جاء بالمذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 25 لسنة 68 :
تعليقاً على هذا النص ونص المادة 56 أن المشروع قد رفع في المادتين (42) ، (56) منه الغرامة المنصوص عليها في المادتين 275 ، 288 المقابلتين لهما في قانون المرافعات القائم والتي يحكم بها عند الحكم بصحة الورقة بعد رفض الدفع بإنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة المنسوبة لمن تشهد عليه أو رفض الإدعاء بتزويرها فجعل هذه في الحالة الأولى لا تقل عن مائة جنية ولا تجاوز خمسمائة جنيهاً في حين يجعلها القانون القائم لا تقل عن أربعة جنيهات ولا تجاوز خمسة عشر جنيهاً وجعلها في الحالة الثانية لا تقل عن خمسة وعشرين جنيهاً ولا تجاوز مائة جنيه في حين يحددها القانون بخمسة وعشرين جنيهاً وقد حدد المشروع إلى هذا الإلتجاء حرصه على ضمان جدية سلوك سبيل الدفع بالإنكار أو الإدعاء بالتزوير لخطورة هذا المسلك بما يترتب عليه من تعطيل للفصل في الدعوى ووقف لصلاحية المحرر المطعون عليه بالتزوير للتنفيذ عند الحكم بتحقيق الإدعاء بتزويره .
1- مؤدى نص المادة 212 من قانون المرافعات أن الحكم الذى ينهى الخصومة كلها ، هو ذلك الحكم الذى يصدر فى موضوع الدعوى برمته أو الحكم الذى ينهى الخصومة بغير حكم فى موضوعها ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم جواز الطعن بالإستئناف على الحكم المستأنف الذى لم يتناول إلا الطعون بالجهالة والإنكار والتزوير المبداة من الطاعنين وأخرى دفعاً لدعوى المطعون عليه الأول بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه من مورث الطاعنة الثانية ، وهى لا تعدو أن تكون دفاعاً فى مسالة فرعية متعلقة بالإثبات تعترض سير الخصومة الأصلية والفصل فيها يعد قضاء صادراً قبل الفصل فى الموضوع لا تنتهى به تلك الخصومة الأصلية المرددة بين الطرفين ، فإنه يكون غير منه للخصومة كلها ولا يجوز إستئنافه ، ولا يغير من ذلك أن يكون سبب الطعن النعى عليه بالبطلان ، إذ يستتبع استئناف الحكم المنهى للخصومة حتماً إستئناف جميع الأحكام التى سبق صدورها فى القضية ، وفى نطاق ما يرفع عنه الاستئناف ما لم تكن قد قبلت صراحة .
(الطعن رقم 655 لسنة 47 جلسة 1980/05/13 س 31 ع 2 ص 1350 ق 257)
2- تنص المادة 212 من قانون المرافعات التى رفع الطعن فى ظلها على أنه ‘‘ لا يجوز الطعن فى الأحكام التى تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهى بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهى للخصومة كلها وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة الصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبرى ’’ مما مفاده أن المشرع قصد إلى أن الخصومة التى ينظر إلى إنتهائها وفقاً لهذا النص هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - الخصومة الأصلية المنعقدة بين الطرفين لا تلك التى تثار عرضاً فى خصوص دفع شكلى فى الدعوى أو مسألة فرعية متعلقة بالإثبات فيها ، وإذ كان قضاء الحكم المطعون فيه برفض الإدعاء بالتزوير وتغريم الطاعن لا تنتهى به الخصومة الأصلية المرددة بين الطرفين وهما صحة ونفاذ عقد البيع بل هو صادر فى مسألة متعلقة بالإثبات فإنه لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض إلا مع الطعن فى الحكم الصادر فى الموضوع ، ولا يغير من ذلك أن الحكم برفض الإدعاء بالتزوير قضى بتغريم الطاعن ، ذلك أن الغرامة التى يحكم بها على مدعى التزوير عند رفض الإدعاء به هى جزاء أوجبه القانون تحكم به المحكمة لصالح الخزانة العامة من تلقاء نفسها ولو لم يطلبه الخصوم ، فلا يسرى بشأنها الإستثناء الوارد فى الفقرة الأخيرة من المادة 212 من قانون المرافعات حسبما أوضحت المذكرة الإيضاحية لهذه المادة من أن هذا الإستثناء مقصور على الأحكام التى تصدر فى شق من موضوع الخصومة التى كانت قابلة للتنفيذ الجبرى .
