موسوعة قانون المرافعات
1- إن المادة 494 من قانون المرافعات اجازت مخاصمة القضاه وأعضاء النيابة ، وكانت كلمة " القضاه " فى مقصود هذه المادة وحملاً على سياق نص المادة 497 من ذات القانون التى تناولت ضوابط تحديد المحكمة المختصة بنظر موضوع المخاصمة إنما تنصرف – بالنسبة إلى قضاه المحاكم العادية – إلى مختلف درجاتهم فى هذه المحاكم التى تتكون من محكمة النقض ، ومحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية بما يتبعها من محاكم جزئية ، وأعضاء النيابة العامة ، ولا يمتد سريانها إلى غيرهم إلا إذا نص قانون آخر يجيز ذلك
(الطعن رقم 7701 لسنة 84 جلسة 2015/06/16)
2- النص فى المواد 494 ، 495 ، 497 من قانون المرافعات يدل على أن القواعد المنظمة لدعوى المخاصمة لا تسرى إلا على المخاطبين بأحكامها من قضاء المحاكم العادية و أعضاء النيابة العامة لديها ، و لا يمتد سريانها على غيرهم ممن يعملون لدى جهات قضائية أخرى إلا إذا نص قانون آخر على ذلك ، و إذ كان قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 فى المواد 60 ، 61 ، 62 قد نظم حالات عدم صلاحية القضاة العسكريين لنظر الدعوى و طلب ردهم عن نظرها دون أن يرد به نص على جواز مخاصمتهم طبقاً لقواعد دعوى مخاصمة قضاة المحاكم العادية المقررة بقانون المرافعات ، و كان نص المادة العاشرة من القانون آنف الذكر إنما قصد به الإحالة إلى القوانين العامة فى شأن ما يعترى مواد قانون الأحكام العسكرية من نقض فى الأحكام المتعلقة بالإجراءات أو العقوبات الخاصة بالدعاوى الجنائية التى يختص القضاء العسكرى بنظرها دون إجراءات الدعاوى المدنية التى حظرت المادة 49 منه على المحاكم العسكرية قبول نظرها ، و أما النص الآخر الذى أشار إليه الطاعن و المقرر بالمادة 58 من هذا القانون فلا يستفاد منه إخضاع هؤلاء القضاء العسكريين للقواعد المنظمة لدعوى المخاصمة التى تسرى على قضاء المحاكم العادية . لما كان ذلك و كان الحكم المطعون فيه إنتهى فى منطوقه إلى القضاء بعدم جواز مخاصمة المطعون ضدهم الثلاثة الأول تأسيساً على أن دعوى المخاصمة المرفوعة عليهم غير مقبولة لعدم إنطباق أحكامها على قضاء المحاكم العسكرية فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون .
(الطعن رقم 2026 لسنة 52 جلسة 1989/06/22 س 40 ع 2 ص 657 ق 273)
3- الأصل هو عدم مسئولية القاضى عما يصدر منه من تصرفات أثناء عمله لأنه يستعمل فى ذلك حقاً خول له بالقانون ، و ترك له سلطة التقدير فيه ، إلا أن المشرع رأى أن يقرر مسئوليته على سبيل الإستثناء فى المادة 494 من قانون المرافعات فى الأحوال المنصوص عليها فيها على سبيل الحصر و من بينها إذا وقع منه فى عمله خطأ مهنى جسيم ، و يقصد به الخطأ الذى يرتكبه القاضى لوقوعه فى غلط فادح ما كان ليساق إليه لو إهتم بواجباته الإهتمام العادى أو لإهماله فى عمله أهمالاً مفرطاً ، و يستوى فى ذلك أن يتعلق خطؤه بالمبادىء القانونية أو بوقائع القضية الثابتة فى أوراق الدعوى فيخرج عن دائرة هذا الخطأ تحصيل القاضى لفهم الواقع فى الدعوى و كل رأى أو تطبيق قانونى يخلص إليه بعد إمعان النظر و الإجتهاد ، و إستنباط الحلول القانونية المطروحة عليه و لو خالف فى ذلك أحكام القضاء و آراء الفقهاء .
(الطعن رقم 2658 لسنة 58 جلسة 1989/02/22 س 40 ع 1 ص 544 ق 96)
4- إذ كانت الأسباب التى أقام عليها الحكم قضاءه لا تتضمن ثمه خطأ مهنى و كان لا ينال من ذلك ما ورد بأدلة المخاصمة من وجهة نظر أخرى للمسألة القانونية المطروحة و من ثم يتعين وفقاً لنص المادة 499 من قانون المرافعات القضاء بعدم جواز المخاصمه .
(الطعن رقم 2658 لسنة 58 جلسة 1989/02/22 س 40 ع 1 ص 544 ق 96)
5- القضاء فى طلب وقف تنفيذ الحكم الملتمس فيه هو قضاء وقتى لا يحوز - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوة الأمر المقضى لأن الفصل فى هذا الطلب إنما يستند إلى ما يبدو للمحكمة من ظاهر أوراق الدعوى بما يخولها أن تعدل عند الفصل فى الموضوع عن رأى إرتأته وقت الفصل فى هذا الطلب إذ ليس لحكمها فيه أى تأثير على الفصل فى الموضوع .
