الأعمال التحضيرية للمادة 394 من القانون المدني (الملغاة) والمقابلة للمادة 14 من قانون الإثبات :
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- نقل المشروع هذا النص عن المادة 277 من المشروع الفرنسي الإيطالي، وهي تطابق المادة 1323 من التقنين الفرنسي، والمادة 1913 من التقنين الإيطالي، والمادة 1226 من التقنين الهولندي، والمادة 2435 من التقنين البرتغالى، والمادة 1223 من التقنين الكندي، والمادة 1349 من المشروع التمهيدي للفقيه البلجيكي (لوران).
2- وتقرر الفقرة الأولى من هذه المادة أن سكوت ذوي الشان يعتبر في الأصل إقراراً، لأن من واجب من لا يريد الإعتراف بالورقة « أن ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء » فإذا أبي ذو الشأن أن يعترف بنسبة الخط أو الإمضاء إليه أو أن ينكر هذه النسبة ، فيتعين اعتبار الورقة العرفية قد إعترف بها حكماً. وقد أخذت المادة 227 من التقنين القائم بهذه القرينة، فقضت بأن « المحررات الغير الرسمية تكون حجة على المتعاقدين بها ما لم يحصل إنكار الكتابة أو الإمضاء » .
وغني عن البيان أن الإقرار، أو السكوت الذي يعدل الإقرار، لا يتعلق إلا بالتوقيع أو الخط، وأن هذا الإقرار، صريحاً كان أو ضمنياً، لا يؤثر، بأي حال، في أوجه الدفع الشكلية أو الموضوعية التي يكون لمن اعترف بالورقة العرفية في غير تحفظ أن يتمسك بها .
وقد نصت المادة 432 من التقنين المراکشی، والمادة 1324 من التقنين الإيطالي، صراحة على (أن الاعتراف الصريح أو الضمني بالخط أو الإمضاء لا يؤثر بأي حال في أوجه الدفع الموضوعية أو الشكلية، ولو لم يكن ثمة تحفظ ما ) .
وليس ينبغي احتذاء مثال هاتين المادتين لأنهما تخلطان بين أداة الإثبات وأصل الحق. ولهذه العلة لم يورد المشروع الفرنسي الإيطالى نصاً مماثلاً، وآثر المشروع أن ينتهج نهجه في هذا الشأن، لأن الاعتراف الصريح أو الضمني لا يرد إلا على الخط أو الإمضاء، ومؤدى هذا أن سائر أوجه الدفع الموضوعية أو الشكلية تظل بمعزل عن متناول هذا الاعتراف، ويحتفظ ذوو الشأن بداهة بحق التمسك بها .
وإذا كانت الفقرة الأولى من المادة 529 تلزم من يحتج عليه بورقة عرفية بأن ينكر صراحة الخط أو الإمضاء، وإلا اعتبر سكوته بمنزلة الإعتراف، فآية ذلك أن التوقيع ينسب إليه، ويتعين عليه، تفريعاً على هذا ، أن يدلي برأيه في هذه النسبة. بيد أن مركز الورثة والخلفاء يختلف عن مركز المورث أو المستخلف نفسه، لأن التوقيع ينسب إليه شخصياً دون أولئك وهؤلاء .
3- وهذا هو ما حدا بالمشروع إلى أن يحد من نطاق القاعدة المقررة، في الفقرة التي تقدمت الإشارة إليها، بمقتضى الحكم الوارد في الفقرة الثانية. فليس في الوسع إزاء ما يفرق هذين المركزين إلا أن يباح للوارث أو الخلف الإكتفاء بنفي علمه بأن الخط، أو الإمضاء، أو الختم، أو البصمة، لمن تلقي عنه حقه، دون أن يقف موقف الإنكار صراحة، على أنه رئي من الأنسب اقتفاء أثر المادة 1223 من التقنين الكندي، فنص على وجوب تعزيز إقرار الوارث أو الخلف بيمين يؤديها، درءاً لما يحتمل من تعسف هذا أو ذاك في إستعمال الرخصة المخولة له .
وقد آثر المشروع إستعمال عبارة التقنين الهولندي، فنص على أنه يكتفي من الوارث أو الخلف أن يقرر أنه لا يعلم أن الإمضاء لمورثه ، دون أن يجتزئ من الوارث بنفي العلم بإمضاء مورثه. فإذا أنكرت نسبة الورقة العرفية صراحة ، أو نفي الوارث أو الخلف علمه بذلك ، زالت عنها مؤقتاً قوتها في الإثبات ، وتعين على من يريد التمسك بها أن يقيم الدليل على صحتها، باتباع الإجراءات الخاصة بتحقيق الخطوط. وقد جرى القضاء المصري على ذلك، رغم خلو التقنين الراهن من نص خاص في هذا الشأن ( استئناف مختلط 7 يناير سنة 1936 ب 48 ص 69 ) .
المشروع في لجنة المراجعة :
تليت المادة 529 من المشروع واقترح معالي السنهوري باشا إدماج فقرتيها في فقرة واحدة مع تحويرات لفظية تزيد الحكم الوارد فيها دقة ووضوحاً فوافقت اللجنة وأصبح نص المادة النهائي ما يأتي :
تعتبر الورقة العرفية صادرة ممن وقعها ما لم ينكر صراحة ماهو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة. أما الوارث أو الخلف فلا يطلب منه الإنكار ويكفي أن يحلف يميناً بأنه لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق .
وأصبح رقم المادة 407 في المشروع النهائي.
المشروع في مجلس النواب :
وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 407 .
المشروع في مجلس الشيوخ :
مناقشات لجنة القانون المدني : وافقت اللجنة على المادة دون تعديل وأصبح رقمها 394 .
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة دون تعديل .
1- إذ كانت صور الأوراق العرفية خطية كانت أو فوتوغرافية ليست لها حجية ولا قيمة لها فى الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل الموقع عليه إذا كان موجوداً فيرجع إليه كدليل للإثبات أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذا أنكرها الخصم ولو تم بصمها بخاتم إحدى المصالح الحكومية باعتبار أنها لا تحمل توقيع من صدرت منه بإحدى الصور بالإمضاء أو بصمة الختم أو بصمة الإصبع التى تعد المصدر القانونى الوحيد لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية .
( الطعن رقم 791 لسنة 72 - جلسة 2005/03/22 - س 56 ص 266 ق 47 )
2- إذ كان الطاعن قد تدخل فى الدعوى التي أقامتها المطعون ضدها الأولى بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقود البيع الثلاثة المنسوب صدور أحدها إلى البائع للبائع لها بتاريخ 1981/10/15 - وهو بذاته البائع للطاعن بعقد قضى بصحته ونفاذه، وطعن بالتزوير على هذه العقود على سند من أن بيانات الحوض الواقعة به الأرض المبيعة بموجبها قد تم تغييره بطريق الكشط والإضافة ابتغاء مطابقة تلك العقود على الأرض المشتراة، فإنه ومن ثم يكون قد سلك الطريق الذي رسمه القانون لإهدار حجية العقد المنسوب صدوره من ذات البائع له والمؤرخ 1981/10/15 ،وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول ادعائه بتزوير هذه العقود ومنها العقد المنسوب صدوره من البائع له آنف البيان على سند من أنه ليس طرفا فيه أو خلفا عاماً لأحد طرفيه، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.
( الطعن رقم 3039 لسنة 63 - جلسة 2001/04/24 - س 52 ع 1 ص 583 ق 120 )
3- مفاد نص المادة 14 من قانون الإثبات أن الأصل أن الورقة العرفية تكون حجة بما دون فيها على من نسب إليه توقيعه عليها ما لم ينكر صدورها منه وتكون لها ذات الحجية قبل ذو الشأن ممن يسري فى حقهم التصرف القانوني الذي تثبته - كالخلف العام أو الخاص - أو تتأثر به حقوقه - كالدائن .
( الطعن رقم 3039 لسنة 63 - جلسة 2001/04/24 - س 52 ع 1 ص 583 ق 120 )
4- لما كان الواقع فى الدعوى أن الطاعنة تقدمت لمحكمة الموضوع بورقة مبيناً بها استقالة مسببة مرسلة إليها عن طريق الفاكس وقررت أنها بخط وتوقيع المطعون ضده فإن هذه الورقة التي يحتفظ المرسل بأصلها لديه كما هو متبع فى حالة إرسال الرسائل عن طريق الفاكس تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة تجوز تكملته بشهادة الشهود أو بالقرائن القضائية . وإذ رفض الحكم المطعون فيه طلب الطاعنة إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات واقعة الاستقالة بكافة طرق الإثبات تأسيساً على أن هذه الورقة المرسلة إلى الطاعنة بطريق الفاكس ما هي إلا صورة لورقة عرفية لا حجية لها فى الإثبات طالما أن المطعون ضده قد أنكرها ولم تقدم هي أصلها فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وعابه القصور فى التسبيب .
( الطعن رقم 987 لسنة 69 - جلسة 2000/06/22 - س 51 ع 2 ص 837 ق 156 )
5- النص فى المادة 14 من قانون الإثبات على أنه (يعتبر المحرر العرفي صادراً ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة أما الوارث أو الخلف فلا يطلب منه الإنكار ويكفى أن يحلف يميناً بأنه لا يعلم) فجعل الورقة حجة على موقعها وعلى غيره بإطلاق معنى كلمة الغير لتشمل كل غير الموقعين فيما تضمنته من نسبة التصرف إلى الموقع على الورقة وما جاء فيها من بيانات غير أن المادة 15 من قانون الإثبات المقابلة لنص المادة 395 من القانون المدني قد استثنت طائفة من الغير حماية للثقة العامة فى المعاملات وحرصاً على استقرارها فنصت على أن (لا يكون المحرر العرفي حجة على الغير فى تاريخه إلا منذ أن يكون له تاريخ ثابت ........) فالمقصود بالغير فى هذا النص هو الخلف الخاص لصاحب التوقيع أي من انتقل إليه مال معين بذاته من الموقع على الورقة الذي تلقى عنه الحق بسند ثابت التاريخ، فالمشرع أراد حماية الخلف الخاص من الغش الذي يحتمل وقوعه من السلف ومن يتعاقدون معه إضراراً به ومن يأخذ حكم الخلف الخاص كالدائن الحاجز على مال معين، لأن المادة 146 من القانون المدني نصت على سريان تصرفات السلف المتعلقة بهذا المال المعين بذاته على الخلف فأراد المشرع تثبيت الثقة العامة فى التصرفات ومنع الغش على ما جاء بالأعمال التحضيرية للقانون المدني ونصوص المواد 305، 604، 1117، 1123 من القانون المدني التي تشترط ثبوت التاريخ لسريان الإيجار أو القبول بحوالة الحق أو الرهن فى حق الخلف الخاص، وما نصت عليه المادتين 408، 409 من قانون المرافعات بشأن سريان عقد الإيجار ومخالصات الأجرة و حوالتها بالنسبة للدائن الحاجز، فثبوت التاريخ فى نص المادة 15 من قانون الإثبات هو شرط لسريان التصرف الوارد بالورقة العرفية على الخلف، ولا يغنى عن ثبوت التاريخ شيء آخر، وجزاء عدم تحقق الشرط الوارد فيها من أسبقية ثبوت التاريخ ألا يسرى هذا التصرف فى حقه حتى ولو ثبتت أسبقيته بعد ذلك، شأنها كالمفاضلة فى انتقال الملكية وسريان الحقوق العينية العقارية لا تكون إلا بأسبقية التسجيل فقط دون غير ذلك .
( الطعن رقم 176 لسنة 64 - جلسة 2000/04/03 - س 51 ع 1 ص 531 ق 94 )
6- إذ كان البين من الأرواق أن المطعون ضد أقام دعواه ابتداءً ضد الطاعنه باعتبارها وارثة البائعة بطلب الحكم بصحة عقد البيع المؤرخ 1965/3/1 فدفعت الطاعنة بجهالة توقيع مورثتها على العقد وارشدت عن أسماء ومحال إقامة باقى ورثة البائعة فكلفت المحكمة المطعون ضده باختصامهم فلم يمتثل وقضت رغم ذلك بصحة العقد فى حين أن الطعن بالجهالة على توقيع المورثة على البيع سند الدعوى مما لا يقبل التجزئة ولا يحتمل إلا لاحلاً واحداً لأنه من المقرر أن الدفع بالإنكار وهو صورة من مور بالتزوير لا يقبل التجزئة، مما كان يوجب على محكمة أول درجة أن تقضى بعدم قبول الدعوى وإذ قضى الحكم المطعون فيه فى موضوع الاستئناف فإنه يكون قد شابه البطلان والخطأ فى تطبيق القانون .
( الطعن رقم 1685 لسنة 60 - جلسة 1996/06/11 - س 47 ع 2 ص 933 ق 176 )
7- النص فى المادة 30 من قانون الإثبات على انه " إذا أنكر من يشهد عليه المحرر خطة أو مضائه أو ختمه أو بصمة إصبعه أو أنكر ذلك خلفة أو نائبه وكان المحرر منتجاً فى النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدة المحكمة فى شأن صحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمه إصبعه أمرت المحكمة بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما ". يدل على أن قاضى الموضوع غير ملزم بالالتجاء إلى تحقيق الخطوط بطريق المضاهاة أو بسماع الشهود أو بكيلهما إلا إذا لم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدته فى شأن صحة الخط أو الإمضاء أو الختم فإن كانت كافية لتكوين هذه العقيدة جاز له أن يحكم بصحة الورقة أو يحكم بردها وبطلانها إذا ظهر له بجلاء أو من ظروف الدعوى أنها مزورة، وذلك على ما تقضى به المادتان 30،58 من قانون الإثبات وكل ما يتطلبه القانون فى هذه الحالة أن يبين فى حكمة الظروف والقرائن التى استبان منها ذلك، وإذ كان يبين من أسباب الاستئناف أن الطاعن تمسك بإنكاره التوقيع المنسوب إليه على السنوات محل التداعى وإذ جاء الحكم المطعون فيه ولم يعرض لدفاع الطاعن بالإنكار على توقيعه وقضى بتأييد الحكم الابتدائى دون أن يبين سبب عدم إجرائه تحقيقاً ووجه اقتناعه بأن توقيع الطاعن صحيح من وقائع الدعوى ومستنداتها على ما تقضى به المادة 30 من قانون الإثبات سالفة البيان كما لم يبين مدة جدية هذا الدفع فإنه يكون فضلاً عن خطئه فى القانون قد جاء قاصر البيان .
( الطعن رقم 2933 لسنة 61 - جلسة 1995/01/09 - س 46 ع 1 ص 125 ق 27 )
8- متى ثبت صدورالورقة العرفية ممن نسب إليه التوقيع عليها فإنها تكون حجية على طرفيها بكافة بياناتها إلى أن يثبت العكس وفقا للقواعد العامة فى إثبات ما اشتمل عليه دليل كتابى فإذا ادعى أحد طرفى المحرر أن أحد البيانات المدونة فيه غير مطابقة للواقع كان عليه بحكم الأصل أن يثبت هذه الصورية بطريق الكتابة .
( الطعن رقم 2745 لسنة 60 - جلسة 1994/11/27- س 45 ع 2 ص 1485 ق 280 )
9- لئن كان مفاد نص المادة 14 / 1 من قانون الأثبات أن الورقة العرفية تستمد حجيتها فى الإثبات إلا من التوقيع عليها، إلا أنه كان المحرر مكونا من أكثر من ورقة منفصلة ذيلت الورقة الأخيرة منه بتوقيع من يراد الإحتجاج به عليه فإنه لا يشترط فى هذه الحالة توقيعه على سائر أوراقة متى قام الدليل على إتصال كل منها بالأخرى اتصالا وثيقا بحبث تكون معا محررا واحدا وهى مسألة من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع بماله من سلطة فى تقدير الدليل ، مما مؤداه أن هذا المحرر بكل ما أشتملت عليه أوراقه يكون حجة على من وقع على الورقة الأخيرة منه ويحاج به خلفة العام من بعده .
( الطعن رقم 530 لسنة 60 - جلسة 1994/09/18 - س 45 ع 2 ص 1221 ق 230 )
10- المادة 14 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 68 أباحت للوارث الاكتفاء بنفى علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة لمورثه دون أن يقف موقف الإنكار صراحة فإذا نفى الوارث علمه بأن الإمضاء الذى على الورقة العرفية المحتج بها عليه لمورثه وحلف اليمين المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة السابقة زالت عن هذه الورقة مؤقتاً قوتها فى الإثبات وتعين على المتمسك بها أن يقيم الدليل على صحتها وذلك باتباع الإجراءات المنصوص عليها فى المادة 30 من ذات القانون سالف الذكر فإذا انتهت المحكمة إلى أن التوقيع ليس للمورث إنعدمت الورقة كدليل فى الإثبات ذلك ان التوقيع بالإمضاء أو بصحة الختم أو بصمة الإصبع هو المصدر القانونى الوحيد لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية وفقاً لما تقصى به المادة سالفة البيان ويبقى الادعاء بالتصرف المستند لهذه الورقة لا دليل عليه بالنسبة لكافة الورثة يستوى فى ذلك من تمسك بعدم العلم ومن لم يتمسك به .
( الطعن رقم 381 لسنة 58 - جلسة 1993/02/11 - س 44 ع 1 ص 553 ق 92 )
11- إذا كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ1983/12/12قضى قبل الفصل فى موضوع الدعوى بتوجيه يمين عدم العلم للخصوم الذين طعنوا بالجهالة على توقيع مورثهم وأورد بأسبابه إختصاص المحكمة بنظر النزاع بشأن الملكية على سند من أن قيمة العقار المتنازع عليه تقل عن خمسمائة جنيه وهو حكم فرعى صادر فى مسألة تعترض سير الخصومة الأصلية والفصل فيها يعد قضاء صادراً قبل الفصل فى الموضوع لا تنتهى به الخصومة كلها أو بعضها، وهذا القضاء الفرعى لا يجوز الطعن فيه على استقلال إعمالاً لنص المادة 212 من قانون المرافعات وإنما يجوز الطعن فيه مع الحكم المنهى للخصومة برمتها، ولذلك فإن هذا الحكم لا يكون حائزاً لقوة الأمر المقضى .
( الطعن رقم 200 لسنة 59 - جلسة 1993/02/04 - س 44 ع 1 ص 497 ق 83 )
12- التوقيع بالإمضاء أو ببصمة الختم أو ببصمة الأصبع هو المصدر القانونى الوحيد لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية وفقاً لنص المادة 14 من قانون الإثبات ، وإذ لم يرد فى السند موضوع النزاع المؤرخ 1981/12/17 توقيع للطاعن فلا يمكن أم يحاج به ويترتب على ذلك انتفاء مسئوليته مما ورد به من التزامات .
( الطعن رقم 3026 لسنة 61 - جلسة 1993/01/04 - س 44 ع 1 ص 137 ق 28 )
13- إن الورقة العرفية تستمد حجيتها فى الإثبات من التوقيع وحده فإن خلت من توقيع أحد العاقدين فلا تكون لها أى حجية قبله بل إنها لا تصلح مجرد مبدأ ثبوت بالكتاب ضده إلا إذا كانت مكتوبة بخطه .
( الطعن رقم 4901 لسنة 61 - جلسة 1992/10/29 - س 43 ع 2 ص 1095 ق 221 )
14- لما كانت الورقة العرفية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حجة بما دون فيها على من وقعها ما لم ينكر صراحة توقيعه عليها. وكان لا يوجد فى القانون ما يوجب أن يكون التوقيع مقرؤاً وكاشفاً عن اسم صاحبه إذ أن فى التوقيع وحده - أياً كانت طريقة كتابته - ما يكفي للتعرف به وتحقيق غرض الشارع طالما لم ينكر من نسب إليه التوقيع توقيعه، كما لا يوجد فى القانون كذلك ما يحتم توثيق التوقيع على الورقة العرفية ببصمة خاتم لموقعها وبأن تكون على مطبوعات تحمل إسمه .
( الطعن رقم 810 لسنة 54 - جلسة 1991/12/02 - س 42 ع 2 ص 1751 ق 275 )
15- إذ كان التوقيع بالإمضاء أو ببصمة الختم أو بصمة الإصبع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو المصدر القانونى الوحيد لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية وفقاً لما تقضى به المادة 14/1 من قانون الإثبات والمقصود بالإمضاء هو الكتابة المخطوطة بيد من تصدر منه والإمضاء بالكربون من صنع يد من نسبت إليه فإن مؤدى ذلك أن المحرر الموقع عليه بإمضاء الكربون يكون فى حقيقته محرراً قائماً بذاته له حجيته فى الإثبات.