(الطعن رقم 102 لسنة 40 جلسة 1976/06/28 س 27 ع 1 ص 1432 ق 273)
3- متى كان مدعى التزوير قد قرر بالطعن بالتزوير فى ظل قانون المرافعات القديم فان الغرامة التى توقع عليه فى حالة سقوط حقه فى الادعاء بالتزوير أو عجزه عن اثباته هى الغرامة التى حددتها المادة 293 من قانون المرافعات القديم بمبلغ عشرين جنيها لا الغرامة التى أصبحت خمسة و عشرين جنيها بمقتضى المادة 288 من قانون المرافعات الجديد ، وتعيين هذه الغرامة أمر متعلق بالنظام العام تملك محكمة النقض إثارته من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك به المحكوم عليه فى تقرير الطعن .
(الطعن رقم 267 لسنة 21 جلسة 1955/02/10 س 6 ع 2 ص 622 ق 82)
إذا حكم بصحة كل المحرر ، وجب الحكم على الخصم الذي أنكره بغرامة من أربعمائة جنيه إلى ألفي جنيه (مادة 43 اثبات معدلة بالقانون رقم 18 لسنة 1999) ، دون إخلال بحق المتمسك بالمحرر في المطالبة بالتعويض وفقاً للقواعد العامة . ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 168 )
إذا أنكر شخص توقيعه وثبتت صحته لا يصح أن يترك بغير جزاء لسوء نيته ولتعطيله سير القضية وتأخيره تنفيذ التعهد وتضييعه وقت القضاء بخلقه نزاعاً لا أساس ولتأثير ذلك على سمعة التمسك بالورقة ولذلك نصت المادة 43 إثبات على أنه إذا حكم بصحة كل المحرر فيحكم على من أنكره بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه ويشترط توفر سوء النية في الإنكار فإذا كان المنكر هو وكيل صاحب المحرر ثم حضر صاحبه وإعترف بصحة توقيعه قبل الشروع في التحقيق فإنه لا يحكم عليه بالغرامة هذا ويحكم بالغرامة ولو كان المنكر غير محررها كالوارث إلا إذا إقتصر عليها عدم الإعتراف بصحة توقيع المورث بدون أن يجحده أي بقوله أنه لا يعرف ما إذا كان هذا توقيع مورثه أم لا إلا إذا ثبت من التحقيق أنه كان يعرف أن التوقيع توقيع المورث. هذا فضلاً عما لصاحب الورقة من حق مطالبة المنكر بتعويض الضرر المادي والأدبي لما لحق به من إنكار التوقيع بغير حق ويلاحظ أنه لا يحكم بغرامة إلا إذا حكم بصحة كل الورقة أما إذا حكم بصحة بعضها وعدم صحة البعض الآخر لا يحكم على المنكر بشيء يما أنه ثبت بعض ما إدعاه . ( المستشار أحمد نشأت في رسالة الإثبات الطبعة السابعة ص 295 وما بعدها )
ويلاحظ أن هذه الغرامة مدنية محضة ينفذها بها على أموال المدين ولا يجوز إستعمال الإكراه البدني لتحصيلها - وإذا كان المنكرون لإمضاء أو ختم متعددين يحكم عليهم بغرامة واحدة ولكن إذا تعددت الإمضاءات أو الأختام فإنه يحكم على كل منكر لإمضائه أو ختمه بغرامة مستقلة إذا قضى بصحة جميع الإمضاءات أو الأختام وتعتبر هذه الغرامة جزاءً للمنكر على تسببه في عرقلة سير الدعوى ومانعة للإنكار الكيدي أو الصادر عن رعونة ولا يقضي بغرامة على التمسك بالورقة عندما يحكم بعدم صحتها لأن النص لا يسمح بذلك ويكون للخصم حق الرجوع عليه بالتعويض وكانت العدالة تقضي بالتسوية بين الخصمين . ( العشماوي في قواعد المرافعات الجزء الثاني ص 506 وما بعدها ).
