مذكرة المشروع التمهيدى :
هذه المادة تطابق نص المادة 392 من القانون المدني التي أُلغيت مع إستبدال عبارة المحرر بالورقة الرسمية . وقد جاء بتلك المذكرة أن الصورة بوجه عام هي نسخة حرفية تنتقل عن أصل ورقة من الأوراق وتكون خلواً من التوقيع ولما كان الأصل من ورقة عرفية هو النسخة التي يوقع عليها ذوو الشأن وتتوافر لها حجيتها في الإثبات تأسيساً على هذا التوقيع متى كانت نسبتها إلى الموقعين غير مذكورة لذلك لم يجعل القانون لصور الأوراق العرفية أي حجة في الإثبات إذ ليس ثمة ضمان يكفل الجزم بعد تزوير أصولها - ويخرج بداهة جميع المحررات التي لا تحمل توقيعاً وإن كانت تعتبر من ضروب الأدلة الكتابية " کدفاتر التجار والأوراق العائلية وتأشيرات الدائن على سند الدين " ويقتضي تعيين ما لصور الأوراق الرسمية من حجية في الإثبات وجوب التفريق بين حالة وجود الأصل وحالة فقد هذه الأصل وقد إقتصرت المادة " 535 من المشرع " والتي أصبح رقمها 392 على بيان حكم أولى هاتين الحالتين ويراعى أن النص سوى في الحكم بين الصور الشمسية " الفوتوغرافية " والصور الخطية إزاء شیوع الركون إلى طريقة التصوير الشمسي بالنسبة للأوراق الرسمية في مصر والأصل في حجية الورقة أن تكون قاصرة على نسختها الأصلية ... ويتفرع على ذلك أن الصور الخطية أو الشمسية والصور التنفيذية والصور الأولى لا تكون بذاتها حجة في الإثبات مع أن موظفاً عاماً إستوثق من مطابقتها للأصل ولهذه العلة ذكر النص على وجه التحديد أنا لصور " تكون حجة بالقدر الذي يعترف فيه بمطابقتها للأصل " مع مراعاة القيد الآتي : فلذي الشأن من الطرفين أن يطلب مراجعة الصورة على الأصل في مواجهة الطرف الآخر ومؤدى هذا أن مجرد إنكار مطابقة الصورة للأصل يكفى للإلزام بتقديم الأصل ولو لم يكن هذا الإنكار معززا بدليل. بيد أن العمل جرى على الاعتداد بحجية الصور الخطية والشمسية واعتبارها مطابقة للأصل متى انتفت كل شبهة في حقيقة هذه المطالبة فليست قيمة هذه الصور في الإثبات بموقوتة أو مغياة بمجرد المنازعة في مطابقتها لأصولها على أن المشروع قصد إلى تحامى إستغلال مجرد الإنكار في إطالة أمد الخصومات واللدد فيها فنص في الفقرة الثانية في المادة المتقدم ذكرها على أنه " يجوز للقاضي أن يأمر بإستحضار الأصل" (وقد حذفت هذه الفقرة في المشروع النهائي بناءً على اقتراح الدكتور السنهوري وذلك لاستظهار قرينة مطابقة الأصل للصورة ما لم ينازع أحد الطرفين في ذلك وترتيب الحكم المتعلق بالمراجعة على الطعن في هذه القرينة " فالقاضي والحال هذه سلطة تقدير جدية الإنكار دون أن يخل ذلك بواجبه في الاعتداد بما لمن يحتج عليه بالصورة الشمسية أو الخطية من حق غير منازع في المطالبة بتقديم الأصل فإذا إنتقى كل شك في أن الإنكار لا يقصد منه إلا إلى إطالة أمد النزاع كان للقاضي ألا يأمر باستحضار الأصل . وليس شك في أن الأنسب تخويل القاضي سلطة التقدير في هذا الشأن ولا سيما أن شيوع طريقة التصوير الشمسي يقضي على الكثير من أسباب الخطأ في الصور التي تنقل بالخط أو الآلة الكاتبة . ( مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثالث ص 360 وما بعدها )
1- المحررات الرسمية لا يمكن الطعن فيها إلا بالتزوير و تكون حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها إذا وقعت من ذى الشأن فى حضوره و إذا كان اصل تلك المحررات غير موجود فتظل لصورتها الرسمية حجيتها سواء أكانت تنفيذية أو غير تنفيذية أخذت فور تحرير الأصل بمعرفة محرره أو أخذت بعد ذلك بمعرفة أحد الموظفين غير محرر الأصل و ذلك متى كان مظهرها الخارجى لا يسمح بالشك فى مطابقتها للأصل أما إذا كان المظهر الخارجى يبعث على الشك فى أن تكون قد عبث بها كما إذ وجد بها كشط أو محو أو تحشير فإن الصورة تسقط حجيتها فى هذه الحالة .
