1- دعوى إثبات الحالة بصورها المتعددة - وفى غير الحالة المنصوص عليها فى المادتين 133 ، 134 من قانون الإثبات - لا تعدو أن تكون دعوى إجرائية تحفظية صرفة، يقيمها رافعها على نفقته، ليكون ما يثبت فيها من وقائع سمعها الخبير المنتدب فى الدعوى من طرفيها وشهودهما وما يطلع عليه من أوراق أو مستندات تقدم له، سنداً يتقدم به إلى محكمة الموضوع بما قد يدعيه مستحقاً له، تملك هذه المحكمة أن تطرحه أو تأخذ ببعض ما جاء به .
( الطعن 24686 لسنة 92 ق - جلسة 3 / 2 / 2025 )
2- إذا كان المقصود من الطلب المرفوع إلى قاضى الأمور المستعجلة بإثبات حالة المعاشرة الزوجية هو إلزام الزوجة تقديم دليل ضد نفسها عن طريق الإعتداء على حريتها وشخصها فإن هذا الطلب يكون غير مقبول إذ لا جدال فى أن اللحاق بالأنثى وتعقبها لإجراء الكشف الطبى عليها كرها عنها رغبة فى إثبات حالتها الجنسية و بعد أن صرحت بإمتناعها عن إجراء هذا الكشف هو فضلاً عما فيه من إهدار لآدميتها فإنه اعتداء شاذ تأباه الكرامة الإنسانية ومما يتنافى مع الحرية الشخصية ولأن مرد هذه الأمور لجهة الأحوال الشخصية المختصة التى من شأنها أن تحقق هى أسباب مثل هذه المنازعة بالطرق التى رسمها لها القانون وقضاؤها فى ذلك مانع من طرح أسانيد هذا النزاع وأسبابه أمام جهة قضائية أخرى .
( الطعن رقم 430 لسنة 22 ق - جلسة 1956/06/21 - س 7ع 2 ص 737 ق 103 )
3- إذا كان الحكم قد قضى بندب خبير تكون مأموريته الانتقال بصحبة أحد المساهمين إلى المركز الرئيسى للشركة وتحرير محضر يثبت فيه إيداع الشركة أو عدم إيداعها صورا من تقرير مجلس الإدارة فى مركز الشركة وتسليمها أو عدم تسليمها صورا منه للمساهم وتمكينها أو عدم تمكينها إياه من الاطلاع على مستنداتها ودفاترها عن السنة المالية الماضية وتكليف الخبير باصطحاب هذا المساهم يوم انعقاد الجمعية العمومية العادية للمساهمين وتحرير محضر يثبت فيه ما يجرى فى هذا الاجتماع وما يدور فيه من مناقشات بين الأعضاء ، فان ما قضى به هذا الحكم لا يعدو أن يكون إجراءا وقتيا عاجلا اقتضاه قيام النزاع الأصلى بين الطرفين مما يملكه قاضى الأمور المستعجلة .
( الطعن رقم 55 لسنة 22 ق - جلسة 1954/03/11 س 5 ع 1 ص 615 ق 100 )
دعوى إثبات الحالة :
هي صورة خاصة من صور الدعاوى الوقتية ينظمها المشرع في المادتين 133 و 134 من قانون الإثبات، وهي ترمي إلى المعاينة كإجراء وقتي قبل رفع الدعوى الموضوعية التي تستخدم فيها المعاينة كدليل إثبات، فوفقاً للمادة 133 «يجوز لمن يخشى ضياع معالم يحتمل أن تصبح محل نزاع أمام القضاء أن يطلب في مواجهة ذوي الشأن وبالطرق المعتادة من قاضي الأمور المستعجلة الانتقال للمعاينة». ويجب لقبول هذه الدعوى توافر الشروط العامة للدعوى الوقتية، وبصفة خاصة أن يكون هناك اعتداء محتمل، وهو يتمثل في هذه الدعوى في أن الواقعة المطلوب معاينتها متغيرة المعالم بحيث يخشى ضياع معالمها إذا انتظر المدعي المعاينة بواسطة محكمة الموضوع بعد رفع الدعوى الموضوعية أمامها، ومثالها أن تكون هناك مياه ري قد تسربت من أرض الجار فأغرقت أرض المدعي، فيطلب إثبات حالة أرضه تمهيداً لرفع دعوى تعويض، ولأن الأمر يتعلق بدعوى وقتية مهمتها مساعدة الدعوى الموضوعية، فقد تطلب المشرع لقبول الدعوى أن تكون الواقعة محل المعاينة مما يحتمل أن تصبح محلاً للمنازعة الموضوعية أمام القضاء، ويمكن أن ترفع الدعوى بإثبات الحالة، سواء تعلق الأمر بحالة منقول أو عقار أو بحالة شخص، على أنه يجب في هذه الدعوى الأخيرة ألا يكون من شأن معاينة الشخص اهدار آدميته أو كرامته .
وللقاضي أن يجرى المعاينة بنفسه وحده أو مستعيناً بخبير، وله أن يندب أحد الخبراء لإجراء المعاينة، وللقاضي أو الخبير المنتدب للمعاينة، سماع شهود وفقاً لما تقدم بالنسبة للمعاينة، ولهذا فإنهم يسمعون بغير حلف يمين، وإذا ندب خبير لإجراء المعاينة، فإنه يجب اتباع القواعد المنصوص عليها في الباب الخاص بالخبرة، مع ملاحظة أنه يجب على القاضي المستعجل تحديد جلسة أمامه لسماع ملاحظات الخصوم على تقرير الخبير (134 إثبات) . فلا تؤجل هذه الملاحظات لإبدائها عند الاستعانة بالتقرير أمام محكمة الموضوع.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 248)
والمستفاد من ذلك أن دعوى إثبات الحالة هي من الدعاوى الوقتية التي يقصد بها تصوير حالة مادية يخشى ضياع معالمها إذا انتظر عرض النزاع على قضاء الموضوع وقد نص المشرع صراحة على اختصاص قاضي الأمور المستعجلة ويشترط للقضاء بها ثلاثة شروط هي:
أولاً: ضرورة توافر الاستعجال.
ثانياً: عدم المساس بأصل الحق.
ثالثاً: تقيد قاضي الأمور المستعجلة بقواعد الاختصاص الولائي.
وفيما يلي نتناول بالتفصيل كل شرط من الشروط السابقة.
أولاً : ضرورة توافر الاستعجال:
المراد بالاستعجال المبرر لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالحكم في دعاوى إثبات الحالة هو الخشية من ضياع معالم واقعة يحتمل أن تصبح محل نزاع أمام القضاء ويشترط في تلك الواقعة أن تكون متغيرة المعالم مع الزمن بحيث يخشى من ضياع هذه المعالم إذا انتظر المدعي معاينتها بواسطة محكمة الموضوع أياً كان سبب هذه الخشية وعلى ذلك يتوافر الاستعجال في كل حالة مقصود منها منع ضرر محدق قد يتعذر تلافيه مستقبلاً بإثبات حالته لاحتمال ضياعه أو لتأكيد معالم طالت مدتها أو قصرت قد تتغير مع الزمن وتضيع كل أو بعض آثارها إذا تركت لنظرها أمام القضاء العادي، ونورد فيما يلي بعض أحكام توافر فيها الاستعجال المبرر لاختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى وذلك على سبيل المثال لا على الحصر.
ويشترط أيضاً لاختصاص القضاء المستعجل أن تكون معالم العين المراد إثباتها قائمة من وقت رفع الدعوى وحتى الحكم فيها فإذا كانت قد انمحت قبل صدور الحكم قضى بعدم الاختصاص لتخلف وجه الاستعجال فيها، ولا يجدي اتفاق الطرفين على ندب خبير لإثبات حالة واقعة لا تتغير مع الزمن ولا يخشى من ضياع معالمها، وذلك لتخلف وجه الاستعجال الذي ينبع من طبيعة الدعوى و الإجراء الوقتي المطلوب فيها وليس من اتفاق الخصوم، كما وأن اختصاص قاضي الأمور المستعجلة النوعي القائم على توافر شرطي الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق من النظام العام ولا يجوز اتفاق الأفراد على مخالفته.
ثانياً : عدم المساس بأصل الحق:
الشرط الثاني لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالحكم في دعاوی إثبات الحالة هو ألا يمس في حكمه أصل الحق فإذا استبان له من ظاهر المستندات أن في القضاء بندب خبير لإثبات واقعة من شأنه المساس بأصل الحق فإنه يقضي بعدم اختصاصه نوعياً بنظر الدعوى، وعلى ذلك يجب أن تقتصر مهمة الخبير المنتدب على مجرد التصوير المادي للواقعة التي يصح أن تكون محل نزاع مستقبل أمام قضاء الموضوع وقد جرى : القضاء على توسيع مهمة الخبير بحيث تتسع لبحث مدى الضرر الذي أصاب أحد الطرفين والمبلغ اللازم لتعويضه تواطئه لطرح النزاع أمام قضاء الموضوع وذلك اختصاراً للوقت والإجراءات وحتى لا يضطر المضرور مرة أخرى إلى طلب ندب خبير لذلك أمام قضاء الموضوع .
وعلى ذلك فإذا لم تعارض المدعي عليها وأبدت رغبتها في ندب خبير الإجراء الكشف عليها فإن الدعوى تكون مقبولة ويقضي قاضي الأمور المستعجلة بندب خبير لتوقيع الكشف الطبي عليها عند توافر شرطة اختصاصه من استعجال وعدم مساس بأصل الحق ويلحق بذلك إثبات حالة حمل مستكن فلا يجوز القضاء بندب خبير لإثباته إلا إذا وافقت الزوجة على ذلك، ولذات العلة أيضاً فإنه يمتنع ندب أحد الأطباء لفحص القوى العقلية لشخص ما للتأكد من سلامتها أو ضعفها قبل أن يدركه الموت تمهيداً لإلغاء بعض التصرفات التي صدرت منها إذا ثبت اختلال هذه القوة وذلك لأن هذا الإجراء يتضمن اعتداء على الحرية الشخصية لذلك الشخص لما ينطوي عليه هذا الإجراء من إجبار على توقيع الكشف الطبي عليه وما يستلزم ذلك من موافقة وفحص وحجز فضلاً عن أن القانون قد رسم طرقاً معينة حددها لبطلان المريض أثناء مرض الموت.
ثالثاً : تقيد قاضي الأمور المستعجلة بقواعد الاختصاص الولائي:
من المقرر أن دعوى إثبات الحالة هي إحدى الدعاوى الوقتية التي يختص بها قاضي الأمور المستعجلة ولذلك يتعين أن تخضع للقواعد العامة التي تخضع لها الدعاوى المستعجلة من حيث الاختصاص الولائي والنوعي والمحلي وينبني على ذلك أن قاضي الأمور المستعجلة لا يختص بدعوى إثبات الحالة إلا إذا كان النزاع أصلاً يدخل في الاختصاص الوظيفي للقضاء المدني ومن ثم يخرج عن نطاق اختصاص المستعجل الإجراءات الوقتية المتعلقة بعمل من أعمال السيادة وكذلك تلك المتعلقة بالمسائل الجنائية وكذلك المتعلقة بأعمال الإدارة من قرارات وعقود وذلك على التفصيل التالي:
أولا : أعمال السيادة:
تخرج دعاوى إثبات الحالة المتعلقة بعمل من أعمال السيادة عن دائرة اختصاص القضاء المستعجل سواء كان المقصود منها التمهيد لرفع دعوى موضوعية أو كان من شأنها أن تؤدي إلى ثمة تأويل أو تفسير لذلك العمل وذلك الخروج أعمال السيادة عموماً عن دائرة نطاق القضاء المدني وبالتالي القضاء المستعجل الذي هو فرع منه، ويتعين لذلك القضاء بعدم قبولها تطبيق النص المادة 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والتي تنص على أنه ليس للمحاكم أن تنظر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في أعمال السيادة.
ثانياً : المسائل الجنائية:
النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص في تحقيق الجرائم بدءاً من وقوعها حتى الانتهاء من تحقيقها وإقامة الدعوى عنها أمام القضاء الجنائي أو حفظها حسبما يتراءى لها على ضوء ما تم من تحقيقات ومن ثم تخرج تلك المسائل عن نطاق اختصاص القضاء المدني وبالتالي القضاء المستعجل وعلى ذلك فإنه لا يجوز أن يطلب من قاضي الأمور المستعجلة ندب خبير لإثبات حالة واقعة هي محل تحقيق تجربه النيابة العامة، أو يحتمل أن تكون موضوع مساءلة جنائية الكون الجهة صاحبة الاختصاص في ذلك هي النيابة العامة ولها أن تندب ما تشاء من مأموري الضبط لجمع الاستدلالات اللازمة حول الموضوع، وفي حالة تقديم الدعوى الجنائية للمحكمة الجنائية فإنها تملك حق التصرف في جميع الإجراءات الوقتية المتصلة بها وإذا ما أصدرت حكمها فإنه يجوز الحجية بحيث يمتنع على القضاء المستعجل القيام بأي إجراء وقتي يؤدي إلى المساس بحجية هذا الحكم، فمثلاً إن قضى بالإدانة لكون المادة المضبوطة مادة مخدرة، فلا يجوز بعد ذلك طلب ندب خبير من قاضي الأمور المستعجلة لمعاودة فحص هذه المادة وإثبات حالتها توصلاً لما إذا كانت المادة مخدرة من عدمه، وإذا كان هذا هو الأصل العام إلا أن ذلك لا يمنع اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بنظر الإجراءات الوقتية المتفرعة عن الشق المدني إن كان للنزاع وجهاً مدنياً وقضي في ذلك (1) بأن قاضي الأمور المستعجلة لا يختص بإثبات حالة واقعة مادية تدخل في اختصاص القضاء الجنائي إلا إذا ثبت أن النزاع وجهاً مدنياً كدعوی تعويض اختص القاضي المستعجل بإثبات حالة يخشى عليها من فوات الوقت بقطع النظر عن مآل الطلبات أمام المحكمة الموضوعية.
