جاء بمذكرة المشروع التمهيدي لنص المادة 391 من القانون المدني التي ألغيت والمطابقة لنص المادة 11 من قانون الإثبات الحالي بأن :
1- تعرض هذه المادة لتنظيم حجية الورقة الرسمية وهي تقابل المادة 275 من المشروع الفرنسي الإيطالي وتتضمن مزجاً من نصوص التقنين الفرنسي والتقنين الإيطالي والتقنين الهولندي .
والجوهري في هذا الصدد أن الورقة الرسمية تكون حجة بكل ما يلحق به وصف الرسمية فيها دون حاجة إلى الإقرار بها .
وتعتبر الورقة الرسمية حجة لا بالنسبة للمتعاقدين وحدهم بل وبالنسبة للغير فذلك شأنها من هذا الوجه شأن الورقة العرفية فيما عدا التاريخ . أما من حيث قوة الإثبات فتعتبر الورقة الرسمية حجة ما لم يطعن فيها بالتزوير أو يقيم الدليل على خلاف ما هو ثابت فيها .
ويراعى أن الطعن بالتزوير هو طريق خاص لإثبات العكس في الأوراق الرسمية علته ما يولي القانون من ثقة لصحة الإقرارات الصادرة في حضور الموظف العام وصحة ما يتولى إثباته من البيانات التي تدخل في حدود مهمته فإذا اقتضت مصلحة أحد من ذوى الشأن أن يقيم الدليل على عكس بيان من البيانات التي يلحق بها وصف الرسمية تعين عليه أن يلجأ إلى طريق الطعن بالتزوير .
وقد تكفل النص بتحديد هذه البيانات فقصرها على الأمور التي يثبتها الموظف العام في حدود مهمته أو التي تصدر من ذوي الشأن في حضوره وهي بهذا الوصف تتضمن :
أ) ما يثبت الموظف العام من وقائع أو أمور باعتبار أنه تولى ضبطها بنفسه ومن قبيل هذا الوقائع أو الأمور التاريخ ويعتبر ثابتاً من يوم تلقي الورقة وقبل قيدها في السجل المعد لذلك وبيان مكان تلقى الورقة والكتابة وتوقيع ذوي الشأن وتوقيع الموثق والبيانات المتعلقة بإتمام الإجراءات التي يتطلبها القانون .
ب) ما يصدر من ذوى الشأن في حضور الموظف ويدرك بالحس عن طريق الاتصال بالسمع أو الوقوع تحت البصر كالإقرارات أو وقائع التسليم ويراعى أن الموظف العام يثبت واقعة الإدلاء بهذه الإقرارات دون أن يمس ذلك صحتها فلو قرر أحد المتعاقدين أنه باع وقرر الآخر أنه أدى الثمن أثبت الموثق هذين الإقرارين وكان إثباته لهما دليلاً على الإدلاء بهما لا على صحة الوقائع التي تنطوي فيهما .
ويشترط أن تكون الوقائع أو الأمور المتقدم ذكرها مما يدخل في حدود مهمة الموثق لأن إلحاق صفة الرسمية بما يثبت الموظف العام في المحرر مشروط باقتصاره على هذه الحدود كما رسمها نص القانون فإن جاوزها انقطعت عنه الولاية وسقطت تبعاً لذلك قيمة ما يتولى إثباته على هذا الوجه فلو أثبت الموثق أن المتعاقد متمتع بقواه العقلية مثلاً فلا يكون الإثبات هذه الواقعة أثر في إمكان الإحتجاج بها لأن إثباتها ليس مما يدخل في مهمة من يتولى التوثيق .
2) وتكون إقرارات ذوى الشأن حجة على الكافة " ما لم يطعن في صحتها بالتزوير " ويراعى أن المشروع قد استعاض بعبارة "صحة الإقرارات " عن اصطلاح " صحة الإتفاق " وهو الاصطلاح الذي أختاره التقنين الفرنسي والتقنين الايطالي والمشروع الفرنسي الايطالي في معرض التعبير. والواقع أنه ينبغي تحامي الخلط بين صحة واقعة انعقاد العقد وبين صحة هذا العقد في ذاته فإذ قرر ذوو الشأن بمحضر من الموظف أن أحداهما باع وإن الآخر اشتری فالورقة تعتبر حجة على صدور الإقرارين وإثبات الموظف لهما بعد أن اتصلا بسمعة إلى أن يطعن فيهما بالتزوير أما حقيقة هذين الإقرارين في ذاتهما من حيث مبلغ مطابقتهما للواقع فلا حيلة للموثق في العلم بها وإثباتها لأنها ليست مما يقع تحت حسه .
ومؤدي هذا أن مجرد إثبات إقرار من الإقرارات فى ورقة رسمية لا يستتبع إمكان الإحتجاج بصحته الذاتية إلى أن يطعن في هذه الورقة بالتزوير مثل هذا الإقرار يعتبر صحيحاً أن يثبت العكس تفريعاً على أن الأصل في الإقرارات أن تكون صحيحة أما الصورية فهي إستثناء يتعين على من يتمسك به أن يقيم الدليل عليه وفقاً للقواعد العامة في الإثبات وغنى عن البيان أن من واجب القاضي أن يحترم المحرر الرسمي وأن يكفل نفاذه .
وغني عن البيان أن من واجب القاضي أن يحترم المحرر الرسمي وأن يكفل نفاذه، ولم ير محل لإيراد نص خاص بشأن الأمر بوقف تنفيذ الورقة الرسمية التي يُطعن فيها بالتزوير بصفة أصلية أو فرعية، وبيان الهيئة المختصة بإصدار هذا الأمر، ذلك أن مثل هذا النص يتعلق بقواعد الإجراءات، فمكانه الطبيعي تقنين المرافعات لا التقنين المدني .
1- مفاد النص فى الفقرة الأولى من المادة 11 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أنه "لا يجوز توجيه اليمين الحاسمه فى واقعة مخالفة لنظام العام". أن الشارع _ وعلى ما يؤخذ من مذكرة المشروع التمهيدي فى القانون المدني _ قد أقر الفقه والقضاء على ما قيدا به نطاق تطبيق اليمين الحاسمة ومنه ما رجح فى القضاء المصري من عدم جواز التحليف على واقعة تكون جريمة جنائية تأسيساً على أنه لا يصح أن يكون النكول عن اليمين دليلا على إرتكاب الجريمة ولا يجوز إحراج مركز الخصم وتحليفه مدنيا على ما لا يجوز التحليف عليه جنائياً .
( الطعن رقم 1990 لسنة 61 - جلسة 1995/04/19 - س 46 ع 1 ص 655 ق 131 )
2- إنه وإن كان لمحكمة الموضوع السلطة فى فهم الواقع فى الدعوى وفى تقدير الأدلة والموازنة بينها إلا أن ذلك مشروط بأن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها سائغاً له أصله الثابت بالأوراق لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف على قيام الطاعن باستغلال الجرارين المملوكين له بتأجيرهما للغير استناداً إلى ما تضمنه تقرير الخبير الذى ركن فى ثبوت هذا النشاط إلى أن طاقة الجرارين تفوق ما تحتاجه مالكها فى شئونه الخاصة لا يدل بذاته على أنه يستغلها بتأجيرها للغير ولا يوجه دفاع الطاعن القائم على استعمال الجرارين مقصور على خدمة الأرض التى يقوم فان الحكم يكون مشوباً بالفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب بما يوجب نقضه .
( الطعن رقم 582 لسنة 59 - جلسة 1995/12/21 - س 46 ع 2 ص 1442 ق 282 )
3- الأصل فى الإجراءات أنها روعيت صحيحه وعلى من يدعى مخالفتها إقامة الدليل على ذلك وأنه عند قيام تعارض بين ما أثبت بمحضر الجلسة فإن العبرة بما أثبت بالحكم ولا يجوز للخصم أن - يجحد ما أثبت به أو بمسودته من بيانات إلا بطريق الطعن عليهما بالتزوير وفقا للإجراءات القانون، وهو رخصة قررها المشرع له إن شاء إستعملها دون حاجة إلى الترخيص له بذلك من المحكمة .
( الطعن رقم 2096 لسنة 60 - جلسة 1994/07/10 - س 45 ع 2 ص 1183 ق 224 )
4- النص فى المادة11من قانون الإثبات رقم25لسنة1968 المقابلة للمادة391من القانون المدنى يدل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة على أن حجية الورقة الرسمية تقتصر على ما ورد بها من بيانات قام بها الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة فى حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن فى حضوره وهى البيانات التى لا بجوز انكارها إلا عن طريق الطعن بالتزوير لما فى إنكارها من مساس بالامانة والثقة المتوافرين فيها، ولا تمتد هذه الحجية إلى البيانات الأخرى الخارجة عن هذه الحدود أو ما تعلق بمدى صحة ما ورد على لسان ذوى الشأن من بيانات أو إقرارات ولأن إثباتها فى ورقة رسمية - أو عرفية تداخل فى تحريرها موظف عمومى - لايعطيها قوة خاصة فى ذاتها بالنسبة لحقيقة وقوعها فيرجع فى تحقيق امر صحتها أو عدم صحتها إلى القواعد العامة فى الإثبات .
( الطعن رقم 1618 لسنة 54 - جلسة 1993/02/04 - س 44 ع 1 ص 471 ق 79 )
5- المقرر- فى قضاء هذه المحكمة - أن حجية الورقة الرسمية وفقا لصريح المادة 11 من قانون الإثباتتقتصر على ما ورد بها من بيانات قام بها محررها فى حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن فى حضوره وإذ كان ما دون بالبطاقة الضريبية الخاصة بالطاعن من بيان باتخاذه الشقة محل النزاع فرعا لنشاطه المهنى فى المحاسبة إنما قد تم بناء على ما أدلى به تحت مسئوليته وليس نتيجة قيام محرر هذه البطاقة بتحري صحة هذا البيان فإن ما ورد بها فى هذا الشأن لا يلحقه الحجية وتخضع لما لقاضى الموضوع من سلطة فى تقدير الدليل ولا على الحكم المطعون فيه إن لم يعتد بالقرينة المستفادة من هذا المستند وأقام قضاءه على أدلة مناهضة استقاها من أقوال شهود المطعون ضدها ومن ثم فإن النعى بهذا الشق لا يعدو أن يكون جدلا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الأدلة المطروحة فى الدعوى والموازنة بينها وهو غير جائز إثارته أمام محكمة النقض .