ويرى الدكتور سليمان مرقص أنه لا يحكم بالغرامة إذا حكم بعدم قبول الإنكار أما إذا حكم بصحة كل المحرر فإنه يحكم بالغرامة على كل من أنكر الورقة سواء كان هو الشخص المنسوب إليه أو وارثه أو خلفه لأنه الوارث أو الخلف أن كان يجوز له أن يكتفي بتقرير عدم تعرفه على توقيع مورثه أو سلفه فيكون بمنجى من الحكم بالغرامة في حالة ثبوت صحة التوقيع فإنه يجوز له أيضاً أن ينكر توقيع مورثه إنكاراً صريحاً وفي هذه الحالة يتعرض للحكم عليه بالغرامة إذا ما ثبتت صحة الورقة خلافاً للحالة السابقة حالة إقتصار الوارث أو الخلف على تقرير عدم تعرفه على توقيع مورثه أو سلفه لأن تقرير ذلك لا ينهض دليلاً كافياً على سوء نيته كالدليل الذي يستفاد من إنكار صاحب التوقيع ولا يخدش سمعة المتمسك بالورقة. (الدكتور سليمان مرقص في أصول الإثبات وإجراءاته الجزء الأول ص 331) . ( الشرح والتعليق على قانون الإثبات المدني، المستشار/ مصطفى مجدي هرجه، طبعة 2014، 2015 دار محمود، المجلد : الأول ، الصفحة : 418 )
وقد ثار الخلاف بين الشراح فيما إذا كان يقضي بالغرامة علي الوارث أو الخلف - الذي يحلف يميناً بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة ليس لمن تلقى عنه الحق - وذلك في حالة الحكم بصحة كل الورقة فذهب رأي إلي أن عدم إعتراف الخلف أو الوارث في هذه الحالة يكون راجعاً لعدم علمه بصدور الورقة من المخلف ، عنه أو عدم معرفته لخطه أو إمضائه ، ومن ثم فليس هناك محل للحكم بالغرامة . (مرافعات العشماوي ، الجزء الثاني حاشية ص 506).
وذهب رأي أخر إلى وجوب الحكم بالغرامة كلما قضت المحكمة بصحة الورقة سواء أكان الإنكار حاصلاً من نفس الشخص المنسوب صدور الورقة منه أم من خليفته ، ويدلل أصحاب هذا الرأي علي وجهة نظرهم بأن النص الوارد في القانون المصري يختلف عن النص الوارد في القانون الفرنسي الذي لم ينص على توقيع الغرامة إلا على من أنكر ورقة صادرة منه . ويري أصحاب هذا الرأي انه يحكم علي الورثة متضامنين بالغرامة ، فذهب رأي إلي ذلك وخالف الرأي الآخر وجهة النظر هذه ، وقرروا أنه لا محل للمتضامنين بينهم . (مرافعات محمد حامد فهمي ص 593 / مرافعات أبو هيف ص 611) .
وذهب رأي ثالث إلي أنه يقضي بالغرامة على منكر الورقة ولو كان غير محررها كالوارث إلا إذا إقتصر على عدم الإعتراف بصحة توقيع المورث بدون أن يجحده أي بقوله أنه لا يعرف ما إذا كان هذا توقيع مورثه أم لا - إلا إذا ثبت من التحقيق أنه كان يعرف أن التوقيع هو توقيع المورث . ( رسالة الإثبات للأستاذ نشأت ، الطبعة السادسة ص 263 ).
