1- حصول الإنكار أو سلوك طريق الإدعاء بالتزوير لا يعدو أى منهما أن يكون وسيلة دفاع فى ذات موضوع الدعوى فالسير فى تحقيقه لا يكون إلا من قبيل تمحيص الدليل المطروح على المحكمة ، وإذا كان الادعاء بتزوير محرر مانعاً بعد ذلك من الطعن بالإنكار أو الجهالة ، فإن الطعن بهما لا يحول دون أن يسلك ذوو الشأن بعد ذلك طريق الادعاء بالتزوير ما دام أن المحكمة لم تحسم النزاع أو الخلف الذى حصل بشأن الادعاء بالتزوير ، أما إذا كانت قد حسمت النزاع بين الخصوم بشأن الورقة المطعون فيها بالإنكار أو التجهيل بأن قضت بصحتها أو بعدم صحتها ، فإن ذلك يكون منها قضاء فى شق من الدعوى مطروح عليها ، ولا يجوز لصاحب الشأن بعد ذلك أن يسلك سبيل الادعاء بالتزوير إلا إذا كان هذا الادعاء يتناول وقائع جديدة لم يتناولها التحقيق الذى حصل عند الانكار بما مؤداه أن الادعاء بالتزوير إذا كان عن ذات الوقائع التى سبق الطعن فيها بالإنكار أو الجهالة التى انحسم النزاع القائم بشأنها بحكم من القضاء فلا سبيل إلى إعادة طرحها على المحكمة من جديد بعدما استنفدت ولايتها فى هذا النزاع بحكم مقيد لها ، ويكون الادعاء بالتزوير الحاصل بعد ذلك غير مقبول .
(الطعن رقم 3466 لسنة 65 جلسة 1997/11/13 س 48 ع 2 ص 1233 ق 229)
2- كان الثابت من الأوراق أن الطاعنين قد دفعوا بالجهالة وبإنكار توقيع مورثتهم على العقد محل التداعى ، وإذ أخفقوا فى دفعهم أمام محكمة الاستئناف بقضائها الحاصل بتاريخ 1994/2/22 برفضه وبصحة هذا التوقيع ، عادوا وإدعّوا تزوير صلب المحرر وركنوا فى ادعائهم إلى وجود كشط فى عباراته ، وأن المطعون ضده حصل على توقيع مورثتهم غشاً على بياض ثم قام بملء بيانات الورقة المثبت عليها هذا التوقيع بعبارات العقد ، فإن الادعاء بالتزوير على هذا النحو يتناول كيفية وصول توقيع المورثة من يدها إلى المحرر الذى يحتج به المطعون ضده قبل ورثتها الطاعنين وهو ما لم يشمله التحقيق الذى حصل عند الإنكار مما كان يوجب على المحكمة النظر فيه ، لأنه لو صح لتغير به وجه الحكم فى الدعوى ، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن تناول هذا الادعاء بالتزوير وأدلته المطروحة بالبحث والتمحيص وقضى بعدم قبوله على سند سبق طعن الطاعن الأول وحده بجهالة التوقيع وثبوت صحة هذا التوقيع ، بما يعد اعترافاً بصحة المحرر ، فإنه يكون قد جانب صحيح القانون ، وران عليه القصور المبطل .
