1- مناط الالتجاء إلى دعوى التزوير الأصلية المنصوص عليها في المادة 59 من قانون الإثبات ألا يكون قد احتج بالورقة المدعى بتزويرها في دعوى ينظرها القضاء، أما عند الاحتجاج بالورقة في دعوى منظورة فيتعين للادعاء بتزويرها إتباع الطريق الذي رسمه القانون في المواد من 49 إلى 58 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 اعتبارًا بأن الادعاء بالتزوير في هذه الحالة لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع في موضوع الدعوى، فلا يكون لغير المحكمة التي تنظر الموضوع أن تفصل فيه مما يشكل قاعدة آمرة، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون المحكمة قد فصلت في أمر صحة الورقة بالقبول أو الرفض وكان حكمها مبنياً على الورقة، أما إذا كان المحرر المُدّعى بتزويره قد قُدم للمحكمة إلا أنها لم تفصل في أمر صحته أو تزويره لتنازل المتمسك به عن الاحتجاج به في مواجهه المنسوب إليه المحرر أو لعدم تقديم أصل المحرر رغم الطعن عليه بالتزوير وتكليف المحكمة له بتقديمه أو ادعائه فقده أو حصول عارض من عوارض الخصومة يمنع من الحكم في الدعوى، فإن ذلك لا يمنع من قبول دعوى التزوير الأصلية طالما لم يفصل في التزوير في الدعوى السابقة صراحًة أو ضمناً .
( الطعن رقم 9839 لسنة 90 ق - جلسة 16 / 2 / 2025 )
2- لا يشترط لاستعمال قاضي الموضوع الرخصة المخولة له بمقتضى المادة 58 من قانون الإثبات اتخاذ إجراءات الادعاء بتزوير الورقة المقول بتزويرها إلا إذا بان له بجلاء من حالتها ومن ظروف الدعوى أنها مزورة. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى بأسباب سائغة تكفي لحمله رداً على ما تمسك به الطاعن بسبب النعي من أنه أتضح من مطالعة المحرر المقول بتزويره أن بياناته قد كتبت بخط واحد وليس ثمة مغايرة فيها فى هذا الشأن بما فى ذلك تاريخه والمداد المستعمل فى تحريره وليس هناك ما يحي إلى وجود ثمة تلاعب فى كتابة هذا التاريخ وهو مما يدخل فى نطاق السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع فى الحكم بصحة الورقة أو تزويرها بناءً على ما تستظهره من ظروف الدعوى وملابساتها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
(الطعن رقم 293 لسنة 62 جلسة 1998/03/25 س 49 ع 1 ص 249 ق 63)
3- لقاضي الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن يبني قضاءه بصحة الورقة المدعى بتزويرها على نتيجة المضاهاة التي يقوم بإجرائها بنفسه دون الاستعانة بخبير بحسبان أنه هو الخبير الأعلى فيما يتعلق بوقائع الدعوى المطروحة عليه ولأن القانون لم يلزمه عند الادعاء بتزوير أية ورقة أن يستعين فى فحصها بخبير بل أجاز له ذلك عند الاقتضاء .
(الطعن رقم 293 لسنة 62 جلسة 1998/03/25 س 49 ع 1 ص 249 ق 63)
4- يجوز لمحكمة الموضوع وفقا لنص المادة58من قانون الإثبات وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تحكم برد وبطلان أى محرر إذا ظهر لها بجلاء من حالته أو من ظروف الدعوى أنه مزور إلا أنه يتعين لصحة حكمها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تؤدى إلى النتيجة التى انتهت إليها .
(الطعن رقم 2142 لسنة 58 جلسة 1993/11/24 س 44 ع 3 ص 266 ق 337)
5- المشرع نظم فى المواد من 49 حتى 58 من قانون الإثبات طريق الإدعاء بالتزوير وأوجب فى المادة 49 منه أن يكون الإدعاء بالتزوير بتقرير بقلم الكتاب . وكان المقر أنه يجب على مدعى التزوير أن يسلك فى الإدعاء بالتزوير الأوضاع المنصوص عليها فى تلك المادة وما بعدها من قانون الإثبات حتى ينتج الإدعاء بالتزوير أثره القانونى ومن حق مدعى التوزير اللجوء إليه دون حاجة إلى تصريح من الحكمة ولا يعتبر إدعاء بالتزوير فى معنى المادة 49 سالفة الذكر ما لم يتبع الطريق الذى رسمه القانون ولا يؤثر فى ذلك أن المحكمة تملك بالرخصة المخولة لها بالمادة 58 من قانون الإثبات أن تحكم برد وبطلان أية ورقة إذا ظهر لها بجلاء من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة ولو لم يدع أمامها بالتزوير، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه استخلص عدم جدية طلب الطاعن وصحة توقيعه الوارد على القرار المطعون فيه من عدم سلوكه الإجراء المقرر للطعن بالتزوير والذى لا يحتاج إلى صدور ترخيص من المحكمة بإتباعه وكان هذا الذى إستخلصه الحكم سائغا وله أصله الثابت فى الأوراق وكاف لحمل قضائه فإن النعى عليه يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 621 لسنة 58 جلسة 1993/02/17 س 44 ع 1 ص 624 ق 105)
6- الحكم برد وبطلان عقد البيع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما يعنى بطلان الورقة المثبته له ، وإن كان لا يعنى بطلان الإتفاق ذاته ولا يحول من ثم دون إثبات حصوله بأى دليل آخر مقبول قانوناً .