ويثور التساؤل عما إذا كان من اختصاص قاضي الأمور المستعجلة التصريح بإخراج جثة من القبر وندب طبيب لتشريحها لمعرفة سبب الوفاة.
ذهب رأي في الفقه إلى أن القضاء المستعجل يختص عند الاستعجال الشديد بالحكم بالتصريح بإخراج الجثة من القبر وتشريحها وفحصها لمعرفة سبب الوفاة إذا لم يتعلق النزاع بجريمة، أما إذا تعلق بجريمة فالرأي أنه لا اختصاص له بالحكم بذلك إذا المختص في هذه الحالات هو النيابة العمومية أو قاضي التحقيق حسب الأحوال على اعتبار أن ذلك نوع من جميع الاستدلالات أو التحقيق طبقاً لقانون الإجراءات الجنائية.
كما ذهب رأي أخر إلى أنه يؤيد رأي غالبية الفقهاء الذين اتفقت كلمتهم على اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بذلك متى كان ذلك بناء على طلب أحد أفراد أسرة المتوفى بقصد الوصول إلى معرفة سبب الوفاة توطئة للمطالبة بالتعويض المترتب على الحادث أمام القضاء المدني إلا أنه يرى أنه يشترط لاختصاص القضاء المستعجل بالحكم بهذا الإجراء أن تكون التحقيقات التي أجرتها النيابة غير كافية لمعرفة سبب الوفاة وإلا يكون الأمر قد طرح أمام المحكمة الجنائية بحيث يصبح إخراج الجثة من مرقدها وتوقيع الكشف عليها بمعرفة طبيب هو السبيل الوحيد لمعرفة سبب الوفاة وتبعاً لذلك يختص القاضي المستعجل بإخراج جثة شخص مؤمن على حياته وتشريحها إذا قام خلاف بين شركة التأمين وبين الورثة حول سبب الوفاة، ويختص أيضاً بالحكم بهذا الإجراء إذا كان الغرض إثبات وفاة شخص أصيب أثناء العمل لمعرفة ما إذا كانت هذه الإصابات هي التي تسببت عنها الوفاة مباشرة أم لا، وذلك لتقدير قيمة التعويض الذي يستحقه ورثته قبل رب العمل.
والرأي أن هذا النظر أو ذلك كلاهما محل نظر إذ أن جواز ذلك لقاضي الأمور المستعجلة أمر يمس اختصاص النيابة العامة الأصيل المنوط بها وفقاً لقانون الإجراءات الجنائية، وذلك أنه بدفن الجثة فإنه لا يجوز عموماً استخراجها إلا إذا كان في الأمر شبهة جنائية وتحقيق تلك الشبهة هو اختصاص النيابة العامة، ولا يضرها أن تحفظ التحقيق إذا تبين لها انتفاء الشبهة، أما القول بأن قاضي الأمور المستعجلة يختص بإخراجها إذا لم يتعلق النزاع بجريمة فذلك أمر لا يتفق مع الواقع العملي إذ من المفروض عملية استخراج شهادة وفاة قبل التصريح بالدفن يبين فيها سبب الوفاة كما وأن المفروض أن يكون استخراج الجثة وتشريحها بحضور النيابة العامة أو من تندبه لذلك في ظل إجراءات معينة حفاظاً على جدية الطلب وحتى لا يبعث بحرمة القبور وقدسية الموت، وقد جاء بالتعليمات العامة للنيابات الجزء الأول القسم القضائي بند 47 ص49 أنه إذا استلزم التحقيق تشريح جثة لم يمض على دفنها أكثر من خمسة أيام فصل الصيف أو عشرة أيام في فصل الشتاء فيجب استطلاع رأي المحامي العام المختص للنظر في طلب ندب الطبيب الشرعي لاستخراج الجثة وتشريحها وإبداء الرأي المطلوب أما إذا كان قد مضى على دفنها أكثر من تلك المدة فعلى النيابة أن تستطلع رأي الطبيب الشرعي فيما إذا كان من المحتمل تحقیق الغرض المقصود من استخراج الجثة وتشريحها من عدمه على أن ترسل له ملف القضية مشفوعة بمذكرة تبين فيها ظروف الواقعة والأسباب التي دعت إلى ذلك ويجب أن ينتقل عضو النيابة مع الطبيب الشرعي لحضور عملية استخراج الجثة فإن لم يتيسر له ذلك فيجب عليه أن يكلف أحد مأموري الضبط القضائي بمرافقة الطبيب الشرعي ويلاحظ استدعاء بعض أقارب المتوفي واللحاد الذي دفنه وسؤالهم ابتداء في محضر عن أوصاف الكفن والملابس ومظهر الجثة وعن كل البيانات التي تدفع أي ريبة تثار فيما بعد حول شخصية المتوفي ثم عرض الجثة بعد استخراجها عليهم التعرف عليها، الأمر الذي يستفاد منه أن النيابة العامة هي المختصة بطلب إخراج جثة من القبر والأمر بتشريحها والقول بأنه إذا لم تصل النيابة إلى نتيجة في التحقيق يجوز لقاضي الأمور المستعجلة ندب خبير لإخراج الجثة لتشريحها هو تدخل في صميم أعمال النيابة العامة باعتبارها أمينة على الدعوى العمومية، كما وأن قاضي الأمور المستعجلة لا يستطيع من الناحية العملية اعطاء تلك الضمانات اللازمة لاستخراج الجثة أو ندب أحد أعضاء النيابة العامة أو مأموري الضبط واستدعاء اللحاد وأقارب المتوفي لبيان أوصاف الجثة وإلا لتحول إلى قاضي التحقيق الأمر الذي نرى فيه لذلك أنه يتعين على قاضي الأمور المستعجلة القضاء بعدم اختصاصه نوعياً بنظر الدعوى لو رفعت إليه المساس بأصل الحق وعلى طالب استخراج الجثة أن يلجأ إلى الطريق الطبيعة المقررة وهو اللجوء إلى النيابة العامة صاحبة السلطة في التحقيق باعتبارها الأمينة على الدعوى العمومية.
وقد ذهبت الدكتورة أمينة النمر في مرجعها السابق ص 308 إلى أنه متی رفعت الدعوى إلى القضاء المستعجل وكانت الدعوى الجنائية قائمة أمام المحكمة الجنائية فلا تنطبق في هذه الحالة قاعدة (الجنائي بوقف المدني) الواردة في المادة 65 من قانون الإجراءات الجنائية لأن الهدف من هذه القاعدة هو تلافي التأثير في الدعوى الجنائية والقضاء المستعجل يصدر أحكام بإجراءات مؤقتة لا تفيد محكمة الموضوع فلا يكون له هذا التأثير فينتفي الداعي لأعماله بالتالي ومن جهة أخرى طبيعة الدعوى المستعجلة لا تتفق مع وقف الدعوى كنظام قانوني يؤدي إلى تعطيل السير في الدعوى وإرجائه وأن الرأي هو أن خطاب المشرع في المادة 265 إجراءات موجه إلى القضاء الموضوعي دون القضاء المستعجل.
ثالثاً : القرارات الإدارية:
من المقرر وفقاً لنص المادة 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 أنه ليس لجهة القضاء العادي أن تؤول الأمر الإداري أو توقف تنفيذه والقضاء المستعجل بحسبانه فرعاً من القضاء المدني يتقيد هو الآخر في نظر الإجراءات الوقتية بذات القيد الذي يقيد جهة الاختصاص العادي وعلى ذلك فليس لقاضي الأمور المستعجلة ندب خبير لإثبات حالة واقعة من شأنها المساس بأمر إداري أو تأويله أو إذا كان المقصود منها خدمة دعوى تعويض ترفع فيما بعد أمام الجهة المختصة. إلا تلك القرارات التي نص المشرع استثناء باختصاص القضاء العادي بطلب إلغائها أو التعويض عنها فإنه في تلك الحالة يختص قاضي الأمور المستعجلة بنظر الإجراء الوقتي المتعلق بالنزاع المسموح بعرضه على القضاء العادي على سبيل الاستثناء وقضى في ذلك بأن القضاء المستعجل مقيد بقواعد الاختصاص المتعلقة بالوظيفة عند نظر دعوى إثبات الحالة وأن قاضي الأمور المستعجلة مقيد عند نظر إجراء مؤقت بالقيود والأوضاع التي تحد من اختصاص محكمة الموضوع التي يتفرع منها، كخروج النزاع عن ولاية المحاكم العادية، وكعدم اختصاصها بتأويل أو تفسير الأوامر الإدارية وكعدم اختصاصها بما يدخل في ولاية قضاء آخر، وبالنسبة للقرارات الإدارية فإن القضاء المستعجل لا يختص وظيفياً بنظر الدعوى المستعجلة بما في ذلك دعوى إثبات الحالة التي تؤدي إلى المساس بالقرار الإداري، وانتهى الحكم إلى تأييد الحكم الابتدائي القاضي بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بطلب ندب خبير لمعاينة العين الراسي مزادها على المدعيين والتي أصدر وزیر الأوقاف القرار رقم 1/1978 في 1978/ 3 / 15 بأن تزال إدارياً جميع التعديات الواقعة على مسجد محمد أحمد ابن طولون الأثري وملحقاته والأرض التابعة له بالعقار محل النزاع مع إلغاء قرار لجنة القسمة وعقد شراء المشتاعين لهذا القرار.
وبالرغم من أنه ليس من شأن قاضي الأمور المستعجلة الفصل في إجراء مؤقت من شأنه التعرض للقرارات الإدارية بطريق مباشر إلا أنه ولما كان القضاء في دعاوى إثبات الحالة هو قضاء مؤقت لا يفصل في أمر يثبت أنه حق إنما هو بمثابة إجراء يرى القاضي من ظروف الدعوى أن الحاجة ماسة إلى المحافظة على الحق الذي ستفصل فيه محكمة الموضوع فهو في الواقع من إجراءات الإثبات الموصلة لإظهار الحقيقية كما وأن هذا الإجراء يجوز نقض أثره من محكمة الموضوع ولهذا لا يقوم له بأي حال من الأحوال قوة الشيء المقضي فيه وعلى ذلك فإنه عندما يتضرر فرد مما قد يلحق به من أضرار نتيجة لتنفيذ أمر إداري لا يمكن تعرف جديته من ظاهر المستندات ودرجة انطباقه على القوانين واللوائح فإن القضاء المستعجل يختص بإثبات الحالة لمعرفة سبب الضرر وما إذا كان نتيجة مباشرة لتنفيذ أمر إداري أم نتيجة عمل عدواني يكون محل دعوى مستقبلاً أمام محكمة الموضوع وتطبيقاً لذلك قضى بأنه إذا كان المدعون قد أوردوا بصحيفة دعواهم أنه في يوم 1978 / 5 / 10 قام بعض موظفي مديرية الري بالدقهلية وفي حماية قوات كبيرة من الشرطة باغتصاب الأرض محل النزاع دون سند من القانون بيناً قرر الحاضر عن الحكومة بأن ما قام به موظفي الري ورجال الشرطة من إزالة تعدي المدعيين على العين موضوع الدعوى كان مستنداً على قرار إداري فإنه ولما كان من المقرر أن القضاء المستعجل لا يختص بنظر الدعوى المستعجلة التي تتصل بقرار إداري ولو كان القصد منها خدمة دعوى تعويض ترفع عن قرار إداري معيب إلا أن المحكمة ترى أنه إذا كان طلب إثبات الحالة لا يمس ولا يتعرض لصحيح الأمر الإداري وأن كل المقصود منه إثبات الضرر الذي قد يكون ناشئاً عن خطأ ارتكبه رجال الحكومة فيجوز للقضاء المستعجل الحكم بإثباته طالما أن ذلك لا مساس فيه ولا تأويل للأمر الإداري وطرفي النزاع وشأنها بعد ذلك في اتخاذ الطريق الذي يرونه.
ولذات العلة قضى أيضاً باختصاص قاضي الأمور المستعجلة بإثبات حالة أعمال التخريب و التدمير التي أصابت المحال التجارية ودور الصناعة بفعل المتظاهرين أو من اندس بينهم من الغوغاء وتقدير قيمة الضرر المترتب على هذه الأفعال تمهيداً لمطالبة الحكومة بالتعويضات بسبب تقصير الحفظ عن اتخاذ التدابير الكفيلة بمطاردة المتظاهرين محافظة على الأمن كما وأن القضاء المستعجل يختص عند الاستعجال بالحكم بتعيين خبير لإثبات حالة عقار اتخذت بشأنه إجراءات نزع الملكية تمهيداً لأخذه للمنفعة العامة محافظة على حقوق الطرفين كطلب إثبات حالة عقار استولت عليه الحكومة قبل الاتفاق مع صاحبه على الثمن أو على التعويض له وقبل تعيين خبراء من الجهة المختصة لمعاينة وتقدير قيمته.
الخلاصة
أنه وفقاً لنص المادة 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ليس لجهة القضاء العادي أن تؤول الأمر الإداري أو توقف تنفيذه وبالتالي فإنه لا يجوز القضاء المستعجل باعتباره فرعاً من القضاء العادي أن يتخذ أي إجراء وقتي من شأنه التعرض للقرار الإداري بتأويل أو وقف تنفي. أما خارج ذلك النطاق فلقاضي الأمور المستعجلة أن يقضي بالإجراءات الوقتية المطلوبة منه طالما أنها لا تؤدي إلى تأويل الأمر الإداري أو تعطيل تنفيذه.