( الطعن رقم 203 لسنة 44 - جلسة 1979/01/24 - س 30 ع 1 ص 338 ق 68 )
2- مؤدى المادة 392 من القانون المدنى المطابقة للمادة 12 من قانون الإثبات أنها شرعت قرينة قانونية على أن الصورة الرسمية للمحرر الرسمى - خطية كانت أو فوتوغرافية - تكون حجة بالقدر الذى تكون فيه مطابقة للأصل ما لم ينازع فى ذلك أحد الطرفين ، ولئن كانت مجرد المنازعة تكفى لإسقاط قرينة المطابقة إلا أنه ينبغى أن تكون هذه المنازعة صريحة فى إنعدام هذه المطابقة متسمة بالجدية فى إنكارها وإذ كان البين من مذكرة الطاعن المقدمة لمحكمة الموضوع أنها إقتصرت على القول بأن محاضر البوليس ليست من أدلة الإثبات المدنية فإن ذلك لا ينطوى على منازعة فى مدى التطابق بين صورة المحرر الرسمى وأصله ، وليس من شأنه إهدار القرينة القانونية آنفة الذكر ، ويكون الحكم فى مطلق حقه إذ عول على ما ورد بالصورة الرسمية للشكوى من أقوال منسوب صدورها إلى الطاعن .
( الطعن رقم 554 لسنة 44 - جلسة 1978/05/24 - س 29 ع 1 ص 1315 ق 257 )
3- متى كان الطاعن لم يقدم ما يثبت إعتراضه على الصورة الفوتوغرافية من الشكوى المقدمة فى الدعوى وكان الخطأ فى وصف الصورة الرسمية منها بأنها هى الأصل ، غير منتج لما هو مقرر قانوناً من أن الصورة الرسمية للمحرر الرسمى تكون حجة بالقدر الذى تكون فيه مطابقة للأصل مما لم يكن محل نعى من الطاعن وإذ كان إستخلاص الحكم المطعون فيه للقرينه القضائية محل النعى - الإستناد فى إثبات صورية عقد بيع إلى هاتين الصورتين - مستمداً من أصل غير منكور فى أوراق الدعوى ولا خروج فيه على المنطق فإن مجادلة الطاعن فى شأنها تكون متعلقة بتقرير الدليل الذى تستقل به محكمة الموضوع .
( الطعن رقم 161 لسنة 38 - جلسة 1973/06/26 - س 24 ع 2 ص 967 ق 168 )
4- لما كان الطاعن وهو المكلف بالإثبات هو الذى قدم صورة عقد البيع الذى يستند إليه فى دفاعه فى الدعوى على أساس أنها مطابقة للأصل وكان المطعون عليهم لم ينكروا عليه ذلك ، فإن مطابقة الصورة للأصل تكون بذلك غير متنازع فيها ومن ثم فى غير حاجة إلى إثبات ، ولهذا لا يجوز للطاعن التحدى بعدم إطلاع المحكمة على أصل العقد الذى قضت بصوريته و المودع بالشهر العقارى .