(الطعن رقم 2256 لسنة 52 جلسة 1987/06/25 س 38 ع 2 ص 882 ق 187)
7- دل نص المادة 58 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أن المشرع لم يعلق إستعمال محكمة الموضوع للرخصة الواردة به على طلب من أى من خصوم الدعوى ، ومن ثم يكون لها أن تحكم برد و بطلان أية ورقة مطروحة عليها وفى أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لم يتخذ أحد الخصوم الإجراءات القانونية بالإدعاء بالتزوير أو حتى يطلب منها إستعمال هذه الرخصة ، طالما أن المحاج بالورقة لم يقر بصحتها صراحة أو ضمناً .
(الطعن رقم 1783 لسنة 52 جلسة 1986/05/29 س 37 ع 1 ص 620 ق 130)
8- لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - سلطة تقدير أدلة التزوير ولا يلزمها القانون بإجراء تحقيق متى أطمأنت إلى عدم جدية الإدعاء بالتزوير ووجدت فى وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفى لأقتناعها بصحة الورقة المدعى بتزويرها ولا عليها أن هى لم تشأ أن تعمل رخصة خولها لها القانون ، فلا يعيب الحكم عدم إستعمال المحكمة حقها فى أن تقضى من تلقاء نفسها برد وبطلان الورقة المدعى بتزويرها عملاً بنص المادة 58 من قانون الإثبات .
(الطعن رقم 1083 لسنة 52 جلسة 1986/02/06 س 37 ع 1 ص 185 ق 44)
9- لئن كان من المقرر وفقاً لصريح نص المادة 44 من قانون الإثبات أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضى بصحة المحرر أو رده أو بسقوط الحق فى إثبات صحته وفى الموضوع معاً ، بل يجب أن يكون قضاؤها بذلك سابقاً على الحكم فى موضوع الدعوى ، إعتباراً بأنه يجمع بين هذه الحالات الثلاث إستهداف ألا يحرم الخصم الذى تمسك بالمحرر المقضى بتزويره أو بسقوط الحق فى إثبات صحته أو الخصم المحكوم بصحة الورقة قبله - من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى ، أو يسوق دفاعاً جديداً ، أخذا بأن الإدعاء بالتزوير كان مقبولاً ومنتجاً فى النزاع ، إلا أنه لا مجال لإعمال هذه القاعدة إذا كانت المحكمة لم تر فيما ساقه الطاعن من قرائن على مجرد إدعائه بتزوير السند - دون سلوك طريق الإدعاء بالتزوير - مما يقنعها بإستعمال الرخصة المخولة لها فى المادة 58 من ذات القانون فى القضاء برده وبطلانه ، لما كان ذلك ، وكان المشرع قد نظم فى المواد من 49 إلى 58 من قانون الإثبات طريق الإدعاء بالتزوير ، و أوجب فى المادة 49 منه أن يكون ذلك الإدعاء بتقرير فى قلم الكتاب ، وكان المقرر أنه يجب على مدعى التزوير أن يسلك فى الإدعاء به الأوضاع المنصوص عليها فى تلك المادة وما بعدها من قانون الإثبات لكى ينتج الإدعاء أثره القانونى ، وكان الثابت أن الطاعن - وإن أثار أمام محكمة الموضوع أن التوقيع المنسوب إليه على التنازل عن الإيجار المسطر بالعقد مزور عليه ، إلا أنه لم يسلك السبيل الذى رسمه القانون ، فإنه يكون من حق تلك المحكمة أن تعتبر العقد صحيحاً ، ما دامت لم تر هى من ظروف الدعوى وفقاً للمادة 58 سالفة البيان أنه مزور - فلا على المحكمة إذ هى قضت بصحة ذلك التنازل ، وفى الموضوع بحكم واحد .
(الطعن رقم 505 لسنة 48 جلسة 1982/12/09 س 33 ع 2 ص 1134 ق 205)
10- مؤدى نص المادة 30 من قانون الإثبات أنه إذا أنكر من يشهد عليه المحرر خطه أو إمضاءه أو ختمه أو بصمة إصبعه أو أنكر ذلك خلفه أو نائبه وكان المحرر منتجاً فى النزاع و لم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدة المحكمة فى شأن صحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة إصبعه أمرت المحكمة بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما مما مفاده أن قاضى الموضوع غير ملزم بالإلتجاء إلى تحقيق الخطوط بطريق المضاهاة وبسماع الشهود أو بكليهما إلا إذا لم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدته فى شأن صحة الخط أو الإمضاء أو الختم فإن كانت كافية لتكوين هذه العقيدة جاز له أن يحكم بصحة الورقة أو يحكم بردها و بطلانها إذا ظهر له بجلاء أو من ظروف الدعوى أنها مزورة وذلك على ما تقضى به المادتان 30 ، 58 من قانون المرافعات وكل ما يتطلبه القانون فى هذه الحالة أن يبين فى حكمه الظروف والقرائن التى إستبان منها ذلك ، وإذ كان يبين من أسباب الإستئناف المودعة صورة طبق الأصل منها ملف الطعن أن الطاعن تمسك بإنكاره ما هو منسوب إليه من كتابة العبارة الواردة على كشوف الحساب أو التوقيع عليها بما يفيد إقراره بصحة الحساب وإذ جاء الحكم المطعون فيه ولم يعرض لدفاع الطاعن بالإنكار على توقيعه وإقراره بصحة الحساب ومع ذلك قضى بتأييد الحكم الإبتدائى دون أن يبين سبب عدم إجرائه تحقيقاً ووجه إقتناعه بأن توقيع الطاعن وإقراره صحيحين من وقائع الدعوى ومستنداتها على ما تقضى به المادة 30 من قانون الإثبات سالفة البيان كما أنه لم يبين مدى جدية هذا الدفع فإنه يكون فضلاً عن خطئه فى القانون قد جاء قاصر البيان .