(الطعن رقم 3466 لسنة 65 جلسة 1997/11/13 س 48 ع 2 ص 1233 ق 229)
3- مناط السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع فى إستخلاص كيدية اليمين الحاسمة ومنع توجيهها ، أو إستخلاص عدم جدية الدفع بالجهالة ورفضه دون تحقيق صحة التوقيع المنسوب للمورث ، أن يكون هذا الإستخلاص سائغاً وله أصل ثابت فى وقائع الدعوى ومستنداتها ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد إستخلص من مجرد إقرار الطاعنة الأولى بصحة بصمتها على الورقة محل النزاع أن اليمين الحاسمة التى طلبت توجيهها إلى المطعون ضده - بشأن حقيقة مضمون هذه الورقة وقبضها الثمن المبين فيها - يمين كيدية ، وأن دفع الطاعنتين بالجهالة بالنسبة لبصمة الختم المنسوبة لمورثتها على العقد هو دفع غير جدى ، وأخذ بالعقد بناء على ذلك ، دون توجيه اليمين الحاسمة ولا يمين عدم العلم ، ودون تحقيق بصمة الختم المنسوبة للمورثة عليه - فى حين أن إقرار الطاعنة الأولى بصحة بصمة إصبعها على ورقة العقد وإن كان يكفى حجة على أنها إرتضت مضمون هذه الورقة وإلتزمت به إلا أنه - وقد أدعت أنه مختلس منها غشاً - لا يبرر مصادرة حقها فى إثبات هذا الإدعاء ، ولا يفيد أنها متعسفة فى إستعمال حقها هذا بالإحتكام إلى ذمة أخيها باليمين الحاسمة - كما أنه لا يدل بحال على صحة بصمة الختم المنسوب للمورثة لإختلاف الأمرين وعدم ترتب أحدهما على الأخر - فإن الحكم يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وأقام قضاءه على إعتبارات غير سائغة وليس من شأنها أن تؤدى إلى ما إنتهى إليه وشابه بذلك فساد فى الإستدلال .
(الطعن رقم 2507 لسنة 56 جلسة 1989/03/28 س 40 ع 1 ص 877 ق 153)
4- صاحب التوقييع على الورقة العرقية إذا لجأ إلى طريق الادعاء بالتزوير ولم يقف عند حد الإنكار ، كان عليه إثبات هذا التزوير ، ولا يكون على المتمسك بالورقة إثبات صحتها ، ولا يستطيع من نسب إليه التوقيع أن يلجأ بعد ذلك ألى الإنكار ليسقط حجية الورقة ، ويحمل المتمسك بها عبء إثبات صدورها ، كما لا يستطيع الوارث أو الخلف الالتجاء إلى الإنكار أو التجهيل بعد أن أسقط سلفه حقه فيه بالادعاء بالتزوير . وإذ كان الواقع فى الدعوى أنها أقيمت على مورث الطاعن وأن الحاضر عنه طعن على عقد البيع الذى يحمل توقيعه بالتزوير ، وأن الطاعن أختصم بعد وفاة المورث وتمسك بأنه يجهل توقيع المورث ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة فى قضائه بعدم قبول الطعن بالإنكار من جانب الطاعن بعد الادعاء بالتزوير - من جانب مورثه - فإن النعى عليه فيما أورده من تقريرات خاطئة يكون غير منتج .
(الطعن رقم 244 لسنة 36 جلسة 1973/01/11 س 24 ع 1 ص 62 ق 13)
5- مقتضى نص المادة 394 من القانون المدنى أنه يكفى بالنسبة للوارث الذى يدفع بعدم الإحتجاج عليه بالورقة العرفية المنسوب إلى مورثه التوقيع عليها أن يحلف يمينا بأنه لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هى لهذا المورث ، ولا يقبل من ذلك الوارث الطعن بالجهالة على هذه الورقة متى أقر بأن الختم الموقع به عليها صحيح ، بل يجب عليه فى هذه الحالة أن يسلك السبيل الذى رسمه القانون للطعن عليها بالتزوير . وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه إستظهر من دفاع الطاعن بأن هذه الورقة مصطنعة إنما يعنى الإدعاء بتزويرها ولم يسلك الطاعن من أجله سبيل الطعن عليها بالتزوير طبقا لما تقضى به المواد من 281 - 290 من قانون المرافعات السابق . وكانت محكمة الإستئناف لم تر من حالة الورقة ومن ظروف الدعوى ما يشككها فى صحتها لتحكم من تلقاء نفسها بتزويرها عملاً بالرخصة المخولة لها بالمادة 290 من قانون المرافعات السابق . فإن النعى على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون فى هذا الخصوص يكون غير سديد .
