موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

وكان من البديهي تعديل الأحكام الخاصة بمخاصمة القضاء فيما يتعلق بزيادة قيمة الرسوم والغرامات المقررة في شأنها فاتجه المشرع إلى فرض رسم عند التقرير بالمخاصمة قدره مائة جنيه وهو الرسم الثابت الذي ورد التعديل في شأنه على القانون رقم 90 لسنة 1994 على النحو السابق الإشارة إليه وإبداع كفالة قدرها مائتا جنيه، مع زيادة قيمة الغرامة في حدها الأدنى إلى مائة جنيه بدلاً من خمسين جنيهاً في القانون القائم وفي حدها الأقيمي إلى ألف جنيه بدلاً من مائتى جنيه.

الأحكام

1- إذ كان الثابت بالأوراق ان الطاعن أقام دعوى المخاصمة علي المطعون ضدهم الثلاثة عشر لإصدارهم خمسة احكام لدى محاكم مختلفة وكل محكمة منهم قد فصلت فى دعوى استقلالاً فإن ضم تلك الاحكام الصادرة فى الدعاوى المستقلة والطعن عليها بتقرير مخاصمة واحد تسهيلاً للإجراءات لا يفقد كل واقعة منهم استقلالها , كما أن المشرع لم يعالج حالة تعدد القضاة والاحكام موضوع المخاصمة بتقرير واحد إذا كانت صادرة فى دعاوى مستقلة ومن ثم فهي تخضع للقواعد العامة والجزاء المنصوص عليه فى المادة 495 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 18 لسنة 1999 إذا لم تودع عند التقرير بالمخاصمة كفالة عن كل قاض وكل حكم من الأحكام المشار اليها , وإذ أقام الطاعن دعوى المخاصمة فى الاحكام الخمسة الصادرة من ثلاثة عشر قاضياً بتقرير واحد وأودع عند تقديمه كفالة واحدة فى حيـــــــن أنـــــه كـــــان يتعين إيداع كفالة تتعدد بعدد الأحكام والقضاة المختصمين باعتبارها دعاوى مستقلة فإن الدعوى تكون غير مقبولة لحصول إيداع الكفالة ناقصاً وهو جزاء توقعه المحكمة من تلقــــــــــاء ذاتهــــــــا وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه فى هذا الشأن ( بمخالفة صريح نص المادة 495 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون 18 لسنة 1999 والتى حددت مبلغ الكفالة دون النص على تعددها بأى وجه ) على غير أساس .

(الطعن رقم 18190 لسنة 76 جلسة 2015/02/03)

2- إذ كان الطاعن قد تخلف عن ايداع كامل مبلغ الكفالة المنصوص عليه فى المادة 495 من قانون المرافعات المعدل بالقانون رقم 18 لسنة 1999 علي نحو ما ورد بالوجه الأول من سبب الطعن وقضت المحكمة بعدم قبول المخاصمة وتغريم الطاعن مبلغ ألف جنيه ومصادرة الكفالة وإلزامه بالمصروفات وكان فى قضاء المحكمة بتغريم الطاعن مبلغ ألف جنية ومصادرة الكفالة رغم ان دعوى المخاصمة لم تكن قد استقامت بعد أمام المحكمة بكافة عناصرها الشكلية اللازمة لقبولها فإنه يكون خالف القانون فى شأن إلزام الطاعن بملغ ألف جنيه غرامة ومصادرة الكفالة .

(الطعن رقم 18190 لسنة 76 جلسة 2015/02/03)

3- إن النص فى المادة 30 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية على "تجتمع محكمة النقض وكل محكمة استئناف أو محكمة ابتدائية بهيئة جمعية عامة للنظر فيما يلي: أ- ترتيب وتأليف الدوائر وتشكيل الهيئات ....." وفي المادة 495 من قانون المرافعات على أن "ترفع دعوى المخاصمة بتقرير فى قلم كتاب محكمة الاستئناف التابع لها القاضي أو عضو النيابة ..... وتعرض الدعوى على إحدى دوائر محكمة الاستئناف بأمر من رئيسها ..." وفي المادة 499 من ذات القانون على أن "يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى من تاريخ الحكم بجواز قبول المخاصمة". يدل على أن المشرع ناط بالجمعية العامة لكل محكمة ترتيب وتأليف دوائرها وأوجب على رئيس محكمة الاستئناف عرض دعوى المخاصمة على إحدى هذه الدوائر لنظرها. وهو فى ذلك لا ينشئ دائرة خاصة لنظر الدعوى أو يغير من تشكيلها الذي كانت عليه وإنما يقتصر التزامه على مجرد الإحالة على دائرة قائمة من تلك التي مارست الجمعية العامة للمحكمة اختصاصها فى إنشائها وتشكيلها، وهو فى ذلك إنما يمارس عملاً تنظيميا فرضه القانون عليه وليس عملاً قضائيا لا يحول دون صلاحية القاضي له - إن صح - إلا صدور الحكم بجواز قبول المخاصمة، ومن ثم يكون أمر رئيس محكمة الاستئناف بعرض دعوى الطاعن على إحدى دوائر المحكمة أمرا تنظيميا استوجبه القانون وليس فيه ما يخالف قواعد التقاضي أو يخل بها.

(الطعن رقم 1669 لسنة 71 جلسة 2002/02/10 س 53 ع 1 ص 266 ق 49)

4- فرض المشرع فيما تضمنه الباب الثاني من الكتاب الثالث من قانون المرافعات أحكام مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة فى المواد من 494 حتى 500 مستوجبا أن تكون المخاصمة قاصرة على الحالات التي حددها على سبيل الحصر وأن يتم التقرير بها ونظر دعواها طبقا لإجراءات فرضها وضمانات ارتآها وقواعد سنها لا تتقيد فى الكثير منها مع القواعد العامة لإجراءات التقاضي سواء من حيث تشكيل المحكمة التي تنظر الدعوى أو درجة التقاضي المقررة لها أو الطلبات الجائز للخصوم إبداؤها وما يجوز للمحكمة أن تتعرض له من تلقاء نفسها، وفرض المخاصمة على تعلق سببها بما يقوم به القاضي من أعمال قضائية فلا يتسع نطاقها لغير ذلك مما يباشره خارج هذا النطاق وإلا كانت المخاصمة سبيلا لحصار القاضي فى كل ما يتصل بتصرفاته وينقلب القصد من الحماية إلى الاستباحة فيضيع الأمان وينمحي الاستقلال.

(الطعن رقم 1669 لسنة 71 جلسة 2002/02/10 س 53 ع 1 ص 266 ق 49)

5- النص فى الفقرة الأولى من المادة 495 من قانون المرافعات والمرفوعة دعوى المخاصمة الماثلة فى ظل أحكامها بعد تعديلها بالقانون رقم 18/1999 على أن "ترفع دعوى المخاصمة بتقرير فى قلم كتاب محكمة........يوقعه الطالب، أو من يوكله فى ذلك توكيلاً خاصاً، وعلى الطالب عند التقرير أن يودع خمسمائة جنيه على سبيل الكفالة" إنما يدل على أن المشرع أوجب فى دعوى المخاصمة عند التقرير بها إجراءً جوهرياً لازما هو إيداع كفالة بالمقدار المبين فى النص فى قلم الكتاب وإغفال هذا الإجراء أو حصوله مشوباً بخطأ أو نقص يوجب البطلان ولكل ذي مصلحة أن يطلب توقيعه وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء ذاتها.