( الطعن رقم 2150 لسنة 51 - جلسة 1991/05/22 - س 42 ع 1 ص 1171 ق 182 )
16- الفقرة الأولى من المادة 14 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 جعلت الورقة العرفية حجة بما ورد فيها على من نسب إليه توقيعه عليها إلا إذا أنكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة ، وأن الأصل فى التاريخ الذى تحمله الورقة العرفية يفترض صحته حتى يثبت صاحب التوقيع أنه غير صحيح وأن حقيقته تاريخ آخر ، ومن ثم فلا يجوز له إثبات ما يخالف التاريخ المكتوب إلا بالكتابة .
( الطعن رقم 2124 لسنة 55 - جلسة 1990/12/19 - س 41 ع 2 ص 948 ق 320 )
17- إذا كان الثابت من مدونات الحكم الإبتدائى أن المطعون ضدهما أودعا أصلى الإيصالين سندى الدعوى بالحافظتين رقمى .......... ، ......... وكانت الطاعنة لم تنكر بصيغة صريحة وجازمة توقيعها على هذين الإيصالين وإنما إنصرف دفاعها إلى إنكار وجود المحرر فى حد ذاته ، فإن ما أثارته أمام محكمة الإستئناف لا يعد منها إنكاراً لتوقيعها على الإيصالين بالمعنى المقصود فى المادة 14 من قانون الإثبات .
( الطعن رقم 2704 لسنة 56 - جلسة 1990/04/12 - س 41 ع 1 ص 979 ق 160 )
18- إذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعن تمسك فى دفاعه أمام محكمة الإستئناف بصدور إقرار كتابى من المطعون ضدها الأولى يحمل توقيعها ببصمة ختمها يفيد التصرف الصادر له بالبيع محل النزاع من مورثها وقدم إلى المحكمة هذا الإقرار تأييداً لدفاعه وكان قضاء الحكم الصادر من محكمة الإستئناف بتاريخ 5 من يناير سنة 1984 برد و بطلان عقد البيع محل النزاع لا يتعدى الورقة المثبتة للتصرف دون التصرف ذاته ولا يمنع الطاعن من إثباته إرتكاناً إلى الإقرار الكتابى الآنف الذكر المنسوب إلى المطعون ضدها الأولى لما له من حجية قبلها مالم تنكره صراحة طبقاً لنص المادة 14 من قانون الإثبات ، فمن ثم يعتبر دفاعه فى هذا الخصوص جوهرياً ، وإذ أمسك الحكم المطعون فيه عن الرد عليه وأعرض عما قدمه الطاعن من مستند تأييداً له فإنه يكون قد عاره القصور .
( الطعن رقم 2255 لسنة 54 - جلسة 1989/01/26 - س 40 ع 1 ص 287 ق 59 )
19- النص فى الفقرة الثالثة من المادة 14 من قانون الإثبات على أن " من إحتج عليه بمحرر عرفى وناقش موضوعه لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع . وعلى ما أوضحته المذكرة الإيضاحية لهذا القانون يدل على أن المناقشة المعنية بهذا النص هى المناقشة التى تفيد التسليم بصحة نسبة الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة لمن يشهد عليه المحرر ، وإذ كان دفاع الطاعن أمام محكمة أول درجة قد إقتصر على التمسك بأن السند الإذنى المنسوب له غير صحيح ومزور وليست هناك معاملات مالية أو تجارية بين الطرفين ، ثم ردد الطاعن هذا الدفاع بطلب قدمه لإعادة الدعوى للمرافعة للطعن بالإنكار أرفق به أوراقاً للمضاهاه لتأييده - كما تمسك بهذا الطعن ودلل عليه تفصيلاً فى صحيفة الإستئناف ، وكان ما أبداه الطاعن من ذلك الدفاع لا يفيد التسليم بصحة نسبة الورقة له ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله .
( الطعن رقم 2117 لسنة 53 - جلسة 1987/06/09 - س 38 ع 2 ص 798 ق 168 )
20- التوقيع على بياض هو توقيع صحيح من شأنه أن يكسب البيانات التى ستكتب بعد ذلك فوق هذا التوقيع حجية الورقة العرفية ، وإدعاء تغيير الحقيقة فيها ممن إستؤمن عليها نوع من خيانة الأمانة متى كان من وقعها قد سلمها إختياراً ، إلا إذا كان من إستولى على الورقة قد حصل عليها خلسة أو نتيجة غش أو طرق إحتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الإختيارى فعندئذ يكون تغيير الحقيقة فيها تزويراً ويعتبر التوقيع نفسه غير صحيح .
( الطعن رقم 1214 لسنة 56 - جلسة 1987/03/19 - س 38 ع 1 ص 412 ق 92 )
21- لئن كان نفى الوارث علمه بأن الإمضاء الموقع بها على الورقة العرفية المحاج بها هى لمورثه وحلفه يمين عدم العلم يترتب عليه عملاً بالمادة 14 من قانون الإثبات توقف قوة هذه الورقة فى الإثبات مؤقتاً و يتعين على الخصم الذى يحتج بها أن يقيم الدليل على صحتها إلا أن مناط ذلك أن يظل متمسكاً بها ولا يتنازل عنها .
( الطعن رقم 424 لسنة 53 - جلسة 1986/05/15 - س 37 ع 1 ص 567 ق 118 )
22- لئن كان مفاد نص المادة 1/14 من قانون الإثبات أن الورقة العرفية لا تستمد حجيتها فى الإثبات إلا من التوقيع عليها ، إلا أنه إذا كان المحرر مكوناً من أكثر من ورقة منفصلة ذيلت الورقة الأخيرة منه بتوقيع من يراد الإحتجاج به عليه فإنه لا يشترط فى هذه الحالة توقيعه على سائر أوراقه متى قام الدليل على أتصال كل منها بالأخرى أتصالاً وثيقاً بحيث تكون معاً محرراً واحداً وهى مسألة من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع بما له من سلطة فى تقدير الدليل . مما مؤداه أن هذا المحرر بكل ما إشتملت عليه أوراقه يكون حجة على من وقع الورقة الأخيرة منه ، فإذا أدعى إضافة ورقة أخرى إلى المحرر أو سلخ ورقة منه واستبدال غيرها بها فلا سبيل أمامه لإثبات ذلك إلا سلوك طريق الإدعاء بالتزوير .
( الطعن رقم 1025 لسنة 52 - جلسة 1986/01/28 - س 37 ع 1 ص 158 ق 38 )
23- مفاد نص المادة 14 من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأصل أن المحرر العرفى يكون حجة بما دون فيه على من نسب إليه توقيعه عليه ، إلا إذا أنكر ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة أو نفى وارثه علمه بأن ما على المحرر منها لمن تلقى عنه الحق ، بإعتبار أنها المصدر القانونى الوحيد لإضفاء الحجية على المحررات العرفية التى أقام القانون صحتها على شهادة الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة ومن ثم تعين أن يكون هذا الإنكار صريحاً ومنصباً على ما بالمحرر منها ، فإن إقتصر من نسب إليه المحرر أو وارثه على إنكار المدون فى المحرر كله أو بعضه ، فإنه لا يكون قد أنكر المحرر العرفى بالمعنى المقصود فى المادة 14 م آنفة الذكر .
( الطعن رقم 1036 لسنة 50 - جلسة 1984/04/11 - س 35 ع 1 ص 977 ق 184 )
24- تغيير الحقيقة الذى يؤدى إلى إعتبار المحرر مزوراً هو ما يتغير به مضمون هذا المحرر بحيث يخالف حقيقة المعنى الذى قصد إثباته به ، ومن ثم إذا كان إغفال إدراج بعض العبارات فى الصورة المأخوذة عن أصل المحرر لا يترتب ثمة مخالفة للمضمون الذى أثبته أصحاب الشأن فى هذا الأصل أو المساس بحجيته أو مدى قوته القانونية ، فإن هذا الاغفال لا يعد من قبيل التزوير .
( الطعن رقم 1413 لسنة 48 - جلسة 1982/06/24- س 33 ع 2 ص 821 ق 147 )
25- يجب التفرقة بين التصرف فى حد ذاته وبين الدليل المعد لإثباته ذلك أن الدفع بالجهالة ينصب على التوقيع الذى يرد على المحرر ولا شأن له بالتصرف المثبت به ، فإذا ما إنتهت المحكمة - على ضوء تحقيقها للواقعة المادية المتعلقة بالتوقيع - إلى رد وبطلان العقد الذى فقد المؤجر سنده - المتضمن تأجيره العين مفروشة - وأجاز للمستأجر إثبات شروط التعاقد بكافة الطرق ، وإذا خلصت إلى صحة العقد كان له حجية المحرر العرفى فى الإثبات قبل من وقعه وخلفه من بعده ما لم تهدر هذه الحجية لسبب آخر .
( الطعن رقم 1779 لسنة 50 - جلسة 1982/04/08 - س 33 ع 1 ص 387 ق 70 )
26- أنه وإن كان لمحكمة الموضوع عملاً بحكم المادة 58 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 ولو لم يدع أمامها بالتزوير بالإجراءات المبينة بهذا القانون أن تحكم برد أى محرر وبطلانه إذا ظهر لها بجلاء من حالته أو من ظروف الدعوى أنه مزور سواء أجرت فى ذلك تحقيقاً أم لم تجره ، إلا أنه يجب لصحة حكمها أن تكون الأسباب التى بنته المحكمة عليها مؤدية إلى ما قضت به ، وكان مفاد نص المادة 14 من قانون الإثبات أن حجية الورقة العرفية إنما تعتمد على شهادة الإمضاء الموقع به عليها ، وهى بهذه المثابة تعتبر حجة بما ورد فيها حتى يثبت صدورها منه ، وكان ما إستند إليه الحكم فى قضائه لا يؤدى إلى النتيجة التى إنتهى إليها ذلك أنه لما كانت العبارة التى أضيفت بهامش العقد تحمل توقيعاً منسوباً للمؤجر وهى بهذه المثابة تعتبر حجة مما ورد فيها حتى يثبت عدم صدورها منه ، وكان عدم ورود تلك العبارة بنسخة العقد التى بيد المؤجر وتحديدها بخط وجد مغايراً لما حرر به العقد لا يمكن أن يستخلص منه تزويرها و عدم صدورها منه ، فإن الحكم إذ قضى رغم ذلك برد وبطلان عقد الإيجار ورتب على ذلك قضاءه بالإخلاء يكون مشوباً بالفساد فى الإستدلال .
( الطعن رقم 654 لسنة 50 - جلسة 1981/02/21 - س 32 ع 1 ص 514 ق 109 )
27- متى ثبت صدور الورقة العرفية ممن نسب إليه التوقيع عليها فإنها تكون حجة على طرفيها بكافة بياناتها إلى أن يثبت وفقاً للقواعد العامة فى إثبات ما إشتملت عليه دليل كتابى و أنه إن إدعى أحد الخصوم المحرر أن أحد البيانات المدونة به غير مطابقة للواقع كان عليه بحكم الأصل أن يثبت هذه الصورية بطريق الكتابة .
( الطعن رقم 487 لسنة 49 - جلسة 1980/03/01 - س 31 ع 1 ص 677 ق 133 )
28- إذ كان الطاعنان لم يتمسكا أمام محكمة الموضوع ، بعدم صحة الترجمة العرفية لعقد الإيجار المقدمة من المطعون عليهم ، وكانت الرسمية لا تشترط فى ترجمه المستندات إلا حيث لا يسلم الخصوم بصحة الترجمة العرفية ويتنازعون أمرها ، فلا على الحكم إن هو إعتد بها .
( الطعن رقم 643 لسنة 48 - جلسة 1979/05/02 - س 30 ع 2 ص 253 ق 232 )
29- تغيير الحقيقة فى الأوراق الموقعة على بياض ممن إستؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة ، يرجع فى إثباته للقواعد العامة ، ومن مقتضاها أنه لا يجوز إثبات عكس ما هو فى الورقة الموقعة على بياض إلا أن تكون هناك كتابة أو مبدأ ثبوت بالكتابة ، ولا يخرج عن هذا الأصل إلا حالة ما إذا كان من إستولى على الورقة قد حصل عليها خلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الإختيارى فعندئذ يعد تغيير الحقيقة فيها تزويراً يجوز إثباته بكافة الطرق ، والإحتيال أو الغش الذى يجعل من تغيير الحقيقة فى الورقة الموقعة على بياض تزويراً يجوز إثباته بكافة الطرق هو الذى يكون قد استخدم كوسيلة للإستيلاء على الورقة ذاتها . بحيث ينتفى معه تسليمها بمحض الإرادة ، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها أدعت تزوير عقد الإيجار المقدم من الطاعن على سند من أنه أستغل فرصة لجوئها إليه لمساعدتها فى تقديم طلبات إلى وزارة الشئون الإجتماعية للحصول على معونة أو لتعيينها فى إحدى الوظائف ، وأنه أستغل أميتها وثقتها فيه فأستعمل المحرر الذى عليه لكتابة عقد الإيجار مثار النزاع وكان مؤدى ما سلف أن المطعون عليها هى التى سلمت الورقة الموقعة على بياض للطاعن أختياراً ، وأنه غير الحقيقة فيها وملأ بياناتها بعقد الإيجار على غير المتفق عليه بينهما وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر مجرد إدعاء المطعون عليها تسليمها المحرر الموقع منها على بياض من قبيل الإحتيال الذى يجعل من تغيير الحقيقة فيه تزويراً يجوز إثباته بكافة الطرق فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون على واقع الدعوى بخروجه على قواعد الإثبات .
( الطعن رقم 117 لسنة 44 - جلسة 1978/06/14 - س 29 ع 1 ص 1467 ق 282 )
30- التوقيع بالإمضاء أو ببصمة الختم أو بصمة الأصبع هو المصدر القانونى الوحيد لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية وفقاً لما تقضى به المادة 1/14 من قانون الإثبات - المقابلة للمادة 2/390 من القانون المدنى قبل إلغائها - وإذ كان المقصود بالإمضاء هو الكتابة المخطوطة بيد من تصدر منه ، وكان الإمضاء بالكربون من صنع ذات يد من نسبت إليه ، فإن المحرر الموقع عليه بإمضاء الكربون يكون فى حقيقته محرراً قائماً بذاته له حجيته فى الإثبات . لما كان ذلك وكان الثابت من الصورة الرسمية لتقرير الخبير المنتدب فى الدعوى أن التوقيع المنسوب للطاعن على المحرر المطلوب الحكم برده وبطلانه عبارة عن كتابة بخط اليد محررة بالكربون ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر هذا المحرر صورة منقولة من أصلها ليس لها حجية فى الإثبات فإن الحكم إذ بنى قضاءه بعدم قبول دعوى التزوير يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون .
( الطعن رقم 527 لسنة 44 - جلسة 1978/01/31 - س 29 ع 1 ص 357 ق 71 )
31- مفاد نص المادة 14 من قانون الإثبات أن الأصل أن الورقة العرفية تكون حجة بما دون فيها على من نسب إليه توقيعه عليها إلا إذا أنكر الإمضاء أو الختم الموقع به عليها ، فالتوقيع بالإمضاء أو بصمة الختم هو المصدر القانونى الوحيد لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية . فيكفى لدحض هذه الحجية أن ينكر من يحتج عليه بالمحرر ما هو منسوب إليه من إمضاء أو ختم أو بصمة أصبع إذ لا يلزم أن يكون المحرر مكتوب بخط موقعه إلا أنه يلزم لإنكار بصمة الختم أن ينصب الإنكار على بصمة الختم ذاتها لا على التوقيع به وقد إستقر قضاء هذه المحكمة على أن القانون أقام صحة الأوراق على شهادة ذات الإمضاء أو الختم الموقع به عليها فمتى إعترف الخصم الذى تشهد عليه الورقة أن الإمضاء أو الختم الموقع به على تلك الورقة هو إمضاؤه أو ختمه أو متى ثبت ذلك بالأدلة التى قدمها المتمسك بالورقة فلا يطلب من هذا المتمسك أى دليل آخر لإعتماد صحة الورقة أو إمكان إعتبارها حجة بما فيها على خصمه صاحب الإمضاء أو الختم ولا يستطيع هذا الخصم التنصل بما تثبته عليه الورقة إلا إذا بين كيف وصل إمضاؤه هذا الصحيح أو ختمه هذا الصحيح على الورقة التى عليها التوقيع وأقام الدليل على صحة ما يدعيه من ذلك بدعوى تزوير - يسار فيها بالطريق القانونى ، ذلك أن القانون لا يعرف إنكار التوقيع بالختم بل لا يعرف إلا إنكار بصمة الختم وكان إنكاره صريحاً فإن إقتصر على إنكار المدون فى الورقة كله أو بعضه فإنه لا يكون قد أنكر الورقة العرفية بالمعنى المقصود فى المادة 14 من قانون الإثبات ، وإذ كانت الطاعنة وعلى ما يبين من الأوراق قد طعنت بالإنكار على عقد البيع المؤرخ 1969/6/13 فى مذكرتها المقدمة لمحكمة الإستئناف إلا أن الثابت من الصورة الرسمية لصحيفة إستئنافها أنها أقرت بتوقيعها على العقد المذكور بخاتمها وببصمة أصبعها ظناً منها أن ذلك المحرر من أوراق حصر تركة شقيقها المتوفى ولكنها لم تسلك سبيل الطعن بالتزوير على العقد المذكور ، مما يلزم معه وفق صحيح القانون أن تحاج بهذا المحرر وألا يقبل منها بعد ذلك الطعن بالإنكار عليه ، ذلك لأن سبق إعترافها بالتوقيع عليه يكسب ذلك المحرر حجية لا سبيل لدحضها إلا عن طريق الإدعاء بالتزوير ، وإذ إلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وحاج الطاعنة بعقد البيع لعدم الطعن عليه بالتزوير بالإجراءات المقررة لذلك وإلتفت عن تحقيق الدفع بالإنكار فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ولا يكون معيباً بالقصور .
( الطعن رقم 968 لسنة 44 - جلسة 1978/01/26 - س 29 ع 1 ص 344 ق 69 )
32- الفقرة الأولى من المادة 14 من قانون الإثبات جعلت الورقة العرفية حجة بما ورد فيها على من نسب توقيعه عليها إلا إذا أنكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة وإذ كان الثابت من أوراق الدعوى أن المطعون عليه قدم أمام محكمة أول درجة عقد صلح فقرر الحاضر عن الطاعن أنه لا يقره ، ولما حضر الطاعن شخصياً قال أن هذا المحضر خاص يتنازل عن شكوى الشرطة مما مفاده التسليم بصحة هذا المستند وصدوره منه فضلاً عن عدم طعنه عليه بشىء أمام محكمة الإستئناف فإن المستند تبقى حجيته على الطاعن ولا يكون على محكمة الإستئناف من تثريب فى تعويلها عليه .
( الطعن رقم 640 لسنة 41 - جلسة 1977/12/29 - س 28 ع 2 ص 1911 ق 328 )
33- النص فى المادة 1/14 ، 2 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 وتقابلها المادة 394 من القانون المدنى قبل إلغائها ، والمادة30 من قانون الإثبات وتقابلها المادة 262 من قانون المرافعات السابق ، يدل على أنه إذا نفى الوارث علمه بأن التوقيع الذى على الورقة العرفية المحتج بها عليه هو لمورثته . تعيين أن توجه إليه يمين عدم العلم ، فإذا حلف هذه اليمين زالت عن الورقة مؤقتا قوتها فى الإثبات ، وكان على المتمسك بها أن يقيم الدليل على صحتها ، فإذا رأت المحكمة أن وقائع الدعوى ومستنداتها لا تكفى لإقناعها بأن التوقيع صحيح أمرت بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما ، وإذ لم تتبع محكمة الموضوع الإجراءات سالفة الذكر بشأن عقد البيع الإبتدائى - الذى نفى المطعون عليهم علمهم بصدوره من مورثهم - وقضت بإستبعاده لمجرد القول بأن " المستأنفين - الطاعنين - لم يقدموا الدليل على صحة صدوره من مورثهم وأنهم لم يطلبوا إجراء أى تحقيق بشأنه " فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون .
( الطعن رقم 216 لسنة 42 - جلسة 1976/11/09 - س 27 ع 2 ص 1540 ق 290 )
34- إذ كان المشرع قد جعل الورقة العرفية حجة بما دون فيها ما لم ينكر من نسبت إليه صراحة ذات الإمضاء أو الختم الموقع به ، وكان ما قرره الطاعن من أن التوقيع على الإقرار لا يتضمن طعناً صريحاً على هذا التوقيع ينفى صدوره عن الطاعن ، فإن الحكم المطعون فيه إذ إعتد بهذا الإقرار يكون قد إلتزم صحيح القانون .
