كان غير مفوض فى استلام الدين ، فإذا رفض العرض – أياً كان سبب رفضه – وكان المعروض نقوداً قام المحضر بإيداعها خزانة المحكمة فى اليوم التالى لتاريخ العرض على الأكثر طبقاً لما أوردته المادة 488 من القانون المشار إليه .

(الطعن رقم 9908 لسنة 66 جلسة 2003/11/06 س 54 ع 2 ص 1257 ق 221)

3- مفاد النص فى الفقرة الأولى من المادة 487 من قانون المرافعات أن كل ما اشترطه المشرع لحصول العرض أن يتم بإعلان الدائن به على يد محضر وإذ لم يضع المشترى قواعد خاصة لإعلان الأوراق المتضمنة عرضا بالوفاء فإنه يسرى فى شأنها القواعد العامة فى إعلان الأوراق بمعرفة المحضرين زمنها ما تنص عليه المادتان العاشرة والحادية عشر من ذات القانون، فإن لم يجد المحضر من يصح تسليم الورقة إليه طبقا للمادة العاشرة أو امتنع من وجده من المذكورين فيها عن التوقيع على الأصل بالاستلام أو استلام الصورة وجب عليه أن يسلمها فى اليوم ذاته إلى مأمور القسم أو المركز أو العمدة أو شيخ البلد الذى يقع موطن المعلن إليه فى دائرته حسب الأحوال، ومن ثم فإن العرض الحقيقى يكون صحيحاً إذا تم إعلان وفقا لما تقدم حتى لو كان المخاطب معه شخصا آخر غير الدائن أو كان غير مفوض فى استلام الدين .

(الطعن رقم 2745 لسنة 60 جلسة 1994/11/27 س 45 ع 2 ص 1485 ق 280)

4- مؤدى نص المادة 338 من القانون المدنى أن للمدين الوفاء بدينة عن طريق إيداعه مباشرة دون عرضه على الدائن إذا كانت هناك أسباب جدية تبرر ذلك، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بصحة إيداع باقى الثمن دون أن يسبقه عرض حقيقى على ما أورده من أن البائع أقام دعواه بفسخ عقد البيع قبل رفع المشترية دعواها بصحته ونفاذه فإن هذه الدعامة الصحيحة التى أوردها الحكم تكفى لحمله .

(الطعن رقم 1378 لسنة 59 جلسة 1994/02/24 س 45 ع 1 ص 429 ق 89)

5- النص فى الفقرة الأولى من المادة 487 من قانون المرافعات على أن " يحصل العرض الحقيقى بإعلان الدائن على يد محضر و يشتمل محضر العرض على بيان الشئ المعروض و شرط العرض و قبول المعروض أو رفضه " يدل على أن كل ما إشترطه المشرع لحصول العرض أن يتم بإعلان الدائن به على يد محضر و إذ لم يضع المشرع قواعد خاصة لإعلان الأوراق المتضمنة عرضاً بالوفاء فإنه يستوى فى شأنها القواعد العامة فى إعلان الأوراق بمعرفة المحضرين و منها ما تنص عليه المادة العاشرة من ذات القانون على أن " تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو موطنه . ......... . و إذ لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه فى موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى من يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل فى خدمته أو أنه من الساكنين معه من الأزواج و الأقارب و الأصهار " . .... . و من ثم فإن العرض الحقيقى يكون صحيحاً إذا تم إعلانه وفقاً لما تقدم حتى لو كان المخاطب معه شخصاً آخر غير الدائن أو كان غير مفوض فى إستلام الدين فإذا رفض العرض - و أياً كان سبب رفضه - و كان المعروض نقوداً قام المحضر بإيداعها خزانة المحكمة فى اليوم التالى لتاريخ المحضر على الأكثر طبقاً لما أوردته المادة 488 من القانون المشار إليه - و لا يؤثر فى صحة العرض و الإيداع خصم رسم الإيداع من المبلغ المعروض طالما أن رفض العرض لم يكن هناك ما يسوغه .

(الطعن رقم 437 لسنة 57 جلسة 1989/06/11 س 40 ع 2 ص 566 ق 255)

6- لكى ينتج العرض و الإيداع أثرهما كسبيل للوفاء أن يتما وفقاً لأحكام قانون المرافعات ، و أن محضر الإيداع الذى يعقب رفض الدائن للمبلغ المعروض عليه هو إجراء يقوم به المحضر و يلتزم فيه بشروط العرض التى إشترطها العارض بإنذاره ، و إذ كان الثابت بمحضر الإيداع المؤرخ ... و الذى تم بناء على إنذار العرض الموجه من المطعون ضده الخامس إلى المطعون ضدهم الأربعة الأول فى ... أن المحضر أحال فيه إلى ما ورد بإنذار العرض المذكور ، و مفاده إشتراط العارض - أحد المشترين - لصرف المبلغ المودع للمعروض عليهم أن يحكم له وحده دون الطاعن - المشترى الآخر - بصحة و نفاذ عقد البيع ، مما مؤداه أن هذا العرض و الإيداع لا ينتج أثره إلا فى الوفاء لحساب العارض فقط دون أن يفيد منه المشترى الثانى وبالتالى فلا يعتبر ذلك العرض و الإيداع مبرئاً لذمته فى الوفاء بقيمة الباقى من الثمن .

(الطعن رقم 923 لسنة 51 جلسة 1983/05/24 س 34 ع 2 ص 1292 ق 257)

7- العرض الحقيقى الذى يتبعه الإيداع - سواء أكان هذا العرض على يد محضر أو أمام المحكمة وقت المرافعة - هو الوسيلة القانونية لإبراء ذمة المدين ومن ثم يتعين أن تتوافر فيه الشروط المقررة فى الوفاء المبرئ للذمة و منها أن يتم العرض على صاحب الصفة فى إستيفاء الحق . لما كان ذلك و كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن عرض المبلغ المذكور فى الجلسة على محامى المطعون ضده فى غيبة موكله ، و إذ كان قبول هذا العرض يعتبر من التصرفات القانونية التى لا يجوز للمحامى مباشرتها إلا إذا كان مفوضاً فيها فى عقد الوكالة ، و كان الثابت من سند وكالة محامى المطعون ضده ، أنه غير مفوض فى قبول العرض ، فإن هذا العرض يكون قد تم على غير ذى صفة فى إستيفاء الحق ويكون الإيداع المشار إليه بسبب النعى غير مسبوق بإجراءات العرض الحقيقى التى يتطلبها القانون مما لا يعتبر وفاءاً مبرئاً للذمة .

(الطعن رقم 1386 لسنة 51 جلسة 1983/03/14 س 34 ع 1 ص 679 ق 143)

8- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المشرع في المادة 18/ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 أوجب على المؤجر تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة بكتاب موصى عليه أو بالإعلان على يد محضر قبل رفع الدعوى بالإخلاء لعدم سداد الأجرة ، واعتبر التكليف بالوفاء شرطاً أساسياً لقبولها ، فإذا خلت منه الدعوى أو وقع باطلاً لتضمنه أجرة سبق الوفاء بها أو غير قانونية أو تجـاوز مـا هو مستحق في ذمة المستأجر تعين الحكم بعدم قبول الدعوى وهي مسألة متعلقة بالنظام العام تقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها حتى ولو لم يتمسك بها المستأجر ، كما أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أيضاً أن النص في المادة 487 من قانون المرافعات على أن " يحصل العرض الحقيقي بإعلان الدائن على يد مُحضر ويشتمل محضر العرض على بيان الشئ المعروض وشروط العرض وقبول المعروض أو رفضه ... " يـدل عـلى أن كـل ما اشتـرطـه المشـرع لحـصول العـرض أن يـتم إعـلان الـدائـن به على يد محضر ، وإذ لم يضع المشرع قواعد خاصة لإعلان الأوراق المتضمنة عرضاً بالوفاء فإنه يسري في شأنها القواعد العامة في إعلان الأوراق بمعرفة المُحضرين ومنها ما تنص عليه المادة العاشرة من القانون سالف الذكر على أن " تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه ... وإذا لم يجد المُحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى من يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل فى خدمته أو أنه من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار ، ومفاد المادة الحادية عشر من القانون ذاته أنه إذا لم يجد المحضر من يصح إعلانهم منهم أو امتنع عن التوقيع على أصل الإعلان أو عن استلام الصورة فيجب عليه أن يسلم الورقة في اليوم ذاته إلى جهة الإدارة وأن يخطر المعلن إليه بذلك بكتاب مسجل خلال أربع وعشرين ساعة ، ويعد غلق مسكن المطلوب إعلانه مما يندرج تحت حكم المادة الحادية عشر ويوجب على المُحضر تسليم الورقة إلى جهة الإدارة ، ومن ثم فإن العرض الحقيقي يكون صحيحاً إذا تم إعلانه وفقاً لما تقدم ، فإذا رفض العرض اياً كان سبب رفضه وكان المعروض نقوداً قام المحضر بإيداعها خزانة المحكمة في اليـوم التـالي لتاريخ العرض على الأكثر طبقاً لما أوردته المادة 488 من القانون المشار إليه .

( طعن 12318 لسنة 78 ق - جلسة 11 / 6 / 2023 )
شرح خبراء القانون

العرض الحقيقي هو وفاء مادي يترتب على قبول الدائن له براءة ذمة المدين، مما يتطلب أن يكون العرض متمثلاً في عرض محل الالتزام على الدائن حتى يكون العرض حقيقياً فإن كان محل الالتزام مبلغاً من النقود، فلا يتحقق العرض الحقيقي له إلا بتسليمه للمحضر ليعرضه على الدائن، فإن قبل العرض قبض الدين في الحال وبرئت ذمة المدين، ولذلك لا يعتبر عرضاً حقيقياً أن يتوجه المحضر إلى الدائن ويعلنه بأن دينه سوف يقدم له إذا قام بتنفيذ التزامه المقابل كشطب الرهن المقيد على العين المبيعة أو تسليم سندات الملكية أو تسليم المبيع ولا تبرأ ذمة المدين بذلك لتخلف مقومات العرض الحقيقي، وحتى تبرأ ذمة المدين في تلك الحالات فإنه لا يقوم بعرض الدين عرضاً حقيقياً لأن ذلك إن كان يؤدي إلى براءة ذمته بقبض الدائن للمبلغ المعروض، فقد يترتب عليه استمرار الدائن في الامتناع عن تنفيذ التزامه المقابل، فلا يشطب الرهن ولا يسلم سندات الملكية ولا يسلم المبيع بالرغم من قبضه کامل الثمن، ولذلك فإن المدين، في هذه الحالات وأمثالها لا يقوم بعرض الدين عرضاً حقيقياً. وإنما يقوم بإيداعه مباشرة خزينة المحكمة عند رفع الدعوى بإلزام الدائن بتنفيذ التزامه، ويقيد الصرف بالشروط اللازمة لقيام الدائن بتنفيذ التزامه، وهي شروط مشروعة يجوز له أن يتضمنها محضر الإيداع. ويكون الإيداع رغم هذه الشروط مبرئاً لذمته وتعتد المحكمة به عند الفصل في الدعوى، فإن كانت الدعوى بصحة ونفاذ العقد، وكان المبلغ المودع يمثل باقي الثمن قضت بصحته ونفاذه والتسليم دون أن تنص على صحة الإيداع لامتداد قضائها إلي ذلك ضمناً.