(الطعن رقم 233 لسنة 49 جلسة 1981/06/15 س 32 ع 2 ص 1826 ق 328)
11- إذا كانت المادة الخامسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية توجب إتباع أحكام قانون المرافعات فى الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية و الوقف التى كانت من إختصاص هذه المحاكم عدا الأحوال التى وردت بشأنها قواعد خاصة فى لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين الأخرى المكملة لها ، وكانت المواد الواردة بهذه اللائحة وتنظيم إجراءات الطعون فى صحة الأدلة الخطية ألغيت بالمادة 13 من هذا القانون فيتعين الرجوع فى شأن الإجراءات إلى القواعد المقررة فى قانون الإثبات الذى حل فيها محل قانون المرافعات ، لما كان ذلك وكان مؤدى نص المادة 58 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أنه لا يشترط لإستعمال المحكمة الرخصة المخولة لها فى هذه المادة أن يكون قد أدعى أمامها بتزوير الورقة التى قضت بتزويرها إذا أن نصها صريح فى تخويلها الحق فى أن تحكم برد أية ورقة وبطلانها إذا ظهر لها بجلاء من حالها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة ولو لم يدع أمامها بالتزوير وفق الإجراءات المرسومة لها .
(الطعن رقم 41 لسنة 49 جلسة 1981/05/12 س 32 ع 2 ص 1419 ق 257)
12- أنه وإن كان لمحكمة الموضوع عملاً بحكم المادة 58 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 و لو لم يدع أمامها بالتزوير بالإجراءات المبينة بهذا القانون أن تحكم برد أى محرر وبطلانه إذا ظهر لها بجلاء من حالته أو من ظروف الدعوى أنه مزور سواء أجرت فى ذلك تحقيقاً أم لم تجره ، إلا أنه يجب لصحة حكمها أن تكون الأسباب التى بنته المحكمة عليها مؤدية إلى ما قضت به ، وكان مفاد نص المادة 14 من قانون الإثبات أن حجية الورقة العرفية إنما تعتمد على شهادة الإمضاء الموقع به عليها ، وهى بهذه المثابة تعتبر حجة بما ورد فيها حتى يثبت صدورها منه ، وكان ما إستند إليه الحكم فى قضائه لا يؤدى إلى النتيجة التى إنتهى إليها ذلك أنه لما كانت العبارة التى أضيفت بهامش العقد تحمل توقيعاً منسوباً للمؤجر وهى بهذه المثابة تعتبر حجة مما ورد فيها حتى يثبت عدم صدورها منه ، وكان عدم ورود تلك العبارة بنسخة العقد التى بيد المؤجر وتحديدها بخط وجد مغايراً لما حرر به العقد لا يمكن أن يستخلص منه تزويرها وعدم صدورها منه ، فإن الحكم إذ قضى رغم ذلك برد وبطلان عقد الإيجار ورتب على ذلك قضاءه بالإخلاء يكون مشوباً بالفساد فى الإستدلال .
(الطعن رقم 654 لسنة 50 جلسة 1981/02/21 س 32 ع 1 ص 514 ق 109)
13- يجوز للمحكمة وفقاً لنص المادة 58 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن تحكم من تلقاء نفسها برد أية ورقة وبطلانها وإن لم يدع أمامها بالتزوير بالإجراءات المرسومة فى القانون إذ ظهر لها بجلاء من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة ، وحسبها أن تبين فى حكمها الظروف والقرائن التى تبينت منها ذلك ، وقد جاء هذا النص عاماً لا يقيد المحكمة بدليل معين على التزوير ولابشخص معين يقدم دليله .
(الطعن رقم 408 لسنة 46 جلسة 1980/11/25 س 31 ع 2 ص 1940 ق 360)
14- الإدعاء بالتزوير هو مجموع الإجراءات التى نص عليها القانون لإثبات عدم صحة الأوراق ، و هو بهذه المثابة لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع ينصب على مستندات الدعوى يقصد به مقدمة إجتناء منفعة ومصلحة فى رد دعوى الخصم ودفعها ، وإذ كانت المادة 149 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 و إن إباحته فى أية حالة تكون عليها الدعوى إلا أنها أوجبت أن يكون بتقرير فى قلم الكتاب مشتملاً على تحديد كل مواضع التزوير المدعى به وإلا كان باطلاً كما أوجبت على مدعيه إعلان خصمه فى ثمانية الأيام التالية للتقرير بمذكرة يبين فيها شواهد التزوير و إجراءات التحقيق التى يطلب إثباتها بها وإلا جاز الحكم بسقوط إدعائه مما مفاده أن من حق مدعى التزوير اللجوء إليه دون حاجة إلى تصريح من المحكمة وإنه لا يعتبر إدعاء بالتزوير فى معنى هذه المادة ما لم يتبع الطريق الذى رسمه القانون لا يؤثر فى ذلك أن المحكمة تملك بالرخصة المخولة لها بالمادة 58 من قانون الإثبات أن تحكم برد أية ورقة وبطلانها إذا ظهر لها بجلاء من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة ولو لم يدع أمامها بالتزوير . لما كان ذلك وكان الواقع فى الدعوى أن الطاعن برغم إشارته أمام محكمة أول درجة إلى تزوير وثيقة الزواج - فإنه لم يسلك السبيل الذى حدده - القانون للإدعاء بالتزوير سواء على عقد زواجه الموثق أو محضر الجلسة المنوه عنه بسبب النعى ، فإذا كانت المحكمة لم تر ما يبرر إستعمال الرخصة المخولة لها فى القضاء برد بطلان هذين المحررين ، ولم تجد فيما لوح به الطاعن من رغبة فى إتخاذ إجراءات الإدعاء بالتزوير فيهما مما يسوغ الإستجابة لطلبه - بتمكينه من الإدعاء بالتزوير مقررة أنه لم يقصد بذلك سوى إطالة أمد النزاع واللدد فى الخصومة فإنها لا تكون قد أهملت بحقه فى الدفاع .