( الطعن رقم 660 لسنة 41 - جلسة 1976/06/07 - س 27 ع 1 ص 1285 ق 245 )
35- الواقعة المادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات بغير قيد النصاب الذى حدده القانون فى شأن إثبات التصرفات القانونية ، وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن المطعون ضده الأول وقع بالبصمة المطموسة الموجودة على العقد لإثبات التصرف القانونى ذاته فإنه يكون منه طلباً لإثبات واقعة مادية أمر تحقيق صحتها متروك لقواعد الإثبات عامة بحيث يجوز إثبات حصولها بجميع طرق الإثبات ومنها شهادة الشهود .
( الطعن رقم 210 لسنة 40 - جلسة 1975/02/17 - س 26 ع 1 ص 406 ق 84 )
36- إذ كان الثابت أن الطاعن لم يقف عند حد الدفع بعدم علمه بتوقيع مورثه على الإقرار أو إنكاره ذلك التوقيع ، وإنما ذهب إلى الإدعاء بتزويره ، فإن الحكم الإبتدائى إذ قصر بحثه على الإدعاء بالتزوير و ألقى على الطاعن عبء الإثبات وأيده فى ذلك الحكم المطعون فيه ، فإنه لا يكون قد خالف قواعد الإثبات .
( الطعن رقم 121 لسنة 39 - جلسة 1974/04/09 - س 25 ع 1 ص 658 ق 106 )
37- نص المادة 24 من اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 - فيما أشار إليه من أن توقيع ذوى الشأن على العقد العرفى يكون فى ذيل المحرر - لا شأن له بطرق الإثبات فى المواد المدنية التى حددها القانون ، ولم يقصد به سوى تنظيم إجراءات التصديق على الإمضاءات أمام الموثق . وإذ كان الحكم المطعون فيه قد إستخلص فى حدود سلطته الموضوعية ، و بما يكفى لحمل قضائه إنتفاء الدليل على إتصال الورقة الأولى من ورقتى العقد والتى تتضمن بيان العين المبيعة والثمن وما دفع منه بتلك الموقعة من المطعون عليهم وكان ما قرره من أن الورقة الأولى من العقد والخالية من التوقيع لا يحتج بها على المطعون عليهم للتدليل على حصول بيع العقار الموضح بها ودفع مبلغ ..... من ثمنه إستناداً إلى أن الورقة العرفية إنما تستمد حجيتها فى الإثبات من التوقيع وحده لا مخالفة فيه للقانون ، فإن النعى عليه بذلك ومخالفة الثابت فى الأوراق والقصور فى التسبيب يكون على غير أساس .
( الطعن رقم 340 لسنة 38 - جلسة 1973/12/27 - س 24 ع 3 ص 1371 ق 235 )
38- لا يجوز لمحكمة الموضوع عند قضائها بعدم قبول الإدعاء بالإنكار أن تقضى فى موضوع الدعوى ، بل يجب عليها أن تجعل حكمهاً مقصوراً على الدفع حتى لا تفوت على صاحب المصلحة من الخصوم سلوك طريق الإدعاء بالتزوير إذا أراد . إذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قضى بعدم قبول الدفع بالجهالة، وهو صورة من صور الإنكار ، وفى الموضوع بتأييد أمر الأداء بحكم واحد ، دون أن يتيح للورثة ( الطاعنين) فرصة الإدعاء بالتزوير على السند أن أرادوا ، و كان لا يحول دون ذلك قول الحكم بأن مورثهم قد سبقهم إلى هذا الإدعاء ، ذلك أنه يجب على مدعى التزوير أن يسلك فى الإدعاء به الأوضاع المنصوص عليها فى المادة 281 وما بعدها من قانون المرافعات السابق لكى ينتج الإدعاء أثره القانونى ، وهو ما لم يسلكه مورث الطاعنين ، وبذلك يكون ما صدر منه لا يعدو أن يكون إنكاراً للتوقيع تابعه ورثته فيه ، وليس إدعاء بالتزوير بمعناه القانونى . لما كان ذلك ، فإن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخل بحق الطاعنين فى الدفاع بما يستوجب نقضه .
( الطعن رقم 294 لسنة 37 - جلسة 1973/02/27 - س 24 ع 1 ص 333 ق 58 )
39- أباح المشرع فى المادة 394 من القانون المدنى للوارث الإكتفاء بنفى علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع لمورثه دون أن يطعن فى هذه الأوراق بطريق الإدعاء بالتزوير ، أو حتى يقف موقف الإنكار صراحه ، فإذا نفى الوارث علمه بأن الإمضاء التى على الورقة العرفية المحتج بها عليه لمورثه و حلف اليمين المنصوص عليها فى المادة 394 سالفة الذكر زالت عن هذه الورقة مؤقتا قوتها فى الإثبات وتعين على الخصم المتمسك بها أن يقيم الدليل على صحتها ، وذلك بإتباع الإجراءات المنصوص عليها فى المادة 262 من قانون المرافعات السابق .
( الطعن رقم 205 لسنة 36 - جلسة 1970/12/08 - س 21 ع 3 ص 1197 ق 196 )
40 - المقرر - بقضاء هذه المحكمة - أن المشرع أوجب أن تتضمن الكمبيالة بيانات إلزامية أخصها توقيع المدين مصدر الكمبيالة إذ لا قيمة لهذه الكمبيالة إلا إذا كانت موقعاً عليها من مصدرها على سائر البيانات الأخرى الواردة بها سواء أكان هو الذي كتبها بخط يده أو كتبها غيره ، ويجب أن يكون التوقيع دالاً على شخصية الساحب فلا يكون مطموساً أو غامضاً وإنما لا يشترط أن يكون الاسم كاملاً ولا الاسم الحقيقي إذ يجوز التوقيع باسم الشهرة الذي عرف به المدين فإن تخلف التوقيع لم يكن للورقة أي قيمة قانونية بأي وصف كان فلا تصح ككمبيالة ولا كسند عادي ، باعتداد أن التوقيع بالإمضاء أو ببصمة الختم أو ببصمة الإصبع هو المصدر القانوني لإضفاء الحجية على الورقة العرفية وفقاً لنص المادة 14 من قانون الإثبات ، وأن النص فى المادة 399 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أنه " إذا اشتمل التظهير على عبارة " القيمة للضمان " أو " القيمة للرهن " أو أى بيان آخر يفيد الرهن جاز للحامل استعمال جميع الحقوق الناشئة عن الكمبيالة . ومع ذلك إذا ظهر الكمبيالة اعتبر التظهير حاصلاً على سبيل التوكيل " ، فإن مفاد ذلك أن التظهير التأميني هو التظهير الذي يترتب عليه انتقال حيازة صك الكمبيالة من المدين الراهن " المظهر " إلى الدائن المرتهن " المظهر إليه " ، ويشترط لإعمال هذا التظهير أن تكتب عبارة " القيمة للضمان" أو " القيمة للرهن " أو أي بيان آخر يفيد الرهن . فتكون العلاقة بين المظهر والمظهر إليه علاقة رهن ويعد الأول مديناً راهناً والثاني دائناً مرتهناً ومن ثم فإن التظهير التأميني ولئن كان يعد بالنسبة إلى المدين الأصلي في الورقة التجارية في حكم التظهير الناقل للملكية ويحدث أثره إلا أنه في مواجهة المظهر الراهن لا ينتقل الحق الثابت في الورقة التجارية إلى المظهر إليه المرتهن بل يظل هذا الحق للمظهر راهن الورقة ، ولكن يلتزم المظهر إليه المحافظة على الورقة المرهونة والحق الثابت فيها ، وتحصيل قيمتها في ميعاد الاستحقاق ليستنزل منها دينه ويرد ما تبقى منها إلى مدينه المظهر ، أما إذا رفض المدين الأصلي فى الورقة الوفاء بقيمتها تعين على المظهر إليه اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على الحق المثبت في الورقة وهو وشأنه بعد ذلك فى الرجوع على المدين الأصلي بقيمة الورقة أو الرجوع على المظهر الراهن بالدعوى الناشئة عن الدين الذي ظهرت الورقة ضماناً للوفاء به ، ومن ثم لا يجوز له الرجوع عليه بوصفه ضامناً متضامناً في الورقة . لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الكمبيالات محل النزاع صادرة لصالح الشركة المطعون ضدها والتي ظهرتها تظهيراً تأمينياً إلى بنك القاهرة الطاعن - بلا خلاف بين الخصوم بهذا الشأن -ومن ثم لا يملك الأخير الرجوع على الشركة المطعون ضدها إلا بالدعوى الأصلية الناشئة عن الدين الذي قدمت السندات ضماناً للوفاء به . وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه على غير أساس .
( الطعن رقم 8133 لسنة 88 - جلسة 27 / 2 / 2023 )
41- المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادة 14 /3 من قانون الإثبات على أن " ومن احتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع " مؤداه أن مناقشة موضوع المحرر تفيد التسليم بصحته ومن ثم لا يقبل منه بعد ذلك جحد الصورة الضوئية لذلك المحرر، كما أن من المقرر أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان دفاعاً جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية تقتضي بطلانه بما مؤداه أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن هي لم تفعل كان حكمها باطلاً. لما كان ذلك، وكان الثابت أن المطعون ضدهم جحدوا المستندات المقدمة من الطاعنين أمام محكمة أول درجة وهي عبارة عن عقد تأسيس وتعديل الشركة، وخطاب الإدارة التعليمية المؤرخ 10 /5 /2000، وبيان حساب الشركة، وقد أحيلت الدعوى للخبراء عقب ذلك، وقدمت العديد من المســــــتنــــــدات مـــــــن قـــــبـــــل الـــمـــــــطعــــــــون ضـــــــدهــــــــــم والـــــــطـــــاعــــــنيـــــــن ومــــــنـــــهــــــا أصـــــول ميزانيات المدرسة عن الفترة من 1998 حتى 2016 الممهورة من إدارة السيدة زينب التعليمية، وصور ضوئية تم مطابقتها للأصول والمعتمدة من الإدارة التعليمية وأصول إيصالات سداد مصروفات وأرباح وتم تقديم المطعون ضدهم للصور من المستندات المجحودة سلفاً إلى أن انتهى في تقريره إلى ثبوت تحقق أرباح للطاعنين بعد أن أكد على صحة الإنذار المرسل إلى المطعون ضدهم وعرضهم صرف أرباح عليهم وأن المتبقي للطاعنين أرباح سنوات 1998-2001 و 2004-2005و 2011- 2012 وخلت تقرير الخبراء مما يفيد الطعن على أي من أصول أو صور تلك المستندات وصولاً إلى نتيجته النهائية، وقضت محكمة الموضوع برفض الدعوى بحالتها على قالة جحد المستندات الأولية سالفة الذكر دون الاعتداد بباقي أصول المستندات المقدمة من الطاعنين والمطعون ضدهم أمام الخبير والذي انتهى فيها إلى تحقق أرباح اليهم، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة دون حاجة لبحث أسباب الطعن.
( الطعن رقم 18795 لسنة 89 ق - جلسة 18 / 10 / 2023 )
42- مفاد نص المادة 14 من قانون الإثبات أن حجية الورقة العرفية إنما تُستمد من شهادة الإمضاء الموقَّع به عليها، وهي بهذه المثابة تُعتبر حجة بما ورد فيها على صاحب التوقيع بحيث لا يُمكنه التحلُّل مما تُسجله عليه إلا إذا عيب وصول إمضائه هذا الصحيح إلى الورقة التي تحمل توقيعه وأقام الدليل على صحة ما يدَّعيه من ذلك فإذا لم يثبت أنها أُخذت منه خلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأي طريق آخر خلاف التسليم الاختياري أو أن من استُؤمن عليها خان الأمانة، فإنها تكون حجة بما جاء فيها .
المحررات العرفية :
المحرر العرفي ، أو بتعبير القانون الفرنسى السند ذو التوقيع الخاص هو المحرر المنشأ لإثبات عمل قانونی دون تدخل صحيح من موظف عام ذی صلاحية .
ويشترط لكي تكون للمحرر العرفي قوته في الإثبات أن يحمل توقيع من صدر عنه ، أی من يتضمن التزاماً في مواجهته. وإذا كان هذا الشخص لا يعرف التوقيع، فيمكنه وضع خاتمه أو بصمته (14 إثبات). ولا يجوز تفويض شخص آخر في التوقيع. ويجب أن يكون التوقيع واضحاً بحيث يمكن الجزم معه بأن المحرر صادر من صاحب التوقيع. ولهذا فإنه يجب أن يكون بإسم الشخص ولقبه كاملين، فلا تغني عنهما مجرد علامة رمزية. على أنه يمكن التوقيع بالإسم الذي اشتهر به الموقع ولو لم يكن هو الوارد في شهادة ميلاده. ويجب أن يرد التوقيع - أو الخاتم أو البصمة - في آخر الكتابة بالورقة، حتى يؤكد نسبة كل ما جاء في الورقة للموقع .
وإذا حمل المحرر توقيع من ينسب إليه، فلا ينقص من قوته في الاثبات أن يكون المحرر مكتوباً بغير خطه أو مكتوباً بآلة كاتبة، أو مطبوعاً، أو أن يكون بلغة أجنبية، أو ألا يحمل تاريخاً لتحريره، أو ألا يحضر تحريره شهود، أو ألا يكون مستوفياً رسم الدمغة المقرر .
وإذا ادعى من يحمل المحرر توقيعه أنه وقع في آخر ورقة بيضاء وسلمها لشخص لكي يحررها بمضمون معين، ولكن هذا الأخير حررها على غير النحو المتفق عليه ؛ فإن له أن يثبت هذا. فإن فعل، فقد المحرر العرفي - رغم صحة التوقيع عليه - قوته. وذلك بشرط ألا يضر هذا بمصلحة الغير حسن النية، فلهذا الأخير التمسك بالمحرر في مواجهة من وقع عليه. ولا يكون لهذا الأخير - عندئذ - إلا الرجوع على من حرر الورقة بالتعويض . ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني، الصفحة : 141 )
إنكار التوقيع :
لما كانت قوة المحرر العرفي في الإثبات، سواء بالنسبة لأطرافه أو بالنسبة للغير، تفترض توقيع أطرافه عليه وكان هذا التوقيع ليس لموظف عام، وإنما يتعلق الأمر بتأكيد خاص ممن يتمسك بالمحرر بأن التوقيع لمن يحمل المحرر توقيعه، فليس هناك من مبرر لتغليب هذا التأكيد على تأكيد الطرف الآخر بأن التوقيع ليس له. ولهذا فإن مجرد إنكار من ينسب إليه المحرر لتوقيعه أو لبصمة أصبعه أو خاتمه، يلقى على عاتق من يتمسك بالمحرر عبء إثبات أن المحرر قد صدر من موقعه .
على أنه يجب أن يكون الإنكار ممن ينسب إليه المحرر قبل أن يناقش موضوعه، وإلا سقط حقه في إنكار توقيعه عليه (مادة 14/ 3 ق. الإثبات). فإذا أقر من ينسب إليه المحرر بتوقيعه عليه أو سكت عن الإنكار وتكلم فی الموضوع، ثبت صدور المحرر منه، وكانت له حجيته. كما تكون له هذه الحجية، ولو أنكر الخصم، إذا استطاع من يتمسك بالمحرر إثبات صدوره ممن ينسب إليه، وفقاً لإجراءات تحقيق الخطوط المقررة، والتي سيلي بيانها .
على أنه يبقى للخصم الذي ينسب إليه المحرر العرفي الادعاء بالتزوير .
وفي هذا الصدد نرى إجراء التفرقة التالية :
أ- إذا سقط حق من ينسب إليه المحرر في الإنكار، فإن حقه يبقى في الادعاء بتزوير التوقيع. ويكون عليه عبء الإثبات .
ب- ويكون الأمر كذلك، إذا ووجه بالورقة فسكت دون أن ينكر توقيعه أو يقر به .
ج- إذا أقر بنسبة التوقيع إليه : في هذا الصدد يرى البعض أنه ليس له بعد ذلك أن يدعى بالتزوير، ويرى البعض الآخر أنه يمكنه الإدعاء بالتزوير إذ الإقرار بالتوقيع يجعل للمحرر العرفي قوة المحرر الرسمي من حيث نسبته إلى من أصدره، فيمكن بعد ذلك – كما هو جائز بالنسبة للمحرر الرسمي - الادعاء بتزوير التوقيع. ولكننا نرى أنه إذا أقر الشخص بتوقيعه، فليس له أن يدعي تزويره، إذ يجب أن يؤخذ بإقراره. ولا يبقى له إلا أن يتمسك بالتزوير بالنسبة لصلب المحرر إذا كان قد حدث كشط أو تغيير أو إضافة بعد التوقيع عليه .
د- إذا أنكر توقيعه على المحرر، ولكن ثبت - بحكم صدر بعد إجراءات التحقيق - أن التوقيع له : يرى البعض أنه في هذه الحالة يبقى لهذا الخصم أن يدعي تزوير التوقيع. ولكننا نرى مع غالبية الفقه الحديث، أنه في هذه الحالة لا يجوز الادعاء بالتزوير إذ يحول دون هذا حجية الحكم الصادر بصحة المحرر، والتي لا يمكن المساس بها إلا بطرق الطعن المقررة في هذا الحكم. ويدعم هذا الرأي أنه - في القانون المصري - يتم تحقيق الخطوط بنفس الوسائل التي يتم بها تحقيق التزوير. وعلى هذا، فإنه لا يجوز - في هذه الحالة - الإدعاء بالتزوير إلا إذا إنصب على أجزاء من المحرر لم يشملها تحقيق الخطوط، كما لو صدر الحكم بصحة التوقيع، وادعى من ينسب إليه أنه قد حصل تغيير أو إضافة، كما يمكن الإدعاء بالتزوير إذا كان التزوير قد تم بعد صدور الحكم بصحة المحرر .
وإنكار التوقيع يفترض التمسك بالمحرر في مواجهة من ينسب إليه. فإذا حدث التمسك بالمحرر ضد خلفه عاماً أو خاصاً، فإنه يكفي منه إنكار علمه بأن الخط أو التوقيع أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق). ووفقاً للمادة 14/ 2 ق. الإثبات المصري يجب أن يقترن هذا الإنكار بحلف يمين من الخلف بأنه «لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق». ولأن قوة المحرر العرفي مستمدة من التوقيع عليها، فمن المسلم أن قوة هذا المحرر في الإثبات تكون فقط للأصل الموقع عليه. فلا قوة لصورة المحرر غير الموقع عليها ممن تنسب إليه، ولو كانت صورة بالكربون أو صورة مسلمة من جهة رسمية باعتبارها مطابقة للأصل المحفوظ لديها. ومن ناحية أخرى، لا قوة حتى للصورة الفوتوغرافية التي تحمل توقيعاً مصوراً، إذ أنه يمكن دائماً اصطناع مثل هذه الصورة . ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني، الصفحة : 146 )
ويتبين من هذا النص :
أولاً : أن الورقة العرفية حجة على الناس كافة، فيما بين الطرفين وبالنسبة إلى الغير. وسنبحث حجية الورقة العرفية بالنسبة إلى الغير فيما يلى .
ثانياً : فيما بين الطرفين، تكون للورقة العرفية، من حيث صدورها ممن وقع عليها، حجية قائمة إلى أن ينكرها صاحب التوقيع. ومن حيث صحة ما ورد بها من الوقائع فى ذاتها، تكون للورقة العرفية حجة قائمة إلى أن يثبت العكس. وهذه هى قوة الورقة العرفية فى الإثبات فيما بين الطرفين. ونتناول الآن هذه المسألة بشقيها .
حجية الورقة العرفية من حيث صدورها ممن وقع عليها : إذا احتج ذو شأن بورقة عرفية على من تحمل توقيعه، فإن صاحب التوقيع إما أن يعترف بأن التوقيع له وأن الورقة صادرة منه، وإما أن ينكر أن الورقة كلها أو بعضها صادرة منه، وإما أن يخرج بالسكوت عن الإعتراف أو الإنكار. وبمقتضى نص المادة 14 من قانون الإثبات السابقة الذكر أن السكوت هو بمثابة الإعتراف. وإذا أراد صاحب التوقيع أن ينفى صدور الورقة منه، فعليه أن ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة .
فإذا إعترف صاحب التوقيع بصدور الورقة منه، أو سكت ولم ينكر صراحة صدورها، اعتبرت الورقة صادرة منه، واعتبر التوقيع توقيعه والخط المنسوب إليه خطه، وتصبح الورقة العرفية، من حيث صدورها ممن وقع عليها، فى قوة الورقة الرسمية. ولا يجوز لصاحب التوقيع أن يعود بعد ذلك إلى الإنكار، إلا أن يطعن بالتزوير .
أما إذا أنكر صراحة توقيعه أوخطه، فأنكر بذلك أن الورقة كلها أو بعضها صادرة منه، فعلى المحتج بالورقة عبء إثبات صدورها من صاحب التوقيع، وذلك بأن يطلب إحالة الورقة على التحقيق. وفقاً لإجراءات رسمها تقنين المرافعات فى تحقيق التوقيع والخطوط .
والإنكار إنما يرد على الأوراق العرفية، أما إدعاء التزوير فيرد على جميع الأوراق الرسمية والعرفية م 29 من قانون الإثبات. ومعنى ذلك أن الورقة العرفية تحتمل الطعن بالتزوير والإنكار. فلصاحب التوقيع أن يكون هو المهاجم، فيطعن فى الورقة العرفية بالتزوير، ويقع عليه عندئذ عبء الإثبات. وله كما بينا، أن يقتصر على إنكار الورقة، فيلجأ المحتج بها إلى إجراءات تحقيق الخطوط، ويقع عليه لاعلى صاحب التوقيع عبء الإثبات. أما إذا كانت الورقة رسمية، ويقع عليه لا على صاحب التوقيع عبء الإثبات. أما إذا كانت الورقة رسمية، فلا يستطيع صاحب التوقيع إنكار صدورها منه إلا إذا طعن فى الورقة بالتزوير كما قدمنا. والذى يبرر هذا الفرق في الحكم بين الورقة الرسمية والورقة العرفية أن الورقة الرسمية تحمل توقيع الموظف العام الذي وثقها، وفى هذا الموظف من الضمانات وعليه من المسئولية ما يسمح بافتراض صحة صدور الورقة الرسمية من صاحب التوقيع. فاذا أراد هذا أن ينكر صدور الورقة منه، فعليه هو عبء الإثبات ولا سبيل له إلا الطعن بالتزوير. أما الورقة العرفية فلا يتوافر فيها هذه الضمانات، بل هى ورقة تحمل توقيعاً يقول المتمسك بها أنه توقيع خصمه، فاذا أنكر هذا الخصم لم يكن عليه هو أن يحمل عبء الإثبات، بل المتمسك بالورقة هو الذى يحمل هذا العبء فيثبت أن الورقة صادرة حقاً من صاحب التوقيع عن طريق إجراءات تحقيق الخطوط .
وإذا أنكر صاحب التوقيع صدور الورقة العرفية منه، ثم أثبت التحقيق أنه هو الذى وقعها، صارت هذه الورقة العرفية، كالورقة التى إعترف بها أو سكت عن إنكارها، فى قوة الورقة الرسمية. وفى جميع الأحوال، سواء اعترف بالورقة أو سكت عن إنكارها أو أنكرها وأثبت التحقيق صدورها منه، يجوز له أن يطعن فى هذه الورقة العرفية بالتزوير، كما يجوز له ذلك فى الورقة الرسمية، ويحمل هو عبء إثبات تزويرها .
حجية الورقة العرفية من حيث صحة الوقائع التى وردت بها :
ويجب التمييز بين صدور البيانات المدونة فى الورقة العرفية ممن وقعها ـ وهذه كما رأينا تقوم عليها قرينة مؤقتة تسقط بمجرد إنكار الورقة دون حاجة إلى الطعن بالتزوير ـ وبين صحة هذه البيانات فى ذاتها، وهل هى وقائع جدية أو هي صورية. فإذا كانت الورقة العرفية تثبت مثلاًَ أن بيعاً صدر من شخص إلى آخر وأن المشتري قبض الثمن، افترض أن هذه الوقائع جميعها جدية غير صورية، وكان ذكرها فى الورقة العرفية قرينة على أنها صحيحة. ولكنها قرينة يجوز دحضها بإثبات العكس. فلصاحب التوقيع أن يثبت فى مواجهة الطرف الآخر أن البيع صورى أو أن الثمن لم يقبض. ولا يقتصر صاحب التوقيع هنا على الإنكار ـ كما فعل عندما أنكر صدور الورقة منه ـ بل يقع عليه عبء إثبات العكس طبقاً للقواعد العامة. ومن هذه القواعد أنه لا يجوز، بالنسبة إلى الطرف الآخر، إثبات ما يخالف الكتابة أو ما يجاوزها إلا بالكتابة .
ويدخل فى صحة الوقائع صحة تاريخ الورقة العرفية. فالتاريخ الذى تحمله هذه الورقة تفترض صحته، حتى يثبت صاحب التوقيع أنه غير صحيح وأن حقيقته كذا، ولا يثبت هنا أيضاً ما يخالف المكتوب إلا بالكتابة .
كذلك قيام التصرف القانونى فى ذاته، من صحة ونفاذ وغير ذلك، كل هذا يفتح باب الطعن فيه أمام صاحب التوقيع، ولا يمنعه اعترافه بصدور الورقة منه من أن يطعن فى التصرف القانونى ـ لا فى الورقة ـ بالغلط أو بالتدليس أو بالإكراه أو بعدم مشروعية السبب أو بأى موضوعى أو شكلى آخر . ( الوسيط في شرح القانون المدني للدكتور/ عبد الرزاق السنهوري، تنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، الطبعة الثانية 1982 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني المجلد : الأول، الصفحة : 249 )
تعريف المحررات العرفية :
المحررات العرفية هي المحررات الصادرة من الأفراد دون أن يتدخل موظف عام في تحريرها بحكم وظيفته. ويجوز أن يحررها موظف ولكن بصفته الشخصية وليست الوظيفة. فهي إذن عمل من أعمال الأفراد دون وساطة السلطة في ذلك وقد سميت هذه الأوراق العرفية لخضوعها لحكم العادة والعرف دون التقيد بأصل تتقيد به. وهي نوعان محررات عرفية معدة للإثبات أو في عبارة واضحة أعدها ذوو الشأن مقدماً دليلاً على تصرف قانوني معین ومن ثم فهي أدلة مهيئة وتكون ممن هي حجة عليه. ومحررات عرفية غير معدة للإثبات ولذلك يغلب إلا تكون موقعة ولكن القانون يعطيها حجية في الإثبات تتفاوت قوة وضعفاً بحسب ما يتوافر لها من عناصر الإثبات فهي أدلة عارضة وذلك كدفاتر التجارة والدفاتر التجارية والأوراق المنزلية والرسائل. وإذا أطلق اصطلاح المحررات العرفية أو في عبارة أخرى إذا ذكر دون نعت أو تخصيص قصد به المحررات العرفية التي تعد مقدماً للإثبات والتي عالجها المشرع في نص المادتين 14، 15 من قانون الإثبات أما النوع الثاني من المحررات وهي المحررات العرفية غير المعدة للإثبات فقد نص القانون على أربعة منها في المواد 16، 17، 18، 19 من قانون الإثبات وهي الرسائل والبرقيات م 16" ودفاتر التجار "م 17 " والدفاتر والأوراق المنزلية تم 68" والتأشير على سند الدين بما يفيد براءة المدين " 119".
( الدكتور توفيق فرج في قواعد الإثبات طبعة 1981 ص 67 وما بعدها والوجيز في النظرية العامة للالتزامات الدكتور محمود جمال الدين زكي الطبعة الثالثة ص 1063 وما بعدها والبيان في شرح قانون الإثبات الطبعة الأولى للأستاذين صلاح حمدي ولبيب حلیم ص 56 ) .
شروط المحرر العرفي :
لا يشترط في الورقة العرفية التي تصلح أن تكون دليلاً كتابياً إلا أن تكون بها كتابة مثبتة لواقعة قانونية وأن تكون موقعة من الشخص المنسوبة إليه توقيعاً يمكن معه الجزم بأن الورقة صادرة من ذلك الشخص " الدكتور سليمان مرقص في أصول الإثبات والإجراءات - الجزء الأول ص 192 " وليس للأوراق العرفية شكل خاص ولا يستلزم القانون اشتمالها على بيانات خاصة وكل ما يشترط فيها أن يكون عليها توقيع الملتزم إذا كانت فردية وتوقيع الطرفين إذا كانت تبادلية وأما تحريرها فيجوز أن يقوم به أحد طرفي العقد أو أحد الشهود أو شخص أجنبي عنهم بأي لغة كانت ويصح أن يحصل التوقيع عليها بالإمضاء أو الختم وليس من الضروري لصحة الورقة أن تكون مؤرخة وفى حالة عدم وجود تاريخ يجوز لمن له مصلحة في ذلك أن يثبت حقيقة التاريخ بكل طرق الإثبات " العشماوي في قواعد المرافعات - الجزء الثاني ص 491 " وفي ذلك أيضاً يقول الدكتور أحمد أبو الوفا كل ما يشترطه القانون لاعتبار المحرر العرفي صادراً ممن وقعه هو مجرد التوقيع عليه بالإمضاء أو الختم أو البصمة وبعدئذ يستوي أن يكون المحرر بخط الشخص المنسوب إليه المحرر أو بخط غيره أو بخط خصمه أو أن يكون مكتوباً بالآلة الكتابة أو مكتوباً بطریق الإختزال التي تتبع عرفاً في بعض البلاد الأوربية أو أن يكون مكتوباً باللغة العربية أو أية لغة أجنبية أو بالمداد أو بالرصاص أو لغة رصينة أو لغة دارجة أو بلغة غير قانونية أو أن يكون بالمحرر كشط أو إضافات أو محو أو تحشير ولم يكن قد وقع عليها من أصحاب الشأن والأمر متروك لتقدير القاضي في هذا الصيد ولا يلزم توقيع شهود على الورقة العرفية أو تعدد صورها. وإذن متی وقع المتعاقد على الورقة - بنفسه أو بوكيل عنه - نسبت إليه ولا يشترط شكلاً خاصاً في التوقيع ولا يلزم أن يكون التوقيع بإسم الموقع كاملاً أو إسمه الثابت في شهادة الميلاد ويكفي إسم الشهرة أو الختم أو البصمة ويكفي التوقيع بعلامة رمزية أو باختصار مادام قد ثبت أن هذا هو توقيع الموقع ولا يشترط لصحة الورقة العرفية أن تكون مؤرخة ما لم ينص القانون على ذلك كما هو الحال بصدد الشيك والكمبيالة والسند الأنني" الدكتور أحمد أبو الوفا في التعليق على قانون الإثبات الطبعة الثانية 1981 ص 109 " أما إذا وقع شخص بإسم وهمي لا وجود له فإنه قد يعتبر مرتكباً لجريمة نصب إذا توافرت شروطها فضلاً عن مسئوليته عن أي ضرر يحدث للطرف الآخر. وإذا وقع شخص بإسم شخص آخر يعتبر مزوراً ضده باتفاقه مع الطرف الآخر إن كان يعلم ذلك أما إذا كان الطرف الآخر سليم النية يجهل أن المتعاقد مرتبطاً شخصياً بالتعاقد " المستشار أحمد نشأت في رسالة الإثبات الطبعة السابعة ص 262".
وكل الأفراد أحرار في أن يحرروا عقوداً رسمية أو عرفية لإثبات أعمالهم القانونية ولكن هناك عقوداً حَتمَ الشارع أن تكون رسمية وإلا كانت باطلة مثال ذلك الرهن العقاري والهبة وغير ذلك مما ينص عليه القانون " الدكتور عبد الوهاب العشماوي في إجراءات الإثبات طبعة 1985 ص 46".
هل يشترط التوقيع على كل صفحة من صفحات المحرر العرفي عند تعددها ؟
أثير التساؤل عند تعداد صفحات المحرر العرفي عما إذا كان يغني التوقيع في نهاية الصفحة الأخيرة أم أنه يلزم توقيع كل صفحة ؟ وفي ذلك ذهب الدكتور أحمد أبو الوفا في التعليق على نصوص قانون الإثبات الطبعة الثانية صفحة 109 إلى أنه يستوي أن يكون المحرر من صفحة واحدة أو عدة صفحات أو مكتوب في ظهر الصفحات... الخ ولم تكن هذه الصفحات موقع عليها من أصحاب الشأن إكتفاء بالتوقيع في ختام المحرر على صفحته الأخيرة كما قيل في ذلك بأنه إذا كان المحرر مكوناً من عدة صفحات فلا يلزم التوقيع على كل صفحة من صفحاته بل يكفي التوقيع على الصفحة الأخيرة " المستشار محمد عبد اللطيف في قانون الإثبات الطبعة الأولى ص 124". وذهب الدكتور السنهوري في الوسيط الجزء الثاني المجلد الأول طبعة 1982 صفحة 234 إلى أن التوقيع يوضع عادة في آخر الورقة حتى يكون منسحباً على جميع البيانات المكتوبة الواردة فيها ولم يتعرض لمكان التوقيع عند تعدد الصفحات كما يرى الدكتور محمود جمال الدين زكي في مؤلفه النظرية العامة للالتزامات طبعة 1978 ص 1065 أنه يتعين أن يوضع التوقيع على المحرر في مكان يفيد رضاء صاحبه بمضمونه وقد تعرض الدكتور سليمان مرقص في كتابه أصول الإثبات وإجراءاته الجزء الأول صفحة 194 ولهذه المسألة فذهب إلى أنه إذا تكون المحرر العرفي من عدة أوراق تعيين التوقيع على كل ورقة منه ولا يكفي توقيع الورقة الأخيرة وحدها .
والرأي أنه إذا تكون المحرر العرفي من عدة صفحات فإنه يحسن توقيع أصحاب الشأن على كل صفحة فيها ولا يكتفي بالتوقيع في ختام المحرر على صفحته الأخيرة ذلك لأنه لو فرض أن تعددت صفحات المحرر وكانت الصفحة الأخيرة تتضمن فقط البند الأخير والذي يتضمن عادة أن هذا المحرر قد حرر من كذا نسخة فهل يمكن أن يقال في هذه الحالة أن توقيع ذوى الشأن في الصفحة الأخيرة يكون كافياً ؟ الجواب بالطبع أن ذلك التوقيع في نهاية الصفحة الأخيرة لا يمكن أن يضفى الحجية على ما عداها من صفحات غير موقعة من صاحب الشأن إلا إذا اقر هو بصحتها ذلك أن الورقة العرفية تستمد حجيتها في الإثبات من التوقيع وحده فإن خلت من توقيع أحد العاقدين فلا تكون لها أية حجية قبله بل أنها لا تصلح مجرد مبدأ ثبوت بالكتابة ضده إلا إذا كانت مكتوبة بخطه .
تعدد التوقيعات :
إذا تعددت التوقيعات فليس من الضروري أن توضع جميعها في وقت واحد بل كل من وقع على الورقة يكون قد ارتبط بها إلا إذا تبين من الظروف أن أصحاب الشأن إنما أرادوا إلا يرتبطوا إلا بتوقيعهم جميعاً " الدكتور السنهوري في الإثبات الوسيط الجزء الثاني المجلد الأول طبعة 1982 ص 237 ". وعلى ذلك فإنه إذا تعددت الأطراف في الورقة الواحدة فليس يلزم أن يكون توقيعهم جميعاً إياها في وقت واحد أو في مكان واحد بل يجوز أن يوقع كل منهم في زمان ومكان مختلفين عن زمان توقيع الآخر ومكانه وتعتبر الورقة دليلاً على من وقعها ولايحتج بها على من لم يوقعها ولو ذكر اسمه فيها غير أن من وقع الورقة لا يرتبط بها طالما لم يوقع عليها الطرف الآخر إذا كانت الثابت بها عقداً أي عملاً قانونياً لا يتم إلا بتوافق إرادتين " الدكتور سليمان مرقص في أصول الإثبات وإجراءاته الجزء الأول ص 193".
أما في الإلتزامات التضامنية فيجب أن يوقع جميع المدينين المتضامنين على المحرر المثبت للإلتزام ولا قيمة لتوقيع البعض دون البعض الآخر لأنهم اشتركوا جميعاً في تحمل الإلتزام والوفاء به وأن من يوفي منهم بقيمة الدين بتمامه للدائن يحق له الرجوع على الباقيين كل بقدر حصته في الدين " الدناصورى و عكاز في التعليق على قانون الإثبات الطبعة الثالثة ص 57 "
التوقيع على بياض :
لما كان التوقيع على المحرر العرفي هو الشرط الوحيد لوجوده فقد سلم الجميع بصحة التوقيع على بياض ويقصد به أن يوقع المدين على ورقة بيضاء أو في عبارة أخرى دون كتابة تاركاً الدائن إذا كان محلاً للورقه علي البياض فوق توقيعه حسبما اتفق معه فيصبح لهذه الورقة في الإثبات قيمة الورقة التي وقع عليها المدين بعد أن كتبت "الدكتور محمود جمال الدين زكي المرجع السابق ص 1066" ولكن للمدين الحق في أن يثبت أن ما كتبه الدائن من بيانات غير مطابق لما إتفق عليه ويكون الإثبات طبقاً للقواعد العامة فلا يجوز إثبات عكس الثابت بالكتابة إلا بالكتابة أي أنه لا يجوز عكس ما هو ثابت في الورقة الموقعة على بياض بغير الكتابة فإذا ما توصل المدين إلى هذا الإثبات عند الدائن خائناً للأمانة ومرتكباً للجريمة المنصوص عليها في المادة 340 من قانون العقوبات على أنه إذا توصل المدين إلى إثبات أن ما دون في الورقة غير مطابق لما اتفق عليه فإن الورقة تفقد حجيتها فيها بين الطرفين فقط لكن إذا تعامل الدائن الذي تسلم الورقة على بياض مع آخر حسن النية بعد أن ملأ البيانات كان لهذا الغير التمسك بحجية الورقة في حق من وقعها على بياض وليس لمن وقع الورقة في هذه الحالة إلا الرجوع على من خان الأمانة وكتب بيانات غير مطابقة للمتفق عليه " الدكتور توفيق حسن فرج المرجع السابق ص 72 ". ولكن إذا لم تكن الورقة الممضاة أو المختومة على بياض مسلمة الخائن من صاحبها وإنما حصل عليها بأية طريق وكتب في البياض الذي فوق الإمضاء أو الختم أو سند دين أو مخالصة أو غير ذلك من السندات التي يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب الإمضاء أو الختم فإنه يعد مزور طبقاً للجزء الأخير من المادة 340 عقوبات ويصح إثبات ذلك بشهادة الشهود والقرائن وإذا تعاقد هذا المزور مع الغير فإن هذا الغير لا يمكنه التمسك بالورقة ولو كان حسن النية لأن عقده لم يبين على سوء إستعمال الورقة لمن أؤتمن عليها بل بني على جريمة تزوير لا يصح أن يكون صاحب الإمضاء مسئولاً عنها كما إذا قصر وائتمن شخصاً ليس محلاً للثقة ويلاحظ أخيراً أن السند المحرر على بياض الخالي من ذكر إسم المستفيد يعتبر كالسند لحامله تماماً بالنسبة لانتقال الملكية بالمناولة من يد إلى يد حاجة إلى تحويل بالتظهير ومن حق حامله أن يطالب بقيمته . (المستشار أحمد نشأت في رسالة الإثبات الطبعة السابعة ص 283)
حجية المحررات العرفية بين طرفيها :
تنص المادة 14/ 1 من قانون الإثبات على أن "يعتبر المحرر العرفي صادراً ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة " ومفاد ذلك أنه تكون للورقة العرفية حجية قائمة بين طرفيها إلى أن يثبت العكس من حيث صدورها ممن وقع عليها ومن حيث ما ورد بها من الوقائع في ذاتها طالما لم ينكرها صاحب التوقيع. ويعتبر السكوت بمثابة اعتراف بها وإذا أراد صاحب الورقة أن ينفي صدور الورقة منه فعليه أن ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة فإذا اعترف صاحب التوقيع بصدور الورقة منه أو سكت ولم ينكر صراحة صدورها اعتبرت الورقة صادرة منه واعتبر التوقيع توقيعه والخط المنسوب إليه خطه وتصبح الورقة العرفية من حيث صدورها ممن وقع عليها في قوة الورقة الرسمية ولا يجوز لصاحب التوقيع أن يعود بعد ذلك إلى الإنكار إلا أن يطعن بالتزوير أما إذا أنكر فعلى المحتج بالورقة عبء إثبات صدورها من صاحب التوقيع وذلك بأن أنكر صراحة توقيعه أو خطه فأنكر بذلك أن الورقة كلها أو بعضها صادرة منه يطلب إحالة الورقة للتحقيق وفقاً لإجراءات تحقيق التوقيع والخطوط والإنكار إنما يرد على الأوراق العرفية أما إدعاء التزوير فيرد على جميع الأوراق الرسمية والعرفية " الدكتور السنهوري في الوسيط المجلد الثاني الجزء الأول ص 249 ومابعدها " أما إذا اختار صاحب التوقيع الطعن مباشرة في الورقة العرفية بالتزوير فإنه يقع عليه عبء إثبات التزوير ويجوز الطعن بالتزوير في أية حالة كانت عليها الدعوى حتى ولو بعد الإنكار .