(الطعن رقم 72 لسنة 35 جلسة 1969/03/11 س 20 ع 1 ص 404 ق 65)
6- لا يتعين على منكر التوقيع بالختم أن يسلك سبيل الطعن بالتزوير إلا إذا أقر بصحة الختم أو ثبت للمحكمة صحته من الأدلة التى قدمها المتمسك بالورقة فاذا لم تتوافر إحدى هاتين الحالتين كان الطعن بالإنكار جائزاً وكان للمحكمة أن تفصل فيه لما تقضى به المادة 262 مرافعات التى تجيز الإحالة إلى التحقيق بالمضاهاة أو بشهادة الشهود كما لها ألا تسلك أحد هذين الطريقين و أن تقضى بعدم صحة الورقة إذا ثبت لها مما قدم إليها من أدلة أنها غير صحيحة وأنها لم تصدر ممن نسبت إليه .
(الطعن رقم 219 لسنة 24 جلسة 1958/06/24 س 9 ع 1 ص 633 ق 80)
إجراءات تقرير حقيقة أو تزوير المحرر :
إذا أنكر من ينسب صدور محرر عرفي صراحة خطه أو إمضاءه أو ختمه أو بصمة أصبعه أو أنكر ذلك خلفه أو نائبه ، فلا تكون للمحرر قوته في الإثبات إلا إذا أثبت من يتمسك به صدوره ممن ينسب إليه، ويكفي بالنسبة للوارث نفى علمه - مصحوباً باليمين - بأن الخط أو الإمضاء أو البصمة أو الختم هو لمورثه (14/ 2 إثبات) دون حاجة للإنكار صراحة ، ودون حاجة للإدعاء بالتزوير . ولكن يتعين على المتمسك بالورقة إثبات صدورها من المورث .
فإذا لم يحدث إنكار للمحرر ، كان للمحرر العرفي قوته في الإثبات إلا إذا أثبت من ينسب إليه تزويره، وعلى العكس ، فإن للمحرر الرسمي قوته - دائماً - في الإثبات حتى يثبت تزويره، فتقرير صدور المحرر ممن ينسب إليه لا يكون إلا بالنسبة للمحررات العرفية ، ويقع عبء إثباته على المتمسك بالمحرر، أما تقرير تزوير المحرر فقد يكون بالنسبة للمحررات العرفية أو الرسمية ، ويقع عبء إثباته على المتمسك ضده بالمحرر) (29 إثبات). علی أنه يلاحظ أنه إذا لجأ من ينسب إليه المحرر العرفي إلى طريق الإدعاء بالتزوير ، فإن عليه عبء إثباته، ولا يكون على المتمسك بهذا المحرر - عندئذ - عبء إثبات صحته، ولا يستطيع من ينسب إليه المحرر العرفي أن يلجأ بعد إدعائه بالتزوير إلى طريق الإنكار لإسقاط قوة المحرر وتحميل المتمسك به عبء إثبات صدوره ممن ينسب إليه، كما لا يستطيع الوارث أو الخلف الإلتجاء إلى التجهيل أو الإنكار بعد أن أسقط سلفه حقه في الإدعاء بالتزوير .
وقد رسم القانون من أجل إثبات صدور المحرر ممن ينسب إليه ، أي من أجل إثبات أن الكتابة أو التوقيع له، إجراءات معينة يطلق عليها إجراءات تحقيق الخطوط، كما رسم القانون من أجل إثبات تزوير المحرر إجراءات معينة تسمى إجراءات الإدعاء بالتزوير . ويلاحظ أن الهدف من الطريق الأول هو إثبات أن محرراً ما هو حقيقة محرر عرفي ، وأن الهدف من الطريق الثاني هو إثبات أن محرراً ما ليس في الحقيقة - كما يبدو - محرراً عرفياً أو رسمياً، فهي مشكلة تتعلق بإثبات أو نفي دليل الإثبات في الخصومة . ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 162 )
فالإنكار إنما يرد علي الأوراق العرفية ، أما إدعاء التزوير فيرد على جميع الأوراق الرسمية والعرفية ومعنى ذلك أن الورقة العرفية تحتمل الطعن بالتزوير والإنكار فلصاحب التوقيع أن يكون هو المهاجم ، فيطعن في الورقة العرفية بالتزوير ، ويقع عليه عندئذٍ عبء الإثبات وله أن يقتصر علي إنكار الورقة ، فيلجأ المحتج بها إلى إجراءات تحقيق الخطوط ، ويقع عليه هو لا على صاحب التوقيع عبء الإثبات، أما إذا كانت الورقة رسمية ، فلا يستطيع صاحب التوقيع إنكار صدورها منه إلا إذا طعن في الورقة بالتزوير، والذي يبرر هذا الفرق في الحكم بين الورقة الرسمية والورقة العرفية أن الورقة الرسمية تحمل توقيع الموظف العام الذي وثقها، وفي هذا الموظف من الضمانات ، بل هي ورقة تحمل توقيعاً يقول المتمسك بها أنه توقيع خصمه ، فإذا أنكره هذا الخصم لم يكن عليها هو أن يحمل عبء الإثبات بل المتمسك بالورقة هو الذي يحمل هذا العبء فيثبت أن الورقة صادرة حقاً من صاحب التوقيع عن طريق إجراءات تحقيق الخطوط.