(الطعن رقم 35 لسنة 45 جلسة 1978/01/11 س 29 ع 1 ص 163 ق 38)
15- إذا كان لقاضى الدعوى سلطة الحكم بصحة الورقة المدعى بتزويرها أو ببطلانها وردها بناء على ما يستظهره من ظروف الدعوى وملابساتها دون أن يكون ملزما بالسير فى إجراءات التحقيق أو ندب خبير ، وكانت محكمة الموضوع فى حدود سلطتها التقديرية قد استخلصت من ظروف الدعوى صحة الأوراق التى أنكرها الطاعن ، فإن النعى يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 177 لسنة 37 جلسة 1972/03/30 س 23 ع 1 ص 594 ق 92)
16- يجوز للمحكمة وفقاً للمادة 290 من قانون المرافعات السابق أن تحكم من تلقاء نفسها برد أية ورقة وبطلانها وإن لم يدع أمامها بالتزوير بالطرق المرسومة فى القانون إذا ظهر لها بجلاء من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة ، وإذ جاءت هذه المادة خالية من أى قيد أو شرط فإن مؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو تطبيقها فى أية حالة كانت عليها الدعوى ، سواء حصل إدعاء بالتزوير أو لم يحصل وسواء نجح هذا الادعاء أو فشل ، ويجوز للمحكمة من باب أولى فى حالة تشككها فى صحة الورقة المتمسك بها أن تحيل الدعوى من تلقاء نفسها إلى التحقيق إستعمالا لحقها ، وذلك فى الأحوال التى يجيز القانون فيها الإثبات بشهادة الشهود متى رأت فى ذلك فائدة للحقيقة .
(الطعن رقم 318 لسنة 36 جلسة 1971/03/09 س 22 ع 1 ص 266 ق 43)
17- مفاد نص المادة 44 من قانون الإثبات أنه لا يجوز الحكم بصحة الورقة أو بتزويرها وفي الموضوع معاً، بل يجب أن يكون القضاء في الادعاء بالتزوير سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى، حتى لا يحرم الخصم الذى تمسك بالمحرر المقضي بتزويره من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدله قانونية أو أوجه دفاع أخرى بشأن ما أريد إثباته بذلك المحرر، يستوى في ذلك أن يكون الادعاء بتزوير المحرر أمام محكمة أول درجة أو محكمة ثاني درجة، أو أن يكون القضاء من أيهما صادراً بصحة المحرر أو برده وبطلانه، أو أن يكون الحكم من محكمة ثاني درجة بالتأييد أو بالإلغاء، وسواء كان الحكم برد وبطلان المحرر بناء على ادعاء من أحد الخصوم بتزويره أو من تلقاء نفس المحكمة استعمالاً للرخصة المخولة لها بمقتضى المادة 58 من قانون الإثبات لاتحاد الحكمة التشريعية في جميع الأحوال السابقة، وهى ألا يُحرم الخصم الذى تمسك بالورقة وحُكِم بتزويرها أو ادعى التزوير وأخفق في ادعائه من تقديم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أو أوجه دفاع أخرى في موضوع الدعوى .
( الطعن رقم 15271 لسنة 93 ق - جلسة 28 / 6 / 2025 )
إذا لم تتوافر عناصر المحرر الرسمي جميعاً ، فيجب التفرقة بين فرضين : الأول - ألا يكون للمحرر مظهر المحررات الرسمية ، وعندئذٍ يكون التزوير واضحاً، وللمحكمة - المتمسك أمامها بالمحرر - أن تحكم برده دون حاجة للادعاء بالتزوير، ويجب عليها في هذه الحالة أن تبين في حكمها الظروف والقرائن التي تبينت منها ذلك، (مادة 58/ 2 قانون الإثبات). الثاني - أن يكون للمحرر مظهر المحررات الرسمية ، ولكن ينقصه أحد عناصرها، وعندئذٍ يكون المحرر بات، ويحكم القاضي - في الادعاء بالتزوير - ببطلانه ، إلا إذا تعلق الأمر ببعض العيوب التي لا تؤدى إلى بطلانه مثل عدم دفع الرسم المالى، وإذا حكم بالبطلان، وتضمن المحرر الرسمي العناصر الكافية لتكوين محرر عرفي وبصفة خاصة توقيع ذوى الشأن ، فإنه يعتبر كذلك . وبعبارة أخرى ، يتحول إلى محرر عرفي . ويكون له قوة المحرر العرفي في الإثبات . (مادة 10/ 2 قانون الإثبات) . ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 138 )
أولاً : سلطة المحكمة في الحكم برد وبطلان الورقة :
إن سلطة المحكمة في الحكم برد وبطلان أي محرر وبطلانه هي رخصة مخولة للمحكمة تملك إستعمالها إذا وجدت ما يبرر ذلك بشرط إيضاحه في أسباب حكمها وتملك عدم إستعمالها لها إذا لم يكن هناك مبرر لذلك .
كما قيل في ذلك بأن تلك السلطة رخصة خولها لها القانون فلها أن تستعملها أو لا تستعملها ولا يعيب الحكم إذا لم يبين فيه أسباب عدم إستعمال المحكمة حقها في أن تقضي من تلقاء نفسها برد وبطلان المحرر المدعى بتزويره فهذه من إطلاقات القاضي ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك .
ثانياً : هل يجوز للمحكمة أن تستعمل هذه السلطة من تلقاء نفسها :
ذهب المستشار محمد عبد اللطيف إلى أنه لا يكفي لاستعمال المحكمة حقها في الحكم برد وبطلان المحرر أن يكون قد ثبت لديها بجلاء أنه مزور بل يشترط أيضاً أن يكون الخصم قد طلب في دفاعه الحكم بتزويره فلا يجوز للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها برد وبطلان محرر لم يطعن فيه حتى ولو ثبت لديها تزويره لأن الطعن بالتزوير لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يبديه الخصم الذي يحتج عليه بمحرر قدم ضده في الدعوى فلا يجوز للمحكمة أن تتبرع للخصم بهذا الدفاع وتحكم لصالحه برد وبطلان المحرر من غير أن يكون قد طلب منها ذلك وإذا كان الشارع قد أجاز للمحكمة أن تقضي برد وبطلان أي محرر ولو لم يدع أمامها بالتزوير بالإجراءات المرسومة له فذلك اعتماداً على أن تزوير المحرر ثابت ثبوتاً قاطعاً لا يلزم معه إجراء أي تحقيق فلا يكلف مدعي التزوير أن يسلك الطريق الذي رسمه القانون لإثبات إدعائه بعد أن اقتنعت المحكمة بما حصلته من شكل المحرر وظروف تحريره أنه مزور ولكن ليس معنى هذا أن الشارع قد أعطى المحكمة سلطة الحكم برد وبطلان أي محرر من المحررات المقدمة في الدعوى حتى ولو لم يطلب منها الخصم ذلك لأن سكوت الخصم عن الطعن بالتزوير في المحرر الذي يحتج به عليه يعتبر قرينة على صحته مما يمتنع على المحكمة في هذه الحالة أن تحكم برد المحرر وبطلانه استعمالاً لحقها المقرر بالمادة 58 من قانون الإثبات وإذا كانت هذه المادة لم تشترط صراحة أن يطلب الخصم من المحكمة أن تقضي برد المحرر وبطلانه فلأن ذلك أمر مفهوم بداهة إذ لا يتصور عقلاً أن تقضي المحكمة برد وبطلان محرر لم يدع أمامها بتزويره. «مؤلفه قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الطبعة الأولى 1970 ص 402 ».
ولكن الرأي الغالب فقهاً يذهب إلى أن المحكمة بناء على نص المادة 58 من قانون الإثبات تملك الحكم من تلقاء نفسها ولو لم يدع أمامها بالتزوير برد أي ورقة وببطلانها. (الدكتور أحمد أبو الوفا في التعليق على نصوص قانون الإثبات الطبعة الثانية ص181 - وأيضاً الدكتور عبد الوهاب العشماوي في إجراءات الإثبات طبعة 1985 ص73). كما ذهب الدكتور سليمان مرقص بأن المقصود بذلك أن المحكمة تملك الحكم بالرد والبطلان من تلقاء نفسها وعلى هذا الرأي الأخير استقر قضاء محكمة النقض فذهبت إلى أنه يجوز للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها برد وبطلان أي ورقة وإن لم يدع أمامها بالتزوير لأن نص المادة 58 من قانون الإثبات قد جاء خالية من أي قيد أو شرط وأنها إذا استعملت حقها في ذلك فإنها لا تكون قد قضت بما لم يطلبه الخصوم .
( الطعن رقم 232 لسنة 33 ق جلسة 1965 / 3 / 16 ) . والطعن رقم 537 لسنة 40 ق جلسة 1975 / 11 / 18 ) .
ثالثاً : شروط الحكم برد وبطلان الورقة عملاً بالمادة 58 إثبات :
يشترط لاستعمال القاضي هذه الرخصة المخولة له بمقتضى هذا النص أن يكون تزوير المحرر ثابتاً جلياً لا يحتاج إلى تحقيق كأن يوجد بالمحرر تغييرات مادية تدركها العين المجردة كالكشط أو التحشير بين السطور أو الإضافة أو الحذف وأن تكون هذه التغييرات بحسب مظهرها الخارجي لا تدع مجالاً للشك في أن المحرر كله أو بعضه مزور أو أن يكون قد ظهر القاضي بالتأمل بالعين المجردة في الإمضاء الموقع بها على المحرر المطعون فيه أنها مغايرة تامة للإمضاء المعترف بصحتها من الخصوم على محرر آخر مقدم في ذات الدعوى أو أن يكون الظاهر من مضمون المحرر وظروف تحريره أنه مزور وينبني على ذلك أنه لا يجوز للقاضي استعمال هذه الرخصة إذا كانت العيوب التي تشوب المحرر تحتاج إلى تحقيق لإثبات تزويره بمعنى أنه لا يجوز للمحكمة أن تستعمل هذه الرخصة التي خولها لها القانون إلا إذا استبان لها من شكل المحرر أو من القرائن والظروف المحيطة بالدعوى أنه مزور بغير حاجة إلى إجراء أي تحقيق للتثبت من ذلك فإذا تشكك القاضي في صحة المحرر فلا يجوز له أن يأمر من تلقاء نفسه بإجراء المضاهاة إلا إذا كان الخصم قد سلك طريق الإدعاء بالتزوير . ( المستشار محمد عبد اللطيف المرجع السابق ص400 وما بعدها )
على أن اشتراط ظهور حقيقة الورقة من حالتها ومن ظروف الدعوى لا يقصد بها سوى ظهور الحقيقة بجلاء دون حاجة إلى تحقيق جديد ولا ينفي إمكان إستظهار تلك الحقيقة من جميع الأوراق المودعة ملف الدعوى ولو كانت أوراقاً متعلقة بدعاوى أخرى أو بما يظهر لها من الظروف وقرائن الأحوال مادامت تفيد في معرفة حقيقة الورقة المشبوهة فيجوز للمحكمة أن تستأثم في ذلك بتقرير خبير في دعوى أخرى متى كان هذا التقرير مقدماً لها ضمن أوراق الدعوى ولو كان مطعون فيه بالبطلان لخروج الخبير عن المأمورية التي رسمتها له المحكمة التي ندبته مادام هذا التقرير يساند الأسباب الأخرى لتنسي استندت إليها المحكمة في حكمها ولا يعتبر استنادها إلى هذا التقرير اعترافاً منها بعدم كفاية ظروف الدعوى لتكوين عقيدتها دون تحقيق لأن التجاءها إلى هذا التقرير لا يعدو أن يكون اعتماداً على أحد عناصر الدعوى المعارضة عليها ولا يعتبر التجاء إلى تحقيق جديد . ( الدكتور سليمان مرقص المرجع السابق ص380 ) .