(الطعن رقم 1758 لسنة 50 جلسة 1984/05/17 س 35 ع 1 ص 1338 ق 257)
6- إذ كان تقدير مدى جسامة الخطأ الموجب لمسئولية المخاصم ضدهم من الأمور الموضوعية التى تستقل بتقديرها محكمة الموضوع ، و كان الحكم المطعون فيه قد خلص - فى حدود سلطته التقديرية - أن الطعون الموجهة إلى القضاء الصادر بوقف تنفيذ الحكم الملتمس فيه محل المخاصمة طعون موضوعية و لا ترقى إلى الخطأ المهنى الجسيم فإن النعى على هذا الحكم و المنازعة فى مدى جسامة الخطأ المنسوب إلى المطعون ضدهم يكون مجادلة موضوعية فيما تستقل بتقديره محكمة الموضوع تنحسر عنها رقابة محكمة النقض .
(الطعن رقم 1758 لسنة 50 جلسة 1984/05/17 س 35 ع 1 ص 1338 ق 257)
7- المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أنه لما كان القضاء ولاية لا تستقيم لصاحبها إلا أن يأمن جوْر الناس وتدخل السلطان ولا يتحقق له ذلك بغير استقلاله فيما يعرض عليه من دعاوى عند أى تدخل تفرضه جماعة أو فرد أو يوحى به رأى يؤثر فى وجدانه أو ينحرف بحيدته عن جادة الصواب ، ولا يكون له هذا الاستقلال إلا أن يُحاط بسياج من القواعد والأحكام التى تفرض على من ابتغى مخاصمته أن يسلكها حتى تتحطم معها سهام الجور وسوء القصد ، وعلى ذلك ورد النص فى الدستور على أن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم فى قضائهم لغير القانون ، وفرض المشرع فيما تضمنه الباب الثانى من الكتاب الثالث من قانون المرافعات أحكام مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة فى المواد من 494 حتى 500 مستوجباً أن تكون المخاصمة قاصرة على الحالات التى حددها على سبيل الحصر وأن يتم التقرير بها ونظر دعواها طبقاً لإجراءات فرضها وضمانات ارتآها وقواعد سَنَّها لا تتقيد فى الكثير منها مع القواعد العامة لإجراءات التقاضى سواء من حيث تشكيل المحكمة التى تنظر الدعوى أو درجة التقاضى المقررة لها أو الطلبات الجائز للخصوم إبداؤها وما يجوز للمحكمة أن تتعرض له من تلقاء نفسها ، وقصر المخاصمة على تعلق سببها بما يقوم به القاضى من أعمال قضائية فلا يتسع نطاقها لغير ذلك مما يباشره خارج هذا النطاق وإلا كانت المخاصمة سبيلاً لحصار القاضى فى كل ما يتصل بتصرفاته وينقلب القصد من الحماية الى الاستباحة فيضيع الأمان وينمحى الاستقلال ..... وأن دعوى المخاصمة هى دعوى مسئولية ترمى إلى تعويض ضرر أصاب المخاصم وتستند إلى قيام القاضى بعمل أو إصدار حكم مشوب بعيب يجيز مخاصمته ، وكان الأصل هو عدم مسئولية القاضى عما يصدره من تصرفات فى عمله لأنه يستعمل فى ذلك حق خوَّلَه له القانون وترك له سلطة التقدير فيه ، وأجاز المشرع استثناءً من هذا الأصل مساءلة القاضى عن الضرر الناشئ عن تصرفاته فى عمله فى أحوال معينه بيَّنَها على سبيل الحصر فى المادة 494 من قانون المرافعات ورسم طريقاً خاصاً لهذه المساءلة وهو رفع دعوى المخاصمة ، وأفرد لها إجراءات خاصة وأحاطها بضمانات تكفل توفير الطمأنينة للقاضى فى عمله ، ومن ثَم فلا يجوز التوسع فى هذا الاستثناء أو القياس عليه سواء فيما يتصل بأحوالها أو الخاضعين لأحكامها ، وأنه يتعين عند تفسير نصوص القانون مراعاة التناسق فيما بينها على نحو يوجب ألا يفسَّر نص بمعزل عن آخر.