( الطعن رقم 5599 لسنة 61 - جلسة 1992/06/25 - س 43 ع 1 ص 898 ق 186 )
6- لئن كان إثبات المحرر فى ورقة رسمية يجعله ثابت التاريخ يوم إثباته بها من الموظف المختص، ويكون هذا التاريخ حجة على شأنه شأن إثباته بالسجل المعد لذلك بالشهر العقار ، على ما تقتضي به المادة 15 من قانوناً الإثبات ، إلا أن شرط من يتمسك بعدم الاحتجاج عليه بالمحرر غير الثابت التاريخ أو اللاحق إثبات تاريخه أن يكون هو حسن النية أي غير عالم بسبق حصول التصرف الوارد بهذا المحرر وألا يكون قد اعترف بتاريخه صراحة أو ضمنا أو تنازل عن التمسك بعدم مطابقته للواقع، ذلك أن الواقع حقيقة هو المستهدف لتبنى عليه الأحكام وما النصوص القانونية المتعلقة بالإثبات إلا وسيلة للوصول إلى هذا الهدف، ومن ثم فإن هذه القاعدة بشروطها هذه هى التى يتعين إعمالها للتعرف على عقد الايجاري السابق عند إبرام أكثر من عقد عن ذات العين ليعتد به وحدة دون العقد أو العقود اللاحقة التى نص القانون صراحة على بطلانها ووضع جزاء جنائيا على إبرامها فى المادة 76 من ذات القانون رقم 49 لسنة 1977، ولا يغير من انطباق هذه القاعدة فى هذه الحالة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ما اشترطه المشروع بالفقرة الأولى من المادة 24 المذكور " فى القانون رقم 49 لسنة 1977 " من وجوب إبرام عقود الإيجار كتابة وإثبات تاريخها بمأمورية الشهر العقارى الكائنة بدائرتها العين المؤجرة لخلو النص من اشتراط أن يكون العقد الأول ثابت التاريخ لاعمال حكم الفقرة الرابعة من هذه المادة فى ترتيب بطلان العقود اللاحقة جزاء مخالفة الحظر الوارد فيها .
( الطعن رقم 969 لسنة 56 - جلسة 1992/02/24 - س 43 ع 1 ص 379 ق 81 )
7- حجية الورقة الرسمية وفقاً لصريح نص المادة 11 من قانون الاثبات تقتصر على ما ورد بها من بيانات قام بها محررها فى حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن فى حضوره كما أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى فهم الواقع فى الدعوى وفى تقدير ما يقدم لها من أدلة ومستندات وترجيح ما تطمئن إليه منها واستخلاص ما تراه متفقاً مع الواقع فى الدعوى دون رقابة عليها فى ذلك من محكمة النقض طالما كان استخلاصها سائغاً له أصل ثابت بالأوراق وإنها غير ملزمة بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات أو تتبعهم فى كافة مناحى دفاعهم وحججهم، ما دام قيام الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمنى المسقط لما عداها ولما كان ما دون بكشف مصلحة الضرائب - المنوه بسببى النعى - من بيان بشأن حجرات الشقة البحرية بالعقار الكائن به عين النزاع لا يفيد تحرى محرره عما إذا كان عقد الإيجار المؤرخ / / الذى تضمن إستئجار الطاعن مكتباً للأعمال التجارية والغير مبين به عدد حجراته - يشمل حجرة النزاع من عدمه فإنه لا يلحقه بذلك حجية الورقة الرسمية فى هذا الصدد - ويخضع فى تقريره لمحكمة الموضوع، لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن عرض فى أسبابه لما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة من أن الطاعن يستأجر حجرتين فى مواجهة حجرة النزاع التى يستأجرها المطعون ضدهما الثانى والثالث وأنه قد ضم هذه الحجرة إليه من عام 1965، ولما قدمه الطاعن من كشفى الضرائب العقارية للتدليل على أن الشقة المؤجرة له مكونه من ثلاث حجرات - خلص إلى اغتصاب الطاعن لحجرة النزاع المؤجرة للمطعون ضدهما الثانى والثالث وهو ما يدل على أن الحكم قد عول فى إستخلاصه على ما جاء بتقرير الخبير سالف البيان طارحاً القرينة التى إستند إليها الطاعن من كشفى الضرائب العقارية وإذ كان هذا الإستخلاص سائغاً له أصله الثابت بالأوراق ويدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع وكان الطاعن لم يبين سنده فيما أشار إليه بسببى الطعن من إقرار المالكة الأصلية للعقار باستئجاره حجرة النزاع، ومن حصول تواطؤ بين المطعون ضدهم لحرمانه من حجرة النزاع، فإن النعى لا يعدو فى حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز اثارته أمام محكمة النقض .
( الطعن رقم 2040 لسنة 54 - جلسة 1991/05/15 - س 42 ع 1 ص 1123 ق 175 )
8- الصور الرسمية للأحكام - تنفيذية كانت أو غير تنفيذية تعتبر من الأوراق الرسمية وفق نص المادة 10 من قانون الإثبات ، وما أثبت فيها يعد حجة على الكافة لا يجوز لأحد إنكاره إلا بالطعن عليه بالتزوير طبقاً لنص المادة 11 من ذات القانون .
( الطعن رقم 1076 لسنة 57 - جلسة 1990/05/10 - س 41 ع 2 ص 118 ق 191 )
9- ولئن كان محضر الجلسة يعتبر ورقة رسمية يعول عليها فى إثبات ما يدور بالجلسة ويقع فيها وما يدلى به الخصوم من دفوع وأوجه دفاع ولا يقبل إنكار وإثبات ما يخالف ما ورد به إلا بطريق الطعن عليه بالتزوير طبقاً لنص المادة 11 من قانون الإثبات إلا أنه إذا أغفل محرره إثبات بيان أدلى به أثناء نظر الدعوى وأثبته القاضى بالرول الخاص به فإنه يعتبر مكملاً لمحضر الجلسة فى خصوص ما أثبت فيه و خلا منه محضر الجلسة ما دام لا يتعارض معه . لما كان ذلك وكان البين من محضر جلسة 1981/5/10 أمام محكمة أول درجة أنه تضمن إثبات حضور الأستاذ ... عن الأستاذ ... عن الطاعنة بتوكيل لم يدون كاتب الجلسة رقمه وترك لذلك مساحة فارغة أثبت بعدها طلب الوكيل تأجيل نظر الدعوى للإطلاع . وإذ كان الثابت بالأوراق أن السادة قضاة محكمة أول درجة قد دون كل منهم فى الرول الخاص به رقم هذا التوكيل مما مفاده أن خلو محضر الجلسة من إثبات هذا الرقم وترك المساحة التى كان مفروضاً أن يدون بها خالية كان من قبيل القصور عن ملاحقة ما يدلى به الخصوم و وكلاؤهم ، ولما كان هذا البيان الوارد برولات السادة القضاه لا يتعارض مع البيانات الأخرى الثابتة فى محضر الجلسة المذكور فإن هذه - الرولات تكون مكملة له فى إثبات سند وكالة الحاضر عن الطاعنة أمام محكمة أول درجة .
( الطعن رقم 1796 لسنة 53 - جلسة 1987/11/30 - س 38 ع 2 ص 1034 ق 219 )
10- نصوص القانون 76 لسنة 1969 لا تدل عبارتها أو إشارتها أو إقتضاؤها على أن المشرع قصد تقييد إثبات صفة التهجير بطريق معين مما مقتضاه إباحة إثبات هذه الصفة بإعتبارها واقعة مادية - بكافة طرق الإثبات . ومن ثم فلمحكمة الموضوع أن تستخلص توافر هذه الصفة أو عدم توافرها مما تقتنع به من أدلة الدعوى ولا سلطان عليها فى ذلك، طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة .
( الطعن رقم 1697 لسنة 48 - جلسة 1980/01/23 - س 31 ع 1 ص 261 ق 54 )
11- إذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها قدمت شهادة صادرة من محفوظات التوثيق بمصلحة الشهر العقارى تفيد أنه أثبت بدفاترها حضور الموصى مورث الطاعنة ، وطلب التصديق على توقيعه على محرر موضوعه إقرار منه بأن يوصى بعد وفاته بثلث تركته من منقول وعقار إلى بنت شقيقه المطعون عليها وأنه وقع بإمضاءه فى نهاية ما أثبت بالدفتر عن موضوع المحرر بالإضافة إلى توقيع شاهدين ، فإن هذه الشهادة ، وهى ورقة رسمية لم تنازع الطاعنة فى مطابقتها للأصل تصلح مسوغاً لسماع الدعوى بها . لما كان ما تقدم ، وكان القانون لم يشترط لإنعقاد الوصية أن يصدر بها إشهاد رسمى من الموصى وإنما اعتبر الكتابة من صيغ الوصية مسوياً بين أن تكون بخط الموصى أو خط سواه ، وكانت الشهادة الرسمية المشار إليها والصيغة الواردة بها تظهر إرادة الموصى وبين مقصوده منها وتوضح الموصى إليه والموصى به وقدره ، فإن الحكم إذ خلص إلى أنها كما تكفى مسوغاً لسماع الدعوى تقوم سنداً أيضا على صحة صدور الوصية ، فإنه لا يكون قد خالف القانون .
( الطعن رقم 7 لسنة 47 - جلسة 1979/03/21 - س 30 ع 1 ص 897 ق 166 )
12- حجية الورقة الرسمية وفقاً لصريح نص المادة 11 من قانون الإثبات تقتصر على ما ورد بها من بيانات قام بها محررها فى حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشان فى حضوره ، وإذ كان ما دون بالمستندات الرسمية المقدمة من الطاعن إثباتاً لحيازته عين النزاع منذ سنة 1955 من بيان يفيد إتخاذه منها مقراً لإعماله إنما تم بناء على ما أدلى به تحت مسئوليته وليس نتيجة قيام محررها بتحرى صحة هذا البيان ، ومن ثم لا تلحقها الحجية ، وتخضع لما لقاضى الموضوع من سلطة فى تقدير الدليل ، فلا على الحكم إذ لم يعتد بالقرينة المستفادة من هذه الأوراق وأرقام قضاءه على أدله مناهضة إستقاها من أقوال الشهود والتحقيقات الإداريه المقدمة فى الدعوى .
( الطعن رقم 229 لسنة 48 - جلسة 1979/02/07 - س 30 ع 1 ص 496 ق 96 )
13- المحررات الرسمية لا يمكن الطعن فيها إلا بالتزوير وتكون حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها إذا وقعت من ذى الشأن فى حضوره وإذا كان اصل تلك المحررات غير موجود فتظل لصورتها الرسمية حجيتها سواء أكانت تنفيذية أو غير تنفيذية أخذت فور تحرير الأصل بمعرفة محرره أو أخذت بعد ذلك بمعرفة أحد الموظفين غير محرر الأصل و ذلك متى كان مظهرها الخارجى لا يسمح بالشك فى مطابقتها للأصل أما إذا كان المظهر الخارجى يبعث على الشك فى أن تكون قد عبث بها كما إذ وجد بها كشط أو محو أو تحشير فإن الصورة تسقط حجيتها فى هذه الحالة .
( الطعن رقم 203 لسنة 44 - جلسة 1979/01/24 - س 30 ع 1 ص 338 ق 68 )
14- مناط رسمية الورقة فى معنى المادتين 390 ، 391 من القانون المدنى المقابلتين للمادتين 10 ، 11 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن يكون محررها موظفاً عمومياً مكلفاً بتحريرها بمقتضى وظيفته ، وهى حجة بما دون فيها من أمور قام بها محررها فى حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن فى حضوره ومن ثم فإن محضر جمع الإستدلالات الذى حرره أحد رجال الشرطة بناء على شكوى قدمت إليه وأثبت فيها ما أدلى به ذوو الشأن من أقوال أمامه فيها يعتبر بهذه المثابة من المحررات الرسمية ولا محل للقول بوجوب أن يكون من يتولى تحرير الورقة الرسمية متخصصاً فيما يدلى به ذو الشأن من أقوال أمامه أو له دراية بفحوص هذه الأقوال إكتفاء بأن يكون الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة والذى يتولى تحريرالورقة مختصاً بكتابتها من حيث طبيعتها وأن يراعى الأوضاع القانونية المتطلبة فى تحريرها .