والرأي عندنا إنه إذا طعن الوارث أو الخلف بالجهالة على إمضاء مورثه أو سلفه أو ختمه أو بصمته وحكم بصحة الورقة كلها فإنه لا يحكم عليه بالغرامة لأنه إقتصر على الدفع بعدم العلم بالتوقيع ، أما إذا ذهب إلي أبعد من ذلك ولم يكتف بالطعن بالجهالة بل طعن بالإنكار وهذا جائز له كما سلف القول فإنه يتعين في هذه الحالة الحكم عليه بالغرامة لأنه جحد توقيع مورثه أو سلفه وهذا الرأي هو الذي يتفق مع العدالة ويتسق مع حكمه التشريع من أن المشرع خفف علي الوارث أو الخلف وأجاز له الطعن بالجهالة وهي صورة مخففة من الإنكار وإلا انتفت الحكمة من تخويل المشرع للوارث أو الخلف الطعن بالجهالة بدلاً من الإنكار يتحمل المتمسك بالورقة عبء إثبات صحة التوقيع ، ولا يكون هناك من فرق بينهما إلا في حالة الحكم بالغرامة إذا ما قضت المحكمة بصحة الورقة .
ونري أيضاً أنه إذا كان المورث قد طعن بالإنكار على توقيعه وخلفه وارثه قبل الفصل في الإنكار وسایر مورثه في إدعائه فإنه يحكم عليه بالغرامة في هذه الحالة ما لم يعدل إلي الطعن بالجهالة بدلاً من الطعن بالإنكار .
كما أنه في حالة الحكم بالغرامة علي الورثة فإنها لا تتعدد بعددهم ولا يحكم عليهم بالتضامن ذلك أن التضامن لا يكون إلا بالإتفاق أو بنص القانون وخاصة أن هذه الغرامة غرامة مدنية لا يجوز التنفيذ بها بطريق الإكراه البدني .
كما يحكم بالغرامة في حالة إعتبار الورقة صحيحة ولو لم تتبع المحكمة إجراءات تحقيق الخطوط .
وإذا تعددت التوقيعات علي سند واحد فإنه يحكم علي كل من أنكر توقيعه بغرامة على حدة إذا قضى بصحة التوقيعات ، أي أن الغرامات تتعدد بقدر عدد المنكرين . ( الإثبات لمحمد عبد اللطيف ، الجزء الأول ص 352 )
وإذا إعتبرت محكمة ثاني درجة الورقة صحيحة تقضي بالغرامة من تلقاء نفسها بصرف النظر عن كون محكمة أول درجة قد إعتبرتها غير صحيحة، كما يجوز لها أن ترفع الغرامة التي قضت بها محكمة أول درجة إذا اتضح لها أن تقديرها لقيمتها لم يكن سليماً .
وإذا قضت محكمة الدرجة الأولي بصحة الورقة وبالغرامة ثم ألغت محكمة الدرجة الثانية هذا الحكم وقضت بردها وبطلانها كان عليها أن تلغي من تلقاء نفسها الحكم بالغرامة .
وإذا تمسك شخص بورقة عرفية وطعن من احتج عليه بها علي التوقيع المنسوب له عليها (سواء أكان توقيعاً أو ختماً أو بصمة ) بالإنكار جاز للمتمسك بالورقة أن يتنازل عن التمسك بها في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دام لم يصدر حكم من المحكمة بصحتها أو بردها وبطلانها ، وفي هذه الحالة يتعين على المحكمة أن تتوقف علي البحث في صحة هذه الورقة إذ بمجرد التنازل عنها تعتبر كأن لم تكن في الدعوى . كذلك يجوز لمن يطعن علي الورقة بالإنكار أن يتنازل عن طعنه وحينئذ تعتبر الورقة صحيحة غير أن الرأي إختلف فيما إذا كان يقضي علي الطاعن بالغرامة في هذه الحالة أم لا، ويذهب الرأي الراجح - أخذاً بما سارت عليه محكمة النقض بالنسبة للتنازل عن الطعن بالتزوير - إلي أنه في حالة التنازل عن الإدعاء بالتزوير لا يقضي بالغرامة ، وسنعرض لهذه المسألة تفصيلاً في التعليق على المادة 56 إثبات . ويجب أن يكون الحكم في الإنكار أو بالتزوير سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى ، فلا يجوز أن يقضي بتزوير الورقة وفي الموضوع معاً علي النحو الذي فصلناه في شرح المادة 44 .