(الطعن رقم 2012 لسنة 69 جلسة 1999/11/04 س 50 ع 2 ص 1059 ق 208)

6- إذ كان الثابت أن طالب المخاصمة لم يودع من مبلغ الكفالة عند التقرير بها بتاريخ 19/8/1999 إلا مائتي جنيه وهو ما يقل عن المقدار الواجب إيداعه وفق نص الفقرة الأولى من المادة 495 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 18/1999 فإن دعواه بالمخاصمة تكون غير مقبولة بما يتعين معه القضاء بذلك مع إلزامه المصاريف دون الحكم عليه بالغرامة المبينة فى المادة 499 من قانون المرافعات والمعدلة بالقانون رقم 18/1999 المشار إليه أو مصادرة مقدار ما أودعه من مبلغ الكفالة طبقاً لهذا النص ذلك أن المادة 496 من هذا القانون وقد جرى نصها على أن "تحكم المحكمة فى تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها وذلك بعد سماع الطالب........" وما نصت عليه المادة 499 منه والمشار إليها على أنه "إذا قضت المحكمة بعدم جواز المخاصمة، أو برفضها حكمت على الطالب بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على ألفى جنيه وبمصادرة الكفالة مع التعويضات إن كان لها وجه....." إنما مفاده أن الحكم بالغرامة وبمصادرة الكفالة يكون عندما تفصل المحكمة فى تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وتقضي بعدم جواز المخاصمة أو رفضها، وهو ما لا يتأتى لها إلا بعد أن تكون دعوى المخاصمة قد استقامت أمامها بكافة عناصرها الشكلية اللازمة لقبولها، وهو ما ليس كذلك بصدد الدعوى الماثلة لتخلف الطالب عن إيداع كامل مبلغ الكفالة المنصوص عليه فى المادة 495 من قانون المرافعات.

(الطعن رقم 2012 لسنة 69 جلسة 1999/11/04 س 50 ع 2 ص 1059 ق 208)

7- لما كان الثابت أن طالب المخاصمة لم يودع عند التقرير بها كامل مبلغ الكفالة المبين فى المادة 495 من قانون المرافعات ، فان دعواه بالمخاصمة تكون غير مقبولة ، لا يغير من ذلك أن الحكم المطلوب بطلانه صادر ضد الطالب فى دعوى عمالية كان قد أقامها معفاة من الرسوم القضائية طبقا للمادة 6 من قانون العمل الصادر برقم 137 لسنة 1981 ، وشملت دعواه بالمخاصمة بالإعفاء من رسمها الثابت المقرر بالفقرة الأخيرة من المادة 4 من قانون الرسوم القضائية رقم 90 لسنة 1944 والمضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 والجاري نصها على أن " كما بفرض رسم ثابت مقداره مائة جنيه على كل طلب رد ، أو دعوى مخاصمة ويخضع هذا الرسم للإعفاء المنصوص عليه فى المادة 6 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 ".

(الطعن رقم 5062 لسنة 67 جلسة 1998/06/25 س 49 ع 2 ص 575 ق 140)

8- إن المحكمة، وقد تخلف الطالب عن أداء الكفالة المبينة فى المادة 495 من قانون المرافعات ............ ، تقضى بعدم قبول دعواه بالمخاصمة دون الحكم عليه بالغرامة المنصوص عليها فى المادة 499 من قانون المرافعات إذ أن النص فى المادة 496 من هذا القانون على أن " تحكم المحكمة فى تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها وذلك بعد سماع الطالب......... " وفى المادة 499 منه ، بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 ، على انه " إذا قضت المحكمة بعدم جواز المخاصمة او برفضها حكم على الطالب بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه....... " مفاده أن الحكم بالغرامة يكون عندما تفصل المحكمة فى تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وتقضى بعدم جواز المخاصمة أو برفضها ، وهو ما لا يتأتى لها إلا بعد أن تكون دعوى المخاصمة قد استقامت أمامها بكافة عناصرها الشكلية اللازمة لقبولها وهو ما ليس كذلك بصدد الدعوى الماثلة لتخلف الطالب عن إيداع الكفالة المقررة فى المادة 495 من قانون المرافعات.

(الطعن رقم 5062 لسنة 67 جلسة 1998/06/25 س 49 ع 2 ص 575 ق 140)

9- لما كان النص فى المادتين 495 ، 496 من قانون المرافعات مؤداه _ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة _ أن الفصل فى دعوى المخاصمة وهى فى مرحلتها الأولى _مرحلة الفصل فى تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها _ لا يكون إلا على أساس ما يرد فى تقرير المخاصمة والمستندات المشفوعة به والأدلة التى يرتكن إليها المخاصم ، وأنه لا يجوز للمخاصم فى هذه المرحلة أن يبدى أسباباً جديدة أو أن يقدم أوراقاً ومستندات غير التى أودعها مع التقرير ، فإن تقديم وكيل المخاصم شهادة برفع دعوى مخاصمة جديدة وطلب ضمها لهذه الدعوى يكون مخالفاً للقانون .

(الطعن رقم 8569 لسنة 66 جلسة 1997/07/08 س 48 ع 2 ص 1089 ق 205)

10- الفصل فى الدعوى المخاصمة وعلى ما جرى به قضا هذه المحكمة يقتضى أن تحكم المحكمة أولا فى تعلق أوجه المخاصمه بالدعوى وجواز قبولها من عدمه وهو لا يكون إلا على أساس ما يرد فى تقدير المخاصمه والأوراق والمستندات المودعه معه ولذلك أوجبت المادة 495 من قانون المرافعات على طالب المخاصمة أن يودع معه التقرير المشتمل على أوجهها وأدلتها الوراق والمستندات المؤيدة لها ولا يجوز فى هذه المرحلة تقديم أوراق ومستندات غيرها.

(الطعن رقم 3447 لسنة 59 جلسة 1994/12/28 س 45 ع 2 ص 1720 ق 321)

11- دعوى المخاصمة التى ترفع دائرة من دوائر القضاء التجزئة ومن ثم فإن التقرير بها يجب أن يودع قلم كتاب محكمة الإستئناف التابع لها أعضاء هذه الدائرة وقت صدور الحكم فى الدعوى وتكون هى المختصة بنظر دعوى المخاصمة حتى ولو نقل أعضاء الدائرة المخاصمة إلى محاكم أخرى أو أحيل أحدهم إلى المعاش .

(الطعن رقم 8785 لسنة 63 جلسة 1994/09/27 س 45 ع 2 ص 1241 ق 234)

12- إذ أوجبت المادة 110 من قانون المرافعات على المحكمة إذا قضت بعدم إختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة و لو كان الإختصاص متعلقاً بالولاية، و كانت المعارضة فى صلاحية المطعون ضدهم و بحسب الغاية منها هى ببطلان تشكيل المحكمة المعروض عليها فى الدعوى الجنائية المتهم فيها مورث الطاعنتين الأولى و الثانية و أوجبت المادة 62 من قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 تقديمها إلى ذات المحكمة قبل إبداء أى دفع أو دفاع فيها و إثبات ذلك فى محضر الجلسة و رتبت جزاء السقوط على مخالفة ذلك ، و إذ كان البين من أوراق الطعن أن التقرير برد المطعون ضدهم بقلم كتاب محكمة إستئناف القاهرة و هى غير مختصة بنظره قد تم بعد حجز الدعوى الجنائية للحكم و سقوط حق الطاعنين فيه و قد صدر الحكم المطعون فيه بعد صدور الحكم المنهى الدعوى الجنائية فى 1977/11/30 و إنتهاء ولاية المحكمة العسكرية التى أصدرته و المشكلة من المطعون ضدهم و المختصة بالفصل فى طلب الرد عملاً بأحكام القانون سالف الذكر و من ثم يضحى النعى أياً كان وجه الرأى فيه غير منتج .

