loading

موسوعة قانون المرافعات

الأحكام

1- مؤدى نص المادة 30 من قانون الإثبات أن قاضى الموضوع غير ملزم فى حالة طعن الوارث بالجهالة على توقيع أو ختم مورثه اتباع إجراءات التحقيق المنصوص عليها فى هذه المادة متى وجد فى وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفى لاقتناعه بأن التوقيع أو الختم صحيح وبعدم جدية الإنكار أو إدعاء الجهالة إلا أن ذلك مشروط بأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تؤدى إلى ما انتهى إليه .

(الطعن رقم 8558 لسنة 64 جلسة 2005/03/28 س 56 ص 320 ق 55) 

2- النص فى المادة 30 من قانون الإثبات على انه " إذا أنكر من يشهد عليه المحرر خطة أو مضائه أو ختمه أو بصمة إصبعه أو أنكر ذلك خلفة أو نائبه وكان المحرر منتجاً فى النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدة المحكمة فى شأن صحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمه إصبعه أمرت المحكمة بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما ". يدل على أن قاضى الموضوع غير ملزم بالالتجاء إلى تحقيق الخطوط بطريق المضاهاة أو بسماع الشهود أو بكيلهما إلا إذا لم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدته فى شأن صحة الخط أو الإمضاء أو الختم فإن كانت كافية لتكوين هذه العقيدة جاز له أن يحكم بصحة الورقة أو يحكم بردها وبطلانها إذا ظهر له بجلاء أو من ظروف الدعوى أنها مزورة، وذلك على ما تقضى به المادتان 30،58 من قانون الإثبات وكل ما يتطلبه القانون فى هذه الحالة أن يبين فى حكمة الظروف والقرائن التى استبان منها ذلك، وإذ كان يبين من أسباب الاستئناف أن الطاعن تمسك بإنكاره التوقيع المنسوب إليه على السنوات محل التداعى وإذ جاء الحكم المطعون فيه ولم يعرض لدفاع الطاعن بالإنكار على توقيعه وقضى بتأييد الحكم الابتدائى دون أن يبين سبب عدم إجرائه تحقيقاً ووجه اقتناعه بأن توقيع الطاعن صحيح من وقائع الدعوى ومستنداتها على ما تقضى به المادة 30 من قانون الإثبات سالفة البيان كما لم يبين مدة جدية هذا الدفع فإنه يكون فضلاً عن خطئه فى القانون قد جاء قاصر البيان .

(الطعن رقم 2933 لسنة 61 جلسة 1995/01/09 س 46 ع 1 ص 125 ق 27) 

3- المادة 14 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 68 أباحت للوارث الاكتفاء بنفى علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة لمورثه دون أن يقف موقف الإنكار صراحة فإذا نفى الوارث علمه بأن الإمضاء الذى على الورقة العرفية المحتج بها عليه لمورثه وحلف اليمين المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة السابقة زالت عن هذه الورقة مؤقتاً قوتها فى الإثبات وتعين على المتمسك بها أن يقيم الدليل على صحتها وذلك باتباع الإجراءات المنصوص عليها فى المادة 30 من ذات القانون سالف الذكر فإذا انتهت المحكمة إلى أن التوقيع ليس للمورث إنعدمت الورقة كدليل فى الإثبات ذلك ان التوقيع بالإمضاء أو بصحة الختم أو بصمة الإصبع هو المصدر القانونى الوحيد لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية وفقاً لما تقصى به المادة سالفة البيان و يبقى الادعاء بالتصرف المستند لهذه الورقة لا دليل عليه بالنسبة لكافة الورثة يستوى فى ذلك من تمسك بعدم العلم ومن لم يتمسك به .

(الطعن رقم 381 لسنة 58 جلسة 1993/02/11 س 44 ع 1 ص 553 ق 92)

4- إذ كانت بيانات صحيفة إفتتاح الدعوى التى يحررها المدعى ويوقع عليها هو أو محاميه فى الحالات التى يتطلب القانون توقيع الأخير عليها هى ورقة عرفية لا يستلزم القانون تحريرها أمام الموظف المختص بالمحكمة المرفوع إليها الدعوى ومن ثم فلا تعد هذه الصحيفة قبل تقديمها إلى قلم الكتاب ورقة رسمية فيجوز الطعن على ما ورد بها من بيانات وما تحمله من توقيعات بالإنكار وفقاً لنص لمادة30من قانون الإثبات المشار إليه ولاتلحق الرسمية صحيفة الدعوى إلا بتداخل الموظف المختص وفى حدود البيانات التى قام بها أو وقعت من ذوى الشأن فى حضوره.

(الطعن رقم 1618 لسنة 54 جلسة 1993/02/04 س 44 ع 1 ص 471 ق 79)

5- إن المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 قد نصت فى فقرتها الثانية على انه " تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنين إذا وقع التزوير أو الاستعمال فى محرر لإحدى الشركات أو الجمعيات المنصوص عليها فى الفقرة السابقة أو لأية مؤسسة أو منظمة أو منشأة أخرى إذا كان للدولة أو لاحدى الهيئات العامة نصيب فى مالها بأية صفة كانت " فالتزوير الذى يقع فى المحررات الصادرة من إحدى هذه الجهات وإن كانت عقوبته السجن، وهى عقوبة مقررة للجناية وفقا لتعريف الوارد فى المادة العاشرة من قانون العقوبات إلا أنه يعتبر تزويرا فى محررات عرفية نظرا لأن المشرع لم يسبغ على العاملين فى هذه الجهات والذين تصدر عنهم هذه المحررات صفة الموظف العام أو من فى حكمة وهى صفة لازمة لاضفاء الرسمية على المحرر _ وهى ما فعله بالنسبة للنصوص التى تعاقب على جرائم الرشوة والاختلاس .

(الطعن رقم 6108 لسنة 59 جلسة 1992/10/11 س 43 ع 1 ص 819 ق 125)

6- لئن كان الإدعاء بتزوير محرر يحول دون التمسك بعد ذلك بالدفع بالإنكار أو الجهالة على التوقيع الوارد على هذا المحرر إلا أن الدفع بالإنكار أو الجهالة والإخفاق فيه لا يحول - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - دون الإدعاء بعد ذلك بتزوير المحرر . ذلك أن الدفع بالإنكار أو الجهالة على التوقيع الوارد بالمحرر سواء كان بالإمضاء أو البصمة أو الختم يقتصر مجاله على صحة التوقيع محل هذا الدفع فحسب أما الطعن بالتزوير على التوقيع - بعد الإقرار به أو الإخفاق فى الطعن بإنكاره - فإنه يتناول كيف وصل التوقيع من يد صاحبه إلى المحرر الذى يحتج به خصمه عليه .

(الطعن رقم 2090 لسنة 54 جلسة 1990/12/13 س 41 ع 2 ص 868 ق 312)

7- لما كان مجرد إنكار الخط لا يبرر إهدار حق من يتمسك به فى أن يثبت صدوره ممن هو منسوب إليه ، بل يتعين - وفقا لنص المادة 30 من قانون الإثبات - إذا كان المحرر منتجاً فى النزاع و لم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدة المحكمة فى شأن صحة الخط أو الأمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع - أن تأمر المحكمة بالتحقيق لإثبات صحته بالمضاهاة أو سماع الشهود أو بكليهما ، و كان البين من الأوراق أن الطاعن قدم إلى محكمة الموضوع عقدا يفيد إستئجاره من مورثه أطيان النزاع وتمسك بإعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة تأسيساً على أنه محرر بخط مورث المطعون ضدهم نفسه فرد الحكم المطعون فيه على ذلك بمجرد القول بأن الوكيل المطعون ضده نفى أن هذا العقد بخط مورثهم وحجب الحكم نفسه بذلك عن تطبيق القاعدة المنصوص عليها فى المادة 30 من قانون الإثبات فإنه يكون قد خالف القانون .

(الطعن رقم 988 لسنة 52 جلسة 1989/06/13 س 40 ع 2 ص 585 ق 259) 

8- المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن قاضى الموضوع على ما يستفاد من المادة 30 من قانون الإثبات غير ملزم فى حالة إنكار التوقيع على الورقة العرفية من المنسوب إليه التوقيع أو إنكار خلفه ذلك أو طعنه عليه بالجهالة بإجراء التحقيق المشار إليه فى هذه المادة بل أن له إذا رأى فى وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفى لإقتناعه بأن التوقيع المذكور صحيح أن يرد على المنكر إنكاره و على مدعى الجهالة إدعاءه ويأخذ بالورقة من غير إجراء هذا التحقيق وكل ما يتطلبه القانون فى هذه الحالة أن يبين فى حكمة الظروف والقرائن التى إستبان منها ذلك ولا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه من هذه القرائن متى كان إستنباطه سائغاً .

(الطعن رقم 1223 لسنة 52 جلسة 1989/03/05 س 40 ع 1 ص 701 ق 123) 

9- المقرر فى قضاء هذه المحكمة - أنه إذا طعن على السند بالإنكار أو بالجهالة أو بالتزوير وقضت المحكمة بصحة السند أو برده تعين عليها إعمالاً للمادة 44 من قانون الإثبات أن تؤجل الدعوى لجلسة تالية لنظر الموضوع أى أنه لا يجوز لها أن تقضى فيها بحكم واحد حتى لا يحرم الخصم من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة أخرى تؤيد دفاعه فى موضوع الدعوى ، إلا أنه لما كان المقصود بالدفع بالإنكار وعلى ضوء ما جاء بالمادة 30 من قانون الإثبات هو أن يبدى ممن يشهد عليه المحرر أى أن ينكر من نسب إليه تحرير المحرر بخطه أو التوقيع عليه بإمضاءه أو بصمة إصبعه هذا التحرير أو التوقيع و لما كانت الشهادتين الطبيتين المقدمتين للتدليل على الحالة الصحية للمستأجرة لم ينسب صدورهما إلى الطاعن ولم يدع بأنه محررهما أو الموقع عليهما ، ومن ثم فإن دفاعه أمام محكمة الموضوع بعدم صدورهما ممن وقع عليهما لا يعد إنكاراً فى مفهوم المادتين 30 ، 44 من قانون الإثبات ولا تلتزم المحكمة بالفصل فيه على إستقلال و التأجيل لنظر الموضوع .