( الطعن رقم 161 لسنة 38 - جلسة 1973/06/26 - س24 ع 2 ص 967 ق 168 )
5- إذ كان الحكم المطعون فيه قد عول فى الأخذ بالصور الرسمية للشكاوى الإدارية المرفقة بها البلاغات الكتابية على عدم منازعة الطاعن فى مطابقة هذه الصور للأصل وكان الطاعن لم يقدم ما يدل على أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بإنكار حجية تلك الصور فإن الحكم المطعون فيه إذا أعتمد على هذه الصور فى إستخلاص إقرار الطاعن بملكية المطعون عليه لربع المحل لا يكون قد خالف القانون أو شابه قصور فى التسبيب .
( الطعن رقم 359 لسنة 37 - جلسة 1972/06/22 - س 23 ع 2 ص 1154 ق 182 )
6- إذا كان ما قدمه الطاعن لمحكمة الموضوع من أوراق لا يعدو أن يكون صورا شمسية وخطية غير رسمية يقول الطاعن أنها لمكاتبات متبادلة بين الحراسة العامة والحراسة الزراعية أصلها لم يقدم ، وقد إعترض المطعون ضده فى مذكرته المقدمة لمحكمة الإستئناف على صلاحيتها لإثبات محتواها ، وكانت تلك الأوراق بحالتها هذه ليست لها أى حجية لأن الأصل أنه لا حجية لصور الأوراق الرسمية إلا إذا كانت هذه الصور بذاتها رسمية طبقا لنص المادتين 392 و 393 من القانون المدنى الواجبتى التطبيق ، فإن النعى على الحكم المطعون فيه بالقصور فى التسبيب لإغفاله التحدث عنها يكون غير منتج .
( الطعن رقم 578 لسنة 35 - جلسة 1972/04/22 - س 23 ع 2 ص 747 ق 117 )
7- متى كان الحكم المطعون فيه قد إعتمد على صورتين رسميتين لورقتين رسميتين - حجتى وقف - حرر كلا منهما موظف مختص بتحريرها وكان الطاعنون لم ينازعوا فى مطابقة هاتين الصورتين لأصلهما فانهما تعتبران مطابقتين لهذا الأصل وبالتالى حجة بما ورد فيهما من إقرارات صادرة من الأشخاص الذين أثبت الموظف المختص بتحرير الحجتين صدورها منهم و من ثم فلا على الحكم إذا إعتمد فى قضائه على هذه الإقرارات وإتخذ منها دليلاً على ماقضى به .
( الطعن رقم 218 لسنة 29 - جلسة 1964/02/20 - س 15 ع 1 ص 244 ق 43 )
8- لا محل لتعييب الحكم بعدم إطلاع المحكمة على أصل ورقة الإعلان وإكتفائها بالصورة الشمسية لها ما دام الطاعن لم ينازع فى مطابقة الصورة وهى صورة رسمية للأصل .
( الطعن رقم 282 لسنة 34 - جلسة 1968/02/01 - س 19 ع 1 ص 195 ق 31 )
وأصل المحرر الرسمي يحتفظ به لدى الموظف الذي حرره ، ويعطى منه فور تحريره صورة لذى الشأن تسمى الصورة الأصلية. وإذا احتاج ذو مصلحة بعد ذلك صورة من المحرر أعطيت له. وهذه أيضاً صورة أصلية، إذ هي مأخوذة عن الأصل. وقد تودع الصورة الأصلية لدى إحدى الجهات الرسمية، ويطلب ذو شأن إعطاءه صورة منها وعندئذ لا نكون بصدد صورة أصلية وإنما صورة من الصورة. ويمكن تصور إيداع هذه الأخيرة لدى إحدى الجهات الرسمية، وطلب صورة منها. فتعتبر هذه صورة صورة الصورة الأصلية. وهكذا... فهل لهذه الصور - على اختلافها - حجية الأصل في الإثبات ؟
يجب ملاحظة أن الأمر - في جميع هذه الفروض - يتعلق بصورة رسمية، أي صور صادرة إما من الجهة التي حررت الأصل أو من جهة رسمية لها سلطة إعطاء صورة من المستند المودع لديها؛ فالصورة الخطية أو الفوتوغرافية التي ينقلها ذو الشأن بنفسه من صورة رسمية لا حجية لها .