(الطعن رقم 860 لسنة 49 جلسة 1990/04/18 س 41 ع 1 ص 1029 ق 168)

13- إذ أوجبت المادة 495 من قانون المرافعات من فقرتها الثانية على طالب المخاصمة أن يودع تقرير المخاصمة مشتملاً على أوجهها و أدلتها و مشفوعاً بالأوراق المؤيدة لها ، و كان مقتضى المادة 496 من هذا القانون أن تحكم المحكمة أولاً فى تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى و جواز قبولها فقد دل ذلك على أن الفصل فى دعوى المخاصمة فى مرحلتها الأولى هذه لا يكون إلا على أساس ما يرد فى تقرير المخاصمة و المستندات المشفوعة به و الأدلة التى يرتكن إليها طالب المخاصمة فيه . لما كان ذلك و كان الطاعن لم يستند فى الأدلة التى إشتمل عليها تقرير المخاصمة إلى شهادة الشهود و لم يضمنه طلب سماع شهادتهم أمام المحكمة بصدد وقائع تتعلق بأوجه قبول المخاصمة فلا على محكمة الموضوع إن هى لم تستجب إلى طلب سماع أقوال من أشهدهما أمامها .

(الطعن رقم 2333 لسنة 51 جلسة 1990/01/18 س 41 ع 1 ص 204 ق 41)

14- النص فى المواد 494 ، 495 ، 497 من قانون المرافعات يدل على أن القواعد المنظمة لدعوى المخاصمة لا تسرى إلا على المخاطبين بأحكامها من قضاء المحاكم العادية و أعضاء النيابة العامة لديها ، و لا يمتد سريانها على غيرهم ممن يعملون لدى جهات قضائية أخرى إلا إذا نص قانون آخر على ذلك ، و إذ كان قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 فى المواد 60 ، 61 ، 62 قد نظم حالات عدم صلاحية القضاة العسكريين لنظر الدعوى و طلب ردهم عن نظرها دون أن يرد به نص على جواز مخاصمتهم طبقاً لقواعد دعوى مخاصمة قضاة المحاكم العادية المقررة بقانون المرافعات ، و كان نص المادة العاشرة من القانون آنف الذكر إنما قصد به الإحالة إلى القوانين العامة فى شأن ما يعترى مواد قانون الأحكام العسكرية من نقض فى الأحكام المتعلقة بالإجراءات أو العقوبات الخاصة بالدعاوى الجنائية التى يختص القضاء العسكرى بنظرها دون إجراءات الدعاوى المدنية التى حظرت المادة 49 منه على المحاكم العسكرية قبول نظرها ، و أما النص الآخر الذى أشار إليه الطاعن و المقرر بالمادة 58 من هذا القانون فلا يستفاد منه إخضاع هؤلاء القضاء العسكريين للقواعد المنظمة لدعوى المخاصمة التى تسرى على قضاء المحاكم العادية . لما كان ذلك و كان الحكم المطعون فيه إنتهى فى منطوقه إلى القضاء بعدم جواز مخاصمة المطعون ضدهم الثلاثة الأول تأسيساً على أن دعوى المخاصمة المرفوعة عليهم غير مقبولة لعدم إنطباق أحكامها على قضاء المحاكم العسكرية فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون .

(الطعن رقم 2026 لسنة 52 جلسة 1989/06/22 س 40 ع 2 ص 657 ق 273)

15- لئن كان مفاد نص المادة 495 من قانون المرافعات أن تنظر دعوى المخاصمة فى غرفة مشورة فى أول جلسة تعقد بعد الثمانية أيام التالية للتبليغ على خلاف الأصل المقرر من أن جلسات المحاكم علانية ، إلا أنه يتعين أن ينطق القاضى بالحكم الصادر فيها علانية و إلا شابه البطلان عملاً بنص المادة 174 من ذات القانون ، و هو بطلان يتعلق بالنظام العام إعتباراً بأن علانية النطق بالحكم قاعدة جوهرية يجب مراعاتها إلا ما أستثنى بنص صريح تحقيقاً للغاية التى توخاها المشرع و هى تدعيم الثقة فى القضاء و الأطمئنان إليه فيتعين على هذه المحكمة أن تتعرض له رغم تنازل الطاعن عن التمسك بالسبب الأول الخاص ببطلان الحكم المطعون فيه لصدوره فى جلسة غير علانية .

(الطعن رقم 926 لسنة 46 جلسة 1983/03/10 س 34 ع 1 ص 666 ق 140)

16- إذ أوجبت المادة 495 من قانون المرافعات على طالب المخاصمة أن يودع مع التقرير المشتمل على أوجهها و أدلتها الأوراق المؤيدة لها ، و كان مقتضى المادة التالية لها أن تحكم المحكمة أولاً فى تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى و جواز قبولها ، فقد دلت على أن الفصل فى دعوى المخاصمة و هى فى مرحلتها الأولى ، مرحلة الفصل فى تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى و جواز قبولها ، لا يكون إلا على أساس ما يرد فى تقرير المخاصمة و الأوراق المودعة معه ، و على أنه لا يجوز فى هذه المرحلة تقديم أو قبول أوراق أو مستندات غير التى أودعت مع التقرير ، الأمر الذى ينبنى عليه أن يكون ضم قلم كتاب محكمة الإستئناف ملف الجنحة رقم ...... روض الفرج و الذى قال الطاعنان أنه يحوى فى التأشيرات و المذكرات المؤيدة لدعواهما ، مخالفاً لصريح القانون و إذ إلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر أنها و إستبعد هذا الملف من المستندات التى يحق للطاعنين التمسك بها فإنه يكون قد إلتزم صحيح القانون .

(الطعن رقم 1433 لسنة 47 جلسة 1981/04/23 س 32 ع 1 ص 1244 ق 229)

17- إن الحكم المطعون فيه و قد أقام قضاءه بعدم جواز قبول دعوى المخاصة لا على أساس أن المطعون عليهما أخطأ فى تقدير أو إستخلاص الوقائع أو فى تفسير القانون أو فى قصور مذكراتهما و إنما على أساس عدم وجود دليل على وقوع غش منهما أو تدليس أو خطأ مهنى جسيم ، فإن النعى عليه فيما أورده من تفسير للغش أو الخطأ الجسيم يكون غير منتج لا صالح للطاعنين فيه .

(الطعن رقم 1433 لسنة 47 جلسة 1981/04/23 س 32 ع 1 ص 1244 ق 229)

18- مؤدى نص المادتين 495 ، 496 من قانون المرافعات - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الفصل فى دعوى المخاصمة و هى فى مرحلتها الأولى - مرحلة الفصل فى تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى و جواز قبولها - لا يكون إلا على أساس ما يرد فى تقرير المخاصمة و الأوراق المودعة معه ، و أنه لا يجوز للمخاصم فى هذه المرحلة تقديم أوراق أو مستندات غير التى أودعها مع التقرير ، إلا أن ذلك لا يمنع القاضى المخاصم من تقديم المستندات المؤيدة لدفاعه و لا ينفى حق المحكمة فى الإستناد إلى ما يحويه ملف الدعوى من أوراق لتكوين عقيدتها . لما كان ذلك و كان التصرف محل دعوى المخاصمة هو الحكم الذى أصدرته الدائرة المشكلة من المطعون عليهم بتاريخ 1973/1/10 فى الدعويين رقم 341 ، 342 سنة 1965 مدنى بنها الإبتدائية ، و كان ضم ملف هاتين الدعويين إنما كان تنفيذاً لقرار المحكمة الصادر بجلسة 1973/3/11 و فى حضور المخاصمين بناء على طلب المطعون عليه الأول ، فإن الحكم المطعون فيه إذ عول فى قضائه على ما تضمنه هذا الملف من أوراق ، لا يكون قد خالف القانون .

