loading

موسوعة قانون المرافعات

الأحكام

 إذا بدا لأحد خصوم الدعوى إعتراض على شخص الخبير أو على عمله فعليه أن يثبت هذا الإعتراض عند مباشرة الخبير عمله فإن فاته ذلك فعليه أن يبديه لدى محكمة الموضوع ، فإن أغفل ذلك أيضاً فلا يجديه الطعن بذلك أمام محكمة النقض بإعتباره سبباً جديداً غير جدير بالإلتفات إليه

(الطعن رقم 136 لسنة 42 جلسة 1976/11/10 س 27 ع 2 ص 1554 ق 292)

 

 

شرح خبراء القانون

ولأي من الأطراف طلب رد الخبير إذا قام به سبب من أسباب الرد التي تنص عليها المادة 141 من قانون الإثبات ، وذلك حتى يضمن حياده في قيامه بمهمته . وهذه الأسباب واردة على سبيل الحصر. (المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني ،  الصفحة :  254)

أولاً أسباب رد الخبراء:

قيل بأنه يجوز رد الخبير لسبب غير الأسباب الواردة في المادة 141 إذا كان ذلك السبب من القوة بحيث يستنتج منه أن الخبير لا يمكنه إبداء رأيه بغير میل كما إذا كان الخبير قد سبق أن أبدى رأياً استشارياً في الدعوى لمصلحة أحد الخصوم وللمحكمة مطلق التقدير في هذه الأحوال (قواعد المرافعات العشماوي الجزء الثاني ص 582) وفي ذلك أيضاً قيل بأن الحالات الواردة في المادة 141 إثبات ليست واردة على سبيل الحصر إذ يمكن رد الخبير كلما وجد أسباب يستخلص منها أنه لا يمكن للخيير أن يبدي رأيه دون أن يكون منحازاً لأحد الخصوم حتى ولو كان هذا السبب لم يرد ضمن أسباب الرد التي ذكرتها المادة  141 إثبات الدكتور عبد الودود يحيى الموسوعة العلمية لأحكام محكمة النقض الجزء الثاني ص 208) .(الشرح والتعليق على قانون الإثبات المدني، المستشار/ مصطفى مجدي هرجه،  طبعة 2014، 2015 دار محمود،  المجلد :  الثاني ، الصفحة : 475)

روعي في إيراد الحالات المنصوص عليها في هذه المادة الأحكام المتعلقة برد القضاء وأسباب عدم صلاحيتهم المنصوص عليها في المادتين 146، 148 مرافعات دون الأخذ بهذه التفرقة ودون التزام المماثلة، وذلك لأنه وإن اختلف مركز الخبير ودوره عن مركز القاضي ودوره، إلا أن ثمة حالات مشتركة إذا عرضت لأيهما فإنها تستوجب منعه من القيام بمهمته في القضية .

وقد اختلف فيما إذا كانت الأسباب المنصوص عليها في هذه المادة واردة على سبيل الحصر والرأي الراجح أنه يجوز رد الخبير لسبب غير الأسباب الواردة في المادة 141 إذا كان ذلك السبب من القوة بحيث يستنتج منه أن الخبير لا يمكنه إبداء رأيه بغير ميل كما إذا كان الخبير سبق أن أبدي رأياً استشارياً في الدعوى لمصلحة أحد الخصوم وللمحكمة مطلق التقدير في هذه الأحوال.

(مرافعات العشماوى، الجزء الثاني ص 582 وسليمان مرقص في أصول الإثبات، الطبعة الرابعة، الجزء الأول ص 356).

وفي حالة ما إذا قدم كل من الخصمين طلباً برد الخبير المنتدب في الدعوى ولم تجد المحكمة في الأسباب المقدمة من الطرفين ما يبرر رده فإنه وإن كان من حق المحكمة رفض الطلبين إلا أنه ليس هناك ما يمنع من أن تأمر المحكمة بندب خبير آخر ذلك أنه مادام أن كلا من الخصمين غير مرتاح للخبير، فكأنما اتفقا على تنحيته، ولهذا ينظر إلى هذا الأمر بعين الاعتبار (الإثبات لمحمد عبد اللطيف، الجزء الثاني ص 380).(التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية،  الجزء الرابع ،  الصفحة : 1530)

تعليقات على حالات الرد:

1) روعي في حالات الرد، الأحكام المتعلقة برد القضاة وأسباب عدم صلاحيتهم (مادة 146، 148 مرافعات) أو هي بالأحرى خليط منهما دون الأخذ بهذه التفرقة ودون التزام المماثلة، وذلك لأنه وإن اختلف مركز الخبير ودوره عن مركز القاضي ودوره إلا أن ثمة حالات مشتركة إذا عرضت لأيهما فإنها تستوجب منعه من القيام بمهمته في القضية.