أما بالنسبة إلى الصور الرسمية فيجب أن نفرق بالنسبة لها بين فرضين :
الأول - أن يكون الأصل محفوظاً لدى من اصدره. وهذا هو الفرض الغالب. وعندئذ تكون الصورة الرسمية أياً كانت درجتها - خطية أو فوتوغرافية - حجية المحرر الرسمي. على أن هذه الحجية تكون لها بفرض أنها مطابقة للأصل. ولهذا لمن يحتج عليه بها أن يطلب من المحكمة مطابقتها بالأصل، فتأمر المحكمة بضم الأصل إلى ملف القضية. ولا يكون للصورة حجية الأصل إلا بقدر مطابقتها له ، إذ الحجية في الواقع مستمدة من الأصل (12 ق. الإثبات) .
الثاني - إذا لم يكن الأصل موجوداً، بسبب سرقة أو إهمال أو حريق أو غير ذلك، فقد فرق القانون المصرى بين الصور الرسمية حسب درجاتها على النحو التالي :
أ- الصورة الأصلية ، لها حجية الأصل بشرط أن يكون مظهرها الخارجي سليمة لا يشكك في مطابقتها للأصل .
ب- صورة الصورة الأصلية . لها حجية الأصل ، ولكن إذا كانت الصورة الأصلية موجودة فإن لمن يحتج بها عليه طلب مطابقتها على الصورة الأصلية. فتضم هذه الأخيرة. وتكون الحجية لها أما صورتها فإنها تكون حجة بقدر مطابقتها لها. فإذا لم تكن الصورة الأصلية موجودة، فقد ذهب رأي إلى أن صورة الصورة الأصلية لا حجية لها. فهي في هذا الشأن كصورة صورة الصورة. وعلة هذا أنه لا يمكن مضاهاتها بالصورة الأصلية. على أننا نميل إلى رأي آخر مؤداه أنه في هذه الحالة تكون الصورة الصورة الأصلية نفس حجية الصورة الأصلية يؤيد هذا عبارة المادة 13 / ب من قانون الإثبات إذ تقضي بأنه «ويكون للصورة الرسمية المأخوذة من الصورة الأصلية الحجية ذاتها» (أي حجية الصورة الأصلية المشار إليها في الفقرة أ).
جـ - صورة صورة الصورة : ليس لها حجية المحرر الرسمى، ولو كانت الصورة الأصلية أو صورتها موجودة ، وإنما يكون للقاضی مجرد الاستئناس بها حسب ظروف القضية. (13 / جـ ق. الإثبات ). ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني، الصفحة : 139 )
الأصل والصورة :
وتعرض هذه النصوص لحجية صور الورقة الرسمية . ذلك أن كل ما قدمناه فى حجية الورقة الرسمية إنما يرد فى حجية أصل الورقة لا فى حجية صورها . والفرق بين الأصل والصورة أن الأصل هو الذى يحمل التوقيعات إذ أن جميع من وقعوا الورقة الرسمية إنما وقعوا على الأصل ، هذا إلى أن الأصل هو الورقة بعينها التى صدرت من الموثق . أما صورة الورقة الرسمية فهى لا تحمل التوقيعات وليست هى التى صدرت من الموثق، بل هى منقولة عن الأصل بواسطة موظف عام مختص، فهى من هذه الناحية ورقة رسمية ولكن رسميتها فى أنها صورة لا فى أنها أصل . والمفروض أنها مطابقة للأصل مطابقة تامة ، بما ورد فى الأصل من بيانات وما يحمله من توقيعات .