رابعاً: العقود الإدارية:
وفقاً لنص المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 في فقرتها الحادية عشرة تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المنازعات الخاصة بعقود الالتزام أو الأشغال العامة أو التوريد أو بأي عقد إداري آخر ومن ثم فإن جهة القضاء الإداري دون غيرها هي الجهة المختصة بنظر المنازعات الخاصة بأي عقد من العقود الإدارية ولما كان القاضي المستعجل يتقيد بالقيود التي تحد من الاختصاص الوظيفي للجهة التي هو فرع منها وهي القضاء المدني وعلى ذلك فإنه يمتنع عليه النظر في أي منازعة خاصة بالعقود الإدارية وفي ذلك قضت المحكمة الإدارية العليا بأن القضاء الإداري يختص دون غيره بالفصل موضوعة في منازعات العقود الإدارية فيلزم أن يختص تبعاً لذلك بالفصل فيما ينبثق عنها من أمور مستعجلة مادام القانون لم يسلبه ولاية الفصل في الأمور المستعجلة التي تثيرها تلك المنازعات ويعهد بها إلى جهة أخرى) وبنفس المعنى أيضاً (قضت محكمة القضاء الإداري) بأنه متى ثبت أن العقد من العقود الإدارية فإن المنازعات المتعلقة به تدخل في اختصاص محكمة القضاء الإداري بما فيها من منازعات مستعجلة تنطوي على ضرر أو نتائج يتعذر تداركها أو طلبات يخشى عليها من فوات الوقت أو اتخاذ تدابير لا يحتمل التأخير أو إجراءات وقتية أو تحفظية تكون أكثر استجابة للظروف المفاجئة حماية للحق إلى أن يفصل في موضوعها كل ذلك سواء كانت هذه المنازعات أو الطلبات مطروحة على المحكمة للفصل فيها بصفة أصلية أم باعتبارها فرعاً من المنازعات الأصلية المعروضة على المحكمة وذلك على اعتبار أن محكمة القضاء الإداري أصبحت هي وحدها قاضي العقد، وعلى ذلك فإذا ما أقيمت دعوى مستعجلة أمام قاضي الأمور المستعجلة بطلب إثبات حالة واقعة تبين له من فحص ظاهر أوراق الدعوى ومستنداتها أنها تتصل وتتعلق بتكوين أو تنفيذ أو انقضاء عقد إداري تعقده الإدارة بوصفها سلطة عامة في مجالها الوظيفي وبإدارتها المنفردة بقصد إحداث أثر قانوني تعين عليه القضاء بعدم اختصاصه ولائياً بنظر الدعوى ولو من تلقاء نفسه لتعلق قواعد الاختصاص الوظيفي بالنظام العام، كما وأنه يجوز أن يدفع بذلك الدفع في أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، وإذا ما انتهى إلى ذلك تعين عليه إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري المختصة بنظرها عملاً بنصوص المواد 109 ، 110 ، 111من قانون المرافعات، أما إذا تبين له أخذاً من ظاهر المستندات أن طلب إثبات الحالة المعروض أمامه غير معلق بعقد من العقود الإدارية وإنما إلى أحد عقود القانون الخاص، فإنه يمضي في نظر إثبات الحالة المطلوبة منه حسبما يستبان له من توافر شروطها ويقضي برفض الدفع عند إبدائه.
الاختصاص المحلي في دعاوى إثبات الحالة:
تنص المادة 1/59 من قانون المرافعات على أنه في الدعاوى المتضمنة طلب اتخاذ إجراء وقتي يكون الاختصاص للمحكمة التي في دائرتها موطن المدعي عليه أو للمحكمة المطلوب حصول لإجراء في دائرتها والمدعي بالخيار بین رفع الدعوى أمام محكمة موطن المدعي عليه أو أمام المحكمة المطلوب حصول الإجراء في دائرتها وهو الغالب عملاً وعلى كل فإن الاختصاص المحلي ليس من النظام العام ومن ثم يجوز للخصوم الاتفاق على مخالفته، وعلى ذلك فإنه عند إقامة دعوى مستعجلة بطلب إثبات حالة بالمخالفة لقواعد الاختصاص المحلي فإن قاضي الأمور المستعجلة لا يستطيع أن يقضي من تلقاء نفسه بعدم اختصاصه محلياً بنظر الدعوى وإنما يجب أن يدفع بذلك أمامه في المناسبة التي رسمها القانون في المادة 108 من قانون المرافعات، بحيث يجب أن يبدي الدفع بعدما لاختصاص المحلي قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول وإلا سقط الحق به.
طريقة رفع دعوى إثبات الحالة والحكم فيها:
ترفع دعوى إثبات الحالة بذات الطريقة التي ترفع بها الدعاوى المستعجلة من حيث ضرورة توافر المصلحة والصفة من ظاهر المستندات بالقدر اللازم الطبيعة الإجراء الوقتي المطلوب.
ويجوز لقاضي الأمور المستعجلة أن يقرر الانتقال بنفسه إلى محل الواقعة التي يخشى ضياع معالمها لمعاينتها ولإثبات حالتها المادة 132 من قانون الإثبات وذلك إذا كانت الحالة تستدعي ذلك ولكن الغالب هو أن يندب القاضي المستعجل خبيراً متخصصاً للانتقال والمعاينة ولا يجوز له تكليفه سماع الشهود بغير يمين إلا إذا استدعت الضرورة ذلك كما إذا كانت الحالة المراد إثباتها حالتها تصادم سيارة مثلاً أو سقوط عقار فيجوز لقاضي الأمور المستعجلة أن يصرح للخبير بسماع أقوال الشهود أو الفنيين الأخصائيين بدون حلف يمين وذلك توصلاً لمعرفة سبب الحادث إذا استدعى الأمر ذلك بقصد استجلاء الحقيقة.
وقد أوجبت المادة 134 من قانون الإثبات على القاضي أن يحدد جلسة لسماع ملاحظات الخصوم على تقدير الخبير وأعماله، والمراد بالملاحظات التي يجوز للخصوم إبداؤها على تقرير الخبير هي الدفوع الخاصة ببطلان أعمال الخبير لعدم مراعاتها الأوضاع الشكلية التي يوجبها القانون أو دون إخطار الخصوم بموعد انتقاله إلى محل الواقعة المراد إثباتها ومباشرتها في غيابهم أو إذا لم يقم بتنفيذه المأمورية وفقاً لمنطوق الحكم القاضي بندبه أو في حالة ما إذا رفض إثبات أقوال الخصوم وملاحظاتهم عندما يوجب الحكم ذلك، وقضى في ذلك بأنه وحيث أن الشركة المستأنفة تطعن على أعمال الخبير بالبطلان لأنه لم يثبت الملاحظات الفنية للطبيب الممثل لها أثناء المعاينة في المحضر ولم يفتح محضراً لسماع أقواله على حين أن المادة 149 إثبات تنص على أنه يجب أن يشتمل محضر أعمال الخبير على بيان حضور الخصوم وأقوالهم وملاحظاتهم موقعه منهم ما لم يكن لديهم مانع من ذلك في نكر ذلك، كما يجب أن يشتمل التقرير إلى أعمال الخبير بالتفصيل وأقوال الأشخاص الذين سمعتهم من تلقاء نفسه، وإذا استبانت المحكمة جلية هذا المطعن على أعمال الخبير انتهت إلى ندب خبير آخر الأداء المهمة، إلا أنه ومع ذلك يجب أن يلاحظ أن العبرة في البطلان هنا من عدمه يجب أن تكون بالنظر إلى الحكم القاضي بنسب الخبير في دعوى إثبات الحالة فإذا لم يكن قد نص على السماح له بسماع شهود فإن الرأي أنه لا بطلان في هذه الحالة إذا امتع الخبير عن سماع شهود أحد الطرفين لأن المقصود بدعوى إثبات الحالة هو وكما سبق تصوير حالة مادية يخشى من ضياع معالمها، ولا يسمح بسماع الشهود إلا استثناء بشرط النص على ذلك في منطوق الحكم، وإذا استبان لقاضي الأمور المستعجلة جدية الاعتراضات الشكلية التي توجه إلى أعمال الخبير فإن له أن يعيد المأمورية إلى ذات الخبير لإعادة مباشرتها مرة أخرى على ضوء اعتراضات الخصوم وملاحظاتهم كما أن له استبداله بآخر إذا رأى ضرورة تستدعي إلى ذلك وفي تلك الحالة له أن يلزم الخبير السابق برد ما يكون قد قبضه من الأمانة إلى قلم الكتاب وذلك عملاً بنص المادة 3/152 من قانون الإثبات.
كما أنه لا يجوز للخصوم إبداء دفوع ومطاعن موضوعية على تقرير الخبير إذ أن ذلك يخر عن اختصاص القضاء المستعجل ويبقى الحق لهم في ذلك أمام محكمة الموضوع التي يجوز إبداء ما يعني لهم من دفوع ومطاعن موضوعية على التقرير أمامها، وتطبيق لذلك قضى بأن الطعن بتزوير الإيصالات الموقعة من المدعي والمقدمة إلى الخبير إنما يعتبر طعناًَ موضوعياً لا يمس صحة الإجراءات الشكلية التي قام عليها، تقرير الخبير وهو ما تختص هذه المحكمة ببحثه أما ذلك الطعن الموضوعي فالطرفين وشأنهما أمام قاضي الموضوع .
كما يجوز لقاضي الأمور المستعجلة استدعاء الخبير لمناقشته إذا كان الغرض من ذلك تنوير الدعوى وكشف ما غمض في تقرير الخبير من عبارات وردت في أسبابه أو نتيجته دون خوض في الموضوع.
ومتى فرغ القاضي من سماع أقوال الخصوم وملاحظتهم فإنه تنتهي بذلك مهمته ويقضي بانتهاء الدعوى ويجوز لأي من الخصوم التمسك بالتقرير المودع عند طرح النزاع أمام محكمة الموضوع ويعتبر كل ما يثبت للقاضي المستعجل من المعاينة دليلاً قائماً في الموضوع ومن واجب محكمة الموضوع إذا لم ترى الأخذ بنتيجة المعاينة أن تبين ذلك في أسباب حكمها وإلا كان الحكم ناقص التسبيب .
وإذا لم تودع الأمانة من الخصم المكلف بإيداعها أو من غيره من الخصوم كان الخبير غير ملزم بأداء المأمورية، وتقرر المحكمة سقوط حق الخصم الذي لم يقم بدفع الأمانة في التمسك بالحكم الصادر بتعيين خبير إذا وجدت أن الأعذار التي أبداها لذلك مقبولة (المادة 137 من قانون الإثبات) وإذا حكم قاضي الأمور المستعجلة اعمالاً لما سلف بسقوط هذا الخصم في التمسك بحكم الخبير يتعين عليه القضاء بعدم الاختصاص نوعياً ينظر دعوى إثبات الحالة وذلك لتخلف وجه الاستعجال المبرر لاختصاصه بها.
وطبقاً لنص المادة 125 هـ من قانون الإثبات لا تشطب الدعوى قبل إخبار الخصوم بإيداع الخبير تقريره وعلى ذلك فإنه إذا لم يحضر الخصوم طيلة تداول الدعوى بالجلسات انتظاراً لتقرير الخبير فإنه لا يجوز شطب الدعوى وعلى الخبير أن يخبر الخصوم بإيداع التقرير في الأربع والعشرين ساعة التالية لحصوله وذلك بكتاب مسجل إلا أنه لا يترتب البطلان على عدم قيامه بذلك الإخطار ويتعين على المحكمة في هذه الحالة أن تقوم بإخطار الخصوم بإيداع التقرير حتى يبدو دفاعهم على ضوئه ويكون الحكم باطلاً بابتنائه على إجراءات باطلة إذا لم يخطر الخصوم بإيداع التقرير سواء من الخبير أو المحكمة.
وإذا لم يودع الخبير تقريره في الأجل المحدد في الحكم القاضي بندبه وجب عليه أن يودع قلم الكتاب قبل انقضاء ذلك الأجل مذكرة يبين فيها ما قام به من الأعمال والأسباب التي حالت دون إتمام مأموريته وفي الجلسة المحددة لنظر الدعوى إذا وجدت المحكمة في مذكرة الخير ما يبرر تأخره منحه أولاً لإنجازه وإيداع تقريره فإن لم يكن ثمة مبرر لتأخره حكمت عليه المحكمة بغرامة لا تزيد على خمسة عشر جنيهاً ومنحته أجل آخر لإنجاز مأموريته وإيداع تقريره أو استبدلت به غيره وألزمته برد ما يكون قد قبضه من الأمانة أو قد تم الكتاب وذلك بغير إخلال بالإجراءات التأديبية والتعويضات أو كان لها وجه حق ولا يقبل الطعن في الحكم الصادر بإقرار الخبير وإلزامه برد ما قبضه من الأمانة وإذا كان التأخير ناشئاً عن خطأ الخصم حكم عليه بغرامة لا تقل عن جنية ولا تزيد على خمسة عشر جنيهاً ويجوز الحكم بسقوط حقه في التمسك بالحكم الصادر بتعيين الخبير ( المادة 152 من قانون الإثبات).
وإذا قدم أحد الخصوم طلباً برد الخبير المنتدب فإن القاضي المستعجل هو المختص بالفصل في هذا الطلب على الوجه المبين في المواد 142 ، 145 من قانون الإثبات.
ويجب على قاضي الأمور المستعجلة تسبيب الحكم الصادر بندب الخبير في دعوى إثبات الحالة لكون له حجية مؤقتة كسائر الأحكام المستعجلة ويقيد القاضي الذي أصدره بأن لا يعدل عنه إلا إذا حصل تغيير و تعديل أو تعديل في الوقائع المادية يؤدي إلى تغيير في الظروف التي أدت إلى إصداره وعلى كل فإن عدم تسبيب الحكم الصادر بندب خبير في دعوى إثبات الحالة لا يترتب عليه البطلان إذ أنه لا يخرج عن كونه من إجراءات الإثبات التي لا يلزم وجوباً تسببها عملاً بالمادة الخامسة من قانون الإثبات.