والحكم الصادر في الدفع بالإنكار سواء بقبوله ورد وبطلان المحرر أو برفضه وبصحة التوقيع وتغريم الطاعن قضاء غير منه للخصومة ، ولا يجوز الطعن فيه استقلالاً وإنما يتعين استئنافه مع الحكم الصادر في الموضوع عملاً بالمادة 212 مرافعات .
ويترتب على الحكم بصحة الورقة - كما في حالة الإعتراف بها - إعتبارها حجة علي الكافة بصدورها من الشخص المنسوبة إليه وسلامتها المادية ولا يجوز نقض حجيتها بعد ذلك إلا عن طريق الطعن بالتزوير وفي الحدود التي وضحناها في التعليق على المادة 49 ، ويترتب على ذلك أنه يمتنع عن المنكر التمسك بالتقادم الصرفي المنصوص عليه في المادة 194 تجاري لأن الدفع بإنكار الورقة يدحض قرينة الوفاء المشار إليها ، غير أن الدفع بالجهالة من جانب وارث المنسوبة إليه الورقة العرفية لا يتنافى مع قرينة الوفاء التي يقوم عليها التقادم ، فيجوز للوارث بعد ثبوت صحة الورقة أن يتمسك بذلك التقادم .
( نقض 22/ 3/ 1966 ، مجموعة المكتب الفني لسنة 17 ص 618).
ومن ناحية أخرى فإنه لا يترتب على الحكم بصحة الورقة صحة التصرف المدون بها لأن هذا الحكم يقتصر علي أن التوقيع علي المحرر صادر ممن نسب إليه حقيقة ، ولا يتناول موضوع التصرف الذي يتناوله ، وبذلك يظل للمدعى عليه الحق في التمسك بجميع الدفوع الموضوعية للتخلص من التزامه على النحو الذي أوضحناه في شرح المادة 48 .
وفضلاً عن الغرامة التي أوجبتها المادة فإنه يجوز لمن أصابه ضرر من الدفع الذي أبداه خصمه بالإنكار أن يلجأ للمحكمة بعد أن يقضي برفضه طالباً التعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية عملاً بالمادة 163 من القانون المدني .
ويجدر بطالب التعويض ألا يقيم دعواه إلا بعد أن يقضي في موضوع الطعن بالإنكار وإلا كان مصير دعواه الوقف عملاً بنص المادة 129 مرافعات ، ومن ناحية أخرى فإن الدفع بالإنكار ممن نسبت إليه الورقة يعد کيدياً ما دام قد قضى برفضه ، وبالتالي ينطبق عليه نص المادة 188 مرافعات التي قضت بأنه " يجوز للمحكمة أن تحكم بالتعويضات مقابل النفقات الناشئة عن دعوى أو دفاع قصد بهما الكيد " غير أن الوارث أو الخلف الذي يطعن بالجهالة علي السند المنسوب لمورثه أو سلفه لا يعد في تقديرنا - في جميع الأحوال - أنه قصد الكيد بدفاعه - حتى في حالة رفض دفعه - بل لابد أن يقيم طالب التعويض الدليل في ذلك . ( التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية، الجزء : الأول ، الصفحة : 302 )
تطور مقدار الغرامة :
1) كانت الغرامة عند صدور القانون لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تجاوز خمسين جنيهاً .
2) أصبحت بموجب القانون رقم 23 لسنة 1992 لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه .
3) أصبحت بموجب القانون رقم 18 لسنة 1999 لا تقل عن مائتي جنيه ولا تجاوز ألف جنيه .
4) أصبحت بموجب القانون رقم 76 لسنة 2007 لا تقل عن أربعمائة جنيه ولا تجاوز ألفي جنيه .
النطاق الزمني للغرامة :
الغرامة التي يقضي بها عند الحكم بصحة كل المحرر على من أنكره، هي الغرامة التي ينص عليها القانون السارى وقت الطعن بالإنكار لا وقت الحكم فيه .