(الطعن رقم 2264 لسنة 52 جلسة 1989/02/13 س 40 ع 1 ص 463 ق 85) 

10- من إحتج عليه بمحرر عرفى وناقش موضوعه فإن ذلك يعد تسليماً منه بصحة التوقيع عليه ونسبته إلى من وقعه ، والدفع بالجهالة صورة من صور الإنكار .

(الطعن رقم 1029 لسنة 51 جلسة 1987/04/26 س 38 ع 2 ص 612 ق 132)

11- تمسك الطاعنة فى صحيفة الإستئناف بتزوير الإقرار المؤرخ 1971/10/17 دون أن تسلك إجراءات الإدعاء بالتزوير المنصوص عليها فى المادة 49 وما بعدها من قانون الإثبات بما يعد منها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنكاراً لما نسب إليها من توقيع ببصمة الختم على الإقرار المشار إليه وفقاً للمادة 145 من القانون المذكور ، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يحقق لها هذا الإدعاء بالإنكار و أيد الحكم الإبتدائى على سند من مجرد أن الطاعنة لم تنكر صراحة الختم المنسوب إليها على الإقرار سالف البيان - يكون فضلاً عن خطئه فى تطبيق القانون معيباً بالقصور فى التسبيب .

(الطعن رقم 1054 لسنة 53 جلسة 1987/04/02 س 38 ع 2 ص 547 ق 117)

12- الدفع بالإنكار شأنه شأن دعوى التزوير الفرعية لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً منصباً على مستندات الدعوى وبالتالى يدخل فى تقدير قيمة الدعوى الأصلية أياً كانت قيمة هذه الدعوى وأياً كانت قيمة الحق المثبت فى الورقة المطعون عليها بالإنكار أو المدعى بتزويرها .

(الطعن رقم 654 لسنة 84 جلسة 1983/02/17 س 34 ع 1 ص 486 ق 107)

13- مؤدى نص المادة 30 من قانون الإثبات أنه إذا أنكر من يشهد عليه المحرر خطه أو إمضاءه أو ختمه أو بصمة إصبعه أو أنكر ذلك خلفه أو نائبه وكان المحرر منتجاً فى النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدة المحكمة فى شأن صحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة إصبعه أمرت المحكمة بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما مما مفاده أن قاضى الموضوع غير ملزم بالإلتجاء إلى تحقيق الخطوط بطريق المضاهاة وبسماع الشهود أو بكليهما إلا إذا لم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدته فى شأن صحة الخط أو الإمضاء أو الختم فإن كانت كافية لتكوين هذه العقيدة جاز له أن يحكم بصحة الورقة أو يحكم بردها وبطلانها إذا ظهر له بجلاء أو من ظروف الدعوى أنها مزورة وذلك على ما تقضى به المادتان 30 ، 58 من قانون المرافعات وكل ما يتطلبه القانون فى هذه الحالة أن يبين فى حكمه الظروف والقرائن التى إستبان منها ذلك ، وإذ كان يبين من أسباب الإستئناف المودعة صورة طبق الأصل منها ملف الطعن أن الطاعن تمسك بإنكاره ما هو منسوب إليه من كتابة العبارة الواردة على كشوف الحساب أو التوقيع عليها بما يفيد إقراره بصحة الحساب وإذ جاء الحكم المطعون فيه ولم يعرض لدفاع الطاعن بالإنكار على توقيعه وإقراره بصحة الحساب ومع ذلك قضى بتأييد الحكم الإبتدائى دون أن يبين سبب عدم إجرائه تحقيقاً ووجه إقتناعه بأن توقيع الطاعن و إقراره صحيحين من وقائع الدعوى ومستنداتها على ما تقضى به المادة 30 من قانون الإثبات سالفة البيان كما أنه لم يبين مدى جدية هذا الدفع فإنه يكون فضلاً عن خطئه فى القانون قد جاء قاصر البيان .

(الطعن رقم 233 لسنة 49 جلسة 1981/06/15 س 32 ع 2 ص 1826 ق 328) 

14- مفاد نص المادة 14 من قانون الإثبات أن الأصل أن الورقة العرفية تكون حجة بما دون فيها على من نسب إليه توقيعه عليها إلا إذا أنكر الإمضاء أو الختم الموقع به عليها ، فالتوقيع بالإمضاء أو بصمة الختم هو المصدر القانونى الوحيد لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية . فيكفى لدحض هذه الحجية أن ينكر من يحتج عليه بالمحرر ما هو منسوب إليه من إمضاء أو ختم أو بصمة أصبع إذ لا يلزم أن يكون المحرر مكتوب بخط موقعه إلا أنه يلزم لإنكار بصمة الختم أن ينصب الإنكار على بصمة الختم ذاتها لا على التوقيع به وقد إستقر قضاء هذه المحكمة على أن القانون أقام صحة الأوراق على شهادة ذات الإمضاء أو الختم الموقع به عليها فمتى إعترف الخصم الذى تشهد عليه الورقة أن الإمضاء أو الختم الموقع به على تلك الورقة هو إمضاؤه أو ختمه أو متى ثبت ذلك بالأدلة التى قدمها المتمسك بالورقة فلا يطلب من هذا المتمسك أى دليل آخر لإعتماد صحة الورقة أو إمكان إعتبارها حجة بما فيها على خصمه صاحب الإمضاء أو الختم ولا يستطيع هذا الخصم التنصل بما تثبته عليه الورقة إلا إذا بين كيف وصل إمضاؤه هذا الصحيح أو ختمه هذا الصحيح على الورقة التى عليها التوقيع وأقام الدليل على صحة ما يدعيه من ذلك بدعوى تزوير - يسار فيها بالطريق القانونى ، ذلك أن القانون لا يعرف إنكار التوقيع بالختم بل لا يعرف إلا إنكار بصمة الختم وكان إنكاره صريحاً فإن إقتصر على إنكار المدون فى الورقة كله أو بعضه فإنه لا يكون قد أنكر الورقة العرفية بالمعنى المقصود فى المادة 14 من قانون الإثبات ، وإذ كانت الطاعنة وعلى ما يبين من الأوراق قد طعنت بالإنكار على عقد البيع المؤرخ 1969/6/13 فى مذكرتها المقدمة لمحكمة الإستئناف إلا أن الثابت من الصورة الرسمية لصحيفة إستئنافها أنها أقرت بتوقيعها على العقد المذكور بخاتمها وببصمة أصبعها ظناً منها أن ذلك المحرر من أوراق حصر تركة شقيقها المتوفى ولكنها لم تسلك سبيل الطعن بالتزوير على العقد المذكور ، مما يلزم معه وفق صحيح القانون أن تحاج بهذا المحرر وألا يقبل منها بعد ذلك الطعن بالإنكار عليه ، ذلك لأن سبق إعترافها بالتوقيع عليه يكسب ذلك المحرر حجية لا سبيل لدحضها إلا عن طريق الإدعاء بالتزوير ، وإذ إلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وحاج الطاعنة بعقد البيع لعدم الطعن عليه بالتزوير بالإجراءات المقررة لذلك وإلتفت عن تحقيق الدفع بالإنكار فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ولا يكون معيباً بالقصور .

(الطعن رقم 968 لسنة 44 جلسة 1978/01/26 س 29 ع 1 ص 344 ق 69)

15- النص فى المادة 1/14 ، 2 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 وتقابلها المادة 394 من القانون المدنى قبل إلغائها ، والمادة30 من قانون الإثبات وتقابلها المادة 262 من قانون المرافعات السابق ، يدل على أنه إذا نفى الوارث علمه بأن التوقيع الذى على الورقة العرفية المحتج بها عليه هو لمورثته . تعيين أن توجه إليه يمين عدم العلم ، فإذا حلف هذه اليمين زالت عن الورقة مؤقتا قوتها فى الإثبات ، وكان على المتمسك بها أن يقيم الدليل على صحتها ، فإذا رأت المحكمة أن وقائع الدعوى ومستنداتها لا تكفى لإقناعها بأن التوقيع صحيح أمرت بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما ، وإذ لم تتبع محكمة الموضوع الإجراءات سالفة الذكر بشأن عقد البيع الإبتدائى - الذى نفى المطعون عليهم علمهم بصدوره من مورثهم - وقضت بإستبعاده لمجرد القول بأن " المستأنفين - الطاعنين - لم يقدموا الدليل على صحة صدوره من مورثهم و أنهم لم يطلبوا إجراء أى تحقيق بشأنه " فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 216 لسنة 42 جلسة 1976/11/09 س 27 ع 2 ص 1540 ق 290)

16- إذ كان المشرع قد جعل الورقة العرفية حجة بما دون فيها ما لم ينكر من نسبت إليه صراحة ذات الإمضاء أو الختم الموقع به ، وكان ما قرره الطاعن من أن التوقيع على الإقرار لا يتضمن طعناً صريحاً على هذا التوقيع ينفى صدوره عن الطاعن ، فإن الحكم المطعون فيه إذ إعتد بهذا الإقرار يكون قد إلتزم صحيح القانون .

(الطعن رقم 660 لسنة 41 جلسة 1976/06/07 س 27 ع 1 ص 1285 ق 245)

17- الدفع بانكار التوقيع لا يعدو أن يكون دفاعا فى مسألة فرعية متعلقة بالإثبات تعترض سير الخصومة الأصلية والفصل فى هذه المسألة بعد قضاء صادرا قبل الفصل فى الموضوع لا تنتهى به الخصومة كلها أو بعضها . وهذا القضاء الفرعى لم يكن يجوز الطعن فيه على إستقلال وفق ما كانت تنص عليه المادة 378 من قانون المرافعات السابق الذى صدر الحكم - السابق فى ظله - لما كان ذلك ، وكان قضاء هذا الحكم برفض الدفع بالانكار لم يتعد هذه المسألة الفرعية فى موضوع الدعوى الأصلى والذى بقى بسبب شطب الدعوى معلقا لم يفصل فيه ، فان النعى على الحكم المطعون فيه الذى قضى بسقوط حق الطاعنة فى المطالبة بقيمة السندات الاذنية محل الانكار بالتقادم الخمسى وبرفض الدعوى - بصدوره على خلاف حكم سابق حائز لقوة الامر المقضى يكون فى غير محله.