2) الراجح أن أسباب الرد لم ترد بالمادة على سبيل الحصر، ويجوز رد الخبير لسبب غير الأسباب الواردة بالمادة إذا كان هذا السبب من القوة بحيث يستنتج منه أن الخبير لا يمكنه إبداء رأيه بغير ميل، ومثال ذلك أن يكون الخبير قد سبق أن أبدى رأياً استشارياً في الدعوى لمصلحة أحد الخصوم، وللمحكمة مطلق التقدير في هذه الأحوال وأشباهها.

3) حالة ما إذا قدم كل من الخصمين طلباً برد الخبير المنتدب في الدعوى ولم تجد المحكمة في الأسباب المقدمة من الطرفين ما يبرر رده فإنه وإن كان من حق المحكمة رفض الطلبين إلا أنه ليس هناك ما يمنع من أن تأمر المحكمة بندب خبير آخر ذلك أنه مادام أن كلا من الخصمين غير مرتاح للخبير، فكأنهما اتفقا على تنحيته. ولهذا ينظر إلى هذا الأمر بعين الاعتبار.(موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود،  المجلد : الرابع  ، الصفحة :  2181 )

الفقه الإسلامي

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة  181 ، 182 .

 (مادة 160): 

يجوز رد الخبير: 

(أ) إذا كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلى الدرجة الرابعة، أو كان له أو لزوجته خصومة قائمة مع أحد الخصوم في الدعوى أو مع زوجته، ما لم تكن هذه الخصومة قد أقيمت من الخصم أو زوجته بعد تعيين الخبير بقصد رده .

(ب) إذا كان وكيلاً لأحد الخصوم في أعماله الخاصة، أو وصياً عليه، أو قيماً ، أو مظنونة وراثته له بعد موته، أو كان له صلة قرابة، أو مصاهرة للدرجة الرابعة بوصي أحد الخصوم، أو بالقيم عليه، أو بأحد أعضاء مجلس إدارة الشركة المختصة، أو بأحد مديريها، وكان لهذا العضو أو المدير مصلحة شخصية في الدعوى. 

(ج) إذا كان له، أو لزوجته، أو لأحد أقاربه، أو أصهاره على عمود النسب، أو لمن يكون هو وكيلاً عنه أو وصياً أو قيماً عليه - مصلحة في الدعوى القائمة. 

(د) إذا كان يعمل عند أحد الخصوم، أو كان قد اعتاد مؤاكلة أحدهم أو مساكنته، أو كان قد تلقى منه هدية، أو كان بينهما عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعته أداء مأموریته بغير تحيز. 

(م (141) إثبات مصري، ومادة (217) و(218) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، ونص الأولى م (217): «لا يقبل من أحد الخصوم رد أهل الخبرة المعينين بانتخابهم، إلا إذا كان سبب الرد حادثاً بعد التعيين». ونص الثانية م (218): «يجوز رد أهل الخبرة إذا كان ممن لا تقبل شهادته شرعاً لأحد الخصوم». و(146) بینات سوري، ونصها: «يجوز رد الخبراء للأسباب التي تبرر رد القضاة». 

فيما يتعلق بكون الخبير وكيلاً أو نائباً لأحد الخصوم ........ 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثاني والأربعون ، الصفحة / 25

نِيَابَة

التَّعْرِيف:

النِّيَابَةُ فِي اللُّغَةِ: جَعْلُ الإْنْسَانِ  غَيْرَهُ نَائِبًا عَنْهُ فِي  الأْمْرِ .