وقد يعترف المدين ببصمة الختم ولكنه ينكر أنه وقع به علي الورقة وهذا يحدث كثيراً لأن الختم منفصل عن صاحبه والرأي السائد في الفقه أن من يقر ببصمة ختمه لا يجوز له أن ينكر التوقيع بالختم إلا إذا سلك طريق الطعن بالتزوير . ( الوسيط للدكتور السنهوري ، الجزء الثاني ، الطبعة الثانية ، المجلد الأول ص 250 وما بعدها ).
غير أن الأستاذ أحمد نشأت يخالف الرأي الأخير ويري أن لصاحب الختم أن يطعن بالإنكار علي الورقة رغم اعترافه بأن الختم الموقع به هو ختمه إذا ادعى أن بصمة الختم قد اختلست منه ، وذلك استناداً إلى أن البصمة لا تكون صحيحة إلا إذا كانت قد وقعت بمعرفة صاحب الختم نفسه أو حصل ذلك بعلمه ورضائه لأن الإمضاء الصحيح لا يحصل إلا من نفس صاحبه . (رسالة الإثبات للأستاذ نشأت ، الطبعة الخامسة ص 195 وما بعدها).
وكانت محكمة النقض في أحكامها القديمة تعتنق الرأي الأول إلا أنه يبدو أنها في أحكامها الحديثة بدأت تميل للرأي الآخر ( الحكم رقم 6). ( التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية، الجزء : الأول ، الصفحة : 260 )
الطعن بالإنكار والإدعاء بالتزوير :
الإنكار يرد على المحررات العرفية، أما الإدعاء بالتزوير فيرد على المحررات العرفية والرسمية فيجوز لصاحب التوقيع على المحرر العرفي أن ينكر توقيعه، وعندئذٍ يقع عبء إثبات صحة التوقيع على خصمه، ويستطيع في ذات الوقت أن يطعن بالتزوير على توقيعه فيكون هو المهاجم ويقع على عاتقه عبء إثبات عدم صحة توقيعه .
أما إذا كان المحرر رسمياً فلا يستطيع صاحب التوقيع إنكار صدوره منه إلا بالطعن بالتزوير .
والذي يبرر هذا الفرق في الحكم بين المحرر الرسمي والمحرر العرفي، أن المحرر الرسمی يحمل توقيع الموظف العام الذي وثقه، وفي هذا الموظف من الضمانات وعليه من المسئولية ما يسمح بإفتراض صحة صدور المحرر من صاحب التوقيع، فإذا أراد هذا أن ينكر صدور المحرر منه، فعليه هو عبء الإثبات ولا سبيل له إلا بالطعن بالتزوير أما المحرر العرفي فلا يتوافر فيه هذه الضمانات، بل هو محرر يحمل توقيعاً يقول المتمسك به أنه توقيع خصمه، فإذا أنكر هذا الخصم لم يكن عليه هو أن يحمل عبء الإثبات، بل المتمسك بالمحرر هو الذي يتحمل هذا العبء فيثبت أن المحرر صادر حقاً من صاحب التوقيع عن طريق إجراءات تحقيق الخطوط .