ولا فرق بين الصورة الخطية والصورة الفوتوغرافية ما دامت كلتاهما صورة رسمية ، بل لعل الصورة الفوتوغرافية هى الأدق من الناحية الفعلية .
أما إذا كانت صورة الورقة الرسمية ليست هى ذاتها صورة رسمية بل صورة عرفية، فليست لها أية حجية .
وتقل حجية الصورة الرسمية عن حجية الأصل. ولبيان ذلك يجب أن نميز بين فرضين : أولاً إذا كان الأصل موجوداً. ثانياً إذا كان الأصل غير موجود .
أولاً : حجية الصورة إذا كان الأصل موجوداً : بينا فيما تقدم أن أصل الورقة الرسمية يبقى محفوظاً فى مكتب التوثيق الذى وثق الورقة. ومن ثم كانت الحالة الغالبة فى حجية الصورة هى حالة ما إذا كان الأصل موجوداً، إذ قل أن ينعدم هذا الأصل .
وإذن يشترط لقيام هذا الفرض شرطان :
1- أن يكون أصل الورقة الرسمية موجوداً حتى يمكن الرجوع إليه عند الحاجة .
2- أن تكون الورقة التى يحتج بها ليست هى هذا الأصل، بل صورة من الأصل. ولكن يشترط فى هذه الصورة أن تكون صورة رسمية، فلو كانت صورة عرفية فلا يعتد بها كما قدمنا. ويكفى أن تكون صورة رسمية، دون حاجة إلى أن تكون صورة مأخوذة من الأصل بطريق مباشر. فقد تكون مأخوذة مباشرة من الأصل، وفى هذه الحالة قد تكون هى الصورة التنفيذية أو تكون صورة أولى بسيطة. وقد تكون مأخوذة من صورة مأخوذة من الأصل، ومن صورة مأخوذة عن صورة من الأصل، أياً كان عدد الصور الرسمية التي توسطت بينها وبين الأصل. فما دام الأصل موجوداً فإنه يكفى فى الصورة أن تكون صورة رسمية فحسب ، إذ يمكن دائماً مضاهاتها على الأصل .
ومتى توافر هذان الشرطان، كان للصورة الرسمية، خطية كانت أو فوتوغرافية، حجية فى الإثبات بفضل قرينة قانونية وردت في الفقرة الثانية من المادة 10 من قانون الإثبات، إذ قضى هذا النص بأن ( تعتبر الصورة مطابقة للأصل، ما لم ينازع فى ذلك أحد الطرفين، وفى هذه الحالة تراجع الصورة على الأصل ) .
ومن ذلك يتبين أن القرينة هنا قرينة قانونية قابلة لإثبات العكس .
فهى أولاً قرينة قانونية على المطابقة . وصاحب المصلحة يقتصر على تقديم الصورة. وهى التى تكون معه غالباً ، دون الأصل المودع فى مكتب التوثيق. وعند ذلك يعتبرها القاضى مطابقة للأصل دون أى تحقيق، ويجعل لها حجية الإثبات التى للأصل على التفصيل الذي قدمناه. ولكن الحجية هنا إنما تأتى من افتراض مطابقة الصورة للأصل، فهى إذن حجية مستمدة من الأصل لا من الصورة .
وهى ثانياً قرينة قابلة لإثبات العكس . فللخصم أن ينازع في مطابقتها للأصل . ومجرد المنازعة يكفي لإسقاط القرينة . وعند ذلك يتعين على المحكمة تحقيق مطابقة الصورة المقدمة لأصلها . وتصدر لهذا الغرض قراراً بضم الأصل إلى ملف الدعوى ، وينتقل القاضى المنتدب إلى مكتب التوثيق ، ويحرر بحضوره صور مطابقة للأصل ويحرر بذيلها محضر يوقعه القاضي والموثق وكاتب المحكمة ، ثم يضم الأصل إلى ملف النزاع ، وتقوم الصورة مقام الأصل لحين رده م10 فقرة 2 من قانون التوثيق ، ومتى ضم الأصل إلى ملف الدعوى أمكن للمحكمة مضاهاة الصورة عليه ، فإن وجدت مطابقة للأصل ثبتت لها حجيته، وإلا استبعدت وبقى الأصل هو المستند فى الدعوى بحجيته المعروفة .