توقيع الورقة مصدقاً عليه :
إذا كان توقيع الورقة مصدقاً عليه فإنه لا يقبل من الشخص المنسوبة إليه الورقة إنكار توقيعه إياها ويتعين عليه إذا لم يشأ أن يعترف بها أن يطعن فيها بالتزوير لأن التصديق على التوقيع يتم بمحضر رسمى يحرره موظف مختص بذلك فينبغي لمن يتعامل مع آخر بورقة عرفية إذا أراد أن يتفادى إحتمال إنكار التوقيع مستقبلاً أن يطلب ممن يتعامل معه أن يصدق على توقيعه من مكتب التوثيق أو من إحدى المأموريات التابعة له " الدكتور سليمان مرقص المرجع السابق ص 212 ".
دفع الورثة بالجهالة :
تنص المادة 14/ 2 من قانون الإثبات على أنه " أما الوارث أو الخلف فلا يطلب منه الإنكار ويكفي أن يحلف يميناً أنه لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق ".
ومفاد ذلك أنه إذا كان من يحتج عليه بالمحرر وارثاً أو خلفاً فلا يطلب منه الإنكار إنما يكتفي منه أن يقرر أنه لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق مع عزيز ذلك بيمينه ولا يتطلب من الوارث لإسقاط حجية الورقة سلوك الطعن بالتزوير إلا أنه إذا أقر الوارث بأن الختم الموقع به على الورقة صحيح فإنه لا يقبل منه بعد الطعن بالجهالة ويجب عليه في هذه الحالة أن يسلك سبيل الطعن بالتزوير " الدكتور توفيق فرج في قواعد الإثبات طبعة 1981 ص 73 ".
ويلاحظ أن صاحب التوقيع لا يمنعه اعترافه بصدور الورقة منه من أن يطعن في التصرف القانوني - لا في الورقة - بالغلط أو بالتدليس أو بالإكراه أو بعدم مشروعية السبب أو بأي دفع موضوعي أو شكلى آخر " الدكتور السنهورى المرجع السابق ص 264 " ويسرى ذلك أيضاً على الورث أو الخلف ".
إنكار الكتابة أو التوقيع وإجراءات التحقيق لإثبات صحة ذلك :
عندما ينكر المدين الكتابة أو التوقيع المنسوب على عقد عرفي أو يقول الوارث أو الخلف أنه لا يعلم به ويحلف على ذلك يحيل القاضي الدعوى على التحقيق ليثبت الدائن صدور الكتابة أو التوقيع من المدين ولو لم يطلب الدائن ذلك " أي الإحالة على التحقيق " لأن من حق القاضي أن يجري ذلك من نفسه ولا يمنعه عن ذلك غياب الدائن هذا إلا إذا استطاع القاضي تكوين عقيدته فى الدعوى من وقائعها دون حاجة إلى التحقيق إنما إذا تنازل الدائن عن التمسك بالورقة فلا محل للإحالة على التحقيق طبعاً وتحصل هذه الإجراءات عادة بصفة فرعية أي أثناء نظر دعوى أصلية كما أجاز الشارع حصول تلك الإجراءات بدعوى أصلية كما هو الحال في المادة 45 من قانون الإثبات والتي تنص على أنه يجوز لمن بيده محرر غير رسمي أن يختصم من يشهد عليه ذلك المحرر ليقر بأنه بخطه أو بإمضائه أو بختمه أو ببصمة إصبعه ولو كان الالتزام به غیر مستحق الأداء ويكون ذلك بدعوى أصلية بالإجراءات المعتادة " المستشار أحمد نشأت في رسالة الإثبات الطبعة السابعة ص 290 ".
هل يجوز للقاضي أن يحكم بعدم صحة الورقة أو بصحتها بدون تحقيق؟
نعم يجوز ذلك في حالتين الأولى إذا كانت وقائع الدعوى ومستنداتها كافية لتكوين عقيدة المحكمة في هذا الشأن " مفهوم المخالفة للمادة 30 من قانون الإثبات " والثانية هي الحالة المنصوص عليها بالمادة 58 من قانون الإثبات وفيها يجوز للمحكمة ولو لم يدع أمامها بالتزوير أن تحكم برد أي محرر وبطلانه إذا ظهر لها بجلاء من حالته أو من ظروف الدعوى أنه مزور ويجب عليها في هذه الحالة أن تبين في حكمها الظروف والقرائن التي تبينت منها ذلك .
مناقشة موضوع المحرر من المنكر وأثر ذلك :
تنص المادة 14/ 3 من قانون الإثبات على أنه " ومن احتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصابع ".
مناقشة الوارث أو الخلف موضوع المحرر :
ذهب رأى في الفقه إلى أنه إذا ناقش الوارث أو الخلف موضوع المحرر المنسوب إلى المورث أو السلف فلا يسقط حقه في الطعن بالجهالة عملاً بالفقرة الثالثة من المادة 14 لأن هذه الفقرة إنما تتعلق بالإنكار وحده وتقرر عدم قبوله إذا تمت مناقشة موضوع المحرر محل الإنكار والقاعدة أن الحق لا يسقط إلا بنص صريح في القانون ولا يجوز القياس قبل صدور مثل هذا النص والعلة في ذلك أن مناقشة الوارث أو الخلف موضوع المحرر المنسوب لمورثه. لا يفيد تسليمه بصحة المحرر ونسبته إلى مورثه أو سلفه ولأن إطلاعه على المحرر - قبل هذه المناقشة أو أثنائها - قد لا يمكنه من التحقيق من نسبة الخطأ أو الإمضاء أو الختم أو البصمة إلى المورث بعكس الحال بالنسبة إلى إطلاع ذات من نسب إليه صدور المحرر عنه فهذا الأخير يستطيع أن يقطع في الحال وبمجرد الاطلاع عليه بصدوره عنه أو بعدم صدوره وعندئذ يكون من الطبيعي في هذه الحالة الأخيرة إلا يناقش موضوعه ولهذا نرى أن المشرع يقصد في هذه الفقرة المستحدثة بمن يسقط حقه في إنكار المحرر بمناقشة موضوعه ذات الشخص المنسوب إليه المحرر دون غيره " الدكتور أحمد أبو الوفا في التعليق على نصوص قانون الإثبات الطبعة الثانية 1981 ص 112 ومابعدها " ويؤيد الدكتور سليمان مرقص هذا الرأي قائلاً أن نص المادة 14/ 3 من قانون الإثبات والتى تنص على أن من احتج عليه بمحرر وناقش عرفي موضوعه لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع " يسرى على وارث الشخص المنسوب إليه ذلك المحرر أو خلفه فيجوز لأيهما أن يطعن بالجهالة حتى بعد أن يكون قد ناقش موضوع المحرر " الدكتور سليمان مرقص في أصول الإثبات وإجراءاته الجزء الأول ص 216" وقد إستشهد هذا الرأي بحكم لمحكمة النقض تقول فيه أنه " متى كان المطعون عليهم لم يدفعوا بصورية عقد البيع العرفي – المنسوب صدوره من مورثهم إلى الطاعن الثالث - بل أن الخبير هو الذي إستبعد العقد من تلقاء نفسه قولاً منه أنه صوری وقد إنحصر دفاع المطعون عليهم في أنهم لا يعلمون شيئاً عن العقد المذكور ومن ثم يكون في غير محله تحدى الطاعنين بالمادة 14/ 3 من قانون الإثبات التي تقضي بأن احتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع ". (نقض مدني جلسة 9/ 11/ 1976 الطعن رقم 216 لسنة 42 ق).
بينما ذهب رأي آخر إلى أنه من المقرر أن المحرر حجة على الشخص وعلى ورثته وخلفه وما يسرى على موقع المحرر يسري على خلفه وورثتهما عدا الطعن بالجهالة التي خفف بها المشرع على الوارث وأجاز له الطعن بها بدلاً من الطعن بالإنكار وإذن فمتى ناقش الوارث أو الخلف موضوع المحرر فمعنى ذلك أنه أطلع عليه وعلى ذلك يستطيع التحقق مما إذا كان الإمضاء لمورثه أم لا فإذا ناقش موضوعه بعد اطلاعه عليه فإن ذلك يفيد تسليمه بصحة تلك النسبية فضلاً عن الحكمة من النص وهي عدم تمكين الطاعن بالإنكار من الرغبة في الكيد والمطل ونقل عبء الإثبات بعد قطعت الدعوى شوطاً كبيراً - تتحقق في حالة الأخذ بالرأي المخالف - وكذلك إذا ناقش الوارث أو الخلف موضوع المحرر المنسوب إلى المورث أو السلف فسقط حقه في الطعن بالجهالة لأن الطعن بالجهالة لا يعدو أن يكون صورة من صور الطعن بالإنكار. " المستشار الدناصورى والأستاذ عكاز في التعليق على قانون الإثبات طبعة 1984 ص 55 " ويستشهد هذا الرأي الأخير بحكم حديث لمحكمة النقض تقول فيه بأن النص في المادة 14/ 3 من قانون الإثبات على أن " من احتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع ". ولما كان الدفع بالجهالة صورة من صور الطعن بالإنكار أو الختم أو بصمة الإصبع " مؤداه أن مناقشة موضوع المحرر تفيد التسليم بصحة نسبة الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة لمن يشهد عليه المحرر ولما كان الدفع بالجهالة صورة من صور الطعن بالإنكار وإن كان المشرع قد خفف أحكامه على الوارث لأن كل ما يستطيع أن يؤكده هو عدم علمه بصحة التوقيع ولا يطلب منه أكثر من ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول الدفع المبدى من الطاعنين بجهالة توقيع مورثهما على المحرر المتضمن العقد موضوع الدعوى إستناداً إلى أن الطاعنين ناقشا موضوع المحرر في صحيفة الإستئناف بأن دفعتا بصورية البيع صورية مطلقة وبصدوره من مورثهما في مرض الموت فإن الحكم إذ قضى بعدم قبول دفع الطاعنين بجهالة توقيع المورث المبدى منهما بعد ذلك لا يكون قد خالف القانون . (نقض مدنى جلسة 23/ 5/ 1978 الطعن رقم 148 لسنة 43 ق)
هل يجوز للوارث أو الخلف الطعن على المحرر مباشرة بالإنكار؟
تنص الفقرة 14/ 2 من قانون الإثبات على أنه ( أما الوارث أو الخلف فلا يطلب منه الإنكار ويكفي أن يحلف يميناً بأنه لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقي عنه الحق " والمقصود بذلك أنه لا يطلب من الوارث أو الخلف إنكار التوقيع صراحة ولكن يجوز له ذلك إذا كان متحققاً من عدم صحة توقيع المورث أو السلف، وفي هذه الحالة يكون حكمه حكم المورث أو السلف فيكتفي منه بالإنكار الصريح ولا يطلب منه تعزيز هذا الإنكار بحلف اليمين بشرط ألا يكون سبق إقرار التوقيع من المورث أو السلف أو حتى من الوارث أو الخلف " الدكتور سليمان مرقص في أصول الإثبات وإجراءاته الجزء الأول هامش ص 215 " وفي ذلك أيضاً قيل إن الطعن بالجهالة ما هو إلا صورة من صور الطعن بالإنكار وإن كان المشرع قد خفف بعض أحكامه على صحة التوقيع ولا يطلب منه أكثر من ذلك فإذا طعن الوارث أو الخلف بالجهالة وقضى برفض هذا الطعن فلا يجوز له أن يعود إلى الطعن بالإنكار ومن باب أولى يجوز للوارث أو الخلف الخاص بدلاً من الطعن بالجهالة أن يطعن بالإنكار فينكر توقيع مورثه وفي هذه الحالة لايحلف يميناً وإنما يحقق الطعن كما لو كان صادراً ممن تشهد عليه الورقة " المستشار الدناصورى والأستاذ عكاز في مؤلفهما التعليق على قانون الإثبات طبعة 1984 ص 58 وما بعدها " ويقول الدكتور أحمد أبو الوفا في مؤلفه التعليق على نصوص قانون الإثبات طبعة 1981 أن طعن الوارث أو الخلف بالجهالة يعفيه من الإنكار وإذا حكم برفض الطعن بالجهالة وبصحة التوقيع فإن الوارث لايملك بعدئذ الطعن بالإنكار .
هل يعتبر السكوت عن الطعن بالإنكار فترة من الزمان بمثابة إعتراف بصحة المحرر ؟
ذهب رأي إلى أن السكوت يعدل الاعتراف فمن يسكت عند مواجهته بالورقة فلا يجوز لصاحب التوقيع أن يعود بعد ذلك إلى الإنكار إلا أن يطعن بالتزوير والدكتور السنهوري في الوسيط الجزء الثاني المجلد الأول ص 250 وما بعدها " وذهب رأي آخر إلى أنه لا يقر هذا النظر ذلك أن المشرع في الفقرة الأخيرة من المادة 14 من قانون الإثبات لم يوجه الحكم بعدم قبول الإنكار إلا في حالة مناقشة الخصم موضوع المحرر ولم يعتبر السكوت بمثابة اعتراف بصحة المحرر ولكن يصح إعتبار السكوت مجرد قرينة قضائية على صدور المحرر ممن وقعه والأمر في ذلك متروك لتقدير القاضي فإذا استبان له من ظروف الدعوى وملابساتها أن الخصم لم يعمد إلى الإنكار إلا في المرحلة الأخير من مراحل الدعوى وأنه لم يقصد من ذلك إلا التسويف والمماطلة والرغبة في الكيد كان للمحكمة أن تقضي برفض الطعن بالإنكار ولا رقابة لمحكمة النقض عليها فى ذلك متى كانت الأسباب التي أقامت عليها قضاءها معقولة ومن شأنها أن تؤدي إلى هذه النتيجة . (المستشار محمد عبد اللطيف المرجع السابق ص 136) . ( الشرح والتعليق على قانون الإثبات المدني، المستشار/ مصطفى مجدي هرجه، طبعة 2014، 2015، دار محمود، المجلد : الأول، الصفحة : 239 )
يجوز للخصم أن يطعن بالإنكار علي المحرر حتي ولو اعترف بالحق المدعى به، كما إذا لم يكن هناك عقد إيجار مكتوب بين المالك والمستأجر ولجأ المالك إلي اصطناع عقد مكتوب فيجوز في هذه الحالة الإعتراف بالعلاقة الإيجارية والطعن بالإنكار على المحرر إذا كانت له مصلحة في ذلك، كما إذا لجأ المؤجر إلى الحصول علي أمر أداء بالأجرة بالسند المزور أو أوقع بمقتضاه حجزاً تحفظياً (محمد عبد اللطيف ص 137).
وإذا كان لا يقبل الإنكار ممن ناقش موضوع المحرر فإنه يقبل من غيره من الخصوم الذين لم يناقشوه. وإذا ناقش الوكيل بالخصومة موضوع محرر في حضور موكله فإنه لا يقبل من الموكل إنكار المحرر بعدئذ ما لم يتنصل فوراً، وفي جلسة المرافعة من عمل المحامي وذلك عملاً بالمادة 79 مرافعات. غير أنه إذا ناقش المحامي موضوع المحرر في غياب الموكل جاز للأخير التنصل من عمله لأن مناقشة موضوع مستند يؤدي إلي إسقاط حقوق موضوعية فلا يجوز للمحامي أن يتولى هذه المناقشة بغير تفويض خاص من الموكل ما لم يكن هو الذي تقدم بهذا المستند، كما أن التوكيل بالخصومة لا يخول للمحامى هذه المناقشة ما دامت قد تؤدي إلي إهدار حقوق وذلك عملاً بالمادتين 75، 76 من قانون المرافعات .
والدفع الشكلي في الموضوع أو الدفع بعدم قبول الدعوى أو الطعن لا يسقط الحق في التمسك بالإنكار ما دام الخصم لم يتعرض في دفعه لموضوع هذا الإقرار ( الاثبات للدكتور أبو الوفا ص 102).
وإذا كانت مناقشة الشخص المنسوب إليه المحرر لا تتصل بموضوع المحرر وإنما تتعلق بشكله فقط جاز له بعدئذ التمسك بالإنكار .
ويري الدكتور أبو الوفا أنه أنه إذا ناقش الوارث أو الخلف موضوع محرر نسب إلي المورث أو السلف فلا يسقط حقه بعدئذ في التمسك بالإنكار عملاً بالمادة 14/ 3 لأن هذه المناقشة لا تفيد تسليمه بصحة المحرر ونسبته إلي مورثه أو سلفه ولأن المشرع يقصد في هذه الفقرة المستحدثة بمن يسقط حقه في إنكار المحرر بمناقشة موضوعه ذات الشخص المنسوب إليه المحرر دون غيره إلا أننا نرى عكس هذا الرأي ذلك أنه من المقرر أن المحرر حجة علي الشخص وعلى ورثته وخلفه وما يسري على موقع المحرر يسري علي خلفه وورثته ماعدا الطعن بالجهالة التي خفف بها المشرع على الوارث وأجاز له الطعن بها بدلاً من الطعن بالإنكار، وإذن فمتى ناقش الوارث أو الخلف موضوع المحرر فمعني ذلك أنه أطلع عليه وعلى ذلك يستطيع التحقق مما إذا كان الإمضاء لمورثه أم لا، فإذا ناقش موضوعه بعد إطلاعه عليه فإن ذلك يفيد تسليمه بصحة تلك النسبية فضلاً عن أن الحكمة من النص - وهي عدم تمكين الطاعن بالإنكار من الرغبة في الكيد والمطل ونقل عبء الإثبات بعد أن قطعت الدعوي شوطاً كبيراً - لا تتحقق في حالة الأخذ بالرأي المخالف - وكذلك إذا ناقش الوارث أو الخلف موضوع المحرر المنسوب إلى المورث أو السلف فيسقط حقه في الطعن بالجهالة لأن الطعن بالجهالة لا يعدو أن يكون صورة من صور الطعن بالإنكار وقد أخذت محكمة النقض بهذا الرأي في حكم حديث لها (يراجع الحكم رقم 29، وقارن الدكتور أبو الوفا في الرأي المخالف ص 102 و 103 من مؤلفه التعليق علسي قانون الإثبات، والدكتور سليمان مرقص في مؤلفه في الإثبات، الطبعة الخامسة، المجلد الأول ص 261).
الورقة العرفية الموقعة هي ورقة صادرة من أحد الأفراد وتصلح أن تكون دليلاً كتابياً، ويشترك في الورقة العرفية التي تصلح أن تكون دليلاً كتابياً أن يكون بها كتابة مثبتة لواقعة قانونية موقعة من الشخص المنسوبة إليه ولا يشترط في الكتابة أي شرط خاص لا من حيث صياغتها ولا من حيث طريقة تدوينها، فكل عبارة دالة على المعنى المقصود تصلح بعد توقيعها أن تكون دليلاً علي موقعها وهي تصلح لذلك أياً كانت لغة التعبير أو طريقة التدوين فتجوز الكتابة بلغة غير لغة البلاد، ويجوز أن تكون الكتابة خطية سواء بخط موقعها أم بخط غيره، وسواء أكان الخط بالمداد أم بالرصاص .
كما يجوز أن تكون مطبوعة بأية وسيلة من وسائل الطباعة أو مكتوبة علي الآلة الكاتبة، ويجوز أن تشتمل الكتابة علي إضافات بين السطور أو في هامش الورقة أو أسفلها أو أن يوجد بها شطب أو كشط، ولا يشترط في هذه الحالات التوقيع بصفة خاصة علي الإضافات أو الشطب ويكون تقدير كل ذلك متروكاً للقاضي فيجوز أن يأخذ بها إذا كان العقد لا يستقيم إلا بها أو إذا كان المحرر مكتوباً من عدة نسخ وكانت الإضافات أو التأشيرات موجودة في جميع النسخ وكانت كلها متطابقة أو إذا كان المحرر مكتوباً بخط المتمسك به عليه، أو كانت التأشيرات أو الإضافات موجودة تحت يده،كذلك لا يشترط أن تكون كتابة المبالغ بالحروف الكاملة بل يكتفي أن يكون ذلك بالأرقام وإن كان الأول أبلغ في الحيطة. والتوقيع هو الشرط الجوهري في الورقة العرفية المعدة للإثبات لأنه هو الذي ينسب الورقة إلي موقعها - ولو لم تكن مكتوبة بخطه - ويدل على اعتماده إياها وإرادته الالتزام بمضمونها، فالكتابة غير الموقعة ولو كانت بخط الشخص المنسوبة إليه لا تعدو أن تكون مشروعاً يحتمل الإعتماد أو لا يحتمل وأن أمكن إعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة، ويشترط في التوقيع أن يكون بخط الموقع وليس ضرورياً أن يكون التوقيع بالإسم الرسمي المثبت في شهادة الميلاد بل يكفي أن يكون بالإسم الذي إشتهر به الشخص .