(الطعن رقم 837 لسنة 43 جلسة 1978/01/24 س 29 ع 1 ص 286 ق 58)

شرح خبراء القانون

وترفع الدعوى بتقرير في قلم كتاب محكمة الاستئناف أو قلم كتاب محكمة النقض حسب الأحوال بالنظر إلى القاضي المدعى عليه، ويجب أن يشتمل التقرير على بيان الخصم المدعي والقاضي المدعى عليه وسبب الدعوى وأدلتها، وخشية من أن يتحرج المحامون من توقيع التقرير بالمخاصمة ، مما يؤدي عملاً إلى عدم التمكن من رفع دعوى المخاصمة ، أجاز القانون (مادة 495 مرافعات) - استثناء أن يوقع التقرير من الطالب نفسه دون المحامي، فإن لم يوقع الطالب على التقرير، فيكفي أن يوقع عليه من وكيله المحامي بشرط أن يكون موكلاً في هذا توكيلاً خاصاً، وقد حكم بأنه إذا أرفق بتقرير المخاصمة توكيل خاص للمحامي موقع التقرير ورد به أنه يوكله في رفع دعوى المخاصمة ضد محكمة النقض التي أصدرت الطعن ج رقم ........ لسنة ........ الصادر بجلسة ............ ، فإن هذا البيان كاف في تعيين شخص المخاصمين بأنهم أعضاء الدائرة التي فصلت في الطعن المشار إليه بما تتوافر صفته في رفع الدعوى، ولا يقبل الدفع بعدم قبولها استناداً إلى أن تقرير المخاصمة قد ورد بصيغة عامة خلت من اسم القاضي المخاصم أو الدائرة المطلوب مخاصمتها.

ومنعاً من رفع دعاوى مخاصمة كيدية ، تطلب القانون من الطالب أن يودع عند التقرير خمسمائة جنيه على سبيل الكفالة . (مادة 1 / 495 معدلة بالقانون 18 لسنة 1999) ولا تتعدد الكفالة بتعدد عدد القضاة المخاصمين، فإذا كانت المخاصمة موجهة إلى أعضاء الدائرة بأكملها ، فلا تتعدد الكفالة بقدر عدد أعضاء الدائرة، لأن العمل الصادر منهم والذي يطلب التعويض عنه هو عمل واحد.

كما يجب على الطالب أداء رسم ثابت على طلبه قدره مائتا جنيه (المادة 4 فقرة أخيرة من القانون رقم 90 لسنة 1944 معدلة بالقانون 18 لسنة 1999) ، وأن يرفق بالتقرير الأوراق المؤيدة للدعوى (مادة 495/أ و 2) .

ولا يترتب على مجرد رفع دعوى المخاصمة أي أثر على صلاحية القاضي المخاصم لنظر الدعوى المخاصم من أجلها.

المحكمة المختصة بدعوى المخاصمة:

تحرص التشريعات المختلفة على جعل الاختصاص بدعوى المخاصمة المحكمة أعلى درجة من المحكمة التي يتبعها القاضي المدعى عليه ، لضمان عدم عرض الدعوى على زملاء للمدعى عليه مما قد يؤثر في حيادهم ووفقاً للقانون المصري المحكمة المختصة هي كما يلي :

(أ) إحدى دوائر محكمة الاستئناف التي يتبعها المدعى عليه ، إذا كان قاضياً بالمحكمة الابتدائية أو أحد أعضاء النيابة لديها أو قاضياً بمحكمة الاستئناف أو النائب العام أو المحامي العام، ويأخذ نفس الحكم الرئيس بالمحكمة الابتدائية أو رئيس محكمة الاستئناف فإذا قضت هذه الدائرة بجواز قبول دعوى المخاصمة، أحالت الدعوى إلى دائرة أخرى بمحكمة الاستئناف إذا كان المخاصم قاضياً بالمحكمة الابتدائية أو رئيساً بها أو دائرة فيها أو أحد أعضاء النيابة لديها، وإلى دائرة خاصة مؤلفة من سبعة قضاة استئناف، حسب أقدميتهم إذا كان المخاصم قاضياً بمحكمة استئناف أو رئيسا لها أو دائرة فيها أو النائب العام أو المحامى العام . (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الأول ،  الصفحة :  408)

بطلان المخاصمة لعدم إيداع الكفالة أو النقص فيها:   (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء العاشر، الصفحة : 656 )

هذه المادة كانت تطابق المادتين 800، 801 من القانون القديم إلا أنها عدلت بعد ذلك بالقانون 23 لسنة 1992 وبمقتضاه عدل المشرع الفقرة الأولي من المادة بأن أوجب عند التقرير بالمخاصمة إيداع مبلغ مائتي جنيه على سبيل الكفالة ولم يكن النص قبل تعديله يوجب إيداع أي كفالة.

ثم عاد المشرع وأدخل بمقتضى القانون 18 لسنة 1999 تعديلاً آخر على المادة رفع بموجبه الكفالة مرة أخرى إلى 500 جنيه.

وقد نصت المادة العاشرة من قانون التعديل (۲۳ لسنة ۱۹۹۲) على أن يضاف إلى نص المادة 4 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية فقرة أخيرة نصها الآتي :

كما يفرض رسم ثابت مقداره مائة جنيه علي كل طلب رد، أو دعوى مخاصمة ، ويخضع هذا الرسم للإعفاء المنصوص عليه في المادة 6 من قانون العمل الصادر بالقانون 137 لسنة 1981 ، ومؤدى ذلك أن رافع دعوى المخاصمة أو الرد يتعين عليه أن يؤدي مبلغ مائة جنيه كمصروفات للدعوی عملاً بالمادة 4 من القانون رقم 9 لسنة 1944 وبعد ذلك يودع كفالة قدرها مائتي جنيه عملاً بالمادة 435 مرافعات ويسري على الأول ما يسري علي المصروفات، من أحكام فلا يجوز لقلم الكتاب أن يقبل الطلب قبل أداء رسم الطلب وإذا فات عليه وقبله تعين على المحكمة أن تستبعد دعوى المخاصمة من قائمة الجلسة إلا أنه إذا لم تلتفت المحكمة لذلك وقضت في الدعوى فإن الحكم لا يشوبه أي بطلان ويتولى قلم الكتاب تحصيل هذا الرسم وإذا رفعت دعوى المخاصمة بشأن دعوى عمالية فإن الإعفاء من أداء الرسوم القضائية المنصوص عليه في المادة 6 من قانون العمل يسري عليها وفقاً لما نصت عليه المادة 3 من قانون الرسوم السابق الإشارة إليها.