وبهذا النص لم يشأ المشرع أن يأخذ بالرأي القائل بأن الأصل في الإدعاء بالتزوير أن يرد على المحررات الرسمية وأنه لا يتوجه على المحررات العرفية إلا حيث يكون الإدعاء بالإنكار غير جائز لأنه إذا كان الغالب أن من الخير لمن يتمسك عليه بمحرر عرفي أن ينكره بدلاً من الإدعاء بالتزوير حتى لا يتحمل عبء إثبات تزويره وحتى يحمل المتمسك به عبء إثبات صحته، فقد أراد المشرع أن يترك الخيار بين الطريقين للخصم نفسه فقد تكون له مصلحة في إيثار طريق الإدعاء بالتزوير على فيه من وعوره، كما إذا أراد أن يظهر بمظهر حاسم يدفع التشويش الذي يضر به من المتمسك عليه بالمحرر .
كما قد يرى المعترض أن مصلحته في سلوك الإدعاء بالتزوير بما يترتب عليه من إبلاغ النيابة العامة والظهور بمظهر إسم يدفع التشويش الذي يضر بمصلحته من الاحتجاج عليه بالمحرر، ثم قد يكون من مصلحته البدء بالطعن بهذا الطريق خشية أن يضطر إليه فيما بعد بسبب المنازعة في حقه في الإنكار واحتمال أن تلزمه المحكمة بإتباع إجراءات الإدعاء بالتزوير .
حالات للمحرر العرفي يجب فيها سلوك طريق الإدعاء بالتزوير :
أ) - الإقرار بالخط أو التوقيع أو بصمة الإصبع والختم إنكار صدورها ممن نسبت إليه :
إذا أقر من يشهد عليه المحرر العرفي بخطه أو توقيعه أو بصمة إصبعه أو بصمة الختم ، ولكنه أنكر صدور الخط أو التوقيع أو البصمة منه، فلا يجوز له التنصل من ذلك إلا بطريق الإدعاء بالتزوير، فيكون له إثبات ما يدعيه .
ويسري هذا أيضاً على الوارث إذا أقر بالخط أو الإمضاء أو بصمة الإصبع أو بصمة الختم، فلا يقبل منه بعد ذلك الطعن بالجهالة وإنما يجب عليه سلوك طريق الإدعاء بالتزوير إذا شاء .
(ب) المحررات العرفية التي حكم بصحة التوقيع عليها، إذا ما أدعى من يحتج عليه بالمحرر حصول تغيير مادي في صلبه بالمحو أو الزيادة.
(ج) المحررات العرفية التي يناقش الخصم موضوعها فلا يجوز الخصم الذي يحتج عليه بمحرر فيناقش موضوعه أن ينكره بعد ذلك، أي لا يجوز أن ينكر الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة المنسوب له عليه وقد نص على ذلك في الفقرة الثانية من المادة 14 من قانون الإثبات كما رأينا سلفاً، وهي فقرة مضافة لما نصت عليه المادة 294 من قانون المرافعات الملغي، وحكمة هذا النص المستحدث أن الخصم الذي لا ينكر محرراً يحتج به عليه ويخوض في مناقشة موضوعه يدل بعمله هذا على تسليمه بصحة نسبة المحرر إليه فلا يقبل منه بعد ذلك أن ينكره لما يفيده ذلك من استشعاره لضعف مركزه في الدعوى ومن الرغبة في استغلال نصوص القانون في نقل عبء الإثبات إلى المتمسك بالورقة، ومن الكيد والمطل وهو ما يصح تمكينه منه .
ولكن امتناع إنكار المحرر بعد مناقشة موضوعه، لا يسقط حقه من يحتج عليه بالمحرر في الإدعاء بتزويره سواء من حيث التوقيع عليه أو من حيث ما جاء في صلبه .
(د) المحررات العرفية المصدق على التوقيع عليها من مكاتب التوثيق، إذا ما أدعى من يحتج عليه بالمحرر عدم توقيع الشخص المنسوب صدور الورقة منه وتبرير ذلك، أن التصديق على التوقيع في هذه الحدود بمثابة محرر رسمى .
(هـ) الإعتراف بصحة التوقيع والمنازعة في صحة ما اشتملت عليه الورقة، بإعتباره مخالفاً لما حصل الإتفاق عليه أو إذا كان هناك تغيير مادي في الكتابة وكان المحرر بخط شخص آخر .
(و) إذا كان المحرر قد سبق إنكاره وحكم بصحته بعد إتباع إجراءات تحقيق الخطوط أو إذا كان المدعي قد تخلف عن الحضور في دعوى تحقيق الخطوط الأصلية أو الفرعية وإتخذ غيابه أساساً للحكم بصحة المحرر .