وقد إشترط البعض في أن يكون التوقيع بالختم أو بصمة الأصبع واضحاً وإلا فلا يعول عليه إلا أن محكمة النقض قضت بعكس ذلك .
ويذهب بعض الشراح إلي أن التوقيع بعلامة رمزية أو بإمضاء مختصرة لا يكفي، إلا أننا نري أن التوقيع في هذه الحالة يكون صحيحاً منتجاً لآثاره، ويضفي على الورقة العرفية ما منحها المشرع من حجية ما دام قد ثبت أن هذا التوقيع صدر ممن تشهد عليه الورقة .
ولا يشترط توقیع شهود علي الورقة العرفية أو تعدد صورها .
ويجب على صاحب الشأن أن يوقع الورقة بنفسه فإذا وقعها بإسمه شخص آخر فالتوقيع لا يصلح. والورقة الباطلة لا حجية لها .
وإذا كان المحرر مكوناً من عدة أوراق فقد ذهب رأي في الفقه إلي أنه يتعين التوقيع علي كل ورقة منه ولا يكفي الورقة الأخيرة وحدها (سليمان مرقص ص 232) وذهب الرأي الآخر إلي عكس ذلك ( محمد عبد اللطيف، الجزء الأول ص 124).
والرأي عندنا أنه يتعين التفرقة بين ما إذا كانت الأوراق التي لا تحمل توقيعاً متصلاً ببعضها وأيضاً في ذات الوقت بالورقة الأخيرة - التي تحمل التوقيع أم لا - فإن كان الأمر إيجاباً كان التوقيع على الصفحة الأخيرة كافياً لحجية المحرر جمعية وإن كان الأمر نفياً لا حجية إلا للصفحة الأخيرة ولما اتصل بها من الأوراق المكونة لباقي المحرر، ويبدو أن هذا هو المفهوم من حكم النقض الذي سيرد بعد ذلك .
وإذا تعددت الأطراف في الورقة الواحدة، فلا يلزم أن يكون توقيعهم جميعاً إياها في وقت واحد أو في مكان واحد، بل يجوز أن يوقع كل منهم في زمان ومكان مختلفين عن زمان توقيع الآخر ومكانه .
والورقة العرفية حجة على العاقدين ولو لم يكن لها تاريخ، كما أنه حجة علي ورثة موقعها .
هذا وينبغي التفرقة بين التصرف ودليل إثباته. فقد يكون التصرف صحيحاً والمحرر باطلاً وبطلان المحرر لتزويره لا يحول دون إثبات صحة التصرف بوسيلة أخرى مقبولة كالإقرار واليمين والبينة إن كانت جائزة على النحو الذي سنبنيه بالتفصيل في الطعن بالتزوير .
وإذا كان أطراف العقد متعددين ووقع البعض على المحرر العرفي دون البعض الأخر فلا يعتبر العقد باطلاً لعدم توقيعه منهم جميعاً، بل يعتبر قائماً بالنسبة للموقعين، إلا إذا كان ذوو الشأن قد اشترطوا عدم انعقاد التصرف إلا إذا وقعوا عليه جميعاً، ويصح أن يستفاد هذا الشرط من ظروف الدعوى، ففي الإلتزامات التضامنية يجب أن يوقع جميع المدينين المتضامنين علي المحرر المثبت للإلتزام. ولا قيمة لتوقيع البعض دون البعض الآخر لأنهم اشتركوا جميعاً في تحمل الالتزام والوفاء به وإن من يوفي منهم بقيمة الدين بتمامه للدائن يحق له الرجوع على الباقين كل بقدر حصته في الدين .
ولم يشترط القانون تلاوة المحرر العرفي قبل التوقيع عليه .
ويعتبر التوقيع على المحرر حجة على الموقع حتى ولو كان أعمى أو أمياً، فلا يستطيع التحلل من هذه الحجية لمجرد الإدعاء بعدم تلاوة المحرر عليه قبل التوقيع عليه، بل يتعين عليه أن يطعن بالتزوير، وفي هذه الحالة له أن يثبت أنه وقع علي المحرر بطريق الغش. ( قانون الإثبات للمستشار محمد عبد اللطيف ص 124)، ويصح توقيع المتعاقد على الورقة بنفسه أو بوكيل عنه .
ولا يشترط لصحة الورقة العرفية أن تكون مؤرخة ما لم ينص القانون على غير ذلك كما هو الحال بصدد الشيك والكمبيالة والسند الإذني .
وإذا كان المحرر يتضمن كتابة بخط الخصم ولكنها غير موقعة منه وتوافرت فيها الشروط التي استلزمها القانون لاعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة فإنه يجوز لمن يحتج عليه بالخط أن ينكر صدوره منه حتي يمكن إهدار حجيته كمبدأ ثبوت الكتابة .
وإذا تضمن المحرر كتابة وتوقيعاً فلا يجوز الطعن بالإنكار على الخط دون التوقيع لأنه لا يشترط في المحرر العرفي أن يكون مكتوباً بخط موقعه، غير أنه يجوز للطعن بالتزوير على صلب المحرر دون التوقيع .
وإذا وقع شخص علي محرر بختم غيره فلا يكون هذا المحرر حجة علي صاحب الختم. إلا إذا ثبت أن ذلك برضاء صاحب الختم وبمطابقة إرادته مع إرادة المتعاقد الآخر ولا يجوز إثبات ذلك إلا بالكتابة إذا زادت قيمة الالتزام على مائة جنيه .
حجية الورقة العرفية :
أولاً : بالنسبة لأطرافها :
تعتبر الورقة العرفية، من حيث صدورها ممن وقع عليها في قوة الورقة الرسمية ولا يجوز لصاحب التوقيع - الذي ناقش موضوع المحرر - بعد ذلك أن يركن إلي الإنكار إلا أن يطعن بالتزوير ( وذلك وفقاً للتفصيل الذي سيرد عند التعرض لما إذا كان يجوز الطعن بالتزوير بعد الطعن بالإنكار في شرح المادة 49). أما إذا أنكر صراحة توقيعه أو خطة فقدت الورقة حجيتها، ويكون علي المتمسك بها عبء إثبات صدورها من صاحب التوقيع وفقاً للإجراءات التي رسمها القانون، وبالنسبة للشخص الذي يعترف ببصمة الختم وينكر التوقيع فلا يجوز له الطعن بالإنكار في هذه الحالة وسبيله الوحيد هو الادعاء بالتزوير على التفصيل الوارد في التعليق على المادة 30 .
وبالنسبة لحجية الورقة العرفية من حيث صحة الوقائع التي وردت بها فإن ذكر هذه الوقائع في الورقة قرينة على إنها صحيحة ولكنها قرينة يجوز دحضها بإثبات العكس ويقع إثبات العكس على صاحب التوقيع وفقاً للقواعد العامة، فإذا وقع شخص علي عقد بيع كان له أن يثبت أن العقد ليس بيعاً إلا في الظاهر لوجود إتفاق بينه وبين الطرف الأخر علي أن العقد صوري أي لا حقيقة ولا أثر ولكن لا يجوز له أن يثبت هذا الإتفاق المخالف للعقد الظاهر إلا بالكتابة أي بإبراز ورقة ضد هذا العقد موقعة من الطرف الثاني إعترافاً بصورية البيع ما لم يكن هناك مانع من الحصول على دليل كتابي على نحو الذي بيناه في إثبات الصورية في شرح المادة 60 .
ويكون للورقة العرفية حجية ليس بالنسبة لمن وقعها فقط بل بالنسبة لخلفه العام والخاص ودائنيه. غير أنه إذا حصل الخصم علي الورقة العرفية من تحت يد خصمه بطريق غير مشروع دون علمه أو رضاه فإنها لا تكون حجة علي من وقعها ولا يجوز لمن قدمها للاحتجاج بعدم جواز إثبات عكسها بالبينة .
وإذا احتج بالورقة العرفية بعد موت صاحب التوقيع علي الوارث أو الموصى له أو الخلف الخاص أو الدائن فإن هؤلاء لا يطلب منهم إنكار صريح كما كان يطلب من صاحب التوقيع لإسقاط حجية الورقة العرفية بل يكتفي من أي منهم - حتى لا تكون الورقة حجة عليه إلا بعد التحقيق - أن يحلف يميناً بأنه لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق وبمجرد إنكار الورقة أو الطعن عليها بالجهالة، تزول عنها قوتها مؤقتاً في الإثبات ويقع عبء إثبات صحتها على عاتق المتمسك بها .
ونرى أن الطعن بالجهالة ما هو إلا صورة من صور الطعن بالإنكار وإن كان المشرع قد خفف بغض أحكامه على الوارث أو الخلف الخاص لأن كل ما يستطيع أن يؤكده هو عدم علمه بصحة التوقيع ولا يطلب منه أكثر من ذلك فإذا طعن الوارث أو الخلف بالجهالة، وقضي برفض هذا الطعن فلا يجوز له أن يعود إلى الطعن بالإنكار ومن باب أولي يجوز للوارث أو الخلف الخاص بدلاً من الطعن بالجهالة أن يطعن بالإنكار فينكر توقيع مورثه وفي هذه الحالة لا يحلف يميناً وإنما يحقق الطعن كما لو كان صادراً ممن تشهد عليه الورقة .
ولا تلزم المحكمة بتوجيه اليمين للوارث أو الخلف إلا إذا رأت أن أوراق الدعوي لا يكفي للحكم فى الطعن ورأت تحقيقه .
ومن أمثلة الخلف الخاص الدائن العادي والموصى له بجزء من التركة، هذا ومن المقرر أن الإجراءات المنصوص عليها في المادة 30 من هذا القانون. تنطبق في حالة إنكار التوقيع أو طعن الوارث بالجهالة .(نقض 8/ 12/ 1970، مشار إليه في التعليق على المادة 30) .
وإذا ووجه الخصم الذي احتج عليه بالمحرر العرفي ولم يناقش موضوعه إلا أنه سكت ولم يطعن عليه بالإنكار إلا بعد أن تكون الدعوى قد أشرقت علي نهايتها، فذهب رأي إلى أن السكوت يعدل الاعتراف بصحة المحرر، وأنه لذلك يتعين الحكم بعدم قبول الإنكار ( الوسيط للسنهوري، الجزء الثاني، الطبعة الثانية، المجلد الأول ص 266)، ويضيف الدكتور سليمان مرقص أن القول بغير ذلك يعطي للمدين المماطل وسيلة لإطالة الدعوى بإرجاء إنكار التوقيع إلى قرب الفصل فيها، وهذا عبث لا يمكن أن يسمح به المشرع (أصول الإثبات، الجزء الأول، الطبعة الخامسة ص 257). ونادي الرأي الأخر بأن المشرع لم يوجب الحكم بعدم قبول الإنكار إلا في حالة مناقشة الخصم الموضوع المحرر ولم يعتبر السكوت بمثابة اعتراف بصحة المحرر وإن كان يجوز إعتبار السكوت قرينة قضائية على صدور المحرر ممن وقعه، وفي هذه الحالة فإن المحكمة تقضي برفض الطعن بالإنكار لعدم قبوله ( الإثبات لنشأت، الطبعة السادسة ص 227، وقانون الإثبات لمحمد عبد اللطيف ص136) ، والرأي الأخير هو الذي يتفق وصحيح القانون وهو الراجح فقهاً وقضاءً .
وإذا أقر الوارث بأن الختم الموقع له علي المحرر صحيح فلا يقبل منه الطعن عليه بالجهالة ولا بالإنكار بل ليس أمامه من وسيلة إلا بالطعن بالتزوير شأنه في ذلك شأن الشخص العادي الذي يقر بأن ختمه صحيح .
وإذا قضت المحكمة بأن التوقيع ليس للمورث انعدمت حجية الورقة كدليل إثبات بالنسبة لكافة الورثة من طعن بالجهالة ومن لم يطعن لأن توقيع المورث أمر غير قابل للتجزئة فلا يصح أن يكون صحيحاً بالنسبة لبعضهم وغير صحيح بالنسبة للبعض الآخر. وغني عن البيان أنه في حالة ما إذا كان توقيع الورقة مصدقاً عليه فلا يقبل من الشخص المنسوب إليه الورقة الطعن علي توقيعه بالإنكار بل لابد من الالتجاء للطعن بالتزوير إن شاء دحض حجيتها، ذلك أن التصديق علي التوقيع يتم بمحضر رسمي يحرره موظف عام مختص بذلك .
وبديهي أنه إذا حصل أحد الطرفين على حكم بصحة توقيع الآخر فلا يجوز لمن صدر ضده الحكم أن يطعن بالإنكار على المحرر، ويتعين عليه أن يطعن بالتزوير علي الحكم إن شاء هدم حجية الورقة .
وجدير بالذكر أنه إذا أدعي الخصم المعترف بتوقيع الورقة حدوث إضافات أو تغييرات فيها فلا يقبل منه الطعن بإنكار هذه الإضافات أو التغييرات، بل لابد له من الطعن عليها بالتزوير .
وحجية الورقة العرفية على أطرافها تنصرف إلي كافة بياناتها بما في ذلك التاريخ فلا يجوز لهؤلاء إثبات ما يخالفه إلا بالكتابة تطبيقاً للقواعد العامة في الإثبات .
أما إذا خلا المحرر العرفي من تاريخ له فقد ذهب الرأي الراجح في الفقه بجواز إثبات ذلك وفقاً بالنسبة لطرفيه وفقاً للقواعد العامة ومن ثم يجوز إثباته بجميع طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود لطرفيه حتى لو كانت قيمة التصرف تزيد علي مائة جنيه ولا يحتج علي ذلك بما نصت عليه القواعد العامة في المادة 61 من قانون الإثبات من عدم جواز إثبات ما يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي إلا بالكتابة، إذ إن المقصود بذلك ما يجاوز المحرر من شروط أو أحكام وليس تاريخه من هذا القبيل وإنما هو مجرد حادث طبيعي، أو إثبات لوقت إبرام العمل القانوني المدون في المحرر وانتهي هذا الرأي إلي أن التاريخ يعد واقعة قانونية ومن ثم يجوز إثباته بكافة الطرق (أصول الإثبات لسليمان مرقص الطبعة الخامسة، الجزء الأول ص 271، والسنهوري في الوسيط الجزء الثاني ص 195)، ونحن من أنصار هذا الرأي لأسانيده القوية، أما إذا كان المحرر يحمل تاريخاً فإنه لا يجوز إثبات عكسه إلا بالكتابة على النحو الآتي بيانه .
ويتعين ملاحظة أن حجية الورقة العرفية قبل المدين الذي وقع عليها لا تتحقق إلا إذا كان تسلميها للدائن قد تم من المدين إختياراً وبطريق مشروع، أما إذا كان الدائن قد حصل عليها بطريق غير مشروع أو شاب تسليمها عيب من عيوب الرضا أو كان تسليمها للدائن معلقاً على شرط وسلمت إليه رغم عدم تحقق الشرط، كما إذا سلمت الورقة لأمين وإتفق علي ألا يسلمها للدائن إلا بعد. أن يسلمه الدائن عقد بيع مثلاً إلا أن الأمين سلمها للدائن دون أن يتسلم منه هذا العقد، ففي هذه الحالة لا تكون للورقة العرفية حجيتها .
ثانياً : بالنسبة للغير :
متى اعترف الخصم الذي يحتج عليه بالمحرر العرفي بصحة التوقيع المنسوب إليه علي المحرر أو ثبت صحة التوقيع بعد إنكاره المحرر العرفي فيصبح المحرر العرفي في قوة المحرر الرسمي في الإثبات فيعتبر حجة على الكافة من حيث صدوره ممن وقعه ما عدا التاريخ المدون به فلا يكون حجة علي الغير إلا إذا كان ثابتاً وفقاً لنص المادة 15 إثبات، أما بالنسبة للبيانات المدونة بالمحرر العرفي فإنها لا تعتبر حجة علي الغير فيجوز إثبات عكسها، فيصبح للغير أن يطعن فيها بالصورية وله أن يثبت ذلك بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن لأنه لم يكن طرفاً في المحرر العرفي مما يستحيل عليه الحصول على دليل كتابي الإثبات الصورية، كما أن له أن يتمسك بكافة الدفوع الموضوعية التي كانت لصحاب التوقيع فله أن يدفع ببطلان التصرف القانوني المدون بالمحرر العرفي لنقض أهلية أحد طرفي العقد، أو لأن التصرف مشوب بعيب من عيوب الإرادة كالغلط أو الغش أو الإكراه أو الإستغلال كما يستطيع الغير أن يدفع بانعدام السبب أو بعدم مشروعيته، كما له أن يتمسك بإنقضاء الإلتزامات ( قانون الإثبات للمستشار محمد عبد اللطيف، الجزء الأول ص 144، 145).
حجية صورة الأوراق العرفية :
لم ينص المشرع على قيمة صور العقد العرفي كما فعل بالنسبة لصور العقد الرسمي، والأصل أنه لا حجية لها في الإثبات إلا بقدر ما تهدى إلي الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه، أما إذا لم يكن موجوداً فلا قيمة للصورة، غير أن قضاء النقض قد إستقر على أنه إذا لم ينازع الخصم في صحة صورة الورقة العرفية ولم يطلب تقديم أصلها لمراجعتها عليه، فإن ذلك يعد منه تسليماً بمطابقتها لأصلها وجاز للمحكمة أن تعتمد عليها في قضائها .
وفي حالة ما إذا نازع الخصم في صحة الصورة وطلب تقديم أصلها فأجابه خصمه إلي ذلك ولم يعترض المنازع عليها ولم يثر أي خلاف بين الأصل والصورة ثم سحب مقدم الأصل له لحاجته إليه في نزاع أخر، كان للصورة التي بقيت في الدعوى الأصلية حجيتها وجاز للمحكمة الإعتماد عليها. (سليمان مرقص ص 333 وما بعدها ).
وبالنسبة للصورة المحررة من موظف عام مختص فقد استقر الرأي فقها وقضاء على عدم الإعتراف بها بأقل قيمة، لذلك فإنه يجب على من يركن لمحرر عرفي أن يقدم للمحكمة أصله وإلا يقدم صورته ولو كانت رسمية اللهم إلا إذا كان الخصم لم ينازع في مطابقتها للأصل، ولا يجوز تقديم الأصل لمحكمة النقض إذا كانت لم تقدم لمحكمة الموضوع لأنها لا تقبل مستندات جديدة .
وفي حالة ما إذا قدم للمحكمة مستند محرر بلغة أجنبية وقدمت ترجمة عرفية له باللغة العربية فلا يكون لها حجية ما دام لم يصدق عليها من جهة رسمية، اللهم إلا إذا لم ينازع الخصم فيها .
وبالنسبة للصورة الفوتوغرافية والصورة الزنكوغرافية فلا حجة لأ يتهما إلا إذا لم ينازع الخصم في مطابقة الصورة للأصل، وغني عن البيان أن الصورة الشمسية والصورة الضوئية كلاهما صورة فوتوغرافية .
وجدير بالذكر أن النسخة الكربونية لا حجية لها بدورها في الإثبات ما لم يسلم الخصم بمطابقتها للأصل أو في أقل القليل لا يجادل في مطابقتها للأصل. ولا يجوز للخصم الذي لم ينازع أمام محكمة الموضوع بعد مطابقة الصورة للأصل أن يتمسك بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت قد وقعت ممن التزم بالالتزامات الواردة بها على النحو الذي سنوضحه في نهاية البحث .
ثبوت صحة أحد التوقيعات علي السند المطعون عليه بالإنكار أو التزوير يكفي وحدة لثبوت صحته :
في حالة ما إذا طعن علي الورقة بالإنكار أو التزوير سواء كان بدعوى التزوير الفرعية أو الأصلية، وكانت تحمل أكثر من توقيع منسوب لمصدرها كأن كانت ممهورة بختم وبصمة وإمضاء وهو أمر ثبت لنا من الممارسة العلمية أنه يحدث أحياناً أو كانت تحمل أكثر من توقيع وثبت للمحكمة صحة أي توقيع من التوقيعات السابقة فإن هذا وحده يكفي لرفض الإدعاء بالتزوير ولو ثبت تزوير التوقيعات الباقية لأنه ما دام قد ثبت للمحكمة صحة توقيع واحد فإن هذا يكفي لصحة الورقة ولا عبرة بباقي التوقعات المزورة ولازم ذلك أن المحرر تكون له حجية في هذه الحالة علي صاحب التوقيع الذي ثبت صحته .