كما لا يتحقق العرض الحقيقي بعرض شيك بالدين ولو كان مصرفياً إذ لا تبرأ ذمة المدين في هذه الحالة إلا بصرف قيمته والمقرر أن العرض الحقيقي يبرئ الذمة فور تسليم المعروض ولأن الدين إن كان نقوداً وجب عرضها وفقاً للمادة (488).

والمقرر في قضاء محكمة النقض أنه إذا كان الدين الثابت في ذمة المدين مبلغاً من المال وأراد أن يبرئ ذمته من هذا الدين بعرضه علي دائنه حال المرافعة فيجب أن يكون هذا العرض نقوداً دون غيرها ولا يغني عن ذلك سحب شيك بقيمة الدين لأن الشيك وإن اعتبر في الأصل أداة وفاء إلا أن مجرد سحبه لا يعتبر وفاء مبرئاً لذمة صاحبه، ولا ينقض التزامه إلا بقيام المسحوب عليه بصرف قيمة الشيك للمستفيد يستوي في ذلك أن يكون المدين شخصاً طبيعياً أو معنوياً. 

نقض 1990/6/6 طعن 573 س 56 ق.

ومفاد نصوص المادتين (786)، (792) من قانون المرافعات أنه إذا كان الدين الثابت في ذمة المدين مبلغاً من المال وأراد أن يبرئ ذمته من هذا الدين بعرضه علي دائنه حال المرافعة فإنه يجب أن يكن هذا العرض نقوداً دون غيرها فإذا كان المشتري قد أودع خلال المرافعة شيكاً لأمر البائع واعتبر الحكم هذا الإيداع وفاء بالثمن مبرئاً لذمة المشتري من الدين فإنه يكون قد خالف القانون، ذلك لأن الشيك وإن كان يعتبر أداة وفاء إلا أن الالتزام المترتب في ذمة الساحب لا ينقضي بمجرد سحب الشيك بل بقيام المسحوب عليه بصرف قيمته للمستفيد.

نقض 1957/6/13 الطعنان رقما 246 ، 247  س 23 ق.

إجراءات العرض الحقيقي:

يتم العرض الحقيقي، بالنسبة لمحل الالتزام الذي يمكن تسليمه کمبلغ من النقود، بورقة من أوراق المحضرين تتضمن البيانات المتعلقة بهذه الأوراق، تعلن علي يد محضر للدائن لشخصه أو في موطنه، وتشتمل علي بيان الشيء المعروض وشروط العرض، فإذا قبل الدائن الشيء المعروض بذات الشروط التي أعلن بها، أثبت المحضر ذلك في محضر العرض وسلم الشيء المعروض للدائن، فإن لم يكن الدائن موجوداً في موطنه، فلا يجوز العرض على أحد الموجودين بالموطن إلا إذا كان وكيلاً عن الدائن وكالة تجيز له قبض المعروض وأبرز هذا التوكيل وتحقق المحضر من شخصية الوكيل، وأثبت ذلك في محضر العرض، وبتسليم الوكيل للمعروض تبرأ ذمة المدين. فإن لم يوجد الدائن أو وكيل عنه، أثبت المحضر ذلك وقام بإيداع المبلغ المعروض خزينة المحكمة وإعلان الدائن بصورة من محضر الإيداع خلال ثلاثة أيام من تاريخه عملاً بالمادة (488) من قانون المرافعات.

وتنص المادة (332) من القانون المدني على أن يكون الوفاء للدائن أو لنائبه، كما تنص المادة (333) منه على أنه إذا كان الوفاء لشخص غير الدائن أو نائبه ، فلا تبرأ ذمة المدين.

وقضت محكمة النقض بأن الدفع بعدم صحة إجراءات العرض والإيداع مقرر لمصلحة الدائن وحده ولا يقبل من غيره التمسك به .

نقض 1982/11/11 طعن 1660 س 47 ق .

ولما كان العرض الحقيقي هو وفاء للدين سواء قبله الدائن أو رفضه، وإن كان هذا الوفاء يتم بطريق رسمي بموجب محضر، فلا يختلف في مرماه عن الوفاء المباشر، ولذلك يجب أن يتم للدائن أو لنائبه وإلا كان غير مبرئ للذمة، ويترتب على ذلك أن المحضر إذا لم يجد الدائن أو نائبه، فلا يجوز أن يقوم بالعرض علي شخص آخر إذ لو قبل العرض ما أدي ذلك إلي براءة ذمة المدين طالما أن الأخير غير مفوض بوجه رسمي في قبول العرض. انظر بهذا المعنى. نقض 1983/3/14 وقارن نقض 1989/6/11 فيما تقدم.

أما إذا رفض الدائن العرض، أثبت المحضر ذلك في محضر العرض وقام بإيداع المعروض إن كان نقوداً خزانة المحكمة، فإن كان شيئاً غير النقود، جاز للمدين أن يطلب من قاضي الأمور المستعجلة الترخيص في إيداعه وفقاً للمادة (488) .

فإن كان الشيء المعروض مما لا يمكن تسليمه في موطن الدائن، تم عرضه بمجرد تكليفه وإنذار علي يد محضر بتسلمه بالمكان الكائن به، فإذا رفض الدائن العرض، جاز للمدين أن يطلب من قاضي الأمور المستعجلة الترخيص في إيداعه أو وضعه تحت الحراسة وفقاً للمادة (488) من قانون المرافعات، وبذلك تتوافر إجراءات العرض والإيداع للشيء الذي لا يمكن نقله إلي موطن الدائن، وبه تبرأ ذمة المدين من تاريخ التكليف طالما أعقبه إيداع أو حراسة، ويجوز للمدين في هذه الحالة إذا كان هناك التزام مقابل أن يشترط عدم تسليم الشيء المودع إلا بعد قيام الدائن بتنفيذ التزامه المقابل، كما في دعوى فسخ البيع وما يترتب عليها من رد المبيع للبائع والثمن للمشتري، فيقوم المشتري بطلب الترخيص بإيداع المبيع أو وضعه تحت الحراسة على ألا يسلم للبائع إلا بعد قيام الأخير برد الثمن.

الصفة في قبول العرض :

المقرر أن الوفاء بالالتزام لا يبرئ ذمة المدين إلا إذا تم الشخص الدائن أو لنائبه المفوض في قبول هذا الوفاء، وفقاً للمادة 333 من القانون المدني. ولما كان العرض والإيداع يقومان مقام الوفاء، وبالتالي يجب أن يتم العرض علي الدائن شخصياً أو على وكيل له مفوض في استيفاء الدين، يستوي أن يكون العرض عن طريق المحضر أو أمام المحكمة، وبالتالي إذا توجه المحضر إلي موطن الدائن، فلم يجده، فلا يجوز له عرض الدين علي أي ممن يجوز تسلیمه ورقة الإعلان إلا إذا كان وكيلاً عن الدائن بموجب سند يجيز له قبول العرض، فإن لم يجد المحضر الدائن أو وكيل مفوض في قبول العرض، امتنع عليه عرض الدين علي أي من المقيمين مع الدائن، ووجب عليه إيداعه خزينة المحكمة. وراجع نقض 1983/3/14 ، 1989/6/11 فيما يلي. فان قام المحضر بعرض الدين علي غير الدائن أو نائبه ، فقبل العرض وتسلم الدين، فلا يترتب على ذلك براءة ذمة المدين إلا إذا أقر الدائن هذا الوفاء، وذلك عملاً بالمادة 333 من القانون المدني، وقد يكون الإقرار صريحاً أو ضمنياً.

وأن محضر العرض بمثابة ورقة من أوراق المحضرين، إلا أنه يختلف عنها من حيث الآثار المترتبة عليه، إذ يتضمن تصرفاً قانونياً يتمثل في الوفاء بالتزام مما يجب أن تتوافر في من يقبله الصفة في استيفاء الدين، أما ورقة الإعلان فلا تتضمن ذلك وينحصر أثرها في إعلام المعلن إليه بما تضمنته، وأقام القانون قرينة قاطعة علي تحقق هذا العلم بتسليم الورقة لأحد المقيمين مع المراد إعلانه، ولم يقدم القانون قرينة على قبض الدائن المبلغ المعروض على أحد المقيمين معه ما لم يكن مفوضاً في قبول العرض.

 استلام الشيك يغني عن العرض والإيداع:

أن الدين إذا كان مبلغاً نقدياً، وامتنع الدائن عن إعطاء مخالصة تبرئ ذمة المدين منه، وجب على الأخير أن يقوم بعرض المبلغ النقدي على الدائن عرضاً حقيقياً ثم إيداعه خزينة المحكمة، وحينئذ تبرأ ذمته، فإن لم يلتزم بذلك وقام بعرض شيك ولو كان مصرفياً مقبول الدفع، ورفضه الدائن، فلا تبرأ ذمة المدين حتى لو أخطأ قلم الكتاب وقبل إيداعه الانحصار الإيداع في النقود المعروضة.

أما إذا كان الدائن قد قبل الوفاء بشيك مؤجل وتسلمه، فإن هذا الوفاء يكون معلقاً على شرط وجود رصيد في تاريخ استحقاق الشيك، وبوجود هذا الرصيد تبرأ ذمة المدين حتى لو لم يتقدم الدائن لصرف المبلغ المسحوب به الشيك طالما ظل رصيد المدين كاف، وبهذا الوفاء ينقضي التزام المدين، ولا يكون في حاجة إلى الوفاء مرة أخرى بطريق العرض والإيداع، ويكفيه تقدم الدليل على تسلم الدائن الشيك ووجود رصيد له يكفي للوفاء به.

ولا يجوز للدائن في هذه الحالة أن يستند إلى عدم صرف قيمة الشيك، لأن ذلك يرجع إليه هو لعدم تقديمه البنك، طالما كان الرصيد كاف حتى إبداء هذا الدفاع.

الوفاء بالأشياء المعينة بالذات :

إذا كان محل الوفاء نقوداً، ورفض الدائن قبضها، أنذره المدين بقبضها ثم يقوم بعرضها عليه عرضاً حقيقياً فان ظل علي رفضه قام المحضر بإيداعها خزينة المحكمة شاملة فوائدها حتى يوم الإيداع وذلك في اليوم التالي للعرض ثم يقوم المحضر بإعلان الدائن بصورة محضر الايداع في ظرف ثلاثة أيام من تاريخه «م 1/488 مرافعات». ويقوم محضر العرض مقام الإعذار.

أما إن كان محل الوفاء شيئاً معيناً بالذات، وكان يمكن نقله إلى الدائن بواسطة المحضر، كالمجوهرات والأوراق المالية، تم عرضه بالنسبة للنقود، فإن رفض الدائن قبوله، استصدر المدين أمراً علي عريضة من قاضي الأمور الوقتية وفقاً للمادة 336 مدني أو حكماً من قاضي الأمور المستعجلة وفقا للمادة 2/488  مرافعات بالترخيص في إيداعه خزينة المحكمة أو بغيرها حسبما يري القاضي، وينعقد الاختصاص لقاضي محكمة موطن الدائن، وبهذا الإيداع يتم الوفاء بالالتزام وتبرأ ذمة المدين.