( الطعن رقم 554 لسنة 44 - جلسة 1978/05/24 - س 29 ع 1 ص 1315 ق 257 )
15- إذ كان مفاد المادة 11 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن الورقة الرسمية تعد حجة بما دون فيها من أمور قام بها محورها فى حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن فى حضوره . وكان ما أورده الحكم من أن ما جاء بالشهادة الرسمية من عدم منح الطاعن أجازة فى الفترة المحددة بها لا يحول دون خروجه من المعسكر بعد انتهاء عمله أو تكليفه بعمل فإنه لا يكون قد انطوى على إهدار لحجة هذه الشهادة وما تضمنته من بيانات صادرة من الموظف الرسمى الذى حررها , ولما فيه من تسليم بعدم وجود الطاعن فى أجازة بالفعل وقتذاك هذا إلى أن استخلاص وجود الطاعن فى مهمة بعيداً عن عمله وإحتمال وجوده بالقاهرة حسبما قرر الحكم تظاهره الشهادة الرسمية المقدمة من المطعون عليها أمام محكمة أول درجة و الثابت فيها أنه كان فى مأمورية خارجية خلال المدة من 17 / 3 / 1973 حتى 25 / 3 / 1973 و من ثم يكون إيثار الخحكم أقوال شاهدى المطعون عليها أمر يحتمله منطق الأمر .
( الطعن رقم 5 لسنة 46 - جلسة 1977/11/09 - س 28 ع 2 ص 1644 ق 283 )
16- شهادة الوفاة ورقة رسمية معدة لإثبات حصول الوفاة ، ومهمة الموظف المختص بتدوين الوفيات تقتصر وفقاً لنص المادة 29 وما بعدها من قانون الأحوال المدنية رقم 260 لسنة 1960 على التحقق من شخصية المتوفى قبل القيد إذا كان التبليغ إليه غير مصحوب بالبطاقة الشخصية ، أما البيانات الأخرى المتعلقة بسن المتوفى ومحل ولادته وصناعته وجنسيته و ديانته ومحل إقامته وإسم ولقب والده ووالدته فعلى الموظف المختص تدوينها طبقاً لما يدلى به ذوى الشأن ، ومن ثم فإن حجية شهادات الوفاة بالنسبة لتلك البيانات تنحصر فى مجرد صدورها على لسان هؤلاء دون صحتها فى ذاتها وتجوز الإحالة إلى التحقيق لإثبات ما يخالفها .
( الطعن رقم 19 لسنة 41 - جلسة 1977/04/27 - س 28 ع 1 ص 1084 ق 186 )
17- النص فى المادة 11 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 المقابلة للمادة 391 من القانون المدنى على أن " المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها فى حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن فى حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانوناً " يدل على أن حجية الورقة الرسمية تقتصر على ما ورد بها من بيانات قام بها الموظف العام أو المكلف بخدمة عامه فى حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن فى حضوره ، وهى البيانات التى لا يجوز إنكارها إلا عن طريق الطعن بالتزوير ، أما البيانات الأخرى التى يدلى بها ذوى الشأن إلى الموظف فتقوم بتدوينها تحت مسئوليتهم فيجوز إثبات ما يخالفها بكافة طرق الإثبات ، لما كان ذلك وكان المطعون عليه ليس طرفاً فى المستندات محل النعى ، وكانت هذه البيانات تتعلق بإقرارات ذوى الشأن ولا تتضمن تصرفات قانونية له صله بها ، فإنه يعتبر من الغير بالنسبة لها ويكون له إثبات عكس ما ورد بها ، ولا وجه بهذه المثابه للتحدى بقاعدة عدم جواز الإثبات بالبينة فيما يخالف أو يجاوز ما أشتمل عليه دليل كتابى .
( الطعن رقم 517 لسنة 43 - جلسة 1977/03/16 - س 28 ع 1 ص 697 ق 127 )
18- عدم ترجمة المستندات التى تقيم المحكمة عليها قضاءها من اللغة الأجنبية إلى اللغة العربية يجعل حكمها مخالفاً لقانون السلطة القضائية الذى يقرر بأن لغة المحاكم هى اللغة العربية إلا أنه لا تشترط الرسمية فى هذه التركة إلا حيث لا يسلم الخصوم بصحة الترجمة العرفية المقدمة للمستند ويتنازعون فى أمرها . وإذ كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه عول على الترجمة العرفية لخطاب الضمان المقدم من الشركة المطعون ضدها الثانية إستناداً إلى أن الطاعنة لم تدع بأنها غير صحيحة فإنه لا يكون قد أخطأ فى القانون أو شابه قصور فى التسبيب .
( الطعن رقم 277 لسنة 43 - جلسة 1976/12/27 - س 27 ع 2 ص 1814 ق 333 )
19- الأصل فى ثبوت تاريخ إصدار الحكم هو محاضر الجلسات التى أعدت لإثبات ما يجرى فيها ، خاصة وأن المشرع قد حرص بالنص فى المادة 344 من قانون المرافعات السابق على أنه فى حالة تأجيل إصدار الحكم مرة ثانية تعين المحكمة اليوم مع بيان أسباب التأجيل فى ورقة الجلسة وفى المحضر ، ومن ثم فإن تمسك الطاعنة بما ورد فى جدول المحكمة الابتدائية - بشأن مد أجل الحكم - لا يعول عليه لأن العبرة بالوارد فى محاضر الجلسات .
( الطعن رقم 101 لسنة 37 - جلسة 1973/02/17 - س 24 ع 1 ص 255 ق 45 )
وإذا توافرت العناصر التي استلزمها المشرع في المادة السابقة في المحرر الرسمي، كانت له قوة إثبات خاصة تتميز بما يلى :
أ- للمحرر الرسمى قوة في ذاته، سواء أقر به من يحتج به عليه، أو أنكره .
ب- تمتد هذه القوة إلى جميع البيانات والوقائع التي يدخل في مهمة الموظف الرسمي أو من في حكمه إثباتها ويمكنه التحقق من صحتها، وذلك سواء تعلقت بحقيقة المحرر ذاته کبیان تاريخه أو التوقيع عليه، أو بواقعة مادية حدثت أمام الموظف مثل حضور المتعاقدين أو صدور إقرار من أحدهم، أو قبض أحدهم لمبلغ معين أمامه. ولا تمتد قوة المحرر الرسمي في الإثبات إلى ما لا يدخل في مهمته بيانها. ولهذا إذا تعلق الأمر بإبرام عقد، فلا قوة إثبات للمحرر بالنسبة لأية واقعة لا علاقة لها مباشرة بالعقد. ومن ناحية أخرى، لا تمتد القوة الرسمية إلا إلى حدوث الأمر أو الواقعة. فلا قوة إثبات للمحرر الرسمي بالنسبة لإشارته إلى تكييف قانوني معين لهذه الواقعة، مثل تكييفه لقبض مبلغ من النقود على أنه رد لقرض ؛ أو بالنسبة لحقيقة التصريحات التي يبديها الأطراف. فلو صرح أحد الأطراف بأنه قبض مبلغاً من النقود، فالمحرر دليل على صدور التصريح وليس على أن المبلغ قد قبض، إذ لا يستطيع الموظف التحقق من ذلك.
جـ - تمتد قوة المحرر في الإثبات - بالنطاق السابق بيانه - إلى أطراف التصرف أو العمل القانوني المثبت في المحرر وأيضاً إلى الغير فهي «حجة على الناس كافة» (مادة 11 ق. الإثبات).
د- تبقى هذه القوة للمحرر حتى يتبين تزويره بالطرق المقررة قانوناً (11 ق. الإثبات ). فلا يكفي مجرد إثبات عكس البيانات والوقائع التي يعتبر المحرر دليلاً عليها بطرق الإثبات المقررة . وأساس هذا أن قوة المحرر الرسمي قائمة على الثقة في أمانة الموظف العام وصدقه، فلا تزول إلا بهدم هذه الثقة . ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني، الصفحة : 137 )
حجية الورقة الرسمية في الإثبات
افتراض صحة الرسمية : متى كانت المظاهر الخارجية للورقة تنبئ أنها ورقة رسمية، اعتبرت كذلك إلى أن يثبت ذو المصلحة أنها ليست لها صفة الرسمية لبطلانها أو لتزويرها، ولا يكون ذلك إلا عن طريق الطعن بالتزوير إلا إذا جاز إثبات البطلان عن طريق آخر .
وبذلك يتم للورقة الرسمية السليمة في مظهرها قرينتان : قرينة بسلامتها المادية، وأخرى بصدورها من الأشخاص الذين وقعوا عليها وهم الموظف العام وأصحاب الشأن. فهي إذن، حتى يطعن فيها بالتزوير، حجة بسلامتها المادية وبصدورها ممن صدرت منه دون حاجة إلى الإقرار بها. وهذا علي خلاف الورقة العرفية، فسنرى أنها لا تكون حجة بما فيها قبل الإقرار بها .
لكن إذا كانت المظاهر الخارجية للورقة تدل في ذاتها على أن بها تزويراً واضحاً كوجود كشط فيها أو حبر مختلف في اللون أو نحو ذلك، أو على أنها ورقة رسمية باطلة كعدم توقيعها من الموثق أو من أصحاب الشأن أو كوضوح أن الموثق غير مختص موضوعاً بتوثيقها ، جاز للقاضى أن يرد الورقة، باعتبارها مزورة باطلة. وقد نصت المادة 28 من تقنين المرافعات على ما يأتي : للمحكمة أن تقدر ما يترتب على الكشط والمحو والتحشير وغير ذلك من العيوب المادية في الورقة من إسقاط قيمتها في الإثبات أو إنقاصها. وإذا كانت صحة الورقة محل شك في نظر المحكمة، جاز لها من تلقاء نفسها أن تدعو الموظف الذى صدرت عنه أو الشخص الذي حررها ليبدى ما يوضح حقيقة الأمر فيها .
ويتبين من هذا النص :
أولاً : أن الورقة الرسمية حجة على الناس كافة . وسنتناول هنا حجيتها فيما بين الطرفين ، على أن نتكلم فيما يلى في حجيتها بالنسبة إلى الغير .
ثانياً : أن الورقة الرسمية حجة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن فى حضوره ، ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانوناً .
ويتضح من هذا أن هناك نوعين من البيانات في الورقة الرسمية :
1- بيانات تكون للورقة الرسمية فيها حجية إلى أن يطعن في الورقة بالتزوير .
2- بيانات دون ذلك فى القوة ، فهى ككل بيان يثبت في ورقة مكتوبة يعتبر صحيحاً حتى يقوم الدليل على ما يخالفه .
وقد كان المشروع التمهيدى يتضمن فقرة في هذا المعنى حذفت في لجنة الشيوخ إكتفاء بتطبيق القواعد العامة .
فعلينا إذن أن نبحث :
1- حجية الورقة الرسمية حتى يطعن فيها بالتزوير .
2- حجية الورقة الرسمية حتى يقوم الدليل على العكس .
حجية الورقة الرسمية حتى يطعن فيها بالتزوير : تكون للورقة الرسمية حجية في الإثبات حتى يطعن فيها بالتزوير ، وذلك فيما دون فيها من أمور قام بها الموثق في حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن في حضوره. فهناك إذن طائفتان من البيانات لها هذه الحجية : بيانات عن الأمور التى قام بها الموثق في حدود مهمته، وبيانات عن أمور وقعت من ذوى الشأن في حضوره .