يجوز للملتزم بالورقة العرفية الذي يوقع بالختم أن يكلف شخصاً آخر بالتوقيع علي الورقة بهذا الختم :
في حالة ما إذا كان الملتزم بالورقة العرفية يوقع بختمه فإنه يجوز له أن يوقع عليها بختمه نفسه، كما يجوز له أن يكلف شخصاً أخر بالتوقيع عليها ويعتبر التوقيع صحيحاً ما دام توقيع ذلك الشخص كان في حضوره ورضاه، إذ يعتبر التوقيع وكأنه صادر من ذلك الملتزم بالورقة. وقد جرت العادة في الأرياف أن يسلم صاحب الختم الملتزم بالورقة العرفية ختمه لمحرر الورقة ليختم به عليها، ويعتبر التوقيع صحيحاً وكأنه صادر من الملتزم .
صحيفة إفتتاح الدعوى ورقة عرفية :
لا جدال في أن صحيفة الدعوى هي ورقة عرفية لأن القانون لا يستلزم تحريرها أمام الموظف المختص ومن ثم فليس هناك ما يمنع من الطعن عليها بالإنكار شأنها شأن الأوراق الرسمية العرفية ويجوز من باب أولي الطعن عليها بالتزوير غير أن هذه الصحيفة تلحقها الرسمية بالتأشير عليها من الموظف المذكور وفي حدود البيانات التي أثبتها أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره وبالتالي لا يجوز الطعن على هذه البيانات التي اكتسبت الصفة الرسمية إلا بالطعن عليها بالتزوير . ( التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية، الجزء : الأول، الصفحة : 130 )
نوعا المحررات العرفية :
المحررات العرفية نوعان : النوع الأول محررات عرفية معدة للإثبات، ولهذا تكون موقعه ممن هي حجة عليه، فتعتبر أدلة كاملة .
والنوع الثاني : محررات عرفية غير معدة للإثبات ولهذا يغلب فيها ألا تكون موقعة ، فتارة تكون أدلة كاملة، وأخرى تكون أدنى من ذلك، بحسب ما يتوافر لها من عناصر الإثبات، وهذه الأوراق سنعالجها في المواد 16 وما بعدها من قانون الإثبات والنوع الأول وهو المحررات العرفية المعدة للإثبات، هو الذي تقوم المقابلة بينه وبين الأوراق الرسمية من حيث الشروط التي يجب أن تتوافر لصحة الورقة ، وحجية الورقة في الإثبات وقوتها في التنفيذ .
شرطا المحرر العرفي :
يشترط في المحرر العرفي الذي يعد دليلاً كاملاً في الإثبات أن يتوافر فيه شرطان هما :
الشرط الأول : الكتابة
ويقصد بذلك أن نكون بصدد محرر مكتوب يدون فيه التصرف الذي أريد تهيئة الدليل عليه بصرف النظر عن طبيعته عقداً أو تصرفاً بالإرادة المنفردة .
تعريف المحرر العرفي (المعد للإثبات) :
المحرر العرفي (المعد للإثبات) هو المحرر الذي حرره ذوو الشأن بغير أن يتدخل موظف عام بحكم وظيفته في تحريره، ويحمل توقيع من يراد الإحتجاج به عليه غير أنه لا مانع من أن يحرره موظف عام بصفته الشخصية أي شخص يطلب إليه تحرير المحرر . والغرض من هذا المحرر هو تهيئة دليل على التصرف بمناسبة إنشائه، وهو دليل كامل .
وغني عن البيان أن الأمر هنا - كما في المحرر الرسمي - لا يتعلق بشروط صحة التصرف المدون في المحرر، وإنما بصلاحية المحرر ذاته كأداة للإثبات ويجب أن يشتمل المحرر على البيانات الجوهرية المعينة للتصرف الذي أعد دليلاً عليه. فلو كان عقد بيع وجب أن تتضمن الكتابة تحديداً للمبيع والثمن، وإن كان مخالصة بدين وجب تضمينها تحديداً له ببيان مصدره ومحله ومقدار الدين الذي إستلمه الدائن أو الذي أبرأ منه المدين وفي المقابل فإن إغفال الكتابة لبيان أو أكثر من البيانات غير الجوهرية .
الشرط الثاني : التوقيع :
أهمية التوقيع :
التوقيع هو العنصر الجوهري في المحرر والمصدر الوحيد لحجيته، لأنه هو الذي يُنسِب المحرر إلى من يراد الإحتجاج عليه به، والذي يعبر عن إعداد المحرر لإثبات محتواه وإعتماد هذا المحتوى بإعتبار المحرر دليل إثبات کامل عليه فبدون التوقيع لا يوجد سوى مشروع محرر أو مجرد مبدأ ثبوت بالكتابة إذا كان المحرر بخط من يحتج عليه به ويجوز إثبات واقعة التوقيع بشهادة الشهود والقرائن .
صور التوقيع :
قد يكون التوقيع خطياً بأن يضع من ينسب إليه المحرر أو نائبه إمضاءه عليه، وقد يكون بأن توضع على المحرر بصمة ختم أو بصمة إصبع من ينسب إليه المحرر، كما قد يجمع بين الإمضاء ووضع بصمة الإصبع .
التوقيع الخطي :
يشترط في التوقيع الخطى أن يكون بيد من ينسب إليه المحرر، فلا يجوز أن يكون بخط سواه ولو كان موكلاً عنه، لأن الوكيل يكون له أن يوقع بإسمه هو بصفته وكيلاً لا بإسم الموكل فالتوقيع عمل شخصي لا يقوم به إلا صاحبه، لأنه يدل على تدخل بصفة مباشرة، وليس عن طريق النيابة عن شخص آخر .
كذلك يشترط أن يكون التوقيع محدداً لشخصية الموقع، ولهذا يتجه فريق من الفقهاء إلى أن التوقيع يلزم أن يكون بالإسم واللقب كاملين، بحيث لا يكفي التوقيع المختصر أو بالأحرف الأولى من الإسم واللقب ويعلل البعض ذلك بالتأكد من أن صاحب الإمضاء أراد بها الالتزام حقيقة، لأنه ربما كان في وضع العلامة أو حرف من حروف الإمضاء ما لا يشير إلى نية الالتزام الصحيح بينما يتجه رأي آخر إلى أنه لا يلزم أن يكون التوقيع بالإسم الكامل وإنما يكفي التوقيع المختصر مادام قد ثبت أن هذا هو توقيع الموقع .
ولا يلزم أن يكون التوقيع بالإسم الرسمي الثابت بشهادة الميلاد، وإنما يجوز أن يكون بإسم الشهرة أو الإسم الذي إعتاد التوقيع به إلا أن الأفضل أن يذكر في التوقيع الإسم الرسمي مع اللقب ويذكر «الشهير بفلان» منعاً لكل لبس .
يكفي وجود التوقيع بالصفحة الأخيرة إذا تعددت صفحات المحررات ورأت المحكمة وجود اتصال بينها وبين الصفحات السابقة :
إذا تعددت صفحات المحرر، وكانت منفصلة عن بعضها، فقد استقر قضاء محكمة النقض إلى أن يكفي وجود التوقيع على الصفحة الأخيرة منها إذا رأت المحكمة وجود اتصال بين هذه الصفحة وبين الصفحات السابقة .
يجوز أن يكون التوقيع بإستخدام الكربون :
لا يلزم أن يكون التوقيع الخطى مباشراً، وإنما يجوز أن يكون بإستخدام الكربون للتوقيع في نفس الوقت على عدة نسخ من المحرر يعتبر كلاً منها أصلاً لا مجرد صورة من المحرر .
التوقيع على المحرر المرسل بالفاكس :
«لما كان الواقع في الدعوى أن الطاعنة تقدمت لمحكمة الموضوع بورقة مبيناً بها استقالة مسببة مرسلة إليها عن طريق الفاكس وقررت أنها بخط وتوقيع المطعون ضده فإن هذه الورقة التي يحتفظ المرسل بأصلها لديه كما هو متبع في حالة إرسال الرسائل عن طريق الفاكس تتضمن مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز تكملته بشهادة الشهود أو بالقرائن القضائية. وإذ رفض الحكم المطعون فيه طلب الطاعنة إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات واقعة الإستقالة بكافة طرق الإثبات تأسيساً على أن هذه الورقة المرسلة إلى الطاعنة بطريق الفاكس ما هي إلا صورة لورقة عرفية لا حجية لها في الإثبات طالما أن المطعون ضده قد أنكرها ولم تقدم هي أصلها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب» (الطعن رقم 987 لسنة 69 ق جلسة 22 / 6 / 2000) .
التوقيع بإسم وهمي :
إذا وقع شخص بإسم وهمي لا وجود له فإنه قد يعتبر مرتكب لجريمة نصب إذا توافرت شروطها، فضلاً عن مسئوليته عن أي ضرر يحدث للطرف الآخر. وإذا وقع شخص بإسم شخص آخر، يعتبر مزوراً باتفاقه مع الطرف الآخر إن كان يعلم ذلك أما إذا كان الطرف الآخر سليم النية يجهل أن المتعاقد معه انتحل إسم شخص آخر يصح إعتبار هذا المتعاقد مرتبطاً شخصياً بالتعاقد .
التوقيع ببصمة الختم أو الإصبع :
يجوز التوقيع ببصمة الإصبع أو الختم، ويستوي أن تكون بصمة الختم قد وضعها صاحب الختم بنفسه أو قام غیره بوضعها بتكليف منه وبرضاه .
وفي حالة عدم إنكار بصمة الختم، والاقتصار على إنكار التوقيع بها، فإن الإنكار لا يقبل ويبقى المحرر حجيته حتى يثبت صاحب الختم واقعة التزوير، وفقاً لإجراءات الإدعاء بالتزوير .
التوقيع بأختام بعض الوزارات والمصالح والبنوك والشركات وغيرها :
جرى العمل بعض المصالح والوزارات والبنوك والشركات والمؤسسات والجمعيات والمحال التجارية على إستعمال ختم بارز (كليشيه) في التوقيع على المراسلات والمحررات قليلة الأهمية تسهيلاً للعمل. ولكن لا يجوز التعويل على التوقيع بهذا الختم في مقررات هذه الجهات المعدة للإثبات كالعقود والإيصالات وغيرها بل لابد في هذه الحالة من التوقيع بالإمضاء ذلك أنه من البديهي أنه لا قيمة للتوقيع بأختام بعض المصالح والوزارات والبنوك والشركات والمؤسسات والجمعيات والمحال التجارية، بل يجب أن يوقع الشخص المخول له التوقيع بإسمه إذ لا يخفى أن أختام هذه الجهات قد تكون في متناول غير المخول لهم التوقيع .
جواز التوقيع ببصمة الختم وببصمة الإصبع معاً :
لا يوجد ما يمنع التوقيع على المحرر ببصمة الختم وبصمة الإصبع معاً، إذ من الجائز أن يكون ذلك تلبية لرغبة الطرف الأخر الذي يقصد التحفظ من الطعون التي قد توجه في المستقبل إلى بصمة الختم .
البصمة المطموسة :
لا يبطل بصمة الإصبع أو الختم بالمحرر أن تكون مطموسة ولا تصلح للمضاهاة، إذ يمكن إثبات حصول التوقيع على المحرر المطعون عليه بإعتبار أنه واقعة مادية وذلك بجميع طرق الإثبات ومنها شهادة الشهود .
مكان التوقيع :
ولئن كان الحرص يقتضي أن يذيل التوقيع آخر المحرر بحيث يدلل من جهة على موافقة موقعه على كل ما دون سابقاً عليه، وبحيث لا تثور من جهة أخرى أية شبهة حول إضافة جديد بعد التوقيع. إلا أن التوقيع ينتج أثره في جعل المحرر دليلاً كتابياً كاملاً قبل موقعه ولو تم في هامش المحرر أو في أي مكان آخر منه .
وينسحب التوقيع على كل ما ورد في المحرر بما في ذلك ما تضمنه من إضافات التي يترك لقاضي الموضوع سلطة تقدير دلالة التوقيع على الرضاء بهذه الإضافات وإن كان التحرز يقتضي التوقيع عقب ما أضيف للمحرر دفعاً للشك حول دلالة التوقيع .
التوقيع على بياض :
قد يثق شخص في شخص آخر فيوقع له على ورقة بيضاء ويسلمها له ليملأها بمعرفته حسب الاتفاق القائم بينهما، وهذا ما يسمى بالتوقيع على بياض ويحدث هذا غالباً إذا لم يكن في وسع الطرفين أن يحددا مدى التزاماتها وقت الاتفاق لسبب ما، فيعهد إلى أحد الطرفين بأن يكتب فوق التوقيع البيانات المتعلقة بالتصرف في الحدود المتفق عليها حينما يتبين له ما كان مجهولاً وقت التوقيع من أمور تحدد مدى الالتزام .
والتوقيع على بياض هو توقيع صحيح ملزم لمن صدر منه، وهو لا يختلف عن التوقيع المعتاد إلا أنه سابق على تحرير الورقة، ولا أهمية في ذلك طالما أن من صدر عنه التوقيع قد قام بذلك عن علم واختيار. فالتوقيع السابق كالتوقيع اللاحق على تحرير الورقة يجعل الورقة حجة على من صدر منه التوقيع سواء بسواء .
غير أنه إذا لم يكن من تولى كتابة الورقة أميناً فيما عهد إليه به، فإنه يكون للمدين الحق في أن يثبت أن ما كتب فوق توقيعه لم يكن هو المتفق عليه، ويكون إثبات ذلك طبقاً للقواعد العامة، فتجب الكتابة في إثبات ما يخالف المكتوب في الورقة، ولا تجوز شهادة الشهود في هذا الإثبات إلا إذا كان هناك مبدأ ثبوت بالكتابة .
ولكن إذا كان من سلمت إليه الورقة قد تعاقد مع الغير بناء على ما كتبه فيها، وكان هذا الغير حسن النية، فإن المدين يلتزم بما في الورقة قبل الغير، حتى لو أثبت مخالفة ما كتب فيها لاتفاقه مع الدائن، وليس للموقع في هذه الحالة إلا أن يرجع على من خانه فيما كتبه في الورقة وإذا كانت هذه النتيجة ليست في صالح الموقع، فإن عمله هو الذي أدى إليها، وأيا كانت الثقة التي يضعها الشخص فيمن يتعامل معه، فإن التوقيع على بياض يدل على عدم الحيطة والحذر، ولذلك يجدر الامتناع عنه .
ويعتبر من ائتمن على ورقة موقعة على بياض، فكتب فيها ما يخالف المتفق عليه، مرتكباً لجريمة خيانة أمانة يعاقب عليها بالحبس أو بغرامة لا تجاوز خمسين جنيهاً (م 340 عقوبات) ولا يجوز إثبات هذه الدعوى الجنائية إلا بالطرق التي رسمها القانون المدني، لأن قواعد الإثبات يجب ألا تختلف في مسألة واحدة تقوم على تصرف مدني .
أما إذا لم تكن الورقة الموقعة على بياض قد سلمت إلى الخائن بناء على اتفاق بينه وبين الطرف الآخر، وإنما استحصل عليها خلسة، كان التوقيع نفسه غير صحيح وكانت الورقة باطلة، والخائن مزوراً (م 340 عقوبات). ويكون لصاحب التوقيع أن يثبت التزوير بكافة طرق الإثبات كما هو الشأن في المواد الجنائية لأنه إنما يثبت غشاً. ولا يكون عليه أن يلتزم قبل الغير الذي يتعامل معه المزور، حتى لو كان هذا الأخير حسن النية، وذلك لأن هذا التعامل لم يترتب على عمل صادر من الموقع حتى نأخذه به .
الدفوع التي لا تسقط الحق في إنكار التوقيع :
لا يسقط حق من يشهد عليه المحرر في إبداء الدفع بإنكار توقيعه، ما يبديه من دفوع شكلية أو موضوعية أو الدفع بعدم قبول الدعوى أو الطعن، ما دام الخصم لم يتعرض في دفعه لموضوع المحرر .
وكذلك إذا كانت مناقشة هذا الشخص لا تتصل بموضوع المحرر وإنما تتعلق بشكله فقط جاز له بعدئذ التمسك بالإنكار .
مناقشة الوكيل بالخصومة موضوع المحرر :
إذا ناقش الوكيل بالخصومة موضوع محرر في حضور موكله فإنه لا يقبل من الموكل إنكار المحرر بعد ذلك ما لم يتنصل فوراً وفي جلسة المرافعة من عمل المحامي وذلك عملاً بالمادة 79 مرافعات التي تقضي بأن : « كل ما يقرره الوكيل بحضور موكله يكون بمثابة ما يقرره الموكل نفسه إلا إذا نفاه أثناء نظر القضية في الجلسة ».
غير أنه إذا ناقش الوكيل بالخصومة موضوع المحرر في غياب الموكل جاز للأخير التنصل من عمله لأن مناقشته موضوع مستند يؤدي إلى إسقاط حقوق موضوعية، فلا يجوز للمحامي أن يتولى هذه المناقشة بغير تفويض خاص من الموكل ما لم يكن هو الذي تقدم بهذا المستند. كما أن التوكيل بالخصومة لا يخول للمحامى هذه المناقشة مادامت تؤدى إلى إهدار حقوق موضوعية وذلك عملاً بالمادتين 75، 76 من قانون المرافعات .
مناقشة الوارث أو الخلف موضوع المحرر :
لئن كانت صياغة الفقرة الأولى من المادة (14) من قانون الإثبات فيما قررته من أن من احتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة، قد تفيد أن هذا الحكم لا يسري على الوارث أو الخلف للشخص المنسوب إليه ذلك المحرر بحيث يجوز لأيهما أن يطعن بالجهالة حتى بعد أن يكون قد ناقش موضوع المحرر إلا أن غالبية الفقه وقضاء النقض على خلاف ذلك، لأن الدفع بالجهالة صورة من صور الطعن بالإنكار وإن كان المشرع خفف أحكامه على الوارث أو الخلف، ومن ثم فإن مناقشة الوارث أو الخلف موضوع المحرر يسقط حقه في الطعن بالجهالة على توقيع المورث أو السلف . ( موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود، المجلد : الأول، الصفحة : 430 )
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري،قانون التقاضى والإثبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات: 118 ، 119
(مادة 85) :
يعتبر المحرر العرفي صادراً ممن وقعه ، ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة .
أما الوارث أو الخلف فلا يطلب منه الإنكار ، ويكفي أن يحلف يميناً بأنه لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق .
ومن احتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه لا يقبل منه إنكار الخط ، أو الإمضاء ، أو الختم ، أو بصمة الإصبع .
( م (394) مدني مصري ما عدا الفقرة الأخيرة ، و(14) إثبات مصري ، و م (14609) - (1611) و (1736) من المجلة ، وم (135) و (136) و م (138) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ) .
المذكرة الإيضاحية :
1- تقرر الفقرة الأولى من هذه المادة أن سکوت ذوي الشأن يعتبر في الأصل إقراراً ؛ لأن من واجب من لا يريد الإعتراف بالمحرر «أن ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء». فإذا أبى ذو الشأن أن يعترف بنسبة الخط أو الإمضاء إليه ، أو أن ينكر هذه النسبة – فيتعين إعتبار المحرر العرفي قد إعترف به حكماً .
وغني عن البيان أن الإقرار ، أو السكوت الذي يعدل الإقرار لا يتعلق إلا بالتوقيع أو الخط ، وأن هذا الإقرار - صريحاً كان أو ضمنياً - لا يؤثر بأي حال، في أوجه الدفع الشكلية أو الموضوعية التي يكون لمن إعترف بالمحرر العرفي في غير تحفظ أن يتمسك به .
وإذا كانت الفقرة الأولى من هذه المادة تلزم من يحتج عليه بورقة عرفية بأن ينكر صراحة الخط أو الإمضاء ، وإلا إعتبر سكوته بمنزلة الإعتراف - فآية ذلك أن التوقيع ينسب إليه، ويتعين عليه ، تفريعاً على هذا ، أن يدلي برأيه في هذه النسبة بيد أن مركز الورثة والخلفاء يختلف عن مركز المورث أو المستخلف نفسه ؛ لأن التوقيع ينسب إليه شخصياً دون أولئك وهؤلاء .