وَيُقَالُ: نَابَ عَنْهُ فِي هَذَا  الأْمْرِ  نِيَابَةً: إِذَا قَامَ مَقَامَهُ.

وَالنَّائِبُ: مَنْ قَامَ مَقَامَ غَيْرِهِ فِي أَمْرٍ أَوْ عَمَلٍ .

وَالنِّيَابَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: قِيَامُ الإْنْسَانِ  عَنْ غَيْرِهِ بِفِعْلِ أَمْرٍ .

الأْلْفَاظُ  ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْوِلاَيَةُ:

الْوِلاَيَةُ فِي اللُّغَةِ، بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ: الْقُدْرَةُ، وَالنُّصْرَةُ، وَالتَّدْبِيرُ، يُقَالُ: هُمْ عَلَى وِلاَيَةٍ أَيْ مُجْتَمِعُونَ فِي النُّصْرَةِ.

وَالْوَلِيُّ هُوَ: الْمُحِبُّ، وَالصَّدِيقُ، وَالنَّصِيرُ أَوِ النَّاصِرُ.

وَقِيلَ: الْمُتَوَلِّي لأِمُورِ  الْعَالَمِ وَالْخَلاَئِقِ الْقَائِمُ بِهَا.

وَوَلِيُّ الْيَتِيمِ: الَّذِي يَلِي أَمْرَهُ وَيَقُومُ بِكِفَايَتِهِ.

وَوَلِيُّ الْمَرْأَةِ: الَّذِي يَلِي عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا، وَلاَ يَدَعُهَا تَسْتَبِدُّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ دُونَهُ .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الْوِلاَيَةُ: تَنْفِيذُ الْقَوْلِ عَلَى الْغَيْرِ شَاءَ الْغَيْرُ أَمْ لاَ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْوِلاَيَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وِلاَيَةُ أُمُورِ الْغَيْرِ فِي أَمْرٍ مِنَ الأْمُورِ.

ب - الإْيصَاءُ:

الإْيصَاءُ فِي اللُّغَةِ - مَصْدَرُ أَوْصَى - يُقَالُ: أَوْصَى فُلاَنٌ بِكَذَا يُوصِي إِيصَاءً، وَالاِسْمُ الْوِصَايَةُ (بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا) وَهُوَ: أَنْ يَعْهَدَ إِلَى غَيْرِهِ فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ مِنَ الأْمُورِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْقِيَامُ بِذَلِكَ  الأْمْرِ  فِي حَالِ حَيَاةِ الطَّالِبِ أَمْ كَانَ بَعْدَ وَفَاتِهِ .

أَمَّا فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ، فَالإْيصَاءُ بِمَعْنَى الْوَصِيَّةِ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ هُوَ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ إِقَامَةُ الإْنْسَانِ  غَيْرَهُ مَقَامَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي تَصَرُّفٍ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ، أَوْ فِي تَدْبِيرِ شُئُونِ أَوْلاَدِهِ الصِّغَارِ وَرِعَايَتِهِمْ، وَذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُقَامُ يُسَمَّى الْوَصِيَّ.

أَمَّا إِقَامَةُ غَيْرِهِ مَقَامَهُ فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، فَلاَ يُقَالُ لَهُ فِي الاِصْطِلاَحِ إِيصَاءٌ عِنْدَهُمْ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ وِكَالَةٌ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالإْيصَاءِ، أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ مِنَ الإْيصَاءِ.

ج - الْقِوَامَةُ:

الْقِوَامَةُ فِي اللُّغَةِ: هِيَ الْقِيَامُ عَلَى  الأْمْرِ  أَوِ الْمَالِ أَوْ وِلاَيَةُ  الأْمْرِ . وَالْقَيِّمُ: هُوَ الَّذِي يَقُومُ عَلَى شُئُونِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَيَلِيهِ، وَيَرْعَاهُ، وَيُصْلِحُ مِنْ شَأْنِهِ، وَمِنْهُ قوله تعالي : (  الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) .

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْقِوَامَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وِلاَيَةُ أُمُورِ الْغَيْرِ.