(الطعن رقم 652 لسنة 42 جلسة 1976/04/05 س 27 ع 1 ص 856 ق 165)

18- لا يجوز لمحكمة الموضوع عند قضائها بعدم قبول الإدعاء بالإنكار أن تقضى فى موضوع الدعوى ، بل يجب عليها أن تجعل حكمهاً مقصوراً على الدفع حتى لا تفوت على صاحب المصلحة من الخصوم سلوك طريق الإدعاء بالتزوير إذا أراد . إذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قضى بعدم قبول الدفع بالجهالة، وهو صورة من صور الإنكار ، وفى الموضوع بتأييد أمر الأداء بحكم واحد ، دون أن يتيح للورثة ( الطاعنين) فرصة الإدعاء بالتزوير على السند أن أرادوا ، وكان لا يحول دون ذلك قول الحكم بأن مورثهم قد سبقهم إلى هذا الإدعاء ، ذلك أنه يجب على مدعى التزوير أن يسلك فى الإدعاء به الأوضاع المنصوص عليها فى المادة 281 وما بعدها من قانون المرافعات السابق لكى ينتج الإدعاء أثره القانونى ، وهو ما لم يسلكه مورث الطاعنين ، وبذلك يكون ما صدر منه لا يعدو أن يكون إنكاراً للتوقيع تابعه ورثته فيه ، وليس إدعاء بالتزوير بمعناه القانونى . لما كان ذلك ، فإن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخل بحق الطاعنين فى الدفاع بما يستوجب نقضه .

(الطعن رقم 294 لسنة 37 جلسة 1973/02/27 س 24 ع 1 ص 333 ق 58)

19- وردت المادة 236 من قانون المرافعات السابق ضمن مواد الفصل السادس الذى نظم أحكام ندب الخبراء وإجراءات قيامهم بما يندبون له من أعمال بصفة عامة ، ثم أفرد القانون الباب السابع منه لإجراءات الإثبات بالكتابة ، ونظمت المواد 262 وما بعدها إجراءات التحقيق عند إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع ، كما بينت تلك المواد الخطوات والإجراءات التى يجب إتباعها عند ندب خبير لمضاهاة الخطوط ، وهى إجراءات رآها المشرع مناسبة لهذا النوع من أعمال الخبرة ، وفيها ضمان كاف لحقوق الخصوم ، فلا تتقيد المحكمة فيها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالقواعد المنصوص عليها فى الباب السادس من قانون المرافعات السابق ، وإذ تعد هذه الإجراءات دون غيرها هى الواجبة الإتباع فى موضوع النزاع المتعلق بتحقيق صحة الإمضاءات لإنطباقها عليه وإختصاصها به دون ما نصت عليه المادة 236 من إجراءات . وإذ كان الثابت من الأوراق أن الخبير الذى ندبته المحكمة هو خبير الخطوط بقسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى وأن مهمته كانت فحص الأوراق المطعون عليها بالتزوير ، فإن النعى ببطلان عمل الخبير لعدم دعوة الخصوم قبل مباشرة مهمته إعمالاً لنص المادة 236 مرافعات سابق تكون على غير أساس .

(الطعن رقم 177 لسنة 37 جلسة 1972/03/30 س 23 ع 1 ص 594 ق 92)

20- المستفاد من المادة 262 من قانون المرافعات السابق أنها تطبق سواء فى حالة إنكار التوقيع على الورقة العرفية من المنسوب إليه التوقيع ، أو إنكار خلفه ذلك أو طعنه عليها بالجهالة ، ولا يلتزم قاضى الموضوع فى أى من هذه الحالات بإجراء التحقيق المشار إليه فى هذه المادة ، بل أن له إذا رأى فى وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفى لإقتناعه بأن التوقيع المذكور غير صحيح ، أن يحكم بعدم صحة الورقة عن غير إجراء هذا التحقيق .

(الطعن رقم 205 لسنة 36 جلسة 1970/12/08 س 21 ع 3 ص 1197 ق 196)

21- لاتلتزم المحكمة فى حالة إنكار الوارث توقيع مورثه على الورقة أو إدعائه بجهله هذا التوقيع بتحقيق هذا الطعن بطريق المضاهاة ، وإنما يكون لها وفقا لصريح نص المادة 262 من قانون المرافعات ، إذا لم تر فى وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفى لتكوين عقيدتها فى شأن صحة هذا التوقيع ، أن تأمر بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما ، ومن ثم فإن محكمة الموضوع إذ رأت أن تحقق الطعن بالجهالة الذى أبداه الطاعن بسماع الشهود ورأت فى التحقيق الذى أجرته ما يكفى لتكوين عقيدتها فى شأن صحة التوقيع وما يغنيها عن الإلتجاء إلى المضاهاة فإنها تكون قد مارست سلطتها فى تقدير الأدلة ولم تخطىء فى القانون .

(الطعن رقم 47 لسنة 35 جلسة 1969/02/13 س 20 ع 1 ص 349 ق 56)

22- نفى الوارث علمه بأن التوقيع الذي على الورقة العرفية المحتج بها عليه هو لمورثه تعين أن توجه اليه يمين عدم العلم فإذا حلف هذا اليمين زالت عن الورقة مؤقتًا قوتها في الاثبات وتعين على المتمسك بها أن يقيم الدليل على صحتها باتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 30 من قانون الإثبات .

( الطعن رقم 9124 لسنة 77 ق - جلسة 16 / 4 / 2024 )

شرح خبراء القانون

تحقيق الخطوط :

وتنظم إجراءات تحقيق الخطوط المواد من 30 إلى 48 من قانون الإثبات . ولأنها إجراءات تتميز ببعض التعقيد ، فإن الإلتجاء إليها في الحياة العملية نادر. يساعد على هذا من ناحية أنه لا يحدث كثيراً أن ينكر شخص خطه أو توقيعه ، ومن ناحية أخرى ، فإن المحكمة لا تأمر بإتباع هذه الإجراءات إلا إذا كانت وقائع الدعوى ومستنداتها غير كافية لتكوين عقيدتها في هذا الشأن . فلها - بغير إتباع هذه الإجراءات - أن تقرر أن الكتابة أو التوقيع حقيقي أو غیر حقیقی إستناداً إلى قرائن معينة في الدعوى ، أو بعد سماع الشخص الذي حرر الورقة ( 28 / 2 إثبات) . وأخيراً ، فإن المحكمة يمكنها أن تهمل طلب تحقيق الخطوط إذا وجدت أن الطلب غير جدي وقد قدم لمجرد التسويف أو وجدت أن المحرر غیر منتج في النزاع . على أن المحكمة ملزمة بأن تبين في حكمها الظروف والقرائن التي إستندت إليها لعدم إجرائها التحقيق والتي كونت عقيدتها وإلا كان حكمها مخالفاً للمادة 30 من قانون الإثبات . التي تنص على أنه إذا كانت وقائع الدعوى ومستنداتها غير كافية لتكوين عقيدة المحكمة في شأن صحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع ، فإن المحكمة تأمر بالإحالة إلى التحقيق لإثبات صحته بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما .

وقد يتم الأمر بالتحقيق من تلقاء نفس المحكمة ، أو بناء على طلب من ذى الشأن . وهذا الطلب قد يقدم في صورة دعوى فرعية أثناء نظر الخصومة التي حدث التمسك فيها بالمحرر العرفي وهذا هو الغالب ، وقد يقدم في صورة دعوى أصلية . وعندئذ نكون بصدد دعوى تقريرية تتعلق بتقرير واقعة . وقد نظمها القانون المصري في المواد 45 وما بعدها من قانون الإثبات بإسم دعوی التحقيق الأصلية . وتسمى في العمل دعوى صحة التوقيع .

وسواء رفعت دعوى التحقيق كدعوى أصلية أو كدعوى فرعية فإن له التحقيق يتم وفقاً للقواعد الآتية :

يجب المحافظة على المحرر المطلوب تحقيق الكتابة أو التوقيع عليه . ولأجل هذا الهدف يوجب القانون (مادة 31 من قانون الإثبات) التوقيع على المحرر من القاضى رئيس الجلسة والكاتب ، وتحرير محضر تبين به حالة المحرر وأوصافه بياناً كافياً لتمييزه يوقعه رئيس الجلسة والكاتب والخصوم .

يجب أن يشتمل منطوق الحكم الصادر بالتحقيق على ندب أحد من قضاة المحكمة لمباشرة التحقيق وتحديد اليوم والساعة اللذين يبدأ فيهما التحقيق مع الأمر بإيداع المحرر قلم الكتاب (مادة 32 إثبات) . كما يجب أن يشتمل المنطوق على تعيين خبير أو ثلاثة خبراء لاجراء المضاهاة ، إذا رأت المحكمة أن يجري التحقيق بواسطة المضاهاة .

على أن هذا الندب لا يكون إلا حيث ترى المحكمة إجراء التحقيق بشهادة الشهود . أما إذا رأت إجراءه بالمضاهاة فلا يكون لهذا الإجراء مقتضى إذ أن المضاهاة إما أن تجريها المحكمة بنفسها أو تندب خبيراً أو ثلاثة خبراء لإجرائها .

تحدد المحكمة في حكمها بالتحقيق الطريق الذي يجب إتباعه. ووفقاً للمادة 30 إثبات يكون التحقيق بسماع الشهود أو بالمضاهاة أو بهما معاً على النحو الآتي . على أن هذين الطريقين لم يردا على سبيل الحصر ، فيمكن للمحكمة تحديد أي طريق آخر تراه مفيداً في هذا الشأن .

سماع الشهود : والمقصود بذلك أن يسمع القاضي شهودة يؤكدون مشاهدة الخصم وهو يقوم بكتابة السند أو بتوقيعه أو يعلمون وقائع تسمح للقاضي بالكشف عن الحقيقة بخصوص واقعة الكتابة أو التوقيع . فلا تكفي شهادة الشهود على حصول الإتفاق الذي يتضمنه السند ، وإلا وجب التقيد بما يجوز الإثبات فيه بالبينة، ويكون محل الإثبات عندئذ لا وجود محرر عرفي ذی فاعلية بل وجود الواقعة التي يراد أن يكون المحرر دليلاً عليها .

ويتبع بالنسبة لسماع الشهود القواعد العامة في هذا الشأن (مادة 42 إثبات). ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني ،  الصفحة : 163 )

أولاً : تحقيق الخطوط أو التحقيق بالمضاهاة هو مجموع الإجراءات التي وضعها القانون لإثبات صحة الأوراق العرفية التي يحصل إنكارها لتكون حجة التمسك بها قبل ذلك المنكر فلا علاقة لهذه الإجراءات بالأوراق الرسمية لأن هذه تعتبر حجة بما تضمنته وعلى من ينازع في صحتها أن يلجأ لطريق الطعن بالتزوير فإذا اكتفى بالإنكار كانت الورقة الرسمية دليلاً كافياً على إثبات ما اشتملت عليه . ( العشماوي في قواعد المرافعات الجزء الثاني ص 494 ) .