وقد أوجبت المادة إيداع الكفالة عند التقرير دعوى المخاصمة في قلم الكتاب ، ويثور البحث عما إذا كان يمتنع على قلم الكتاب أن يقبل دعوى المخاصمة إن لم تودع الكفالة كما هو الشأن في الرسم المقرر على الطلب، في تقديرنا أنه لا يجوز ذلك وإلا كان معنى ذلك أنه ينصب من نفسه محكمة تفصل في قبول الدعوى فإذا امتنع عن قبول التقرير لعدم إيداع الكفالة كان للخصم أن يلجأ للمستشار رئيس المحكمة الذي يأمر قلم الكتاب بقبول التقرير، غير أن قبول قلم الكتاب التقرير رغم عدم دفع الكفالة يجعل قضاء المحكمة بعدم قبول الدعوى أمراً محتوماً.

وإذا أودع مبلغ الكفالة ناقصاً فإنه يترتب على ذلك أيضاً أن تقضي المحكمة بعدم قبول الدعوى.

ومبلغ الكفالة لا يخضع للإعفاء في الدعاوى العمالية لأن المشرع قصر الإعفاء على الرسم المقرر بالمادة 4 من القانون 90 لسنة 1944 بصريح نص المادة.

وقد أوردت المذكرة الإيضاحية للقانون 23 لسنة 1992 تعليقاً على هذه المادة ما يلي : 

وكان من البديهي تعديل الأحكام الخاصة بمخاصمة القضاء فيما يتعلق بزيادة قيمة الرسوم والغرامات المقررة في شأنها فاتجه المشروع إلى فرض رسم عند التقرير بالمخاصمة قدره مائة جنيه وهو الرسم الثابت الذي ورد التعديل في شأنه على القانون رقم 90 لسنة 1944 على النحو السابق الإشارة إليه وإيداع كفالة قدرها مائتا جنيه ، مع زيادة قيمة الغرامة في حدها الأدني إلي مائة جنيه بدلاً من خمسين جنيهاً في القانون القائم وفي حدها الأقصى إلى ألف جنيه بدلاً من مائتي جنيه، وهي الأحكام التي تناولها تعديل المادتين 495، 499 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

ويجب على المحكمة عند الفصل في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى أن تتحقق من أن الدعوى قد رفعت طبقاً للإجراءات التي نص عليها القانون و عليها أن تبحث في أسباب المخاصمة على أساس ما ورد في تقرير المخاصمة والأوراق التي أودعت معه فلا يجوز لها إجراء تحقيق أو قبول مستندات غير التي أودعت مع التقرير وهذا الأمر لا يسري إلا على طالب المخاصمة فقط أما القاضي المرفوع عليه دعوى المخاصمة فله أن يتقدم بالمستندات المؤيدة لدفاعه ويجوز للمحكمة أن تستند إليها في حكمها.

لا يجوز لجهة قضاء أن تفصل في دعوى مخاصمة تقام ضد أحد أعضاء جهة قضائية أخرى :

من المقرر أنه لا يجوز لجهة قضاء أن تفصل في دعوى مخاصمة تقام ضد أعضاء أو أحد أعضاء جهة قضائية أخرى مثال ذلك أن تقام دعوى مخاصمة أمام جبهة القضاء العادي ضد أحد أعضاء مجلس الدولة أو العكس أو أن تقام دعوى مخاصمة أمام جهة القضاء العادي أو مجلس الدولة ضد أحد أعضاء محكمة القيم أو العكس ، وذلك أن كل جهة قضاء تستقل في أن تقضى في الدعاوى التي تدخل في حدود اختصاصها ولا ولاية للجهة الأخرى في التعقيب عليها أو إبطالها أو التعويض عنها وينبني على ذلك على أنه لا يجوز مخاصمة أحد أعضاء أي جهة إلا أمامها وفقاً للاختصاص الذي قرره قانون تلك الجهة.

 ويستثنى مما تقدم ألا يرد في قانون تلك الجهة نص خاص بدعوى المخاصمة وفي هذه الحالة لا مناص من الرجوع للقواعد التي نص عليها قانون المرافعات.

وقد ورد في قانون الجهة القضائية نص على اختصاصها بنظر دعوى المخاصمة إلا أنه لم ينظم قواعدها وإجراءاتها وحينئذ يتعين الرجوع إلى القواعد والإجراءات المنصوص عليها في قانون المرافعات. (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء الثامن ، الصفحة : 794)

 تعديل المادة 495 مرافعات بالقانون 23 لسنة 1992 والمذكرة الإيضاحية له والقانون 18 لسنة 1999:

تم تعديل الفقرة الأولى من المادة 495 - محل التعليق - بمقتضی القانون رقم 23 لسنة 1992، وذلك بأن أوجب المشروع عند التقرير بالمخاصمة إيداع مبلغ مائتي جنيه على سبيل الكفالة، ولم يكن النص قبل تعديله يوجب إيداع أي كفالة.

ويلاحظ أن المادة العاشرة من قانون التعديل رقم 23 لسنة 1992 قد نصت على أن يضاف إلى نص المادة 4 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية فقرة أخيرة نصها الآتي  .

كما يفرض رسم ثابت مقداره مائة جنيه على كل طلب رد، أو دعوى مخاصمة، ويخضع هذا الرسم للإعفاء المنصوص عليه في المادة 6 من قانون العمل الصادر بالقانون 137 لسنة 1981، ومؤدى ذلك أن رافع دعوى المخاصمة أو الرد يتعين عليه أن يؤدي مبلغ مائة جنيه كمصروفات للدعوی عملاً بالمادة 4 من القانون رقم 9 لسنة 1994 وبعد ذلك يودع كفالة قدرها مائتا جنيه عملاً بالمادة 495 مرافعات . " ويسري على الأول ما يشرى على المصروفات من أحكام فلا يجوز لقلم الكتاب أن يقبل الطلب قبل أداء رسم الطلب وإذا فات عليه وقبله تعبين على الحكمة أن تستبعد دعوى المخاصمة من قائمة الجلسة إلا إنه إذا لم تلتفت المحكمة لذلك وقضت في الدعوى فإن الحكم لا يشوبه البطلان ويتولى قلم الكتاب تحميل هذا الرسم، وإذا رفعت دعوى المخاصمة بشأن دعوى عمالية فإن الإعفاء من أداء الرسوم القضائية المنصوص عليه في المادة 6 من قانون العمل يسرى عليها وفقاً لما نصت عليه المادة 4 من قانون الرسوم سالفة الذكر.

وقد أوجبت المادة إيداع الكفالة عند التقرير بدعوى المخاصمة في قلم الكتاب ويثور التساؤل عما إذا كان يمتنع على قلم الكتاب أن يقبل دعوى المخاصمة إنا لم تودع الكفالة كما هو الشأن في الرسم المقرر على الطلب، لاشك أنه لا يجوز ذلك وإلا كان معنى ذلك أن قلم الكتاب سوف ينصب من نفسه محكمة تفصل في قبول الدعوى فإذا امتنع عن قبول التقرير لعدم إيداع الكفالة كان للخصم أن يلجأ للمستشار رئيس المحكمة الذي يأمر قلم الكتاب بقبول التقرير، غير أن قبول قلم الكتاب التقرير رغم عدم دفع الكفالة يجعل فضاء المحكمة بعد قبوله أمراً محتوماً إعمالاً للمادة 495 مرافعات - محل التعليق.  

ومبلغ الكفالة لا يخضع للإعفاء في الدعاوى العمالية لأن الشرع نمر الإعفاء على الرسم المقرر بالمادة 4 من القانون 90 لسنة 1944 بصريح نص المادة ( الديناصوري وعكاز . ص 1042 ) .