مصاريف دعوى إثبات الحالة:
المستقر عليه هو أن قاضي الأمور المستعجلة لا يفصل في مصاريف دعوى إثبات الحالة وإنما يبقى الفصل فيها لمحكمة الموضوع التي سيعرض عليها أصل النزاع لأن دعوى إثبات الحالة إن هي إلا إجراء وقتي يقوم به صاحب الحق الذي يخشى على ضياع معالمه بغية تصوير الحالة المادية للشيء محل النزاع تمهيداً لعرض النزاع بشأنه أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فإن إلزامه بالمصاريف يتضمن مساساً بأصل الحق إذا قد يقضي له أو عليه وفي هذا أو ذاك مساس بالدعوى الموضوعية وقد جرى القضاء على إلزامه بأمانة الخبير إلى حيث الفصل في الموضوع ويجوز الطعن في الحكم الصادر بانتهاء الدعوى بجميع طرق الطعن المقررة في الدعاوي المستعجلة عملاً بنص المادة 220 مرافعات.(الشرح والتعليق على قانون الإثبات المدني، المستشار/ مصطفى مجدي هرجه، طبعة 2014، 2015 دار محمود، المجلد : الثاني ، الصفحة : 430)
مقدمة :
دعوى إثبات الحالة دعوى مستعجلة بطبيعتها ويختص بها قاضي الأمور المستعجلة وحده إذا توافر شرطاً اختصاصه على النحو الذي سنوضحه، ذلك أن المطلوب فيها إجراء وقتي لإثبات دليل يخشى من زواله، أما إذا كان الدليل ثابتاً وليس هناك من خشية زواله فإن مجال ذلك هو تقديم الدليل أمام محكمة النزاع الموضوعية تبعاً للموضوع الذي يطرح عليها، ومن ثم فلا تختص بنظر هذه الدعوى المحكمة الموضوعية .
واختصاص القضاء المستعجل بنظر دعوى إثبات الحالة وإن كان يستند إلى نص المادتين 133، 134 إثبات، إلا أن هذه الدعوى لا تعدو أن تكون من الدعاوى المستعجلة التي يختص بها القضاء المستعجل، إذ أن المشرع وقد اشترط في المادة 134 من قانون الإثبات لاختصاصه بنظرها توافر الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق فإن هذين الشرطين هما المقرران لأصل ولايته العامة المنصوص عليها في المادة 45 مرافعات ومن ثم يتعين أن تخضع للقواعد العامة التي تخضع لها غيرها من الدعاوى المستعجلة فقاضي الأمور المستعجلة مقيد في شأنها بنفس القيود التي يتقيد بها في صدد الدعاوی المستعجلة الأخرى، ومن ثم فإنه يتعين أن يراعي عند نظرها قواعد الاختصاص المتعلق بالوظيفة وقواعد الاختصاص النوعي وقواعد الاختصاص المحلي كالشأن في غيرها من الدعاوى المستعجلة، كما أنه يراعى القواعد المتعلقة بشرط قبول الدعاوی کالمصلحة والصرفة والأهلية بالقدر المقرر في شأن الدعوى المستعجلة.
الاستعجال في دعوى إثبات الحالة :
بالنسبة لقواعد الاختصاص النوعي يتعين أن يتوافر في الدعوى ركن الاستعجال وركن عدم المساس بأصل الحق وتتوافر صفة الاستعجال في الدعوى إذا كان الإجراء مقصوداً منه منع ضرر محقق قد يتعذر تلافيه مستقبلاً وذلك بإثبات حق يحتمل ضياعه إذا ترك وشأنه أو تأكيد معالم طالت مدتها أو قصرت قد تتغير مع الزمن ويضيع كل أو بعض آثارها إذا نظرت الدعوى أمام القضاء العادي ولا يمنع من اختصاصه في الفصل في الدعوى كون الأشياء المراد إثباتها مضى عليها زمن قبل رفع الدعوى متى كانت قابلة للتغيير والزيادة أو النقصان من وقت لأخر ويستوي في هذا أن تكون خشية التغير راجعة إلى عوامل طبيعية أو إلى فعل الغير أو إلى فعل الخصم نفسه ولا يلزم الإثبات حالة المنقول قابليته للتلف فحسب بل يمكن إثبات حالته أيضاً إذا كان بضاعة أثمانها خاضعة لتقلب الأسعار في السوق كالمحاصيل الزراعية، كما أن الاستعجال يتوافر أيضاً متى كانت الحالة المراد إثباتها يخشى أن تتغير معالمها بفعل الطبيعة، أو كانت هنالك ضرورة ملجئة تدعو لإتمام الأعمال المستعجلة، ويشترط أيضاً لاختصاص القضاء المستعجل أن تكون معالم العين المراد إثباتها قائمة وقت الحكم القاضي بإثباتها، أما إذا كانت قد انمحت وزالت جميع آثارها ولم يعد لها أي كيان مادي فلا يختص القضاء المستعجل بندب خبير لتحقيق وجودها لانعدام وجه الاستعجال، ويختص قاضي الأمور المستعجلة بإثبات حالة إعمال الهدم والإزالة التي يجريها مالك العقار وأثر ذلك على عقارات جيرانه وبيان الخطر الذي يتهددها والإجراءات التحفظية التي يتم اتخاذها لدرئه حتى الإنتهاء من أعمال الهدم ويجوز للقاضي عند الضرورة أن يأذن للخبير المنتدب باتخاذ التدابير العاجلة الضرورية اللازمة للمحافظة على العقار حتى الانتهاء من أعمال الهدم .
ويجوز للشخص الذي أجريت له عملية جراحية أن يطلب من القضاء المستعجل ندب طبيب للتحقق مما إذا كانت العملية قد تمت وفقاً للأصول الفنية أم أن الجراح قد ارتكب خطأ ومداه وأثره كما يختص قاضي الأمور المستعجلة بندب طبيب لتوقيع الكشف الطبي على عامل أصيب أثناء العمل لبيان الفترة اللازمة لعلاجه، وما إذا كان قد تخلف عنها عاهة مستديمة من شأنها أن تعجزه عن الاستمرار في العمل عجزاً كلياً أو جزئياً.
وإذا كانت الحالة المطلوب معاينتها لا يخشى عليها من التغيير أو الزوال بمرور الوقت أو كانت قديمة أو تقوم على أوراق أو مستندات فلا يختص القضاء المستعجل بإثبات حالتها لعدم توافر ركن الخطر المبرر لاختصاصه، وعلى ذلك لا يختص القضاء المستعجل بندب خبير لمقاس أطيان زراعية لمعرفة ما إذا كان بها عجز أم لا أو بفحص مستندات الطرفين لمعرفة مدى مطابقتها على الحدود الثابتة على الطبيعة وتحديد مساحة الجزء المغتصب لأنه ليس ثمة خطر يخشى معه أن تختفي معالم الأطيان المتنازع عليها إذ يمكن إثباتها في أي وقت أثناء نظر الدعوى أو ندب خبير لإثبات حالة مداد سند محل نزاع وعما إذا كان معاصراً لمداد التوقيع أم لاحقاً له إذا ثبت أن مثل هذه الحالة قديمة ولن يخشى عليها أن تتغير مع الزمن.
وفي رأي لبعض الشراح الفرنسيين أن قاضي الأمور المستعجلة يختص بالحكم في دعوى إثبات الحالة حتى ولو لم تتوافر فيها صفة الاستعجال متى اتفق الطرفان على ذلك وحجتهم في ذلك أن الاتفاق يعد بمثابة عقد قضائي وأنه غالباً ما يكون الدافع على هذا الاتفاق هو تفادي ما تقتضيه الدعوى الموضوعية وكثرة النفقات وبطء الإجراءات إلا أن هذا النظر غير سديد ذلك أن اختصاص القضاء المستعجل متعلق بالنظام العام فلا يجوز للخصوم الالتجاء إليه إلا إذا كان الطلب المعروض عليه مما يدخل في اختصاصه عملاً بالمادة 45 مرافعات.
كذلك فإن القول بأن القضاء المستعجل يختص بالحكم في جميع دعاوى إثبات الحالة حتى مع عدم توافر الاستعجال باعتبارها إجراء مؤقتاً يحصل على نفقة رافع الدعوى وبدون أن يقيد قضاء الموضوع قول غير سديد لأنه مخالف للقانون ومناف لطبيعة عمل القاضي المستعجل.
وإذا كانت الحالة المطلوب إثباتها لا تتغير بمضي الزمن ولكن تركها مدة يلحق ضرراً بصاحبها فإن الاستعجال يعتبر متوافراً كإثبات حالة سيارة تلفت في حادث، فبالرغم من أن التلف لن يصيبه تغيير بمرور الوقت إلا أن صاحب السيارة يضار إذا تأخر إثبات حالتها إذ ستتعطل أو يرغم صاحبها على استعمالها بصورة مشوهة وفي الحالين سيلحقه ضرر يجعل ركن الاستعجال قائماً في الدعوى.
ولا يختص قاضي الأمور المستعجلة بندب خبير لتحقيق أشياء متنازع عليها من مدة مضت بواسطة استجماع أدلة وبيانات ومعلومات من آخرين، فلا يختص بندب طبيب بيطري لتحقيق واقعة نفوق ماشية حدثت من مدة طويلة.
دعوى إثبات الحالة التي يراد بها تحصيل دليل أجل :
وقد ثار الخلاف بين الفقهاء عما إذا كان قاضي الأمور المستعجلة يختص بإثبات الحالة وإجراء التحقيق لتحصيل دليل أجل تمهيداً لنزاع مستقبل فنادى الرأي الأول بأن قاضي الأمور المستعجلة غير مختص بإثبات الحالة أو إجراء التحقيق عن أمر لم يقع بعد لعدم توافر ركن الاستعجال، فضلاً عن أنه يشترط القبول دعوى إثبات الحالة أن يكون لرافعها مصلحة محققة حالة بمعنى أن تكون مأمورية الخبير المنتدب متصلة بإدعاء ثابت معین وقت رفع الدعوى، كما وأن إثبات الحالة لا يجوز أن يكون فتوى بل يجب أن يكون دليلاً أساسياً لنزاع حال معين أو مزمع طرحه أمام القضاء. (بعض الشرائح الفرنسيين)، أما الرأي الأخر فقد ذهب إلى جواز إثبات الحالة على سند من أن هذا الطلب لا يعتبر دعوی بالمعنى الصحيح، بل هو إجراء يوفر للطرفين حلاً سريعاً مؤقتاً لا يمس صميم الحق ويؤيدون رأيهم بأربع حجج، أولها: إن النظر القانوني الحديث قد اتجه إلى حماية الحق المحتمل ذلك أن المادة الثالثة من قانون المرافعات الجديد نصت على أنه يكفي لقبول أي طلب أو دفع أن يكون لصاحبه مصلحة محتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه، وثانيها: إن المادة 133 من قانون الإثبات نصت على أنه "يجوز لمن يخشى ضياع معالم واقعة يحتمل أن تصبح محل نزاع أمام القضاء أن يطلب في مواجهة ذوى الشأن وبالطرق المعتادة من قاضي الأمور المستعجلة الانتقال للمعاينة وتراعى في هذه الحالة الأحكام المبينة في المواد السابقة".. وقياساً على ذلك يجوز الحكم بإثبات حالة كل واقعة مادية يصح أن تكون محل نزاع مستقبلاً متى كان يخشى أن تزول آثارها بمرور الوقت وثالثها: أن المادة 96 من قانون الإثبات نصت على أنه "يجوز لمن يخشى فوات فرصة الاستشهاد بشاهد على موضوع لم يعرض بعد أمام القضاء ويحتمل عرضه عليه أن يطلب في مواجهة ذوي الشأن سماع ذلك الشاهد.. وعند تحقق الضرورة يحكم القاضي بسماع الشاهد.." وتتحقق حالة الضرورة بأن يثبت أن خشية الخصم من فوات فرصة الاستشهاد في محلها الاحتمال أن يطرأ مستقبلاً ما يستحيل معه سماع شهادته كأن يكون الشاهد مريضاً مرضاً يخشى منه على حياته أو مزمعاً السفر من غير عودة بحيث لا يكون مستطاعاً سماع شهادته عندما تقام الدعوى الموضوعية، ورابعها: أن القضاء في دعاوى إثبات الحالة هو قضاء مؤقت لا يفصل في أمر يثبت فيه حقاً، إنما هو بمثابة إجراء يرى القاضي في ظروف الدعوى أن الحاجة ماسة إليه للمحافظة على الحق الذي ستفصل فيه محكمة الموضوع، كما وأن هذه الإجراءات يحوز نقض أثرها من محكمة الموضوع ولهذا لا يكون لها بأي حال من الأحوال قوة الشيء المقضي فيه (قاضي الأمور المستعجلة للمستشار محمد على رشدی، الطبعة الثانية، الجزء الأول ص 491 والقضاء المستعجل للمستشار محمد عبد اللطيف، الطبعة الرابعة ص 118) وهذا الرأي الأخير هو الذي نميل إليه إلا أنه يجب ألا يؤخذ على اطلاقه ذلك أن الأصل ألا يختص القضاء المستعجل بنظر دعوى إثبات حالة أمر مستقبل إلا إذا قام الدليل المطمئن من ظاهر المستندات على وجود النزاع الحال القائم بالفعل والذي يستوجب إثبات حالة الأمر المستقبل، فإن انتفى هذا الشرط انتفى ركن الخطر والاستعجال وخرج الأمر بالتالي على ولاية القضاء المستعجل، أما الاستشهاد على نية المشرع في هذا المقام بنص المادة الثالثة من قانون المرافعات الحالي التي أجارت قبول الدعاوى المستندة إلى مصلحة محتملة فهو مردود بأنه لا يكفي لتوافر شرط المادة المذكورة مجرد احتمال المصلحة في ذهن المدعي بل يتعين أن يكون لهذا الاحتمال مظهر جدي لذلك أفصح المشرع في المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق والتي لم يدخل القانون الحالى تعديلاً في شأن هذه الجزئية على أن دعوى قطع النزاع - وهي من أهم صور الدعاوی التي تقوم على مصلحة محتملة - لا ترفع من أي شخص يدلي بمزاعم تضر بمركز المدعي المالي أو الأدبي بل يتعين ألا تكون هذه المزاعم مجرد تخرصات فارغة ليس لها أثر ضار يعتد به وإلا كانت الدعوى غير مقبولة قضاء الأمور المستعجلة للأستاذين راتب ونصر الدين كامل، الطبعة السابعة هامش 1 ص 339)، وهذا الرأي يتفق مع ما أخذت به محكمة النقض في حكمها المشار إليه في نهاية هذا الشرح.