(الطعن رقم15520 لسنة 92 ق- جلسة 12 / 3 / 2023)
مرحلة الفصل في دعوى المخاصمة :
إذا رأت المحكمة جواز قبول الدعوى ، وجب الإنتقال إلى نظر موضوعها . وهذه المرحلة الثانية لا تتم أمام الدائرة التي نظرت المرحلة الأولى ، وفقاً لما سبق بيانه عند تحديد المحكمة المختصة . وتنظر هذه المرحلة في جلسة علنية . على أن للمحكمة جعلها سرية وفقاً للقواعد العامة . ويحدد تاريخ هذه الجلسة في نفس الحكم القاضي بجواز قبول المخاصمة ، ويسمع فيها المدعى والقاسي المخاصم والنيابة العامة إذا تدخلت في دعوى المخاصمة (مادة 497 مرافعات). (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الأول ، الصفحة : 412)
إذا تبين للمحكمة التي تنظر المرحلة الأولى من دعوى المخاصمة تعلق الأوجه التي تضمنها التقرير بالدعوى وتوافرها وفقاً للمادة (494) من قانون المرافعات، قضت بجواز قبول المخاصمة، وهو حكم لا ينهي الخصومة في دعوى المخاصمة مما لا يجوز الطعن فيه علي استقلال وإنما يطعن فيه مع الحكم الصادر في الموضوع.
فإن قضى بجواز قبول المخاصمة وكان المخاصم أحد قضاة المحكمة الابتدائية أو أحد أعضاء النيابة لديها، حدد الحكم جلسة لنظر موضوع المخاصمة في جلسة علنية أمام دائرة أخري من دوائر محكمة الاستئناف. فإن كان المخاصم مستشارا في إحدي دوائر محاكم الاستئناف أو النائب العام أو المحامي العام فتكون الإحالة علي دائرة خاصة مؤلفة من سبعة من المستشارين بحسب ترتيب أقدميتهم. أما إن كان المخاصم مستشارا بمحكمة النقض فتكون الإحالة إلي دوائر المحكمة مجتمعة. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء العاشر، الصفحة : 662)
تمر دعوى المخاصمة بمرحلتين الأولي وتنظرها إحدى الدوائر المنصوص عليها في المادتين 495، 496 وتفصل المحكمة في هذه المرحلة في تعلق أوجه المخاصمة في الدعوى وجواز قبولها ولها عند بحثها أن تستعرض أسباب المخاصمة وأدلتها لتستبين منها ارتباط الأدلة بأسباب المخاصمة والمرحلة الثانية هي مرحلة النظر في موضوع المخاصمة. وتبدأ هذه المرحلة بعد الحكم بجواز المخاصمة في المرحلة الأولي وتنظرها دائرة مشكلة على الوجه المبين في المادة 497 (المرافعات للدكتور رمزي سيف ص 67 ومرافعات الدكتور أبو الوفا ص 95) . (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثامن ، الصفحة : 806)
إن دعوى المخاصمة تمر بمرحلتين: الأولى في مرحلة جواز قبول المخاصمة وتعلقها بالدعوى، وقد نصت عليها المادة 291 التي سبق لنا التعليق عليها، والثانية هي مرحلة الفصل في دعوى المخاصمة وقد نصت عليها المادة 497 محل التعليق، فإذا انتهت المحكمة من المرحلة الأولى ورأت جواز قبول الدعوى انتقلت إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة نظر موضوع الدعوى، وهذه المرحلة لا تتم أمام الدائرة التي نظرت المرحلة الأولى، فإذا كان المخاصم أحد قضاة المحكمة الابتدائية أو أحد أعضاء النيابة لديها. حدد الحكم جلسة لنظر موضوع المخاصمة في جلسة علنية أمام بدائرة أخرى من دوائر محكمة الإستئناف ويحكم فيه بعد سماع الطالب والقاضي أو عضو النيابة المخاصم وأقوال النيابة العامة إذا تدخلت في الدعوى وإذا كان المخاصم مستشاراً في إحدى محاكم الاستئناف أو النائب العام أو المحامي العام فتكون الإحالة على دائرة خاصة مؤلفة من سبعة من المستشارين بحسب ترتيب أقدميتهم. أما إذا كان المخاصم مستشاراً بمحكمة النقض فتكون الإحالة إلى دوائز الحكمة مجتمعة.
وتنظر المحكمة الدعوى في هذه المرحلة في جلسة علنية، على أن للمحكمة جعلها سرية وفقا للقواعد العامة، ويحدد تاريخ هذه الجلسة في نفس الحكم القاضي بجواز قبول المخاصمة، ويسمع فيها المدعي والقاضي المخاصم والنيابة العامة إذا تدخلت في دعوى المخاصمة .
وتحكم المحكمة في هذه المرحلة بقبول الدعوى أو برفضها، وهي تحكم بقبول الدعوى لمجرد توافر سبب المخاصمة، وإنما يجب أن يثبت المدعي الضرر الذي أصابه من هذا السبب (استئناف الإسكندرية 1959 / 5 / 31 - منشور في مجلة إدارة قضايا الحكومة - سنة 3 عدد 2، ص 259 ). ذلك آن دعوى المخاصمة هي لغوی مسئولية ترمي إلى تعویض ضرر ما، وإذا كانت الدولة قد اختصمت في الدعوى حكم عليها أيضا بما يحكم على القاضي، على أن لها الرجوع على القاضي بما تدفعه وفقاً للقواعد العامة. (فتحى والى - بند 431 - ص 848 ) . (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / السادس ، الصفحة : 797 )