المحكمة المختصة بدعوى المخاصمة :

تحرص التشريعات المختلفة على جعل الاختصاص بدعوى المخاصمة لمحكمة أعلى درجة من المحكمة التي يتبعها القاضي المدعى عليه، لضمان عدم عرض الدعوى على زملاء للمدعى عليه بما قد يؤثر في حيادهم ( فتحي والي - بند 429 ، ص 880 و ص 881).  

وطبقاً لقانون المرافعات المصرى فإن المحكمة المختصة بنظر دعوى المخاصمة هي:

أولاً: إحدى دوائر محكمة الاستئناف التي يتبعها المدعى عليه إذا كان قاضياً بالمحكمة الابتدائية أو أحد أعضاء النيابة لديها أو مستشاراً بمحكمة الاستئناف والنائب العام أو المحامي العام ويأخذ نفس الحكم الرئيس بالمحكمة الابتدائية أو رئيس محكمة الاستئناف، فإذا قضت هذه الدائرة بجواز قبول دعوى المخاصمة أحالت الدعوى إلى دائرة أخرى بمحكمة الاستئناف إذا كان المخاصم قاضياً بالمحكمة الإبتدائية أو رئيساً بها أو دائرة فيها، أو أحد أعضاء النيابة لديها، وإلى دائرة خاصة مؤلفة من سبعة مستشارين حسب أقدميتهم إذا كان المخاصم مستشاراً بمحكمة استئناف أو رئيساً بها أو دائرة فيها أو النائب العام أو المحامي العام.

ثانياً: إحدى دوائر محكمة النقض إذا كان القاضي المخاصم مستشاراً بمحكمة النقض أو أحد نواب الرئيس أو الرئيس، فإن قضت بجواز المخاصمة أحالت الدعوى إلى الدوائر المجتمعية بمحكمة النقض، فإذا كانت المخاصمة موجهة إلى إحدى دوائر محكمة النقض رفعت إلى دائرة أخرى، فإن حكمت بجواز قبول المخاصمة أحالت الدعوى إلى الدوائر المجتمعة بمحكمة النقض. (فتحی والی بند 429 ص 881).

وقد قضت محكمة النقض بأنه لما كانت المادة 272 مرافعات تنص على أنه لا يجوز الطعن في أحكام محكمة النقض بأي طريق من طرق الطعن وإذ جاء سياق عبارة النص عاماً مطلقاً فقد دل على مراد المشرع في أن يكون منع الطعن منصباً على كافة الأحكام التي تصدرها هذه المحكمة دون قيد أو تخصيص فيما عدا الاستثناء المقرر بصريح نص الفقرة الثانية من المادة 147 مرافعات الذي أجاز إلغاء حكم النقض إذا قام بأحد القضاة الذين أصدروا الحكم سبب من أسباب عدم الصلاحية، لذلك فإنه لا يجوز قبول دعوى مخاصمة عن حكم صادر من محكمة النقض. (نقض مدني 1989 / 6 / 22 في الدعوى رقم 2745  لسنة 57 ق) وينتقد البعض في الفقه - بحق - هذا الحكم (فتحی والی بند 29 ، هامش 1 ص 881) على أساس أن دعوى المخاصمة ليست طريقاً من طرق الطعن في الأحكام، ولهذا فإن قبولها لا يمس قاعدة عدم جواز الطعن في أحكام النقض وإنما دعوى المخاصمة هي صورة خاصة لدعوی مسئولية مدني ضد القضاة إذا توافرت حالة من حالات هذه المسئولية التي حددها، القانون، والقول بعدم خضوع مستشاري النقض لدعوى المخاصمة بعني إعفائهم من أية مسئولية مدنية عن الغش أو الغدر أو التدليس أو الخطأ المهني الجسيم، وهو ما لا يمكن التسليم به حرصاً على سمعة القضاء وهو على كل حال استثناء يلزم لتقريره نص تشریعی، أما أن دعوى المخاصمة تؤدي إلى بطلان الحكم، فإن هذا البطلان ليس نتيجة للطعن في الحكم، وإنما نتيجة لثبوت غش القاضي مصدر الحكم أو خطئه، كما أن حكم النقض سالف الذكر يخالف صریح نص المادة 497 من قانون المرافعات الذي ينظم الاختصاص بنظر دعوى المخاصمة، إذا كان المخاصم مستشاراً بمحكمة النقض، كما أن هذا الحكم يخالف أحكاماً أخرى لمحكمة النقض نظرت دعوى مخاصمة مرفوعة ضد مستشاري محكمة النقض (انظر: حكم النقض مدنی 1989 / 2 / 22 في الدعوى رقم 2658 لسنة 58 ق، وقد قضى بعدم جواز المخاصمة لعدم توافر الخطأ المهني الجسيم الذي ينسبه المدعى للسادة المستشارين).

عدم اختصاص جهة القضاء بالفصل في دعوى مخاصمة تقام ضد أحد أعضاء جهة قضائية أخرى اللهم إلا إذا نص قانون هذه الجهة الأخيرة على ذلك الأصل أنه لا يجوز لمحاكم جهة قضاء أن تفصل في دعوى مخاصمة تقام ضد أحد أعضاء محكمة تتبع جهة قضائية أخرى، فمثلاً ليس المحكمة مدنية تتبع جهة القضاء المدني أن تنظر دعوى مخاصمة بشأن مخاصمة قاضي محكمة إدارية تبع مجلس الدولة أو قاض بمحكمة القيم مثلاً باعتبارها جبهة مستقلة والعكس صحيح أيضاً، فليس لأي جهة أن تتعدى ولايتها الجهة الأخرى راجع تفاصيل الاختصاص الولائي «الوظيفي، في الجزء الثاني من هذا المؤلف).

ولكن يستثنى من ذلك ألا يرد في قانون الجهة القضائية نص خاص بدعوى الخاصة، وفي هذه الحالة لا مناص من الرجوع للقواعد التي نص عليها قانون المرافعات. (انظر: نقض 12/ 2 / 1989 طعن رقم 2026 لسنة 52 قضائية).

ميعاد رفع دعوى المخاصمة: لم ينص القانون على ميعاد خاص لرفع دعوى المخاصمة، والرأي الراجح هو إخضاعها لميعاد تقادم دعوى المسئولية المدنية (سوليس وبيرو ج1 بند 883 ص 706 فتحی والي - بند 420 ص882). فهي تتقادم بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر و بالشخص المسئول عنه وعلى أية حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع وفقاً للفقرة الأولى من المادة 172/1 مدني: (ووفقاً للفقرة الثانية من المادة 172 مدنی: فإنه إذا كانت دعوى المسئولية ناشئة عن جريمة فلا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية).. على أنه يلاحظ أنه إذا كانت المخاصمة بسبب إنكار العدالة، فإن مدة التقادم لا تبدأ إلا بعد مضي ثمانية أيام من ثاني إعذار (مادة 494 مرافعات).