وتأسيساً على هذا الرأي لا يختص القضاء المستعجل بتعيين خبير لتحقيق ما إذا كانت أعمالاً معينة تصلح لرفع دعوى موضوعية أمام المحكمة أو لبيان الطرق والوسائل التي يمكن منع ضرر احتمالي متصور في مخيلة رافع الدعوى أو لمعرفة ما إذا كان للمدعي الحق في رفع دعوى تعويض عن أمر معين أو لبحث ماهية الالتزامات التي قد يلتزم بها طرفاً الخصومة في المستقبل أو لمعرفة ما إذا كانت الطريقة التي تتبعها مصلحة الجمارك أو السكك الحديدية أو شركات النقل في نقل البضائع أو في تخزينها يترتب عليها في الغالب تلف في البضاعة وما هو هذا الضرر المحتمل، أما إذا كان لرافع الدعوى مصلحة محققة في رفعها ويرغب في الحصول على دليل يتقدم به المحكمة الموضوع عند طرح النزاع بعد ذلك قد يحتمل ضياعه إذا التجأ لمحكمة الموضوع مباشرة بسبب بطء إجراءات التقاضي، فإن قاضي الأمور المستعجلة يختص عندئذٍ بندب خبير لإثبات الحالة المادية مع التصريح للخبير بأخذ أقوال من يرى سماع شهادته عند الضرورة.
وقد نصت المادة 65 من قانون تأخير الأماكن رقم 49 لسنة 1977 والتي لم يتناولها القانون رقم 136 لسنة 1981 بأي تعديل على أنه يجوز للجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم في أحوال الخطر الداهم إخلاء البناء، وكذلك المباني المجاورة عند الضرورة من السكان بالطريق الإداري واتخاذ ما تراه لازماً من الاحتياطات والتدابير في مدة لا تقل عن أسبوع إلا في حالة تهديد البناء بالانهيار العاجل فيكون لها في هذه الحالة الحق في إخلائه فوراً، كما يكون لها في حالة الضرورة القصوى هدم البناء بموجب حكم من قاضي الأمور المستعجلة بالمحكمة الكائن بدائرتها العقار ليأذن لها بالهدم و للقاضي المستعجل في سبيل التحقق من كون العقار آيلاً للانهيار أو السقوط أن يأمر بندب خبير المعاينة مباني العقار، فإذا استبان له من نتيجة المعاينة أن حالة العقار تستوجب هدمه محافظة على أرواح الناس قضى بذلك، أما إذا ثبت له من المعاينة خلاف ذلك، وأن المباني ليست متداعية إلى الحد الذي يهدد بالانهيار فإنه يتعين عليه في هذه الحالة أن يقضي برفض الدعوى.
ولا يجوز للقاضي المستعجل أن يكلف الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة بسماع شهود بلا يمين أو الاستعانة بأراء بعض الفنيين إلا إذا كانت هناك ضرورة تدعو لذلك، كما لو كانت الحالة المراد إثباتها حادث حريق أو تصادم سيارة أو سقوط عقار ودق على الخبير معرفة سبب الحادث، فيجوز للقاضي في هذه الحالات ومثيلاتها التصريح للخبير بسماع أقوال الشهود أو الفنيين الإخصائيين لمعرفة سبب الحادث بقصد استجلاء الحقيقة
عدم المساس بأصل الحق:
ويشترط لقبول طلب إثبات الحالة ألا يترتب على الحكم الصادر بهذا الإجراء أي مساس بأصل الحق بمعنى أنه لا يجوز لقاضي الأمور المستعجلة عند الحكم بإثبات الحالة أن يفسر أن يؤول العقود أو الاتفاقات المبرمة بين الطرفين للتأكد من جدية حق المدعي إذ ليس له سلطة الموازنة بين حقوق الخصوم عند الفصل، في طلب إثبات الحالة كما يمتنع عليه أن يصدر حكماً بإثبات الحالة يتعارض مع هذه الحقوق، بل يجب أن تكون مهمته مقصورة فقط على إثبات وقائع معينة يصح أن تكون محل نزاع أمام القضاء بصرف النظر عن احتمال أو عدم احتمال كسب الدعوى وترتيباً على ذلك يتعين أن تكون مهمة الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة منحصرة في بحث الوقائع المادية المتنازع عليها، أو التي يصح أن تكون محل نزاع بين الطرفين وبيان الإجراءات الوقتية اللازمة اتخاذها حتى يمكن المحافظة على حقوقها إلا أن القضاء قد استقر في أحكامه على تكليف الخبير بتحديد مدى الضرر الذي حاق بأحد الطرفين بسبب الأخر وتقدير التعويض الجابر للضرر إذا كان يتعذر تقديره مستقبلاً عند طرح النزاع أمام محكمة الموضوع كما إذا كانت حالة الشيء المطلوب إثبات حالته قابلة للتغير والتبديل وهذا القضاء يستند إلى قواعد العدالة والفوائد في النواحي العملية التي تعود بالنفع على الطرفين.
ولا يختص قاضي الأمور المستعجلة ببحث أصل الحقوق لمعرفة ما إذا كانت منتجة في الموضوع أم لا، وما إذا كانت الاتفاقات والعقود تخول لرافع الدعوى المطالبة بأصل الحق بشرط أن يكون البحث في توافر المصلحة أو انتفائها في حاجة إلى بحث موضوعي أما إذا كان بادياً من ظاهر المستندات أن الحق الموضوعي لا أساس له على الإطلاق أو غير موجود أصلاً إلا في مخيلة رافع الدعوى فإن دعوى إثبات الحالة التي ترفع في هذه الحالة تكون غير مجدية ويتعين الحكم بعدم قبولها إذا دفع المدعي عليه بهذا الدفع لانتفاء مصلحة المدعي.
عدم اختصاص القضاء المستعجل بدعوى إثبات الحالة في حالة خروج النزاع عن اختصاصه الوظيفي، أو إذا كانت تدخل في اختصاص القضاء الجنائي.
وترتيباً على ذلك لا يختص بالدعوى في الحالات الآتية:
أولاً: العقود والقرارات الإدارية:
لا يختص القضاء المستعجل بنظر دعوى إثبات الحالة عن المسائل التي تدخل في ولاية القضاء الإداري، ومنها الدعوى المتصلة بالعقود الإدارية، كما لا يختص بدعوى إثبات الحالة التي تؤدي إلى المساس بالقرار الإداري بما يوقف تنفيذه أو يؤدي إلى إلغائه، كما لا يختص بنظر دعوى إثبات الحالة التي تتصل بقرار إداري ولو كان المقصود منها خدمة دعوى تعويض ترفع عن إقرار إداري معيب ذلك أنه من المستقر عليه أن المنازعات التي يخرج موضوعها عن ولاية القضاء العادي يخرج شقها المستعجل عن اختصاص القضاء المستعجل، أما القرارات الإدارية التي أجاز القانون القضاء العادي نظرها استثناء، فإن القضاء المستعجل يختص بالتالي بنظر دعاوى إثبات الحالة التي ترفع عن منازعة متصلة بها وعلى ذلك إذا منح المشرع القضاء العادي ولاية التعويض عن نوع معين من القرارات الإدارية دون أن يمتد ذلك إلى ولاية الإلغاء، فإن دعوى إثبات الحالة التي ترفع عن هذه القرارات يتعين فيها أن تكون لخدمة دعوى تعويض أما إذا كانت تؤدي إلى وقف هذه القرارات أو إلغائها فلا يختص القضاء المستعجل بنظرها، وإذا نص المشرع على اختصاص القضاء العادي استثناء بإلغاء نوع معين من القرارات الإدارية، فإن القضاء المستعجل يختص بنظر دعوى إثبات الحالة التي ترفع عن هذه القرارات.
وفي حالة ما إذا كان طلب إثبات الحالة لا يمس صميم الأوامر الإدارية أو أعمال السيادة وقصد منه التوصل إلى إثبات الضرر الناشيء عن الخطأ الذي ارتكبه رجال الحكومة حالة تأدية أعمالهم أو بسببها تمهيداً لمطالبتها بالتعويض باعتبارها مسئولة عن أعمال موظفيها فيجوز للقضاء المستعجل الحكم بإثباتها وترتيباً على ذلك يختص قاضي الأمور المستعجلة بندب خبير لإثبات التلف الذي أصاب العقار بسبب الأعمال التي يجريها الحي والمجلس المحلي في الطريق العام، كما يختص بالحكم بندب خبير لإثبات حالة الزراعة التالفة وتقدير التعويض بسبب الخطأ الناشئ من عمال وزارة الزراعة أثناء قيامهم باستعمال المبيدات الكيماوية لمقاومة دودة القطن.
وإذا وقعت مظاهرة وتمكن المتظاهرون من تخريب أو تدمير بعض المحلات التجارية أو الصناعية فإن القضاء المستعجل يختص بندب خبير لإثبات حالة هذه المحلات وتقدير الضرر الذي أصابها تمهيداً لمطالبة الحكومة بالتعويض عنه بسبب إهمال رجال الشرطة في المحافظة على الأمن.
وإذا كان المشرع قد حرم المحاكم من نظر الدعاوى المتعلقة بملكية الأموال العامة إلا أنه إذا ثار نزاع بين الأفراد والحكومة حول ما إذا كانت العين موضوع النزاع من المنافع العامة أم لا، فإن القضاء المستعجل يختص بندب خبير للتحقق، مما إذا كانت مازالت مخصصة للمنفعة العامة أم زالت عنها هذه الصفة كذلك يختص بندب خبير للتحقق مما إذا كانت العين محل النزاع تدخل في المساحة التي صدر بها قرار نزع الملكية أم أنها خارجة عنها.
ثانياً: أعمال السيادة والهيئات ذات الاختصاص القضائي:
وبالنسبة للمسائل التي تخرج عن ولاية القضاء كأعمال السيادة فإن دعوى إثبات الحالة المتصلة بها تخرج عن اختصاص القضاء المستعجل سواء قصد منها خدمة دعوى تعويض ترفع فيما بعد أم أدت إلى المساس بعمل من أعمال السيادة بما يؤدي إلى تأويله أو وقفه أو إلغائه.
وبالنسبة للهيئات ذات الاختصاص القضائي كاللجنة القضائية للإصلاح الزراعي المنصوص عليها في المادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 فإذا ثبت استقلالها عن القضاء العادي ولا رقابة له على أعمالها، فإن القضاء المستعجل لا يختص بنظر دعوى إثبات الحالة التي ترفع عن نزاع ينطوي تحت اختصاص هذه الهيئة، وذلك ما لم يكن القضاء العادي مختصاً بالحكم بالتعويض عن المسائل التي تدخل في ولاية هذه الهيئات الخاصة، إذ في هذه الحالة يختص قاضي الأمور المستعجلة بنظر دعوى إثبات الحالة باعتبار أنها لا تعدو أن تكون تكئة لرفع دعوى التعويض.
ثالثاً: الحالة المتصلة بجريمة:
ولا يختص قاضي الأمور المستعجلة بطلب إثبات الحالة إذا كانت الواقعة المتفرع عنها الطلب تدخل في اختصاص القاضي الجنائي، وذلك شريطة أن تكون المنازعة برمتها خارجة عن اختصاص المحاكم المدنية وليس لها وجه مدني يدخل في اختصاصها، أما إذا كان للنزاع وجه مدني تختص به المحكمة المدني كدعوى التعويض، فإن القضاء المستعجل يختص بنظر دعوى إثبات الحالة التي ترفع خدمة الدعوى التعويض كذلك، فإن إقامة الدعوى الجنائية لا يحرم القضاء المستعجل من اختصاصه بنظر دعوى إثبات الحالة إذا كان النزاع وجه مدني لأن قاعدة الجنائي يوقف المدني لا تطبق على القضاء المستعجل كذلك لا يختص القضاء المستعجل بإثبات الحالة إذا كان يترتب على حكمه المساس بحجية الحكم الجنائي أو بقرار صادر من النيابة العامة في دعوى جنائية تباشر فيها تحقيقاً إذ يتعين عليه احترامها، وبالتالي لا يجوز إثبات حالة مبنی محکوم بهدمه بحكم قضائي ولا ندب خبير لتوقيع الكشف الطبي على متهم في دعوى جنائية ولا إثبات حالة أسلاك تليفونية موضوع تهمة جنائية ولو لم يتمسك أحد من الخصوم بهذا الدفع، ولا يجوز إثبات حالة أسلحة تم ضبطها في دعوى جنائية تجرى فيها النيابة تحقيقاً ولا إثبات حالة سيارة تم التحفظ عليها من النيابة العامة في جناية جلب مخدرات ولا إثبات حالة مستند تجری النيابة تحقيقاً في واقعة إتلافه أو تزويره.