د - الْوِكَالَةُ:

الْوَكَالَةُ بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ، فِي اللُّغَة أَنْ يَعْهَدَ إِلَى غَيْرِهِ لِيَعْمَلَ لَهُ عَمَلاً.

وَالتَّوْكِيلُ تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ إِلَى غَيْرِهِ، وَسُمِّيَ الْوَكِيلُ وَكِيلاً لأِنَّ  مُوكِلَهُ قَدْ وَكَلَ إِلَيْهِ الْقِيَامَ بِأَمْرِهِ، فَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَيْهِ الأْمْرُ  .

وَالْوَكَالَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: عَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا: إِقَامَةُ الْغَيْرِ مَقَامَ نَفْسِهِ تَرَفُّهًا أَوْ عَجْزًا فِي تَصَرُّفٍ جَائِزٍ مَعْلُومٍ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْوِكَالَةِ أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ مِنَ الْوِكَالَةِ.

أَنْوَاعُ النِّيَابَةِ:

تَتَنَوَّعُ النِّيَابَةُ إِلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ يَثْبُتُ بِتَوْلِيَةِ الْمَالِكِ (اتِّفَاقِيَّةٌ)، وَنَوْعٌ يَثْبُتُ شَرْعًا لاَ بِتَوْلِيَةِ الْمَالِكِ (شَرْعِيَّةٌ).

أَوَّلاً: النِّيَابَةُ الاِتِّفَاقِيَّةُ (وَهِيَ الْوَكَالَةُ):

  أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ جَائِزَةٌ فِي الْجُمْلَةِ  وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا: قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا) . وَمِنْهَا: حَدِيثُ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ - رضي الله عنه - «أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم  أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، فَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ» .

وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَكَالَةِ مُنْذُ عَصْرِ الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم  إِلَى يَوْمِنَا هَذَا. لَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ . وَانْظُرْ تَفْصِيلَ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ فِي مُصْطَلَحِ (وَكَالَة).

ثَانِيًا: النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ:

النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ - وَهِيَ الْوِلاَيَةُ - ثَابِتَةٌ شَرَعًا عَلَى الْعَاجِزِينَ عَنِ التَّصَرُّفِ بِأَنْفُسِهِمْ بِسَبَبِ الصِّغَرِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَذَلِكَ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْمَعْقُولِ.

أَمَّا الْقُرْآنُ فَقَدْ وَرَدَتْ مِنْهُ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْوِلاَيَةِ، مِنْ ذَلِكَ قوله تعالي : (  وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفًا ( 5 ) وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) . وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنْكِحُوا الأْيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ) .

فَهَذِهِ الآْيَاتُ خِطَابٌ لِلأْوْلِيَاءِ عَلَى الْمَالِ وَالنَّفْسِ.

وَأَمَّا السُّنَّةُ فَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَرَدَتْ فِي شَرْعِيَّةِ الْوِلاَيَةِ، مِنْهَا: قَوْلُ الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم : «لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ» .

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم  قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنِ اشْتَجَرُوا، فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ» .

وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَإِنَّ ثُبُوتَ وِلاَيَةِ النَّظَرِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْعَاجِزِ عَنِ النَّظَرِ مِنْ بَابِ الإْعَانَةِ عَلَى الْبِرِّ، وَمِنْ بَابِ الإْحْسَانِ، وَمِنْ بَابِ إِعَانَةِ الضَّعِيفِ وَإِغَاثَةِ اللَّهْفَانِ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ عَقْلاً وَشَرْعًا.

وَلأِنَّ  ذَلِكَ مِنْ بَابِ شُكْرِ النِّعْمَةِ وَهِيَ نِعْمَةُ الْقُدْرَةِ، إِذْ شُكْرُ كُلِّ نِعْمَةٍ عَلَى حَسَبِ هَذِهِ النِّعْمَةِ، فَشُكْرُ نِعْمَةِ الْقُدْرَةِ مَعُونَةُ الْعَاجِزِ، وَشُكْرُ النِّعْمَةِ وَاجِبٌ عَقْلاً وَشَرْعًا فَضْلاً عَنِ الْجَوَازِ .