أما الأمور التى قام بها الموثق في حدود مهمته وبينها في الورقة الرسمية التي وثقها فكثيرة . من ذلك تأكده من شخصية المتعاقدين بشهادة شاهدين أو مستند رسمى، وتثبته من أهلية المتعاقدين ورضائهما ، وصدور الكتابة منه ، والبيانات العامة التى أثبتها في الورقــة وهـى التاريخ وإسم الموثق وبيان ما إذا كان التوثيق قد تم في المكتب أو في مكان آخر وحضور شاهدين وإسم كل منهما وحضور أصحاب الشأن وأسماؤهم وحضور المترجم والمعين عند الاقتضاء وتلاوته الورقة لذوى الشأن والتوقيعات التي تحملها الورقة .
أما البيانات عن الأمور التى وقعت من ذوى الشأن فى حضوره فأكثرها يتعلق بموضوع الورقة الرسمية التي قام بتوثيقها ، أي البيانات الخاصة بهذه الورقة بالذات. فإن كان الموضوع بيعاً، فإن الموثق يثبت في الورقة أن البائع قرر أنه يبيع والمشترى دفع الثمن إلى البائع أمام الموثق فيذكر الموثق ذلك في الورقة الرسمية . كل هذه البيانات التى وقعت من ذوى الشأن في حضور الموثق وأثبتها في الورقة، بعد أن أدركها بالسمع أو بالبصر، تكون لها حجية في الإثبات إلى أن يطعن فيها بالتزوير .
وسواء كانت البيانات متعلقة بالأمور التى قام بها الموثق أو بالأمور التى وقعت من ذوى الشأن في حضوره، فلا بد حتى تثبت لها هذه الحجية أن تكون في حدود مهمة الموثق. فإذا خرجت عن هذه الحدود، كأن أثبت الموثق أن أصحاب الشأن أقارب أو أن أحدهم يبلغ كذا من العمر أو أنهم قرروا أمامه أنهم أجانب أقاموا مدة معينة في البلاد، فلا تكون لهذه البيانات حجية لأنها لا تدخل في مهمة الموثق .
وقد حصرت على هذا النحو في دائرة محدودة البيانات التى تكون لها حجية لا تدحض إلا إذا لجأ من ينكرها إلى طريق الطعن بالتزوير .
ذلك أن طريق الطعن بالتزوير طريق معقد محفوف بالمصاعب والمخاطر، وقد رسم له تقنين المرافعات إجراءات ومواعيد دقيقة شدد فيها من إلتزامات الطاعن بالتزوير، وفرض عليه غرامة إذا حكم بسقوط ادعائه أو برفض هذا الادعاء. وليس أمام من تحتم عليه الطعن بالتزوير إلا سلوك هذا الطريق، فليس له أن يستجوب خصمته تمهيداً للحصول على إقرار منه، ولا أن يوجه له اليمين الحاسمة، ولا أن يطلب إحالة الدعوى على التحقيق بغير الطريق المرسوم للطعن بالتزوير، ولا أن يطلب إثبات وقائع تتعارض مع البيانات الثابتة بالورقة الرسمية حتى لو كان يتمسك بمبدأ ثبوت بالكتابة ويريد أن يستكمله بالبينة أو بالقرائن .
وله أن يطعن بالتزوير في أية حالة كانت عليها الدعوى، ولو لأول مرة أمام محكمة الإستئناف، ولكن لا لأول مرة أمام محكمة النقض، وذلك كله بشرط ألا يكون الطعن بالتزوير كيدياً .
حجية الورقة الرسمية حتى يقوم الدليل على العكس :
أما ما أثبته الموثق في الورقة الرسمية باعتباره وارداً على لسان ذوي الشأن من بيانات ، فلا تصل الحجية فيه إلى حد الطعن بالتزوير. بل يعتبر ما ورد من ذلك صحيحاً في ذاته إلى أن يثبت صاحب المصلحة عكسه بالطرق المقررة فى قواعد الإثبات. ومن هذه القواعد أنه لا يجوز إثبات عكس ما بالورقة المكتوبة إلا بالكتابة أو بمبدأ ثبوت بالكتابة مستكملاً بالبينة أو بالقرائن. فلا يجوز إذن إثبات عكس ما ورد في الورقة الرسمية على لسان ذوى الشأن إلا إذا كانت هناك كتابة تثبت هذا العكس ، أو فى القليل مبدأ ثبوت بالكتابة تعززه البينة أو القرائن .
والأصل في هذه المسألة أن كل طعن في بيان وارد بورقة رسمية ، يتضمن مساساً بأمانة الموثق وصدقه ، لا يكون إلا عن طريق الطعن بالتزوير كما رأينا. ذلك أن اختيار الموظف العام خاضع لشروط تتوافر بها الثقة فيه، وهو معرض لعقوبات قاسية فيما إذا أحل بهذه الثقة. أما الطعن الذى لا يتضمن مساساً بأمانة الموثق أو بصدقه فيكفى فيه إثبات العكس على النحو الذي قررناه .
ومن ثم يكون البيان المتعلق بتأكد الموثق من شخصية المتعاقدين وتثبته من أهليتهما ورضائهما لا يجوز إنكاره إلا بطريق الطعن بالتزوير كما قدمنا. ولكن إذا اقتصر المدعى على إنكار شخصية المتعاقدين أو إنكار توافر الأهلية فيهما أو إنكار أن رضاءهما صحيح غير مشوب بعيب، دون أن يتعرض لتثبت الموثق من كل ذلك ، جاز أن يثبت ما يدعيه بالطرق المقررة دون حاجة إلى الطعن بالتزوير ، لأن المدعى لا تشكك في ذمة الموثق، إذ هو يسلم أن الموثق قد تأكد من كل ذلك، ولكن بالرغم من هذا التأكد فإنه قد أخطأ عن حسن نية .
وكذلك البيانات العامة التى يثبتها الموثق بعضها لا يجوز إنكاره بتاتاً إلا بطريق الطعن بالتزوير ، كتاريخ الورقة الرسمية الذى يعتبر تاريخاً ثابتاً كما قدمنا ، وإسم الموثق، وبيان ما إذا كان التوثيق قد تم في المكتب أو في مكان آخر، وحضور الشهود، وحضور أصحاب الشأن، والتوقيعات، وقد تقدم ذكر ذلك. أم حقيقة أسماء أصحاب الشأن وأسماء الشهود وحقيقة ألقابهم وصناعاتهم ومحال إقامتهم، فما قرروه من ذلك فى الورقة الرسمية له ناحيتان : واقعة التقرير في ذاته أى صحة الأسماء والألقاب والصناعات ومحال الإقامة وهذه يكفى فيها إثبات العكس لأن الإنكار في هذا كله لا يمس أمانة الموثق إذ هو لم يكتب إلا ما قرره هؤلاء على عهدتهم، صادقين كانوا أو كاذبين .
ثم إن البيانات الخاصة بموضوع الورقة الرسمية لها أيضاً ناحيتان : واقعة التقرير ـ أي أن أصحاب الشأن قرروا أمام الموثق كذا وكذا ـ وهذه لها حجية إلى حد الطعن بالتزوير، ثم صحة التقرير في ذاته وهذه يجوز إنكارها وإثبات العكس لأن ذلك لا يمس أمانة الموثق. مثل ذلك أن يثبت الموثق أن أحد المتعاقدين قرر أنه باع للمتعاقد الآخر داراً وقرر المتعاقد الآخر أنه اشترى هذه الدار، فواقعة التقرير من بيع وشراء لها حجية إلى حد الطعن بالتزوير، ولكن هذا لا يمنع ذا المصلحة، وهو لا يتعرض لواقعة التقرير في ذاتها ولا يمس بذلك أمانة الموثق، من أن يتمسك بأن هذا البيع صورى بالرغم من أن المتعاقدين قرراً أمام الموثق غير ذلك، وله أن يثبت هذه الصورية بالطرق المقررة قانوناً دون حاجة إلى الطعن بالتزوير. ولو أثبت الموثق أن المشترى دفع أمامه الثمن وقدره كذا إلى البائع، فواقعة دفع مبلغ قدره كذا له حجية إلى حد الطعن بالتزوير ، ولكن هذا ذا المصلحة من إثبات أن الدفع بالرغم من صحة واقعته في ذاتها كان دفعاً صورياً، بأن كانت النقود هى نقود البائع وأعطاها للمشترى ليسلمها هذا له أمام الموثق، أو بأن النقود التى دفعها المشتري أمام الموثق أعادها له البائع بعد خروجهما، وله أن يثبت ذلك بالطرق المقررة قانوناً دون حاجة إلى الطعن بالتزوير لأنه لا يمس في ادائه هذا أمانة الموثق .
وكذلك قيام التصرف القانونى ذاته وصحته التى تفترض توافر الأهلية والخلو من عيوب الرضاء ووجود محل صالح وسبب مشروع، ونفاذ التصرف القانوني فيما بين الطرفين وفي حق الغير، كل ذلك لا شأن له بما قرره الموثق من وقع التصرف، فلكل ذى مصلحة أن ينازع في أية مسألة من هذه وعليه إثبات ما يدعيه وفقاً للقواعد المقررة قانوناً .
حجية الورقة الرسمية بالنسبة إلى الغير :
قاعدة عامة : رأينا أن المادة 11 من قانون الإثبات تقضى بأن الورقة الرسمية حجة على الناس كافة. فهى إذن حجة بما جاء فيها، لا على أصحاب الشأن وحدهم، بل هى أيضاً على الغير.
وقد رأينا فيما تقدم كيف تكون حجة على أصحاب الشأن، في بسطنا متى تقوم هذه الحجية إلى حد الطعن بالتزوير ومتى تقوم حتى يقدم الدليل على العكس .
ونستعرض هنا بالنسبة إلى الغير ما قدمناه بالنسبة إلى أصحاب الشأن، فنذكر متى تكون الورقة الرسمية حجة على الغير إلى حد الطعن بالتزوير، ومتى تكون حجة على الغير حتى يقوم الدليل على العكس .
حجية الورقة الرسمية بالنسبة إلى الغير إلى حد الطعن بالتزوير :
قد تكون هناك محل للاحتجاج على الغير بالورقة الرسمية. مثل ذلك مدين يبيع داراً له بورقة رسمية، ويدعى الدائن أن هذا البيع الرسمى لم يصدر من مدينه ليتمكن بذلك من التنفيذ بحقه على الدار المبيعة. ومثل ذلك أيضاً مؤجر العقار يبيعه بورقة رسمية، ويدعى المستأجر أن البيع لم يصدر من المؤجر وذلك حتى يبقى في العين المؤجرة فلا يخرجه منها المشترى بالرغم من أن عقد الإيجار غير ثابت التاريخ. أو يثبت مؤجر العقار الذى باعه المخالصة بالأجرة عن مدة مستقبلة فى ورقة رسمية، فينكر المشترى صدور هذه المخالصة من المؤجر ليتمكن بعد أن يستبقي المستأجر فى العين من مطالبته بهذه الأجرة .