2- وهذا هو ما حدا بالمشروع إلى أن يحد من نطاق القاعدة المقررة في الفقرة التي تقدمت الإشارة إليها ، بمقتضى الحكم الوارد في الفقرة الثانية ، فليس في الوسع إزاء ما يفرق هذين المركزين ، إلا أن يباح للوارث أو الخلف الإكتفاء بنفي علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة - لمن تلقى عنه حقه ، دون أن يقف موقف الإنكار صراحة.
ورئي من الأنسب النص على وجوب تعزيز إقرار الوارث أو الخلف بيمين يؤديها ؛ درءاً لما يحتمل من تعسف هذا أو ذاك في إستعمال الرخصة المخولة له.
وقد آثر المشروع النص على أنه يكتفى من الوارث أو الخلف أن يقرر أنه لا يعلم أن الإمضاء لمورثه ، دون أن يجتزئ من الوارث بنفي العلم بإمضاء مورثه . فإذا أنكرت نسبة الورقة العرفية صراحة ، أو نفي الوارث أو الخلف علمه بذلك - زالت عنها مؤقتاً قوتها في الإثبات ، وتعين على من يريد التمسك بها أن يقيم الدليل على صحتها ، بإتباع الإجراءات الخاصة بتحقيق الخطوط وقد جرى القضاء المصري في ظل القانون المدني القديم على ذلك رغم خلو ذلك القانون من نص خاص في هذا الشأن .
3- وقد أضيفت الفقرة الثالثة أخذاً من قانون الإثبات المصري ، ولم تكن في القانون المدني المصري ؛ سداً لباب الكيد والمطل ، ذلك أن مناقشة موضوع المحرر يتعين لتكون جادة منتجة أن تكون وليدة الإطلاع على هذا المحرر ، وهو ما يمكن من التحقق من نسبة الخط ، أو الإمضاء ، أو الختم ، أو البصمة ، لمن يشهد عليه المحرر ؛ إذ إن من اليسير على هذا الأخير بمجرد هذا الإطلاع التحقق من هذه النسبة ، فإذا لم ينكرها فور إطلاعها على المحرر ، وخاض في مناقشة موضوعه - فإن ذلك منه إنما يفيد تسليمه بصحة تلك النسبة فإن عاد بعد ذلك إلى إنكارها ، وقد سارت الدعوى شوطاً بعيداً على أساس صحة المحرر - فإنما يكون ذلك منه إستشعاراً لضعف مركزه في الدعوى ، وإستغلالاً لنصوص القانون في نقل عبء الإثبات إلى المتمسك بالورقة ، ورغبة في الكيد والمطل، وهو ما لا يجوز تمكينه منه. غير أن مناقشة موضوع المحرر وإن كانت تسقط حق الخصم في إنكار الخط أو الإمضاء ، إلا أنه ينبغي أن تجاوز هذا الحد ، فلا يسقط حق الخصم في الطعن على المحرر بالتزوير من جهة صلبه أو توقيعه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الأول ، الصفحة / 246
حُجِّيَّةُ الْخَطِّ وَالْخَتْمِ:
مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَوَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلاَثَةٍ لِلإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِالْخَطِّ إِذَا وُثِقَ بِهِ وَلَمْ تُوجَدْ فِيهِ رِيبَةٌ مِنْ مَحْوٍ أَوْ كَشْطٍ أَوْ تَغْيِيرٍ، وَذَلِكَ فِي الأَْمْوَالِ وَمَا يُشْبِهُهَا مِمَّا يَثْبُتُ مَعَ الشُّبْهَةِ، كَالطَّلاَقِ وَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ. وَهَذَا فِي الْمُعَامَلاَتِ بَيْنَ النَّاسِ.
أَمَّا مَا يَجِدُهُ الْقَاضِي فِي السِّجِلاَّتِ السَّابِقَةِ عَلَى تَوَلِّيهِ فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلاَثَةٍ لِلإْمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يَعْمَلُ بِمَا فِيهَا إِذَا انْتَفَتِ الرِّيبَةُ.
وَبِالنِّسْبَةِ لِمَا وَجَدَ فِي السِّجِلاَّتِ الَّتِي تَمَّتْ فِي عَهْدِهِ فَالْفُقَهَاءُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ إِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ خَطُّهُ، وَذَكَرَ الْحَادِثَةَ، فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِهِ وَيَنْفُذُ. وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إِذَا أَنْكَرَ السَّنَدَ مَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا فِيهِ.
وَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ إِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ خَطُّهُ يَعْمَلُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ الْحَادِثَةَ .
وَمَنْ يَتَتَبَّعْ أَقْوَالَ الْفُقَهَاءِ جَمِيعًا فِي حُجِّيَّةِ الْخَطِّ وَالْخَتْمِ يَتَبَيَّنْ لَهُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ هُوَ الاِسْتِيثَاقُ مِنْ صِحَّةِ الْكِتَابَةِ، وَعَدَمِ وُجُودِ شُبْهَةٍ فِيهَا، فَإِنِ انْتَفَتْ عَمِلَ بِهَا وَنَفَذَتْ، وَإِلاَّ فَلاَ.
وَقَدِ اسْتُحْدِثَتْ نُظُمٌ وَآلاَتٌ يُمْكِنُ بِوَاسِطَتِهَا اكْتِشَافُ التَّزْوِيرِ فِي الْمُسْتَنَدَاتِ. فَإِنْ طُعِنَ عَلَى سَنَدٍ مَا بِالتَّزْوِيرِ أَمْكَنَ التَّحْقِيقُ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا مَا تَجْرِي عَلَيْهِ الْمُحَاكِمُ الآْنَ. وَلَيْسَ فِي قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ مَا يَمْنَعُ مِنْ تَطْبِيقِ النُّظُمِ الْحَدِيثَةِ إِذْ هِيَ لاَ تُخَالِفُ نَصًّا شَرْعِيًّا، وَلاَ تُجَافِي مَا وَضَعَهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ قَوَاعِدَ وَضَوَابِطَ رَأَوْهَا مُنَاسِبَةً فِي أَزْمِنَتِهِمْ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السابع ، الصفحة / 51
إِنْكَارٌ
التَّعْرِيفُ:
- الإْنْكَارُ لُغَةً: مَصْدَرُ أَنْكَرَ وَيَأْتِي فِي اللُّغَةِ لِثَلاَثَةِ مَعَانٍ:
الأْوَّلُ: الْجَهْلُ بِالشَّخْصِ أَوِ الشَّيْءِ أَوِ الأْمْرِ. تَقُولُ: أَنْكَرْتُ زَيْدًا وَأَنْكَرْتُ الْخَبَرَ إِنْكَارًا، وَنَكَّرْتُهُ، إِذَا لَمْ تَعْرِفْهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُون.)
وَقَدْ يَكُونُ فِي الإِْنْكَارِ مَعَ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ بِالشَّيْءِ النَّفْرَةُ مِنْهُ وَالتَّخَوُّفُ، وَمِنْهُ قوله تعالي (فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) أَيْ تُنْكِرُكُمْ نَفْسِي وَتَنْفِرُ مِنْكُمْ، فَأَخَافُ أَنْ تَطْرُقُونِي بِشَرٍّ.
الثَّانِي: نَفْيُ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى، أَوِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ.
وَالثَّالِثُ: تَغْيِيرُ الأَْمْرِ الْمُنْكَرِ وَعَيْبُهُ وَالنَّهْيُ عَنْهُ. وَالْمُنْكَرُ هُوَ الأَْمْرُ الْقَبِيحُ، خِلاَفُ الْمَعْرُوفِ. وَاسْمُ الْمَصْدَرِ هُنَا (النَّكِيرُ)، وَمَعْنَاهُ (الإِْنْكَارُ) أَمَّا فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ فَيَرِدُ اسْتِعْمَالُ (الإِْنْكَارِ) بِمَعْنَى الْجَحْدِ، وَبِمَعْنَى تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ، وَلَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى وُرُودِهِ بِمَعْنَى الْجَهْلِ بِالشَّيْءِ فِي كَلاَمِهِمْ.
أَوَّلاً: الإِْنْكَارُ بِمَعْنَى الْجَحْدِ
الْمُقَارَنَةُ بَيْنَ الإِْنْكَارِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَالْجَحْدِ وَالْجُحُودِ:
- سَاوَى بَعْضُ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ الإِْنْكَارِ وَبَيْنَ الْجَحْدِ وَالْجُحُودِ. قَالَ فِي اللِّسَانِ: الْجَحْدُ وَالْجُحُودُ نَقِيضُ الإِْقْرَارِ، كَالإِْنْكَارِ وَالْمَعْرِفَةِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْجُحُودُ الإِْنْكَارُ مَعَ الْعِلْمِ. يُقَالُ: جَحَدَهُ حَقَّهُ وَبِحَقِّهِ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - النَّفْيُ:
النَّفْيُ يَكُونُ بِمَعْنَى الإِْنْكَارِ أَوِ الْجَحْدِ، وَهُوَ مُقَابِلُ الإِْيجَابِ: وَقِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَ النَّفْيِ وَبَيْنَ الْجَحْدِ أَنَّ النَّافِيَ إِنْ كَانَ صَادِقًا سُمِّيَ كَلاَمُهُ نَفْيًا وَلاَ يُسَمَّى جَحْدًا، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا سُمِّيَ جَحْدًا وَنَفْيًا أَيْضًا، فَكُلُّ جَحْدٍ نَفْيٌ. وَلَيْسَ كُلُّ نَفْيٍ جَحْدًا. ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ. قَالُوا: وَمِنْهُ قوله تعالي وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا .
ب - النُّكُولُ:
النُّكُولُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ الْحَلِفِ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي الدَّعْوَى، بِقَوْلِهِ: أَنَا نَاكِلٌ، أَوْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي: احْلِفْ، فَيَقُولَ: لاَ أَحْلِفُ. أَوْ سَكَتَ سُكُوتًا يَدُلُّ عَلَى الاِمْتِنَاعِ.
ج - الرُّجُوعُ:
الرُّجُوعُ عَنِ الشَّيْءِ تَرْكُهُ بَعْدَ الإْقْدَامِ عَلَيْهِ.
فَالرُّجُوعُ فِي الشَّهَادَةِ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ أَبْطَلْتُ شَهَادَتِي، أَوْ فَسَخْتُهَا، أَوْ رَدَدْتُهَا. وَقَدْ يَكُونُ الرُّجُوعُ عَنِ الإِْقْرَارِ بِادِّعَاءِ الْغَلَطِ وَنَحْوِهِ.
د - الاِسْتِنْكَارُ:
الاِسْتِنْكَارُ يَأْتِي بِمَعْنَى عَدِّ الشَّيْءِ مُنْكَرًا، وَبِمَعْنَى الاِسْتِفْهَامِ عَمَّا تُنْكِرُهُ، وَبِمَعْنَى جَهَالَةِ الشَّيْءِ مَعَ حُصُولِ الاِشْتِبَاهِ.
وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ الاِسْتِنْكَارَ يُوَافِقُ الإِْنْكَارَ فِي مَجِيئِهِمَا بِمَعْنَى الْجَهَالَةِ، وَيَنْفَرِدُ الإِْنْكَارُ بِمَجِيئِهِ بِمَعْنَى الْجَحْدِ، وَيَنْفَرِدُ الاِسْتِنْكَارُ بِمَجِيئِهِ بِمَعْنَى الاِسْتِفْهَامِ عَمَّا يُنْكَرُ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع والثلاثون ، الصفحة / 73
- الْمُنَاقَشَةُ:
الْمُنَاقَشَةُ لُغَةً: يُقَالُ: نَقَشَ الشَّيْءَ نَقْشًا: بَحَثَ عَنْهُ وَاسْتَخْرَجَهُ، وَيُقَالُ: نَقَشَ الشَّوْكَةَ بِالْمِنْقَاشِ، وَنَقَشَ الْحَقَّ مِنْ فُلاَنٍ، وَنَاقَشَهُ مُنَاقَشَةً وَنِقَاشًا اسْتَقْصَى فِي حِسَابِهِ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمُنَاقَشَةِ وَالْمُنَاظَرَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَهْدُفُ إِلَى بَيَانِ وَجْهِ الْحَقِّ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثاني والأربعون ، الصفحة / 360
وَثِيقَةٌ
التَّعْرِيفُ :
الْوَثِيقَةُ فِي اللُّغَةِ: الإْحْكَامُ فِي الأْمْرِ، يُقَالُ: أَخَذَ بِالْوَثِيقَةِ فِي أَمْرِهِ أَيْ بِالثِّقَةِ، وَتَوَثَّقَ فِي أَمْرِهِ مِثْلَهُ، وَالْجَمْعُ وَثَائِقُ.
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ: «وَاخْلَعْ وَثَائِقَ أَفْئِدَتِهِمْ»مِنْ وَثُقَ الشَّيْءُ وَثَاقَةً: قَوِيَ وَثَبُتَ فَهُوَ وَثِيقٌ ثَابِتٌ مُحْكَمٌ، وَالأْنْثَى وَثِيقَةٌ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: مَا يُتَّخَذُ لِتَأْمِينِ الْحُقُوقِ عَنِ الْفَوَاتِ عَلَى أَصْحَابِهَا بِجَحْدٍ، أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ إِفْلاَسٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَخَاطِرِ.
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْحُجَّةُ:
الْحُجَّةُ - بِضَمِّ الْحَاءِ - لُغَةً الدَّلِيلُ وَالْبُرْهَانُ، وَالْجَمْعُ حُجَجٌ.
وَاصْطِلاَحًا: مَا دَلَّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى كَالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ أَوِ الإْقْرَارِ.
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْحُجَّةِ وَالْوَثِيقَةِ: هِيَ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ.
مَشْرُوعِيَّةُ الْوَثِيقَةِ:
الأْصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ).
وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : «الزَّعِيمُ غَارِمٌ».
أَنْوَاعُ الْوَثَائِقِ:
الْوَثَائِقُ بِالْحُقُوقِ الْمَنْصُوصَةِ فِي الآْيَتَيْنِ ثَلاَثَةٌ:
- شَهَادَةٌ، وَرَهْنٌ، وَكِتَابَةٌ.
وَالضَّمَانُ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ.
فَالشَّهَادَةُ لِخَوْفِ الْجَحْدِ، وَالضَّمَانُ وَالرَّهْنُ لِخَوْفِ الإْفْلاَسِ، وَالْكِتَابَةُ لِخَوْفِ النِّسْيَانِ.
مَا تَدْخُلُهُ الْوَثَائِقُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ:
نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ مِنَ الْعُقُودِ مَا يَدْخُلُهُ الرَّهْنُ وَالضَّمَانُ وَالشَّهَادَةُ، كَالْبَيْعِ، وَالسَّلَمِ، وَالْقَرْضِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ الْمُسْتَقِرَّةِ.
وَمِنْهُ مَا يُسْتَوْثَقُ مِنْهُ بِالشَّهَادَةِ لاَ بِالرَّهْنِ: وَهُوَ الْمُسَاقَاةُ، لأِنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ. وَنُجُومُ الْكِتَابَةِ لاَ رَهْنَ فِيهَا وَلاَ ضَمِينَ، لأِنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَقِرٍّ، وَكَذَا الْجَعَالَةُ، وَحَكَى ابْنُ الْقَطَّانِ وَجْهًا أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُهَا الضَّمِينُ.
وَمِنْهُ الْمُسَابَقَةُ إِذَا اسْتَحَقَّ رَهْنُهَا جَازَ الرَّهْنُ وَالضَّمِينُ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: فِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْخِلاَفِ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ أَوْ لاَزِمٌ.
وَمِنْهُ مَا يَدْخُلُهُ الضَّمِينُ دُونَ الرَّهْنِ، وَهُوَ ضَمَانُ الدَّرْكِ.
وَقَدِ اسْتَدْرَكَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَلَى حَصْرِ الْوَثَائِقِ فِيمَا سَبَقَ بِأُمُورٍ مِنْهَا:
الْحَبْسُ عَلَى الْحُقُوقِ إِلَى الْوَفَاءِ أَوْ حُضُورِ الْغَائِبِ، وَإِفَاقَةِ الْمَجَانِينِ، وَبُلُوغِ الصِّبْيَانِ.
وَمِنْهَا حَبْسُ الْمَبِيعِ، حَتَّى يُقْبَضَ الثَّمَنُ، وَمِنْهَا: امْتِنَاعُ الْمَرْأَةِ عَنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا، حَتَّى تَقْبِضَ الْمَهْرَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.
حُكْمُ الْوَثَائِقِ:
الشَّهَادَةُ:
الشَّهَادَةُ مِنْ أَهَمِّ الْوَثَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ الإْشْهَادِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي عُقُودِ النِّكَاحِ أَمْ فِي عُقُودِ الْمُعَامَلاَتِ.
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (شَهَادَة ف 30، تَوْثِيق ف 7)
ب - الْكِتَابَةُ:
كِتَابَةُ الْمُعَامَلاَتِ الَّتِي تُجْرَى بَيْنَ النَّاسِ وَسِيلَةٌ لِتَوْثِيقِهَا، وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الأْمْرُ بِهَا فِي قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَاتَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ).
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْكِتَابَةِ: فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الأْمْرَ بِالْكِتَابَةِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ. وَقَالُوا: إِنَّنَا نَرَى جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ دِيَارِ الإْسلاَمِ يَبِيعُونَ بِالأْثْمَانِ الْمُؤَجَّلَةِ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ وَلاَ إِشْهَادٍ، وَذَلِكَ إِجْمَاعٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا، وَالأْمْرُ نَدْبٌ إِلَى حِفْظِ الأْمْوَالِ وَإِزَالَةِ الرَّيْبِ.
وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ كَتْبَ الدُّيُونِ وَاجِبٌ عَلَى أَرْبَابِهَا فَرْضٌ بِهَذِهِ الآْيَةِ بَيْعًا كَانَ أَوْ قَرْضًا لِئَلاَّ يَقَعَ جَحْدٌ أَوْ نِسْيَانٌ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ.
(ر: تَوْثِيقٌ ف 12).
حِكْمَةُ الْكِتَابَةِ وَالشَّهَادَةِ:
أَمَرَ اللَّهُ فِي آيَةِ الْمُدَايَنَةِ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْكِتَابَةُ بِقَوْلِهِ (فَاكْتُبُوهُ)، وَالثَّانِي: الاِسْتِشْهَادُ، بِقَوْلِهِ: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ) وَفَائِدَةُ الْكِتَابَةِ وَالإْشْهَادِ أَنَّ مَا يَدْخُلُ فِيهِ الأْجَلُ وَتَتَأَخَّرُ فِيهِ الْمُطَالَبَةُ يَتَخَلَّلُهُ النِّسْيَانُ، وَيَدْخُلُهُ الْجَحْدُ، فَصَارَتِ الْكِتَابَةُ كَالسَّبَبِ لِحِفْظِ الْمَالِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، لأِنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ حَقَّهُ قَدْ قُيِّدَ بِالْكِتَابَةِ وَالإْشْهَادِ عَلَيْهَا تَحَرَّزَ عَنْ طَلَبِ الزِّيَادَةِ وَمِنْ تَقْدِيمِ الْمُطَالَبَةِ عَلَى حُلُولِ الأْجَلِ، وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إِذَا عَرَفَ ذَلِكَ تَحَرَّزَ مِنَ الْجُحُودِ، وَأَخَذَ قَبْلَ حُلُولِ الأْجَلِ فِي تَحْصِيلِ الْمَالِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ أَدَائِهِ وَقْتَ حُلُولِ الأْجَلِ، فَلَمَّا حَصَلَ فِي الْكِتَابَةِ وَالإْشْهَادِ هَذِهِ الْفَوَائِدُ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ.
ج - الرَّهْنُ:
الرَّهْنُ هُوَ الْمَالُ الَّذِي يُجْعَلُ وَثِيقَةً بِالدَّيْنِ لِيُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِهِ إِنْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ.
وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (رَهْن ف 4، تَوْثِيق ف 14)
د - الضَّمَانُ:
الضَّمَانُ: هُوَ مِنْ وَسَائِلِ التَّوْثِيقِ، وَهُوَ ضَمُّ ذِمَّةِ الضَّامِنِ إِلَى ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فِي الاِلْتِزَامِ بِالْحَقِّ فَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِمَا جَمِيعًا.
وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَلاَ جَرَمَ أَنَّ هَذَا يَزِيدُ الثِّقَةَ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (ضَمَان ف 28، تَوْثِيق ف 15)