هل يجوز ندب خبير لإثبات حالة شخص إذا كان في ذلك عدوان على حريته:
وقد ثار خلاف حول اختصاص القضاء المستعجل بدعوى إثبات الحالة التي ترفع بطلب ندب خبير لاتخاذ إجراء ينطوي على اعتداء على حرية المدعي عليه أو شخصه أو جسمه كالدعوى التي ترفع لإثبات حالة حمل مستكن أو إثبات حالة البكارة أو الثيوبة وغير ذلك مما يتصل بخصائص جسم المرأة فنادى رأي بأن للقضاء المستعجل سلطة الحكم بندب خبير لإثبات هذه الطلبات لأنها قد تتعلق أحياناً بنزاع خاص بإثبات النسب فضلاً عن أنها مرتبطة بالأموال والحقوق المالية، ومن ثم فهي تندرج ضمن الدعاوى التي يمكن طرحها أمام المحاكم المدنية، وأضاف أنصار هذا الرأي بأن مقارعة حججهم باستحالة تنفيذ الحكم الذي يصدر بندب طبيب لإثبات حالة من هذه الحالات لا يؤثر في اختصاص القضاء المستعجل لأن التنفيذ شئ والاختصاص في الدعوى شيء آخر فضلاً عن إمكان تنفيذ الحكم بإكراه المرأة على ذلك بطريق التهديد المالی (المرحوم محمد على راتب في الطبعة الثالثة من مؤلفه في قضاء الأمور المستعجلة ص 229)، أما الرأي الراجح الذي نؤيده فيذهب إلى أن مثل هذه الدعاوى وإن كان من الجائز أن يتفرع عنها نزاع مالي بالنسبة لما تركه المورث من أموال التركة إلا أن ذلك لا يعني قبول هذه الدعوى لأنها تفترض في شخص الآدميين محلاً لوفاء ما تعهدوا به من التزامات وتنطوي على إكراههم على تقديم أجسامهم لخصومهم مما يعد إهداراً للأدمية والكرامة وأردف أصحاب هذا الرأي بأن القول بإمكان إكراه المرأة على تنفيذ الحكم بطريق التهديد المالى مردود بأن قاضي الأمور المستعجلة ممنوع من الحكم بالتهديدات المالية فضلاً عن أن المرأة قد تظل ممتنعة عن تنفيذ الحكم بإثبات الحالة رغم صدور الحكم التمهيدي ضدها (القضاء المستعجل للمستشار محمد عبد اللطيف، الطبعة الرابعة ص 117 وقاضي الأمور المستعجلة للأستاذين راتب ونصر الدين كامل، الطبعة السابعة ص 348)، وقد أخذت بهذا الرأي محكمة النقض، وتفريعاً على ذلك فإن قاضي الأمور المستعجلة يقضي بعدم قبول الدعوى إذا عارضت المرأة في الكشف على جسمها سواء أكان الكشف مقصوداً به إثبات حالة المعاشرة الزوجية أو إثبات للزنا إذا كانت النيابة العامة لم تباشر تحقيقاً في الدعوى أو التعرف البكارة أو الثيوبة أو تبين ما يتعلق بالحمل المستكن أو طريق فض البكارة أو ما شابه ذلك وسواء أكان النزاع متصلاً بطلاق أم بإثبات نسب أم بإثبات ميراث، ومؤدى ذلك أنه إذا لم تعارض المدعي عليها في ندب خبير لإجراء هذا الكشف فإن الدعوى تكون مقبولة عند توافر الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق، كما أن الدعوى تكون مقبولة إذا رفعت من الزوجة نفسها وطلبت بها ندب طبيب لتوقيع الكشف الطبي عليها توطئة لرفع دعوى ثبوت نسب أو إثبات معاشرة زوجية كما تكون الدعوى مقبولة إذا رفعت من أحد الزوجين بطلب ندب خبير للكشف على الطفل المولود أو تحليل دمه تمهيداً لرفع دعوى بإثبات ميراثه أو نسبه أو نفيهما.
وإذا لم تحضر المدعي عليها أثناء نظر الدعوى فلا يعد ذلك قبولاً منها لتوقيع الكشف الطبي عليها إذ لا ينسب لساكت قول، وبذلك فإن القاضي المستعجل يقضي في هذه الحالة أيضاً بعدم قبول الدعوى .
الاختصاص بإثبات حالة تتعلق بالأحوال الشخصية:
يختص قاضي الأمور المستعجلة بنظر دعوى إثبات الحالة التي ترفع خدمة النزاع يتعلق بمسألة الأحوال الشخصية سواء كانت المنازعة بين المصريين أو بين غيرهم، وسواء أكانت بين مسلمين أم غير مسلمين كما يختص بنظر دعوى إثبات الحالة المستعجلة التي ترفع تمهيداً لإقامة دعوى موضوعية بمنازعة تتصل بالولاية على المال أو النفس وعلى ذلك يختص القضاء المستعجل - كما سبق أن ذكرنا -- بندب، طبيب للكشف على الزوجة بقصد إثبات النسب أو إثبات المعاشرة الزوجية إذا طلبت الزوجة ذلك. وكذلك يختص بنظر الدعوى التي يرفعها الزوج بطلب ندب طبيب الفحص الطفل المولود توصلاً إلى إثبات النسب .
عدم اختصاص قاضي إثبات الحالة بنظر النزاع عند وجود شرط التحكيم :
الاتفاق على التحكيم المنصوص عليه في المواد من 10 إلى 14 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 مؤداه إخراج المنازعة من اختصاص المحاكم وإسنادها إلى هيئة التحكيم، وقد أباح القانون الاتفاق على عرض المنازعات المستعجلة عليها دون المحاكم وعلى ذلك إذا تضمنت وثيقة التحكيم بأن تشمل المنازعات الموضوعية والمستعجلة فإنه لا يجوز رفع دعوى إثبات حالة مستعجلة أمام القضاء المستعجل، أما إذا كان شرط التحكيم عاماً ولا يشير صراحة إلى المنازعات المستعجلة فقد نادي رأي بأن الاتفاق على التحكيم لا يمنع من نظر الدعوى المستعجلة ومنها دعوى إثبات الحالة أمام القضاء المستعجل وحجتهم في ذلك أنه إجراء وقتي مستعجل يجري على نفقة صاحبه بعض أحكام القضاء الوطني والمختلط منشورة بمؤلف الأستاذين راتب ونصر الدين كامل، الطبعة السابعة ص 86) إلا أن الرأي الراجح فقها وقضاء يرى أن الاتفاق على التحكيم إذا توافرت شروطه طبقاً للقانون يمنع كل من القضاء العادي والمستعجل من نظر أية دعوى متعلقة به سواء أكانت دعوى موضوعية أم كانت بخصوص إجراء تحفظي أو مؤقت. (راجع مؤلفنا في التعليق على قانون المرافعات، الطبعة الثامنة، الجزء الثاني ص 1062 وما بعدها).
وقد اختلف الرأي بشأن الحكم الذي تقضي به المحكمة إذا كان المتخاصمان قد اتفقا مسبقاً على عرض النزاع على التحكيم فذهب رأي إلى أن الاتفاق على التحكيم لا ينزع الاختصاص من المحكمة المختصة وإنما يمنعها من سماع الدعوى وعلى ذلك فإنها تقضي في هذه الحالة بعدم قبولها (المرافعات للدكتور أبوالوفا، الطبعة الرابعة بند 12 مكرراً) إلا أن محكمة النقض ذهبت إلى أن المحكمة تقضي بعدم الاختصاص تأسيساً على أن الاتفاق المذكور معناه إخراج المنازعة من ساحة القضاء وإسناد نظرها إلى هيئة التحكيم وهذا يتعلق بالاختصاص الوظيفي لأنه يحرم جهة القضاء من نظر المنازعة ويتساءل المستشاران راتب ونصر الدين كامل قائلين أن محكمة النقض رغم إعتبارها هذا الأمر من قبيل الاختصاص المتعلق بالوظيفة فكيف تعود وتقرر أنه اختصاص لا يتعلق بالنظام العام أي أنه يجوز الاتفاق على مخالفته، وأن الحق في التمسك به يسقط بمسقطات الدفوع بعدم الاختصاص التي لا تتعلق بالنظام العام (الطبعة السابعة من مؤلفهما في قاضي الأمور المستعجلة ص 85).
وقد تبني قانون الحكم رقم 27 لسنة 1994 وجهة النظر الأولى بما نص عليه في المادة 13 منه بأنه "يجب على المحكمة التي يدفع إليها بنزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم في أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا دفع المدعي عليه بذلك قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى" ونصت الفقرة الثانية من المادة "ولا يحول رفع الدعوى المشار إليها في الفقرة السابقة دون البدء في إجراءات التحكم أو الاستمرار فيها أو إصدار حكم التحكيم".
إثبات حالة المحررات:
وقد اختلف الفقهاء في اختصاص القضاء المستعجل بإثبات حالة المحررات، فذهب الرأي الأول بأنه إذا كان المشرع قد بين طريقاً معيناً للطعن بالتزوير أو الإنكار على الأوراق الرسمية والعرفية وطرق إثبات التزوير وإجراءات الحكم برد وبطلان المستندات إلا أن هذا لا يمنع من اختصاص القضاء المستعجل بدعاوى إثبات حالة هذه المستندات سواء كانت رسمية أو عرفية مادام أنه لا يوجد نص صريح يسلبه هذا الاختصاص، ومادام أنه قد توافر شرطاً اختصاصه وهما الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق (قاضي الأمور المستعجلة للأستاذين راتب ونصر الدين كامل، الطبعة السابعة ص 344 والأحكام المشار إليها بالصفحة). ونادى الرأي الثاني بأن قاضي الأمور المستعجلة لا يختص بإثبات حالة المحررات والخطوط والتوقيعات وحجتهم في ذلك أن أصل المحرر محفوظ دائماً بمكتب التوثيق ولا يخشى عليه من الضياع أو التلف، الأمر الذي ينعدم به ركن الخطر الموجب لاختصاص القضاء المستعجل بطلب إثبات حالته وأضاف أصحاب هذا الرأي أنه حتى مع التسليم جدلاً بان أصل المحرر قد يكون عرضة للفقد أو الضياع بمكتب التوثيق إذا طال العهد به أو لأي سبب آخر كالحريق أو السرقة، إلا أن ذلك لا يبرر اختصاص القاضى المستعجل بإثبات حالته للتحقق من صحة صدوره ممن نسب إليه لأن توقيعات ذوي الشأن على المحررات الرسمية لا يجوز إثبات عدم صحتها إلا عن طريق الادعاء بالتزوير طبقاً للأوضاع والإجراءات المرسومة في قانون الإثبات، هذا بالإضافة إلى تحقيق التزوير لا يقتصر على واقعة حصول التوقيع بل يتعدى ذلك إلى موضوع المحرر نفسه لأن التزوير نوع من الغش فيجوز لمدعي التزوير في سبيل إثبات ادعائه أن يدلل على عدم صحة الالتزام المدون بالمحرر بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن، وهذه مسألة لا يتسع لها نطاق اختصاص القاضي المستعجل واستطرد أصحاب هذا الرأي إلى القول بأنه فيما يتعلق بالمحررات العرفية فإنه وإن كان يكفي فيها إنكار صدور المحرر ممن نسب إليه إلا أن ذلك لا يبرر اختصاص القاضي المستعجل بإثبات حالتها، ذلك أن المشرع رسم طريقاً معيناً لتحقيق دعوی تحقيق الخطوط في المواد من 30 إلى 48 من قانون الإثبات فأجاز أن يكون التحقيق بطريق المضاهاة أو سماع الشهود أو كليهما معاً، وهي من مسائل الإثبات التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ولا يتسع لها نطاق اختصاص القاضى المستعجل. (المستشار محمد عبد اللطيف في الطبعة الرابعة من القضاء المستعجل ص 125).
وفي تقديرنا أن الرأي الأول هو الصحيح ذلك أن التأخير في فحص مستند قد يؤدي إلى زوال معالم التزوير الذي ارتكب حديثاً إذا تأخر فحصه بعد تحرير المستند بفترة طويلة ويجوز للخبير أن يتوصل إلى معرفة ذلك من فحص مداد العبارات موضوع التزوير وقد يخشى من مضي الوقت تعذر التوصل إلى الحقيقة، هذا فضلاً عن أن الحكم بإثبات الحالة الصادرة من القاضي المستعجل لا يمنع قاضي الموضوع بعد ذلك من أن يحيل الدعوى إلى التحقيق لسماع الشهود، ثم يكون رأيه على ضوء ما يقتنع به وتفريعاً على ذلك يجوز للقاء المستعجل ندب خبير لإجراء فحص مستند يخشى من زوال معالمه بمضي الوقت .
ومجرد رفع دعوى إثبات الحالة بعد رفع دعوى الموضوع - كما سبق أن أوضحنا - لا يعتبر مساساً بالموضوع ذلك أنه من المقرر أن رفع دعوى الموضوع لا يؤثر على اختصاص القضاء المستعجل بالحكم في الدعوى المستعجلة لأن نص المادة 45 مرافعات ورد عاماً غير أنه إذا استبان له من وقائع الدعوى أن الهدف من رفعها التأثير في أصل الحق المعروض على محكمة الموضوع أو أن الغرض من تعيين الخبير فيها هو تهيئة وسيلة للدفاع سبق تقديمها لمحكمة الموضوع ولم تأخذ بها فإنه في هذه الحالة يقضي بعدم القبول.