أَنْوَاعُ النِّيَابَةِ الشَّرْعِيَّةِ:

النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ هِيَ الْوِلاَيَةُ، وَالْوِلاَيَةُ تَتَنَوَّعُ إِلَى نَوْعَيْنِ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهَا:

وِلاَيَةٌ عَلَى الْمَالِ، وَوِلاَيَةٌ عَلَى النَّفْسِ.

فَالْوِلاَيَةُ عَلَى الْمَالِ هِيَ سُلْطَةُ الْوَلِيِّ عَلَى أَنْ يَعْقِدَ الْعُقُودَ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةَ بِأَمْوَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَتَكُونُ تَصَرُّفَاتُهُ وَعُقُودُهُ نَافِذَةً دُونَ الْحَاجَةِ إِلَى إِذْنٍ مِنْ أَحَدٍ.

وَالْوِلاَيَةُ عَلَى النَّفْسِ هِيَ السُّلْطَةُ عَلَى شُئُونِ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ الْمُتَعَلِّقَةُ بِشَخْصِهِ وَنَفْسِهِ، وَيَدْخُلُ فِيهَا تَزْوِيجُهُ.

وَتُنْظَرُ الأْحْكَامُ  الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْوِلاَيَةِ عَلَى الْمَالِ وَعَلَى النَّفْسِ فِي مُصْطَلَحِ (وِلاَيَة).

النِّيَابَةُ فِي الْعِبَادَاتِ:

تَتَنَوَّعُ الْعِبَادَاتُ فِي الشَّرْعِ إِلَى أَنْوَاعٍ ثَلاَثَةٍ:

مَالِيَّةٌ مَحْضَةٌ، وَبَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ، وَمُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ.

النَّوْعُ الأْوَّلُ: الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ الْمَحْضَةُ

الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ الْمَحْضَةُ كَالزَّكَاةِ، وَالصَّدَقَاتِ، وَالْكَفَّارَاتِ، وَالنُّذُورِ.

وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْعِبَادَاتِ تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ عَلَى الإْطْلاَقِ، سَوَاءٌ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْعِبَادَةُ قَادِرًا عَلَى الأْدَاءِ  بِنَفْسِهِ، أَوْ لاَ. وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ .

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَالْمَعْقُولِ:

فَمِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا) .

وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنَ الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَوَّزَ الْعَمَلَ عَلَى الزَّكَاةِ، وَذَلِكَ بِحُكْمِ النِّيَابَةِ عَنِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَأَمَّا الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا فَهُمُ الْجُبَاةُ، وَالسُّعَاةُ يَسْتَحِقُّونَ مِنْهَا قِسْطًا عَلَى ذَلِكَ .

وَمِنَ السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ أَحَادِيثُ مِنْهَا:

مَا وَرَدَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنه - قَالَ: «أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقَلْتُ لَهُ: إِنِّي أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتَ وَكِيلِي فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَإِنِ ابْتَغَى مِنْكَ آيَةً فَضَعْ يَدَك عَلَى تَرْقُوَتِهِ» .

وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم : «الْخَازِنُ الْمُسْلِمُ الأْمِينُ الَّذِي يُنْفِذُ - وَرُبَّمَا قَالَ: يُعْطِي - مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلاً مُوَفَّرًا طَيِّبًا بِهِ نَفْسُهُ فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ» .

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: «وَكَّلَنِي النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم  بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ»  وَحَدِيثُ: «أَعْطَى النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم  عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ غَنَمًا يُقَسِّمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ» .

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما  - قَالَ: «قَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم  لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: أَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» .

وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: «اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  رَجُلاً مِنَ الأْسْدِ  عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ» .

وَمِنَ الْمَعْقُولِ: أَنَّ الْوَاجِبَ فِي هَذِهِ الْعِبَادَاتِ إِخْرَاجُ الْمَالِ، وَأَنَّهُ يَحْصُلُ بِفِعْلِ النَّائِبِ .

وَأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ فَجَازَ أَنْ يُوَكَّلَ فِي أَدَائِهِ كَدُيُونِ الآْدَمِيِّينَ .