فإن كان محل الوفاء، شيئاً لا يمكن تسليمه في موطن الدائن أو كان واجب التسليم بمكان وجوده، كالعقارات أو الآلات أو السيارات، كان عرضه بتكليف الدائن على يد محضر بتسلمه ، فإن رفض، إستصدر المدين أمراً أو حكماً علي خواتهم بتعيين حارس على الشئ لحفظه، وبهذه الحراسة يتم الوفاء فتبرأ ذمة المدين من الالتزام «راجع نقض 1962/11/8 بالمادة 339» ويستوي في المنقول أن يكون معيناً بنوعه أو بذاته مادة 85 فان كان المحل غير معد للبقاء بمكانه ، كان المدين بالخيار بين تعيين حارس عليه أو إيداعه بالمكان الذي يعينه القاضي، وان كانت المادة 336 من القانون المدني تتطلب استصدار إذن من القاضي بإيداع الشيء، فلا يترتب على إيداعه دون الحصول على هذا الإذن بطلان الإيداع طالما قام المدين بإنذار الدائن بتسلمه فامتنع.

مناط خروج الثمن المودع من ذمة المشتري:

يترتب على بطلان العرض والإيداع، بقاء يد المشتري علي الثمن المودع ويكون له وحده الحق فيه، وبالتالي عدم براءة ذمته منه، ويشترط لذلك أن يتمسك البائع بهذا البطلان، باعتباره مقرراً لمصلحته، إذا شاء أبطله، فلا تبرأ ذمة المشتري من المبلغ المودع الذي يظل تحت تصرفه لعدم خروجه من ذمته وبالتالي يظل من عناصر ذمته المالية وداخلاً في الضمان العام لدائنيه ومن ثم يكون لهم الحجز عليه لعدم تعلق حق البائع به، أما إن لم يتمسك البائع ببطلان العرض والإبداع، تعين اعتباره صحيحاً مبرئاً لذمة المشتري ودخول المبلغ المودع في ذمة البائع مما يجوز معه لدائني البائع الحجز عليه، ولا تترتب هذه الآثار لمجرد تمسك البائع ببطلان العرض والإيداع . وإنما بتوافر مقومات هذا البطلان، وذلك بصدور حكم نهائي بهذا البطلان، سواء نص على ذلك صراحة أو اشتمل عليه ضمناً كما لو قضت المحكمة برفض دعوى صحة ونفاذ عقد البيع لعدم الوفاء بالثمن، إذ يدل ذلك على بطلان الإيداع رغم عدم النص عليه.

وأيضاً إذا أودع المشتري الثمن خزينة المحكمة إيداعاً مشروطاً بشروط لا يحق له اشتراطها، فإن الإيداع يكون باطلاً فلا تبرأ به ذمة المشتري ويظل المبلغ المودع من حقه فيكون له استرداده طالما لم يقبل البائع هذا الإيداع ، فإن كان الايداع غير مشروط أو مشروط بشروط يحق للمشتري اشتراطها، كان الإيداع مبرئاً لذمته وترتب عليه خروج المبلغ المودع من ذمة المشتري ودخوله ذمة البائع، وبالتالي يجوز الحجز عليه من دائني البائع دون دائني المشتري.

الحجز على الثمن المودع :

إذا وجدت علاقة دائنية بين شخصين، ثم أصبح المدين فيها دائناً للطرف الآخر مع بقاء العلاقة السابقة، فإن كل طرف يصبح دائناً ومديناً في ذات الوقت، فإذا توافرت بين الدينين شروط المقاصة القانونية انقضي الدينان بقدر الأقل منهما دون حاجة لإتخاذ أي إجراء، فإن امتنعت تلك المقاصة بأن توقع حجز على أحد الدينين أو كان الدينان غير متقابلين. كما لو كان المشتري مديناً بباقي الثمن والبائع مديناً بتسليم المبيع، وحينئذ ينشأ للمشتري الحق في حبس باقي الثمن إذا أخل البائع بأي من التزاماته بحيث إذا طالبه البائع بباقي الثمن دفع بعدم التنفيذ حتى يقوم البائع بتنفيذ التزامه، وبذلك يظل باقي الثمن في ذمة المشتري. ومتى توافرت لديه الخشية بسبب ظروف البائع، جاز له أن يحجز تحت يد نفسه على باقي الثمن فيتقدم بعريضة إلى قاضي التنفيذ لاستصدار أمر بالحجز التحفظي دون حاجة الى تقدير الدين المحجوز من أجله. لوروده على الباقي من الثمن.

ويحصل الحجز بموجب ورقة من أوراق المحضرين تعلن الي البائع باعتباره مديناً، تشتمل على بيانات أوراق المحضرين، فضلاً عن بيان أصل المبلغ المحجوز من أجله متمثلاً في باقي الثمن وتعيين موطن مختار للحاجز فى البلدة التى بها مقر محكمة المواد الجزئية التابع هو لها ليعلن به بمنازعات التنفيذ، ويرفق بالإعلان صورة إذن القاضي بتوقيع الحجز، ولا يلزم أن تتضمن البيانات الأخرى التي نصت عليها المادة 328 من قانون المرافعات والمتعلقة بالنهي عن الوفاء أو تعيين المحجوز عليه، إذ يوجه الإعلان للأخير مستوفية ما يكفي في تعيينه ، وأيضاً لا يلزم التقرير بما في الذمة إذ يعلم الحاجز بالدين الذي في ذمته للمحجوز عليه ويتبع ذلك عدم إيداع رسم محضر التقرير بما في الذمة ويتم إعلان ورقة الحجز دون سداد هذا الرسم، لكن إذا أوقع الغير حجوزاً  بعد الحجز تحت يد النفس، وجب على الحاجز الأول المشتري . وقد أصبح محجوزاً لديه بعد توقيع الحجوز الأخيرة والتزم تبعاً لذلك بكافة القواعد المقررة في حجز ما للمدين لدي الغير وتعين عليه أن يقرر بما في ذمته، مبيناً الحجوز التي وقعت تحت يده ومنها الحجز الذي أوقعه هو تحت يد نفسه.

ولما كان المحجوز لديه قد أوقع الحجز تحت يد نفسه علي كامل باقي الثمن، ثم أوقع الغير حجوزاً أخري علي باقي الثمن أيضاً، فإن المبلغ المحجوز يصبح غير كاف للوفاء بجميع الديون المحجوز من أجلها، مما يوجب . علي المحجوز لديه إيداعه خزانة المحكمة، سواء كانت الحجوز اللاحقة إدارية أو قضائية، عملاً بالمادة 31 من قانون الحجز الإداري والمادة 336 من قانون المرافعات إيداعاً مشروطاً بتنفيذ المحجوز عليه . البائع . التزاماته التي تضمنها عقد البيع ورفع الحجوز المتوقعة وتنتقل إلى المبلغ المودع الحجوز المتوقعة والحق في حبسه المقرر للمشتري، ويترتب على هذا الإيداع براءة ذمة المشتري من باقي الثمن، ولما كان إيداع المبلغ المحجوز خزانة محكمة المواد الجزئية مقرراً لمصلحة المحجوز لديه مما يجيز له إيداعه خزانة المحكمة التي تنظر دعوى صحة التعاقد.

فإذا قضى بصحة العقد مع التسليم وتبين خلو العين من بعض المواصفات التي تضمنها العقد مما يؤدي إلى استمرار المحجوز عليه في الاخلال بالتزامه ، كان المبلغ اللازم لتنفيذ هذا الشق هو الذي ينحصر فيه الحجز الموقع من المشتري، ومتي تم تقديره رضاء أو قضاء بموجب دعوى مستعجلة بإثبات الحالة وتقدير المبلغ اللازم لتنفيذ التزام البائع، قام قاضي التنفيذ بتوزيع المبلغ المودع وقسمته بين الحاجزين قسمة غرماء .

وذلك أن المشتري عندما يودع الثمن ويقيد حق البائع في صرفه بقيام الأخير بتنفيذ التزاماته محل هذا التقييد، كتقديم المستندات اللازمة للتسجيل أو تطهير المبيع من الرهن أو إجراء التشطيب وفقاً لما تضمنه عقد البيع، فإنه لا يجوز للبائع صرف المبلغ المودع إلا بعد تقديم الدليل على تنفيذ التزاماته التي تضمنها محضر الإيداع، أما قبل ذلك، فلا يكون المبلغ مستحقاً له، إذ يكون استحقاقه له معلقاً على شرط واقف، لا يتحقق إلا بتنفيذ هذه الالتزامات. ولما كانت المادة 325 من قانون المرافعات تجيز توقيع الحجز على الديون المودعة لدى غير المدين ولو كانت معلقة على شرط، فإن لدائني البائع الحق في توقيع الحجز على باقي الثمن المودع خزانة المحكمة، ولكن لا يجوز لهم التنفيذ عليه إلا إذا تحقق شرط إستحقاق المدين له بقيامه بتنفيذ التزاماته التي تضمنها محضر الإيداع، وبالتالي يتعين على قلم الكتاب أن يحرر الشهادة المنصوص عليها بالمادة 340 من قانون المرافعات وتسليمها للدائن الحاجز إن طلبها وأن يضمنها أن المبلغ المودع معلق علي شرط قيام المحجوز عليه بتنفيذ التزاماته التي تضمنها محضر الإيداع وأن التنفيذ عليه معلق علي ذلك.

فإن لم يقم البائع بتنفيذ التزاماته، جاز للمشتري استصدار حكم بالتصريح له بالقيام بها على نفقة البائع عملاً بالفقرة الثانية من المادة 209 من القانون المدني، مع استرداد قيمتها من المبلغ المودع، وهو ما يتطلب أن تتضمن الدعوى ندب خبير لتقدير قيمة التشطيب، ولا يجوز للبائع في هذه الحالة أن يطلب تنفيذ التزامه عينياً فقد امتنع عن ذلك مما اضطر معه المشتري لرفع دعواه بالتنفيذ العيني وليس بالتعويض إذ لا يجاب البائع الي طلب التنفيذ العيني إلا إذا كان المشتري قد طلب التعويض.

ومتى صدر الحكم بذلك، فإن الشرط الواقف لا يكون قد تحقق بالنسبة لتلك النفقات، فان تبقي شئ من المبلغ المودع، يستحقه البائع وكان محلاً للحجز.

أما إن لم يكن المشتري قد أوقع حجزاً تحت يد نفسه على نحو ما تقدم، أو أوقعه بعد إنقضاء خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه بالحجز الإداري، فلا ينفذ حجزه في مواجهة الجهة الإدارية إن وجد حجز إداري، ولا يكون له أثر إلا فيما زاد على دين الحاجز إدارياً عملاً بالمادة 31 من قانون الحجز الإداري، ويلتزم المشتري بأن يؤدي إلى الحاجز إدارياً ما أقر به أو ما يفي منه بحق هذا الحاجز والمصروفات أو يودعه خزانة الجهة الإدارية الحاجزة، ويعتبر هذا وفاء مبرئاً لذمة المشتري المحجوز لديه في مواجهة البائع المحجوز عليه مما يجيز للمشتري رفع دعوى صحة التعاقد استناداً للوفاء بكامل الثمن، متى استغرق هذا الوفاء كل الباقي من الثمن، فإن لم يستغرقه، وجب على المشتري أن يودع ما تبقى في ذمته خزانة المحكمة إيداعاً مشروطاً بقيام البائع بتنفيذ التزاماته على نحو ما تقدم. فان قضى بصحة العقد والتسليم وتبين أن المبلغ المودع لا يكفي لتنفيذ ما أخل به البائع، جاز الرجوع عليه بعد إثبات حالة المبيع.  

وفي الحالة التي يستصدر فيها المشتري أمراً بالحجز التحفظي، من قاضي التنفيذ، يتعين عليه أن يرفع الدعوى بثبوت الحق وصحة الحجز أمام المحكمة المختصة خلال ثمانية الأيام التالية لاعلان المدين «البائع» بهذا الحجز، وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن، وتتمثل دعوى الحق في هذه الحالة، في دعوي صحة ونفاذ عقد البيع والتسليم، وهو ما يتطلب إيداع باقي الثمن على نحو ما تقدم .