وجوب تحديد جلسة لسماع ملاحظات الخصوم على تقرير الخبير:
وقد أوجبت نهاية المادة 134 من قانون الإثبات على القاضي أن يحدد جلسة لسماع ملاحظات الخصوم على تقرير الخبير وأعماله والمراد بالملاحظات أو الاعتراضات التي يجوز للخصوم إبداؤها أمام القاضى المستعجل هي الدفوع الخاصة ببطلان أعمال الخبير لعدم مراعاته الأوضاع الشكلية التي يوجبها القانون، كما لو أغفل الخبير إخطار الخصوم للحضور أمامه لسماع أقوالهم، أو أجرى المعاينة دون أن يخطرهم بموعد انتقاله إلى محل النزاع، ويتعين على القاضي أن يفصل في هذه الدفوع باعتبارها تتصل بالإجراءات المتخذة أثناء سير الدعوى التي ينظرها، فإذا قضى ببطلان أعمال خبير فإنه يجوز له أن يندب خبيرا أخر لمباشرة المأمورية وفقاً لما رسمه له الحكم القاضي بندبه، فإذا تبين القاضي أن هناك نقصاً جسيماً في تقرير الخبير فيحسن أن يندب خبيراً آخر لأداء المأمورية، كما يجوز له أن يعيد المأمورية لنفس الخبير المنتدب الاستيفاء الأعمال الناقصة إذا كان قد أغفل بحثها.
وإذا ظهر من تقرير الخبير واقعة مادية جديدة لم يسبق طرحها على القاضي المستعجل فيجوز له انتداب الخبير السابق لإجراء معاينة تكميلية أو المباشرة مأمورية تكميلية لتحقيق هذه الواقعة الجديدة متى كانت متعلقة بالواقعة الأصلية.
ويجوز للقاضي استدعاء الخبير لمناقشته إذا كان الغرض من ذلك استجلاء ما أغلق على الخصوم فهمه بسبب غموض في عبارات التقرير أو في نتيجته. أما المطاعن الموضوعية التي يوجهها الخصوم على تقرير الخبير فهي تخضع الرقابة قاضي الموضوع ولا ولاية للقضاء المستعجل بتحقيقها أو الفصل فيها، وعلى ذلك لا يختص بالحكم باعتماد تقرير خبير عين في دعوى إثبات الحالة أو استبداله بغيره لحصول طعن موضوعي على تقريره.
ومتى أنتهى القضاء من سماع اعتراضات الخصوم على تقرير الخبير وأعماله وكان الخبير قد أدى مأموريته وفقاً لما رسمه له الحكم القاضي بندبه وكانت أعماله قد تمت صحيحة شكلاً وفقاً للقانون فإنه يقضي بانتهاء الخصومة كذلك فإنه في حالة ما إذا كانت الملاحظات التي أبداها الخصوم غير جدية ولا يقصد منها سوى عرقلة الدعوى فإنه يقضي بإنتهاء الدعوى.
إثبات الحالة بمعرفة أحد محضري المحكمة الواقع في دائرتها النزاع:
يجوز لقاضي الأمور المستعجلة أن يصدر قراراً في مواجهة الخصوم بندب أحد محضري المحكمة الواقع في دائرتها محل النزاع بإثبات حالة مادية معينة لا تستأهل الاستعانة بأحد رجال الخبرة توفيراً للمصروفات وتحقيقاً للعدالة والوصول إلى حل مؤقت سليم يكفل حقوق الطرفين، وعلى ذلك يجوز له أن يندب محضر المحكمة لمعاينة المنقولات الموجودة في العين المؤجرة لجردها وتقدير قيمتها للتحقق من كفايتها أو عدم كفايتها لضمان الأجرة المتجمدة في ذمة المستأجر، كما يجوز ندب المحضر لمعاينة المنقولات المبينة بمحضر العرض الرسمي التحقق من مطابقتها أو عدم مطابقتها للمنقولات التي التزم المدين بتسليمها للدائن، ويتعين على المحضر في حالة ندبه أن يخطر طرفی الخصومة بالموعد الذي حدده للمعاينة ويدعوهما للحضور في الزمان والمكان المحددين ليباشر مأموريته في مواجهتهما وعليه أن يسمع أقوالهما واعتراضاتهما ويدونها في محضر حتى يكون لهذا الإجراء قيمته القانونية أمام القضاء. (القضاء المستعجل للمستشار محمد عبد اللطيف، الطبعة الرابعة ص 140 ).
وفي تقديرنا أنه لا يجوز الالتجاء لهذا الإجراء إلا في حالة الضرورة القصوى .
رد الخبير:
بينت المادة 141 من قانون الإثبات الحالات التي يجوز فيها رد الخبير، فإذا قدم أحد الخصوم طلباً يرد الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة، فإن القاضي المستعجل هو المختص بالفصل في هذا الطلب، وفقاً للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في المواد من 142 إلى 145 من قانون الإثبات .
وقد اختلف فيما إذا كانت أسباب الرد المنصوص عليها في المادة 141 من قانون الإثبات قد وردت على سبيل الحصر، ويذهب الرأى الراجح أنه يجوز رد الخبير لسبب غير الأسباب الواردة في المادة 141 إذا كان ذلك السبب من القوة بحيث يستنتج منه أن الخبير لا يمكنه إبداء رأيه بغير ميل، كما إذا كان الخبير قد سبق أن أبدي رأيا استشارياً في الدعوى لمصلحة أحد الخصوم وللمحكمة مطلق التقدير في هذه الأحوال.
وفي حالة ما إذا قدم كل من الخصمين طلباً برد الخبير المنتدب في الدعوى ولم تجد المحكمة في الأسباب المقدمة من الطرفين ما يبرر رده وإن كان من حق المحكمة رفض الطلبين إلا أنه ليس هناك ما يمنع من أن تأمر المحكمة بندب خبير آخر، ذلك أنه مادام أن كلا من الخصمين غير مرتاح للخبير فكأنما اتفقا على تنحيته، ولهذا ينظر إلى هذا الأمر بعين الاعتبار.(التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية، الجزء الرابع ، الصفحة :1472)
جواز ندب خبير :
يجوز للقاضي بدلاً من أن ينتقل لإجراء المعاينة بنفسه أن يندب أحد الخبراء للانتقال والمعاينة وسماع الشهود بغير يمين، والغالب في التطبيق العملي أن القاضي لا ينتقل بنفسه وإنمايندب أحد الخبراء المتخصصين للانتقال والمعاينة وللمحكمة أن تندب ثلاثة خبراء لا خبير واحد، إذا رأت أن المعاينة تقتضي ذلك.
ونحيل في التفصيلات إلى القواعد المنصوص عليها في الباب الخامس الخاص بالخبرة.
غير أنه لا يجوز للقاضى تكليف الخبير بأخذ معلومات أو سماع شهود بلا يمين أثناء مباشرة المأمورية إلا في حالة الضرورة القصوى والتي تستلزم سماع الشهود كجزء مكمل لإتمام المعاينة كما لو كانت الحالة المراد إثباتها حريقاً أو تصادم سيارة أو سقوط عقار ودق على الخبير معرفة سبب الحادث، فيجوز للقاضي في هذه الحالة ومثيلاتها التصريح للخبير بسماع أقوال الشهود أو الفنيين الأخصائيين لمعرفة سبب الحادث بقصد استجلاء الحقيقة.
تعيين جلسة لسماع ملاحظات الخصوم على تقرير الخبير وأعماله :
إذا قضت المحكمة بندب خبير لإثبات الحالة كان عليها أن تعين جلسة لسماع ملاحظات الخصوم على تقرير الخبير وأعماله.
وفي هذه الجلسة يستمع القاضي إلى هذه الملاحظات ويفحص - بحسب الظاهر - نصيبها من الجد، فإن وجدها جدية أعاد المأمورية بالتالي إلى الخبير في ضوء تلك الملاحظات لفحصها قبل أن تزول المعالم.
وقد تكون الملاحظات التي يبديها الخصوم متعلقة بالإجراءات الشكلية التي يباشرها الخبير والتي تشوب إجراءاته، كأداء مأموريته دون أن يخطر أحد الخصوم اخطاراً قانونياً، وعندئذٍ يختص القاضي والخصم الذي يكلف إيداع هذه الأمانة والأجل الذي يجب فيه الإيداع والمبلغ الذي يجوز للخبير سحبه لمصروفاته (انظر شرح المادة المذكورة). وقد جرى القضاء المستعجل على إلزام المدعي في دعوى إثبات الحالة بأمانة الخبير حتى يفصل في الموضوع، فتدخل الأمانة ضمن مصاريف الدعوى، فإذا لم يودع المدعي الأمانة ولم يقم خصمه بإيداعها فإنه يسري حكم المادة 137 من قانون الإثبات التي تجري على أن: «إذا لم تودع الأمانة من الخصم المكلف إيداعها ولا من غيره من الخصوم كان الخبير غير ملزم بأداء المأمورية وتقرر المحكمة سقوط حق الخصم الذي لم يقم بدفع الأمانة في التمسك بالحكم الصادر بتعيين الخبير إذا وجدت أن الأعذار التي أبداها لذلك غير مقبولة».
وإذا قررت المحكمة بسقوط حق المدعي في التمسك بحكم الخبير فإنه يتعين عليها أن تقضي في موضوع طلب إثبات الحالة بعدم الاختصاص لأن امتناع المدعي عن دفع الأمانة بغير عذر مقبول يستشف منه أن طلب إثبات الحالة لا يتسم بطابع الاستعجال الموجب لاختصاص القضاء المستعجل .
تسبيب الحكم الصادر بندب خبير:
رأينا أن المادة الخامسة من قانون الإثبات تنص على أن: الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات لا يلزم تسبيبها، ما لم تتضمن قضاء قطعياً ..... إلخ». والإثبات كما يكون بالإحالة إلى التحقيق أو بإجراء المعاينة بمعرفة المحكمة أو باليمين مثلاً، فإنه يكون أيضاً بندب الخبراء، ومن ثم فإن الحكم الذي يصدر من القضاء الموضوعي - أثناء سير الدعوى الموضوعية - بندب خبير لأداء مأمورية معينة يعتبر من الأحكام الخاصة بإجراءات الإثبات، وبالتالي فلا يلزم تسبيبه إلا إذا تضمن قضاء قطعياً.
والواقع أن المشرع قد أعفى تلك الأحكام من التسبيب تقديراً منه بأنها مما يجوز العدول عنها من جانب المحكمة التي أصدرتها، فلم يجد من ثم فائدة ترجى من اشتراط تسببها. ومن هنا جاء اشتراطه التسبب عندما يتضمن ذلك الحكم قضاء قطعياً إذ يضحي الحكم لا يجوز العدول عنه، فتبدو بالتالى فائدة واضحة لتسبيبه.
ولما كان الحكم الصادر بندب خبير لإثبات الحالة يصدر بعد تحقق القاضى المستعجل من شروط اختصاصه ويقيد القاضي الذي أصدره بألا يعدل عنه إلا إذا حصل تغيير أو تعديل في الوقائع المادية يؤدي إلى تغيير في الظروف التي أدت إلى إصداره، بمعنی أن للحكم حجية مؤقتة، ومن ثم فإنه يجب على القاضي المستعجل تسبيب الحكم الصادر بندب خبير في دعوى إثبات الحالة.
المستعجل بفحص هذا الاعتراض والحكم فيه حسبما يتضح بحسبانه يتصل بإجراء من الإجراءات المتخذة أثناء سير الدعوى التي ينظرها.
وقد تكون الملاحظات التي يبديها الخصوم متعلقة بمأمورية الخبير واعتراضاتهم على ما أثبته في صددها بتقريره، وعندئذٍ يختص القاضي المستعجل بفحص هذه الاعتراضات إذا لم تكن هذه الاعتراضات ماسة بالموضوع، ويحتاج البت فيها إلى تغلغل موضوعي من جانب القاضى المستعجل.
ولذلك لا يجوز للقاضى المستعجل أن يقضي باعتماد تقرير ندب في الدعوى أو يحكم باستبدال غيره عند حصول طعن موضوعي على تقريره حتى ولو استند المدعي إلى تقرير خبير استشاري في طلب الحكم بالاستبدال. كما لا يختص بتعيين خبير لتحقيق دفاع المدعي في دعوى منظورة أمام محكمة الموضوع بغرض التأثير في الحكم فيها بعد أن أخفق في هذا الطلب أمام محكمة الموضوع لمساس كل هذه المسائل بالموضوع ودخولها في ولاية محكمة الموضوع وحدها .
إنما يختص القاضي المستعجل بتعيين خبير لتكملة المأمورية الأولى التي باشرها خبير آخر أو تكليف نفس الخبير الأول بأدائها حتى ولو كانت الحالة الجديدة المطلوب إثباتها موجودة من قبل ولم تدخل ضمن المأمورية الأولى، أو ظهرت أثناء تأدية الخبير الأول للمأمورية على اعتبار أن كل ذلك يكون واقعة جديدة يصح طرحها من جديد أمام القضاء المستعجل لا طعناً في تقرير الخبير المعين من حيث الموضوع.
وقد يتراءى للمحكمة عدم إعادة المأمورية للخبير، فتقوم هي بفحص ملاحظات الطرفين عن طريق مناقشة الخبير في تقريره شفوياً بالجلسة مع إثبات نتيجة المناقشة بمحضر الجلسة (م 153 من قانون الإثبات - انظر شرح هذه المادة).
أو يتراءى لها ندب خبير آخر أو عدة خبراء لفحص اعتراضات الخصوم حسب ظروف الحال.
وإذا قضى القاضى المستعجل ببطلان أعمال الخبير، وجب عليه أن يندب خبيراً آخر لمباشرة المأمورية.