(أنظر في التفصيل شرح المادتين 34 ، 47) .
لا يجوز اللجوء إلى الإنكار بعد الإدعاء بالتزوير :
إذا لجأ صاحب الخط أو الإمضاء أو البصمة على المحرر العرفي إلى طريق الإدعاء بالتزوير، ولم يقف عند حد الإنكار، كان عليه إثبات هذا الإدعاء، ولا يكون على المتمسك بالمحرر إثبات صحته، ولا يستطيع من نسب إليه الخط أو الإمضاء أو البصمة أن يلجأ بعد ذلك إلى الإنكار ليسقط حجية المحرر، ويحمل المتمسك به عبء إثبات صدوره .
كما لا يستطيع الوارث أو الخلف الإلتجاء إلى الإنكار أو التجهيل إذا كان سلفه قد أسقط حقه فيه بالإدعاء بالتزوير .
هل يجوز الإدعاء بالتزوير بعد الطعن بالإنكار ؟
إذ طعن الخصم على توقيعه بالإنكار ومضت المحكمة في تحقيق الطعن دون أن تحسم النزاع في شأنه، فذلك لا يمنع ذات الخصم من الإدعاء بالتزوير وحينئذٍ تنهى المحكمة إجراءات الطعن بالإنكار وتسير في إجراءات تحقيق الإدعاء بالتزوير. أما إذا كانت المحكمة قد حسمت النزاع بين الخصوم بشأن المحرر المطعون فيه بالإنكار أو التجهيل بأن قضت بصحته أو عدم صحته، فإن ذلك يكون منها قضاء في شق من الدعوی مطروح عليها، ولا يجوز لصاحب الشأن بعد ذلك أن يسلك سبيل الإدعاء بالتزوير - وفقاً لقضاء محكمة النقض - إلا إذا كان هذا الإدعاء يتناول وقائع جديدة لم يتناولها التحقيق الذي حصل عند الإنكار . ( موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود، المجلد : الثاني ، الصفحة : 727 )
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 135 ، 136
(مادة 100) :
إنكار الخط، أو الختم، أو الإمضاء، أو بصمة الأصبع - يرد على المحررات غير الرسمية، أما إدعاء التزوير فيرد على جميع المحررات الرسمية وغير الرسمية .
( م (29) إثبات مصري، و(37) بینات سوري، و(24) إثبات سوداني، و(139) - (140) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية).
المذكرة الإيضاحية :
تفرق هذه المادة بين المحرر العرفي والمحرر الرسمي فالمحرر العرفي يحتمل الإنكار والطعن بالتزوير، فلصاحب التوقيع أن يقتصر على الإنكار، فيلجأ المحتج بها إلى إجراءات تحقيق الخطوط، ويقع عليه لا على صاحب التوقيع عبء الإثبات، وله أن يطعن في الورقة بالتزوير ويقع عليه عندئذ عبء الإثبات. أما المحرر الرسمي فلا سبيل إلا الطعن بالتزوير. ومرجع التفرقة بين النوعين من المحررات أن الورقة الرسمية تحمل توقيع الموظف العام الذي وثقها، وفي هذا الموظف من الضمانات وعليه من المسئولية ما يسمح بافتراض صحة صدور الورقة الرسمية ممن وقع عليها، فإذا أراد الطعن فيها فسبيله الطعن بالتزوير وعليه عبء الإثبات، بخلاف المحرر العرفي فلا يتوافر فيه هذه الضمانات، فإذا أنكر المنسوب إليه التوقيع توقيعه فعلى التمسك بالمحرر أن يثبت صحته عن طريق إجراءات تحقيق الخطوط .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الأول ، الصفحة / 246
حُجِّيَّةُ الْخَطِّ وَالْخَتْمِ :
مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَوَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلاَثَةٍ لِلإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِالْخَطِّ إِذَا وُثِقَ بِهِ وَلَمْ تُوجَدْ فِيهِ رِيبَةٌ مِنْ مَحْوٍ أَوْ كَشْطٍ أَوْ تَغْيِيرٍ، وَذَلِكَ فِي الأَْمْوَالِ وَمَا يُشْبِهُهَا مِمَّا يَثْبُتُ مَعَ الشُّبْهَةِ، كَالطَّلاَقِ وَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ. وَهَذَا فِي الْمُعَامَلاَتِ بَيْنَ النَّاسِ.