ومثل المشتري في المثال المتقدم، المحال له بحق معين لقاء تحريره سندات إذنية بمبلغ مقسط كمقابل لهذا الحق، بحيث إذا أخل المحيل بالتزامه كما لو تعرض للمحال له، جاز للأخير، متى توافرت الخشية اللازمة لتوقيع الحجز التحفظي، أن يوقع حجزاً تحفظياً تحت يد نفسه على المبالغ التي تضمنتها السندات التي لم يتم الوفاء بقيمتها بعد، ثم يرفع دعوى الحق وصحة الحجز متمثلة في دعوى الفسخ وصحة الحجز.

ولا يقتصر الحجز تحت يد النفس علي الديون، وإنما يمتد إلي المنقولات التي تكون تحت يد الحاجز، سواء كانت معارة أو وديعة لحفظها أو إصلاحها، وحينئذ يتعين أن يتضمن الإذن بالحجز، تقديراً للدين المحجوز من أجله تقديراً مؤقتاً متمثلاً في نفقات الحفظ والصيانة والإصلاح، ثم يرفع الحاجز دعوى ثبوت الحق وصحة الحجز أمام المحكمة المختصة قيمياً ومحلياً، وذلك خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلان الحجز إلي المحجوز عليه وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن.  

فإن كان إيداع المشتري للثمن غیر مشروط، اعتبر وفاء لدائنه، مما يحول دون دائني المشتري وتوقيع الحجز على الثمن المودع إذ يكون الايداع هنا مخصصاً للوفاء بدين البائع والمقرر أنه يجوز للمدين أن يودع الدين مع تخصيصه للوفاء لدائن معين، فيختص الأخير وحده به مما يحول دون توقيع الحجز عليه من دائن آخر.

أما دائنو البائع، فيجوز لهم توقيع الحجز علي الثمن المودع طالما كان الايداع غير مقيد، فإن كان مقيداً بشروط يجوز للمشتري فرضها، فلا يجوز الحجز.

ذلك أن المشتري عندما يودع باقي الثمن ويقيد حق البائع في صرفه بقيام الأخير بتنفيذ التزاماته المنوه عنها بمحضر الإيداع، كتقديم المستندات اللازمة للتسجيل أو تطهير المبيع من الرهن أو الاختصاص أو الامتياز أو تسليمه المبيع وفقاً للتشطيبات المتفق عليها بالعقد، فلا يجوز للبائع صرف المبلغ المودع إلا بعد تقديم الدليل علي تنفيذ التزاماته ، أما قبل ذلك فلا يكون المبلغ مستحقا له باعتباره حقاً معلقاً على شرط واقف، ولما كانت المادة 325 من قانون المرافعات تجيز توقيع الحجز على الديون المودعة لدى غير المدين ولو كانت معلقة على شرط، فإن لدائني البائع - دون دائني المشتري - الحق في توقيع الحجز على باقي الثمن المودع خزانة المحكمة، ولكن لا يجوز لهم التنفيذ عليه إلا إذا تحقق الشرط واستحق البائع باقي الثمن، ويترتب على ذلك أن يقوم قلم کتاب المحكمة بتحرير الشهادة المنصوص عليها في المادة 340 من قانون المرافعات وتسليمها للحاجز إن طلبها وأن يضمنها أن المبلغ المودع معلق علي شرط قيام المحجوز عليه بتنفيذ التزاماته التي تضمنها محضر الإيداع.

فان ظل البائع على امتناعه عن التنفيذ، جاز للمشتري استصدار حكم يرخص له بالقيام بتنفيذ تلك الالتزامات عيناً علي نفقة البائع في حدود المبلغ الذي تحدده المحكمة وفقاً لتقرير خبير إثبات الحالة إن كان المشتري سبق له رفع دعوى باثبات حالة المبيع وقت استلامه وتحديد المبلغ اللازم لإجراء التشطيبات التي تضمنها عقد البيع، فإن لم يكن المشتري قد رفع تلك الدعوى، ندبت المحكمة خبيراً للقيام بتلك المأمورية، ومتي حددت المحكمة المبلغ اللازم لذلك، فانه يكون قد خصص لإجراء تلك التشطيبات تنفيذاً الالتزام البائع فلا يرد عليه حجز أو حوالة إلا فيما جاوزه، ولما كان الحجز قد توقع على المبلغ المودع، فانه يتعين عدم صرف المبلغ اللازم لتنفيذ التزام البائع إلا بعد رفع الحجز عنه بحكم من قاضي التنفيذ بطلب بطلان الحجز في حدود هذا المبلغ. حتى يتمكن المشتري من تنفيذ الحكم الصادر له بالتنفيذ العيني على نفقة البائع من المبلغ المودع.

 حالات صحة الإيداع الذي لا يسبقه عرض :

أن المدين لا تبرأ ذمته من الدين إلا إذا قام بعرض الدين عرضاً حقيقياً على الدائن، فإن رفض الدائن هذا العرض، قام المدين بإيداع الدين، بالمكان الذي يحدده القاضي في الحالات التي يوجب القانون استئذانه في الإيداع كما في المنقولات، أما إن كان المعروض نقوداً، قام المحضر بإيداعها خزينة المحكمة بعد رفض الدائن قبضها. وقلنا أنه إذا قام المدين بإيداع الدين مباشرة دون عرضه، فإن ذلك لا يبرئ ذمته، ويكون الايداع غير صحيح لأنه لم يسبقه عرض، ولكن إذا قبله الدائن، قضي الدين ويتحمل المدين مصاريفه إذ يشترط لإلزام الدائن بها أن يكون العرض والايداع صحيحين ولكن قد يتعذر علي المدين إعذار الدائن أو عرض الدين عرضاً حقيقياً عليه، ولذلك أجاز له القانون أن يودعه مباشرة دون عرض أو يقوم بإجراء يماثل الإيداع كالحراسة أو إيداع الثمن وذلك عند حلول الدين، بحيث تبرأ ذمته بهذا الايداع ويتحمل الدائن مصاريفه في الحالات التالية :  

(1) إذا كان المدين يجهل شخصية الدائن أو موطنه : فقد يتوفي الدائن وينتقل الدين إلى ورثة لا يعرفهم المدين، وقد يعرفهم المدين ولكنهم لا يتفقون جميعاً على شطب الرهن .

(2) إذا كان الدائن عديم الأهلية أو ناقصها : ولا يوجد نائب يستوفي الدين، يستوي أن يكون الدائن كذلك وقت نشوء الدين، أو أن الدين إنتقل إليه وهو بهذه الحالة، كأن يكون وارثاً إنتقل الدين إليه بعد وفاة مورثه.

(3) إذا كان الدين متنازعاً عليه بين عدة أشخاص ولم يتيسر للمدين التثبت من صاحب الحق من بينهم، أما إن تثبت من صاحب الحق، وجب عليه أن يوفيه حقه بالطرق الودية أو عن طريق العرض والايداع وإلا فيظل ملزماً قبله بالدين رغم لجوئه مباشرة للإيداع وتظل الفوائد سارية في حقه ويلتزم المصاريف، مثال ذلك، أن يكون الحق تمت حوالته مرتين، فإن صاحب الحق فيه هو من يعلن المدين أولا بحوالته، وتكون منازعة المحال له الآخر غير جدية.

(4) إذا وجدت أسباب جدية تبرر الإيداع دون عرض : ذلك أن الأصل في المعاملات أن يقوم المدين بالوفاء مباشرة بالتزامه للدائن، لكن قد لا يلتزم الدائن بما يقتضيه حسن النية في المعاملات، فيمتنع عن قبول الوفاء حتي يثبت أن المدين قد قصر في تنفيذ التزامه ليتخذ من ذلك ذريعة لطلب الفسخ. وحينئذ يسلك المدين إجراءات العرض الحقيقي الذي يعقبه إيداع عندما يكون المعروض نقوداً، ويتمكن بذلك من الوفاء بالتزامه وبراءة ذمته منه ، فإن كان المعروض من غير النقود لجأ للدعوي المستعجلة للترخيص له بالإيداع أو وضع المعروض تحت الحراسة وهو ما يقوم مقام الإيداع المبرئ للذمة.

وقد يماطل الدائن، فيمتنع عن تنفيذ التزامه المقابل أو يتعرض للمدين على نحو يولد الخشية لدى الأخير، ويقصد من ذلك، التحلل من الرابطة العقدية أو تحقيق مصالح له تتعارض مع التزاماته كما لو كان بائعاً لعقار وقبض جزء من الثمن ويداين المشتري بالباقي منه الذي يستحق في الموعد المتفق عليه للتسليم وتقديم مستندات الملكية لإشهار العقد. وعند حلول الموعد يمتنع عن ذلك، وحينئذ يرفع المشتري دعوى بصحة ونفاذ العقد والتسليم، وهو ما يتطلب سداد كامل الثمن، فيلجأ المشتري الي إيداع باقي الثمن خزانة المحكمة بعد أن تصرح له بذلك إيداعاً مشروطاً بتقديم مستندات الملكية ليتمكن من التأشير بالحكم على هامش تسجيل الصحيفة وهوما يتطلب تقديم هذه المستندات إذ يتم تسجيل الصحيفة بدونها أو يشترط صدور حكم نهائي في الدعوى وتسجيله وتسليم المبيع بالتشطيبات التي تضمنها عقد البيع وهي شروط يحق للمشتري فرضها إذ لا يتم تسجيل الحكم بدون تقديم هذه المستندات وأن التشطيبات المتفق عليها من حق المشتري.

وقد يلتزم البائع بشطب القيود التي علي العقار المبيع أو يرتب رهناً عليه بعد البيع أو يعيد التصرف فيه، وفي هذه الحالات تتولد لدى المشتري الخشية من نزع المبيع منه، ويحق له تبعاً لذلك أن يوفي بباقي الثمن بطريق الإيداع المباشر دون أن يسبقه عرض ويشترط إزالة هذا التعرض قبل قبض المبلغ المودع، وهو شرط صحيح ومشروع ويجوز للمدين فرضه علي الدائن، ويكون مبرئاً لذمته مما يحول دون الدائن وطلب الفسخ والادعاء ببطلان الايداع.

ومتى أخل الدائن بتنفيذ التزامه المقابل، جاز للمدين حبس التزامه والدفع بعدم تنفيذه إذا ما رجع عليه الدائن عملاً بالمادتين 161 ، 246  من القانون المدني، ويكون الوفاء به عن طريق إيداعه دون أن يسبقه عرض التوافر الأسباب الجدية التي تبرر هذا الإجراء، فقد جرى نص المادة 338 من ذات القانون على أن يكون الإيداع جائزاً دون أن يسبقه عرض إذا كانت هناك أسباب جدية تبرر ذلك، ويتم الإيداع في الحالات المتقدمة بترخيص من المحكمة التي تنظر الدعوى المرفوعة من الدين الألزام الدائن بتنفيذ التزامه، ولا يلزم هذا الترخيص في حالة رفض الدائن للعرض إذ يقوم المحضر بالإيداع عملا بالمادة 487 من قانون المرافعات، وإذا تم الإيداع بدون هذا الترخيص فلا بطلان لمجرد عدم الترخيص. ولكن إذا انتفت مبررات الإيداع الذي لم يسبقه عرض على نحو ما تقدم كان باطلاً وغير مبرئ لذمة المدين. ولا يحول دون هذا البطلان، أن تكون المحكمة قد رخصت بالايداع إذ ليس من شأن هذا الترخيص تصحيح إجراء باطل.