فى هذه الفروض وغيرها تكون للورقة الرسمية بالنسبة إلى الغير عين الحجية التى لها فيما بين الطرفين على النحو الذى قدمناه. فيستطيع المشترى من المدين، فى المثل الأول، أن يحتج بالبيع الرسمى على دائن البائع، ولا يجوز للدائن، إلى أن يطعن بالتزوير، أن ينكر ما ورد فى الورقة الرسمية من أمور قام بها الموثق فى حدود مهمته أو بيانات وقعت من ذوى الشأن فى حضوره، كصدور البيع من المدين وتاريخ الورقة الرسمية وحضور الشهود وصحة التوقيعات وما ذكره الموثق من أن المشترى دفع أمامه الثمن إلى المدين وغير ذلك من الأمور التى فصلناها فيما تقدم فى صدد الكلام فى حجية الورقة الرسمية فيما بين الطرفين. كذلك فى المثل الثاني لا يجوز للمستأجر، إلى أن يطعن بالتزوير، أن ينكر ما ورد فى ورقة البيع الرسمية الصادرة من المؤجر على النحو الذي قدمناه. وفى المثل الثالث لا يجوز للمستأجر، إلى أن يطعن بالتزوير، أن ينكر ما ورد فى ورقة البيع الرسمية الصادرة من المؤجر على النحو الذي قدمناه. وفى المثل الثالث لا يجوز للمشترى، إلى أن يطعن بالتزوير، أن ينكر المخالصة بالأجرة الصادرة من المؤجر إلى المستأجر .
وظاهر من الأمثلة التى قدمناها أن الغير الذي يحتج عليه بالورقة الرسمية هو نفس الغير الذى يحتج عليه بالتصرف القانوني، فهو في المثلين الأولين الدائن وفى المثل الأخير الخلف الخاص. ولما كان التصرف القانونى سارياً في حقه، فقد وجب إثباته بالنسبة إليه، فيثبت بالورقة التى أثبت فيها التصرف على النحو الذي قدمناه .
حجية الورقة الرسمية بالنسبة إلى الغير حتى يقوم الدليل على العكس :
ولكن حجية الورقة الرسمية بالنسبة إلى الغير، كحجيتها فيما بين الطرفين، لا تمنع الغير من إنكار صحة الوقائع التى أثبتها الموثق فى ذاتها، دون أن يتعرض فى ذلك لأمانة الموثق أو صدقه. ولا يحتاج فى ذلك إلى الطعن بالتزوير، بل يكفى أن يقيم الدليل على العكس بالطرق المقررة قانوناً. وله أن ينازع فى صحة التصرف أو فى نفاذه فى حقه وفقاً للقواعد التى قررها القانون. فدائن البائع له أن يطعن بالصورية في البيع الرسمى الصادر من مدينه، وأن يثبت هذه الصورية بجميع الطرق ومنها البينة والقرائن لأنه من الغير. كذلك المستأجر له أن يطعن بالصورية فى البيع الرسمى الصادر من المؤجر، وأن يثبت الصورية بجميع الطرق لأنه من الغير ، وله أيضاً دون أن يطعن فى البيع بالصورية أن يتمسك بأنه لا يسرى فى حقه لأن عقد الإيجار ثابت التاريخ وسابق على عقد البيع . ويستطيع المشترى للعين المؤجرة أن يطعن فى المخالصة الصادرة من المؤجر إلى المستأجر بالصورية على النحو الذى قدمناه، كما يستطيع بإسم البائع أن يطعن فيها بالغلط أو بالتدليس أو بالإكراه أو بنقص الأهلية أو بغير ذلك من العيوب التي تشوب التصرف القانوني .
ونرى من ذلك أن حجية الورقة الرسمية بالنسبة إلى الغير هى ذات حجيتها فيما بين الطرفين. وكل ما ذكرناه هناك يسرى هنا . ( الوسيط في شرح القانون المدني للدكتور/ عبد الرزاق السنهوري، تنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، الطبعة الثانية 1982 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني المجلد : الأول، الصفحة : 190 )
حجية المحررات الرسمية بالنسبة للأشخاص :
تعتبر المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام محررها في حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن فى حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانوناً وعلى ذلك يعتبر المحرر الرسمي حجة بالنسبة للغير. وعلى ذلك فإن الأصل هو أن الورقة الرسمية حجة على المتعاقدين وعلى خلفهم العام من دائنين وورثة وعلى خلفهم الخاص وإنما يجوز للمتعاقدين أو خلفائهم التمسك بصوريتها كما للدائن التمسك بعدم نفاذ التصرف في حقه عملاً بأحكام الدعوى البوليصية " م 237، 238 مدني " ويجوز للورثة التمسك بصورية المحرر الرسمي إذا أثبت أنه إنما تخفي وصية وبمجرد توقيع الحجز يعتبر الدائن الحاجز من الغير بالنسبة لما وقع عليه الحجز من أموال مدنية وبالتالي فلا تسري في حقه تصرفات المدين عليها ولو كانت بعقد رسمي ويكون للغير أن يثبت بكافة طرق الإثبات ومن بينها البينة والقرائن صورية المحرر الرسمي بينما لا يجوز للمتعاقدين إثبات عكس ما بالورقة المكتوبة إلا بالكتابة أو بمبدأ ثبوت بالكتابة مستكملاً بالبينة وبالقرائن . ( الدكتور توفيق حسن فرج في قواعد الإثبات طبعة 1981 ص 59، والدكتور أبو الوفا في التعليق على قانون الإثبات طبعة 1981 ص 100 )
مدى حجية المحررات الرسمية :
المحررات الرسمية حجة على الناس كافة. والمراد بهذا النص وكما ذهب المستشار محمد عبد اللطيف اعتبار الاتفاقات التي يعقدها ذوو الشأن بينهم في المحررات الرسمية حجة على الكافة بل أن المقصود من النص هو أن الغير لا يستطيع أن ينكر ما أثبته الموثق من أمور تدخل في حدود مهمته أو ما أثبته من تقريرات أو أفعال صدرت من ذوى الشأن في حضوره إلا عن طريق الطعن بالتزوير لأن مجرد إنكار هذه البيانات هو في حقيقة الأمر طعن في أمانة الموثق الذي وكان إليه الشارع مهمة القيام بتوثيق المحررات الرسمية وعلى ذلك فلا سبيل لدحض حجية هذه البيانات إلا عن طريق الإدعاء بالتزوير - أما كون الوقائع والتقريرات التي أثبتها الموثق على لسان ذوى الشأن مطابقة أو غير مطابقة الحقيقة فهذه مسألة لا تدخل في مهمة الموثق لأن الشارع لم يخول له سلطة التحقيق من صحة التقديرات التي تصدر من ذوى الشأن " المستشار محمد عبد اللطيف المرجع السابق ص 104".
حجية البيانات المدونة بالمحرر الرسمي :
تضمنه كل الوقائع التي يشتمل عليها العقد " أو المحرر الرسمى " حجة بما تضمنته ما لم يطعن فيها بالتزوير بل يجب التفرقة بين :
1) ما يثبته الموظف أو يباشره في حدود وظيفته بإعتبار أنه رآه أو سمعه .
2) ما يرويه بناء على أقوال المتعاقدين مما لم يحدث في حضرته ففي الحالة الأولى تكون تلك الوقائع حجة بما تضمنته حتى يحكم بتزويرها بعد إتباع إجراءات الطعن بالتزوير وفي الحالة الثانية لا تكون الورقة الرسمية دليلاً على صحة هذه الوقائع التي حدثت بعيداً عن الموظف الذي حررها ولكل من الطرفين أن يثبت عدم صحتها بغير حاجة للطعن بالتزوير وحكمة التفرقة ظاهرة لأن قوة الورقة الرسمية في الإثبات راجعة للثقة التي وضعها الشارع في الموظف الذي باشر تحريرها فلا تكتسب هذه القوة إلا الوقائع التي باشر الموظف إثباتها بنفسه بإعتبارها واقعة تحت نظره وحسه وإما ما يرويه المتعاقدين من الوقائع التي يزعمون أنها حدثت فيما بينهم وترتبت عليها التزامات خاصة فلا شأن للموظف بغير إثباتها في الورقة بناء على تلك الرواية ولا تكتسب لهذا السبب أية قوة خاصة في الإثبات . ( الأستاذ محمد العشماوي، الدكتور عبد الوهاب العشماوي في قواعد المرافعات طبعة 1958 ص 490 وما بعدها ) .
تعلق ثبوت الحجية بالنظام العام :
قيل ويعتبر ثبوت الحجية الكاملة أي التي لا تقبل النقض إلا عن طريق الطعن بالتزوير للنوع الأول من البيانات وهي التي يثبتها الموظف أو يباشرها في حدود مهمته متعلقاً بالنظام العام فلا يجوز الإتفاق على إثبات عدم صحة هذه البيانات بالطرق العامة. ولكن المستشار أحمد نشأت يرى في رسالة الإثبات الطبعة السابعة ص 226 وما بعدها أنه يرى أنه لا يصح إعتبار ذلك من النظام العام لأنه ليس فيه ما يخالف القانون في شئ كالربا الفاحش والإتجار في المخدرات بل بالعكس فإن العقد الرسمي أمر محمود لإستقرار الحقوق بين المتعاقدين والناس جميعاً وعدم المنازعة فيها بقدر الإمكان. والرأي أن الإتجاه الأول هو المتسق مع نص القانون وذلك لما يوليه القانون من ثقة لصحة ما يثبته الموظف العام من البيانات تدخل في حدود مهمته. فإذا أراد أحد الخصوم إقامة الدليل على عكسها ومن ثم فليس له سوى الإلتجاء إلى طريق الطعن بالتزوير. ولا يجوز لذلك الإتفاق على إثبات عدم صحة هذه البيانات بالطرق الأخرى في الإثبات . ( الشرح والتعليق على قانون الإثبات المدني، المستشار/ مصطفى مجدي هرجه، طبعة 2014، 2015 دار محمود، المجلد : الأول، الصفحة : 216 )
الورقة الرسمية حجة على الناس كافة وهي حجة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره، وبالنسبة لحجيتها على الكافة فإنه لا يجوز لأي شخص يحتج عليه بورقة رسمية ولو لم يكن هو من بين موقعيها أو ورثتهم أو خلفهم أن ينكر صدور هذه الورقة من الموظف الذي نسبت إليه ولا أن ينكر شيئاً مما ورد بها علي لسان ذلك الموظف أو علي لسان ذوي الشأن فيها إلا بإقامة الدليل علي ما يهدم به حجية الورقة وسبيله الوحيد في ذلك هو الطعن عليها بالتزوير، فليس له أن يستجوب خصمه تمهيداً للحصول علي إقرار منه، ولا أن يوجه إليه اليمين الحاسمة على صحة هذه البيانات، ولا أن يطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق بغير الطريق المرسوم للطعن بالتزوير، ولا أن يطلب الترخيص له في إثبات وقايع تتعارض مع هذه البيانات حتي ولو كان يتمسك بمبدأ ثبوت بالكتابة ويريد أن يستكمله بالبينة والقرائن أو بإحداها. وبالنسبة لحجيتها بما دون فيها فهي حجة في ذاتها بصدورها من الأشخاص المنسوب إليهم توقيعها سواء في ذلك الموظف العمومي الذي قام بتحريرها أو ذوو الشأن الذين حضروا تحريرها ووقعوها وهي كذلك حجة بسلامتها المادية أي بعدم حصول تغيير في محتوياتها التي دونت فيها وقت إنشائها، ولا يشترط في ذلك إلا أن يكون مظهرها الخارجي غير باعث على الارتياب في مصدرها وفي سلامتها .