النَّوْعُ الثَّانِي: الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ الْمَحْضَةُ:

الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ كَالصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَالطَّهَارَةِ مِنَ الْحَدَثِ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْعِبَادَاتِ لاَ تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ عَلَى الإْطْلاَقِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيِّ . وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَالْمَعْقُولِ:

أَمَّا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلإْنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى) . إِلاَّ مَا خُصَّ بِدَلِيلٍ  لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما  -: «لاَ يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلاَ يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ» .

أَيْ فِي حَقِّ الْخُرُوجِ عَنِ الْعُهْدَةِ لاَ فِي حَقِّ الثَّوَابِ، فَإِنَّ مَنْ صَامَ أَوْ صَلَّى أَوْ تَصَدَّقَ وَجَعَلَ ثَوَابَهُ لِغَيْرِهِ مِنَ الأْمْوَاتِ  أَوِ الأْحْيَاءِ جَازَ. وَيَصِلُ ثَوَابُهَا إِلَيْهِمْ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (ثَوَاب ف 10).

وَأَمَّا الْمَعْقُولُ: فَلأِنَّ  هَذِهِ الْعِبَادَةَ تَتَعَلَّقُ بِبَدَنِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَلاَ يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِيهَا  وَلأِنَّ  الْمَقْصُودَ مِنْهَا الاِبْتِلاَءُ وَالاِخْتِبَارُ وَإِتْعَابُ النَّفْسِ وَذَلِكَ لاَ يَحْصُلُ بِالتَّوْكِيلِ .

وَأَمَّا النِّيَابَةُ عَنِ الْمَيِّتِ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهَا. وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أَدَاء ف 15).

النَّوْعُ الثَّالِثِ: الْعِبَادَاتُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ:

الْعِبَادَاتُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ هِيَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْحَجِّ عَنِ الْغَيْرِ، وَقَابِلِيَّتِهِ لِلنِّيَابَةِ لِلْعُذْرِ الْمَيْئُوسِ مِنْ زَوَالِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيِّ، وَذَهَبَ مَالِكٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي مَذْهَبِهِ، إِلَى أَنَّ الْحَجَّ لاَ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ لاَ عَنِ الْحَيِّ وَلاَ عَنِ الْمَيِّتِ، مَعْذُورًا أَوْ غَيْرَ مَعْذُورٍ، وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (حَجٍّ ف 114 وَمَا بَعْدَهَا، وَأَدَاءٍ ف 16، وَعِبَادَةٍ ف 7). أَمَّا الْعُمْرَةُ فَتَقْبَلُ النِّيَابَةَ فِي الْجُمْلَةِ، وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (عُمْرَةٍ ف 38).

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الخامس والأربعون ، الصفحة / 5

وَكَالَة

التَّعْرِيفُ:

الْوَكَالَةُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ فِي اللُّغَةِ: الْحِفْظُ، وَمِنْهُ الْوَكِيلُ، فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَعْنَى الْحَافِظِ، وَمِنْهُ التَّوَكُّلُ، يُقَالُ: عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا، أَيْ فَوَّضْنَا أُمُورَنَا.

وَالتَّوْكِيلُ: تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ إِلَى الْغَيْرِ، وَسُمِّيَ الْوَكِيلُ وَكِيلاً؛ لأِنَّ مُوَكِّلَهُ قَدْ فَوَّضَ إِلَيْهِ الْقِيَامَ بِأَمْرِهِ فَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَيْهِ الأْمْرُ .

وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ، «اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ» .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: عَرَّفَهَا الْفُقَهَاءُ بِتَعْرِيفَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ.

فَعَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا: إِقَامَةُ الْغَيْرِ مَقَامَ نَفْسِهِ - تَرَفُّهًا أَوْ عَجْزًا - فِي تَصَرُّفٍ جَائِزٍ مَعْلُومٍ .

وَعَرَّفَهَا الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهَا: نِيَابَةُ ذِي حَقٍّ - غَيْرِ ذِي إِمْرَةٍ وَلاَ عِبَادَةٍ - لِغَيْرِهِ فِيهِ، غَيْرَ مَشْرُوطٍ بِمَوْتِهِ .