أَمَّا مَا يَجِدُهُ الْقَاضِي فِي السِّجِلاَّتِ السَّابِقَةِ عَلَى تَوَلِّيهِ فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلاَثَةٍ لِلإْمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يَعْمَلُ بِمَا فِيهَا إِذَا انْتَفَتِ الرِّيبَةُ.
وَبِالنِّسْبَةِ لِمَا وَجَدَ فِي السِّجِلاَّتِ الَّتِي تَمَّتْ فِي عَهْدِهِ فَالْفُقَهَاءُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ إِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ خَطُّهُ، وَذَكَرَ الْحَادِثَةَ، فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِهِ وَيَنْفُذُ. وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إِذَا أَنْكَرَ السَّنَدَ مَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا فِيهِ.
وَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ إِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ خَطُّهُ يَعْمَلُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ الْحَادِثَةَ .
وَمَنْ يَتَتَبَّعْ أَقْوَالَ الْفُقَهَاءِ جَمِيعًا فِي حُجِّيَّةِ الْخَطِّ وَالْخَتْمِ يَتَبَيَّنْ لَهُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ هُوَ الاِسْتِيثَاقُ مِنْ صِحَّةِ الْكِتَابَةِ، وَعَدَمِ وُجُودِ شُبْهَةٍ فِيهَا، فَإِنِ انْتَفَتْ عَمِلَ بِهَا وَنَفَذَتْ، وَإِلاَّ فَلاَ.
وَقَدِ اسْتُحْدِثَتْ نُظُمٌ وَآلاَتٌ يُمْكِنُ بِوَاسِطَتِهَا اكْتِشَافُ التَّزْوِيرِ فِي الْمُسْتَنَدَاتِ. فَإِنْ طُعِنَ عَلَى سَنَدٍ مَا بِالتَّزْوِيرِ أَمْكَنَ التَّحْقِيقُ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا مَا تَجْرِي عَلَيْهِ الْمُحَاكِمُ الآْنَ. وَلَيْسَ فِي قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ مَا يَمْنَعُ مِنْ تَطْبِيقِ النُّظُمِ الْحَدِيثَةِ إِذْ هِيَ لاَ تُخَالِفُ نَصًّا شَرْعِيًّا، وَلاَ تُجَافِي مَا وَضَعَهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ قَوَاعِدَ وَضَوَابِطَ رَأَوْهَا مُنَاسِبَةً فِي أَزْمِنَتِهِمْ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السابع ، الصفحة / 51
إِنْكَارٌ
التَّعْرِيفُ:
- الإْنْكَارُ لُغَةً: مَصْدَرُ أَنْكَرَ وَيَأْتِي فِي اللُّغَةِ لِثَلاَثَةِ مَعَانٍ:
الأْوَّلُ : الْجَهْلُ بِالشَّخْصِ أَوِ الشَّيْءِ أَوِ الأْمْرِ. تَقُولُ: أَنْكَرْتُ زَيْدًا وَأَنْكَرْتُ الْخَبَرَ إِنْكَارًا، وَنَكَّرْتُهُ، إِذَا لَمْ تَعْرِفْهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُون.)
وَقَدْ يَكُونُ فِي الإِْنْكَارِ مَعَ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ بِالشَّيْءِ النَّفْرَةُ مِنْهُ وَالتَّخَوُّفُ، وَمِنْهُ قوله تعالي (فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) أَيْ تُنْكِرُكُمْ نَفْسِي وَتَنْفِرُ مِنْكُمْ، فَأَخَافُ أَنْ تَطْرُقُونِي بِشَرٍّ.
الثَّانِي : نَفْيُ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى، أَوِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ.