وهذا الذى قررناه فى شأن حجية الصورة الرسمية إذا كان الأصل موجوداً هو ما كان متبعاً دون نص فى التقنين المدنى السابق .
حجية الصورة إذا كان الأصل غير موجود : هذا يميز التقنين المدنى الجديد م 393 بين حالات ثلاث :
1- حالة الصور الرسمية الأصلية، أى الصور الرسمية المأخوذة مباشرة من الأصل .
2- حالة الصور الرسمية المأخوذة من الصور الرسمية الأصلية .
3- حالة الصور الرسمية المأخوذة من الصور الرسمية للصور الرسمية الأصلية .
وأصل الورقة الرسمية لا يفقد إلا نادراً كما قدمنا، إذ هو دائماً محفوظ فى مكتب التوثيق أو فى قلم كتاب المحكمة الذى وثقه وقد سبقت الإشارة إلى ذلك. ولكن يقع أن يفقد الأصل إذا قدم العهد به ، أو قبل ذلك بسبب حريق أو سرقة أو أى عارض آخر. ويقع على الخصم المتمسك بالصورة عبء إثبات فقد الأصل .
حجية الصور الرسمية الأصلية : وهذه كما قدمنا الصور الرسمية التى تنقل مباشرة من الأصل وتشمل :
أولاً : الصورة التنفيذية ، وهى الصورة الرسمية التى تنقل مباشرة من الأصل وتوضع عليها الصيغة التنفيذية، ولا تعطى إلا لأصحاب الشأن، ومرة واحدة، فلا يجوز تسليم صورة تنفيذية ثانية إلا بقرار من قاضى الأمور المستعجلة م 9 قانون التوثيق. ويسميها الفرنسيون لأنها تكتب بحروف مكبرة، بخلاف الأصل والصور الأخرى فهى تكتب بحروف عادية .
ثانياً : الصورة الأصلية الأولى ، وهى التى تنقل من الأصل عقب التوثيق لإعطائها لذوى الشأن دون أن توضع عليها الصيغة التنفيذية. وهى لا تعطى إلا لذى شأن، ويؤشر الموثق بالتسليم فى أصل المحرر ويوقع هذا التأشير م 8 قانون التوثيق و م 19 لائحة قانون التوثيق .
ثالثاً : الصورة الأصلية البسيطة ، وتنقل هى أيضاً مباشرة من الأصل، ولكنها لا تنقل إلا بعد التوثيق بمدة من الزمن. ويجوز دائماً إعطاؤها لذوى الشأن. ولا يجوز إعطاؤها للغير إلا بعد الحصول على إذن من قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة التي يقع مكتب التوثيق فى دائرتها م 8 قانون التوثيق .
رابعاً : الصورة الرسمية التى تحرر بحضور القاضي المنتدب عند صدور قرار من سلطة قضائية بضم الأصل إلى ملف الدعوى . وهو صورة تحرر مطابقة للأصل، ويحرر بذيلها محضر يوقعه القاضى والموثق وكاتب المحكمة، وتقوم مقام الأصل إلى حين رده كما سبق القول م 10 فقرة 2 قانون التوثيق .
هذه كلها صور رسمية أصلية، ولها جميعاً حجية واحدة هى حجية الأصل المفقود، وذلك متى كان مظهرها الخارجي لا يسمح بالشك في مطابقتها للأصل. أما إذا كان المظهر الخارجى للصورة يبعث على الشك فى أن يكون قد عبث بها، كما إذا وجد كشط أو محو أو تحشير أو نحو ذلك، فإن الصورة تسقط حجيتها فى هذه الحالة .