إيداع الثمن دون عرضه في حالة فسخ البيع :

نص المادة 338 من القانون المدني يجيز للمدين الوفاء بدينه عن طريق إيداعه مباشرة دون عرضه على الدائن إذا كانت هناك أسباب جدية تبرر ذلك ومن هذه الأسباب. علي ما صرحت به المذكرة الإيضاحية - حالة ما إذا كان المدين يطالب بإلتزام مقابل لم يتيسر له استيفاؤه قبل تنفيذ التزامه ومن ثم يكون للبائع بعد فسخ البيع في حالة رفض المشتري تسليمه المبيع مقابل استيفائه ما دفعه من الثمن أن يوفي بالتزامه برد الثمن الذي قبضه عن طريق إيداعه مباشرة لذمة المشتري ډون حاجة إلى عرضه عليه. نقض 1968/1/27 طعن 493 س 34 ق .

إيداع الثمن دون عرضه في حالة إخلال البائع بالتزامه :

إذا كان المشتري يطالب بالتزام مقابل لم يتيسر له استيفاؤه من البائع، فله أن يقوم بالإيداع مباشرة علي ذمة البائع دون حاجة إلى عرضه عليه. نقض 1983/1/4 طعن 8989 س 49 ق .

تقدير الأسباب التي تبرر الإيداع دون عرض :

تقدير جدية الأسباب التي تبرر الإيداع دون عرض، وتقدير سلامة الشرط الذي يسوغ الايداع به هو مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب من محكمة النقض متى أقامت ذلك على أسباب سائغة. نقض 1996/2/25 طعن 3655 س 60 ق ، نقض 1992/5/18 طعن 69 س 55 ق.

الدعوى الفرعية بصرف المبلغ المودع:

يجوز للمدين أن يودع الدين خزينة المحكمة مباشرة دون عرضه على الدائن عندما يخل الأخير بالتزاماته المقابلة حتى لا يقبض الدين ويظل على إخلاله بالتزاماته. ويكون الإيداع حينئذ مشروطاً بتنفيذ هذه الالتزامات، فإذا اعترض الدائن وقرر أنه قام بتنفيذ التزاماته ومن حقه صرف المبلغ المودع. كان هذا الطلب بمثابة دعوى فرعية تفصل فيها المحكمة، بحكم مستقل أو مع الحكم الذي تصدره في الدعوى الأصلية.

خصم رسم الإيداع من المبلغ المعروض:

إذا قام المدين بعرض الدين عرضاً حقيقياً، جاز له أن يضمن محضرالعرض شرطاً بخصم رسوم الإيداع في حالة رفض العرض أو عدم القبض لأي سبب كعدم وجود الدائن أو وكيل مفوض في قبول العرض، وحينئذ يجب على المحضر أن يسدد رسوم الإيداع من المبلغ المعروض دون أن يؤثر ذلك في صحة الإيداع طالما أن رفض العرض لم يكن له ما يسوغه.

كما يجوز للمدين خصم رسم الإيداع إذا قام بالإيداع دون عرض إن كان الدائن لم يقم بتنفيذ التزامه المقابل أو توافرت الخشية من استحقاق المبيع على نحو ما تقدم فإن لم يستعمل المدين هذا الحق وأودع الدین کاملاً، جاز له الرجوع علي الدائن برسم الإيداع، إما بدعوي مبتدأة أو بطلب عارض في الدعوي محل الإيداع و تفصل فيه المحكمة عندما تتصدى لصحة العرض، فإن تبين لها توافر إخلال الدائن بالتزامه أو الخشية، حملته رسم الإيداع ورخصت للمدين في استرداده من خزينة المحكمة في حالة الطلب العارض، أو إلزام الدائن به في حالة الرجوع عليه بدعوى مبتدأة. وإن كان الإيداع غير مبرئ للذمة فلا يتحمل الدائن الرسم.

وقضت محكمة النقض بأن المقرر أن مصروفات العرض والإيداع تكون على الدائن إذا حكم بصحة العرض والإيداع وكان الأخير متعسفاً في عدم قبول العرض بأن رفضه يغير مسوغ قانوني. نقض 1987/3/26 طعن 257 س 43 ق.

ولن يؤثر في صحة العرض والإيداع خصم رسم الإيداع من المبلغ المعروض طالما أن رفض العرض لم يكن هناك ما يسوغه. نقض 1989/6/11 طعن 437 س 57 ق.

نصاب الاستئناف عند العرض الفعلي الجزئي:

إذا تضمنت الدعوى طلباً واحداً تمثل في مبلغ من النقود أو في منقولات مثلية، وقام المدعى عليه بعرض جزء منها عرضاً فعلياً، فإن نصاب الاستئناف يتحدد بالنظر إلى قيمة الباقي من الدين، سواء قبل المدعي هذا العرض أو رفضه ، إذ يصبح هذا الجزء غیر متنازع فيه ولم يعلق المشرع تحديد نصاب الاستئناف على قبول العرض اكتفاء بعرضه عرضاً فعلياً، فإن رفض قام المحضر بإيداعه إن كان من النقود خزينة المحكمة عملاً بالمادة (488) من قانون المرافعات وكان ذلك وفاء، ويجب أن يتم العرض قبل صدور الحكم، إذ في هذه الحالة يكون المدعى عليه قد أقر بالمبلغ المعروض فيصبح غير متنازع فيه ومتى صدر الحكم بكل الدين، تعين استبعاد المبلغ السابق عرضه عند تحديد نصاب الاستئناف فإن كان المبلغ المطالب به عشرين ألف ورفض قاض الأداء إصدار أمر بأدائه وقام المدين عند إعلانه بأمر الرفض أو أثناء نظره بعرض عشرة آلاف عرضاً فعلياً على الدائن، ثم صدر الحكم بإلزام المدين بمبلغ عشرين ألف، فإن الطعن في هذا الحكم لا يكون جائزاً، إذ يكون صادراً في حقيقة الواقع بمبلغ عشرة آلاف بعد استبعاد مبلغ العشرة السابق عرضه، وبذلك يكون صادراً في حدود النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي .

ويسرى ذلك إذا كان محل الالتزام منقولات معينة بذاتها أو بنوعها ومقدارها، على نحو ما نصت عليه المادة (487) وما بعدها من قانون المرافعات.  

مناط وقف التنفيذ بالعرض الحقيقي :

يحصل العرض الحقيقي بإعلان الدائن على يد محضر ويشتمل محضر العرض على بيان الشيء المعروض وشروط العرض وقبول المعروض أو رفضه، ويحصل عرض ما لا يمكن تسليمه من الأعيان في موطن الدائن بمجرد تكليفه على يد محضر بتسلمه ، فإذا رفض العرض وكان المعروض نقوداً قام المحضر بإيداعها خزانة المحكمة، وإذا كان المعروض شيئاً غير النقود جاز للمدين أن يطلب من قاضي الأمور المستعجلة الترخيص بإيداعه في مكان يعينه القاضي إذا كان الشيء مما يمكن نقله، فإن كان معداً للبقاء حيث وجد جاز طلب وضعه تحت الحراسة، وذلك عملاً بالمادتين (487)، (488) من قانون المرافعات.  

وإذ تنص الفقرة الأولى من المادة (313) من قانون المرافعات على أنه لا يترتب على العرض الحقيقي وقف التنفيذ إذا كان العرض محل نزاع، ويعتبر العرض محل نزاع إذا كان الدائن قد رفض قبوله، لأنه إن لم يكن كذلك لقبله الدائن.

فإن اتخذ المحكوم له إجراءات التنفيذ اقتضاء للدين محل السند التنفيذي، فاستشكل المحكوم عليه واستند إلي محضر العرض، فإذا تبين منه قبول الدائن له، كان ذلك وفاء قد تم بعد صدور الحكم يترتب عليه انقضاء الدين، وحينئذ يوقف المحضر التنفيذ ويحدد جلسة لنظر الإشكال. أما إذا تبين له أن الدائن قد رفض العرض، دل ذلك علي منازعته فيه وبالتالي لا يؤدي هذا العرض إلي وقف التنفيذ فيمضي المحضر فيه عملاً بالفقرة الأولي من المادة (313) سالفة البيان حتى لو كان هذا الإشكال هو الإشكال الأول، لأن المنازعة في العرض تدل على عدم قبول الدائن للوفاء وهو ما يكفي لعدم وقف التنفيذ طالما لم يستصدر المدين حكماً في مواجهة الدائن بصحة العرض والإيداع، إذ يترتب على صدور حكم بذلك بعد رفض العرض. أن يلتزم به قاضي التنفيذ ولو كان ابتدائياً، لأن مثل هذا الحكم يحوز حجية الأمر المقضي فور صدوره ولو لم يصبح نهائياً بعد، وتتقيد كافة المحاكم بحجيته فيما عدا المحكمة التي تنظر الطعن المرفوع عنه، وبالتالي لا يجوز لقاضي التنفيذ التصدي لمدي جدية هذا العرض، وإنما يقضي في الإشكال ملتزماً بتلك الحجية ومقتضاها عدم المنازعة في العرض الذي كان قد رفضه الدائن، ومن ثم يوقف التنفيذ.

وليس للمحضر سلطة تقديرية عندما يتمسك المدين بمحضر العرض الذي رفضه الدائن، إذ تتحقق المنازعة التي غنتها الفقرة الأولي من المادة (313) من قانون المرافعات بمجرد هذا الرفض حتى لو كان المبلغ المودع معادلا للدين الذي تضمنه السند التنفيذي أو كان الشيء المعروض هو ذاته الذي قضي بتسليمه، إذ تعتبر المنازعة خصومة يتعين طرحها على قاضي التنفيذ ليفصل فيها من ظاهر الأوراق، فإن خلص إلي أن العرض يقضي التزام المدين من حيث الأصل والفوائد والمصاريف التي تكبدها الدائن حسبما تضمنه السند التنفيذي، فإنه لا يقضي بهذا الانقضاء وببراءة ذمة المدين المساس ذلك بأصل الحق، وإنما يقضي بوقف التنفيذ مؤقتاً تاركاً التصدي الأصل الحق للقضاء الموضوعي، سواء تعلق ذلك بانقضاء الدين وبراءة الذمة، أم تعلق بصحة العرض والإيداع. وتنقضي ولاية قاضي التنفيذ بالتصدي للإشكال، فلا يكلف المستشكل برفع الدعوى الموضوعية سواء ببراءة الذمة أو بصحة العرض والإيداع، ويري راتب صفحة 220 أنه يتعين علي قاضي التنفيذ عند الحكم بالإيقاف أن يكلف المدين برفع دعوى بصحة العرض أمام محكمة الموضوع المختصة في مدة يحددها له إن لم يكن قد رفعها.

أما إذا خلص قاضي التنفيذ إلي أن العرض المتنازع فيه لا يقضي التزام المدين من حيث المقدار إن كان نقوداً، أو من حيث النوع والجودة إن كان من غير النقود كالمثليات المقضي بتسليمها. أو لوروده علي غير ما التزم به المدين کالمنقولات القيمية وهي التي لا يقوم بعضها مقام بعض في الوفاء. فإنه يقضي برفض الإشكال والاستمرار في التنفيذ طالما لم يصدر حكم بصحة العرض والإيداع علي نحو ما تقدم، فلا يكفي لوقف التنفيذ في حالة المنازعة في العرض أن يكون المدين قام بالعرض والإيداع ورفع دعوى موضوعية بصحته طالما لم يصدر حكم فيها.