ثانياً : هل يمكن للقاضي أن يحكم بصحة الورقة بدون تحقيق ؟

نعم هذا ممكن وظاهر بوضوح من قول المادة أنه إذا كانت منتجاً في النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدة المحكمة بصحة الخط.. إلخ حكمت بذلك بدون تحقيق وأنه وإن كان القاضي المدني السابق وقانون المرافعات القديم لم ينصا على ذلك فقد تقرر فقهاً وقضاء أنه ليس هناك ما يمنع القاضي من الحكم بصحة الورقة بدون تحقيق إذا أقنعته ظروف الدعوى ومستنداتها ووقائعها بذلك وظهر له أن الإنكار ليس الغرض منه إلا الكيد للخصم والمماطلة والتسويف - وكذلك فإنه يمكن للقاضي أن يحكم بعدم صحة الورقة بدون تحقیق وذلك في حالتين الأولى - إذا أنكر من يشهد به المحرر خطه أو إمضاؤه وكانت وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدة المحكمة بعدم صحة الخط أو الإمضاء «مفهوم المخالفة للمادة 30 إثبات» والثانية أنه طبقاً للمادة 58 من قانون الإثبات يجوز للمحكمة ولو لم يدع أمامها بالتزوير أن تحكم برد أي محرر وبطلانه إذا ظهر بجلاء من حالته أو من ظروف الدعوى أنه مزور .

ثالثاً : وعلى ذلك فإن المستفاد من نص المادة 30 من قانون الإثبات أن المحكمة ليست ملزمة إزاء إنكار الخصم أن تتبع إجراءات تحقيق الخطوط وإنما لها مطلق التقدير في هذه الحالة فإذا تبين لها أن الأمر مقصود به المماطلة والكيد وأن صحة الورقة ثابتة ثبوتاً كافياً من المستندات الأخرى أو من أقوال الخصوم أو ظروف الدعوى صح لها أن تعتبرها صحيحة رغم الإنكار وكذلك يصح لها إستبعادها إذا كان عدم صحتها ظاهراً بوضوح كأن يكون الإمضاء منسوبة لشخص تحقق لها أنه لا يعرف القراءة والكتابة مطلقاً والمحكمة لا تأمر بالتحقيق إلا إذا تكفي وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدتها في شأن صحة الخط أو الإمضاء أو الختم وبهذا صار للمحكمة أن تستغني عن التحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود إذا توافرت لديها عناصر الإقتناع ومن المفهوم بداهة أن يتعين على المحكمة في هذه الحالة أن تبين في أسباب حكمها العناصر التي كونت عقيدتها وألا كان حكمها قاصر التسبيب . (العشماوي في قواعد المرافعات الجزء الثاني ص 496).

رابعاً : والخيار للمحكمة في أن تجري التحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بالإثنين معاً ومؤدي ذلك أنه يجوز للقاضي أن يصدر حكماً بندب خبير للمضاهاة وأن يكلف أيضاً الخصم المتمسك بالمحرر المطعون فيه أن يثبت بشهادة الشهود صحة صدور المحرر ممن إحتج به عليه فإذا جاءت النتيجة التي إنتهى إليها الخبير متفقة مع أقوال الشهود كان هذا أبعث إلى إطمئنان القاضي أما إذا تعارضت النتيجتان كان له أن يرجع بينهما - ويجوز للمحكمة أن تقوم بنفسها بإجراء المضاهاة بين الخط أو التوقيع الذي طعن عليه وبين المستندات المقدمة في الدعوى دون حاجة الندب خبير ولا تلتزم المحكمة في هذه الحالة بتحرير محضر بما شاهدته كما هو الشأن بالنسبة للخبير بل يكفي أن تضمن حكمها بما عاينته .

(المستشار الديناصوري والأستاذ عكاز في التعليق على قانون الإثبات طبعة 1984 ص 108). ( الشرح والتعليق على قانون الإثبات المدني، المستشار/ مصطفى مجدي هرجه،  طبعة 2014، 2015 دار محمود،  المجلد :  الأول ، الصفحة : 383 )

إنكار التوقيع أو التمسك بجهل توقيع المورث أو السلف هو رخصة خولها المشرع لمن يحتج عليه بورقة عرفية لإطراح حجية هذه الورقة مؤقتاً دون حاجة إلي سلوك سبيل الإدعاء بالتزوير ، وذلك حتى يثبت من يتمسك بها صدورها من الشخص المنسوبة إليه بالإلتجاء لدعوي تحقيق الخطوط الفرعية . ودعوي تحقيق الخطوط الفرعية نظمها قانون الإثبات في المواد 30 إلى 44 ، ويشترط لقبولها أربعة شروط ، أولها . أن يجحد من تشهد عليه الورقة صدورها منه بطريق الإنكار وقد يكون كلياً بحيث يشمل كل ما هو منسوب إلي الشخص في الورقة العرفية من خط أو إمضاء وإما أن يكون جزئياً والأول هو موضوع هذا البحث ، أما الثاني فسنعرض له في بحث قادم بمشيئة الله .

والشرط الثاني : ألا يكون منكر الورقة معترفاً بصحة توقيعه أو بصحة بصمة ختمه وألا يكون قد ثبتت صحتهما بعد إنكاره إياهما ، ذلك أنه إذا أعترف الشخص بصحة التوقيع المنسوب إليه أو بصحة بصمة ختمة الموضوعة علي الورقة ، ولكنه أدعي أنه كان قد وضع توقيعه علي بياض أو أنه أسيء استعماله أو أدعي أن بصمة ختمه الصحيحة لم يضعها هو بإرادته على الورقة التي يحتج بها عليه ، فلا يكفي في هذه الحالة مجرد الإنكار وإنما يتعين عليه أن يلجأ للطعن بالتزوير وإلا كان طعنه بالإنكار غير مقبول ، والشرط الثالث : أن يكون صريحاً وذلك على خلاف إعتراف الشخص بتوقيعه الورقة التي يحتج عليه بها إذ يجوز أن يكون صريحاً ، ويجوز أن يكون ضمنياً ، أما الإنكار أن يكون صريحاً فلا يجوز أن يستفاد ضمنياً ولا يصح استنتاجه من مجرد السكوت ، بل يجب أن ينفي الشخص توقيعه الورقة بصيغة صريحة جازمة .

وإذا كان المنكر ليس ملزماً أن يذكر ما يؤيد إنكاره إلا أن مصلحته تقتضي ذلك كأن يشير إلى أنه يحتكم للمضاهاة للتدليل على عدم صحة التوقيع المنسوبة إليه ، أو أن بصمة الختم الموقع بها علي المحرر المنسوب إليه لا تطابق بصمة ختمه الذي يستعمله في معاملاته ، أو أن توقيعه في التاريخ المدون في الورقة غير صحيح لأنه كان مسافراً خارج الديار في ذلك الوقت .

ومما هو جدير بالذكر أن الإنكار الصريح الجازم لا يشترط صدوره إلا ممن نسبت الورقة إليه أما إذا كان صادراً من الوارث أو الخلف فيكفي أن يقرر بأنه لا يستطيع التعرف على توقيع المورث على النحو الذي سنفصله . ورابع هذه الشروط : أن تكون الورقة التي طعن عليها بالإنكار منتجة في الدعوى ، وقد نصت عليه صراحة المادة 30 وإن كان هذا الشرط ليس قاصراً على الطعن بالإنكار ، بل يتعداه إلي الوقائع التي يراد إثباتها وفق ما قررته المادة 2 من قانون الإثبات .

وإذا تخلف أحد هذه الشروط الأربعة فإن قضاء المحكمة بعدم قبول الطعن ومن تلقاء نفسها يكون أمراً محتوماً . (سليمان مرقس في أصول الإثبات ، الطبعة الخامسة ، الجزء الأول ص 350 وما بعدها ) .

وتحقيق الخطوط هو مجموع الإجراءات التي رسمها القانون ليثبت بمقتضاها المتمسك بورقة عرفية صحتها إذ ما أنكرها من تشهد عليه أو خلفه . فالورقة العرفية تستمد قوتها في الإثبات من إعتراف من تشهد عليه بصحتها ، فإذا أنكرها زال ما لها من قوة في الإثبات ، وكان علي المتمسك بها أن يثبت صحتها بإجراءات تحقيق الخطوط ولا علاقة لهذه الإجراءات بالأوراق الرسمية لأن هذه تعتبر حجة بما تضمنته وعلي من ينازع في صحتها أن يلجأ الطريق الطعن بالتزوير ، ويبدأ التحقيق بحكم تصدره المحكمة بإجرائه غير أن المحكمة ليست ملزمة في جميع الأحوال بتحقيق الخطوط كلما حصل الإنكار ، بل لها أن تقضي فوراً بصحة الورقة أو بردها أو بطلانها - بغیر تحقیق - وإذا رأت أن وقائع الدعوى ومستنداتها كافية في ذاتها لإقناعها وفي هذه الحالة يتعين على المحكمة أن تبين في حكمها الأسباب التي أدت إلى اقتناعها غير أنه يشترط أن يكون هذه الأسباب سائغة . ( الوسيط في المرافعات لرمزي سيف ، الطبعة الثامنة ص 624 ، ومرافعات العشماوي ، الجزء الثاني ص 494، ومرافعات أبو الوفا ، الطبعة السابعة ص 861 )

والخيار للمحكمة في أن تجري التحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بالاثنين معاً ومؤدي ذلك أنه يجوز للقاضي أن يصدر حكماً بندب خبير للمضاهاة وأن يكلف أيضاً الخصم المتمسك بالمحرر المطعون فيه أن يثبت بشهادة الشهود صحة صدور المحرر ممن احتج به عليه فإذا جاءت النتيجة التي إنتهى إليها الخبير متفقة مع أقوال الشهود كان هذا أبعث إلي اطمئنان القاضي أما إذا تعارضت النتيجتان كان له أن يرجح بيمينهما .

ويجوز للمحكمة أن تقوم بنفسها بإجراء المضاهاة بين الخط أو التوقيع الذي طعن عليه وبين المستندات المقدمة فى الدعوى دون حاجة لندب خبير ولا تلتزم المحكمة في هذه الحالة بتحرير محضر بما شاهدته ، كما هو الشأن بالنسبة للخبير بل يكفي أن تضمن حكمها ما عاينته .