القضاء بالغرامة في حالة القضاء بصحة كل المحرر :
إذا حكم بصحة كل المحرر فإنه يحكم على من أنكره بغرامة لا تقل عن أربعمائة جنيه ولا تجاوز ألفي جنيه .
وهذه الغرامة جزاء للمنكر على سوء نيته ولتعطيله سير القضية وتأخيره تنفيذ التعهد، واضاعته لوقت القضاء بخلقه نزاعاً لا أساس له، ولتأثير ذلك على سمعة المتمسك بالورقة . ولذلك يشترط سوء النية في الإنكار فإذا كان المنكر هو وكيل صاحب المحرر ثم حضر صاحبه واعترف بصحة توقيعه قبل الشروع في التحقيق فإنه لا يحكم عليه بالغرامة .
أما إذا قضت المحكمة بصحة جزء من المحرر دون الجزء الآخر فلا يحكم بهذه الغرامة لأن المنكر قد أثبت بالفعل بعض ما ادعاه ، ونجح في ذلك. ومن باب أولى إذا قضت المحكمة بعدم صحة المحرر كله فلا يحكم بالغرامة على المنكر، ولا يحكم بأية غرامة على من تمسك به لأن النص لا يسمح بذلك ، وهذا طبیعی فقد لا يكون سئ النية وتمسك به بالفعل على أنه صادر من خصمه. وإنما يحكم عليه بالتعويض عملاً بالمادة 188 مرافعات إذا ثبتت سوء نيته .
لا يجوز الحكم بالغرامة إذا قضى بعدم قبول الطعن بالإنكار :
لا يحكم بالغرامة إذا لم تحكم المحكمة بصحة المحرر، وإنما قضت بعدم قبول الطعن بالإنكار، لأن الحكم بصحة الورقة لا يكون إلا في حق الطعن بالإنكار المنصب على ذات الخط أو التوقيع أو البصمة أو الختم والذي يقبل وينظر موضوعاً ، ويجرى فيه التحقيق بالطريق المرسوم في القانون أو بغيره من الطرق القانونية التي يراها القاضي ثم يبين بعد التحقيق أن الإنكار هو إنكار غير صحيح، فضلاً عن أن الحكم بالغرامة لا يوقع - بحسب نص المادة - إلا إذا حكمت المحكمة بصحة المحرر، والحكم بصحة المحرر ممتنع في حالة القضاء بعدم قبول الطعن بالإنكار .
لا يجوز القضاء بالغرامة إذا قضت المحكمة برفض الدفع بالجهالة وبصحة المحرر :
إذا دفع الوارث أو الخلف بعدم علمه بأن الخط أو التوقيع أو البصمة أو الختم لسلفه أو لمورثه وحلف يمين عدم العلم ثم قضت المحكمة برفض الدفع بالجهالة وبصحة المحرر، فإنه لا يقضى ضده بالغرامة، لأن الوارث أو الخلف لم ينكر الخط أو التوقيع أو البصمة أو الختم، ولكنه يقرر بعدم علمه بأنها جميعاً لمورثه، وفرق كبير بين الإنكار وعدم الإعتراف لأن الإنكار يقتضي العلم بالواقعة وقد لا يكون على علم بها .
غير أنه إذا ثبت أن الخلف أو الوارث لا يمكن أن يكون جاهلاً صدور المحرر من سلفه أو مورثه، كما إذا كان هو شاهد العقد أو كان قد حرره بنفسه أو كان قد حضر مجلس العقد... إلخ، فإنه يتساوى عدم الإعتراف مع الإنكار .
هل تتعدد الغرامة؟
إذا حصل الطعن في أكثر من سند مما قدم في الدعوى وكان الطاعن واحداً، كما إذا قدمت عنده سندات إذنية موقعة من شخص آخر فطعن فيها كلها وحكم بصحتها كلها، فإن الغرامة لا تتعدد لأن الطعن منصب على توقيع شخص واحد على جميع السندات .
وإذا كان هناك سند واحد موقع من أكثر من مدين وطعنوا فيه جميعاً وحكم بصحة التوقيعات كلها فإن الغرامة تتعدد لأن كلاً منهم مسئول عن التوقيع المنسوب إليه .