إجراءات رفع دعوى المخاصمة: وفقاً للمادة 495- محل التعليق - ترفع الدعوى بتقرير في قلم كتاب محكمة الاستئناف أو قلم كتاب محكمة النقض حسب الأحوال بالنظر إلى القاضي المدعى عليه، ويجب أن يشمل التقرير على بيان سبب الدعوى وأدلتها، وخشية من أن يتحرج المحامون من توقيع التقرير بالمخاصمة، مما يؤدي عملاً إلى عدم التمكن من رفع دعوى المخاصمة أجاز القانون في المادة 495 - محل التعليق - استثناء - أن يرفع التقرير من الطلب نفسه دون المحامی ويعتبر نص المادة 1 / 495 استثناء من القاعدة التي تنص عليها المادة 58 من قانون المحاماة والتي توجب توقيع محام على صحف الدعاوى أمام المحاكم الابتدائية وعلى صحة الاستئناف والنقض فإن لم يوقع الطالب على التقرير فيكفي أن يوقع عليه من وكيله للحامي بشرط أن يكون موکلاً في هذا توكيلاً خاصاً، ومنعاً من رفع دعاوى مخاصمة كيدية تطلب القانون من الطالب أن يودع عند التقرير خمسمائة جنيه على سبيل الكفالة. (مادة 1 / 495 - محل التعليق)، كما فرض على الطالب أداء رسم ثابت .على طلبه قدره مائة جنيه (المادة 40 فقرة أخيرة من القانون رقم 40 لسنة 1944 مضافة بالمادة العاشرة من القانون 23 لسنة 1992)، وأن ترفق بالتقرير الأوراق المؤيدة للدعوى (مادة 1/ 495 و 2 ). ولا يترتب على مجرد رفع دعوى المخاصمة أي أثر على صلاحية القاضي المخاصم لنظر الدعوى المخاصم من أجلها إن تنص المادة 498 على أن القاضي المخاصم يكون غير صالح لنظر الدعوى «من تاريخ الحكم بجواز قبول المخاصمة. وهو ما يعني أنه صالح لنظرها قبل هذا الحكم (فتحي والي - ص 882).

وينبغي ملاحظة أن دعوى المخاصمة التي ترفع ضد أحد مستشارى محكمة النقض إنما ترفع بتقرير في قلم كتاب محكمة النقض فإن رفعت بتقرير في قلم كتاب محكمة استئناف القاهرة كانت غير مقبولة.

ويلاحظ أيضاً أنه يجب على المحكمة عند الفصل في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى أن تتحقق من أن الدعوى قد رفعت طبقاً للإجراءات التي نص عليها القانون وعليها أن تبحث في أسباب المخاصمة على أساس ما ورد في تقرير المخاصمة والأوراق التي أودعت معه فلا يجوز لها إجراء تحقيق أو قبول مستندات غير التي أودعت مع التقرير، وهذا الأمر لا يسرى إلا على طالب المخاصمة فقط أما القاضي المرفوعة عليه دعوى المخاصمة فله أن يتقدم بالمستندات المؤيدة لدفاعه ويجوز للمحكمة أن تستند إليها في حكمها.(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء / السادس ، الصفحة : 766 ) 

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الرابع عشر ، الصفحة / 141

الضَّمَانُ وَالْكَفَالَةُ:

الضَّمَانُ وَالْكَفَالَةُ قَدْ يُسْتَعْمَلاَنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ الضَّمَانُ لِلدَّيْنِ وَالْكَفَالَةُ لِلنَّفْسِ، وَهُمَا مَشْرُوعَانِ لِلتَّوْثِيقِ. إِذْ فِيهِ ضَمُّ ذِمَّةِ الْكَفِيلِ إِلَى ذِمَّةِ الأْصِيلِ عَلَى وَجْهِ التَّوْثِيقِ، وَالأْصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى( وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ).

وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأْكْوَعِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِرَجُلٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ دِينَارَانِ، قَالَ: هَلْ تَرَكَ لَهُمَا وَفَاءً؟ قَالُوا: لاَ، فَتَأَخَّرَ فَقِيلَ: لِمَ لاَ تُصَلِّي عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: مَا تَنْفَعُهُ صَلاَتِي وَذِمَّتُهُ مَرْهُونَةٌ إِلاَّ إِنْ قَامَ أَحَدُكُمْ فَضَمِنَهُ. فَقَامَ أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ: هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

وَلأِنَّ الْكَفَالَةَ تُؤَمِّنُ الدَّائِنَ عَنِ التَّوَى بِإِفْلاَسِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَعْدَمَ الْمَضْمُونُ أَوْ غَابَ أَنَّ الضَّامِنَ يَغْرَمُ الْمَالَ. وَإِذَا حَضَرَ الضَّامِنُ وَالْمَضْمُونُ وَهُمَا مُوسِرَانِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: لِلطَّالِبِ أَنْ يُطَالِبَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا؛ لأِنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الضَّامِنِ فَمَلَكَ مُطَالَبَتَهُ كَالأْصِيلِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ لِمَالِكٍ.

وَفِي قَوْلِهِ الآْخَرِ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ مَعَ وُجُودِ الأْصِيلِ إِلاَّ إِذَا تَعَذَّرَتْ مُطَالَبَةُ الأْصِيلِ؛ لأِنَّ الْكَفَالَةَ لِلتَّوَثُّقِ فَلاَ يُسْتَوْفَى الْحَقُّ مِنَ الْكَفِيلِ إِلاَّ عِنْدَ تَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ مِنَ الأْصِيلِ كَالرَّهْنِ.

هَذَا وَشُرُوطُ الضَّمَانِ وَمَنْ يَصِحُّ مِنْهُ وَمَا يَصِحُّ بِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَيْ: (كَفَالَةٌ وَضَمَانٌ).

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الحادي والعشرون ، الصفحة / 22

دَلِيلٌ

التَّعْرِيفُ:

الدَّلِيلُ لُغَةً: هُوَ الْمُرْشِدُ وَالْكَاشِفُ، مِنْ دَلَلْتُ عَلَى الشَّيْءِ وَدَلَلْتُ إِلَيْهِ.

وَالْمَصْدَرُ دُلُولَةٌ وَدَلاَلَةٌ، بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا وَضَمِّهَا. وَالدَّالُّ وَصْفٌ لِلْفَاعِلِ.

وَالدَّلِيلُ مَا يُتَوَصَّلُ بِصَحِيحِ النَّظَرِ فِيهِ إِلَى الْعِلْمِ بِمَطْلُوبٍ خَبَرِيٍّ وَلَوْ ظَنًّا، وَقَدْ يَخُصُّهُ بَعْضُهُمْ بِالْقَطْعِيِّ.

وَلِذَلِكَ كَانَ تَعْرِيفُ أُصُولِ الْفِقْهِ بِأَنَّهُ «أَدِلَّةُ الْفِقْهِ» جَارِيًا عَلَى الرَّأْيِ الأَْوَّلِ الْقَائِلِ بِالتَّعْمِيمِ فِي تَعْرِيفِ الدَّلِيلِ بِمَا يَشْمَلُ الظَّنِّيَّ؛ لأَِنَّ أُصُولَ الْفِقْهِ الَّتِي هِيَ أَدِلَّةُ الْفِقْهِ الإِْجْمَالِيَّةِ تَشْمَلُ مَا هُوَ قَطْعِيٌّ، كَالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَمَا هُوَ ظَنِّيٌّ كَالْعُمُومَاتِ وَأَخْبَارِ الآْحَادِ وَالْقِيَاسِ وَالاِسْتِصْحَابِ. وَمِنْ هُنَا عَرَّفَهُ فِي الْمَحْصُولِ وَفِي الْمُعْتَمَدِ بِأَنَّهُ: «طُرُقُ الْفِقْهِ»؛ لِيَشْمَلَ الْقَطْعِيَّ وَالظَّنِّيَّ.

الأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الأْمَارَةُ:

الأْمَارَةُ فِي اللُّغَةِ: الْعَلاَمَةُ وَزْنًا وَمَعْنًى - كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ - وَهِيَ عِنْدَ الأْصُولِيِّينَ: مَا أَوْصَلَ إِلَى مَطْلُوبٍ خَبَرِيٍّ ظَنِّيٍّ.