وغني عن البيان أن ما يجوز إثباته بشهادة الشهود يجوز إثباته بالقرائن ومن ثم فإن للمحكمة أن تستدل علي عدم صحة المحرر بما تستخلصه من القرائن المقدمة في الدعوى وتقديرها في الإثبات مما تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ولا يجوز مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفاية كل منها في ذاتها للإثبات بل إن محكمة النقض أجازت لمحكمة الموضوع أن تؤسس حكمها علي قرينة واحدة إذا كانت قوية وذلك كله علي النحو الذي فصلناه في شرح المادة 100 من هذا المؤلف .

ويتعين ملاحظة أن إثبات الطعن بالتزوير يختلف عن إثبات الطعن بالإنكار أو الجهالة إذ في حالة الادعاء بالتزوير فإن تحقيقه يكون متعلقاً بجريمة أو غش فيجوز إثباته بكافة طرق الإثبات ومنها قرائن الأحوال ، ويجوز للقاضي أن يتناول موضوع العقد المطعون فيه بالتزوير ويبحث كيفية تحريره والظروف التي لابست ذلك ليستخلص منها القرائن تؤيد صحة أو عدم صحة الإدعاء بالتزوير وذلك بخلاف الطعن بالإنكار أو الجهالة فإن مهمة القاضي لا تتعدي التحقق من صحة الكتابة أو التوقيع المنسوب إلي الخصم المنكر فلا يستطيع القاضي أن يتحقق من صحة الإلتزام المدون بالمحرر أو انقضائه فإذا أمر بالإثبات بشهادة الشهود فلا يجوز سماع شهادتهم إلا فيما يتعلق بإثبات واقعة الكتابة أو التوقيع . ( قانون الإثبات لمحمد عبد اللطيف ، الجزء الأول ص 337 ، 346).

ويتعين ملاحظة أن المحكمة لا تكون ملزمة بتوجيه يمين عدم العلم المنصوص عليها في المادة 14 إثبات إلا إذا رأت تحقيق الطعن أما إذا رأت من أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها فإنها لا تكون ملزمة بتوجيه اليمين .

ويتعين على المحكمة أن تثبت في حكمها أو محضر الجلسة ما يتضمن إطلاعها علي المحرر المطعون فيها وإلا كان حكمها باطلاً .

مدى إختصاص قاضي الأمور المستعجلة بنظر الطعن بالجهالة والإنكار :

إذا قدم أحد الخصوم للقاضي المستعجل محرراً عرفياً كدليل في الدعوى ودفع خصمه بجهله توقيع مورثه علي هذا المحرر فإنه لا يجوز القاضي الأمور المستعجلة أن يوجه يمين عدم العلم المنصوص عليها في المادة 14/ 2 من قانون الإثبات إلي الوارث تمهيداً لإجراء التحقيق وليس له أن يحيل الدعوى للتحقيق أو يندب خبيراً ليتحقق من صحة التوقيع لأن في ذلك مساس بأصل الحق يخرج عن إختصاصه ، إلا أن ذلك لا يمنعه من أن يقدر جدية الدفع بالجهالة من ظاهر الأوراق وظروف الدعوى وملابساتها فإن وجده يقوم علي سند من الجد قضى بعدم إختصاصه ، وإن وجد أن الدفع لا يسانده ظاهر الأوراق وما قصد به إلا غل يد القاضي المستعجل ، عن إتخاذ الإجراء الوقتي قضى في موضوع الطلب المستعجل وكذلك الأمر بالنسبة لإنكار التوقيع أو الطعن بالتزوير في أحد المستندات في أحد المستندات فلا يجوز له تحقيق هذا الطعن توصلا إلى الحكم بصحة أو بطلان المحرر المطعون عليه حتى ولو كان التزوير ظاهراً بالعين المجردة لأن ذلك فيه مساس بأصل الحق ، كذلك لا يجوز له أن يأمر بوقف الفصل في الدعوى المستعجلة إلى أن يفصل من محكمة الموضوع الطعن بالجهالة أو الإنكار لان ذلك يتعارض مع طبيعة الدعوى المستعجلة إلا أن له أن يفحص من ظاهر المستندات ما يثار أمامه في شأن تزوير السند أو عدم تزويره ، لا ليقضي في الطعن بصحته أو عدم صحته ، بل ليستبين من ظاهر المستندات إن كان طعناً جدياً أن أنه طعن غير جدي قصد به إخراج المنازعة من إختصاصه فإن تبين له جدية الطعن قضي بعدم إختصاصه ، أما إذا إستبان له أنه لا يتسم بالجدية قضى في موضوع الدعوى .

وفي حالة ما إذا دق الأمر على القاضي ولم يستطع أن يرجع إحدى وجهتي النظر بشأن جدية الطعن أو عدم جديته تعين عليه أن يقضي بعدم إختصاصه . ( التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية،  الجزء : الأول ،  الصفحة : 264 )

شروط إجراء المحكمة التحقيق عند إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع :

إذا أنكر من يشهد عليه المحرر خطه أو إمضاءه أو ختمه أو بصمة إصبعه أو أنكر ذلك خلفه أو نائبه كان للمحكمة أن تأمر بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما إذا توافر الشرطان الآتیان :

الشرط الأول :

أن يكون المحرر منتجاً في النزاع :

إذا كان المحرر الذي وقع عليه الإنكار منتجاً في النزاع كان للمحكمة أن تأمر بالتحقيق بالمضاهاة أو سماع الشهود أو بكليهما ، إذ لا جدوى من التحقيق إذا كان المحرر غیر منتج في النزاع. بمعنى أنه يجب أن يكون لثبوت صحة المحرر أو تزويره نصيب في تكوين عقيدة المحكمة بالنسبة للحكم في الموضوع فيجب أن تكون النقطة المطعون عليها مؤثرة في الدعوى الأصلية .

وتقدير ما إذا كان الدليل منتجاً أو غير منتج مسألة موضوعية لا رقابة لمحكمة النقض على محكمة الموضوع فيها ما دام الحكم مؤسساً على أسباب من شأنها أن تؤدي إليه .

الشرط الثاني :

ألا تكفي وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدة المحكمة :

يشترط للأمر بالتحقيق في الطعن بالإنكار ألا تكون وقائع الدعوى ومستنداتها كافية لتكوين عقيدة المحكمة في شأن صحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع .

فإذا كانت هذه الوقائع والمستندات تكفي لإقناع المحكمة بصحة الورقة، كان لها أن ترفض الأمر بالتحقيق وأن تحكم بصحة الورقة بغیر تحقیق وإذا كانت وقائع الدعوى ومستنداتها كافية لإقناع المحكمة بتزوير الورقة كان لها أن تحكم بتزويرها بغير تحقيق ذلك أن التزوير قد يكون ظاهرا لا يحتاج إلى تحقيق أو خبير، كما إذا كان هناك جملة إمضاءات لشخص مسلم بها من الخصمين على أوراق رسمية ونسبت لذلك الشخص إمضاءات أخرى تختلف كل الاختلاف عن تلك الإمضاءات، كأن كانت بخط جيد، وتلك الإمضاءات تدل على أن كاتبها لم يتعلم إلا مبادئ الكتابة فقط أو إلا أن يرسم أسمه رسماً ولا يعرف من الكتابة غير هذا الرسم .

ويسرى ما تقدم في حالة إنكار التوقيع أو طعن الوارث بالجهالة على حد سواء .

المضاهاة :

المقصود بالمضاهاة مقارنة الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة المنكورة بخط أو إمضاء أو بصمة ثابتة لمن يشهد عليه المحرر وتسمى الأوراق المشتملة على الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة ، بأوراق المضاهاة لأنها تستخدم في عملية المضاهاة .

غير أنه يجوز للمحكمة أن تقوم بنفسها بإجراء المضاهاة بين الخط أو التوقيع الذي طعن عليه وبين المستندات المقدمة في الدعوى دون حاجة لندب خبير .

كما يحوز لها أن تعهد بالمضاهاة إلى أهل الخبرة ، فإذا سلكت هذا الطريق، كان عليها - كما سنرى أن تنص في الحكم الصادر بالتحقيق على ندب خبير أو ثلاثة خبراء للقيام بعملية المضاهاة (م 32 من قانون الإثبات) .

وإذا قامت المحكمة بالمضاهاة بنفسها، فإنها في هذه الحالة لا تلتزم بمراعاة الأحكام التي نص عليها قانون الإثبات في شأن الخبرة في المواد 135 وما بعدها ، وبالترتيب على ذلك لا تلزم المحكمة بأن تحرر تقريراً بما شاهدته - شأن الخبير - إذ حسبها أن تضمن حكمها، ما عاينته أو بأن تدعو الخصوم قبل إجراء المضاهاة عملاً بالمادة 146 من القانون .

الشهود :

المقصود بذلك سماع الشهود على صحة الكتابة أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع على المحرر المنازع في حجيته، فالشهادة تسمع على حصول الكتابة أو التوقيع على المحرر ممن نسب إليه .

ولما كانت الأمور التي تسمع عنها الشهادة وقائع مادية فإن إثبات صحة المحرر بشهادة الشهود جائز مهما بلغت قيمة الحق الثابت في المحرر .

وغني عن البيان أن ما يجوز إثباته بشهادة الشهود يجوز إثباته بالقرائن ومن ثم فإن للمحكمة أن تستدل على عدم صحة المحرر بما تستخلصه من القرائن المقدمة في الدعوى، وتقديرها في الإثبات مما تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، ولا يجوز مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفاية كل منها في ذاتها للإثبات، بل يجوز لمحكمة الموضوع أن تؤسس حكمها على قرينة واحدة إذا كانت قوية .

التحقيق بالمضاهاة أو بالشهود أو بهما معاً :

أجازت المادة للمحكمة في سبيل الفصل في الطعن بالإنكار أن تأمر بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بهما معاً . فيجوز للمحكمة أن تندب خبيراً للمضاهاة وأن تكلف أيضاً الخصم المتمسك بالمحرر المطعون فيه أن يثبت بشهادة الشهود صحة المحرر، فإذا جاءت النتيجة التي انتهى إليها الخبير متفقة مع أقوال الشهود كان هذا أبعث إلى إطمئنان القاضي أما إذا تعارضت النتيجتان كان له أن يرجع بينهما .