وَعَرَّفَهَا الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهَا: تَفْوِيضُ شَخْصٍ مَا لَهُ فِعْلُهُ مِمَّا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ إِلَى غَيْرِهِ لِيَفْعَلَهُ فِي حَيَاتِهِ .

وَعَرَّفَهَا الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهَا: اسْتِنَابَةُ جَائِزِ التَّصَرُّفِ مِثْلَهُ فِيمَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ .

 الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ

أ- النِّيَابَةُ:

النِّيَابَةُ: مَأْخُوذَةٌ مِنْ نَابَ الشَّيْءُ نَوْبًا: قَرُبَ، وَنَابَ عَنْهُ نِيَابَةً قَامَ مَقَامَهُ .

وَالنِّيَابَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: قِيَامُ الإْنْسَانِ عَنْ غَيْرِهِ بِفِعْلِ أَمْرٍ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْوَكَالَةِ وَالنِّيَابَةِ أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ مِنَ الْوَكَالَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَفِي قَوْلٍ إِنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ .

ب- الْوِلاَيَةُ:

الْوِلاَيَةُ فِي اللُّغَةِ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: الْقُدْرَةُ، وَالنُّصْرَةُ، وَالتَّدْبِيرُ.

وَوَلِيُّ الْيَتِيمِ: الَّذِي يَلِي أَمْرَهُ وَيَقُومُ بِكِفَايَتِهِ.

وَوَلِيُ الْمَرْأَةِ: الَّذِي يَلِي عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا، وَلاَ يَدَعُهَا تَسْتَبِدُّ بِهِ دُونَهُ .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الْوِلاَيَةُ تَنْفِيذُ الْقَوْلِ عَلَى الْغَيْرِ شَاءَ أَوْ أَبَى .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْوَكَالَةِ وَالْوِلاَيَةِ، أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا نِيَابَةٌ، وَلَكِنَّ الْوَكَالَةَ نِيَابَةٌ اتِّفَاقِيَّةٌ، أَمَّا الْوِلاَيَةُ فَنِيَابَةٌ شَرْعِيَّةٌ أَوْ إِجْبَارِيَّةٌ.

ج-  الإْيصَاءُ:

الإْيصَاءُ فِي اللُّغَةِ، مَصْدَرُ أَوْصَى، يُقَالُ: أَوْصَى فُلاَنًا، وَأَوْصَى إِلَيْهِ: جَعَلَهُ وَصِيَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي أَمْرِهِ وَمَالِهِ وَعِيَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ هُوَ: إِقَامَةُ الإْنْسَانِ غَيْرَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي التَّصَرُّفِ بَعْدَ الْمَوْتِ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْوَكَالَةِ وَالإْيصَاءِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا نِيَابَةٌ اتِّفَاقِيَّةٌ، وَلَكِنَّ الْوَكَالَةَ تَكُونُ أَثْنَاءَ الْحَيَاةِ، أَمَّا الإْيصَاءُ فَبَعْدَ الْوَفَاةِ.

د- الْقِوَامَةُ:

الْقِوَامَةُ فِي اللُّغَةِ: الْقِيَامُ عَلَى الأْمْرِ أَوِ الْمَالِ، أَوْ وِلاَيَةُ الأْمْرِ .

وَاسْتَعْمَلَ الْفُقَهَاءُ لَفْظَ الْقِوَامَةِ فِي مَعَانٍ قَرِيبَةٍ مِنَ الْمَفْهُومِ اللُّغَوِيِّ، مِنْهَا:

وِلاَيَةٌ يُفَوِّضُهَا الْقَاضِي إِلَى شَخْصٍ رَاشِدٍ بِأَنْ يَتَصَرَّفَ لِمَصْلَحَةِ الْقَاصِرِ فِي تَدْبِيرِ شُئُونِهِ الْمَالِيَّةِ.

وَمِنْهَا: وِلاَيَةٌ يَسْتَحِقُّهَا الزَّوْجُ عَلَى زَوْجَتِهِ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْوَكَالَةِ وَالْقَوَامَةِ، أَنَّ الْوَكَالَةَ نِيَابَةٌ اتِّفَاقِيَّةٌ، أَمَّا الْقِوَامَةُ فَقَدْ تَكُونُ قَضَائِيَّةً وَقَدْ تَكُونُ شَرْعِيَّةً.