ويتبين من ذلك أن الصورة الرسمية الأصلية سليمة المظهر الخارجى تكون لها حجية الأصل على النحو الذى قدمناه. وتستمد هذه الحجية ، لا من الأصل فهو غير موجود فرضاً، بل منها ذاتها، وذلك بالرغم من أنها لا تحمل توقيع الخصم ولا تمكن مضاهاتها على الأصل المفقود. ومن ثم ندرك ما ينطوى عليه هذا الحكم من جرأة . ومن أجل هذا اتجه رأى لجنة مجلس الشيوخ فى البداية إلى استبعاد، لأن فى بقائه خطورة إذ قد تكون الورقة خالية من الشوائب فى مظهرها الخارجى ولكنها لا تطابق الأصل ، وعدم وجود هذا الأصل سيكون حائلاً دون تحقيق صحتها ، وإعطاؤها قوة الأصل فيه خطورة كبيرة. ولكن اللجنة عدلت عن هذا الرأي، واستبقت الحكم بعد استيثاقها من أنه هو الحكم الصحيح، وإن كان يعتبر استثناء من القواعد العامة.(الوسيط في شرح القانون المدني للدكتور/ عبد الرزاق السنهوري، تنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، الطبعة الثانية 1982 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني المجلد : الأول، الصفحة : 214)
تنص المادة 12 من قانون الإثبات على حالة ما إذا كان أصل المحرر الرسمي موجوداً إذ أن أصل الورقة الرسمية يبقى محفوظاً في مكتب التوثيق الذي وثق الورقة ومن ثم كانت هذه الحالة هي الحالة الغالبة إذ قل أن ينعدم هذا الأصل ويشترط لقيام هذا الفرض شرطان : أن يكون أصل الورقة الرسمية موجوداً حتى يمكن الرجوع إليه عند الحاجة. أن تكون الورقة التي يحتج بها ليست هي الأصل بل صورة من الأصل ولكن يشترط في هذه الصورة أن تكون صورة رسمية فلو كانت صورة عرفية فلا يعتد بها ويكفي أن تكون صورة رسمية دون حاجة إلى أن تكون مأخوذة مباشرة من الأصل بطريق مباشر فقد تكون مأخوذة مباشرة من الأصل وفي هذه الحالة قد تكون هي الصورة التنفيذية أو تكون صورة أولى بسيطة وقد تكون مأخوذة من صورة مأخوذة من الأصل ومن صورة مأخوذة عن صورة من الأصل أياً كان عدد الصور الرسمية التي توسطت بينها وبين الأصل فما دام الأصل موجوداً فإنه يكفي في الصورة أن تكون صورة رسمية فحسب إذ يمكن دائماً مضاهاتها على الأصل ومتى توافر هذان الشرطان كان للصورة الرسمية خطية كانت أو فوتوغرافية حجية في الإثبات بفضل قرينة قانونية وردت في الفقرة الثانية من المادة 12 من قانون الإثبات إذا قضى هذا النص بأن تعتبر الصورة مطابقة للأصل ما لم ينازع في ذلك أحد الطرفين وفي هذه الحالة تراجع الصورة مع الأصل " ومن ذلك يتبين أن القرينة هنا قرينة قانونية لإثبات العكس فهي أولاً قرينة قانونية على المطابقة ويكون لها عند عدم المنازعة حجية الإثبات التي للأصل وهذه الحجية مستمدة من الأصل لا من الصورة وهي ثانياً قرينة لإثبات العكس عن منازعة الخصم في مطابقتها للأصل ومجرد المنازعة يكفي لإسقاط القرينة " الدكتور السنهوري في الوسيط الجزء الثاني المجلد الأول ص 217 ومابعدها " وفي هذه الحالة يتعين على المحكمة أن تراجع الصورة على الأصل وذلك بإصدار قرار بضم أصل الورقة إلى أوراق الدعوى لتتحقق المحكمة من مطابقة الصورة للأصل لتثبت لها الحجية عدم مطابقتها له لتستعيد الصورة وتعترف للأصل بالحجية .