وينظر قاضي التنفيذ للعرض المتنازع فيه من كافة أوجهه، نظرة عابرة ولكنها لا تختلف عن نظرة قاضي الموضوع من حيث التحقق من استيفاء العرض للشروط التي يتطلبها القانون لاعتباره صحيحاً مبرئاً لذمة المدين من التزامه، فإن خلص إلى تخلفها، قضي برفض الإشكال والاستمرار في التنفيذ، فقد يخلص إلي أن المدين أودع الدين بما يكفي لبراءة ذمته منه دون عرضه على الدائن عرضاً حقيقياً وقيد صرفه له بقيود لا يقره القانون عليها، وحينئذ تعتبر المنازعة قائمة على أساس صحيح، فيقضي برفض الإشكال والاستمرار في التنفيذ، ويستند في كل ذلك إلي ظاهر الأوراق بعد أن يورد نصوصها واستخلاصه للبادي منها وهو تسبیب جائز قانوناً له تمكينا له من التصدي للإشكال، خلافاً لمحكمة الموضوع التي تقطع في دلالة المستندات وما تستخلصه منها من أدلة وقرائن، كما يجوز لقاضي التنفيذ أن يورد النصوص القانونية وما يتعلق بها من تقریرات قانونية، فتلك لا تحوز حجية ولا تعد مساساً بالموضوع أو أصل الحق.

وإذا قام المدين بإيداع الدين خزانة المحكمة مباشرة دون عرضه علي الدائن عرضاً حقيقياً، وشمل الإيداع مصاريفه والفوائد وصرح بصرف المبلغ المودع للدائن دون قيد أو شرط ودون نعي من الأخير علي هذا الإيداع، جاز لقاضي التنفيذ في هذه الحالة أن يوقف التنفيذ استناداً إلي وفاء المدين بالتزامه، وحينئذ يجوز للدائن تسلم المبلغ المودع على ذمته دون حاجة للتصريح له بذلك من قاضي التنفيذ لخلو نصوص القانون من هذا القيد متى كان الدائن قد قبل العرض إذ يحول ذلك دون المدين واسترداد المبلغ، أما إن لم يكن الدائن قد قبل العرض، فلا يعتبر الإيداع مبرئاً لذمة المستشكل ومتى حكم قاضي التنفيذ بوقف التنفيذ استنادا لعرض المدين ما ألزمه الحكم به، فإن ذلك وحده يكفي لصرف المبلغ المودع للدائن وامتناع استرداد المدين له وفقاً لحجية الحكم بوقف التنفيذ ودلالته.

وإذا قام المدين بعرض الدين علي الدائن أثناء نظر الإشكال، جاز القاضي التنفيذ أن يأمر بوقف التنفيذ مؤقتاً مع إيداع المبلغ المعروض أو مبلغ أكبر منه يحدده خزانة المحكمة على ذمة الدائن، وحينئذ يتسلمه كاتب الجلسة بعد إثباته في محضرها ويودعه تلك الخزانة بمحضر إيداع ينقل من محضر الجلسة.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء العاشر، الصفحة :  561)

الأصل أن يتم الوفاء اتفاقاً بين الموفي والموفي له فهو تصرف قانوني يشترط فيه ملكية الموفي لما يفي به وأهليته للتصرف والموفي قد يكون المدين وقد يكون غير المدين فإذا كان الموفي غير المدين أو نائبه تعين أن تكون له مصلحة في وفاء الدين كالمدين المتضامن إذا وفي بجميع الدين وقد لا تكون له مصلحة إطلاقاً ويغلب من الناحية القانونية أن يكون فضولياً وقد يمتنع المدين عن قبول دينه دون مبرر وفي هذه الحالة يقوم العرض الحقيقي والإيداع محل الوفاء وفق ما نصت عليه المادة 334 مدنی.

والعرض والإيداع لهما شروط موضوعية وشروط إجرائية والعرض الحقيقي هو الوسيلة القانونية لإبراء ذمة المدين ومن ثم يتعين أن يتوافر فيه الشروط لمقررة في الوفاء المبرئ للذمة وهي :

1- أن يتم العرض من صاحب الصفة في الوفاء على صاحب الصفة في استيفاء الحق مع مراعاة الاستثناءات المقررة في القانون المدني ومقتضاها جواز القيام بالوفاء من غير المدين (م 323 مدني وما بعدها ).

2- أن يتم العرض من ذي الأهلية على ذي أهلية مع مراعاة حكم المادة 325 مدني.

3- ألا يتطلب الوفاء تدخلاً شخصياً من جانب المدين على النحو المقرر في المادة 208 من القانون المدني.

4- أن يكون المعروض مملوكاً للمدين، إذ القاعدة أنه يشترط لصحة الوفاء أن يكون الموفي مالكاً للشئ الذي وفى به (م 325/ 1 مدني ) .

5- أن يشمل العرض الدين جميعه وتوابعه لأن المدين لا يجبر على قبول الوفاء الجزئي إلا أنه إذا نقص المعروض نقصاً طفيفاً جاز الحكم مع ذلك ببراءة ذمة المدين بقدر ما عرض.

6- ألا يكون الوفاء مؤجلاً لمصلحة الدائن كما إذا كان قرضاً بفائدة لمدة معينة.

7- أن يكون العرض بمبلغ من الدين إذا كان الدین نقوداً لذلك فإن محكمة النقض اعتبرت أن العرض بشيك لحساب الدائن غير مبرئ لذمة المدين.

8- ألا يكون العرض مقترناً بأي شرط مفسد له ومخالفاً طبيعته ومرماه ما لم تكن طبيعة الالتزام تقتضي ذلك كما إذا اشترط المدين قبول الدائن شطب دين الرهن .

فإذا قبل الدائن العرض ذكر المحضر ذلك في محضره وقبض الدائن الدين من يد المحضر وبذلك يتم الوفاء وتكون مصروفات العرض على الدائن إلا إذا تبين أنه لم يكن المتسبب في هذه الإجراءات وأن المدين كان متسرعا في الالتجاء إليه.

غير أن هناك حالات لا يكون فيها العرض الحقيقي لازماً قبل الإيداع كإجراء مبرئ للذمة وهي المنصوص عليها في المادة 328 من القانون المدني وهي الحالات التي يجهل فيها المدين شخصية الدائن أو إذا كان الدين متنازعاً عليه بين عدة أشخاص أو كان الدائن عديم الأهلية أو ناقصها وكانت هناك أسباب جدية تبرر هذا الإجراء.

وإذا تخلفت الشروط الشكلية للعرض والإيداع كان العرض باطلاً وفقاً لقانون المرافعات أما إذا تخلفت الشروط الموضوعية المنصوص عليها في القانون المدني فإنه يترتب على ذلك عدم الاعتداد به کوفاء مبرئ للذمة (الوسيط للدكتور السنهوري الجزء الثالث ص 438 والجزء السابع ص 1073 والتعليق للدكتور أبو الوفا الطبعة الخامسة ص 1505).

ويتعين أن يشتمل إعلان العرض على البيانات التي اشترطها المشرع في أوراق المحضرين والأصل أن يتم العرض في موطن الدائن أو في محله المختار المتفق علي تنفيذ العقد فيه إلا أنه يكون في محل المدير اذا کان المعروض أشياء يصعب نقلها وفقاً لما نصت عليه المادة .

والعرض كتصرف قانوني يجوز الرجوع يجوز الرجوع فيه إلى أن يقبله المدين.

والعرض الحقيقي هو المبرئ للذمة المقرون بالشئ المعروض أما إذا تحدث المشرع عن العرض بغير وصف كان مراده عرضاً غير العرض المبرئ للذمة بالشي المعروض كما في الحالة التي أوجب فيها القانون على الشفيع أن يضمن الإعلان المظهر لرغبته في الأخذ بالشفعة عرض الثمن وملحقاته .

وقد يرد في قانون خاص طريقاً للعرض والإيداع يخالف ما ورد في القانون المدني وقانون المرافعات كما هو الحال في القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع أماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر إذا نص المشرع على إجراءات خاصة واعتبر المشرع هذه الحالة مبرئاً للذمة بقدر ما أودع ومع ذلك فإن المستأجر بالخيار إن شاء اتبع قواعد العرض والإيداع المنصوص عليها في القانون المدني وقانون المرافعات ونظراً لأهمية هذا الموضوع فإننا سنشرحه بالتفصيل الآتي:

يجوز للمستأجر في قانون المساكن عدم إتباع طريق العرض والإيداع

نصت المادة 27 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 التي لم يتناولها القانون 136 لسنة 1981 بأي تغيير على ما يلي:

يجب أن يتم الوفاء بالأجرة المحددة وما في حكمها كاملة إلى المؤجر طبقاً لأحكام هذا الباب في موعد لا يجاوز الأسبوع الأول من الشهر المستحقة عنه أو الوعد المتفق عليه في العقد وذلك بإيصال مثبتة فيه قيمة الأجرة. فإذا امتنع المؤجر عن استلام الأجرة وإعطاء سند المخالصة عنها، فللمستاجر قبل مضي 15 (خمسة عشر يوماً) من تاريخ الاستحقاق أن يخطر المؤجر بكتاب موصي عليه مصحوب بعلم وصول لتسلمها خلال أسبوع، فإذا لم يسلمها خلال هذا الميعاد يودع المستأجر الأجرة دون رسوم خلال الأسبوع التالي خزانة مأمورية العوايد المختصة.

وفي المدن والقرى التي لا توجد بها مأموريات عوائد، يتم الإيداع بخزينة الوحدة المحلية الواقع في دائرتها العقار.

وعلى كل من المستأجر والجهة المودع لديها الأجرة إخطار المؤجر بهذا الإيداع بكتاب موصي عليه بعلم وصول.

ومع عدم المساس بما يكون للمؤجر من حقوق أخرى يعتبر إيصال الإيداع سنداً لإبراء ذمة المستأجر من قيمة الأجرة المستحقة بالقدر المودع.

وعلى الجهة المودع لديها الأجرة أداء الأجرة المودعة للمؤجر فور طلبها دون قيد أو شرط أو إجراءات.

كما نصت المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981 على أنه لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية :

أ-......... 

ب/ 1- إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول دون مظروف أو بإعلان على يد محضر ولا بحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر قبل اقفال باب المرافعة في الدعوى بأداء الأجرة وكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية .

ومؤدي هذين النصين أن المشرع في سداد أجرة الأماكن التي تخضع للقانونين رقمي 49 لسنة 1977 ، 136 لسنة 1981 خرج على القواعد العامة المقررة في قانون المرافعات بشأن العرض والإيداع ووضع نظاماً جديداً في هذا الشأن قصد به تبسيط إجراءات سداد المستأجر للأجرة وإعفائه من نفقات العرض والإيداع وارد أن يواجه به تعنت الملاك في قبول الأجرة فأباح للمستأجر في حالة امتناع المؤجر عن استلام الأجرة أن يخطر المؤجر - قبل مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ الاستحقاق - بخطاب موصي عليه مصحوب بعلم الوصول لتسلمها خلال أسبوع فإذا لم يفعل أودعها خزانة مأمورية العوايد أو الوحدة المحلية الواقع بدائرتها العقار واعتبر إيصال الإيداع سنداً لإبراء ذمة المستأجر من قيمة الأجرة المستحقة بالقدر الودع وأوجب على المستأجر والجهة المودع ليها الأجرة إخطار المؤجر بالإيداع بكتاب موصي عليه مصحوب بعلم الوصول إلا أنه لم يرتب البطلان جزاء على عدم الإخطار، غير أنه - من ناحية أخرى - في حالة ما إذا اضطر المؤجر إلي إقامة دعوى الاخلاء لعدم إخطاره بالإيداع فإنه لا يكفي لكي يتوقى المستأجر الحكم بالإخلاء تقديم إيصال الإيداع بل لابد له أن يسدد أيضاً المصروفات والنفقات الفعلية في الدعوى قبل إقفال باب المرافعة فيها لأنه هو الذي تسبب في إقامتها بعدم إخطار المؤجر بالإيداع على النحو الذي أوجبته المادة 27 على النحو السابق.