مَشْرُوعِيَّةُ الْوَكَالَةِ:

اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ جَائِزَةٌ وَمَشْرُوعَةٌ . 

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَالإْجْمَاعِ وَالْمَعْقُولِ.

أَمَّا الْقُرْآنُ: فَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا) . وَذَاكَ كَانَ تَوْكِيلاً، وَقَدْ قَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ بِلاَ نَكِيرٍ .

وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: (فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) .. فَهَذِهِ الآْيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَكَالَةِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الرَّأْيِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْحَكَمَ وَكِيلٌ عَنِ الزَّوْجَيْنِ .

أَمَّا السُّنَّةُ: فَمِنْهَا مَا وَرَدَ «عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْبَارِقِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم  أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، فَجَاءَ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ» .

فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَكَالَةِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ .

«وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم  بَعَثَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى أُضْحِيَّةً فَأُرْبِحَ فِيهَا دِينَارًا فَاشْتَرَى أُخْرَى مَكَانَهَا، فَجَاءَ بِالأْضْحِيَّةِ  وَالدِّينَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم ، فَقَالَ: ضَحِّ بِالشَّاةِ وَتَصَدَّقْ بِالدِّينَارِ» . فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِي شِرَاءِ الأْضْحِيَّةِ  وَتَقْسِيمِهَا وَالتَّصَدُّقِ بِالْمَالِ .

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتَ وَكِيلِي فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَإِنِ ابْتَغَى مِنْكَ آيَةً فَضَعْ يَدَكَ عَلَى تَرْقُوَتِهِ» .

فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَكَالَةِ، وَأَنَّ لِلإْمَامِ أَنْ يُوكِلَ وَيُقِيمَ عَامِلاً عَلَى الصَّدَقَةِ فِي قَبْضِهَا وَدَفْعِهَا إِلَى مُسْتَحِقِّيهَا وَإِلَى مَنْ يُرْسِلُهُ إِلَيْهِ بِأَمَارَةٍ .

وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: «تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلاَلٌ، وَبَنَى بِهَا وَهُوَ حَلاَلٌ، وَكُنْتُ أَنَا الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا» .

فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِي النِّكَاحِ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ .

أَمَّا الإْجْمَاعُ فَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ الْوَكَالَةِ وَمَشْرُوعِيَّتِهَا مُنْذُ عَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ .

وَأَمَّا الْمَعْقُولُ: فَلأِنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَكَالَةِ، فَإِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِعْلُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ بِنَفْسِهِ فَدَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهَا .

قَالَ قَاضِي زَادَهْ: لأِنَّ الإْنْسَانَ قَدْ يَعْجِزُ عَنِ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ عَلَى اعْتِبَارِ بَعْضِ الأْحْوَالِ، بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ شَيْخًا فَانِيًا أَوْ رَجُلاً ذَا وَجَاهَةٍ لاَ يَتَوَلَّى الأْمُورَ بِنَفْسِهِ، فَيَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُوكِلَ غَيْرَهُ، فَلَوْ لَمْ يَجُزِ التَّوْكِيلُ لَزِمَ الْحَرَجُ، وَهُوَ مُنْتَفٍ بِالنَّصِّ .

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) .

أَرْكَانُ الْوَكَالَةِ:

ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ أَرْكَانَ الْوَكَالَةِ هِيَ: الصِّيغَةُ، وَالْعَاقِدَانِ (الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ، وَمَحَلُّ الْعَقْدِ) الْمُوَكَّلُ فِيهِ.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ رُكْنَ الْوَكَالَةِ هُوَ: الإْيجَابُ وَالْقَبُولُ، لأِنَّ وُجُودَ هَذَا الرُّكْنِ يَسْتَلْزِمُ بِالضَّرُورَةِ وُجُودَ الرُّكْنَيْنِ الآْخَرَيْنِ، وَهَذَا طِبْقًا لِلْقَوَاعِدِ الْعَامَّةِ فِي الْعَقْدِ .

mobile-nav تواصل
⁦+201002430310⁩