أمانة الخبير:
سنرى أن المادة 135 من قانون الإثبات الواردة بالباب الثامن الخاص بالخبرة تنص على أن المحكمة إذا ندبت خبيراً أو ثلاثة خبراء في الدعوى فإنه يجب أن تذكر في منطوق حكمها الأمانة التي يجب إيداعها خزانة المحكمة لحساب مصروفات الخبير وأتعابه ولا يلزم توقيع محام على صحيفة الدعوى، ذلك أن الفقرة الرابعة من المادة 58 من القانون رقم 17 لسنة 1983 (المعدل) بشأن إصدار قانون المحاماة تنص على أن: «كذلك لا يجوز تقديم صحف الدعاوى أو طلبات أوامر الأداء للمحاكم الجزئية إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المشتغلين وذلك متى بلغت أو جاوزت قيمة الدعوى أو أمر الأداء خمسين جنيهاً».
أي أن النص أعفى صحف الدعاوى التي ترفع إلى المحاكم الجزئية إذا كانت قيمتها خمسين جنيهاً. وواضح من هذا النص أن المشرع قصد أن يحدد الدعوى الجزئية التي يتعين أن توقع صحيفتها من محام تحديداً يرتبط «بقيمتها» بصرف النظر عن نصاب الاستئناف» بدليل أنه أوجب توقيعها من محام متی «بلغت» قيمة الدعوى خمسين جنيهاً أو «جاوزت» هذه القيمة مع ما هو معروف من أن الدعوى الجزئية العادية التي تبلغ قيمتها 50 جنيهاً تكون داخلة في النصاب الانتهائي للمحكمة الجزئية في حين أن تلك التي تتجاوز هذه القيمة يكون الحكم الصادر فيها قابلاً للاستئناف. وذلك طبقاً لقانون المرافعات الجديد قبل تعديله بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - والذي صدر قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 في ظله، فاشتراط توقيع المحامي على هذه وتلك يشير إلى أن المشرع في قانون المحاماة قد أعتد «بقيمة» الدعوى الجزئية بصرف النظر عن «نصاب الاستئناف» ولعل هذا هو الذي دفعه إلى تعديل صياغة النص (منذ العمل بالقانون رقم 61 لسنة 1968 ومن بعده القانون رقم 17 لسنة 1983 القائم).
وجعله منوطاً (بالقيمة) تحديداً بعد أن كان قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 بجعل الأمر منوطاً بنصاب الاستئناف، إذ كانت المادة 25 منه تنص على «نصاب الاستئناف». وترتيباً على ذلك فإن الدعوى المستعجلة (التي ترفع منذ العمل بقانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 ومن بعده القانون رقم 17 لسنة 1983) أمام قاضي الأمور المستعجلة أو أمام القاضي الجزئي بصفته المستعجلة، أو أمام قاضي الموضوع الجزئي بطريق التبع لدعوى الموضوع لا يلزم توقيعها من محام إذا كانت قيمتها «أقل من خمسين جنيهاً» وذلك رغم أن الأحكام الصادرة في الدعاوى المستعجلة قابلة للاستئناف أياً كانت قيمة الدعوى (أى ولو كانت قيمتها 50 جنيهاً أو أقل من خمسين جنيهاً)، وبالتالي فإن الدعاوى الجزئية المستعجلة التي يلزم توقيع صحيفتها من محام هي تلك التي تبلغ قيمتها 50 جنيهاً أو تتجاوزها، وذلك أسوة بالدعاوى الجزئية العادية، ويرجع في تقدير قيمة الدعوى إلى قواعد التقدير المقررة في قانون المرافعات .
الحكم في دعوى إثبات الحالة :
إذا باشر الخبير المنتدب المأمورية التي ندبه لها الحكم المستعجل وأودع تقريره، وسمع القاضي ملاحظات الخصوم على تقرير الخبير وأعماله، وأبدى القاضي رأيه فيها، فإن مهمة القاضي تكون قد انتهت ويقضي بانتهاء الدعوى.
حجية التقرير المودع بدعوى إثبات الحالة :
يجوز لأي من الخصوم التمسك بالتقرير المودع بدعوى إثبات الحالة عند طرح النزاع أمام محكمة الموضوع، ويعتبر كل ما يثبت للقاضي المستعجل من المعاينة دليلاً قائماً في الموضوع.
غير أن تقرير الخبير المقدم فى الدعوى لا يقيد قاضي الموضوع عند نظر موضوع النزاع أمامه.
غير أنه من واجب محكمة الموضوع إذا لم تر الأخذ بنتيجة التقرير أن تثبت ذلك في أسباب حكمها وإلا كان حكمها ناقص التسبيب.
مصاريف دعوى إثبات الحالة :
المتفق عليه أن القاضى المستعجل لا يفصل فی مصاريف دعوى إثبات الحالة وإنما يقضي بإبقاء الفصل في المصاريف المحكمة الموضوع التي سيعرض عليها النزاع، لأن دعوى إثبات الحالة هي إجراء وقتي تحفظي محض يقوم بها صاحبها للمحافظة على حقه قبل الغير لتكون له سنداً يتقدم به أمام محكمة الموضوع عند الفصل في أصل الحق، ولأن الحكم فيها بإلزام شخص معين المصاريف يتضمن المساس بالموضوع أو أصل الحق الممنوع على القضاء المستعجل التعرض له عملاً بالمادة 45 من قانون المرافعات.
كيفية رفع دعوى إثبات الحالة :
ترفع دعوى إثبات الحالة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، أي بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة عملاً بالمادة 63 من قانون المرافعات.
وتنعقد الخصومة في الدعوى بإعلان صحيفتها إلى المدعي عليه، أو بحضوره أمام المحكمة (م 68/ 3 مرافعات).
هل يجوز الطعن بالاستئناف في حكم القاضى المستعجل بندب خبير لإثبات الحالة:
تنص المادة 212 من قانون المرافعات على أنه:
«لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهى للخصومة كلها وذلك عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، والأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة، وفى الحالة الأخيرة يجب على المحكمة المحال إليها الدعوى أن توقفها حتى يفصل في الطعن».
ومفاد ذلك أن المشرع استثنى من قاعدة عدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الدعوى والتي لا تنتهى بها الخصومة بعض الأحكام أباح الطعن فيها فور صدورها دون انتظار الحكم المنهي للخصومة كلها ومن ضمن تلك الأحكام، الأحكام المستعجلة لأن لها كياناً مستقلاً خاصاً بها اقتضى عدم تعليق الطعن فيها على الحكم المنهى للخصومة كلها وكذلك لأن الحكم المستعجل يصدر بعد بحث سريع وبناء على الشواهد الإجمالية مما يقتضي أن يكون محلاً للمراجعة من محكمة أعلى فضلاً أنه قد يكون في تلك الأحكام المستعجلة أثر بالغ على مصالح الخصوم يحسن معه فتح الطريق أمامهم لطعن مباشر قد يحمي مصالحهم من الخطر لاسيما أنه لا يترتب على إجازة مثل هذا الطعن تقطيع أوصال الخصومة أو تعطيل الفصل في الموضوع.
ولما كان المستقر عليه فقهاء وقضاء أن حكم قاضي الأمور المستعجلة بندب خبير في إثبات الحالة هو مبتغى رافع الدعوى.
وأن قاضي الأمور المستعجلة يتعين عليه قبل ندب الخبير بحث اختصاصه النوعي بنظر الدعوى أي يجب عليه التحقق من توافر شرطي الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق. ويعتبر قضاءه بندب خبير قضاء ضمنياً بتوافر شرطي اختصاصه.
ولو لم يتصد لهما صراحة في أسباب حكمه، ومعنى ذلك أن القاضي المستعجل يفصل في شق من الخصومة إما بقضاء صريح أو قضاء ضمني، ومن ثم فإنه يكون للمتضرر من ندب الخبير الطعن بالاستئناف في الحكم وحتى تستقر الأمور اختصاراً للوقت وحتى لا يتعرض حكم الخبير للإلغاء بعد القضاء بانتهاء الدعوى.
هل يجوز الطعن بالاستئناف في الحكم الصادر في دعوى إثبات الحالة بانتهاء الخصومة؟
ذهب رأى في الفقه إلى أنه يجوز الطعن بالاستئناف في جميع الأحكام المستعجلة والتي من بينها الحكم الصادر بانتهاء الخصومة وذلك عملاً بالمادة 220 من قانون المرافعات التي تجري على أن:
«يجوز استئناف الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة أياً كانت المحكمة التي أصدرتها».
بينما ذهب رأي آخر إلى أن دعوى إثبات الحالة دعوى تحفظية، وبالتالي فإن الحكم الصادر منها لا يفصل في خصومة، ومن ثم فلا يجوز الطعن عليه بالاستئناف، أما إذا خالفت المحكمة المستعجلة القواعد المقررة والتي لا تنتهي بقضائها بانتهاء الخصومة، وضمنت حكمها قضاء على الخصم أو ألزمته بشيء فإنه في هذه الحالة يجوز الطعن على حكمها بالاستئناف.
وقد أخذت محكمة النقض بما ذهب إليه الرأي الثاني من عدم جواز الطعن بالاستئناف على الحكم الصادر في دعوى إثبات الحالة، إذ قضت بتاريخ 11 / 1 / 1998 في الطعن رقم 480 لسنة 61 ق بأن:
«لما كان البين من الأوراق أن الدعوى أقيمت من المطعون عليه بطلب إثبات حالة دون أن تتضمن الطالبات فيها أي طلب موضوعي عقدت تلك الخصومة ابتغاء الحكم له به على الطاعنة وبالتالي فإن الحكم الصادر فيها لم يفصل في خصومة ما إذا لم يكن الهدف منه سوى اتخاذ الإجراءات التحفظية بقصد إعداد الدليل مقدماً لحين عرضه لموضوع النزاع على محكمة الموضوع لتفصل فيه كما وأنه لم يتضمن قضاء على الطاعنة أو إلزامها بشيء ومن ثم فإنها لا تكون محكوماً عليها في معنى المادة 211 من قانون المرافعات ولا يكون الطعن فيه بطريق الاستئناف جائزاً لانتفاء المصلحة مما كان يتعين معه على محكمة الاستئناف القضاء بعدم جواز الاستئناف من تلقاء نفسها وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بقبول الاستئناف شكلاً ثم حكم في موضوعه بتأييد الحكم المستأنف فإنه يكون قد أخطأ في القانون».
وهذا الحكم يؤيد ما ذهب إليه الرأي الثاني في الفقه من إنه إذا ضمنت المحكمة المستعجلة حكمها قضاء على الخصم أو ألزمته بشيء فإن الحكم في هذه الحالة يجوز الطعن عليه بالاستئناف.(موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود، المجلد : الرابع ، الصفحة : 2111)
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 174 .
(مادة 153):
يجوز للقاضي في الحالة المبينة في المادة السابقة، أن يندب أحد الخبراء للانتقال والمعاينة وسماع الشهود بغير يمين وعندئذ يكون عليه أن يعين جلسة لسماع ملاحظات الخصوم على تقرير الخبير وأعماله وتتبع القواعد المنصوص عليها في الباب الخاص بالخبرة.
(م (134) إثبات مصري).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الأول ، الصفحة / 248
الْقَضَاءُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (الْخِبْرَةِ):
اتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ عَلَى جَوَازِ الْقَضَاءِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فِيمَا يَخْتَصُّونَ بِمَعْرِفَتِهِ إِذَا كَانُوا حُذَّاقًا مَهَرَةً. وَمِنْ ذَلِكَ الاِسْتِعَانَةُ فِي مَعْرِفَةِ قِدَمِ الْعَيْبِ أَوْ حَدَاثَتِهِ.
وَيُرْجَعُ إِلَى أَهْلِ الطِّبِّ وَالْمَعْرِفَةِ بِالْجِرَاحِ فِي مَعْرِفَةِ طُولِ الْجُرْحِ وَعُمْقِهِ وَعَرْضِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ اسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ. وَكَذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَى أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ مِنَ النِّسَاءِ فِيمَا لاَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ كَالْبَكَارَةِ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الخامس والعشرون ، الصفحة / 245
سَمَاعُ الشَّهَادَةِ:
الشَّهَادَةُ لاَ تَجُوزُ إِلاَّ بِمَا عَلِمَهُ الشَّاهِدُ لقوله تعالي وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً(. وَقَوْلِهِ - جَلَّ ذِكْرُهُ ( إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ حِكَايَةً عَنْ قَوْلِ إِخْوَةِ يُوسُفَ( وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا) وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم «إِذَا عَلِمْتَ مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ وَإِلاَّ فَدَعْ.(
وَالْعِلْمُ الَّذِي تَقَعُ بِهِ الشَّهَادَةُ يَحْصُلُ بِطَرِيقَتَيْنِ:
أ - الرُّؤْيَةُ:
وَتَكُونُ فِي الأَْفْعَالِ كَالْغَصْبِ وَالإِْتْلاَفِ وَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالسَّرِقَةِ وَالإِْكْرَاهِ وَنَحْوِهَا، كَمَا تَكُونُ فِي الصِّفَاتِ الْمَرْئِيَّةِ مِثْلِ الْعُيُوبِ فِي الْمَبِيعِ وَالْمُؤَجَّرِ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ.
ب - السَّمَاعُ: وَهُوَ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: سَمَاعُ الصَّوْتِ مِنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي الأَْقْوَالِ سَوَاءٌ أَكَانَ السَّامِعُ مُبْصِرًا أَمْ غَيْرَ مُبْصِرٍ مِثْلُ مَا يَقَعُ بِهِ إِبْرَامُ الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ وَالسَّلَمِ وَالرَّهْنِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى سَمَاعِ كَلاَمِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، إِذَا عَرَفَهَا السَّامِعُ وَتَيَقَّنَ أَنَّهَا مَصْدَرُ مَا سَمِعَ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (شَهَادَة).