وإذا طعن فيه البعض دون البعض أو حكم بصحة البعض دون البعض تتعدد الغرامة بالنسبة لمن طعن ولا يحكم بشيء ضد من لم يطعن .
وإذا كان هناك أكثر من وارث للموقع وأنكر التوقيع كل الورثة فالغرامة لا تتعدد لأن الطعن منصب على محرر واحد، ويحكم بها على الورثة معاً. وإذا أنكر بعض الورثة دون البعض فلا يحكم إلا على من أنكر دون أن يتضامن معه من لم ينكر .
ولا يقضي بالتضامن في الغرامة عند تعدد الطاعنين لأنه لا تضامن إلا بناء على إتفاق أو نص في القانون، خاصة أن هذه الغرامة - كما سنرى - غرامة مدنية لا يجوز التنفيذ بها بطريق الإكراه البدني .
القضاء بالغرامة وجوبي :
القضاء بالغرامة وجوبي وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها دون طلب إذا توافرت شروطه وللمحكمة مطلق التقدير في تحديدها بمراعاة الحد الأدنى والأقصى الوارد بالمادة. وإذا قضت محكمة ثاني درجة بصحة المحرر وجب عليها الحكم بالغرامة من تلقاء نفسها وإذا قضت محكمة الدرجة الأولى بصحة المحرر وبالغرامة، ثم ألغت محكمة الدرجة الثانية هذا الحكم وقضت بعدم صحتها كان عليها أن تلغي من تلقاء نفسها الحكم بالغرامة لأنه لا يستقيم مع إلغاء الحكم الأول .
التنازل عن الطعن بالإنكار :
يجوز لمن طعن بالإنكار التنازل عن طعنه وعندئذ يعتبر المحرر صحيحاً. ولا يقضى عليه بالغرامة .
كما يجوز للمتمسك بالمحرر المطعون فيه أن يتنازل عن التمسك به في أية مرحلة كانت عليها الدعوى مادام لم يصدر من المحكمة حكم بصحته أو برده وبطلانه ، ويتعين على المحكمة حينئذ التوقف عن تحقيق الطعن بالإنكار لأن المحرر يعتبر كأنه لم يكن .
تكييف الغرامة :
الغرامة جزاء يوقع على المنكر بسبب سوء نيته وكيده نظراً لإنكاره الصادر عن رعونه . وهي غرامة مدنية لصالح الخزانة العامة تنفذ في مواجهة المدين وعلى أمواله، ولا يجوز إستعمال الإكراه البدني لتحصيلها .
عدم جواز الطعن بالاستئناف أو النقض في الغرامة إلا مع الحكم المنهى للخصومة :
تنص المادة 212 من قانون المرافعات على أنه لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهى بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهى للخصومة كلها، وذلك عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة التنفيذ الجبري والأحكام الصادرة بعدم الإختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة، وفى الحالة الأخيرة يجب على المحكمة المحال إليها الدعوى أن توقفها حتى يفصل في الطعن وبالتالي لا يجوز الطعن بالإستئناف على الحكم الصادر بالغرامة من محكمة الدرجة الأولى إلا مع الحكم المنهى للخصومة كلها كما أنه لا يجوز الطعن عليه بالنقض إستقلالاً إذا كان الحكم صادراً من محكمة الإستئناف . ( موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود، المجلد : الثاني ، الصفحة : 786 )
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 140
(مادة 114) :
إذا حكم بصحة كل المحرر فيحكم على من أنكره بغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات، ولا تجاوز خمسين جنيهاً .
م (43) إثبات مصري، و(153) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، و(38) بینات سوري وفيها: «بغرامة (50) إلى (150) ليرة سورية ولا يحول ذلك دون الحكم للفريق الآخر بالعطل والضرر إذا كان هناك سوء نية». و(34) إثبات سوداني ونصها: «إذا انتهت المحكمة إلى صحة المحرر يحكم على من أنكره بغرامة لا تجاوز عشرين جنيهاً، ولا يحكم عليه بشيء ما إذا ثبت بعض ما ادعاه». .