ولكن محكمة النقض قد ذهبت إلى أبعد من ذلك فأجازت الإستعانة بخبير فني حيث قالت أن المادة 292 من قانون المرافعات القديم قد أجازت للمحكمة أن تحكم برد وبطلان أي ورقة يتحقق لها أنها مزورة ولو لم تقدم إليها دعوی تزوير تلك الورقة وما دام ذلك جائز للمحكمة فيجوز لها من باب أولى في حالة تشككها في صحة الورقة المتمسك بها - أن تستعين برأي خبير فني حتى يتسنى لها الحكم على بينة وتتمكن من تحقيق العدالة بين الناس لأن المادة صريحة خالية من كل قید وشرط وقد خول القانون للمحاكم حق تطبيقها في أية حالة كانت عليها الدعوى سواء حصل طعن بالتزوير أم لم يحصل وسواء أنجحت دعوى التزوير أم لم تنجح . (نقض 22 فبراير 1934 مجموعة القواعد القانونية ص 321) . ( الشرح والتعليق على قانون الإثبات المدني، المستشار/ مصطفى مجدي هرجه، طبعة 2014، 2015 دار محمود، المجلد : الأول ، الصفحة : 513 )
من المقرر أنه إذا قضت المحكمة بسقوط الادعاء بتزوير ورقة عملاً بالمادة 49 فإن هذا لا يمنعها بعدئذٍ من الحكم بتزوير الورقة طبقاً لمادة 58 .
ويجوز للمحكمة طبقاً لهذا النص الحكم على الفور بتزوير الورقة دون أن تكون ملزمة بإصدار حكم بقبول أدلة التزوير ولا تحقيق التزوير كما يطبق هذا النص في أية حالة كانت عليها الدعوى سواء كان ذلك أمام محكمة أول درجة أو محكمة ثاني درجة .
وقد ذهب رأي أنه لا يجوز للمحكمة في حالة التشكيك في صحة المحرر أن تستعين برأي خبير فني لتصل من ذلك إلى ممارسة حقها في الحكم برد وبطلان المحرر لأن شرط الحكم برد وبطلان المحرر إذا لم يدع أمامها بالتزوير بالإجراءات المقررة أن يظهر للقاضي بجلاء من حالة المحرر أو من ظروف الدعوي أنه مزور بغير حاجة إلى إجراء أي تحقيق التثبت من ذلك فإذا تشكك القاضي في صحة المحرر فلا يجوز له أن يأمر من تلقاء نفسه إجراء المضاهاة بمعرفة خبير أو سماع شهود للتحقيق من صحة المحرر أو تزويره .
(قانون الإثبات للمستشار محمد عبد اللطيف ، الجزء الأول ص 400 ). إلا أن محكمة النقض قضت بعكس ذلك واستقرت على أنه يجوز للمحكمة في هذه الحالة الاستعانة برأي خبير أو سماع الشهود .
كذلك يشترط طبقاً لهذا النص أن يكون الخصم قد طلب استبعاد المحرر المدعي بتزويره أو أشار في دفاعه إلى أنه مزور عليه، فلا يجوز للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها برد وبطلان المحرر ما دام أن الخصم لم ينع عليه التزوير ذلك أن المشرع وإن كان قد أجاز للمحكمة أن تقضي برد وبطلان أي محرر ولو لم يدع أمامها بالتزوير بالإجراءات المرسومة له إلا أنه ليس معناه أن المشرع أعطى للمحكمة سلطة الحكم برد وبطلان أي محرر حتي ولو لو يشر الخصم في دفاعه إلى أنه مزور عليه سكوت الخصم عن النعي على المحرر دليل علي صحته مما يمتنع معه على المحكمة في هذه الحالة أن تقضي برده وبطلانه عملاً بالمادة 58 ( في هذا المعني محمد عبد اللطيف ، الجزء الأول ص 402 ) . غير أنه يذهب إلى أبعد من هذا ، ويشترط أن يكون الخصم قد طلب في دفاعه الحكم بتزوير المحرر .
وإذا أنكر الخصم التوقيع المنسوب له على المحرر فإن هذا يعد طعناً على المحرر ، ويجوز للمحكمة في هذه الحالة أن تستعمل حقها المقرر في المادة 58 ، كذلك فإنه يشترط لاستعمال المحكمة حقها في الحكم برد المحرر وبطلانه من تلقاء نفسها إلا يكون المتمسك بالمحرر قد تنازل عن التمسك به لأن نص المادة 58 إثبات لا يطبق في حالة حصول التنازل عن التمسك بالمحرر .
وإذا ذكر الخصم أن المحرر المنسوب إليه مصطنع فإن هذا يعد طلباً منه باستبعاد المحرر فيما يجيز للمحكمة أن تعمل حقها المنصوص عليه في هذا المادة .