وَلَمْ يُفَرِّقِ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ الأَْمَارَةِ وَالدَّلِيلِ. وَعِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ: الأَْمَارَةُ مَا يُؤَدِّي النَّظَرُ الصَّحِيحُ فِيهِ إِلَى الظَّنِّ، سَوَاءٌ أَكَانَ عَقْلِيًّا أَمْ شَرْعِيًّا. أَمَّا الْفُقَهَاءُ فَالأَْمَارَاتُ الْعَقْلِيَّةُ عِنْدَهُمْ أَدِلَّةٌ كَذَلِكَ.

ب - الْبُرْهَانُ:

الْبُرْهَانُ: الْحُجَّةُ وَالدَّلاَلَةُ، وَيُطْلَقُ خَاصَّةً عَلَى مَا يَقْتَضِي الصِّدْقَ لاَ مَحَالَةَ. وَهُوَ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ مَا فَصَلَ الْحَقَّ عَنِ الْبَاطِلِ، وَمَيَّزَ الصَّحِيحَ مِنَ الْفَاسِدِ بِالْبَيَانِ الَّذِي فِيهِ.

ج - الْحُجَّةُ:

الْحُجَّةُ: الْبُرْهَانُ الْيَقِينِيُّ، وَهُوَ مَا تَثْبُتُ بِهِ الدَّعْوَى مِنْ حَيْثُ الْغَلَبَةُ عَلَى الْخَصْمِ.

وَالْحُجَّةُ الإِْقْنَاعِيَّةُ، هِيَ الَّتِي تُفِيدُ الْقَانِعِينَ الْقَاصِرِينَ عَنْ تَحْصِيلِ الْمَطَالِبِ بِالْبَرَاهِينِ الْقَطْعِيَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَرُبَّمَا تُفْضِي إِلَى الْيَقِينِ بِالاِسْتِكْثَارِ.

الأَْدِلَّةُ الْمُثْبِتَةُ لِلأَْحْكَامِ:

الأَْدِلَّةُ الْمُثْبِتَةُ لِلأَْحْكَامِ نَوْعَانِ: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ. فَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ وَهِيَ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالإِْجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ، الَّتِي تَرْجِعُ إِلَيْهَا أَدِلَّةُ الْفِقْهِ الإِْجْمَالِيَّةُ، وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ كَثِيرٌ جَمَعَهَا الْقَرَافِيُّ فِي مُقَدِّمَةِ الذَّخِيرَةِ، مِنْهَا: الاِسْتِحْسَانُ، وَالْمَصَالِحُ الْمُرْسَلَةُ، وَسَدُّ الذَّرِيعَةِ، وَالْعُرْفُ، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ، وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا، وَالاِسْتِصْحَابُ، وَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَغَيْرِهَا وَيُقْصَدُ بِالأَْحْكَامِ: الأَْحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ الْخَمْسَةُ: الْوُجُوبُ، وَالنَّدْبُ، وَالإِْبَاحَةُ، وَالْكَرَاهَةُ، وَالْحُرْمَةُ. وَالأَْحْكَامُ الْوَضْعِيَّةُ: كَالشَّرْطِ، وَالْمَانِعِ، وَالسَّبَبِ وَنَحْوِهَا.

الدَّلِيلُ الإِْجْمَالِيُّ وَالدَّلِيلُ التَّفْصِيلِيُّ:

عَرَّفَ الأُْصُولِيُّونَ أُصُولَ الْفِقْهِ لَقَبًا بِأَنَّهُ «أَدِلَّةُ الْفِقْهِ الإِْجْمَالِيَّةُ» مِنْ حَيْثُ إِنَّ مَوْضُوعَهُ الأَْدِلَّةُ الإِْجْمَالِيَّةُ، وَهِيَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالإِْجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ، وَهِيَ الأَْدِلَّةُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا، وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ أَدِلَّةٍ مُخْتَلَفٍ فِيهَا إِلاَّ أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى الأَْرْبَعَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَهِيَ الاِسْتِحْسَانُ، وَالاِسْتِصْحَابُ، وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ، وَالاِسْتِصْلاَحُ. وَعِلْمُ أُصُولِ الْفِقْهِ يَبْحَثُ فِي إِثْبَاتِ حُجِّيَّةِ الأَْدِلَّةِ وَطُرُقِ دَلاَلَتِهَا عَلَى الأَْحْكَامِ.

وَالدَّلِيلُ إِنْ نُظِرَ إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الأَْحْكَامِ كَانَ دَلِيلاً إِجْمَالِيًّا، وَإِنْ نُظِرَ إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الأَْحْكَامِ كَانَ دَلِيلاً تَفْصِيلِيًّا. وَمِثَالُ ذَلِكَ قوله تعالي وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ. فَمِنْ حَيْثُ إِنَّهُ أَمْرٌ، وَأَنَّ الأَْمْرَ يُفِيدُ الْوُجُوبَ، كَانَ دَلِيلاً إِجْمَالِيًّا.

وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهُ أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِوُجُوبِ الصَّلاَةِ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ كَانَ دَلِيلاً تَفْصِيلِيًّا.

الدَّلِيلُ الْقَطْعِيُّ وَالدَّلِيلُ الظَّنِّيُّ:

تَنْقَسِمُ الأَْدِلَّةُ السَّمْعِيَّةُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ مِنْ حَيْثُ الثُّبُوتُ وَالدَّلاَلَةُ:

قَطْعِيُّ الثُّبُوتِ وَالدَّلاَلَةِ، كَبَعْضِ النُّصُوصِ الْمُتَوَاتِرَةِ الَّتِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى (تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ)

وَقَطْعِيُّ الثُّبُوتِ ظَنِّيُّ الدَّلاَلَةِ، كَبَعْضِ النُّصُوصِ الْمُتَوَاتِرَةِ الَّتِي يُخْتَلَفُ فِي تَأْوِيلِهَا.

وَظَنِّيُّ الثُّبُوتِ قَطْعِيُّ الدَّلاَلَةِ، كَأَخْبَارِ الآْحَادِ ذَاتِ الْمَفْهُومِ الْقَطْعِيِّ.

وَظَنِّيُّ الثُّبُوتِ وَالدَّلاَلَةِ، كَأَخْبَارِ الآْحَادِ الَّتِي مَفْهُومُهَا ظَنِّيٌّ.

وَرَتَّبَ أُصُولِيُّو الْحَنَفِيَّةِ عَلَى هَذَا التَّقْسِيمِ ثُبُوتَ الْحُكْمِ بِقَدْرِ دَلِيلِهِ:

فَبِالْقِسْمِ الأَْوَّلِ يَثْبُتُ الْفَرْضُ، وَبِالْقِسْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ يَثْبُتُ الْوُجُوبُ، وَبِالْقِسْمِ الرَّابِعِ يَثْبُتُ الاِسْتِحْبَابُ وَالسُّنِّيَّةُ.

وَهَذَا التَّقْسِيمُ جَارٍ عَلَى اصْطِلاَحِ الْحَنَفِيَّةِ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ، خِلاَفًا لِلْجُمْهُورِ. وَيُنْظَرُ فِي تَفْصِيلِ مَا تَقَدَّمَ: الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ فِي مَوَاضِعِهِ. وَكَذَلِكَ مُصْطَلَحُ: «اسْتِدْلاَل» «وَتَرْجِيح.

التعليقات معطلة.