والورقة الرسمية تشتمل على نوعين من البيانات، أولهما، ما دون فيها من أمور قام بها الموثق في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره مثل تأكده من شخصية المتعاقدين وتثبته من أهليتهما ورضائهما وما قرره ذوو الشأن أمامه، وهذه البيانات لا يمكن إنكارها إلا عن طريق الطعن بالتزوير، أما النوع الثاني : فيشمل جميع البيانات التي أدي بها ذوي الشأن إلي الموظف العمومي فقام بتدوينها تحت مسئوليتهم بناء على ما سمعه منهم ودون أن يكون له تحري صحتها، كإقرار البائع أنه سبق أن قبض الثمن وإقرار المشتري أنه عاين المبيع ووضع يده عليه وحكم هذه البيانات لا يختلف عن حكم البيانات الواردة في ورقة عرفية ما دام الموظف العمومي لا يملك تحري صحتها، وعلى ذلك إثبات عكسها بطرق الإثبات العادية وطبقاً للقواعد العامة في الإثبات ( الوسيط للسنهوري، الجزء الثاني، الطبعة الثانية، ص 190 وما بعدها وأصول الإثبات في المواد المدنية للدكتور سليمان مرقس، الجزء الأول، الطبعة الخامسة ص 193 وما بعدها ) .
ومن ناحية أخري فإنه يشترط في ثبوت الحجية للنوع الأول من البيانات أن تكون الوقائع والأمور التي ثبت لها مما أعدت الورقة لإثباته ومما يدخل في حدود مهمة الموظف العام لأن إلحاق صفة الرسمية بما يثبته هذا الموظف في المحرر مشروط باقتصاره على هذه الحدود كما رسمها القانون، فإن جاوزها انقطعت عنه الولاية وسقطت تبعاً لذلك قيمة ما يتولى إثباته علي هذا الوجه، فلو ثبت الموثق أن العاقد متمتع بقواة العقلية فلا يكون لهذه الواقعة حجية لأن إثباتها لا يدخل في مهمته، وكذلك لو أثبت الموثق سن المتعاقد أو أثبت معاون محكمة الأحوال الشخصية في محضر حصر التركة تاريخ وفاة المورث لإثبات تاريخ وفاة المورث، وكذلك لو أثبت في محضر تحقيق جنائي إقرار متعلق بمسائل مدنية لأن مثل هذا المحضر ليس المقصود به إثبات المسائل المدنية .
وإذا كانت البيانات المتقدمة لا تكون لها أية حجية أصلاً، إلا أن ليس هناك ما يمنع المحكمة من اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز للمحكمة أن تأمر بتكملته شهادة الشهود على النحو الذي سنبينه في المادة 62 إثبات .
والجدير بالذكر أم ما يثبته الموظف العام في الورقة التي يحررها من رأي أو تقدير شخصي لواقعة ما، لا تثبت له حجية إلا فيما يتعلق بصدوره من ذلك الموظف فلو قدر الموظف، قيمة شيء معين هذا التقدير لا يلزم المحكمة - حتى ولو كان هذا الموظف مختصاً بهذا التقدير - وبالتالي يجوز للمحكمة أن تقدر قيمة هذا الشيء على خلاف تقديره .
وننوه إلى أن بعض الأوراق الرسمية التي تحرر لمجرد جمع الاستدلالات كمحاضر التحقيق والجرد وحصر التركة تكون بطبيعتها قابلة لمناقشة ما دون بها ولإثبات عكسه بكافة الطرق القانونية ودون حاجة لسلوك سبيل الطعن بالتزوير (نشأت بند 51) .
وليس المقصود من النص اعتبار الاتفاقات التي يعقدها ذوو الشأن بينهم في المحررات الرسمية حجة علي الكافة، بل إن المقصود به هو أن الغير لا يستطيع أن ينكر ما أثبته الموثق من أمور تدخل في حدود مهمته أو ما أثبته من تقريرات أو أفعال من ذوي الشأن في حضوره إلا عن طريق الطعن بالتزوير (قانون الإثبات للمستشار محمد عبد اللطيف ص 104).
والورقة الرسمية ليست حجة على المتعاقدين فحسب ولكن علي خلفهم العام من دائنين وورثة وعلي خلفهم الخاص، وإنما يجوز للمتعاقدين أو خلفائهم التمسك بصوريتها كما للدائن، التمسك بعدم نفاذ التصرف في حقه عملاً بأحكام الدعوى البوليصية المنصوص عليها في المادتين 327، 328 مدني، كذلك يجوز للورثة التمسك بصورية عقد البيع الرسمي إذا ثبت أنه يخفي وصية .
ويجوز للغير أن يثبت بكافة طرق الإثبات ومنها شهادة الشهود والقرائن صورية والمحرر الرسمي في حين أنه لا يجوز للمتعاقدين إثبات عكس ما بالورقة المكتوبة إلا بالكتابة، أو بمبدأ ثبوت بالكتابة بالبينة والقرائن.وذلك على النحو الذي وضحناه في إثبات الصورية في شرح المادة 60 ما لم يكن هناك احتيال على القانون. ويري الدكتور سليمان مرقص أنه إذا كان مظهر الورقة الخارجي يبعث على الارتياب في سلامتها، للمحكمة أن تحكم بسقوط الورقة الرسمية عنها دون حاجة إلى سلوك سبيل الطعن بالتزوير .
ويبين من النص أن هناك من البيانات ما لا يجوز للغير أن يدحض حجيتها إلا بطريق الطعن عليها بالتزوير وهو ما عناه المشرع في المادة 11 بنصه على أن الورقة الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانوناً وبناء على ذلك لا يجوز لأي شخص يحتج عليه بورقة رسمية - ولو لم يكن من بين أطرافها - أن ينكر صدور هذه الورقة من الموظف الذي نسبت إليه، ولا أن ينكر شيئاً مما ورد بها على لسان الموظف إلا بالطعن على الورقة بالتزوير غير انه إذا أنكر صحة البيانات التي وردت على لسان ذوي الشأن جاز له إثبات ذلك بطرق الإثبات العادية .
وإذا وهب شخص مالاً مملوكاً لغيره بعقد رسمي فإن هذا العقد لا ينفذ في حق المالك الحقيقي غير أنه إذا حاز الموهوب له العقار لمدة خمس سنوات بحسن نية كان له أن يتمسك بالتقادم الخمسي، وأن يستند في ذلك إلى عقد الهبة باعتباره سبباً صحيحاً، وفي هذه الحالة تكون الورقة الرسمية التي دون فيها هذا العقد حجة علي المالك الحقيقي بحصول الهبة رغم أنه لم يكن طرفاً فيها بل يعتبر من الغير بالنسبة إليها وليس له من سبيل الإنكار الهبة إلا بالطعن بالتزوير (سليمان مرقص ص 208) .
وإذا توافرت في بيانات الورقة الرسمية التي تثبت لها الحجية الشروط المتقدمة فقد قدمنا أنه لا يجوز دحض حجيتها إلا بالطعن عليها بالتزوير ونضيف أن هذا الأمر متعلق بالنظام العام فلا يجوز الإتفاق على إثبات عدم صحة هذه البيانات بالطرق العادية وبالتالي لا يجوز لمن كان المحرر حجة عليه أن يطلب إستجواب المتمسك بالمحرر المطعون فيه، ولا أن يوجه إليه اليمين الحاسمة في شأن صحة تلك البيانات حتى لو كان هناك إتفاق بينهما على ذلك، كما لا يجوز له أن يطلب بالبينة إثبات عكس ما تضمنه المحرر دون أن يطعن عليه بالتزوير حتى لو وجد إتفاق سابق بينه وبين خصمه على جواز ذلك .
هل تعد أوراق الشركات المساهمة أو الجمعيات التعاونية أو النقابات أوراقاً رسمية حتى لو كانت تساهم بنصيب في رأس مالها ؟
أضاف المشرع بالقانون رقم 120 لسنة 1962 نص المادة 214 مكرراً إلى قانون العقوبات والتي تنص على أن " كل تزوير أو إستعمال يقع فى محرر لإحدى الشركات المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقاً للأوضاع المقررة أو إحدي المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام تكون عقوبته السجن مدة لا تزيد على خمس سنين، وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد علي عشر سنين إذا وقع التزوير أو الإستعمال في محرر لإحدى الشركات أو الجمعيات المنصوص عليها في الفقرة السابقة، أو لأية مؤسسة أو منظمة أو منشأة أخري إذا كان للدولة أو لإحدى الهيئات العامة نصيب في مالها بأية صفة كانت " ويثور التساؤل عما إذا كان المشرع بهذا النص قد أدخل المحررات المشار إليها بهذه المادة في نطاق الأوراق الرسمية والرأي عندنا أن تغليظ المشرع العقاب على تزوير أو استعمال المستندات المشار إليها بهذه المادة لا يترتب عليه أن تصبح هذه الأوراق أوراقاً رسمية لأن الورقة إنما تستمد رسميتها من صفة محررها فلا يعد المحرر رسمياً إلا إذا حرره موظف عمومي مختص بتحريره بمقتضى وظيفته، وطالما أن هذه الأوراق لا يحررها موظف رسمي فإنها لا تعد أوراقاً رسمية وينبني علي ذلك أن هذه المحررات تظل أوراقاً عرفية، وبالتالي يجوز الطعن عليها بالجهالة وبالإنكار، كما يجوز الطعن عليها بالتزوير .
وإذا كان المشرع يشترط لتوقيع العقاب في كافة جرائم التزوير سواء أكان في ورقة رسمية أو عرفية وقوع الضرر أو إحتمال وقوعه ، وجعل الضرر مفترضاً بالنسبة للأوراق الرسمية وغير مفترض بالنسبة للأوراق العرفية فإنه يترتب على ذلك أنه في حالة وقوع تزوير في ورقة من الأوراق المشار إليها بنص المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات أن يقع علي النيابة عبء إثبات الضرر وتقديم الدليل عليه بإعتباره أنه ورقة عرفية كما سلف القول . ( التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية، الجزء : الأول، الصفحة : 103 )
حجية المحرر الرسمي :
تتضمن الورقة الرسمية نوعين من البيانات هما :
1) بیانات يثبت فيها الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أي ما قام به هو نفسه أو ما تلقاه من ذوى الشأن، فهي بيانات يتولى ضبطها بنفسه خاصة بالتصرف الذي يوثقه فهذه وقعت تحت بصره وبمشهد منه. ومثل ذلك : تاریخ تحرير الورقة الرسمية ومكان تلقى الورقة وحضور ذوى الشأن، وما قام به كل منهم كأن يكون المشتري مثلاً سلم الثمن كله أو بعضه للبائع أمام الموثق، وحضور الشهود أمامه مع ذكر أسمائهم وتلاوته الصيغة الكاملة الورقة ومرفقاتها مع بيان الأثر القانوني المترتب عليها وقيام ذوى الشأن والشهود بتوقيعها، وغير ذلك من الوقائع التي تمت بحضور منه وتحت بصره .
2) بيانات تتعلق بوقائع أو إقرارات صرح بها ذوو الشأن في أقوالهم في حضور الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة تتعلق بالتصرف القانوني الذي تشهد عليه الورقة، ولكن دون أن يتحقق بنفسه من صحة هذه الوقائع لأنه لم يدركها ببصره أو سمعه. ومنال ذلك أن يقرر البائع أنه باع عيناً بحدود معينة بثمن معين وتعهد بالتزامات معينة، أو يقرر المشترى أنه قبل شراء هذه العين بالثمن الذي ذكره البائع، وأنه من جهته تعهد بإلتزامات معينة وهكذا .
والنوع الأول من البيانات التي يثبتها الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة، هي التي تثبت لها صفة الرسمية لأنها إما قام بها الموظف أو المكلف بخدمة عامة بنفسه أو وقعت من ذوى الشأن في حضوره أي أدركها ببصره أو سمعه .