( الدكتور محمود جمال الدين زكي في الوجيز في النظرية العامة للالتزامات الطبعة الثالثة ص 1061 وما بعدها ) . ( الشرح والتعليق على قانون الإثبات المدني، المستشار/ مصطفى مجدي هرجه، طبعة 2014، 2015 دار محمود، المجلد : الأول، الصفحة : 230 )
الفرق بين الأصل والصورة أن الأصل هو الذي يحمل التوقيعات، كما أن الأصل هو الورقة بعينها التي صدرت من الموثق، أما صورته الرسمية فهي لا تحمل التوقيعات وليست هي التي صدرت من الموثق بل هي منقولة عن الأصل بواسطة موظف عام مختص فهي من هذه الناحية ورقة رسمية ولكن رسميتها في أنها صورة لا في أنها أصل والمفروض أنها مطابقة للأصل مطابقة تماماً ، أما إذا كانت الصورة غير رسمية فلا حجية لها فالحجية للصورة تأتي من افتراض مطابقة الصورة للأصل فهي إذن حجية مستمدة من الأصل لا من الصورة وهي قرينة قابلة لإثبات العكس، فللخصم أن ينازع في مطابقتها للأصل ومجرد المنازعة تكفي لإسقاط القرينة ، وعند ذلك يتعين علي المحكمة تحقيق مطابقة الصورة المقدمة للأصل فيصدر لهذا الغرض قرار بضم الأصل إلى ملف الدعوى، وينتقل القاضي المنتدب إلي مكتب التوثيق ويحرر بحضوره صورة مطابقة للأصل ويحرر بذيلها محضر يوقعه القاضي والموثق وكاتب المحكمة ثم يضم الأصل إلي ملف النزاع وتقوم الصورة مقام الأصل لحين رده. (مادة 10/ 2 من قانون التوثيق ومتي ضم الأصل إلى ملف الدعوى أمكن للمحكمة مضاهاة الصورة عليه. فإن وجدت مطابقة للأصل ثبتت لها حجيته وإلا استبعدت وبقي الأصل هو المستند في الدعوى بحجيته المعروفة . ( الوسيط للسنهوري، الجزء الثاني، الطبعة الثانية، المجلد الأول ص 210 وما بعدها ) .
ويرد الدكتور سليمان مرقص على هذا الرأي بأنه لا يطابق القاعدة العامة في شأن القرائن القانونية، ومؤداها أن القرينة لا تسقط المنازعة بمجرد المنازعة في مطابقتها للحقيقة بل وأياً كان الرأي في هذا الخلاف، فإن مجرد عدم منازعة أحد من الطرفين في مطابقة الصورة الرسمية للأصل تسليم منه بهذه المطابقة فإن نازع في ذلك وجبت مراجعة تلك الصورة على الأصل، ويسري هذا لا علي صور العقود الموثقة فحسب بل علي الصور الرسمية لجميع الأوراق الرسمية أياً كان نوعها ، كما يسري أيضاً الشهادات التي تستخرج من السجلات العامة كسجل المواليد والوفيات والسجل التجاري والسجل العيني .
وجدير بالذكر أن الصورة الرسمية للأحكام تنفيذية كانت أو غير تنفيذية - تعتبر - كما قدمنا - من الأوراق الرسمية وفق نص المادة 10 من قانون الإثبات ، وما أثبت فيها يعد حجة على الكافة لايجوز لأحد إنكاره إلا بالطعن عليه بالتزوير طبقاً لنص المادة 11 إثبات (سليمان مرقص، الطبعة الخامسة، المجلد الأول ص 217) . ( التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية، الجزء : الأول، الصفحة : 119 )