وَالثَّالِثُ: تَغْيِيرُ الأَْمْرِ الْمُنْكَرِ وَعَيْبُهُ وَالنَّهْيُ عَنْهُ. وَالْمُنْكَرُ هُوَ الأَْمْرُ الْقَبِيحُ، خِلاَفُ الْمَعْرُوفِ. وَاسْمُ الْمَصْدَرِ هُنَا (النَّكِيرُ)، وَمَعْنَاهُ (الإِْنْكَارُ) أَمَّا فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ فَيَرِدُ اسْتِعْمَالُ (الإِْنْكَارِ) بِمَعْنَى الْجَحْدِ، وَبِمَعْنَى تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ، وَلَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى وُرُودِهِ بِمَعْنَى الْجَهْلِ بِالشَّيْءِ فِي كَلاَمِهِمْ.
الإِْنْكَارُ بِمَعْنَى الْجَحْدِ
الْمُقَارَنَةُ بَيْنَ الإِْنْكَارِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَالْجَحْدِ وَالْجُحُودِ:
- سَاوَى بَعْضُ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ الإِْنْكَارِ وَبَيْنَ الْجَحْدِ وَالْجُحُودِ. قَالَ فِي اللِّسَانِ: الْجَحْدُ وَالْجُحُودُ نَقِيضُ الإِْقْرَارِ، كَالإِْنْكَارِ وَالْمَعْرِفَةِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْجُحُودُ الإِْنْكَارُ مَعَ الْعِلْمِ. يُقَالُ: جَحَدَهُ حَقَّهُ وَبِحَقِّهِ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :
أ - النَّفْيُ :
النَّفْيُ يَكُونُ بِمَعْنَى الإِْنْكَارِ أَوِ الْجَحْدِ، وَهُوَ مُقَابِلُ الإِْيجَابِ: وَقِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَ النَّفْيِ وَبَيْنَ الْجَحْدِ أَنَّ النَّافِيَ إِنْ كَانَ صَادِقًا سُمِّيَ كَلاَمُهُ نَفْيًا وَلاَ يُسَمَّى جَحْدًا، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا سُمِّيَ جَحْدًا وَنَفْيًا أَيْضًا، فَكُلُّ جَحْدٍ نَفْيٌ. وَلَيْسَ كُلُّ نَفْيٍ جَحْدًا. ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ. قَالُوا: وَمِنْهُ قوله تعالي وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا .
ب - النُّكُولُ :
النُّكُولُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ الْحَلِفِ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي الدَّعْوَى، بِقَوْلِهِ: أَنَا نَاكِلٌ، أَوْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي: احْلِفْ، فَيَقُولَ: لاَ أَحْلِفُ. أَوْ سَكَتَ سُكُوتًا يَدُلُّ عَلَى الاِمْتِنَاعِ.
ج - الرُّجُوعُ :
الرُّجُوعُ عَنِ الشَّيْءِ تَرْكُهُ بَعْدَ الإْقْدَامِ عَلَيْهِ.
فَالرُّجُوعُ فِي الشَّهَادَةِ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ أَبْطَلْتُ شَهَادَتِي، أَوْ فَسَخْتُهَا، أَوْ رَدَدْتُهَا. وَقَدْ يَكُونُ الرُّجُوعُ عَنِ الإِْقْرَارِ بِادِّعَاءِ الْغَلَطِ وَنَحْوِهِ.
د - الاِسْتِنْكَارُ :
الاِسْتِنْكَارُ يَأْتِي بِمَعْنَى عَدِّ الشَّيْءِ مُنْكَرًا، وَبِمَعْنَى الاِسْتِفْهَامِ عَمَّا تُنْكِرُهُ، وَبِمَعْنَى جَهَالَةِ الشَّيْءِ مَعَ حُصُولِ الاِشْتِبَاهِ.
وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ الاِسْتِنْكَارَ يُوَافِقُ الإِْنْكَارَ فِي مَجِيئِهِمَا بِمَعْنَى الْجَهَالَةِ، وَيَنْفَرِدُ الإِْنْكَارُ بِمَجِيئِهِ بِمَعْنَى الْجَحْدِ، وَيَنْفَرِدُ الاِسْتِنْكَارُ بِمَجِيئِهِ بِمَعْنَى الاِسْتِفْهَامِ عَمَّا يُنْكَرُ.