ومن ثم فإن الورقة تكون حجة فيما ورد فيها من هذه البيانات. ولا يجوز الطعن فيها إلا بطريق الإدعاء بالتزوير وذلك بشرط أن تكون هذه الوقائع مما يدخل في حدود مهمة الموظف أو المكلف بخدمة عامة، لأن إلحاق صفة الرسمية بما يثبته الموظف العام في المحرر مشروط باقتصاره على هذه الحدود، كما رسمها نص القانون، فإن جاوزها إنقطعت عن الولاية، وسقطت تبعاً لذلك قيمة ما يتولى إثباته على هذه الوجه. فلو أثبت الموثق أن المتعاقد يتمتع بقواه العقلية مثلاً أو أنه ليس مريضاً مرض الموت أو أنه بالغ سن الرشد، فلا يكون لإثبات هذه المسائل أثر في إمكان الاحتجاج بها، لأن إثباتها ليس مما يدخل في مهمة من يتولى التوثيق .
وعلى ذلك فإن الطعن بالتزوير هو الطريق الوحيد لدحض هذه البيانات، فليس لمن ينكر هذه البيانات أن يستجوب خصمة تمهيداً للحصول على إقرار منه، ولا أن يوجه إليه اليمين الحاسمة، ولا أن يطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق بغير الطريق المرسوم للإدعاء بالتزوير أو يطلب إثبات وقائع تتعارض مع البيانات الرسمية حتى لو كان يتمسك بمبدأ ثبوت بالكتابة ويريد أن يستكمله بشهادة الشهود أو القرائن .
وقد قصر المشرع وحصر حجية الورقة على طريق الطعن بالتزوير، لأن إنكار البيانات الرسمية يتضمن مساساً بأمانة الموظف وصدقه، رغم أن اختيار الموظف خاضع لشروط تتوافر بها الثقة فيه، وهو معرض لعقوبات قاسية فيما إذا أخل بهذه الثقة، ومن ثم فإنه من الملائم أن يكون ذلك عن طريق الطعن بالتزوير، وهو طريق معقد محفوف بالمصاعب والمخاطر، وقد رسم له قانون الإثبات إجراءات ومواعيد دقيقة، شدد فيها من إلتزامات الطاعن بالتزوير، وفرض عليه غرامة إذا حكم بسقوط ادعائه أو برفضه .
أما النوع الثاني من البيانات : فإن إثبات الموظف لما أدلى به ذوو الشأن أمامه يحوز صفة الرسمية لأنه تم تحت بصر وسمع الموظف، ومن ثم لا يجوز الطعن في ذلك إلا بطريق الإدعاء بالتزوير لأن التشكيك في حدوثها يمس أمانة الموظف. غير أن حصول الواقعة ذاتها التي أقربها ذوو الشأن فلا تثبت لها صفة الرسمية لأنها لم تحدث تحت بصر أو سمع الموظف العام ولم يكن الموظف منوطاً به التحقق منها، ومن ثم يجوز لصاحب المصلحة إنكارها وإثبات عكسها بطرق الإثبات الجائزة وفقاً للقواعد العامة دون حاجة إلى سلوك طريق الطعن بالتزوير، لأن هذا الإنكار لا يمس أمانة الموظف حيث أنه لم يتحقق من تلك الواقعة وإنما اكتفي بتدوينها لما سمعه من ذوى الشأن .
وتقضى القواعد العامة في الإثبات أنه لا يجوز إثبات عكس ما بالورقة المكتوبة إلا بالكتابة أو بمبدأ ثبوت بالكتابة مستكملاً بشهادة الشهود أو بالقرائن فلا يجوز إذن إثبات عكس ما ورد في الورقة الرسمية على لسان ذوى الشأن إلا إذا كانت هناك كتابة تثبت هذا العكس، أو في القليل مبدأ ثبوت بالكتابة تعززه شهادة الشهود أو القرائن .
ومن البديهي أنه ليس هناك ما يمنع أحد طرفي العقد الرسمي من أن يثبت بالأدلة المعتادة دون حاجة للطعن بالتزوير أنه حصل تعديل في العقد بعد تمامه باتفاق عرفی خاص بينهما بدون حضور الموثق هذا إلا إذا إشترط أنه لا يصح إجراء أي تعديل إلا بعقد رسمي أيضاً .
الإدعاء بصورية الإقرارات التي تلقاها الموظف أو المكلف بخدمة عامة :
ذكرنا أن الإقرارات التي يدلي بها ذوو الشأن أمام الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة ، ويتولى إثباتها ، لا تثبت لها صفة الرسمية لأن التصرف محل الإقرار لم يحصل أمام الموظف .
وينبني على ذلك أنه يجوز لصاحب المصلحة من الطرفين الطعن في هذه الإقرارات بالصورية ، ويكون إثبات الصورية طبقاً للقواعد العامة، وليس عن طريق الطعن بالتزوير .
فيجوز للمشتري أن يدعي صورية البيع الذي أقر به الطرف الآخر، أو يدعى البائع صورية ما ذكره المشترى من أنه قام بدفع الثمن. وإذا أقر شخص بالبيع يجوز للطرف الآخر أن يثبت أن التصرف في حقيقته هبة .
مدى حجية المحرر الرسمي :
تنص الفقرة الأولى من المادة (11) على أن «المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن في حضوره...... إلخ». ومفاد هذا النص أن المحرر متى اكتسب صفة الرسمية ، فإنه يعد دليلاً أو حجة على الكافة على صحة الوقائع التي تضمنتها بياناته، غير أن هذه الحجية مشروطة بأن يكون الموظف قد تحقق من صحة تلك الوقائع، وهذه تشمل النوع الأول من بيانات الورقة الرسمية التي ذكرناها سلفاً ، فهي بيانات قام بها محرر الورقة في حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن في حضوره .
وبذلك يكون المحرر الرسمي ليس حجة فقط على ذوى الشأن من الموقعين على المحرر وخلفهم العام والخاص ، وإنما حجة أيضاً في مواجهة الغير ويقصد بالغير هنا كل من لم يكن من بين موقعی المحرر أو خلفهم العام أو الخاص فلا يجوز للغير أن ينكر صدور المحرر من الموظف الذي حرره ولا أن ينكر ما ورد به من أمور صدرت من ذوى الشأن في حضوره إلا إذا أقام الدليل على صحة إنكاره بإتباع طريق الطعن بالتزوير .
أما النوع الثاني من بيانات المحرر الرسمي ، التي دونها الموظف العام بدون أن يتحقق من صحة الوقائع التي تدل عليها ، فقد ذهب رأى إلى أن حجيتها مقصورة على ذوى الشأن وخلفهم العام والخاص ما لم يثبتوا عكسها تفريغاً على أن الأصل في الإقرارات أن تكون صحيحة. أما غير هؤلاء لا تكون تلك البيانات حجة عليهم إذا أنكروا صحتها . بينما ذهب رأي آخر إلى أن هذه البيانات حجة أيضاً على الغير ما لم يثبت عكسها .
ونرى الأخذ بالرأي الأول.
هل تتعلق حجية المحرر الرسمي بالنظام العام؟
ذهب البعض إلى أن ثبوت الحجية الكاملة أي التي لا تقبل النقض إلا عن طريق الطعن بالتزوير للنوع الأول من البيانات وهي التي يثبتها الموظف أو يباشرها في حدود مهمته تتعلق بالنظام العام ، فلا يجوز الإتفاق على إثبات عدم صحة هذه البيانات بالطرق العامة ، ويمضي هذا الرأي إلى أنه لا يصح إعتبار ذلك من النظام العام لأنه ليس فيه ما يخالف القانون في شئ كالربا الفاحش والاتجار في المخدرات بل بالعكس فإن العقد الرسمي أمر محمود لاستقرار الحقوق بين المتعاقدين والناس جميعاً وعدم المنازعة فيها بقدر الإمكان .
بينما ذهب رأي آخر إلى أن اعتبار هذه الحجية من النظام العام هو المتسق مع نص القانون وذلك لما يوليه القانون من ثقة لصحة ما يثبته الموظف العام من بيانات تدخل في حدود مهمته . فإذا أراد أحد الخصوم إقامة الدليل على عكسها فليس له سوى الالتجاء إلى طرق الطعن بالتزوير ولا يجوز له الاتفاق على إثبات عدم صحة هذه البيانات بالطرق الأخرى في الإثبات . وهو ما نرى الأخذ به . ( موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود، المجلد : الأول، الصفحة : 396 )
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري،قانون التقاضى والإثبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات: 112 ، 113 ، 114
(مادة 82) :
المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته ، أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانوناً .
( م (391) مدني مصري، و(11) إثبات مصري ، و(15) سوداني ، و(6) سوري ، ومن المجلة المواد (1737) و(1738) و (1739) ، ومن لائحة ترتيب المحاكم الشرعية م (133) و(134) و(138) ) .
المذكرة الإيضاحية :
1- تعرض هذه المادة لتنظيم حجية المحرر الرسمي . والجوهري في هذا الصدد أن المحرر الرسمي يكون حجة بكل ما يلحق به وصف الرسمية فيها ، دون حاجة إلى الإقرار بها، على نقيض المحرر العرفي فهو لا يكون حجة بما فيه قبل الإقرار به . ويعتبر المحرر الرسمي حجة لا بالنسبة إلى المتعاقدين وحدهم ، بل بالنسبة إلى الغير كذلك ، شأنه من هذا الوجه شأن المحرر العرفي فيما عدا التاريخ. وقد نص التقنين المراكشي م (419) والتقنين المصري القديم م (226) والحالي م (391) - صراحة على هذا الحكم، وتبعها المشروع في ذلك .
أما من حيث قوة الإثبات ، فتعتبر المحررات الرسمية حجة ما لم يتبين تزويرها أو لم يقم الدليل على خلاف ما هو ثابت فيها .
ويراعى أن الطعن بالتزوير هو طريق خاص لإثبات العكس في المحررات الرسمية ، علته ما يولي القانون من ثقة لصحة الإقرارات الصادرة في حضور الموظف العام، وصحة ما يتولى إثباته من البيانات التي تدخل في حدود مهمته فإذا إقتضت مصلحة أحد من ذوي الشأن أن يقيم الدليل على عكس بيان من البيانات التي يلحق بها وصف الرسمية - تعين عليه أن يلجأ إلى طريق الطعن بالتزوير .
وقد تكفل النص بتحديد هذه البيانات فقصرها على الأمور التي يثبتها الموظف العام في حدود مهمته ، أو التي تصدر من ذوي الشأن في حضوره ، وهي بهذا الوصف تتضمن :
(أ) ما يثبت الموظف العام من وقائع أو أمور ، بإعتبار أنه تولى ضبطها بنفسه ومن قبيل هذه الوقائع أو الأمور : التاريخ ، ويعتبر ثابتاً من يوم تلقي الورقة ، وقبل قيدها في السجل المعد لذلك ، وبيان مكان تلقي الورقة ، والكتابة ، وتوقيع ذوي الشأن ، وتوقيع الموثق ، والبيانات المتعلقة بإتمام الإجراءات التي يتطلبها القانون .