عدم التزام المحكمة بإعمال المادة 44 إذا لم تر استعمال حقها المنصوص عليه في المادة 58 :
إذا لم يسلك صاحب التوقيع طريق الادعاء بالتزوير المنصوص عليه في المادة 49 ولكنه أثار أن السند الذي يشهد عليه مزور صلباً وتوقيعاً بأي طريقة فإن المحكمة لا تلتزم بإعمال قاعدة عدم جواز الحكم بصحة المحرر أو رده أو سقوط الحق فيه وفي الموضوع معاً المنصوص عليها في المادة 44 فإذا كانت المحكمة لم تر فيما ساقه من قرائن على مجرد الادعاء بتزوير السند دون سلوك طريق الادعاء بالتزوير ما يقنعها باستعمال الرخصة المخولة لها في المادة 58 من ذات القانون في القضاء برده وبطلانه، وقضت في الدعوى علي هذا الأساس فإنه يجوز لها أن تقضي في الموضوع مباشرة وأن تنهي النزاع في مرحلة واحدة . ( التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية، الجزء الثاني ، الصفحة : 452 )
للمحكمة ولولم يدع أمامها بالتزوير أن تحكم برد أي محرر وبطلانه من تلقاء نفسها :
أجازت المادة للمحكمة، ولو لم يدع أمامها بالتزوير بالإجراءات سالفة الذكر أن تحكم برد أي محرر وبطلانه إذا ظهر لها بجلاء من حالته أو من ظروف الدعوى أنه مزور .
فالمحكمة تستعمل هذه الرخصة سواء حصل ادعاء بالتزوير أمامها بالطريق الذي رسمه القانون أو لم يحصل، وسواء نجح هذا الدفاع أو فشل. كما أنها في حالة حصول الادعاء بالتزوير أمامها بالإجراءات التي رسمها القانون، فلها ألا تتبع الإجراءات المطولة للتحقيق بالشهود أو المضاهاة .
والمحكمة تقضي برد المحرر وبطلانه إذا ما اتضح لها تزوير المحرر. كما أن لها من باب أولى في حالة تشككها في صحة المحرر المتمسك به أن تستعين برأي خبير فني حتى يتسنى لها الحكم على بينة وتتمكن من تحقيق العدالة بين الناس لأن المادة صريحة خالية من كل قيد .
القضاء بالرد والبطلان رخصة للمحكمة :
قضاء المحكمة برد المحرر وبطلانه رخصة للمحكمة، لها استعمالها إذا وجدت ما يبرر ذلك، ولها عدم استعمالها إذا لم تر مبرراً لذلك .
لا يلزم أن يطلب أحد الخصوم رد وبطلان المحرر :
لا تشترط المادة لكي تقضي المحكمة برد المحرر وبطلانه من تلقاء نفسها، أن يكون ذلك بناء على طلب أحد الخصوم بل لم تشترط المادة مجرد تنبيه الخصم إلى ذلك .
شروط القضاء برد المحرر وبطلانه من تلقاء نفس المحكمة :
اشترطت المادة للقضاء برد المحرر وبطلانه من تلقاء نفس المحكمة توافر شرطين :
الشرط الأول :
أن يظهر للمحكمة بجلاء من حالة المحرر أو من ظروف الدعوى أنه مزور ومثل ذلك أن يوجد بالمحرر تغييرات مادية تدركها العين المجردة كالكشط أو التحشير بين السطور أو الإضافة أو الحذف وأن تكون هذه التغييرات بحسب مظهرها الخارجي لا تدع مجالاً للشك في أن المحرر كله أو بعضه مزور، أو أن يكون قد ظهر القاضي بالتأمل بالعين المجردة في الإمضاء الموقع بها على المحرر المطعون فيه أنها مغايرة للإمضاء المعترف بصحتها من الخصوم على محرر آخر مقدم في ذات الدعوى، أو أن يكون الظاهر من مضمون المحرر وظروف تحريره أنه مزور .
أما إذا تشككت المحكمة في صحة المحرر المتمسك به فإنه يجوز لها أن تستعين برأي خبير حتى يتسنى لها الحكم على بينة .
الشرط الثاني :
أن تبين المحكمة في حكمها الظروف والقرائن التي تبينت منها تزوير المحرر. فيكفي لإقامة حكمها أن يثبت لديها أن السند المطعون فيه لم يصدر ممن نسب إليه لتقضي بتزويره غير أن المحكمة لا تلزم ببيان الطريقة التي وقع بها التزوير .
يجوز للمحكمة القضاء في التزوير والموضوع معاً :
لئن كانت المادة 44 من قانون الإثبات توجب على المحكمة إذا قضت بصحة المحرر أو برده، أن تحدد جلسة لنظر الموضوع، أي لا يجوز لها أن تقضي بصحة المحرر أو برده وفي الموضوع بحكم واحد، إلا أن مجال إعمال هذا النص أن يكون الخصم قد سلك طريق الإدعاء بالتزوير طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في قانون الإثبات، ولا يسري على التزوير الذي تقضي به المحكمة أو برفضه من تلقاء نفسها دون اتباع الإجراءات المذكورة . ( موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود، المجلد : الثاني ، الصفحة : 902 )
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة : 146
(مادة 129) :
يجوز للمحكمة - ولو لم يدع أمامها بالتزوير بالإجراءات المتقدمة - أن تحكم برد أي محرر وبطلانه إذا ظهر لها بجلاء من حالته أو من ظروف الدعوى أنه مزور .
ويجب عليها في هذه الحالة أن تبين في حكمها الظروف والقرائن التي ثبتت منها ذلك .
(م (58) إثبات مصري، و(169) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثاني والثلاثون ، الصفحة / 78
اعْتِبَارُ الْفِرَاسَةِ مِنْ وَسَائِلِ الإْثْبَاتِ :
لِلْمُتَفَرِّسِ الْمُؤْمِنِ الأْخْذُ بِفِرَاسَتِهِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى مَحْظُورٍ شَرْعِيٍّ.