وليس المقصود بالمصروفات المنصوص عليها في هذا النص تلك المنصوص عليها في المادة 184 من قانون المرافعات وما بعدها وهي رسوم الدعوى وأتعاب المحاماة الرمزية التي تقدرها المحكمة، بل يلزم المستأجر يسدد المصروفات والنفقات الفعلية بمعنى أنه في حالة ما إذا كان المؤجر قد دفع المحاميه مبلغ خمسمائة جنيه فإن الحكمة تلزمه بهذا المبلغ ما دام أنها اطمأنت إلى أنه قد دفعه فعلاً، كما يتحمل مصاريف انتقال المؤجر من موطنه إلى مقر المحكمة وأيضاً مصاريف انتقال محاميه وغير ذلك من المصروفات وقد قضت محكمة النقض بذلك.(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء الثامن ، الصفحة : 748)

المقصود بالعرض الحقيقي: قد يقوم المدين بمحض إرادته بتنفيذ التزامه دون تدخل من السلطة العامة لإجباره على التنفيذ، وهذا هو التنفيذ الأختیاری، وهذا هو الأصل، ولا يثير التنفيذ الاختياري عادة أية صعوبة، ولا توجد إجراءات خاصة به لأنه لايتم بطريقة رسمية أو بتدخل السلطة القضائية اللهم إلا إذا رفض الدائن ما يوفي به المدين منازعاً إياه في نوعيته أو كفايته، وفي هذه الحالة يقوم المدين بعرض ما وجب عليه أداؤه عرضاً فعلياً على الدائن ثم يودعه خزانة المحكمة، ويطلب منها الحكم بصحة هذا العرض إبراء لذمته.

وطبقاً للمادة 487 مرافعات - محل التعليق - يحدث العرض الفعلي بإعلان يوجه إلى الدائن على يد محضر، ويحرر المحضر محضراً يسمى محضر العرض، ويجب أن يشتمل محضر العرض على بيان الشيء المعروض وشروط العرض وقبول المعروض أو رفضه، ويحدث عرض ما لا يمكن تسليمه من الأعيان في موطن الدائن بمجرد تكليفه على يد محضر بتسلمه.

فالمقصود بالعرض الحقيقي هو العرض المبريء للذمة المقرون بالشيء المعروض، فلا مجال لإعمال حكمه في الحالات التي يتحدث فيها المشرع عن العرض دون وصفه بالحقيقي. (نقض 31/ 1/ 1946 - مجموعة . القواعد القانونية - بند 154 - ص 731 )

فالأصل أن يتم الوفاء اتفاقاً بين الموفي والوفي له فهو تصرف قانوني يشترط فيه ملكية الموفي لما يفي به وأهليته للتصرف، والموفي قد يكون المدين وقد يكون غير المدين، فإذا كان الموفي غير المدين أو نائبه تعين أن تكون له مصلحة في لقاء الدين كالدين المتضامن إذا وفي بجميع الدين وقد لا تكون له مصلحة إطلاقاً ويغلب من الناحية القانونية أن يكون فضولياً، وقد يمتنع الدائن عن قبول دينه دون مبرر وفي هذه الحالة يقوم العرض الحقيقي والإيداع محل الوفاء وفق ما نصت عليه المادة 334 من القانون المدنى .

فإذا كان الأصل أن يتم الوفاء برضاء الدائن والمدين، فقد يحدث أن يرفض الدائن الوفاء إما لسبب يتصل بموضوع الوفاء أو وقته، وقد يتعنت الدائن فيرفض الوفاء إضراراً بمدينه، حتى يثبت تراخيه، خاصة إذا رتب القانون آثاراً تمس مصلحة المدين إذا لم يقم بالوفاء في خلال الأجل الذي عينه القانون.

فالعرض الحقيقى وفقاً للمادتين 339 و 340 من القانون المدني، هو الوسيلة القانونية لإبراء ذمة المدين.

ويجب ملاحظة أن العرض الحقيقي لا يلزم أن يسبق الإيداع كإجراء مبرئ للذمة في الحالات المبينة في المادة 328 من القانون المدني، وهي الحالات التي يجهل فيها المدين شخصية الدائن أو إذا كان الدين متنازعاً عليه بين عدة أشخاص أو كان الدائن عديم الأهلية أو ناقصها أو كانت هناك أسباب جدية تبرر هذا الإجراء عبد الرزاق السنهورى - ج 3 بند 426 وما بعده، كمال عبد العزيز ص 737) ولا يلزم المشتري بعرض الثمن الذي لايستحق إلا عند التوقيع على العقد النهائي ويكون إيداعه له مباشرة مبرئاً لذمته. (نقض 1966 / 11 / 15 بس سنة 17 ص 1688 ).

- الشروط الموضوعية والشكلية للعرض الحقيقي للدين المبريء لذمة المدين وإجراءات العرض وجواز عدم اتباع هذه الإجراءات إذا نص قانون آخر على ذلك كما هو الحال بالنسبة للمستأجر وفقاً لقانون إيجار الأماكن: لما كان العرض الحقيقي هو الوسيلة القانونية لإبراء ذمة المدين طبقاً للمادتين 239 و340  من القانون المدني، فإنه يجب أن تتوافر فيه الشروط المقررة في الوفاء المبريء للذمة وفقاً للقانون المدني وهذه الشروط هي:

1- الشرط الأول: يجب أن يتم العرض من صاحب الصفة في الوفاء على صاحب الصفة في استيفاء الحق، فلا يتم إلا من جانب الدين أو من يقوم مقامه في مواجهة الدائن أو من يقوم مقامه، مع مراعاة الاستثناءات المقررة في القانون المدني والتي من مقتضاها جواز القيام بالوفاء من غير الدين (المادة 23 مدنی وما يليها).

2 - الشوط الثاني: يجب أن يتم العرض من ذي أهلية على ذي أهلية - مع مراعاة حكم المادة 325 من القانون المدني .

3- الشرط الثالث: ألا يتطلب الوفاء تدخلاً شخصياً من جانب المدين على النحو المقرر في المادة 208 من القانون المدني.

4 - الشوط الرابع: يجب أن يكون المعروض مملوكاً للمدين، فالقاعدة أنه يشترط لصحة الوفاء أن يكون الموفي مالكاً للشيء الذي وفى به مادة 235/1 مدنی).

5-الشرط الخامس: يجب أن يشمل العرض كل المطلوب من المدين لأن الدائن لا يجبر في الأصل على قبول الوفاء الجزئي، فينبغي أن يشمل العرض الدين جميعه وتوابعه، فالأصل أن يشمل العرض كل عناصر الوفاء من أصل الدين وفوائده والمصاريف ومع ذلك حكم بأنه إذا نقص المعروف عن المطلوب نقصاً طفيفاً جاز الحكم مع ذلك ببراءة ذمة المدين بقدر ما عرض (استئناف مختلط 18 يناير 1893 السنة 5 م 101 ، 31 ديسمبر 1893 السنة 6  ص 77 ، ونقض 28 فبراير 1957 السنة 8 ص 176 أحمد أبو الوفا - ص 1531 ).

6-الشرط السادس: يجب ألا يكون الوفاء مؤجلاً لمصلحة الدائن كما إذا كان قرضاً بفائدة لمدة معينة.

7-الشرط السابع: يجب ألا يكون العرض مقترناً بأي شرط مفسد له ومخالفاً طبيعته ومرماه، ما لم تكن طبيعة الالتزام تقضى ذلك.

وفي هذا الصدد قالت محكمة النقض أنه لايكفي لإبراء الذمة مجرد القول بحصول العرض، بل يتحتم أن يكون العرض حقيقياً، بأن يسلم المبلغ إلى المحضر ليسلمه إلى الدائن. فإن لم يقبله أودعه المحضر في خزانة المحكمة وإذن فلا يعتبر عرضاً حقيقياً مجرد قول مشتر لبائع أنه يعرض عليه دفع ما وجب عليه من باقي الثمن على يد رئیس قلم العقود إذا هو بشطب تسجيله، احتجاجاً بأن الأداء لا يستحق إلا في لحظة الشطب إذ القيام بالشطب لا يجب إلا بعد الوفاء وإبراء ذمة المدين، وكل ما للمدين في هذه الحالة في أن يعرض المبلغ عرضاً حقيقياً على يد المحضر، مشترطاً شطب التسجيل، فإن رفض الدائن المعروف رسمياً على بناء الشرط أيضاً، ثم بحكم القضاء بعد ذلك بصحة العرض وإلزام الدائن بشطب التسجيل، (نقض 21 ديسمبر 1933 . ملحق مجلة القانون والاقتصاد سنة 4 ص 39). 

8-الشرط الثامن: ينبغي أن يحدث العرض بمبلغ من الدين إذا كان الدين نقوداً، فقد اعتبرت محكمة النقض أن العرض بشيك لحساب الدائن غير مبرئ لذمة المدينة من الدين، فقد قضت صراحة بأن إيداع الشيك لا يقوم مقام إيداع مبلغ النقود. (نقض 1957 / 6 / 13 سنة 8 ص 576 ).

 ويلاحظ أنه إذا اقترن العرض بأن المدين يحفظ كل حقوقة ضد الدائن أو بشروط لاتضر بمصلحة الدائن، ولا تتنافى مع العرض باعتباره وفاء لما التزم به المدين، كان صحيحاً كما إذا قام المدين بتنفيذ الحكم الصادر عليه والشمول بالنفاذ وتمسك بحقه في الطعن على الحكم، ذلك لأن الحكم متى كان قابلاً للتنفيذ فإنه بفرض على المدينة وخير له أن ينفذه مختاراً بغير مصاريف، على أن يحتفظ بصدد الطعن فيه .

 كذلك تقبل الشروط، التي تقتضيها القواعد العامة بغير تحفظ، كما إذا اشترط المدين قبول الدائن شطب قيد الرهن (عبدالحميد أبو هيف - بند رقم 1226 أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 1532).

ولا يجوز اتخاذ إجراءات القرض إلا إذا ثبت بالفعل امتناع الدائن عن قبول الوفاء، وعلى المدين إثبات ذلك وإلا التزم بمصاريف العرض والإيداع.

وينبغي ملاحظة أن المادة 334 من القانون المدني تنص على أنه إذا رفض الدائن دون مبرر قبول الوفاء المعروض عليه عرضاً صحيحاً، أو رفض القيام بالأعمال التي لا يتم الوفاء بدونها، أو أعلن أنه لن يقبل الوفاء اعتبر أنه قد تم إعذاره من الوقت الذي يسجل المدين عليه هذا الرفض بإعلان رسمي.