(ب) ما يصدر من ذوي الشأن في حضور الموظف ويدرك بالحس من طريق الإتصال بالسمع أو الوقوع تحت البصر ، كالإقرارت أو وقائع التسليم ويراعى أن الموظف العام يثبت واقعة الإدلاء بهذه الإقرارات ، دون أن يمس ذلك صحتها ، فلو أقر أحد المتعاقدين أنه باع ، وأقر الآخر أنه أدى الثمن - أثبت الموثق هذين الإقرارين ، وكان إثباته لها دليلاً على الإدلاء بها ، لا على صحة الوقائع التي تنطوي فيها .
ويشترط أن تكون الوقائع أو الأمور المتقدم ذكرها ، مما يدخل في حدود مهمة الموثق ؛ لأن إلحاق صفة الرسمية بها يثبت الموظف العام في المحرر مشروط بإقتصاره على هذه الحدود کما رسمها نص القانون ، فإن جاوزها إنقطعت عنه الولاية ، وسقطت تبعاً لذلك قيمة ما يتولى إثباته على هذا الوجه فلو أثبت الموثق أن المتعاقد متمتع بقواه العقلية مثلاً فلا يكون لإثبات هذه الواقعة أثر في إمكان الإحتجاج بها ؛ لأن إثباتها ليس مما يدخل في مهمة من يتولى التوثيق .
2- وتكون إقرارات ذوي الشأن حجة على الكافة ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانوناً ويلاحظ أنه ينبغي عدم الخلط بين إثبات حصول التصرف أمام الموظف وبين صحة هذا التصرف في ذاته . فإذا قرر ذوو الشأن أمام الموظف أن أحدهما باع وأن الآخر اشتری ، فالمحرر الرسمي يعتبر حجة على صدور هذين الإقرارين ، وإثبات الموظف لها ، بعد أن اتصلا بسمعه ، إلى أن يقضي فيه بالتزوير . أما حقيقة هذين الإقرارين في ذاتها - من حيث مبلغ مطابقتها للواقع – فلا حيلة للموثق في العلم بها وإثباتها ؛ لأنها ليست مما يقع تحت حسه .
ومؤدى هذا أن مجرد إثبات إقرار من الإقرارت في محرر رسمي لا يستتبع إمكان الاحتجاج بصحته الذاتية ، إلى أن يقضي في هذا المحرر بالتزوير على أن مثل هذا الإقرار يعتبر صحيحاً إلى أن يثبت العكس ، تفريعاً على أن الأصل في الإقرارات أن تكون صحيحة ، أما الصورية فهي إستثناء يتعين على من يتمسك به أن يقيم الدليل عليه وفقاً للقواعد العامة في الإثبات .
وغني عن البيان أن من واجب القاضي أن يحترم المحرر الرسمي وأن يكفل نفاذه .
ولم ير محل لإيراد نص خاص بشأن الأمر بوقف تنفيذ المحرر الرسمي الذي يطعن فيه بالتزوير بصفة أصلية أو فرعية ، وبيان الهيئة المختصة بإصدار هذا الأمر ذلك أن مثل هذا النص يتعلق بقواعد الإجراءات فمكانه الطبيعي تقنين المرافعات المدنية والتجارية في باب التنفيذ لا قانون الإثبات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثاني والأربعون ، الصفحة / 360
وَثِيقَةٌ
التَّعْرِيفُ:
الْوَثِيقَةُ فِي اللُّغَةِ: الإْحْكَامُ فِي الأْمْرِ، يُقَالُ: أَخَذَ بِالْوَثِيقَةِ فِي أَمْرِهِ أَيْ بِالثِّقَةِ، وَتَوَثَّقَ فِي أَمْرِهِ مِثْلَهُ، وَالْجَمْعُ وَثَائِقُ.
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ: «وَاخْلَعْ وَثَائِقَ أَفْئِدَتِهِمْ»مِنْ وَثُقَ الشَّيْءُ وَثَاقَةً: قَوِيَ وَثَبُتَ فَهُوَ وَثِيقٌ ثَابِتٌ مُحْكَمٌ، وَالأْنْثَى وَثِيقَةٌ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: مَا يُتَّخَذُ لِتَأْمِينِ الْحُقُوقِ عَنِ الْفَوَاتِ عَلَى أَصْحَابِهَا بِجَحْدٍ، أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ إِفْلاَسٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَخَاطِرِ.
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْحُجَّةُ:
الْحُجَّةُ - بِضَمِّ الْحَاءِ - لُغَةً الدَّلِيلُ وَالْبُرْهَانُ، وَالْجَمْعُ حُجَجٌ.
وَاصْطِلاَحًا: مَا دَلَّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى كَالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ أَوِ الإْقْرَارِ.
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْحُجَّةِ وَالْوَثِيقَةِ: هِيَ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ.
مَشْرُوعِيَّةُ الْوَثِيقَةِ:
الأْصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ).
وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : «الزَّعِيمُ غَارِمٌ».
أَنْوَاعُ الْوَثَائِقِ:
الْوَثَائِقُ بِالْحُقُوقِ الْمَنْصُوصَةِ فِي الآْيَتَيْنِ ثَلاَثَةٌ:
- شَهَادَةٌ، وَرَهْنٌ، وَكِتَابَةٌ.
وَالضَّمَانُ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ.
فَالشَّهَادَةُ لِخَوْفِ الْجَحْدِ، وَالضَّمَانُ وَالرَّهْنُ لِخَوْفِ الإْفْلاَسِ، وَالْكِتَابَةُ لِخَوْفِ النِّسْيَانِ.
مَا تَدْخُلُهُ الْوَثَائِقُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ:
نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ مِنَ الْعُقُودِ مَا يَدْخُلُهُ الرَّهْنُ وَالضَّمَانُ وَالشَّهَادَةُ، كَالْبَيْعِ، وَالسَّلَمِ، وَالْقَرْضِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ الْمُسْتَقِرَّةِ.
وَمِنْهُ مَا يُسْتَوْثَقُ مِنْهُ بِالشَّهَادَةِ لاَ بِالرَّهْنِ: وَهُوَ الْمُسَاقَاةُ، لأِنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ. وَنُجُومُ الْكِتَابَةِ لاَ رَهْنَ فِيهَا وَلاَ ضَمِينَ، لأِنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَقِرٍّ، وَكَذَا الْجَعَالَةُ، وَحَكَى ابْنُ الْقَطَّانِ وَجْهًا أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُهَا الضَّمِينُ.
وَمِنْهُ الْمُسَابَقَةُ إِذَا اسْتَحَقَّ رَهْنُهَا جَازَ الرَّهْنُ وَالضَّمِينُ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: فِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْخِلاَفِ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ أَوْ لاَزِمٌ.
وَمِنْهُ مَا يَدْخُلُهُ الضَّمِينُ دُونَ الرَّهْنِ، وَهُوَ ضَمَانُ الدَّرْكِ.
وَقَدِ اسْتَدْرَكَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَلَى حَصْرِ الْوَثَائِقِ فِيمَا سَبَقَ بِأُمُورٍ مِنْهَا:
الْحَبْسُ عَلَى الْحُقُوقِ إِلَى الْوَفَاءِ أَوْ حُضُورِ الْغَائِبِ، وَإِفَاقَةِ الْمَجَانِينِ، وَبُلُوغِ الصِّبْيَانِ.
وَمِنْهَا حَبْسُ الْمَبِيعِ، حَتَّى يُقْبَضَ الثَّمَنُ، وَمِنْهَا: امْتِنَاعُ الْمَرْأَةِ عَنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا، حَتَّى تَقْبِضَ الْمَهْرَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.
حُكْمُ الْوَثَائِقِ:
الشَّهَادَةُ:
الشَّهَادَةُ مِنْ أَهَمِّ الْوَثَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ الإْشْهَادِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي عُقُودِ النِّكَاحِ أَمْ فِي عُقُودِ الْمُعَامَلاَتِ.
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (شَهَادَة ف 30، تَوْثِيق ف 7)
ب - الْكِتَابَةُ:
كِتَابَةُ الْمُعَامَلاَتِ الَّتِي تُجْرَى بَيْنَ النَّاسِ وَسِيلَةٌ لِتَوْثِيقِهَا، وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الأْمْرُ بِهَا فِي قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَاتَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ).
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْكِتَابَةِ: فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الأْمْرَ بِالْكِتَابَةِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ. وَقَالُوا: إِنَّنَا نَرَى جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ دِيَارِ الإْسلاَمِ يَبِيعُونَ بِالأْثْمَانِ الْمُؤَجَّلَةِ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ وَلاَ إِشْهَادٍ، وَذَلِكَ إِجْمَاعٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا، وَالأْمْرُ نَدْبٌ إِلَى حِفْظِ الأْمْوَالِ وَإِزَالَةِ الرَّيْبِ.
وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ كَتْبَ الدُّيُونِ وَاجِبٌ عَلَى أَرْبَابِهَا فَرْضٌ بِهَذِهِ الآْيَةِ بَيْعًا كَانَ أَوْ قَرْضًا لِئَلاَّ يَقَعَ جَحْدٌ أَوْ نِسْيَانٌ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ.
(ر: تَوْثِيقٌ ف 12).
حِكْمَةُ الْكِتَابَةِ وَالشَّهَادَةِ:
أَمَرَ اللَّهُ فِي آيَةِ الْمُدَايَنَةِ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْكِتَابَةُ بِقَوْلِهِ (فَاكْتُبُوهُ)، وَالثَّانِي: الاِسْتِشْهَادُ، بِقَوْلِهِ: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ) وَفَائِدَةُ الْكِتَابَةِ وَالإْشْهَادِ أَنَّ مَا يَدْخُلُ فِيهِ الأْجَلُ وَتَتَأَخَّرُ فِيهِ الْمُطَالَبَةُ يَتَخَلَّلُهُ النِّسْيَانُ، وَيَدْخُلُهُ الْجَحْدُ، فَصَارَتِ الْكِتَابَةُ كَالسَّبَبِ لِحِفْظِ الْمَالِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، لأِنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ حَقَّهُ قَدْ قُيِّدَ بِالْكِتَابَةِ وَالإْشْهَادِ عَلَيْهَا تَحَرَّزَ عَنْ طَلَبِ الزِّيَادَةِ وَمِنْ تَقْدِيمِ الْمُطَالَبَةِ عَلَى حُلُولِ الأْجَلِ، وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إِذَا عَرَفَ ذَلِكَ تَحَرَّزَ مِنَ الْجُحُودِ، وَأَخَذَ قَبْلَ حُلُولِ الأْجَلِ فِي تَحْصِيلِ الْمَالِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ أَدَائِهِ وَقْتَ حُلُولِ الأْجَلِ، فَلَمَّا حَصَلَ فِي الْكِتَابَةِ وَالإْشْهَادِ هَذِهِ الْفَوَائِدُ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ.
ج - الرَّهْنُ:
الرَّهْنُ هُوَ الْمَالُ الَّذِي يُجْعَلُ وَثِيقَةً بِالدَّيْنِ لِيُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِهِ إِنْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ.
وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (رَهْن ف 4، تَوْثِيق ف 14)
د - الضَّمَانُ:
الضَّمَانُ: هُوَ مِنْ وَسَائِلِ التَّوْثِيقِ، وَهُوَ ضَمُّ ذِمَّةِ الضَّامِنِ إِلَى ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فِي الاِلْتِزَامِ بِالْحَقِّ فَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِمَا جَمِيعًا.
وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَلاَ جَرَمَ أَنَّ هَذَا يَزِيدُ الثِّقَةَ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (ضَمَان ف 28، تَوْثِيق ف 15)