أَمَّا فِيمَا يَتَّصِلُ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اعْتِبَارِ الْفِرَاسَةِ مِنْ وَسَائِلِ الإْثْبَاتِ فِي الْقَضَاءِ أَوْ عَدَمِ اعْتِبَارِهَا:
فَذَهَبَ الطَّرَابُلُسِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ
وَابْنُ فَرْحُونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ الْحُكْمِ بِالْفِرَاسَةِ؛ لأَِنَّهُ حُكْمٌ بِالظَّنِّ وَالْحَزْرِ وَالتَّخْمِينِ، وَوُصِفَ الْحَاكِمُ الَّذِي يَعْتَمِدُ ذَلِكَ فِي أَحْكَامِهِ بِالْفِسْقِ وَالْجَوْرِ، لأِنَّ الظَّنَّ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، وَلأِنَّ مَدَارِكَ الأْحْكَامِ مَعْلُومَةٌ شَرْعًا مُدْرَكَةٌ قَطْعًا، وَلَيْسَتِ الْفِرَاسَةُ مِنْهَا.
وَذَهَبَ قَاضِي الْقُضَاةِ الشَّامِيُّ الْمَالِكِيُّ بِبَغْدَادَ إِلَى الأْخْذِ بِالْفِرَاسَةِ وَالْحُكْمِ بِهَا، جَرْيًا عَلَى طَرِيقَةِ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ فِي قَضَائِهِ، وَذَهَبَ إِلَى هَذَا ابْنُ الْقَيِّمِ وَقَالَ: وَلَمْ يَزَلْ حُذَّاقُ الْحُكَّامِ وَالْوُلاَةِ يَسْتَخْرِجُونَ الْحُقُوقَ بِالْفِرَاسَةِ وَالأْمَارَاتِ، فَإِذَا ظَهَرَتْ لَمْ يُقَدِّمُوا عَلَيْهَا شَهَادَةً تُخَالِفُهَا وَلاَ إِقْرَارًا.
مَقَايِيسُ الْفِرَاسَةِ:
الْفِرَاسَةُ نَوْعَانِ : نَوْعٌ مِنَ الْمَعْرِفَةِ تَحْصُلُ لِلإِْنْسَانِ دُونَ سَبَبٍ، فَهِيَ ضَرْبٌ مِنَ الْحَدْسِ، وَنَوْعٌ يَكُونُ نَتِيجَةَ التَّعَلُّمِ وَالتَّجْرِبَةِ.
أَمَّا الأْوَّلُ فَلَيْسَتْ لَهُ مَقَايِيسُ يَسْتَعْمِلُهَا الْمُتَفَرِّسُ، وَإِنَّمَا تَتِمُّ هَذِهِ الْمَعْرِفَةُ بِنُورِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ السَّابِقِ، وَمِنْ شُرُوطِهَا الاِسْتِقَامَةُ وَغَضُّ النَّظَرِ عَنِ الْمَحَارِمِ، فَإِنَّ الْمَرْءَ إِذَا أَطْلَقَ نَظَرَهُ تَنَفَّسَتْ نَفْسُهُ الصُّعَدَاءَ فِي مِرْآةِ قَلْبِهِ فَطَمَسَتْ نُورَهَا (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ).
وَالْحَقُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُجَازِي الْعَبْدَ عَلَى عَمَلِهِ مِنْ جِنْسِهِ، فَمَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنِ الْمَحَارِمِ عَوَّضَهُ إِطْلاَقَ نُورِ بَصِيرَتِهِ، قَالَ الْبَعْضُ: مَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنِ الْمَحَارِمِ، وَكَفَّ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَعَمَّرَ بَاطِنَهُ بِالْمُرَاقَبَةِ، وَتَعَوَّدَ أَكْلَ الْحَلاَلِ، لَمْ تُخْطِئْ فِرَاسَتُهُ، فَكُلَّمَا زَادَتْ تَقْوَى الْمُؤْمِنِ أَلْهَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى التَّبَصُّرَ بِالأْمُورِ وَسُرْعَةَ الْفَهْمِ، فَكَانَتْ فِرَاسَتُهُ أَثْبَتَ مِمَّنْ كَانَ أَقَلَّ تَقْوَى مِنْهُ؛ لأِنَّ هَذَا النَّوْعَ لاَ يَعْتَمِدُ فِيهِ الْمُتَفَرِّسُ عَلَى عَلاَمَاتٍ مَحْسُوسَةٍ.
وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي، وَهُوَ الْفِرَاسَةُ الْمُكْتَسَبَةُ، فَإِنَّهَا تَنْطَلِقُ مِنْ مُلاَحَظَةِ الصِّفَاتِ الظَّاهِرَةِ فِي أَبْدَانِ النَّاسِ، وَتَتَبُّعِ حَرَكَاتِهِمْ لِلتَّعَرُّفِ مِنْ خِلاَلِهَا عَلَى أَحْوَالِهِمُ الْبَاطِنَةِ، وَهِيَ وَإِنِ اشْتَرَكَتْ مَعَ النَّوْعِ الأْوَّلِ فِي بَعْضِ هَذَا فَإِنَّهَا تَخْتَلِفُ عَنْهَا بِمَا وَضَعَهُ لَهَا الْقَائِلُونَ بِهَا مِنْ مَقَايِيسَ وَعَلاَمَاتٍ.
عَلَى أَنَّ الأْحْكَامَ الْمُتَوَصَّلَ إِلَيْهَا بِالْفِرَاسَةِ ظَنِّيَّةٌ يُمْكِنُ أَنْ يُصَدِّقَهَا الْوَاقِعُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَحْصُلَ مَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْهَا أَوْ عَكْسُهَا.
وَفِي كُلِّ الأْحْوَالِ فَإِنَّهُ لاَ تَأْثِيرَ لَهَا فِي حَيَاةِ النَّاسِ بِالتَّفَاؤُلِ أَوِ التَّشَاؤُمِ وَالشُّعُورِ بِالشَّقَاءِ أَوِ السَّعَادَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِيمَا يَنْفَعُ النَّاسَ فِي حُدُودِ مَا أَجَازَهُ الشَّرْعُ .