كما يجب ملاحظة أن المادة 328 من القانون المدني تنص على أنه يكون الإيداع أو ما يقوم مقامه من إجراء جائز أيضاً إذا كان المدين يجهل شخصية الدائن أو موطنه أو كان الدائن عديم الأهلية أو ناقصها ولم يكن له نائب عنه في الوفاء، أو كان الدين متنازعاً بين عدة أشخاص، أو كانت هناك أسباب جدية أخرى تبرر هذا الإجراء.

وتخلف شرط جوهري من الشروط الشكلية للعرض والإيداع يترتب عليه بطلانه وزواله وزوال سائر الآثار القانونية المترتبة عليه أما تخلف شرط من الشروط الموضوعية للعرض - وهي الشروط التي ينص عليها القانون المدني فإنه يترتب على ذلك عدم اعتداد به کوفاء مبرء للذمة (عبدالرزاق السنهورى - ج 3 ص 438 ج7  ص 1073. أحمد أبو الوفا - ص 1533 )

وإذا لم يتم العرض والإيداع على وفق ما نص عليه قانون المرافعات كان باطلا لاينتج أي أثر، ويطل العرض والإيداع فلا ينتج أثره القانوني إذا لم يتم وفقا لقانون المرافعات ما لم ينص القانون على قبول وسيلة أخرى (راجع نقض 1933 / 12 / 21 مجموعة القواعد بند 128 ص 279 نقض 1948 / 12/ 9- مجموعة القواعد بند 128 مكرراً ص 259).

وإذا قبل الدائن العرض ذكر المحضر ذلك في محضره وقبض الدائن الدين من يد المحضر وبذلك يتم الوفاء وتكون مصروفات العرض على الدائن إلا إذا تبين أنه لم يكن المتسبب في هذه الإجراءات وأن المدين كان متسرعاً في الالتجاء إليه.

ولكن هناك حالات يكون العرض الحقيقي لازماً قبل الإيداع كإجراء مبرئ للذمة وهي المنصوص عليها في المادة 328 من القانون المدني وهي الحالات التي يجهل فيها المدين شخصية الدائن أو إذا كان الدين متنازعاً عليه بين عدة أشخاص أو كان الدائن عديم الأهلية أو ناقصها أو كانت هناك أسباب جدية تبرر هذا الإجراء.

ويجب أن يشتمل إعلان العرض على البيانات التي اشترطها المشرع في أوراق المحضرين والأصل أن يتم العرض في موطن الدائن أو في محلة المختاز المتفق على تنفيذ العقد فيه إلا أنه يجوز أن يكون العرض في محل المدين إذا كان المعروض أشياء يصعب نقلها وفقا لما نصت عليه المادة 487 مرافعات - محل التعليق - والعرض كتصرف قانوني يجوز الرجوع فيه إلى أن يقبله المدين.

والعرض الحقيقي هو البريء للذمة المقرون بالشيء المعروض أما إذا تحدث المشرع عن العرض بغير وصف كان مراده عرضاً غير العرض المبريء للذمة المقرون بالشيء المعروض كما في الحالة التي أوجب فيها القانون على الشفيع أن يضمن الإعلان المظهر لرغبته في الأخذ بالشفعة عرض الثمن وملحقاته.

وإذا نص القانون صراحة بصورة استثنائية على جواز اتباع وسيلة أخرى لعرض الوفاء وجب الاعتداد بذلك (أحمد أبو الوفا ص 1534 ).

فقد يرده في قانون خاص طريق للعرض والإيداع يخالف ما ورد في القانون المدني وقانون المرافعات كما هو الحال في القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر إذ نص المشرع على إجراءات خاصة واعتبر المشرع هذه الإجراءات مبرئة لذمة المستأجر من قيمة الأجرة بالقدر المودع ورغم أن هذا الإيداع لم يسبقه عرض حقيقي فإن المشرع قد اعتبر الإيداع في هذه الحالة مبرئاً للذمة بقدر ما أودع ومع ذلك فإن المستاجر بالخيار إن شاء اتبع هذه الطريقة التي بسطها المشرع لصالحه وسهل عليه الإجراءات وإن شاء اتبع قواعد العرض والإيداع المنصوص عليها في القانون المدني وقانون المرافعات.

فيجوز للمستأجر وفقاً لقانون إيجار الأماكن عدم اتباع طريق العرض والإيداع المنصوص عليه في قانون المرافعات، فقد نصت المادة 27 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 التي لم يتناولها القانون 136 لسنة 1981 بأي تعديل على أنه يجب أن يتم الوفاء بالأجرة المحددة وما في حكمها كاملة إلى المؤجر طبقاً لأحكام هذا الباب في موعد لا يجاوز الأسبوع الأول من الشهر المستحقة عنه أو الموعد المتفق عليه في العقد وذلك بإيصال مثبتة فيه قيمة الأجرة. فإذا امتنع المؤجر عن أستلام الأجرة وإعطاء سند المخالصة عنها، فللمستأجر قبل مضي 15 (خمسة عشر) يوماً من تاريخ الاستحقاق أن يخطر المؤجر بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول لتسلمها خلال أسبوع، فإذا لم يتسلمها خلال هذا الميعاد يودع المستأجر الأجرة دون رسوم خلال الأسبوع التالي خزانة مأمورية العوايد المختصة.

وفي المدن والقرى التي لا توجد بها مأموريات عوائد، يتم الإيداع بخزينة الوحدة المحلية الواقع في دائرتها العقار.

 وعلى كل من المستأجر والجهة المودع لديها الأجرة إخطار المؤجر بهذا الإيداع بكتاب موصي عليه مصحوب بعلم وصول .

ومع عدم المساس بما يكون للمؤجر من حقوق أخرى يعتبر إيصال الإيداع سنداً لإبراء ذمة المستأجر من قيمة الأجرة المستحقة بالقدر المودع.

وعلى الجهة المودع لديها أداء الأجرة المودعة للمؤجر فور طلبها دون قيد أو شرط أو إجراءات .

كذلك نصت المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981 على أنه لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: 

أ- إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول دون مظروف أو بإعلان على يد محضر ولا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى بأداء الأجرة وكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية.

وواضح من هذين النصين أن المشرع في سداد أجرة الأماكن التي تخضع للقانونين رقمي 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 خرج على القواعد العامة المقررة في قانون المرافعات بشأن العرض والإيداع ووضع نظاماً جديداً في هذا الشأن قصد به تبسيط إجراءات سداد المستأجر للأجرة وإعفائه من نفقات العرض والإيداع وأراد أن يواجه به تعنت الملاك في قبول الأجرة. (نقض 1988 / 2/ 14 . طعن رقم 2158 لسنة 58 قضائية)

فأباح للمستأجر في حالة امتناع المؤجر عن استلام الأجرة أن يخطر المؤجر - قبل مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ الاستحقاق - بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول لتسلمها خلال أسبوع فإذا لم يفعل أودعها خزانة مأمورية العوايد أو الوحدة المحلية الواقع بدائرتها العقار. واعتبر إيصال الإيداع سنداً لإبراء المستأجر من قيمة الأجرة المستحقة بالقدر المودع وأوجب على المستأجر والجهة المودع لديها الأجرة إخطار المؤجر بالإيداع بكتاب موصي عليه مصحوب بعلم الوصول إلا أنه لم يرتب البطلان جزاء على عدم الإخطار، غير أنه - من ناحية أخرى - في حالة ما إذا اضطر المؤجر إلى إقامة دعوى الإخلاء لعدم إخطاره بالإيداع فإنه لايكفي لكي يتوقى المستأجر الحكم بالإخلاء تقديم إيصال الإيداع بل لابد له أن يسدد أيضا المصروفات والنفقات الفعلية في الدعوى قبل إقفال باب المرافعة فيها لأنه الذي تسبب في إقامتها بعدم إخطار المؤجر بالإيداع على النحو الذي أوجبته المادة 27 على النحو السابق (الديناصوري وعكاز - ص 1014 وص 1015 ).

 ويلاحظ أنه ليس المقصود بالمصروفات المنصوص عليها في هذا النص تلك المنصوص عليها في المادة 184 من قانون المرافعات وما بعدها وهي رسوم الدعوى وأتعاب المحاماة الرمزية التي تقدرها المحكمة، بل يلزم المستأجر بسداد المصروفات والنفقات الفعلية بمعنى أنه في حالة ما إذا كان المؤجر قد دفع لمحاميه مبلغ خمسمائة جنيه فإن المحكمة تلزمه بهذا المبلغ ما دام أنها أطمأنت إلى أنه قد دفعه فعلاً، كما يتحمل مصاريف انتقال المؤجر من موطنه إلى مقر المحكمة وأيضا ًمصاريف انتقال محاميه وغير ذلك من المصروفات وقد قضت محكمة النقض بذلك. 

(نقض 1988 / 2/ 14 طعن رقم 2158 لسنة 58 قضائية).

وينبغي ملاحظة أنه يجب أن يشتمل التكليف الواردة في المادة 487 محل التعليق على البيانات السنة الواجب توافرها في المادة التاسعة. ويحصل الإعلان في الموطن الأصلي للدائن أو في الموطن المختار المتفق عليه في العقد لتنفيذه. ويراعي في صدد صحة الإعلان القواعد العامة.

ويلاحظ أن تنص المادة 240 من القانون المدني تنص على أنه إذا عرض المدين الذين واتبع العرض بإيداع أو بإجراء مماثل، جاز له أن يرجع في هذا العرض. مادام الدائن لم يقبله أو مادام لم يصدر حكم نهائي بصحته وإذا رجع فلا تبرأ ذمة شركائه في الدين ولا ذمة الضامنين.

فإذا رجع المدين في العرض بعد أن قبله الدائن، أو بعد أن حكم بصحته وقبل الدائن منه هذا الرجوع، لم يكن لهذا الدائن أن يتمسك بعد ذلك بما يكفل حقه من تأمينات وتبرأ ذمة الشركاء في الدين وذمة الضامنين.

وتنص المادة 339 من القانون المدني على أن العرض الحقيقي يقوم بالنسبة إلى المدين مقام الوفاء، إذا تلاه إيداع يتم وفقاً لأحكام قانون المرافعات أو تلاه أي إجراء مماثل، وذلك إذا قبله الدائن أو صدر حكم نهائي بصحته.

بمجرد أن يتم العرض صحيحاً على النحو التقدم يكون المدين قد احترم أی میعاد مقرر يلزم فيه الوفاء، ولو كان الدائن قد رفض هذا العرض، بل ولو تم بعدئذ الإيداع في ميعاد تال للميعاد المقرر للوفاء .

وبعبارة أخرى. إذا نص المشرع على ميعاد يتعين أن يتم فيه وفاء المدين ونص على سقوط حقه بمجرد انقضاء هذا الميعاد، أو نص في العقد على شرط جزائي عند عدم الوفاء في خلال أجل مقرر، فإنه يكفي أن يقوم المدين في خلال الميعاد بعرض الدين على النحو المقرر في هذه المادة، ولو رفضه بعدئذ الدائن، بل ولو تم الإيداع في وقت تال لإنقضاء ميعاد الوفاء (أحمد أبو الوفا ص 1535 وص 1536 عبدالحميد أبو هيف رقم 1339 ).

وجدير بالذكر أنه يجب أن يشتمل محضر العرض على البيانات الواردة بالمادة 487 مرافعات محل التعليق - بالإضافة إلى بيانات أوراق المحضرين .(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء / السادس، الصفحة :   678)

 

التعليقات معطلة.