المحكمة المختصة بالفصل في الطعن بالإنكار :

الإنكار هو بمثابة دفاع موضوعي يتصل بإثبات الدعوى ومستنداتها، وبالتالي يدخل في تقدير قيمة الدعوى الأصلية، أياً كانت قيمة هذه الدعوى، إستناداً إلى أن قاضي الدفوع هو ذات قاضي الموضوع، وذلك أياً كانت قيمة الحق المثبت في الورقة المطعون عليها بالإنكار . ( موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود،  المجلد : الثالث ،  الصفحة  : 739 )

الفقه الإسلامي

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة  135 ، 136

 (مادة 101) :

إذا أنكر من يشهد عليه المحرر خطه، أو إمضاءه، أو ختمه، أو بصمة أصبعه، أو أنكر ذلك خلفه أو نائبه، وكان المحرر منتجاً في النزاع، ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدة المحكمة في شأن صحة الخط، أو الإمضاء، أو الختم، أو بصمة أصبعه - أمرت المحكمة بالتحقيق بالمضاهاة، أو بسماع الشهود، أو بكليها . 

م (30) إثبات مصري، و(141) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، و(28) بینات سوري، و(25) إثبات سوداني) . 

المذكرة الإيضاحية : 

الورقة العرفية تستمد قوتها في الإثبات من اعتراف من تشهد عليه بصمتها، فإذا أنكرها زال ما لها من قوة في الإثبات، وكان على المتمسك بها أن يثبت صحتها بإجراءات تحقيق الخطوط وهي مجموع الإجراءات التي رسمها القانون؛ ليثبت بها المتمسك بورقة عرفية صحتها إذا أنكرها من تشهد عليه أو خلفه .  

وللمحكمة أن تقضي فوراً بصحة الورقة أو باستبعادها بغير تحقيق، إذا رأت أن وقائع الدعوى ومستنداتها كافية في ذاتها لإقناعها، ولها أن تحيل الدعوى على التحقيق . 
وللمحكمة إذا أحالت الدعوى على التحقيق الخيار في أن تجري التحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بالاثنين معاً . 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الأول ، الصفحة / 246

حُجِّيَّةُ الْخَطِّ وَالْخَتْمِ :

مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَوَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلاَثَةٍ لِلإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِالْخَطِّ إِذَا وُثِقَ بِهِ وَلَمْ تُوجَدْ فِيهِ رِيبَةٌ مِنْ مَحْوٍ أَوْ كَشْطٍ أَوْ تَغْيِيرٍ، وَذَلِكَ فِي الأَْمْوَالِ وَمَا يُشْبِهُهَا مِمَّا يَثْبُتُ مَعَ الشُّبْهَةِ، كَالطَّلاَقِ وَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ. وَهَذَا فِي الْمُعَامَلاَتِ بَيْنَ النَّاسِ.

أَمَّا مَا يَجِدُهُ الْقَاضِي فِي السِّجِلاَّتِ السَّابِقَةِ عَلَى تَوَلِّيهِ فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلاَثَةٍ لِلإْمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يَعْمَلُ بِمَا فِيهَا إِذَا انْتَفَتِ الرِّيبَةُ.

وَبِالنِّسْبَةِ لِمَا وَجَدَ فِي السِّجِلاَّتِ الَّتِي تَمَّتْ فِي عَهْدِهِ فَالْفُقَهَاءُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ إِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ خَطُّهُ، وَذَكَرَ الْحَادِثَةَ، فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِهِ وَيَنْفُذُ. وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إِذَا أَنْكَرَ السَّنَدَ مَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا فِيهِ.

وَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ إِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ خَطُّهُ يَعْمَلُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ الْحَادِثَةَ .

وَمَنْ يَتَتَبَّعْ أَقْوَالَ الْفُقَهَاءِ جَمِيعًا فِي حُجِّيَّةِ الْخَطِّ وَالْخَتْمِ يَتَبَيَّنْ لَهُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ هُوَ الاِسْتِيثَاقُ مِنْ صِحَّةِ الْكِتَابَةِ، وَعَدَمِ وُجُودِ شُبْهَةٍ فِيهَا، فَإِنِ انْتَفَتْ عَمِلَ بِهَا وَنَفَذَتْ، وَإِلاَّ فَلاَ.

وَقَدِ اسْتُحْدِثَتْ نُظُمٌ وَآلاَتٌ يُمْكِنُ بِوَاسِطَتِهَا اكْتِشَافُ التَّزْوِيرِ فِي الْمُسْتَنَدَاتِ. فَإِنْ طُعِنَ عَلَى سَنَدٍ مَا بِالتَّزْوِيرِ أَمْكَنَ التَّحْقِيقُ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا مَا تَجْرِي عَلَيْهِ الْمُحَاكِمُ الآْنَ. وَلَيْسَ فِي قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ مَا يَمْنَعُ مِنْ تَطْبِيقِ النُّظُمِ الْحَدِيثَةِ إِذْ هِيَ لاَ تُخَالِفُ نَصًّا شَرْعِيًّا، وَلاَ تُجَافِي مَا وَضَعَهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ قَوَاعِدَ وَضَوَابِطَ رَأَوْهَا مُنَاسِبَةً فِي أَزْمِنَتِهِمْ.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  السابع ، الصفحة / 51

إِنْكَارٌ

التَّعْرِيفُ :

- الإْنْكَارُ لُغَةً : مَصْدَرُ أَنْكَرَ وَيَأْتِي فِي اللُّغَةِ لِثَلاَثَةِ مَعَانٍ:

الأْوَّلُ : الْجَهْلُ بِالشَّخْصِ أَوِ الشَّيْءِ أَوِ الأْمْرِ. تَقُولُ: أَنْكَرْتُ زَيْدًا وَأَنْكَرْتُ الْخَبَرَ إِنْكَارًا، وَنَكَّرْتُهُ، إِذَا لَمْ تَعْرِفْهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :  (وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُون.)

وَقَدْ يَكُونُ فِي الإِْنْكَارِ مَعَ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ بِالشَّيْءِ النَّفْرَةُ مِنْهُ وَالتَّخَوُّفُ، وَمِنْهُ قوله تعالي (فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) أَيْ تُنْكِرُكُمْ نَفْسِي وَتَنْفِرُ مِنْكُمْ، فَأَخَافُ أَنْ تَطْرُقُونِي بِشَرٍّ.

الثَّانِي : نَفْيُ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى، أَوِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ.

وَالثَّالِثُ: تَغْيِيرُ الأَْمْرِ الْمُنْكَرِ وَعَيْبُهُ وَالنَّهْيُ عَنْهُ. وَالْمُنْكَرُ هُوَ الأَْمْرُ الْقَبِيحُ، خِلاَفُ الْمَعْرُوفِ. وَاسْمُ الْمَصْدَرِ هُنَا (النَّكِيرُ)، وَمَعْنَاهُ (الإِْنْكَارُ) أَمَّا فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ فَيَرِدُ اسْتِعْمَالُ (الإِْنْكَارِ) بِمَعْنَى الْجَحْدِ، وَبِمَعْنَى تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ، وَلَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى وُرُودِهِ بِمَعْنَى الْجَهْلِ بِالشَّيْءِ فِي كَلاَمِهِمْ.

 الإِْنْكَارُ بِمَعْنَى الْجَحْدِ

الْمُقَارَنَةُ بَيْنَ الإِْنْكَارِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَالْجَحْدِ وَالْجُحُودِ:

- سَاوَى بَعْضُ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ الإِْنْكَارِ وَبَيْنَ الْجَحْدِ وَالْجُحُودِ. قَالَ فِي اللِّسَانِ: الْجَحْدُ وَالْجُحُودُ نَقِيضُ الإِْقْرَارِ، كَالإِْنْكَارِ وَالْمَعْرِفَةِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْجُحُودُ الإِْنْكَارُ مَعَ الْعِلْمِ. يُقَالُ: جَحَدَهُ حَقَّهُ وَبِحَقِّهِ.

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - النَّفْيُ :

النَّفْيُ يَكُونُ بِمَعْنَى الإِْنْكَارِ أَوِ الْجَحْدِ، وَهُوَ مُقَابِلُ الإِْيجَابِ: وَقِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَ النَّفْيِ وَبَيْنَ الْجَحْدِ أَنَّ النَّافِيَ إِنْ كَانَ صَادِقًا سُمِّيَ كَلاَمُهُ نَفْيًا وَلاَ يُسَمَّى جَحْدًا، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا سُمِّيَ جَحْدًا وَنَفْيًا أَيْضًا، فَكُلُّ جَحْدٍ نَفْيٌ. وَلَيْسَ كُلُّ نَفْيٍ جَحْدًا. ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ. قَالُوا: وَمِنْهُ قوله تعالي  وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا .

ب - النُّكُولُ :

النُّكُولُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ الْحَلِفِ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي الدَّعْوَى، بِقَوْلِهِ: أَنَا نَاكِلٌ، أَوْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي: احْلِفْ، فَيَقُولَ: لاَ أَحْلِفُ. أَوْ سَكَتَ سُكُوتًا يَدُلُّ عَلَى الاِمْتِنَاعِ.

ج - الرُّجُوعُ :

الرُّجُوعُ عَنِ الشَّيْءِ تَرْكُهُ بَعْدَ الإْقْدَامِ عَلَيْهِ.

فَالرُّجُوعُ فِي الشَّهَادَةِ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ أَبْطَلْتُ شَهَادَتِي، أَوْ فَسَخْتُهَا، أَوْ رَدَدْتُهَا. وَقَدْ يَكُونُ الرُّجُوعُ عَنِ الإِْقْرَارِ بِادِّعَاءِ الْغَلَطِ وَنَحْوِهِ.

د - الاِسْتِنْكَارُ :

الاِسْتِنْكَارُ يَأْتِي بِمَعْنَى عَدِّ الشَّيْءِ مُنْكَرًا، وَبِمَعْنَى الاِسْتِفْهَامِ عَمَّا تُنْكِرُهُ، وَبِمَعْنَى جَهَالَةِ الشَّيْءِ مَعَ حُصُولِ الاِشْتِبَاهِ.

وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ الاِسْتِنْكَارَ يُوَافِقُ الإِْنْكَارَ فِي مَجِيئِهِمَا بِمَعْنَى الْجَهَالَةِ، وَيَنْفَرِدُ الإِْنْكَارُ بِمَجِيئِهِ بِمَعْنَى الْجَحْدِ، وَيَنْفَرِدُ الاِسْتِنْكَارُ بِمَجِيئِهِ بِمَعْنَى الاِسْتِفْهَامِ عَمَّا يُنْكَرُ.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الرابع عشر ، الصفحة / 45

التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ :

لاَ يَخْلُو التَّنَاقُضُ فِي شَهَادَةِ الشُّهُودِ مِنْ أَحَدِ ثَلاَثَةِ أَحْوَالٍ:

أ - التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ :

إِذَا حَصَلَ التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ بِرُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ كُلِّ أَوْ بَعْضِ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِحُضُورِ الْقَاضِي تَكُونُ شَهَادَتُهُمْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ، وَلاَ يَصِحُّ الْحُكْمُ بِمُوجَبِ شَهَادَتِهِمْ؛ لأِنَّ الشُّهُودَ لَمَّا أَكْذَبُوا أَنْفُسَهُمْ بِالرُّجُوعِ تَنَاقَضَ كَلاَمُهُمْ، وَالْقَضَاءُ بِالْكَلاَمِ الْمُتَنَاقِضِ لاَ يَجُوزُ؛ لأِنَّهُ لاَ يَدْرِي أَصَدَقُوا فِي الأْوَّلِ أَمْ فِي الثَّانِي، وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يَحْكُمُ بِمُوجَبِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ؛ لأِنَّهَا قَدْ أُدِّيَتْ فَلاَ تَبْطُلُ بِرُجُوعِ مَنْ شَهِدَ بِهَا كَمَا لَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ بَعْدَ الْحُكْمِ.

ب - التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الاِسْتِيفَاءِ :

إِذَا وَقَعَ التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الاِسْتِيفَاءِ فَيُنْظَرُ: إِذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ عُقُوبَةً كَالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ لَمْ يَجُزِ اسْتِيفَاؤُهُ، فَعَلَيْهِ إِذَا رَجَعَ الشُّهُودُ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْقَتْلِ الْعَمْدِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ إِنْفَاذِهِ فَلاَ يَنْفُذُ وَلاَ يَجْرِي الْحُكْمُ؛ لأِنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَرُجُوعُ الشُّهُودِ مِنْ أَعْظَمِ الشُّبُهَاتِ؛ وَلأِنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ عُقُوبَةٌ وَلَمْ يَتَعَيَّنِ اسْتِحْقَاقُهَا وَلاَ سَبِيلَ إِلَى جَبْرِهَا فَلَمْ يَجُزِ اسْتِيفَاؤُهَا كَمَا لَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ قَبْلَ الْحُكْمِ.

أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مَالاً فَيُسْتَوْفَى وَلاَ يُنْقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي. لأِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحُكْمُ بِالْكَلاَمِ الْمُتَنَاقِضِ غَيْرَ جَائِزٍ، فَلاَ يَجُوزُ أَيْضًا نَقْضُ الْحُكْمِ بِهِ؛ وَلأِنَّ الْكَلاَمَيْنِ الْمُتَنَاقِضَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ فِي الدَّلاَلَةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَقَدْ رَجَحَ الأْوَّلُ عَلَى الثَّانِي بِاتِّصَالِهِ بِالْقَضَاءِ، وَالْمَرْجُوحُ لاَ يُعَارِضُ الرَّاجِحَ فَلاَ يَخْتَلُّ الْحُكْمُ وَلاَ يُنْقَضُ؛ وَلأِنَّ رُجُوعَ الشُّهُودِ عَنِ الشَّهَادَةِ إِقْرَارٌ مِنْهُمْ بِأَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا سَبَبًا لِضَيَاعِ الْمَالِ وَلِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِمْ، إِلاَّ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ إِقْرَارُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ صَحِيحًا وَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ أَفْسَقَ النَّاسِ، إِلاَّ أَنَّ إِقْرَارَهُ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَوْ كَانَ أَعْدَلَ النَّاسِ، فَلِذَلِكَ وَإِنْ صَحَّ الرُّجُوعُ الْمَذْكُورُ فِي حَقِّ الشَّاهِدِ إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ فِي حَقِّ الْغَيْرِ أَيْ فِي حَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.

هَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْفُتْيَا مِنْ عُلَمَاءِ الأْمْصَارِ.

وَحُكِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالأْوْزَاعِيِّ أَنَّهُمَا قَالاَ: يُنْقَضُ الْحُكْمُ إِذَا اسْتَوْفَى الْحَقَّ؛ لأِنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمَا، فَإِذَا رَجَعَا زَالَ مَا يَثْبُتُ بِهِ فَنُقِضَ الْحُكْمُ، كَمَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمَا كَانَا كَافِرَيْنِ.

ج - التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ الاِسْتِيفَاءِ :

إِذَا وَقَعَ التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ الاِسْتِيفَاءِ فَإِنَّهُ لاَ يُبْطِلُ الْحُكْمَ وَلاَ يَلْزَمُ الْمَشْهُودَ لَهُ شَيْءٌ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مَالاً أَوْ عُقُوبَةً؛ لأِنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَمَّ بِاسْتِيفَاءِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَوُصُولِ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الشُّهُودِ فِي الْجُمْلَةِ.

وَلِلْفُقَهَاءِ تَفَاصِيلُ فِي مُخْتَلَفِ مَسَائِلِ الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ وَتَضْمِينِ الشُّهُودِ بِسَبَبِ رُجُوعِهِمْ تُنْظَرُ فِي أَبْوَابِ الْبَيِّنَاتِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ وَفِي مُصْطَلَحَيْ (شَهَادَةٌ، ضَمَانٌ).

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثاني والأربعون ، الصفحة / 25

نِيَابَة

التَّعْرِيف:

النِّيَابَةُ فِي اللُّغَةِ: جَعْلُ الإْنْسَانِ  غَيْرَهُ نَائِبًا عَنْهُ فِي  الأْمْرِ .

وَيُقَالُ: نَابَ عَنْهُ فِي هَذَا  الأْمْرِ  نِيَابَةً: إِذَا قَامَ مَقَامَهُ.

وَالنَّائِبُ: مَنْ قَامَ مَقَامَ غَيْرِهِ فِي أَمْرٍ أَوْ عَمَلٍ .

وَالنِّيَابَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: قِيَامُ الإْنْسَانِ  عَنْ غَيْرِهِ بِفِعْلِ أَمْرٍ .

الأْلْفَاظُ  ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْوِلاَيَةُ :

الْوِلاَيَةُ فِي اللُّغَةِ، بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ: الْقُدْرَةُ، وَالنُّصْرَةُ، وَالتَّدْبِيرُ، يُقَالُ: هُمْ عَلَى وِلاَيَةٍ أَيْ مُجْتَمِعُونَ فِي النُّصْرَةِ.

وَالْوَلِيُّ هُوَ: الْمُحِبُّ، وَالصَّدِيقُ، وَالنَّصِيرُ أَوِ النَّاصِرُ.

وَقِيلَ: الْمُتَوَلِّي لأِمُورِ  الْعَالَمِ وَالْخَلاَئِقِ الْقَائِمُ بِهَا.

وَوَلِيُّ الْيَتِيمِ: الَّذِي يَلِي أَمْرَهُ وَيَقُومُ بِكِفَايَتِهِ.

وَوَلِيُّ الْمَرْأَةِ: الَّذِي يَلِي عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا، وَلاَ يَدَعُهَا تَسْتَبِدُّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ دُونَهُ .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الْوِلاَيَةُ: تَنْفِيذُ الْقَوْلِ عَلَى الْغَيْرِ شَاءَ الْغَيْرُ أَمْ لاَ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْوِلاَيَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وِلاَيَةُ أُمُورِ الْغَيْرِ فِي أَمْرٍ مِنَ الأْمُورِ.

ب - الإْيصَاءُ:

الإْيصَاءُ فِي اللُّغَةِ - مَصْدَرُ أَوْصَى - يُقَالُ: أَوْصَى فُلاَنٌ بِكَذَا يُوصِي إِيصَاءً، وَالاِسْمُ الْوِصَايَةُ (بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا) وَهُوَ: أَنْ يَعْهَدَ إِلَى غَيْرِهِ فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ مِنَ الأْمُورِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْقِيَامُ بِذَلِكَ  الأْمْرِ  فِي حَالِ حَيَاةِ الطَّالِبِ أَمْ كَانَ بَعْدَ وَفَاتِهِ .

أَمَّا فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ، فَالإْيصَاءُ بِمَعْنَى الْوَصِيَّةِ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ هُوَ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ إِقَامَةُ الإْنْسَانِ  غَيْرَهُ مَقَامَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي تَصَرُّفٍ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ، أَوْ فِي تَدْبِيرِ شُئُونِ أَوْلاَدِهِ الصِّغَارِ وَرِعَايَتِهِمْ، وَذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُقَامُ يُسَمَّى الْوَصِيَّ.

أَمَّا إِقَامَةُ غَيْرِهِ مَقَامَهُ فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، فَلاَ يُقَالُ لَهُ فِي الاِصْطِلاَحِ إِيصَاءٌ عِنْدَهُمْ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ وِكَالَةٌ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالإْيصَاءِ، أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ مِنَ الإْيصَاءِ.

ج - الْقِوَامَةُ :

الْقِوَامَةُ فِي اللُّغَةِ: هِيَ الْقِيَامُ عَلَى  الأْمْرِ  أَوِ الْمَالِ أَوْ وِلاَيَةُ  الأْمْرِ . وَالْقَيِّمُ: هُوَ الَّذِي يَقُومُ عَلَى شُئُونِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَيَلِيهِ، وَيَرْعَاهُ، وَيُصْلِحُ مِنْ شَأْنِهِ، وَمِنْهُ قوله تعالي : (  الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) .

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْقِوَامَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وِلاَيَةُ أُمُورِ الْغَيْرِ.

د - الْوِكَالَةُ :

الْوَكَالَةُ بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ، فِي اللُّغَة أَنْ يَعْهَدَ إِلَى غَيْرِهِ لِيَعْمَلَ لَهُ عَمَلاً.

وَالتَّوْكِيلُ تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ إِلَى غَيْرِهِ، وَسُمِّيَ الْوَكِيلُ وَكِيلاً لأِنَّ  مُوكِلَهُ قَدْ وَكَلَ إِلَيْهِ الْقِيَامَ بِأَمْرِهِ، فَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَيْهِ الأْمْرُ  .

وَالْوَكَالَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: عَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا: إِقَامَةُ الْغَيْرِ مَقَامَ نَفْسِهِ تَرَفُّهًا أَوْ عَجْزًا فِي تَصَرُّفٍ جَائِزٍ مَعْلُومٍ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْوِكَالَةِ أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ مِنَ الْوِكَالَةِ.

أَنْوَاعُ النِّيَابَةِ :

تَتَنَوَّعُ النِّيَابَةُ إِلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ يَثْبُتُ بِتَوْلِيَةِ الْمَالِكِ (اتِّفَاقِيَّةٌ)، وَنَوْعٌ يَثْبُتُ شَرْعًا لاَ بِتَوْلِيَةِ الْمَالِكِ (شَرْعِيَّةٌ).

أَوَّلاً: النِّيَابَةُ الاِتِّفَاقِيَّةُ (وَهِيَ الْوَكَالَةُ) :

  أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ جَائِزَةٌ فِي الْجُمْلَةِ  وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا: قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا) . وَمِنْهَا: حَدِيثُ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ - رضي الله عنه - «أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم  أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، فَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ» .

وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَكَالَةِ مُنْذُ عَصْرِ الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم  إِلَى يَوْمِنَا هَذَا. لَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ . وَانْظُرْ تَفْصِيلَ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ فِي مُصْطَلَحِ (وَكَالَة).

ثَانِيًا: النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ :

النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ - وَهِيَ الْوِلاَيَةُ - ثَابِتَةٌ شَرَعًا عَلَى الْعَاجِزِينَ عَنِ التَّصَرُّفِ بِأَنْفُسِهِمْ بِسَبَبِ الصِّغَرِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَذَلِكَ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْمَعْقُولِ.

أَمَّا الْقُرْآنُ فَقَدْ وَرَدَتْ مِنْهُ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْوِلاَيَةِ، مِنْ ذَلِكَ قوله تعالي : (  وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفًا (  وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) . وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنْكِحُوا الأْيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ) .

فَهَذِهِ الآْيَاتُ خِطَابٌ لِلأْوْلِيَاءِ عَلَى الْمَالِ وَالنَّفْسِ.

وَأَمَّا السُّنَّةُ فَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَرَدَتْ فِي شَرْعِيَّةِ الْوِلاَيَةِ، مِنْهَا: قَوْلُ الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم : «لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ» .

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم  قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنِ اشْتَجَرُوا، فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ» .

وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَإِنَّ ثُبُوتَ وِلاَيَةِ النَّظَرِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْعَاجِزِ عَنِ النَّظَرِ مِنْ بَابِ الإْعَانَةِ عَلَى الْبِرِّ، وَمِنْ بَابِ الإْحْسَانِ، وَمِنْ بَابِ إِعَانَةِ الضَّعِيفِ وَإِغَاثَةِ اللَّهْفَانِ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ عَقْلاً وَشَرْعًا.

وَلأِنَّ  ذَلِكَ مِنْ بَابِ شُكْرِ النِّعْمَةِ وَهِيَ نِعْمَةُ الْقُدْرَةِ، إِذْ شُكْرُ كُلِّ نِعْمَةٍ عَلَى حَسَبِ هَذِهِ النِّعْمَةِ، فَشُكْرُ نِعْمَةِ الْقُدْرَةِ مَعُونَةُ الْعَاجِزِ، وَشُكْرُ النِّعْمَةِ وَاجِبٌ عَقْلاً وَشَرْعًا فَضْلاً عَنِ الْجَوَازِ .

أَنْوَاعُ النِّيَابَةِ الشَّرْعِيَّةِ :

النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ هِيَ الْوِلاَيَةُ، وَالْوِلاَيَةُ تَتَنَوَّعُ إِلَى نَوْعَيْنِ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهَا:

وِلاَيَةٌ عَلَى الْمَالِ، وَوِلاَيَةٌ عَلَى النَّفْسِ.

فَالْوِلاَيَةُ عَلَى الْمَالِ هِيَ سُلْطَةُ الْوَلِيِّ عَلَى أَنْ يَعْقِدَ الْعُقُودَ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةَ بِأَمْوَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَتَكُونُ تَصَرُّفَاتُهُ وَعُقُودُهُ نَافِذَةً دُونَ الْحَاجَةِ إِلَى إِذْنٍ مِنْ أَحَدٍ.

وَالْوِلاَيَةُ عَلَى النَّفْسِ هِيَ السُّلْطَةُ عَلَى شُئُونِ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ الْمُتَعَلِّقَةُ بِشَخْصِهِ وَنَفْسِهِ، وَيَدْخُلُ فِيهَا تَزْوِيجُهُ.

وَتُنْظَرُ الأْحْكَامُ  الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْوِلاَيَةِ عَلَى الْمَالِ وَعَلَى النَّفْسِ فِي مُصْطَلَحِ (وِلاَيَة).

النِّيَابَةُ فِي الْعِبَادَاتِ:

تَتَنَوَّعُ الْعِبَادَاتُ فِي الشَّرْعِ إِلَى أَنْوَاعٍ ثَلاَثَةٍ:

مَالِيَّةٌ مَحْضَةٌ، وَبَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ، وَمُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ.

النَّوْعُ الأْوَّلُ : الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ الْمَحْضَةُ الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ الْمَحْضَةُ كَالزَّكَاةِ، وَالصَّدَقَاتِ، وَالْكَفَّارَاتِ، وَالنُّذُورِ .

وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْعِبَادَاتِ تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ عَلَى الإْطْلاَقِ، سَوَاءٌ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْعِبَادَةُ قَادِرًا عَلَى الأْدَاءِ  بِنَفْسِهِ، أَوْ لاَ. وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ .

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَالْمَعْقُولِ :

فَمِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا) .

وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنَ الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَوَّزَ الْعَمَلَ عَلَى الزَّكَاةِ، وَذَلِكَ بِحُكْمِ النِّيَابَةِ عَنِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَأَمَّا الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا فَهُمُ الْجُبَاةُ، وَالسُّعَاةُ يَسْتَحِقُّونَ مِنْهَا قِسْطًا عَلَى ذَلِكَ .

وَمِنَ السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ أَحَادِيثُ مِنْهَا :

مَا وَرَدَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنه - قَالَ: «أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقَلْتُ لَهُ: إِنِّي أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتَ وَكِيلِي فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَإِنِ ابْتَغَى مِنْكَ آيَةً فَضَعْ يَدَك عَلَى تَرْقُوَتِهِ» .

وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم : «الْخَازِنُ الْمُسْلِمُ الأْمِينُ الَّذِي يُنْفِذُ - وَرُبَّمَا قَالَ: يُعْطِي - مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلاً مُوَفَّرًا طَيِّبًا بِهِ نَفْسُهُ فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ» .

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: «وَكَّلَنِي النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم  بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ»  وَحَدِيثُ: «أَعْطَى النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم  عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ غَنَمًا يُقَسِّمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ» .

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما  - قَالَ: «قَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم  لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: أَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» .

وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: «اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  رَجُلاً مِنَ الأْسْدِ  عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ» .

وَمِنَ الْمَعْقُولِ: أَنَّ الْوَاجِبَ فِي هَذِهِ الْعِبَادَاتِ إِخْرَاجُ الْمَالِ، وَأَنَّهُ يَحْصُلُ بِفِعْلِ النَّائِبِ .

وَأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ فَجَازَ أَنْ يُوَكَّلَ فِي أَدَائِهِ كَدُيُونِ الآْدَمِيِّينَ .

النَّوْعُ الثَّانِي : الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ الْمَحْضَةُ :

الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ كَالصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَالطَّهَارَةِ مِنَ الْحَدَثِ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْعِبَادَاتِ لاَ تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ عَلَى الإْطْلاَقِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيِّ . وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَالْمَعْقُولِ:

أَمَّا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلإْنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى) . إِلاَّ مَا خُصَّ بِدَلِيلٍ  لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما  -: «لاَ يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلاَ يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ» .

أَيْ فِي حَقِّ الْخُرُوجِ عَنِ الْعُهْدَةِ لاَ فِي حَقِّ الثَّوَابِ، فَإِنَّ مَنْ صَامَ أَوْ صَلَّى أَوْ تَصَدَّقَ وَجَعَلَ ثَوَابَهُ لِغَيْرِهِ مِنَ الأْمْوَاتِ  أَوِ الأْحْيَاءِ جَازَ. وَيَصِلُ ثَوَابُهَا إِلَيْهِمْ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (ثَوَاب ف 10).

وَأَمَّا الْمَعْقُولُ: فَلأِنَّ  هَذِهِ الْعِبَادَةَ تَتَعَلَّقُ بِبَدَنِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَلاَ يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِيهَا  وَلأِنَّ  الْمَقْصُودَ مِنْهَا الاِبْتِلاَءُ وَالاِخْتِبَارُ وَإِتْعَابُ النَّفْسِ وَذَلِكَ لاَ يَحْصُلُ بِالتَّوْكِيلِ .

وَأَمَّا النِّيَابَةُ عَنِ الْمَيِّتِ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهَا. وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أَدَاء ف 15).

النَّوْعُ الثَّالِثِ: الْعِبَادَاتُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ :

الْعِبَادَاتُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ هِيَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْحَجِّ عَنِ الْغَيْرِ، وَقَابِلِيَّتِهِ لِلنِّيَابَةِ لِلْعُذْرِ الْمَيْئُوسِ مِنْ زَوَالِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيِّ، وَذَهَبَ مَالِكٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي مَذْهَبِهِ، إِلَى أَنَّ الْحَجَّ لاَ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ لاَ عَنِ الْحَيِّ وَلاَ عَنِ الْمَيِّتِ، مَعْذُورًا أَوْ غَيْرَ مَعْذُورٍ، وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (حَجٍّ ف 114 وَمَا بَعْدَهَا، وَأَدَاءٍ ف 16، وَعِبَادَةٍ ف 7). أَمَّا الْعُمْرَةُ فَتَقْبَلُ النِّيَابَةَ فِي الْجُمْلَةِ، وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (عُمْرَةٍ ف 38).

mobile-nav تواصل
⁦+201002430310⁩